رواية واحترق العشق الفصل السادس عشر 16 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية واحترق العشق الجزء السادس عشر
رواية واحترق العشق البارت السادس عشر
رواية واحترق العشق الحلقة السادسة عشر
بعد وقت
بمنزل هانى
بغرفة نومه، سمح لوالدته بالدخول
دخلت تبتسم له لكن خفتت بسمتها حين رأته يجلس مُتكئ بظهره على خلفية الفراش يُدخن يمسك بيده منفضة السجائر، وذمته قائله:
يادي السجاير اللى بتحرقها خف شويه عشان صحتك،أطفيها عشان عاوزه أتكلم معاك شويه.
دهس هانى بقايا السيجاره بالمنفضه، يعلم فى ماذا تريد الحديث معه…
وضع المنفضه فوق طاوله جوار الفراش وإعتدل فى جلسته… جلست والدته جوارهُ وضعت يدها فوق كتفه بأمومة سأله:
قولي، أيه رأيك فى العروسه؟.
تهكم قائلًا بإستهزاء:
قصدك فتااء.
استغربت سائله:
مين فتااء دى.
تذكر فجاجة حديثها معه وإصرارها على قبول الزواج منه حتى بعد أن أخبرها أنه متزوج بأخرى ولن ينفصل عنها علها تيأس،لكن تلك الحمقاء مازالت تُصر على الزواج به بل وقالت لا يفرق معها زواجه من أخرى طالما بعيدة عن هنا قائلًا:
قصدي فداء، بصراحة طريقتها فى الكلام معجبتنيش.
تنهدت إنصاف قائله بإقناع:
إيه اللى فى طريقة كلامها معجبكش دى لسانها سُكر.
-سُكر.
قالها بإستهزاء وتذكر تلك العلكة التى كانت تمضغها وهو يتحدث معها ود أن يصفعها على فمها، ثم قال برفض:
يا ماما سبق وقولتلك أنا مش بفكر فى الجواز أنا جيت معاكِ بس عشان أرضيكي، بس حتى لو وافقت على الجواز مستحيل تكون فداء… دي…
تبسمت إنصاف وقاطعته:
مالها مناسبه لك من كل حاجه، قريبه منك من السن الفرق مش كبير زى ما كنت بتحجج فى العرايس اللى جبتها لك قبل كده، كمان بنت سوق وفاهمه الدنيا، وقلبها طيب، إنت مبسوط بحياتك دي، والغربه اللي بضيع عمرك فيها، ولا المخسوفه هيلزا ولا هيلدا اللى إنت متجوزها دى تقرب عليا فى العمر، إنت محتاج شابة تتهني معاها وتعوضك قساوة سنين الغُربه، وربنا يرزقك بالذريه الصالحه… أنا هرد على أهل فداء وأحدد معاهم ميعاد خطوبه، ولا أقولك ملهاش لازمه الخطوبه خير البر، إنت جاهز، الشقه هنا واسعه وفيها عفشها، بس نغير أوضة النوم، كمان أبو فداء ميسور ويقدر يجهزها فى أسبوع.
ذُهل هاني قائلًا:
أسبوع إيه، أنا مش…
قاطعته إنصاف بأمر وتهديد مباشر:
قسمً بالله يا هانى لو كسرت بخاطري لأسيب ليك البيت ده وهعيش مع أي واحد من اخواتك واتحمل رخامة نسوانهم وهاخد بسنت معايا.
إنصدم هانى وتسرع بالرد:
ماما إنتِ بتقولي إيه وفيها إيه البنت دي أحسن من غيرها.
أجابته بضغط منها عليه:
مش فداء السبب انا يأست منك يا هانى ومش هحايلك تاني، وزي ما قولت لك من شويه، أنا قايمة دماغي مصدع هأخد علاجي وألم هدومي وأشوف بسنت كمان زمانها صاحيه بتسهر تذاكر… تصبح على خير… هتصحى مش هتلاقينا هنا، دى دارك وإنت حر فيها.
تمسك هاني بها قبل أن تنهض وألقى بنفسه بحضنها صامتً يشعر بضعف، أجل هو ضعيف أمامها، ضعف إحتياج لحضن آمن يحتويه، ولا يوجد آآمن من حضنها، شفق قلبها عليه، لديها شعور دائم أنها ظلمته حين تزوجت بآخر بعد وفاة أبيه لم يكُن زواجها من أجل رجل بل كان إحتياج منها لمأوي وسند يُرشد معها طفليها بذاك الوقت،تعلم أنها أخطأت الإختيار لكن عذرها أنه كان قريب ورفيق زوجها الراحل وظنت أنه سيكون حنون، حقًا لم يكُن ذلك، كذالك لم يكُن مُتجبرًا فقط كان يود الخير لأبناء صُلبه عن هاني وإبنتها الراحلة…
كادت ترفع يديها وتحتويه بحنانها وتتقبل رفضة لكن توقفت يديها قبل أن تقترب من ظهره تُزيد بالضغط عليه تبسمت حين سمعت قوله:
موافق أتجوز يا ماما بس…
عادت برأسها للخلف تنظر له بترقب بعد أن قاطعته سائله:
بس إيه.
