رواية بين عالمين الفصل الثامن 8 بقلم هنا عادل
رواية بين عالمين الجزء الثامن
رواية بين عالمين البارت الثامن
رواية بين عالمين الحلقة الثامنة
الصوت خلاني اقوم من مكاني واتنفض وكأني بدور على صاحب الصوت حواليا، مفيش اثر لأى حد ولا فيه حاجة غريبة غير بس اسماعيل اللى نايم جنبي ومش حاسس بالدنيا ده، ابتديت استعيذ بالله من التفكير ده ودخلت اتوضى واصلي، مفيش فروض بس حسيت ان انا بضعف شوية ومن وقت ما شوفت اصلان وانا من جوايا حاسة بلخبطة، صليت وقرأت القرأن ودخلت كملت نوم شوية لحد ما ييجي ميعاد اسماعيل، وزى كل يوم فطرنا سوا ونزل على شغله وانا ابتديت اشوف بيتي وبعدين نزلت لأمي تحت اشوف طلباتها، دماغي كانت فى حاجات كتير كلها مالهاش علاقة ببعض، شوية اسماعيل وشوية جدي، وشوية الست اللى هقابلها، وشوية تانيين الخلفة…كل ده انا شاغلة بالي بيه مش علشان انا عايزة افكر…لالالا انا بشغل بالي بحاجات تلهيني عن التفكير فى اصلان، وفى وسط ما انا شغالة سمعنا صوت من تحت الشباك وكأن فيه تجمع طلعنا نجري انا وامي نبص نشوف فى ايه لقينا واحدة ست ومعاها عيل صغير الناس ملمومة عليها و هي بتحلف بعياط:
– ابني…والله العظيم ابني، بس هي ضيقة الحال.
حسيت ان هي دي المقصودة، بصيت لأامي وقولتلها:
– انا هنزل ياما اشوف في ايه.
امي:
– استني يابتي انزل معاكي.
نزلنا فعلا وبين التجمعات قدرنا نقرب منها واحنا سامعين ناس كتير بتغلط فيها وناس تانية بتقول:
– لاحول ولا قوة الا بالله.
– شوف المفترية عايزة ترمي العيل الصغير.
وكلام كتير، اول ما قربنا منها شوفتها، مش ست كبيرة دى تقريبا مكملتش 25 سنة، بس طبعا فى الزمن ده اللى تبقى عندها 25 سنة دى كبيرة وعاقلة وفاتحة بيت ومسؤولة عن اسرة كاملة كمان، برغم التعب والاجهاد اللى باين عليها الا ان جمالها كان بارز جدا، اه بشرتها سمرا ومن الارهاق قرب لون بشرتها يتحول للأسود لكن لمعة عنيها بتوصف جمالها، مش عارفة ده كان احساسي لواحدي ولا كل اللى كانوا حواليا حسوا بده، لمعة عنيها لواحدها كانت بتقول انها هتشوف خير، حسيتها طيبة مش عارفة ليه، لقيت نفسي بسحبها من ايديها وبقولها:
– روقي كده وتعالي معايا انا وامي فوق لحد ما تهدي.
سحبت ايديها وهي بتقول بخوف من نظرات اللى حواليها:
– والله غصب عني، ده انا كنت فاكرة اني هساعده كده.
امي قالتلها فى وسط دعوات الناس عليها:
– استهدي بالله يابنتي، تعالي معانا احنا معندناش حد فوق دلوقتي، بصي بيتنا اللى فوقك علطول ده ابو شبابيك عالية.
كانت خايفة والطفل اللى معاها ماسك في وسطها وحاضنها وكأنه خايف انها تسيبه وتمشي، الناس كانوا بيهاجموها بطريقة غريبة واحنا لسه مش فاهمين هي عملت ايه بالظبط، ماما سحبتها على البيت وهي تجاوبت بقلة حيلة والطفل رافض يسيبها ويمسك ايدي حتى، وصلنا لمدخل البيت من زحمة الناس بصعوبة، طلعنا على بيتنا وامي منعت اي واحدة من الجيران انها تطلع لما قفلت باب المدخل بتاعنا وراها، طلعنا على بيت امي وقعدنا سوا، الطفل كان ضعيف جدا وباين عليه التعب، قالت امي:
– اقعدي اتكلمي معاها يا شامية لحد ما اعملهم لقمة ياكلوها.
دخلت امي المطبخ وانا باصة للبنت براقبها وبراقب حركاتها ونظراتها اللى كانت كلها خوف، اتكلمت بهدوء وقولتلها:
– هو ابنك ده؟
قالتلي وابتديت تعيط بأنهيار:
– اه ابني، ماليش غيره ولا له غيري بعد ربنا، حتة من قلبي..
