روايات مجمعة

رواية رجل يعني ذئب كاملة مجمعة (جميع فصول الرواية) بقلم آية سيد

موقع كتابك في سطور

رواية رجل يعني ذئب كاملة مجمعة (جميع فصول الرواية) بقلم آية سيد

فصول الرواية

الفصل الأول

في قصر كبير ضخم غايه في الفخامه والرقي
في داخل غرفه واسعه
وعلي سرير أبيض أغطيته ورديه..
وضعت منال توأمها
والذي دب صراخهما العالي
في أرجاء القصر حال تشرفيهم لذلك العالم الجديد عليهم..
هما فتاتان رقيقتان في الملامح كوالدتهم السيده منال..
والتي تكون من أكبر سيدات الاعمال وكذلك زوجها السيد مالك فتلك هي عائله الزهار المعروفه برقيها وثرائها الفاحش..
أبتسمت منال بوهن وهي تضم ابنتيها التوأم الي صدرها بعاطفه اموميه جياشه..
وأخير ستملئ الفرحه ارجاء القصر بعد معاناة السنين وحرمانهم من الاطفال طوال هذه المده..
خمس سنوات..
خمس سنوات مرت منذ الزواج العريق بين العائلتين عائلة السيده منال وعائلة السيد مالك لم يرزقهما الله بأطفال حتي الان
لكن واخيرا وبعد سنوات من الانتظار رزقهما الله بتوأم..
اقترب منها مالك وعيونه كادت ان تدمع من الفرحه فجلس علي طرف السرير وعينه معلقه بالرضيعتين..
فناولته منال بأبتسامه احداهن
فتلقفها منها بأنامل مرتعشه فهو في حياته لم يحمل رضيعا بهذا الحجم الضئيل ابدا..
هو خائف من ان يكسر جسدها الغض الصغير بين يديه الخشنتين
لتبتسم له منال بعذوبه هامسه وعيناها معلقه بعين زوجها الفرحتين: هنسميهم إيه..
ليبتسم لها هامسا: زهره و نوران
فتبتسم وعيونها تغرد من الفرحه: زهره و نوران اسماء جميله.. وانا موافقه يا أبو زهره ونوران..
كم أشتاق ان يكون اب وأخيرا تحقق ما يريد واصبح أبا لفتاتان رائعتان وقمه في الجمال
بعد قليل أتت أبتهال شقيقتها لزيارتها مع زوجها المصون سالم الجندي
وهو من أكبر رجال الاعمال الذين لهم وزن وقافيه في البلد
حيث كان الصغير آسر يمسك بكفها الايمن وعمره يناهز السنتين
فأعطي مالك الرضيعه لمنال لتتلقفها منه برفق
ثم ينهض ليتجه نحو صديقه ليحتضنه بعمق
فيهمس له سالم بأبتسامه مداعبا له: مبروك يا أبو البنات..
مالك: بنات بنات المهم اني بقيت أب وخلاص..
سالم بحب: يتربوا في عزك يا مالك وتعيش لحد ما تشوف عيال عيالهم..
مالك: تعيش يا سالم وبعدين انا مش هوديهم بعيد..
ثم مال مالك حتي وصل لمستوي الصغير ليحمله عاليا في الهواء بين يديه ويقترب به من الرضيعتين..
مالك بأبتسامه مداعبه: هااا يا آسر هتختار مين منهم عشان تكون عروستك..
كان الصغير ينظر ببلاهه وذهول للرضيعتين وفمه مفتوح.. فهو لا يفهم شيئا
لذا ضحك الاربعه علي منظره
لتهتف ابتهال بدورها: سميتهم إيه يا مالك..
مالك: زهره ونوران..
ابتهال : يا تري مين زهره ومين نوران..
ليشاور لها علي الرضيعه التي ترتدي ملابس بيضاء : دي هتكون زهره..
والاخري ذات الملابس الورديه: ودي هتكون نوران..
ابتهال بأبتسامه: كويس انهم مش طلعو توم متطابق إلا كنا احتارنا بينهم.. بس بصراحه الاتنين أجمل من بعض وخصوصا زهره..
بعد مرور أيام
اضواء صاخبه.. موسيقي راب وغيرها… همهمات وضجه فاجعه.. وخدم يجولون هنا وهناك
ليلبو طلبات الضيوف فاليوم هناك حفله ضخمه صُنعت خصيصا للرضيعتين احتفالا بمجيئهم..
وكان سالم ومالك وهم صديقان منذ سنوات يتنقلون بين الضيوف
هنا وهناك للترحيب بهم علي أكمل وجه..
بعد قليل كان الصديقان يتوجهان لمكتب مالك بعيدا عن ضجة الحفله وضوضائها
داخل المكتب الفخم والذي تنم كل قطعه به عن ذوق عالي ورقي واصاله نادره..
سالم: لو توفيق الضاهر ما أخدش الصفقه دي.. ممكن يسببلنا مشاكل كبيره في الشغل.. ارضي المره دي وخلي الامور تعدي..
مالك بثبات: لأ لو عمل اللي بردوا مش هياخدها.. علي جثتي لو طال حاجه منها.. وبعدين يعمل اللي يعمله احنا لا بنسرق ولا بنرتشي عشان نخاف منه..
سالم: كنت متوقع ردك ده.. لسه عنيد يا مالك ولسه زي ما انت لما بتصمم علي حاجه بتنفذها.. حتي السنين اللي فاتت دي ما غيرتش فيك ولو حاجه بسيطه..
*****
في الاعلي داخل الغرفه الواسعه
حيث كانت منال وابتهال تقفان أمام المرآه لتنهيا لمساتهم الاخيره
وكانت الرضيعتان كلا منهما تقبع علي سرير وردي في غرفه آخري خاصه بهما وبجوارهن الداده فاطمه التي عُينت خصيصا للأعتناء بهم.
اما الصغير آسر فترك كف امه ليتوجه لغرفة الرضيعتين
وامام سرير زهره والذي ينخفض قليلا لمستواه
وقف امامه وظل يتطلع إليها ثم امتدت كفه لتمسك بكفها الصغيره جدا عن كفه
لتبتسم له فيبتسم هو…
……….
اما علي جانب اخر بعيد جدا
هتف توفيق للرجل الذي يحادثه علي الهاتف: بقي انا شايط هنا وهما عاملين حفله وفرحانين.
صمت قليلا ليتدارك غضبه ثم أكمل : خلي الحفله بتاعتهم تتقلب لميتم.. اخطف بنت من بناته بس من غير ما حد يحس بيك انت فاهم ..
بعدها يينهي المكالمه ويضع الهاتف بثبات علي سطح المكتب ثم ينفث سيجاره لأعلي بأستمتاع حيث يتطاير الدخان
ليهمس: طيب يا مالك يا زهار انا وانت والزمن طويل..
بعدها أخذ يقهقه كشيطان آخرج آدم من جنته…
******
في القصر..
تسحب ذاك الرجل وهو يتنكر بملابس سيده حتي يظنه الجميع من احدي خادمات القصر
ودون ان يشعر به احد تسلل لاعلي حيث الجميع ملهي بأجواء الحفله وكذلك مالك وسالم وايضا منال وابتهال
لا يعلمون بتلك الافعي التي ستسرق منهم أغلي فرحتهم..
ظل يترقب خروج الداده وبالفعل خرجت لتلجلب بعض الحليب للرضيعتين
وهو أنتهز الفرصه
وبسرعه ذهب لغرفة الرضيعتين
وبالداخل وقف محتارا امام الرضيعتين
من يأخذها معه منهن..
وعندما سمع خطوات قادمه
بسرعه حمل احداهن بين يديه وغطاها تحت الوشاح الذي يرتديه
وسار يبتعد عن الغرفه باقصي سرعه
ويهبط درجات السلم بأقصي سرعه وامام القصر
كانت هناك سياره بأنتظاره
وهرب هرب مع الرضيعه
هرب ب زهره بعيدا عن حضن والديها…
هرب بها لتسقيها الايام من قسوتها ومرارتها..
لكن هذا قدرها ان تُحرم من والديها وهي مازلت ابنه السبعة أيام…
وبعدها دوت صرخه عاليه في ارجاء القصر كانت صادره من منال عندما اكتشفت غياب طفلتها لتفقد بعدها الوعي غير مصدقه للواقع الاليم..
فهي لم تفرح بعد بها لم تتشبع من ملامح وجهها ..
فكيف يبعدوها عنها هكذا..
آه يا ابنتي آه
آه من حزني وويلكي من غدر الايام وشر النفوس من الناس
وهكذا غابت الفرحه عن قصر آل الزهار
بفقدانهم توأم نوران
زهره مالك الزهار
سليلة الحسب والنسب الراقي
فماذا تخبئ الايام لها؟؟؟؟
……………….

يتبع….

الفصل الثاني

بعد مرور سبع سنوات
في غرفه مظلمه تغلفها البروده من كل ناحيه
تستلقي طفلتنا زهرة ذات السبع اعوام علي بلاط الارضيه وهي تنكمش علي نفسها من شدة البروده وتصك اسنانها ببعض بأرتعاش
فهي منذ ايام وهي حبيسة في تلك الغرفه الموحشة شديدة الرطوبه..
لتفتح سيده في منتصف القرن الثالث من عمرها الباب فتتسلل بعضا من اشعة النور للغرفه..
هي سيده ليست ذات قوام رشيق إطلاقا بل ان جسدها ممتلئ بعض الشئ كما ان وجهها ممتلئ بكدمات آثر سكينا او ما شابه ذلك بحيث يبدو مخيفا جدا للاطفال
لتهتف بصوتها المخيف لتلك المسكينه الراقده علي الارضيه لا حول لها ولا قوه: انجري يا بت ادامي سيد المعلمين عطاكي أفراج…
لتنهض الطفله بتعب ثم تهمس لها بانهاك وخفوت: والنبي يا معلمه انا جعانه وعايزه اكل اديلي يومين مدقتش طعم الاكل..
المعلمه والتي تسمي سميحه القط: اخرسي يا بت.. بقي ليكي عين وعايزه تتطفحي وانتي وجودك زي عدمه.. وكل شغلانه تشتغليها لازم تفشلي فيها بأمتياز..
كانت ملامح الطفله باهته وشفتاها مزرقه ومن ينظر اليها يظنها شبحا مميتا خرج للتو من قبره..
الطفله: والله يا معلمه هنفذ بعد كده كل اللي تقولولي عليه بس وحياة المعلم عندك توكليني..
تمسكها تلك القاسيه عديمة الرحمه والانسانيه من معصم يدها بغلظه وتجرها لخارج الغرفه..
وامام رجل يجلس علي كرسي تلقيها بعنف حتي تسقط عند قدميه علي الارض..
فيهتف الرجل بغلظه وصوته المخيف : فيه ايه يا قط علي الصبح ..البت دي زعلتك في حاجه تاني..
سميحه بجبروت: البت مقصوفة الرقبه دي اللي مش عارفه حدفوها علينا من اي داهيه.. ليها عين تتكلم وبتقولي عايزه تاكل دي اللي بتجيبه من الشغل ميجيش ربع اللي بيجبوه المقاطيع التانيين.. وقال ايه عايز تاكل.. مش لما تعملي بلقمتك الاول يا بنت ال … ولا بلاش..
لتنهض الطفله وتقبل يد المعلم الممسكه بخرطوم الشيشه هامسه برجاء ودموع: جعانه يا معلم وعايزه اكل.. وانا والله هشتغل اليوم بطوله وهرجعلكم بسبوبه كويسه..
كان ذاك الرحل يجلس علي الكرسي وهو يمسك بيده خرطوم شيشه وينفث دخانه لاعلي بتملك كأنه ملك يجلس علي عرش مملكته..
وبجواره جلست سميحه القط لتلتقط هي الاخري خرطوم الشيشه وتنفث دخانه لاعلي بأستمتاع
كأن قلوبهم صُنعت من حجاره وغُلفت برخام..
فكيف يرونها بتلك الحاله ولا تتحرك قلوبهم نحوها قيد انمله
لينادي بصوته الجهوري علي عزيزه
وهي فتاه في مقتبل العمر تحضر لهم الطعام وتنظف المكان بالاضافه لتحضير الشيشه التي يشربها الاثنان ومشروبات كالشاي والقهوه وغير ذلك..
المعلم وهو يضع ساق فوق الاخري وكرة البلياردوا هذه تتدلي لاسفل نقصد بهذا (كرشه الضخم)
فهو رجل ثمين للغايه ذو ملامح قاسيه ومخيفه
ويسمي لمعي أبو شنب
لمعي: حضريلها لقمه تاكلها بس مش أوي لقمتين كده خفافي عشان تروح لشغلها خفيف خفيف.
حسبي الله ونعم الوكيل طفله لم تتعدي سبع اعوام ولم تذق الطعام منذ يومين ..فقط تأكل لقمتين من الطعام.اي قلوبا هذه التي يمتلكونها.
عزيزه بخنوع: أمرك يا معلم..
ثم تنظر للواقفه هاتفه بغلظه: يلا بت معايا.
لتذهب معها الطفله..التي تكاد تفقد توازنها من قلة الاكل
********
علي عكس ذاك المكان المتواضع للغايه..
في قصر فخم وكبير ينتمي لآل الزهار
كانت الداده تمسك بيدها الطبق الذي به طعام وتجري وراء نوران التي ترفض تماما تناول المزيد من الطعام.
الداده بأنهاك : يا بنتي تعالي هنا غلبتيني معاكي.. تعالي بس كلي لقمه واحده وخلاص بعد كده..
نوران ببراءه: لا يا داده انا زهقت من الاكل وخلاص معدتي اتملت
الداده وهي تزفر بضيق: طيب متتحركيش من هنا.. هروح اجيبلك مشروب الشيكولاته بتاعك وهرجعلك علطول..
نوران : حاضر يا داده..
ثم لمحت من بعيد أخاها ذات الخمس اعوام ونصف وهو يعبث بألعابه..
لذا اقتربت منه بمكر حتي وقفت خلفه وبسرعه انتشلت اللعبه التي كان يلعب بها من بين يديه ليصرخ وهو يبكي
أسمه سليم
سليم ببكاء: هاتي لعبتي..
نوران بعند: لأ
بعدها نهض ليتوجه لغرفة والدته ليشكل لها فعلة اخته
في الغرفه الواسعه.
كانت منال جالسه علي الاريكه رهي تضع ساعدها أسفل ذقنها تنظر بشرود للخارج من خلال النافذه حيث الحديقه الواسعه الممتلئه بأنواع الزهور والخضره الزاهيه
وعلي جانبها الايمن
صوره في إطار لطفله رضيعه ترتدي ملابس ورديه رائعه ومعلق في رقبتها قلاده من الالماظ الثمين لم يمهلها الزمان وقتا حتي تتشبع منها ومن ملامحها
هي ابنتها زهره التي لم تغب عن عقلها وقلبها طوال هذه السنين التي مرت.. وفي كل مره تتذكرها يحترق قلبها اكثر وأكثر عليها
فقد بحث مالك كثيرا عنها وكذلك الشرطه بذلت مجهود مضاعف لأيجادها لكن في النهايه لم يتم العثور عليها حتي تناست العقول وانشغلت العيون وباتت هي في حسره لفقدان رضيعتها التي لم تتشبع بعد من بحر امومتها..
مرت سنتان علي وفاة زوجها مالك وهي الان تبكي حسره ودموع لفقدان اغلي اثنان علي قلبها ابنتها وزوجها الحبيب..
مسحت دموعها علي الفور عندما سمعت صراخ الصغير سليم خلفها
فأستدارت له بأبتسامه واهنه لتهمس: خير يا حبيبي بتبكي ليه..
سليم ببكاء طفولي: نور خدت مني اللعبه
ليأتيه صوت نوران ببراءه: بصي يا ماما انا عايزه العب معاه باللعب بتاعته..
لتزفر بضيق وهي تقترب من نوران هامسه: هاتي اللعبه يا نور..
نور وهي تناولها اللعبه بأمتعاض:اتفضلي ..
فتعطيها ل سليم بابتسامه فتتهلل ملامحه ويخرج لسانه ل نوران مغيظا إياها بعدها يذهب ليتابع لعبه..
فتنحني منال لمستوي ابنتها المغتاظه هامسه برقه: نوران امتي بقي هتبطلي شقاوتك دي.. وبعدين قولتلك مية مره بلاش تضايقي سليم لانه صغير يا حبيبتي بل بالعكس احتويه وقربي منه..اوكيه يا نور.
.
نور بأستسلام: اوكيه يا مامي..
*****************
في جنينه واسعه
كان هناك صغير يستلقي بأريحيه علي العشب الأخضر ويضع ساعده اسفل رأسه ويده الاخري تمسك بكتاب يقرأه بتمعن
عندما وقفت امامه طفله تحك قدميها ببعض بأرتباك
فلمحها وقال بعدم مبالاه: خير يا نداء واقفه كده ليه
نداء بأرتباك ووجها محمر من شدة الخجل : اصل اصل..
بعدها مدت يدها له علي الفور بورده حمراء
الطفل بحاجبين مقطبين: ايه دي..
نداء: الميس بتاعة الفصل بتاعنا قالتلنا اننا ندي الورده دي لحد غالي علينا
صمتت لتهمس بتلبك: وعشان كده جيت اديهالك..
ليستقيم جالسا ويأخذ منها الورده
ثم يظل يتمعن اليها بعدم مبالاه بعدها
ثم فجأه يلقيها علي الارض امامه بل لم يكتفي بفعل ذلك فقط بل انه نهض من مكانه ليدهس بقدمه علي الورده بكل قسوه
فيهتف لها بسخريه وكل برود: دي لاني بكره الورود وخصوصا انها ملهاش قيمه..
بعدها يتركها ويذهب
لتظل هي متسمره في مكانها بذهول ثم تتجه نحو الورده الملقاه علي الارض لتتلمس شظاياها المتبقيه منها بدموع..
اما الطفل فذهب لوالدته هاتفا بغلظه : ماما.. مش يلا بقي نمشي من هنا..
لتجيبه فاطمه: حاضر يا غالب ثواني وهنمشي وكمان هتصل بباباك يجيبلنا العربيه توصلنا..
فيجلس بتأفأف علي الاريكه
وأمتعضت ملامحه عندما رآها
لتقترب منه بغنج هامسه: ازيك يا ابن انكل حاتم..
غالب ببرود وهو يكتف ذراعيه: اللي يسلمك يا بنت اونكل مروان..
لتنظر له بغرور وهي ترفع احد حاجبيها لتتركه بعد ذلك وتذهب للخارج..
أقتربت من اختها الباكيه لتهمس: قولتلك انه ممكن يعمل معاكي كده.. يا بنتي ده مغرور انا مش عارفه انتي مهتمه بيه علي ايه..
نداء بدموع وخيبة امل: انا مش مهتميه بحد انا بس قدرته كصديق عن اذنك..
لتتركها وتذهب فتهمس سلمي وهي تراقب طيف خيالها الراحل: عليا بردوا الكلام ده يا ندوش دا انا عارفاكي كويس..
نداء سلمي وغالب كلهم ابناء عمومه..
نداء وسلمي مروان الدمنهوري
ابنتي رجل من كبار رجال الاعمال
وكذلك غالب حاتم الدمنهوري ابن حاتم الدمنهوري شريك اخيه مروان الدمنهوري في شركه الدمنهوري العريقه…
*******

يتبع….

الفصل الثالث

مجموعه من الاطفال يعملون تحت إمرة القط وأبو شنبب وهم لا يعرفون عن الرحمه شيئا البته.
ونال القدر ذهبيته لتكون زهره ضمن هؤلاء الاطفال الذين يسرقون وينتشلون الناس لأجل ألا يعودوا خالين الوفاض لتلك العصابه عديمة الرحمه..
فأن عاد طفلا دون شئ يرضي جشع القط يعذبه ويحبسه داخل غرفه مظلمه كما فعل مع زهره قبلا بل ويحرمه من الطعام لأيام..
كانت هي وبطه
يجوبون الشوارع عبثا بحثا عن وليمة سرقه جديده..
فعملهم هو سرقة الكحل من أعين الناس.. هذا ما ترعرعوا عليه..
عندما وقفت زهره ومعها وقفت بطه وهي طفله صغيره في نفس عمرها تربت معها في ذاك المكان البغيض والذي عباره عن مأوي لايصلح حتي للحيوانات العيش به.. فكم يشربون به أنواع من المخدرات الممنوعه امام أعين الاطفال..
بطه: وقفتي ليه يا زهره..
زهره: تعبت أووي يا بطه تعالي نقعد علي الرصيف هنا ونستريح شويه…
بطه: لو أتأخرنا المعلمه ممكن تموتنا يا زهره..
زهره: متخافيش مش هنتأخر..
لتجلس بطه بجوار زهره علي جانب الرصيف..
بعد قليل تتطلع زهره حولها
وخلفها لتجد ان ما يقبع خلفها هي مدرسه لتعليم الاطفال في نفس عمرها هي وبطه..
لتنهض زهره وتتجه نحو سور المدرسه..
فتقف بطه بحيره هامسه: رايحه فين..
زهره وعيونها تلمع من الفرحه: انتي عارفه دي إيه.. دي مدرسه.. انا طول عمري بسمع عنها بس ولا مره شفتها.. انا نفسي اشوف شكلها من جوه هيكون ازاي..
بطه: بس كده هنتأخر..
زهره بعدم مبالاه: تعالي بس..
بطه وهي تتمتم بخوف: الله يخربيتك يا زهره هتودينا في داهيه…
بعدها تتجه عندها بأستسلام..
اما زهره فبخفتها المعهوده استطاعت تسلق السور وساعدت بطه علي تسلقه ايضا..
ثم تسلل الاثنان لداخل المدرسه بخفيه وهدوء حتي لا يراهما أحد.
فتقف امام نافذه من ينظر اليها يري تلك المعلمه وهي تدرس للأطفال أمامها..
فكانت تراقبهم بصمت من وراء الزجاج وكم كانت تتمني ان تكون مثلهم..
ان يكون لها حق التعليم مثلهم..
زفرت بضيق وهي تتذكر مأساتها فهي بالطبع ليست مثلهم ولن تكون ابدا مثلهم… فهم بالتأكيد يمتلكون والدين محبين
اما هي فلا تمتلك شيئا البته..
لكن استافقت من كل احلامها الورديه بوخزه من بطه التي تقف جوارها بتأفأف..
بطه بهمس: مش يلا بقي.. وربنا هنضرب النهارده بسببك.. انا إيه بس اللي خلاني اوفق انزل واسرق معاكي ما كنت سرحت مع التانيين وريحت نفسي..
زهره: هششش.. وطي صوتك لحد يسمعك..
شاهدت طفلا ينهض ويتجه نحو المعلمه..
عندما نادته المعلمه قائله: آسر تعالي يا حبيبي أشرح لزمايلك انت كتبت ايه عن الموضوع اللي كلفتكم بيه..
وبالفعل تفوق آسر في شرح كل ما كتبه بطلاقه هائله..
جعلت المعلمه تشيد بذكاءه النادر وصفق له جميع من في القاعه..
هتفت بطه بتذمر : زهره الله يخربيتك احنا كده ميعاد مروحنا للمعلمه قرب واحنا لسه ما نشلناش (سرقه) حاجه من حد.. وربنا هتوديني معاكي في داهيه..
زهره: اصطبري علي رزقك..
فتكتف بطه ساعديها بضيق: اديني صبرت أما اشوف آخرتها معاكي..
بعد قليل
زهره: يلا ندخل..
بطه : ندخل فين افرضي حد شافنا..
زهره: متخافيش انا سامعه المدرسه وهي بتقولهم يطلعوا فسحه ودلوقتي مفيش حد في الفصل.. يلا بسرعه ندخل قبل ما يرجعوا
بطه: طب ليه ندخل..ما يلا نمشي بدل ما يشوفونا ويعلقونا في السقف زي ما المعلمه بتعمل معانا
زهره: أجمدي بقي وبطلي رغي.. مش انتي عايزه ترجعي بسرقه محترمه عشان ميضربوكيش..
بطه: آه..
زهره: خلاص يبقي يلا ندخل.. شكل العيال دول ولاد ناس اغنيه ومتريشين واكيد لو سرقنا كل اللي في شنطهم هنطلع منهم بسبوبه حلوه..
بطه: تمام اشطا…
وبالفعل تسلقت زهره النافذه حتي صعدت ونطت منها علي بلاط القاعه بخفتها المعتاده وكذلك بطه..
زهره: روحي اقفي عند الباب وراقبيلي السكه.. بس اوعي حد يشوفك..
بطه: ماشي
واول ما فعلته زهره هو انها توجهت ناحية حقيبة ذلك الطفل
آسر..
لكن بطه انشغلت بسرقة باقي الحقائب وغفلت تماما عن مراقبة الطريق..
وزهره كانت تخرج كل محتويات حقيبة آسر..
وجدت بداخلها صوره لطفله رضيعه ترتدي ملابس ورديه وايضا صوره لسيده وبجانبها طفلان صبي وفتاه تشبهها الي حد كبير وكذلك صوره له وهو يقف بجوار رجل وسيده وطفله اصغر منه
واستنتجت ان هذه ربما تكون اسرته..
اما الصوره الاخري فلمن وماذا يقربون له.. وتلك الرضيعه التي يحتفظ بصورتها من تكون ؟؟؟
(صورة زهره وهي صغيره علي فكره)
وأيضا وجدت بداخل الحقيبه حفنه من المال كما أعتقدت فأيضا اخذتها مع الصور
لكن فجأه تبعثرت منها كل الاموال والصور علي الارض
عندما اتاها صوتا طفوليا من خلفها: انتوا مين..
كان ذلك هو آسر.
هربت بطه علي الفور من امامه وقفزت من النافذه للخارج
لتبقي زهره وحيده في مواجهته
فتبتلع ريقها وهي تراه يتطلع اليها من رأسها لأخمص قدميها وايضا يتطلع بحيره للصور والمال المتناثر علي الارض بجوارها..
ليستوعب بسرعه ما كانت تفعله
فيهتف: انتي حراميه..
هي بثقه: لأ انت تقف معووج وتتكلم عدل انا بقولك اهو.. حرامية ايه دي يا اخويا انا اشرف من الشرف
فيضيق عينيه بغيظ ويقترب منها بغضب وهي كانت تتراجع للوراء بخوف
وقبل ان يقترب اكثر منها
ادعت انها تحدث معلمته التي تقف خلفه لتهمس وهي تنظر لخلفه: شوفي يا ميس عايز يضربني..
فيقف وبسرعه يستدير ليدافع عن نفسه امام الميس ظنا منه انها بالفعل تقف خلفه
لكن عندما التف لم يجد أحدا.
فأستدار مره آخري لتلك الكاذبه
ليراها قد قفزت هي الاخري من النافذه..
بل وانها الان تقف علي سور المدرسه لتودعه بأبتسامة انتصار وذلك اغاظه بشده
بعدها تقفز للخارج وبالطبع ان فكر ان يخرج ويلحق بها حتما سيجدها اختفت تماما..
لذا زفر بضيق واقترب من الاموال والصور المتناثره علي الارض
ولملم كل شئ
وعند صورتها (صورة زهره)
ظل يتأملها بحزن وتنهيده طويله..
ليهمس: يا تري انتي فين يا زهره..
*******
بعيدا
كانت بطه في انتظارها
وعندما لمحتها
أقتربت منها بطه لتهمس : طمنيني عليكي.. انت كويسه والواد ده عمل معاكي إيه..
زهره: ولا اي حاجه.. وبعدين تشكري اووي بقي تسيبيني لوحدي وتهربي يا بطه.. ماشي..
بطه: يعني كنت افضل لحد ما يجرجرونا سوا علي القسم..
زهره: طلعتي بكام من شنط العيال..
بطه: مبلغ بس مش كبير اووي..
وانتي..
زهره: ما سرقتش حاجه.. بصراحه كل اللي خدته وقع علي الارض بسبب الزفت اللي شافنا ده..
بطه: يا نهااار.. طب هتعملي إيه.. دا المعلم والمعلمه ممكن يعلقوكي في السقف لحد الصبح ما يطلع..
زهره: يعملوا اللي يعملوه بقي انا خلاص اتعودت علي كده وجسمي نحس من الضرب…
*********
في قصر الزهار
داخل غرفة المكتب الواسعه
كانت منال (والدة زهره) تجلس علي الكرسي وامامها علي الكرسي المقابل يجلس سالم(والد آسر وزوج اختها ابتهال)..
منال: يعني إيه يا سالم.. بنتي خلاص راحت مني ومش هترجعلي تاني..
سالم بحزن: صدقيني انا ببذل كل جهدي انا والظابط ..ومسبناش مكان إلا ودورنا فيه.. وبردوا مش عارفين نوصل لدليل او آثر يوصلنا ليها..
منال بدموع: انا طول ما انا عايشه مش هفقد الامل ابدا في اني الاقكي بنتي.. دي هي عقلي يا ناس ازاي تطلبوا مني ابطل ادور عليها وانساها..
سالم: انا مقلتلكيش تنساها ولا تبطلي تبحثي عنها.. انا قولت اننا حاولنا كتير بس مفيش فايده..
زفر بضيق ليكمل: عامة انا مش هيأس ولأخر نفس فيا هنفذ وصية المرحوم مالك ليا.. هو وصاني اني الاقيها وكمان كتبلها نص ثروته بأسمها.. لانها اتحرمت دونا عن نوران وسليم من حنانكم..
منال: الاقيها بس ولو عايزه تاخد كل الثروه تاخدها.. بس ألاقيها واخدها في حضني.. يااارب بجد مش قادره استحمل بعادها عني.. يااارب رجعهالي..
سالم بحزن: يااارب.. استأذن انا بقي لاني ورايا شغل لازم اخلصه..
منال بتنهيده: طيب..
***************
عادت هي وبطه إلي ذلك الوكر
المعلمه : اتأخرتي ليه يا بت انت وهي..
بطه بخوف: غصب عننا والله يا معلمه..
المعلمه(سماح القط): مش مهم.. المهم جيبتوا معاكوا سبوبه حلوه..
بطه: اتفضلي يا معلمه
وناولتها حفنه من الاموال..
لتتمتم المعلمه برضا: كويس يا بت يا بطه شغلك النهارده تستاهلي عليه.. طبق عدس زياده يلا روحي كلي وبعدين انخمدي نامي..
فتذهب بطه علي الفور من امامها لتذهب الي عزيزه وتأكل فهي جائعه وبشده…
المعلمه وهي تنظر ل زهره: وانتي يا بنت الاكابر جبتي ايه معاكي..
زهره: مجبتش حاجه..
المعلمه وهي تفغر لها : نععععم يا روح امك.. سمعيني تاني كده بتقولي إيه..
زهره وبدأ الرعب يتملكها: مجبتش حاجه..
فتقترب منها المعلمه بغضب وتمسكها بعنف من معصمها ثم تلقيها امامها علي الارض وتهتف بغلظه لعزيزه: بت يا عزيزه.. سخني السكينه وهاتهالي.. عشان البت دي محتاجه تتربي من اول وجديد..
وبمجرد ان سمعت زهره بتلك الكلمات حتي أرتعبت اوصالها رعبا لتصرخ بخوف: والنبي يا معلمه سماح المره دي.. والنبي بلاش تحرقيني تاني بالسكينه. ابوس ايدك..
وهمت بالفعل لتقبل يدها لتزيحها تلك المتجبر بمقدمة قدمها فتسقط علي الارض..
اما جميع الاطفال فكانوا يراقبون ما يحدث بصمت ودموع فأن تفوه احدهم بكلمه بالطبع سيكونون مكانها لذا التزموا جميعا الصمت وفقط شاهدوا ما يحدث بقلوب مرتعبه…
اما زهره فصرخت كثيرا وبكت كثيرا عل قلب تلك المتحجره يلين لكن لا حياة للقساه فقلبا حتي لا يمتلكون فكيف تنتظر منهم الشفقه…
وحدثت جريمه اخري بحق الطفوله عندما انحنت بذلك السكين المحمر من شدة النار ووضعته علي ساقها
لتنطلق صرخة وجع والم ودموع من زهره..
تشكي طفولتها المسروقه
لكن الابواب مقفله ولا احد يسمعها..
وانتهت الجريمه بألم وصراخ ودموع ..
وجريمه اخري تضاف لجرائم الطفوله البريئه وانتهاكها ..
كل تلك الوحشيه ستجعل من زهره زهره اخري لا تعرف المشاعره.. لكن هل يمكن لمن تكون من عائله طيبه وكريمه ان يكون جذرها شيطاني كمن تربت وسطهم.. لنري ؟؟؟
…………….

يتبع…

الفصل الرابع

بعد مرور أعوام
في سن المراهقه
في فيلا آل الزهار
نوران: ماما انا هتصل ب آسر عشان يوصلنا..
منال: ليه يا نور نتعبه معانا ما السواق بتاعنا يوصلنا عادي يعني
نوران بتلبك: اصل اصل.. آها.. آسر أكيد هيكون عايز يوصلنا وهيرحب بكده فعادي بقي مامي مشيها انا هروح اتصل بيه..
كادت منال ان تتحدث لكن علي الفور تركتها نوران وذهبت..
لتتنهد بضيق بسبب تصرفات نوران الطائشه..
ذهبت نوارن لغرفتها علي الفور لتهاتف آسر
وعندما اجاب عليها
آسر : خير يا نوران فيه حاجه..
نوران: ماما عايزاك تيجي توصلنا..
آسر: ليه هو السواق الخصوصي بتاعكم مات..
نوران: حرام عليك ده صاحب عيله ليه تفول عليه..
آسر وهو يرفع حاجبه بتقطيبه: طب لما هو مش حصله حاجه بتتصلي بيا ليه اكونش السواق الخصوصي بتاع حضرتك..
ولمحت امها من بعيد وهي تمر امام غرفتها فنهضت علي الفور تقترب منها وهي تكتم صوت السماعات بيدها هامسه لأمها بترجي: مامي كلمي آسر عشان خاطري كلميه خليه ييجي يوصلنا ..
منال: بس
لم تمهلها لتكمل جملتها وناولتها الهاتف علي الفور بعيون راجيه
لتزفر منال بقلة حيله
وتجيب علي الهاتف
آسر : الو الو نوران انت معايا الو
كاد ان يقفل الخط لولا ان اتاه صوت خالته منال..
آسر بلكنه مهذبه للغايه: ازي حضرتك يا خالتو عامله ايه..
منال: ازيك انت يا واد يا آسر..
آسر: الحمد لله كويس
لتكمل منال: كنت عايزاك تيجي توصلنا انا ونور للمول..
وبدون تردد هتف: حاضر يا خالتو انتي اوامرك كلها مطاعه عندي..
منال: ربنا يحفظك يا حبيبي تسلم.. مع السلام بقي عشان مش اعطلك..
وأقفلت الخط..
ليزفر آسر بضيق وهو يرمي بالهاتف علي جانب السرير بأهمال..
فلولا خالته لرفض رفضا قاطعا بأن يوصل نوران فهو حتي لا يطيقها بسبب طبعها الفظ..
اما علي الجانب الاخر وبعد ان اقفلت منال الخط
اقتربت منها نوران وقبلت وجنتيها هامسه: شكرا يا أحلي ماما في الدنيا كلها..
منال: علي الله يطمر.. وبعدين مش قولتي انه هيرحب دا كان تقريبا قرب يولع في نفسه وبيعصر عليها لمونه عشان بس يفضل هادي وهو بيكلمني عشان كده خلتيني انا اكلمه . بتحطيه ادام الامر الواقع..
نوارن: شاطره يا مامي طول عمرك ذكيه عن اذنك بقي عشان الحق البس قبل ما ييجي.. وانتي عارفه هو مش بيحب يستني كتيرر..
منال: سليم مش هييجي معانا..
نوران: تؤتؤ.. انتي عارفه سليم مش ليه في الحورات دي اكيد مع اصحابه.. يلا سلام بقي..
****
وصل آسر بسيارته امام المول الكبير الذي يقبع وسط المدينه الفارهه والمعروفه بجمالها وطبيعتها الباهيه..
آسر وهو يوجه نظرات هادئه لخالته منال
آسر: معلش يا خالتو اسبقوني لحد ما أركن عربيتي لان لسه هدور علي مكان اركنها فيه..
منال بأبتسامه: خد راحتك يا حبيبي يلا يا نور..
قبل ان تترجل من السياره مع والدتها
قالت له نوران: متتأخرش علينا يا آسر..
.آسر ببرود : اوك..
بعد قليل
نوران:ماما ان هاخد الدريس الفوشيا ده..
منال: حبيبتي اختاري اللي يعجبك..
نوران: تمام هروح ادفع بالكريدت كارت تمنه..
منال: لأ استني انا اللي هدفع..
نوران : تمام ادفعي انتي وانا هختار باقي الاكسوسيرس(الاكسسورات) بتاع الدريس(الفستان)
عند الكاشير
منال: لو سمحتي اخصمي تمن الفستانين دول من الكريدت كارت
كان احد الفساتين هو الفوشيا والاخر نفس الطراز لكن لونه مختلف..
بعدما انتهت نوران
نوران: ماما ايه الشنطه التانيه اللي في ايدك دي.. كل ما نيجي نتسوق لازم تاخدي نوع فستان تاني بالاكسسورات بتاعته.. والاغرب ان الفساتين دي انتي مش بتديهالي ولا حتي بتديها لحد انتي بتشيليها جو الدولاب بتاعك ولحد دلوقتي بتعملي نفس الحاجه تقريبا كل مره بنيجي نتسوق فيها.. ليه يا ماما بتعملي كده انا عايزه اعرف..
منال بحزن: ازاي عايزاني اشتريلك لبس وما اشتريش منه لأختك زهره..
نوران: بس زهره مش عايشه معانا ولا نعرف عنها حاجه من وقت ما اتخطفت دا انا حتي بقيت متأكده انها خلاص مات!!!
لتقاطعها منال بحزم: لأ.. متقوليش علي اختك كده. انا امها وقلبي بيقولي انها لسه موجوده وعايشه.. وقلبي عمره ما يكدب عليا ابدا..
وهفضل اعمل كده لحد ما الاقيها واسلملها كل حاجه بأيدي…
نوران وهي تزفر بضيق: اوك مامي اعملي اللي يريحك..
وفي تلك اللحظه كانت زهره تركض في نفس المول الذين يتواجدون هم فيه
يبدو انها تهرب من احدهم فهي تركض بأقصي ما لديها من قوه وهي تتلفت خلفها برعب بين الحين والاخر
منال وهي تسير مع نوران وتتحدث معها وفجأه أطاحت بها زهره ارضا وهي تركض
لتصيح بها منال: انتي يا بنتي مش تحاسبي..
فتوقفت زهره للحظه وهي تنظر له بأسف هامسه: معلش يا حجه حقك عليا ..لولا مستعجله كنت وقفت بس معلش بقي مره تانيه
كانت تقول الكلمات الاخيره وهي تركض بسرعه مبتعده عن منال
التي أحست بشعور غريب يوخز قلبها عندما شاهدت تلك الفتاه امامها بل وعيونها عيونها جذبتها لوهله بل وتشعر انها رأت تلك العيون من قبل..
اقتربت منها نوران بقلق: ماما انتي كويسه..
لكن منال كانت شارده في طيف تلك الفتاه التي ظهرت امامها فجأه من العدم..
نوران: ماما ماما
لتنتبه لها منال: هاا.. عايزه ايه يا نوران..
نوران: انتي كويسه..
منال: غريبه اووي البنت دي..
نوران بسخريه: ايه ده هي بنت دا انا افتكرتها ولد والله..
منال: بطلي تتريقي علي غيرك الله اعلم ظروفها ايه يمكن تكون فقيره ومش قااادره تجيب لبس غالي زييك.. احمدي ربنا علي النعمه اللي انتي فيها..
نوران: اهدي يا ماما انا بهزر ليه الانفعال ده كله…
منال: ولا انفعال ولا حاجه انا بس بنصحك انك ما تتريقيش في يوم علي حد وخصوصا لما تكوني مش عارفه ظروفه..
نوارن بضيق ونزق: حاضر ممكن بقي نمشي ..
منال: يلا نمشي لو خلصتي تسوق..
نوران : خلصت..
كانت زهره لا تزال تركض وكانت تنظر خلفها تتأكد من ان ذلك العسكري لم يعد يطاردها عندما ارتطمت بجسم صلب للغايه وقع علي آثره كل ما كانت تحمله بين يديها علي الارضيه الصلبه..
وهو ايضا وقع هاتفه منه ليتحطم الي فتات متناثر علي الارضيه..
وكان ذلك هو آسر الجندي
آسر بغضب: ايه ده انتي عاميه مش تفتحي..
زهره: انت اللي اعمي.. بسببك كل اللي نشلته اتكسر علي الارض..
آسر بغضب : نعم ..سمعيني كده بتزفتي تقولي ايه ؟؟
زهره بضيق: عموما مش هرد عليك لاني أكبر من كده بكتير ..
وهو صك اسنانه بغضب بل واغتاظ بشده
ثم نظرت للخلف لتجد ان ذلك العسكري مازال يطاردها ولو ظلت واقفه في مكانها بالبطبع سيمسك بها ويزجها خلف القضبان..
لتهمس : وكمان مش عندي وقت ..يلا اشوفك وقت تاني
بعدها ركضت من امامه وفي ثانيه اختف خلف الابواب بل تبخرت
ليهمس هو بغيظ وهو ينظر لشظايا هاتفه المتكسر : دي اكيد مجنونه…
*********
في المكان القديم المتهالك.. يسمونها (الخرااابه)
المعلم ابوشنب وهو يجلس علي الكرسي بأريحيه وامامه الشيشه
كادت زهره تدخل لغرفتها قبل ان يراها
لكن تلك الفتاه التي تسمي رملين
بالبتأكيد فتنت عليها عند المعلم لذاك رآها واوقفها بصوته الجهوري العالي : بت يا زهره وقفي عندك
زهره وهي تقترب منه: خير يا معلم اؤمرني..
ابو شنب: فين يا بت سبوبة النهارده..
زهره: مع ان فيه حاجه حصلت خلتني اخسر السبوبه كلها بس بردوا جيب السبع ميخلاش ..
لترفع ساقها علي الكرسي ثم تخلع الحذاء المرقع بشده من كل ناحيه..
لتفك طية مقدمة الشراب من اعلي وتأخذ منه المال الذي تلفه في طية الشراب جيدا كأنه كنز ثمين تخشي ان تفقده..
ثم تناوله للمعلم هاتفه: اتفضل يا معلمه..
المعلم بأعجاب بفطنتها وذكائها: تصدقي يا بت يا زهره
لتقاطعه هامسه: اسمي الضبع يا يا معلم زي ما الكل اتعودوا ينادوني..
المعلم : ماشي يا ضبع المهم اني عايز اقولك انك بتبهريني ذكائك يوم بعد يوم..
نظرت بأغاظه ل رملين لتهتف: ياارب دايما يا معلم اكون الاولي عندك في كل حاجه..
عن اذنك بقي عشان لسه ورايا شغل ياااماااا..
بعدها تدخل للمستودع والذي يكون مخبئها السري الذي تخبئ فيه في كل عمليه تقوم بها بعض المال فهذا المال بالطبع سوف يفيدها فيما بعد ..فهي لا تأمن مكر وغدر الايام معها..
وقبل ان تفضع يدها علي مقبض باب المستودع..
وجدت من يلف ذراعين من حديد حول خصرها بأحكام لينقلها بتملك علي جانب بعيد عن اعين الجميع
وهي حاولت بصعوبه ان تفلت نفسها من بين يديه وأخيرا استطاعت
.فتهدر به: انت اتجننت يا شوقي قولتلك مية مره بلاش الحركات دي معايا..
شوقي: يا بت دا انا شوقي اللي البنات هنا يتمنوا بس نظره مني
زهره: انا مش منهم.. مش منهم يااارب تفهم بقي بدل وديني وإيماني لأصرخ والم الناس عليك..
شوقي: طب جربي بس واعمليها ومن بكره الخرابه كلها تعرف ان انتي اللي بتجري ورايا وعايزاني اتجوزك ..وهم هيصدقوني مهو مش معقول يكدبوا سيد الحته ويصدقوا بت مفعوصه زيك.. اعقلي كده وأعرفي انا مين وانتي مين… بس وماله اصبرك عليك تاني يا جميل يمكن الايام تعلمك ان الحاجه اللي بيعوزها شوقي بياخدها حتي لو غصب عنك..
قبل ان يذهب تلمس وجنتيها بتملك لتزيح هي يده عنها بعنف وهي تشعر بالقذاره آثر لمساته..
كم تكرهه ذلك البغيض..
بعد قليل
بطه: مالك يا ضبع فيكي ايه..
زهره(الضبع):مفيش..
المهم المعلمه قالتلك نوزع البضاعه بكره ولا النهارده..
بطه: لا النهارده ولا بكره البضاعه طلعت مضروبه وهيرجعوها كلها.. وليه بقي عابال ما تتحمل وتيجي تاخدلها ييجي اربع ايام بالكتير اووي..
زهره(الضبع): كويس انا اصلا مش فيا حيل اروح لحته تانيه وهلكانه جدا وعايزه انام ..
…………………

يتبع….

الفصل الخامس

في قسم الشرطه
حيث يجلس شاب في مقتبل العمر وسط مكتبه الفخم الانيق
وزي الشرطه ذاك يجسد عضلاته الفولاذيه التي تفننت تمرينات الجيش والشرطه القاسيه في إبرازها بشكل جعله يبدو كأحد نجوم هوليود المشاهير
وعندما ننتقل من عضلاته لأعلي نجد ذقنه نامي بدرجه بسيطه تظهر مدي وسامته وغمازاته البارزه تعطيه ابتسامه رائعه لا مثيل لها ووجهه الطويل لاعلي وعينه البارزه كعيون صقر حاده وتظهر في نفس الوقت لون السماء الصافي ونقاء السحب البيضاء في ليله هوائيه منعشه ..
هو ظابط الشرطه آسر الجندي والذي ينحدر من ارقي عائلات مجتمعه وهذا يعطيه مكانه متميزه عن باقي زملاءه وخاصة بوجود سيادة اللواء
راجي القرموطي صديق والده وأقرب قريب اليه من نسب بعيد ..
كان يجلس علي مكتبه بثقه وهدوء وهو يمسك بيده فنجانا من القهوه الذي يُعد خصيصا له
ويضع ساق فوق الاخري وهو يراقب بعيون الصقر خاصته الملفات التي وضعها العسكري امامه ..
انها قضيه في غاية الاهميه
قضية سرقه بل انها ليست فقط مافيا للسرقه بل مافيا للأتجار بالمخدرات وغيرها
انها مافيا خطيره ينحدر تحتها العديد من الاطفال والبالغين والشباب في مثل سنه ..
وقائدهم تقريبا يسمي ابوشنب هذا هو لقبه المعروف به‘‘ تم القبض عليه عدة مرات فيما قبل ولكنه في النهايه يتم الافراج عنه بسبب عدم توافر الادله ..
وكذلك القط وهي امرأته عُرفت بذاك اللقب لانها تعد الركن الاخر لتدعيم تلك المافيا الصغيره والتي تندرج تحت اقوي واعتي المافيات في الخارج
والقط وابوشنب ماهم إلا بيادق يتم تحريكها فقط تحت أوامر من كبيرهم والذي لا يعرفون عنه شيئا حتي الان …
هو ومجموعه من اصدقائه الظباط تم تكليفهم بتلك القضيه الخطيره والكبيره جدا والتي انتشرت اعمالها الاجراميه في الفتره الاخيره …
وهو لن يهدأ حتي يقبض عليهم جميعا مع الدليل القاطع علي اجرامهم ..
احس بألم في عنقه لذا قام بطقتقطها علي الناحيه اليمني واليسري ليضع بعدها فنجان القهوه علي سطح المكتب ثم ينهض ناحية الشرفه القابعه وسط مكتبه ليأخذ نفسا عميقا وذلك الهواء المنعش يتسلل لخلايا جسده فترويها من جديد وتجدد كل طاقته بل وتمده بالمزيد من الحيويه …
ليطرق باب مكتبه احدهم
فيأذن له بالدخول
وكان ذلك هو صديقه مازن ظابط مثله ومكتبه يقبع امام مكتب آسر
مازن بأبتسامه: ازيك يا قبطان ..
آسر بابتسامه اظهرت غمازتيه: اهلا يا دفعه ..
مازن: ما خلاص انسي بقي الكلمه دي دا احنا خلصنا خدمه في الجيش من فتره ..
آسر: ولو بعد مية سنه هفضل اقولها..
مازن: بقولك عملت ايه في القضيه ..
اسر بحيره: لسه ما وصلتش لحاجه بس هفضل وراهم لحد ما اقبض علي اعضاء المافيا واحد واحد وكل افرادها صغير او كبير ..
مازن : ربنا يكون في عونا دي قضيه كبير ومحتاجه منا مجهود كبير ..يا ابني دا رؤساءنا في الشرطه معرفوش يمسكوا عليهم دليل ..ولحد دلوقتي مش عارفين مين هو رئيس المافيا ..
آسر يقترب منه ليجلس قبالته علي الكرسي ثم يميل بجسده اليه هاتفا بحزم وخشونه: هعرفهم وهقبض عليهم حتي لو كلفني ده عمري كله..انا وراهم والزمن طويل ..
مازن: ياااا ريت ..ونترقي بقي ..والله بقيت حاسس ان الدفعه بتاعتنا دي نحس الدفعات اللي قبلينا وبعدينا اترقوا واحنا ابدونا في قضيه يعتبر من اصعب القضايا في الداخليه كلها ..وحاسس ان هحلها بعد موت تيته اللي هي جدة جدي ..
آسر بفكاهه: ايه ضاااه هي لسه عايشه..
مازن: تخيل ..يا ابني دول ولاد السمنه البلدي ..كانوا بيشربوها بدل العصاير والحاجات الفافي بتاعتنا دي ..
ليهتز هاتفه الموضوع علي سطح المكتب والذي يضعه علي وضع اهتزاز ..
فألتقطه من فوق مكتبه ليجد ان المتصل هي أخته روميساء
ليجيب: ازيك يا رومي عامله ايه
لتجيبه روميساء اخته من علي الجانب الاخر وهي في قمة الغيظ: اسر قولتلك مية مره متقوليش يا رومي ..
آسر وهو يكتم ضحكته بصعوبه حتي لا يثير غيظها اكثر : حاضر يا رومي ..
روميساء بغيظ: بغض النظر عن اني لو شفتك ادامي ممكن اضربك عادي ..فانا عايزه افكرك بميعاد الحفله اللي قولتلك عليها
آسر: اه فاكر متخافيش مش ناسي ..
لتأكد عليه: للمره المليون هأكد عليك انك متجيش ببدلة الشرطه البس لبس عادي ..عشان اصحابي مش يخافوا منك ..
فهي في الثانويه العامه ..
آسر بأبتسامه هادئه تظهر مدي وسامته : حاضر ..فيه اي اوامر تانيه البرنسيس لسه مقالتهاش ..
روميساء وهي تفكر مع نفسها قليلا لتجيب بعدها: اه ..متتأخرش وحاول تستأذن و تمشي من شغلك بدري علشان لو لقيت زحمه مواصلات ولا حاجه ..
آسر:اوك ..اي اوامر تانيه ..
روميساء: تؤ تؤ..مفيش يلا سلام ..
آسر بأبتسامه: سلام يا رومي ..
فاقفلت الخط في وجهه وهي تزفر بكل غيظ وضيق فهو دائما ما يتعمد استفزازها بذلك اللقب الذي اطلقه عليها منذ الطفوله..
اقفل الخط وابتسامه كبير تشق
جانب وجهه ..
فيهتف ل مازن الذي يجلس قبالته بهدوء : انا هروح للواء راجي عشان استأذن منه اروح بدري ..
مازن : تمام ..وانا هدرس ملفات القضيه تاني لعل وعسي اقدر اوصل لحاجه ..
آسر: تمام ..
****
في النادي
حيث كانت نداء وأختها سلمي تجلسان علي طاوله واحده ..
فكانت سلمي تجلس علي الكرسي المقابل لها وهي تحاول تعديل الميكب الذي تضعه بعبث علي وجهها واحمر الشفاه الذي يلطخ شفتيها برعونه وذاك البنطال القصير الذي يصل لركبتيها فيبرز ساقيها النحيفتين وذلك التيشرت الذي يلتصق التصاقها بحنايا جسدها المغري وايضا خصلات شعرها البندقيه المنسابه بأريحيه علي كتفيها لترسم في النهايه لوحه فنيه لانثي متفجرة الانوثه .
وعلي الكرسي المقابل تجلس النقيض منها اختها نداء
وكم هي بسيطه في جمالها الي حد غير ملحوظ فملابسها فضفاضه لاتظهر اي شئ من انحناءات جسدها كأختها سلمي بل انها حتي لا تضع اي مساحيق للجمال والتبرج وحجاب من اللون الابيض يغطي رأسها ويصل لأسفل رقبتها بقليل ..
وتجلس بتهذيب علي الكرسي وهي منكمشه علي نفسها تحمل بين يديها القرآن الكريم تقرأه بخشوع وتأني بل وتتعمق فيه كأنها تعيشه كواقعها ..بل وتجد لذه رائعه في العيش مع آيات القرآن الكريم تشعر وكأنها تملك الدنيا وما فيها …
فكان هناك اثنان من الشباب يجلسان في الطاوله خلفهم ..
ويعاكسون سلمي
وهي كانت تزيح بوجهها عنهم وكأنها لا تراهم اما نداء فكانت تعيش مع ايات القرآن الكريم ولم
تكن تعي حتي بما يحدث معها ..
وكان راغب الدمنهوري في اصطحاب الوفد التابع لشركته يقوم معهم بجولات لكل الاماكن التابعه لشركات والده وعمه والذي حاليا يتولي إدارتها ..
حينما لمح من بعيد ذلك المشهد الذي آثار كل غضب الدنيا في نفسه وجعلها تغلي كالمرجل المشتعل فضم قبضة يده بعنف لدرجه جعلت عروقه تبيض ..
وبسرعه ودون مقدمات اتجه الي هذان الشابان ودون كلمه لكم احدهم بعنف عند جانب فمه لدرجه جعلت الدماء تسيل من وجهه بل وسقط ارضا مع الكرسي والاخر نهض بغضب ليدافع عن صديقه ولم يكد ينهض من مكانه حتي طرحه هو الاخر بلكمه اعنف واشد جعلته يكاد يفقد توازنه
وسلمي وقفت وهي تشهق بصدمه عندما فجاه رأت امامها غالب حيث انه اتي من العدم لتهمس : غاااالب !!!!
فتنتبه كل حواس نداء عندما نطقت سلمي بأسمه فاقفلت المصحف ووضعته علي سطح الطاوله
لتلتف خلفها حيث تنظر سلمي لتجد غالب يبرح هذان الشابان ضربا مبرحا ويوجه لهم االلكمات واحده تلو الاخري
لولا الناس الذين التفوا حولهم لما تمكنوا من ابعاده عنهم
فيفلت نفسه من بين ايديهم بعنف ويتجه ل سلمي التي كانت تتراجع للوراء برعب شديد فنظرات عيونه كانت شرسه وموحشه للغايه..
حتي اقترب منها ووقف امامها ليهتف بشراسه ارعبتها: يلا مستنيه ايه ادامي علي العربيه عشان اوصلك ..
سلمي وهي تبتلع ريقها برعب: السسسسواق بتاعنا موووجود ..
غالب بخشونه: انا قولت يلاااا ..
وعلي الفور تمسك حقيبتها وتسرع للخارج بخطوات راكضه ..
فيوجه نظره لنداء الواقفه تطأطأ رأسها
ثم يردف: وانتي كمان يلا اااا..
تنظر له مطولا بحزن لتأخذ حقيبتها بعد ان وضعت بداخلها المصحف ثم ترحل عنه بخطوات بطيئه متمهله ..
وهو يظل واقفا في مكانه يراقب هؤلاء الناس وهو يحاولون اسعاف الشابان الذين امتلئت وجوههم بكثير من الكدمات
فينادي بأقتضاب علي النادل والذي أسرع اليه فورا
فيهتف له غالب بنزق: الشابين دول ممنوع منعا تام يدخلو النادي ده تاني ..مفهوم ..
وكان يشاور بأصبعه علي مكان الشابين
النادل بخنوع: مفهوم يا غالب بيه ..
غالب هو شاب في منتصف العشرينات يملك جسد رياضي رائع وعضلات فولاذيه يستطيع بقوه جسده ان يهزم اقوي واعتي الرجال ضخامه فهو لائق بدني من الدرجه الاولي وهذا بجانب وسامته التي تجذب انظار الفتيات له ..
بعدها تحرك بغضب نحو السياره ليدلف لداخلها ويصفق بابها خلفه حتي كاد ان ينخلع
وبجواره كانت تجلس سلمي اما نداء فأحتلت المقعد الخلفي وعيونها مملؤءه بحزن وانكسار فهو بالتأكيد ثار هكذا لاجل سلمي وبسبب غيرته الشديده عليها فعل ما فعله
وهذا يؤلم قلبها وبشده ..
تنهدت بضيق ولكنها استغفرت ربها ودعته بان يلهمها الصبر لأحتمال كل هذا الالم الشنيع..
طال الصمت طول الطريق الطويل
وفجأه صدر صوت صرير من سيارته التي اوقفها فجأه علي جانب الطريق
حدث هذا بسبب تذكره لموقف سلمي وهذان الشابان يعاكسونها
ليرتطم جسد سلمي ونداء بما امامهم
لتهتف سلمي بضيق: انت اتجننت كنت ممكن تعمل حدثه بينا بسواقتك دي ..
ليصك علي اسنانه بعنف ثم يدير وجهه لها ويمسكها من مرفقها بعنف هاتفا: وطي صوتك وانتي بتكلميني يا آنسه يا محترمه..
كلماته الاخيره كانت تحمل معني للسخريه .
وهي احست بذلك لذا هدرت به بغيظ وهي تزيح يده بعيدا عنها: ايوه محترمه غصبا عنك ..
ليهتف بسخريه: من منظر لبسك ومكياجك الاوفر بزياده ده مش باين خالص انك تنتمي لقايمة البنات المحترمات ..لان مفيش بنت محترمه تعمل في نفسها الهيصه دي كلها ..ايه رايح فرح ..
لتزم سلمي شفتيها بغيظ هاتفه: انا حره ..وبعدين انت مش واصي عليا عشان تكلميني بالطريقه المستفزه دي ..
غالب بغضب: لبسك وسيستم حياتك كله هو اللي مستفز ..
سلمي: والله انا كده وهفضل كده .. وبعدين انا كنت قاعده في حالي وببص بعيد يعني مش روحت قلتلهم عاكسوني.. وبعدين ليه كل اللي عملته ده ما يمكن مكنوش بيبصوا عليا زي ما عقلك المريض صورلك ده ..
ليهدر بها بغضب : احترمي نفسك
ثم يردف بسخريه: وبعدين انتي اللي كنت قاعده ادامهم
سلمي: يا سلااام ..ما نداء كمان كانت قاعده ..
ليهتف بسخريه: أكيد يعني مش هيبصوا علي نداء يا هانم يا محترمه..
عند تلك الكلمه تنظر له نداء بحزن وانكسار لكنها تطأطأ رأسها بحزن ودموع فتهتف : انا هنزل اخد تاكسي عن اذنكم ..
وهمت لتفتح باب السياره ..
فيوقفها غالب بضيق: استني انتي كمان انا هوصلكم ..
لتهتف له سلمي بنزق: قولتلك انا محترمه غصبا عنك وهفضل كده طول عمري ومش هغير من لبسي ولا طريقة حياتي عشان اي حد واللي مش عاجبه يخبط راسه بأطخن سور
صوت اصطكاك اسنانه وصل لها لذا انكمشت علي نفسها قليلا ولكنها كانت تبدي بعض الثبات
لتردف له: يلا وصلنا للفيلا ..يا ننزل وناخد تاكسي انا ونداء..
كاد ان يقبض علي مرفقها وتلك المره بالطبع سيحطمه بين يديه
و بتلك الطريقه ينفث عن غضبه تجاهها ..
لكنه تمالك نفسه وضرب مقود السياره بعنف عل ذلك يهدئ من بركان غضبه الثائر وبجنون..
لذا زفر بضيق وتمالك نفسه ليعود لقيادة سيارته وكما وقف فجأه انطلق فجأه وبسرعه رهيبه ..
وكانت نداء صامته وقلبه يوخزها الما ووجعا ودموعها تنهمر بصمت لكنها سرعان ما تمسحها بهدوء دون ان يلحظ احدهم ذلك ..
*************
اما آسر فبدل ملابسه لانه احضر معه ملابس اخري والتي كانت عباره عن بنطال من الجينس وتيشرت بني ..
وأثناء ذلك وقعت منه محفظته المغطاه بجلد غالي الثمن علي ارضية الحمام دون ان ينتبه لذلك وبداخلها تقبع هويته بكونه ظابط شرطه…
وذلك تبعا لحديث اخته بأن لا يأتي للحفله بزي الشرطه ..
وبعد ان انتهي وضع بدلته داخل حقيبته السوداء
ووصل امام سيارته ليضع الحقيبه باهمال علي المقعد الخلفي ..
بعدها استدار ليفتح باب سيارته ويأخذ مقعده الامامي خلف مقود السياره. !!!!!
كان يقود وهو يصفر بغنج واستمتاع وفكت من يده ساعة الرولكس الثمينه خاصته فأهمل قليلا مراقبته للطريق وترك المقود ليعيد إحكام الساعه حول معصم يده ..
وفي أثناء ذلك لمح من بعيد وشاح أسود تلتف به احداهم وهي تتسطح علي الارضيه في منتصف الطريق
اعتقد انها ربما تكون فاقده للوعي لذا علي الفور ترك ما يفعله وضغط علي الفرامل ليوقف سيارته الفارهه في آخر لحظه حيث كانت السيده بينها وبين السياره فقط خطوه ..
اي لو تحركت السياره اكثر ربما كانت لتدهسها ..؟؟؟؟
وبسرعه ترجل من سيارته ليتجه لها وعندها يجلس علي ركبتيه
امامها هاتفا بنزق :انتي يا ست ..انتي يا ست فوقي لو سمحتي ..
لكنها لم تجيبه فتمتم بضيق: وبعدين بقي شكله كده يوم مش فايت!!!
……..
#يا تري مين الست دي ؟؟؟

يتبع….

الفصل السادس

آسر وهو يجثو علي ركبتيه أمام تلك الممده علي أرضية الرصيف
آسر بتملل: انتي يا ست انتي يا ست ..يوووه وبعدين بقي في اليوم اللي مش فايت ده ..
كانت المرأه تغطي نفسها بوشاح أسود من رأسها لاخمص قدميها
عندما تصنعت انها تستفيق من أغماءتها والحقيقه ان كل هذا ما هو إلا حيله ومصيده للايقاع به ..
المرأه بصوت يقرب لسيده في الستين من عمرها: والنبي يا ابني تاخد بأيدي لاقرب مستشفي ..
كانت تحدثه من وراء الوشاح حيث كانت تغطي به وجهها وتواري خلفه كل انشا من ملامحها ..
وهو لم يكن ليشك في آمر تلك اللعوب
آسر بأدب: انتي حاسه بحاجه يا حجه..
المرأه: آها..ركبي حاسها بتخبط في بعض لوحدها ..وكمان ضهري وجسمي متكسر ..منها لله مرات ابني جبيتني هنا وبعدين سيبتني وحدي ومشيت..كل ده عشان تستفرد بالبيت لوحدها..
قالت كلماتها الاخير وهي تدخل في دوامه من البكاء المزيف والذي بالبطبع تدعيه كباقي كلماتها الكاذبه ..
آسر وقد تأثر بكلماتها ورقت ملامحه قليلا: طيب اتفضلي حضرتك اوصلك معايا في العربيه للمكان اللي تشاوري عليه..
المرأه وهي تبتسم بشيطانيه من وراء الوشاح فهي أحرزت هدفا لتحقيق مخططها ..
لتهتف بأبتسامه مزيفه: تسلم يا ابني ربنا يخليك ويكتر من امثالك
وبعدها نهض آسر يسبقها بخطواته نحو سيارته الفارهه
ليأخذ مكانه خلف مقود السياره في المقعد الامامي بعد ان اسندها حتي احتلت المقعد الخلفي .بجلبابها الاسود والوشاح الذي يعطيها حجما اضعاف حجمها الاصلي ..
كاد ان ينطلق بسيارته وهو يضغط علي الدواسات ويدير المفتاح ايضا ف السياره ..
لكن كل هذا توقف وجسده ظل ساكنا من آثر صدمته بما يحدث
فالسيده العجوز كما ظنها ..
تحيط أحدي ذراعيها بعنقه والاخري تحمل بها سكينا وتصوبها تجاه رقبته
بل والادهي انها هتفت به بشر: طلع كل اللي معاك بدل ما اغرز المطوه دي في رقبتك يا شاطر ..
ظل ساكنا لبرهه وليس سكوته هذا خوفا بل انه غضب هيجان ثوره
فكيف تفعل به هذا وهو ظابط شرطه ..
آسر بغضب: بطلي اللي بتعمليه ده لانه مش هيجيب معايا نتيجه
ليجدها تشدد من احكام ذراعها حول رقبته وتقرب من رقبته السكين أكثر فأكثر ..
وهي تهدر بقسوه كقسوة القدر عليها: بطل كلام ..
ثم بدأت تتحسس جيوبه بحثا عن مال لكنها لم تجد
فهتفت به: فين فلوسك ما انت مش معقول تكون راكب عربيه بالابهه دي ومش معاك حتي تمن البنزين بتاعها ..ولا انتوا من الناس اللي بتتمنظروا ع الفاضي ..
صك أسنانه بغضب ليهدر بها بحزم وغيظ: احترمي نفسك بدل ما تشوفي مني الوش التاني
فضغطت علي رقبته بشده آلمته
وهو لم يحتمل ذلك وخصوصا ان صبره بدأ ينفذ.. فبسرعه ابتعد عن فضاء ذراعيه
ليخرج بعيدا عن آسره
اهتزت لثانيه من قوة بنيته العضليه فهو تمكن من الافلات منها بكل ليونه وكأنه مدرب علي ذلك ..
لكنها تماسكت وعادت ملامح وجهها للجمود وهي تتمسك يالسكين بكل قوتها وهي تقف امامه بثبات تنتظر بشجاعه لحظة الهجوم وبداية الحرب والمقاتله بينهم ..
وكان ذاك الوشاح يغطيها بالكامل لا يظهر فقط سوي عينيها التي تشبه عيون الصقر ..
وهو كان يدقق فيها من رأسها لأخمص قدميها بتمهل ممزوج بسخريه..
فهي بالطبع لن تستطيع مجابهة قوته القتاليه التي تدرب عليها مرارا وتمرار في تمرينات الخاصه بظباط الشرطه ..كما انه يذهب يوميا لصالة الجيم ..
بعد كل هذا فالطبع سيده مثلها كبيره في السن لن تستطيع مواجهته..
ليهتف: بقولك ايه يا حجه انا لخد دلوقتي مش راضي اجي جنبك لانك كبيره في السن ..بس وديني وما اعبد لو ما بطلتي الهبل اللي بتعمليه معايا ده ..لوديكي ورا الشمس ..فبهدوء كده سلميلي نفسك عشان اوديكي علي اقرب قسم شرطة..
لتهتف: دا بعيد عن شنبك يا باشا
فيصك اسنانه بغيظ وبعدها يقترب منها وكل غضب الدنيا يتقافز أمام عينيه ..
كان يقترب وهي تبتعد فيبتسم بثقه وغرور
حتي اصطدم ظهرها بسيارته التي تقبع خلفها .. حينها كشر عن اسنانه بأبتسامة غرور وكادت ان تمتد يده لتأخذ منها السكين بكل سهوله كما اعتقد هو ..
حينما وجدها قد سدد لها ضربه قاتله من قدميها عن أسفل ركبته
ليقفز علي قدم واحده والاخري تحيط بها يديه وهو يتأوه من الالم ..
ولم تمهله لتفاجئه بعدها بدفعه قويه من جسدها النحيف الذي يواريه ذاك الجلباب ..
ليسقط علي الارض وهو يتأوه من الالم ..
فكأن ساقا من حديد اطاح به وليست تلك النحيفه ..
أقتربت منه لتقف امامه علي بعد خطوات لتهتف: ما يقع إلا الشاطر يا كابتن ..
بعدها لمحت ساعته الرولكس حول معصم يده فمالت بجذعها عليه لتنتشلها منه ..
وما ان وضعت يدها حتي تعلقت الساعه بيدها فهي كانت ع وشك السقوط منه فهو لم يكمل اغلاقها حول معصمه عندما لمحها تتسطح في وسط الطريق ..
فتبتسم وهي تهتف له: تصدق الساعه بنفسها مش عايزه تكون معاك …شكلك وباء الكل بيهرب بعيد عنه …
وهمت لتبتعد
لكنه سبقها ويده تمسك بآخر طرف للوشاح
عندها سقط ذاك الوشاح الذي يغطي وجهها ورأسها كليا ..
وهي التفتت له من الصدمه وهي تنظر له بعيون تبرق من الذهول
وصدمته كانت اكبر واشد عندما رأي ان تلك السيده ما هي إلا شابه صغيره تقاربه في العمر ..
.ليهمس بذهول: انتي بنت!!!!!!مش سة عجوزه ولا حاجه ..
بعد كلماته وجدها تهرول بعيدا عنه بسرعه كبيره وهو لن يتركها تفلت من بين يده بسهول ..
فنهض بسرعه ليلحق بها وبسبب تمرينا الشرطه المهلكه استطاع بسرعته وبنية جسده القويه وبخطواته الواسعه ان يلحق بها ..
حتي اعترض طريقها وهو يقف امامها مكتفا ذراعيه امام صدره..
ووقفت هي بخوف وكانت تبتعد عنه للوراء وهي تبتلع ريقها بصعوبه
هامسه بتلعثم: اننن انت هتعمل ايه..
بسط كفه امامها بكل سهول ليهمس لها ببرود : الساعه ..
تبادلت النظر بين كفه وبين ساعته التي تتمسك بها في قبضة يدها ثم رفعت نظرها لتتطلع لعيونه التي تنظر لها بثبات ..
هي : تمام هديهالك بس بعدين هتسيبني امشي عادي ..
ليومئ لها لكن بداخل عقله يدور العديد من الافكار الشيطانيه التي سيوقعها بها ..
وهي ايضا مثله كانت تفكر في طرق للتخلص منه …حتي تهرب بعيدل بعيدا الي ما لا نهايه ..
وطالت النظر للساعه بين يديها قبل ان تقترب ببطئ من كفه الممدوده لها
لكن عيونها كانت ماكره خبيثه تخبئ الكثير خلفها ..
ونظرت من حولها لتجد بعض الماره وعندها قامت بدفع نفسها بنفسها علي الارض وظلت تصرخ وتصرخ وكأنها تصرخ به بان يتركها ولا يضربها اكثر وهو من الاساس لم يلمسها واثناء ذلك مزقت الكم الايمن للقميص الذي ترتديه ..
وهو كان يستغرب افعالها ويقف في حيره وذهول من امرها ..
فتجمع الكثير والكثير من الناس حولهم ..
فهتفت بدموع مزيفه : الحقوني الراجل ده عايزني اجي معاه شقته غصبا عني ..وعربيته اللي هناك دي
وشاورت لهم علي مكان السياره
ثم أكملت بزيف ودموع تماسيح:
ولما رفضت ضربني وحاول يتعدي عليا ..حتي شوفوا
قالتها وهي تشاور علي كم قميصها المقطوع ..
وهو كان يفغر فاهه لها بصدمه
ليهتف : نعم يا روح امك ..
لتتصنع الخوف وتبتعد عنه عندما اقترب منها وتختبئ خلف سيده كانت تقف ضمن المتفرجين ..
لتهتف تلك السيده: حرام عليك انت معندكش اخوات .
وآخر هتف: ولا انت عشان ربنا اداكم هتفتروا علي الناس الفقيره اللي زينا !!!
آسر: انت بتقول ايه مش مظبوط الكلام ده ..
لكن هتفت هي بخوف متصنع: اوعوا تصدقوه ..دا كان عايز
ثم صمتت وهي تشهق ببكاء متصنع: مش قاادره اكلها. ..وصعبان عليا نفسي اووي ..ارجوكم انقذوني منه ارجوكم. ..
لم يتمالك اعصابه واقترب منها وهو يسب ويلعن فيها
لكن الناس وقفت سدا بينه وبينهم بل وانهم كادوا يتعدوا عليه بالضرب لولا انه كان يلكم بعنف كل من يقترب ناحيته ..
لكن في النهايه تكاثروا عليه وكما يقولون الكثره تغلب الشجاعه
فهتف بهم بضيق: سيبني انت وهو انتوا متعرفوش انا مين ..والله هوديكم في داهيه لو مش سيبتوني اقبض علي الحراميه دي قبل ما تهرب ..
ربتت السيده التي بجوارها علي ظهرها بعطف لتهمس: اطمني يا بنتي هم ماسكينه ومش هيسبوه روحي انتي واحنا هنتصرف معاه حاكم فيه من أمثاله كتير ..
فهتف بضيق: تروح فين ..مش قبل ما اقبض عليها ..
احدهم هتف به: بس يا جدع انت المفروض يقبضوا عليك انت لان هي الضحيه ..
ليزفر بغيظ وغضب وعيون مشتغبه جمرا وهو ينظر لها لأبتسامتها المنتصره عليها وعيونها الشامته به والتي لم يلحظها احدا سواه ..
بعدها تومئ بمسكنه وبراءة قطا وديع للسيده ثم تذهب وتبتعد وابتسامه عريضه تشق جانب وجهها ..
وهو حاول الافلات منهم ليلحق بها لكنهم لم يمكنوه من ذلك
فهتف بغضب: علي فكره انا هوديكم في داهيه انتوا متعرفوش اتا مين يا بهايم ..
اجابه احدهم: هتطلع مين يعني
آسر بنفاذ صبر: انا ظابط شرطة يا غبي ..
الرجل بسخريه: طب وايه يعني ما انا مساعد وزير الداخليه عادي …بردوا مش هنسيبك حتي لو قلت انك ظابط ..فبلاش تترسم علينا يا حضرة الظابط ..
قال الاخيره بسخريه ليضحك الجميع ….
.اما هو فكان في قمة ضيقه وتوتره لو يتركوه وقتها سيحرق اليابس والاخضر ..
فقال احدهم: احنا لازم نروح بيه القسم ..وهناك نقدم فيه شكوي ..
عشان يبقي عبره لغيره
آخر هتف: عندك حق يلا بينا ..
******
في قسم الشرطة
كان يقف وهو يمرر يده بين خصلات شعره بنفاذ صبر وضيق
ليهتف بضيق : انت ليه مش عايز تصدق اني ظابط شرطة زييك ..
الظابط: لو ده صحيح فين بطاقة هويتك …
آسر: معرفش هي فين انا دورت عليها كتير ومش لقيتها اكيد الحراميه دي هي اللي سرقتها ..بس اما اشوفها بس بنت ال****
الظابط: وطب وكلام الناس بأنك حاولت تعتدي عليها ..
آسر: محصلش ..والناس دول صدقوا دموعها المزيفه من غير ما يعرفوا الحقيقه ..
الظابط: للآسف كل الشهود ضدك وهضطر أمر بحبسك,
لان لا معاك بطاقتك الشخصيه ولا حتي اي هويه ليك ..وده مش في مصلحتك ..واكيدا انت عارف الكلام ده ..ده لو انت ظابط شرطه زي ما بتقول . ..
آسر وهو يزفر بضيق: طب ممكن تسمحلي بمكالمة تليفون …
الظابط: تمام بس مش تطول ..
ليومئ له آسر وهو يقف في زواية ما ليخرج هاتفه من جيب سترته ويضغط علي عدة اذرار ….
*************
في الخرررررابه
المعلمه(سميحه القط) : جيبتي ايه النهارده يا بت
زهره وهي تلقف بالساعه الرولكس في حجرها: ساعه مكنتيش تحلمي بيها في يوم ..
.فتكشر تلك الجشعه عن انياب طمعها بالمال وهي تبتسم وتحملق بالساعه كما لم تري شبيهتها من قبل ..
فتهتف برضا: لسانك طويل بس تستاهلي اني اتغاضي عن طوله وقله ادبه …برافوا عليكي يا بت دا انتي محبتكيش ولاده ..
رملين التي كانت تقف مستشيطه: دي مجرد ساعه يا معلمه. مش محتاجه يعني المدح ده كله..
سميحه القط: بس انتي اش فهمك ..دي اللي بتستعيني بيها بتتباع بالعمله الصعبه …
فنظرت زهره ل رملين مغيظه اياها ثم هتفت: يا بت شكلك بتحبي انك تتكسفي كتير اتبطي بقي وحلي عن نفوخي وبتطلي تخطيني في دماغك …
رملين بغضب: احترمي نفسك يا زهره ..قصدي ياضبع ..
قالت الاخيره بسخريه..
لتهتف زهره وهي تقلد نبرة صوتها: ماله ضبع يا اختي مش احسن رجلين ..
رملين بغضب: اسمي رملين مش رجلين ..
زهره بعند: انا كيفه كده وبعرف انطقه كده ولو مش عاجبك روحي اشربي من البير عادي ..
كادت رملين ان ترد عليها
عندما قاطعتهم سماح القط هاتفه: بااااس …انتوا هتتخانقوا ادامي. يلا يا بت انتي وهي انجروا عشان توزعوا البضاعه مع الباقي. يلاااااا …
عندها دخل اثنان من الاولاد وهم يسندون فتي في مثل سنهم
فأعمارهم لا تتعدي(اربعة عشر عاما)
فتهتف المعلمه(سميحه القط):ماله الواد ده ؟؟!!!
احدهم ويسمي(زيزو):خاد شمة هيروين تقيله يا معلمه ..
المعلمه وهي تخبط علي صدرها بخضه: نهااااار اسود طب وجايبينه يموت هنا يا ولاد الهبله شيلوه يلاااا ولقحوه في اي داهيه غير هنا …
لكن زهره اقتربت من ذاك الممدد علي الارض لا حوله له ولا قوه لتهتف بقلق حقيقي عليه:بندق اصحي يا بندق ..مالك يا بندف بس ايه اللي حصلك..بندق …
لكن بندق لم يجيب ..
فتهتف لها المعلمه: بت ابعدي عنه
ثم اشارت للواقفان: شيلوه يلا من هنا ….
لكن اوقفتهم زهره بحزم: استنوا..ثم نظرت للمعلمه لتهتف: بندق لازم نجيبله ضكتور (دكتور)يشوفه دا ممكن يموت ..
سميحه:ضكتور(دكتور)ايه انتي اتجننتي ومين اللي هيصرف عليه بقي وبعدين ليه نجيب لنفسنا نصيبه(مصيبه)
زهره: لأ مستحيل اسيبه يموت انا هاخده لاقرب مستشفي . يلا يا ولاد سندوه معايا …
المعلمه وهي تنادي عليها بصراخ: استني يا بت متجيبلناش مصيبه ..انتي يا بت …
لكن زهره لم تعيرها اي من انتباهها
واكملت طريقها وهي تسند بندق
مع الولدان الاخران ….
فهتفت سميحه بتوعد لها وهي تتابع طيفها الراحل : ماشي يا زهره..لما ييجي شوقي هخليه يعرف شغله معاكي ..
ف زهره تعتبر بندق بمثابة اخ صغير لها ..فهي وهو تجمعهم مواقف عده يشعد لها الجميع بالصدق والوفاء كأخ واخته او كصديق وصديقته ..
فهو من هون عليها مرارة الايام والسنين التي قضتها من عمرها في عذاب وذل !!!!
فكيف تتخلي عنه بكل الك السهوله؟؟؟
………………

يتبع….

