رواية القلب ملك لمن يستحقه الفصل الرابع 4 بقلم سارة علي
رواية القلب ملك لمن يستحقه الجزء الرابع
رواية القلب ملك لمن يستحقه البارت الرابع
رواية القلب ملك لمن يستحقه الحلقة الرابعة
ارتفع صوت نشيجها …
العرق يتصبب فوق جبينها …
جسدها يرتجف بالكامل …
صدرها يضيق تدريجيا و أنفاسها على وشك أن تنقطع …
لحظات قاسية مرت عليها حتى فتحت عينيها على صوت جدتها وهي تهمس لها بينما تهزها برفق :-
” بسم الله عليك ابنتي … إستيقظي يا مريم … إنه كابوس …”
انتفضت من مكانها باكية بجزع لتجذبها الجدة نحو أحضانها بسرعة تمنحها عناقا تحتاجه قبل أن تبدأ في قراءة الأدعية والآيات القرآنية لتبثها القليل من الطمأنينة التي تحتاجها في هذا الوقت تحديدا …
أغمضت مريم عينيها واستسلمت لدفء أحضان جدتها بينما تستمع لصوتها وهي تتلو الآيات القرآنية على مسامعها …
بعدها همست لها الجدة :-
” هل أصبحت أفضل الآن …؟!”
تحررت مريم من بين أحضانها ورفعت وجهها المبلل بالدموع نحوها وقالت :-
” لن أصبح بخير حتى يستيقظ الشاب من غيبوبته ويعود سالما …”
تمتمت الجدة بسرعة :-
“سوف يستيقظ باذن الله … الشاب المسكين تعرض لهذه الطعنة بسبب شهامته ومروءته وباذن الله سيتجاوز هذه المحنة … ”
” وماذا لو لم يحدث ذلك …؟! ماذا سأفعل حينها …؟! ماذا لو مات ..؟!”
سألتها مريم وقد عاد نشيجها يتصاعد لتهتف الجدة بسرعة :-
” لا تقولي ذلك يا مريم … ادعي الله أن يشفيه .. يا ابنتي الأعمار بيد الله في النهاية و …”
قاطعته مريم بدموع حارة :-
” ولكنني السبب … سيموت بسببي … لن أتحمل هذا الذنب .. لا يمكنني …”
” بل بسبب ذلك المتحرش الحقير … أنت لا ذنب لك يا ابنتي … لا تفعلي هذا بنفسك …”
قالتها الجدة برجاء وهي تضيف :-
” ورغم كل هذا سيعيش باذن الله .. ثقي برحمة الله .. ”
همست مريم وهي ترفع نظرها نحو الأعلى :-
” يارب … يارب …”
قالت الجدة بعدها :-
” هيا انهضي وإغسلي وجهك ثم توضئي وصلي الفجر قبل الشروق بينما سأذهب أنا وأعد الطعام لك …”
هزت مريم رأسها بصمت عندما نهضت الجدة من مكانها وهي تبتسم لها بحنو لتمنحها مريم ابتسامة ضعيفة قبل أن تمد يدها نحو الساق الاصطناعية وتهم في ارتدائها …
بعد مدة قصيرة خرجت مريم من غرفتها لتجد الجدة تتقدم نحو طاولة الطعام وهي تخبرها بنفس الابتسامة الحنون :-
” هيا يا مريم … جهزت الفطور لك … انت لم تتناولي شيئا منذ البارحة …”
تحركت مريم نحو الطاولة وجلست عليها لتضع الجدة صينية الطعام أمامها فتأملت مريم الطعام بشهية معدومة قبل أن تنظر نحو جدتها فتهمس :-
” لا حرمني الله منك يا جدتي … ماذا كنت سأفعل بدونك …؟! كيف كنت سأعيش لولاك …؟!”