-بلاش فداء، شوفي غيرها.
زفرت نفسها تعلم أنه يراوغها لكن تجبرت قائله:
مالها فداء، وعلى ما اشوف غيرها مناسب لك تكون اجازتك خلصت، وقدامك وقت تتعرف عليها أكتر قبل الجواز وأكيد هتغير فكرتك عنها… الصبح هتصل على أمها ونحدد ميعاد قراية الفتحه ونتفق على تجهيزات الفرح.
-فرح!.
قالها بإنزعاج ثم برر ذلك:
أنا مش عاوز فرح…
قاطعته إنصاف بتجُبر:
بس أنا عاوزه أفرح، وكمان دى بنت ناس ومن حقها تفرح، سيب إنت كل حاجه على ربنا وهو اللى هيرتبها، يلا أسيبك تنام، تصبح على خير.
غادرت إنصاف تشعر بإنشراح قلب، بينما عاود هاني الجلوس على الفراش وجذب السجائر والمنفضة والقداحة،إشعل سيجارة نفس دخانها
كآن بها خيال تلك الليلة التى تزوج بها من هيلدا،ليلة كفيله بأن تجعله يمقت النساء جميعًا
[بالعودة قبل سنوات]
بقانون فرنسا تم الزواج بينه وبين هيلدا، ثم تلى ذلك بحفل أقامته من أجل الإحتفال بزواجها منه، كان شبه مُغيب الإحساس والشعور،فقط صورة شخص حي وهى تتباهى بزواجها منه أمام الحضور، هو بائس القلب والروح، لم يكُن ينوي الزواج الآن، لكن حكمت الاقدار، إنتهي الحفل وغادر الجميع ظل هو معها وهى بشبه حالة سُكر، ظن أن العرض إنتهى لكن بدأ للتو، إمرأة بلا أخلاق إندعمت منها الكبرياء، وهى تقترب منه بخطوات تترنح قليلًا، عينيها بها مكر ودهاء الثعلب الجائع حين يتخابث قبل الإنقضاض على فريسته، عانقته مثلما تُعانق القطط تغرس مخالبها بوجهه تفترس شفاه كآنها تلتهم قطعه من الحلوي ذات المذاق الخلاب، بتقزز منه بادلها لقاء حميمي غاشم مقرف بالنسبه له، إمرأة لا فرق بينها وبين عاهرة بل هى عاهرة بالفعل لكن برتبة زوجة، يبغض حتى النظر لوجهها، رغم جمالها الذى فقدته أمامه، هيئة إمرأة لتفريغ رغبه، حتى ذلك لم يكن يريده مع إمراة مثل هيلدا،وقحة… رغم مُبادلته لها الحب بعد ذلك مرات لكن كل مره نفس الشعور لا يتغير بل يزداد نفورًا.
[عودة]
شعر بلسعة بصيص السيجارة لأصبعه، دهسها بالمنفضه، وضعها على تلك الطاوله، تمدد على الفراش واضعًا يديه أسفل رأس يعقد عقله مقارنه بين هيلدا وفداء، هى الأخري يشعر انها تُفرض عليه تذكر إصرارها،حقًا ليس ببجاحه مثل هيلدا، لكن للمره الثانيه، لا يختار إمرأة لأنه يريدها، بل القدر هو ما يفرض عليه الإختيار.
❈-❈-❈
مارسيليا
تحتسى ذلك المشروب المُسكر، بشراهه، تشعر بالبؤس، وهى تنهض بترنح حتى أنها سقطت فوق الأريكه، لكن عادت تنهض تسكب كأسًا آخر، حتى إمتلأ وبدات تتجرعه بنهم، نظرت الى تلك الصورة المُعلقه على الحائط
إقتربت منها وهى تشعر بالحازوقه تجرعت آخر قطرات بالكأس، ثم ألقته بقوه على تلك الصوره، تهشم الكأس، بدأت تتجرع من فوهة الزجاجه، تهزي، تصرخ تلوم، تلمس الصورة وتتحسسها بشهوانيه، لكن سُرعان ما قذفت الزجاجه بالصوره وسارت نحو طاوله بالمكان فتحت أحد الادراج، أخرجت علبة دوائيه وفتحتها وتناولت منها أكثر من برشامة ، سُرعان ما ضحكت بهستريا، ثم بكت تشعر بآنين، مشاعر مُتناقضه دواء تقرأ أن من أثارهُ الجانبيه أن كثرة تناوله قد تؤدي الى الإنتحار بلا شعور.