قاطعتها:
– طيب هو فى ايه حصل علشان الناس تتلم عليكي كده؟
رديت وقالت بعياط:
– قلة الحيلة خلتني مش لاقية اللقمة اللى أجيبهاله ولا اسد جوعه بيها، علشان كده كنت هسيبه تحت على باب البيت قولت اي حد يشوفه يمكن يصعب عليه وياخده يربيه.
صعبت عليا بس حاولت اكون عاقلة اكتر من حساسة فى الوقت ده:
– ترمي ابنك علشان مش عارفة تأكليه؟
عيطت اكتر وحضنته:
– انا ماليش مكان اعيش فيه، جوزي مات واهله طلعوني برة البيت، وانا مقطوعة من شجرة، كلاب السكك طمعانة فيا وخوفت حد يأذيه علشان يوصلي، لكن لو انا حد ضربني بحاجة ولا موتني حتى وانا عارفة ان ابني بينام تحت سقف وبيلاقى لقمة ياكلها، هموت وانا مرتاحة ومطمنة، مكنتش اعرف اني هتبهدل البهدلة دي والا لا كنت اتجوزت ولا خلفت.
رديت وهي صعبانة عليا وابنها كمان:
– لاحول ولا قوة الا بالله، دى حكمة ربنا.
رديت وقالتلي بدموع:
– عارفة والله، راضية وشاكرة، والله ياست لو مش ابني فى رقبتي مكنتش اعترضت على اي حاجة بتحصل فيا، كفايا عليا انه ابتلاني وده بيقول انه فاكرني، لكن العيل ده عمل ايه علشان يجوع ويتبهدل ورجليه تحفى من المشي؟
وحسيت ان ده وقتي:
– يعني انتي عارفة ان اللى انتي فيه ده افتكار من ربنا؟ وعارفة ان له حكمة فى كده؟
عيطت:
– عارفة والله عارفة، ولو اكتر من كده انا راضية، خدي ياست العيل الصغير ده ربيه عندك واكسبي فيه ثواب، ووقت ما ربنا يريد ويعوضني انا هرجعله وهاخده تاني، ابني انا مش قادرة اتحمل بهدلته دي.
رديت وقولتلها:
– طيب ولو ربنا اراد يكون ليكي اربع حيطان وسقف تنامي تحته، برضو هتقولي كده؟
رديت وقالتلي:
– ده انا اروح اشحت عليه واجيبله لقمته ولا اني افرط فيه ساعة زمن، بس يبقى متدفي فى البرد، يبقى نايم فى الوقت اللى العيال بتبقى نايمة فيه، يصحى ويلعب زى العيال، لكن امشي بيه اللى رايح واللى جاي يمرمطني قصاد عينه وياريت بفايدة؟!
قولتلها:
– انتي اسمك ايه؟
رديت هي وقالتلي:
– انا اسمي هانم.
ضحكت وقولتلها:
– وربنا بكرة يريد ويكون ليكي من اسمك نصيب…لو على السكن ياستي اعتبري انه موجود، ولو على اكل العيش يبقى انا هحتاجلك تساعديني فى بيتي كل يوم ساعتين، ومتقلقيش من حاجة انتي وابنك فى عنينا.
فى الوقت ده كانت امي طالعة من المطبخ وشايلة صنية عليها خيرات ربنا وسمعتني، اتكلمت وقالت:
– بس قبل ما تطلعي لشامية تعدي عليا، متخافيش انا بيتي ايدي علطول فيه يعني مش هتتعبي معايا.
هانم دموعها بتنزل وبتضحك وبتحضن ابنها واخدته وهو فى حضنها ونزلت تسجد على الارض وهي بتقول بصوت الدموع كاسياه:
– يااااارب…كنت عارفة انك مش هتكسرني ولا تحرمني منه، ضعفت غصب عني انت عالم باللي بيحصل فيا وليك حكمة فيه، سامحني سامحني لو فكرت انك مش هتلحقني.
دموعها مع صوتها مع استسلام ابنها لكل اللى بيحصل خلوني انا كمان ادمع، وامي قالتلي:
– ربنا ساقها علشان يجازينا عنها خير، قدرنا يارب ونكرمها من كرمك علينا.
ضحكت وقولت لأمي:
– هتسكن فى اوضة عم عبده ياما، ولا ابويا يقول حاجة؟
امي:
– يلا يابت يا هانم دى اوضة الهنا كله، الحاج هيفرح اوي لما يعرف ان الاوضة دي بالذات اتسكنت للي يستاهل.