انحنت الجدة نحوها تربت على شعرها بحنو قائلة :-
“طالما الله معك لا تخشي من شيء يا مريم … بوجودي او عدمه …”
قاطعتها مريم بسرعة :-
” ولكنني لا أستطيع العيش بدونك …”
تمتمت الجدة بجدية :-
” بل تستطيعين … أنت قوية يا مريم … تذكري هذا جيدا … تحتاجين فقط أن تتحرري من سجنك الذي تحيين فيه منذ أعوام … لا بد أن تتعايشين وتواجهي مصاعب الحياة بشجاعة يا مريم كي تستطيعين الاستمرار في هذه الحياة بدون مساعدة أحد …”
هزت مريم رأسها بصمت لتضيف الجدة وهي تشير الى الطعام :-
” والآن تناولي طعامك …”
تأملت مريم الطعام لوهلة قبل أن تسحب قطعة من الجبن و تبدأ في تناولها مجبرة رغم عدم شهيتها لتناول أي شيء …
………………………………………………..
انتظرت اكثر من ثلاثة ساعات حتى وصل ياسر إليها ليجدها جاهزة في انتظاره …
نهضت الجدة تستقبله وهي تخبره بعدما عانقته :-
” مريم مصرة على الذهاب حالا يا ياسر …”
تنهد ياسر قائلا :-
” الوقت ما زال مبكرا يا مريم …”
همست مريم برجاء :-
” خذني الى المشفى من فضلك واذا لا تستطيع يمكنني الذهاب لوحدي …”
اتجه ياسر نحوها وقال بجدية :-
” حبيبتي الأمر ليس كذلك … أنت فقط تجهدين نفسك بينما يمكنني أنا الذهاب بدلا عنك .. أنا سأذهب وأبقى هناك لفترة طويلة كما فعلت البارحة بعدما جلبتك الى المنزل …”
قالت الجدة بسرعة :-
” نعم يا ياسر … لا تتركهم يا بني حتى نطمئن على الشاب …”
قال ياسر بجدية :-
” على العموم سآخذك يا مريم ولكن يجب أن نذهب أولا الى مركز الشرطة لإنهم يريدونك …”
ظهر التوتر على ملامحها فقال بسرعة :-
” انا سأكون معك في كل خطوة … لا تقلقي …”
تمتمت بخفوت :-
” شكرا يا ياسر … ”
ابتسم بود يخبرها :-
” هيا انهضي إذا لنغادر حيث نذهب اولا الى مركز الشرطة ثم بعدها آخذك الى المشفى …”
هزت رأسها باذعان وهي تنهض من مكانها حيث ذهبت معه …
………………………………………..
بعد مدة من الزمن …
جلست على احد الكراسي بتعب وهي تردد بأسى :-
” إنه يكذب يا ياسر … هل سمعت ما قاله …؟!”
هتف ياسر بغضب مكتوم :-
” ماذا تتوقعين من شخص حقير ومجرم مثله …”
همست بضياع :-
” هل سيصدقونه …؟!”
قال ياسر بسرعة :-
” ما هذا الكلام ..؟! بالطبع لا .. الأمر لا يحتاج الى تفكير … إنه كاذب .. يريد أن يرمي بلاءه عليكِ أنت وبسام وكأنه لم يكتفِ بما فعله بذلك المسكين … ”
سألته بخوف :-
” ماذا لو صدقوه ….؟! ماذا لو صدقوا حديثه …؟! ”
سارع يجلس جانبها مرددا :-
” يا مريم هو يقول أي كلام غبي لا أهمية له فقط كي يبرر لنفسه ….”
ترقرقت الدموع داخل عينيها وهي تقول :-
” أنا لا أعرف بسام هذا … والله لا أعرفه …”
قال ياسر بسرعة :-
” بالطبع يا مريم … هل تعتقدين إنني سأشك بشيء كهذا … ؟!”