الفصل السابع

في قسم الشرطه
وضع سليم بطاقة هويته أمام الظابط ..
فيردف: دي بطاقة هويتي يا حضرة الظابط سليم مالك الزهار أظن ده كافي عشان تخرجه.
الظابط: أكيد… عايلة الزهار من أكبر العائلات المعروفه وانا سعيد جدا لاني أتشرفت بمعرفتك ..
ثم نظر ل آسر الواقف بوجوم وغيظ: وكمان بنعتذرلك لسوء الفهم ده يا حضرة الظابط ..تقدر تتفضل تمشي دلوقتي وانا هقفل المحضر بنفسي ..
آسر بعصبيه وجمود: بعد ايه ..دا خلاص كنت همسكها بس لولا تدخل شوية الاغبيه دول ..
سليم : خلاص بقي يا آسر جات سليمه ..يلا يلا نمشي من هنا ..
..
أمام قسم الشرطه وبمجرد ان خرج سليم ظل يضحك ويضحك وهو ينظر ل آسر الذي يكتف ذراعيه بضيق وملامح وجهه مكفهره من الغضب والغيظ وأذنيه حمراء تغلي كمرجل يذوب غليانا بفقعات صادره منه من شدة ولهيب جمر النار من اسفله ..
آسر: بتضحك علي ايه ..هي ناقصاك انت كمان ..
سليم وهو يمسك مكان بطنه من الالم الذي وخزه آثر ضحكه المتواصل : اصلي مش قادر اصدق ان آسر الجندي الظابط المعروف بشجاعته وقوته حتة بنت تثبته لأ وكمان تعلم عليه وتسرق منه ساعته النفيثه ..
آسر بغيظ: وربنا ما رضيت اضربها لاني كنت فاكرها سة عحوزه . بس بنت الاية كانت بتمثل عليا وطلعت عادي من نفس عمري ..بس وديني ما انا سايبها ..
سليم وهو يصدر ضحكه مجلجله
أغاظت آسر ..
:وكمان ضحكت عليك ..يا نهار دا كده هيبة الداخليه راحت يا جدعان ..بجد مش مستوعب لحد دلوقتي ان فيه بنت قدرت تثبتك وكمان تسرق الساعه منك وربنا حاسس ان البنت دي من عجائب الدنيا السبعه لانها قدرت تعمل فيك اللي عصابه بشنبات مقدروش يعملوه ..والله أمنيتي دلوقتي اني اشوفها عشان اضربلها تعظيم سلام ..
آسر وقد غلت أعصابه غيظا وغضبا: سليم بطل تستفزني
بصعوبه حاول ان يمسك نفسه لكن في النهايه لم يقدر وفلتت منه الضحكات واحده تلو الاخري ..
اما بطلنا آسر فكان كما انه خرج لتوه من عذاب جهنم وطقطق رأسه عن يمينه ويساره ليهدئ أعصابه ..
لكن لم يقدر ..فهو في حياته كان الاول في كل شئ بلا منازع حتي انه أحتل المركز الاول في الملاكمه والمصارعه والكنغوفو ورياضة الجري ورفع الاثقال والمبارزه بالسيف ورياضة التصويب وفي كل واحده أحتل الصداره بلا منافس حتي انه تم تكريمه عدة مرات بسبب نجاحه الساحق في القبض علي اعتي وأشد المجرمين الذين ابدا لم يقدروا علي هزيمة الصاعقه آسر الجندي نعم هذا هو لقبه الصاعقه فهو كبركان مدمر وجبل راسخ لا تهزه الرياح ..
بالاضافه لتدريباته في الشرطة والتي تعتبر من اصعب التمرينات ع الاطلاق فهناك تدريب كالصخور للرجال الحقيقين وليس لأشباههم ..
وذهابه اليومي في الصباح الباكر لصالة الجيم حتي استطاع ان يملك عضلات لا تهزها أي معارك وجسد رياضي فذ من الدرجه الاولي
فكيف بعد كل بطولاته تلك وعمره التاريخي هذا في نيل الصدراه
ان تأتي تلك النحيفه وتهزمه بل وتضيع ما عاني في بناءه هباءا كأن ما مضي من عمره كالاوراق الهشه التي تنقلها الرياح هنا وهناك بكل بساطه ..
سليم وهو يكتم ابتسامه تريد وبشده ان تظهر : ايه يا صاعقه سرحت في بطولاتك ولا بتتحسر علي كل أمجادك اللي ضيعتها البنت دي بضغطة ذرار واحد ..
آسر الذي انتبه لكلماته الساخره: تعرف وربنا لو ما سكت لتشوف مني الوش التاني يا سليم ..وبعدين مش عايز حد من العايله يعرف اي حاجه عن اللي حصل ده ..
سليم بأبتسامه اغاظت آسر وبشده: طب بذمتك دي حاجه تتحكي بردوا عايزني اقولهم ان الصاعقه اتغلب علي ايد ورقه من اوراق الشجر المتطاير ..عشان تتفضح ادامهم وتحط راسك ف الارض
كان يقول الاخير وهو يقهقه بسخريه
آسر وقد بلغ الغضب قمة ذروته ليقترب من سليم الذي مازال يضحك عليه ..
فيقف قبالته وعندها يناوله ضربة قويه كالصخر من قدمه عند ساقه في الاسفل ..
وعندها يتوقف كل شئ ويتحول العالم لضباب
فيميل سليم بجذعه ويمسك بيديه ساقه وهو يئن آلما ووجعا من شدة الضربه …
آسر بتشفي: أحسن عشان عمال اقولك بطل وانت بردوا مصمم تعصبني اتحمل بقي يا بطل نتيجة عمايلك ..
سليم : آآآآه آآآآآه..منك لله يعني متشطرتش علي الحمار فجي تتشطر ع البردعه . طب اروح دلوقتي ازاي ..اروحلهم يعني من غير رجل عشان امي تتخض ..روح يا شيخ اشوف فيك يوم طب انا بني ادم ينفع اهزر الهزار ده معاك انما انت جبل يعني مينفعش خالص تهزر مع البي ادمين اللي زينا …ده بدل ما تشكرني اني طلعتك من القسم بدل ما كنت تتسجن وتبقي رد سجون وساعتها كانت العايله هتتبري منك لانك كنت هتبقي سوابئ
ضيق آسر عينيه بغضب ليهدر بنفاذ صبر: سليممممم ..
هتسكت وتيجي تسوق من سكات ولا اوريك عصبيتي وغضبي ده هيطلع عليك ازاي …
سليم: تطلع عصبيتك ..لأ ابوس ايدك خليها محبوسه وانا اهو سكت مش هتكلم تاني انا اصلا بحب الصمت ..هو انا قدك ولا قد عصبيتك ..قال تتعصب قال
***********
وصل بسيارته امام الفيلا الواسعه ليهدر بالاثنتان
غالب: وصلنا ..ثم ألتف ل نداء الجالسه في المقعد الخلفي تمنع دموعها بصعوبه من النزول
ليهتف : انزلي يا نداء عايز اتكلم مع سلمي كلمتين ..
وعلي الفور تفتح باب السياره لتترجل منه بقلبا مكسور ..
وعندها انهمرت دموعها بكل حزن علي مجري وجنتيها ..
وابتعدت بأقصي ما تستطيع لتدخل بخطوات راكضه للفيلا وعندها تسرع نحو درجات السلم الرخاميه لتأكل درجاته اكلا وكل ما بداخلها يؤلمها بل يوجعها ويرهق قلبها حد النخاع
دخلت بسرعه لغرفتها وارتمت علي سريرها تبكي وهي تدفن وجهها في الوساده
صوت بكاءها يقطع القلوب حقا ..
في السياره
غالب: قبل ما تنزلي مش عايز مره تاني اشوفك باللبس ده انتي فاهمه ..إلا قسما بربي يا سلمي لأحبسك جوه اوضتك ومش هطلعك منها ابدا لو ما رجعتيش عن عنادك ده ..
سلمي بغيظ : اسمع بقي بزياده اللي انت بتعمله ده انا مش عبده عندك ولا موظفه عشان تعاملني بالطريقه دي ..وبعدين انت ملكش اي حق عليا عشان تقولي كده انت بس مجرد انك ابن عمي مش اكتر ..وكلامك ده تروح تمشيه علي اي حد إلا انا ..
ثم فتحت باب السياره لتترجل لكنه كان اسبق منها ومسك معصمها بقوه
لتجده يصك اسنانه بغضب هادرا بها : انتي تعملي اللي بقولك عليه من غير مناقشه فاهمه..
فتنفض يده عنها بقوه وبسرعه تترجل من السياره
لتهتف بأغاظه: لأ مش فاهمه ..
فتجده يترجل من السياره بملامح غاضبه ويتجه نحوها لكنها أسرعت وأختفت من امامه تركض بخطوات سريعه لداخل الفيلا فقابلت عند باب الفيلا والدتها التي سألتها : سلمي اختك نداء مالها ..وليه اتأخرتو كده ..
لكنها تجاهلتها بوجه غاضب واكملت طريقها للداخل .
فذهبت الام الي حيث يقف غالب
فتهتف:.غالب فيه ايه يا ابني سلمي ونداء مالهم .
غالب وقد زادت اوداجه وملامحه غضبا بالاضافه لتقطيبه حاجبيه: مفيش ..
ليتجه بكل نزق نحو سيارته ويستقل مكانه خلف مقود السياره ثم ينطلق بها مبتعدا ومتجاهلا لملامح زوجة عمه المقطبه بحيره وتساءل ..
***********
داخل السياره الفارهه حيث يقودها سليم الزهار متجها بها نحو مدرسة روميساء كما طلب منه آسر ..
فهو بسبب كل ما حدث نسي وعده لها بأن يأتي الحفله مبكرا
وهو متأكد بأنها تنتظره الان وهي في قمة غضبها ..
حتي وصل بالسياره امام المدرسه الثانويه للبنات ..
آسر وهو يفتح باب السياره ليترجل منها تعالي ادخل معايا بدل ما تفضل مستني هنا لوحدك
سليم بتلبك وهو يزيغ بعينيه بعيدا: لا لا انا هستني هنا افضل ..
آسر: لأ طبعا مينفعش احتمال الحفله تطول شويه ..ولو مصمم متدخلش يبقي روح انت وانا هطلب تاكسي يوصلنا وكمان يودينا لمكان عربيتي عشان اخدها معايا ..
سليم وهو يزفر بأستسلام: تمام هدخل وأمري لله ..
قال الاخيره بخفوت بحيث انها لم تصل لمسامع آسر ..
ثم دخل الاثنان للمدرسه سويا
فيجول آسر بعينيه في المكان ليلمحها تقف من بعيد مع بعض زميلاتها الفتيات..
فيقترب منها وخلفه سليم الذي يشعر بتوتر بالغ
فيهمس وهو يقف خلفها:رومي
فتلتف له بملامح غاضبه كما توقع فأبتسم وهي اقتربت منه لتهتف وهي تكتف ذراعيها امام صدرها: بقي ده وعدك ليا..صدق فعلا انك جيت اول واحد لدرجة ان كل الفقرات بتاعت الحفله لسه مش بدءت .
تغاضي عن السخريه التي تبطن كلماتها ليهمس: والله تأخير كان غصب عني حتي أسألي سليم..
قالها وهو ينظر خلفه علي سليم الواقف بأرتباك ..
وبمحرد رؤيتها له امامها تغيرت ملامحها لتنكمش وتبتلع ريقها بتوتر وهي تشيح ببصرها عنه
وهتفت بهدوء يناقض ما كانت عليه منذ قليل :طيب خلاص مش مشكله ..
آسر : ايه ده بجد ..يعني مش زعلانه لاني اتأخرت ..
روميساء: لأ مش زعلانه بس انا عايزه اروح لان الحفله خلصت خلاص .
آسر : تمام ثواني هنادي سليم عشان يوصلنا .
وعلي الفور رفعت اليه بصرها لتهتف: لأ..ليه سليم يوصلنا ما توصلنا انت بعربيتك ..
للحظه تطلع اليها بحيره بسبب اعتراضها وتبدل ملامح وجهها لكنه تجاهل ذلك ليهتف : معلش اصل عربيتي اتعطلت واضطريت اركنها بعيد عن هنا ..
بالطبع لن يقول لها ما ما حدث معه فتلك ستكون فضيحه كبري له ..
……..
في المستشفي
الطبيب بعد ان فحص بندق فتساءل
: هو اخد حاجه مخدره
زهره وهي تحك تحك رأسها بأرتباك : حاجه مخدره ..زي ايه مثلا يا دكتور ..
قالتها برعب فهي تخاف وبشده ان يبلغ الشرطه بسبب ذلك وعندها ستدخل السجن لمدي الحياه ..
الطبيب: زي هيروين مثلا بودره مثلا او حشيش..
زهره بمسكنه مزيفه: يااا نهار بودره وحشيش ..قالتها وهي تخبط يدها علي صدرها بصدمه مصطنعه
ثم هتفت بدموع مزيفه: هي حصلت يا بندق بودره وحشيش . دا لو امي عرفت هتروح فيها ..ابوس ايدك يا دكتور استر علينا ربنا يسترك دنيا وآخره ..وانا لما يقوم بالسلامه ليا معاه كلام تاني وهخليه يبعد عن السكه دي ..دا انا وامي ملناش غيره بعد ما ابويا اتوفا ..ولو امي عرفت ممكن هي كمان تحصل ابويا . يرضيك يا ضكتور(دكتور) يحصلنا كل ده..
قالتها وهي تذرف دموع مزيفه أعتاذت ان تذرفها بسبب طبيعة عملها في السرقه والتمثيل لخداع الناس ..
الطبيب وقد لانت ملامحه وتأثر بكلماتها: خلاص مش هبلغ الشرطه بس اوعديني انك هتخليه يبطل الارف ده ..
زهره: عنيا يا ضكتور(دكتور) بس انت وحياة عيالك يا شيخ تعالج الواد ..
الطبيب بتعجب من لهجتها: نعم!!!
زهره في سرها: يااادي النيله ده ضكتور(دكتور) يعني مينفعش معاها لغة الحواري دي يا بت يا زهره ..
ثم تهتف له: بقصد يعني يا ضكتور(دكتور) انك تعالجه ينوبك فيه وفيا وفي امي الغلبانه الي في البيت ثواب ..
الطبيب: حاضر ..
زهره بأبتسامه: تسلملي يا ضكتره ..
رفع الطبيب حاجبيه وهو ينظر لها بأستنكار من لكنتها وطريقة كلامها ..
فبهتت ابتسامتها وهي تراه ينظر لها هكذا وعلمت انها أخطأت لتهتف: اقصد تسلم يا ضكتور(دكتور)
ثم أكملت: ووالفلوس يا ضكتور(دكتور)نظامها ايه..
الطبيب:دي بقي تروحي تدفعيها عند الكيس ..
زهره وهي تفغر فاهه ببلاهه: هاااا !!! ايه الجمله العجيبه اللي قلتها دي يا ضكتور(دكتور)
الطبيب:قصدي يعني الخزنه يعني تروحي تدفعي الفلوس عند الخزنه ..عن اذنك ..
ثم تركها بعد ذلك وذهب ..
لتقترب هي وتنظر لملامح بندق النائمه بأستكانه وكم يبدوا ضعيفا مرهقا بتلك الهالات السوداء تحت عينيه بسبب المخدرات اللعينه..
فتضع قبضة يدها أسفل ذقنها بشرود
فكيف ستدبر له المال …
وذلك المسمي شوقي أخذ منها منذ أيام كل المال الذي كانت تخبئه في غرفة البدروم ..
وذلك كله بسبب رملين اللئيمه التي أكتشفت ما تفعله زهره وبسرعه أخبرت شوقي بالمكان ليذهب اليه ويأخذ منها كل ما كانت تدخره طيلة السنين الماضيه ..
وعندما رفضت إعطاءه للمال قص شعرها الذي كان ينسدل لأسفل كتفيها بزهو أمام جميع من في الخرابه . تتذكر وقتها انها كانت تبكي بشده وترجوه بأن لا يفعل ذلك ورجته كثيرا حتي انها كادت تقبل يده وقدميه ليتوقف لكن لا حياة لمن تنادي فأستسلمت لقدرها بخنوع ودموعها تنهمر علي وجنتيها وتلك كانت اول خطوه لقتل الانثي في داخلها ومن وقتها ومن يراها يظنها شابا من بعيد لكن من يراها من قريب يشاهد امامه فتاه في قمة الجمال لولا ملامح الحياه القاسيه التي لوثت وجهها ..
ومن وقتها وهي ترتدي ملابس تجعلها شبيهه بالاولاد بسبب شعرها القصير وكما انها كرهت كل شئ يخص الفتيات حتي كرهت بأن امها انجبتها فتاه ..هذا اذا كان لديها ام من الاساس ..
هذا ما ظنته
تنهدت بضيق وهي تفكر بحل لتدفع من خلاله مصاريف علاج بندق..
*********

يتبع…..

الفصل الثامن

في الطريق
آسر الذي يجلس بجوار سليم في المقعد الامامي
يشاور له علي سيارته التي يلمحها من علي بعد
آسر: ايوه يا سليم عربيتي هناك ..وقف العربيه هنا بقي..
وبالفعل اوقف سليم سيارته
ترجل آسر من السياره ولكن قبل ذلك هتف ل روميساء التي تجلس في المقعد الخلفي : رومي حبيبتي هروح أجيب عربيتي
وخلي سليم يوصلك وانا همشي وراكم بعربيتي …
روميساء بخضه : لا لا ..انا هفضل معاك انت ..
آسر وقد تعجب من رد فعلها المبالغ فيه : حبيبتي سليم زي اخوكي عادي وبعدين انا همشي وراكم بالعربيه ..فمتخافيش ..
ابتلعت ريقها بتوتر بالغ وحبيبات العرق التي تهللت فوق جبينها منذ فتره هبطت لتعلن عن مدي تحاملها لتبقي متماسكه جامدة في مشاعرها امام سليم ..
كيف لا وهو حب عمرها واجمل شئ في طفولتها ..
هتفت بخفوت: آسر ارجوك خدني معاك..
تصدر من آسر ضحكه مجلجه فهو يري امامه مجرد طفله تتمسك به اينما يذهب وليست شابه في مقتبل العمر
ليهتف بشقاوه: والله العظيم انتي اللي هيتجوزك هيتبلي بيكي فعلا ربنا يصبره ..يلا عن اذنك
ثم وجه انظاره لسليم هاتفا بحزم: وانت خلي بالك منها واوعي تضايقها زي ما كنت بتعمل زمان انا هكون متابعك هاااا..
سليم بأبتسامه مرتبكه : هو انا أقدر دي كفايه انها أختك ..
ابتسم آسر بهدوء لينسحب بعدها ويتركها مع سليم وحدها ..
وفي تلك اللحظه زادت دقات قلبها بسرعه تعلن عن مدي ارتعاش كامل جسدها الغض الرقيق حتي ان اطراف يدها زادت حمره ورعبا من شدة الخوف ..والقلق والخجل في نفس الوقت ..
فهي اول مره تكون وحدها معه بعد ان كبرت وصارت في ريعان شبابها ..
وهو ايضا كان يحمل نفس مشاعر الخوف الارتباك والحرج الشديد حتي ان وجهه احمر كوجهها من شدة ارتباكه وفقط وجوده امامها يجعله عاجز عن اي حديث
ولا يدري قلبه البائس لما هي تحديدا من ينبض قلبه لها بكل عنف هكذا ..
لذا بصمت داست قدمه علي مكابح السياره لتنطلق بأضطراب وحيره كصاحبها..
وظل الاثنان هكذا طوال الطريق صامتين كأن علي رؤسهم الطير كما يقولون في الامثال ..
اما آسر فكان يتبعهم بسيارته كما قال ولكن هذا كان في بداية الامر
لانه بعد ذلك غير مسار سيارته متجها بها نحو مكان ما ..
تُري ما هذا المكان !!!
****************
عند إشارة المرور في شارع عمومي واسع
وقفت زهره بعيدا علي بعد خطوات لتنادي علي( زيزو)وهو فتي في عمر بندق وأحد المقيمين معهم في الخرابه وتربط زهره به علاقه لا بأس بها ..
كان زيزو يقف عند سيارات الاثرياء ليمسح عنها الغبره بخرقه سوداء داكنه ومتسخه من كثرة الاتربه عليها ..وفي المقابل ينقدونه بعض العملات المستديره
هذا هو عمله بجانب السرقه وتوزيع البضاعه مع اقرانه في الخرابه ..
وبالطبع علمتم ما تحويه تلك البضاعه ولا داعي لسرد المزيد ..
اقترب منها زيزو حتي وقف امامها ..
زيزو: فيه إيه؟؟يا زهره بندق حصله حاجه
زهره: يا شيخ تف من بؤقك فال الله ولا فالك..
زيزو: طيب جيتي هنا ليه..
زهره: ما تهدي يا واااد متصربع علي ايه ..بص انا جيتلك عشان لقيت طريقه نجيب منها سبوبه حلوه عشان نعالج بيها الواد بندق بس عايزاك انت لوحدك تساعدني فيها
زيزوز: عنيا لبندق بس ايه الطريقه دي..
زهره وهي تتلفت حولها بحذر: يا واااد خليك ناصح هو الكلام ده هيكون هنا بردوا …عايز يا ناصح الحكومه تكبس علينا ونقضي بقية حياتنا في الكلبوش ..
زيزو: صح انتي صح..طيب هخلص شغلي واروحلك فين ..
زهره: الافضل منروحش الخرابه خلينا نتقابل في المكان اللي ورا الخرابه هناك محدش هيشوفنا ولا يقولنا انتوا بتعملوا ايه ..
زيزوا: طيب .
زهره: اوعي تتأخر يا منيل ..
زيزوا:بطلي بقي طولة لسانك دي اللي هتوديكي في داهيه وبعدين مش عيب تشتمي راجل زيي ..
زهره: يا شيخ اتلهي كك وكسه دا انت عمرك ميجيش 13 سنه ..يلا انا همشي وتحصلني ع الله تتأخر هخلي ليلتك اسود من قرن الخروب..
ثم ذهبت وتركته ..
ليتنهد بيأس فتلك الزهره لن تغير من طباعها ابدا ولا من لسانها السليط ..لكن ابتسم في النهايه لانه تذكر انها طيبه رغم كل ما بها من عيوب فهي تفعل المستحيل الان لاجل معالجة بندق وهذا ان دل فيدل علي قلبها الطيب ومعدنها الاصيل..
………………..
وصل غالب بسيارته امام الشركه وترجل منها بخطوات غاضبه وحاجبين مقطبين وحركات مسرعه نحو مكتب والده
طرق الباب بهدوء وسمح له والده بالدخول
وعندما دخل وجد ان عمه يجلس امام والده ..فتنهد بأريحيه هامسا لنفسه : كده احسن بردوا عشان افاتحهم في الموضوع وهم مع بعض ..
أقترب منهم بوجها عابث ليقف قبالة عمه هاتفا ببعض الهدوء: ازيك يا عمي عامل ايه ..
مروان الدمنهوري: الحمد لله ..ازيك انت يا غالب ..
ابتسم بهدوء ليجيبه: يعني.. كويس ومش كويس ..
مروان وهو يقطب حاجبيه: فزوره دي بقي ..
حاتم(والده): خير يا غالب يا مغلبني فيك ايه
غالب بضيق وهو يجلس قبالة عمه : بابا
قالها وهو يوجه انظاره لوالده ثم اكمل وهو يدير نظراته لعمه: وعمي
ثم تنهد بضيق ليكمل وهو يري والده وعمه ينتظرون منه اكمال حديثه بكل أذان مصغيه
ليكمل: انا طالب ايد بنتك سلمي يا عمي …
كانت الصدمه وملامح الوجوم هي المسيطر علي الاثنان ..
ثم الصمت المطلق وعدم التصديق لكلماته التي القاها لتوه في وجوههم بكل برود ..
ولكن هذا هو طبعه العنجهي وهم باتوا يعرفونه جيدا
فلما الاندهاش؟؟؟؟
هتف: ها قلت ايه يا بابا انت وعمي؟؟..
قاطعه حاتم بضيق: غالب انت عارف رأي عمك في الموضوع ده .وعارف كويس انه مش هيرضي ان سلمي تتجوز قبل اختها الكبيره نداء..
غالب: ايوه بس ده مينفعش .. لو علي كده سلمي هتعيش طول عمرها من غير جواز ..
نهض مروان بكل غضب ليهدر ب غالب: قصدك ايه يعني..تقصد ان نداء بنتي وحشه عشان كده مفيش حد راضي يتقدملها ..
فنهض حاتم علي الفور ليهدئ الحوار هاتفا بهدوء: مروان اهدي اكيد غالب ميقصدش ..
ثم وجه نظرات ناريه ل غالب لينهض هو الاخر هاتفا بخنوع: اكيد مش اقصد كده يا عمي ..بس ده مينفعش خالص. .انا عايز اتجوز سلمي وفي نفس الوقت مش عارف نداء ممكن تتخطب امتي ..
مروان: تتخطب وقت ما تتخطب انا حر دول بناتي انا وانا ابوهم وانا اللي اقرر حياتنا تمشي ازاي مش انت ..
ثم نظر بضيق ممزوج بعتاب لاخيه هامسا: عن اذنك يا حاتم..
بعد ان ذهب هتف حاتم بغضب لكتلة الثلج الواقفه امامه: انت يا زفت ده كلام تقوله لعمك ..والله لولا ان امك هتروح فيها كنت اتبريت منك من زمان ..
ثم ترك له المكتب بأكمله ليحلق بأخيه الغاضب ويحاول ان يراضيه ..
اما غالب فيعاود ااالجلوس علي الكرسي وهو يزفر بضيق ..
ويتمتم بغضب : كنت انا ناقصك يا سة نداء ..اووف مش عارف اصلا انتي ليه اتوجدتي ف حياتنا انتي العقبه الوحيده اللي واقفه بيني وبين سلمي دلوقتي وبتمني ان العقبه دي تزول ..
قال كلماته في لحظة غضب لكن هل سيجعله الزمان يندم فيما بعد علي ما قاله..بل ويتمني مرار وتكرار ان يعود به الزمان ليمحي بضغطة ذر كل ما قال ..
لذا علينا جميعا ان نمسك السنتنا ولا نجعلها تتحكم بنا وبقلوبنا ..
لنري؟؟؟؟!!!
………………….
كانت نداء مازالت تبكي عندما سمعت صوت المؤذن ينادي بالصلاه لذا نهضت وهي تجلس علي طرف الفراش تمسح عنها دموعها المنكسره ..
وتدعو الله في سرها ان يلهمها الصبر والسلوان ..
فكسرة القلب ليست بالامر الهين!
ثم توجهت نحو الحمام الملحق بغرفتها لتتوضأ
وبعد ان انتهت من الوضوء ذهبت نحو خزانة ملابسها لتبدل ثيابها بالاسدال المخصص للصلاه ثم افترشت السجاده وصلت بكل خنوع وهي تتلو آيات القرأن بكل خشوع وطهاره ..
بعد ان انتهت
تمتمت بأذكار ما بعد كل صلاه
(أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. (ثلاثاً وثلاثين). لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير)
علي الجانب الاخر بعد ان تأنقت سلمي وابدلت ملابسها بأخري أكثر أنوثه من سابقتها بل ويجعلها ذاك الفستان الذي ترتديه وبالكاد يصل لركبتيها أنثي ناضجه في غاية الجمال ..
هبطت درجات السلم وصوت عالي يصدر من كعب جذمتها العالي حينما يحتك بالدرج الذي يكون في حدود ثلاث سنتيمترات
حتي أقتربت من امها التي كانت تجلس في الترٌاس وهي ترتشف القهوه امامها تاره وتقضم من الكيك بجانب القهوه تارة اخري
لتهتف سلمي بأنوثه: مامي انا ماشيه عايزه حاجه مني قبل ما امشي ..
لتطلع اليها والدتها متجاهله لما ترتديه
واسمها سميه : رايحه الحفله بتاع صحبتك اللي قولتيلي امبارح انك هتروحيها..
سلمي: ايوه. عن اذنك بقي ..
استوقفتها سميه هاتفه:.استني ..روحي لأختك وخديها معاكي بدل ما هي حبسه نفسها ف اوضتها خليها تغير جو شويه..
سلمي بنزق: انتي بتهزري صح ..نداء مين دي اللي اخدها معايا انتي عايزه اصحابي يتريقوا عليا بسببها ..وبعدين اخدها فين بلبسها العجيب ده…اكيد طبعا مش هاخدها ..وهي اصلا مش هتوافق لانها ملهاش في جو الحفلات ده عن اذنك. ..
ثم تركتها وذهبت متجاهله لكل محاولات والدتها بأستمالتها لتوافق علي اخذ نداء معها للحفله
فتنهدت سميه بضيق وأعادت الجلوس علي الكرسي وهي ترتشف القهوه
طريقة سميه في تساهلها مع سلمي غير صحيحه بالمره شكلا ومضمونا ..
لان كلنا راعِ وكلنا مسؤلا عن رعيته..
اما سميه فتركت لسملي الحبل علي الغارب كما يقولون ونتيجه لهذا تحررت سلمي في كل شئ حتي في طريقة لبسها وارتدائها لما تشاء …
……………
في مكان مظلم يقبع خلف الخرابه
كانت زهره تقف وهي تشرح لزيزوا خطتها
حيث كانت تفترش خريطه لمكان ما علي الطاوله امامهم ..
زهره: زيزو عايزاك تركز معايا عشان دي عمليه كبيره واللي هنسرقهم دول مش أي ناس دول ناااس فوق اووي ..يعني ممكن بتكة ذرار يجبونا من قفانا فركز ابوس ايدك ..
زيزو: حاضر بس احكيلي هنعمل ايه عشان معكش الدنيا..
زهره: اصُطبر علي رزقك ..
شاورت له علي نقطة ما تضع أسفلها خط
ثم هتفت: دي الفيلا اللي هنسرقها واللي حواليها ده الجنينه بتاعتها ..
هتلاقي عند البوابه اتنين غفر بيحرسوها فأحنا بقي مش هندخل من البوابه دي هندخل من التانيه اللي ورا . ودي غالبا مبيكونش حد واقف عليها …
وطبعا فيها كلاب بتحرس الفيلا..
زيزو بخوف: كلاب . لا أحنا ما اتفقناش علي كده..فتك بعافيه..
زهره: استني يا كلب ..اصبر شوف هقلك ايه ..كل حاجه هناك ليها حل عندي..
زيزو: طيب اديني بسمعك كملي خططتك الجهنميه يا ناصحه..
زهره وهي ترفع له احدي حاجبيها: غصب عنك ناصحه..اصلك مشوفتنيش وانا مثبته واحد طول بعرض من كام ساعه لأ وكمان لميت عليه الناس وخليتهم يودوه النيابه يا عيني وهو المجني عليه مش الجاني ..
زيزو: مش مستغرب علي فكره اصل ده مش جديد عليكي طول عمرك بتقدري علي اللي مفيش حد يقدر عليه مننا ..
زهره: جدع يااااض ركز بقي يا حيلتها معايا..
زفر بضيق وهو يستمع لها فزهره حتما ستظل زهره
لتكمل زهره: احنا هنيم الكلاب دي بحبوب منومه هنحطهالهم في حتتين لحمه..
زيزو: ايه..هو احنا ليقين ناكل لحمه اما نأكلها للكلاب ..
زهره: يخربيت طفاستك ياااض دا احنا هنطلع منهم بسبوبه حلوه يعني مش خساره نأكل الكلاب حتتين لحمه ..خليك شاطر..
زيزو:.طيب ..يا بخت الكلاب هتتعشي لحمه وانا هقعد اتفرج عليهم ..
زهره: ولاااا مش عايزه اي حركة غباوه في العمليه دي ..دا احنا هنسرق وبلا فخر عايله تعتبر من اغني عائلات البلد ..يعني لو استغبيت هنروح في الكلبوش علطول وهناك مفيش ياااما ارحميني ..انا راقبت الفيلا كويس وعرفت انا عندهم بنت واحده اسمها نوران وولد اسمه سليم وامهم طبعا عايشه معاهم بس الراجل جوزها مات من زمان ..
زيزو: احسن بردوا ريح واستريح..
لتكمل زهره: البنت دايما بتخرج الصبح وبترجع متأخر والواد صايع داير يتسرمح مع شوية صيع زييه ..اما الوليه امهم بتروح الشغل وبترجع منه في وقت متأخر اووي ..اصل عندهم شركه كبيره وهي اللي بتديرها مع واحد اسمه سالم الجندي ..
زيزو: يا بنت اللعيبه دا انتي هارشه عنهم كل صغيره وكبيره..
زهره بثقه: اومال ايه ..مش لازم اكون مخلصه في شغلي ..وأتقنه كويس ..
قهقه زيزو بقوه علي كلماتها فكما يقولون هما يُضحك وهما يُبكي …
……………
في الحفله ..
مرت سلمي من امام ثلاثه من الشباب
احدهم ويسمي حسن : ايه البت الصاروخ دي هي مين دي يااااض يا فكري ..
فكري وهو احد الثلاثه الواقفين: دي بقي اجمد بنت في الجامعه اسمها سلمي الدمنهوري . بس متحاولش معاها لانها لحد دلوقتي كابسه شباب الجامعه كلهم ومحدش بيعرف ياخد منها لا حق ولا باطل ..
حسن وهو ينظر لها بشهوه: خساره الغزال ده يضيع من ايدي ..
فكري بفكاهه: خيرها في غيرها يا ابو علي ..
فيقترب منهم شاب طويل يملك عضلات فولاذيه لا بأس بها .ويمتلك طله ساحره وملامح وسيمه للغايه ويمسك بين اصبعي يده سيجار من النوع الفاخر وينفثه بكل غرور وعنجهيه ..
فيبتسم فكري للشاب هاتفا: اهلا بالكينج ..كنت مختفي فين يا ابني الايام اللي فاتت دي ..
ليجيبه حسن بشقاوه وهو يغمز له: أكيد في مغامره من مغامرته النسائيه. انت هتوه عن وليد ولا إيه ..
وليد: بس يا خفيف انت وهو.. كنتم بتتكلموا في ايه قبل ما آجي ..شكلكم بتيجيبوا سيرة بنت في الحفله هنا
حسن : شايف البنت اللي هناك دي
وكان يشاور له علي سلمي التي تقف مع صديقاتها وتبدو منشغله بالحديث معهم لدرجة انها لم تنتبه لعيون وليد التي كادت تلتهمها من رأسها لاخمص قدميها
وليد وعينه معلقه بها: مين دي . انا اول مره اشوفها ..
فكري: دي بقي اسمها سلمي الدمنهوري ..بس متحاولش معاها لان اللي قبلك فشولوا فشل ذريع معاها..
وليد بغرور: بس مش وليد المنياوي اللي يتقله لأ ..
فكري: لا بقي دي بالذات هتقلك لأ والف لأ ..يا ابني دي حاطه مناخيرها في السما ومحدش عارف يتكلم معاها..
وليد: بس انا بقي هقدر وهكسرلها مناخيرها اللي حاطها في السما دي زي ما بتقول
فكري: طيب ايه رأيك نتراهن لو قدرت تخليها تحبك وتركع تحت رجليك زي ما بتقول ليك عليا أعزمك في أحسن مطعم فيكي يا مصر انت وكل الشله . ايه رأيك
وليد وعينه تزداد تعلق بتلك الحسناء سلمي
:تمام اتفقنا وحضر نفسك من دلوقتي للعزومه …
فكري: اوكيه بس اما نشوف ..
.وليد المنياوي احد ابطال الروايه شاب في الواحد وعشرين من عمره ويدرس في جامعه خاص لكنه فاشل من الدرجه الاولي. ولا يعرف سوي اللهو مع الفتيات اشباهه ..
وهو ابن رجل الاعمال خالد المنياوي المعروف بثرائه الفاحش..
………………………

يتبع…..

الفصل التاسع

في النادي
كانت سلمي تجلس مع أحدي صديقاتها
وعيون الصقر خاصته تراقبها من بعيد حيث كان يجلس هو وأصدقائه حول طاوله مستديره تبعد بضع خطوات عن طاولتها
حسن: يعني عدي يومين ومفيش جديد شكلك مش عارف تعلقها..
وليد بغيظ: دي مين دي اللي ما اعرفش اعلقها يا ابني دا انا اخلص الموضوع بتكة ذرار ..اهدي انت بس وشوف انا هعمل ايه..
فكري: تمام واحنا عايزين نشوف يا دنجوان ..
لينهض وليد بغيظ وهو يقترب بخطوات واثقه من سلمي
في تلك اللحظه رأي ان صديقتها نهضت لتذهب لمكان ما فيبتسم بثقه لانها تجلس بمفردها
وقف امامها بطله ساحره وهو يخفي عيونه الرماديه خلف عدسات نظارته الشمسيه
وهي تطلعت اليه بذهول وحيره وأكثر منه بلاهه
لتجده بمنتهي قلة الذوق يجلس امامها دون حتي ان تسمح له بذلك
فظلت تطلع اليه بملامح مشدوهه ونظرات متعجبه ..
فيبتسم بثقه وهو يراقب ملامحها من خلف زجاج نظارته المستدير
هاتفا بكل غرور: سلمي صح !!
فغرت فاهها بكل بلاهه لتهمس بحاجبين مقطبين: نعممم!!
ليكمل بنفس الغرور: انا وليد ..وليد المنياوي ..
فتجيبه بغيظ: وبعدين ..
فيجيبها ببرود: ولا قبلين ..حابب بس اتعرف بيكي ..
سلمي وهي تزفر بضيق وتزم شفتيها بغيظ: انت مجنون يا ابني والله شكلك مجنون ..وبعدين انت عرفت اسمي ازاااي..
فيبتسم وهو يهتف: من ناحية كلامك بأني مجنون فأنا فعلا بقيت مجنون لما شوفتك ادامي من وقتها وانتي خدتي قلبي وعقلي معاكي ..ومن ناحية اسمك فأحب اقولك انا لما بعوز اعرف حاجه بعرفها حتي لو كانت تحت سابع ارض…ولما بعوز اخد حاجه بخدها ..
قال الاخيره بتصميم ..
لتردف بغيظ: لا انت فعلا بني ادم مش طبيعي ..
قالتها وهي تهم بالنهوض ..
فيهتف لها بحزم: اقعدي انا لسه مخلصتش كلامي علي فكره..
رمشت بعيونها عدة مرات وهي تنظر له ببلاهه وعدم استيعاب فذلك الجالس امامها بكل غرور وعنجهيه يعطيها الاوامر بكل برود ..
ومن هو اصلا ليمليها اوامره ..
لتهتف بغيظ وعيون محمره من الغضب: صدق انك انسان بارد ومستفز ..من فضلك يلا امشي من هنا وارجع لمكانك تاني ..
وضع ساق فوق الاخري وكتف ذراعيه بتفاخر ليهمس: انا مرتاح كده
بالفعل لولا انها تحكمت بأعصابها وعدت في سرها حتي الرقم عشره لكانت الان تغرز قي قلبه سكينا او ما شابه او كانت لتحمل بندقيه وتفرغ كل ما بها بداخل رأسه حتي تحطمه لفتات ..
او كانت لتشده من خصلات شعره تلك وتقصها واحده واحده بمقص كبير الحجم …
او كانت لتضعه امام لوح رماية السهام وتظل تصوب عليها سهام واحده تلو الاخري …
خرجت من كل تلك الافكار التي تدور داخل مخيلتها علي أبتسامه منه استفزتها أكثر وأكثر
لذا مسحت علي مقدمة جبينها عدة مرات لتهدئ من سرعة تقافز دقات قلبها الغاضبه ..
ولمحت امامها علي الطاوله كوبا من عصير البرتقال البارد وبشده فأبتسمت بمكر وعينها تتعلق بذلك الكوب لتهمس وكأنها تحذره للمره الاخيره من عواقب فعلته : يعني مش ناوي تمشي من هنا ..
ليهز رأسه بنفي وهو يهتف: لأ
وما كاد يكمل جملته حتي وجدها تلقي في وجهه كل ما بداخل الكوب من عصير
ثم اعادت وضع الكوب بكل برود علي الطاوله ويشق جانب وجهها ابتسامه هادئه منتصره
ليهدر وكل غضب الدنيا يتاقفز من بؤبؤ عينيه: انتي ازاي تعم
قاطعته بهدوء وابتسامه استفزته: تؤ تؤ تؤ ..هدي اعصابك يا شاطر .انا عايز اعصابك تفضل في تلاجه زي ما هي ..
ثم تهمس بلكنه اغاظته بشده بل وجعلت وتيرة انفاسه الغاضبه تتعالي شيئا فشئ : وخليك مستريح زي ما انت اصلا انا كده كده ماشيه ..ثم تطلعت لكوب العصير
لتردف بعدها بمكر: هو العصير عجبك ولا لأ ..عشان لو عجبك اطلبلك واحد تاني قبل ما امشي ..ومتخافش هحاسبلك عليه
قالتها وهي تغمزه بشقاوه وابتسامه عابثه تسللت لوجنتيها بعدها تركته وغادرت ..
تركته بعد ان عبثت بكرامته امام جميع من في النادي حتي اصدقائه الذين كانوا يشاهدون ما يحدث بينهم من اول وهله ..
ليقترب منه حسن وفكري وهم يمسكون انفسهم بصعوبه عن الضحك ..
اقترب فكري اكثر منه ليربت علي كتفه بمواساه هاتفا: معلش قولتلك انها مش سهله ..بس انت اللي مسمعتش الكلام ..
فنظر له وليد بعيون غائمه غاضبه متوعده ثم ازاح بكل عنف يده من فوق كتفه وبعدها تركهم وذهب بخطوات أقل ما يقال عنها انها مبطنه بشر يتوعده لتلك الفتاه وانها من الان ستكون شغله الشاغل ولن يهدئ إلا بعد ان تقع في شباك المنياوي ..وعندها فلن يرحمها وسيرد لها الصاع صاعين .
************
في فيلا غالب الدمنهوري
في غرفة نوم غالب
غالب هو لائق بدني ورياضي من من الدرجه الاولي لذا يوجد في غرفته ذاك الكيس الضخم الخاص بالملاكمه والذي كان قويا ضخما كجسده الضخم وهذا الكيس يوجد في أقصي ركن في غرفته الواسعه التي تشبه في اتساعها جناح كبير في أفخم الفنادق
وكلما غضب يذهب اليه ليلكمه بشده حيث انه يمتلك قبضتين ناريتين من حديد مسلح
وعيونه هذه المره كانت غائمه وهو يوجه اللكمات واحده تلو الاخري لكيس الملاكمه امامه بعنف وشرار متطاير من اعينه حيث كان يدور في مخيلته اخر حديث بينه وبين ابيه وعمه وكلمات عمه بأنه لن يزوج سلمي قبيل نداء تزيده غضبا وعنفا أكثر
وفجأه ابتعد وتوقف وهو يميل بجذعه ويسند راحتي كفه علي ساقه ويلهث بعنف وحبيبات العرق تلك تتسرب اعلي جبهته ومن بين خصيلات شعره الداكن ..وتتسرب من اسفل التيشرت الذي يرتديه ويبرز بشده عضلات جسده الفولاذيه..
بعدها استقام ليتحرك بخطوات متمهله نحو الحمام الملحق بغرفته
واسفل صنبور المياه دفن رأسه لتتسلل حبات الماء عليه عل ذلك يعطيه هدوء وراحه لم يذقها منذ يومين
بعدها بساعه كان يخرج من باب الفيلا وهو يرتدي تيشرت اسود داكن فوقه ستره سوداء داكنه واسفلهم بنطال اسود داكن ايضا فهذا هو غالب الذي يعشق الالوان القاتمه الجاده ..كحياته الجاده والتي تخلو تقريبا من المزاح ليس تقريبا بل اكيد…
متجها نحو سيارته ليستقر خلف المقود وينطلق بعدها بسرعة ناريه
*****
في النادي
سلمي بغضب وهي تتجه لزميلتها هيام التي خرجت للتو من حمام السيدات : انا ماشيه سلام
قالتها بسرعه لتمشي بخطوات راكضه لخارج النادي
فتهتف هيام الواقفه خلفها بعدم فهم: طيب والشوبينج اللي هنروحه كمان ساعه
سلمي وهي تبتعد عنها : مش رايحه سلام
قالتها بأقتضاب لتسرع بعدها نحو السياره حيث كان السائق الخاص بها ينتظرها ..
هيام وهي تلمح طيف سلمي الراحل: مالها دي !!!؟؟
بمجرد ان استقرت بالمقعد الخلفي همست بأقتضاب للسائق: علي الفيلا يا عم أحمد ..
لكن الجالس في الامام لم يجيب وفقط اومئ رأسه بهدوء وهو يشد الكاب فوق رأسه لاسفل قليلا وابتسامه ماكره تشق جانب وجهه ..
بعدها انطلق بسرعه جنونيه كادت تطيح بها خارج السياره لتهدر به بغضب وعصبيه: انت اتجننت ما تهدي السرعه شويه ..ايه سرعة الغباء اللي انتي فيها دي ..
ولكن تلك الكلمات ما زادته سوي غضب وعصبيه فأنطلق بسرعه أكثر جنونيه من سابقتها حتي ان جسدها الغض لم يتحمل تلك التخبطات وصار يتخبط هنا وهناك وهي كانت في قمة عصبيتها وغضبها منه …
فهدرت بتخبط حيث ان كلماتها كانت متلجلجه بسبب التخبطات المستمره وانحرافات السياره عن المسار والتي جعلت جسدها يفقد توازنه : انت يا زفت انت وقف العربيه ..
لكن ايضا تجاهلها ولم يجيب
فهدرت به من بين اسنانها بغيظ: انت اتجننت قولتلك وقف العربيه ..
وايضا لم يجيبها بل وزاد ضغط قدميه علي مكابح السياره لتنطلق السياره بسرعه جنونيه كالبرق ..
لتهدر به: انت غبي ..بقولك وقف العربيه الوقتي حالا
وايضا تجاهلها
فصكت اسنانها بعصبيه وانفاسها تغلو من الغضب : انت شكلك غبي ومتخلف كمان وديني لأخلي بابا يرفدك ..
لفت ذراعيها حول المقعد امامها تتمسك به بشده كي لا تقع وغضبها منه جعلها تتمتم ببعض الكلمات التي ألتقطتها أذناه
سلمي: غبي حيوان وزباله ..
ففاض به صبره عليها ودون مقدمات اوقف السياره في شارع مهجور يكاد يخلو من الناس
لدرجة ان صوت صرير عالي صدر من السياره وهي انكبت علي وجهها للامام حتي ان رأسها صُدم بمقدمة المقعد
لتهتف به بعنف: لا انت شكلك كده غبي مع مرتبة الشرف ..لما انت مش بتفهم في سواقة العربيات بتتنيل تسوق ليه يا حيوان انت ..
كان يسمع كلماتها اللاذعه بأقصي درجات احتماله وما كادت تكمل سبها له حتي ترجل من السياره واستدار لناحيتها ليفتح الباب ويقبض علي مرفقيها بعنف وقوه آلمتها
صرخت به سلمي: انت اتجننت سيب ايدي ..
لكنه لم يبالي وأخرجها بقوه لتقف امامه ثم تصدر منها شهقه وهي تتطلع لعيون الصقر خاصته
هامسه بذهول وصدمه: أنت. !!
وهو كان غاضبا وبشده انفاسه تعلو وتهبط كالمرجل المشتعل وبشده علي النار ..
فيسحبها من ذراعها بقسوه ويلقيها بعنف ناحية الحائط خلفها
فيرتطم ظهرها في الحائط بقسوه لتهتف بتأوه: انت ايه اللي بتعمله ده؟! ..شكلك فعلا اتجننت و
قطعت كلماتها وهي تجده يقترب منها حتي وقف امامها وهي اصبحت محاصره بين جسده الضخم وبين الحائط
تطلع اليها بعيون جامده ارعبتها ودبت في جسدها قشعريره لم تعهدها من قبل ..
امتدت انامله الخشنه لتتلمس وجنتيها وجانب فكها بتملك وهي ازاحت يده فورا عنها
ليبتسم بثقه ثم يكمل بفحيح افعي غاضبه بل كوبرا من النوع القاتل : نظرات الخوف اللي شايفها في عيونك دي كافيه انها تخليني مبسوط اليوم بطوله
قالها بخليط من السخريه وهو ينظر لقسمات وجهها ..
لتهتف هي بثبات: خوف ..مش سلمي الدمنهوري اللي تخاف ..
ثم ضحكت بسخريه وغرور وهي تتطلع اليه من رأسه لاخمص قدميه لتكمل : ولو هخاف ..أكيد مش واحد زيك اللي هيخوفني .
أحمرت عيونه جمرا وزادت وتيرة انفاسها غضبا فوق غضب وبكل عنف وقوه لكم بقبضة يده الحائط جوار رأسها
وهي اغمضت عيونها بثبات يواري الخوف بداخلها ليهتف بفحيج غاضب: انا عمر ما حد قدر يتكلم معايا بالطريقه دي غيرك ..احمدي ربنا اني رضيت ابصلك..غيرك كتير يتمنوا يبقوا مكانك يا شاطره ..
سلمي بعند: مش هقول عليك غير انك فعلا انسان مغرور وعنده ثقه زياده بنفسه ..
ليجيبها بثبات: وده المطلوب
هي: بس مش بالاوڤر ده يا كابتن كل شئ لو زاد عن حده بينقلب ضده..
ابتسم بغرور ليهتف وهو يميل بجوار أذنها: بس مش بنفس غرورك وثقتك الزايده يا آنسه سلمي ..مش آنسه بردوا
قال الاخيره بعيون ماكره لئيمه وهي فهمت مقصده فأزاحته عنها لتهتف: انت قليل الادب ومش محترم ..
هو: وانتي مغرور وواخده في نفسك ثقه زايده عن اللزوم ..مش عارف ليه ..مع ان جمالك عادي يعني ..بالنسبه ليا مش شايف غير انك بنت عاديه كل الي في النادي مدينها اكبر من حجمها الطبيعي .
زمت شفتيها بغيظ لتهتف: وقح وكمان اعمي
ليجيبها: وانتي مغروره .. ومستفزه ..
نظرت له بضيق لتبتعد بعدها عنه وتقترب من سيارتها هاتفه بكل ثقه: بحذرك انك تقرب مني تاني او من عربيتي ..
هو: اصلا عربيتك مش نوع الماركه المفضله عندي ..اصلها ماركه قديمه اووي يمكن من زمن الفن الجميل ..
صكت اسنانها بغيظ ونظرت له مطولا بضيق لتستقر بعدها خلف مقود السياره وهي تغلق باب السياره خلفها بعنف ظلت تدور بعينها عن مفتاح السياره لكنها لم تجده فترجلت من السياره بضيق ووقفت امامه وهي تكتف ذراعيها امام صدرها بغضب لتردف بجاجبين مقطبين: المفاتيح
وضع يده في جيوبه ونظر لها بظفر ليهتف: مفاتيح ايه ..
بعد ان اخذت نفسا عميقا تكتم به غيظها هتفت بأبتسامه صفراء: هيكون مفاتيح ايه يعني ..مفاتيح العربيه طبعا!!!
ببرود مد امامها راحة يده التي تستقر بداخلها مفاتيح السياره
وبسرعه انتشلته من بين براثن كفه لتهمس له بعد ان استقرت خلف المقود: علي فكره هدوم السواق بتاعنا لايقه عليك خالص كأنها اتصممت مخصوص علشانك ..
قالتها بأبتسامه استفزته لتنطلق بعدها بالسياره كأمواج المياه..
وهو ظل يتطلع بغيظ وغضب للملابس الذي يرتديها
فهتف: اوكيه يا بنت الدمنهوري اتريقي براحتك بس استعدي كويس للي جاي لانك خلاص دخلتي ضمن قاموس حياتي ومش ممكن اخرجك منه إلا بمزاجي وكيفي انا !!!
………………………..
في الخرابه
المعلمه سماح القط: وفضلت انادي عليها بس هي مردتش عليا ولا حتي عبرتني بكلمه ..
شوقي وعيونه غاضبه: هي فين الوقتي ..
المعلمه سماح: خرجت من الصبح اصلا وانت مش موجود بتدور علي حل شعرها ولا بيهمها حد ..كويس انك جيت عشان تعرف تشكمها بنت ال****** ولا بلاش
شوقي بصراخ: رملين . انتي يا رملين ..
لتحضر رملين علي الفور وتهتف بخنوع وطاعه: نعم يا سي شوقي عايز حاجه ..
شوقي بخشونه: روحي هاتيلي الكرباك ..
رملين : خير هو فيه حاجه حصلت ..
بصراخ ارعبها: انتي مالك انتي.. انجري هاتي اللي قولتلك عليه من سكات ..
رملين بخوف : حاضر حاضر بعدها ركضت بأقصي سرعه للمكان الذي يعلق فيه شوقي الكرباك
نتطرق الان لوصف شوقي
هو عريض الكتفين بطريقه شنيعه ضخم البنيه والعضلات ويمتلك قبضتين من حديد هو شاب في الثلاثين من عمره ملامحه قاسيه وخشنه بطريقه مرعبه ويمتلك شوارب تكاد تلقم نصف وجهه وعيناه سودوان كملامح الليل ودائما ما يرتدي ملابس مهلهله قديمه بنطال بني يعلوه تيشرت يبرز حجم عضلاته ويعلوها خرقه بها أذرار من المنتصف وأعلي ذراعه يرسم وشم لأسد ملامحه قابضه وهذا ما يرعب الجميع منه وبشده ..
واتت له رملين بما طلب فأمسكه بعنف بين يديه وفي تلك اللحظه دخلت زهره من مدخل الباب وبجوارها زيزو
كانت تضحك بشده وعندما رأته امامها اختفت تلك الضحكه ليحل مكانها ملامح عابسه بل ملامح خائفه ونظرات مرتعبه
اقترب منها شوقي لتتراجع هي للوراء وهي تنظر اليه بعيون ملتاعه وكذلك لم يخفي عليها ذاك الكرباك المتعلق بيده وهذا ما جعل جميع اوصالها ترتج رعبا وخوفا
لتجده يهتف بخشونه: كنتي فين
ابتلعت ريقها لتجيبه بتلعثم: كككننت كنت بشتغل ..
شوقي وعيونه غائمه: انتي وديتي الواد بندق المستشفي
فعلا..
صمتت بخوف
ليهدر بها بعصبيه: ردي عليا
شهقت بفزع لتجيبه: ايوه ….
اشتعلت عيونه غضب فوق غضبه ليهتف: انتي تعرفي ان بعملتك دي كنا ممكن نكون فين الوقتي .
زهره : ايوه ..
شوقي وقبضة يده تنبسط وتنقبض بعنف: عارفه ومع ذلك ودتيه ..
بعدها اقترب اكثر ليمسك معصمها بين قبضة يده بأحكام ويجرها خلفه بعنف وهي كانت تتوسله: ابوس ايدك بلاش . بلاش ..انا عرفت اتصرف والحمد لله الدكتور مبلغش عنه ولا حاجه وربنا ستر
وكأنه لم يسمعها: طب مش هعمل كده تاني ..والله كنت خايفه عليه ليموت وده مخلنيش عارفه انا بعمل ايه..
وايضا ظل يجرها حتي وقف امام غرفه فأدخل يده في جيبه واخرج منه مفتاح ليفتح به الباب بعدها القاها بعنف حتي ارتمت في نهاية الغرفه عند احدي اراكانها فأنكمشت علي نفسها وهي تحاوط جسدها برعب حقيقي هاتفه بكل ترجي وتوسل: ابوس ايدك بلاش والله حرمت ومش هعمل كده تاني
ولكن لم يسمع ولم يقدر خوفها ورعبها ولم ترق انسانيته لدموعها المنهمره فأخذ يرفع يديه عاليا بالسوط(الكرباك) في الهواء ثم يهبط به بعنف علي حنايا جسدها
وجميع من في الخارج دموعهم تنهمر حزنا وهم يسمعون صوت صراخاتها المتألمه ..ولكن ما بيدهم اي حيله..
إلا رملين التي ابتسمت بشماته وكذلك المعلمه سماح القط …
…………

يتبع….

الفصل العاشر

وصل غالب بسيارته الفارهه امام فيلا عمه حاتم الدمنهوري
ترجل من السياره وهو يصفع باب سيارته بعنف وقبل ان يتوغل لداخل الفيلا سمع من بعيد صوت هدير المياه
فتوقف في مكانه قليلا وأبدل مساره للناحيه الاخري حيث الحديقه الواسعه
ومن خلف الاشجار والنباتات الصغيره رآها وهي تحمل بين يديها خرطوم المياه لتنعش بقطراته الازهار والورود المتفتحه كانت نسمات الربيع حولها تجعله يشعر بشئ ما غريب تسلل لداخل قلبه آثر رؤيتها برغم ان ملامح وجهها كانت غائبه عنه لانها كانت توليه ظهرها ..
واقترب منها بخطوات بطيئه كانت خطواته تلك بدون اراده كأنه يمشي مجبرا او قسرا نحوها والاغرب انه لم يقدر ان يوقف جسده وقدماه عن الاتجاه لصوبها بل كان يقترب أكثر وأكثر حتي وقف خلفها يراقب ما تفعله بصمت ..
وهي أحست بشئ ما يقف خلفها لذا استدارت بجسدها لتشهق بصدمه وعدم تصديق وهي تراه يقف امامها بطوله الفارع
حتي انها لم تنتبه لصوته الخشن الذي يدعوها للتوقف عن ما تفعله
وبسرعه ادركت ان خرطوم المياه بيدها مصوبا تجاهه حتي انه اغرق كامل ملابسه ..فهي استدارت بكامل جسدها وحتي بخرطوم المياه ..
لذا وبسرعه القته من يدها ليسقط طريحا علي ارضية الحديقه
وتبتلع ريقها بتوتر وهي تراه ينظر لها بغضب ونفاذ صبر
ليهدر بها: انتي ايه غبيه مبتفميش لا وكمان عاميه شايفاني ادامك ومع ذلك غرقتيني ..
دمعت عيونها بحزن ودون ان تنطق أي كلمه ركضت من امامه لداخل الفيلا ..
اما هو فتبعها بملامح غاضبه ناقمه ونظرات مشتعله ..
توغل للداخل لتراه زوجة عمه بتلك الحاله
زوجة عمه بصدمه : يا نهار مين اللي عمل فيك كده يا غالب ..
غالب وعيونه معلقه بدرجات السلم الرخاميه التي صعدت عليها منذ قليلا
ليهتف بقتامه : حد متخلف مش كان واخد باله ..
زوجة عمه: طيب يا غالب ادخل اوضة عمك وغير لبسك المبلول ده ..وهو اكيدك مقاسه من مقاسك لانكم في نفس الطول تقريبا ..
غالب وهو يتنهد بنفاذ صبر: اوكيه..هي فين سلمي
زوجة عمه بأرتباك: دي ..دي في النادي
وراقبت ملامح وجهه المتجهمه بتوتر فتهتف علي الفور لتغير مجري الحديث: انا هجهز الغدا عبال ما تخلص ..تمام
بعدها تركته وذهبت بخطوات اشبه ما يكون بالركض نحو المطبخ ..
فهي تعلم علم اليقين انه سيقلب الدنيا بسبب تمرد سلمي عليه وخروجها للنادي وهو قد منعها وحذرها من ذلك قبلا ..
اما بطلنا فصك اسنانه غضبا وطقطق اصابعه بقسوه ليزفر بعدها بضيق ويتوجة لغرفة عمه ليبدل ملابسه الانيقه التي افسدتها كتلة الغباء نداء ..
هذا هو لقبها الذي اسماها به (كتلة الغباء)!!!
……… ………… ………… …….
منذ يومين وهو يواصل التحريات مع صديقا له عن تلك السارقه التي اعترضت طريقه منذ ايام وسرقت منه ساعته الرولكس بمنتهي الحرفيه ودون ان يرمش لها جفن ..فقط لو رآها امامه سيجعلها تعض اصبعها ندما علي فعلتها ..لكن حتي الان لم يتوصل لاي شئ عنها ..بل حتي انه لم يجد لها اي سابقه في سجلات الشرطه ..كما للسارقين امثالها..يبدو انها شديدة الذكاء بحيث انها لا تترك اي دليل وراءها ..
عاد للفيلا بعد عمله االشاق والمتواصل في قسم الشرطه
كان يترنح في توغله لداخل الفيلا من شدة التعب فهو في الايام الاخيره لم يذق للنوم طعما بسبب طبيعة عمله..
كان اسر يفك اول ذرين من قميصه وايضا فك عن خصره ذاك الحزام الخاص بزيه ويستعد للصعود لاعلي والنوم بأريحيه فوق سريره الوثير
حين وجد امامه اخيه الاصغر كرم هو مراهق في السابعة عشر من عمره اي انه في الصف الثاني في المدرسه الثانويه يصغر روميساء بسنه واحده فقط
ويبدو انه يستعد للخروج
توقف آسر ينظر لاخيه بحزم هاتفا بخشونه:علي فين ..
كرم وقد ضاقت عيونه بضيق: خارج..
آسر بلكنه حازمه: اه ما واضح انك خارج مش محتاجه ذكاء ..بس خارج رايح فين ..
كرم بعد ان زفر بضيق: رايح لاصحابي ..فيه حاجه تانيه سيادة الظابط يحب يسألها ..
آسر وهو يقترب منه بضيق ونفاذ صبر حتي وقف امامه وجها لوجه وعيونه الناريه مصوبه نحوه..
ليهدر آسر: طبعا رايح لشلة الصيٌع بتوعك ..اطلع يا كرم ذاكر واتقي شري ..انا نبهت عليك كتير انك تسيبك من اصحابك دول وتخليك في مذاكراتك مش كفايه انك بتعيد تاني سنه تانيه ..سمعت ولا اسمعك تاني …
كرم بغضب: انت مش وصي عليا عشان تعاملني بالطريقه دي ..وكون انك اخويا الكبير فده ميدكش الحق انك تحبسني وتفرض عليا اوامرك ..انا مش طفل ولا متهم عندك عشان تمشي عليا اوامرك واصحابي انا اللي احدد اصاحب مين وابعد عن مين …
تحرك كرم من امامه ليخرج من الفيلا بعدها
ليهدر آسر بقسوه وهو مازال متسمرا مكانه ولم يتزحزح قيد انمله : استني ..
فيتوقف كرم عن المشي ويقف مكانه وملامح وجهه تنم عن غضب وضيق
اما آسر فيستدير ليقترب منه حتي يقف امام
اسر بعيون متوهجه كجمر مشتعل: انا قولتلك ايه ..
كرم : وانا قولتلك اني حر في حياتي ..ومش هسمحلك تتدخل فيها او تمشيها علي كيفك يا آسر .
آسر وهو يمسح علي وجهه بعصبيه: انا بحاول اهدي نفسي بس انت اللي مصمم تنرفذني عليك ..خروج لشلة الصايعين بتوعك دول مفيش ..رجوعك بالليل متأخر ممنوع انا يمكن انشغلت في الفتره الاخيره عنك بسبب شغلي بس الوقتي هراقب كل تحركاتك يا كرم وانا يا انت ..وهفضل وراك لحد ما تتعدل وتكون راجل يُعتمد عليه ..
كرم وقد اغضبته تلك الكلمه فأردف: انا راجل غصبا عنك يا آسر ..والراجل مبيسمحش لحد ان يديله اوامر وخصوصا لو منك انت ..
صرخ آسر به بقوه حتي ان جدران الفيلا كادت تنشق آثر صراخه بل ان والدتهم وروميساء تجمعوا حولهم علي صراخهم
: انت اتجننت يا كرم ..ازاي تكلمني بالطريقه دي..
كرم وهو يكتف ساعديه امام صدره بثقه: والله هي دي طريقتي ..
اقتربت منهم والدتهم لتهمس لكرم بعتاب: كرم اسكت ميصحش تكلم اخوك الكبير بالطريقه دي ..
كرم: خلاص خليه ميدخلش في حياتي وانا مش هتكلم معاه اصلا بعدها . ليه مصمم دايما يحسسني باني لسه عيل ..
قاطعه آسر بسخريه: انت فعلا لسه عيل ..وعيل مش متربي كمان ..
كرم بعيون مبهمه وصراخ سمع صداه كل من في الفيلا: اخرس انا متربي ..ومتربي احسن منك كمان الدور والباقي عليك يا حضرة الظابط يل
قاطع كلماته صفعه مدويه هوت بقسوه علي خده الايسر
فنظر الجميع بصدمه لذاك الذي جاء من العدم
كان هذا هو سالم الجندي
وضع كرم يده علي مكان الصفعه يتحسسها بعيون خاويه ثم رفع ناظريه يتطلع لوالده الذي بدت عيونه كصقر غاضب
سالم بغضب: اوعي تاني مره تعلي صوتك علي اخوك الكبير
ظل كرم يتطلع لوالده للحظه بغضب وضيق بعدها تحرك من امامهم جميعا لخارج الفيلا بخطوات غاضبه ناقمه متجاهلا نداء والدته عليه هي وروميساء ..
ابتسام وهي تنظر لزوجها بغضب: ليه عملت كده معاه..انت عمرك ما ضربت حد من عيالك ..ليه هو بالذات ضربته . ليه
حاتم بعصبيه: عشان يا هانم ابنك مش متربي اظاهر انك دلعتيه زياده عن اللزوم ..
ابتسام: ابني لو مرجعش البيت النهارده هتكون انت المسئول ادامي
ثم تركته وذهبت لتلحق بها روميساء
اما سالن فتنهد بحزن ليجلس بعدها علي الاريكه بأنهيار وعينه معلقه ببوابه الفيلا التي خرج منها كرم لتوه
فيقترب آسر من والده ويجلس علي ركبتيه امامه هامسا بعتاب: مكنش لازم تعمل كده يا بابا ..كرم كبر علي ضربك ليه وكده احنا هنخليه يتمرد اكتر ..
حاتم وقد شعر بأنه تسرع فيما فعله: والله انا غلبت مع الواد ده مش عارف هو طالع شيطان كده لمين ..طول عمره وهو متعب قلبي وقلب امه معاه …
آسر بحزن: انا آسف لو كل ده حصل بسببي ..
نظر له سالم لوهله ليهمس وهو يربت علي كتف آسر: لأ انت مش السبب ولا حاجه انت اخوه الكبير وكان لازم تمنعه من ان يغلط ف حق نفسه..ربنا يهديه ويرجع تاني كرم بتاع زمان ..
آسر : يااااارب !!!!
حاتم: شكلك لسه راجع من الشغل اطلع ارتاح يا ابني في اوضتك دا انت اديلك فتره مدقتش طعم النوم ..
هو بالفعل يشعر بالتعب لذا نهض وهو يهتف: حضرتك عايز مني اي حاجه قبل ما اطلع ..
حاتم: لا يا ابني ربنا يحفظك ويجعلك دايما ابن واخ حنين مع اخواتك ..
……………
في مكان بعيد
في احد النوادي
حول طاوله بيضاء يلفها كرسين يجلس كرم علي احدهم وتجلس هي علي الكرسي المقابل له
لتهتف: فيه ايه يا كرم ..مين اللي ضايقك كده ..
كرم بغضب: ممكن تسكتي بقي ..
فتبتلع كلماتها بصمت وهي تنكمش علي نفسها بحزن ودموع اخفتها بتماسك خلف مقلتيها فهي تعرف جيدا انه يكره ان تبكي فتاه امامه وهي لا تحب ان تفعل ما يغضبه منها ..
علي طاوله اخري مقابله لطاولتهم لكنها تبعد عنهم قليلا
كانت نيره ونهي يجلسن وهن يراقبن طاولة كرم
حيث كانت نهي في قمة غيظها وهي تراها تلتصق به اينما ذهب
نيره ل نهي: مال عينك هتطلع علي الواد ليه ..
نهي: متغاظه اووي من البت هنا دي طول الوقت لزقه فيه ومبتبعدش عنه ..
نيره: لا يا ناصحه قصدك تقولي ان هو اللي بيخليها معاه علطول ..ولا انتي مش قادره تعترفي حتي ادام نفسك ان هو بيحبها رغم كل قساوته معاها
نسيتي اخر مره لما بهدل البت صافي ومسح بكرامتها الارض عشان بس حاولت تضايق هنا بكلامها وانتي عارفه اد ايه صافي كانت معجبه بيه عشان كده حاولت ترخم علي هنا ..
نهي بغيظ: ودي يحبها علي ايه دي معصعصه وشخصيتها هشه وبتعيط علطول تقولي عيله صغيره..اللي زي كرم ده عايزله واحده تكون شبهي شخصيتها قويه وتعرف تاخد حقها مش طول الوقت ضعيفه وبتخليه هو اللي يجبلها حقها من اللي بيضايقوها ..
نيره وهي تبتسم بمكر: مين يشهد للعروسه..وبعدين كفايه بقي تبصيلهم ل كرم ياخد باله ووقتها وقعتك معاه هتكون منيله بنيله..دا مبيرحمش ..
ازاحت بصرها للجهه الاخري وهي تتنهد بضيق وغيظ ….
عند طاولة كرم و هنا
هنا وهي تشبك كفيها بتوتر: احم ..
فأعطاها كرم نظره ناريه
ثم هتف بنفاذ صبر: عايزه ايه يا هنا !!!
هنا وجسدها يرتجف من الخوف حتي ان حروفها خرجت مبعثره: ان انا هه هروح اجيبلك حاجه تشربها ..
نظر لها مطولا ليهتف بعدها: هاتي ايدك …
.نظرت له ببلاهه وعدم فهم : هاا!!
قال بنفاد صبر: اديني ايدك
فمدت اليه كفها ووضعتها في راحة كفه الممدوده لها
لتجده يهتف: هنا هو انا شيطان زي ما الكل بيقول عني
هي اساسا كانت ترتعش خجلا بسبب كفها المستكينه في راحة كفه بل وعيونها كانت معلقه بذاك المشهد وهي تضغط علي شفتيها بأرتباك ..
وجدها غير منتبهه معه فهتف بصرامه: هنااااا..
نظرت لعيونه برعب لتجدها ناريه غاضبه ..
فتهمس بأرتباك: انا انا
فيزيح كفها بعنف ليهتف وهو ينهض من مكانه: انا ماشي
هنا: استني انت زعلت مني ….
نظر لها مطولا وهي لم تفهم معني نظراته ليرحل بعد ذلك ويتركها وهي لم تظل مكانها بل تحركت خلفه علي الفور لتعتذر له عن الخطأ الذي أخطأت به في حقه رغم انها لا تعرف ما هو خطأها لكن لا يهم فطالما هو غاضب منها فهي بالطبع قد أخطأت معه ..
نيره: الحقي صاحبك شكله غضب عليها زي كل مره ..
نهي وهي تتطلع لهم فتجدها تلحق به بخطوات شبه راكضه لتبتسم بتشفي وهي تهمس: احسن يااارب يسيبها لانها بجد مش مناسبه ليه ..
نيره وهي تظهر بياض اسنانها بأبتسامه : يا لهوي دا انتي شكلك بتحبيه اووي يا نونو …
نهي : علي الله ياخد باله حتي ولا يحس بيا ابن ..صمتت لتكمل : ابن الجندي
*****
اما في فيلا مروان الدمنهوري
حول المائده كان يجلس غالب هو وزوجة عمه في أنتظار سلمي التي هاتفتها والدتها فأخبرتها انها في طريقها للمنزل وايضا في انتظار نداء التي طرقت امها باب غرفتها منذ قليل لتخبرها انها ستهبط للاسفل بعد ان تنهي صلاتها وقراءة وردها القرآني اما الاب مروان الدمنهوري فكان في سفرية عمل ..
بعد لحظات وصلت سلمي ودخلت للفيلا لتجد غالب ينظر لها بغضب وهو يسند ذقنه الخشن فوق كفيه المشبكين ببعضهما
وفي نفس الوقت كانت نداء تهبط الدرج حتي وصلت للاسفل لتجد امامها غالب فتتوتر وترتبك ملامح وجهها فهي ظنته قد رحل
لكنها لاحظت ايضا ان نظراته لم تكن موجهها لها البته بل كانت معلقه ب سلمي التي تجاهلت نظراته وجلست علي الطاوله تتناول الطعام دون ان تعيره ايا من اهتمامها …
فأستقرت فوق كرسيها بنظرات حزينه وكانت تحرك الشوكه بداخل الطبق امامها بعبث دون ان تأكل …
بعد قليل من الصمت رن هاتف سلمي الذي يقبع علي يمينها فوق سطح الطاوله
فنظرت بحاجبين مقطبين للشاشه لتجد انه رقم مجهول . .
فتناولت الهاتف لتجيب …
سلمي: الو
المتصل: ازيك يا حلوه ..ها وصلتي بيتك ولا لسه ..
سلمي بتعجب: مين
المتصل بأبتسامه واثقه: تؤ تؤ كده انا هزعل منك معقول لحقتي تنسي صوتي ..يا مغروره .
زمت شفتيها بضيق وهي تستوعب من يهاتفها وبالطبع لن يكون مزعج غيره هو من يهاتفها في وقت الغداء ..
بعدها نهضت وهي تدوس تعليق للمكالمه وتهتف لوالدتها وهي تذهب بعيدا : ماما مكالمه مهمه هروح ارد عليها ..
ذهبت بعدها بعيدا لتدخل مكتب والدها وتغلق الباب خلفها ثم تلغي التعليق ..
وكانت عيون غالب معلقه بها من بداية المكالمه لذا نهض ليذهب خلفها
ونداء عيونها كانت معلقه به بحزن وانكسار
في المكتب
سلمي بغضب: انت اتجننت ازاي تكلمني ومنين جبت رقم موبايلي
علي الجانب الاخر
وليد الذي كان يهاتفها وهو يجلس علي الاريكه ويمدد ساقيه امامه علي الطاوله
ويسترخي بأريحيه كأنه سرير او ما شابه
ليهمس: نمرة تليفونك دي سهل اني اعرفها فمتتعبيش نفسك وتفكري انا جبتها ازاي ..بس
ليجد انها اغلقت الهاتف في وجهه فزفر بضيق وغضب وهو يلقي بالهاتف قي عرض الحائط ليتكسر ويتهشم لفتات
وتأتي من غرفة النوم فتاه أشبه ما تكون بقنبله متفجره فهي في قمة الجمال والنعومه ترتدي قميص اسود يصل لركبتيها
أقتربت منه وجلست جواره وهي تناوله كأسا من النبيذ الفاخر هامسه برقه: حبيبي اشرب ولا يهمك ..انا الوقتي اعدلك مزاجك
وفي لحظه ينسي ما حدث ويتطلع للقابعه بجواره من رأسها لاخمص قدميها برغبه داميه
فهو سيفرغ كل كبته وغضبه من سلمي معها هي ..
**************
في المكتب
اقفلت الهاتف بوجهه وهي تلعن وتسب فيه فكيف وصل ذلك المتبحج لرقم هاتفها ..
بعدها اخذت نفسا عميقا تخرج معه كل غضبها وعصبيتها
فتهدئ قليلا وتستدير بعدها لتخرج من المكتب لتشهق بصدمه وهي تري غالب امامها ينظر لها بعينين ناريتين
فتهتف: انت ايه اللي جابك هنا
فيردف بقسوه : كنتي بتكلمي مين
مرت من جواره وهي تهمس: ملكش دعوه
لكنه منعها من التحرك أكثر حيث امسك معصمها بقبضة يده الناريه
: بسألك كنتي بتكلمي مين ؟؟
حاولت ان تزيحه عنها بكل قوه اوتيت بها لكنها لم تستطع فهدرت به بضيق: اوعي سيبني …
غالب بعند: كنت بتكلمي مين ..
كان يقولها بجمود وعيونها معلقه بها وفيها قسوه وجحيم لو ضغطت عليه سيفرغ كل ما بتلك العينين عليها هي فقط
لتهمس بخفوت: النمره كانت غلط
نظر لعينها وهله ليزيحها بعد ذلك بعيدا عنه بقسوه فيهتف بحزم:النهارده بالليل عمي هيرجع من السفر ..وعشان كده هاجي بكره مع والدي عشان اخطبك منه… ولو سمعت منك كلمة مش موافقه هيكون ليا معاكي حساب عسير ..
بعدها تركها وصفع باب المكتب خلفه بعنف ليخرج بعدها من الفيلا بأكملها متوجها نحو الشركه..
وسلمي من شدة غيظها رمت بالمزهريه علي الارض لتتحطم الي فتات مبعثر بعبث ..
وكانت نداء تختبئ في الزاويه وهي تبكي بدموع وقلبا منكسر فهي سمعت حديث غالب وسلمي
………….
في الخرابه
تأكد بندق ان الجميع ليسوا موجودين وتسلل للغرفه التي حبسها شوقي بداخلها
ثم اخرج المفتاح من جيب بنطاله ليفتح به الباب
ويتوغل بهدوء للداخل
فيجدها تستلقي بتعب علي الارضيه وهي تحاوط جسدها بكلتا ذراعيها
وشعرها المشعث متبعثر بهمجيه حتي رقبتها بالاضافه لتلك الكدمات والخدوش علي وجهها وايضا ملابسها المقطعه آثر ضربه بالسوط علي حنايا جسدها
اقترب ليجلس علي ركبتيه امامها هامسا بخفوت: زهره ..زهره
فتفتح جفنيها ببطئ والاحري نقول بألم
فيبتسم لها بأشفاق هامسا: عامله ايه الوقتي
تكاد كلماتها تخرج من طور حلقها لكن في النهايه همست بوهن: كويسه ..
فيضع امامها طبق كبير يوجد عليه نصف فرخه وبعض الارز كان قد اشتراه لها من مال ادخره من وراء المعلمه سماح
ليهمس: جبتلك اكل تقوتي جسمك بيه ..انتي اديلك يومين مكلتيش ..
***********

يتبع….

