رواية رحمه تقي الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة مجدي
رواية رحمه تقي الجزء التاسع عشر
رواية رحمه تقي البارت التاسع عشر
رواية رحمه تقي الحلقة التاسعة عشر
أجتمع الجميع حول الطبيب الذي ظل صامت لعدة ثواني ينظر إلى العيون المترقبه أمامه
حين وقف عبد الرحمن فى إحدى الزوايا يتحدث إلى تَقِي و أخبره بشكل سريع عن رغبة رحمه فى الجلوس معه مره أخرى و لكن ليأجل الأمر بسبب وجودهم فى المستشفى ليرجوه تَقِي أن يسمح له بالوقوف جانبهم في ذلك الوقت و الحقيقة أن عبدالرحمن لا يستطيع فعل شىء و غازي فى حاله صعبه و راضي ليس موجود فوافق عله يساعدهم بالفعل
أعطاه العنوان و أنضم إلى الباقي يستمع لكلمات الطبيب الذي قال بأسف
– الحمدلله قدرنا ننقذ المريض … لكن للأسف الحادثه كانت تركيزها على العمود الفقري و بالتحديد الفقرات القطنيه و الضرر وصل للحبل الشوكي و للأسف الحاله غير مستقره بالمره لكن كمان تأثير الحادث هيبان لما يفوق و نقدر نحدد الأمر بشكل أكثر دقه
أقترب غازي خطوة واحده من الطبيب و قال
– تقصد أيه ؟ يعني أيه حصل ضرر فى الحبل الشوكي ؟
– يعني ممكن تكون النتيجة شلل نصفي
أجاب الطبيب بطريقة عمليه لتعلوا الشهقات المصدومة و تراجع غازي عدة خطوات حتى جلس على الكرسي و كأنه جبل شاهق الأرتفاع ينهار بالكامل و مع أنهيار جسده فوق الكرسي كانت دموعه تسبقه على وجنته ركضت رُبىٰ إليه تمسك بيديه تحاول أن تواسيه لكنها لا تجد الكلمات و كلما فتحت فمها أغلقته من جديد
و كان الباقي يقف فى حاله زهول و صدمه غير قادرين على قول أي شىء
لكن عبدالرحمن همس بصوت لم يسمعه أحد
– يا ترى كنت جاي عايز أيه يا ماهر ؟
و كان نفس السؤال يدور داخل عقل رحمه التي تشعر بالصدمه و الزهول و الحيره
~~~~~~~~~~~~~~~~
غادرت ريحانه المستشفى و صعدت إلى السيارة و أخبرت السائق أن يتوجه إلى البيت ليسألها السائق مستفهماً
– بيت الحج عبد السميع ؟
– لأ بيتي
أجابته بغرور و تكبر لينفذ السائق رغبتها بصمت … حين وصلت إلى البيت دلفت أمام نظرات الصدمه من الفتايات العاملات في البيت لكنهم لا يستطيعون الوقوف أمامها و كل ما فعلته أحدهم أنها حاولت الإتصال بغازي لكنه لم يجيب
صعدت مباشرة إلى غرفة راضي لكنها لم تجده و حين غادرتها وجدت فتاه غريبه تغادر غرفة ماهر أوقفتها بطريقتها الآمره
– أقفي عندك . أنتِ مين ؟
– أنا ممرضة الحج راضي
أجابتها الفتاة بهدوء و أدب لتقطب ريحانه حاجبيها و هي تنظر إلى الفتاة من رأسها إلى أخمص قدميها بتقيم فتاة رقيقة جميلة بشكل مميز عيونها عسليه لامعه و شفتيها ورديتان دون أي صبغات يلف وجهها حجاب أبيض و يحاوط جسدها الصغير فستان وردي و حذاء أبيض صغير
لترفع ريحانه رأسها بغرور و قالت باستفهام
– مين إللى جابك هنا ؟
شعرت الفتاة بالتوتر و أجابت بخفوت
– أستاذ غازي طلب من الدكتور محسن ممرضه علشان الحج راضي
أشارت لها أن تنصرف و قالت بغرور
– أقعدي مع الخدامين تحت لحد ما أندهلك
و تركتها و دلفت إلى الغرفة ليرتسم الضيق على ملامح (وهاد) و نزلت درجات السلم و هي تفكر من هي تلك السيدة و لماذا تتحدث معها بتلك الطريقة
و حين أنهت دراجات السلم جلست على أقرب كرسي لتقترب فوزيه أكبر الفتايات العاملات فى المنزل و التي سمعت ما دار بين (وهاد) و ريحانه و ربتت على كتفها و قالت
– متزعليش يا ست دي الست ريحانه مرات الحج راضي أو إللى كانت مراته يعني هي كده مناخيرها فى السما و العنتظه راكباها