❈-❈-❈
بالمكان الموجود به عماد
نظر الى تلك القطع الزجاجيه المُهشمة، مازال يشعر بغضب، ليت سميرة باعت هداياه كان أرحم مما قالت، تجمرت عيناه يشعر بسخونه كآنه تحترق، كآن ذاك الضعف بعينيه يعود مره أخري، يرا كل شئ بغشاوة
جلس على احد المقاعد يشعر بإرهاق جم، يشعر كآن إرهاق سنوات عمره كلها فوق كاهله، يشعر كأن العشق كان أقسى إرهاق شعر به، ارهقه بل أحرق قلبه، عاد لذاك اليوم الذى قرر فيه العودة لـ سميرة، مره أخري نادمًا على تسرعه
[بالعودة بعد معرفته بحمل سميرة]
كانت فرصة كبيرة بعد تلك الفترة التى عاشها بالندم على تسرعه وطلاقه لـ سميرة المُتسرع،لكن عقله تحكم كيف أنها رغم زواجها لأكثر من عام مازالت عذراء هنالك سر بذلك،تسرع قبل معرفته…تنهد بندم،لكن موافقة سميرة على العودة بالتأكيد لن يضيع الفرصه.
بمنزل والدته بالبلده…تفاجئت بدخوله عليها،كأي أم إنشرح قلبها رغم آسفها ولومها له على ما فعله حين علمت بطلاقه لـ سميرة بُعده تلك الفترة جعلها لا تستطيع التأثير عليه،لكن اليوم لن تصمت أكثر،لكن قبل أن تتحدث معه تفاجئت به يقول:
أنا جاي النهاردة عشان أرجع سميرة لذمتي مره تانيه… نظرت له بغضب قائله:
هى سميرة لعبه بين إيديك تطلقها وراجع تانى ترجعها.
أجابها ببساطه:
إتسرعت فى الطلاق كمان فى حاجه إنتِ لازم تعرفيها؟.
تهكمت بسخريه قائله:
إتسرعت، وإيه الجديد طول عمرك مُتسرع، بس إيه اللى لازم أعرفه.
رد ببساطة:
سميرة حامل.
صدمت وفقدت النُطق للحظات ثم تعلثمت غير مستوعبه:
سميرة حامل!
حصل إزاي؟
وإنت عرفت منين؟.
شعر بحرج وراوغ قائلًا:
سميرة كانت مراتي… واللى حصل مش حرام.
-مراتي، واللى حصل مش حرام…
كررت ذلك ثم نظرت له بغضب ولوم وذم:
حاسه إني معرفكش يا عماد، للدرجه دى الغُربة والفلوس غيروك، صحيح العرق دساس يا إبن “شعبان الجيار” نفس الغدر فيك.
شعر عماد بغضب قائلًا:
ماما بلاش تشبهيني بالشخص ده، كانت لحظة ضعف وأنا أهو جاي عشان أرجع سميرة لعصمتِ،يعنى مش هتخلى عنها.
إستهزأت قائله:
لاء كتر خيرك،تعرف إنى كنت بتكسف لو سميرة أو أمها قابلونى فى الطريق صدفه، كانت بتصعب عليا إنت مفكرتش فى إحساسها ونظرة الناس ليها، وياريت كده وبس كمان متعت نفسك بيها، ليه كسبت إيه من ده.
ماذا يرد، هو لم يشعر بأي متعة بتلك العلاقه، ولم يكسب شئ بل فقد الإحساس بزهوة أشياء كثيرة… صمت، إستهزأت حسنيه:
يعنى إنت بترجع سميرة عشان تصلح غلطتك معاها، نصيحه مني سيبها فى حالها وكفايه كده، بلاش تتعس قلبها.
شعر عماد بغضب قائلًا:
ماما من فضلك بلاش طريقتك دى، وسميرة وافقت عالرجوع.
تهكمت حسنيه بمراره قائله بتحذير:
وافقت غصب عنها، براحتك يا عماد بس حاذر تمشي فى طريق أبوك.
تعصب عماد وكاد يرد، لكن صوت هاتفه جعله يصمت وهو ينظر الى شاشة الهاتف،ثم نظر لها قائلًا:
ده المأذون باعت رساله بيأكد عليا أنه مستنيني فى داره الساعه سبعه بعد المغرب،يعنى لسه فى وقت،ممكن تشوفي حد ينضف الشقه اللى فوق عشان بعد كتب الكتاب هجيب سميرة هنا.
تهكمت حسنيه بآسف قائله:
حاضر،وهجهز لك صنية عشا كمان زي بتاع العرسان…إنت عريس ولازم تتغذا.
