رواية أغصان الزيتون الفصل المائة وخمس عشرة 115 بقلم ياسمين عادل
رواية أغصان الزيتون الجزء المائة وخمس عشرة
رواية أغصان الزيتون البارت المائة وخمس عشرة
رواية أغصان الزيتون الحلقة المائة وخمسة عشر
||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل المائـة وخمسة عشر :-
الجُـزء الثـانـي.
“بعض أنواع الخسارة خسارة لا تعوّض”
___________________________________
كان يهز ساقيهِ بتوترٍ ملحوظ، رغمًا عن محاولاتهِ الكثيفة والمعقدة في إخفاء تلك المشاعر الملتاعة إلا إنه فشل فشلًا ذريعًا بذلك، ولم يكن “مصطفى” في حال أقل منه، بل إنه كان گالجمرة على النار، لا تنطفئ ولا تهدأ. قبض “مصطفى” على مقبض كرسيهِ بقوة أرعشت مفاصلهِ الضعيفة، ثم همس بين خلجات بنفسهِ النادمة :
– ده غلطي أنا، كان في حاجات كتير مكنش لازم أطاوعها عليها!.. أولهم موضوع العيل ده!
صوت فتح البوابة الحديدية جعلهُ ينتفض من مكانهِ، أسرع “نضال” نحو النافذة ينظر عبرها، فإذا بها تعبر بسيارتها البوابة بعدما فتحها لها “عِبيد”، لم ينتظر لحظة أخرى، وكانت ساقيه تعدو للنزول إليها بأقصى سرعة، في حين كانت نفس “مصطفى” قد بدأت تجد سبيلًا لبعض الهدوء، للتو استطاع أن يجد متنفسًا لصدره المكتوم. تعلقت عيناه بالباب الذي ستدخل منه، راقب بتحمس صوت قدميها على الدرج، حتى أصبحت حقيقة متجسدة أمامه. انبعجت شفتي “مصطفى” بإبتسامة عريضة لدى رؤيتها، وفتح ذراعيه ليضمها بينهما وهو يهتف :
– كفايه كده خلاص معدتش قادر على فراق تاني.. قلبي هيقف مني في مرة يا سُلاف.
ابتعدت قليلًا وهي تطمئنه قابضة على كفهِ :
– بعد الشر ياعمي.. أنا معاك أهو متقلقش.
دلف “نضال” حاملًا الرضيع “زين” بين يديهِ، بوجهه المتجهم دونما سؤالها حتى لماذا هذا الطفل هنا مرة أخرى!. عبس وجه “مصطفى” توًا، ونظر ناحيتها متسائلًا بفضول :
– جيبتي الولد معاكي تاني ليه يا سُلاف؟؟.. احنا مش هنخلص من الموال ده بقى!.. طول ما هو معاكي أبوه مش هسيبنا في حالنا.
تنهدت “سُلاف” وهي تعتدل في وقفتها لتقول :
– تاني ياعمي!.
صاح فيها “مصطفى” بدون هوادة، راغبًا في بتر جذور ذلك الأمر الواصل بينهما :
– وتالت ورابع.. ده مش ابننا ولا من دمنا، احتفاظك بيه مرفوض طالما أبوه عرف حقيقة إنك من والدته، ليه مصممة تصعبي الموضوع يابنتي.. لو نفسك في عيل بجد خلينا نتبنى طفل يتيم وأهو تاخدي الثواب، إلا ابن القرشي، أنا مش عايزه.
تقدمت “سُلاف” منه لتأخذه بين يديها بشئ من الإندفاع، فـ حذرها “نضال” مثيرًا انتباهها :
– براحة على الولد ياسُلاف.
بخطواتها المتعجلة قطعت الطريق بينها وبين غرفتها، حينما كان “مصطفى” يتابع وصلة تذمره من الأمر الذي يبغضهُ :
– يــوه.. أنا غلبت من الكلام معاها وأخرة عنادها مش هتبقى كويسة.
زفر “نضال” محاولًا تهدئتهِ :
– أهدى يا عم مصطفى.. كل حاجه وليها حل، حمزة مش هيسيب ابنه.