لتقول وهاد بهدوء و أدب
– أنا معملتش حاجة علشان تتكلم معايا بالشكل ده
لتربت فوزيه على كتف وهاد مره أخرى وقالت
– معلش متزعليش الحج راضي و ولاده مفيش أطيب من كده … و هي أصلا خلاص سابت البيت بس مش عارفه أيه إللى جابها دلوقتي هنا
لتخفض وهاد رأسها تنظر إلى ساعة يديها و قالت
– تيجي أو متجيش أنا مليش دعوة أنا هنا علشان أراعي الحج راضي و بس
و في غرفة ماهر … وقفت ريحانه أمام السرير تنظر إلى راضي الممدد بلا حول و لا قوة موصول بيده المحاليل المغذية … و وجهه شاحب بشده
إبتسمت بشماته كبيرة و دارت حول السرير لتجلس بجانبه من الجهه الأخرى و جوار أذنه همست بصوت مسموع
– موت يا راضي … موت و أنت مذلول و مكسور … موت بعد ما قولت إنك مش راجل و دلدول … موت ياللي عمري ما شوفت معاك يوم حلو … بعد ما أخدت عمري و صحتي و شبابي و ولادك إللى شلتهم فى بطني و ربتهم الحيوانات إللى بقو يكسروا كلامي و خرجوا عن طوعي… موت عشان أشمت فيك براحتي و وعد عليا يا راضي يوم ما تموت لدور فى البلد كلها أزغرد و أوزع شربات على روحك
ثم تفلت فى الهواء و هي تقول
– في داهيه ربنا ياخدك
ثم غادرت السرير و أقتربت من المحلول المغزي و فصلته عن ذراعه و ضحكت بشر و غادرت الغرفة نزلت درجات السلم بهدوء شديد و غرور و وقفت أمام وهاد وقالت
– مش عايزين خدماتك تقدري تمشي
شعرت الفتاة أن هناك أمر مريب فى تلك السيدة … كيف تتصرف بذلك الغرور و التحكم رغم أن فوزية أخبرتها أن الحج راضي قد طلقها … ذلك الحقد الواضح فى عيونها و الغرور و التكبر جعل الفتاة تقول كذبًا
– هطلع أجيب شنطتي و أمشي
و تحركت لتصعد إلى فوق تتابعها نظرات ريحانه وكما توقعت حين صعدت إلى الأعلى و وجدت المغزي منفصل عن ذراع الحج راضي أسرعت تعيده إلى مكانه و أخرجت هاتفها من الحقيبة و إتصلت بالطبيب و أخبرته بكل شيء ليطلب منها مغادرة البيت و لكن لتظل قريبه و هو سوف يعاود الإتصال بها
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
– غازي لازم تشد حيلك وتقف على رجلك بسرعه … أخوك محتاجك و والدك كمان
رفع عينيه ينظر إليها و قال
– أنا مش قادر من كتر الصدمات يا رُبىٰ … حاسس إني مبقاش عندي طاقة و لا قدره على التحمل اليومين دول كشفوا حقايق كتير و ناس كتير. اليومين دول أصعب أيام مرت عليا
أمسكت يديه و هي تقول
– أنا جمبك و معاك … و مع بعض ان شاء الله هنعدي الصعب كله
إبتسم إبتسامة صغيرة لتكمل كلماتها
– و بعدين ان شاء الله ربنا هيشفي أخوك و هيطمنك علي والدك كمان
كاد أن يجيبها إلا أن هاتفه عاد يعلو رنينه من جديد ليخرجه من جيب بنطاله … وقف سريعاً حين وجد أسم الطبيب الخاص بوالده ينير شاشته
إجابه سريعاً و جحظت عيناه بصدمه مع كل كلمه ينطقها الطبيب
و دون كلمه ركض سريعاً حتى أن عبائته سقطت عن كتفه و لم يهتم لأمرها
كان يقود سيارته بسرعه كبيرة كان ما وصفه الطبيب له يرتسم أمام عينيه و الرعب يسكن قلبه وروحه
صوت توقف السيارة جعل جميع سكان البيت ينتفضون على أثرها برعب
ترجل منها و لم يهتم بغلق الباب خلفه و دلف سريعاً إلى داخل البيت لم يجد والدته و لكنه قابل فوزية فسألها لتخبره أنها بغرفة الحج راضي
صعد درجات السلم و كاد قلبه أن يتوقف من الخوف حاول فتح الباب و لكن وجده مغلق. ليضربه بكتفه و من أول مره فتح الباب أثر الضربة القوية من كتفه العريض ليجد والدته تمسك بوساده و تحاول الأقتراب من والده و كتم أنفاسه ليصرخ باسمها لتنظر إليه ليصدم من ذلك الشر و ملامح والدته الذي لم يتعرف على ملامحها من كثرة الغضب و الحقد