تنهد عماد قائلًا بتهرب:
لاء كفاية تنضيف الشقه مالوش لازمه العشا،أنا لازم أمشي دلوقتي فى شوية إجراءات لازم تتم قبل كتب الكتاب،أشوفك المسا.
غادر بل هرب من تهجمها عليه، زفرت نفسها بآسف من تسرع عماد، وصعبانيه إتجاه سميرة تذكرها بنفسها إمرأة قليلة الحيلة.
بعد وقت بمكتب مأذون البلده
كان عماد يجلس معه بصحبة إثتين، نظر الى ساعة يده كانت قد تخطت السابعه وخمس دقائق، ظن أن يكون سبب تأخير سميرة هو تراجعها، لكن إنشرح قلبه حين دخلت سميرة ومعها عمها، تبسم لها لكن سُرعان ما شعر بالغضب من نفسه حين تأمل ملامح وجه سميرة الباهت… بينما عمها نظر له بإستنفار لكن صافحه بدبلوماسيه، بعد دقائق
طلب المأذون من سميرة إن كانت ستوكل أحد عنها، نظرت نحو عمها الذى إدعي الحديث مع أحد الشهود تحسرت قائله:
أنا وكيلة نفسي.
أومأ لها المأذون، طلب منهما ان يضعا يديهم ببعض،بالفعل فعلا ذلك لم ترفع سميرة وجهها وتنظر الى عماد،لكن بداخلها تشعر بآسى
فـ لثانى مره تضع يدها بيدهُ، المره السابقه كان بداخل قلبها أمل أن تعود السعادة معه،وخاب أملها حين خذلها، لكن هذه المره تشعر بإحتراق فى قلبها لكن هنالك بداخلها روح أخرى تنمو تستحق الحياة تُريدها بشده لتعود معها للحياة.
بينما عماد نظر الى وجهها لثاني مره يتم عقد قرانهم، ملامحها الباهته، هل سببها الحزن أم سببها عدم رغبتها بالعودة، لكن إضطرت لذلك، والحِيرة تُحرك عقله، الى أن إنتهى المأذون، سحبت سميرة يدها سريعًا من يده، وقفت سريعًا، نظر لها عماد وهو مازال جالسًا، وقبل ان يتحدث طلب المأذون توقيعهما من ثم الشهود، وضعت سميره توقيعها ثم كادت أن تُغادر لكن منعها عماد قائلًا برجاء:
سميرة خلينا نتكلم مع بعض.
نظرت له أخيرًا قائله:
هنتكلم فى إيه، مالوش لازمه الكلام يا عماد، كل واحد فينا عِرف قيمته عند التاني.
-لاء يا سميرة فى حاجات لازم تتوضح، وأولها أنك مراتى ولازم تجي تعيشي فى بيتي، أنا إتكلمت مع مامتك فى الموضوع ده.
كادت سميرة أن تعترض لكن بنزق إقترب عمها ونظر لهما قائلًا:
ربنا يهدي سركم المره دى وبلاش تتسرعوا فى الطلاق مره تانيه.
نظر له عماد بغضب قائلًا:
لاء إطمن كانت غلطة مش هتتكرر، كمان سميرة هتجي تعيش فى بيتي أنا وأمى.
إستهجن عبد الحميد بإستهزاء ولم يهتم وغادر بينما عماد سحب سميرة من يدها وخرحا الى سيارته صعد هو وسميرة التى ظلت صامته تشعر أنها مثل قطعة حطب جافه وسط النار تشتعل، توقف عماد أمام منزل والدتها قال لها:
خليكي فى العربيه ثواني وراجع.
بالفعل وقت قصير وعاد بحقيبة ملابس، وضعها بالسياره بينما نظرت سميرة نحو ذاك الشباك رأت والدتها تقف خلفه، غص قلبها تعلم أن والدتها لم تخرح مع عماد على يقين أن سميرة قد ترفض الذهاب معه، وتبقى معها.
بعد وقت قليل بمنزل عماد إستقبلت حسنيه سميرة بود ومحبه وترحيب كما شعرت بالشفقه عليها،لو لم تعلم حقيقة قلب عماد لكانت طلبت منها عدم العودة إليه،
بينما عماد يعلم ان والدته بصف سميرة لم يستغرب ترحيبها بها،لكن كان رأسه مشغولًا هنالك خفايا لابد من أن يعرفها، سحب يد سميرة قائلًا:
الوقت إتأخر وأنا مُرهق.
نظرت له حسنيه قائله بإيحاء ذم:
إنت اللى بترهق نفسك وبتحملها فوق طاقتها.