انفعل “مصطفى” مؤكدًا ذلك ومضيفًا عليه :
– ولا هيسيبها هي كمان.. خلاص كل حاجه بانت، ابن القرشي حب البنت الوحيدة اللي مكنش المفروض يحبها.
صمت هنيهه، ونهج صدره متنفسًا بصعوبة قبل أن يستطرد :
– وهي كمان في حاجه جواها مبقتش قادر أفسرها.. خايف ، خايف يكون حصل اللي مخوفني.
ازدرد “نضال” ريقهِ حانيًا رأسه لأسفل، محاولًا التغلب على أسوأ شعور يحسه الآن، لقد فقدها تقريبًا، لم يبقَ الأمر مجرد تخوف وإنما صار حقيقة لا يجب رفضها. تبادلا النظرات المفهومة كلاهما معًا، فـ أحاد “مصطفى” بعيناه عنه كأنه رافضًا تصديق الأمر، ودفع مقعده كي ينفرد بنفسه في غرفة “راغب”، يشكو إليه ويتحدث معه گعادته مؤخرًا، وكأنه يراه حيًا أمامه لم يمت، وهذا هو الأمل الذي أبقاه حيًا حتى الآن.
أغلقت “سُلاف” بابها وجلست به تُهدهده بعدما بدأ في البكاء، لتبذل قصارى جهدها من أجل السيطرة على حالته المزاجية المتعكرة، حينما داهم ذاكرتها ذلك المشهد الأخير بينهما.
*عودة بالوقت للسابق*
خرج في أعقابها بعدما حاولت الفرار من تصريحهِ الخطير لها، حتى وإن كانت تشعر بطيف مشاعرهِ يطوف من حولها فلم تتخيل أن يعترف لها بمثل ذلك الإعتراف المحكوم عليه مسبقًا بالإعدام. لحق بها وصوتهِ الهادر يصيح :
– انا مش هسيبك تمشي بسهولة كده.
وقف في طريقها هاتفًا :
– أنا عارف إن جواكي حاجه ناحيتي.. بلاش تكابري المكابرة مش هتفيدك.
الخوف من فكرة گهذه ترعرع في عيناها التي لمعت ببريقٍ غريب، ورفضت حتى تصديق احتمال گهذا :
– اللي بتقوله ده جنان، إحنا الأتنين مستحيل يكون بينا حاجه من دي، أنا مش هحب ابن عدوي يا حمزة.
الجنون الحقيقي هو ما انتابه من شعور في هذه اللحظة، يرغب في اختطافها، حجبها عن الناس، إخفائها عن العيون، يريد لو يحتفظ بها في أبعد بقاع الأرض. نظراتهِ كانت أكثر رغبة فيها، وصدرهِ الملتهب بالحنين إليها يتوق لدفء أحضانها، فـ سعى خلف رغبته الجامحة المجنونة، ونالت شفتاه من شفتيها العاصيتين بقوةٍ عاطفية غير موجعة بالمرة، قوة مثيرة لطاقة الحُب التي تخفّت برداء الكِبر بين ثنايا قلبها الجاف الذي لم يرتوي أبدًا، وحتى يداها الأبيّة التي صارعت من أجل المناص منه لم تحارب طويلًا، ثوانٍ من المقاومة انتهت بإستسلامٍ له، وما أن تركت وثاق الرفض العنيد، راحت يداه تسير بلطفٍ شديد على ظهرها مؤججًا أنوثتها التي لم تختبرها يومًا، فـ ارتجفت بين يديهِ وقد غُمرت بسخونتهِ المثيرة، ومازالت شفتاها حبيسة قُبلاتهِ الطويلة حتى حلّهما. ألصق أنفهِ على وجنتها المُحمرة، ولمست شفتاه جلد وجهها الناعم وهو يهمس بصوتٍ تخلل لفؤادها بسهولة :
– سيبي نفسك وحبيني يا سُلاف، أوعدك عمرك ما هتندمي.. أنا هعوضك عن كل حاجه، صدقيني.
أنفاسها المتهدجة، عيناها المغمضة، بشرتها المتوهجة.. إنها مازالت تحت تأثيره الطاغي، متوسدة الحنان الذي استشعرته فيه بتلك اللحظة، حنانًا خاصًا افتقدته سنوات عمرها الطويلة.