الفصل الحادي عشر

ركضت هنا خلفه بل وكانت تنادي عليه بلهفه حتي توقف عن المشي وهي ايضا توقفت ثم كتف ذراعيه امام صدره هاتفا بخشونه
: نعم عايزه ايه تاني ..
وقفت هنا امامه بتلبك وطأطأت رأسها وهي تضغط علي شفتيها بتوتر حتي كادت ان تدميها ..
زفر بنفاذ صبر ليقول: انجزي يا هنا ..قولي عايزه ايه وخلصيني ..
ابتلعت ريقها بخوف لتهمس: انت انت زعلان مني ..
ضيق عينيه ونظر اليها كصقر جامح
وهي كادت تموت خجلا منه وارتباكا بل انه سرت حراره عاليه في كامل جسدها ..
فهتف بنزق: هتمشي الوقتي من النادي ؟؟..
هنا:مش عارفه
قالتها وهي تهز اكتافها بحيره
قال بحزم: لأ ..روحي البيت قعاد ايه اللي هتقعديه في النادي ..
هنا بخنوع: حاضر ..خلاص هروح طالما انت عايز كده ..
كرم: ادامي يلا عشان اوقفلك تاكسي واوصلك ..
هنا: ااااه ..مممفيش داعي ..
قالتها بهمس .
فيهتف بخشونه: قولتي ايه سمعيني تاني كده ..
فرمشت بعيونها عدة مرات من شدة خوفها وارتعابها منه..
وقبل ان تنطق زفر بضيق ثم ابتعد عنها ليوقف تاكسي وهي سارت خلفه بخنوع ..
………….
في الخرابه
داخل الغرفه او بمعني اصح تسمي مخزن لحفظ البضائع والاشياء القديمه ..
همس زيزو: هتطلعي امتي من الاوضه دي
بعيون حزينه همست : مش عارفه
زيزو بحزن:بندق حالته بتسوء كل يوم عن اليوم اللي قبله
نظرت اليه زهره برعب لتهتف: انت بتقول ايه …
زيزو :الضكتور (الدكتور) بيقول لو مش لحقناه وعالجناه في اقرب وقت ممكن ..ممكن ..
ثم صمت وهو ينظر للأسفل بحزن دفين ..
وفهمت زهره ما يريد قوله فهمست : انا لازم اهرب من هنا ..
وانت لازم تساعدني اهرب عشان بندق
رفع زيزو اليها ناظريه برعب ليهتف وقلبه يدق خوفا: انتي عارفه هم ممكن يعملوا فيكي ايه لو هربتي وكمان مش هيرحموني لو عرفوا اني ساعدتك تهربي..
زهره : مش مهم ..اللي لازم نفكر فيه الوقتي فعلا هو اننا نجيب فلوس عشان نقدر نعالج بيها بندق ..ده صاحبك يا زيزو هتتخلي عن صاحبك في أكتر وقت هو محتاجلك فيه ..
تنهد زيزوا بحيره ومرر اصابعه بين خصلات شعره بحيره وعجز
وهي انتظرت منه جوابه بقلق خائفه من ان يرفض ..
لتهمس بعدها برجاء: قولت ايه يا زيزوا هتحط ايدك في ايدي عشان ننقذ بندق ..
ومدت اليه كفها
تردد كثيرا قبل ان يمد كفه ويضعها في راحة كفها الممدوده اليه ..
لتبتسم بظفر وتقول براحه : انت فعلا طيب وجدع يا زيزو..
زيزو وهو يستدير بنظره لخارج الغرفه خوفا من ان يكون احدا قادم ..
فلم يجد
فألتفت اليها ليهمس: طب يلا ..يلا بسرعه نخرج انا وانتي من هنا قبل ما حد يشوفنا ..
بعدها ساعدها في النهوض واتكأت عليه وسار بها للخارج وكانت هي تشاور له علي الشوارع التي يجب ان يسيروا فيها حتي لا يراهم احد فهي فعلت ذلك مرارا وتكرار من قبل ..
………………………
راح في النوم منذ وقت قليل ليرن هاتفه الموضوع علي سطح المكتب
فينهض بفزع من نومته هاتفا: تمام يا فندم ..
ثم دارت عينه في المكان ليدرك انه في غرفة نومه وليس في مكتبه في قسم الشرطه..
فأيامه الاخيره والمتواصله في العمل آثرت عليه وبشده..
فألتفت لجانبه بضيق وهو يتطلع لشاشة هاتفه ثم التقطه وأجاب بنزق …
: ايوه يا زفت بترن ليه ..
سليم وهو يكتم ابتسامته فمن لهجته علم انه كان نائم واتصاله به افاقه ..
سليم: الشغل متعطل ومحتاجينك معانا في الشركه خصوصا ان عمو سالم قال انه مش هيقدر يرجع تاني للشركه لانه تعبان شويه ..
آسر بقلق: بابا تعبان ..مقاليش يعني ..
سليم: محبش يقلقك عليه..وهو قالي انهم شوية صداع وهيروحوا ..وكمان عشان ماما راحت في سفرية أوروبا عشان تعقد الصفقة مع شركة فينيسيا ..وانا بصراحه مفبهمش في شغلكم ده اووي ..فتعالي ارجوك انقذ برستيجي اللي هيبوظ ادام الموظفين …
آسر بأبتسامه: ما انت لو تسيبك من صياعتك وتبطل تعرف البنات التافهين اللي انت بتقابلهم مكنش ده بقي حالك …
كاد سليم ان يتكلم عندما سمع آسر يتحدث
طرقت مرتين ع الباب وبعدها دخلت سريعا فيقول آسر لها بأبتسامه حنونه: تعالي يا روميساء ..
واقتربت منه لتهمس بأبتسامه: معلش صحيتك من النوم ..
آسر بأبتسامه : ولا يهمك دا انتي تصحيني في اي وقت ..وبعدين فيه رخم سبق وصحاني من احلاها نومه ..
قهقهت بهدوء لتهمس : ومين بقي الرخم ده..
آسر : مفيش رخم غير سليم ..
بهت وجهها وحال للون الاصفر وتراجعت للوراء قليلا لتهمس بخفوت: انا انا همشي وهجيلك في وقت تاني ..
همت بالتحرك لكن قاطعها آسر :.استني ..قوليلي كنت جايه ليه..
فهمست: هقولك بعدين ..وهمت بالخروج فأوقفها آسر مره آخري
آسر : روميساء استني..مش هسيبك تخرجي غير لما تقوليلي كنت جايه ليه..
أستدارت اليه بجسدها
ثم قالت له بأرتباك ورأسها مطأطأ : كنت عايزاك تيجي معايا علشان نقدم اوراقي في الكليه …
ابتسم ليهمس: خلاص استقريتي هتدخلي كلية ايه .
فتومئ له بهدوء
كاد ان يكمل حديثه لها لكنها تركته وذهبت علي الفور
ومن يراها يري علي وجهها طلاسم من كرات دم حمراء تجمهرت وبشده عند وجنتيها ..
كل هذا الحديث كان يسمعه سليم بصمت ..هو اصلا احب ان يسمع صوتها ويتمني لو طال الحديث بينها وبين آسر أكثر
فهو لا يسمع صوتها في حضرة وجوده ابدا دائما ما تكون صامته وفقط تستمع للاحاديث الدائره حولها …
يقاطع افكاره آسر هاتفا: انا مش هقدر آجي الوقتي بس اوعدك اني هعدي عليك بكره بالليل عشان نناقش امور الشركه مع بعض ..
فيجيبه سليم: خلاص تمام وانا هستناك …
آسر برغم انه ظابط شرطه إلا انه يساعد والده وخالته ايضا في أعمال الشركه …
……………………..
توقف بها بعيدا ثم ساعدها في الجلوس لتسند ظهرها علي الحائط ورائها وهو جلس جوارها
حيث كان يلهث بعنف شديد هو وهي
وحبيبات العرق تتصبب من أعلي جبهتها ومن خصلات شعرها المرمريه ..
وكذلك هو ..
فتهمس زهره بأنهاك: اول حاجه نعملها اننا ننقل بندق لمستشفي تانيه عشان اول مكان هيدوروا علينا فيه هو المستشفي ..
زيزوا: بس احنا مهما حاولنا مش هنعرف نهرب منهم ..
زهره: هنعمل احتيطانا لحد بس ما نعالج بندق ..وبعدين بقي يعملوا فينا اللي يعملوه ..
زيزو بخوف: انا خايف اووي يا زهره ..
امسكت بكفه وربتت عليه بحنان برغم ألم جسدها
هامسه بعاطفه اموميه تجاهه: متخافش احنا مش بنعمل حاجه غلط عشان تخاف كده..بالعكس لازم تكون مفتخر بنفسك عشان انت بتعمل الصح .
ابتسم زيزو ليهتف بسخريه: مفتخر …اسمها فخور يا ام جهل ..
لتجيبه: يا عم فخور مفتخر ميهمش ..المهم انهم يقضوا الغرض …
صمتت قليلا لتقول بعدها بجديه: وتاني حاجه نعملها اننا ننفذ الخطه اللي اتفقنا عليها ..بتاعت سرقة الفيلا ..
زيزو: وانا جاهز وهعمل كل اللي تقوليلي عليه ..
تنهدت براحه هامسه: أصيل يا زيزو ..
……………………………………….
في فيلا مروان الدمنهوري ..
في غرفة سلمي
طرقت نداء باب غرفة سلمي لتأذن لها سلمي بالدخول …
فتحت نداء الباب ودخلت لتجد سلمي تقف امام المرآه وتتأنق كعادتها وما أزعجها بشده هو عندما وقع ناظريها علي ملابس سلمي التي تلتصق التصاقا شديدا بحنايا جسدها ..
فتتنهد بضيق لتقول: ازيك يا سلمي
الله يسلمك ..
اجابتها دون حتي ان تنظر اليها
واقتربت نداء منها لتهتف :.انتي مش شايفه ان لبسك ده ضيق شويه ..
نظرت لها سلمي بضيق لتهتف بعدها بعصبيه مبطنه : لأ مش شايفه انه ضيق ..وبعدين محدش طلب منك تقولي رأيك فيه وتعدلي عليا ..
نداء بحرج : انا مش قصدي اعدل عليكي
قاطعتها سلمي بنزق: خلاص يا نداء خلصنا ..قولي كنت جايه هنا ليه ..
ابتلعت نداء كلماتها بحزن لتهمس بأرتباك: بخصوص ..بخصوص
صمتت وهي تكاد تذوب من القلق والتوتر
فهتفت سلمي بنفاذ صبر وهي تقترب منها:.فيه ايه ما تتكلمي
نداء: بخصوص غغغ غالب ..
صمتت
لتطلع اليها سلمي بعدم فهم فما علاقة نداء ب غالب ..ولماذا تنطق اسمه من الاساس ؟؟
فتكمل نداء: انا سمعتكم ..وعرفت ان هو هيجي يخطبك من بابا ..
ثم صمتت وهي تحبس دمعه كادت تقفز من جفونها
سلمي بلؤم:.اه …قولي كده بقي ..حضرة الشيخه المحترمه اللي دايما طهقت عيشتنا بالمبادئ والاخلاق راحت اتصنتت علينا .
بس احب اطمنك ان غالب ده مش في دماغي اصلا ..
نداء: يعني ايه !!!
سلمي : يعني كلامه ده يمشيه علي كل الناس إلا انا …
نداء: بس ..بس هو هيجي مع عمي عشان يخطبك من بابا …
سلمي: طب ما ييجي حد منعه ..وبعدين دي فرصه عشان اكسر بيها غروره ..المغرور ده ..
ثم ابتعدت لتجلس علي طرف السرير وتشرع في أرتداء جذمتها ذات الكعب العالي
همست نداء بعدم تصديق وخوف في نفس الوقت: تكسري غروره ..
نعم هي خائفه وقلقه عليه …حتما لو رفضته سلمي سينكسر قلبه وهي لا تريد ان يحدث ذلك معه ..
اقتربت نداء منها لتقف امامها
قالت لها برجاء: سلمي ..دا مهما كان ابن عمنا ..عشان خاطري متكسريش قلبه ..اتصلي بيه وقوليله ميجيش علي الاقل هيكون افضل من انك ترفضيه ادامنا كلنا …
سلمي بعند: لأ …هيتقدملي وهرفضه ادامكم كلكم ..عشان يبطل يديني اوامر طول الوقت ويعرف ان مش سلمي الدمنهوري اللي تطاطي ليه..
نداء : ده آخر كلام عندك .
سلمي بتصميم : ايوه ..
نظرت لها نداء مطولا بعجز لتتركها بعد ذلك وتذهب ..
فتهتف سلمي لنفسها بنزق: ما بقاش غيرك يا نداء تقوليلي اعمل إيه ومعلمش إيه…
………………
في اليوم التالي
باتت هي و زيزوا في مكان متواري عن الانظار اسفل الجسر وفي الصباح الباكر ذهب الاثنان للمشفي لتنفيذ ما عزما عليه
قبل ان تطالهم ايدي شوقي ورجاله ..
وبالفعل بعد ساعتين كانوا قد نقلوه لمشفي آخر
امام المشفي
تنهدت زهره بأريحيه لتهمس: كده انا خلاص اطمنت علي بندق ..
يااارب اشفيه يااارب ..
دعت وهي ترفع كفيها للسماء برجاء
ثم هتفت : يلا عشان نراجع اللي هنعمله بالليل كويس ..
فأومئ لها زيزو وسار معها بأستكانه ..
…………………..
طرق الباب قبل ان يفتحه ويدخل
ليهمس بأبتسامه وهو يراه تنتهي من الصلاه ..
:تقبل الله ..
لتجيبه بصفاء وهدوء: منا ومنكم اللهم آمين ..
ثم جلست علي طرف السرير لتكمل ارتداء حذاءها بعدها ارتدت سترتها بلون صفار البيض فوق قميصها المنقوش بعدة نقوش ذهبيه ..
آسر : طبعا انتي بتلبسي عشان نروح مع بعض الكليه
فتنظر له بحزن وتهتف: اوعي تقول انك مش هتروح معايا
بجد انا كده هزعل منك ..
آسر: والله العظيم مشغول جدا وغصب عني اني مروحش معاكي فجأه طلبوني في الشغل من شويه وطبعا لازم انفذ الاوامر واروح ..
قطبت شفتيها بتملل وحزن لتهمس: هو كل شويه شغل شغل ..دا انا حتي بقيت بشوفك بالصدفه ..هو احنا ملقناش حق عليك يا آسر ..
آسر وهو يقترب منها: اكيد ليكي دا انتي اختي وكل دنيتي ..بس استحمليني شويه..هي طبيعة شغلي كده ..
.قالها بعيون راجيه ..
صمت ثم اكمل: بس انا اتصلت ب سليم وهو زمانه جاي ..
نظرت له برعب وخفقات قلبها تتسارع بشده : ايه !!!
وما كادت تكمل حديثها حتي سمعت صوت زامور سياره
فأتجه آسر ناحية النافذه ليتطلع للاسفل فيجده سليم
فيبتسم لها: خلاص هو بأنتظارك تحت ..
همست بتلعثم: انا انا ..ثم صمتت لتبتلع ريقها لتكمل: انا هروح معاه لوحدي. …
آسر : عارف انك بتتكثفي بس هكون مطمن عليكي وانتي معاه اقعدي في الكرسي اللي ورا ..وكأنك راكبه تاكسي عادي ..يلا سلام بقي عشان الحق اروح شغلي ..بس متتأخريش عليه ..
ثم تركها وذهب …
وسمعت صوت زموار السياره مره اخري فأخذت حقيبتها وخرجت من الغرفه ثم هبطت درجات السلم الرخاميه بأرتباك وتعثر شديد …
……………..’

يتبع….

الفصل الثاني عشر

هبطت درجات السلم الرخاميه حتي وصلت اليه نظرت اليه بطرف عيونها لتجده يستند بظهره علي السياره ويكتف ساعديه ويتطلع للسماء الصافيه فوقه فهمست لنفسها: هو ماله ده بيعد النجوم ده ولا ايه ..
ثم سارت من جواره ولم تتحدث معه حتي ببنت كلمه ..
وهو لمحها فأستقام في وقفته ووجدها تبتعد عنه وتسير للخارج صوب بوابة الفيلا الضخمه
ثم نادت علي الحارس لتأمره بأن يفتح لها البوابه وخرجت منها دون حتي ان تلتفت اليه..
فقطب حاجبيه بحيره ثم فتح باب السياره وبسرعه استقر جسده خلف المقود …
واشار للحارس بأن يفتح الجانب الاخر من البوابه وبسرعه فتح الحارس الشق الثاني من البوابه وهو يضرب له تعظيم سلام كما يقولون او يرفع له القبعه بالمعني العربي ..
وقاد السياره ببطئ وهو يتتبعها وهي كانت تشعر به يسير بسيارته خلفها فتمسكت جيدا بكتبها وحقيبتها ولم تلتفت اليه وهي تتابع طريقها ..
وهو اسرع قليلا بالسياره ليسير بمحاذاتها وظل يدوس علي زامور السياره
بمعني انه ينتظرها لتستقل معه السياره ..وهي فهمت ما يريده ولكن تجاهلته واكملت طريقها كأنها لا تسمع شيئا البته ..
فداس علي الزامور مره واثنين وثلاثه.
فتأفأت من ذلك وأضطرت ان تذهب اليه فأوقف سيارته علي الفور لها لتفتح باب المقعد الخلفي وتستقر فوقه ..
بعدها ينطلق بالسياره بسرعه رهيبه …
…………………
كانت تستند بجسدها علي الحائط ورائها …
ويجلس امامها زيزو وهو يضم ساقيه لصدره ..
وجدها تغمض عيونها بين الحين والاخر وتظهر علي قسمات وجهها علامات لتعب وارهاق شديدين
فهمس بقلق: زهره انتي كويسه؟؟!!
فتحت جفنيها لتهمس : اه ..متقلقش عليا انا زهره اللي ميقدرش عليها حد …
قالت تلك الكلمات فقط لتطفئ قلقه لكن في باطن الامر هي تشعر بأرهاق وتعب ..والاكثر منه انها تشعر بألم عظيم في رأسها وبجوع اعظم واشد ..
لكن ما وتر زيزو اكثر هو ارتعاشة شفتي زهره وتحولهما للون الازرق بالاضافه لحبيبات العرق المتجمعه عند جبهتها ..
فأقترب ليتلمس بباطن كفه أعلي جبهتها فيجد ان حرارتها مرتفعه للغايه
فيرتعب ويهتف بخوف عليها: زهره انتي مولعه ناااار ..يلا نروح عند ضكتور(دكتور) ..عشان يديكي حاجه تنزل الحراره دي ..
فتحت جفنيها لتهمس بتعب ظهر جليا عليها: لا لا انا كويسه ..هعمل بس شوية كمادات والحراره هتروح في وقتها فمتقلقش انت ..
زيزو: متأكده ..دا انتي شكلك تعبان خالص ..
زهره: اه ..وبعدين انا مفيش اي حراره تأثر فيه ..دا انا زهره والاجر علي الله …
ابتسم ليهمس: حتي كمان المرض بتقاوحي فيه ..
ابتسمت ثم نهضت وهي تتحامل علي نفسها وزيزو قام بمساندتها حتي وصلت لحافة البحر ..
فقد اخبرتكم سابقا ان مكان نومها هي وزيزو أسفل الجسر
وجلست عند الحافه ثم غرفت من المياه في كفي يدها وقامت بلطم وجهها ببعض الماء عل ذلك يهدي من حرارة وجهها وجسدها ..
فهي تشعر منذ الصباح بتعب عظيم في كامل جسدها ..
والم أفظع …
بعد ان انتهت اسندها زيزو
لتهمس : سيبني انا هعرف امشي لوحدي ..
فتركها وابتعد قليلا
وهمت بالسير لكن كادت ان تفقد توازنها وتسقط
لولا ذراعي زيزو التي اسندتها فهتف: زهره انتي تعبانه خالص متكابريش ..احنا لازم نلغي العمليه النهارده ..لانك ..
قاطعته هاتفه بغلظه: لأ ..قولتلك انا كويس..والعمليه هتم النهارده عشان بندق يتعالج بسرعه ..
بعدها سحبت يدها من كفه وتحاملت اكثر علي نفسها حتي تبين له انها بخيرا تماما ولا داعي لقلقه هذا…
لكن هو يعرفها جيدا ويعرف طباعها فهي مقاتله وعنيده من الدرجه الاولي وبالطبع لن يقدر عليها ..وستنفذ ما برأسها دونا عنه ……….
في فيلا هنا ابو حجر
في غرفة نومها !!!
بعد ان ابدلت ثيابها بأخري ذهبت
لسريرها واستلقت عليه كانت تتطلع للسقف فوقها بشرود وهي تفكر به ..
كل افعاله معها اليوم كانت قاسيه حد النخاع فدمعت عيونها بشده بعد ان كانت تلك الدموع حبيسه امامه اليوم بطوله ..
عندما رن هاتفها الموضوع علي الكومود بجوارها …
فألتقطت الهاتف لترتعش وهي تري اسم كرم الجندي يزين شاشة هاتفها فأبتلعت ريقها وأخذت نفسا عميقا قبل ان تجيب علي الهاتف
لتهمس بصوت مرتعش: الو
كرم : انتي فين الوقتي
هنا: في اوضتي ..ليه فيه حاجه
قالتها وعيونها تنطق خوفا ورعبا
كرم: تمام…جهزي نفسك عشان هنروح حفله بالليل الساعه 9 تكوني جاهزه ..سلام..
اقفل الخط في وجهها قبل حتي ان تستعلم منه عن الشخص الذي سيذهبون للحفله لاجله..
فأقفلت هي الاخري الخط وهي تتنهد بحزن فهو قاسي في مشاعره نحوها ..
تتذكر يوم ان ذهبت لتحضر وجبه تتناولها من الكافتريا في النادي وعند عودتها بالطعام نحو طاولتها اصطدمت بفتاه من نفس عمرها وتسمي لبني ..
عندها تطاولت عليها لبني ووبختها امام جميع من في النادي وتتذكر انها ظلت تسمع اهانتها امام الجميع بصمت ودموع
فقط هو من انقذها من اهانات لبني ونظرات الجميع لها بالاستحقار حتي ظنت انها مجرد حشره بينهم ..
وهو من اعاد لها كرامتها عندما قام بتوبيخ لبني بل انه اخذ كوب عصير من علي احدي الطاولات وسكبه علي لبني حتي صارت كل ملابسها باللون البرتقالي ..والاغرب ان لبني لم تنطق او تتفوه باي كلمه معه ..
ولم يكتفي بذلك بل حذرها امام الجميع بأن لا تتعرض ل هنا ابو حجر مره اخري وكان التحذير ايضا موجه لجميع الحاضرين
منذ ذاك اليوم وهي صارت معه ولا تعلم ما مكانتها بالنسبه له هل هي حبيبه ام صديقه ام انها مجرد فتاه يتسلي بصحبتها وحسب … ام انها مجرد انسانه ضعيفه يُظهر تعاطفه معها ..
لكن هي ادمنت حبه حتي النخاع حتي باتت تتنفس هواء اسمه كرم الجندي ..
تنهدت بحزن وهي تتمتم بأسمه وقبل ان تخفي رأسها اسفل الغطاء حتي تأخذ لها قيلوله قبل ان تذهب معه تلك الحفله
وجدت من يفتح عليها باب غرفتها دون مقدمات
فنظرت لها هنا هاتفه: فيه حاجه يا رضوي …
رضوي: فين الجيب الحمرا بتاعتي ..
هنا: مش عارفه ..
رضوي وهي تتجه لخزانه ملابس هنا: مش عارفه ايه. .اكيد مخبياها هنا وسط هدومك ..
وبالفعل وجدتها فأظهرتها رضوي امامها لتهمس: ايه دي ..
هنا: دي الجيب بتاعتي ..ما انتي كنتي موجوده معايا لما بابا اشترلنا نفس الجيب وبنفس اللون ..
رضوي بتملك: لأ ..دي بتاعتي انا وانتي سرقتيها مني يا حراميه
ثم صرخت تنادي علي والدتها: يا ماما . يا ماما تعالي شوفي الحرميه دي ..
وبعد قليل جاءت والدتها ..
امرأه تخطت حاجز الخامس واربعين من عمرها جسدها بين النحيف والممتلئ..
لتهتف: فيه ايه يا رضوي ..
رضوي وهي اخت هنا وتقاربها في العمر ..
هتفت : هنا سرقت الجيب بتاعتي..
نظرت ثريه ل هنا بغضب
فهتفت هنا تدافع عن نفسها : والله يا ماما ..ما اخدت حاجه منها . باب مشتريلي انا وهي نفس الجيب وهي كانت معانا وقتها ..
رضوي بعناد: لأ دي هي الجيب بتاعتي يا حراميه
كادت هنا ان تتحدث لكن اخرستها ثريه هاتفه بكل غلظه: بنتي رضوي مبتكدبش ابدا الدور والباقي علي اللي منعرفش تربيتها كانت ازاي ..وبعدين ايه ماما دي ..انا مستحيل يكون ليا بنت زيك ..اسمي مدام ثرايا ..ماما دي ما تنطقهاش تاني ..انتي فاهمه
ثم وجهت انظارها ل رضوي وهمست برفق : يلا يا حبيبتي من هنا وخدي الجيب بتاعتك معاكي ولو فيه اي لبس ضايع منك دوري عليه ومتأكده انك هتلاقيه هنا ..اصل الحراميه كتروا اوي اليومين دول ..بقوا اكتر من الهم علي القلب ..
قالت كلماتها وهي تنظر ل هنا شذرا ..
ثم ذهبت الام وابنتها
وظلت هنا في مكانها ودمعه نزلت من جفنيها تليها دمعه تليها دموع وظلت تبكي وتبكي
واكثر منه وجع وحرقه واحساس باليتم والمراره برغم ان والدها ما زال علي قيد الحياه …
ثريه هي زوجة والد هنا ورضوي هي اختها من الاب فقط
لكنها قاسيه ومتجبره كوالدتها …
والاثنتان تعاملان هنا بمنتهي القسوه منذ كانت طفله صغيره فبعد وفاة والدتها بمده صغيره تزوج من ثريا تلك .
وكانت هنا حينها رضيعه لم تتعدي الشهر ..
وشبت منذ نعومة اظفارها علي تلك المعامله القاسيه من زوجة ابيها ..
لكنها اعتادت علي ذلك حتي تعب قلبها من ذاك الوجع باتت تشعر بانها وحيده في ذلك الكون برغم حنان والدها عليها ومعاملته الطيبه لها بل انه يحبها كثير لكنه غالبا ما يكون في سفرية عمل للخارج واغلب الوقت ليس متواجدا في المنزل ..
هي ابنة رجل ثري له وزنه ومكانته لكنها ابدا لم تشعر بالسعاده لاجل ذلك ..
فلطالما كانت وحيده ضعيفه هشه
………….
داخل السياره
كانت تفرك كلتا كفيها بتوتر بالغ .
وهو كان يراقبها بطرف عينيه
احب ان يكسر حاجز الصمت ذاك ليهتف : انتي نويتي علي إيه..
فنظرت له نظرات مبهمه
ليوضح اكثر هاتفا: قصدي هتدخلي كلية إيه ..
لتجيبه بخفوت: كلية السن ..
صوتها بالكاد وصل اليه فسمعها
ليبتسم هامسا: بالتوفيق ان شاء الله ..
لكنها لم تجيبه واهو انتظر اجابتها لكن يبدو ان لا امل ابدا في ان تتحدث اكثر ليسمع صوتها فنبرة صوتها من النوع الذي يسحر قلبه فيزيد من دقاته عنفا..
………………………
عند حلول المساء
في فيلا الزهار
كان سليم يستلقي علي سريره وهو شاردا في ملامحها همسها الذي يصل لمسامعه بالكاد خجلها الذي يسحره ويبعث في قلبه فرحه وشغف لها..
منذ ان اوصلها للفيلا وهو لم يكف عن التفكير بها ..
وفجأه رن هاتفه قاطعا ذلك الصمت الذي يغلف الغرفه..
فأجاب سليم: ازيك يا ابو عضلات
آسر بغيظ: بطل تقولي اللقب ده.
فأبتسم سليم ليهتف: حاضر يا قبطان انت تؤمر امر ..
آسر: علي فكره انا تحت بعربيتي خلصت شغل بدري فقولت اجيلك النهارده بدل بكره
سليم: طب ما تطلع يا عم انا مستنيك من بدري عشان الشغل اللي هنشوفه مع بعض ..
آسر: اوكيه هقفل العربيه وطالعلك
سليم: وانا في انتظارك ايها القبطان ..سلام ..
واقفل اسر الخط وهو يبتسم ..
.دق جرس الباب لتفتح له الخادمه
فتتنحي له جانبا ليدخل فهي تعرفه جيدا هو يُعد فردا من افراد ذلك المنزل ..
كاد ان يصعد درج السلم عندما اوقفته نوران
فألتفت اليها
كانت فتاه في قمة الجمال تمتلك خصلات ذهبيه وعيون واسعه تشبة خضرة الاشجار وجسدها متناسق كأنها احدي عارضات لدار ازياء كبيره..
فهي طويله بعض الشئ لكن هي بالطبع بجانب اخيها او آسر تشعر بانها احد الاقزام السبعه …
فهم يمتلكون جسدا رياضيا فوق الرائع وبالطبع طولهم الفارع سببا في وقارتهم وهيبتهم امام الجميع ..
همست: انت طالع ل سليم ..
هتف بضيق: ايوه..
كاد ان يتحرك لكن اوقفته مره اخري لتهمس: طيب انت هتخرج من عنده امتي ..قصدي الساعه كام يعني ..
آسر وهو يقطب حاجبيه بعصبيه: احتمال افضل عنده وقت طويل
قالها بنزق ثم هم بالصعود
لتوقفه مره ثالثه هامسه: اصلي كنت عايزه اروح النادي معاك ..نفسي اخرج معاك يا آسر …
آسر وهو يزفر بضيق: آسف جدا انا مشغول اليومين دول ..يعني مش فاضي ..
بعدها تركها وصعد علي الفور ل سليم..
وهي كانت تتابعه بعيونها وهي تشعر بغيظ ..
هي نوران زهار الكثير من الشباب يتمناها ويحلم بها كفتاة احلامه إلا انها لا تريد كل هؤلاء وتريده هو فقط آسر الجندي الذي امتلك قلبها منذ صغرها …
……………….
رحب مروان بأخيه حاتم وابنه غالب
ثم جلسوا جميعا في التراس
واخذوا يتناقشون في امور عده وهم يتناولون الشاي الذي اعدته لهم الخادمه ……
كان حاتم قد اخبر مروان عن الموضوع الذي جاء هو وغالب لاجله سابقا ..ورغم رفض مروان والذي كان بسبب نداء إلا ان محاولات حاتم كان لها تأثير كبير في تقبل مروان وموافقته علي الموضوع ..
نهضت والدة سلمي ونداء وتوجهت للمطبخ
كانت سلمي هي ونداء في المطبخ حيث كانت نداء تقف مع الخادمه وتساعدها
اما سلمي فكانت تجلس علي الكرسي امام الطاوله القابعه في وسط المطبخ وهي تضع ساقا فوق الاخري وتحمل بيدها مجلة ازياء للملابس والاحذيه وغيرها تستطلع ما بها ..
دخلت والدتهم المطلخ لتهتف بنزق ل سلمي : قومي يا سلمي قدمي العصير لعمك وابن عمك ..
سلمي: طيب ما الشغاله تقدمه وانا هدخل ليهم عادي ..
الام: لا طبعا مينفعش ..يلا خدي العصير من التلاجه وحطيه في الكوبيات وحصليني ..
ثم تركتها وذهبت ..
وعلي وجهها فرحة ام فهي علمت ايضا بالموضوع من زوجها ..
فرمت سلمي بالمجله علي الطاوله بنزق واخبرت الخادمه ان تصب العصير في الاكواب حتي تخرج وتقدمه هي بنفسها …
بعد ان فعلت الخادمه ما طلبته سلمي منها
نظرت نداء ل سلمي بضيق لتهتف سلمي: فيه ايه بتبصيلي كده ليه..
نداء: تعالي عايزه اتكلم معاكي شويه ..
قالتها وهي تسحبها من مرفقها نحو مكتب والدهم
اقفلت نداء الباب ورائها
ثم التفتت ل سلمي التي كانت تنظر لها بعصبيه
همست نداء: سلمي ارجوكي بلاش اللي هتعمليه ده ..ارجوكي بلاش ..طب راعي شعور عمي ..لو عملتي فعلا اللي بتقولي عليه عمي هيزعل من بابا وممكن كمان يتخانقوا مع بعض ..يرضيكي يحصل ده ..
سلمي وهي تبتسم بمكر: الموضوع مش كده خالص ..انتي فاكره انك هتضحكي عليا.. انا عارفه كويس انك بتحبيه وعشان كده خايفه علي احساسه ..
فنظرت لها نداء بوجع..
ثم اكملت سلمي بخبث: بس لازم تعرفي ان هو بيحبني انا مش انتي ..
كادت دموعها المتألمه ان تتساقط لكنها تماسكت
لتكمل سلمي: وانا بقي مش بحبه..وعايزه اكسر غروره ادام العيله كلها ..عشان بعد كده ميتجرأش ويأمرني ادام اي حد ..
خليه يتقدملي ..هو فاكر ايه.. انه هيتجوزني غصب عني ..
نداء برغم كلمات سلمي التي جرحت كبرياءها في الصميم: عشان خاطري يا سلمي بلاش ..اصلا لو عملتي كده غالب هيقوم الدنيا ومش هيقعدها ..
سلمي بغرور: اعلي ما في خيله يركبه ..
كان هو يقف امام باب المكتب ليسمع كل ما دار بين نداء وسلمي بعينين متوهجتين من الغضب كاد ان يقتحم عليهم باب المكتب ليضرب تلك المتبجحه سلمي لكن سبحان من جعله يتماسك ويتوجه بصمت نحو التراس ليجلس بهدوء علي كرسيه ..
……… …… …… …………….
امام فيلا الزهار
زيزو لزهره: هو ده العنوان ..
زهره: ايوه هو …
……………
بعد قليل دخلت سلمي التراس وعلي وجهها ترتسم ابتسامة ثقه وغرور ..
ومن خلفها نداء التي دخلت بحزن وملامح بائسه ..
وضعت سلمي الصينيه علي الطاوله لتجلس علي الكرسي الذي يقابل الكرسي الجالس عليه غالب ..
كانت نظرات غالب لسلمي غاضبه ملتهبه ونظرات سلمي له واثقه ومغروره ..
ونداء كانت ستبكي لولا انها تماسكت ..
تنحنح حاتم بالحديث هاتفا: طيب بما اننا كلنا متجمعين فانا بنتهز الفرصه دي يا مروان يا اخويا وبطلب منك ايد بنتك
قاطعه غالب وهو ينهض هاتفا بصوت خشن امام الجميع: انا عايز اتجوز نداء؟؟؟!!!!!
………..,

يتبع….

الفصل الثالث عشر

تسلقت زهره سور الفيلا المرتفع فوجدت زيزو في أنتظارها في ألاسفل فقد سبقها هو وتسلق السور..
وقبل ان تقفز القت اليه شيله لونها كسواد الليل ..بداخلها قطع اللحم وايضا اقراص النوم..والتي سيدسون بها بداخل قطع اللحم..
التي سيلقون بها للكلاب…
ثم بعد ذلك قفزت
ليساعدها زيزو علي النهوض..
فيهمس: انتي كويسه..
فتومئ له بنعم بعدها ينطلقون لتنفيذ ما خططو له زيزو سيقوم بوضع اقراص النوم بداخل قطع اللحم ثم سيلقي بها من بعيد لكلاب الحراسه المربوطة بسلاسل حديديه صلبه…
فأذا رأوه حتما سينبحون وبالتالي سيوقظون اصحاب الفيلا..
لذا من الافضل ان يكون متواري خلف حائط مثلا وهو ينفذ تلك المهمه..
بعد قليل كانت الكلاب تنهش في قطع اللحم كأنها ذئبا جائع
فهمس زيزو بتحسر وهو يراقبهم من خلف الحائط :لغوا لغوا ..يا ولاد المحظوظه.. يا رتني كنت كلب زيكم..
………………
غالب وهو ينهض هاتفا : انا عايز اتجوز نداء
فغر الجميع افواههم من الصدمه لا يصدقون ما سمعته اذناهم للتو
نهض مروان بعدم فهم ينظر لأخيه حاتم هاتفا : حاتم فهمني إيه اللي بيحصل…
اما نداء فبحلقت بغالب بحيره وعدم فهم
فوجدت نظراته قاتمه جامده بل انها كانت موجهه لسلمي وكأنه يشمت بها..
وسلمي انقهرت من داخلها وغلت اوداجها غضبا لكن قسمات وجهها اظهرت عكس ذلك فكانت تبدو واثقه من نفسها لدرجة الغرور
ولكن عيناها المشتعلتان غضبا هي من كشفت سترها فعلي الفور ذهبت من امامه بعد ان رمقته نظرات جامده تخلو من اي مشاعر وهو تابعها بعيون الصقر خاصته حتي أختفت من امامه تماما
فأحتلت ابتسامه ماكره جانب وجهه.. ثم عاود الجلوس علي كرسيه واضعا ساقا فوق الاخري ببرود وعنجهيه كأنه لم يفجر لتوه قنبله موقوته انتفض لها الجميع..
وهي ظلت ترمقه بحزن وانكسار لا تعرف ما عليها فعله…
وكل ما تمكنت منه في تلك اللحظه انها هربت من امامهم جميعا راكضه بخطوات سريعه نحو غرفتها….
اما مروان فكان لا يفقه شيئا مما يدور حوله..
فهتف لاخيه حاتم بعصبيه: ممكن تفهمني ايه اللي بيحصل؟؟؟
وحاتم كان حائرا هو الاخر لا يدري ما يحدث..
فتحدث بأرتباك: اهدي بس يا مروان وانت تفهم كل حاجه..
هدر مروان بعصبيه: اهدي ازاي بس.. انت مش كنت جاي عشان تطلب مني ايد سلمي ل غالب..
قاطعه غالب ببرود: نداء يا عمي.. نداء..
حاتم بغضب وهو ينظر شذرا ل غالب: اخرس يا ولد انت..
ثم نظر لاخيه ليكمل : انا انا معرفش ايه اللي حصل.. بس غلطه جات في بيتها ومفيش فرق بين نداء وسلمي.. الاتنين اخوات وفي نفس الوقت الاتنين بناتك..
مروان: لأ طبعا.. يعني ايه تكون جاي تطلب واحده مني واتفاجئ انك جاي تطلب التانيه.. هو ايه احنا في سوق لو البهيمه دي معجبتش تشيل التانيه..
حاتم وهو يلتمس العذر لاخيه في عصبيته تلك ثم يقترب منه ويهدئه هاتفا: اهدي يا مروان.. الامور متتحلش بالزعيق.
وبالفعل بدأ مروان ان يهدء شيئا فشيئا
وكان حاتم ينظر بغيظ لأبنه الجالس بمنتهي الاسترخاء والبرود وكأنه لم يكن السبب في تلك الكارثه التي حدثت منذ قليل والتي لولا ستر الله عزوجل لكانت السبب في القطيعه بينه وبين اخيه..
فتنهد بضيق وهو يهدئ نفسه هو الاخر هامسا لنفسه وهو يرمق ولده بنظرات مغتاظه:.دايما مسببالي المشاكل مع كل الناس..
ثم هز رأسه بيأس نعم يائس من ان تتغير طباع ابنه تلك في يوم من الايام…
………………..
في المساء
تحت سماء صافيه مليئه بالنجوم الرائعه وقمرا يقبع وسطها لينير الطرقات المظلمه..
وقف كرم الطوباجي وسط مجموعه شباب من اصدقاء طفولته..
وهي تنحت بحرج شديد مبتعده عنه قليلا ووقف عند الزوايه حتي ينتهي من الحديث مع زملاءه
كانت ترتدي فستان سهره يجعلها أنثي صغيره في منتهي الشفافيه والجمال.. حيث يصل الفستان لأسفل ركبتيها بقليل..
ويُظهر عند صدرها فتحه مثلثة الشكل تظهر بياض بشرتها الناصع وحنايا جسدها التي تجعلها أجمل جميلات الحفله بعيونها الزيتونيه وشعرها الاسود كسواد الليل..
أقتربت منها فتاه لتهمس: ايه يا حبيبتي اللي موقفك هنا لوحدك
همست بأرتباك وهي تنظر الي كرم فتجده منشغل بالحديث مع اصدقائه : مستنيه كرم..
نظرت الفتاه بأعجاب ل كرم.. فذاك هو كرم الجندي الذي يتحدث عنه الجميع اذا..
معهم كل الحق بالانبهار بشخصيته فهو يبدو اوسم رجال الارض واثقا من نفسه حازما عيونه كصقرا جامع..
يمتلك بنيه جسديه كلاعبي كرة القدم بل وأشد منهم في اللياقه فعضلاته مشدوده بشكل ساحر.
ثم التفتت ل هنا هامسه: طب تعالي يا حبيبتي اقعدي معايا بدل ما انتي واقفه لوحدك كده..
ابتلعت هنا ريقها بخوف ونظرت بذعر لكرم لكن يبدو انها لا تشغله البته
فهمست الفتاه : ايه انتي خايفه مني..
هنا بأرتباك: اصل.. اصل كرم ممكن يضايق مني لو مشيت لمكان من غير
ما اقوله..
الفتاه: متخافيش مش هأخرك
وقبل ان تتفوه هنا وجدت الفتاه تسحبها خلفها من معصمها ثم اجلستها معها علي نفس الطاوله
انكمشت هنا علي نفسها بخوف وهي تجلس قبالة الفتاه تراقب اعينها كرم بصمت..
وضعت الفتاه كأسا امامها فنظرت لها هنا بتساؤل
هامسه: ايه ده؟؟؟؟
الفتاه بأبتسامه ماكره: ده عصير برتقال..
هنا بخفوت : لا شكرا انا مش قادره اشرب..
الفتاه بتصميم: لأ كده هتخليني ازعل منك.. اشربي يا حبيبتي متخافيش ..
قالت الفتاه تلك الكلمات وهي تمسك بكوب العصير وتضعه بين اصابع هنا..
هامسه: اشربي..
هنا بأرتباك: بس..
قاطعتها: ده هيكون عربون صداقه بيني وبينك..
ولم تستطع هنا ان ترفض لذا أرتشفت منه عدة مرات..
بعد قليل احست بدوار فظيع يداهم رأسها وايضا تري الاشياء امامها كأنها اثنان او ثلاثه…
وصارت تفتح عيونها وتغمضها عدة مرات ولكن الاشياء ظلت كما هي..
نظرت الفتاه بخبث لفتاه اخري قابعه خلفها علي الطاوله ثم غمزت لها بمعني ان المهمه تمت بنجاح. .
فأبتسمت تلك الفتاه بمكر واستمتاع فهي ستشاهد الان عرض مسرحي…
الفتاه ل هنا: شايفه الدي جي اللي هناك ده..
هنا وهي بالكاد تراه: اه.. شايفها
الفتاه: روحيله وقوليله انك عايزه تغني..
وبالفعل ذهبت هنا للدي جي كي تطلب منه ان تغني..
كانت تسير كالمغيبه تماما.. او كأن احد ما يعطيها الاوامر فتنفذها بدون تفكير وذلك بسبب تأثير الحبوب التي وضعتها تلك الفتاه لهنا في العصير …
….. ………….. ………………..
زهره: زيزو انا راقبت المكان كويس وتقريبا كده كلهم ناموا والفيلا كلها سكون..
أقف هنا تمام واستناني لما أحدفلك الحبل..
زيزو: تمام…
ثم بهدوء تسلقت الماسوره المؤديه لاحد الغرف في الفيلا..
كانت تشعر بالدوار بين لحظه واخري لكنها كانت تتماسك
حتي اخيرا وصلت للغرفه فبهدوء فتحت نوافذها علي مصرعيها لتهبط بهدوء بعدها لارضية الغرفه فتجدها مظلمه وبشده…
فتنير المصباح الذي تدسه في جيب الملابس الذي ترتديها وبمجرد ان تدوس علي ذر المصباح تنير الغرفه..
فتتوجه للكومود فتجد صوره بداخل اطار مميز لطفله رضيعه لم تتعدي الشهر من عمرها
لانت ملامحها المقطبه قليلا وهي تراقب ملامح الطفله والتي احست بمدي قرب تلك الطفله الرضيعه من قلبها..
وعلي الناحيه الاخري تقبع ايضا صوره بداخل اطار مميز ولكن تلك الصور لرجل وامرأه تحمل نفس الطفله علي ذراعيها..
يبدوا ان تلك الطفله هي ابنة اصحاب الفيلا..
كم تحسدها لانها وُلدت لاب وام علي عكسها هي وُلدت يتيمة الابوين ..
تحركت ايضا نحو خزانه الملابس في البدء لم تتمكن من فتحها لكن بعد لحظات كان باب الخزانه ينفتح معها بسهوله فهي من الاساس خبيره في تلك الاشياء..
وكم ذُهلت لكل ما رأته بداخلها
وجدت فيه الكثير من الثياب فهذه ثياب وفساتين لرضيعه وايضا فساتين لطفله واخري لشابه في مثل عمرها..
اخذت تتلمس بيدها الفساتين وكم أحبت ملمسهم فكيف ستشعر اذا ارتدتهم
وأثناء ذلك وجدت خلف الثياب صندوق كبير مغلق ايضا بمفتاح وايضا بعد مده قليله تمكنت من فتح الصندوق..
وهالها ما رأته فبداخله الكثير من الهدايا النفيسه والمجوهرات التي تناسب طفله صغيره وتناسب ايضا فتاه في نفس عمرها..
ابتلعت ريقها بذهول وهي تشاهد لمعان تلك المجوهرات..
فلو باعت واحده من تلك المجوهرات فبالتأكيد ستصبح من الاغنياء…
ثم دارت في ارجاء الغرفه لتجد العديد من التحف والتماثيل الغاليه..
كل هذا جمعته جانبا بجوار صندوق المجوهرات..
ثم اقتربت من نافذة الغرفه وتطلعت للاسفل حيث يقف زيزو ثم هزت له الحبل بمعني ان يستعد…
…..
اما في غرفة سليم الزهار..
كان سليم يتقلب يمنة ويسارا في السرير وبسبب ذلك لم يتمكن آسر من النوم حتي الان..
فكتف ذراعيه بنفاذ صبر وهو يسب ويلعن في سليم..
ثم تنهد بضيق وحاول ان يغمض عيونه بهدوء لينام فغدا لديه عمل ويجب عليه ان يستيقظ مبكرا..
وفجأه أطاح سليم ب آسر الذي كان ينام بجواره علي نفس السرير
وأسقطه علي بلاط الارضيه…
فنهض آسر بكل غيظ ليهتف: الله يخربيت اللي ربط الجاموسه وفكك يا شيخ..
وبكل عصبيه القي آسر بالوساده
علي وجه سليم
ليأخذها سليم ويضعها اسفل رأسه وعلي وجهه ترتسم ابتسامه رضا..
فزفر آسر بضيق ليهتف: انا غلطان اني وافقت ابات معاك علي نفس السرير..
بعدها تركه وفتح باب الغرفه ليخرج ثم اغلقه خلفه جيدا
وقبل ان يتحرك من مكانه سمع همسات صادره من غرفة زهره الموصده بالمفتاح بكل احكام..
فأقترب من الغرفه ليجد ان هناك شعاع من اشعة النور تنبثق من أسفل الباب فتسلل القلق لقلبه وقرب اذنيه من الباب ليسمع صوت همسات بالداخل لذا أسرع بخطوات راكضه لأسفل.
…….
أولا قامت بربط احد التحف الغاليه بالحبل ثم انزلته له ببطئ
وهكذا حتي التحفه الثالثه الي كادت
ان تسقط من بين يدي زيزر فهمست: حاسب حاسب..
بعد قليل..
وصل آسر لحديقة الفيلا وأسرع بخطوات راكضه ليصل لأسفل الغرفه..
فيجد فتي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره يقف وهو يتلقف اشياء يبعثها له احدهم من الاعلي وبالاخص من الغرفه عن طريق حبل…
…………………..
في الحفله
امسكت بالمايك ووقفت علي الاستيچ حيث كانت غير متوازنه تماما في وقفتها وتترنح يمينا ويسارا…
قربت المايك من فاهها لتهمس: تست تست.. انتوا كلكم سامعيني صح..
بعدها ظلت تضحك بهستريه
وهي تترنح بجسدها يمنة ويسارا
ضحكاتها كانت اشبه بضحكات فتاه مجنونه فقدت عقلها..
وبالطبع الجميع انتبه لها وصار الجميع يشاهد فقط ما تفعله تلك المجنونه..
وهو شاهد ما تفعله بصدمه شلت جسده عن الحركه وعيونه الغاضبه تكاد تخرج من محجريها لتطالها وتحرقها…
وفي قبضة يده حطم الكأس الذي كان يمسك به.. حتي تناثر لأشلاء وفرت الدماء من قبضته كأنها شلال من المياه الجارف..
اما تلك المجنونه فكانت لا تعي بما تفعله من الاساس
فأخذت تغني..
الدنيا زى المرجيحه يوم تحت وفوق
فى خلق عايشه ومرتاحه وفيها ناس مش فوق
وانا ماشى بتمرجح فيها من تحت لفــــــــوق
الدنيا لما بتدينى بنفرح ونقول
السعد جانا وياريته يفضل على طول
ولو اخدت منا بنتاثر والفكر يطول
والله بتمرجح فيه من تحت لفـــوف
من تحت لفوق من تحت لفوق
ظلت ترددها وهي تترنح عن يمينها ويسارها..
وكان الجميع يضحك إلا هو الذي وصل لأعلي درجات الغضب عنده وبخطوات غاضبه توجه اليها وسحبها من معصمها خلفه.. وكادت هي ان تقع بسبب شدة سرعته
حتي وصل بها للخارج وبكل عنف ازاحها حتي أرتمت علي الارضيه
وُصدمت وقتها في كوع ذراعها فصرخت بتألم ووجع: اااااه..
اما هو فكان يقف بجمود
فكل ما قامت به الليله هو فقط من يتاقفز امام اعينه فيغلي هذا من غضبه غليا..
وهي لم تكن تعي ما حدث وما يحدث وما سيحدث؟؟؟
وفي الداخل ضحكت تلك المتبجحه بغرور وهي تهتف للفتاه امامها: جدعه يا بت… نفذتي كل اللي قلتلك عليه بالحرف.. عشان كده خدي ده عشانك..
وناولتها علبه قطيفه حمراء بداخلها خاتم من الذهب الصافي..
فأبتسمت الفتاه بجشع وهي تأخذ منها الخاتم …

يتبع….

الفصل الرابع عشر

في فيلا حاتم الدمنهوري بعد ان عاد من عند اخيه بخيبة أمل لما فعله غالب امام الجميع..
هدر به حاتم بغضب: انت ايه.. جنسك ايه.. انت جبله مبتحسش مش حاسس بفظاعة وبشاعة اللي انت عملته النهارده..
انت كان ممكن تكون السبب في القطيعه بيني وبين اخويا فاهم يعني ايه..
غالب وهو يزفر بضيق وتقريبا لم يلمس ايا من كلام والده وترا من أوتار قلبه..
هتف ببرود : انا مش فاهم ليه حضرتك متعصب كده.. انا معلمتش حاجه غلط..
كاد ابيه ان يلكمه لكمه قويه تطيح به علي الارض لعل ذلك يطفئ نار الغضب الذي يغلي في قلبه غليا
لكنه صك اسنانه بغيظ
هاتفا بكل حنق: أقسم بالله انت جبله ومبتحسش.. انا فعلا هتشل لو بقيت اتكلم معاك اكتر من كده..
ثم زفر بيأس وعجز بعدها تركه وذهب بخطوات حانقه..
اما غالب فبعنف لكم الحائط امامه وعيونه تزداد حمره وغضب وهو يتذكر كلمات سلمي التي سمعها وعصبته لاقصي درجه والتي بسببها اضطر آسفا لطلب يد نداء امام الجميع فقط لينتقم من سلمي ويحطم غرورها امام الجميع..
لكن هو لا يحب نداء بل حتي انه لا يطيقها فكيف سيستمر في تلك المهزله..
لكن مهلا هو سيريها أسوء ما به وسينتقم منها.
وذنبها هو انها اخت تلك المتكبره سلمي…
عندها غامت عيونه وهو يبتسم بخبث..
………….
صرخت بألم : اااااآه…
ظل يتطلع اليها بعيون غائمه ليصرخ بها : انا قولتلك ايه.. مش حذرتك انك تبعدي عن اي زفت خمرا ليه مصره متسمعيش كلامي.. هااا ليه.
لكنها اصلا كانت لا تدي ما يدور حولها..
ورأت كرم امامها كأنه شخصيه من الشخصيات الكاركتيريه المضحكه..
فظلت تبتسم وهي تضع كفها عند فمها..
وتحولت البسمه لضحكات عاليه..
وهو نظر اليها ببلاهه ثم غضب وحمم بركانيه أطاحت بعقله
امسكها من مرفقيها بعنف ليوقفها طواعيه قبالته صك اسنانه بغيظ وهو يراها غير مباليه بما يقوله
فهدر بها بفحيح غاضب :هنا.. فوقي.. فوقي بقي..
قالها بصراخ ثم تلاها بصفعه تركت آثرا علي خدها الايسر..
بعدها سحبها بقسوه حتي باب السياره ففتحه لها واجلسها علي المقعد الامامي
ثم استقر جسده بجوارها وانطلق بالسياره
……………..
زيزو بهمس: يلا بسرعه قبل ما حد يشوفنا..
وقف خلفه آسر وهو يكتف ذراعيه بغضب
ثم مد ذراعه علي كتف زيزو الذي كان يفك رباط الحبل من حول الاشياء ثم يركنها علي الارض
وزيزو لم ينتبه فأزاح ذاك الشئ الذي لمس كتفه دون ان ينتبه ان آسر هو من يقف خلفه..
وغامت عيون آسر بغضب فلمست كفه كتف زيزو للمره الثانيه شذرا
فشك زيزو بالامر والتف بجسده ليُصدم برؤية آسر امامه فأبتلع ريقه برعب وهو يتطلع لأسر وبسرعه ودون مقدمات هرب من امامه وركض سريعا وكاد ان يلحق به آسر لولا انه سمع صوتا قادما من الاعلي فظل واقفا في مكانه وفكر في ان الموجود في الاعلي ربما يكون هو الرأس الكبري
همست زهره الواقفه في النافذه للواقف بالاسفل.. ظنا منها انه زيزو فقد كان الظلام يواري جسده ويخفي تفاصيل وجهه..
:نزل دي بشويش عشان دي تقيله ولو وقعت ممكن تصحي كل اللي في الفيلا..
برغم غضبه واصطكاك اسنانه إلا انه استطاع الاحتفاظ بهدوءه ونفذ ما طلبته منه حتي لا تشك بأمره..
فهذا صوت فتاه.. ويبدو انها بالفعل العقل المدبر لتلك السرقه..
أنتظر بالأسفل حتي تهبط هي اليه بنفسها وكان هو من يقوم بمهمة زيزو حتي لا تشك به.
وظل يفك الحبل عن الاشياء التي تنزلها اليه ثم يركنها جانبا
وهكذا……
…………………………
وصل كرم بسيارته امام احدي البنايات الشاهقه الارتفاع فيما تسمي بناطحات السحاب..
وكانت هي ساكنه بجواره علي المقعد الامامي لا تفقه اي شئ وتعيش عالم خاص بها فطوال الطريق كانت تتفوه بترٌاهاات وخرافات لا معني لها
ترجل من السياره واستدار حتي وقف امام الباب الامامي وقام بفتحه لها وبكل خشونه امسكها من معصمها وقام بأنزالها من السياره وهي كانت تئن آلما لكنه لم يكن يبالي
واستمر في سحبها خلفه حتي انه لم يهتم بأنها كادت تتعثر بالسلالم وهو يجرها بتلك القسوه..
وفي المصعد كان هناك رجلا وزوجته ورأو منظر هنا وهي بين يديه فنظروا اليه بأشمئزاز وظنو بهم الظنون..
وهو كانت نظراته غاضبه بسبب ذلك ولولا انه كان يخفيها خلف نظارته السوداء لتمكنت تلك النيران المشتعله من حرق الرجل وزوجته سويا…
بعد قليل وصل بها امام الشقه التي تنتمى لسليم ابن خالته فقد اخذ منه المفتاح سابقا ومن وقتها والمفتاح معه..
سحبها بقوه حتي دخل بها لغرفة النوم وحينها القاها بعنف فوق السرير
وهتف بغضب: هروح اجيبلك اكل ..عبال ما ارجع الاقيكي فوقتي من اللي انتي فيه ده فاهمه..
ثم تركها وغادر وقفل باب الشقه خلفه بالمفتاح
وهي كانت مازلت مستلقيه علي السرير الذي القاها بعنف عليه منذ قليل
وأستلقت علي ظهرها وتطلعت للسقف بعدم فهم وهي ترمش بعيونها ورأسها يلف بها كأنه ساقيه او ما شابه..
واخذت ترسم علي السقف بأطراف اصابعها قلوبا وبداخل تلك القلوب اسمها هي وكرم..
وكأنها تمسك قلما وترسم به…
ثم نهضت بعدها وكادت تفقد توازنها وتسقط علي الارض لولا انها تماسكت واستندت براحة كفها فوق السرير
ثواني وكانت تنهض من جديد وحينها ذهبت ناحية التراس الموجود بغرفة النوم(البلكونه)
فتحت الستائر وأخذت تستنشق نسمات الهواء المنعشه وهي تتطوح يمينا ويسارا..
ثم اقتربت من حافة سور التراس وظلت تميل بجسدها عليه وهي تتطلع للماره في الاسفل وفي نفس الوقت تضحك وتضحك فهي تري الشخص من الاسفل كأنه اثنين او ثلاثه..
بعدها ابتعدت عن السور قليلا وتوجهت صوب كرسي واخذته وقربته من السور ثم صعدت عليه لتطأ بقدميها علي حافة السور العريض بعض الشئ
حتي صار جسدها في الهواء وقدميها مثبته علي حافة السور وتطلعت للسماء وهي تغني بعدم وعي لما قامت به للتو فلو ترنحت قليلا حتما ستقط من الطابق الثاني عشر وعندها ستذهب للدار الاخري علي الفور
………………
في فيلا مروان الدمنهوري
في غرفة نداء
تجلس علي طرف السرير ودموعها المقهوره هي من تتحدث بدلا عنها
وجدت من يقتحم عليها الغرفه وهي تقف امامها وترميها بنظرات ناريه محترقه
هتفت سلمي بغلظه: اكيد الوقتي الفرحه مش سيعاكي ..
نداء ببلاهه: انتي بتتكلمي عن ايه بالظبط..
سلمي بغيظ : ايوه يا بت اعملي نفسك بريئه. فضلتي تتمسكني لحد ما اتمكنتي …اكيد روحتي قولتيله علي كل اللي كنت ناويه اعمله فيه..
نداء بصدمه: اناااا.. انا مستحيل اروح اقوله واعمل كده.. مش من طبعي اصلا الخيانه..
سلمي بعدن تصديق: وتفتكري ان انا هصدقك.
اكيد غالب مكنش ناوي يعمل كده إلا بعد ما عرف منك خطتي ..
وقفت نداء بتعجب وضيق من لهجة اختها لتهتف: سلمي انتي اكيد الغضب عامي بصيرتك ومخليكي مش عارفه انتي بتقولي ايه.. روحي صلي ركعتين وانتي تهدي..
سلمي بعصبيه: بطلي بقي مثالياتك المزيفه دي.. ولا انتي منهم من اللي بينصحوا الناس بحاجه و يروحوا يعملوا حاجه تانيه…
دخلت امهم الغرفه علي صراخ سلمي بنداء
لتهتف بحزم: سلمي عيب تكلمي ااختك الكبيره بالطريقه دي..
لتهتف سلمي وهي تنظر بأحتقار لنداء: الكبير بيكون بأفعاله.. مش بالسن وبس..
ثم أكملت بنزق: تمام يا نداء انتي كده عملتي اللي في دماغك وخدتيه اشربي بقي يا اختي اللي هيحصلك منه بعدين. لما تلاقيه في حضنك بجسمه بس قلبه وعقله مع واحده غيرك
صرخت بها امها بغضب:.سلللللمي
لكن سلمي تجاهلت صراخ والدتها ورحلت وهي تصفع باب الغرفه خلفها بعنف…
أقتربت الام من نداء وربتت علي كتفها هامسه: نداء متزعليش من سلمي.. أكيد ما تقصدش..
تطلعت اليها نداء بدموع وهمست : انا.. انا معملتش كده يا ماما.. مروحتش قولت لغالب انه يخطبني.. انا اتفاجأت زيي زيكم..
تنهدت الام بحزن واردفت: عارفه انتي نداء ومش ممكن ابدا تعملي حاجه غلط ..لاني عارفاكي كويس يا بنتي عشان خاطري متبكيش متخليش كلام سلمي يأثر فيكي.. وغالب لو مش بيحبك اكيد مكنش طلب ايدك للجواز ..
نظرت اليها نداء بوجع لتهمس: متأكده من اللي انتي بتقوليه..
ارتبكت الام وزاغت ببصرها ثم اشاحت بوجهها بعيدا عنها لتخفي قسمات وجهها الحزينه والمتألمه لاجل ابنتها..
فهي لا تعلم لما فعل غالب كل هذا ولا تفهم حتي ما ينوي عليه..
فالكل متأكد بأنه يحب سلمي ..
همست وهي تتحرك لتخرج من الغرفه: فكري يا نداء.. فكري واستخيري ربنا قبل ما تتسرعي وتاخدي قرار..
بعدها اقفلت الباب خلفها وتركتها وحيده
بالنسبه ل نداء فكان تفكيرها مشتت وقلبها غلفه الحزن والقتامه.. وغالبا في ذاك الوقت ما تذهب للحمام وتتوضئ ثم تصلي وتبث احزانها لمن خلقها واولج في قلبها الخير والبر والتقوي….
……………………..
في فيلا الزهار
بعد ان انتهت زهره من انزال كل شئ حان الوقت لتتسلق الماسوره وتهبط هي كما صعدت!!
واخيرا وطأت قدميها علي الارض حيث كان آسر يقف خلفها وعيونه غائمه بغضب وهي لم تكن تراه فهي تظنه زيزو لان خشوع الظلام لم يبين طوله وحجم جسده..
أخذت تناوله صندوق تلو صندوق وهي غير منتبهه تماما بأن ذلك هو الظابط آسر الجندي من قامت يوما بأعتراض طريق سيارته وفي النهايه قامت بسرقة ساعته الرولكس..
ظل ثابتا في مكانه دون حراك يسمعها فقط وهي تهمس بتلك الكلمات: يلا انت لازم تطلع الصناديق دي فورا وتحطها في شنطة العربيه اللي احنا سرقناها النهارده الصبح..
كانت تقولها وهي تميل بجذعها علي الصناديق وتضعها واحده فوق الاخري لتقوم بعد ذلك بحملها
لكنها احست به خلفها
فهدرت به وهي مازالت توليه ظهرها : انت يا زفت لسه واقف في مكانك ليه ما تتحرك ولا انت عايزهم يمسكونا..
وايضا لم يتحرك فقطبت حاجبيها بغضب وضاقت ذرعا من بروده فأستدارت هاتفه: انت شكلك كده غبي ومبتفهمش و
وصمتت وهي تبحلق بالواقف بذهول
فتهمس بصدمه وهي تبتلع ريقها بصعوبه : انت! ؟!
نعم ما زالت تتذكر ملامحه جيدا
وكيف لها ان تنساه
وهو ايضا تطلع اليها بعدم تصديق لم يكن يتوقع ابدا ان يراها امامه من جديد
كان قد فقد الامل في ايجاده لها بعد ان بحث عنها كثيرا ولم يجدها
رجعت بخوف للوراء واسقطت الصناديق من يدها علي الارضيه
وهو كان يقترب منها بعيون تسكنها كل درجات الغضب بعد ان القي بكل الصناديق علي الارض
وهي ظلت ترجع للوراء بعيون خائفه مرتعبه حتي التصق ظهرها بالحائط خلفها
وقف امامها حيث كانت محاصره بينه وبين الحائط
لتهمس برعب: انت هتعمل ايه؟؟ وربنا لو جيت جنبي لاصوت والم عليك الناس واقولهم انك جرتني لحد هنا غصبا عني عشان اسرق الفيلا معاك..
تطلع اليها لوهله بعدم تصديق وهو يقطب حاجبيه بأندهاش من جرأتها وقدرتها علي تلفيق القصص دون ان يرمش لها جفن
هتف بفحيح وهو يقرب وجهه منها : طب صوتي انا عايزك تصوتي عشان يشوفوا مين فينا الحرامي..
رمشت بعيونها عدة مرات بخوف.
وظلت تتطلع اليه لوهله وكل ذره في عقلها توقفت عن التفكير..
هتف بعيون كالصقر: فاكراني ؟؟!! ولا من كتر ما بتشتغلي الشغلانه دي وبتشوفي ناس كتير نسيتيني..
زهره: انا انا.. انا مش فاهمه انت بتتكلم عن ايه..
خبط قبضة يده في الحائط بجوارها لترتعب منه وتنكمش علي نفسها.
هتف هو بغضب: انت هتستهبلي يا بت انتي.. وبعدين شكلك واخده علي الموضوع ده اووي..
اما جبت راسك الارض ووديتك ورا الشمس مبقاش انا آسر الجندي…
يلا.. يلا ادامي يا حراميه..
زهره وكامل جسدها يرتعش من الخوف والبروده التي سرت لجسدها :انت انت هتااخدني علي فين..
كانت تقولها وهي تغمض عيونها بتعب
هتف آسر بخشونه وحزم: علي القسم يا روح امك..
ارتعبت اوصالها لتهمس: قسم.. قسم ايه.. انا انا مستعده ارجعلك الساعه بتاعتك وكمان همشي من هنا من غير ما اخد حاجه.. بس سيبني. انا ما عمري دخلت القسم ده ابوس ايدك..
امسكها من مرفقيها بقبضة حديديه منه ليهتف بخشونه : كونش يا بت شايفاني ادامك اهبل.. امشي يا بت انجري ادامي لازم تباتي في القسم وساعتها هاخد منك حقي..
كان يقولها وهو يتذكر ما فعلته معه بغضب شديد..
ثم ازاحها امامه وهو يمسكها من مرفقها بخشونه آلمتها..
وهي ظلت تزيغ بصرها هنا وهناك علها تجد مخرج من ذلك وتتمكن من الهرب منه..
ولكن في ذات الوقت كانت تشعر ببروده تسري ف كامل جسدها بالاضافه للدوار الذي داهم رأسها منذ لحظات..
لكنها سارت معه مرغمه ولكن خطر ببالها فكره وظلت تتطلع اليه قبل ان تنفذها.
حيث كانت ملامحه عابسه ومقطبه من الغضب..
وفجأه هجمت عليه وقامت بقضم ظاهر كفه بين اسنانها كنمر متوحش ثم ازاحته وهربت من بين يديه وظلت تركض بعيدا..
لوهله وقف يستوعب ما قامت به تلك السارقه لكن بعد ذلك ركض ايضا خلفها بأقصي سرعته
وهي ظلت تتلفت خلفها وهي تركض بأقصي ما لديها من سرعه حتي انها تجاهلت فردة الحذاء التي وقعت من قدمها اثناء ركضها
واستمرت في الركض حافية القدمين لانها خلعت الاخري ايضا وقامت برميها بعيد لتتمكن من الركض اسرع واسرع
و أثناء ذلك داست بقدميها العاريتين علي أشواك الورود
فصرخت بألم وهي تسقط علي الارض وظلت تصرخ وتئن وجعا ودموعا وهي تري تلك الدماء منهمره من باطن قدمها كشلال جارف…
وبسبب تعب وانهاك جسدها ارتمت علي الارض فاقده للوعي تماما..
فهي كانت تتحامل علي نفسها حتي تبقي ثابته متماسكه حتي حدث ما حدث وعندها خارت كل قواها لتسقط صريعه فاقده لكل شئ ..
وهو اقترب منها ببطئ وحذر فقد ظن ان تلك حيله اخري منها لتهرب منه كالمره السابقه..
لكنه وجد جسدها ساكن ولا تتحرك البته فقطب ملامحه بقلق واقترب منها علي الفور
جثي علي ركبتيه امامها وهمس: انتي.. انتي فوقي..
لكنها لم تجيبه قرب اذنيه من قلبها ليجد ان دقات قلبها مازالت تنبض ولكن ببطئ شديد
لمح قطرات عرق غزيره تتجمهر اعلي جبهتها فتلمست كفه جبهتها لتلسعه شدة حرارته وتلمست كفه ظهر وباطن كفها لتلسعه ايضا شدة حرارة جسدها..
فهمس وهو يراقب ملامحها الباهته وشفتيها التي حالت للون الازرق : انتي.. هو انتي مبترديش عليا ليه..
ربت علي وجنتيها بتردد لكي تستفيق ولكن ايضا لم تستفق..
واحس بالقلق اكثر عندما شعر بأرتجافة جسدها واصطكاك اسنانها وشفتيها كأنها تشعر ببروده تسري في كامل جسدها. .
فوضع احدي ذراعيه اسفل ركبتيها والاخري عند كتفها ثم قام بحملها
وقبل ان يتحرك بها جذبته ملامحها الساكنه وظل يحملق بها بذهول ودقات قلبه تزيد عنفا وارتجاجا
فبشرتها بيضاء تميل لبياض الثلج المتساقط من السماء في ليله شتويه عاصفه..
وشعرها يشبه ملمس الشيكولاته الناعم وكأنه تم صنعه من شيكولاته بابلي او غيرها هو قصير جدا بالكاد يصل لكتفيها او اعلي ذلك وترتدي فوقه كاب يخفي ملامحه ونعومة ملمسه..
ملامحها جذابه لحد الجنون تشبه احدي شخصيات ديزني الكرتونيه..
ترتدي بنطال جينس به تجاويف عده عند منطقه الركبه واعلاها وقميص يشبهها اكثر بالرجال.
لوهله جذبته تلك الملامح التي اسرت شيئا ما في قلبه ولا يعلم ما هو..
بعدها تحرك بها بهدوء نحو سيارته المصفوفه بعيدا
وضعها علي المقعد الخلفي لسيارته بهدوء ورفق ليفتح بنفسه ابواب الفيلا..
ثم تحرك مجددا نحو السياره وانطلق بها للخارج ثم اوقف السياره واقفل البوابه الضخمه
ثم توجه لسيارته وانطلق بها…
وعينه معلقه بتلك الراقده خلفه..
………….
وصل امام الشقه ودخل بعد ان اقفل الباب خلفه بالمفتاح
توجه لغرفة النوم فلم يجدها فقطبت ملامح وجهه قلقا وكاد ان يخرج من الغرفه ليبحث عنها في باقي ارجاء الشقه
لولا انه لمح ستائر التراس المتطايره بفعل الهواء وعندما اقترب اكثر وجد ابوابه مفتوحه فوطأت قدماه للداخل ليُصدم وهو يراها تقف علي حافة السور وتتطلع للسماء وهي تغني بعبث
فحملق بها بذهول وفغر فاهه بأرتعاب ووقعت منه الاكياس التي كان يحملها علي ارضية التراس وبعنف ورعب عصفت دقات قلبه كالموج المتلاطم…
و…
…….

يتبع….

الفصل الخامس عشر

همس بصراخ وعيونه ترتعب خوفا: هناااااا !!!
فأستدارت إليه ببلاهه
ولكن أثناء ذلك فقدت توازنها وتزحلقت قدميها من علي حافة السور
وكادت ان تسقط لولا انه أسرع اليها وأمسك بكلتا كفيها بقوه حتي لا تفلت منه..
أحست بخوف شديد وظلت تتطلع لما حولها فوجدت انها في فضاء الهواء وانها معلقه بين السماء والارض وفقط قشة النجاه بالنسبه لها هو كرم الذي يحاول بكل قوته ان يرفعها اليه..
فصرخت بخوف وارتعاب ونتيجه بذلك ارتج جسدها بأكمله وباتت تنفلت كفها من بين يدي كرم رويدا رويدا
وكرم كان في حاله يرثى لها فهو من شدة خوفه ودقات قلبه المتسارعه لا يتحكم في اعصابه
وحبات العرق المتجمهره اعلي جبهته خير دليل علي ذلك..
فهتف بها بقسوه: اهدي يا هنا اهدي عشان اعرف ارفعك لفوق
فهمست ودقات قلبها ترتعب خوفا : انا خايفه.. خايفه اووي..
كانت تقولها وهي تتطلع للاسفل فتشعر بدوار وهي تري انها من الممكن ان تسقط من اعلي ذلك الارتفاع الشاهق
فهمس بحنان: غمضي عيونك..
فتطلعت اليه لوهله وكانت عيونها خائفه
فهمس ليطمأنها وبصدق مشاعره : انا هنا معاكي.. ثقي فيا..
ولذلك اغمضت عيونها بأرتياح..
ومن هنا بدأ يستجمع كل قوته وسحبها اليه رويدا رويدا حتي صارت في احضانه..
تنهد براحه كبيره وهو يربت علي خصلات شعرها ودقات قلبه بدأت تهدأ رويدا رويدا..
اما قدماه فمن شدة الصدمه والرعب الذي كان فيه لم تعد تقوي علي حملهما سويا فأنهار بها علي الارض
ليهمس وانفاسه اللاهثه تلفح خصلات شعرها:انتي كويسه..
فأبتعدت عنه قليلا وامتدت اناملها لتتلمس حنايا وجهه بحب لتهمس : انت هتفضل جنبي علطول صح..
تعمق لبؤبؤ عيونها فأدرك ان كلماتها تلك من تأثير المشروب الذي احتسته..
ولم يعلم ان تلك الكلمات من عمق عميق قلبها.
فهتف بخفوت: بلاش نتكلم الوقتي
ثم بدأ ينهض وامسك بها ليوقفها علي قدميها لكنها ظلت ثابته في جلستها بل وامسكت كفه بعناد لتهتف بدون وعي: انت مبتحبنيش صح.. انت بس مجرد بتشفق عليا.. ليه مصِر تعذبني معاك وتعلقني بيك طالما انت مش بتحبني ..
قطب حاجبيه بضيق وقال: كفايه يا هنا قولتلك متتكلميش الوقتي..
نهضت وهي تترنح قليلا لتقف قبالته هامسه بدموع: ليه محدش بيحبني في الدنيا دي.. حتي انت انت كمان زيهم.. انا مكنش لازم افضل عايشه كان مفروض انا اللي اموت بدل مامي.. علي الاقل كانت هتعيش عشان بابا بيحبها..
صمتت قليلا لتضحك بسخريه هاتفه: بابا.. اما انا غبيه بشكل.. ده بابا حتي اتجوز بعد وفاتها علطول.. حتي كمان لو ماما عاشت مكنتش هتلاقي اللي يحبها زيي.. بس انا بحبها.. بحبها اوي.. عشان كده
قالتها وهي تترنح بشده وتشعر بأن جفونها بدأت تثقل رويدا رويدا ثم أكملت : عشان كده ربنا حرمني منها..
كرم بثبات يناقض ما بداخله: خلاص يا هنا كفايه كلام..
وكادت ان تسقط ويصطدم جسدها بالارض لولا ذراعيه التي اسرعت لتحاوط خصرها وتمنعها من السقوط همس بقلق: هنا..
فلم يجد منها اجابه وبسرعه حملها وتوجه بها نحو السرير وبكل رفق ولين وضعها عليه ودثرها جيدا اسفل الغطاء..
سمع همهمات تتفوه بها فأقترب منها ووضع كفه يتلمس جبينها فلسعته حرارة جسدها
وبسرعه أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليهاتف الطبيب الخاص بعائلة الجندي
………………
كانت تهبط درجات السلم بغضب ومرت علي والدتها التي تجلس علي الاريكه وتستطلع مجلة ما بيدها..
دون حتي ان تهمس لها ببنت كلمه
فعلي الفور استوقفتها الام هاتفه: علي فين يا سلمي.. الوقت متأخر يا بنتي..
سلمي بنزق: مامي فكك بقي من جو الامهات القديم ده وبعدين انا معدتش طايقه اقعد في البيت ونداء دي فيه..
ثم تركتها وخرجت تاركه والدتها تتنهد بحزن…
………………..
بعد ان اغلق باب الشقه خلفه بمقدمة قدمه توجه بها نحو غرفة النوم وبهدوء وضعها علي السرير ودثرها جيدا أسفل الغطاء.
ثم اخرج هاتفه ليتصل بالطبيب الخاص بعائلة الجندي..
…………………..
في الشقه التي بها كرم..
خرج الطبيب من باب غرفة النوم وخلفه كرم
الطبيب واسمه شاكر: دي ادويه من الافضل انك تجيبها بسرعه ده لو عايزها تخف..
اومئ له كرم بهدوء…
رن هاتف الطبيب فتوقف لحظه ليجيب علي اتصال آسر به..
شاكر: اهلا اهلا بحضرة الظابط آسر.
بمجرد ان سمع كرم اسم آسر همس للطبيب : متقولوش انك معايا
الطبيب وقد تشتت انتباهه مع آسر ثم اردف: اه طبعا معاك يا آسر بيه.. دلوقتي.. طيب طيب انا جاي بسرعه.. سلام..
كرم: طبعا مش عايز اللي حصل يتحكي لآسر او بابا.. وإلا انت عارفني انا هعمل ايه
الطبيب بضيق: مش كفايه انك مصحيني من عز نومي في وقت متأخر ..وكمان بتهددني…
كرم بوعيد: لأ انا بنصحك بس.. اصل لو عرفت ان بابا او آسر عرفوا بالموضوع.. صدقني انا مش ضامن نفسي شخصيا هتعمل ايه..
ابتلع الطبيب شاكر ريقه بأرتباك وهو يتذكر ما فعله ذاك المجنون في آخر مره معه وذلك بسبب ان الطبيب شاكر اخبر سالم الجندي والد كرم بأنه شاهد كرم في النادي مع فتاه
ونتيجه لذلك وبخه والده وبشده وحرمه من الخروج لأيام
ولذلك قام كرم حينها بتكسير زجاج سيارة الطبيب.. وبذلك نفث عن غضبه المكبوت
وهذا كان بمثابة صدمه للطبيب شاكر ومن حينها وهو يتوخي حذره من ذاك المجنون كرم الذي لا يخيفه اي شئ علي الاطلاق حتي والده سالم الجندي الذي يخشاه الجميع …
فأومئ الطبيب ثم همس: أكيد.. دا انت خلتني اترعب بمجرد ما اعدي من جنبك..
الطبيب شاكره رجل خمسيني العمر فاته قطر الزواج ونتيجه لذلك ظل عازبا حتي يومه هذا.. وهو اشد سعادة بهذا فهو يعتبر سيارته كأبن له ومنزله كعائلته التي تسعده..
فهو متمسك بمقوله مشهور وهي: بلا جواز بلا قلبة دماغ..
…………………
في النادي حيث تقام حفله كل ليله للرقص وتعديل المزاج وشرب الخمر ولعب الميسر..
وسلمي وصديقاتها وباقي الشله من الشبان يسهرون ككل ليله..
علي طاوله مستديره تجلس سلمي بجوار صديقاتها وبين يديها كأسا من النبيذ عالي الجوده
فهمست ليلي : ما تيجي نرقص مع اللي بيرقصوا دول يا سلمي..
سلمي بملل : انا مش في المود النهارده ارقصي انتي لو عايزه..
ليلي: لا وعلي ايه.. الرقص اصلا ميحلاش من غيرك..
ثم هتفت ميرنا التي تشاركهم الحديث : سلمي بصي هناك كده..
شاورت لها ميرنا لما خلفها فأستدارت سلمي لتنظر لما تشاور عليه ميرنا فوجدته وليد يجلس بثبات مع اصحابه وهو يأكلها بنظراته أكلا..
فأستدارت مره اخري لتهتف لميرنا : سيبك منه.. دا مغرور وشايف نفسه علي الاخر..
ليلي: بس ده هياكلك بعنيه.. ما تحني عليه شويه يا سوسو. اصل بصراحه الواد مز ويستاهل انك تعبريه..
سلمي: تؤتؤ.. انا بقي شايفاه دمه تقيل اوي..
ميرنا: الحقي الحقي دي جاي ناحيتنا..
سلمي : ما ييجي هو احنا هنخاف منه يعني..
وأقترب وليد حتي وقف قبالة سلمي ثم مد كفه امامها بثقه ليهتف: ممكن البرنسيس سلمي تقبل تشاركني في الرقصه دي
ظلت تنظر اليه لفتره ليشق جانب وجهها ابتسامه ماكره لم يلحظها فمدت كفها له ولكن قبل ان تضعها في راحة كفه نهضت وابتعدت عنه لتقترب من شاب ما في الحفله لتهمس بجوار اذنيه بشئ بعدها تبدء مع ذاك الشاب بالرقص علي انغام الموسيقي متجاهله تماما وليد الذي وقف مستشيطا غاضبا
وما اغضبه اكثر وجعل عروقه تبيض هي تلك الهمسات والضحكات الصادره من الفتيات الجالسات امامه
حتما يتهامسون عن كرامته التي دهستها تلك المغروره تحت قدميها للتو.. ونظر الي اصحابه ليجد في عيونهم نظرات السخريه
فأبتعد عنهم بغضب وتوجه ناحية البار وطلب من الواقف فيه ان يعطيه كأسا من النبيذ وصار يشرب ويشرب وعيونه تتابعها بقتامه
حتي صار لا يري امامه فرمي بالكأس بيده بعيدا وتوجه بخطوات مترنحه صوبها حتي اقترب منها ودون مقدمات انتشلها من بين يدي ذاك الشاب لتستقر بين ذراعيه المحكمه حول خصرها بأحكام وتملك حتي انها لم تتمكن من ابعاده عنها فهي ضعيفه بالنسبه لقوته الرجوليه..
فهدرت به : ابعد عني..
وكأنه لم يسمعها واستمر في مراقصتها..
فهتفت بغضب وفحيح انثي ستحرق اليابس والاخضر : قولتلك سيبني..
وايضا استمر في مراقصتها متجاهلا لكل صراخها به..
فما وجدت نفسها إلا انها رفعت كفها في الهواء لتهبط به علي خده الايسر بقسوه وعندها تعلقت كل العيون بهم بصدمه وذهول
وهو للحظه لم يستوعب ما قامت به للتو..
ليجدها تهتف له بكبرياء: لازم تعرف حدودك كويس معايا ومتتعداش ابدا الحدود دي..
ثم تركته وذهبت بكل بساطه وتبعتها باقي الشله وهم غير مصدقين ايضا لما قامت به سلمي مع وليد ….
وهو تابع طيفها حتي اختفي وهو يتحسس مكان الصفعه بنار مشتعله تكاد تحرقه وتحرق الجميع معه..
…………………..
جلس كرم علي طرف السرير ووضع بجواره علي الكومود اناء به ماء وبداخله كمادات واخذ يضعها علي رأسها حينا بعد حين حتي تهدئ حرارة جسدها الملتهبه وايضا اعطاها الدواء وبعدها ابتعد ليمدد جسده علي الاريكه القابعه في زاوية الغرفة وهو يكتف ساعديه امام صدره وعيونه معلقه وشارده في قسمات وجهها..
…………….
اوقف سيارته امام الفيلا
ترجل منها واستند بظهره عليها وهو يتطلع للسماء بغضب عارم
فكيف تجرؤ تلك المتكبره علي صفعه امام الجميع..
وبعدها ترحل هكذا بكل بساطه كأنها لم تفعل شيئا..
ليجد من يناديه بخفوت
فيدقق ببصره ليجدها مريم واقفه بعيدا عن سيارته ببضع خطوات
فهتف: في ايه يا مريم ؟؟؟
مريم وهي تقترب منه: خالي علي وصول وعشان كده طنط عنايات بتقولك ادخل بسرعه قبل ما ييجي ويشوفك راجع متأخر كده..
وعلي الفور ابتلع ريقه بصعوبه واسرع بخطواته لداخل الفيلا تسبقه مريم
ولكن بمجرد ان توغل لداخل الفيلا لم تمر لحظات حتي لمح والده يقف امامه بهيبته الواثقه وملامحه القاسيه..
ففغر عيونه بأرتعاب وابتلع ريقه بصعوبه وتوتر
وعندها انقبض فؤاد عنايات والدته خوفا وانقبضت ملامح مريم بتوتر وخوف مما قد يحدث
فهتف خالد المنياوي بخشونه وهو يضيق عيني الصقر خاصته بالنظر ل وليد : كنت فين يا ولد لحد دلوقتي..
كاد وليد ان يتحدث لكن عاجلته عنايات بالرد هاتفه: لأ ده هو لسه هيخرج مش لسه راجع البيت..
نظر خالد مطولا لزوجته بشك ليتحدث بعدها: وخارج علي فين ان شاء الله…
وايضا كاد ان يتحدث فقاطعته والدته لتهتف: انا قولتله انه يروح ل فكريه ويطمنها انه هيروح يجيب ملك من المطار
خالد بمكر : طب ما تتصلي عليها وتبلغيها بكده.. من قلة التليفونات يعني..
فأجابته بتوتر بالغ: اصل. اصل تليفوتها مقفول..
ارتعبت من نظرات زوجها لكنها ظلت واقفه امامه بثقه وثبات..
ليزفر خالد (والد وليد) بضيق ثم
يتركهم ويصعد درجات السلم
لتتنهد عنايات بأريحيه وكذلك مريم..
أقتربت عنايات من وليد ونظرت له بحزم لتهتف: انا مش قولتلك مية مره انك متتأخرش في السهر كده.. عاجبك اديني كدبت علي ابوك بسببك..
ببرود جلس علي الاريكه وهو يتناول من طبق الفاكهه امامه ثمرة تفاح ويقضمها بين اسنانه ثم يهتف ببرود : عادي يا نونه ايه الجديد يعني ما انتي كل مره بتكدبي عليه بسببي..
استشاطت غيظا منه ولكزته في كتفه هاتفه : صدق ان انا فعلا معرفتش اربيك يا قليل الادب انت…
وليد بملامح مسترخيه: آه.. ما انا عارف..
فتطلعت له بغيظ وملامح مستشيطه
لتتدخل مريم في الحديث هاتفه: سيبك منه يا طنط دا هيفضل طول عمره بارد..
وليد وهو يلقي علي مريم برتقاله: اسكتي انتي يا غبيه..
مريم بنزق: سامعه يا طنط بيقولي ايه!!!
ثم نظرت له لتجاوبه : اهو انت بقي اللي غبي وحمار كمان..
كادت ان تتحدث عنايات لتهدئ الوضع بينهم لكن سبقها في ذلك صوت زوجها وهو ينادي عليها
فعلي الفور صعدت درجات السلم لتصل اليه باقصي سرعه واقل وقت..
اما مريم فأقتربت من وليد وجلست امامه لتهتف وهي تراقب قسمات وجهه: في ايه شكلك كده مضايق.. مين اللي ضايقك قولي انا بردوا اكبر منك واعرف كتير عنك..
ليجيبها وليد :أكبر مني ايه انتي هتكدبي الكدبه وتصدقيها.. انا اللي اكبر منك..
مريم: يا عم هي سنه بس اللي بينا متفرقش يعني انا وانت واحد
وليد : لأ اتنين.. انا همشي من وشك حاكم انا مودي ميسمحش اني اتكلم مع متخلفه زيك..
همست بغيظ: بقي انا متخلفه.. ماشي يا وليد يبقي شوف مين هيداري عليك بعد كده في تأخيرك ده..
لكنه ابتسم وهتف وهو يكمل صعوده علي درجات السلم الرخاميه: أكيد ماما اللي هتقوم بالمهمه دي…
لمح في طريقه عمته صفيه فأبتسم لها واقترب منها وقام بأحتضانها هاتفا: عمتو وحشتيني اووي..
صفيه بأبتسامه: وانت كمان يا روح عمتو.. هي البت مريم ضايقتك في حاجه؟؟!!
نظر لمريم ثم اعاد نظراته لعمته هاتفا: محدش يقدر يضايقني.. ثم ابتسم هامسا :تصبحي علي خير..
صفيه: وانت من اهله يا حبيبي..
صفيه هي اخت والد وليد ولها ابنه تسمي مريم وكذلك ولد يسمي نضال وهي تعيش مع اخيها في الفيلا من بعد وفاة زوجها…
يحبها وليد كثيرا فهي عمته الحنونه جدا معه.. ومريم هي اخته في الرضاعه قبل ان تكون ابنة عمته…
……………….
في الصباح الباكر..
داعبت اشعة الشمس الذهبيه وجنتي زهره لترمش بعيونها عدة مرات قبل ان تفتح جفنيها فتنهض من رقدتها وتتطلع حولها بذهول فأغمضت عيونها وفتحتها لتجد نفس المشهد فأغمضت عيونها مره ثالثه وفتحتهم لتجد انها فعلا لا تحلم وان ما حولها هو واقع وليست اضغاث احلام..
فهمست بتعب: انا فين
أتاها صوته الخشن : انتي هنا في بيتي
فزعت في مكانها وهي تتطلع للجالس علي الاريكه القابعه في زواية الغرفه ويضع ساق فوق الاخري بثقه..
ففغرت عيونها برعب وهي تتذكر كل احداث الليله الماضيه
وو…

يتبع….