أضاف بعدما تنهد بصمت :-
” لا أريدك أن تقلقي … جميع محاولاته هذه ستذهب عبثا … هو المعتدي على الشاب بكل الأحوال وسينال عقابه .. ولا تنسي شهادة صديق الشاب أيضا وربما هناك شهود عيان أيضا …”
هزت رأسها بصمت عندما أشار لها يضيف :-
” هل تذهبين الى المشفى حالا أم تعودين الى المنزل وترتاحين قليلا بينما أذهب أنا أولا ثم أعود مساءا وآخذك …”
تأملته بحيرة فبعد ما حدث قبل قليل تشعر بنفسها عاجزة عن التحرك من مكانها خطوة واحدة فكيف تذهب الى المشفى …
يكفي ما حدث البارحة عندما توقف قلب الشاب للحظات كادت أن تفقد روحها معه من شدة الخوف حتى استطاع الأطباء أن يعيدوا له نبضاته …
ناهيك عن وجود عائلته والتي تشعر بالخجل الشديد منهم والرغبة في الهرب كلما نظرت في وجه أحد منهم …
” خذني الى البيت … سأرتاح قليلا ثم أذهب مساءا معك …”
” حسنا …”
قالها بجدية لتضيف :-
” ولا تنسى أن تطمئني عليه حالما تصل الى هناك …”
” بالطبع عزيزتي …”
قالها ياسر وهو يمد كفه لها لتستند مريم عليه وتنهض من مكانها وتسير معه خارج مركز الشرطة …
……………………………………….
مساءا …
كان يتحرك في ممر المشفى بخطوات عصبية بينما ابن عمه يخبره :-
” اهدأ يا يوسف ….”
تمتم يوسف من بين أسنانه :-
” كيف سأهدأ … ألم ترَ المكتوب …؟!”
ثم اعتصر هاتفه بين يديه مضيفا :-
” كيف يكتبون شيء كهذا …؟! ”
قال ابن عمه بجدية :-
” هناك من استغل حديث الجاني وقام بتحويره بالطريقة التي تساعده في أذيتنا بأكبر شكل وأنت تعرف إن أعدائنا كثيرون …”
صاح يوسف بعصبية :-
” شقيقي بين الحياة والموت بينما يتلقى اتهامات كهذه … ”
” اهدأ يا يوسف …”
قالها ابن عمه بسرعة وهي يضيف بتحذير :-
” نحن في مشفى ….”
نظر يوسف الى سامي الذي تقدم نحويهما وهو يتسائل بقلق :-
” كيف حال بسام …؟! ”
تنهد مروان وهو يخبره :-
” حاله لم يتغير منذ البارحة …”
قال سامي بتردد :-
” ما هذا الكلام المكتوب على مواقع التواصل … ؟! ما هذا الافتراء …؟!”
سأله يوسف :-
” أخبرني مالذي حدث بالضبط …؟؟ ما معنى ما يقوله هؤلاء الحمقى …؟! كيف يدعون إن الفتاة حبيبة بسام ..؟! ”
قال سامي بسرعة :-
” مجرد كذب وافتراء … نحن لا نعرف الفتاة … حتى إن كلينا سارع يدافع عنها .. ”
هتف مروان بجدية :-
” هناك من تعمد فعل ذلك يا يوسف … الأمر مقصود وهدفه التشويش على سمعتنا …”
” ولكن كيف عرفوا بالحادث وتفاصيله فورا …؟!”
سألهما سامي بحيرة ليجيب يوسف بغموض :-
” نفس سؤالي … والمصيبة الأكبر إنه ربما سيتم نشر هذه الأخبار بالجرائد ….”
هتف مروان بجدية :-
” من تعتقد سيكون وراء ذلك يا يوسف …؟!”
نظر له يوسف بصمت امتد لثواني قبل أن يقول :-
” لست متأكد ولكن ما إن أتأكد من ظنوني حتى أجعله يدفع الثمن غاليا
..”
نطق سامي بتردد :-
” هل فكرتما بوضع الفتاة …؟! ماذا لو تم ذكر اسمها هي الأخرى …؟!”
أضاف بقلق :-
” سيكون موقفا سيئا لها ….”
” تقصد ستكون فضيحة لها …”
قالها يوسف باقتضاب ليهتف مروان بتردد :-
” لا تبالغ يا يوسف ….”