استثارها صوت ذلك الطفل الباكي، انتبهت.. خرجت أخيرًا من ذروة نشوتها المتخفية، وانتفضت في وقفتها لتتجاوزه ركضًا على الدرج، فـ انتبه هو أيضًا لذلك الصوت الذي لم يشعر به، وصعد من خلفها مهرولًا ليلحق بطفله الذي انفطر من البكاء. كان “زين” وحيدًا على الفراش، يبكي بكاءًا منهمرًا گالذي افتقد لحظات الأمان الناعمة، فـ حملته “سُلاف” على الفور وضمتهُ لصدرها وهي تهمس له :
– أنا هنا أهو.. أهدى ياحبيبي.
لحظات طويلة لم يكفّ فيها عن البكاء، ثم بدأ يهتدي للسكون شيئًا فشيئًا، حينها كان عينا “حمزة” توزع نظراتها بينهم، هناك ما يثير تعجبهِ في هذه العلاقة، لم يتشكك يومًا في بنوّتها لـ “زين” بسبب تعلقها المفرط به، أما الآن.. فما السبب حول هذا التعلق الشديد والمثير للأنتباه. استرعت تلك الحالة شكوكهِ، إن كانت “سُلاف” تكرهه بهذا القدر كونه – ابن صلاح القُرشي – فقط؛ فـ كيف تُحب طفلهِ بهذا الشكل!.
ذمّ “حمزة” على شفتيه مُحيلًا التفكير في شكوكهِ لوقت آخر، ثم بدأ يجمع أشياء الرضيع ويضعها في حقائبهِ، في مشهد أثار فضولها لتسأله :
– بتعمل إيه؟.
فكان جوابهِ گالمهدئ الحقيقي لتلك الحالة التي كانت تعانيها :
– بلم حاجته عشان تاخديه معاكي.. أنا لسه مجيبتش Nanny جديدة بدل اللي طفشتيها.
*عودة للوقت الحالي*
كانت تمسح على جبهتهِ بأصابعها حتى غفى تمامًا، مستعيدة تلك اللحظات التي لم تتخلص من تأثيرها حتى الآن. كأنها تشتم رائحة أنفاسهِ، تشعر بذلك الدفء الملامس لوجنتيها، مازالت تحس قربهِ الشديد رغم ابتعادهِ لآلاف الأمتار عنها. بدأت تحس وإنها في خطر، وحصونها – التي ظنتها منيعة – اكتشفت مداها الخائر الضعيف حيالهِ. أصبحت هناك ضرورة لإتخاذ تدابير الحماية ضدهِ، قبل أن يتحقق ما تخشاه وتسقط صريعة لنطفة من المشاعر بزغت بين ضلوعها، عليها أن تُهدر مجهوداتهِ للفوز بها قبل أن ينتصر هو بقبولها لهذا الحُب – المرعب – بالنسبة لها، وقد بدأت في وضع خطتها بالفعل، للنجاة مما تسميهِ (الهلاك المُقنّع).
*************************************
اختنق “حمزة” من رائحة الدخان التي لوثت صدرهِ حتى سعل، فـ زجرهُ بنظراتٍ منزعجة وهو يصيح فيه :
– ما كفاية زفت تدخين صدري وجعني.
حمحم “زيدان” وهو يطفئ بقايا سيجارتهِ في المنفضة معقبًا :
– أول نوبة (مرة) أشوف راجل يتخنق من السجاير.. دي الكيف كله.
نهض “حمزة” من مكانه وقد تذكر شخص آخر كان مولعًا التدخين أمامه، رفيقهِ الذي سافر للعالم الآخر في وقت مبكر للغاية. ضاق عليه صدرهِ، وعادت ذكرياتهِ الحزينة تداهم رأسه، يفتقده كثيرًا هذه الآونة، على الرغم من موتهِ وهما في حالة الخصام الشديدة، إلا أن الموت شفع له خيانتهِ العظمى – كما أسماها “حمزة”، والآن.. يريد وبشدة أن يراه، يتحدث إليه، يشكو له ما يعانيه؛ لكنه بات وحيدًا، لقد ذهب الجميع ولم يبقَ سوى “سُلاف”، وإن ذهبت هي أيضًا فلن يبقى له سببًا يعافر من أجلهِ لتستمر الحياة. تنهد “حمزة” طاردًا غبار الحزن هذا عن وجهه، ثم التفت ليوجه له سؤالًا :
– مفيش حاجه لفتت انتباهك وانت بتدور على أصل سُلاف؟.