الفصل السادس عشر

ملخص الاحداث الماضيه..
سلمي اخت نداء وغالب ابن عمهم.. غالب بسبب غرور سلمي وانها كانت عايزه تكسره ادام العايله قرر ان يخطب نداء..
سلمي كانت بتضايق من تصرفات وليد وده شاب ابن رجل اعمال كبير واخر موقف ليها معاه انها ضربته بالقلم… فقرر ينتقم منها..
آسر ظبط زهره وهي بتسرق الفيلا ولما اغمي عليها وداها لشقته..
كرم اخو آسر.. غضب من هنا وافتكر انها شربت الخمره اللي كان مانعها قبل كده انها تشربها.. وفي الحقيقه ان واحده كانت غيرانه منها ومن وجود هنا دايما جنب كرم خليتها تشرب عصير فيه مخدر وده وداها لعالم تاني ومبقتش تتحكم في تصرقتها..وغنت ع الاستيج وده خلي منظر كرم وحش ادامهم ولما اغمي عليها خدها لشقه عشان يجيب دكتور يكشف عليها.. وبس هو ده اللي حصل. .اما منال فهي ام زهره ونوران وسليم اخوات زهره…
” في فيلا مروان الدمنهوري
صف غالب سيارته بعيدا ثم ترجل من السياره وتوجه ناحية النافوره القابعه وسط حديقة الفيلا الواسعه..
وانتظر عودة سلمي عند النافوره فحارس الفيلا قد اخبره ان الانسه سلمي خرجت ولم تعد بعد
هذا جعل ملامحه تزداد شراسه وغضبا ولكنه تماسك واظهر ثباتا يُحسد عليه
نزع عنه سترته الرماديه ووضعها بأهمال فوق كتفه الايسر ثم شمر عن ساعديه حتي المنتصف.. وفتح اول ذرين من القميص..
وبغضب ونفاذ صبر نظر في ساعة يده وحاجبيه مقطبين..
هو لن يطيق صبرا حتي يحدثها في الغد.. ففي جعبته الكثير من الاحاديث والكلمات القاسيه التي يريد ان يرددها علي اذنيها..
انتظر دقائق ليسمع بعدها صوت سيارتها تقترب منه..
ترجلت من السياره وذهبت بأتجاه باب الفيلا حيث لم تلمح غالب الواقف بتهكم واعين ملتهبه غضبا..
وكادت تدخل لولا صوته الخشن الذي اوقفها
-سلمممي…
استدارت بجسدها لتقع عينها عليه حيث كان ينظر لها بعيون غائمه..
اقتربت منه وهتفت بنزق: انت ايه اللي موقفك هنا..
ببرود قال: انتي..
كتفت ساعديها امام صدرها وهتفت بنزق: مش انا اللي مفروض تكلمها الوقتي.. اعتقد انك غلطت في الاسم.. ثواني هطلع اندهلك نداء..
كانت تقولها بأعين ونبرة صوت ساخره..
كانت تسخر منه فهي تدرك انه اتي لها هي وهو فهم ذلك من نظرات عيونها الخبيثه
فأمسكها من مرفقها بعنف وتوجه بها بعيدا عن باب الفيلا..
قبضته القويه علي مرفقها آلمتها وبشده …
لكنها لم تسمح له بأن يجرها خلفه اكثر من ذلك فتوقفت وازاحته بعيدا عنها بشراسه وهتفت : سيبني بقي سيبني… وبعدين انت هنا ليه.. هااا هنا ليه؟؟
غالب وقد اغضبه صوتها العالي وبشده: سلمي وطي صوتك وانتي بتتكلمي معايا..
وهذا اغضبها وبشده فهدرت به بقوه وهي تحاول ان تتماسك وتهدئ نبضات قلبها الغاضب: تعرف انا اصلا مكنش ينفع اقف واتكلم معاك انا غلطانه..
كادت تذهب..
لكنه امسكها بعنف من معصم يدها حتي كادت تصرخ من شدة وقسوة قبضته الحديديه..
حاولت نزع يدها من براثن قبضته ولم تقدر فهتفت بزعيق وعيناها تنظر له شذرا : غالب سيب ايدي…
غالب بفحيح حارق: لما اكون بكلمك متسبنيش وتمشي.. لانك مش هتقدري تستحملي غضبي..
انفاسه المتلاحقه غاضبه ثائره فهمست وهي تنظر له بثبات : عارف انت مشكلتك ايه.. انك مغرور بزياده وفاكر ان الكون ده هيمشي بأمرك انت…..
جنون وغضب تملكه فأمسكها من مرفقيها وهدر بها : سلمي كفايه.. انا ماسك نفسي عليكي بالعافيه.
هدأت انفاسها الغاضبه وهمست بتماسك : قولي يا غالي انت جيت ليه وليه جاي عشان تكلمني.. مش الأحق الوقتي بطلتك البهيه دي الغندوره اللي طلبت ايدها ادامنا كلنا..
تغاضي عن كلماتها الساخره قليلا ليهتف : انتي عارفه كويس.. اني عملت كده عشان اكسر غرورك.. نداء دي مجرد ورقه طلعتها في الوقت اللي كان لازم اقش فيه عشان اكسب اللعبه.. وانا وانتي عارفين كده كويس.. انا كنت جاي ليكي انتي بس لما سمعت كلامك عني مع نداء واللي كنتي عايزه تعمليه قررت اغير المعادله..
صمت قليلا ليكمل: ليه يا سلمي.. ليه كنتي عايزه تذليني قصادهم.
فأشاحت بوجهها عنه وهي تزفر بضيق..
قربها اكثر منه وهتف بعيون تزيد عشقا لها: دا انا حبيتك من اول يوم عرفت فيه يعني ايه حب …بخاف وبغير عليكي بجنون.. سلمي انا مستعد الغي كل كلامي اللي قولته النهارده عن خطوبتي لنداء.. انا اصلا مش بحبها..
قاطعت كلماته ضحكاتها الساخره بصوت عاالي..
جعله يتطلع اليها بذهول وغيظ
فهتفت وهي تعمق النظر لبؤبو عينيه: مش انا مش انا يا غالب اللي اقبل بيك بعد ما اعلنت عن رغبتك في خطوبة نداء.. مش عشانها لأ عشاني انا عشان سلمي الدمنهوري متخدش بواقي غيرها..
غالب بغضب: سلمي.. اعرفي انتي بتقولي ايه وانتي بتتكلمي مع غالب الدمهنوري.. لاني مش هسامحك بسهوله علي كلامك ده
..
ابعدته عنها وهتفت: انت مغرور
وكادت تذهب لكنه امسكها مره اخري من معصمها ولكن تلك المره ازاحها للوراء حتي التصق ظهرها بالحائط خلفها ثم اقترب منها وبعيون غائمه مال بجذعه عليها وعنوة حاول ان يقبلها لكنها ازاحته بعيدا عنها بعد ان اعطته صفعه قويه علي خده الايمن ظل آثرها واقف في مكانه بذهول يستوعب ما قامت به تلك السلمي وهي ركضت بعيدا عنه نحو الفيلا وبسرعه صعدت درجات السلم بملامح غاضبه متهكمه ..
وتلك الواقفه في الشرفه من الاعلي سمعت كل الحديث الذي دار بين غالب وسلمي من البدايه نهاية بصفع سلمي له ودموعها الحزينه تنهمر علي وجنتيها بحرقه الم وجراح كبيره لن تلتئم ابدا مهما مرت السنين ..اما هو فبغضب توجه للسياره واستقر جسده خلف المقود ثم بحنق انطلق بها…
……………
في شقة آسر الجندي..
زاغت ببصرها بذهول وهي تراه يجلس امامها بثقه كبيره ويضع ساقا فوق الأخرى همست بتلعثم وهي تنهض عن
السرير رغم انها احست بدوار يداهمها لكنها تماسكت :انا.. انا لازم امشي
نهض آسر وهتف بسخريه يبطنها غضب :لا.. تمشي ايه.. هو انا مقولتلكيش انك هتروحي معايا مشوار لحد قسم الشرطه.
خبطت يدها علي صدرها بخوف وهتفت :ليه يا بيه هو انا عملت حاجه
ضاقت عيونه بغضب واقترب منها بخطوات ناقمه ثم هتف بزعيق : انتي هتستعبطي يابت.. اومال لو مكنتش افشتك وانتي بتسرقي الفيلا.. وقبلها سرقتي ساعتي فاكره ولا عامله نفسك ناسيه ابتلعت ريقها بتوتر وزاغت ببصرها يمنة ويسارا وهي تفكر بحل يخرجها من تلك المعضله وعندما انار لب عقلها لفكره ما ابتسمت بمكر حيث لم يلاحظ اسر تلك الابتسامه رفعت اطراف يدها عند جبينها تتلمسه وهي توهم آسر انها تشعر بالم رهيب وصداع اعظم وآسر شك بها في بدايه الامر وظن انها احدي الاعيبها لكن وجهها حقا ينم عن تعب وارهاق شديد وعندما فقدت توازنها وسقطت امام ناظريه علي الارضيه ترك شكوك عقله جانبا وبسرعه اقترب منها وجثي علي ركبتيه امامها تلمس جبينها فوجده باردا كالثلج بالاضافه الي انها لم تستجيب حتي انها لم ترمش بعيونها فقطب ملامحه قلقا وبسرعه وضع احدي ذراعيه اسفل ظهرها والاخري عند ركبتيها وقام بحملها واقترب من السرير ووضعها فوقه برفق وسلاسه وعندما هم ان يسحب ذراعه من اسفل راسها شبكت احدي خصلات شعرها المرميه القصيره بساعه يده فمال قليلا ليخلص ساعته من براثن شعرها لكن ما هذا الشعور وهو قريبا منها دقات قلبه الغاضبه تعالت بعنف فوجهها الملائكي كان اقرب اليه من حبل الوريد وشردت عيناه في ملامح وجهها بل انها تاهت واحس لوهله بانه يريد ان يقضي كامل حياته فقط بالقرب منها لكن زقزقه العصافير بالخارج هي من ايقظته فهز رأسه يمنة ويسار وهو يدعو نفسه بان يفيق من هذا الحمق ويضع كل تلك الترّاهات جانبا ….فخلص ساعته من براثن شعرها وعلي الفور ابتعد وتوجه ناحيه المطبخ ليحضر بعض الماء الذي سينثره علي حنايا وجهها لتستفيق وبمجرد ان ذهب فتحت جفنيها بحذر وتلفتت حولها ثم ابتسمت بمكر.. فكل ما حدث يندرج تحت خطتها وفورا نهضت عن السرير وتوجهت نحو خزانة ملابسه واخذت قمصانه المعلقه وقامت بربطها ببعض حتي اكتمل معها حبلا من قمصانه ذات الماركه العالميه والمشهوره..
هو كان في المطبخ يعد لها كوبا من عصير الليمون فهي حتما ستكون بحاجه الي هذا الليمون وبعد ان انتهي من اعداده توجه للغرفه ولكنه صُدم عندما لم يجد لها آثر في الغرفه لكن مهلا هناك حركه غريبه عند النافذه وعلي الفور ترك كوب الليمون ليسقط منه علي الارض ويتهشم الي فتات صغير..
وبخطوات راكضه كأسد جامح اقترب من النافذه وأشرأب بعنقه للاسفل ليجدها قد صنعت من قمصانه حبلا لتهبط من خلاله للأسفل وها هي قد وصلت لاسفل البنايه ووطأت بقدميها علي الارضيه ولوهله تعلقت عيونها بعمق عيونه الذي كان يغلي بريقها غضبا.. فقطب حاجبيه بغضب وثوره.. وود لو يأكل كل تلك المسافه ليقف قبالتها وعندها لا يتركها إلا وهي في قسم الشرطه..
وسرعان ما ركضت بعيدا عن عيونه وهو كان يسرع ايضا بخطوات راكضه للاسفل وهو يسب ويلعن في تلك الماكره فهي للمره الثالثه علي التوالي خدعته.. بعدها لن يصدق دموع التماسيح خاصتها.. فهي لا تستحق شفقته البته…
…………….
داعبت اشعة الشمس جفونها لتستيقظ وهي تتثاؤب بكسل وتطلعت للسقف لتجده غريبا عنها وعندما جابت بعيونها في ارجاء الغرفه وجدته يجلس امامها بثبات وعيون مترقبه..
فتعالت دقات قلبها خوفا ورعبا وبعدها جذبت عليها الغطاء لتواري عنه عيونها ووجنتيها المحمرتين من الخجل لكنها اعتقدت بأن هذا ربما يكون احد احلامها الورديه فخبطت علي وجنتيها بعمق بباطن كفها لتهمس لنفسها : فوقي يا هنا.. انت اكيد بتحلمي زي كل مره…
ثم اخذت نفسا عميقا وازاحت الغطاء عنها لتراه تلك المره قريبا منها اكثر بل انه يقف امامها وهو يضع كلتا يداه داخل جيوب بنطاله فبسرعه جذبت الغطاء عليها للمره الثانيه حتي أعلي رأسها واسفل الغطاء احمر وجهها خجلا وتعالت نبضات قلبها بعنف وهي تبتلع ريقها بصعوبه وهمست لنفسها : مش انا بحلم يبقي ليه بشوفه تاني..
وصلها صوته الخشن هاتفا: هنااا
فأنتفض جسدها وهي تسمع صراخه عليها.. فهي بالفعل كانت تظنه حلما كباقي احلامها به…
فهتف بنزق : هنا.. قومي بقي..
فبسرعه نهضت وجلست بأعتدال علي السرير وهي تزيح الغطاء عنها ثم همست بخوف وهي تتطلع اليه :اااا انت جبتني هنا ازاي..
رمقها بعدة نظرات ارعبتها وبجمود هتف: فيه هدوم عندك علي الكرسي البسيها وحصليني..
وكان يشير بيده علي مكان الكرسي…
كادت تتحدث لكنه اوقفها بحركه من يده وهتف بها بخشونه: مش عايز ولا كلمه اللي اقوله يتنفذ علطول..
وبعنجهيه تركها وذهب وهو يصفع باب الغرفه خلفه بقوه جعلت كامل جسدها ينتفض…
بعد قليل خرجت اليه وقد ارتدت تلك الثياب التي اشتراها لها لكي ترتديها
بدلا من ذاك الفستان البغيض..
كان يجلس بثبات علي الاريكه وعيون الصقر خاصته تكاد تلتهمها وهي تكاد تذوب خجلا وفي نفس الوقت خوفا وارتعابا منه.. فهي لا تعرف ماذا فعلت ليثور منها ويغضب بهذا الشكل…
اقتربت منه ووقفت امامه بخنوع فهتف لها بحزم: اقعدي..
وبدون ان تتحدث جلست علي الاريكه امامه وهي تطأطأ رأسها لاسفل بخوف وكامل جسدها يرتعش ارتعاشه خفيفه تُظهر مدي رعب وخوف دقات قلبها منه..
فوجدته يهتف وهو يشبك كلتا كفيه بغضب وعصبيه : قولتلك قبل كده بلاش تتنيلي وتقربي من الزفت الخمره.. ومع ذلك رميتي كلامي في الهوا وشربتي وطلعتي زي اي مجنون علي الاستيج وخليتي منظرك ومنظري بقي زي الزفت ادام الناس..
كادت تتحدث تدافع عن نفسها تنفي عنها كل جريمه يتهمها بها لكنه اوقفها وهدر بها بكل غلظه : انتي ازاي ساذجه كده.. ازاي اقابل الناس بعد اللي حصل منك وهم كلهم عارفين انك معايا ..ازاي..
صمتت وابتلعت اهانته بدموع متألمه خاضعه.. فهتف بخشونه وهو يري دموعها : كل مره تغلطي وتبكي.. هنا انتي مش صغيره لازم تكون شخصيتك قويه عن كده انا مش هكون جنبك عشان احميكي علطول…
عندها نظرت له برعب وهمست من بين دموعها : قصدك ايه!!..
صمتت ثم اكملت بتلعثم: هه هو انت ممكن تسيبني يا كرم ..
غامت عيونه بغضب وصك اسنانه بعنف ثم هدر بها بصراخ: انتي ايه كل كلامي معاكي ما أثرش فيكي غير تفكيرك بأني ممكن اسيبك او لأ ..للدرجه دي انتي هشه وضعيفه..
كلماته اوجعت قلبها فتحولت الدموع الصامته الي شهقات متتاليه فهتف بنفاذ صبر وغضب: دموع.. دموع.. كل حاجه عندك دموع وبس..
قالها وهو يتوجه نحو الكرسي وبعنف خبط الكرسي بمقدمة قدمه حتي اطاح به بقوه كادت تهشمه الي قطع..
وهذا ارعبها وجعل انتفاضه قويه تسري في اوصالها.. وهي تراه بتلك الحاله الجنونيه..
فهمست بخضوع: كرم… انا آسفه اوعدك اني هسمع كلامك علطول.. بس ارجوك خليك جنبي يا كرم.. ارجوك..
ثم زادت شهقات بكاءها وهذا قد وخز نبض قلبه بشده..
لذلك هدئ من ثورته وبخطوات هادئه توجه اليها حتي وقف قبالتها..
ظل يتطلع اليها والي دموعها وللحظه رقت ملامحه وانفكت عنه تقطيبة حاجبيه لكنه سرعان ما عاد للقسوه والجمود فهتف بكل خشونه : روحي اغسلي وشك.. ويلا عشان اوصلك للبيت..
كادت تتكلم لكن وجدت ملامحه قاسيه ولا تتحمل اي نقاش فبسرعه ذهبت من امامه وتوجهت ناحية الحمام لتغسل عنها تلك الدموع..
………….
بعد ان ودعت اصدقائها توجهت لسيارتها لتجده يقف بثبات امام السياره وهو يسند ظهره عليها ويكتف ساعديه ويواري عيونه خلف العدسات القاتمه بسواد الليل الحزين…
هتفت بغيظ: ممكن تبعد..
وكادت تفتح باب السياره عندما وضع كفه علي كفها الممسكه بمقبض باب السياره..
فأزاحت كفه عنها بغلظه وهدرت به : شكلك متعلمتش حاجه من قلم امبارح..
رغم ان تذكيرها له بما حدث أمسا اغضبه وهو من الاساس لم ينسي فعلتها معه امام الجميع..
لكنه اظهر برودا ناقض كل الغضب بداخله وهمس : تعالي ننسي اي خلافات بينا.. سلمي انا عايز ابدء انا وانتي صفحه جديده مع بعض ميكونش فيها غل او كره..
بذهول تطلعت اليه.. الي عيونه لتجد فيها لمعان لم تفهم مغزاه.. لكن عادت وقطبت حاجبيها لتهتف: وليد ابعد عني… انا مش عايزه ابدء مع حد حاجه وخصوصا لو هيكون الشخص ده هو انت.. متفتكرش ان كلامك ده هيخليك تضحك عليا.. انا وانت عارفين كويس اووي ان دي لعبه جديده من الاعيبك عليا.. فلو فاكر انك بكده هتهزمني وتكسرني يبقي انت غلطت في العنوان..روح يا شاطر قول الكلام ده لواحده غيري.. وانا واثقه انها هتسلملك بسهوله.. بس انا لأااا..
ثم تجاهلته وفتحت باب السياره ليوقفها هتافه : لو حياتي هي دليل كلامي.. هتصدقي اني فعلا صادق في كل كلمه بقولها واني فعلا بحبك..
عندها تطلعت لبؤبؤ عيونه بصدمه
فأقترب اكثر منها ليهمس بالقرب منها: ايوه بحبك من اول يوم وأول مره اتخانقنا فيها مع بعض..
للحظه تاهت في عمق كلماته لكنها هزت رأسها نفيا وابعدت عن عقلها تلك الخزعبلات..
ثم زفرت بضيق ونفاذ صبر وهي تقفل باب السياره الذي فتحته توا..
واقتربت منه بثبات وقوه لتهتف بسخريه : وانا مستحيل اصدقك ..عارف ليه..
فضاقت عيونه وهو ينظر لها بثبات.. اكملت وهي تلوي فمها ببسمه ساخره : لانك واحد جبان..
ثم ابتعدت عنه قليلا لتري رد فعله
لكنها وجدته يقترب منها وبجوار أذنها همس بفحيح : وداع.. وداع يا اغلي بنت علي قلبي..
وهي ضيقت عيونها بعدم فهم لمغزي كلماته..
لكنها سرعان ما وجدته يبتعد عنها ويتوجه نحو سيارته وبعد ان استقر جسده خلف المقود انطلق بالسياره بسرعه رهيبه أرعبتها هي شخصيا..
وما هي إلا ثواني حتي شهقت بخوف وهي تستوعب مخزي كلماته الاخيره لها..
فعلي الفور فتحت باب السياره ليستقر جسدها خلف المقود وتنطلق بها خلف سيارته…
فذلك المجنون بسرعته تلك حتما سيقتل نفسه في حادث مميت..
وهذا ما لن تتحمله.
…………………..
اثناء هروبها منه كانت تتلفت خلفها خوفا من ان يكون قد لحق بها..
ولكنها لم تنتبه لتلك السيده التي تسير امامها بسيارتها الفارهه وعندما حاولت السيده تنبيهها لما سيحدث بزامور السياره كان الاوان قد فات فتلك الزهره ظهرت امامها من العدم وصُدمت زهره بالسياره وعلي الفور اوقفت السيده السياره وترجلت منها لتركض برعب ناحية زهره…
اقتربت منها وهمست برعب ودقات قلب متقافزه : انتي كويسه..
وعندما رفعت زهره اليها ناظريها برقت السيده بها بصدمه وذهول
اما زهره فهتفت بنزق: لو مكنتش مستعجله كنت وديتك القسم وخدت منك تمن علاج رجلي اللي كسرتيها علي داير ملين
ثم نهضت وكادت تهرب من امام السيده خوفا من ان يلحق بها اسر ويأتي في اية لحظه..
فأوقفتها السيده وهي تمسكها من مرفقها هاتفه: استني.. ارجوكي..
زهره وهي تحاول ان تزيح يدها عنها: ابعدي عني يا ست انتي عايزه امشي. .
لكن المرأه لم تتركها وظلت تبحلق بها وهي غير مصدقه ان دقات قلبها تخبرها بانها هي.. هي ابدا لن تكذب حدسها ونبضات قلبها التي تخبرها بانها هي..
وزهره ظلت تتطلع امامها خائفه مرتعبه من ان يظهر ذلك الشاب امامها وعندها لن يفلتها إلا وهي في قسم الشرطه حتي ان حبيبات عرقها تصببت بشده عند جبينها..
ولكي تهرب منها هتفت وهي توهم السيده بأن هناك شرطي يقف خلفها: بص يا عسكري.. خبطتني بالعربيه ومع ذلك مش راضيه تسيبني امشي يرضيك كده..
وعلي الفور استدارت السيده للعسكري تحكي له ما حدث وتحكي ايضا انها لن تتخلي عنها بعد ان وجدتها..
فهي حُرمت من رؤيتها لأكثر من عشرون عاما..
لكنها لم تجد شرطي ولا يحزنون وانتهزتها زهره فرصه لتفلت مرفقها من براثن قبضتها..
وعلي الفور ركضت زهره بكل ما اوتيت من قوه بعيدا عن تلك السيده رغم ان اصابة قدمها بسبب السياره كانت تؤلمها لكنها تحاملت علي نفسها من أجل أن تنجو من قبضة الشرطه.. فهي اعتقدت ان تلك السيده لا تريد ان تفلتها لأجل ان تسلمها للشرطه فهي نفس المرأه التي كانت ستسرق فيلتها هي وزيزو…
والسيده منال لم تدعها وصرخت تنادي عليها : استني ارجوك استني.. انا مش هأذيكي..
كانت تقولها وهي تهم باللحاق بها ولكن زهره تجاهلتها وركضت بأقصي سرعه..
واثناء ذلك تعثرت السيده منال لتقع علي الارض..
وحينها يركض آسر الذي ظهر في اول الشارع يبحث عن تلك الفتاه عندما لمح خالته تسقط علي الارض..
وبسرعه قام بأسنادها حتي تمكنت من الوقوف بمساعدته وهتف لها : خالتي انتي ايه اللي جابك هنا.. وليه كنتي بتجري كده
لكنها كانت تركز بصرها في الناحيه التي ركضت فيها زهره حتي اختفت تماما عن ناظريها
وهمست بقلبا مفجوع ودموع ام: هي بنتي.. اكيد هي.. قلبي لا يمكن يكدب عليا ابدا
آسر وهو لا يفهم شيئا: انا مش فاهم حاجه.. مين دي اللي بتتكلمي عنها..
….. ……….. ……..
في شركة الدمنهوري
كان غالب يجلس امام والده وهو غاضب للغايه..
فلاحظ والده ذلك وهمس من اسفل نظارته ذات العدسات الزجاجيه المستديره : خير.. فيك ايه..
غالب وهو يزفر بضيق: مفيش..
حاتم بمكر: قلقان من موضوع نداء..
قطب حاجبيه بعدم فهم وهتف: مش فاهم هقلق ليه يعني..
والده بأبتسامه ماكره: لترفض مثلا تتجوزك..
غالب وهو يقهقه بسخريه ثم نهض وهو لا يصدق ان والده قال له تلك الكلمات : مين دي نداء.. نداء ترفضني انا.. ليه.. هي اصلا كانت تحلم بأني اتقدملها في يوم من الايام….
ثم جلس وهو يخبط كفا علي كفا بذهول وسخريه هامسا: قال نداء ترفضني.. دي ما صدقت ان حد يتقدملها وخصوصا لو الشخص ده انا.. ده لولا البرستيج ادامنا وكده كانت اعلنت موافقتها واحنا هناك..
حاتم وهو يرجع بظهره للوراء: تعرف يا غالب.. ايه هي أكتر حاجه مش بتعجبني فيك..
غالب بثقه: اكيد مفيش..
حاتم: لأ.. ما هو من ناحيه فيه ففيه.. دا انت مليان عيوب وبجد لو نداء اللي هتكون من نصيبك وانا اتمني حاجه زي دي. . هيكون ربنا بيحبها.. عارف ليه..
غالب بغرور:.عشاني طبعا..
حاتم : هو فعلا ربنا هيكون بيحبها عشانك.. لانك ابتلاء… وربنا بيبتلي المؤمن اللي بيحبه..
فقطب غالب حاجبيه بغضب وهتف: مش عارف ليه حاسس انك جاي في صف نداء مش صفي انا..
حاتم : لأن نداء دي جوهره ثمينه وانت للأسف متستاهلهاش.. وللاسف مش هتقدر قيمتها إلا لما ترح منك..
ولكن غالب كان يؤخذ كلام والده بسخريه فنداء ابدا لن تكون تلك الجوهره في حياته.. وان كانت ستكون ذاك الشوك الذي يحيل بينه وبين حبيبته سلمي..
رن الهاتف بجوار حاتم فحمله وابتسم وهو يري ان المتصل هو اخوه مروان…
اجاب بأبتسامه: اهلا ازيك يا مروان.. اه الحمد لله تمام..
لكن حاتم قطب حاجبيه وهمس : ليه يا مروان.. اه طيب.. انا هشوف الموضوع ده ..سلام..
نظر غالب لوالده فوجد ملامحه مقطبه بحزن..
فهتف: خير يا بابا عمي مروان قالك ايه زعلك كده..
نظر له حاتم بغضب وهتف : نداء رفضتك يا غالب.. رفضت تتجوزك
……..

يتبع….

الفصل السابع عشر

وقف بصدمه وعينه واذنه وكل انشا في جسده لم يصدق ما سمعه للتو..
فغر فاهه بذهول وعدم واستيعاب وهو يتطلع لملامح والده..
همس بعدم فهم: مين دي اللي رفضت تتجوزني.. انت اكيد بتهزر.. صح..
لكن ملامح والده كانت جديه للغايه فهتف وهو يضيق عينيه شذرا : انا هخليها تندم.. مش ناقص كمان إلا واحده زي نداء تشوف نفسها عليها…
وتحرك من مكانه وهو يزمجر كأسد جامح ثائر مجنون…
كاد يخرج من باب المكتب عندما اوقفه والده هاتفا بكل حزم..
حاتم : استني يا غالب..
فتوقف غالب قريبا من مدخل المكتب..
أما حاتم نهض من مكانه علي الكرسي وتوجه بخطي ثابته نحو ولده..
وقف امامه وبثبات وحزم نظر اليه ثم هتف بخشونه: انت… متدخلش في الموضوع ده ابدا..
غالب بعصبيه : يعني ايه انا لازم..
فأوقفه وهو يهدر به : مش عايز حتي المح خيالك جنبها.. فاهم..
قالها بلهجة الأمر..
لكن غالب اعترض : بس يا بابا..
حاتم بنفاذ صبر : كلامي يتسمع.. خليك بعيد عن الموضوع وانا هتصرف.. لاني واثق انك لو اتدخلت هتبوز الدنيا.. هو انا هتوه عنك وعن غباوتك لما بتتعصب..
غالب ولم تعجبه كلمات والده: يا بابا
قاطعه حاتم: شششش.. اسكت مش عايز مناقشه.. اتفضل روح علي مكتبك لحد ما اشوف الموضوع ده..
ثم قال بلكنه فيها تحذير:لو لمحتك قريب من نداء قبل ما اذنلك بكده اعتبر نفسك مطرود من الشركه
صمت
ثم بحزم هتف: سامع..
وكانت نظرات غالب شمطاء تغلي وتفور من الغضب وهو يصك علي اسنانه…
بعدها تركه حاتم وذهب..
لتغيم عيون غالب وهو يتمتم بتوعد : ماشي يا نداء.. الوقتي بدء العد التنازلي لأسود ايام حياتك علي ايدي…
……………………….
كانت تسرع بسيارتها خلفه وقلبها يدق رعبا وخوفا وهي تراه يسرع بتلك الطريقه التي بالتأكيد لو ظل يسير بها فسيموت حتما..
تريد ان توقفه عن هذا الجنون فصرخت وصرخت وهي تنادي بأسمه
سلمي: وليد وقف يا وليد..
لم يسمعها وزاد من سرعته اكثر وأكثر….
فصرخت: وليد ارجوك وقف بقي..
وايضا تجاهلها وتعمد أن يزيد سرعته اكثر واكثر
عندها هوي قلبها من محجريها :
فصرخت وهي تري سيارته تكاد تقترب من منحدر لو انزلق منه فسوف يطيح به لأسفل سافلين..
فصرخت بقوه: وليد.. وقف… انا بحبك…
لو تحرك شعره واحده فكان حتما سيتدحرج هو وسيارته ليصير بعدها رمادا كالسابقين..
لكنه وعند اخر وهله توقف بسيارته عندما اعلنت له حبها وقد سمعت اذنيه ما قالت..
فتوقف وابتسامه ماكره تشق جانب وجهه…
اما هي فعندما رأت سيارته علي وشك السقوط من اعلي المنحدر أغمضت عيونها وقلبها وكل انشا ف جسدها يرتعب وينتفض بخوف رعب وهلاك…
وايضا دموع.. لكن مهلا هي لم تسمع اي صوت لسقوط السياره حتي ان الجو حولها فجأه صار هدوءا ولم يداعب وجنتيها صوت الرياح من حولها…
ترجل من سيارته وتوجه صوب سيارتها حتي وقف قبالة السياره حيث وجدها تغمض عيونها
فهتف : سلمي..
لم تصدق ما سمعته اذنيها للتو ففتحت جفنيها فورا لتجده يقف قبالتها ويتطلع إليها بنهم
فغرت عيونها بعدم تصديق وبسرعه ترجلت من سيارتها ودون مقدمات مالت عليه تحتضنه وهي تحاوطه من عنقه هامسه بلوعه آلمت قلبها : وووليد
فهتف بثقه: قولتي ايه من شويه..
ابتعدت عنه وتطلعت لعيونه شذرا ثم هتفت: وليد انت أجن واحد عرفته في حياتي.. انت كنت ممكن تموت…
فهمس بثباات : الموت عشانك جنه..
فأحمرت وجنتيها خجلا وهو قد لاحظ ذلك فأبتسم بثقه وهو يري انه قد احرز هدفا نحو بداية تنفيذ مخططه. …
ثم هتف : قوليلي تاني اللي قولتيه من شويه.. نفسي اسمعها منك يا سلمي..
سلمي بتماسك : مش الوقتي في الوقت المناسب.. المهم انك متأذيش نفسك بعد كده عشان اي حد مهما كان..ارجوك يا وليد اوعدني بكده.. ارجوك..
مد كفه لها ليهمس بحب: مش قبل ما توعديني انك هتفضلي جنبي علطول..
فتعلقت عيونها بالاسفل
لكنه هتف بأصرار: اوعديني يا سلمي..
رفعت عيونها اليه فأبتسمت بثقه ووضعت كفها في باطن كفه ثم همست بحب : اوعدك يا وليد..
……………………
توقف بالسياره امام مدخل فيلاتها الضخمه فتلك السياره قد استعارها من صديقا له فأخر مره تشاجر فيها كرم مع آسر أخذ منه والده سيارته تهديدا له وحتي لا يرفع صوته مره آخري علي اخيه الاكبر.. لكنه لم يبالي فهو كرم الذي لا يجرؤ احدهم علي كسر كبرياءه….
هتف بخشونه وهو يجدها ما زالت تجلس مكانها : هنا انزلي
انتفضت عندما سمعت صوته الغاضب وفركت كلتا كفيها ببعضهما بتوتر بالغ وكادت تتكلم لكن شجاعتها لا تساعدها علي تجميع الحروف مع بعضها لتكون جمله مفيده تقولها امامه…
فهدر بها للمره الثانيه: هنا بقولك انزلي..
ابتلعت ريقها وهمست بتلعثم : ككك كر كرم ا اا انت لل لس لسه زع زعلا زعلان مني..
بتماسك ونفاذ صبر هتف: هنااااا.. انزلي..
ولم ترضخ لكلماته فهمست بترجي: كرم..
خبط علي
علي المقود امامه بغضب وهو يصرخ بها : بقولك انزلي بقي.. انزلي …
انتفض جسدها آثر صراخه ‘‘هي من الاساس كانت مرتعبه منه..
وعلي الفور فتحت باب السياره وترجلت منها وعيونها تبكي دموع الوجع والألم..
وهو بمجرد ان هبطت من السياره قادها وانطلق بها بأقصي سرعه بعيدا عنها دون حتي ان ينظر اليها..
ظلت ثابته في مكانها تبكي وتشهق..
اما رضوي فقد قابلت كرم في طريقها فأشرأبت بعنقها لتتأكد انها بالفعل تراه…هي حقا قد رأته منذ ثوان ذلك الناعوس الذي انطلق بعيدا كفهد..
ذلك الفرعون المتملك الذي يتحاكي عنه جميع من في النادي وكذلك المدرسه.. انه كرم الجندي اوسم فتي عرفته علي الاطلاق وبالطبع حالها ككل الفتيات الذي وقعن في آسر عيونه..
لكن قطبت حاجبيها بغضب وهي تدرك انه قد اتي لأيصال هنا..
ظلت تفكر في اي شئ تؤذي به اختها وايضا تبعدها عن كرم حتي تتمكن هي من الاقتراب منه وعندها تفوز بقلبه فهي اجمل واقوي وافضل من هنا…
حتي وصل السائق بها امام باب الفيلا الضخم..
فعلي الفور ترجلت من السياره وتوغلت للداخل بخطوات سريعه
وقبل ان تصعد هنا علي درج السلم اوقفتها رضوي وهي تبتسم بمكر..
رضوي : هنااا.. استني..
صوتها العالي جعل والداتها تخرج من غرفتها وتهبط إليهم..
وقفت رضوي قبالة هنا وهتفت : انتي ايه اللي بينك وبين كرم الجندي..
ارتعبت ملامح هنا وابتلعت ريقها لتهمس: انا… مش بينا اي علاقه..
رضوي بقسوه: متكدبيش انا شايفاه بعيني وهو بيوصلك لحد هنا..
فصمتت هنا بضعف وهي تطأطأ رأسها لاسفل بخوف…
عندها تدخلت ثريه لتهتف وهي تقترب منهن : في ايه…
كتفت رضوي ساعديها امام صدرها بمكر وهتفت : اسألي الهانم.. هي كانت بايته فين امبارح..
عندها تطلعت ثريه بقسوه ل هنا وهتفت: كنتي بايته فين يا بت امبارح..
تسللت الدموع من مقلتيها وصمتت.. وقلبها يرتعب من الخوف والقلق والعجز ..
رضوي: طبعا هتسكت وتخاف تقولك انها امبارح كانت مع واحد.. كل الليل قضته معاه والله أعلم عملوا ايه تاني مع بعض..
عندها خبطت ثريه بكفها علي صدرها وهمست بعدم تصديق: يا نهار اسود..
و هتا تطلعت ل رضوي بصدمه وهتفت : رضوي ايه اللي بتقوليه ده..
قاطعتها رضوي : اومال كنتي فين امبارح.. هااا.. كنتي فين…
وعادت هنا مره اخري للصمت العجز القاتل..
ثرية بقسوه: ما تردي.. كنتي فين امبارح يا ست البنات..
أدركت هنا من لهجة حديث زوجة ابيها انها تسخر منها.. اذا فهي ورضوي يشكون في علاقة بينها وبين كرم..
رضوي : عارفه يا هنا. تبقي غلطانه لو فكرتي ان كرم ممكن يحب واحده زيك ضعيفه وجبانه وكمان ماشيه علي حل شعرها ..كرم عمره ما هيحب واحده مرجعتش بيت ابوها من امبارح والله اعلم عملت معاه ايه..
لم تحتمل هنا سماع إهانات اختها اكثر من ذلك فهربت من امامهم وصعدت درجات السلم لتذهب نحو غرفتها ودموعها الاليمه تسبقها…
فتعالي صراخ رضوي : أهربي اهربي.. ما هو ده أخرك الهروب.. بس اعملي حسابك انا هقول لبابا علي كل حاجه وهخليه يمنعك من الخروج ..ويمنعك عن كرم..
اغلقت هنا خلفها باب الغرفه وارتمت تبكي علي سريرها بقهر شديد… ووجع اكبر… فالجميع يكرهها ولا يحبها… لمن تذهب وتشكي همها..
………….
في فيلا مروان الدمنهوري..
في غرفة الاستقبال
كان يجلس حاتم وامامه تجلس نداء وهي تخفض رأسها بتوتر وارتباك..
وبجواره علي بعد خطوات..
كان يجلس مروان اخيه..
حاتم بفكاهه: ايه يا مروان انت هتفضل قاعدلنا كده كتيرر …قولتلك سيبني انا ونداء لوحدنا عشان عايز اتكلم معاها في موضوع ..
مروان بشك: ايه هو الموضوع ده..
حاتم: ملكش دعوه ده موضوع بيني وبين نداء.. يلا هوينااا بقي..
تطلع مروان بعيون نداء المرتبكه وبشده فأومئ لها بعيونه مطمئنا..
ثم نهض وهتف : حاضر يا حاتم اما اشوف اخرتها معاك…
حاتم : اطلع انت بس منها وآخرتها هتكون فل..
زفر مروان بضيق بعدها غادر وهو يغلق باب الغرفه خلفه..
بعد ساعه من الحديث
هتفت نداء بأرتباك : بس انا عايزه اقابله الاول قبل ما نعمل اي حاجه قصدي يعني يكون فيه بينا الرؤيه الشرعيه…
هتف حاتم بأبتسامه: حقك وانا هجيبه لحد عندك ولو عايزاني اجيبه لحد عندك يعتذرلك قولي انتي بس وكل اوامرك هتكون مجابه..
عندها احمرت وجنتيها بخجل
فأبتسم حاتم وتنهد بأريحيه وهو يهمس لنفسه: ربنا يهديك يا غالب ومتعكش الدنيا بعد ما صلحتها.. والله وقتها لو رفضتك تاني هيكون عندها حق.. دا انا ابوك ومش طايقك.. ما بال هي…
ثم نهض وهو يهتف: ربنا يتمملكم علي خير
فهو من البدايه كان يريد نداء زوجة لغالب لا سلمي.. فهو يعلم علم اليقين ان نداء هي من ستصنع المعجزه التي ستحول ذلك المغرور الي عاشق متيم.. وذلك بصبرها وقوة إيمانها..
……………………
أسفل الجسر
كان زيزو يستند بظهره علي الحائط ويضم ركبتيه الي صدره وعينه شارده في مكان ما… وعلي وجنتيها تهبط الدموع واحده تلو الآخري
فهتفت زهره التي اتت لتوها ووقفت امامه : كده بردوا يا زيزو بقي تسيبني وتهرب يا واد..مكنش العشم..
انتفض زيزو عندها بخوف وعندما وجدها تقف امامه علي الفور نهض ووقف قبالتها ثم مال بجذعه عليها وقام بأحتضانها بعمق وحب اخوي هامسا من بين دموعه الآليمه وحسرة قلبه : بندق مات يا زهره.. مات..
بصدمه وعدم استيعاب همست: مات..
………………..
في شقة آسر..
آسر بعدم تصديق: انتي بتقولي ايه يا خالتو.. مستحيل طبعا تكون هي بنتك ..
منال بدموع: هي.. والله العظيم قلبي بيقولي ان هي بنتي.. بنتي اللي اتحرمت منها سنين.. بنتي اللي اتحرقت واتعذبت بسببها.. ارجوك يا آسر.. ارجوك حاول تلاقيها.. رجعلي بنتي.. رجعلي زهره..
قالتها وهي تشهق ببكاء مرير وضعف..
آسر : يا خالتي دي بنت حراميه ..و..
قاطعته : اكيد اللي خطفوها مني هم اللي ربوها علي كده.. هي ملهاش ذنب لو انت كنت مكانها كان زمانك الوقتي بقيت ظابط ولا حرامي زيها.. قبل ما تفكر بعقلك فكر بأنسانيتك يا حضرة الظابط. وانت كظابط شرطه واجبك انك ترجعلي بنتي وبأي تمن…
دور عليها جبلي بنتي اللي الزمن حرمها من حنان ابوها وامومتي ليها… رجعلي بنتي يا آسر..
قالتها وهي تنهار علي الارضيه ببكاء ووجع ام..
فلانت ملامح آسر وجثي علي ركبتيه امام خالته ثم قام بأحتضانها هامسا : حاضر يا خالتو.. هدور عليها.. هقلب الدنيا كلها عشان ارجعها لحضنك تاني..
ووو
……..

يتبع….

الفصل الثامن عشر

بعد مرور ايام
ستائر غرفتها الورديه كانت منسدله لتعلن عن قتامة غرفتها وشده سواد ظلمتها كقلبها الحزين البائس..
لم تخرج ابدا في الايام التي مضت بل ظلت حبيسة الغرفه آسيره علي ذلك السرير الذي بات جزءا من حياتها يشاطرها كل الالم والمعاناه التي تشعر بها دوما..
وها هي تلقي هاتفها بحزن علي السرير فهي تهاتفه ولا يجيب عليها ابدا..
طوال الايام السابقه وهي تحاول الاتصال به لكن دائما ما يقفل الهاتف في وجهها ولا يجيب عليها.. فتبكي وتدفن وجهها بين ركبتيها المضمومتان إليها بقهر وذراعيها النحيفان يلتفان بأحكام حول ركبتيها.. حتي صارت الدموع تألفها وباتت هي صديقتها الوحيده التي تقاسمها وحدتها عزلتها وانكسار قلبها..
كما انها ايضا آثرت عدم الاختلاط بزوجة ابيها وأختها رضوي فهم يرددون علي مسامعها كلمات لاذعه قاتله حد الموت اذا رآوها امامهم…
لكن حقا هي تشعر بحزن دفين ووحده قاتله.. كما انها اشتاقت لرؤيته امامها بدلا من تلك الصوره الصماء التي تمسكها بيدها ليل نهار…
فعلي الفور نهضت من علي السرير بخطوات متمهله وتوجهت نحو خزانة ملابسها وانتقت منها اي شئ لترتديه ..
وبعد دقائق كانت تهبط درجات السلم بهدوء تام واختارت ان ترتدي كوتشي أرضي بدلا من حذاء بكعب عالي حتي لا يصدر صوتا اثناء نزولها.. وبذلك لا تلفت انتباه ايا من زوجة الاب او تلك الاخت..
والعمليه تمت بنجاح عندما خرجت من بوابة الفيلا الضخمه وابتعدت قليلا عن الفيلا لتوقف تاكسي وتستقله بعد ان طلبت منه ان يوصلها للنادي القريب من هنا…
وصل التاكسي بها امام النادي انقدته وريقات ماليه ثم ترجلت بخطوات مسرعه للداخل..
ظلت تتلفت عليه لكنها لم تجد له آثر فتوغلت اكثر للداخل علها تجده..
ووقفت بين الجموع حائرة تبحث عنه..
عندما سمعت صوته قادم من علي بعد خطوات منها فتهللت قسمات وجهها فرحا وبسرعه وجدت نفسها تقف امامه بأبتسامه مشتاقه…
لكن هو تطلع اليها بجمود وملامح قاسيه ثم التفت لأصحابه الجالسين معه: يلا نمشي من هنا..
قالها وهو يتجاهل نظراتها المشتاقه بجنون له…
فهمست بأنكسار : كرررم..
كاد يذهب لكنه توقف عندما سمع همسها بأسمه.. وأشار لاصحابه بان يسبقوه وبالفعل تركوهم وحدهم وذهبوا..
وهو هتف بخشونه لها: عايزه ايه..
ابتلعت ريقها بخوف وامتلئت عيونها بدموع ثم همست بأرتعاش :ليه مش مش مش بترد علي اتصالاتي بيك..
بأقتضاب قال: انا حر…
اغمضت عيونها بحزن ثم فتحتهم لتهمس برجاء: كرم.. انا آسفه لو زعلتك في حاجه بس ارجوك متسبنيش وتبعد.. انا ممكن اموت لو انت بعدت عني..
كرم: هنا وجودي معاكي هيضعفك وانا بصراحه مبحبش البنت الضعيفه اللي شخصيتها هشه.. بكره النوع ده من البنات بكرهه جدا خصوصا لما يكون سلبي في كل تصرفاته.. كرم الجندي اكبر بكتير من انه يقبل ببنت ضعيفه ومهزوزه زي هنا ابو حجر..
هنا بدموع وضعف: كرم ارجوك متسبنيش ارجوك.. مقدرش اعيش من غيرك يا كرم ارجوك.. خليك جنبي.. انت الانسان الوحيد اللي بحس بالامان وانا معاه.. انا هتغير هكون هنا اللي انت عايزاها.. بس كل ده هيحصل وانت جنبي.. هنا ابو حجر محتاجالك..
كرم بزعيق: قولتلك مينفعش وابعدي بقي عني…انتي مش ممكن تكوني البنت اللي في يوم من الايام ارضي افكر فيها.. انتي اقل بكتير من ان اشغل نفسي بيكي.. ابعدي يا هنا عني.. ومتجرحيش كرامتك معايا اكتر من كده..
صمت وبنظرات غير مفهومه ظل يتطلع إليها.. وبعدها ذهب دون حتي ان يقول لها الوداع دون ان يواسي قلبها الذي جرحه بمنتهي الكبرياء والعنجهيه
فأنهارت علي الارض تبكي بل وتشهق بصوتا جذب كل الانظار اليها…
وابتسامه شامته ارتسمت علي جانب وجه تلك الفتاه التي اقتربت منها ومالت إليها حتي صارت بنفس مستواها وبملامح تتصنع الشفقه همست : معلش.. اصلا كرم الجندي ملوش أمان.. كان لازم تعرفي ده من الاول..
ولم تكن تلك الفتاه سوي نهي التي تحب كرم بشده وتغار من قرب هنا ابو حجر منه بجنون..
………………
وقف غالب الدمنهوري بالسياره ال BMW اما فيلا عمه مروان الدمنهوري..
وقبل ان يرتجل من السيارة هتف له والده حاتم الدمنهوري الذي كان يجلس بجواره في المقعد الامامي : اياك يا غالب تفكر بس مجرد تفكير انك تضايق نداء …أرسي كده وبلاش الحاله تجيلك ادامهم فاهمني.. يا تعب قلبي ..
غالب بأقتضاب : باااباااا…
حاتم: كتك بو.. يلا اتنيل انزل وجيب الهدايا اللي حاطينها في شنطة العربيه وحصلني.. وافرد وشك وانت داخل بلاش ام البوز اللي ضربه من الصبح ده
زفر غالب بضيق وهو يحاول تهدئة نفسه واعصابه
اما حاتم فقد سبقه للداخل وهو هم بأحضار ما طلبه منه والده..
سلم حاتم علي اخيه مروان الذي كان بأنتظاره في غرفة الاستقبال
وعندما هم مروان بالسؤال عن غالب وجدوه يدخل وهو يحمل بين يديه الكثير من الصناديق المغلفه كتغليف الهدايا اثناء المناسبات..
فهتف حاتم بفكاهه: جبنا سيرة القط..
عندها اقترب غالب منهم ووضع ما يحمله علي الطاوله امامه ثم قام بتحية عمه بأدب وكذلك زوجة عمه..
بعد ثوان استأذنت زوجة العم.. وما هي إلا ثوان حتي دخلت مره اخري للغرفه وخلفها نداء التي تطأطأ رأسها بخجل شديد ووجنتين محمرتين كحبتي فرواله ناضجه..
فجلست بجوار زوجها وبجوارها جلست نداء…
وغالب كان يشيح بوجهه بأقتضاب وكاد ان ينهض ليهشم كل ما في الغرفه لفتات عل ذلك يهدئ من نبض قلبه الغاضب لولا وجود والده..
بعد قليل…
تنحنح حاتم بالحديث هاتفا: مش يلا نخلي الولاد يقعدوا علي راحتهم.. ولا هنفضل كابسين علي نفسهم كده..
عندها ابتسم مروان وزوجته لكن رغم ذلك كان بداخل مروان قلق كبير لا يعرف مصدره.. او انه يعرف لكنه يوهم نفسه بأنه لا يعرف حتي لا يغضب اخيه حاتم منه…
فزفر بحيره وهمس : عندك حق..
بعد قليل كانت تجلس هي وهو سويا علي انفراد بعد ان ذهب كلا من حاتم ومروان وزوجته لكنهم لم يقفلوا باب الغرفه خلفهم وذلك بناءا علي طلب نداء من امها… فهذا بالنسبه لها لا يجوز اطلاقا…
ساد الصمت بينهم للحظات حيث كانت تجلس بتوتر وخجل شديدين وتفرك كلتا كفيها ببعض بتوتر بالغ وهي بصعوبه تبتلع ريقها امام حضرة وجوده الطاغي ورائحة عطره التي ملئت ارجاء الغرفه…
وهو كان ينظر اليها بغضب واحيانا قرف واشمئزاز من تواجده مع تلك المخلوقه بمفرده..
لكن مهلا هو أقسم علي ان يسقيها انواع من العذاب وسيكون اليوم هو اسود ايام حياتها..
فهو غالب الذي لا يرضي ابدا ان ترفضه انثي كنداء… هو اصلا لا يعتبرها ضمن قاموس الفتيات… فمن المحجف جدا ان يطلق عليها لقب انثي وهي لا تنتمي للانوثه بشئ…
وضع ساق فوق الاخري وهتف بلكنه ساخره وعيونه مثبته ببريق عيونها اللامع: انتي اصلا مكنتيش تحلمي في يوم ان دبلتي تكون الوقتي حولين صوابعك ..انك تعدي السبع بحار وتتسلقي قمة ايفرست ده كان حلم تقدري تحققيه انما اني اكون ليكي دا مش بس كان حلم صعب يتحقق دا كان مستحيل..
صُدمت من كلماته للحظه ثم
اغرورقت عيونها بدموع آليمه وهتفت وهي تطأطأ رأسها بألم : انت اللي جيت وخبطت علي بابي.. وانا غلطت لاني وافقت وانا وعارفه ومتأكده ان قلبك مش ليا.. بس طالما انت مستكتر نفسك عليا اووي كده.. ليه ليه تعذبني معاك وتلعب بيا..
لا تعلم كيف واتتها الشجاعه لقول تلك الكلمات خاصة ان جسدها يرتعش وقلبها ينبض بحزن خوف وألم.. لكن قلبها الآليم عبر عن جراحه قبل ان يوافق لسانها وينطق بها…
نهض عن كرسيه.. وقف امامها بثبات وللحظات تتطلع إليها بقرف
هتف بقساوة قلب متحجر اصبح آسيرا بين ضلعيه : انتي ازاي بتقوليلي انا الكلام ده.. انتي مش شايفه نفسك ولا ايه.. انتي ولا حاجه حتة حشره واقفه ف طريق سعادتي من يوم ما شوفت خلقتك ادامي… من يوم ما اتولدتي وانا بكره حياتي وبكره اللي حواليا بسببك.. حتي البنت الوحيده اللي حبيتها في حياتي ضاعت من ايديا وكله ده عشان وجودك في حياتي بقت حاجه مقرفه وبشعه.. انتي.. انتي كائن فضائي جه من الفضاء عشان يقولي احلم وانا هخلي حلمك يقلب بكابوس.. وفعلا خليتي حياتي كلها كواليس…
توقف قليلا وهو يتنهد بغضب وعيون الصقر خاصته ترمقها بخشونه… ثم اكمل : تقدري تفهميني انتي لو فعلا كان عندك كرامه ليه وافقتي عليا بعد ما عرفتي اني بحب سلمي.. بس لأنك شبه اي بنت تافهه فبتفكري انك تلحقي قطر الجواز وبس.. وانا الوقتي بالنسبالك الباز الذهبي او الفرصه الاخيره إلا من خلالها تقدري تتجوزي وتهربي من لقب عانس ..
ضحك بسخريه وهو يهتف : بس لو قولتيلي انك عايزه تتجوزي والسلام كنت أجرت عم مدبولي البواب يتجوزك اهو كان هيكون أولي من الغريب…
قالها وهو يرمقها بنظرات ساخره شامته قاتله لقلبها ولكبرياءها..
قبضت علي ساقيها وهي تمسك بتلابيب فستانها الوردي بغضب بل وحزن ودموع منكسره ثم وقفت اقتربت منه حتي صارت امامه..
بعيون ثابته تحدثت : بس.. كفايه.. كفايه اهانه.. بقي كفايه.. انت مغرور واناني.. انت ابشع انسان قابلته في حياتي.. بس عارف انا مش بلومك لأنك كنت كده وهتفضل طول عمرك كده.. انا.. انا غلطانه وآسفه لنفسي لأن خليت واحد زيك يشغل جزء من تفكيري.. يا خساره كنت متوقعاك أحسن من كده.. انا مش عايزاك يا غالب. انت خلاص مت بالنسبالي…
قالتها وهي تحاول بقدر الأمكان التماسك لتتركه بعدها وتذهب ثم تأكل درجات السلم صعودا متجاهله نداء والداها عليها وكذلك عمها حاتم الذي قطب حاجبيه بقلق وفي نفس الوقت توعد لذلك الاحمق غالب…
نظر الاخوان لبعضهما بحيره وبعدها دخلا علي الفور لغرفة الاستقبال حيث غالب..
هتف حاتم وهو يحاول ان يتماسك بقدر الأمكان : فيه ايه انت زعلت نداء في حاجه..
ببرود أجابه : وانا هزعلها في ايه يعني..
مروان بشك : اومال البنت خارجه تجري علي اوضتها ليه دي حتي موقفتش عشان تكلمنا انا وابوك..
وقبل ان يهم غالب بالحديث..
رن هاتف حاتم فأخرجه علي الفور ليجيب عليه..
حاتم : الو.. خير يا سيده فيه حاجه..
سيده هي الخادمه في فيلا حاتم الدمنهوري ..
حاتم بقلق: ايه.. نقلتوها علي المستشفي.. طيب اقفلي انا جاي الوقتي..
مروان بقلق : فيه ايه يا حاتم..
حاتم برعب : نقلوا فاطمه (والدة غالب) علي المستشفي..
غالب بقلق: ماما…
…………..
أحضرت لها نهي كوب من عصير الليمون ووضعته امام هنا التي تشهق ببكاء مرير..
هتفت نهي بزيف: اشربي يا حبيبتي الليمون ده هيهدي اعصابك وبعدين دموعك الغاليه دي متستاهلش تنزل عشان حد..
هنا بوجع : بس كرم مش اي حد..
صكت نهي اسنانها بغضب وضغطت علي شفتيها بغيره ولكنها اظهرت عكس ذلك وبأبتسامه مزيفه هتفت : اه طبعا ده كرم الجندي.. بجلالة قدره..
أمسكت نهي كوب العصير ووضعته بين يدي هنا لتهتف : اشربي الليمون عشان تهدي.. صدقيني انا يعز عليا دموعك دي…وبجد قلبي بيتقطع لما اشوفها ..
ممثله بارعه تلك النهي فمن يراها يظن حقا انهي تشفق لحال هنا ..
توقفت هنا عن البكاء قليلا لتهمس: انتي بجد طيبه اووي.. يااا..
توقفت لانها لا تعرف بأسمها حتي الآن..
ابتسمت نهي وقالت : اسمي نهي..
ابتسمت هنا لتهمس : اسمك حلو.. انا بقي اسمي..
قاطعتها نهي: هنااا ابو حجر.. حد بردوا ميعرفش هنا ابو حجر..
ومن بعيد لمحت نهي ذاك الذي ينظر إليها بمعني ان تأتي له دون ان تلمحها هنا وهي تذهب نحوه
فأرتبكت ونظرت ل هنا التي ترتشف ببطئ من كوب العصير ثم همست : هنا انا رايحه الحمام.. مش هتأخر عليكي..
ثم تركتها وذهبت بأتجاه الحمامات
وكان ذلك الشاب بأنتظارها هناك
اخذته لمكان بعيد عن الانظار وهتفت : انت اتجننت.. يا رامز..
ازاي تقف ادامها عادي كده وتبصلي.. افرض كانت خدت بالها منك..
رامز: نهي انا صبري بدأ ينفد لو مخلتيش هنا دي بين ايديا في أقرب وقت.. اعتبري الفلوس اللي بتاخديها مني كل شهر اتقطعت..
نهي بخوف وهي تتطلع إليه: لا اتقطعت ايه انا اقدر استغني عن الفلوس.. انا خلاص يُعتبر الوقتي بقيت صاحبتها ومع الايام هتشوف انا هعمل فيها ايه عشان تكون ليك.. ليك انت وبس…
رامز بتأفأف: لسه هستني يا نهي
.انا استنيت كتير اووي وخلاص مبقتش قادر استني اكتر من كده..
نهي وهي تحاول تهدئته : صدقني خلاص مبقاش فاضل علي الحلو غير تكه.. اصبر وانت تنول اكتر من اللي كنت بتتمناه منها.. هخليها متنفعش لحد تاني غيرك.. وانت عارف نهي لما بتخطط لحاجه..
رامز بنفاذ صبر: طيب يا نهي اما اشوف آخرتها معاكي..
كاد يمشي لكنها استوقفته هامسه: ممكن تديني المبلغ بدري شويه الشهر ده..
زفر بغضب وضيق وهو يهتف: كمااان..
نهي بترجي : معلش.. اصل الفلوس خلصت مني وانا محتاجه اشتري لبس وحاجات تانيه ناقصاني..
رامز بأستسلام: اوكيه.. كمان يومين وابعتلك الموظف بتاع بابا بالفلوس. .
نهي بفرحه : بجد ..شكرا اووي يا رامز.. اوعدك اني هخليها مش بس بين ايديك لأ دا انا هخليها عبده ليك وتحت رجليك.
رامز: بس أنتي عارفه هيحصلك إيه لو كل اللي بتقوليه ده محصلش..
فهمست بخوف: عارفه عارفه
بعد ان انتهت هنا من شرب العصير تلفتت حولها فلم تجد نهي فزفرت بحزن وهي تعاود التفكير فيما حدث بينها وبين كرم منذ ساعه…ومن جديد تسللت تلك الدموع الأليمه علي وجنتيها
لتذكرها بجرح قلبها…
لتنتشلها نهي من بين افكارها هامسه : الجميل شاغل نفسه بأيه؟؟
أبتسمت هنا بمراره وهي تمسح عنها دموعها هامسه بألم: مفيش..
نهي : بصي بقي انا بصراحه حبيتك اووي وخلاص انتي بقيتي صاحبتي.. انا بقي نويت اعزمك في مكان هادي عشان اطلعك من جو الكآبه اللي حابسه نفسك فيه ده.. يلا يلا بينا نروح..
هنا: لا لا مش هينفع انا لسه..
نهي : لأ انا مش هقبل منك اي اعذار.. ثم نهضت وكادت تمسكها من كفها
لتوقفها هنا: معلش مش هينفع خليها يوم تاني انا بجد مش ليا نفس أخرج النهارده لمكان تاني..
نهي بأستسلام : اوكيه.. بس المره الجايه هتعملي زي ما بقولك ماشي..
اومأت هنا برأسها لتهمس: اوكيه.. عن اذنك بقي لأني بجد حاسه اني دايخه ومش قااادره افتح عنيا..
نهي: سلامتك.. طب اروح معاكي عشان اوصلك..
هنا: لا شكرا.. انا هاخد تاكسي واروح علطول..
ثم نهضت هنا وتركتها وهي تمشي بخطوات تكاد تكون مترنحه.. وتضع يدها علي جبينها تسكت ذلك الصداع الأليم الذي يعصف برأسها…
اما نهي فوقفت تتابع طيف خطواتها بأبتسامه ماكره..
واقتربت منها الافعي الاخري هامسه بأبتسامه خبيثه : تفتكري مفعوله بدأ يأثر علي جسمها…
نهي بأبتسامه واثقه: اكيد وإلا مكنتش داخت بالطريقه دي..
نيره بأبتسامه لعوب : يخرب عقلك شكلك تقلتيلها الجرعه..
نهي بخبث : ابدا وحياتك دا انا بس شعرت الكوبايه.. بس المره الجايه اكيد هزود الجرعه…
نيره: البت دي امها داعيه عليها لانها وقعت في طريقك.. واللي بيقع في طريقك.. مبيترحمش..
نهي وهي تبتسم بثقه وغنج: عشان بعد كده اي بنت تتعظ ومتقربش لحاجه تخصني.. وكرم الجندي ده يخصني انا وبس..
………………
خبط العسكري علي الباب واذن له آسر بالدخول..
أدي العسكري التحيه العسكريه للظابط آسر ثم هتف: لقينا يا فندم البنت اللي حضرتك اديت لدورية الشرطه مواصفاتها عشان يدورا عليها… وفعلا تم العثور عليها عند جسر (الرابي)في شارع(……..)
عندها ابتسم آسر بظفر ونهض عن كرسيه وهو يقول للعسكري : أدي اوامر بأن الدوريات تبطل تفتيش عنها لاننا خلاص لقينها.. وانا بس اللي هروح اقبض عليها ومش عايز حد معايا… مفهوم..
رغم ان العسكري استغرب كلمات آسر لكنه اجابه علي الفور برسميه: مفهوم يا فندم…
بعدها التقط آسر مفاتيح سيارته من علي سطح مكتبه متوجها بثقه واريحيه نحو السياره…
وصل آسر للعنوان الذي اخبره العسكري عنه..
حتي وقف اخير امام ذاك الجسر وهو يبتسم بظفر ..
اما زهره فكانت تشعور بجوع عميق فتمتمت بغضب وهي تسب وتلعن في زيزو الذي تأخر كثيرا في إحضار الطعام ..
لكنها توجهت نحو النيل ووقفت عند حافته ثم مالت قليلا لتغرف بين كفيها من ماءه ثم تميل بشفتيها لترتشف من ذاك الماء العذب..
وبذلك تهدئ صيحات جوعها..
اغمضت عيونها بأسترخاء وهي تستشعر نعومة المياه بين كفيها فأبتسمت..
فعلا مية النيل حلوه وتستاهل ان الواحد يفضل واقف قصادها بس يا تري بقي انتي بتفكري ازاي تسرقي الميه من النيل ولا بتجربي تعبيها في ازايز ميه وتبيعيها للناس علي انها معدنيه..
ومن شدة الصدمه التفتت تنظر إليه بعيون خائفه مصدومه وغير مصدقه…
للحظه ظلت ترمش بعيونها عدة مرات تتأكد فعلا من وجوده امامها..
فأبتسم بثقه وهمس: ايه مش مصدقه اني قدرت اوصل لمكانك.. ولا كنتي فاكره انك هتفضلي هربانه مني علطول..
وحل الصمت بذهولها وعدم تصديقها لوجوده هنا.. وهو بثقته وانتصاره عليها لمعرفته بمكان وجودها …
فهمست له بأرتعاب : أنت عايز مني ايه…
لوي فمه بسخريه هاتفا: سؤال غبي من واحد بذكائك..
صمت ثم اكمل : بس هجاوبك عليه..
اقترب منها خطوه وابتعدت هي للوراء خطوتين
ليهتف: جاي عشان اقبض عليكي..
ظلت تزوغ بعينها يمنة ويسارا تبحث عن مخرج من تلك الورطه وهو فهم ذلك من نظراتها الزائغه
فهتف : متحاوليش لانك مش هتقدري تهربي مني المرادي ..
حاولت ان تركض بعيدا لكنه تمكن من الأمساك بها بفضل قوته العضليه..
ثم امسكها من كفها بقوه وجرها ناحية سيارته واجلسها بعنف في المقعد الأمامي واقفل باب السياره خلفها جيدا بالمفتاح ثم استدار للناحيه الأخري واستقر بجوارها ..نظر لها بظفر لوهله ثم أعاد نظره للامام وانطلق بالسياره..
وهي كادت تبكي لكنها تماسكت وهي تفكر بخطة ما للهرب فهي ابدا لن تستسلم وتدفن نفسها خلف ابواب السجون بتلك السهوله….
…………
في المشفي
واخير وصلت والدة نداء ونداء معها..
لمحت زوجها يجلس بجوار حاتم فأقتربت منهم هي ونداء
همست لزوجها : فاطمه عامله ايه الوقتي..
مروان بتنهيده حارقه : لسه الدكتور مطلعش من اوضة العمليات..
خبطت علي صدرها بصدمه هاتفه: عمليات ليه..
ونداء شهقت بعدم تصديق
مروان وهو يسحبها بعيدا عن اخيه هي ونداء يتنهد بحزن ليهمس بعدها : الدكتور قال ان الأزمه جاتلها وكان لازم يعملها العمليه فورآ.. خصوصا انها كانت مفروض تعملها من زمان.. لولا انها كانت بترفض بسبب خوفها من العمليه..
همست ببكاء: يا حببتي يا فاطمه.. يااارب قومها بالسلامه يااارب.. دا غالب تلاقيه هيتجنن عليها.. ده روحه فيها ومبيطقش عليها الهوا وبيحبها جدا…
مروان بحزن : وحاتم.. حاتم كمان ممكن يجراله حاجه لو…
قاطعته زوجته هامسه: بعد الشر عنها.. ان شاء الله هتقوم بالسلامه عشان جوزها وابنها اللي ملهمش غيرها…
اما نداء فكانت تستمع إليهم بحزن وعيونها الجريحه تبحث عنه بحيره لكنها لم تجده..
فقطبت ملامحها قلقا وانسلت من جوار والديها اللذان لم يشعرا بأبتعادها عنهم حيث كانوا منشغلان ب فاطمه التي ترقد في غرفة العمليات لاحول لها ولا قوه..
ظلت تبحث عنه في كل مكان في المشفي وقلبها ينتفض رعبا وقلقا عليه…
…..
توقفت وهي تزفر بأرتياح عندما لمحته من بعيد يجلس علي المقعد وهو شارد حزين…
وهذا اهلك قلبها العاشق وجعل دموعها الخاضعه تهبط علي وجنتيها بحزن… وظلت تراقبه من بعيد وهي تتمني ان تقترب منه وتواسيه عل ذلك يخفف من شدة حزنه وانكساره الذي تلمحه الآن علي قسمات وجهها…
تتمني ان ينتقل كل الحزن بداخله لها هي كي لاتراه مره اخري بتلك الحاله..
وبدون إرادة وجدت نفسها تقترب منه حتي وقفت امامه همست بحزن وهي تري ملامحه الحزينه:. غالب..
فرفع إليها ناظريه بغضب وقبل ان تنطق ترك لها المكان وذهب بخطوات شمطاء ثائره..
فأقتربت من المقعد الذي كان يشغله للتو بضخامة جسده
وتلمست سطحه بأنكسار وعلي وجنتيها تنهمر تلك الدموع الاليمه…
…………
وصل بها امام نفس الفيلا التي كانت ستقوم بسرقتها..
فأبتلعت ريقها بخوف وهمست : انت جايبني هنا ليه..
بثبات همس : هتعرفي الوقتي..
…………

يتبع….