هانم كانت عايزة تبوس رجلينا بس امي وطيت عليها وسحبتها من ايديها وهى بتقولها:
– شوفي يا هانم، البيت ده كله ملك العيلة بتاعتنا، لكن السكان اللى فيه مش من العيلة…بس كلنا هنا اهل، وقت ما بتحصل حاجة بتلاقينا كلنا فى ضهر بعض، يعني متخافيش من اي حد موجود هنا، وعلى قد ما جواكي سليم ونضيف، على قد ما هتلاقي اللى مكنتيش تحلمي بيه، راعي بس ربنا فى نفسك وابنك وانتي تتفتح ليكي ابواب الخير كلها.
هانم قامت من على الارض وحضنت امي وحضنتني:
– كنت خايفة..زكنت خايفة امشي فى الطريق اللى مينفعش ارجع منه، كنت خايفة الجوع والحوجة يضيعوني، ربنا بعتكم ليا من السما، انا لو شكرته عمري كله مش هيبقى قد كرمه عليا.
ضحكت امي وقالتلها:
– اقعدي بقى علشان تاكلي انتي وابنك، الا هو اسمه ايه؟
ردت هانم وقالت:
– اسمه طارق.
امي:
– يا اسم غالي، ابني الكبير اسمه طارق، اتاري قلبي اتفتح اول ما شوفته.
وانا كمان فرحت اوى بأسمه، اصل اخويا طارق ده من زينة الشباب، فعلا اكلت هانم وطارق وبعد كده اخدتها هي وابنها وخدت مفتاح الاوضة ونزلت اوريهالها، اول ما فتحت الباب كانت الاوضة مليانة ريحة حلوووووووووووووة وكأن كان فيها بخور والع، برغم ان الاوضة مقفولة من وقت ما عم عبده اختفى الا ان الريحة دي كانت بتقول ان الاوضة مكانتش فاضية، اوضة على قد حالها اوي، لكن هي كانت مخلياهاله قصر، نضيفة وكاملة من مجاميعه، وحظ هانم ان دي تكون الاوضة بتاعتها، الاوضة اللى كانت وش الخير على اللى عاش فيها سنين قبل الوقت ده، قولتلها:
– دى اوضتك يا هانم انتي وطارق، خدي بقى راحتك وانا هجهز الغدا وابقى اجيبهولك، ومتقلقيش من اي حاجة، مش هينقصك اي حاجة.
هانم بفرحة وهي بتتفرج على الاوضة:
– ادعيلك بأيه ولا بأيه؟ ربنا يراضيكي ويغنيكي يارب، ربنا يفتكرك دايما برزقه وخيره وكرمه….
قاطعتها وانا بقول:
– اللهم امين، خلي بالك الاوضة دي وشها حلو على اللى بيسكنها، طول ما انتي مع ربنا هيكون معاكي، خلى الكلام ده حلقة فى ودنك.
هنا اتكلم طارق بصوت هاااااادي:
– اما احنا مش هنصلي؟
عيني وسعت من الفرحة:
– الله اكبر، هو بيصلي يا هانم؟
هانم بفرحة:
– اه ياست الحمد لله، والله ربنا شاهد اننا ما بنسيب فرض، حتى جوزي الله يرحمه كان بتاع ربنا، لكن اهله بقى الله يسامحهم طمعه فى خيره لأنه كان مفيش حاجة بأسمه، انتي عارفة بيوت الاهالي.
رديت عليها:
– ده طارق ده هيبقى فى عيني، كفايا انا فاكر انه عايز يصلي، هو عنده كام سنة؟
هانم وهي بتحضن طارق بأيديها:
– 5 سنين.
ضحكت وقولتلها:
– طيب اسيبكم بقى تتوضوا وتصلوا وهرجعلكم تاني.
طلعت على البيت عند امي وانا طايرة من الفرحة، اصل هي مش محتاجة حد يتعب معاها علشان يقنعها بأنها متمشيش فى طريق الشيطان، ده هي عارفة وواثقة ان ربنا كبير ورحمته واسعه، معقول بالسهولة دي؟! لقيت امي طالعالي من المطبخ وماسكة حاجات كتير فى ايديها، استغربت:
– ايه كل ده ياما؟
امي:
– بصي يا شامية، ده خزين خديه نزليه للغلبانة اللى تحت دي، مش كل ما هتبقى عايزة تاكل هتستنى اننا ننزلها الاكل، وانا طلعتلها هدمتين كده من هدومك اللى عندي علشان دي معهاش غير اللى عليها.
رديت عليها:
– طيب وطارق؟!
امي:
– يرجع ابوكي من برة واخليه ياخده يجيبله شوية هدوم يغير فيهم، ربنا يراضيهم يارب.
ضحكت وبوست امي وقولتلها:
– طيب استني هطلع البيت اجيبلها انا كمان شوية حاجات، انا عندي هدوم لسه محطيتهاش على جسمي والله ياما، بدل ما تبقى كلها كده ملبوسة وقديمة.