رغم فهمه لقصدها لكن لم يُبالي،وصعد مع سميرة الى الدور الثانى،فتح باب الشقه وتجنب حتى دخلت سميرة أولًا،ثم دخل خلفها وأغلق الباب،إهتز جسد سميرة بقصد منها لا تنظر له تشعر أنها شريدة،إقترب عماد منها وضع يديه حول عضديها ونظر حوله ثم نظر لها قائلًا:
دي الشقه اللى كنا هنتجوز فيها يا سميرة،أكيد شوفتيها قبل كده،
حين شعرت بيديه إرتجف جسدها وبتلقائيه،عادت خطوة للخلف،نظرت له دون رد.
شعر برجفتها وتهكم بداخله،جذب يدها،لكن هى سحبت يدها بنفس الوقت تشعر كآن الأرض تدور بها،أغمضت عينيها لاكثر من مره تحاول مقاومة ذاك الدوار،لكن إستسلمت له وهو يسحبها نحو هاويه سقطت فيها لا تشعر بأي شئ يود عقلها عدم العودة للواقع،ويسبح فى ملكوت خالي تمامً…إنخض عماد حين إرتخى جسدها وتلقاها بين يديه،وضعها فوق تلك الآريكه التى بالردهه وذهب سريعًا الى غرفة النوم وعاد بقنينة عِطر،تنهد براحه حين فتحت عينيها وعادت للوعي،سألها بلهفه:
سميرة قوليلى رقم الدكتورة اللي متابعه معاها الحمل وهتصل عليها تجي هنا فورًا.
رغم غشاوة عيناها لكن رأت لهفته تهكمت على نفسها هل تُصدق ذلك أم الحقيقة التى عاشتها بلحظة رفعها الى أعلى سماء العشق وبلحظه أحرق بل سحق قلبها، وتعلم حقيقة رجوعه لها،هو حملها، رغم أنها أرادت إخفاء حملها عنه ربما يصدمها بصدمه أخرى، لكن الصدمه كانت قرار رده لها كزوجه، مشاعر ضائعه تعيشها، حياة خاويه،حاولت الضغط على نفسها وتحملت حتى جلست على الأريكه قائله:
مالوش لازمه أنا بخير،دى دوخه بسيطه وعاديه.
-بسيطة وعاديه!
قالها عماد بلهفه ثم كاد يتحدث، لكن سميرة سبقته قائله:
أيوه، هقوم أغسل وشى هفوق.
إرتكزت بيديها على الآريكه ونهضت بوهن، وقفت تغمض عينيها تستمد قوة، لاحظ عماد ذلك وقف جوارها وسحب يده حول خصرها يضمها له
كادت أن تعترض، لكن عماد تمسك وجذبها تستند عليه وسار معها الى الحمام وقف خلفها وهى تغسل وجهها، جذب منشفه وأعطاها له جففت وجهها سألها:
بقيتي أفضل.
أومأت برأسها، سندها مره أخرى وخرجا من الحمام الى غرفة النوم، جلست سميرة على طرف الفراش، تشعر أنها أصبحت أفضل، كذالك لاحظ عماد،
نظر لها سائلًا:
فسرى لي الحقيقة ياسميرة.
حايدت النظر له وإدعت عدم الفهم سائله:
حقيقة أيه.
تنفس بقوة وجلس على ساقيه أمامها وضم وجهها بين يديه جعلها تنظر له، غص قلبه من تلك الدمعه المُتلألأة بعينيها، اراد أن يحتضنها ويعتذر منها على تسرُعهُ، لكن لابد من معرفة سر تلك المفاجأة، بل إكتشاف غير متوقع، إبتلع ريقه سائلًا مره أخري:
متأكد إنك فاهمه قصدي يا سميرة.
كادت أن تدعي عدم الفهم لكن سبقها عماد بتحذير:
سميرة.
إبتلعت ريقها وأجابته ببساطة أكدتها:
كذبة… لعبة زي ما إنت قولت قبل كده.
-سميرة!
قالها بإستهجان ونهض جالسًا جوارها حاول السيطرة على غضبه الحارق لقلبه حين يتذكر أن إسمها إرتبط برجُل غيرهُ سائلًا:
سميرة أيه حكايتك مع نسيم.
-كان جوزي.
قالتها بتلقائية وبساطه… أشعلت غضب عماد أكثر الذى زفر نفسه بغضب جم قائلًا بإستهزاء:
كان جوزك إزاي وإنت كنتِ بنت بنوت؟.
-كذبه، أو لعبة زى ما قولت.
ضغط عماد على يديه بقوة يحاول تلجيم غضبه قائلًا:
وأيه كان غرضك من اللعبه دي، كنتِ هتستفادي منها إيه، بالعكس يمكن هى اللى هزت ثقتي فيكِ…. إيه الحقيقة يا سميرة، وبلاش مراوغة… متأكد إن فى سر.
تمددت فوق الفراش قائله:
مفيش سر أنا تعبانه وعاوزة أنام ممكن تطفي النور لو سمحت.