تمطق “زيدان” وهو يتناول الطعام بكل عشوائية :
– زي إيه يعني ولا مؤاخذة؟.
– أي حاجه مثيرة للشكوك.. معلومة نسيت تقولهالي، حاجه!؟.
ضحك “زيدان” ساخرًا من التوضيح البدائي الذي لم يفهم منه شيئًا :
– معلش يعني ياأبو البشوات.. انا مش فاهم أي حاجه، ما تسألني دوغري عشان أجوابك دوغري، الفيران اللي بتلف في دماغك عايزة إيه بالظبط!
تأفف “حمزة” مضجرًا وقد على صوتهِ بشئ من الإنفعال :
– يعني أي حاجه تخص زين.. حبها وتعلقها بيه مش طبيعي، في واحدة تحب أبن عدوها زي ما بتقول بالشكل ده؟!.
كانت المفاجأة الصادمة هي تلك المعلومة الثمينة، التي يحتفظ بها ذلك الأبله دون الشعور بقيمتها :
– أي واحد عنده نقص بيحب اللي يكمله ياباشا.. وده نقصها معلش في الكلمة يعني.
تغضن جبين “حمزة” مشدوهًا، واقترب منه يسأله بعدم فهم :
– يعني إيه الكلام ده؟؟ مش فاهم.
اعتدل “زيدان” في جلسته وهو يؤتيه المعلومة التي يعرف بشأنها :
– يعني طبيعي أي واحدة مكانها لامؤاخذة مبتشيلش لازم تتعلق بأي عيل.
اتسعت عينا “حمزة” مصدومًا، وقد استنبط إلام يرمي تشبيه “زيدان” الغريب :
– مبتشيلش؟!.
– آه.. مبتخلفش يعني.
انقضّ عليه ليطبق على عنقهِ في قسوةٍ ضارية، وانتشله من جلستهِ ليقف أمامه وهو يصيح في وجهه :
– بتقول إيه يا بهيم انت؟؟.. انت متأكد من الكلام الزفت ده؟
تبدلت ملامح “زيدان” لأخرى، مستنكرًا ذلك النعت المُهين له :
– الله الله الله.. ليه بس الغلط يا عمنا.
وأبعد يداه عنه بخفةٍ وهو يتابع :
– أنا كنت أعرف منين إنك واقع لشوشتك أوي كهد ومحتاج معلومة تافهه زي دي!!.
لم يهدأ “حمزة” بل إنه انفعل أكثر :
– وانت تحددلي إيه المهم وإيه التافه بأمارة إيه؟؟.. أخلص عرفت المعلومة دي منين وإيه مدى صحتها؟.
تلون شفتي “زيدان” وهو يجيبه بأريحية واثقة :
– لأ واثق أوي منها متقلقش، الهانم اتولدت بعيب خلقي ميخلهاش تخلف ولا مؤاخذة.. يعني حاجه كده ملهاش طب ولا دوا.
تسارعت ضربات قلبهِ كأنها تركض خلف بعضها البعض، غير مصدقًا ذلك الخبر اللعين :
– عيب خلقي!!.
لم يتوقف “زيدان” لدى ذلك بل تابع تفسيراتهِ التي أشعلت نقمتهِ أكثر :
– آه.. عشان يعني اضطروا يخرجوها بدري عن معاد الولادة.. مش قولتلك اتولدت يوم الحريق الكبير.
استدار “حمزة” عائدًا للمنزل، تاركًا له الحديقة بأكملها، بعدما بدأت حالتهِ تسوء أكثر وأكثر. لم يتخيل أبدًا أن مصابها ممتدًا معها للعمر كله، وإنها لن تنسى ما حيت ما تركه لها “صلاح القُرشي” من ندبٍ لعين ستعيش عمرها كله موصومة به، وأن فقدها لم يتوقف عند الأم والأب فقط، وإنما خسرت حتى إمكانية العيش بشكل طبيعي گمثيلاتها، وهذا ما جعلها في تلك الحالة لسنوات مديدة، لم تنسى أبدًا ثأرها أو تسامح فيه.