ضحكت امي وسابتني طلعت وفعلا شوفت ايه اللى عندي ينفعها طلعته، ومن كل الخير اللى فى بيتي منسيتهاش، ونزلت روحتلها بيه، خبطت شوية على الباب لحد ما فتح طارق ودخلني وقاللي:
– اما بتصلي.
ضحكت وانا ماسكة تفاحة فى ايدي عطيتهاله:
– طيب خد بقى كل دي لحد ما امك تخلص صلاة، تلاقيها كانت بتدعي ان ربنا يحلي بوئك.
ضحك طارق وحضني حضن خلاني اتمنى الخلفة، قاللي:
– امي بتحبني، وربنا بيحبني علشان كده عطالك التفاحة تيجي تديهالي، هو بيحبك انتي كمان صح؟
رديت وانا بضحك:
– انت ايه رأيك؟
رد بطفولة:
– بيحبك، علشان كده عطالك تفاحتي.
ضحكت وكانت هانم خلصت صلاة، عطيتلها الحاجة كلها وكانت من فرحتها مش عارفة تعمل ايه ولا ايه، سيبتها مع ابنها بقى وطلعت لأمي اخلص اللى ورايا وانا حاسة بفرحة اول مرة فى حياتي احس بيها، متخيلة هانم اللى كانت من شوية لسة بتدور على مكان ترمي ابنها فيه علشان تبقى مستعدة لأى مصير تقابله فى الشوارع اللى مالهاش فيها حيطان تدارى فيها ودلوقتي قاعدة فى اوضة مقفول بابها عليها بتعمل لأبنها لقمة ياكلها ولابسة هدمة نضيفةن وعندها مكان تقدر تسجد وتشكر ربنا فيه براحتها، الفرحة كانت مخلياني عايزة انا كمان اسجد واشكر ربنا على انه بعتهالنا احنا، خلصت وطلعت بيتي واتوضيت وصليت كتير كتيرررر لحد ما لقيته قصادي على سجادة الصلاة بعد ما سلمت:
– الخير طعمه حلو يا فيروزة.
معرفش ازاي من غير تفكير لقيت نفسي بقوله:
– الخير جماله ييجي ايه جنب جمالك يا اصلان؟ انت مش بتروح من بالي.
اصلان وقف قدامي وانا قاعدة على سجادتي لسه وقاللي:
– فيروزة، قولتلك ايه؟ انا مجرد دليل ليكي مش اكتر، وانتي مرسال بينا وبين البشر، يعني بلاش دماغك تخليكي تخسري رحلتك، انا وبنت عمي بنحب بعض، وانتي مش هتكوني اكتر من اللى انتي فيه بالنسبالي، شيلي اي حاجة من دماغك لأنها مرفوضة.
اتكسفت وزعلت جدا، حسيت بكسرة وجعت قلبي وهو لاحظ الدموع اللى فى عيني، وقف قصادي وقاللي:
– انا مش خبيث علشان اوهمك يا فيروزة، ومش عايز اخسر مكانتي ولا عشيرتي علشان خايف عليكي، انتي ليكي دنيتك، وانا ليا العالم بتاعي اللى محتاجله و مقدرش اعيش بعيد عنه، علشان كده مش هينفع اقبل تفكيرك فيا، عارف وحاسس بكل اللى بييجي فى بالك، لكن انا مش مسموح ليا غير بأني اكون دليل وبس، اكتر من كده مش هكون.
لقيت نفسي بدموع بقوله:
– انا مقولتش تحبني ولا اكون معاك، انا بس قولت اني بحب…..
سكتني لما قاللي:
– وانا مش بحب غير ابرار، ومستحيل اسمح لنفسي احب من العالم بتاعكم..
قولتله:
– طيب ما هو عم عبده اخدته واحدة من العالم بتاعكم، اشمعنى؟
رد وقاللي:
– لانها عشقته، وانا مش من الجن العاشق اللى مسموح له انه يعشق من عالم البشر، هي اختارته هو وعاشت فى انتظاره سنين، لكن انا مكنتش فى انتظارك، معشقتكيش، متمنيتش انك تكوني ليا ومعايا علشان ابقى انا وانتي زى عبده وهند، انا بحب ابرار يا فيروزة.
بالكلمة اللى قالها دي لقيت نفسي سخنت وصوتي اتغير مش عارفة ازاي وشوفت نظرته الغريبة ليا وكانت تقريبا نظرة الصدمة وهو باصصلي بذهول وانا بقوله بحدة:
– ااااااوعى تكرر اسمها قدامي تاني.
ومش عارفة ايه اللى حصل بعد ما قولت الجملة دي، كل اللى فاكراه اني فتحت عيني لقيت نفسي فى السرير بتاعي وامي واسماعيل وابويا قاعدين حواليا.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين عالمين)