الفصل التاسع عشر

كان حاتم يجلس علي المقعد امام الغرفه التي بها زوجته بأنهيار شديد وبجواره اخيه مروان وزوجته وكذلك غالب الذي اتي لتوه..
خرج الطبيب من غرفة العمليات فأسرع الجميع اليه..
حاتم بقلق: خير يا دكتور طمني..
الطبيب بهدوء: الحمد لله دلوقتي الحاله مستقره..
حاتم وهو يزفر بأرتياح: طب نقدر نشوفها..
وكانت اعين الجميع متعلقه برجاء بالطبيب..
زفر الطبيب وهتف بعدها: ايوه بس اما تفوق من البنج..
ثم استأذن منهم وغادر…
اما مروان فأحتضن اخيه وتمتم بشكر لله : الحمد لله انها قامت بالسلامه..
زاد حاتم الذي انسلت الدموع من عينه خفيه من احتضانه هامسا: الحمد لله..
اما نداء التي اقتربت لتوها منهم ومن ملامح الفرحه علي وجوههم فهمت ان الطبيب طمأنهم عن زوجة عمها خيرا..
فأقتربت من غالب بتردد ووقفت امامه هامسه بأرتباك: الحمد لله اننا اطمنا علي مرات عمي..
نظر لها بأستياء وببرود تركها واقترب من والده فهبطت دموع منكسره من مقلتيها..
بعد مرور ساعه..
كان غالب وحاتم يقفان امام السرير الذي ترقد عليه فاطمه منتظرين بفارغ الصبر افاقتها..
وبالفعل ما هي إلا ثوان حتي فتحت جفنيها ببطئ شديد
وعلي الفور اقترب منها غالب بفرحه وامسك بكفها وقبل باطنه بعمق..
وحاتم اقترب منها وهمس بحب : حمد الله علي سلامتك يا غاليه..
فأسبلت جفنيها بحرج وابتسمت بهدوء وتعب في نفس الوقت..
خبط احدهم علي باب الغرفه بهدوء فسمح له حاتم بالولوج
كانت تلك هي الممرضه فأقتربت من حاتم وهمست: استاذ حاتم الدكتور بشير عايز حضرتك..
تبادل النظر مع غالب بقلق ثم نظر بهدوء للممرضه وهمس : تمام انا رايحله دلوقتي..
كان غالب يريد ان يذهب مع والده ليعرف ماذا يريد الطبيب بشير من ابيه.. لانه كان في غاية القلق ان يكون ذاك الموضوع الذي سيحدثه به متعلق بوالدته السيده فاطمه..
لكن استوقفه صوت والدته المنهك وبشده..
هامسه: غالب استني انا عايز اتكلم معاك..
فربت حاتم علي كتف غالب بهدوء وهمس: متقلقش ان شاء الله خير خليك انت مع والدتك..
ثم تركهم وذهب بعد ان اقفل باب الغرفه بهدوء..
ما ان خرج حاتم حتي اقترب منه مروان..
مروان بقلق: خير يا حاتم يعني خرجت..
حاتم وهو يشعر بقلق وخوف شديد: الممرضه بتقول ان دكتور بشير عايزني..
قطب مروان حاجبيه بقلق وهتف: طب يلا نروحله..
وبالفعل ذهب الاخوان لغرفة الطبيب…
في داخل الغرفه…
غالب وقد ركز بصره علي وجه والدته المتعب وهتف بخوف: خير يا أمي..
ابتسمت له بحنان وهمست بتعب: متقلقش انا كويسه..
صمتت قليلا ثم أكملت : انا كنت عايز اتكلم معاك بخصوص نداء..
عندها قطب غالب حاجبيه بأنزعاج وتوهج بريق عيونه بغضب..
وفاطمه قد لاحظت ذلك عليه فهمست: نداء متستاهلش منك كل الكره ده يا غالب.. نداء بتحبك..
فنظر غالب اليها ببلاهه..
فأكملت فاطمه بهدوء: ايوه بتحبك.. مستغرب ليه..
هتف بضيق: أكيد انتي غلطانه
قاطعته فاطمه: طيب انا غلطانه.. ليه انت دايما بتعاملها وحش.. ليه يا غالب دي بنت عمك يعني مفروض تحميها من اي حد حتي من نفسك انت..
صمت واحس بشئ غريب يقطع نياط قلبه حزنا..
اكملت فاطمه: سيب نفسك ليها وانت تحبها يا غالب نداء بنت كويسه ولو مهما لفيت العالم مش هتلاقي زيها..
نظر لها بضيق فضحكت فاطمه وهمست: صدقني.. انا كنت بتمني ان نداء هي اللي تكون مراتك مش سلمي..
غالب: هو ليه انتي وبابا بتقولوا كده…
فاطمه: لان احنا شايفين فيها اللي انت مش شايفه..
ثم احتضنت كفه جيدا وهمست بتعب: ارجوك يا غالب ارجوك يا ابني متضيعش نداء من ايديك.. اتجوزها ..اتجوزها يا غالب..
عندها برقت عيونه بذهول وصدمه…
غالب : ماما اللي بتقوليه ده صعب…
فأستكملت فاطمه كلامها وهي تتنهد بتعب: صدقني مش هتندم لو قربت من نداء.. اكتب كتابك عليها عشان خاطري نفذلي الطلب ده قبل ما اموت…
قاطعها غالب علي الفور بقلق: بعد الشر عنك يا امي..
فاطمه: لو بتحبني وعايزني اخف بسرعه نفذلي امنيتي..
نهض غالب وابتعد بضع خطوات عن والدته..
هتف بتخبط: يا أمي انا.. انا مش بحب نداء.. اتجوزها ازاي بس…
عندها سعلت فاطمه بشده وتأوهت من الوجع وهي تسعل فأقترب منها غالب وهتف بقلق بان جليا علي ملامح وجهه: ماما ماما انتي كويسه.. انا هروح انادي الدكتور..
استوقفته هامسه: مفيش داعي.. انا خلاص بقيت كويسه..
قالتها وهي تتنهد بصعوبه
هتف غالب علي الفور ودون تردد: انا تحت امرك يا امي ..لو انتي عايزاني اتجوز نداء.. هتجوزها بس المهم عندي انتي..
عندها ابتسمت فاطمه وهي تشعر براحه عميقه تسري في كل اوصال جسدها …
فهمست : أكتب كتابك عليها يوم التلات الجاي..
غالب بصدمه : بس دا التلات قريب اووي..احنا النهارده الحد…
فاطمه: معلش عشان اكون مطمنه.. قولت ايه…
ونظرت له وكأنها ترجوه.
زفر بأستسلام وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره ثم هتف بخنوع: وانا تحت أمرك يا أمي.
بعدها قبل باطن كفها بعمق..
…………………..
في غرفة الطبيب..
الطبيب بشير: انا يؤسفني اني اقولك كده بس مكنش لازم اخبي عليك..
عندها كان حاتم منهار من الوجع والحزن ومروان وقف بجواره ورتب علي كتفه بمواساه..
مروان: طب يا دكتور احنا ممكن نسفرها بره ونجيبلها احسن واشطر الدكاتره يعالجوها…
الطبيب بشير: دي حاجه ترجعلكم بس انا بقول انا ملوش لزمه لان الدكاتره اللي هناك هتقول نفس الكلام.. الحاله متأخره حتي العمليه اللي عملناها كانت صعبه جدا وكان ممكن تموت فيها بس ربنا اراد ان يمد في عمرها ايام..مش هقدر اقولكم غير ان الاعمار بيد الله والطب يااااما عجز عن حالات زي دي ..هي دلوقتي بين ايدين ربنا ادعوله انها تعدي منها علي خير…
مروان:طيب يا دكتور عن اذنك
ثم اسند اخيه المنهار وخرج من الغرفه..
امام الغرفه احتضن حاتم اخيه وهو يبكي بأنهيار هاتفا بألم: فاطمه خلاص راحت مني يا مروان..
مروان : متقولش كده.. احنا هنسفرها بره ونعمل كل اللي يطلبوه وبأذن الله ترجع احسن من الاول…
حاتم: ده كانسر في المخ يا مروان يعني مستحيل تخف منه.. انا بس عايز اعرف هي ليه خبت عليا ان عندها المرض ده.. ..
مروان: كانت خايفه عليك.. فاطمه طول عمرها بتخاف علي اللي حواليها قبل نفسها..
حاتم: بس دي حياتها هي.. هي كده ضحت بنفسها وراحتها وسعادتها عشان راحتنا وسعادتنا احنا… بس هي متعرفش اني بحبها اووي واني ممكن اموت لو حصلها حاجه..
مروان: بعد الشر عنكم انتم الاتنين.. متقلقش ان شاء الله خير بس انت ادعي وقول يااارب…
حاتم: يااااارب… ياااااارب…
مروان: حاتم متقولش لغالب حاجه عن الموضوع ده.. انت عارف اد ايه هي بيحب فاطمه وأكيد هينهار لو عرف…
فأومئ له حاتم بحزن
…………………
خرج غالب من غرفة والدته..
أقترب من نداء الجالسه في الزوايه وحدها وهتف.
غالب بجمود: عايز اتكلم معاكي في موضوع..
وما ان سمعته حتي نهضت من علي الارضيه بقلق وخوف وقبل ان تجيبه سبقها لمكان ما..
فلحقت به علي الفور
في الحديقه الخلفيه للمشفي..
توقف غالب فتوقفت نداء وهي تقف امامه برأس مطأطأ..
غالب بخشونه: هنكتب كتابنا كمان يومين….
عندها تطلعت اليه بذهول وعدم تصديق …
فهمست لتتأكد من ان تلك الكلمات حقا ترددت علي مسامعها: ايه ؟!!!
غالب بنفاذ صبر وضيق: اظاهر ان القدر عايزنا نكون مع بعض..مع اني مستغرب ليه هو مصمم علي كده…
صمت ثم تنهد بضيق وهمس : عارف اني قاسي في تعاملي معاكي.. بس بس دي رغبة امي وانا هنفذلها رغبتها مهما حصل حتي لو اضطريت أجبرك علي كده…
قالها بصلف وأنفه حتي وهو يطلب الزواج منها متكبر ومغرور..
زفرت بغيظ منه وحيره ..ثم
همست :بس..
قاطعها هاتفا: انا هروح اتكلم مع عمي عشان نحدد ميعاد لكتب الكتاب…
وبمنتهي البساطه تركها وذهب..
وهي كانت تلاحق طيفه المبتعد بنظرات ذاهله مشدوهه….
لكنها زفزت بعجز وهي تهمس لنفسها : هو ليه الحب بيوجع كده..
………………
في الغرفه التي بها فاطمه..
حاتم بأنهيار امامها: ليه يا فاطمه مقولتليش ليه…
فاطمه بدموع: كنت خايفه عليك مكنتش عايزاك تتوجع وانا عارفه ومتأكده ان بتحبني ومش هتستحمل..
حاتم: بس انتي كده حكمتي عليا بالعذاب.. هعيش ازاي لو حصلك حاجه..
فاطمه علي الفور : بعد الشر عنك.. انت هتعيش عشانك وعشان غالب…
حاتم: تفتكري غالب غاالب هيقدر يكمل حياته عادي من بعدك..
قاطعه مروان:.انتي ليه بتتوقع شر يا اخي خلي املك بربنا كبير وهي بأذن الله هتخف…
حاتم بحزن وانهيار: متضحكش عليا يا مروان انت عارف كويس ان ده مستحيل وصعب.. ده مش مرض عادي ده وحش لازم يقضي علي اللي بيسكن فيه…
كاد لمروان ان يتحدث فقاطعهم صوت باب الغرفه واحدهم يفتحه..
فصمت الجميع وهم يرون غالب امامهم…
غالب بذهول: مالكم في ايه…
مروان وهو يبتلع ريقه بصعوبه: لا لا مفيش حاجه دا احنا بس كنا بندردش مع بعضنا في حوار كده صح يا حاتم..
حاتم بخفوت وهو يداري حزنه ودمعاته المنهاره : ايوه صح..
لكن تلك الكلمات لم تمر مرور الكرام علي غالب الذي نظر الي والده بشك..
فهتف وهو يقترب من والده:.مالك يا بابا شكلك كنت بتعيط..
احست فاطمه برعب شديد من ان يعرف غالب بالموضوع فهتفت علي الفور : ايوه فعلا باباك كان بيبكي..
نظر لها حاتم ومروان بصدمه..
فأكملت: بس تعرف باباك كان بيبكي ليه.. بيبكي عشانك..
غالب بذهول: عشاني..
فأكملت: ايوه.. لما عرف انك خلاص انت ونداء هتتجوزوا مقدرش يمسك نفسه وبكي من فرحته.. يعني زي ما بيقولوا دي دموع الفرحه..
اما مروان الذي كان اول مره يسمع تلك الكلمات فهتف بصدمه: ايه.. يتجوزو…
وكذلك حاتم نظر لها بصدمه
وعدم فهم.. فغمزت له هو ومروان بمعني انها ستفهمهم فيما بعد…
ثم هتفت ل غالب بهدوء: يلا نادي نداء ومرات عمك عايزه اشوفهم…
غالب: حاضر عن اذنكم..
بعد ان ذهب…
اقترب منها مروان وهتف: ايه الموضوع فهميني..
فاطمه: مفيش موضوع ولا حاجه كل الحكايه اني عايزه الولاد يكتبوا كتابهم عشان اكون مطمنه وكده كده نداء وافقت علي خطوبتها من غالب فبدل ما نعملها خطوبه نمشيها كتب كتاب علطول…
مروان: بس..
قاطعته فاطمه: انا عارفه اللي انت عايز تقوله.. بس انا واثقه ان غالب هو الوحيد اللي يقدر يسعد نداء ويشيلها في عيونه.. وافق يا مروان عشان اسيبه وانا مطمنه عليه…
عندها صمت مروان بعجز واضطر اسفا لان يقول بعد ان ترجته عيون فاطمه بالقبول: زي ما انتي عايزه يا مرات اخويا مقدرش ارفضلك طلب.. بس كمان لازم توافقي انك تسافره عشان تتعالجي بره..
فاطمه: بس…
قاطعها حاتم: ايوه لازم توافقي
ثم نظر لمروان هاتفا: لو رفضت ارفض انت كمان جواز نداء من غالب..
ابتسمت فاطمه همست بعد ان تنهدت بتعب : حاضر هسافر وأمري لله…
…………………….
زاغت ببصرها بأرتياب وقلبها الخائف يدق بعنف فهي الان متيقنه بأن بينها وبين الدخول للسجن خطوات..
لانها وبمنتهي السهوله تقف الان امام الفيلا التي كانت سترقها يوما مع ذاك العنيد الذي يمسك بها جيدا حتي لا تتمكن من الهرب…
هتف بها آسر : يلا ادخلي..
ابتلعت ريقها بخوف وهمست: انت شكلك طيب ومش وش اذيه وهتسبني اروح صح.. وانا احلفلك اني معدتش اسرق تاني.. حرمت والله..
ابتسامه ساخره شقت جانب وجهه فهمس: قالوا للحرامي احلف..
زفرت بيأس وتلفتت بعيونها عن مخرج لكنه قاطع تفكيرها وكأن ادرك ما يدور بداخل عقلها : انصحك بلاش تحاولي.. لأنك مش هتقدري تهربي..
وهي فعلا لن تتمكن من الهرب هذه المره فهبطت الدموع من وجنتيها بعجز واحست ان تلك هي نهايتها..
دخلت لتلمح من بعيد نفس السيده التي قابلتها من ايام تجلس وهي تفرك كلتا كفيها بتوتر بالغ وعيون مترقبه.. عيون مشتاقه.. عيون باكيه…
أقترب آسر من منال الجالسه بترقب وجسدها وكل انشا بها يرتعش..
ومعه زهره التي استسلمت لقدرها
لكن قبل ان ينطق آسر.. رفعت منال اليهم ناظريها وكأنها احست بأبنتها.. احست برائحتها ودقات قلبها.. فهي في النهايه قطعة منها.. فكيف لا تشعر بها اذا كانت قريبه منها ؟؟!!!
واحست منال بأن الكون كله توقف وفقط زهره هي من تراها..
وقفت منال ببطئ ينم عن عمق احساسها وفرحتها برؤيتها مجددا امامها وعيونها المشتاقه معلقه بها كأنها تريد تخبئتها داخل جفونها واقفالهم عليها حتي لا تضيع منها مره اخري…
وزهره كانت مذهوله من رد فعل تلك السيده فهي لم تصرخ او تغضب بل بكت واللهفه في عيونها كانت واضحه وضوح الشمس المشرقه من المشرق..
أقتربت منال منها وهي لا تدري اتبتسم ام تصرخ وتبكي لتعبر عما في قلبها من جراح عميقه تركه بعد زهره عنها.. حتي اهلك قلبها واضناه…
وقفت منال امامها وبرفق رفعت اناملها الي وجه زهره تتلمسه بحنين وشوق..
زهره التي لم تبكي في حياتها بكت بسبب تلك الغريبه التي لا تفهم سبب تصرفها هذا حتي الان
همست منال بأشتياق وكفيها تحتضن وجه زهره بحنان وعاطفه اموميه جياشه: وحشتيني اووي.. اووووي
قالتها وما هي ثوان حتي ضمت زهره الي احضانها بعمق تشهق وتبكي وتتأوه من الم قلبها…
وزهره قطبت حاجبيه بعدم فهم ولكن قلبها الحائر أحس براحه كبيره وهو بين احضان تلك السيده فوجدت عيونها تنغلق بسلام وذراعيها يستجيب لدفئ حضنها فيلتفا حول خصر منال…
ومنال قربت انفها من خصلات شعر زهره القصير تشتمهم بعمق وهي تتأوه بمراره وبكاء تأوهاتها تقطع نياط قلب كل من يسمعها..
فتلك هي الام التي فقدت ابنتها منذ سنين.. لم تراها ولم تذق حلاوة ان تكبر امام عيونها..
اي عقاب اكبر من هذا… اي قسوة أكثر من تلك..
فهمست بتأوه: آآآآآه يا بنتي.. آآآه
كل هذا وآسر يراقب ما يحدث بصمت وزهره ساكنه بين احضانها نست كل الدنيا حولها وتاهت لعالم اخر.. عالم تشعر فيها بكل حب وامان.. عالم انساها لوهله كل العذاب التي تحملته..
لكن كل هذا تدثر عندما هتفت نوران التي اتت لتوها من الخارج مع اخيها سليم : هو اللي بيحصل هنا..
ابتعدت منال عن زهره وهي تمسح دموعها وتوجهت نحو نوران ووقفت امامها ثم بفرحه هتفت : تعالي… تعالي أعرفك بأختك…
ثم امسكتها من كفها وتوجهت نحو زهره التي كانت ملامح وجهها مصدومه وبشده .
أوقفتها منال امام زهره لتهمس وعيونها معلقه بزهره بأشتياق : دي اختك يا نوران… توأمك…زهره..
من الصدمه ابتسمت نوران بسخريه وعدم تصديق
ثم اقتربت من زهره ونظرت اليها بقرف لتهمس بغل وعدم تصديق: مستحيل طبعا.. اصدق.. ان الجربوعه دي اختي..
منال شذرا : نوررران..
فأكملت نوران: ماما انتي اكيد غلطانه مستحيل البنت دي تكون اختي..
لم تروق ل زهره تلك الكلمات فهتفت بغضب: بت انتي متقوليش عليا جربوعه.. وانت ملمتيش لسانك ده.. انا هوريكي الجربوعه دي هتعمل فيكي ايه.. وبعدين مين قالك اصلا ان انا عايزه اكون اختك…
ثم وجهت انظارها ل منال لوهله رقت ملامحها عندما نظرت لبؤبؤ عيونها لكن سرعان ما قطبت حاجبيها بغضب وهتفت ل منال: وانتي يا ست.. انا مش بنت حد.. انا ابويا وامي ماتوا من زمان…
وكادت تتركهم وتذهب لولا منال التي اسرعت ومنعتها من ذلك هاتفه : استني..
ثم تحركت واقتربت منها حتي وقفت امامها لتهتف: انتي بنتي.. قلبي ده
وشاورت علي قلبها: لا يمكن يكدب عليها.. عيوني اللي بكت اول ما شفتك لا يمكن تكون بتمثل.. حتي لهفتي عليكي.. كل ده مش ممكن يكون وهم.. انتي بنتي والله بنتي…
نوران : ماما.. انتي اكيد من كتر اشتياقك ليها عايزه اي واحده مكانها والسلام حتي لو كانت جربوعه من الشارع..
كادت زهره ترد علي تلك المتكبر لكن سبقتها منال وصفعتها بقوه علي خدها الايسر..
عندها تعلقت بهم انظار اسر وسليم المذهوله.. وكذلك زهره المندهشه مما حدث..
اما منال فندمت فهي في حياتها لم ترفع حتي اصبعا في وجه نوران فماذا حدث لها لتصفعها كفا بتلك القوه..
ونوران بغضب وفحيح هتفت: انا لا يمكن ابدا اقبل ان واحده زي دي تكون اختي..
ثم تركتها وذهبت خارج الفيلا متجاهله نداء منال عليها ..
اما سليم فأقترب من والدته وهمس بعتاب: مكنش صح ابدا اللي حضرتك عملتيه يا امي.. ثم تركها ايضا وذهب خلف نوران ليحاول تهدئتها قليلا..
اما آسر بعد ان تنهد بضيق اقترب من خالته التي حقا تشعر بفظاعة فعلتها وقال: رغم ان نوران غلطانه في االي قالته.. بس انا بديها كل الحق وكمان مقتنع ان دي
وشاور علي زهره : لا يمكن تكون بنتك…
ثم تركها وذهب ايضا
………..
نهض من نومه مفزوعا وهي يصرخ بأسمها وتسللت حبات العرق من علي جبينه
فتلفت حوله يتأكد ان ليس هناك شيئا مما رآه في حلمه…لا بل انه كابوس.. مسح علي رأسه وهو يزفر بقلق..
وعلي الفور امسك بهاتفه الموضوع علي الكومود واتصل بها من رقمه الاخر والذي لا تعرفه هي..
علي الجانب الاخر..
كانت هنا تستلقي علي سرير وهي تشعر بصداع رهيب يكاد يفتك برأسها ويحطمه الي شظايا… عندما سمعت رنين هاتفها الهزاز الموضوع علي الكومود بجوارها..
فألتقطته ونظرت لشاشة الهاتف لتجد انه رقم مجهول..
فقطبت حاجبيها بدهشه واجابت: الو..
لكن لم يأتيها رد..
فقررت كلامها بنفاذ صبر: الو..
وايضا لم يجيبها احد فأقفلت الخط في وجهه…
وهو تنهد براحه كبيره عندما سمع صوتها..
فمنذ قليل رواده كابوس مزعج اقلقه عليها…
فأخذ كوب الماء من علي الكومود وأرتشف منه بهدوء ثم نهض من علي السرير وتوجه ناحية الاريكه وجلس عليها وهو يزفر براحه ثم اخذ اللابتوب خاصته من علي الطاوله امامه ووضعها علي ساقيها وفتحه علي صورها التي تسكن شاشته..
واخذ يتطلع للصور واحده تلو الاخري…
وهو يشعر بألم في قلبه فهو لم يكن يريد ان يتعامل معها بتلك القسوه فهي حبيبته ومليكة فؤاده.. لكن كان لا بد من هذا فهنا حبيبته لن تقوي شخصيتها الهشه تلك إلا بأبتعاده عنها..
همس بأبتسامه عاشقه امام احدي الصور التي التقطها لها يوما: انتي كل حاجه في حياتي يا هنا.. سامحيني لان كنت لازم اعمل كده عشانك.. كرم الجندي كان لازم يبعد عشان هنا ابو حجر تتغير… بس كرم الجندي بيحب هنا ابو حجر بجنون…
ثم اقفل اللابتوب ودخل للحمام الملحق بغرفته ليتوضئ
خرج بعد قليل من الحمام ليفترش سجادة الصلاه ويصلي ركعتين ثم يدعو للخالق بخشوع عل ذلك يهدئ من روع قلبه وشدة قلقه…
بعد ساعه… خرج كرم الجندي من باب الفيلا وهو يرتدي تيشرت بيج وبنطال جينس اسود ومعه مفاتيح السياره الخاصه بأخيه آسر فهو تسلل منذ قليل لغرفته واخذ المفاتيح من درج مكتبه.. فوالده قد اخذ منه السياره في آخر مره عقابا له…
اقترب من السياره وتلفت بهدوء خلفه ليتأكد من عدم وجود احدهم بعدها فتح باب السياره واستقر بجسده خلف المقود ثم انطلق بالسياره نحو بوابة الفيلا الضخمه..
لم يطلق الزامور خفية من استيقاظ احدهم ..
فتدلي من السياره وتوجه ناحية البوابه الضخمه ليفتحها هو بنفسه دون مساعدة البواب..
بعد قليل خرج بسيارته ليوقفها امام البوابه ويتدلي منها للمره الثانيه ثم يغلق البوابه كما فتحها وبعدها يعود للسياره ويستقر بجسده خلف المقود ثم ينطلق بها بسرعه رهيبه..
لم يلاحظ كرم اخيه آسر الواقف في شرفة غرفة نومه ويراقب كل ما فعله كرم بهدوء وصمت..
فآسر قد شعر به وهو يتسلل لغرفة نومه ورآه وهو يأخذ مفاتبح سيارته من درج المكتب لكنه لم يتحدق واوهمه بأنه نائم…
همس آسر بقلق: يا تري يا كرم متسحب زي الحراميه كده و رايح فين …
…………….
اوصلها وليد بسيارته امام بوابة فيلاتها..
وهتف : بيبي هتوحشيني اووي..
سلمي بأبتسامه حب: كلمني اول ما توصل البيت.. اوكيه…
وليد: اوكيه..
ابتسمت له وهي تفتح باب السياره لتتدلي منه..
اوقفها هامسا :استني..
بالفعل توقفت وهي تنظر له بأندهاش فأبتسم له وهو يحتضن كفها بين كفيه ثم يميل بفه ويلثم باطن كفها بحب…
عندها تسري قشعريره خفيفه في اوصال جسدها آثر قبلته الدافئه وبأرتباك تترجل من السياره وتودعه بوجنتين محمرتين من الخجل…
بعد ان اختفت من امامه..
ابتسم بمكر وهو ينطلق بسيارته..
…….
توقف كرم بالسياره امام فيلا هنا ابو حجر.. لكن من علي الناحيه الاخري من الطريق..
وعندما جال ببصره لمح نور غرفتها التي مازال مضاءا اذا هي لم تنم بعد..
ظل مترقبا اما الفيلا يتمني لو تخرج لشرفة غرفتها فيراها وعندها تطمئن نبضات قلبه القلقه عليها…
مرت ساعه كاد ان يذهب لكنه توقف عندما لمحها تخرج من بتب الفيلا..
فركز بصره عليها بقلق..
ظل يراقبها وهو يراها تتلفت حولها بأرتياب ثم اوقفت تاكسي وانطلق بها وهو ايضا انطلق بسيارته خلف التاكسي علي الفور..
داخل التاكسي كانت هنا تشعر بألم فظيع يسري في كامل جسدها وصداع رهيب يفتك برأسها..لذا هي طلبت من السائق ان يوصلها لأقرب صيدليه من هنا فالوقت متأخر والخدم في الفيلا قد ناموا وهي لم ترد إزعاجهم فآثرت ان تخرج بنفسها وتجلب اي مسكن من الصيدليه لهذا الالم التي تشعر به.. ومن شدة آلمها لم تدرك ان الوقت قد تأخر وووو…
…………………….

يتبع….

الفصل العشرون

توقف بها السائق امام احدي الصدليات..
فترجلت منها وهي تترنح من شدة الصداع الذي يفتك برأسها ولم تعد تري امامها سوي بصيص..
تحدثت الي السائق قائله بخفوت:.ممكن تستناني لما اطلع من الصيدليه..
السائق بهدوء: حاضر بس متتأخريش..
وبخطوات بطيئه متعثره ذهبت تجاه الصيدليه..
توغلت للداخل وطلبت من الضيدلي الواقف بها ان يعطيها اقراص مسكنه للصداع..
امام الصيدليه..
تأفف السائق من طول انتظاره فالفتاه تأخرت في الداخل..
آتاه اتصال من قريبا له فأجاب السائق علي الهاتف..
اخبره المتصل بأن زوجته قد أتي لها طلق الولاده وانهم سينقلوها للمشفي بأسرع وقت وعليه ان يأتي سريعا..
من فوره اقفل الهاتف وانطلق بالسياره نحو عنوان المشفي الذي اخبره عنه قريبه وهو شديد القلق علي زوجته التي ستلد له اول مولود له…
لم يكن يشغله سوي امر زوجته ولم يأتي في باله هنا التي طلبت منه ان ينتظرها..
والواقف بالسياره بعيد قطب حاجبيه بعدم فهم وهو يري السائق يغادر دون ان يقل هنا معه..
وما هي إلا ثوان حتي خرجت هنا
كانت في قمة تعبها ظلت تتلفت بعيونها الشبه مقفوله علي ذاك السائق.. لكنها لم تجده..
فوقفت تائهه لا تدرك ما ستفعله..
فتحركت تمشي ببطئ وهي تترنح من التعب والصداع تبحث عن تاكسي يقلها..
وهو كان يسير خلفها ببطئ شديد دون سيارته..
تعثرت بدل المره مئه وكادت تقع لكنها في اخر لحظه كانت تتماسك فلا تفقد توازنها..
وفي كل مره كانت تتعثر بها كان قلبه ينخلع من الخوف عليها.. يريددان يذهب اليها يكون بجوارها يخبرها انه لم يتخلي عنها إلا لاجلها هي.. لكن في النهايه هو اتخذ قراره وعليه ان يسير فيه حتي النهايه…
ظل يتتبعها وهو يكاد يموت رعبا عليها..
وفجأه توقف عن السير عندما وجدها تتوقف هي الاخري وتضع يدها علي جبينها وهي تشعر بدوار فتك بجسدها..
وكادت تسقط لولاه هو فقد تلقفها بين يديه قبل ان يلامس جسدها الارض.. ووقعت بين احضانه فاقده تماما للوعي….
…………….
في فيلا مروان الدمنهوري..
جميع غرف النوم مغلفه بالظلام عدا غرفتي نداء و سلمي..
فهما ما زالتا مستيقظتان فقد زهد النوم جفونهما…
في غرفة نداء..
هي لم تنم حتي الان فكيف يأتيها النوم وهي تفكر في أمر غالب.. غالب حبها وجحيمها في نفس الوقت..
نزلت دموعها علي وجنتيها وهي تتذكر كلماته القاسيه لها..
لكن هي في النهايه تحبه وستقف بجانبه في تلك المحنه حتي يتخطاها.. هي ابدا لن تكون سعيده وهي تري حزنه بسبب مرض والدته.. ولكن كل ما تستطيع فعله هو ان تشاركه ذلك الحزن.. ولو بيدها لانتزعت كل حزنه وابدلته بكل سعادتها..
زفزت بأنهاك ونهضت عن السرير ثم توجهت نحو الحمام لتتوضأ..
بعد نصف ساعه كانت تنهي الصلاه ورفعت يديها للسماء تدعو بأن يسعد الله قلب غالب فهو ان كان سعيد كانت هي في قمة سعادتها وان كان حزين كانت هي في قمة حزنها…
في غرفة سلمي..
لم يداعب النوم جفونها لانها منذ ثلاث ساعات وحتي الان تحدث وليد علي الهاتف..
كانت تستلقي علي ظهرها ووجها للسقف وهي تمسك بهاتفها الايفون..
وابتسامتها البلهاء تغلف قسمات وجهها وهي تسمع كلمات العشق وهو يرويها بها…
وليد: انا بحبك وبموت فيكي ومش قاادر اتحمل الساعات اللي بتفرقنا دي.. امتي بقي النهار يطلع عشان اشوفك ادامي..
احمرت وجنتيها خجلا وهمست بخفوت: وانا كمان..
وصمتت..
وليد بخبث : وانتي كمان ايه.. قوليها يا سلمي نفسي اسمعها منك..
سلمي وهي تتقلب علي جنبها الايسر : انا…
وليد: انتي ايه؟؟؟!!
فتحدثت بوجنتين مخضبتين بالحمره كحبتي من الفرواله الناضجه : انا كمان بحبك..
وليد بتأوه: يااااااه… اخيررررا قولتيها..
وعلي آثر هذا ابتسمت سلمي بخجل…
………..
في فيلا آل الزهار..
تحدثت زهره بغضب: يا ست هانم انا مش بنتك.. سيبني امشي انا مش عايزه اسببلك مشاكل مع ولادك…
منال وهي تنظر لزهره بأشتياق : انتي بردوا من اولادي.. انتي بنتي والله العظيم انتي بنتي لو الدنيا دي كلها حلفتلي بغير كده مش هصدقهم واكدب احساسي..
يا بنتي انا مصدقت لقيتك ..وان كان علي نوران وسليم انا هتفاهم معاهم.. بس ارجوكي بلاش تقولي كلمة همشي دي تاني.. دلوقتي ده بقي بيتك واحنا عايلتك.. حد بيعيش بعيد عن عيلته….
كادت ان تدمع عيون زهره فهذا الحنان لم تعتاده ابدا.. وهذا الحب الذي تراه في عيون تلك السيده لم تشعر به قبلا…
فلانت ملامحها واستسلمت لحضنها الذي يشعرها حقا بالدفئ والامان…
وقررت في تلك اللحظه ان ترمي الماضي بكل احزانه خلف ظهرها وتعيش تلك الحياه التي طالما حُلمت بها منذ طفولتها..
ستدع نفسها تتذوق كلمه امي التي تمنت دوما ان تقولها…
واخواتها هم لا يطيقونها وهذا ما احست به منهم.. لكن يكفيها ان يكوم لديها اخوه.. فهذا ما تمنته يوما…
وها هو القدر يحقق كل احلامها…
فتنهدت براحه وشددت من احتضان والدتها.. نعم من الان ستناديها ماما…
ابتعدت عنها منال قليلا وهي تبتسم لها بحنان وهمست: تعالي معايا اوريكي اوضتك.. قلبي كان حاسس انك هتيجي هنا قريب عشان كده جهزتلك اوضتك ووضبتلك فيها كل حاجه…
كانت تقولها بلوعة الام وفرحتها
بسطت منال كفها امام زهره وهمست: تعالي متخافيش..
وبدموع تلألأت من جفني زهره.. وضعت كفها داخل راحة كف السيده منال…
وصعدت معها للاعلي..
ظلت زهره تحدق في الغرفه بعيون فرحه… مذهوله..
وبفرحه وعدم تصديق هتفت:كل دي هتكون اوضتي..
أومأت لها منال بأبتسامه..
فغردت عيون زهره من الفرحه.. وضغطت علي شفتيها بسعاده طاغيه..
منال لزهره : ده الحمام ادخلي خدي شور وانا هجزلك هدوم تلبسيها…
زهره بعدم فهم: هاا.. ايه الشور ده..
امسكت منال بكفها بهدوء وتوجهت بها نحو الحمام..
بداخل الحمام..
منال: بصي يا ستي دي بانيو واللي فوق ده دش بتفتحيه كده عشان تقفي تحتيه وتشطفي.. او ممكن تملي البانيو بالميه وتحطي فيه كل شامبوهات الجسم اللي انتي عايزاها.. وبعدين تشطفي فيه.. انا جبتلك من نفس انواع الشاور جيل والشامبوهات اللي اختك بتستخدمهم…..
زهره بحرج: طب لا مؤاخذه يعني في السؤال.. هو الدش ده بيتفتح ازاي؟؟؟
ابتسمت لها منال وهتفت: هوريكي…
وتوجهت ناحيه الدش وعلمتها كيف تستخدمه اي كيف تفتحه وتغلقه؟؟؟.
منال بأبتسامه حنون : هااا.. اي سؤال تاني قبل ما اطلع..
زهره: لأ.. تشكري…
ثم خرجت منال واقفلت خلفها باب الحمام..
وزهره اتسعت ابتسامتها وهي تري كل تلك الفخامه من حولها والي لم تكن تحلم يوما بها…
اما منال فأخرجت هاتفها واتصلت ب سليم..
وعندما اجاب..
منال بقلق: سليم انت فين دلوقتي…
سليم: في النادي..
منال: نوران معاك..
سليم وهو ينظر ل نوران الجالسه امامه بأرتباك..
نوران وقد فهمت من ملامحه ان والدتها هي التي تهاتفه..
فهمست : لو ماما.. متقولهاش ان انا معاك…
منال وقد احست بصمت سليم وارتباكه: معاك صح.. بس هي بتقولك قولها انها مش معاك.. سليم ارجوك اتكلم معاها وحاول ترجعها البيت… انا قلقانه اووي عليكم ..
سليم: حاضر يا امي.. هتكلم معاها وهفهمها..
منال بتلهف: طيب انا هفضل سهرانه لحد ما ترجعوا… اوعي تتأخر يا سليم..
سليم : حاضر يا امي..حاضر
وبعد ان اقفل الخط..
نوران بغضب: ليه قولتلها اني معاك..
سليم: اهدي بس.. ماما كانت متأكده انك معايا من غير ما اقولها.. واكيد انتي فهمتي هي اتصلت ليه…
نهضت سلمي وهتفت بضيق وعصبيه: مش هرجع الفيلا يا سليم طول ما الجربوعه دي هناك.. فمتحاولش معايا ..
سليم وهو يتلفت بحرج لنظرات الناس التي تنبهت لصوت نوران العالي..
فتحدث بحرج: نوران اهدي الناس بتبص علينا.. ممكن تقعدي عشان نعرف نتكلم بهدوء..
فزفرت بضيق وهي تعاود الجلوس..
كتفت ذراعيها امام صدرها بضجر وهتفت: ادخل في الموضوع علطول يا سليم…
……………………………………
ظل يخبط علي وجنتيها برفق لكنها لم تفق…
فحملها بين يديه وتوجه بها نحو سيارته.. وضعها برفق علي المقعد الخلفي ثم اخذ مكانه خلف مقود السياره وانطلق بها نحو اقرب مشفي..
ولكن أثناء الطريق…
بدأت تستفيق وهي تغمغم بكلمات غير مفهومه..
مما جعله يوقف السياره علي جانب الطريق.. وترجل من السياره نحو المقعد الخلفي فتح باب السياره واقترب منها هامسا بقلق: هنا.. انتي سامعاني… هنا.. هنا
لكنها لم تجيبه وفي نفس الوقت كانت تتأوه من الصداع وهي تضع يدها علي جبينها…
اقفل باب السياره وعاد لمكانه خلف المقود ولكنه غير مسار السياره تجاه فيلا هنا ابو حجر…
بعد قليل..
اوقف سيارته امام بوابة الفيلا الضخمه ..
وظل يطلق زامور سيارته حتي استيقظ حارس البوابه..
ولانه يعرفه فهو كان يراه وهو يوصل هنا امام الفيلا.. علي الفور فتح له البوابه علي مصرعيها….
توغل كرم بالسياره للداخل حتي اوقفها امام الفيلا..
ترجل منها وتوجه ناحية هنا وجدها لا تزال تتأوه من الصداع وهي فاقده وعيها بما يدور حولها..
فحملها بين ذراعيه
وأمر الحارس بصرامه بأن يدق له جرس الفيلا…
قبلا كان اهل الفيلا قد استيقظوا علي آثر زامور السياره المزعج الذي اطلقه كرم منذ قليل ..
فعلي الفور توجهت الخادمه نحو باب الفيلا لتفتحه فتصدم برؤية احدهم وهو يحمل هنا بين ذراعيه فتتراجع للوارء بصدمه وهي تهتف: ست هنا…
ويتوغل كرم للداخل واثناء ذلك كانت رضوي ووالدتها تهبط درجات السلم وهم يتساءلون بقلق عن سبب ذلك الازعاج..
وصُدمت الاثنتان عندما رأو كرم وهو يحمل هنا بين احضانه..
فأقتربت رضوي منه بحاجبين مقطبين وهمست: في ايه يا كرم ..وليه شايلها كده…
نظر لها كرم بغضب ثم هتف متجاهلا سؤالها:
فين اوضة هنا…
نظرت له بغضب وقلبها يغلي من الغيره.. لم تهتم بحالة اختها.. بل كل ما اهتمت به هو كرم الذي يحملها بين احضانه وهي قريبة منه كل هذا القرب…
فهدر بصوت زاعق: فين اوضة هنا..
فأقتربت منه والدة رضوي وهتفت بخضوع: فوق تاني اوضه علي ايدك اليمين…
ولم تكد تكمل جملتها حتي تركهم وصعد لاعلي…
ورضوي كانت تتابعه وقلبها يغلي من الغيظ..
وصل بها كرم امام الغرفه المقصوده.. دفع الباب برفق..
وتوغل للداخل حتي اقترب من السرير وبهدوء ورفق وضعها عليه ودثرها جيدا اسفل الغطاء….
آسرته ملامحها المنهكه للحظه فظل يتطلع اليها وهو بهذا القرب منها…
وفجأه فتحت جفنيها تطلعت اليه لوهله ثم غابت مره اخري عن الوعي…
وهو استقام بجذعه وتوجه نحو نافذة غرفتها المفتوح واقفله واسدل ستائره… فهو يخشي عليها من برودة الجو..
اطفئ انوار الغرفه واقفل الباب خلفه وهبط بهدوء للأسفل..
وعندما لمحته رضوي اقتربت منه حتي وقفت امامه وهتفت بغيظ: ممكن اعرف ايه اللي بيحصل..
نظر لها بجمود وهتف: لما هنا تفوق اوعي تقوليلها ان انا اللي جبتها الفيلا..
هكذا قالها ببرود وغادر دون ان ينطق بكلمه اضافيه…
اما رضوي فغلت اوداجها غضبا..
لكن ما قاله كرم صحيح ف هنا لا يجب ان تعرف بأن كرم هو من اوصلها الي هنا…
ثم أمرت الواقفين بحزم: اللي حصل النهارده ده.. محدش يجيب سيرته لحد.. وخصوصا هنا.. سامعين..
ليجيب الحارس والخادمه بخضوع: حاضر يا هانم…
ثم ذهب الحارس لمكانه والخادمه اقفلت باب الفيلا وذهبت لغرفة نومهاا…
واقتربت منها والدتها هاتفه بعدم فهم: في ايه يا رضوي. .ليه مش عايزه هنا تعرف بان كرم هو اللي وصلها..
رضوي بحقد: عشان عايزاهم يتفرقوا.. مش عايزاهم يرجعوا لبعض تاني ياماما…
ثم احتضنت والدتها وبكت علي كتفها وهي تهمس بوجع: عايزه هنا تبعد عن كرم.. ولما تبعد عنه.. هيحس بيا ويعرف اني بحبه اكار منها…
ثم تساقطت دموعها وهي تدرك بقلبها ان كرم يكن ل هنا عشقا… تمنته ان يكون لها هي …هي وفقط …
وفي تلك اللحظه كرهت هنا أكثر من قبل… فهي تعتقد ان هنا هي الحاجز بينها وبين كرم
…………………………….
بعد مرور يومين..
اليوم هو الذي سيُعقد فيه قران غالب ونداء ..
خلال اليومين السابقين سافرت والدة غالب لأجراء العمليه في الخارج بصحبة زوجها حاتم الدمنهوري ورغم اصرار غالب علي الذهاب معهم. .
إلا ان فاطمه(والدته) رفضت ذلك رفضا قاطعا وصممت علي ان يعقد قرانه علي نداء في اليوم الذي حددته حتي وان كان هذا اليوم هو موعد اجراء عمليتها.
وطلبت من مروان ان يصور لها عقد القران بث مباشر لكي تراه وهي ترقد علي السرير الابيض لا حول لها ولا قوه…
وقد وافق مروان علي ذلك وبذلك تكون حاضره غائبه لعقد القران.. وتري ابنها في تلك اللحظه التي لطالما تمنت ان تراها قبل ان يأخذ الله امانته…
….
غالب سيفعل كل ذلك فقط لأجل والدته الغاليه.. ان كان عليه فهو حتي لا يطيق رؤية تلك النداء..
….
نداء تشعر بقلق شديد وتوتر اعظم..ودقات قلبها تتسارع برعب وخوف… وأكثر منه عدم راحه واطمئنان.. فمنذ الامس وقلبها ينقبض بخوف وفزع ولا تعلم لماذا ؟؟!!!
سمعت همس والدها الوقف عن مدخل الغرفه حيث الباب الموارب وهو يقول : ممكن ادخل..
ابتسمت نداء بهدوء وهي تقول: يا خبر يا بابا.. اتفضل طبعا…
……..
كانت والدة نداء تشرف علي استعدادت الحفله الخاصه بعقد القران… رغم انها حفله صغيره وذلك نظرا لظروف فاطمه الصحيه إلا انها تحتاج الي تجهيزات شاقه…
وأثناء ذلك توقفت وهي تتذكر سلمي التي تأخرت كثير في الحضور.. ..ففي الصباح لم تكن راضيه عن خروجها لو وعد سلمي لها بأنها لن تتأخر…
والآن اقترب موعد عقد القران وهي لم تأتي بعد…
فأتصلت بها..
وبمجرد ان اجابت سلمي علي الهاتف..
نهرتها الام هاتفه بغضب: انتي فين يا سلمي لحد دلوقتي.. مش وعدتيني انك هتيجي بدري..
سلمي بأنزعاج: اهدي بس يا ماما…
الام بغضب : مفيش اهدي.. انتي دلوقتي تسيبي اللي في ايدك وتيجي علي هنا فورا…
سلمي بضيق: ماما مش هينفع وبعدين هو حضوري هيعمل ايه يعني.. وبعدين بقي انا مش عايزه احضر الجوازه دي… واظن ان انا حره… سلام..
وكادت ان تتحدث الام لكن سلمي قد اقفلت الخط…
حاولت ان تتصل بها مره اخري ولكن سلمي قد اقفلت الخط في ووجهها…
فزفرت الام بضيق وغضب….
……………….
في النادي حيث كانت سلمي تجلس علي اخدي الطاولات وهي بأنتظار احدهم…
رن هاتفها للمره الثالثه.. كادت تغلق الخط لولا ان لمحت اسمه الذي زين هانفها فأجابت عليه بلهفه..
سلمي: ايوه يا وليد انت فين.. انا مستنياك من بدري..
وليد: كنتي بتكلمي مين.. انا رنيت عليكي بس عطاني انتظار…
سلمي: دي ماما.. قولي بقي
هتيجي امتي؟؟؟
وليد: سوري يا سلمي مش هقدر اجي لاني تعبان جدا…
سلمي وقد قطبت حاجبيها بقلق:خير يا حبيبي فيك ايه..
وليد بزيف: حاسس اني مش قادر امشي وكمان حتي مش قادر اتكلم بس كلمتك بالعافيه عشان اطمنك عليا…
سلمي بخوف: انت فين يا وليد انا جايالك حالا..
وليد وهو يتصنع التعب ويسعل بزيف: كح كح… مفيش داعي يا سلمي ا
قاطعته سلمي: وليد انا هاجيلك يعني هاجيلك. قولي انت فين بقي..
ابتسم وليد بمكر وهو يخبرها بالعنوان….
بعد ساعه..
كانت سلمي تقف امام شقة وليد وهي تدق الجرس …
فتح لها وليد باب الشقه وهو سعل ويتصنع التعب..
فأقتربت منه بقلق وهمست: وليد مالك اجيبلك دكتور..
وليد بخفوت:.لا لا مفيش داعي.. انا طالما شفتك هبقي كويس..
واقتربت منه تسنده حتي اجلسته علي اقرب اريكه وجلست بجواره…
وبعد لحظات احست بأرتجافه فهمست بقلق: مالك يا وليد..
وليد وهي يرتجف: حاسس ببرد فظيع… متلج جسمي…
فهتفت سلمي : فين اوضة النوم عشان اجيبلك غطا تتغطي بيه..
وشاور لها بلؤم لمكان الغرفه..
فنهضت علي الفور وتوجهت نحوها…
وهو نهض وابتسم بمكر ثم تبعها..
كانت سلمي تنزع له الاغطيه من علي السرير عندما احست به يقف خلفها…
ففزعت بخضه وهي تراه يقف امامها….
سلمي بعدم فهم: في ايه يا وليد…
وليد بأبتسامه: بحبك…
وكلمته تلك كانت كالمغناطيس المنوم لها.. وعندما لاحظ تأثيره عليها اقترب منها وهو يبتسم بلؤم..
…….
في نفس اللحظه..
في فيلا مروان الدمنهوري..
كان غالب يجلس علي الاريكه وامامه تجلس نداء وفي الوسط يجلس المأذون وبجوار المأذون من ناحية نداء يجلس مروان وعلي الجانب الاخر يجلس الشاهد الثاني علي عقد القران..
وفاطمه كانت تبكي بأنهيار وهي تشاهد علي البث المباشر امامها علي شاشة العرض عقد قران ابنها..
وعلي الكرسب المجاور لها يجلس حاتم الذي يشعر بقلق عظيم لاجلها.. فالاطباء قالوا له منذ قليل ان حالتها غير مستقره ومتأخره جدا… وهذا اصابه بخيبة امل…
وأحست فاطمه بأن ملك الموت اني ليقبض روحها فتكون تلك هي اللحظات الاخير في عمرها وعلي الفور امسكت بكف زوجها فتنبه لها وفُزع عندما رآها تأخذ انفاسها بصعوبه بالغه..
فنهض عن الكرسي وهتف بفزع: فاطمه.. مالك يا فاطمه…
فاطمه بخفوت وهي تلتقط انفاسها بصعوبه: حاتم.. حاتم..
حاتم بدموع: ايوه يا فاطمه..
لتكمل فاطمه بتعب: خلي بالك من غالب.. انا واثقه ان هيحب نداء وان نداء هي الوحيده اللي هتقدر تسعده علشان كده صممت انه يتجوزها.. عشان اموت وانا مرتاحه… ارجوك خلي بالك منه دي وصيتي ليك يا حاتم..
لتصعد بعدها روحها الطاهره الي خالقها بعد ان اضناها المرض واهلك صحتها..
لينهار حاتم ببكاء مفجع… وهو يقبل باطن كفها بوجع.. وحرقه…
…………………….. ……….
بعد مرور ساعات
نهضت سلمي بفزع بعد ان ادركت ما حدث..
فهي قد أخطأت خطأ عمرها عندما طاوعته علي ذلك…
فصرخت بصدمه ودقات قلبها تتقافز برعب…
وعلي الفور غطت جسدها العاري بملاءة السرير ولملمت ملابسها الملقاه علي الارض بعبث وتوجهت نحو الحمام ودموع الحسره والندم تنهمر علي وجنتيها..
اما وليد فنهض عن السرير وتوجه نحو النافذه بصدره العاري.. ووضع سيجار بين شفاهه واخذ ينفث دخانه لاعلي وهو يبتسم بلؤم وانتصار في نفس الوقت.. وبعدها اخذ يقهق بصوت عالي كأسد أنتصر علي فريسته..
بعد قليل خرجت سلمي من الحمام وهي تطأطأ رأسها بأنكسار
توجهت نحو غرفة النوم وتطلعت اليه بحزن وانكسار….
وهو تطلع اليها بثبات وانتصار..
حيث كان يجلس علي الاريكه وهو يضع ساقا فوق الاخري بغرور وتملك..
وقبل ان تخرج من الغرفه استوقفها هاتفا : استني ..
فتوقفت وفي عيونها الكثير من الدموع…
نهض واقترب منها ثم مد يده امامها بحقيبة يدها التي اتت بها هامسا بتعالي: شنطتك…
نظرت اليه بأستحقار وانتشلت منه الحقيبه وعلي الفور خرجت من شقته بخطوات راكضه وهي تكره نفسها التي طاوعتها لفعل تلك الجريمه الشنعاء…
……. ……………………….
انتهي عقد القران..
واصبحت نداء زوجه لغالب الدمنهوري شرعا وقانونا..
وما مرت ثواني حتي رن هاتفه..
فأجاب عليه..
وبعد ان سمع الخبر من ابيه عن امه
وقع الهاتف من يديه علي الارض بصدمه..
فتنبه الجميع اليه وقطبوا حاجبيهم بعدم فهم..
اقترب مروان من غالب الذي كان يقف متسمرا في مكانه بصدمه وينظر لنقطة ما في الفراغ..
مروان: غالب في ايه… ؟!!!
وانقبض فؤاد نداء وهي تري غالب بتلك الحاله…
………..
اما سلمي فتوقفت بالسياره..
عند قمه جبليه ترجلت من السياره واقتربت من حافة الجبل المرتفع…
……………….

يتبع….

الفصل الحادي والعشرون

أقتربت أكثر من مقدمة الجبل ووقفت برعب عند حافته نظرت للأسفل وليتها لم تنظر فقد زادت دقات قلبها خوفا عندما رأت انها بعد قليل ستسقط من اعلي ذلك الارتفاع الشاهق وسيصطدم جسدها الغض بقساوة الارض..
أغمضت عيونها واستنشقت اللحظه الاخير بحياتها قبل ان تودي بنفسها للهلاك…
وقبل ان تستسلم لشيطان عقلها..
سمعت صوت الآذان يدوي في كل ذرة هواء حولها..
كلمات اوقفتها عن الجريمه التي كانت سترتكبها في حق نفسها وربها…
(الله أكبر… الله أكبر )
حروف ايمانيه أزالت الغشاوه عن قلبها..
وعلي الفور أرتدّت للوراء وهي تلتقط أنفاسها بفزع وعلي آثر هذا بكت.. بكت كما لم تبكي من قبل..
وبالفعل هي لم تبكي في حياتها قبل هذا اليوم..
وليد المنياوي اليوم هو من تمكن من تهلل دموعها البائسه علي وجنتيها …ام ان شيئا في قلبها أيقظ وانار لب عقلها ..
انه الخوف من الله…
انه الخطأ في حق الله..
انه الندم…
جلست علي ركبتيها بأنهيار ودفنت وجهها خلف كفيها تبكي بتأوه.. تشعر ان احدهم أثقل قلبها بحجارة من نار…
الله حولنا يرعانا ويمنعنا من الخطأ ولكن نفوس البشر الدنيئه غفلت عن ذلك ونسيت ان الله يعلم ما في الصدور…
بعد ساعه ..
تحركت ببطئ نحو سيارتها..
ثم جلست علي المقعد الامامي خلف المقود مسحت دموعها.. وبعدها انطلقت بالسياره نحو الفيلا…
……….. …. …….
توقفت بالسياره امام الفيلا..
وعندما ترجلت أسرع اليها الحارس
وقال: ست سلمي البيه والهانم الكبيره والهانم الصغيره سافروا مع غالب باشا..
أومأت له وكأنها لا تسمعه ثم تركته وتحركت بخطوات متثاقله لداخل الفيلا..
صعدت درجات السلم ببطئ حتي وصلت لغرفتها..
أغلقت باب الغرفه خلفها بالمفتاح ثم تحركت نحو الحمام الملحق بغرفتها..
وأسفل دش المياه وقفت بملابسها كما هي …
لم تبالي بغزارة المياه المتساقطه.. هي تريد ان تتطهر ..تغتسل من ذنبها الاعظم.. تريد ان تمحي كل لمسة منه لجسدها.. حتي أذنيها تريد ان تنسيها كل كلامه المعسول الذي أوقعها في شباكه..
ظلت واقفه أسفل مياه الدش أكثر من نصف ساعه..
وبعد قليل خرجت من الحمام وتوجهت نحو خزانة ثيابها لتبدل ما أغرقته دموع حزنها…
كانت تبحث وسط ملابسها عن شيئا لكنها لم تجده..
فكيف تجده وهي عاشت كل حياتها لاهيه.. لا يهمها سوي مظهرها..
خرجت من غرفتها وتوجهت نحو غرفة أختها نداء..
فهي حتما ستجد ضالتها هناك
اقتربت من خزانة ملابس نداء..
وفور ان فتحت الخزانه وجدت منه العديد…
أبتسمت بنقاء وهي تتناول احدهم..
وعلي الفور ابدلت ثيابها الدنسه بذاك الثوب الطاهر انه اسدال فضفاض لا يظهر شيئا من مفاتن المرأه كثيابها هي..
فرق شاسع بين ثيابها وثياب اختها..
وهي التي لم تتوقع يوما ان ترتدي من ثياب أختها شيئا.. فلطالما كانت تسخر من نداء بل وتؤذيها بكلمات اقل ما يقال عنها انها كالسم في العسل ..
ولمحت من بعيد ذلك النور المضئ فأقتربت منه ووقفت امامه وتلمست باصابع يدها ملمسه انه طاهر ونقي كقلب نداء…
كتاب الله الذي لم تقربه يوما..
تلقفته بين احضانها وهي تتأوه بألم ودموع حارقه..
وعلي جانب الاريكه بعيدا لمحت سجادة الصلاه..
دخلت الي الحمام لتتوضأ لكنها لم تعرف كيف تتوضأ..
فهي لم تصلِ من قبل ولا تعرف كيف تتوضأ…
بكت وهي تعرف انها قصرت في حق ربها…
لكنها حاولت ان تتذكر أبيها وهو يعلمها خطوات الوضوء مذ كانت في سن العاشره من عمرها.. وأختها نداء عندما حاولت معها مرار وتكرار ولكنها كانت كالصنم لا تسمع ولا تستجيب..
وبعد وقت تمكنت من تذكر كلمات أبيها حول الوضوء والصلاه..
بعد ان تمكنت من الوضوء… افترشت سجادة الصلاه حيث القبله كما كانت تري نداء تصلي من قبل في نفس الزاويه..
وبدأت تصلي لكنها لم تعرف…. فهي حتي لا تحفظ آيه واحده من القرآن لكي تصلي بها..
فأنهارت تبكي وهي تقول بدموع:مهما حاولت ربنا مش هيسامحني.. مش هيسامحني ابدا… متحاوليش انتي خلاص بقيتي زانيه وتستحقي انك تموتي.. يا ريتني كنت موت نفسي وارتحت…
سلمي.. مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه..
كانت تلك هي امها الواقفه عند باب الغرفه الموارب..
تطلعت اليها سلمي بصدمه وفور ان رأتها أشاحت بوجهها وهي تمسح عنها دموعها..
اقتربت منها والدتها وهمست بقلق: مالك يا سلمي ايه اللي مضايقك يا بنتي…
سلمي بتماسك: مفيش يا ماما..البواب قالي انك سافرتي ايه اللي رجعك..
الام بحزن: انا مقدرتش اسافر واسيبك هنا لوحدك ..فرجعت عشانك…
ربتت الام علي كتفها بلهفه وقالت: سلمي.. مالك…
وما ان اتمت الام جملتها حتي ارتمت سلمي في احضانها تبكي وتتأوه من الوجع والحزن..والندم
……………………………………
بعد مرور أسبوع..
في فيلا حاتم الدمنهور..
رغم ان الحزن غلف أرجاء الفيلا منذ رحيل فاطمه إلا ان القلوب عاشت لكنها لم تنساها يوما..
والدليل غالب الذي لم يغادر غرفته منذ وفاة امه…
فقد أهلكه الحزن واضني قلبه.. وذبلت عيناه ونمت ذقنه بطريقه موحشه… وجسده القوي بات هزيلا تذروه الرياح…
حاتم هو مجبور قسرا علي الثبات والتماسك امام ولده.. حتي يسانده ليجتاز مرحلة حزنه علي والدته.. فهذا ما اوصته به فاطمه قبل مماتها وهو حتما سينفذ الوصيه..
لذا وقف امام باب غرفة غالب وخبط علي الباب بهدوء..
هو يعرف ان غالب لن يتكلم ما دام داخل قوقعة حزنه..
فلم يتوقع ان يأذن له بالدخول ففتح الباب ودخل هو.. ليجد المكان من حوله مظلما كسواد الليل..
زفر بحزن وقام بفتح انوار الغرفه..
ليلمح ابنه جالسا في زاوية الغرفه وهو يضم ساقيه الي صدره ويدفن وجهه بينهما بقتامه….
همس بحزن انهك قلبه وهو يري ابنه بتلك الحاله: غالب..
لكن غالب ظل كما هو…
أقترب منه وجلس علي ركبتيه امامه وبحزن رفع رأسه إليه بين راحتي كفه…
هامسا: غالب.. لأمتي يا ابني هتفضل كده
وكما توقع لم يجيبه غالب بل أشاح بوجهه عنه..
تنهد حاتم بحزن وهو يهتف: يا ابني حرام عليك انا قلبي مش متحمل يشوفك بالشكل ده.. كلنا هنموت.. لازم تؤمن بأن دي ارادة ربنا ومهما عملنا مكنش هنقدر نقف ادام قضاء ربنا..
وايضا لم يجيبه..
فأكمل حاتم بلهفة والد: عشان خاطري يا غالب سيب الحزن وارجع تاني لحياتك.. والدتك لو كانت عايشه وشافتك كده كانت هتحزن اووي… أرجع ليا يا غالب انا محتاجك جنبي يا ابني.. طيب***
.. وقطع كلامه صوت احدهم وهو يطرق الباب المفتوح علي مصرعه…
فنهض بيأس وتوجه ناحية الباب حيث تقف الخادمه..
خرج من الغرفه وأقفل الباب وهو يقول للخادمه امامه بحزم : في إيه..
الخادمه بخنوع : نداء هانم منتظره حضرتك في الريسبشن مع مروات بيه..
حاتم بهدوء: طيب انا نازل الوقتي…
في الريسبشن..
فور ان لمحت نداء عمها حاتم اسرعت اليه وهي تهتف بلهفه : طمني يا عمي غالب اخباره ايه الوقتي..
حاتم بحزن: زي ما هو.. كل يوم حالته بتسوء عن اليوم اللي قبله..
مروان الذي أتي مع ابنته: ان شاء الله ربنا يطمنا عليه يا حاتم
حاتم بأمل: ياااارب
نداء وقد قطع هذا نياط قلبها حزنا.. : طيب يا عمي ممكن أشوفه..
حاتم : ياااريت.. يمكن تقدري تخففي عنه الحزن ده..
وقفت نداء امام غرفة غالب وهي في غايه الحيره والارتباك لكنها تغلبت علي خوفها وطرقت باب الغرفه بهدوء..
لم يسمح لها بالدخول ورغم ذلك تشجعت ودخلت
وكم أوجعها قلبها وهي تراه هكذا.. جسدا بلا روح..
فهبطت الدموع علي وجنتيها…
أقتربت منه حتي وقفت أمامه وهمست بحزن : غالب…
وبمجرد ان سمع صوتها رفع رأسه وتطلع اليها بغضب وضيق…
وهي أكملت بدموع : غالب انت لازم تخرج من الحزن ده.. لو مش عشانك يبقي عشان والدك..
فأشاح وجهه عنها بغضب..
وهي لم تبالي وهتفت بقلب
مفجوع لحزنه : غالب انت لازم تكون فرحان. لان والدتك كده ارتاحت من الالم.. وراحت للي أحن عليها مني ومنك ومن اي حد.. ربنا عطانا أمانه واستردها.. يبقي ليه تعترض..
صمتت قليلا لتمسح دموعها ثم أكملت : أرجع تاني يا غالب… كلنا محتاجينك جنبنا..انا ..
صمتت قليلا ثم اكملت بأرتباك : انا أكتر واحده محتاجلك جنبي… و
توقفت كلماتها وهي تراه يقف امامها وينظر إليها بكل غضب الدنيا وكرهها..
أمسكها من مرفقيها بقوه آلمتها هامسا من بين اسنانه بكره:أنتي ليه جيتي هنا.. ليه..
همست بألم أخفته:.جيت عشانك..
غالب بغضب: وانا مش عايزك.. اخرجي من حياتي بقي..
قالها وهو يزيحها بقوه حتي سقطت علي الارض..
فتأوهت وهي وهي تمسك مكان قبضته
ورغم هذا لم يرحمها
وأقترب منها ثم أمسكها مره اخره من مرفقها بقوه أكبر من سابقتها وبغضب أجبرها علي السير حتي باب الغرفه وبكل قسوه رماها امام الباب وهو يقول : مش عايز اشوف وشك تاني انتي فاهمه.. كفايه انك كنتي السبب في ان امي تموت وانا بعيد عنها..
وبعدها اقفل الباب في وجهها بعنف…
……………….. ………….
في النادي..
ظلت هنا تبحث عن نهي… فنهي قد حادثتها منذ قليل وأخبرتها ان تأتي اليهافي النادي..
إلي ان لمحتها تجلس بعيدا علي أحدي الطاولات مع صديقة لها
وعلي الفور أقتربت منها وهتفت وهي تقف امامها:.ازيك يا نهي..
تطلعت نهي اليها ثم ابتسمت بلؤم وهي تقول : اهلا اهلا يا حبيبتي.. يعني محدش بيشوفك اديله فتره..
هنا بتعب : معلش انا كنت تعبانه شويه..
تبادلت نهي و نيره النظرات الخبيثه فيما بينهن…
ثم نهضت نهي وقالت بأبتسامه زائفه: الف سلامه عليكي يا حبيبتي.. اقعدي طيب ..
فجلست هنا..
هنا وهي تشعر بتعب أنهك جسدها وصداع لم يبرح رأسها في تلك الايام التي مضت..
هنا وهي مشتته : نهي انا عايزه حاجه تسكنلي الصداع اللي ماسك راسي.. انا اديلي فتره باخد في مسكنات بس مفيش فايده..
نهي وهي تبتسم بخبث ولكن هنا لم كن منتبهه فصداع رأسها بات مؤلما بطريقه لا توصف حتي ان جسدها يئن الما لا تعرف مصدره.
نهي بأبتسامه:دواكي عندي انا هخلي الصداع ده يروح بفنجان قهوه…
هنا وهي تنظر لها ببلاهه: قهوة ايه بس.. بقولك صداع تقوليلي قهوه..
نهي بثبات: اسمعي مني بس.. وانتي ترتاحي..
فوجدتها مستكينه في مكانها فقالت نهي وهي تهم بالوقوف: هروح أجبلك القهوه..
……………………….
في فيلا حاتم الدمنهوري ..
شهد حاتم كل ما فعله غالب مع نداء نهاية بكلماته القاسيه لها..
أقترب منها بأسف واسندها حتي نهضت..
زفر بضيق ثم هتف : نداء انا مش عارف أقولك إيه.. بجد انا خجلان جدا من تصرفات غالب معاكي
رغم الوجع بداخلها ابتسمت
فقالت بأبتسامه مزيفه: ولا يهمك يا عمي.. ومتقلقش انا مش هقول لبابا حاجه
ثم تركته وذهبت..
وهو نظر لباب الغرفه الموصد بغضب ودون مقدمات فتح الباب..
ليجد غالب بمنتهي البرود يستلقي علي السرير…
فاقترب منه وهتف بغضب: انت ايه اللي عملته مع نداء ده..
…. ……… …….. ……….
أثناء سيرها في الممر الطويل شعرت بدوار اطاح بها فتوقفت تستند علي الحائط.. وفجأه أحست بألم في بطنها فعلي الفور ذهبت للحمام القابع في الطابق العلوي. والذي تعرف مكانه جيدا مذ كانت طفله صغيره…
اقتربت من الحوض تغسل وجهها وفجأه بدأت تسعل بقوه مصاحبه لألم فظيع في المعده ..
فتناولت بعض المناديل القابعه علي يمينها لتكمم فمها وهي تسعل وعندما انتهت من السعال أخفضت عنها المناديل البيضاء لتجدها مخضبه باللون الاحمر..
لا انه ليس لون.. بل انه دم…
قطبت ملامحها بقلق وتسمرت في مكانها لثواني تستوعب الامر
لكن بعدها ظنت انه ربما يكون شئا تافها وانها لا يجب ان تخبر احدا بهذا وتضخم الموضوع.. والقت بالمناديل في صندوق القمامه وخرجت..
هبطت درجات السلم حتي وصلت لابيها فأبتسمت بهدوء وقالت: يلا يا بابا نمشي انا خلاص اطمنت علي غالب..
……… ………………….

يتبع….

الفصل الثاني والعشرون

نهض غالب بغضب وتجاهل النظر لوجه أبيه المشتغل بغيظ..
توجه نحو النافذ المفتوحه ووقف امامها وهو يكتف ذراعيه أمام صدره ثم هتف ببرود وهو يقطب حاجبيه: بابا… انا هطلق نداء…
تسمر حاتم في مكانه مصدوما مما سمعه للتو..
لكنه لن يقف ساكنا وهو يري تصرفات ابنه المشينه تلك..
فأقترب منه بغضب ووقف امامه وهو يستشيط نفورا منه ومن تفكيره وبدون مقدمات أمسكه حاتم من تلابيب ثيابه وقربه جيدا منه بعنوه هاتفا بغضب وقسوه لم يعهده معه قبلا: تعرف يا غالب لو فكرت مجرد تفكير في اللي بتقوله ده مره تانيه.. صدقني انا مش هسكت ووقتها لا هتكون ابني ولا أعرفك ..لان بنت أخويا مش لعبه بين ايديك ولو انت مش مقدر قيمتها انا واهلها عارفين قيمتها كويس اووي.. إياك إياك يا غالب تنطق الكلمه دي تاني علي لسانك..
نظراته لغالب كانت حارقه غاضبه ثائره ومتوعده…
وغالب زفر بضيق وانهزام وهو يطأطأ رأسه ليس احراجا فغالب لا يعرف الاحراج.. بل بقلة حيله…
بعدها أزاحه والده بعيدا بقسوه وهتف بقسوه اشد: من الوقتي تخرج بره قوقعتك دي وتنزل الشركه تاني.. كفايه بقي حزن.. لانه عمره ما هيرجعلنا اللي راح.. ونداء.. نداء دي تتعامل معاها كويس وحاول حاول تحبها لانها فعلا تتحب يمكن وقتها تكون بني ادم بجد.. وسيبك بقي من الغرور ده لانه اصبح لا يطاق..
قالها ثم ترك له الغرفه وذهب وهو يوصد الباب خلفه بعنف..
اما غالب فزفر بضيق وقطب ملامح وجهه بغضب…
………………………………
في فيلا الزهار…
كانت منال تتحدث الي آسر عبر الهاتف..
فقالت: معلش يا آسر هتعبك معايا بس والله ما ادامي غيرك انت.. كل المدرسين اللي جبتهملها عشان يعلموها اتكيت كل حاجه وقبلهم القراءه والكتابه فشلوا فشل ذريع معاها.. وانا معنديش وقت بسبب طبيعة الشغل واكيد انت عارف ده لانك بتشتغل معانا.. بس انا هكلم باباك يعفيك من شغل الشركه لحد ما تقدر تغير المعادله مع زهره.. هااا قولت إيه.
علي الجانب الاخر كان آسر يجلس في مكتبه يهاتف خالته ويقطب ملامحه بضيق ولكنه أظهر عكس ذلك وهو يقول بتردد:يا خالتو انا….
قاطعت منال حديثه هاتفه: عشان خاطري عندك اقبل.. ودي خدمه عمري في حياتي مهنسهالك… قولت ايه.. موافق؟؟
فهتف وهو يزفر بأستسلام : اوكيه يا خالتو موافق..
همست منال بفرحه: مرسي اوي يا آسر… تعالي كمان ساعه عشان تبدأ معاها.. ولا انت عندك شغل..
آسر : خليها علي الساعه5أكون خلصت شغلي…
منال بأبتسامه: اوك تمام.. وانا منتظراك…
…………………..
طرقت نداء باب غرفة سلمي بهدوء..
فأذنت لها بالدخول..
وفتحت الباب وأطلت من خلفه بأبتسامه حنون هامسه: أخبارك ايه الوقتي..
أبتسمت سلمي بهدوء وهمست : الحمد لله..
لكن ابتسامتها كانت حزينه منكسره..
ونداء أحست بذلك فأقتربت منها وجلست بقربها علي السرير ثم تناول كفها بين راحتي كفها بعاطفه أخويه وهمست: سلمي لازم تكون مؤمنه بأن ربنا بيختارلنا دايما الخير حتي لو احنا كنا معتقدين ان الخير ده الوقتي شر بس لما الوقت يمر هتعرفي ان ده كان لمصلحتك وهتشكري ربنا لانه أختارك ليكي كده.. انا لسه معرفش ايه اللي حصل معاكي بس انا واثقه ان ربنا بيخترلنا الخير وواثقه كمان انك هتجيلي في يوم وتقولي اني كان عندي حق لانك وقتها هتكوني اسعد انسانه في الكون كله… خلي عندك ثقه في ربنا يا سلمي.. ربنا أكبر واعظم من الكل…
انهمرت الدموع علي وجنتي سلمي وهي تهمس : بس انا غلطت كتير اووي يا نداء.. غلطت في حق نفسي وفي حقك انتي وفي حق بابا وماما.. انا كنت حقيره اووي يا نداء.. اووي…
قالت الاخيره بندم ودموع..
أقتربت منها نداء أكثر وأحتضنتها هامسه بمواساه وحب: كل شئ يتصلح يا حبيبتي كل شئ..
سلمي وهي تزيد من أحتضانها بوجع ودموع : مش كل حاجه تتصلح.. فيه حاجات بيكون فات وقتها… بتكون خلاص أنكسرت..
احست نداء بوجعها كي لا وهي أختها.. لكنها لم ترد ان تضغط عليها كي تبوح لها بكل ما يحزنها لتلك الدرجه.. لكنها بكت لبكاءها
اما سلمي فكانت تتوجع وتبكي أكثر عندما تذكرت آخر مره رأته بها عندما ذهبت الي شقته في اليوم التالي من حدوث تلك الفاجعه..
وليتها لم تذهب…
عوده للوراء (فلاش باااك)
وقفت امام باب شقته بتردد وحيره من امرها..
صعبا عليها ان تطأ قدمها داخل تلك الشقه التي ذبُحب بداخلها امسا ..لكنها مجبره فعليها ان تواجهه بفعلته وتطلب منه ان يتزوجها..
وكم صعبا عليها ان تفعل ذلك لانها في النهايه سلمي الدمنهوري.
تحاملت علي كبرياءها ورنت جرس الشقه…
بعد قليل فتحت لها أحداهن..
فتاه شقراء في قمة اناقتها ترتدي فستانا اسود اللون يصل لاعلي ركبتيها مع أنسدال خصلات شعرها الذهبيه لاعلي كتفيها…
سلمي ببرود وكأنها قد توقعت ذلك فلم تنصدم فهتفت بجمود: وليد.. فصمتت
وهي تستجمع قوتها وثباتها
ثم أكملت : وليد المنياوي جوه
الفتاه بضيق: ايوه جوه.. انتي مين وعايزه ايه..
وأثناء ذلك سمعت سلمي نداء وليد علي تلك الفتاه
وهو يقول: سيبك يا دودا من اللي بيخبط وتعاليلي هنا عايز نقضي سهره جميله مع بعض..
ثم نظر لاصحابه الجالسين حوله وهو يقول: ولا إيه..
بعدها تعالت ضحكاتهم العابثه
وكل واحد منهم كان يجلس وبصحبته فتاه تجلس بجواره ..
عندها توغلت للداخل وسمعت أحاديثهم والتي كانت كالتالي..
احدهم قال لوليد : بس انت طلعت ابن ابوك بحق وقدرت تكسر عين اللي اسمها سلمي دي..
وليد بعبث وهو يغمزه بلؤم: عيب عليك دا انا بردوا وليد.. ومش واحده زي سلمي هي اللي تهزمني..
والاخر قال: كنا متراهنين عليها واديك يا عم كسبت الرهان.. اطلب بقي واتمني…
فوقف الجميع بصدمه عندما سمعوا تصفيق سلمي الواقفه امامهم..
صفقت لهم سلمي وهي تبتسم بسخريه يبطنها وجع ومرارة انكسار..
فهمست بوجع أخفته : برافو بجد برافو..
أقترب منها وليد بغضب وهتف: انتي ايه اللي جابك هنا تاني..
أبتسمت بمراره لتهتف: جيت عشان أتأكد انك فعلا واحد واطي..
وليد بغضب من بين اسنانه: أخرسي يا سلمي.. اوعي تاني تغلطي فيا لاني مش هسمحلك
ثم نظر لهيئة ملابسها وابتسم بسخريه وهو يقول: انتي فاكره انك لو لبستي لبس محترم هتبقي محترمه.. انتي هتفضلي طول عمرك رخيصه والدليل
صمت قليلا ثم غمزها بلؤم وهو يقول: ليلة امبارح فاكراها ولا
كادت تصفعه لولا ان اوقف كف يدها في آخر لحظة هاتفا بغضب: مش هسمحلك تعمليها تاني.. يلا زي الشاطر كده أطلعي بره بدل ما انتي عارفه كويس اللي هعمله لو مسمعتيش الكلام..
قالها وهو ينظر لها بأستحقار..
رغم ان كلماته اوجعتها لكنها اظهرت قوه وتماسك تُحسد عليهما..
فهتفت : أنت أقذر انسان شوفته في حياتي.. مش عايزه اشوف وشك تاني.. اةخلاص انت انتهيت من حياتي..
بعدها تركته وركضت لخارج الشقه ودموعها المحبوسه ترقرقت لتُظهر مدي جرحها منه..
عادت للواقع علي هزه من اختها(بااك)
نداء بقلق: سلمي انتي كويسه..
مسحت عنها دموعها وهمست بضعف: الحمد لله..
نداء وقد اشتد قلقها عليها.. لكن ما بيدها حيله.. وما في يدها غير الدعاء بان يريح الله قلبها ويمحي حزنها…
بعدها تنهدت بحزن وهمست: سلمي لو حبتي تفضفضي.. انا موجوده وهكون مبسوطه لو شاركتك حزنك..
سلمي بأبتسامه مكسوره: تسلمي يا نداء.. انا عارفه ان طيبه واحسن مني…باذن الله هتكون مرحله وهقدر اعديها.. اصلا لازم انسي عشان اقدر اعيش..
نداء بأبتسامه: هو ده الكلام.. ربنا يااارب يسعد قلبك دايما…
طول الفتره الماضيه لم تترك نداء اختها بل ظلت بجوارها تواسبها وتخفف عنها حزنها رغم انها لا تعرف سببه… بل انها علمتها ابجديات الاسلام وكيف تحفظ نفسها ودينها وربها…
هكذا تكون الاخت صالحه تقيه وفي الشده تترك كل حزنها لتساند اختها وتواسيها… نداء وهي حقاء نداء…
……………..
توقف آسر بسيارته أمام فيلا الزهار
توغل للداخل..
واستقبلته خالته بأبتسامه حنون
منال بأبتسامه: اهلا بحضرة الظابط.. طول عمرك مواعيدك مظبوطه..
فأبتسم لها آسر ولكن بداخله رافض لمرافقته لتلك الزهره ولكنه سيفعل ذلك لأجل خالته الحبيبه..
بعد قليل كانت زهره تهبط درجات السلم بارتباك فهي علمت ان حضرة الظابط آسر سيرافقها في البدايه رفضت ولكن اصرار منال هو من أجبرها علي الموافقه..
وهو كان يجلس علي الاريكه وعينه معلقه بالاسفل وملامح وجهه منزعجه غاضبه…
وقفت منال عندما أقتربت زهره منها وعلي آثر هذا وقف آسر وهو ينظر بصدمه وذهول للواقفه أمامه..
منال بأبتسامه : يلا يا زهره روحي مع حضرة الظابط..
هتف بدون وعي فجمالها طغي علي عقله وقلبه وكل ذرة في كيانه: أنتي زهره..
ابتسمت له منال وهمست : أيه يا حضرة الظابط مندهش ليه كده.. بس انت معاك حق. لانها أتغيرت كتير عن الاول… وبقت اجمل وأحلي صح..
آسر وهو مازال تائها في حضرة وجودها: أه..
كشرت زهره ملامحها بغضب وهتفت: انا طول عمري حلوه..
عندها فاق آسر من أحلامه علي واقع لهجتها الشوارعيه التي لم تتغير بعد.. وعاد لحالته الاولي العبس والغضب…
منال بارتباك : طبعا طبعا.. انتي طول عمرك جميله..
ثم نظرت ل آسر وهتفت: يلا يا آسر.. بس اوعي تتأخر بيها…
آسر بجمود: حاضر..
ثم تطلع ايها وهتف ببرود: أتفضلي..
وهي بارتباك وخوف تحركت امامه…
والتي كانت تغلي غيظا وغيره هي نوران الواقفه بالاعلي والتي سمعت كل ما دار من حديث.. وهذا جعلها تزداد كرها وحقدا علي زهره.. وبعدها توجهت لغرفتها بغضب واغلقت الباب بعنف ثم ارتمت علي السرير تبكي بقهر.. لكنها نهضت وهي تهتف بغل : انا مش هسمحلك ابدا انك تاخدي مني سعادتي.. وآسر هو سعادتي.. وانتي عمرك ما هتكوني غير بنت جات من الشارع وبس..
ومسحت عنها
دموعها وهي تتوعد لها شرا..
…………………………..
توقف بالسياره امام احدي الفنادق الفخمه..
ترجل من السياره بضيق وتوجه للمقعد الخلفي حيث زهره الجالسه بأنكماش وخوف فهي لم تنسي انه ظابط وانها كانت مجرد سارقه لصه..
فتح لها باب السياره وقال ببرود: اتفضلي..
فترجلت منها وهي تنظر اليه نظرات جانبيه..
كان هو قد اتصل هاتفيا وحجز أفخم طاوله..
وها هي الان تجلس أمامه مطأطأة الرأس..
اما آسر فقد طلب من النادل احضار اطعمه وكانت لهجته انجليزيه وهو يطلب الطعام فلم تفهم شيئا او نوعية الاطعمه التي طلبها.. لكنها آثرت الصمت..
بعد قليل أتي لهم النادل بالطعام
نظرت لاصناف الطعام امامها فهتفت بتلقائيه:ايه ده انا مش فاهمه حاجه من الاكل اللي ادامي ده..
فنظر اليها بغضب وعلي آثر هذا خافت فصمتت..
اخذ نفسا عميقا وهتف: بصي لازم يكون بينا اتفاق.. انا من اللحظه دي هكون زي المدرس بتاعك فأنتي مطلوب منك انك تركزي كويس في اي تصرف بعمله او اي كلمه.. لانك هتتصرفي بنفس الطريقه ….قولتي ايه..
زهره : تمام يا حضرة الظابط.. هو البيه يقدر يقولي حاجه ومش انفذها دا انت كلامك سيف علي رقبتي..
فقطب حاجبيه بغضب وهي انكمشت في مكانها عندما راته غاضبا..
لكنه حاول تهدئة نفسه وهتف بهدوء: اول حاجه لازم تعمليها انك تنسي كلمة بيه دي.. انا الوقتي ابن خالتك يعني تقوليلي آسر من غير اي القاب..
زهره : ميصحش يا بيه العين بردوا متعلاش علي الحاجب..
لكن هذا اغضبه وبشده فبدون وعي هبط بقبضة يده علي الطاوله فألتفت الانظار كلها إليه
وعندما ادك فداحة خطأه همس بأعتذار للعيون التي التفت اليه..
ثم همس بتوعد لزهره: انا قولت ايه.. بلاش الفاظك دي.. وبلاش كمان تقوليلي يا بيه فاهمه ولا لأ..
زهره بخنوع: طيب انت بنفسك اللي قولت..
نظر اليها آسر وتأفاف بضيق ثم همس: طيب كده اتفقنا.. شوفي انا باكل ازاي وكلي زيي..
زهره بسخريه: ليه هو كمان الاكل ليه طريقه..
ثم اخذت من الطبق قطعه من شرائح اللحم القابعه امامها في الطبق
وهتفت وهي تضعها في فمها: يعني دي مثلا تتاكل كده..
وعندها أعطاها نظره قاتله جعلتها ترتعب فعلي الفور اعادت قطعة اللحم للطبق..
اما آسر فهتف بهدوء : دي اسمها اسلايس يعني شرائح من اللحم..
ومش بتتاكل بالطريقه دي.. دي بتتاكل بالشوكه والسكينه ولو صبرتي شويه كنت هقولك ازاي..
ممكن بقي تشوفي انا بعمل ايه وتعملي زيي..
فأومأت له بنعم..
وبدأ يقطع امامها اللحم بالشوكه والسكينه..
وهي تمللت من ذلك.. فتلك سكة طويلة الامد..
وبعد ان انتهي قال: يلا وريني شطارتك..
فأمكست الشوكه في اليمين والسكينه في الشمال..
فهتف مصححا : لا.. العكس الشوكه في الشمال والسكينه في اليمين.
ففعلت كما قال بتأفف وبدأت تقطع اللحم ولكنها لم تستطع واحدث صوتا التف له الجميع..
فهمس آسر بغيظ: ممكن بقي تبطلي فضايح.. وقطعي اسلايس اللحم من غير صوت..
فتأفأفت وضاقت ذرعا من ذلك فهي لم تعتاد ابدا علي تلك الطريقه المنمقه في الطعام..
وعلي الفور امسكت بقطعة لحم من امامها بيدها وبدل ان تضعها في الطبق الفارغ امامه وضعتها في طبق السبراجوس سوب(شوربة الهليون)..
ونتيجه لذلك تناثرت بعض الشوربه علي الستره التي يرتديها آسر
فهتف بغضب وهو ينهض من مكانه : ايه اللي انتي زفتيه ده..
فأنكمشت بخوف وهمست: انا آسفه مكنش قصدي..
بعد ساعه توقف بسيارته امام فيلا الزهار وهتف للقابعه في المقعد الخلفي بنفاذ صبر: يلا انزلي.
وعلي الفور فتحت باب السياره وترجلت منها بعد ان اقفلت باب السياره خلفها بغضب وتركته وتوغلت الداخل دون ان تنطق بأي كلمه..
حيث كانت غاضبه وفي نفس الوقت حزينه… لما حدث

يتبع….