تنهد عماد يحاول تهدئة نفسه وإستسلم لا يود الضغط عليها… إستسلمت سميرة للنوم وغفت عينيها، بينما عماد ظل ساهدًا خرج من الغرفة جلس بالردهه أشعل سيجارة خلف أخري يحرقها مثلما قلبه يحترق، الى أن إنتصف الليل، غفت عيناه وهو جالس، لكن فتحهما حين سمع صوت حركه قريبه منه، بينما سميرة فتحت عينيها كان الظلام يسود بالغرفه، الا من ضوء متسرب من الردهه، شعرت بالعطش، نهضت من فوق الفراش وخرجت من الغرفه لكن لعدم إنتباهها إصتطدمت بإحد قطع الديكور فسقطت أرضًا وأحدثت صوت، بنفس الوقت نهض عماد ونظر نحوها قائلًا:
صحيتِ من النوم.
لم ترد عليه وذهبت نحو المطبخ، ذهب خلفها تبسم حين رأها تتجرع المياة، قائلًا:
فى أكل فى التلاجه.
ردت بلا إهتمام:
مش جعانه أنا راجعه أنام تاني.
جذبها من عضد يدها قائلًا:
سميرة خلينا نقعد نتكلم مع بعض متأكد إن فى سر، ويمكن أسرار مخفيه عني.
تهكمت قائله:
أسرار، مكنتش أعرف إنك المُحقق كونان.
غصبًا ضحك عماد قائلًا:
إقعدى يا سميرة خلينا نتكلم.
إستسلمت سميرة وجلست جلس جوارها سائلًا يشعر ببُغض وهو ينطق أكثر إسم يمقته:
نسيم، ليه فسختي خطوبتنا وإتجوزتي من نسيم؟.
أجابته ببساطه:
النصيب.
-سميرة.
قالها بزهق.
كادت أن تنهض لكن أجلسها عنوة قائلًا:
سميرة بلاش مراوغه وجاوبي، إزاي كنتِ متجوزه وإزاي فضلتي عذراء؟.
أجابته ببساطه:
نسيم كان عاجز، أو بمعنى أصح المخدرات سببت له عجز… إرتاحت كده… هقوم…
قاطعها قائلًا:
وليه إتجوزتيه من البدايه، فى سر يا سميرة.
أجابته:
أيوه كان فى سر، “ماما” السبب ومش ندمانه يا عماد، عمي كان كاتب على ماما كمبيالات ولو متجوزتش من نسيم هيقدمها للنيابه ويسجن ماما.
إنصدم عماد قائلًا:
وليه مقولتيش ليا وقتها كان ببساطة أحولك مبلغ الكمبيالات مهما كانت قيمتها.
تهكمت سميرة قائله:
حتى لو كنت دفعت لـ عمى مبلغ الكمبيالات مُضاعف مكنش هيوافق.
إستغرب عماد سائلًا:
وإيه السبب؟.
ردت سميره بتفسير:
عمي طماع وجشع، ونسيم دخل له من المنطقه دى، طمعه طبعًا نسيم كان سهل عليه يصرف ألوفات فى قاعدة على مزاجه مخدرات حتى لو فى نسوان مش فارق معاه هو كان عارف نفسه بيمتع نظره مش أكتر، وعمي كل ما هيطلب منه هيديه لكن إنت كان عارف إنك مستواك بسيط ومش هتقدر تسد له طمعه اللى نسيم زغلل عينه بيه… عمي قالهالى لو عنده بنت كبيره شويه كان رماها خدامة لـ نسيم.
لم يُذهل عماد من قول سميرة، يعلم أن عمها شخص سيئ فهو الصديق القريب لوالده، ويبدوا انهما أصدقاء سوء الاخلاق ما يجمعهم.
سألها بترقُب:
وليه إتحملتى جوازك من نسيم كان سهل تطلقي منه؟.
تهكمت سميرة واجابته:
فعلا كان سهل أطلق منه، بس وقتها مفكرتش بالطلاق ورضيت بنصيب لان….
صمتت قبل أن تبوح أنها فقدت أمل أن يعود لها، وانه شبه ترك البلدة… لكن فضول عماد سألها:
لأن إيه؟.
ردت سميره بتسرع:
لان زى ما قولت نصيبي، وكفايه أسئله… اعتقد كده التحقيق إنتهى.
نهضت سميرة وذهبت نحو غرفة النوم، لكن لحقها عماد وجذبها عليه وأخبرها بيقين:
نسيم عمره ما لمسك.
تبسمت بإستهزاء قائله:
لاء حاول و……
قطع بقية حديثها حين جذبها يُقبلها بتملك، ثم ترك شفاها ثم حاصر جسدها قائلًا:
إنت مِلكي يا سميرة، وهثبتلك ده بس عشان أرجعك لذمتي شرعًا تانى.
