رواية تربصت بي أعين قاتلة الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة أسامة نيل
رواية تربصت بي أعين قاتلة الجزء الحادي عشر
رواية تربصت بي أعين قاتلة البارت الحادي عشر
رواية تربصت بي أعين قاتلة الحلقة الحادية عشر
[تربصت بي أعين قاتلة]
<الفصل الحادي عشر> “١١”
تيبست بأرضها وقد تملكها دوار فتاك..
في ظلّ تيهاتها وتربُص محروس، سارع تميم نحوها ثم جذبها بشدة نحو أحد الأنفاق المظللة بالأشجار..
– يلا يا غفران مش هسيبك أبدًا..
وركض تحت صرا’خ محروس الذي بدأ في الركض خلفهم في تلك المتاهة..
– غـــــــــفــــــــران اقفي يا غفران، مش هسيبك مسيرك ترجعيلي يا غفران علشان أنا إللي مسيطر عليكِ
أنا عندي لكِ مفاجأة من العيار التقيل..
روحي روحي معاه بس هو مش هيستحمل جنانك..
فقد أثرهما وسط الضباب وكثافة الأشجار ليعود للفندق وهو يتوعد لعفيفة بالو’يلات..
بينما تميم لم يكفّ عن الركض بعزيمة وإصرار حتى ابتعد مسافة جيدة ممسكًا بكفّ غفران بشدة..
توقف لاهثًا عكس غفران التي لم تكن مثله وذلك لإعتيادها الركض بمشاركة ملار..
استندت على أحد الأشجار واضعة كفها فوق قلبها، تنهدت والكلمات التي نثرها والدها العزيز تطوف حولها..
تربدت ملامحها بالحزن وغامت عينيها الجميلتان بدموع صافية شفافة زادتها جمالًا وفتنة..
أصبحت بلا أحد .. وهل كانت من قبل تنتمي لأحد..!
بلا أب ولا أم .. لا كُنية ولا هوية..
مجرد قا’تلة مجر’مة .. مجنونة كما ينعتها والدها..
كان تميم منشغل بفحص الموقع بهاتفه ويحسب المسافة التي تفصلهم عن الطريق العام..
رفع رأسه يُحدثها ليجدها بتلك الحالة، تألم قلبه لأجلها، يعلم أن القادم ليس بجيد لكن ما يهمه حاليًا سلامتها.
اقترب منها مبتسمًا بينما رفع كفه بحنان يزيل دموعها طابعًا قبلة حانية فوق أعينها الدامعة..
همس لها بحب ممزوج بالغزل كانت الطريقة المثالية ليخرجها من كهف أفكارها السلبية:-
– عيونك يا غفران..
رفعت عينيها نحوه متسائلة برقة فطرية:-
– مالهم.!
– فيهم فتنة غير طبيعية، بحبهم أووي وواقع في غرامهم، على فكرا بيكونوا حلوين أووي وإنتِ بتبكي..
آآه بجد .. بيكونوا صافين وبيكونوا زي الزجاج ولونهم بيبقى بلون السما..
حقيقي عيونك غريبة أووي..
وقعت في حيرة عينيكِ وأضحيتُ أتسائل..
هل هم بلون الموج الثائر..؟
أم بلون السماء الصافية؟
أم بلون حجر فيروزي عتيق.؟
لكن في النهاية لا جدوى!
فقد وقعت في أسرهم وانتهى الأمر..
لقد تربصتْ بي تلك الأعين حتى لقيتُ مصرعي وأصبحت شهيد الحب..
ضاعت وضاع حزنها من تلك الكلمات التي تسمعها لأول مرة وكان لها سلطان على قلب حيا داخل أنفاق القسوة حتى بات يعلم أن الحب وجه من وجوه القسوة لا أكثر.
آنست منه الحنان والدفء فراحت تتسائل ببراءة ممزوجة بالألم:-
– بجد يا تميم .. يعني أنا مش وَحش زيّ ما بابا بيقول..
وإن إنت مش هتستحملني وهبقى تقيلة عليك..
يعني أنا مش قا’تلة يا تميم ولا مجنونة ولا شريرة..
يعني ممكن ربنا يغفرلي..
أنا أتحب صح .. مش إنت بتحب غفران .. يعني أنا حلوة كدا..