الفصل الثالث والعشرون

في منتصف الليل..
استفاقت هنا من عميق نومها وهي تشعر بألم رهيب في كامل جسدها بل انها تشعر بحكه رهيبه في كل انشا بها كما انها لا تستطيع السيطره علي نفسها ولا علي أعصابها
نهضت عن السرير وأقتربت بخطوات متعثره نحو النافذه تستنشق هواء نقيا عل ذلك يخفف حدة آلمها..
لكن هذا لم يجدي نفعا فالالم يزداد..
توجهت نحو الكومود وباتت تبحث كالمجنون عن الاقراص المسكنه..
وعندما وجدتها سرعان ما ابتلعت منه كم لا بأس به.. ولكن هذا لم يخفف ولو انشا من الم جسدها وصداع رأسها…
فعلي الفور التقطت هاتفها القابع علي الكومود لتهاتف نهي..
كانت نهي تغط في نوما عميقا عندما ازعجها رنين الهاتف
فألتقطته بتكاسل من علي الكومود المجاور لها
نهي بنعاس: الو..
هنا بتعب: نهي.. نهي ارجوكي الحقيني.. مش قااادره استحمل وجع جسمي.. حاسه اني هموت.. اتصرفي يا نهي ابوس ايدك
نهي بتأفأف: ايه يا هنا حد يصح حد في الوقت المتأخر ده عشان كده..
هنا وهي لا تحتمل ما يحدث لها فهي قد فقدت السيطره علي نفسها..
فهتفت بضعف: معلش يا نهي عشان خاطري حاولي تتصرفي عشان خاطري ابوس ايدك اتصرفي انا مبقتش قادره استحمل..
قالتها بتوسل ورجاء وهي تحك في كامل جسدها..
نهي بضيق ونفاذ صبر :طيب تعاليلي علي الشقه بتاعتي.. عارفه عنوانها..
هنا : لأ.. قولي العنوان وانا هجيلك حالا..
……………
بعد ساعه..
وقف التاكسي بها أمام أحدي البنايات الضخمه فترجلت بعد ان أنقدته عدة وريقات ماليه..
وقفت أمام الشقه ورنت الجرس لتفتح لها نهي وهي تنظر لها بضيق..
وقالت : ادخلي..
وصلت هنا الي أقصي مراحل التعب والالم والدليل اسفل جفونها الذي امتلئ بالسواد وقسمات وجهها المنهك كأنه شبح لميت خرج لتوه من التربه..
فتوغلت للداخل بخطوات بطيئه
أغلقت نهي باب الشقه وهي تبتسم بشيطانيه وأقتربت منها وهتفت :.استني هنا.. وانا جيالك حالا..
هنا وهي تتحدث بصعوبه بالغه : متتأخريش… انا مش قادره استحمل..
نهي بشماته : متخافيش طلبك عندي وهريحك علي الاخر..
ثم تركتها وتوغلت للداخل..
غابت قليلا وعادت لها
اقتربت منها نهي وهتفت وهي تضع امامها فنجان القهوه : اتفضلي اشربي القهوه وانتي هتستريحي علي الأخر..
فتطلعت اليها هنا ببلاهه..
نهي بأبتسامه مزيفه: اسمعي كلامي..
وعلي الفور تناولت هنا فنجان القهوه بين يديها المرتعشتين وارتشفته دفعه واحده وبعد ان انهته ظلت تضع اصابعها في البني المتبقي في الفنجان وتلعقه بشراسه…
ونهي تراقب ذلك وهي تبتسم بغرور وتملك..
بعد ثوان بدأت تهدأ آلام جسدها وشعرت بخدر يسري في كامل اوصالها وبدأت تستكين وتهدأ رويدا رويدا وهي تغمض عيونها ببطئ…
…………….. …………………
في صباح اليوم التالي..
حاتم وهو يأمر غالب الواقف امامه بصرامه: أنا بحذرك تعمل اي تصرف يزعل عمك او نداء منك.. فاهم..
فأومئ له غالب بضيق وبعدها سبقه للخارج..
توقف غالب بسيارته امام فيلا عمه مروان الدمنهوري..
وخلفه توقف والده ايضا بسيارته الفارهه..
بعد قليل كان الجميع يجلس في غرفة الضيوف عدا سلمي التي رفضت ذلك وآثرت البقاء وحيده في غرفتها.. فهي لا تتحمل مواجتهم حتي وان لم يعلموا بأي شئ فيكفيها انها تدرك انها قد أخطأت بحقهم قبل ان تخطئ بحق نفسها..
ودون مقدمات نهض غالب وأقترب من نداء وجلس جوارها
علي بعد خطوتين
كانت النظرات الذاهله لما فعله هي السيد والمسيطر وخاصة نظرات والده حاتم الذي شك في الامر..
ونداء ايضا كانت غير مصدقه لما فعله ولكنها كانت في قمة توترها وارتباكها وهي تدرك انه بهذا القرب منها..
نظر غالب ببرود الي عمه وهتف: بعد أذنك يا عمي انا عايز أخرج انا ونداء لوحدنا..
فتطلع اليه حاتم وهو يرفع حاجبه بشك هاتفا : ليه..
اجابه غالب بترفع: هو ايه اللي ليه.. هي نداء دي مش مراتي ومن حقي اخرج معاها..
ثم نظر لعمه وهو يقول: ولا ايه رأيك يا عمي..
مروان بأبتسامه: أكيد من حقك..
ثم نظر الي نداء المرتبكه وهتف: ايه رأيك يا نداء..
نداء بتلعثم : اااللي.. اللي حضرتك تشوفه يا بابا..
قالتها وهي تطأطأ رأسها بخوف خجل وتوتر …
نهض غالب وهو يهتف: طيب بما ان عمي موافق فانتي كمان موافقه.. كده انا هستناكي بره لحد ما تجهزي نفسك يا عروسه..
ثم خرج وانتظرها في السياره.. ووالده كان مرتابا للامر فهو لا يصدق ان غالب قد تغير بتلك السرعه ففي الموضوع سرا.. لكن في النهايه زفر بيأس فهو لا يستطيع ان يوقفه لان بالفعل هذا حقه…
بعد ان أستعدت نداء وتأنقت جيدا هبطت للأسفل لتجد والدها ووالدتها وعمها في انتظارها..
ثم ذهبوا معها للخارج..
كان غالب يستند بظهره علي سيارته وهو يزفر بضيق
وفور ان لمحها تخرج من باب الفيلا وقف معتدلا وهو يبتسم لها بهدوء…
فأقتربت
منه بخطوات متمهله الي ان وقفت امامه فأبتسم وهو يفتح باب المقعد الامامي لها..
فهمست بخجل وتوتر : انا.. انا هقعد ورا..
فهتف بسخريه مبطنه: ميصحش يا عروسه تسيبي جوزك وتقعدي ورا وبعدين الوقتي انتي بقيتي حلالي يعني احنا مش بنعمل حاجه تغضب ربنا..
فهمست بتلجلج: مشش. .مش قصدي.. بس بس انا هكون مرتاحه ورا أكتر..
فأبتسم بلؤم وهو يفتح لها باب السياره الامامي ونظر لها بتصميم كأنه يقول: معندكيش اي اختيار غير انك تركبي جنبي..
فتنهدت بخنوع وأضطرت لان تستجيب لما قاله…
كل هذا والثلاثه يراقبونهم..
وقبل ان يصعد غالب بجوارها قام والده بنداءه.. فأقترب منه غالب بتأفف وهمس: خير يا بابا..
أخذه والده وابتعد قليلا عن مروان وزوجته هاتفا له: غالب لو عملت اي تصرف يحرجني ادام اخويا صدقني هتندم..
فأبتسم له غالب ببرود ودون ان ينطق كلمه تركه وتوجه نحو السياره ثم انطلق بها بعد اخذ مكانه خلف المقود.
زفر حاتم بشك فهتف مروان الذي اقترب منه بقلق: فيه حاجه يا حاتم..
فأبتسم له حاتم بزيف وهو يقول: لا لا.. مفيش..
……………..
بعد ساعه توقف غالب بسيارته امام النادي فنظر لها بضيق وهو يقول: انزلي..
ودون ان ينطق بكلمه اخري ترجل من السياره وتوغل لداخل النادي دون حتي ان ينظر وراءه..
رغم انها حزنت من تصرفه لكنها تغاضت عن ذلك وترجلت من السياره وتبعته للداخل…
رأته وهو يقترب من فتاه تبدو في غاية الجمال وسلم عليها بطريقه حميميه جعلت نداء تتسمر في مكانها من الغيره والاهانه فهو لم يراعي شعورها بكل عنجهيه وغرور ..
تساقطت دموعها حزنا وهي تراه بذلك الانسجام مع تلك الشقراء الوقحه التي بادلته التحيه بطريقه اوقح من وقاحته هو.. فقد اقتربت هي الاخري منه ورفعت نفسها الي مستوي وجنتيه لتقبله بحميميه والمغرور لم يمانع ذلك بل انه حتي لم يقاومها…
كادت ان تذهب لولا انه قام بمناداتها..
لذا توقفت قليلا لتمسح دموعها وبكل صمود ورأس مرفوعه أقتربت منهم..
وقفت علي بعد خطوتين من غالب ..
فأبتسم بسخريه وهو يهتف: جيجي أحب اعرفك ببنت عمي.. نداء..
جيجي وهي تنظر لها بأستحقار ثم هتفت بضيق : اهلا..
ثم نظرت لغالب وهي تقول بميوعه: بنت عمك وبس ولا حاجه تانيه..
كاد ان يجيبها لولا باقي اعضاء الشله الذين أتوا اليهم..
احدهم قال لغالب: واخيرا شوفناك.. يا تري بقي ايه اللي شغلك عننا طول المده دي..
غالب وهو يتطلع لنداء بنزق: ظروف… ظروف حصلت غصب عني..
كل كلمه خرجت منه كان المقصود بها نداء..
وهي قد فهمت وادركت معني كلماته فطأطأت رأسها بأنكسار..
ودون مراعاه لاي اخلاق تأبطت جيجي ذراع غالب وهي تقول بحميميه: غالب ارجوك تعالي اقعد معانا شويه.. دا انت وحشتني
صمتت عندما ادركت خطأها فقالت: قصدي وحشتنا كلنا..
وهو تمادي معها ولم يراعي كرامة نداء التي انتهكها لتوه بغروره ذاك..
فقال وهو يتطلع لنداء بلؤم: أكيد انا جيت هنا عشان اشوفكم مش عشان حاجه تانيه طبعا..
فضغطت نداء علي شفتيها بحزن وهي تسمع منه اهانته.. ورغم هذا صمتت..
جيجي بدون حياء او خجل: طب يلا يا بيبي.. اوبس نسيت اقولك ان هدي عامله النهارده partyصغيره بمناسبة عيد ميلادها..هتروح
غالب: أكيد لازم اروح.. كفايه انها هدي…
قالها وهو ينظر لنداء بشماته
ثم نظر لجيجي والجميع وهو يهتف:.بس الحفله هتكون امتي..
جيجي: كمان ساعه..
طلبت منه نداء التحدث معه بعيدا عنهم فوافق علي مضض..
نداء بخفوت وانكسار: انا عايزه اروح..
فأبتسم ببرود وهو يهتف: ايه غيرتي ولا الاجواء هنا مش مناسبه ليكي..
نداء بتوتر: ارجوك يا غالب مشيني من هنا.. ارجوك..
قالتها برجاء..
وهو أشتد غضبه فهتف من بين اسنانه بصرامه: طالما وافقتي تكوني مراتي فلازم تمشي علي كيفي انا مش كيفك انتي.. وانا عايزك تفضلي هنا يعني انا اللي جبتك وانا اللي هوديكي ولا عايزه بابا يتهمني بأني زعلتلك زي كل مره..
نداء بعجز: حرام عليك يا غالب.. انا عملتلك ايه عشان تعمل فيا كل ده..
غالب بغضب: ذنبك انك عرفتي اني بكرهك ومع ذلك وافقتي علي جوازنا.. لو رفضتي مكنش وصلنا للنقطه دي.. انتي اللي غلطتي لما وافقتي مش انا
فهمست بدموع: بتسمي جوازنا غلطه ..
غالب بزعيق: ايوه غلطه. لما اتجوزك غصب عني تبقي غلطه.. لما اتجبر اني اتعامل معاكي كويس تبقي غلطه.. لما ابويا يهددني ان يتبري مني عشانك تبقي غلطه..
وعلي آثر صراخه انتبه جميع الحاضرين له..
ولذلك ثار غضبه اكثر ثم اقترب منها واطبق علي مرفقيها بعنف وهو يأخذها لمكان بعيد عن الانظار..
وعندما وصل لزوايه منعزله عن الجميع ارخي قبضة يده الحديديه عن مرفقها وازاحها بعنف للخلف حتي اصطدم جسدها في الحائط بشده فتألمت لذلك..
وهو تجاهل كل ذلك وهدر بها بعنف: انتي متخيله حياتي بقيت ايه بسببك.. بقت جحيم لا تطاق وكل ده عشان
انتي فيها..
فتطلعت اليه بألم ودموعها الاليمه تهبط علي وجنتيها..
بعدها رن هاتفه فلانت ملامحه قليلا وهو يري اسم جيجي يزين شاشة هاتفه..
فأجاب بعد ان اخذ نفسا عميقا
غالب: الو
جيحي: انت فين يا غالب الحفله هتبدي وانت لسه مش موجود..
غالب: انا جاي حالا سلام..
جيجي:.متتأخرش.. انا مستنياك..
واقفل بعدها الخط..
ثم نظر بنزق لنداء وهتف بتحذير: الوقتي بقي تبتسمي زي الشاطره وتحضري الحفله معايا بهدوء..
فهتفت بدموع وضعف: غالب انا مش هروح لمكان .. وديني البيت..
فأمسك مرفقها بقسوه وقام بلويه لخلف ظهرها وهو يحكم عليه بقوه ثم الصق ظهرها به وهتف بغضب مدمر جوار اذنيها : تبقي ناويه انك تشوفي مني وش تاني غير ده ووقتها صدقيني مش هرحمك…
…………………..
عادت هنا الي الفيلا بعد ان قضت الليله الماضيه في شقة نهي كل هذا كان خارج عن ارادتها فبمجرد ان انهت القهوه غابت تماما عن الوعي كأن احدهم أعطي لها مخدر جعلها تفقد السيطره وتغيب عن الوعي.. ولم تفيق إلا عند سماعها لزقزقة العصافير بالخارج..
.كادت تصعد الدرج عندما أعترضها جسد اختها رضوي الذي اتي ووقف امامها دون مقدمات وكأنه اتي من العدم..
تسمرت هنا في مكانها وهي تري رضوي تقف امامها وهي تكتف ذراعيها امام صدرها..
رضوي بأستحقار : كنتي فين يا ست البنات..
زاغت هنا ببصرها وتلعثمت وهي تقول: كك.. كنت في النادي..
رضوي بزعيق: كدابه انتي اصلا منمتيش في اوضتك.. انتي قضيتي ليلتك بره..
فتطلعت اليها هنا بصدمه ولم تجيبها..
رضوي بأستحقار: كنتي فين ..
هنا بتوتر وخوف:.كنت عند واحده صحبتي..
وفجأه هوت صفعه مدويه علي خد هنا الايسر..
كانت تلك الصفعه من رضوي التي هتفت بتعالي: انتي كدابه وحقيره.. بتحاولي تداري علي سهراتك الليليه مع الشباب المقرفين االلي زيك…طبعا ما انتي متربتيش.. هتشوفي تربيه ازاي وانتي ملكيش ام…
عندها دمعت عيون هنا وقالت وهي تواجهها بثبات: والله لو انا متربيتش يبقي انتي كمان متربتيش لان ابويا هو ابوكي وهو اللي رباني انا وانتي..
عندها دوت صفعه مدويه علي خدها الاخر وكانت الصفعه تلك المره من زوجة ابيها..
فهتفت بغضب وهي تزيحها للخلف : انا بنتي متربيه احسن منك يا قليلة الادب يا رخيصه..انا اللي مربيه بنتي وانا اللي واثقة ومتأكده من اخلاقها انما انتي الله اعلم انتي جيالنا منين الوقتي وقضيتي ليلتك مع مين يا عديمة الادب والحياء.. لا وجاي كمان تكلمينا بعين بجحه..امشي غوري علي اوضتك وانا هتصل بأبوكي ييجي يتصرف معاكي ويعرفلنا انتي بتعملي ايه من ورانا.. يلا اطلعي مستنيه ايه… يلا مش طايقه وشك ادامي..
قالت الاخيره بصراخ..
فعلي الفور صعدت هنا درجات السلم وهي تركض بأقصي سرعتها ودموعها الاليمه المنكسره تسبقها…
………………….
اجواء الحفله الصاخبه والاضواء المبهره كانت هي السيد..
نداء تجلس علي طاوله بمفردها وهي تراقب غالب من بعيد بحزن دفين وقلبا منكسر…
غالب يقف مع مجموعه من اصدقائه وهو يتبادل ويتجاذب معهم الاحاديث.. متجاهلا تماما لنداء الجالسه تبكي بقهر..
اما جيجي واحداهن كانت تجلسات وحدهن علي طاوله
الفتاه : تعرفي مين اللي قاعده هناك دي..
وشاورت لها علي نداء..
جيجي وهي تتطلع لنداء بأستحقار : اه.. دي بنت عم غالب..
ابتسمت الفتاه بسخريه وهي تهتف لها: دي مش بنت عمه وبس.. دي كمان مراته لسه كاتبين كتابهم من اسبوع..
جيجي بصدمه وعدم تصديق: انتي كدابه.. غالب قالي انها بنت عمه وبس..
الفتاه: لو مش مصدقه أسألي.. او روحي أسأليه هو..
عندها غامت عيون جيجي وهي تتطلع بكره وغضب لنداء وكذلك غالب.. فهي تحب غالب ولا تريده لاحدا سواها هي..
وعندما لمحت نداء تنهض وتقترب من حمام السباحه العميق القابع في المنتصف..
ابتسمت بلؤم وشيطانيه ونهضت هي الاخري لتقترب منها وتنفذ مخططها..
والفتاه راقبتها وهي تبتعد بعد ان رأت تبدل قسمات وجهها للشر والضغينه..
اما نداء فقد ابتعدت قليلا عن اجواء الحفله الصاخبه وتجاهل غالب لها.. واقتربت من حمام السباحه لتبكي بعيدا عن الجميع..
واقتربت منها جيجي ومن دون مقدمات دفعتها بجسدها القوي بشده
لتسقط نداء ضحيه في حمام السباحه ونظرا لانها لا تستطيع السباحه ولان حمام السباحه عميق من الاسفل فقد ظهرت بوادر بأن نداء بالفعل تغرق كانت تصرخ ولكن الاجواء الصاخبه غطت علي صوت صرخاتها المستغيثه فكانت تاره تغوص تحت الماء وتاره ترتفع فوق سطح الماء وهكذا
وعلي الفور ابتعدت جيجي حتي لا يشك بها احدهم..
ومن بعيد لمح صديق غالب الذي كان يقف معه طيف احدهم وهو يغرق
فعلي الفور صرخ : فيه حد بيغرق يا جماعه..
لذا أوقفوا الاصوات المزعجه وركض الجميع بأتجاه حمام السباحه وايضا غالب..
وعندما وجد بأن تلك التي تغرق امامه هي نداء علي الفور صرخ بأعلي صوته :
نددددداء..
…….
رنين جرس باب الشقه المزعج ايقظه من نومه..
لينهض وليد بتكاسل من علي السرير ويرتدي قميصه بنصف اكمام الموضوع بأهمال علي طرف السرير علي جسده العاري واسفله يرتدي بنطال من القماش القطني يصل لركبتيه..
ويخرج من الغرفه ليفتح باب الشقه بكسل وهو يتثاؤب فقد سهر ليلة البارحه بأكملها في احدي مغامراته النسائيه..
لينصدم ويرجع للوراء خطوتين وهو ينظر ببلاهه وذهول للواقف امامه
فيهتف بقلق وهو يري الدماء تسيل من كتفه المصاب : نضاااال
……….

يتبع….

الفصل الرابع والعشرون

أقترب وليد من نضال بقلق واسنده حتي اجلسه علي أقرب اريكه وهتف بعدم فهم وحيره: ايه اللي حصلك.. وامتي جيت من السفر وليه مقولتليش..
ثم هتف وهو يتطلع إلي حالته : ومين اللي عمل فيك كده..
اسند نضال ظهره للوراء وبدأ يتنهد بصعوبه بالغه وأجابه وهو يلتقط انفاسه ببطئ وانهاك : علي مهلك عليا يا وليد..
ثم سعل بشده وهو يكمل: هحكيلك بس اوعي تقول لماما اننا هنا في مصر قبل ما الجرح ده يخف..
وليد وهو يقطب حاجبيه بقلق: اجبلك دكتور..
نضال وهو يغمض عيونه بتعب: لأ مفيش داعي فيه شاب متدرب في المقاومه معانا قام باللازم وعالج الجرح كويس..
ثار غضب وليد عندما تفوه نضال بأسم المقاومه فهتف بأنزعاج: بردوا مسمعتش كلامنا وفضلت مع المقاومه.. خليك معاهم لحد ما تموت زي اللي ماتوا يا نضال. وقتها كده هترتاح وتسيبنا احنا بنارنا وخوفنا عليك..
نضال بصعوبه وتعب: وليد قولتلك قبل كده ان المقاومه دي حياتي ومستقبلي اللي جاي وان محاربتش عشان بلدي فلسطين لمين هحارب..
وليد وهو يمسح علي رأسه بضيق: انت عارف كويس ان مرام هي السبب الرئيسي اللي مخليك مكمل مع المقاومه لحد الوقتي..
نضال وهو يمسك مكان ألمه الذي يشتد عليه: يمكن كانت مرام في البدايه هي السبب لكن الوقتي الموضوع اصبح بلدنا اللي ما بنرضي ابدا ان هذا الاحتلال الغاصب ياخدها مننا بالاجبار.. نحن نموت قبل ما تحصل حاجه زي دي.. دمي وكل نفس بتنفسه يحرم عليا طول ما بلدي بين ايادي المحتل الغاصب الكافر.. لو موتي يحرر بلادي فأنا مش هتردد لحظه واحده بأني افدي بلادي بكل املك حتي لو كانت حياتي هي التمن.. حياتي ترخص لبلدي فلسطين..
تسمر وليد في مكانه مذهولا لا بل محرجا من نفسه.. فهو يري ابن عمته وهو يضحي بنفسه واستقراره فقط لأجل تحرير بلاده من ايادي العدو المغتصب. وهو هنا غارق في اللذات والعبث واللهو.. هناك في فلسطين يوجد الكثير من نضال الذي لا يهتم سوي بمصلحة بلده ووطنه قبل اي شئ.. وهنا في مصر يوجد الآلف من وليد الذين يغرقون في معاصي الحياه وشهواتها… فهل في النهايه يُقارن هذا بذاك…
فأكمل نضال وهو يغمض عيونه تعبا: انا لازم ارجعلهم تاني بأسرع وقت لانهم محتاجين لكل فدائي.. بس حبيت اودع امي واختي وجيت كمان عشان اودعك يمكن دي تكون آخر مره..
قاطعه وليد بحزن: نضال بلاش تقول الكلام ده.. بأذن الله فلسطين هتتحرر والقدس هترجعلنا طالما فيه حد زييك بيخاف عليها ومستعد يضحي بحياته وكل ما يملك عشانها..
نضال وهو يغيب عن الوعي فالسفر الطويل مع اصابته بطلقا ناريا في كتفه انهك جسده وارهق قوته..
بعد ان غاب نضال تماما عن الوعي اقترب منه وليد وظل يتعمق النظر الي قسمات وجهه الباهته بعدها اطلق العنان لصوت ضميره الذي يجلده بسوطا عميق منذ ان سمع كلمات نضال..
هؤلاء هم الرجال والله لو عادت امتنا الاسلاميه فسيكون هذا بفضل رجال كنضال وامثاله..
فهمس وهو يسنده بقوه حتي يدخله لداخل غرفة نومه : نفسي اكون زيك.. نفسي اتغير…
بعدها هبطت دموع من مقلتيه دون إرادة منه وهو يُدخل نضال لغرفة نومه..
وضعه علي السرير ثم غطاه جيدا بالغطاء وأقفل الانوار وخرج وهو يقفل باب الغرفه خلفه بهدوء..
خارج الغرفه
كان وليد يجلس علي الاريكه وهو يريح ظهره للوراء بتفكير وبين السبابه والابهام كان يحمل سيجارا ويدخنه بشراسه بالغه
وعقله وقلبه يفكر في كلمات نضال التي لامست قبل كل شئ اوتار قلبه..
نتطرق للتعريف ب نضال..
نضال في نفس عمر وليد فقد وُلدا الاثنان في نفس الاسبوع ..هو ابن عمة وليد من أب فلسطيني وأم مصريه..توفي والده وهو في سن صغير من عمره وترك خلفه والدته واخته اللتان اصبحتا معلقتان برقبته بعد وفاة الاب والسند…. بعد ضياع املاك زوجها بسبب الحرب اتت للعيش مع اخيها(والد وليد) ..والذي يكون صارم جدا في تعامله مع الجميع حتي وليد..
………………..
نددددداء
صرخ بها غالب بقوه لينطلق بعدها راكضا بأقصي سرعته نحو حمام السباحه ودون مقدمات قفز في عميق المياه ليقترب من نداء التي قد فقدت قوتها في المقاومه وبدأت تغيب عن الوعي مع ارتخاء كفي يدها التي كانت تجدف منذ قليل..
وعلي الفور انتشلها من غدير المياه القاسي ورفعها لأحضانه وهو يصعد بها لاعلي حافة حمام السباحه..
همهمت وحركت رأسها بألم وهي تتلوي بين ذراعيه .. فتحت جفنيها ببطئ وهمست بترجي: أرجوك يا غالب غطيني…
ثم غابت عن الوعي تماما
وهو اقترب من أحدي الطاولات القريبه لينتشل من عليها المفرش الابيض الذي يغطيها غير مراعيا للأكواب الزجاجيه المرصوصه فوقه والتي تحطمت بمجرد ان ان انتزع الغطاء عن الطاوله وعلي الفور غطي به نداء التي كان ينتفض جسدها من شدة البروده..
نظر قليلا لملامحها الباهته وأعتصر الالم قلبه وهو يراها بتلك الحاله فقربها أكثر منه ليعطيها كل الامان والدفئ الذي تحتاجه رغم انه لا يعرف لما يفعل ذلك ولما ينقبض قلبه بهذا الالم..
مر من جوار جيجي ليخرج بنداء من النادي عندما اقتربت منه جيجي وهي تتصنع الخوف علي نداء وتقول بزيف: الف.. الف سلامه علي بنت عمك يا غالب.. والله زعلت جدا عليها…
فأغتاظت تلك الفتاه التي رأت كل ما حدث منذ البدايه وأقتربت من غالب وجيجي وهي تقول بثبات: ازاي زعلانه عليها وانا شفتك وانتي بتزقيها بنفسك في حمام السباحه..
فنظر اليها غالب بغضب وشياطين الجن تتقافز من بؤبؤ عينيه وهو يرمقها بنظرات ناريه غاضبه متوهجه..
فبرقت عينها بصدمه وتراجعت للوراء وقد ظهر الخوف جليا علي قسمات وجهها وهي تدافع بزيف عن نفسها: صدقني دي بتكدب عليك انا معملتش حاجه..
لكنه أشاح ببصره عنها ودون ان ينطق بكلمه ترك الجميع وتوجه نحو بوابة النادي الي ان اقترب من سيارته..
بصعوبه تمكن من فتح باب المقعد الخلفي وبهدوء وضع نداء علي المقعد وهو ينظر لها بخوف وقلق لا يعلم مصدره ولا لماذا تلك الاحاسيس تعصف به وهو قريبا منها هكذا بل ودقات قلبه المتسارعه هي التي تجعله في حيره شديده من أمره..
أخذ يخبط علي وجنتيها بهدوء وهو يهتف بلوعه : نداء.. نداء
ولم تستفق..
فأنقبضت ملامحه غضبا وثار جنونه عندما تذكر امرا ثم اقفل باب السياره بهدوء وعاد لداخل النادي
كانت جيجي قد ابتعدت تجلس علي احدي الطاولات لتهدئ نبضات قلبها التي خانتها وهي تري غالب بذلك الغضب لأول مره..
أغمضت جفنيها بأسترخاء وهي تهندم خصلات شعرها خلف اذنيها ثم فتحتهم لتفغر عيونها بخوف وهي تراه يقف امامها كوحشا مفترس..
نهضت عن الكرسي وابتعدت عنه وهي تبتلع ريقها برعب آثر نظراته القاتله..
كان يقترب منها خطوه وهي ترجع للوراء خطوتين
وآثر هذا تجمع من في النادي حولهم وفجأه قام بصفعها صفعه مدويه جعلت الجميع يتسمر في مكانه ويشاهد بذهول ما يحدث..
فهتف بفحيح غاضب: لو شفتك قريبه تاني من نداء وعد مني ادام كل اللي موجودين اني همسح بيكي بلاط النادي ..لولا انك ست انا مش بس كنت عطيتك قلم دا انا كنت دفنتك مكانك.. لاني مش بسامح ابدا في حق حد يخصني
وبنفس نظرات الغضب رمقها بها وذهب
تاركا اياها مصدومه من رد فعله هي والجميع.
فغلت اوداجها غضبا وهي تسمع الهمسات الساخره من الجميع من حولها.
عندها احست بمهانه لم تشعر بها قبلا..
……………
في فيلا الزهار
حول طاوله مستديره يقبع عليها أشهي وألذ أصناف الطعام
حيث يجلس آسر الذي دعته خالته لتناول الطعام معهم بجوار سليم وزهره والسيده منال كل منهن تجلسان امام آسر و سليم وفي الركن البعيد تجلس نوران التي تنهش الغيره قلبها ويعمي الغضب عيونها
أثناء تقطيع زهره للطعام الموجود امامها كانت تصدر ضجيجا مزعحا بالشوكه والسكين فكانت نظرات آسر لها غاضبه
وهي كانت تحاول بقدر الاستطاع ألا تُحدث هذا الضجيج ولكنها لم تقدر علي التحكم التام بالشوكه والسكين مثلهم..
فتطلعت اليها نوران بسخريه وهتفت : متحاوليش انتي في الاخر تربية شوارع يعني مش قد السكن في الفيلل والقصور وهترجعي للشارع تاني فمتتعبيش نفسك وتحاولي تكوني زينا.
عندها نظرت منال بغيظ لها وهتفت بحزم : نوران إياكي تقولي كده تاني لأختك..
ثم تطلعت لزهره بلين لتهتف: متزعليش منها يا زهره أكيد مكنتش تقصد
قالت الاخيره وهي تنظر ل نوران بنزق..
فضغطت نوران علي شفتيها بغضب وضيق..
لكن زهره تعصبت من ذاك الوضع فقالت بتأفف وهي تضع الشوكه والسكينه جانبا: انا زهقت. فيها ايه لما آكل من غير شوكه ولا سكينه.. هااا فيها ايه.
منال بهدوء: معلش يا زهره عشان خاطري حاولي تتأقلمي مع الوضع الجديد.
زهره بضيق: والنعمه عيشتي تحت الكباري كانت ارحم بكتير من التحكم والبتكيت بتاعكم ده..
عندها سمعوا تذمر من نوران وهي تهمس بضيق: جاهله..
فنظرت لها منال شذرا وأكملت وهي تنظر لزهره : معلش مع الوقت هتتكيفي بس انتي اصبري.
زهره وهي تنهض بضيق: لا انا مش قادره استحمل تحكمكم فيا ده انا اتولدت طول عمري اعمل اللي عايزاه واللي علي مزاجي.
وكادت ترحل عندما اعترضت طريقها نظرات آسر الشرسه والصارمه فأبتلعت ريقها بقلق وهي تتطلع لملامحه الغاضبه.
وجدته يشاور لها بالجلوس في هدوء فأنصاعت له وجلست خاضعه..
وعندما شاور لها بنظرات عينيه ان تمسك مره اخري بالشوكه والسكينه..
تلمست اطراف يدها سطح الطاوله حتي وصلت لمبتغاها حيث كانت تركز بصرها علي غالب لكن وقعت الشوكه ارضا بفعل توتر جسدها.
وانحنت لتلتقطها وكادت تكمل الطعام بها لولا آسر الذي ضيق عينيه بغضب وهو ينظر لها. .فأدركت ما يريد قوله لها .
وفهمت انه يريد منها ان تنفذ القاعده التي أملاها عليها قبلا.
فنادت علي الخادمه وطلبت منها احضار شوكه غير تلك التي سقطت ووضعت الاخري جانبا.
غارت نوران كثيرا عندما وجدت آسر يصب جام تركيزه علي زهره.. فهتفت
لتُلفت انتباهه: آسر مره قولتلي قبل كده انك هتاخدني معاك عشان توريني شغلك في القسم بيكون عامل ازاي.. امتي هتنفذ وعدك ليا..
ولكنه لم يكن منتبها لها البته فغضبت لذلك..
سليم وهو يري توتر الموقف وخز آسر في كتفه فأنتبه له آسر وهتف: فيه حاجه يا سليم..
سليم بخفوت: نوران بتكلمك..
تطلع لنوران وهتف : كنتي بتقولي ايه يا نوران..
نهضت عن الكرسي بغضب وهتفت بأقتضاب: متاخدش ببالك.. ركز في اللي انت كنت فيه
ثم تركت المكان وصعدت للاعلي متجاهله نداء منال عليها…
……………..
من أعمق عميق نومه نهض وهو يصرخ بفزع
نضال بصراخ: مررررررام..
وعلي آثر هذا ركض وليد لداخل الغرفه وأقترب منه بقلق وهو يقول: نضال.. مالك يا نضال..
تلفت نضال حوله وهو يتذكر انه أتي من فلسطين إلي القاهره..
تجمهرت حبيبات العرق فوق جبينه آثر فزعه وكوابيسه القاتمه التي رآها وهو نائم..
لذا أخذ يتنهد بصعوبه وهو يضع يده مكان الجرح الذي اشتد عليه عندما نهض بتلك الطريقه..
جلس وليد بجواره وهمس بقلق وهو يراه بتلك الحاله:نضال ..ايه اللي حصل خلاك تقوم مفزوع كده..
ثم صب له كوبا من الماء وناوله إياه..
تناول نضال منه الكوب وارتشف منه قليلا ثم اعاده اليه..
اخذه وليد منه ووضعه علي سطح الكومود بجواره..
ثم التف وليد وتطلع اليه بثبات ليجيبه عن سؤاله..
زفر نضال بحزن ثم هتف : حلمت بكابوس.. كابوس مريع بنشوفه انا واصحابي كل يوم علي ارض الواقع في فلسطين.. شفت ناس بتموت ادام عنيا وبيوتهم بتتحرق وتنهدم وأصحابها جواها وبينتهي بيهم الحال انهم بيندفنوا تحت التراب وهم لسه عايشين…
عندها اغمض نضال عيونه بألم وهو يتذكر كل تلك الاحداث التي كانت تحدث كل يوما امام ناظريه
اما وليد فقد طأطأ رأسه بحرج لا بل انه يخجل ان يسمي نفسه رجلا وذلك يحدث في بلاد العرب.. في أطهر وطن ..فلسطين الحبيبه..
فتح نضال جفنيه وتلك الدموع الاليمه تسللت علي وجنتيه بقهر وظلم فأكمل بنبرة صوت مكلومه: تعرف يعني ايه تقف عاجز وانت شايف كل ده بيحصل ادامك.. تبقي عاجز وانت شايفهم بيتعدوا علي نساءنا وأحنا واقفين مش عارفين نعملهم حاجه.. لاننا لو عملنا هنحتبس في السجون ومش هنقدر نكمل مسيرتنا ضدهم..
صمت وهو يتأوه قهرا ثم أكمل: كل حاجه كانت بتحصل ظلم وافتري مكنوش حتي بيرحموا الاطفال فجروهم اغتصبوا حقوقهم حرموهم من طفولتهم بكل جبن.. كنت بشوف صاحبي بيموت ادام عنيا برصاصهم الغادر جيراني وأهلي هناك انقتلوا بسبب انهم طلعوا يقاوموا وينددوا بظلمهم للفلسطنيين
واللي مش بيستشهد مننا بيعيش طول عمره عاجز.. حتي ما رحموا طاقم الاسعاف واستشهدت الاسعافيه رزان النجار.. كل ده بيحصل فينا والعرب واقفين يتفرجوا.. القدس راحت مننا وهم بردوا واقفين يتفرجوا شايفينا بنموت من ظلمهم ادام عنيهم وبردوا واقفين بيتفرجوا علينا..
قال الكلمات الاخيره بغضب وشراسه نمر يائس..
وليد بحزن وانكسار : أهدي.. أهدي يا نضال..
نضال بشراسه: أهدي ازاي بس وكل ده بيحصل فينا ومحدش راضي يتحرك.. مش اسرائيل هي اللي بتقضي علينا وتموتنا يا وليد دول العرب هم اللي بيقتلونا وبيتموا أطفالنا ويرملوا نساءنا بسبب صمتهم ..بس أحنا هنحرر فلسطين بنفسنا مش هنسيبها ليهم ابدا حتي لو بقينا جثث غيرنا هيكمل المسيره.. نحن الفلسطنيين ما بنخاف غير من الله عمر رصاصهم ما هز شعره واحده من أبداننا ..
قالها بتصميم وعيونه تطق غضبا وشرار وعزيمه..
هبطت دموع وليد لتعبر عن مدي ضعفه وآسفه علي شبابه الذي ضيعه يوما في ذلك اللهو العابث
بينما هناك شباب كنضال يعافرون من اجل حرية وطنهم..
وليد بأسف: نضال انا مش عارف اقولك ايه.. انا
قاطعه نضال: انا مش لازم اقعد هنا كتير وديني بكره البيت عشان اودعهم قبل ما أسافر
وليد : انت عايز تسافر تاني.. خليك هنا يا نضال مصر هي بلد والدتك وانت عشت واتربيت هنا..
نضال: بس فلسطين وطني وقلبي.. والوقتي قلبي محتل ولازم اواصل مسيرتي لحد ما نحررها.. وبعدين هناك فيه جيراني و اصحابي اللي عشت معهم اجمل ايام طفولتي وهناك مرام حبي الاول والاخير.. ازاي بتطلب مني اسيبها تكافح الاعداء دول لوحدها.. انا وعدتها اني هفضل جنبها لآخر نفس في عمري ومن أخلاق الفلسطيني انه لما بيوعد ما بيخلفش وعده.. ما تنساش اني عشت كل طفولتي في فلسطين…
كلماته تلك ذكرته بنفس الكلمات التي قالها قبلا ل سلمي.. هو وعدها يأن يحبها ويعشقها طوال عمره.. وعدها بأنه لن يتخلي عنها ابدا..
لكن اين كل تلك الوعود الآن.. لقد صارت اوراق مبعثره لا قيمة لها..
فهو قد خان العهد ودهسة بقسوه تحت قدميه..
فخرج علي الفور من الغرفة وتوغل لوسط الصاله وهو يلعن نفسه التي سولت له فعل كل تلك المعاصي والذنوب..
فهو لم يترك ذنبا في حق الله إلا وقد ارتكبه ….
عندها كور قبضة يده وقام بلكم الحائط امامه بعنف حتي سالت الدماء من عمق يديه..
………………….
عاد للسياره ولم يجدها فقطب ملامحه بخوف وقلق وهو يتلفت حوله عله يلمح آثرا لها..
بحث عنها في كل الاماكن القريبه من موقف السيارات القابعه به سيارته.. لكنه في النهايه لم يجدها..
بعد ان استفاقت شعرت بداور فظيع يفتك برأسها..
فترجلت من السياره وهي تشد الغطاء حول جسدها بأحكام..
كادت تتعثر لكنها تماسكت رغم آلمها والبروده التي تفتك بجسدها وأوقفت تاكسي وطلبت منه الذهاب بها الي الفيلا (….)
وعلي الفور انطلق بها السائق نحو العنوان المنشود…
توقف بها التاكسي أمام الفيلا فترجلت منها وهي تشعر بألم فظيع في كامل جسدها وبدوار أعظم في رأسها وهي تسعل بشده..
وعندما كانت تصعد الدرج تعثرت فوقعت ولم تستطع الوقوف حيث ان الدنيا كلها دارت من حولها واحست بضباب كبير امام عيونها
وعندما رأي حارس البوابه ذلك أقترب منها هو والسائق
الحارس بقلق: ست نداء انتي كويسه ..
ولكنها لم تجب عليه سوي بتأوهات صدرت منها بسبب فظاعة الالم الذي تشعر به .
فعلي الفور توغل الحارس لداخل الفيلا ليخبر السيد مروان الدمنهوري بذلك..
غاب في الداخل لثواني ثم عاد ومعه السيد مروان وزوجته
وما ان لمح مروان ابنته بتلك الحاله ركض نحوها وهتف بفزع: نداء.. نداء. مالك يا نداء..
والام شهقت بلوعه وفزع بمجرد ان رأتها: بنتي. بنتي..
اقترب منها مروان وزوجته ليهمس: نداء في ايه. ومين اللي عمل فيكي كده
حيث انه رأي ملابسها المبلله
نداء وهي تتحدث بصعوبه بالغه: بابا.. بابا الحقيني
ثم بدأت تسعل بشده وهي تضع كفها الممسكه بالمنديل الورقي علي فمها..
بعدها ارتمت في احضان والدها غائبه عن الوعي
ومروان فغر عيونه بفزع وهو يري المنديل في يد ابنته ملطخ بالدماء..
وزوجته شهقت برعب وهي تصرخ:.دم.. دم يا مروان..نداء بتكح دم..
ودقت نبضات قلبها رعبا لذلك..
وعلي الفور حمل مروان ابنته بين احضانه واسرع بها نحو سيارته..
اما زوجته فسبقته لتفتح له باب السياره الخلفي.. فيضع نداء بهدوء عليه وتجلس والدتها بجوارها وهي تضع رأس ابنتها علي فخذها وتبكي برعب ودموع
ومراون اسرع برعب خلف المقود لينطلق بالسياره لأقرب مشفي.. وكل انشا في جسده يرتعش رعبا وقلقا علي ابنته…
………
كان غالب يقود سيارته نحو فيلا عمه مروان الدمنهوري وهو يمسك هاتفه ويتصل بنداء لكن هاتفها مغلق او خارج نطاق الخدمه..
.فأتصل بعمه ولكنه لا يجيب علي هاتفه..
فأتصل اخير بأبيه..
وما ان فتح حاتم الخط هتف غالب بلوعه وقلق: بابا هي نداء وصلت البيت..
حاتم بحزن: نداء في المستشفي يا غالب..
فغر غالب عيونه بصدمه وهو يهمس بذهول : مستشفي!!!!
وقد اعلنت دقات قلبه العصيان فصارت تخفق برعب كما لم تخفق قبلا..
فهتف بصعوبه : فين …فين المستشفي..
وأخبره والده بالعنوان
فعلي الفور رمي هاتفه وغير مسار سيارته وكل انشا في جسده يرتج رعبا بل خوفا …
وما ان وصل للمشفي حتي ترجل منها وركض للداخل دون حتي ان يغلق باب السياره خلفه.. سأل موظفة الاستقبال فأخبرته بالطابق الذي توجد فيه نداء مروان الدمنهوري..
حتي انه لم ينتظر المصعد الذي كان يشغله احدهم فصعد درجات السلم ركضا..
حتي وصل اليهم لمح من بعيد عمه ووالده وزوجة عمه وسلمي. .
أقترب من والده وعمه الذين كانوا يطأطأون رأسهم بحزن
وهتف ودقات قلبه تنقبض من الخوف: نداء فين…
عندها أنكمشت ملامح مروان غضبا ونهض بعنف من علي المقعد وأقترب منه وهو يصرخ بغضب : انت ايه اللي جابك هنا.. مكفكش اللي عملته فيها فجاي تكمل هنا..
حاتم وهو يحاول تهدئة اخيه: مروان اهدي احنا في المستشفي
لكن مروان لم يبالي بذلك فهتف بغيظ من بين اسنانه: انا ميهمنيش حد غير بنتي. وابنك مقدرش قيمة نداء ..امشي من هنا ومش عايز اشوف وشك تاني..
كان غالب يتطلع اليه بصدمه وهو غير مصدق فهتف بتصميم : انا عايز اشوف مراتي…
مروان بغضب وعيونه محمره كالشرار : نداء خلاص مش هتكون مراتك لانك هتطلقها..
حاتم وهو ينظر بصدمه لاخيه: مروان انت بتقول ايه..
اما غالب فوقف متسمرا في مكانه من الصدمه..
………

يتبع….

الفصل الخامس والعشرون

هتف غالب بنزق : انا محدش يقدر يمنعني عن مراتي..
عندها فلتت زمام الامور من مروان الذي تسارعت أنفاسه صعودا وهبوطا من شدة الغضب
فأقترب أكثر من غالب وشدة من تلابيب سترته وهتف وهو يصك أسنانه غضبا: قولتلك مش هتكون مراتك.. لأنك هتطلقها وتبعد عنها ومش عايز اشوفك قريب منها مره تانيه..
اما سلمي ووالدتها كانتا منهارتين من البكاء
وحاتم أقترب من أخيه ليهدئه فهو في حاله مزاجيه يُرثي لها
وهمس وهو يحاول إبعاده عن غالب: مروان أهدي احنا في المستشفي..
عندها أزاح مروان غالب عنه واشاح بوجهه لناحية أخيه وهو يهتف بثبات وتصميم: قول لأبنك يمشي من هنا يا حاتم.. وقوله كمان اني مش عايز اشوفه قريب من بنتي تاني لان لو حصل صدقني انا مش هرحمه ووقتها مش هراعي انه ابن اخويا زي ما براعي كل مره وفي الاخر الضحيه كانت بنتي نداء اللي عمرها ما أذت حد الله اعلم حالتها عامله ازاي جوه…
حاول حاتم ان يتحدث معه لكن قبل ان ينطق بأي كلمه تركه مروان وذهب ليقف امام الغرفه التي بها ابنته ..
وحاتم زفر بحزن وأقترب من غالب الذي كان لا يصدق ما يحدث بل انه مذهول
ربت علي كتفه وهمس: يلا يا غالب..
فتطلع اليه غالب بعدم تصديق وهتف: انا م
قاطعه حاتم بحزم: عمك مش في حالته الطبيعيه.. اللي هيريحه الوقتي هو انك تمشي.. أمشي عشان الوضع ميتأزمش أكتر من كده..
غالب بتوتر : بس انا عايز
قاطعه حاتم للمره الثانيه وهتف: عارف انك عايز تشوفها بس مش هينفع.. أمشي من هنا وانا هفضل جنب عمك وهبقي أتصل بيك عشان أطمنك عليها.. أمشي يا غالب من هنا.. أمشي..
تطلع لأمامه بحزن وأغمض عيونه لعدة مرات وهو يستشعر ألم قلبه بل أنه أشد من الالم..
هكذا نفس الشعور عندما تموت وانت مازلت حي…
مسح علي وجهه عدة مرات ثم هتف : حاضر همشي الوقتي بس أنا أكيد هاجي عشان أشوفها بكره حتي لو عمي صمم علي قراره بأني مش أشوفها..
وبكل غضب وحزن ترك المكان وذهب…
اما حاتم فزفر بضيق ثم توجه ناحية أخيه..
……………..
وصل لغرفته.
وبمجرد ان أوصد الباب خلفه ظل يصر ويثور كثورا هائج
ظل يلقي بكل شئ امامه علي الارضيه وكل غضب الدنيا يتقافز امام عينيه..
حتي انقلبت الغرفة رأسا علي عقب حتي ستائر غرفته القاتمه القاها بأهمال بجوار الحائط..
نزع عنه سترته وقميصه الابيض ورماهم بغضب أسفل قدميه ولم يكفيه هذا بل أنه دهسهم تحت قدميه بكل قسوه وشراسه
وتوجه بصدره العاري نحو كيس الملاكمه خاصته..
نفس عن غضبه وكل حزنه حتي قلقه وتوتره باللكمات التي كان يوجهها واحد تلو الاخره لذاك الكيس..
بعد قليل توقف وهو ينهج بشده وصعوب وحبات العرق فوق جبينه تتساقط كحبات المطر من السماء علي الارض…
بعدها أقترب من الاريكه وجلس عليها وهو يمدد ساقيه أمامه ثم أرخي ظهره للوراء وأغمض عينيه بألم وخوف وهو يتذكر ملامح وجهها الباهته وشفتيها الزرقاء
فينقبض قلبه رعبا وقلقا وتزداد دقات قلبه نبضا…
……………………..
حبستها زوجة أبيها في الغرفه وأوصدت عليها الباب بالمفتاح حتي يأتي أبيها من السفر….
مر وقت طويل وهي بداخل غرفتها حبيسه بين أربع جدران..
عندما أحست بألم فظيع يفتك بجسدها فحاوطت جسدها بذراعيها لتهدئة الالم ولكنه يزداد مره تلو الآخري
فنهضت عن السرير وتوجهت نحو الباب وأخذت تخبط عليه وهي تصرخ :أفتحولي الباب انا عايزه أخرج..
لكن الجميع تجاهل صراخها بناءا علي أوامر من زوجة أبيها..
وهي يأست من أن يستمع لها أحدهم ولم تكن تحتمل ما يحدث لها
فعلي الفور أسرعت نحو نافذة غرفتها وتطلعت منها للأسفل
تلفتت في الغرفه بحثا عن شئ يمكنها من النزول للأسفل..
فلمحت ملاءه السرير لذلك اقتربت من خزانة ملابسها وأخرجت منها العديد من ملاءات السرير وربطتهم ببعضهم حتي صارت كالحبل الممتد
بعد قليل تركت حبل الملاءات المتدليه وأسرعت تركض للخارج..
رآها حارس البوابه فهتف: ست هنا أوقفلك تاكسي..
هنا بتشتت: لا لا..
ثم أسرعت في ركضها لخارج البراب قبل ان تفطن زوجة ابيها الي هروبها. ..
…………………………
في النادي كان كرم يجلس مع اصدقائه وعينيه البائسه تبحث عن طيفا لها..
فهو قد اشتاق لها وبشدة ..منذ ان رآها آخر مره وهو لا يكف عن التفكير بها بات يراها في يقظته وأحلامه
وتهللت قسمات وجهه وهو يراها تقف أمامه لكن انكمشت ملامحه قلقا وهو يراها بتلك الحاله..
تائهه حزينه تبحث عن شئ ولكنها لا تجده.. عيناه القاتمتين بسواد الليل جسدها الهزيل عن السابق حتي ملامح وجهها باتت باهته وتحت عينيها يسكن الكثير من السواد..
ظل يراقبها من بعيد وهي لم تكن لتنتبه له فهي تبحث عن نهي.. نهي هي الآن دوائها..
وما ان لمحت نيره حتي أسرعت واقتربت منها وهي تهتف بصعوبه: نهي.. نهي فين..
نيره : لو قدمتي عشر دقايق كنتي لحقتيها لانها يدوبها خدت تاكسي وروحت..
وما ان أكملت نيره حديثها حتي تركتها هنا لتوقف تاكسي يوصلها لمنزل نهي..
وكرم ترك أصدقائه وتتبعها بعد ان اوقف تاكسي وطلب منه أن يسير خلف التاكسي الذي صعدت فيه هنا..
وقفت هنا امام الشقه وهي تلتقط انفاسها بصعوبه فهي قد صعدت السلالم بدل المصعد الكهربائي حيث كان يشغله احدهم..
وبعد ثوان دقت جرس الشقه لتفتح لها نهي التي شق قسمات وجهها أبتسامه جانبيه
هنا وهي تتوغل لداخل الشقه : نهي انت عملتي فيا إيه.. انا مبقتش قااادره أستغني عن القهوه اللي انتي بتعمليها بحس ان متكتفه لما مش بشربها.. هو ايه نوع البن اللي بتستخدميه..
أبتسمت نهي بسخريه ولؤم وهي توصد باب الشقه..
وأقتربت من هنا حتي وقفت أمامها..
كتفت ذراعيها امام صدرها وهتفت وهي تتطلع بثبات لعيون هنا الذابله: بس أنتي محبتيش القهوه يا هنا…
ثم صمتت وأبتسمت ساخره وهي تبتعد عنها..
قطبت هنا حاجبيها بعدم فهم وأقتربت منها ووقفت امامها
لتهمس بتعب:أومال أنا حبيت إيه..
بثبات قالت : مخدرات… حبيتي المخدرات.. او خلينا نقول انك أدمنتي المخدرات بالفعل واللي أنتي فيه ده بسبب المخدرات…
كانت لا تصدق ما تسمع ففغرت فاهها بذهول وعيونها مصدومه لتهمس : مخدرات.. مخ مخد مخدرات ايه.. انا مش فاهمه حاجه..
نهي وهي تضحك بسخريه ثم توقفت عن الضحك وهتفت بكبرياء: اه.. اصل انا مقولتلكيش ان انتي في كل فنجان قهوه كنتي بتشربيه كنتي بتتعاطي المخدرات يا عيني..
ثم أكملت ضحكاتها الساخره وجلست علي الاريكه وهي تضع ساقا فوق الاخري بتعالي..
هنا لم تكن مصدقه او انها لا تريد ان تصدق ما سمعت.. فتلك حقيقة قاسيه وخيانه عظمي..
فأقتربت من نهي ووقفت أمامها وهي تهتف بدموع: أنتي أكيد بتهزري صح.. انتي صحبتي ومستحيل تعملي فيا كده.. انتي طيبه.. وبتعامليني أحسن منهم كلهم.. قولي انك بتهزري انك كنتي بتضحكي معايا..
لتنهض نهي بغضب وهي تهدر بصراخ: أهزر.. ومعاكي أنتي.. روحي يا شاطره العبي بعيد وفكري أزي هتطلعي من المصيبه اللي انتي فيها.. ومن فضلك لما تعوزي تشمي بدره بلاش تيجيني هنا.. بصراحه ان ست نضيفه ومليش في الحاجات دي وأخاف من كلام الناس عليا لو شافوا مدمنة مخدرات زيك داخله شقتي…
والوقتي بقي تطلعي بره الشقه بهدوء..
قالتها وهي تتوجة نحو باب الشقه وتفتحه وهي تقف عنده هاتفه بقسوه : يلا أطلعي بره ومتجيش هنا تاني.
تحركت هنا بخطوات لازالت مصدومه حتي اقتربت منها فتوقفت قريبه منها وقالت: تعرفي انا كنت غلطانه لما وثقت فيكي..
تساقطت دموعها قهرا وتطلعت لأسفل قدميها وهي تكمل هامسه:كرم كان عنده حق لما سابني.. كلكم كان عندكم حق لما تفكروا تتجنبوني وتبعدوا عني لأني ضعيفه.. وهشه.. كل اللي أقدر أقوله قبل ما أمشي اني ندمت لاني عرفت واحده زييك في يوم من الأيام..
ثم خرجت ودموعها الأليمه تسبقها ونهي بكل كبرياء أغلقت الباب خلفها..
ظلت تركض علي درجات السلم حتي توقفت في المنتصف وهي تبكي بهستريه مفجعه…
وتتأوه بألم نفسي وجسدي يعتصر قلبها ..
وباتت تدرك حقيقه واحده ان كل من حولها يكرهها ولا يحبها..
حتي الحياه أوضحت لها ذلك بعد ان أبتعد كرم عنها وبعد ان أصبحت مدمنة مخدرات …
لكن هي لا تتحمل ذلك الالم وفي نفس الوقت لا تعرف من اين تحصل علي تلك المخدرات اللعينه..
هبطت درجات السلم بصعوبه بالغه وبتعب ظهر جليا علي ملامح وجهها من حبات العرق المتصببه بغزاره من أعلي جبهتها ……………………
خرجت من البنايه وكادت تتعثر وهي تهبط الدرج لولا بنية جسدة القويه التي أمسكت بها في آخر لحظه
فرفعت رأسها بذهول لتطلع إليه
صُدمت عندما رأته يقف أمامها فهمست بذهول وعدم تصديق: كرم…
عيناه تألمت وهو يري ذلك الوجع الدفين في عمق عينيها
وقلبه توجع وهو يري قسمات وجهها تحولت للتعب والارهاق
حتي صوتها يبدو جريحا متألما
لكنه أظهر جمودا وثبات وهو يقول لها بغلظه: كنتي عند نهي بتعملي إيه..
أبتسمت بفرحه غامره وهي تراه من جديد
كم أشتاقت لرؤيته.. ؟!!
كم ودت أن تسمع صوته؟!!
لكن كل هذا تدثر عندما أشتد عليها ألم جسدها..
فهتفت بأختصار: سيبني أمشي يا كرم..
كرم بغيظ: ردي عليا كنتي عند نهي بتعملي إيه وأزاي تروحي عندها وانتي عارفه أن كل اللي في النادي بيتكلم عنها وعن سمعتها…
فهتفت للمره الثانيه: أرجوك يا كرم سيبني أمشي أرجوك ..
أحس ان بها شيئا غريبا جعل قلبه يلتاع رعبا عليها فهمس: مالك يا هنا.. حاسس
وما كاد يكمل كلماته حتي تأوهت وهي تصرخ ألما.. فهي لم تعد تحتمل..
وكرم هتف بقلق : هنا.. هنا في إيه.. هناا
صرخ بالاخيره بعمق وهو يراها تسقط فاقده للوعي أمام ناظريه..
……………..
بعد قليل طرق وليد باب الغرفه وهو يحمل بيده بعض الاكياس ثم قام بعدها بفتح الباب..
تسمر في مكانه لوهله وهو يري نضال يفترش شيئا علي الارضيه ويصلي…
ظل يتطلع إليه ودقات قلبه تدق كطبول..
أقترب من السرير وجلس عليه في أنتظار أبن عمته حتي ينتهي من الصلاه..
منذ مده طويله وهو لم يري أحدا يصلي..
فكيف يري وهو يغرق في شهوات الحياه الفانيه..
أبتلع ريقه بصعوبه وهو يراقب كل حركه يقوم بها..
بعد ان انتهي نضال من الصلاه..
قال له وليد: حرما..
لكن وليد صححها له وقال بأبتسامه: أسمها تقبل الله..
فردد وليد وراءه: تقبل الله..
نضال بأبتسامه عذبه : مني ومنك ومن سائر جميع المسلمين..
وليد بأبتسامه مجامله: تعال كل لقمة انا طلبتلك دليفري لأني بصراحه مش بعرف أطبخ..
أقترب نضال وجلس جواره ثم هتف: هو انت دايما بتقعد في الشقه دي.. اقصد يعني خالي او مامتك مش بيقلقوا عليك..
عندها شرد وليد بحزن ثم هتف بأبتسامه ساخره: مش لما يفتكر الاول ان عنده ابن..
صمت لحظه ثم أكمل: عمري ما حسيت ان عندي أب زي باقي الاطفال اللي كانوا من سنس.. دايما كنت بسمع حكايتهم عن والدهم اللي بيعلب معاه واللي بيسفرهم معاه واللي والده يفتكر عيد ميلاده فيحتفله بيه ويجيبله هدية عيد ميلاده.. كنت دايما بسمعهم وانا بسأل نفسي :ليه ميكونش عندي نفس الاب ده.. الاب اللي بقرب أولاده منه مش بيبعده.. الاب اللي بيكون صاحب ابنه مش بيخوفه ويرعبه منه…
ثم صمت وهو يتنهد بضيق كلما تذكر كل تلك الذكريات…
فهتف نضال: خالي بيحبك يا وليد وبيحبك اووي كمان.. بس يمكن هو مش عارف يعبر عن الحب ده..
فأبتسم وليد بسخريه وهو يهتف: خلاص الوقت فات.. يعني مش بعد ما شاب ودوه الكتّاب ….
نضال بثبات: بلاش التشاؤم ده وأحمد ربنا ان والدك لسه موجود معاك دي نعمه البعض أتحرم منها
أتبع كلماته بتنهيده عميقه..
تجاهل وليد كل تلك الأحاديث وهتف بهدوء: طب يلا ناكل بقي لاني بجد هموت من الجوع وهو بالمره يكون بيتزا وشاورما بينا..
فقهقه نضال بهدوء رغم كل ما بداخله من حزن
……………………….
توغل لداخل المشفي برعب وهو يحملها بين ذراعيه
صرخ برعب للاطباء والممرضين : دكتور بسرعه..
وعلي آثر هذا ركض طبيب والعديد من الممرضين والممرضات بأتجاهه وهم يجرون عجلة الترولي..
فأرخي جسدها علي عربة الترولي برفق وقامت الممرضات بجرها نحو غرفة ما..
والطبيب ذهب خلفهم
كان هو يتحرك يمنة ويسار أمام الغرفه القابعه بها نهي.. كثورا هائج لا بل خائف مرتعب
بعد قليل خرج إليه الطبيب
فأسرع إليه كرم وهتف بقلق: خير طمني عليها..
الطبيب بأسف: كرم بيه انا مفروض أبلغ البوليص بس عشان أنت من عايلة الجندي فأنا مش هعمل كده وكمان عشان المستشفي دي سلسله من الممتلكات التابعه لشركاتكم…
تلك الكلمات وترت كرم أكثر وجعلت قلبه ينقبض بشده فهتف بنفاذ صبر: ليه.. في إيه بالظبط فهمني..
الطبيب وهو يتنهد بعمق: الانسه مدمنة مخدرات..
وبمجرد أن سمع كرم بتلك الكلمات أنقض عليه كأسد جامح وامسكه من تلابيب معطفه الابيض وهو يهتف بشراسه:أنت اتجننت.. ازاي تتكلم عنها بالشكل ده..
الطبيب بهدوء: صدقني الانسه اللي حضرتك جبتها مدمنة مخدرات وانا ايه اللي هستفيده لما أقول كلام مش حقيقي ومش بس مخدرات دي كمان بتاخد مسكنات كتير وده أثر أووي علي جسمها ولو فضلت كده هيأثر علي عقلها وبالتدربج هتتصرف بطريقه غير طبيعيه..
تسمر في مكانه مصدوما عيونه مجروحه وقلبه مشتعل بنيران ودقات قلبه المتقافزه لا ترحمه
وبدأ بالتدريج يرخي قبضتي يده عن الطبيب وأبتعد عنه دون ان ينطق بأي كلمه..
فيكفيه ان كل تفصيله في وجهه تنطق بالكثير..
نطق بدون وعي او بصدمه أفقدته عقله وتركيزه: من أمتي.. من أمتي وهي بتتعاطي المخدرات..
قالها بصعوبه وألم..
فأجابه الطبيب: تقريبا من أسبوع وأكتر..
فرجع للوراء بصدمه وهو يدرك ان تلك هي المده التي ابتعد فيها عنها..
بعدها أغمض عيونه بألم ثم فتحهم وكادت دمعه يائسه تسقط علي محجريه هاتفا : ممكن أشوفها..
الطبيب: ممكن هي ممكن تفوق في أي وقت بس وقتها حالتها هتكون صعبه جدا لان شكل جسمها مش قادر يقاوم بعده عن المخدرات…
وأثناء ذلك سمعا الاثنان صرخات مدويه قادمه من الغرفه..
فأسرعا للداخل فورا..
ليجد ان اثنين من الممرضات يكتفن حركاتها علي السرير كأنهن يربطنها بحبل..
وهي تصرخ بهم بأن يتركوها..
فأقترب كرم منهم وهتف بحزم لهن: سبوها..
وما أن تركوها حتي قفزت من علي السرير وكادت تركض للخارج لولا يدي كرم التي منعتها
كان يقبض يده بشده حول مرفقها فهتفت به وهي تحاول ابعاد يده: كرم أرجوك سيبني..
كرم بخشونه: لأ مش هسيبك..
ترجته بدموع وضعف : أرجوك سيبني..
فصرخ بها : قولت لأ.. انتي هتفضلي هنا ..
من شدة آلمها صرخت هاتفه: أنت مش وصي عليا عشان تتحكم فيا كده.. انا سيبتني قولت انك مش عايز تشوفني تاني ليه بقي جاي تاني الوقتي ..
كرم بضعف تملكه ولكنه بان ثابتا : جيت عشانك..
هنا بيأس ودموع: وأنا مش عايزاك.. سيبني بقي أبوس أيدك..
ضعفها هذا أوجعه وقطع نياط قلبه..
فهتق بزعيق: مش هسيبك يا هنا مش هسيبك تاني ابدا..
لم تحتمل أكثر من ذلك فهتفت وهي تحاول الافلات منه بشده: سيبني يقي سيبني..
لكنه تمسك بها أكثر ثم أحني جذعه وقام بحملها ووضعها علي السرير حيث كانت تتلوي منه بقوخ وفي النهايه لم تستطع الافلات منه..
ضم قبضتي يدها معا وأمسكهما بقوه قبضة حديديه ثم هتف للمرضه بصرامه بأن تأتي وتثبت قدميها التي تقذفها في الهواء عبثا حتي شل حركتها تمام فلم تستطع المقاومه وبدأت تهدأ رويدا رويدا وأنفاسها تتسارع بشده..
أقترب منه الطبيب وهتف: كرم بيه.. الطريقه دي غلط وانا بحملك المسئوليه لو حصلها حاجه..
نظر إليه كرم بغضب وهتف: انا عارف انا بعمل ايه كويس ومستعد أتحمل المسئوليه كامله فمتقلقش يا دكتور أسمك مش هيتهز…
قال الاخيره بسخريه مبطنه فتنهد الطبيب بضيق وتراجع للوراء..
هنا بخنوع: سيبني يا كرم أرجوك..
لانت ملامحه وهو يراها بذاك الضعف والتعب
لكنه لم يتركها..
وهي آلم جسدها كان يزداد فتلفت حولها بطريقه غير طبيعيه حتي لمحت ما تفكر فيه.. موجود علي الكومود بجوارها يفصلها عنه فقط خطوه واحده..
ثم أعادت النظر لكرم وهتفت بهدوء مزيف: سيبني وانا هنفذ كل اللي انت عايزه أرجوك..
أرجوك..
قالتها برجاء..
فهتف بتردد: تمام..
أشار للممرضه بأن تبتعد عنها .
ثم أبعد هو قبضتيه عن يدها ..وبعدها أستدار وتطلع للطبيب هاتفا :تقدر تعمل اللازم معاها يا دكتور
وما كاد ينهي كلماته حتي شهقت الممرضه برعب وعلي آثر هذا أستدار بجسده ووجهه ناحية هنا..
فأرتعب وهو يجدها تمسك بمشرط جراحي وتوجهه نحو رقبتها..كل هذا حدث في اقل من الثانيه..
صرخ كرم وهو يقترب منها: هناا..
لكنها أبتعدت عنه بعيدا وهي تصرخ بحزم: أوعي تقرب..
فتسمر في مكانه بخوف هاتفا: هنا بطلي جنان وابعدي ده عنك..
هتفت بدموع وهي تقربه أكثر منها: أوعدني الاول انك هتسيبني أمشي..
كانت تتحدث بطريقه غير طبيعيه او بمعني اصح آلم جسدها هو من جعلها تفقد السيطره علي تصرفاتها وجعلها تتصرف باللاوعي.
…………………..
ظل متيقظا الي ان سمع صوت سيارة والده بالأسفل.
فعلي الفور أرتدي قميصه الموضوع علي طرف سرير وخرج من الغرفه هابطا درجات السلم بسرعة الصاروخ ..
حتي قابل والده وهو يدلف للداخل وقف أمامه وهتف بقلق: نداء فاقت..
تطلع اليه حاتم بأسف وهتف: لسه..
عندها عبست ملامح غالب حزنا ورجع للوراء خطوتين هامسا: لسه.. طب ليه.. هو الدكتور قال عندها إيه..
حاتم : الدكتور طمنا وقال انه جرح بسيط في الحنجره وشوية قلق وتوتر سببولها الاغماء دا غير غرقها اللي كان واضح جدا من لبسها المبلول.. تقدر تفهمني ايه اللي حصل وصل نداء لكده…
فهتف بخيبة أمل ممزوج بحزن: بابا أرجوك انا مش قادر أتكلم في أي حاجه الوقتي..
ثم تركه وصعد لغرفته دون ان ينطق بكلمة أضافيه…
بعد قليل
كان غالب يهبط درجات السلم وهو يرتدي الستره
وصل لسيارته وبسرعه حلس خلف مقود السياره وأنطلق بها بسرعه جنونيه بعد ان أمر الحارس بفتح البوابه له…
والده ايضا لم ينام بل أنه وقف في ترّاس غرفته مهموما وقد رأي غالب وهو يصعد سيارته فتيقن من أنه سيذهب لرؤية نداء..
………..
هو صمم علي رؤيتها حتي ولو رفض عمه ذلك..
لكن من حسن حظه أن لم يجد أحد في الممر.. او هكذا
فعلي الفور اقترب من الغرفه وفتح الباب ودخل دون مقدمات
سلمي هي من رأته لكنها لم تحاول ابدا منعه…فهي قد عادت بعد ان احضرت لنفسها كوبا من القهوه الساخنه.
اما والدة سلمي قد ذهبت للفيلا لاحضار ملابس أضافيه لنداء
ومروان كان يتحدث الي الطبيب علي أنفراد بمكتبه..
بداخل الغرفه
بمجرد ان رآها ترقد أمامه لا حول لها ولا قوه توقفت كل دقات قلبه عن النبض..
أقترب منها حتي وقف امامها تطلع اليها لوهله بملامح متألمه
رفع أنامل يده لتتلمس قسمات وجهها وعندها سرت قشعريره في كامل جسده..
ودقات قلبه عادت تنبض من جديد بل أنها تقافزت بسرعة البرق..
فهمس متألما بجوار أذنها: نداء..
……………….
في غرفة الطبيب..
الطبيب بأسف: للأسف الانسه نداء عندها كانسر في الدم..
نهض مروان عن كرسيه بصدمه وهتف له بعدم تصديق: انت بتقول ايه.. مش لسه قايل من شويه انه مجرد جرح في الحنجره..
الطبيب وهو يزفر بحزن: انا قولت كده عشان أطمن الموجودين لكن انت ابوها ولازم تعرف الحقيقه.. والحقيقه دي هتفضل سر بيني وبينك ومفيش اي حد مهما كان يعرف السر ده حتي نداء نفسها.. لانها لو عرفت حالتها هتسوء وممكن متتقبلش العلاج.. انا قولتلك عشان تساعدني في علاجها.

يتبع….

الفصل السادس والعشرون

ظل واقفا بصمت يتأمل قسمات وجهها المستسلمه لذلك الهدوء القاتم..
شيئا ما بداخله ينقبض رعبا وألما وهو يراها هكذا…
هو في حيره شديده من أمره فهو منذ ساعاات عندما كان معها في النادي كان يتمني أن تختفي من حياته للأبد وليس فقط تلك المره بل انه تمني ذلك العديد من المرات..
والان هو يموت حرفيا وهو يراها هكذا بل أنه حتي لا يريد ان يتصور ماذا سيفعل لو أصاب نداء أي شئ.. عندها سيكون جسدا بلا روح أو قلبا بلا نبض وربما حياه بلا حياه..
جثي علي ركبتيها أمامها وكان أن يحتضن كفها بين كفيه عندما فتح أحدهم باب الغرفه..
وكان ذلك الشخص هو مروان الدمنهوري الذي تألم قلبه بعد ان سمع بمرض نداء فجاء يبكي جوارها ويتشبع من ملامحها التي ربما ستفارقه يوما.. وعندما يتخيل ذلك يعتصر الالم قلبه.. لكن في النهايه هو يؤمن بأن الله جعل لكل شيئا سببا وان الخير دائما هو فيما أختاره الله..
وتألم أكثر وبكت عيناه عندما تذكر بأن نداء هي من علمته تلك الكلمات ودائما ما كانت ترددها علي مسامعه حتي حفظها عن ظهر قلب..
لكن اين هي الآن..
انها ترقد علي السرير لا حول لها ولا قوه..
تطلع بغضب إلي غالب وبهدوء أشار له بأن يتبعه..
خرج مروان وابتعد عن غرفة نداء وغالب قد تبعه بهدوء وعيناه معلقه بنداء إلي ان خرج وأقفل باب الغرفه خلفه…
كان يقف خلف مروان الذي يدير ظهره له وهو في قمة غضبه لانه عصي كلامه وأتي لرؤية نداء قسرا..
اما غالب فكان يقف بأنكسار وعيناه الذابلتان تتألمان بشده لأجلها ..
وصل حاتم في تلك اللحظه ورأي غضب مروان فأقترب منه هامسا: مروان غالب ليه حق انه يطمن علي مراته..
مروان بغضب : أبنك دمر بنتي يا حاتم ..خلاها دايما تكون حزينه ومكتبئه. أتجوزها وهو مش بيحبها ورغم انها بنت عمه عاملها بأشد قسوه.. أبنك مش هيشوف نداء تاني طول ما أنا عايش علي وش الدنيا. بزياده أوي اللي عمله فيها.. لو هو مش عايزها فأنا بتمني التراب اللي بتمشي عليه..
حاتم بتفهم: عارف انك مضايق عشانها بس انا هستني لما تهدي شويه وبعدين نتفاهم ..
ثم أقترب من غالب وأمسك يده وجره خلفه برفق دون كلمه ودون حتي ان يسمح لغالب بالاعتراض..
من الاساس غالب لن يعترض فهو تائه في ملكوت آخر يسمي نداء..
……………………..
في المشفي التي بها هنا..
هتف كرم بخوف ولوعه مبطنه: هنا سيبي اللي أيدك ده..
لكنها لم تكن لتستمع إليه وبعيون جامده ونظرات ثابته قربت المشرط من رقبتها أكثر وهي تقول: لو مش هتسيبني أمشي من هنا انا هموت نفسي
كاد ان يقترب منها وهو يجدها تغرز المشرط في رفبتها ولكنها صرخت لتوقفه هاتفه: قولتلك خليك مكانك..
فتوقف علي الفور وهتف بتلعثم وخوف: خلاص خلاص انا مش هقرب منك بس أنتي أهدي وأبعدي البتاع ده..
ألم جسدها يزداد أكثر بطريقه مفجعه لم تعد تحتمل أكثر من هذا فغرزت المشرط أكثر في حنايا رقبتها
وهو ألتاع وفزع بمجرد رؤيته للدماء تسيل من رقبتها فهدر بها بخوف: هنا انتي أتجننتي ابعدي المشرط ده عنك.. هنا أسمعي الكلام هنااا
قاطعته بتصميم: قولتلك اني هقتل نفسي ..خليهم يسبوني أمشي
كرم بضعف: مش هينفع يا هنا انتي لازم تتعالجي لازم..
هنا بتوهان : وانا مش عايزه أتعالج من حاجه.. سيبني في حالي ومتشغلش نفسك بيا ..متحاولش تثبتلي انك خايف عليا أنا عارفه انك بتعمل كده عشان متحسش بالذنب نحيتي.. عارفه أن كلكم مش بتحبوني وانا بقي قررت أريحكم مني
بعد أن نطقت بتلك الكلمات غرزت المشرط أكثر في رقبتها..
فصرخ كرم برعب: هسيبك تمشي خلاص هسيبك تمشي بس أبعدي ده عنك…
عندها نظرت له ببلاهه وعدم تصديق
فهمس ليطمأنها: صدقيني هخليكي تعملي اللي انتي عايزاه وهسيبك تمشي بس أرجوكي بلاش تتهوري وتأذي نفسك..
عندها بدأت دقات قلبها العاصفه تهدأ
وببطئ أرخت ذلك المشرط عن رقبتها التي سالت منها الكثير من الدماء
وهمست بضعف وعيون خاويه من أي شئ: أوعدني ..أوعدني بكلامك ده..
كرم ودموع عينيه كادت تسيل: أوعدك.. أوعدك بأن هعمل المستحيل عشان تكوني سعيده..
قال الاخيره بخفوت
فسقط المشرط من قبضة يدها علي الارضيه وهو سرعان ما اقترب منها عندما وجدها تكاد تفقد الوعي
أسندها وحملها بين ذراعيه ثم برفق وهدوء وضعها علي السرير ثم تطلع إلي الطبيب هاتفا:ضمد جرح رقبتها يا دكتور..
الطبيب وهو يقترب منها : حاضر
ثم نهض كرم وأقترب بخطي حزينه من زجاج النافذه المطل علي الطبيعه في الخارج زفر بحزن وترك العنان لتنطلق دموعه كقطرات الماء علي وجنتيه…
بعد أن أعطتها الممرضه حقنه مهدئه كما أمرها الطبيب دثرتها جيدا تحت الغطاء ثم خرجت وهي تغلق باب الغرفه خلفها بهدوء..
أعترض طريقها احد الممرضين وهتف: هو ايه اللي بيحصل بابظبط وليه الصريخ ده..
الممرضه: ده كرم بيه جاب بنت للمستشفي وطلعت في الاخر مدمنة مخدرات.
الممرض وهو يردد بذهول:.مدمنه
الممرضه: آه.. ربنا يكفينا الشر ويبعد أمثالهم عننا..
ثم تركته وذهبت وهو فورا أخرج هاتفه ليضغط علي بعض الاذرار
المتصَل به : ايوه يا سيد خير في إيه..
سيد(الممرض): كرم بيه..
نهض سالم (المتصَل به )بفزع هاتفا: كرم أبني ماله حصله إيه..
سيد :.متقلقش يا سالم بيه.. انا اتصلت علشان ادي لحضرتك خبر بأن جه هنا المستشفي وجاب بنت معاه ولما سألت الممرضه قالت عنها انها مدمنة مخدرات..
سالم بصدمه: انت متأكد من كلامك ده..
سيد: ايوه يا فندم وتقدر تتأكد بنفسك وتسأل دكتور سامي لان هو اللي اتلقي الحاله…
سالم وقد تملكه الغضب: طيب أقفل انت وانا هتصرف..
بعد ان اقفل الخط هتف سالم بوعيد:.حصلت يا كرم انك تعرف بنت وتجيبها المستشفي وكمان تطلع مدمنة مخدرات ..
ثم أتصل به
ليجيبه كرم بتوتر : الو مساء الخير يا بابا
سالم بهدوء مزيف: انت فين الوقتي..
ابتلع كرم ريقه بخوف وهمس بتلعثم: انا انا انا في النادي ايوه ايوه في النادي..
قطب سالم حاجبيه بغضب لكنه تماسك وهتف بهدوء: طيب تعالي علي البيت لاني عايزك في موضوع مهم. .
تطلع كرم بحزن ل هنا الفاقده للوعي ثم هتف بهدوء: حاضر يا بابا..
سالم بتحذير: متتأخرش..
كرم: حاضر..
ثم أقفل الخط..
………………….
بعد ساعه..
طرق كرم باب مكتب والده بهدوء فأذن له سالم بالدخول
فمبجرد ان دخل لمح غضب والده الظاهر بهدوء علي ملامح وجهه
رغم قلقه وتوتره لكنه أظهر ثباتا يُحسد عليه وهو يقترب منه ويقف امام مكتبه بشموخ هاتفا: خير يا بابا..
نهض سالم عن مكتبه وتحرك حتي أقترب من كرم ووقف أمامه بغضب هاتفا: انت تعرف بنت أسمها هنا.
عندها تلبك كرم وتوترت ملامحه ولكنه حاول التماسك فهتف بهدوء وهو يركز بصره علي عيني والده : أيوه أعرفها..
سالم وقد غلت أوداجه غضبا فهتف بتزق: ومن امتي ولاد الجندي بيعرفوا مدمنيين مخدرات.
عندها تطلع كرم لوالده بضيف وهتف:هنا مش مدمنة مخدرات هي بس تعبانه رانا هقف جنبها لحد ما تبقي كويسه وترجع دي الاول..
سالم بغضب: اه تساعدها انها تبطل الادمان ده وبعدين انت اللي تكون مدمن.. صح
فصرخ كرم هاتفا: قولتلك هنا مش مدمنة مخدرات
عاجله والده بغضب وعصبيه : ده الحقيقه تقدر تنكرها.. لو انت انكرتها غيرك هيصدق
طأطأ رأسه بضعف وهتف: انا ميهمنيش الناس.. هنا بس هي اللي تهمني ..انا بحبها ولا يمكن أستغني عنها
سالم وهو يتطلع اليه بسخريه: حب ايه اللي بتتكلم عنه طبب افلح الاول وجيب مجموع تقدر تدخل بيه الكليه.. وبعدين حب ايه وانت لسه مش عارف حتي تشيل مسئولية نفسك.. واوعي تنسي انك لسه بتاخد مصروفك مني.. خلي الحب للناس الناضجه مش للعيال اللي زيك..
كرم وقد اغضبه حديث والده : انا مش عيل انا راجل زيي زي آسر ويمكن أحسن منه كمان وعشان اثبتلك ده انا مش عايزه منك فلوس ولا حتي تصرف عليا انا كمان هسيبلك البيت واشتغل واصرف علي نفسي.. ووقتها بس هتتأكد انك كنت غلطان لما قولت عني عيل..
صرخ بها بغضب عنف
ثم بعيون كعيوندالصقر تطلع لوالده دون ترمش عين واحده من عيونه كأنه يتحداه
وهذا ما أغضب سالم وبشده رلذلك وبدون وعي صفعه بقوه علي خده الايسر
وفي تلك اللحظه فتح آسر باب مكتب والده القابع في مقدمة الفيلا وعندما رأي صفع والده لكرم أسرع ووقف حاجز بين والده وأخيه..
هتف محاولا لتهدئه والده:بابا أهدي ..مينفعش خالص تضربه و
قاطعه كرم بعيون غاضبه وهو يهتف: متحاولش تمثل ادامي دور الاخ اللي بيدافع عن اخوه ولا اقولك انا اصلا مش قعادلكم فيها..
وتطلع لوالده بثبات وهو يهتف بتصميم: انا مش عيل يا بابا وكمان مش هرجع البيت ده تاني ابدا.. يااااريت تنسي ان ليك ابن اسمه كرم وانا كمان هنسي انا ليا عايله.. عايله دايما كانت بتحاول تكسرني وتثبتلي اني مجرد نكره في حياتهم..
ثم نظر ل آسر بحقد بعدها ترك لهم المكان بأكمله وذهب..
بعد ان ذهب
هتف آسر بيأس: ليه يا بابا ليه عملت معاه كده.. انت عارف كويس ان كرم مينفعش معاه العند كان لازم تتفاهم معاه ..وبعدين ايه اللي حصل لكل ده..
اما سالم فزفر بحزن وهو يتابع طيف كرم الذي اختفي عن ناظريه
ثم هتف بتصميم: انا أعرف أزاي أبعده عن البنت دي حتي لو اطريت أستعمل طرق مش قانونيه.. بس انا لازم أبعد عنه البنت دي بأي وسيله ومهما كانت الطريقه..
وآسر وقف ببلاهه وهو لا يفهم شئ مما يدور حوله
………….
في اليوم التالي..
في فيلا حاتم الدمنهوري
كان غالب وحاتم يجلسون حول مائدة الطعام..
لكن غالب لم يكن يفعل اي شئ سوي الشرود في نقطة ما أمامه
وحاتم كان يراقبه وهو يتنهد بحزن فهمس : وآخرتها يا غالب هتفضل شارد كده.. وبعدين كلك لقمه دا انت مأكلتش من أمبارح
ولكن غالب تطلع اليه بحزن دون ان ينطق بكلمه
فزفر حاتم بحزن وآثر الصمت هو الآخر.
قاطع رنين هاتف حاتم ذلك
الصمت المطبق..
بعد ثوان همس حاتم بفرحه غامره: بجد.. انت متأكد ان نداء فاقت..
وفور سماعه بأسم نداء أنتبهت كل حواسه لوالده
بعد ان انهي والده المكالمه هتف بعدم تصديق: نداء فاقت..
حاتم بفرحه: ايوه واحد من المستشفي كلفته ان يكلمني اول ما تفوق
وقبل ان يكمل حاتم حديثه نهض غالب عن كرسيه..
فهتف حاتم: استني هروح معاك.
بعد مرور بعض الوقت..
توقف غالب بالسياره أمام المشفي.
وقبل ان يترجل غالب من السياره اوقفه حاتم وهو يهتف بحزم: غالب هتقف بره الاوضه لحد ما اشوف الدنيا هتمشي ازاي.. مش عايز مشاكل تحصل بيني وبين عمك..
غالب بضيق: يعني ايه..
حاتم وهو ينظر اليه بصرامه: يعني هتنفذ كل اللي أقولك عليه فاهم..
لكن غالب أشاح بوجهه للناحيه الاخري..
فهتف حاتم بتصميم وعند: فاهم
يا غالب اللي بقولك عليه.
عندها اضطر غالب لان يجيبه بخنوع هاتفا بعد ان لانت قسمات وجهه: حاضر ..
ولذلك أنتظر غالب في السياره حتي يأتي اليه والده بنفسه ويأذن له بالذهاب لرؤية نداء
طرق حاتم الباب وبعدها توغل لداخل الغرفه وهو يقفل الباب خلفه بهدوء..
أقترب من الجميع وأبتسم وهو يركز بصره علي نداء: الحمد الله علي سلامتك يا نداء..
نداء بأبتسامه متعبه: الله يسلمك يا عمي..
ثم وجه أنظاره للجميع وسلم عليهم زوجة اخيه وسلمي الجالسه بجوار نداء وأخيرا أخيه مروان الذي كان يقطب حاجبيه بنزق..
بعد ان جلس قليلا معهم هتف ل مروان: ممكن اتكلم معاك خمس دقايق لوحدنا..
ثم نهض عن المقعد وتوجه للخارج بأنتظار مجئ مروان اليه
وبالفعل ما هي إلا ثوان حتي وجد اخيه يخرج ويقفل باب الغرفه خلفه
وقف أمامه مرون بضيق وهتف وهو يكتف ذراعيه امام صدره:.خير
حاتم: غالب في العربيه تحت.. مستني موافقتك عشان يطلع يشوف نداء…
مروان بغضب: لا مش هينفع
وكاد ان يتركه ويذهب لولا ساعدي حاتم التي منعته من الذهاب
حاتم وهو يتطلع لاخيه بثبات هاتفا: في ايه يا مروان ليه عايز تبعد ابني عن مراته…
مروان بنزق : حاتم انت عارف كويس اووي غالب ابنك كان بيعامل نداء ازاي.. وغلطتي اني كنت عارف بكل اللي بيحصل بس كنت ساكت عشان خاطرك انت بس الوقتي مينفعش اكون عارف ان ابنك بيكره بنتي وأفضل ساكت زي الاول…
حاتم : يعني ايه. معني كلامك ده ايه..
مروان بثبات:يعني زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف.. وبهدوء خلي ابنك يطلق بنتي..
حاتم: مروان انت فاهم انت بتقول ايه..
مروان : صدقني يا حاتم هو ده الحل.. وده اللي ابنك كان عايزه من زمان..واللي انا كمان عايزه الوقتي
بعدها تركه مروان غارقا في صدمته وذهوله ودخل للغرفه..
فتنهد بحزن دفين.
………………….
في شقة صديق كرم
داعب جفونها أشعه الشمس الذهبيه ففتحت جفنيها ببطئ شديد
لتري امامها قسمات وجهه القلقه
فنهضت بذعر وهي تصرخ
فاقترب منها هامسا بقلق: هنا ..هنا اهدي انتي معايا
بعدها صب لها كوبا من المياه البارده وناولها إياه..
تناولته منه بيدا مرتعشه وبخوف ارتشفت منه قليلا ثم أعطته الكوب ليضعه بجواره علي الكومود
ثم التفت لها وهتف بخوف: كويسه الوقتي..
فأومأت له بهدوء
كاد ان بضع يده علي رأسها ويتلمس بيده خصلات شعرها لكنها نهضت تبتعد عنه وهي تهتف بقسوه: جبتني هنا ليه..
كرم بثبات: جبتك هنا عشانك.. عشان أحميكي من اللي كنت ناويه تعمليه..
هنا بضيق:.انت وعدتني.. وعدتني انك تسيبني أعمل اللي عايزاه من غير ما تتدخل..
كرم بيأس:.لا يا هنا انا موعدتكيش اني اسيبك تدمري نفسك واقف اتفرج عليكي وانا ساكت موعدتكيش اني أخلي هنا ابو حجر تضيع حياتها ومستقبلها.. أرجعي يا هنا لحياتك ارجعي هنا ابو حجر اللي حبتها..
عندها تطلعت اليه بصدمه وذهول وبريق عينيها الذاهل لا يصدق ما قاله الآن.
وهو شعر بذلك من نظرات عيونها فهمس: انا بحبك يا هنا ومستحيل اسيبك تضيعي حياتك..
طأطأت رأسها وهي تبكي بدموع لوهله ثم رفعت رأسها إليه لتجيبه بأبتسامه ساخره: الوقتي بس عايزني ارجع هنا.. هنا اللي كانت دايما مش عاجباك.. هنا اللي الكل كان بشوفها ضعيفه وتافهه..
صمتت قليلا لتتماسك ثم أكملت بثبات: آسفه جدا.. انا الوقتي اللي مش عايزه هنا القديمه.. هنا الضعيفه اللي الكل بييجي عليها انا خلاص كرهتها حتي.. حتي مش عايزه أفتكرها.. والوقتي بقي سيبني ابعد عني زي ما بعدت قبل كده
وكادت تذهب لكنه اعترض طريقها ووقف أمامها
وهي تسمرت في مكانها وهي تتطلع اليه بصمت..
بسط كفه أمامها وهو يهمس بصدق قد استشعرته من عمق عينيه : هاتي ايدك يا هنا.. أنسي اي حاجه حصلت وخلينا نبدء من جديد وانا أوعدك اني عمري ما هسيبك ابدا ولا هتخلي عنك.. هفضل جنبك لحد ما تبطلي وترجعي احسن من الاول..
لكنها ابتعدت عنه خطوتين للوراء وهي لا تصدقه..
فأقترب منها بعاطفه جياشه وهو يهمس ليطمأنها: صدقيني يا هنا.. صدقيني..
وقرب كفه المنبسطه أكثر منها..
لتتبادل النظر بينه وبين كفه الممدوده امامها بدموع وشك
فأومئ لها بنظرات أطمئنان..
عندها ارتخت نظرات عيونها وهدأت انفاسها الخائفه حتي الم جسدها بدأ يتدثر
وبأحتياج مدت إليه كفها لتحتضن كفه التي اشعرتها فور بأمان لم تشعر به قبل هذه اللحظه
ثم بهدوء أقترب منها حتي أحتواها بعمق بين أضلعه. وبدموع ارخت رأسها علي كتفه لتغمض عيونها بأسترخاء رويدا رويدا وذراعيها النحيفتين تطوقان خصره بعمق …
……………..
توقف بسيارته امام الفيلا بغضب
وتبع والده الذي جلس صامتا طوال الطريق كل ما فعله انه أمره بصرامه بأن يذهب للبيت وهو بكل أدب لبي أوامره حتي انه عندما سأل عن نداء اخبره حاتم بان سيتحدث في تلك الامور في المنزل ورغم انه كان يريد رؤية نداء إلا ان حاتم رفض رفضا قاطعا واصر علي ان يوصله بنفسه للمنزل..
بمجرد ان دخل والده الفيلا اوقفه غالب وهو يهتف بضيق: بابا ممكن تقولي بقي ايه اللي حصل..انا جيت معاك بهدوء ومتكلمتش في الطريق زي ما أمرت.. فمن حقي الوقتي اني اعرف عمي قالك ايه خلاك حزين ومضايق بالشكل ده..
لكن حاتم صمت وأشاح بوجهه بعيدا عن غالب بحزن فطب غالب حاجبيه بقلق ووقف امام والده وهتف وهو يتطلع بثبات إليه: فيه يا بابا
حاتم وهو يهز رأسه بالنفي ونظرات عينه اليائسه مسلطه علي غالب: مروان خد قرار ومش هيرجع فيه..
تنهد بضيق ثم هتف بخفوت وحزن: طلق نداء يا غالب.. طلقها..
توهجت عيون غالب غضبا ودقت نبضات قلبه بأنقباضه
ثم ابتلع ريقه بصعوبه وهو يهمس بعدم تصديق: مستحيل.. مستحيل اطلقها…
ثم تطلع لوالده بثبات هاتفا بعيون كالصقر: انا مش هطلق نداء.. علي جثتي لو حصل الكلام ده
ثم أستدار بغضب وابتعد عن والده وهو يشتعل غضبا او بالاحري هو خائف لمجرد فكرته بان يبتعد عن نداء ولا يراها من جديد ولا يعلم كيف تولد شعوره هذا ناحيتها بين ليله وضحاها ..لا يعلم كيف أحبها بكل هذا العمق بل بات لا يطيق ان يحدث لها مكروها .لكن كل ما يدركه الان انه لن يتحمل فكرة ان لا تكون نداء ملكه وزوجته. يموت لمجرد ان يخطر هذا بعقله..
اقترب منه حاتم وربت علي كتفه وهو يهمس: غالب.. عمك مصمم وانا عارف كويس اووي ان مروان لما بيعند ويصمم علي حاجه مستحيل يتراجع عنها..
وهذا ما اغضب غالب وبشده لذا نفث غضبه وازاح يد والده عن كتفه وهو يهتف بعيون جامده: انت شوفت الموضوع وخليتني ابعد عنه لحد ما تشوف حل.. الوقتي جه دوري.. ان انا اللي أحل مشكلتي بنفسي وحضرتك اللي تبعد عنه..
حاتم ببلاهه: غالب انت هتسمع الكلام وتطلق نداء.. ومش هتحاول ابدا انك تعصي كلامي او كلام عمك..
فأستدار له غالب وتطلع اليه بثبات هاتفا : أوامرك انت وعمي كلها مطاعه عندي إلا في موضوعي انا ونداء..
حاتم بعدم فهم: غالب ان عارف انك واخد الموضوع عند مش أكتر.. بس نداء مش لعبه بين ايديك انت مش بتحبها ولا حتي كنت عايزها.. ولولاي أنا كان زمانك طلقتها.. ايه بقي اللي جد في الموضوع وليه متمسك بيها اووي كده..
اشاح غالب بوجهه عنه وهتف بتشتت : مش عارف ايه اللي بيحصلي.. بس اللي انا متأكد منه الوقتي اني معنديش استعداد اتخلي عن نداء..
بعدها تركه وذهب صعد سيارته وانطلق بها الي ما لانهايه.. الي مكان هو نفسه لا يعرفه..
وحاتم راقب ذلك بصمت وفي نفس الوقت بحزن مطبق..
………………
كان يجلس علي الاريكه وهنا ترقد وهي تضع رأسها بأسترخاء علي ساقيه وتغمض عيونها بتعب ولتتحمل آلم جسدها امسكت كفه وهي تضغط عليها بقوه فألم جسدها هو من جعلها تفعل ذلك دون وعي..
ورغم ان أظافر يدها كانت تنغرز في ظهر كفه إلا انه لم يتذمر وتحمل ذلك بصدر رحب رغم الالم الذي كانت تسببه له..
حتي تراخي جسدها ومعه خف الالم قليلا وهدأت انفاسها المتسارعه بوجع..
ثم فتحت جفنيها المغلقين وتطلعت اليه بثبات لتهتف: انا آلمتك..
فنفي لها ذلك بأبتسامه حنون..
لتكمل : خليك جنبي علطول يا كرم.. عشان أعرف ارجع زي الاول.. اوعدني انك علطول هتكون سندي وحمايتي.. اوعدني انك هتحميني من أي حد بيكرهني ويحاول يأذني.. اوعدني..
قالت الاخيره بخفوت
فيبتسم لها ويقول بصدق: اوعدك.. أوعدك يا هنا..
فاحتلت قسمات وجهها ابتسامه هادئه وبعدها غفت في نوما عميق بعد ارهاق وتعب جسدي بحت من الدرجه الاولي..
ظل للحظات يملس برفق علي خصلات شعرها وذلك كان يكسبها الامان الذي افتقدته دوما ممن حولها حتي انها افتقدته من والدها…
بعد قليل تذكر انه لم يأتي بالحقن المهدئه التي نصحه الطبيب بها في حالة ان ثارت وانفعلت بسبب حرمان جسدها من المخدرات..
لذا يجب ان يذهب ويحضرها من اقرب صيدليه لانها ربما تستفيق بعد قليل وتأتيها تلك النوبه من الغضب.. رغم انه يريد ان يعرف سبب ادمانها او من الذي جرها لذاك الطريق لكنه آثر ان يحدثها في ذلك الموضوع بعد ان تشفي
قليلا من الادمان..
رفع رأسها بهدوء من علي ساقيه ووضعه علي الاريكه بحذر وهو ينهض
ثم أقترب من السرير وأخذ وساده من عليه ودسها اسفل رأسها بهدوء تام حتي لا يوقظها ثم دثرها جيدا بالغطاء ..
وتحرك بخطي هادئه نحو باب الشقه وفتحه بهدوء ثم خرج من الشقه وهو يوصد الباب خلفه بحذر..
في طريقه للصيدليه القريبه من هنا توقف وهو يري رجلان غايه في الضخامه يعترضان طريقه
فهتف بعدم فهم : انتم مين وعايزين مني ايه..
فهتف احدهم بهدوء: كرم بيه ممكن تيجي معانا بهدوء..
كرم بغضب : مش هروح لاي مكان قبل ما اعرف انتم مين وعايزني ليه..
لكن الرجلان أقتربا منه وهم يحاولون جره معهم بالقوه..
فأبتعد عنهم وكاد ان يلكم الضخم الواقف امامه لكن الضخم ابتعد فهوت اللكمه في الفضاء الواسع وبسرعه أمسك الضخمان بكرم الذي حاول بكل قوته الافلات منهم لكنه لم يستطع.. فالرجلان يمتلكان قوه جسديه لا يستهان بها..
كرم وهو يصرخ بهم: سيبوني. سيبوني..
وفجأه غاب عن الوعي بعد ان كمم الضخم فمه بمنديل عليه ماده مخدره…
ثم حملوه للسياره السوادء القابعه علي بعد خطوتين منهم وانطلقوا بالسياره
بعد ان اتصل أحدهم وهتف للمتصَل به: كرم بيه بقي تحت ايدينا يا سالم باشا..
فأبتسم سالم بثبات وهتف: تمام اووي يا رجاله..والوقتي بقي نفذوا اللي امرتكم بيه بأسرع وقت.
الرجل الضخم بخنوع: حاضر يا سالن باشا..
…………….