فهمت سميرة قصده
وقبل ان تتمرد كان يُقبلها مُشتاقًا توقًا عكس ما يُظهر أنه أمر لازم لعودتهما شرعًا مره أخري، كانت مثل التائهه فقط تشعر بلمساته لها لكن دمعه ملتهبه ومُتحجرة تحرق قلبها قبل عينيها… حتى رفع وجهه ونظر الى وجهها رأها تعتصر عينيها شعر بوخز قوى فى قلبه قبل عُنقها بقسوه ثم نهض عنها ونهض من فوق الفراش توجه ناحية شُرفة الغرفه أزاح الستائر بغضب وفتحها شعر ببرودة الطقس كآنها نسائم لهب تخترق ضلوعه،لحظات ثم عاود الدخول للغرفه كانت سميرة مازالت بالفراش،نظر لها قائلًا:
إحنا هنعيش فى القاهره شغلي كله هناك.
أجابته برفض:
لاء مقدرش أبعد عن ماما.
إقترب قائلًا بسؤال:
قصدك إيه؟.
أجابته سميرة:
قصدي إنى هعيش هنا جنب ماما،وإنت حُر.
تعصب قائلًا:
إيه إنت حُر دى،إنتِ مراتي وتعيشى معايا فى أى مكان.
ردت بهدوء:
لاء ماما ملهاش غيري ومقدرش أبعد عنها…وانا هفضل هنا جنبها.
كاد ان يتعصب لكن سميره تحدثت:
إنت من فترة للتانيه بتجي هنا عشان طنط حسنيه مش هيفرق كتير وجودي هنا جنب ماما،حتى هسلي طنط حسنيه فى غيابك.
إستسلم عماد،على أن هذا وضع مؤقت فقط.
[عودة للحاضر]
عاد للحاضر حين سقطت إحد قطع الديكور التى يبدوا انها كانت عالقه باخرى،نظر نحوها يشعر أنه مُهشم القلب مثل تلك القطع،لكن لن يصمد كثيرًا.
❈-❈-❈
بشقة سميرة
تمددت جوار يمنى تنظر لها تبسمت حين تنهدت يمنى وهى نائمه كانها تُحدث عماد،تذكرت رد فعله وهروبها من أمامه
لامت نفسها،ربما ما كان عليها أن تغادر وتتركه،لكن تعلم لو ظلت لن يهدأ عماد
تنهدت وهى تعتدل نائمه على ظهرها
[وتذكرت قبل قترة وجيزة]
حين كانت بأحد الزيارات الى البلدة بعد أن هاتفها والد نسيم وطلب رؤيتها من أجل أمر هام،أخفت ذلك على عماد وذهبت للقاؤه سرًا حتى والدتها لم تكن تعلم بذلك
إستقبلها بمنزله،ثم جلس معها قائلًا:
بصي يا بنتي،انا عارف إنك متجوزه من راجل ميسور وربنا كرمك وبقى عندك بنت ربنا يباركلك فيها،ويمكن مش محتاجه للى هعطيه ليكِ،بس ده حقك انا فقدت إبني ومحدش عارف الأجل إمتي،بس عاوز أبقى أديت الحقوق لأصحابها،أنا قررت أكتب كل اللى بملكه حسب شرع ربنا،وكتبت جزء من ممتلكاتي بإسم بنتي جزء قد ميراثها فيا بعد ما…
قاطعته قائله:
ربنا يديك الصحه والعافية يا عمي.
تبسم لها قائلًا:
إسمعيني للآخر،أنا عارف إن إبن أخويا كان عاوز يتجوزك،وإنه إتحرش بيكِ قبل وفاة المرحوم،وإنتِ صدتيه، وكمان رفضتي تتجوزيه بسبب اخلاقه الواطيه،عارف إنه طماع دايمًا بيبص للى مش فى إيده،أنا قررت فى حتة أرض كان المرحوم نسيم إشترها قبل فترة هو وإبن أخويا والارض دخلت كاردون المباني وعارف إنه طمعان فى الأرض كلها،وبيفكر يعمل مصنع لحوم عليها،بس الارض دى حقك يا بنتِ وأنا سجلتها بإسمك.
إستغربت سميرة ذلك وكادت ترفض لكن قال لها:
المرحوم نسيم كان قال للحجه قبل ما يموت أن دي أرض سميرة أنا أشتريتها بدهب شبكتها اللى أخدتها من وراها وهى متكلمتش… إنتِ صونتِ سر نسيم والأرض دى من حقك وقلبي حاسس إنها هتنفعك فى يوم.
واقفت سميرة غصبً بسبب إلحاحه.