انشق قلبه مما تعانيه من ألم وضياع..
كانت إجابته ضمة قوية احتوى بها وجعها، حيرتها، تشتتها وضياعها وفقدانها للحنان..
– إنتِ أطهر وأنقى بنوتة شافتها عيني، إنتِ حبيبتي ومراتي وبنوتي ونور عيوني..
تستحقي كل الحب بس مني بس..
أنا بس إللي من حقي أحبك وأدوب فيكِ .. ليا وبس..
طوقت عنقه بتعب وهي تتشرب من حنانه وتنعم بدفئه، ابتسمت براحة وبعض آلامها تبرح عنها..
ابتعدت عنه قليلًا وهي تقول بلهفة بينما تتحرك ممسكة يده:-
– يلا بسرعة نمشي من هنا قبل ما يلحقنا..
نظر لقدميها الحافية والتي تنز’ف مليئة بالجروح نتيجة للعطوب التي تملئ المكان..
– غفران استني..
التفتت له قائلة:-
– نعم في أيه..
انحنى وحملها برفق ثم قال:-
– الجروح ماليه رجلك..
قالت باعتراض:-
– تميم .. لا كدا تقيل عليك والطريق كله منحنيات..
أنا كويسة نزلتي متعودة على كدا..
هتف وهو يسير حاملها:-
– مش عايز أسمع إعتراض يا غفران خلص الكلام..
**********************
كان يحطم كل ما تطوله يداه، يجأر بصوتٍ مرتفع هزّ الأرجاء، فنكمشت وهي تتيقن أنها ربما تكون النهاية..
– بنتك هربت يا عفيفة، مهما حاولت معاها جيناتك الو’سخة لازقة فيها، نفس الهطل إللي بتسموه طيبة..
انحنى نحوها يجذبها من شعرها وهو يكمل بشرّ:-
– بس تعرفي هجيبها وهخلص عليها، لو مش هتبقى تحت طوعي مش هتعيش يا عفيفة..
إنتِ الورقة الرابحة الأخيرة إللي معايا..
لازم تعرف إنك عايشة .. هرجعها وأخلص عليكم إنتوا الاتنين كفاية عليكم كدا..
تعرفي يا عفيفة أنا غلطان إن مخلصتش عليكِ وإنتِ حامل فيها بس أعمل أيه في قلبي الغبي إللي بيحبك ومهووس بيكِ…
زاد نحيبها رغم سعادتها من تمكن ابنتها من الهرب..
ابنتها التي لا تعلم بوجودها، غفران صغيرتها التي لم تراها منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات رغم وجودهما في نفس المكان..
أي عذ’ابٍ هذا.!
– لا يا شهاب .. سيبها في طريقها حرام عليك دي بنتك أنا موجودة أعمل إللي إنت عايزه فيا بس بلاش غفران..
أشرق وجهه واقترب منها ثم جذبها عنوه لأحضانه وهو يهمس بفحيح:-
– شهاب .. ياااااه مسمعتش أسمي من زمان منك أووي يا عفيفة بعد ما عشت عشرين سنة باسم محروس..
حاسس إن مجرد ما تنطقتي بس اسمي إنك جددتي كل حبك إللي مش بينتهي جوايا..
متعرفيش بحبك قد أيه يا عفيفة..
واقترب أكثر منها يُمسد على ذراعها بخبث بينما انكمشت على نفسها بخوفٍ جلي..
– عفيفة حبيبتي أنا مستعد نفتح صفحة جديدة مع بعض ونبدأ من جديد … أنا وإنتِ وغفران بنتنا..
هنبعد عن هنا خالص نروح مكان بعيد وهعوضك يا روحي..
ابتعدت تزحف للخلف وهي تحرك رأسها بنفي هامسة بضعف:-
– المؤمن لا يُلدغ من جُحرٍ مرتين يا شهاب، وأنا مش هكرر غلطة زمان لما قبلت أتجوزك وأسمع كلام عمي ومراته إللي د’مروني بجوازي منك..
مستحيل..
أنا الموت أهون عليا من إني أعيش معاك تاني..
إنت أسو’ء إنسان شوفته في حياتي، إنت الصفات السيئة إللي في الدنيا كلها اتجمعت فيك يا شهاب..