يتبع….

الفصل السابع والعشرون

انتظر غالب بالساعات في سيارته أسفل بناء المشفي الضخم كل هذا لأجل ان يراها كما يراها الان امام ناظريه..
لمحها غالب من بعيد ووالدها يسندها حتي صعدت في المقعد الخلفي من السياره وبجوارها جلست والدتها ومروان أخذ مكانه خلف مقود السياره وبجواره سلمي.
يبدوا ان الطبيب سمح لنداء بالخروج اليوم..
وهذا جعل ابتسامه عريضه تشق قسمات وجهه..
وتتبع السياره بهدوء حتي لا يثير انتباههم إليه..
وصلت السياره الخاصه بمروان الدمنهوري أمام بوابة الفيلا الضخمه لتترجل منها نداء وهي تستند علي يد والدتها وكذلك سلمي التي أسرعت إليها لتسندها حيث لم تستعد نداء بعد عافيتها.
ومروان تبعهم بهدوء لداخل الفيلا
أما غالب فتوقب بسيارته في الخارج ينتظر أن ينام الجميع حتي ينفذ مخططه…
في الطابق العلوي حيث غرفة نداء..
بعد ان أستلقت بهدوء علي السرير ودثرتها سلمي بالغطاء جيدا..
هتفت الام: أعملك حاجه تشربيها يا نداء..
فأجابت والدتها بأبتسامه هادئه: تسلمي يا أمي.. بس مش قادره أشرب حاجه..
الام بقلق: كده مينفعش انت لا عايزع تاكلي ولا تشربي حاجه.. يا بنتي صحتك كده هتتعب أكتر..
كادت نداء تتحدث فقاطعها مروان بهدوء: سيبيبها علي راحتها..
عندما زفرت الام بهدوء وهمست: اللي تشفوه..
سلمي وقد لاحظت حزن والدها الدفين وصمته المطبق طوال الطريق من المشفي الي هنا وأيضا صمته وحزنه في تلك اللحظه
فهتفت بقلق وهي تركز بصرها نحو أبيها: بابا خير فيه حاجه ضايقتك..
تطلع مروان بحزن إلي حنايا وجه نداء وكادت دموعه الابويه ان تسقط لولا انه تمالك نفسه وهتف بثبات يدراي خلفه حزنه العميق: لا ابدا.. كل الحكايه اني فرحان برجوع نداء لينا بالسلامه
ثم أقترب من نداء وقبلها علي وجنتيها بحنان أبوي تملكه وكأنه بذلك يشبع أبوته منها…
ثم ابتعد وهتف للجميع بهدوء: يلا نخرج ونسيب نداء ترتاح لوحدها شويه..
ولم ينتظر إجابتهم بل خرج علي الفور وزوجته وسلمي ودعو نداء ثم تبعوه واغلقوا باب الغرفه خلفهم بهدوء…
بعد قليل تململت نداء في رقدتها وهي تشعر بأن النوم لا يداعب جفونها..
فزفرت بحزن لان غالب كان يشغل عقلها ..
ومئات الاسئله تخطر ببالها
لماذا لم يأتي لزيارتها في المشفي؟؟
هل لهذه الدرجه هي لا تعنيه؟؟
هل لهذا الحد هو لا يطيق رؤيتها؟؟
فتسللت دمعه أليمه من جفنيها وهي تتنهد بيأس وتلي تلك الدمعه دموع جريحه..
لكن سرعان ما مسحت عنها تلك الدموع وتطلعت للسماء بوجه مبتسم وهي تهمس : الحمد لله علي كل حال..
ثم نهضت عن السرير وفور ان نعضت أحست بدوار عظيم أكتسح جسدها فعاودت الجلوس سريعا علي طرف السرير وهي تضع يدها عند مقدمة جبينها..
مرت ثواني قليله وهي علي هذه الحال. .
لكن الان تحسنت قليلا عن قبل وأحست بأن ذاك الدوار ذهب عنها
فنهضت مره آخري ورغم انها أحست بتعب وإنهاك في كامل جسدها لكنها تحاملت علي كل الآلم واستندت علي الحائط حتي وصلت للحمام الملحق بغرفتها
توضأت بهدوء ثم خرجت وأفترشت سجادة الصلاه عند زواية الغرفه وبدأت تصلي بخشوع ودموع أليمه وشعور بالذنب تجاه المولي عزوجل ..
رغم ان تقصيرها في الصلاه اليوم والامس كان خارج عن إرادتها لكنها أحست بأنها أرتكبت ذنبا عظيما بسبب تأخيرها في أداء الصلاه وعدم قراءتها للاذكار والورد القرآني مثل كل يوم..
..
في الخارج أمام الفيلا بعد ان أحس بأن الحركه في الفيلا قد هدأت وان الجميع قد ناموا..
اقترب من سور الفيلا الضخمه وبمهاره فائقه تمكن من تسلقه وعندما وصل لحافة السور
أستعد للقفز رغم ارتفاع السور الشاهق..
وبالفعل قفز بقوه ليسقط علي حشائش الحديقه الخضراء..
رغم ألم قدميه بسبب قفزه من ذاك الارتفاع لكنه لم يبالي ..
من يصدق ان غالب الدمنهوري الحازم والجاد جدا في حياته يقوم بتلك المخاطره التي اقل ما يقال عنها انها للمراهقين فقط أمثال كرم الجندي او هنا ابو حجر وليست لرجلا مثل غالب تدور تحت أمرته العديد من الشركات ويوقره ويحترمه أكبر كبار رجال الاعمال.. والآلف من الناس يعملون له ألف حساب بل انهم يرتبعون بنظرة واحدة منه إليه.. نظرة واحده فقط قادره علي إخراس اكبر كبير لهم..
هو بذاته أبتسم ساخر من نفسه وهو يركض بحذر كأنه لص او ما شابه حتي وقف اسفل غرفة نداء
وقبل ان يقوم باي خطوه تلفت حوله ليتأكد من عدم وجود أحدهم ثم بعد ذلك يتحول الشاب الذي انهاز من عمره خمسة وعشرون عاما الي مراهق في السادسة عشر من عمره ويتسلق الماسوره المودية لغرفة نداء حتي تطأ قدميه أرضية الترّاس الخاص بغرفتها…
……………………..
في مكان ما قريبا من سفح احد الجبال المطله علي البحر
كانت هناك سياره فارهه تقف عند المنتصف
يجلس في المقعدان الاماميان للسياره الرجلان الضخمان.
وفي المقعد الخلفي يستلقي كرم
الغائب تماما عن الوعي..
مرت ثواني لتتوقف سيارة بمنتهي الرقي والفخامة بجوار سابقتها ويترجل منها السائق الذي ركض سريعا نحو المقعد الخلفي ليفتح باب السياره لسيده في العمل…
وترجل منها سالم الجندي بشموخه وهيبته فهو من أكبر رجال الاعمال وأوسعهم مركزا وشهره..
وعلي الفور يترجل الضخمان من السياره الاخري ويقفان أحتراما لسيدهم في العمل..
أما سالم فيقترب من السياره ليتطلع لأبنه كرم الراقد بسكون علي المقعد الخلفي..
فينظر بصرامه للرجلان ويهتف: عطيتوه الحقنه المخدره..
ليجيبه أحدهم بخضوع: ايوه يا فندم وادامه تمنيه وأربعين ساعه عبال ما يفوق..
تنهد سالم بأريحيه وهتف: تمام..انتوا فاهمين هتعملوا ايه؟
الرجل الضخم:.ايوه يا باشا فاهمين..
ثم ناوله هاتف وهو يقول: ده الموبايل بتاع كرم بيه.. خدناه منه زي ما حضرتك أمرت ..
فأبتسم سالم بشيطانيه وهو يتناول منه الهاتف…
……………………
في فيلا الزهار
طرقت منال باب غرفة زهره لتفتح بعدها الباب وتتوغل لداخل الغرفه فتجد زهره تتأنق أمام المرآه..
اقتربت منها منال بأبتسامه وهمست: هااا.. يا زهره خلصتي
زهره بعفويه: ثواني وهكون جاهزه..
منال : متتأخريش عشان آسر مبيحبش الانتظار..
زهره بخنوع: حاضر..
فتنهدت منال بأبتسامه هادئه وهي تلمح التغير الايجابي لشخصية زهره..
ثم بحب تناولت المشط وهمست بحب أمومي : اقعدي يا زهره
قالتها وهي تقرب منها الكرسي
وزهره كانت تطالعها ببلاهه
عيون منال كانت فرحه لدرجة التحليق في السماء بدون أجنحه..
فهتفت بأبتسامه: أقعدي عشان أمشطلك شعرك..
فأبتسمت لها زهرة وجلست كما طلبت منها منال..
وقفت منال خلف زهره الجالسه علي الكرسي وبدأت تمشط لها خصلات شعرها القصيره بحنان أموي وهي تطالعها بحب في المرآه المنعكسه عليها صورة زهره…
قاطع تلك اللحظات النادره طرقات علي باب الغرفه الموارب وكانت تلك هي الخادمه..
فتطلعت اليها منال وهتفت: خير يا تحيه عايزه إيه..
تحيه بخنوع: الست نوران عايزه حضرتك في حاجه مهمه..
منال بتجاهل : قوليلها بعدين.. بعدين..
ولذلك ذهبت تحيه لتخبر نوران بما قالته لها والدتها
طرقت علي الباب فأذنت لها نوران بالدخول..
تحيه وهي تقترب من نوران : الهانم بتقول بعدين..
ضيقت نوران عيونها بغضب وهتفت لتحيه بجفاء: هي قالتلك كده..
تحيه بهدوء: أيوه لانها مشغوله مع ست زهره..
فهتف بغضب: طيب غوري انتي من هنا..
فعلي الفور خرجت تحيه وهي تقفل باب الغرفه خلفها بهدوء
أما نوران فدمعت عيونها قسوه وحقد لانها تشعر بأن زهرة قد أخذت منها حب وحنان والدتها..
فهي في الفتره الاخيره أنشغلت كثير بزهره وتناست او بالأحري أهملت نوران..
حتي آسر بات يهتم بزهرة ويأتي منضبطا في ميعاده ليأخذها لأماكن متعدده ويتأخرون فيها بالساعات ثم يوصلها الي الفيلا بمنتهي الرضا والهدوء..
فلماذا اذا يكون في منتهي البؤس عندما تطلب منه ان يوصلها للنادي.. او حين تطلب منه ان يأخذها لتراه وهو يعمل في قسم الشرطه..
نهضت عن الاريكه وأقتربت من السرير الموضوع عليه ثلاثه من الفساتين التي كانت ستسأل والدتها عن أيهم أنسب لها لترتديهم في حفلة عيد ميلاد صديقة لها.. كما كانت تفعل سابقا قبل ان تظهر زهرة في حياتهم.
وبكل غضب ألقت بالفساتين علي الارض ثم دهست الفساتين أسفل قدميها بكل غيظ وهي تهتف بعيون غائمه من الكره : كل حاجه زهرة زهرة زهرة.. انا بكرهك بكرهك يا زهرة عشان انتي مره واحده خدتي مني كل حاجه..
هتفت بالاخيره بقهر ودموع..
وانفاسها الغاضبه تعلو وتعبط كالمرجل المشتعل علي النار..
وسمعت زموار سياره قادم من الاسفل فتوجهت نحو الشرفه وأشرأبت بعنقها لتري آسر ينتظر زهرة كعادته في الايام الأخيره ورأتها وهي تقترب منه بأبتسامه مرحه ثم فتحت باب السياره لتجلس جواره في المقعد الامامي وابتسامه عريضه تشق قسمات وجه آسر ثم انطلق بالسياره ..
وهذا ما جعلها تغتاظ وبعدها أمسكت بزجاجة العطر من علي الطاوله وبكل عنف رمتها بأتجاه المرآه.لتتهشم إلي شظايا متناثره.
……….
أثناء قيادة آسر للسياره
تطلعت إليه زهرة بأبتسامه وهمست : هتودينا فين النهارده..
أجابها بهدوء: أختاري أنتي..
زهرة وهي تضع اصبعها عند خدها بتفكير: أختار انا.. نروح يا زهرة فين نروح فين !!!
لكن لم يخطر في بالها أي مكان
فهتفت بحركة طفوليه: لأ أختار أنت..
للحظه تطلع إليها ببلاهه وقد أعجبته حركتها الاخيره
وهي لاحظت ذلك فأحمرت وجنتيها خجلا وبخفوت قالت: مالك بتبحلق فيا كده ليه..
وتلك الكلمه كانت كصفعه له لتخرجه من بئر أحلامه فأنكمشت ملامحه ضيقا وهتف : ببحلق.. بقي بعد كل التدريبات دي وتعبي ومجهودي معاكي. وغي الآخر تقولي ببحلق..
علمت أنها أخطأت فهتفت بأعتذر مبطن: اوبس.. دايما كده بكون مدب..
ثم تطلعت إليه وهمست بأعتذار: أنا آسفه يا آسر مكنش قصدي..
لكنه لم ينظر اليه وظل يطالع الطريق أمامه بوجها عابس ولم يجيبها حتي
فأنكمشت في المقعد بحزن وآثرت الصمت وهي تطالعه بين الحين والآخر بنظرات متألمه
………
أنهت صلاتها وهمت بالنهوض
: تقبل الله
التفت فورا لمصدر الصوت لتجده يجلس علي طرف السرير بهدوء وملامح وجهه بارده
تطلعت إليه بذهول وصدمه وهي تفغر فاهها برعب وملامح وجهها الباهته خير دليل علي ذلك
نعم لقد أفزعها تواجده في الغرفه مره واحده ودون مقدمات
هي حتي لم تشعر به فكيف جاء!!
همست بتلعثم : ااا أنت جيت هنا أزاي.
نهض عن السرير وأقترب منها حتي صار يقف أمامها وجها لوجه
ثم هتف بعيون ملتاعه : أنتي كويسه..
بخوف أومأت له بنعم اي انها بخير…
فهمست : انت مينفعش تكون هنا. من فضلك أطلع بره اوضتي..
تطلع أليها بغلظه وهتف: بس انتي مراتي وأظن ان ده من حقي..
نداء بلوم : لو فعلا كنت مراتك مكنتش أستنيت لما أخرج من المستشفي وبعدين تيجي تسأل عليا..
فهتف بخشونه: علي فكره جيتلك كتير بس عمي مكنش بيسمحلي أدخل وأشوفك..
أبتعدت عنه وأولته ظهرها وهي تهتف بعدم تصديق:طب وبابا مصلحته ايه انه يعمل كده.
اقترب منها حتي وقف أمامها ليهتف وهو يطالعها بنظرات مشتاقه : نداء لو باباكي صمم اني أطلقك هتوافقي.
عندها نظرت إليه بذهول ودقات قلبها تتعالي برعب
ثم طأطأت رأسها بحزن وضعف
أنقبضت ملامحه قلقا وهو يراها صامته عاجزة عن أجابته
فهتف: ردي عليا يا نداء هتوافقي
أبتعدت عنه للمره الثانيه وأقتربت من نافذة غرفته المنسدل ستائرها
وهتفت بأنكسار: أنت ليه جاي تسألني مش ده اللي انت كنت عايزه ..
أقترب منها وأدارها إليه بعنف هاتفا بشراسه من بين أسنانه: يعني أنتي موافقه..
همست بخفوت: ده الحل للي أحنا فيه يا غالب.. انت اتجوزتني وأنت مجبور علي الجوازه.. قولتلي قبل كده انك بتحب سلمي وأنا غلطت لما عرفت الحقيقه دي ومع ذلك وافقت أتجوزك..طلقني يا غالب وروح لسلمي روح للي قلبك أختارها وأنا عمري ما هقف ادام سعادتك
كادت أن تبتعد عنه للمره الثالثه لكنه تلك المره أحكم قبضتيه علي مرفقيها وهو يعيد إيقافه أمامه بقسوه هاتفا بأنفاس غاضبه لفحت جانب وجهها : أنا مش هطلقك يا نداء ..مش هطلقك…
ويكون في معلومك انا هجيلك بكره الصبح عشان أزورك ادامهم كلهم حتي لو أبوكي كان رافض ده.. وكلمة طلاق دي مش عايز أسمعها منك تاني
وبعنف أفلت مرفقيها من بين قبضتيه حتي كادت تسقط لولا أنها تماسكت
وبخطوات عنيفه توجه لناحية الترّاس
فأوقفته هاتفه بتعحب : رايح فين
فقال بخشونه وهو يوليها ظهره : ماشي..
فهمست: طب ما تخرج من الباب انت كده ممكن تقع..
أجابها ببرود: أنا حر
ثم خرج للترّاس وكما أتي ذهب..
وهي وقفت في التراس تطالعه بشرود وهو يرحل …
………….
فتحت جفنيها لترمش به عدة مرات قبل أن تنهض جالسه وهي تشعر بتعب فظيع يفتك بكل أنشا في جسدها ..
دارت بعينها في الغرفه تبحث عن كرم لكنها لم تجده فقطبت حاجبيها بقلق ونهضت عن الاريكه بتثاقل لتخرج من الغرفه وتبحث عنه في ارجاء الشقه
طال بحثها عنه ولكنها لم تجده
فعاودت للغرفه لتلتقط الهاتف الموضوع بأهمال علي الكومود.. ليس هاتفها ولكن كرم قد اشتراه له أمسا وأهداها إياه في حالة أن أراد ان يتصل بها ويطمئن عليها عندما يكون بالخارج..
ضغطت علي عدة أذرار لأرقام تحفظها عن ظهر قلب أنتظرت بضع ثواني حتي أجابها
هتفت بلهفه وألم جسدي: كرم. كرم أنت فين
ظنا منها بأن من يحادثها هو كرم.
لكن أجابها شخصا أخر غير كرم انه سالم الجندي هاتفا بغلظه: مين عايز كرم..
هدأت قليلا وهمست بصعوبه: انا انا هنا.. قوله ان هنا عايز تتكلم معاه لوسمحت. ..
فتيقن سالم بأنها نفس الفتاه مدمنة المخدرات التي حدثه عنها الممرض في المشفي
فأجابها بغلظه: كرم سافر ومش هيرجع هنا تاني ..
عندها فغرت فاهها بذهول وهمست بعدم تصديق: مش ممكن. مستحيل أنت أكيد بتهزر معايا..
لكن أشتدت القسوه في نبرة صوته وهي يجيبها: أكيد مش ههزر مع عيله زيك.. قولتلك ابني كرم سافر.. سافر ومش هيرجع تاني إلا بعد ما يخلص دراسته هناك.. هو بنفسه اللي قالي انه عايز يسافر عشان يبعد عنك ..لان واحده زيك مدمنة مخدرات متلقش أبدا لأبن عايلة الجندي.. متحاوليش تاني تتصلي بالرقم ده ولو عندك ذرة كرامه أبعدي عن كرم وخليه يشوف مستقبله هناك.. بعيد عنك وعن أرفك ..
بعدها أقفل الهاتف في وجهها..
كانت تبكي بألم تريد ان تصرخ أن تموت وبذلك تريح العالم منها وترتاح هي من هم الحياه..
كرم.. كرم ايضا أبتعد عنها كالجميع..
أليس هو من وعدها بالبقاء إلي جوارها طول العمر.. ؟؟
أليس هو من وعدها بأن لا يتخلي عنها أبدا ؟؟
أليس هو من رسم لها حياه وأحلام من الوهم و السراب.؟
اذا لما تخلي عنها!!
كل تلك الاسئله كانت تدور بمخيلتها.
في النهايه عادت للفيلا وقفت أمامها تتطلع اليها بدموع وكل وعوده لها تأتي أمام اعينها فتزيدها حزنا وبكاءا وحسره.
وما أن توغلت للداخل حتي وجدت أبيها يقف أمامها وهو يتطلع لها بملامح قاسيه..
بمجرد أن رأته تهللت قسمات وجهها فرحا وركضت نحوه تختبئ في أحضانه وتبكي دموعا متألمه من ظلم الدنيا لها..
لكنه لم يكن الاب الذي توقعته
فهو أزاحها بعيدا عنه وصفعها بقوه علي خدها لترتمي علي الارض من آثر الصفعه وقوتها فهي باتت هزيله ضعيفه وجسدها لا يتحمل حتي مجرد الهفوه..
تطلعت اليه بصدمه وهي تهمس بحزن ودموع:بابا …
فهتف والدها بغلظه من بين أسنانه: أنتي تستاهلي القتل الشنق مش بس الضرب.. انت فضحتيني وسط الناس لما سبتي البيت وهربتي وقبلها تباتي بره وترجعيلهم الصبح..
وأقترب منها ليكمل ضربه لها حتي انه أوقفها أمامه بعنف وكاد ان يصفعها مره أخري لولا زوجته التي أوقفته وهي تهتف له: أهدي كده الخدامين هيتفرجوا علينا..
قالتها وهي تنظر بقرف ل هنا الواقفه وكل جسدها يرتعش رعبا وخوفا..
حتي اختها رضوي كانت تشاهد ما يحدث وهي خائفه من غضب والدها الذي تراه ولاول مره بتلك الحاله .. أما هنا فهبطت دموعها كشلال وهي تري ان والدها تغير وأصبح بمنتهي القسوه حتي انه لم يسمعها بل حكم عليها دون ان تدافع عن نفسها دون أن تحكي له كل ما حدث…
لكنه هدر بغضب أعمي بصيرته:.انا ميهمنيش حد.. لازم اربيها وأعملها الادب من جديد.. الفاجره اللي وطت راسي في الأرض.. لازم أقتلها وأشرب من دمها
وكلماته تلك جعل قلبها وكل انشا بجسدها يرتعب منه.. وبالفعل ظنت أنه سيقتلها
فخافت ولذلك ركضت للخارج هاربه بعيدا.. هربت خوفا من والدها..
فوالدها أصبح كباقي البشر وحشا كاسر هائجا.. وهي لا تريد ان تخيا وسط الوحوش فيكفيها ما عانته منهم ومن خيانتهم
وأولهم كرم الذي خان وعوده لها وأبتعد عنها ثم صديقتها التي كانت تحسبها صديقه بالفعل.. وأخيرا والدها الذي صدق الجميع قبل ان يسمعها.. وحتي قبل ان تدافع عن نفسها…
………..

يتبع…

الفصل الثامن والعشرون

توقف آسر بالسياره أمام أحد الفنادق الشهيره.. وترجل من السياره ليفتح بابها لزهره التي ترجلت منها بأنفه شأنها كباقي فتيات كبار وأغني العائلات..
وكما طلب منها آسر فهذا يسمي الأتكيت يا ساده..
لكن شموخها كان مبالغ فيه وكأنها تتصنعه لأجل إرضاءه..
فأحتلت أبتسامه جانب وجهه لكنها لم تلاحظها.. حيث كانت منشغله بديل فستانها القرمزي
وفي داخل الفندق العريق جلست أمامه علي الكرسي بعظمه ووضعت علي جانبها عند ناحية يسارها حقيبة يدها
وعندما أتي النادل طلبت منه ما تريد بطريقه حرفيه كما علمها تماما..
كان يشاهد كل ذلك بذهول وفي نفس الوقت نظراته لها كانت ممزوجة بأعجاب جم..
لكن ان جئتم للحق فهي غير مسترخيه تماما في جلستها لأن تلك الجذمه اللعينه ذات النعل العالي تضايقها وبشده فأصبع قدمها الاصغر محشور وبشده داخل تلك الجذمه التي تشبه في لونها قطه سوداء مفترسه..
ولم تكن لتتفوه أمامه بشيئا بعد أن صدر لها وجهه الغاضب منذ قليل وهذا عندما فقط تفوهت بكلمة لا تنتمي لوسطه الأجتماعي.. وتلك فقط مجرد كلمه ..فماذا سيفعل إذا أخبرته بأنها تريد أن تنزع عن قدميها ذاك الحذاء البغيض..
وهو لاحظ توتر ملامحها فهتف : فيه حاجه..
أبتسمت بزيف وهي تهتف بتوتر : لا أبدا مفيش..
بعد قليل كان النادل يضع أمامهم أصناف الطعام المطلوبه..
فتناولت الطعام بطريقه منمقه وكما علمها تماما..
مرت ثواني وهتف آسر للنادل الذي شاور له فأتي له علي الفور : شيل الأكل ده لو سمحت..
عندها تطلعت زهره إليه بذهول وضيق..
والنادل نفذ الأمر وبالفعل بدأ بلملمة الأطباق من أمامهم..
وبعد أن غادر..
هتفت زهرة بنزق: أنا ملحقتش آكل علي فكره..
آسر ببرود:مش مهم.. انا عايزك الوقتي تتعلمي التحكم في شهيتك ادام الناس وخصوصا لما يكون أدامك اصناف لذيذه من الأكل وعشان كده تعمدت أن النادل يجيب الاكل وبعدين يشيله تاني..
نظرت إليه بنزق وهتفت بلغه شمطاء: يعني إيه.. هو أنت جايبني هنا عشان تخليني أتفرج علي الناس وهم بياكلوا..
وأثناء ذلك أرتفعت نبرة صوتها قليلا..
فنظر إليه آسر شذرا ثم همس بتحذير: وطي صوتك كده الناس هتتفرج علينا.
فزفرت بضيق وغضب وهي تضع قبضة يدها أسفل خدها وتتمتم بغيظ: كل حاجه الناس. الناس. فلقتني بالناس..
وقد سمعها فهتف بخشونه: بتقولي حاجه..
زفرت بيأس وهي تهمس بأقتضاب : مبقولش..
ثم أشاحت ببصرها عنه..
………..
تاهت في شوارع لا تعرفها ولم تأتيها قبلا..
وعندما تعبت من الركض توقفت عند أحدي الزوايا وهي تنهج بعنف وتشعر بأن كل العيون مسلطه نحوها..
فتجلس علي أرضية الرصيف وهي تحاوط جسدها بضعف وخوف..
ودقات قلبها تتعالي.. وأحبال معدتها تصرخ جوعا وآلما..
وكل خليه بها قد فقدت السيطره علي تحمل ذاك الألم الذي داهمها منذ قليل..
والأدهي أن نسمات الهواء بارده برودة الجو في قطب الثلج الشمالي…
حتي ان الدخان الخارج من بين شفتيها يوحي بمدي البروده التي تسري في أوصال جسدها فتزيدها أرتجافا..
وهذا واضح من أرتعاش شفتيها واصطكاك كلا فكيها ببعض.. حتي أطراف يدها مِحمره من قسوة البروده وهي لا ترتدي سوي قميص أصفر وأسفله بنطال جينس لونه أسود وكوتشي أسود…
أي انها ملابس لا تقدر حتي علي حماية جسدها الغض من قسوة وبرودة الجو..
فأنكمشت علي نفسها وهي تستند بظهرها علي صندوق قمامة ضخم قابع خلفها…
البرد تستطيع تحمله إلي حدا ما لكن ألم جسدها هو ما لا تستطيع تحمله..
وكانت نظرات الماره حولها إما نظرات شفقه وتعجب أو نظرات أحتقار وأزدراء..
وظلت علي حالتها تلك لساعات طويله…
………………….
تطلع إليها فوجد ملامح وجهها مقطبه من الضيق..
فهتف : يلا نمشي..
أجابته علي مضض: تمام..
ونهض ثم سبقها للخارج وهي الآخري نهضت وهي تزفر بملل وعندما أستعدت للخروج توقفت علي بعد خطوات وهي تري طاوله تجلس عليها سيده بدينه للغايه مرصوص عليها أصناف طعام لا تقدر معدتها البائسه علي مقاومتها فهي تشعر بالجوع النهم..
وضيقت عينيها بأبتسامه وهي تفكر بخطة ما
ففي النهايه هي زهرة .
غيرت مسارها وقامت بالمرور من جوار تلك الطاوله وأثناء ذلك ودون أن ينتبه أحد إلي فعلتها أوقعت بالشوكة علي الارض حيث لم تنتبه السيده إليها فهي كانت مشغوله بألتهام الطعام
ثم أبتعدت زهره بضع خطوات عن الطاوله
فمالت السيده بجذعها أسفل الطاوله لأحضار الشوكه التي سمعت صوتها أثناء ارتطامها بالأرضيه
وفورا أقتربت زهرة من الطاوله وأخذت بيدها دجاجه مشويه من الطبق الرئيسي الموضوع وسط الطاوله..
وخبأتها أسفل المعطف النسائي ذو الفرو الذي كانت ترتديه
وبخطوات سريعه أبتعدت لتصطدم بجسد آسر القوي أمامها وهو يتطلع إليها بملامح غاضبه حانقه فهو قد رأي ما فعلته
أما السيده عندما أعادت الشوكه لمكانها تطلعت بذهول للطبق الرئيسي وهي تجد فيه دجاجتان مشويتان فقط لا غير بعد ان كانوا ثلاثه..
فتسمرت في جلستها تنظر للطبق بذهول دون ان تنطق بكلمه..
وعندما تطلعت زهرة لملامحه الغاضبه هتفت بأرتباك : في إيه يا آسر بتبصلي كده ليه..
آسر بخفوت وحزم : رجعلي الفرخه لمكانها..
فزاغت ببصرها حرجا وهي تهمس ببراءه: فرخة إيه..
فهتف بخشونه ووعيد: زهرررة..
عندها أبتلعت ريقها بخوف وأستدارت بظهرها لتعود ثانية لتلك الطاوله وفعلت نفس الحركة الأولي وهي إيقاع الشوكه لتتمكن من إعادة الدجاجه المشويه لمكانها
حيث قد تركت السيده ذهولها جانبا وعادت لألتهام الطعام
وسمعت للمره الثانيه سقوط تلك الشوكه فتأفأفت وهي تميل بجذعها لألتقاط الشوكه للمره الثانيه وعندما أعادتها لمكانها علي سطح الطاوله تفاجأت بوحود الدجاجه الثالثه
عندها نهضت عن الكرسي بفزع وهي تصرخ : عفريت.. فيه عفريت هنا..
علي آثر هذا عمت الضجه كل نواحي الفندق ودب الفزع في قلوب الناس وبدأت النساء بالصريخ وهم يركضون لخارج الفندق فزعا وخوفا من ذلك العفريت.. الذي لا وجود له من الاساس…
عندها تطلع آسر بغضب ل زهرة وهتف: عاجبك اللي حصل في الفندق بسببك..
فهزت كتفيها ببراءه وهي تهتف: وانا مالي هو انا كنت العفريت..
تأفاف وهي ينظر إليها بيأس فهي لن تتغير ابدا..
وبخطوات شمطاء أقترب من سيارته ولكن زاد الطين بله عندما حاول تشغيل المحرك ولم يستجب له..
عندها ترجل بغضب من السياره وتوجة ناحية مقدمتها حاول كثيرا وفي النهايه لم يتمكن من إصلاحها..
فزفر بضيق وأقترب منها حيث كانت لا تزال تجلس في المقعد الأمامي للسياره هاتفا : هنضطر ناخد تاكسي..
فترجلت منها وقبل ان يوقف تاكسي هتفت له: ممكن نتمشي شويه في الطريق وبعدين ناخد تاكسي…
كاد يرفض لكنه همس برضوخ عندما لمح نظرات الترجي في عيونها : تمام…
…………….
وصل وليد بالسياره أمام الفيلا
ترجل منها هو ونضال الذي كان يجلس جواره علي المقعد الأمامي
توغل الاثنان لداخل الفيلا حيث كانت مريم ووالدتها وزوجة خالها يجلسن وهن يتسامرن بضحك كعادتهن..
وبمجرد أن وطأت قدمي نضال داخل الفيلا حتي أشتمت فكرية والدته رائحة عطره وأدركت بحدسها الامومي بأنه هنا
فعلي الفور نهضت وأستدارت خلفها لتجده يقف أمامها بطوله الفارع ونظراته الدافئه..
لم تصدق عيونها التي دمعت بمجرد رؤيته..
وقلبها بات يهفو كطيرا محلق وعلي الفور ركضت بأتجاهه وهي تهمس بدموع : نضال…
وهو أيضا ركض تجاهها
لتحتضن الأم ولدها في مشهد أمومي بحت من الدرجة الاولي وكانت الدموع والوجع هي السيد والمالك لهذا الموقف الذي حتما سيُبكي كل من يراه ..
هي تقريبا لم تراه منذ عدة سنوات ومن وقتها وقلبها الحزين رافقه..
اليوم نستطيع القول بان قلبها عاد لينبض بين جنباتها بعودة نضال..
بعد قليل
كانت فكرية تلتصق ب نضال وهي تمسك كفه بقوه خشية أن يبعد عنها مره أخري
ومريم أخته كانت تجلس بجواره علي الناحية الآخري..
وجة نضال أنظاره لوليد هاتفا: وليد أنا هسافر بكره.. اصحابي بعتولي مسج بأني لازم أكون معاهم في أسرع وقت ممكن.. أرجوك حاول تهيئلي الظروف اللي تخليني أسافرلهم..
عندها أنقبضت ملامح فكرية قلقا وهي تهتف: سفر إيه.. انت هتفضل هنا مش هتسافر تاني.. كفايه بقي بعد وفراق.. كفايه يا نضال أرجوك انا قلبي مبقاش قادر يستحمل بعدك ده..
تطلع إليها بهدوء وهمس: أكيد أنتي مش هترضي لأبنك انه يخذل اصدقائه اللي منتظرينه..
قاطعته بدموع: متسافرش عشان خاطري.. انا وأختك ملناش غيرك.. كفايه بقي حرب.. متعرفش انا قلبي كان بيغلي خوف أزاي وانا مدركة انك في أي لحظه ممكن تموت..
فهتف نضال: وده شئ يخليكي تفتخري بيا.. الشهاده دي أعظم شئ للفلسطيني اللي زيي..
فكرية وقلبها يتقطع من الوجع: انت ليه مش عايز تفهم ان لو جرالك حاجه حياتي هتنتهي بعدك يا أبني… وحياة غلاوتي عندك خليك جنبنا هنا.. انا هكلم خالك وأخليه يفتحلك المشروع اللي طول عمرك بتحلم بيه.. فاكر
صمتت تبتلع ريقها ثم أكملت بأبتسامه باهته وهي تتذكر الماضي: فاكر لما كنت بتقولي دايما انك نفسك تكون طبيب أسنان مشهور وأديك حققت نص الحلم وبقيت طبيب الأسنان اللي كنت بتحلم بيه كمل حلمك بأنك تكون مشهور هنا في مصر ..هخلي خالك يفتحلك عياده هنا بأسمك او في اي بلد انت تشاور عليها.. بس متسافرش فلسطين.. مش عايزاك تموت زي اللي ماتوا.. أصلا لو مت مفيش حاجه هتتغير كل حاجه هتفضل زي ما هي.. اسرائيل هتفضل اسرائيل بجبروتها وظلمها والعرب هيفضلوا واقفين يتفرجوا من غير ما يعملوا أي حاجه لفلسطين او غيرها .الاطفال هيفضلوا يتيتموا والامهات هتفضل عايشه بنار أولادها اللي بيستشهدوا والزوجات هيعيشوا يترملوا. .يعني موتك مش هيغير حاجه. عشان خاطري انا ومريم خليك هنا وسطنا.. دي بلدك. ودول عايلتك..
قالتها وهي تشاور علي مريم ووليد ووالدته…
أحتضن نضال كفي والدته بين يديه برفق وبكل هدوء لثم ظهر كفيها بقبله عميقه ثم هتف بأدب : مصر بلدي بس بلدي التانيه فلسطين هي وطني.. موطني اللي أتولدت وأتربيت فيه طول طفولتي.. فلسطين ليست مجرد بلد بل أنها حلم.. حلم نتمني جميعا تحقيقه منذ القدم..الموت لاجل بلادي هو فخر.. فخر لكل فلسطيني مخلص بيحب بلاده قبل نفسه.. انا يسعدني جدا اني أستشهد علي أرض بلادي ومن أجل تحريرها ترخص نفسي.. ومهما الزمن طال والسنين مرت أملنا في الله ان يحرر بلادنا هيفضل موجود..انا بس جيت عشان اشوفك انتي ومريم وأقولكم اني لو مت متزعلوش او تبكوا بل أفتخروا ان كان ليكم ابن ضحي بنفسه لتحرير أرضه وأرض أجداده.. انا وأصدقائي أخدنا قرارنا بمواجهتهم ولازم نكون قد القراره ده..
ثم مال عليها يحتضنها بعمق هامسا: الوداع يا أمي. يا أغلي إنسانه علي قلبي..
شهقت فكريه بدموع وهي تزيد من أحتضانه بعجز وألم
مسح عنه دموعه المتألمه ثم أبتعد ونهض وهو يتطلع لوليد بنظرات تعني انه حان وقت الذهاب ووليد قد فهم ذلك فنهض هو الآخر
وتبعه للخارج وفكريه ركضت خلفه وهي تصرخ ببكاء وتنادي عليه عله يسمع نبض قلب أم مفجوعه علي ولدها فيتوقف ويرتجع عن قرار الرحيل ذاك…
ولكن لا جدوي…
في الخارج أمام سيارة وليد توقف نضال ووليد وهما يتطلعان لخالد المنياوي الواقف أمامهم
خالد بذهول وهو يتطلع لنضال: أزيك يا نضال جيت أمتي..
نضال بخنوع: الله يسلمك يا خالي.. جيت أمبارح.. عن أذنك..
هكذا أجابه بكلمات مختصره ثم سبق وليد وصعد للسياره جالسا في المقعد الامامي..
ووليد تطلع لوالده بأرتباك وبدون كلمه تبع نضال وجلس خلف المقود وأنطلق بالسياره. .
وفكرية خرجت لتوها لتلمح السياره وهي تنطلق بعيدا فتصرخ بأسم نضال..
أقترب منها خالد وهتف بقلق: في إيه يا فكريه مالك..
أحتضنت أخيها وهي تهمس بلوعة أم وقلبا مكلوم ودموع منهمره: نضال.. نضال يا خالد…
…………….

يتبع….

الفصل التاسع والعشرون

مر وقتا طويل وهنا علي تلك الحاله والماره حولها ما بين أشفاق عليها وأحتقار لها
والمشفقين هم من يظنوها متسوله فيميلون عليها ويعطوها ورقات من المال ثم يغادروا قبل حتي ان تعترض..
و ببلاهه تطلعت للأموال القابعه في جعبتها ولم تقدر حتي علي النطق أو التبرير..
التبرير بأنها ليست متسوله كما يظنون..
فهبطت الدموع من مقلتيها وهي تنهض من مكانها وسارت تبتعد عن هذا المكان متجاهله تماما تلك الورقات الماليه التي سقطت علي الأرض..
ظلت تسير علي جانب ذاك الرصيف الذي لا تري له نهايه وهي تحاوط جسدها تحمية من شدة برودة نسمات الهواء التي تلفح جانب وجهها وتعصف بملابسها فتبعث في جسدها أرتجافه عظيمه..
مر وقت طويل وهي تسير تائهه في الشوراع لا تعرف أين وجهتها كما أن ألم جسدها وجوعها قد أزداد ..
بحثت عن مكان قريب يصنع الطعام فتشتري منه وعندها تسد فجوة جوعها..
لكنها لم تجد أي آثر لمكان كهذا وأيضا ليس معها أي مال
فتوقفت بالقرب من صندوق قمامه ضخما للغايه ولمحت بداخله بقايا طعام موضوعه بداخل أكياس سوداء..
ترددت كثيرا قبل أن تقترب من تلك الاكياس القابعه بداخل الصندوق وفورا أمتدت أنامل يدها لتفتح تلك الاكياس وتأخذ منها الطعام..
أمسكت بالطعام بين كفي يدها وتطلعت إليه بدموع ومراره قبل ان تقضم منه وتلتهمه بشراسه كأسد جائع ودموعها الأليمه تنهمر علي وجنتيها بعجز وضعف..
حيث كان الطريق شبه خالي من الماره..
……………….
همس بخنوع عندما وجد الحزن في بريق عيونها اللامع: تمام..
عندها قفزت في الهواء وهي تصفق كلتا كفيها ببعض بفرحه غامره
ثم نزعت عنها معطفها ذات الفرو ووضعته علي المقعد الخلفي للسياره..
هتف آسر بأمتعاض عندما وجدها تفعل ذلك: بتعملي إيه
فأبتسمت له بنعومه وهمست: البتاع ده تقيل وانا بصراحه حاسه بخنقه فظيعه من وقت ما لبسته.
فزمجر هاتفا بغضب: زهره مفيش الكلام ده يلا ألبسيه..
زهره بعيون مترجيه: آسر فكك بقي يلا نمشي…
وعندها تطلع إليها شذرا فأدركت خطأها فهتفت وهي تغمض عين وتفتح عين بأسف: قصدي يلا نتمشي..
زفر قبلها عدة مرات بضيق وهو يري ذاك الفستان الذي كانت ترتديه أسفل ذلك المعطف ذات الفرو والذي أظهر حنايا جسدها بطريقه أشعلت الغيره في قلبه وكل خليه في عقله..
وعندما وجدته يقف بجمود اقتربت منه تهمس بترجي: عشان خاطري بقي يا آسر يلا..
مسح علي وجهه عدة مرات قبل ان ينزع عنه سترة بدلته الرماديه ويناولها إياها
هاتفا بحزم: خلاص خدي البسي دي علي الاقل خفيفه عن المعطف.
زفرت بضيق وهي تأخذ منه الستره علي مضض..
وأرتدتها قسرا وهي تنفخ بشده فقط من أجل إرضاءه..
وفي تلك اللحظه ابتسمت ملامح وجهه رضا وأطمئنان ثم همس: الوقتي بس نقدر نتمشي. ..
……….. ……….
كان يجلس أمام مكتب اللواء توفيق زهير وهو صديقا له من أيام الطفوله وبمرور السنين تطورت العلاقه ليصبح من أقرب أصدقائه..
همس توفيق وهو يراه مرتبكا هكذا : أهدي أكيد هنلاقيها. انا عطيت امر لدوريات الشرطه تدور عليها في كل مكان وبأذن الله نلاقيها..
كان والد هنا في قمة خوفه وقلقه فمنذ ما يقرب الثلاث ساعات وهم يبحثون عنها ولا يجدون لها آثرا
نهض توفيق عن مكتبه وأقترب من صديقه ثم ربت علي كتفه بمواساه هامسا: خلي عندك أمل.. وإيمان بالله..
رفع ناظريه إليه ليهتف بضعف وعجز: دي بنت والدنيا الوقتي بقت غابه مش ضامن ممكن يحصلها إيه.. لو أعرف انها هتخاف وتهرب مكنتش أتهورت أبدا وعاملتها بالطريقه دي..
صمت قليلا ثم أكمل: أنا هعمل إعلان ف التلفزيون والجرايد وهحط مكأفأه كبيره للي يرشدنا ليها.. مستعد ابيع عمري كله بس ألاقيها…
عندها هتف توفيق وهو يجلس أمامه: أوعي تعمل اللي بتقوله ده.. كده انت ممكن تطمع فيها المجرمين وبدل ما تكون ساعدت في انك تلاقيها هتساعد قي أنها تضيع أكتر.. اسمع كلامي وبلاش تعمل كده.. صدقني انا عارف وفاهم كويس انا بقولك إيه..وانا مش سايب الموضوع بالعكس دوريات الشرطه بيدورا عليها ومش ساكتين… وبأذن الله هيعثروا عليها..
فهمس بترجي وهو يرفع عيون نادمه لخالقه : يااارب.. يااارب
………. …………..
صوت نباح بعض الكلاب الضاله وصل لمسامعها فأرتعبت وتراجعت بضع خطوات للوراء
عيونها برقت خوفا وأوصال جسدها أرتعشت رعبا…
وتلفتت حولها علها تلمح أحدهم فتتحامي به لكن الشارع كان خاليا تماما من الناس وسواد الليل زاد أكثر ليصبح الظلام هو المسيطر لولا ضوء خافت من القمر مكنها من رؤية بعض الأشياء البسيطه حولها
صار النباح قريبا أكثر منها حتي أن خطوات الكلاب الضاله باتت أكثر قربا
وهذا ما جعل أسنانها تصطك ببعضها رعبا وخوفا
وعلي الفور شرعت تركض بخطوات متعثره
حتي توقفت في شارع ضيق للغايه أستندت بكف يدها علي الحائط وهي تنهج بشده
وظلت تتلفت خلفها لتتأكد من عدم وجود الكلاب ورائها..
وعندما تأكدت من عدم وجودهم زفرت بأرتياح وأبتلعت ريقها بهدوء وهي تمسح حبيبات العرق من فوق جبينها..
وبخطوات متعثره وملتاعه في نفس الوقت بدءت تسير ببطئ في الشارع وفي ذات اللحظه كانت تحاوط جسدها من شدة برودة الجو حولها.. وعيناها الذابلتين تبكي بحسره ووجع..
ووقفت في مكانها عندما لفح جانب وجهها نسمة هواء شديده جعلتها ترتعش وينتفض جسدها الهزيل برعونة من آثر البروده..
ولم تنتبه لصندوق القمامه الضخم الذي أصطدمت به فوقع علي الارض واصدر صوتا عاليا..
لهذا صرخت برعب فأعصابها كانت متوتره لأقصي حد…
بعد ثوان وجدت أمرأه تفتح النافذه فوقها وتطل منها وهي تهتف بخشونه بعد أن اضاءت أنوار المبني من الداخل: مين.. مين اللي موجود هنا..
تعالت أنفاس هنا برعب وعيناها ألتمعت بخوف وهي تهمس بأرتعاش: أنا..
المرأه: أنتي.. أنتي مين..
وعلي الفور دخلت لمرأبها لتمر ثواني وتفتح باب المبني الهزيل وتقف أمام هنا الجالسه علي الارض وهي تنكمش علي نفسها بخوف..
أقتربت المرأه من هنا الشبه فاقده للوعي وأسندتها لداخل المبني وهي تهمس: تعالي.. تعالي معايا جوه من البرد ده…
وسارت معها هنا بأستسلام حيث لم تكن تعي ما يدور حولها فهي قد أستسلمت لغيابات عقلها وتاهت معه…
……………….
تعالت ضحكاتها وهي تسير معه جنبا إلي جنب
وقد تطلع إليها بذهول وهتف : إيه اللي بيضحكك..
همست وهي لا تزال تضحك من عميق قلبها: أفتكرت أول يوم شوفتك فيه.. فاكر..
عندها قطب ملامحه بغيظ وغضب..
فأكملت بلؤم وهي تري ملامحه الغاضبه: تعرف بطه صحبتي مكنتش مصدقه اني ثبت واحد طول بعرض وعضلات زيك.. والأدهي انك طلعت ظابط .. يعني انا بجلالة قدري ثبت ظابط شرطه..
فهتف بملاح مكفهره: ممكن بقي نقفل علي الموضوع ده..
فهمست بهدوء: ايوه ايوه ما أنا عارفه أنك بتضايق لما تفتكره أصل بصراحه دي فضيحه لظابط كبير زيك في الداخليه..
هتف من تحت اسنانه بخشونه:زهررررة..
زهره تجنبا لغضبه: خلاص خلاص سكت..
وفي الداخل كانت تضحك وبشده… لكن لم تكن لتبين أكثر حتي لا يغضب..
وأثناء ذلك سمع الاثنان صفير من ثلاثة من الشباب أعترضوا طريقهم
ونظراتهم لزهرة كانت تُغضب آسر وتجعل الدماء تغلي في عروقه غليا…
عندها مد آسر ذراعه أمام زهره ليخبئها خلفه ثم أقترب من الثلاثه وبدون أن ينطق بكلمه لكم أحدهم بقوه وقع آثرها علي الارض والدماء الدفينه سالت من عميق أنفه وعند شفتيه
صرخت زهرة بأسمه رعبا فألتفت لها وهدر بخشونه: أبعدي أنتي يا زهره متتدخليش..
وأستغل الآخران ذلك وأنقضا علي آسر الذي لم ينتبه لهم بسبب انشغاله بتحذير زهرة من الاقتراب
وعندها صرخت زهرة بخوف وهي تري الاثنان يهجمان علي آسر..
لكنهم لم يتمكنوا من هزيمته فهو قد أعطي لأحدهم ضربه قويه في المنطقه السفلي الحساسه جعلت الدماء تتدفق لوجهه من شدة الالم.. حتي صار بحمرة الفراوله
فأنشغل بألمه.. واصبحت المواجهه الأن وجها لوجه بين آسر والرجل الآخر الذي كان يتطلع لأسر بخوف ورعبا جليِ وهو يبتلع ريقه بصعوبه…
عندها لكمه آسر عند أنفه بقوه أطاحت به لأسفل سافلين وتلاها بعدة لكمات في منطقة البطن حتي وقع صريعا علي الارض لا حول له ولا قوة…
أبتعد عن ثلاثتهم ليخرج الهاتف من جيب بنطاله ويتصل بأحدهم ليأتي ويقبض علي هؤلاء المتشردين..
وفور سماعهم بهذا نهضوا وركضوا بعيدا فارين من لعنة السجن وكاد آسر يلحقهم لولا زهرة التي أمسكت بذراعه وهي تهمس له بترجي: أرجوك يا آسر بلاش. .أرجوك
كانت تتحدث ونبضات قلبها تتعالي خوفا عليه..
وهو نظر بضيق إليها وإلي طيف الفارين الذي أختفي تماما عن أنظاره فلولاها لكان قد لحق بهم وأمسكهم…
كانت سترة بدلته قد تزحلقت من علي كتفيها لتستقر علي الأرض بعيدا أزاح يدها عنه ليقترب من الستره ويميل بجذعه ليلتقطها من علي الارض.. ثم اقترب منها وناولها السترة وهو يهتف بخشونه: ألبسيها.. ومش عايز اشوفك مره تانيه لبسه فستان مجسد جسمك بالطريقه دي… فاهمه..
قال الاخيره بعصبيه وغضب شديد مرعب
فأومأت له بخنوع وهي تبتلع ريقها بخوف…
……………………………
في اليوم التالي
تسللت أشعة الشمس الي الغرفه وطبعت بصماتها علي سرير ضخم ساكن عليه جسده
ففتح جفنيه ببطئ ليدرك أنه في مكان غير مألوف لديه بل أنه لم يراه قبلا في حياته..
فعلي الفور نهض وهو يتلفت حوله وصداع خفيف يفتك برأسه وآخر ما يتذكره هو الرجلان الضخمان وبعدها لا يتذكر شيئا البته..
وفور أن نهض عن السرير وتوجه ناحية الباب ليخرج وجد أمامه الرجلان الضخمان
فهتف بخشونه لهم: انتم مين وعايزين مني إيه.. وبعدين ليه جبتوني هنا…
صرخ بالاخيره..
مد الرجل الضخم يده بالهاتف أمام كرم بعد ان اتصل برقم ما هاتفا بأختصار: سالم بيه علي الخط عايز يكلمك..
تطلع كرم بحاجبين مقطبين للهاتف وإلي الرجل حيث كانت نظراته مصدومه غير مصدقه او بالأحري غير مستوعبه لما يحدث
وعندما طال صمته قرب الرجل الهاتف منه وهتف: أتفضل
فأخذ كرم الهاتف منه بحيرة وذهول
سالم: كرم.. أنت الوقتي في أوكرانيا
عندها فغر عيونه بصدمه
فأكمل سالم: انا سفرتك عشان مصلحتك لان البنت دي لو فضلت معاها كانت هتضيعك.. الرجاله اللي أدامك الوقتي هيسهروا علي راحتك وحمايتك
عندها أبتسم كرم بسخريه وهتف: وإيه كمان.. ما تقول انهم هنا عشان يمنعوني أرجع مصر تاني.. عشان يراقبوني في كل تحركاتي وعشان تطمن أني هفضل عايش هنا لحد ما تأذنلي أرجع تاني..و
قاطعه سالم بحزم: كرم بطل تهورك وكلامك ده.. انا بعمل كل ده عشان أحميك
صرخ به كرم: تحميني من مين.. من الأنسانه الوحيده اللي قلبي أختارها وعشقها.. أنت كده بتدمرني بتقضي عليا مش بتحميني… هنا دي كل حياتي هي روحي ونبض قلبي اللي بتنفس عشانه..
سالم بغضب: أسمعني بقي وبطل شغل المراهقين ده.. انا عارف كويس مصلحتك فين أنا أبوك وليا خبرة في الحياة أكتر منك. انت لسه مش فاهم حاجه وبتحكم علي الامور بمشاعرك.. كلها يوم ولا أتنين تبعد فيهم عنها وتنسي فيهم البنت دي نهائي..متحاولش تهرب يا كرم ولا حتي تحاول تسافر لاني كلمت ناس وقفوا الباسبورت بتاعك يعني ممنوع تسافر وترجع هنا إلا بأوامر مني أنا شخصيا…انا نقلت أوراق دراستك بمدرسه خاصه في أوكرانيا حاول بقي تفلح وركز في دراستك عشان تدخل الجامعه وسيبك بقي من الحب والكلام الفارغ ده.. الرجاله اللي ادامك هيفضلوا ملازمينك زي ضلك لحد ما تنسي حكاية البنت دي..
بعدها أقفل الخط في وجه كرم
مسح كرم بعجز علي رأسه ودموع الضعف والأنكسار كادت تنهمر علي وجنتيه..
ثم هتف بخشونه للرجلان أمامه : أطلعوا بره وسيبوني لوحدي.. بره
تردد الرجلان قبل ان يطيعا أوامره ويخرجان تاركين باب الغرفه مفتوح حتي لا يغفل عن أعينهم ويهرب..
هم من الاساس أخذوا أحتياطهم وأوصدوا أبواب النوافذ في الشقه بكل إحكام…حتي لو تمكن من الهرب منهم هو لن يقدر علي السفر والعوده مرة أخري للقاهره فالباسبورت الخاص به قد تم وقفه وهو ليس معه أية أموال تكفي تذكرة السفر…
عندها زفر بضيق وهزيمة وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره بيأس وعجز وايضا دموع..
ف هنا في أمس الحاجه إليه ليكون بجوارها…
تُري كيف حالها الآن ؟؟؟
هذا هو ما بدر لعقله وقلبه الذي يدق ألما ووجعا لبعده القسري عنها..
…………………….
توقف غالب بالسياره أمام فيلا عمه مروان الدمنهوري
ترجل هو وأبيه من السياره
وقبل التوغل لداخل الفيلا هتف حاتم لغالب: غالب عمك ممكن يضايق يلا يا أبني نروح لحد ما يهدي خالص..
غالب بعند وتصميم: أنا فيه حاجه تخصني عنده وأنا جاي عشانها وده حقي..
ثم تركه وسبقه للداخل..
أما حاتم فرفع عينه للسماء وهمس بترجي: أسترها يااارب
ثم تبع غالب للداخل..
نهض مروان بغضب بمجرد أن وجد غالب يقف أمامه حيث كان يجلس في الريسبشن مع زوجته ونداء وشاب لم يسبق لغالب أن رآه..
ظلت عيون غالب متعلقه بذاك الغريب وعيونه تطق غضبا وشرار
وخطواته الناريه كانت تقترب من الغريب لولا عمه الذي أعترض طريقه هاتفا بكل غلظه: فيه إيه يا غالب جيت هنا ليه؟؟
تطلع غالب بضيق للغريب الجالس ثم عاود النظر ببرود لوجه عمه هاتفا : إيه.. هو أنا مش من حقي أجي أزور مراتي ولا إيه..
وشدد علي كلمة (مراتي )
وبكل عنجهيه أقترب من نداء وجلس جوارها أمام نظرات الجميع المذهوله من تصرفه الفظ
وهي كادت تنهض من جواره لولا يده الخشنه التي أطبقت علي كف يدها وأعادتها للجلوس جواره عنوه
فتخضبت وجنتيها بحمرة الخجل ويدها وكامل جسدها كان ينتفض من شدة الارتباك في حضرة وجوده الطاغي.
أما عمة فرمقه بنظرات ناريه لكنه لم يكن يهتم بل كل نظراته مسلطه علي ذلك الغريب الذي يجلس بكل أريحيه
وعندما يأس من تصرفات أبن أخيه الوقحه نظر لاخيه بغضب فما كان من حاتم إلا أنه صمت و آثر الجلوس في صفوف المتفرجين..
عندها زفر مروان بيأس وعاد للجلوس مكانه..
وضع غالب ساقا فوق الآخري بتملك وهو يهتف موجها حديثه للغريب: وأنت بقي تبقي مين..
كاد الغريب يجيبه
لولا مروان الذي تدخل بالحديث هاتفا: ده مازن ابن حسان البحيري
بتسلط تطلع إليه غالب وهتف بغرور: أيوه ويطلع مين حسان البحيري ده …ده بيبيع قماش ولا فاتح محل بقاله..
فما كان من مازن إلا أنه أبتسم بهدوء..
اما حاتم فكان خجِل وبشدة من كلمات أبنه..
ومروان أبتسم بحرج وهو يتمتم بأسف ل مازن: معلش يا مازن.. غالب أكيد بيهزر معاك…
عندها أجاب مازن بهدوء: ولا يهمك يا عمي…
وعندما نادي مازن مروان بعمه تدفقت الدماء في عروق غالب كمرجل مشتعل فنهض عن مجلسه وهو يهتف لنداء بنزق : تعالي ورايا عايزك..
قالها هكذا بكل بساطه ثم سبقها لخارج المجلس..
وهي تطلعت لوالدها بتوتر فوجدته يومئ لها بهدوء بمعني ان تتبعه..
فهو يخشي من تصرفات غالب المتهوره أمام مازن
أغلقت نداء باب الريسبشن وأستدارت لغالب الواقف خلفها بملامح قاسيه جامده
وقبل أن تنطق بأي كلمه جذبها من ذراعها بقوه وسار بها لمكتب عمه..
وأثناء هبوط سلمي لدرج السلم شاهدت غالب وهو يقبض علي كتف زهره بقوه ويتوجة بها ناحية المكتب
فأقتربت من غالب وهتفت بقلق: في إيه يا غالب ..
أجابها غالب بنزق: سلمي أبعدي متدخليش أنتي..
ثم أدخل نداء المكتب وأقفل خلفهم الباب..
وسلمي زفرت بضيق ثم توجهت لخارج الفيلا فهي ستذهب الي مكان ما كي تتأكد من صحة شكوكها…
داخل المكتب..
وجدته يوصد الباب خلفه فهمست: غالب افتح الباب خليني أطلع..
تطلع إليها بغضب وهتف بخشونه : اه… عايزاني أسيبك عشان تروحي تقعدي مع المحروس..
قطبت ملامح وجهها ببلاهه وهمست : محروس.. محروس مين انا معرفش حد بالاسم ده..
زمجر بغضب: نداء متستهبليش.. أقصد الزفت اللي اسمه مازن.. يقربلك إيه عشان تقعدي معاه من غير حواجز..
وعندما علمت مقصده هتفت تدافع عن نفسها: علي فكرة مكنتش قاعده معاه لوحدي
اقترب منها ليهتف: حتي لو.. أنا مقبلش ان مراتي تقعد في وجود اي راجل غريب عنها…
فهمست ببراءه: بس ده مش غريب ولا حاجه دا ابن اونكل حسان..
وهذا ما جعل غضبه يزداد أكثر وأكثر حتي ان عيونه غامت بشرا دفين لتحمر وتصير كلهب مشتعل وهو يقترب منها فتتراجع هي للوراء بخوف وهي تراه بذاك الغضب
حتي اصطدم جسدها بالحائط وأصبحت محاصره بين جسده وبين الحائط
هتف بغلظه: ويبقي مين أونكل حسان دا كمان
قال الاخيره بسخريه وناره تلهب قلبه غيره..
فهتفت بتلعثم : دا دا.. دا جارنا وصاحب بابا. وو ومازن ك
قاطعها بشراسه وهو يهدر بها: متنطقيش أسم اي راجل علي لسانك.. فاهمه..
ومن شدة ارتعابها أومأت له بخوف وخنوع..
فأكملت بخوف: قق قصدي ان هو ابن جارنا.. وجه ي ي يطمن عليا
نظر إليها شذرا ثم تركها وخرج من المكتب متوجها ناحية الريسبشن وهي تبعته بقلق لتري ماذا سيفعل؟؟؟
وقف أمام الجميع
وهتف وهو يتطلع بثبات ل مازن : طيب الحمد لله مراتي بقت أفضل يااااريت اللي عمل الواجب يفارقنا بقي لان مراتي نداء محتاجة ترتاح في جو هادي مش جو مليان دوشه وإزعاج ..
قالها وهو يرمق مازن بنظرات ثابته
عندها نهض مروان بصدمه وقد بُهت وجهه بحرج أمام مازن
ثم أقترب من غالب وهتف بنزق:أنت إيه اللي بتقوله ده.
اتجننت انت و
لكن قاطعه مازن بهدوء: مفيش مشاكل يا عمي انا كده كده كنت ماشي..
ثم بهدوء خرج
أما مروان فتطلع بغضب لغالب الواقف بمنتهي البرود
ثم تطلع لأخيه ليجده يزفر بيأس وقلة حيله
……….‘‘

يتبع….