تذكرت قبل أيام حين ذهبت الى البلده وتقابلت مع إبن عم نسيم، الذى مازال بغيضًا لكن تحملت ذلك وهي تقول له:
أنا قررت أبيع نصيبي من حتة الأرض وقدامي كذا مشتري لها، بس قولت أعرضها عليك الأول بدل ما تتفاجئ.
لمعت عينيه بطمع وظن انه سيصتاد بأقل ثمن، بعد ان خذله عمه وأعطى لها تلك الارض لكن سميرة خيبت ظنه وإستمعت لقوله:
الأرض بور وعامله زى البيت الوقف وسعرها قليل، رغم إنها مش لازمانى بس ممكن أخدها منك، بس عشان من ريحة المرحوم ابن عمى.
نهضت سميرة قائله:
لاء طالما مش لازماك ليه تغصب نفسك،فى زباين تانيه،بس أنا قولت أعرضها عليك الأول…مالوش لازمه تكلف نفسك.
وقف هو الآخر بتسرُع قائلًا:
لاء إستني قصدك أيه.
ردت سميره:
قصدي إن عارفه الارض تساوى كام،وطالما إنت مش محتاجه يبقى اللى يدفع أكتر ياخدها… انا مش مستعجله عالبيع، بس مش هبيعها بخس.
نظر لها قائلًا:
بس دى أرض المرحوم نسيم هتبيعيها عشان تدي تمنها لجوزك اللى مش محتاج.
نظرت له بغضب قائله:
قولت جوزي مش محتاج،وانا حره أبيعها أو أحتفظ بيها،وأنا شايفه إنها مش لازماني،هتواصل مع الزباين اللى كلمتني،عطلتك.
شعر بغضب هو خاب ظنه وظن أنه سيقتنص لقمة سائغه،لكن سميرة خيبت ذلك وظهرت حقيقتها القويه،وافق على شراء الأرض بالثمن التى قالت عليه بعد مفاوضات منها وقالت له بأمر:
يومين بالظبط يكون سعر الأرض فى حسابى فى البنك ورقم الحساب أهو،يوم تالت إتفاقنا لاغي،دلوقتي لازم أرجع القاهرة قبل الضلمه.
غادرت وتركته ينظر لها مُتمنيًا يقول:
كان يُحق لـ نسيم يتمسك بها،بنت سوق عن حق.
بالفعل بعد يومين حول لها المبلغ وهى قامت بعمل توكيل لوالدتها لإتمام إجراء بيع الأرض له بسبب سفرها مع عماد الى مرسى علم، رغم أنه كاد يراوغها ويدفع جزء ويبقى آخر مؤجل الدفع،لكن هى تمسكت بالمبلغ كاملًا،إستسلم مُرغمًا.
[عودة]
عادت سميرة على تنهيدات يمنى،ضمتها لحضنها،بداخلها أمل مع الأيام سيهدأ عماد ويتقبل ذلك،وحتى إن لم يتقبل أصبح لها كيان تستشعر منه الأمان.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
بأحد محلات الصاغه بالمحله الكبرى..
كان يجلس يتحدث مع زوج والدته ذاك الآفاق الذى لديه يقين أنه يبغضه ويتمنى ان لا يكون له زوجه طبيعيه ولا أبناء من صُلبه، لكن يُنافقه غصبً، ينظر نحو تلك السخيفه التى تمضغ العلكه بفمها يود صفعها، وهى تتحدث بجرآة مع والدته وبسنت تستشيرهم بقطع الذهب وهما يتجادلون فى الاذواق مع الصائغ، تنهد بإستسلام، يبدوا أن القدر يُعانده دائمًا عكس رغبته، لم يكن يريد إمرأة تفرض نفسها عليه، كان يريد أن يختار لنفسه إمرأة تغزو قلبه الفاتر… ليست تلك السخيفه بعلكتها الذى يشمئز منها… فكر عقله ماذا لو نهض وخنقها بذاك الطوق الذهبي التى تتحالى به حول عنقها تأخذ رأيهن وهن موافقات على جمال ذوقها، حتى أنها إقتربت منه قائله:
قولي يا هاني إيه رأيك فى الطوق ده حلو ذوقي، زى ما قالت بسنت وطنط إنصاف.
أبدى عدم إعجابه قائلًا:
لاء ذوقه بيئة.
كزت على أسنانها وتقبلت ببرود قائله:
أنا قولت كده برضوا، خلاص يا طنط إنصاف هاخد الطقم اللى حضرتك إختارتيه، ذوقه أحلى وكمان أغلى…تمنه ضعف ده مرتين.
نظر لها بغضب سحيق تلك الحمقاء ليست فقط سخيفه بل بارده…زفر نفسه يشعر أن القدر يُرغمه على نساء لا يستهويها…عكس رغبته…لكن هذه تحظى بدعم والدته.