أغلق “حمزة” عليه مكتبهِ، وفتح المبرد الصغير كي يسحب منه جرعة الأنسولين التي يتعاطها لضبط السكر في الدم، بعدما اكتشف منذ أيام قليلة أصابتهِ المفاجئة بداء السُكري. نغز الحُقنة في فخذه وبدأ بضخ عشرون ملليمتر من المحلول بعدما شعر بعدم استقرار حالتهِ، ومازال جسدهِ كله گقطعة من النار، لا تبرد أبدًا.
*************************************
كانت السادسة والنصف صباحًا، حين أغرتهُ خيوط أول الصباح وداعبت عيناه، فـ تنشطت رغبته لشرب كمية كبيرة من الماء البارد. ترك “نضال” فراشهِ وخرج لإرضاء ظمأه المُلحّ، فترآى له بابها مواربًا. أطبق جفونه محاولًا إزالة آثار النعاس، ثم مشى بإتجاه الباب مناديًا بخفوت :
– انتي لسه صاحيه يا سُلاف؟.
لم يأتي من غرفتها أي صوت، ولم تكن لها عادة ترك الباب مفتوحًا، فـ خطى ببطء وطرق على الباب بشئٍ من القلق وهو يعيد مناداته :
– سُـلاف؟؟.
دفع الباب في رفق حتى رأى الغرفة خالية، لا وجود لأثر لها يمينًا ولا يسارًا، وحتى “زين” لم يراه. انقبض صدرهِ بتخوفٍ وهو يخطو لداخل الغرفة باحثًا عن أثر لها، وبخفوت كان يهمس :
– روحتي فين يا سُلاف؟.. أرجوكي متكونيش آ…
لم يتم جملته وكان قد رأى الظرف الموضوع على الطاولة، فـ همّ يتناوله ليفحص محتواه بسرعة متوترة قلقة، حتى قرأ الأسطر المكتوبة بعناية. تهدلت أكتافهِ وهو يعتلي المقعد بجلوسهِ، ثم كور الورقة بين أصابعهِ وهو يهمس :
– ليه كده يا سُلاف؟؟.. هقول لعمي مصطفى إيه دلوقتي بس!
كان الوصول إليها عبر الهاتف مستحيلًا، إذ أغلقتهُ نهائيًا لتُعثر عليهم التحدث إليها، والوقت يمرّ دون الحصول على أي معلومة منها أو عنها.
ساعتين من المجهود الغير مُجدي، وفي النهاية قرر أن يرتدي ثيابهِ ويذهب بنفسهِ علّه يصل معها لحلّ آخر غير الهروب. أسرعت خطواتهِ وهو ينزل الدرج، ثم فتح البوابة الحديدية الرئيسية ليتفاجأ بـ “حمزة” وقد صفّ سيارتهِ وهبط عنها. ازدرد “نضال” ريقهِ بتذمرٍ وهو يردف بـ :
– ده اللي كان ناقص.
تقدم “حمزة” محاولًا ألا يطيل النظر إليه، على غير رغبة بمقابلته من الأساس؛ لكنه مجبر على رؤيتهِ هنا. زفر “حمزة” وهو يسأله :
– هي فين؟.. عايزها ضروري.
مطّ “نضال” شفتيه صامتًا للحظات، ثم أجاب بفتور شديد :
– مش هنا.
ظنها “حمزة” مراوغة منه، فـ نفخ ساخطًا وهو يفسد عليه محاولاتهِ البائسة :
– مبقاش في لزوم للكلام ده يا نضال.. خرج نفسك من دور الواصي عليها ده.
لم يستطع” نضال” كتمان ضحكة مغتاظة بقيت في أحشاءه طويلًا، فـ انفجر بها قبل أن يقول بصراحة مطلقة :
– هـربت.. خدت ابنك وهربت.
************************************
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)