أقترب منها و هو يقول بصدمه
– أنتِ بتعملي أيه هي وصلت لكده عايزه تموتيه
صمت لا يستطيع تجميع الكلمات فرد ذراعيه بجانبه و هو يقول
– الأول شمتي فى حادثه ماهر … و دلوقتي عايزه تموتي أبويا أنا مش فاهم أنتِ ليه بتعملي كده ليه ؟
ألقت الوساده من يدها و وقفت أمامه بغرورها و نرجسيتها التي تعدت كل الحدود و قالت
– كل حاجة بتاعتى أنا … الفلوس و أبوك و أنت و أخوك ملكي …. أنفاسكم و حياتكم كل حاجة ملكي و من حقي و مش هقبل أبداً أني أخسر أنت فاهم
– حق أيه ؟ و مين إدالك الحق ده ؟ ده ربنا إللى خلقنا أدانا حرية التصرف رسم لنا طريق الصح و الغلط و علمنا الخير فين و الشر فين و سابنا نختار …بآي حق بتقولي إننا ملكك بآي حق بتقولي أن كل حاجة في أيدك أنتِ
أجابها بزهول و عدم تصديق من كلماتها الغير مستساغه و الغير مفهومه … و خاصة من تلك الثقة التي تتحدث بها و كأنها بالفعل صاحبة الحق
أكمل كلماته و هو يقول
– أنتِ أمنا صحيح بس متملكيش حياتنا … طاعتك واجبه لكن إحنا كمان لينا حق نحقق رغباتنا … الفلوس دي ورث أبويا إللى ورثه عن أبوه و تعب و شقي علشان يكبره و يزوده يبقى حقك منين
– ليه ؟ و أنا كنت مجرد خدامه هنا … أتجوزني علشان أخلفله عيال أول ما تكبر تقف قدامي و تكسر كلمتي و كمان مليش حق في فلوسه بأي شرع و دين ده ….. ده ربنا كرم المرأة أداها حقوق كتير و أنتوا عايزين تنكروها
قالت كلماتها بعصبيه كبيرة و غضب ثم أقتربت منه و بكلتا يديه ضربت كتفيه بقوة و قالت
– أنت السبب خربتها و قعدت على تلها … مش مسمحاك و من النهاردة لا ليك أم و لا تفكر في يوم أني هسامحك غضبانه عليك ليوم الدين و عمرك لا هتكسب و لا هتربح في حياتك و بكره عيالك يعملوا فيك زي ما عملت فيا
و تركته و غادرت البيت ليظل واقف مكانه لا يعلم سبب ذلك الغضب و الكره و بماذا أخطىء حتى تقول له كل تلك الكلمات القاسيه ماذا فعل
لكنه تمالك نفسه سريعاً و ركض إلى الخارج و قبل خروج والدته من باب البيت نادا الحارس بصوت عالي و أخبره و غصه قويه و مؤلمه يشعر بها داخل حلقه و قلبه
– الست ريحانه متدخلش البيت هنا تاني طول ما الحج راضي راقد تعبان
ألتفتت تنظر إليه بغضب ثم تفلت على الأرض و سارت بشموخ حتى صعدت إلى سيارتها و غادرت البيت ليعود إلى سيارته و أتصل بالطبيب حتى يعيد الممرضه كما أتفق معه
و خلال دقائق بالفعل كانت وهاد تدلف من باب البيت ليوصيها بوالده و أخبرها سريعاً أنه سوف يظل فى المستشفى حتى يطمئن على أخيه و أعطاها رقم هاتفه حتى إذا حصل أي شيء تتصل به مباشرة
و عاد سريعاً إلى سيارته حتى يعود إلى المستشفي
~~~~~~~~~~~~~~
فى لحظة أنقلب الحال و ركضت الممرضه مغادره غرفة الرعاية و وجهها يرتسم عليه الذعر و بعد ثواني عاد الطبيب و المساعدين و الممرضه يركضون إلى الغرفة أجتمع الجميع حول النافذة الصغيرة في نفس اللحظة التى وصل فيها غازي ليشعر أن الدنيا تدور به و يكاد يفقد وعيه من كثرة الضغوط و المصائب المتتاليه
و خلفه كانت سعادة و والدها و أبن عمها غيث الذي لأول مره يظهر تعاطف على ملامحه و عدم التصديق و بعض الشفقه حين وقعت عينيه على غازي
و بداخل الغرفة كان الجميع يلتفون حول سرير ماهر الذي كان في عالم آخر
لم يكن يوماً سعيد كما هو الأن …. الأن فقط قد سقط عنه كل غروره و جبنه و اليوم فقط أصبح حر
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)