د’مرت شبابي وحياتي وبسببك اتحرمت من نزه الدنيا كلها وعملت مع بنتي كدا بس ربنا بيحبها واستجاب لدعواتي وبعت إللي ينجدها وهيعوضها عن إللي فات..
أنا كارت ملهوش أي لازمة معاك يا شهاب لأن دي نهاية الطريق خلاص .. دي نهايتك..
تبقى غبي لو فاكرني خايفة من الموت أو منك، أنا كنت خايفة في وجود غفران بس خلاص غفران هربت وأنا واثقة إنك مش هتوصلها أبدًا..
لقد فتحت على نفسها أبواب من الجحـ.يم سيحر’ق الأخضر واليابس..
اندفعت نا’ر السعير بعينيه واقترب منها ثم انحنى نحوها وقد أيقنت أنها النــــهـــــــايــــة..
وداعًا صغيرتي غفران..
*********************
كتب الله لهم النجاة..
خرج تميم الذي يحمل غفران إلي الطريق العام بعد مكابدة ومشقة شديدة..
وضعها برفق على أحد الأحجار ثم قال بغيرة وهو يقبل رأسها بينما يحكم وثاق الحجاب حول خصلاتها البرتقالية:-
– نتعود كدا الحجاب يفضل ملفوف بإحكام مش هستحمل مخلوق يلمح شعرة واحدة منك..
مستعدة نبدأ حياة جديدة وتواجهي العالم وأنا دليلك..
هنصلح كل حاجة وأنا معاكِ..
نظرت له بتيهة ثم قالت بتوتر:-
– خايفة أوي يا تميم ..
أنا تايهة..
– قولتلك أنا دليلك.
جلس على عقبيه أمامها ممسكًا يدها بلطف وهتف وهو ينظر لداخل عينيها:-
– عايز أقولك على حاجة أو بالأصح أوريكِ حاجة..
أخرج من حقيبته الظهرية بعض الأوراق وقال موضحًا:-
– دي شهادة ميلادك يا ست غفران .. ودي كمان بطاقتك الشخصية..
تسائلت بصدمة:-
– وصلتلهم إزاي .. أنا عمري ما شوفتهم..
تنهد قائلًا:-
– أنا مكونتش في الجُحر ده ساكت يا غفران من أول ما عرفت إن في حاجة غلط في الحكاية دي بدأت إن أدور ورا كل واحد موجود..
ولما قررت نهرب..
مشروب المهدأ بتاع المعلم محروس وفتحية إللي بيشربوه قبل النوم حطيت فيه منوم بعد معاناة..
ولما عمل مفعوله دخلت أوضة أبوكِ إللي عامل عليها حصار وبدأت أفتش فيها عن أي حاجة تفيدنا أو توصلنا لحاجة، وأنا بدور لقيت شهادة ميلادك وبطاقتك الشخصية..
والبطاقة دي .. أظن إنها لوالدتك..
أخذتها غفران بلهفة وهي تتأمل صورة والدتها التي تجهل ملامحها بشوق وحب، ترقرق الدمع بأعينها وقالت بحنين:-
– أمي .. ياريتك كنت معايا يا ماما ليه سبتيني لواحدي..
ليه سيبتي غفران للمجر’م ده..
تعرف يا تميم هو قتـ.ل ماما … أنا سمعته بودني..
حرمني منها..
جذبها لأحضانه ثم همس لها بحنان وهو يمسد على ظهرها:-
– إهدي يا غفران .. إهدي يا عمري .. هيتحاسب على أفعاله صدقيني
أنا معاكِ ومش هسيبك أبدًا..
انكمشت أكثر داخل أحضانه وهي تتشبث به قائلة من بين دموعها:-
– تميم أنا بحبك أوي ماتسبنيش..
ضمها أكثر يقبل رأسها وهو يهمس:-
– إنتِ حبي الحلال يا غفران، إنتِ إللي ربنا ساقني لكِ.
قدري وعوضي الجميل..
وعلشان كدا أول حاجة هنعملها يا حبيبتي إننا هنتمم جوازنا علشان محدش يقدر ياخدك مني تاني.
رفعت رأسها متسائلة بتعجب:-
– يعني أيه نتمم جوازنا يا تميم..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تربصت بي أعين قاتلة)