صاح يوسف :-
” كيف لا أبالغ .. يقولون إنها حبيبته وإنه كان يحاول التمادي معها وما شابه ذلك والبطل الهمام ظنه يتحرش … ”
قال سامي بتأكيد :-
” لا يوجد شخص عاقل يمكنه تصديق كلام غبي كهذا …”
قال يوسف :-
” هذا ما تقوله أنت لكن الناس عامة يحبون الفضائح وينتظرون سماع أي فضيحة جديدة ….”
قاطعه مروان مرددا وهو يتطلع وراءه :-
” أتت الفتاة يا يوسف مع ابن خالتها …”
التفت يوسف نحويهما يتأملهما بوجوم عندما وقفت مريم قباله تنظر له يتردد قبل أن تسأله بنبرة مرتبكة :-
” كيف حال شقيقك …؟! أتمنى أن يتحسن وضعه …”
تمتم يوسف بهدوء مقتضب :-
” حاله كما هو … لكنه سيتحسن باذن الله …”
” باذن الله …”
تمتمت بها بخفوت قبل أن يشير ياسر الى المقاعد خلفها :-
” هل تجلسين …؟!”
أومأت برأسها وهي تتجه نحو المقاعد وتجلس على أحدهم قبل أن تتأمل المكان حيث يوجد شقيق الشاب وصديقه وشاب ثالث لا تعرفه بينما لم ترَ والديه فتنفست الصعداء قليلا فهي على الأقل ستتخلص من نظرات والدته المؤنبة …
وجدت ياسر يذهب ويتحدث معهم قبل أن يعود ويخبرها إنه سيذهب في مشوار سريع ويعود ليأخذها لتومأ برأسها بصمت رغم خوفها البديهي من بقائها في المشفى لوحدها بدونه …
…………………………….
نظرت الى ساعتها بضيق فياسر تأخر …
لقد مرت أربعون دقيقة ولم يعد بعد ..
وجدت الشاب الآخر والذي على ما يبدو ابن عمهم يتقدم منها يخبرها بصدق :-
” يمكنك أن تغادري يا آنسة … لا تتعبي نفسك أكثر …”
هتفت بتردد :-
” سأنتظر ياسر ..”
ثم اتجهت ببصرها نحو يوسف الذي يقف مستندا على الحائط يتأمل شقيقه من خلف الزجاج بشرود …
” عن إذنك …”
نهضت من مكانها وتقدمت نحوه ليلتفت يوسف نحوها ما إن شعر بوجودها ..
وقفت قباله تفرك يديها الاثنتين بتوتر قبل أن تهمس :-
” مجددا أنا آسفة لما حدث …أقسم لك إنني لم أرد حدوث ذلك ..”
أضافت بعينين دامعتين :-
” آسفة لما أصابه … سامحوني …”
تنهد يوسف ثم قال :-
” كما أخبرتك البارحة … الذنب ليس ذنبك بل ذنب الحقير الذي طعنه.. لا تعتذري مجددا ..”
نظرت له بإمتنان وهمت بالتحرك عندما وجدت والديه يتقدمان نحوهم وخلفهما فتاة شابة تراها لأول مرة ..
سارعت الأم تسأل ولدها عن حال ابنها بينما عانقت الفتاة يوسف بسرعة قبل أن تتجه نحو الزجاج تتأمل الشاب بعينين دامعتين ثم تتجه بأنظارها نحو مريم تتأملها بجمود لوهلة قبل أن تصرخ بها :-
” أنت الفتاة التي تعرض بسام لهذه الطعنة بسببها .. ماذا تفعلين هنا …؟! مالذي أتى بك مجددا ….؟!”
” ريم …”
صاح بها يوسف بحزم وهو يضيف :-
” الآنسة هنا لتطمئن على بسام …”
همست مريم بملامح باكية :-
” أنا آسفة … حقا آسفة …”
” لا أريد إعتذارك … غادري من هنا حالا … لا نريد رؤية وجهك مجددا …”
قالتها ريم بحقد وهي تتقدم نحوها قبل أن تدفعها بقوة لتسقط مريم بينما ركض كلا من يوسف ومروان اتجاهها …
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية القلب ملك لمن يستحقه)