الفصل الثلاثون

رمشت بجفنيها عدة مرات قبل ان تفغر عيونها برعب وهي تري وجة فتاه قريبا منها كأنها شبح أو عفريت
وعلي آثر هذا صرخت هنا وهي تنهض من رقدتها فزعه وترجع للوراء وهي تنكمش علي نفسها برعب حقيقي
حاولت الفتاه تهدئتها هاتفه: أهدي أنا مش هأذيكي في حاجه ..انا بس كنت بشوفك صحيتي ولا لسه..
ولهذا بدأت هنا تُهدئ نبضات قلبها الثائر رويدا رويدا..
وعندما أرتخت ملامحها قليلا أقتربت منها الفتاه بحذر لتهمس: أنتي جعانه؟؟
فأومت هنا لها بنعم.. هي بأشد الحاجه الي بعض اللقيمات لكي تستعيد صلابتها فما مرت به بالامس كان غاية في الصعوبه..
أحضرت الفتاه الطعام وراقبت هنا المتمهله في تناولها للطعام
وأثناء ذلك هتفت: أنتي حكايتك إيه بالظبط..
عندها توقفت يد هنا الممتده للطعام أمامها وتطلعت لنقطة ما وهي تبكي بمراره وألم…
ثم همست وهي تتوه في بحر وعوده الخائنه لها: مليش حد في الدنيا كلهم سابوني.. عشان كدة قولت أبعد وأريحهم مني…
ومن الالم في صوتها أحست الفتاه عشرينية العمر بعمق جرحها..
الألم في جسد هنا بدأ يداهمها من جديد حتي باتت تشعر بأنها تفقد السيطرة علي ذاتها
وعندما لاحظت الفتاه عليها ذلك هتفت بحاجبين مقطبين من القلق: مالك..
هنا وهي تحك في جسدها كثورا هائج :تعبانه …تعبانه أووي.
العلامات الظاهره علي هنا تعرفها تلك الفتاه جيدا كيف لا وهي قضت كل عمرها وسط أناس من قبيل هنا بل وأكثر من هذا ….
فهمست بتردد: هو أنتي منهم.
عندها تطلعت هنا لملامح وجهها بترجي وهتفت بعد أن أدركت معني كلماتها : ارجوكي حاولي تجيبيلي منه أنا تعبانه ااوي من أمبارح.. ومعرفش مين اللي بيبيعه..
للحظه تأثرت الفتاه بحالة هنا فجسدها وملامح وجهها مرهقة لأقصي حد..
وقالت وهي تتطلع إليها من رأسها لأخمص قدميها: بس انتي باين عليكي بنت ناس.. إيه بس اللي دخلك في السكة دي..علي العموم طلبك عندي بس يلزمله فلوس وانا بصراحه ممعيش تمنه أديك شايفه الحال..
وعلي الفور نزعت هنا السلسله عن رقبتها وأعطتها للفتاه وهي تهمس بترجي وتعب: خدي السلسه دي تمنها يساوي كتير بس أرجوكي بسرعة أنا مش قادرة أستحمل..
الفتاه وهي تنظر إلي السلسله بأعجاب ثم تهمس بأبتسامه :حاضر ..
تلك السلسه هي هدية من والدها في حفل عيد ميلادها الأخير
……..
في فيلا مروان الدمنهوري
أقترب مروان من غالب حتي صار يقف أمامه وجها لوجة
هتف بغضب لكتلة البرود أمامة : أنت هتفضل مجنون كدة لحد أمتي…
قاطعه غالب بنزق: عمي من فضلك
لكن مروان صرخ به وكل غضب الدنيا يتقافز أمام عينيه: بلا عمك بلا زفت.. وبعدين انا قولتلك إيه مش قولت اني مش عايز أشوف وشك تاني ليه مصمم تعصبني وتضيع شعرة الوصل اللي مابينا
عندها أمسك غالب بمعصم نداء الواقفه بالقرب منه وقد ذُهلت لفعلته وهتف ببرود: أنا جيت عشان مراتي أظن أن مفيش قوة في الدنيا تقدر تبعدني عنها حتي لو كنت أنت
وهذا أشعل فتيلة غضب مروان وجعل ثورتة تزداد فأنتشل نداء من جوار غالب بقوة ليزيحها خلف ظهره وفجأه رفع كفه في الهواء لتهبط بقوة علي خد غالب الأيسر فتشهق نداء بصدمه وهي تفغر عيونها بعدم تصديق وكذلك والدتها
أما حاتم فاقترب منهم وهتف بذهول: مروان
لكن مروان لم يبالي وأقترب أكثر من غالب وهدده وهو يشير بالسبابه ناحيته هاتفا بوعيد: قولتلك أوعي تقرب من نداء تاني.. طلق نداء يا غالب طلقها بقولك.. أنت متستاهلهاش
تعالت خلجات غالب بعنف وغامت عيونه واقترب من نداء رغم تحذيرات مروان له وقف أمامها نظر إليها مطولا وهي كانت في قمة خجلها حيث كانت تطأطأ رأسها لأسفل ودقات قلبها تتقافز
عم الهدوء للحظه وظل الجميع ساكنا يراقب ما يحدث بصمت حتي مروان..
هتف غالب وهو يتأمل ملامح وجهها بأحساس يجتاح قلبه من جديد.. وهو بالقرب منها يشعر بأنه ليس غالب الذي يعرفه الجميع بل أنه غالب آخر هو نفسه لا يعرفه..
غالب بخوف باطني: نداء
أرتعش جسدها الغض لمجرد أن نطقت شفتيه بحروف أسمها..
يا له من سحر خاص.. أنه سحر القلوب..
وهو أيضا أول مره يشعر بأن قلبه هو من ينطق بحروف أسمها بل أنه يحفرها لتبقي لأبد الآبدين..
أكمل هاتفا وقد أستعاد قناع بروده المعتاد : نداء.. أنتي موافقه علي كلامة..
لم تدري ما تفعله فظلت ساكنه صامته كالصنم فقط وجنتيها المحمرتين كحبتي فروالة هي من تثبت في تلك اللحظة أنها من نسل آدم وحواء..
طال صمتها فهتف ليحثها علي الحديث:نداء ..
ثم تعلقت عينيه بها بتأوه غالب الدمنهوري لأول مره في حياته ترتعب اوصاله وهو في أنتظار قرار من أحدهم بأنتظار كلمة واحدة فقط….
هو بذاته مذهول من حاله الذي تشقلب تماما..
مروان بحزم وهو يتطلع ل نداء: نداء أطلعي فوق..
تطلعت لابيها لوهله وبعدها تحركت للخارج متجاهله تماما نظرات غالب إليها
وغالب كاد يلحق بها ليمنعها لكن مروان أعترض طريقه
هاتفا بخشونه: غالب كفاية لحد هنا.. من فضلك سيب نداء في حالها. ..
غالب بتصميم وكانت عيناه معلقه بعين عمه كأنها معركة بين الأثنين فقط
فهتف بثبات: لأ….
عندها طق الشرار من عيني مروان وكاد أن يثور علي غالب
لولا زوجته التي تدخلت بينهم لتحاول تهدئة زوجها هامسه: مروان أهدي.. مهما حصل بينكم في الاخر غالب ابن أخوك..
همسها ذلك لامس أوتار قلب مروان فتطلع لأخيه الواقف صامتا بعيون متألمه..
…………
نضال أنا أتصلت بكل اللي أعرفهم عشان يسهلوا موضوع سفرك لفلسطين بس أنا من وجهة نظري بقولك خليك هنا وسط أهلك..
كان ذلك وليد الواقف قبالة نضال في لحظات الوداع الاخيره بينهم
لكن نضال همس بعزيمه: وأنا لأخر لحظه مش هتراجع عن قراري بالسفر..
تنهد وليد بيأس فمنذ الأمس وحتي الآن وهو يقنعه بالعدول عن قراره ولكن بدون فائده..
عندها أقترب وليد أكثر منه وقام بأحتضانه بعمق وبكي.. بكي دموع متألمه فهذا أبن عمته وصديق عمره…
همس والدموع عالقه في مقلتيه: خلي بالك من نفسك…
ابتعد نضال عنه بأبتسامه ثم ذهب لوجهتة حيث انه سيعود الي فلسطين عن طريق البحر في أحدي السفن الضخمه
حتي غاب طيفه الراحل تماما عن
ناظري وليد..
ليرن هاتف وليد فيجيب
ويخبره أحدهم بأن نضال في خطر لو سافر علي تلك السفينه فجاسوس لاسرائيل قد أخبرهم عن خط سيره وهم قد توعدوا له غدرا وحتما سيقتلونه…
عندها أرتعبت ملامح وليد وعلي الفور أتصل به..
لكن ما من مجيب..
هاتفه مرة وأثنان وثلاثه..
وفي كل مره لا يجيب…
بحث عنه كثيرا هنا وهناك وكل هذا كان بدون جدوي فهو لم يلمح حتي ظله..
وقد بدر إلي مخيلته أن هؤلاء الخونه عثروا عليه
عندها خارت قواه رعبا وأنهار جالسا علي ألارض وطأطأ رأسه للأرض والدموع الهادره تتساقط من بؤبؤ عينيه كأمطار ثلجية موحشه…
ظل علي تلك الحاله لعدة دقائق..
حتي رن هاتف وليد عندها تهللت ملامح وجهه وهو يري أن المتصل هو نضال..
فعلي الفور أجابه
وليد بلهفه: نضال انت فين..
نضال: كنت في الحمام ويدوبي خارج..
عندها تنهد وليد بأرتياح وهمس: طيب أوعي تتحرك من مكانك أنا جايلك حالا…
وفورا نهض وأسرع بخطواته نحو نضال…
بعد ساعة..
من حسن الحظ انهم وجدوا مقاعد خالية علي سفينة آخري
والآن السفينه تبحر بأتجاه أرض الحبيبه فلسطين..
فغردي يا طيور وحلقي في سماء النور..
لا يعرف كيف أصبح يجلس بجوار نضال في السفينه ولكن كل ما يعرفة ويدركة جيدا أنه لم يقدر علي تركة بمفردة بعد أن علم بمخطط الخونة لقتلة…
يبدوا ان نضال عنصر قيادي لة من الاهميه والذكاء ما يرهب به جيش الاعداء…
………………..
خرجت من عند الطبيبه تائهه
فقد صدقت شكوكها وبالفعل هي حامل… حامل بأبن غير شرعي..
دموع الندم هي من تسيل علي وجنتيها..
لا تعرف ماذا تفعل في نكبتها تلك..
تعبت من السير في الشوارع التي باتت كصبر أيوب
لا تنتهي ولا تجد لها بداية
فتوقفت وجلست علي الرصيف وعيناها الحائرتان تراقبان الطريق بشرود…
وجاءتها رسالة للمره المليون علي هاتفها..
وحتما تعلم مصدرها..
فأخرجت الهاتف من حقيبتها لتفتح الرساله..
أنها منه… من وليد… وليد الذي يبعث لها في اليوم ألف رسالة.. ولا يمل أبدا بالرغم أنها لم تجب ولا علي رسالة واحدة… فقط تقرأها بحقد وقلبا مفجوع كره ورغبة بالانتقام…
أخبرها في أحدي رسائله أن يذهب للنادي كل يوم فلا يجدها ويسأل عنها فيخبروه أن أخبارها أنقطعت عن النادي مذ أكثر من أسبوع…
رسائله التي بدأت تنهمر عليها منذ يومان.. والغريب أنه لا ييأس من عدم ردها علي تلك الرسائل بل ورغم ذلك يبعث بالألف رساله في أقل من ساعه
تتذكر مقابلته الاخيره لها
عندما كانت في المشفي لزيارة أختها نداء
فلاش بااااك
كانت تجلس بجوار والدتها علي المقعد وهي شاردة بحزن في أمر أختها نداء
عندما أتت إليها الممرضة ذات المعطف الابيض أقتربت منها وهمست بحذر بجوار أذنها
الممرضه: فيه واحد مستنيكي برة في الجنينه..
قالتها ببساطه ورحلت قبل حتي أن تسألها سلمي عن ذلك الشخص
فنهضت من جوار والدتها وأخبرتها أنها ستذهب لاحضار مشروب القهوه الساخنه..
عند الشجرة الضخمه كان يقف ذاك الشخص موليا إياها ظهره
قطبت حاجبيها بشك وعيناها معلقه بذاك الشخص
وأقتربت منه حتي صارت تقف خلفه..
هتفت بنزق: حضرتك طلبت تقابلني..
فأستدار لها لتشهق بصدمه وهي تتراجع عدة خطوات للوراء
ثم هتفت بغضب تملك كل أنشا في جسدها : أنت.. أنت إيه اللي جابك هنا.
وليد بندم وهو ينظر لبريق عيونها الغاضب: جيت عشانك..
تعالت أنفاسها بغضب وهدرت: وليد بلاش بقي تفكر أن كل اللي حواليك أغبيا.. أمشي من هنا ومش عايزه أشوف وشك تاني..
قالتها وهي تصك أسنانها بغضب
وليد بترجي: سلمي أسمعيني أنا
قاطعته بصريخ غاضب أنت.. أنت أقذر إنسان.. أنت ولا حاجه.. فاهم ولا حاجه.. لو فاكر أنك باللي عملته ده كسرتني فأنت غلطان.. مش سلمي اللي واحد منحط زيك يقدر يكسرها
ثم تطلعت إليه بنظرات محتقَرة وكادت تذهب
لولا أنه أوقفها وهو يقبض علي مرفقها
فتوقفت وتطلعت إليه بنظرات مستشيطه غاضبه وهي تتبادل النظر بين عيونه وبين يديه الممسكة بمرفقها
ولذلك ترك مرفقها ثم تمتم بأسف: أنا آسف.. سلمي أرجوكي بلاش غضبك يعمي عيونك.. لو بصيتي في عيوني هتعرفي أني ندمت… ندمت علي اللي عملته معاكي وجاي
قاطعته بنفاذ صبر: وأنا مش ممكن في حياتي أسامحك حتي.. حتي لو شفتك بتموت ادام عنيا..عارف ليه لأنك دبحتني.. دبحتني بسكينه تلمه.. سكينه أنت اللي صنعتها بجبنك وقذارتك..مستني إيه بعد كل اللي عملته.. مستني أني اسامحك أني بساطه كدة أنسي.. عيبك يا وليد أنك شايف نفسك حاجه.. بس أنت ولا حاجه.. أنت حجمك أصغر من أني حتي ذكراك تخطر علي بالي.. لو شفتك تاني صدقني أنا مش ضامنة رد فعلي هتكون إية..
قالت الاخيرة بصرامه ثم تركته وذهبت دون حتي أن تنظر وراءها… وهو ظل يراقب طيفها بندم حتي أختفي تماما عن أنظاره..
بااااك..
مسحت عنها تلك الدموع وبدأت تقرأ رسالته
(لو كان ده آخر نفس في حياتي فأنا هكون زعلان عشان مش هشوفك تاني.. متأكد أنك مش هتردي عليا زي كل مره.. ومتأكد أنك هتكرهيني أكتر من الاول بس اللي متأكد منه أنك هتقرأي رسالتي بقلبك قبل عنيكي )
عندها صكت أسنانها بغضب وهي تهتف : تبقي غلطان لو فاكرني لسه بحبك يا أبن المنياوي…
أنا بكرهك بكرهك بكرهك…
………………….
تظاهر أمامهم بأن أحدهم يتصل به لأجل عملا هام
فخرج وأغلق باب الريسبشن ليتحدث بأريحيه
ولكن في الحقيقه هو سيصعد إليها..
وبالفعل وقف أمام غرفته ودون مقدمات فتح الباب وتوغل للداخل
جالت عينيه في المكان لكنه لم يجدها ومن الاصوات الصادرة من الحمام الملحق بغرفتها أدرك أنها بالداخل
فأبتسم بلؤم وهو يقترب من السرير وعليه يوجد حجابها المخملي فجلس علي طرف السرير وتناول الحجاب بين يديه ثم قربه من أنفه ليشتم عطرة وهو يشعر بتأوه في كل حنايا جسدها..
أغمض عيونه بألم وهو يستشعر وجودها أمامه…
مرت دقائق..
لتخرج نداء من الحمام حيث أبدلت ملابسها الرسمية ببدلة نوم قطنيه مرسوم عليها ميكي ماوس وعائلته..وشعرها الذي يشبه سواد الليل مُعري
فغرت عيونها بصدمه وهي تراه يجلس أمامها علي طرف السرير واضعا ساقا فوق الاخري بعنجهيه
وبسرعه همت لتنتشل الحجاب من علي السرير لكنه باغتها وأنتشل قبلها الحجاب
فأبتلعت ريقها بتوتر وكادت تعود للحمام لولا أن أعترض طريقها ووقف أمامها بثبات فكانت تتراجع للوراء وهي في قمة خجلها وتوترها حتي التصق جسدها بالحائط خلفها وهو أصبح قريبا منها لحد الجنون ظلت عيناه تراقب عينها وكل قسمات وجهها بتمعن وتوهان
همست بتلعثم: أرجوك أبعد..
قالتها وأطراف يدها تدفعه بعيدا
لكن قوتها كانت بقوة نملة صغيره فلم تتمكن من إبعاده عنها وهو قبض بكفه علي أطراف اصابعه حتي صارت اصابعها آسيرة لكفه الخشن..
ثم هتف بخشونة: ششش.. أنتي بتاعتي أنا .. أنا وبس.. كل حاجة حواليكي ليا انا.. حتي الهوا اللي بتتنفسيه …
وأمتدت يدة الاخري لترفع إليه ذقنها ولكنها لم تكن لترفع عينيها إليه فعبثت أطراف يده علي حنايا وجهها ومع كل لمسة كان جسدها يرتعش ووجهها يبهت ليحول إلي لون العصفر الاصفر..
ثم أمتدت ببطئ لخصلات شعرها يتلمسه بحميمة تكاد تفقدها وعيها حتي وصل لربطة شعرها فيفكها وبذلك يحرر خصلات شعرها المرمريه من براثن تلك الربطة فينسدل علي كتفيها بنعومة أفقدته صوابة وأطاحت به لسبع سماوات ..
كانت بين يدية كسمة أصطادها أخدهم بشباكة العنكبوتيه..
أرادت في تلك اللحظه ان تنشق الارض وتبتلعها فهي في حياتها لم تكن بذلك القرب منه…
وهو قد تاه تماما في ملكوت آخر فببطئ قرب شفتيه منها حتي كادت تلامسها وجنتيها النضرتين وهو يغمض عيونه بتأوه ولكن فجأه أستجمعت قوتها ودفعتها بعيدا لتركض بسرعه لداخل الحمام وتوصد بابه بأحكام خلفها
وببطئ تلتقط أنفاسها اللاهثه
ثم تهتف بثبات وهي تقف وراء الباب: أخرج.. أخرج من أوضتي يا غالب… أخرج أرجوك
تطلع للباب المغلق لثوان وبعدها غادر…
وهي قد سمعت صوت خطواته الراحله فتنهدت بأريحيه…وأنهارت جالسه علي الارضيه وهي تستوعب ما حدث منذ قليل…
وسؤال واحد يخطر في بالها
هل هذا هو غالب أبن عمها؟؟؟
………..
صعد سيارته وقادها كالمجنون
لا يفهم كيف اصبح بذلك الضعف أمامها..
حتي أنه لم يقاوم رغبته في لمسها والاقتراب منها..
متي أصبح هكذا أمام حضرة وجودها..
ظل يخبط علي مقود السيارة بتخبط وحيرة وهو يتذكر كل ما حدث..
…………..
ألقت بكيس البدره أمام اعينها فتبادلت هنا النظر بحيرة بين الكيس وبين الفتاه الواقفه
هامسه بعدم فهم: أزاي.. أزاي أستخدمها .
تطلعت إليها الفتاه بحيرة لتهتف: هو إيه اللي أزاي.. هي دي أول مرة ليكي ولا إية..
دمعت هنا وهي تتذكر أنها صارت مدمنة بسبب أحقاد نهي عليها
فهتفت: اصل كنت بتعاطها وهو دايب في عصير…
الفتاه : آها..
ثم أمسكت بالكيس واخرجت منه حفنه ووضعتها علي ورقه
ثم وضعتها أمام هنا وهمست: قربي جيوب أنفك من البدرة وأستنشقيها..
وبالفعل نفذت هنا المهمه بحرفيه…
وعندها تراخي الالم في جسدها وبدأت أنفاسها الحارة تهدأ شيئا فشئ
ثم رقدت علي السرير وهي تشعر بخدر يسري في كامل جسدها وطبعا هذا من تأثير تلك البدرة اللعينه…
…………..
كان الحديث مازال دائرا بين الاخين
هتفت زوجة مروان: هاااا يا مروان تراجعت عن قرارك بأن غالب يطلق نداء..
عندها مر في عقله حديث الطبيب معه حول حالة نداء
ونهض بحزم عندما دارت كلماته تلك في خلايا عقلة كشريط سينمائي
حيث أن تلك الكلمات حينها فطرت قلب أب يتمني لأبنته أن تحيا دوما بسعادة
فوقتها قال له طبيب نداء(نداء مينفعش تكون زوجة لأي حد.. ولو حصل فده هيكون آخر يوم في حياتها لأن عندها ضعف في القلب ومش هتقدر تتحمل العلاقة الزوجيه ده غير أن السرطان أنتشر في جسمها )
وهذه الكلمات كأنها خنجر مسموم غرزة أحدهم في صميم قلبه..
فتطلع لأخيه بثبات هاتفا: مش هينفع.. ده قرار ومش ممكن أرجع فيه.. غالب لازم يطلق نداء..
بعدها خرج دون أن ينظر وراءه..
فتطلعت بحزن ل حاتم الذي زفر بيأس وقلة حيلة..
…………………..
بعد مرور ساعتين…
كانت هنا تسير بجوار تلك الفتاه في الحارة الضيق
حيث ان كل الأعين في الحارة مسلطة علي تلك الغريبه والتي تشبه في قوامها وفخامة ثيابها الممثلات التي يشاهدونهم علي التلفاز..
وهنا كانت تشعر بالرعب من نظراتهم الموحشه فهي أحست من تلك النظرات التي يرمقونها بها أنها تمشي عارية …
فهمست بخفوت للتي تسير بجوارها : أنتي أسمك إيه..
الفتاه: محسوبتك رمانه..
هنا بذهول: إيه رمانه ..أسم غريب أوي.. اول مرة أقابل بنت أسمها رمانه..
رمانه بأبتسامه: أنتي طالما جيتي المنطقه دي هتسمعي وهتشوفي كتير..
ولم تكد تنهي جملتها حتي ظهر أمامهم رجل ضخم قوي البنيه له من العضلات ما يستطيع ان يهشم به صخور الكون بأكملها..
فأرتعبت هنا وتراجعت للوراء هي ورمانه
هتفت رمانه بنزق: عايز إيه يا متولي..
متولي بخشونه: مين الملهبيه اللي معاكي دي..
عندها أختبأت هنا خلف رمانه وأسنانها تصطك ببعضها خوفا من نظرات الجوع التي تراها في بريق ذاك الضخم…
رمانه بحزم: ملكش دعوة بيها يا متولي بدل ما أنادي المعلم..
لكن متولي تجاهل كلمات رمانه وأقترب من هنا التي كانت تتراجع للوراء بخوف حتي أصدم جسدها بالحائط وهو أقترب منها حتي صار قبالتها وعندها تجمع الكثيرون حولهم ليشاهدوا ما سيحدث بين تلك العصفوره وذاك النسر متولي
ضغط بشده علي حنايا رقبتها حد الأختناق لدرجة ان أطراف قدمها أرتفعت قليلا عن
الأرضيه ووجهها أصبح محتقن بحمرة الخوف والصدمه..
نعم هي مرتعبه من نظرات عينيه القاتمه وقسوة أصابعه المطبقه بأحكام علي رقبتها وجسده الذي يلصقها بقوه بالحائط كأنها فريسة قد اصطادها او ما شابه..
كل ذرة في الهواء قد أمتنعت عنها طواعية لتملكة وسلطته الطاغيه حتي باتت تشعر بأن بينها وبين الموت فقط خطوة واحدة…. وكل الدنيا من حولها تلاشت لتحول إلي السراب الأبيض الذي تقافز أمام أعينها مع تقافز حبيبات العرق من أعلي جبينها…
…….

يتبع…

الفصل الحادي والثلاثون

ولما أحست رمانه بأن متولي أوشك علي حنق هنا صرخت بأعلي صوتها
وما هي إلا ثوان حتي طاحت علي رأس متولي زجاجة من زجاجات البيرة والنبيذ وغيرها فتهشمت علي رأسها لفتات عابث وأصابته بعض الخدوش
وكانت تلك الضربه هي من فتاه من نفس عينة رمانه حالة ملابسه مهترئه وكأنها أحدي المتسولات اللاتي يملئن الشوارع العامة..
عندها تراخت اصابع قبضة متولي عن رقبة عنا وتراجع بضع خطوات للوراء وهو يضع يدة علي مكان الضربة التي تؤلمة وبشدة
وأستدار بجسدة ليراها تقف أمامه بشجاعتها وقوتها المعتادة..
فتاة أسمها ريادة عاشت وسط غابة من الوحوش لتصير يوما بعد يوم مثلهم بل وأقوي منهم ..
إنها ريادة التي ماتت والدتها وهي في سن السابعه وتخلي عنها والدها تاركا إياها وسط دنيا البشر والشر والنفوس اللئيمه.. راكضا وراء شهواتها ولذاته.. تزوج براقصة ملهي جعلته يرمي كل شيئا وراءة ويركض خلفها ككلب جائع..
ريادة وهي فعلا ريادة فلها من الهيبة والوقار ما تخيف به أكبر كبير في المنطقة.. الكبير قبل الصغير يحسبون لها ألف حساب
اقتربت من متولي ودون ان تنتظر رد فعله خدشت جانب وجهه بسكينا او كما يسمونها بلغة البلطجه(مطوه)
وكانت لتفعل المثل في كتفه لولا أن تدخل بعض الناس
أحدهم هتف : خلاص يا معلمة ريادة متولي مش هيعملها تاني..
ريادة شذرا وهي تنظر بخشونة لمتولي: هو لسانه أتقطع عشان تتكلم أنت بالنيابه عنه..
فتطلع الرجل ل متولي وهمس: ما تتكلم يا متولي قول أنك مش هتتعدي تاني علي حرمة في منطقة المعلمة ريادة..
أبتلع متولي ريقه بخوف وهتف ورأسة مطأطأ لأسفل: خلاص يا معلمة ريادة حرمت ..ومش هعملها تاني ..
هتفت بثقة : متأكدة أنك مش هتكررها تاني وعشان تبقي عبرة لأي واحدة تفكر تقرب منها.. هسيبها تاخد حقها منك ينفسها والوقتي وادام الناس دي كلها..
عندها فغر الجميع أفواههم وهو تطلع إليها بصدمة وفي نفس الوقت كان عاجزا قليل الحيله فهو حتي لا يجرؤ علي رفع أصبع واحد تجاهها..
يعرف ماذا سيكون مصيرة جيدا لو فكر مجرد التفكير لفعل ذلك؟!!
أقتربت ريادة من هنا وسحبتها من ذراعها بقوة آلمت هنا حتي أوقفتها أمام متولي
أعطتها سكينا وهتفت بحزم:خدي حقك منة و علمي علية ..
لكن هنا رمت بالسكينه علي الارض وهي تتطلع ل ريادة بخوف وجسدها كان يرتعش
ثم هزت رأسها نفيا بمعني أنها لن تفعل ذلك.. وتراجعت للوراء بخوف
أستحقرت ريادة ضعف تلك الفتاه أمامها فهدرت بها بعنف: لو ما أتعلمتيش تاخدي حقك من اللي ظلموكي فمتستنيش أن اللي حواليكي هيخدوة.. كل واحد الوقتي بيقول نفسي وبس.. لو مكنش شاف نظرات الضعف في عنيكي مكنش أتجرأ يعمل معاكي كدة
قالتها وهي تشاور بقرف علي متولي..
عندها أقتربت رمانة من هنا والتقطت السكين من علي الارض ووضعتها بين في كف هنا ثم اطبقت عليها اصابع كفها قسرا وهي تهمس لها: المعلمة ريادة عندها حق.. لو معرفتيش تاخدي حقك الوقتي مش هتعرفي تعيشي هنا.. الحياة هنا غابة القوي بس هو اللي يقدر يعيش ويسكت الذئاب اللي بتعوي من حواليةحوالية ..أتعودي من اللحظة دي انك تعيشي أسد مش مجرد أرنب ضعيف.. يلا يا هنا خدي حقك منة.. علمي علية عشان شوكتة تتكسر ادامك ويحرم يهوب نحيتك..
تعلقت عيون هنا بقسمات وجة رمانه التي أومأت لها بنعم…
ثم حولت ناظريها للمعلّمة ريادة التي هزت رأسها بنعم أيضا..
عندها أبتلعت ريقها بتردد وقبضت علي السكين بقوة وبخطوات متثاقلة أقتربت من متولي حتي صارت قبالتة
ثم رفعت السكين نحوة وقبل طلك تطلعت مرة أخري ل رمانة التي أعتطها الامان ببريق عيونها الذي يحفزها علي ذلك..
ثم عاودت النظر لوجة متولي الذي كان خاضع تماما ولا يبدي اي اعتراض
ملامحة ذكرتها بكل حياتها القاسيه التي مرت بها..
ظلم الناس لها..
قسوة زوجة أبيها عليها…
عنف أختها معها…
ظلم والدها لها..
وأخيرا كرم.. كرم الذي آثر أن يهجرها… كرم الذي نقض بكل وعودة لها..
تذكرت كل ذلك ودموعها تنهمر كسيل جارف فوق وجنتيها..
كل ذاك الظلم الذي عانته أعطاها القوة
وأخيرا ستأخذ بحقها ستنتصر علي كل من ظلموها..
الان فقط ستتغير…
لتصير هنا أخري..
لتصير فتاة قوية.. وبدل ان تكون مظلومة ستكون هي الظالم..
دقت أنفاسها غضبا وتسارعت دقات قلبها قسوة وبعيون غائمة وقلبا مشتعل من الغضب..
غرست السكين في جانب وجهه وهي تصرخ بكل الالم الذي أعتمل قلبها وتربع في شرايين جسدها
وسالت منة الدماء العميقه التي أشفت بل وأخمدت نيران قلبها..
الغريبه انها لم تخف بعد ان فعلت ذلك وحتي انها لم ترتعش ولو قيد أنملة..
بل تباطئت دقات قلبها بنشوة لم تذق حلاوتها قبل الآن…
أقتربت منها رمانة وهتفت بظفر : جدعة.. خدتي حقك بأيدك عشان بعد كدة يحرم يمد إيدي علي أي حرمة..
قالتها بشماته وهي تتطلع لمتولي الذي جر أذيال خيبته
وذهب بعيدا وكذلك الجمع من حولهم…
أوقفت المعلمة ريادة خلف رمانه وهتفت: مين دي يا رمانه..
ألتفتت لها رمانه وهمست بتعلثم: دي.. دي
ثم اقتربت منها وهمست بحكاية هنا بالقرب من أذنيها…
حكت لها كل ما حدث بداية من رؤيتها لهنا في منتصف الليل وحتي تلك اللحظة…
تطلعت ريادة ل هنا بضع لحظات ثم همست ل رمانه: طيب يومين كدة نجربها في الشغل ونشوف هتنفع ولا لأ…
رمانة بفرحة: هتنفع.. ورب العزة هتنفع…
ما يجعل الناس يخشون من ريادة بهذا الشكل حتي انهم لا يجروءن علي رفع انظارهم إليه..
هو بسبب حربي..
يُحكي ان حربي هو من أكبر عصابات المنطقه وأشرسهم
فضربة واحدة منه قادره علي أن تهشم رؤس الآلف.. وبمجرد نظرة واحدة من عينيه ينخرس الجميع حتي طوب الارض حتي الرياح والطواحين تلزم الصمت في حضرتة…
لا يقدر أي شخص علي مجابهته ولم يتمكن اي أحد حتي الان من هزيمته..
إلا ريادة فنظرة واحدة من عيونها تجعله أضعف مخلوقات الله..
أمام سحر جمالها يقف تائها لا يدري ما يفعله…
لكنها أبدا لم تكن لتبالي بحبة هذا ..كلمتة التي يجعلها الجميع سفا علي رقبتهم… تدثرها هي أدراج الرياح..
لم تنصت لأوامرة يوما بل تكون هي أول من يعصاة.. وهي الوحيدة التي تجرأت علي شتمة أمام الناس علانيه وما زالت علي قيد الحياة …
ملامحة تنم عن قساوة نمر شرس وعيونة كصقرا جارح.. وبنيتة العضليه تُرهب أقوي وأعتي الذئاب ..
بمعني أنه ذئب بهيئة بشر..
يمتلك جاذبيه لا تقاومها أجمل النساء.. وكلهن يقعن سبايا في سحر رجولته وقوته العاتيه..
…………..
في مكتب اللواء توفيق زهير
كان يقف أمام مكتبه وهو يهدر بيأس: يعني إيه… يعني خلاص هنا ضاعت مني…
توفيق وهو يضع رأسه بين كفيه بوجوم: أهدي.. قريب اووي هنلاقيها..
فصرخ بغضب: كل شوية تقولي قريب قريب ومفيش حاجه بتحصل… من أمبارح لحد الوقتي مش عارفين تلاقوا بنتي..
توفيق بعصبيه: قولتلك هنلاقيها بس الحكاية محتاجة شوية صبر
فهتف وانفاسه تتسارع بعنف: ليه مش عايز تعترف ان انتم فشلتم.. فشلتم أنك تلاقوا بنت سنها متعداش الستاشر سنه(ستة عشر عام) ..أنت فشلت يا سيادة اللواء.. فشلت..
بعدها ترك له المكتب وغادر وهو في قمة غضبه… . عجزة وخوفه كأب..
اما توفيق فشبك كفيه ووضعهم اسفل ذقنة وهو يزفر بضيق..
………………….
رافقتة الحراسة حتي باب مدرسته الخاصه التي سجل له والده بها منذ أمس..
لم يتركوة وحدة ولو لثانيه فتلك هي تعليمات سالم الجندي لهم..
لم يكن ليرفض ان يذهب فجلوسه في المنزل بين أربع جدران لن يفيدة بشئ ربما بخروجة هذا يتمكن من إيجاد حل لمعضلته…
هم لن يستطيعوا دخول المدرسة بل وقف أثنان منهم عند البوابة الامامي وأثنان آخران عند البوابة الخلفيه
وقد ظل يبحث بنفسه عن طريقه يهرب بها من المدرسة دون ان يشعروا بذلك
وبالفعل أُنير عقله بفكرة مذهله
بعد ساعة كان يركض بأقصي سرعته بعيدا عن المدرسه وهو يتلفت خلفه..
حتي أبتعد تماما عنها وتيقن بأنه لم يلحق به أي أحد..
فجلس علي الرصيف ليلتقط أنفاسه..
سأل أح المارة عن مكان السفارة المصرية هنا..
وبعد قليل من الوقت كان يجلس علي المكتب أمام احد الموظفين المصريين بالسفارة..
الموظف : خير يا فندم في إيه..
كرم بثبات: انا عايز اسافر.. عايز أرجع بلدي.. انا هنا مخطوف..
الموظف وقد أهتم بأمرة عند ذكرة لموضوع الخطف: طب يا فندم اهدي الاول وقولنا انت مين ومين اللي خطفوك..
كرم: أنا كرم سالم الجندي واللي خطفني سالم الجندي بنفسه..
قطب الموظف حاجبيه بحيرة وعدم فهم ثم همس: نعم!!!!ممكن واحدة واحدة ليا وفهمني حضرتك تقصد إيه..
بعد مرور نصف ساعة كان كرم يسير في شوارع أوكرانيا بتوهان بعد أن أخبرة موظف السفارة بأن والده يحق له ان يفعل ما يشاء طالما أن كرم لم يبلغ بعد السن القانوني الذي يكون فيه مسؤل عن نفسه.. فكرم الان تحت وصاية والدة.. كما أنه لن يتمكن من العودة للقاهرة ما لم يكن معه باسبور سفره.. بالاضافه لنفوذ والده التي ستحول بينه وبين السفر… وهكذا لن يكون بمقدور السفارة تقديم اي مساعدة له..
أيعني هذا انه لن يري هنا مرة أخري.. ألن يعود ليكون بجوارها.. هل حكم عليه والده بالاعدام بعد أن قطع كل طرق الوصل بينه وبين حبيبته هنا…
لكنه لن يستسلم ف هنا تستحق منة أن يحاول بدل المرة مليون مرة.. هو بعد مرور شهر سيبلغ السن القانوني ثمانية عشر عاما عندها سيكون هو وحدة المسئول عن تصرفاته..
وبالبنسبه لبسبور سفره فهو ليس بحاجة إلي والده لانه بدءا من تلك اللحظه سيعمل ليل نهار كي يوفر ثمنة وثمن تذكرة العودة للقاهرة..
ولن يجعل جواسيس سالم الجندي كما يسميهم هو يشعروا بأي شئ يفعله..
سيكون هذا سرا بينه وبين نفسه.. سيهرب نهارا من المدرسه ليعمل وفي الليل ايضا…
وفي النهاية يعود إليهم وكأن شيئا لم يحدث…
هكذا فكر وعيونه تنبض بكل عزم وتصميم…
………………
صرخت بهم حيث كانت تحدثهم علي الهاتف
: يعني إيه قدر يضربكم.. انتم صحيح بقيتوا زي قلتكم يلا غوروا من وشي مش عايزة أسمع صوت حد فيكم تاني..
ثم أقفلت الهاتف في وجههم وألقته بعنف علي طرف السرير
فهي من سلطت الرجال علي زهره في تلك الليله..
كانت تريد فقط أذيتها ولكن الحظ كان في صفها وأنقذها آسر من بين ايديهم..
بعدها أقتربت من نافذة غرفتها ومن بعيد لمحت زهرة وهي تمسك بخرطوم المياه وتسقي به الورود والازهار في الحديقه
كتفت ذراعيه وتطلعت إليها بحقد وهي تهتف من بين اسنانها بغضب: اوكيه يا زهرة.. انا وأنتي والزمن بينا.. أما نشوف في الآخر مين اللي هيفوز.. لو لدغتي ليكي مأثرتش الوقتي صدقني قريب أوي هخليكي مش بس تتألمي منها لااا دا أنا هخليكي تتمني الموت في اللحظه ألف مرة…
بعدها أسدلت ستائر النافذة بعنف وخرجت من الغرفة لتهبط للاسفل
وقفت علي بعد خطوات تراقب زهرة بنظرات خبيثه وهي تري والدتها منال تتسامر معها وصوت ضحكاتهم وصل لمسامعها
فأبتسمت بلؤم وهي تقترب منهم
هامسه بهدوء مزيف: صباح الخير
عندها تطلعتا منال وزهرة إليها ببلاهه
ثم همسوا بصوت واحد: صباح النور..
نوران بأبتسامه وعيونها معلقه ب زهرة: أزيك يا زهرة عاملة إيه..
زهرة وهي تفغر عيونها بذهول: أنا… أنا كويسه الحمد لله..
تعجبت من ذاك التغير
ولكنها قطبت حاحبيها بشك برئ فهمست: نوران أنتي كويسه..
نوران بثبات : أه.. وبعدين قوليلي يا نور انا بحب أوي أسم نور..
زهرة ومنال بعدم تصديق: هااا..
فأبتسمت نوارن هامسه: إيه مالكم بتبصولي كدة ليه..
ثم ألتقطت خرطوم المياه من زهرة وهمست بلطف: تسمحيلي أوريكي أزاي تسقي الزهور والشجر بطريقه احسن من دي ..
فأومأت لها زهره بأبتسامه ونيه صافيه..
أما منال فسعدت كثيرا لرؤيتها لنوران وهي اخيرا تغير معاملتها لاختها زهرة ..
فأبتسمت بحنان ولم تدري بالحية التي تسكن بقلب نوران والتي نوت أن تنتقم من زهرة أشد أنتقام وأن تدمرها وتجعلها تعود من حيث أتت..
فقط مع الصبر ومرور الوقت سيتغلب ألانتقام والحقد علي حب الام…
………………….
فتحت باب الشقه لتري رامز يقف أمامها وملامحه تنم عن غضب شديد
أبتلعت ريقها بخوف وهمست: رامز.. أنت أنت جيت أمتي من السفر..
أزاحها من طريقه وتوغل لداخل الشقه
وهي تتبعته بخنوع واقفلت باب الشقه خلفها..
وبمجرد أن أستدارات هدر بها بغضب: فين هنا..
نهي بتلعثم: مشش.. مش عارفه.. كانت خطتي ماشيه كويس وكنت متوقعه انها هترجعلي تاني بعد ما طردتها لانها مش هتلاقي حد غيري يديها البدرة لانها متعرفش أي حد بيبيعها ووقتها كانت هتكون خاضعه ليا وتنفذ كل اللي اقولها عليه.. بس حصل العكس ومش رجعت هنا تاني وبعدين عرفت من نيرة أنها هربت ولسة لحد الوقتي الشرطة مش لقيتها
رامز وهو يقبض علي رقبة نهي حتي كادت تختنق ويهدر بغضب لاسع : أنا كل ده ميهمنيش.. انتي قولتي انك هتجيبها راكعه تحت رجليا ولحد الوقتي مفيش حاجه من دي حصلت.. عشان كدة أنا عايز كل الفلوس اللي أخدتيها مني.. فاهمه
بعدها تركها وأبتعد قليلا عنها
وهي ظلت تتنهد وتسعل بعنف فأن أنتظر لحظه آخري وهو يطبق بقوة اصابعه علي رقبتها حتما كانت لتموت ..
تطلع لديكور الشقه
ثم تعمق النظرات الصارمه لقسمات وجهها وأقترب منها
وهي تراجعت بخوف للوراء حتي ألتصق ظهرها بالباب
همس بفحيح غاضب أمام وجهها: من بكرة تسيبي الشقه دي.. هبقلها منك كتعويض عن الفلوس اللي أخدتيها مني…
فغرت عيونها بصدمه وكادت تتحدث لكنه أوقفها بخشونه وهتف مهددا إياها: الساعة سبعه بالظبط تسيبيها سبعه ودقيقه صدقيني مش هتلومي وقتها غير نفسك..
ثم أزاحها بعنف حتي أنها سقطت علي الارضيه وبعدها خرج وهو يصفع باب الشقه خلفه بعنف أرعبها وجعل الخوف يدب في أوصال جسدها..
وقد دفنت وجهها بين كفيها وهي تبكي بمرارة…فإلي أين ستذهب؟!!
سبحان الذي لا يغفل ولا ينام
سبحان من يسلط أبدان علي ابدان
…………..
كان شباب المقاومة ينتظرونه عند ضفة النهر ذلك المكان السري الذي يتجمعون فيه دوما..
وأخير وصل نضال ووليد لأرض فلسطين الطاهرة …
وطأت قدمي نضال علي ارض الوطن عندها أحس بالارتياح
عانقه الشباب بحضنا عميق وهم يتمتمون بالشكر للخالق لوصوله سالما
وتطلعوا ببلاهه لوليد
فأبتسم له نضال وأوقف وليد أمامهم وهو يقدم وليد لهم بأبتسامه : وليد أبن خالي..
فرحب الجميع بوليد بصدرا رحب
عندها أحس بشيئا من الراحة لم يشعر بها قبلا..
ووسط هذا كله أتاهم صوتها المتلهف وهو يهتف بأسمه: نضال
حيث كانت تقف خلفهم علي بعد خطوات.
فتزحزح الجميع جانبا وبقت مرام في مواجهة نضال
للحظه ظلت نظرات الشوق واللهفه هي المتبادله
بين بريق عيونهم اللامع بكل معاني الحب الصادقه
حيث أن نبض القلوب هو من يتهافت شوقا للقاء الحبيب والمحبوب
ثانية وركض الاثنان بأتجاه بعضهم كرميو وجولييت
وعندما اقترب نضال منها حملها من خصرها عاليا في الهواء وظل يدور بها وكأنها بوزن الريشه بين يديه ثم أنزلها علي الارض والتحم الجسدان ببعضهم حنينا وشوقا.. حبا وعشقا أبديا
وبعد أن هدأت عاصفه الشوق بينهم أبتعد عنها قليل وجثي علي ركبتيه أمامها ثم قرب رأسه وأذنيه من منحني بطنها هامسا بحب: كيفه لأبني الغالي اليوم..
مرام بأبتسامه عذبه: أبنك سبع متل أبوه..
ووليد كان يراقب ما يحدث ببلاهه وعدم فهم..
فأقترب من أحد اصدقاء نضال نضال هامسا: هي مين دي. .
الشاب : هيدي مرام زوجتة لنضال..
عندها فغر وليد عينيه وفاهه بصدمه
…………………….
بعد مرور يومين
ظل غالب مترقبا أمام فيلا عمة مروان
هو فكر وقرر واليوم حتما سينفذ ما عزم عليه..
فوالده أخبره ان عمة مصمم علي طلاق نداء..
بالداخل أخبر مروان نداء بأن تسبقه للسياره وسيتبعها بمجرد أن ينهي مكالمته مع صديقا له..
ووافقت نداء وبالفعل سبقته للخارج..
ومروان كان يهاتف طبيب نداء ويخبرة أنه في طريقه هو ونداء للمشفي لتبدء بالعلاج..
ظلت نداء بأنتظار والدها حيث كانت تجلس في المقعد الامامي واثناء تأخره عليها أخرجت من داخل حقيبتها مصحف صغير وبدأت تقرأ فيه بدل ان تضيع الوقت في اللاشئ..
وأثناء ذلك وجدت يفتح باب السياره و يجلس جوارها خلف مقود السياره..
فتوقفت عن قراءة القرآن وتطلعت لذاك الشخص لتفغر عيونها بصدمة وهي تري أن ذاك الشخص ما هو إلا غالب
وفي تلك اللحظه خرج مروان من بوابة القيلا ليلمح غالب في السياره
وعلي الفور وفي اقل من اللحظه ينطلق غالب بالسيارة بسرعة الصاروخ للخارج
متجاهلا صراخ مروان بأن يتوقف وكذلك نداء التي ترجوه بأن يوقف السياره…. .
ودون مقدمات دلف مروان بخطوات سريعه لمكتب اخيه دون ان يقوم بطرق الباب حتي
وهتف بكل غضب وعصبيه تملكت من قسمات وجهه المحمره والمستشيطه غيظا وهو يقف بنزق أمام أخيه الجالس علي مكتبه : ابنك خطف بنتي يا حاتم.. يرضيك اللي بيعمله ابنك المجنون ده..
حاتم وهو يحاول تهدئة أخيه ويسترخي بظهره للوراء: ما انت عارف غالب يا مروان.. طول عمره مجنون ومجننا معاه.. متقلقش عليها منه.. ده بردوا جوزها..
مروان بغضب: ابنك بيلوي دراعي يا حاتم عشان ارجع عن قراري.. بس والله عند علي عنده لأخليه يطلقها غصب عنه..
……….

يتبع…

الفصل الثاني والثلاثون

في الاستراحة القابعه وسط فناء الحديقة الواسع
حيث كانت نوران تجلس حول الطاولة المستديره مع والدتها وزهرة وبين يديها مجلة لتصاميم أحذية رهيبه
هي هكذا تهتم بأناقتها وبأحدث صيحات الموضه
تبادلت منال النظرات المطوله بين زهرة المنشغله بتقليم أظافرها وبين نوران المتعلقه عيناها بصفحات المجلة التي تصدرها أرقي مقرات الجرائد الفخمة..
ثم أبتسمت بتلقائيه وهتفت: هتروحوا أمتي تعملوا شوبينج عشان تشتروا فساتين حفلة النهاردة..
وقد أنتبهت زهرة أنها نسيت أمر تلك الحفله تماما..
فهتفت بشغف: أوووه تصدقي أني نسيت موضوع الحفله ده.. بس تفتكري هنلحق نروح الوقتي ونرجع بدري قبل الحفله ما تبدء..
منال بأبتسامة مطمئنه : sure طبعا هتلحقوا.. خصوصا وان هيكون معاكي خبيرة في الفيشون والازياء.
قالتها وهي تنظر ل نوران…
رمتهم نوران بنظرة جانبيه قبل ان تلقي المجلة بيدها علي سطح الطاولة المستديرة والمصنوعه من خشب الغاب واثق الخطي..
ثم صاحت بحذر : وأنا معنديش مانع.. ليكي عليا أخليلك زهرة أجمل بنت في الحفله
قالتها وهي تعطى زهرة نظرات ماكرة..
بعد مرور عدة ساعات
كانت زهرة تتجول مع نوران في أرقي محلات لبيع الملابس
وبالطبع فنوران هي من تنتقي عنها أنواع الثياب التي تراها من وجهة نظرها ملائمة لزهرة..
…………………….
باغتها بحركة مفاجئه وبعدها ركض كجرو يهرب من مصير هو بذاته يدرك أنه لن يكون مبشر فهي أبدا لن تتركة وشأنة دون أن تعاقبه
وبحذاقتها المعهوده في الايام الاخيرة أدركت أنها هكذا لن تلحقه
فبفطنة وشدة دهاء توقفت لتتسلق ماسورة متشعلقة علي حائط أحدي البنايات الهالكة والمؤدية لنافذة لو تشعلقت منها بحافة المبني فحتما بعدها ستصير فوق سطحه وبما أن البنايات متلاصقه ببعضها كحبات عقد متماسك فبديهيا ستقفز فوق كل تلك البنايات
حتي تصل للمبني المتهالك الأخير والذي يسبق خطوات الذي يجري في الأسفل علي جانب الطريق الطويل
وبسرعة ودون مقدمات أمسكت بحبل طويل كان ملقي بأهمال فوق أحد اسطح البنايات ثم صنعت من مقدمته دائرة وألقتها تجاة المبني المقابل للمبني الذي تقف فوق سطحه وكانت تقصد ذاك االصدد الحديدي البارز من المبني
والذي عِلقت به ربطة الحبل كما توقعت
وتحولت في تلك اللحظه لطرزان فتي الادغال فتمسك بطرف الحبل جيدا والذي كان طرفه الاخر قد عُقد جيدا حول ذاك الصدد الحديدي البارز لتتأرجح به في الهواء ثم تهبط بسلام علي الارض
كل هذا حدث في ثوان معدودة
لتقف بتحدي أمام ذاك المعتوه الذي فكر بعواقب فعلته بعد فوات الآوان
توقف بملامح مرتعبه وهو يراها تقف أمامه فأبتلع ريقه بصعوبه ثم كاد يهرب من الطريق خلفه لكن عندما ألتفت وجد أمامة أحدي أعوانها فصار محاصرا في المنتصف..
أرتعبت عيونة وأرتعشت أوصاله وهو يجدها تقترب منه كنمر شرس لن يرحمه بتاتا..
بعدها أمتدت يدها نحو رقبته وبقوة ثور جذبته نحو الحائط ليرتطم ظهرة بالحائط بعنفوان جامح..
ثم أطبقت أصابع يدها الفولاذيه علي رقبته حد الأختناق
ولم تمهله فرصة ليتوسلها حيث أخرجت من جيب بنطالها سكينا لتغرزه في عميق وجهه..
تليها خدشا يكاد يكون عميقا عند جعبة رقبته
وأقتربت أنفاسها الغاضبه لتلفح بشرة وجهه
لتهتف بفحيح غادر: أطلع يااااض بالفلوس اللي معاك …
بدون ان يتفوة أخرج المال من جيب قميصه وأعطاه إياها هامسا بترجي وخوف: خدي الفلوس كلها بس متموتنيش. ابوس أيدك انا مش عايز أموت
رمقته بنظرات مطوله ثم أبعدت عنه السكين وأخذت منه المال وهي تتطلع إليه بقسوة عيونها التي باتت تخيف الجميع منها
وهمست الأخري بغلظة : ما كان من الاول تقب بالفلوس يا روح أمك ولا أنت لازم تتسك علي قفاك..
وهتفت وهي تتطلع إليه بقرف وأحتقار: غور يلاااا من هنا ومش عايزه أشوف سحنتك هنا تااااني..
ليفر بعدها هاربا كفئرا مرتعبا…
ربتت الاخري علي كتفها وهمست بأعجاب: تسلم إيدك يا هنا.. عرفتي تربية صح.
هنا بثقه: عيب عليكي يا رمانة دا أنا تربيتك أنتي والمعلمة ريادة..
رمانه بأبتسامة : جدعه يا بت… يلا بقي نروح حاكم انا هموت وأنام ..
زاغت نظرات هنا ثم همست بتلعثم : لأ… أقصد روحي أنتي..
تطلعت إليها رمانة بشك وهمست:ليه هو أنتي مش مروحة معايا..
هنا بأرتباك ومازالت نظرات عيونها تزيغ: اه.. اصل ورايا مشوار لازم أخلصه الاول.. سلام..
وقبل أن تعترض رمانة تركتها هنا وذهبت
همست رمانة لنفسها بقلق وهي تتابع طيف هنا الذي يبتعد شيئا فشيئا : يا خوفي لتكوني رجعتي تاني للزفته المخدرات..
ثم تنهدت بحزن وعادت أدراجها للمنزل..
هناك مثل شعبي يقول(من عاشر القوم أربعين يوما صار منهم أو رحل عنهم )
لكن حالتنا تلك تختلف ف هنا فسيولوجيا كانت مُستعِده لأن تصير أخري أقوي واشرس وبالتالي صارت منهم..فقط في ظرف أسبوع
………..
قبلها بحب فوق جبينها ثم همس بعد أن فعل المثل علي وجنتيها من كلتا الناحيتين
نضال: أشوف وشك بخير لولا أن الحمل تاعبك.. كنت باخدك معي..
أبتسمت له بشفافيه وتخللت اصابعها ذقنة النامي بعض الشئ بأعجاب ممزوج بعشق
ثم أردفت: دير بالك علي حالك.. وخليك فاكر أنك روحي وأنا بدي ياك ترعي روحي وتخليها جو عيونك… أوعي غدر الاعداء يصيبك.. صدقني وقتها بروح فيها..
قالت الاخيرة بعيون تنطق بمعني الخوف.. ليس خوفا من الموت بل خوفا من أن تموت وهي لا تزال علي قيد الحياه
نعم فلو حدث أي مكروها له حتما ستكون جسدا لا تنبض فيه الروح
أبتسم لها أبتسامته المحببة بالنسبه إليها ثم برفق رفع إليه ذقنها بطرف أصبعه ومال ليقبل بهدوء جانب فكها..
لترتمي علي صدره وتحتضنه بعمق وقد بللت دموعها قميصه أعلي كتفه
فزوي ما بين حاجبيه قلقا من تصرفها
وسمع نداء من الخارج عليه بأسمه
فأبعدها عنه برفق وهمس : صار وقت الفراق.. أشوف وجهك بخير..
عندها شهقت بدموع كزبد البحر
لكنة ورغم دموعها التي قطعت نياط قلبه غادر..
فالخطة المتفق عليها تقتضي منه ان يغادر بأسرع وقت..
وهي ظلت متسمهر أمام الكهف الذي يختبئون فيه بعد أن تركوا ديارهم قسرا بسبب الاحتلال الغاصب ..تودعه وخفقات قلبها تتعالي قلقا..
لولا النساء المجاهدات مثلها واللاتي أدخلنها لداخل الكهف..وذلك بعد عدة محاولات
…………..
في أحدي الفنادق الشهيرة في أوكرانيا…
وها قد حصل كرم علي وظيفه بعد طول بحث ومشقه
هو الآن عامل في فندق ينتمي لرجل أعمال مصري يقيم في أوكرانيا أي أنه فندق يختص بتقديم الوجبات المصريه للزبائن وهذا ما وسع شهرته سريعا..
وأغلب المهاجرين إلي أوكرانيا يعملون فيه.. وهذا من حسن حظ كرم فهو لا يفهم من لغة أوكرانيا شيئا وهذا ما سيهسل مهمته بالاضافه لتعاملة مع الاجانب باللغة الأنجليزية والتي يتقنها بطلاقة فهو قد سافر عدة مرات إلي الولايات المتحدة..
لهذا أختار له والدة اوكرانيا لأنه لا يعرف فيها أي صديق ليساعده ..
ماكرا في تفكيره ذاك الوالد…
كرم كرم
كان ينادية رئيس عمال النظافه في ذاك الفندف
فأنتهي كرم سريعا من تنظيف المرحاض
وذهب إليه
أعطاه رئيس العمال أمرا وهو أن ينظف جميع الطاولات القابعه في الفندق بعد أن ينتهي من تنظيف الحمامات فهناك عجز في العمال اليوم وهذا وأن اليوم يُقام عرسا ضخم لأحد المشاهير
رغم تعب جسدة وأرهاق ملامحه أومئ بالموافقه لأن هذا له أجر أضافي إلي جانب مرتبه..كان بأمكانة أن يرفض خاصة وأنه عُين حديثا لكن ذاك المال حتما سيدخرة لأجل عودتة إلي القاهرة..
هو منذ تواجده في أوكرانيا وهو ينفذ خطته التي حاكها بحرفية تامة
فيهرب نهارا من المدرسه ليعمل عامل نظافة فيرتدي زي عامل النظافه برتقالي اللون وبعدها يُشرع بهمه في تنظيف شوارع أوكرانيا وطرقها ..
وما ان ينتهي دوامة حتي يعود للمدرسة ويرحل للمنزل مع الحراس كأنه لم يفعل شئ رغم قسمات وجهه المتعبه والتي يراها الحراس جيدا فيتعجبون لذلك ويبدر إلي أذهانهم سؤال
وهو / هل يحملون أثقالا بداخل تلك المدرسه كي يكون كرم بهذا التعب والأنهاك؟؟؟
ويترقب حتي الليل فيوصد باب الغرفه جيدا بحجة أنه سيخلد للنوم ولا يريد لأيا كان أن يزعجه.. وهم لم يشكوا في أمرة البته..
وبعدها يتسلق الماسورة حتي يصل للأسفل ثم يذهب فورا للفندق الذي قد وجد العمل فيه بصعوبة تامة وبعد توسلات من كرم لصاحب الفندق… فأضطر صاحب الفندق علي الموافقه علي مضض شرط أن يعمل كرم بجديه ومنذ لحظة تعيينه وهو يعمل بدؤب كالنحل لا يكل ولا يمل
وعندما يتسلل الأرهارق لجسدة فورا تنتعش ذاكرتة بملامح وجهها الملائكي فيبتسم ويعاود العمل كأنة سيارة شُحن تانك وقودها بالوقود للتو….
…………………..
أستغرق وصولة للشاليه الذي توقف أمامة للتو ساعات طويلة
نسمات الليل الباردة باتت تحيط بهم فتبعث قشعريرة قاتمة في جسد نداء
ترجل غالب من السيارة وألتف لناحية المقعد الامامي الذي تشغلة نداء
فتح باب السيارة ونظر إليها بخشونة هاتفا بأختصار: أنزلي
تطلعت إليه لوهله بغضب ثم أشاحت ببصرها للأمام متجاهلة تماما نظراته المحترقة إليها
ثم بنفاذ صبر أخرجها عنوة من السيارة وسحبها بقوة خلفه رغم محاولتها لأبعاد قبضة يدة عن مرفقها التي تؤلمها وبشدة..
ولكي توقفه عن عنادة ويباسة رأسه حطت بجسدها علي الأرض لتجعله يتوقف وهو يطالعها بنظرات محترقه
لكن هي كانت منكمشه علي نفسها وهي تشعر ببرودة جعلت وجنتيها تحمر وحتي أرنبة أنفها.. لتبدو أمامة كطفله حسناء..
نزع عنه سترته ثم جثي علي ركبتيه حتي وصل لمستواها ودون أن توافق او ترفض ألبسها السترة وقام بتذريرها بتملك
فأبتسمت بهيام وهي تطالع قسمات وجهه القريبه جدا منها
وتاهت أكثر عندما وجدته يطالعها بنظرات أخترقت نبض قلبها
وتدثر كل هذا أدراج الرياح عندما قبض علي معصمها بقبضة يدة الحديديه
وأوقفها عنوة للمرة الثانيه ليسحبها بدون إرادة منها خلفة
وهي تأوهت من قوة قبضته فهمست : غالب.. غالب سيب أيدي بجد أنت بتوجعني أووي.. غالب ..
لم يكن يستمع لأي من توسلاتها وأكمل ما يفعله حتي وصل لباب الشالية المطل علي البحر
ولهذا يبعث نسمات هواءه الباردة فيزيد هذا من أرتجافة نداء وشعورها ببردا شديد يجتاح كل جسدها..
حاول أن يفتح باب الشاليه بالمفتاح الذي أخرجه للتو من جيب بنطالة
لكن الباب لم ينفتح
عندها جاء رجلا يرتدي جلبابا هاتفا من بعيد: مين …مين اللي هناك..
غالب بنزق : تعالي هنا يا عوضين
وعلي الفور أدرك عوضين بأن هذا هو رب عمله السيد غالب
فأقترب منه بخنوع هاتفا: سيدي غالب باشا حمدالله علي السلامة
غالب وقد زوي حاجبيه بنفاذ صبر : الباب ليه مش بيفتح..
عوضين: آه يا باشا اصل غيرت قفل الشاليه.. خوفت لحرامي يسرقة خصوصا بعد ما المفتاح ضاع مني..
وعلي الفور أقترب من الباب ليفتحه ويدية ترتعش خوفا من غالب…
وبعد أن فتح الباب دخل فورا وفتح انوار الشاليه وبعدها اقترب منهم وهتف بأدب: نورت الشاليه يا غالب باشا..
ثم خرج..
توغل غالب لداخل الشاليه وقبل أن يقفل بابه هتف بصرامة لعوضين: لو حصل وغيرت قفل الشاليه مرة تانيه قبل ما تستأذن مني ..مش هيحصلك طيب
وقبل أن يهتف عوضين بحاضر
أقفل غالب الباب في وجهة بعنجهية ..
عوضين يقطن في في منزل بسيط يبعد عن الشالية مسافة لا بأس بها ومعه زوجتة أم أصاله..
داخل الشاليه
سحبها حتي أدخلها لغرفة النوم ثم ترك يدها هاتفا بعيون صقرا جارح: هتفضلي هنا لحد ما أنا بنفسي أسمحلك تمشي..
أغتاظت وبشدة من لكنة كلامة الآمره فهتفت وهي تستجمع شجاعتها لمجابهته : لأ طبعا أنا مش هنا في سجن وأنت السجان..
وكانت تلك هي أول مرة يعلو فيها صوتها بل وتغضب وهي تحدثه
فأقترب منها حتي وقف قبالتها وغامت عيونه وهي يرمقها بنظرات كالنار المتقافزة..
فهدر من تحت أسنانه بغضب عارم: سمعيني تاني كدة قولتي إيه..
للحظة أرتعبت منة ولكن إلي متي فهي يجب أن تتشجع قليلا لمجابهته
أبتلعت ريقها ثم أردفت وعيونها تبادله نفس نظرات الغضب والغيظ: بقول أني مش مسجونة عندك عشان تعاملني بالطريقه دي.. وبعدين أنت جبتني هنا ليه.. يلا خليك زي الشاطر كدة وروحني لأني مش ضامنة بابا ممكن يعمل معاك إيه..
قالت الأخيرة وهي ترفع رأسها بشموخ.
وهو أقترب أكثر منها حيث أن نظرات وجهه لا تبشر بخير ابدا
وأبتعلت ريقها بخوف وهي تتراجع للوراء حتي تكعبلت وسقطت ضحية علي السرير
فاشرأب فوقها وقرب وجهه منها فهمست بتلعثم : أنت هتعمل إيه.. غالب أنا بحذرك تعمل اللي في دماغك ده…
نالها منه أبتسامة خبيثه وهو يقرب وجهه أكثر من وجهها فأغمضت عيونها بخوف وهي تنكمش بوجهها بعيدا عن مرمي وجهه
رمشت بعيونها عدة مرات عندما أحست به ساكنا ولم يفعل شيئا كما ظنت
ففتحت جفنيها لتجده يتطلع إليها بسخرية ثم دنا من أذنيها وهمس بلؤم : هو إيه اللي في دماغي
ثم عاود النظر إليها بنفس الخبث وتناولت يده الذي جالت علي السرير عبثا وساده من جوار رأسها
ونهض مبتعدا عنها وهي تطلعت إليه ببلاهه
غمزها بوقاحه ليردف بعبث: بس مفيش مانع أني أعمل اللي في دماغك المره الجايه ..
عندها رمقتها بنظرات غاضبه وأنزعجت أكثر عندما وجدته يفترش غطاء علي الارض بجوار السرير ثم هم بوضع الوساده علي الغطاء وكاد يريح رأسه عليه
عندما أوقفته هاتفه بنزق: أنت بتعمل إيه
ببرود أجابها: أنتي شايفه إيه
فقطبت حاجبيها بضجر وهتفت: أنت أكيد مش هتخلينا ننام هنا.. هتروحني عشان بابا ميقلقش عليا صح.
تطلع إليها ببرود قاتل أستفزها بشدة وهتف وكأنه لم ينفيها لأقصي الدنيا فقط بسبب عناده
: مش هيقلق.. لانه واثق أنك في أمان معايا.
وهذا جعل شياطين الجن والانس تتقافز أمام اعينها
فصاحت بغضب وأنفاسها تتهافت كشلال مياه هادر: أنت فاكر أن بابا أعصابه في تلاجة زيك..
تطلع إليها شذرا فتراخت عيونها بحذر
ثم زفر وهو يستلقي علي الغطاء المفروش علي بلاط الارضيه
كتفت ذراعيها بنفاذ صبر وهي تتطلع له حيث يوليها ظهره ويستلقي علي الناحية الاخري ببرود يناقض أعصار الغضب بداخلها
فهتفت: أنت فاكر أنك هتنام معايا هنا في نفس الاوضه..
زفر بضيق وقال : أنتي مراتي ولا نسيتي..
خافت أن تذكر له بأنها توافق أبيها علي طلاقه منها تعلم جيدا ان هذا سيطيح برأسه ويجعله كالثور الهائج وهي لا تضمن عواقب ذلك خاصه وأنها معه وحدها في مكان واحد
فهتفت: بس انا بقي أخلاقي متسمحليش أني أبات معاك في نفس الأوضه ومتنساش كمان أن أحنا كاتبين كتابنا بس يعني مينفعش أبدا نكون لوحدنا في مكان واحد..
لم يجيبها وفقط وصل إلي مسامعها تنهيدة حاره منه..
فزوت ما بين حاجبيها بغيظ
ثم وقفت وقالت له: لو مطلعتش تنام برة في الصاله
هطلع أنا
وأنتظرت إجابته
كانت تتوقع منه أن يقول لها لا سأخرج انا وأنام في الصاله لكن خاب أملها عندما جاوبها ببرود: براحتك
ماذا يا اختي تتوقعين !!!ان غالب كتلة من كرة ثلج جليديه متبلدة المشاعر
فغرت فاهها بعدم تصديق وكررت حديثها لتحث النخوه لديه هاتفه: انا هطلع أنام برة في الصاله.. والجو برد هناك.. وكمان هنام علي الاريكة..
وجاوب بنفس البرود: وفيها إيه عادي جدا.. بس خدي غطا معاكي عشان زي ما قولتي الجو برد..
تطلعت إليه بتقطيبه غاضبه ثم هدرت تصب كل غيظها: مش واخده حاجه معايا..
ثم تركت له الغرفه وأغلقت خلفها الباب بغيظ
وهو نهض ليتطلع إلي الباب وتنهيدة حزينه تشق قسمات وجهه
………….
تطور خطير لحالة هنا في إدمانها للمخدرات
وأصبحت تتعاطي حقن المخدرات وهذا هو أخطر أنواع المخدرات ان تتعاطيه عن طريق الحقن مع مرور الوقت سيصير جسدها ككتله من الفيروسات كما أن قدر الله ستصير فرصة اصابتها بالايدز أكبر
لان الامراض تنتقل عن طريق نفس الحقن المتداوله بين اشخاص كثيرين ..والذين قد يكونوا حاملين لأمراض من الصعب جدا علاجها..
طبعا تكون نتيجه لخلط بعض العقاقير التي تسبب خدر لا يقاوم للجسد..
في خرابة ما تشبة المكان المتهالك او يشبة مأوي للبهائم والحيوانات
بعد أن أخذت هنا حقنة المخدرات
تراخي جسدها بنشوه عاليه فجلست علي الأرضيه وأرخت ظهرها للحائط ورائها وهي تغفو في عالم آخر..
عالم تعتقد انه سرابا من الراحه وتخليصها من كآبه الحياة..
لكن هذا بالفعل خطأ وخطأ جسيم لان الادمان هو من أخطر أوبئة العصر
وأثناء ذلك أقترب مدمن آخر منها هو أيضا غائب في دنيا آخري غير هذه ولا ضرر في ممارسة بعض اللهو
تحسس ذراعيها بغيابة عقله وعدم وعية بما يدور حوله
وبدأ يقبل حناياه بجنون
وافاقت هنا مما فيه لتجد ذاك الشخص قريبا منها بهذا الشكل
عندها صرخت به وهي تدفعه بعيدا عنها..
وبخطوات راكضه هربت من المكان.. هربت بعيدا
لتعود إلي الحارة من جديد وهي بالكاد تتماسك بما لديها من قوة
حتي تستكمل مسيرتها نحو المنزل المتهالك الذي تقطن فيه مع رمانة..
…………..
في فيلا الزهار حيث أجواء الحفله الصاخبه والاضواء الممتعه
في غرفة زهرة
شهقت بخوف وهي تري صورتها بالمرآه بذلك الفستان نبيتي اللون الذي يُظهر أكثر مما يُخفي
فهتفت برعب لنوران الواقفه بجوارها: لا لا انا مش هينفع خالص انزل بالفستان ده.. دا ممكن آسر يموتني لا يموتني إيه دا أكيدا هيربطني في شجرة ويزقلني بالطوب..
وعندما تخيلت منظرة الغاضب ورد فعله عندما يراها بذلك الثوب الذي يصل بالكاد لركبتيها ويُظهر فتحة صدرها وذراعيها النحيفتين العاريتين بطريقة مغريه أنكمشت علي نفسها خوفا منه وهتفت : لا لا مش هينفع مش هينفع خالص..
نوران بهدوء وبنظرات خبيثه: متخافيش انا معاكي.. وكمان دا العادي كل اللي موجودين في الحفله بيلبسوا نفس الفساتين دي ويمكن أكتر من كدا كمان..
زهرة بعدم اقتناع : ليهم حق ..لأن معندهمش أبن خاله اسمه آسر..
ضغطت نوران علي شفتيها بغيره شديدة وهي تسمعها تذكر أسم آسر للمرة الثانيه بل أنها تذكرها بغيرة آسر عليها لكنها تمالكت نفسها وهتفت بهدوء: تعرفي آسر اللي أنتي خايفه منه بالطريقه دي ..أحتمال ميحضرش الحفله لانه في الوقت ده بيكون عنده شغل حتي أنا سمعت ماما من شويه وهي بتكلمة علي التليفون وهو بيقولها أنه مش هييجي عشان شغله..
تطلعت إليها زهرة بشك فأومأت لها نوران وهمست: صدقيني.. آسر فعلا مش هييحي.. خدي بقي راحتك وإلبسي اللي تختاريه..
في الاسفل حيث أجواء الحفله
أقتربت منال لتسلم علي آسر هامسه: أهلا أهلا.. كويس أنك متأخرتش وجيت بدري زي ما وعدتني..
أبتسم لها هاتفا: هو أنا أقدر أتأخر عليكي يا خالتو
ثم هتف وهو يجول بعينه في المكان : أومال فين زهرة
أبتسمت له وهمست بتلقائيه: بتجهز نفسها فوق.. ثواني وهتلاقيها نازله..
………..‘

يتبع…

الفصل الثالث والثلاثون

تنهدت بأرتياح عندما علمت من نوران بأن آسر لن يأتي اليوم للحفله
وخرجت للحفله علي أساس هذا ووجها يملؤة الابتسامه
خرجت للحديقه حيث أجواء الحفله المبهرة للعين
وأبتسامتها التي تملئ شدقيها بعذوبه
وهدوءها الظاهر علي قسمات وجهها
لكن كل هذا تلاشي عندما لمحتة يقف من بعيد مع أحدهم ويتجاذب معه الحديث بأريحية
فغرت عيونها بذهول وتسمرت لوهلة في مكانها من آثر الصدمة
ثم همت بالركض لتبتعد عن مرمي عيونه فهو أن جال بعينه ناحية يمينه حتما سيراها
لا تعرف أين عليها الأختباء ولكنها يجب أن تختبئ قبل أن يراها وهي بهذا الشكل
وبالفعل أختبئت خلف بعض الزهور و النباتات الخضراء النامية بشكلا طوليا والتي تشبه حزمة من البالونات متراصه بشكل جذاب في عيد ميلاد أحدهم ..
وأعينها المرتعبه ظلت معلقه به من خلف الازهار..
وجدته يتجول في أنحاء المكان وهو يجول بعينيه ويبحث عن أحدهم بعد أن أنهي حديثه مع الواقف معه..
فحصنت نفسها جيدا خلف ذاك الحاجز الذي حمدت ربها أنها ورغم حيرتها وتوهانها بسبب خوفها من آسر وجدته
اما بالنسبه لآسر فظل يبحث عنها ولم يجدها
قالت له خالته أنها ستنزل بعد سويعات قليله من الوقت ولكن أنتظارة قد طال..
تنهدت زهرة بأرتياح عندما أختفي من أمام ناظريها فعلي الفور تركت مكان أختبائها لتدلف سريعا للفيلا وعندها تسرع نحو غرفته وتبدل ذاك الفستان بآخر محتشم..
لكن هذا فقط ظل عالقا في خيالها فهي بالفعل دلفت للفيلا ولكنها لم تصعد لغرفتها حيث وجدت آسر يقف عند درجات السلم
فتراجعت للوراء علي الفور وبهدوء تسحبت علي أطراف اصابع قدمها وأختبئت خلف الأريكة وراقبت خط سيرة من خلف الاريكة بأعين تموت رعبا وخوفا.
ورد أسر أتصال هاتفي فأبتعد مسافة لا بأس بها عند درجات السلم ليجيب علي الأتصال
وهي أنتهزت الفرصه فتسحبت من جديد بمنتهي الحذر علي أطراف أصابع قدمها بعد أن نزعت عن قدميها ذاك الحذاء ذات الكعب العالي والذي يطرقع بشدة إذا تحركت به وحتما سيفضح أمرها أمام آسر..
حيث كان آسر قريب من التراس المطل علي الحديقه موليا إياه ظهره وبالتالي لن يراها اذا أسرعت للأعلي
كانت نظراتها مرتعبه وهي تتطلع إليه بخوف كل ثانيه وتتطلع ايضا لخطواتها الحذرة كي لا تتعثر
وتنهدت بهدوء عندما وطأت قدميها أولي درجات السلم
لكن كما يقولون في المثل الشعبي(المنحوس منحوس ولو علقوا علي رأسه فانوس)
فقد أتاها صراخه الغاضب الذي أوقفها عن الحركة علي الدرجة الثانيه..
فأغمضت عيونها برعب وأرتعش جسدها من الخوف..
وظلت متسمرة في مكانها كما هي..
وهو أقترب منها أكثر هاتفا بشراسه : زهرة..
أبتلعت ريقها بصعوبه وفتحت جفنيها لتستدير له ورأسها مطأطأ للأسفل برعب ثم هبطت درجتي السلم لتقف قريبة منه بخنوع
عيونه الغائمه رمقتها من رأسها لأخمص قدميها وزاد غضبه وشراسته عندما أنتصبت عيونه علي ذاك الفستان والذي أقل ما يقال عنه انه داهيه في عالم الأغراء..
أقترب منها وأنفاسة الغاضبه تود لو تطالها فتحرقها
وكانت تتراجع للوراء وهي تبحلق بدقات قلب خائفه ببريق عيونة المشتعل كقطع جمر من نار جهنم
حتي كادت تتعثر وتسقط علي درج السلم لولا ذراعيه التي حاوطت خصرها فوقتها شر ذلك
حاولي بكل قوتها ان تبعدة عنها خاصة وأن ذراعيه تفتك بها ألما ووجعا لكنها لم تقدر
تأوهت بأنين ووجع وخارت الدموع من مقلتيها بعجز
وقد ألتقطت عيناه تلك اللؤلؤات المتساقطه فأنتبه أخيرا إلي ما يفعله
وفورا تركها بدفعه قوية كادت تطيح بها أرضا لولا أنها أستندت علي سطح الدرابزين…
وتحرك أمامها كالمجنون وهو يمسح بعنف مقدمة جهبته ويمرر أصابعه بين خصلات شعرة الخاوية..
رعبها من حالته الهائجه جعلتها تنكمش علي نفسها خوفا .
وفي أقل من الثانيه وقف أمامها وهو يقبض علي مرفقها بقوة وسحبها بعنفوان معه وهي كانت متراخيه معه تماما خاضعه مستسلمه حتي أوقفها أمام مرآه كبيرة أطارها الورود والعصافيز
تلمست عيناه صورتها المنعكسه في المرآه بقرف ونفور ثم قال وهو يصطك علي أسنانه كنمرا مفترس: ممكن الآنسه المبجلة تفهمني إيه اللي هي لبساه ده..
أبتلعت ريقها وحاولت أن تبدو ثابته ثم همست بتحشرج: ده فستان..
رفع حاجبه الايمن بسخريه وأبتعد عنها حيث فك آسر مرفقها من براثن قبضته الحديديه
ثم هتف بسخرية ظاهرة: أه فستان..
أبتسم بنزق ثم أكمل وعيونه تبرق بغضب: وهو اللي عمل الفستان ده كان عندة زهايمر.. ولا كان بينام وهو ماشي..
تركت خوفها منه جانبا وتطلعت إليه بعدم فهم..
لبتسم بلؤم وهو يكمل: اصله نسي اللي تحت واللي فوق وتقريبا ده التوب اللي بيتلبس تحت الفساتين..
قاطعته وهي ترمقه بغضب: آسر..
لكنه صرخ كأعصار جامح وهو يقترب منها : أنتي تخرسي خالص..لو بس كان عندك ذرة أحترام لنفسك مكنتش قبلتي
ولو تحت أي ظرف تلبس الأرف ده.. تقريبا ده اللي بشوفه علي الستات اللي بنمسكهم في شقق الدعارة والكباريهات بس هم علي محترم شويه..
أحست بأن أحدهم ألقي صخرة كبري ودهس بها كرامتها
فهمست بدموع وأنكسار: آسر أنا مأسمحلكش تكلمني بالطريقه المهينه دي..
جالت عينيه عليها من تحت لأسفل بأحتقار قائلا : أنتي اللي أهنتي نفسك لما لبستي فستان بالشكل ده.. وبعدين كنتي بتخططي لايه من ورا لبسك ده انك مثلا توقعي واحد من الناس الكبيره في غرامك ولا كنتي بتعملي لنفسك صيت قبل ما تمشي من هنا لأن طبعا واحدة زيك مستحيل تكون بنت العايله دي ببساطه لأنك مش شبهنا في اي حاجه.. حتي لو حاولتي ماعمرك هتعرفي تكوني واحدة منا ..ولا أقولك أنا هوفر عليكي كل ده
بصيلي كده
فرمقته وعيناها تبكي بألم
ثم أكمل بنفس الشراسه والسخريه: إيه رأيك أنفع صح.. علي الأقل هكون عارف اصلك الواطي منين وهوفر عليكي السيناريو اللي كنتي هتألفيه علي غيري…
اقتربت خطواته منها حيث كانت عيونه تلمع بطريقه مريبه
وهي تطلعت إليه بحيرة وعجز وعدم فهم لما سيفعله..
وفجأه أنقض عليها ليلتهم شفتيها بقبلة منعت عنها الهواء
ضربته في كتفه وحاولت إبعادة وعندما تمكنت من ذلك
همست بتوسل وعدم تصديق:أنت أتجننت.. بجد انت بقيت مجنون
وأزاحته وكادت تركض لتبتعد عنه
عندما أمسكها بقوه من معصمها ليوقفها أمامه وهو يميل علي كل أنشا في وجهها قسرا مقبلا إياه بعيون ونفسا وعقلا غائبا..
هاتفا بأنفاس متلاحقه : أنا أولي من الغريب..
وقد صُعقت لسماعها ذلك منه..
وبكل قوتها أزاحته بعيدا
لتصفعه بقوه علي خدة الايمن ثم أعطته نظرات غاضبه شرسه وأيضا متماسكه
ثم أشارت باصبعها الابهام أمامه وهتفت محذرة إياه: بحذرك تقرب مني تاني يا آسر
وهذا أشعل فتيل غضبه فمال بجذعه ليحملها دون مقدمات ويصعد بها درجات السلم وهي صرخت به بأن يتركها
ولم يصل صوت صرخاتها للخارج بسبب الاصوات الصاخبه..
حتي وصل بها لغرفتها فبعنف ألقاها علي السرير وهو يهدر بها: أنا هدفعك تمن القلم ده غالي أووي.. بقي أنا واحدة رخيصه وعاهرة زيك تضربني بالقلم
ثم أتجه بغضب ناحية الباب واوصده جيدا ..وحالته تدل علي أنه فقدة كل ذرة للتعقل وبات وحشا شرسا
وهي استقامت جالسه علي السرير وزحفت للخلف حتي التصق ظهرها بالحائط وشاهدت ما يفعل برعب وخوفا حقيقي
حيث كان يتطلع إليها بقتامة عيونها وغيابة عقله وهو ينزع عنه سترته الرماديه ثم تلي ذلك بفك أذرار قميصة واحد تلو الآخر حيث أن صدره الذي يعلو ويهبط يدل علي مدي غضبه وثورته
فغرت عيونها بصدمة وهي تدرك ما سيفعله..
ولم تنتظر مصيرها بل نهضت وبسرعه توجهت نحو المرآه القابعه وسط غرفتها..
ثم أخذت زجاجة عطر من علي سطح الكوموده ورمتها ناحية المرآه التي اصبحت كسورا مدببه كقلبها..
وتناولت منهم كسرا مدببا وعلي الفور وجهته ناحية قصبة رقبتها وهتفت بثبات: لو قربت مني وقتها هكون مجرد جثه..
لوهله تسمر في مكانه ليستوعب ما تفعله وقد فاق من طور حماقته
ثم هتف وعلامات الرعب تستوطن قلبه: بلاش جنان أنتي لو عملتي كدة هتموتي كافرة..
أبتسمت بسخرية ويديها ترتعش وهي تقربها هكذا من قصبة هواءها : ليه كونش صعبت عليك وبقيت فجأه خايف عليا..
تنهد بنفاذ صبر ووجهه مقطب من الغضب وأقترب خطوه منها هاتفا : زهرة هاتي ا
قاطعته بتصميم : أوعي تقرب… لو مش مصدق فعلا اني ممكن أعملها فأظن ده يثبتللك..
قالت الاخير وهي تجرح معصم يدها بذاك الكسر الحاد فتسيل منه الدماء العميقه..
فصرخ برعب عندما فعلت ذاك الجنان: زهررررة.. أنتي أتجننتي
زهرة بلاش.. بلاش وأنا مش هاجي جنبك
صرخت به بألم يقطع نياط قلبها:أنت مين.. أنت مين عشان تتكلم عني بالطريقه دي.. هااا.. مين أداك الحق عشان تهيني..
وصمتت لتكمل صراخها الذي يغلغل كيانها وجعا ويهلك روحها بئسا وحزنا
ثم هدرت وشريط عذابها يمر أمام أعينها كشريط سينمائي فيزيد هذا من عذاب وحزن البريق في عيونها : أنت فاكراني مين هاااا.. فاكرني مين.. انا صحيح جيت من الشارع بس انا عمري ما فكرت ابدا ولا عملت اللي بتقوله عني ده.. أنت صحيح شفتني وانا بسرق..
وبكت وهي تكمل بلكنة مريرة:.بس انا كنت بعمل كدة عشان أنا أتولدت لقيت نفسي وسط ناس مش بترحم ناس بتشغلنا حرامية ومتسولين عشان يعيشوا هم.. واللي مينفذش كلامهم يا يحبسوه في أوضه مليانه فيران وتعابين يا يعذبوه بالكرباك لحد ما يقول حقي برقبتي ..
صمتت لتبتعد عنه وهي تكفكف دمع عيونها
وهو كان متسمرا في مكانه مشدوها يسمعها بكل جوارحه
لتكمل هي بأنين : يا حضرة الظابط أنا ما أخترتش أتولد كده.. قدرنا مش بأيدينا ..حياتي مكنتش أختياري.. لو تعرف أد إيه انا أتعذبت في حياتي ..أد أيه أتمرمطت ودقت العذاب الوان.. صحيح انا مهما عملت مستحيل أمحي أني جاية من الشارع.. بس بردوا من حقي أعيش.. من حقي اكون زيكم ..ولا حياتكم دي ليكم انتم وبس ومستحيل اللي زينا يقربوا منها..
طبعا واحد زيك عمرة ما عرف يعني ايه جوع يعني ايه برد ودموع.. يعني أيه طفله تتحبس بين أربع حيطان لمدة أسبوع من غير ما تاكل او تشرب بس كانت بتتنفس وتبكي وتقول لنفسها كل يوم (انا إيه ذنبي عشان يحصلي كل ده . ليه كل الاطفال عندها ماما وبابا إلا أحنا.. ليه بنتعذب ونتهان كده.. ليه بنتحرم من أبسط حقوقنا.. ليه ما مش بتغطي في البرد وبلبس هدوم بدب ما تدفيني بتخليني أحس بالبرد أكتر وأكتر.. وفي الحر بنمشي علي رجلينا تحت الشمس نشتغل لحد ما تحرقنا بنارها.. )
وبكت لم تقدر علي منع دموعها من الهطول فقلبها هو من يتألم وهو من يبكي
ثم أكملت وهي تتذكر كل وجعها
لما كنت بمشي في الشارع كنت بشوف أطفال زيي ماسكين في أيدين مامتهم وهي ماسكة المظله بتحمي أبنها من حرارة الشمس اللي أنا بتكوي بيها كل يوم..
ولما كنت بروح وأنام احلم أني مكان الطفل ده وان مامته هي ماما..
ماما قالتها بألم
حتي الكلمه دي كنت محرومة منها.. كنت نفسي أووي أقولها..
أنت عمرك ما عيشت اللي أنا عيشته علشان كده عمرك ما هتحس بوجعي ولا هتقدر موقفي.. أنت كبرت وأتعلمت في احسن مدارس لحد ما بقيت ظابط ..أنما انا كنت براقب الاطفال وهم جوة فصولهم وطبعا كنت بحلم اني معاهم وبتعلم زيهم فبقيت جاهله مش عارفه أي حاجه غير اني أسرق عشان انا أعرف أعيش..
كتير من اللي كانوا معايا عملوا حاجات كتير من اللي انت كنت لسه بتقولها عني الوقتي عشان يعيشوا زي الناس..
بس انا حتي مكنتش بفكر اني اعمل حاجه زي دي…
وده لاني بحترم نفسي أوووي..
تعرف عني وعن حياتي إيه عشان تحكم عليا وتظلمني..
لو أنا اللي كنت مكانك عمري ابدا ما كنت هظلمك زي ما الدنيا كلها جات عليك وظلمتك.. يا حضرة الظابط فيه ناس مستعدة تبيع ولادها عشان خاطر تعيش مش بس تبيع لحمها.. انت بس اللي عايش في دنيا وردي دنيا متعرفش الفقير بيعمل إيه عشان بس يضمن أنه يلاقي أكل يتعشي بيه هو وولاده..
…………………….
خرج من الغرفه بخطوات متهمله ليراها تستلقي علي الاريكة وتنكمش علي نفسها من شدة البرودة المحاوطه بها
فلانت ملامحه رفقا بها وانفكت تقطيبة حاجبيه من الغضب للقلق عليها..
بهدوء أقترب منها حيث كانت هي ساكنة تماما وعيونها مغمضه بسلام..
عيناه تعلقت بملامحها المسترخيه بشرود وتوهان فهي تبدو كأميرات ديزني..
فأقترب أكثر من مضجعها وجثي علي ركبتيه أمام الاريكة ليتمكن من رؤيتها بذاك القرب الذي يسعد قلبه ويطرب عقله
أنفلتت خصله من خصلات شعرها الداكن مت تحت الحجاب لتتراقص فوق جبينها وعند وصلة رموشها
وهذا عرقل راحتها وجعلها تهمهم بأنزعاج وهي تغوص في أحلام نومها..
فأبتسم
ولاول مرة يتنازل كبرياءه ويكسر قاعدته وهي القتامة في كل شئ والعبوس الدائم والجديه المهلكه.
لتظهر غمازتيه ثم يمد يدها ويزيح بأصبعه تلك الخصله التي أزعجت نوم حبيبته..
هكذا خطر بباله..
وشرد للمرة الثانيه وهو يفكر بتلك الكلمه التي خطرت إلي عقله تلقائيا ودون تفكير
حبيبته!!! منذ متي ونداء حبيبته؟؟
وهي أحست بأنفاس أحدها قريبة منها وبشده ففتحت جفنيها وتتطلع بذهول وصدمه له
وعلي الفور تنهض لتهتف له شذرا:.أنت… أنت هنا ليه..
أرتبكت عيناه ولكنه أظهر برودا وهو يقول لها: عادي دي الشاليه بتاعي ومن حقي أتحرك في اي مكان يعجبني..
مسحت علي رأسها بغضب وعدت في سرها حتي الرقم عشرة وذلك لتهدئ من وطأت غضبها
ثم تنهدت بأريحيه وهتفت : الكلام ده لو انت موجود فيه لوحدك.. أنما البعيد هيفهم أزاي وهو مبيحسش اصلا..
تطلع إليها بنفاذ صبر وضيق ثم أشاح ببصره ونهض ليجلس علي الاريكة بجوارها علي بعد خطوات هاتفا ببرود: أدخلي أنت وأنا هنام هنا..
هكذا بكل بساطه
زفرت بيأس من أن يتغير يوما فهتفت بعناد: وأنا مش لعبه بين أيديك تحركها في الوقت اللي تحبه.. و
قاطعتها نسمة هواء باردة لفحت جانب وجهها فبعثت القشعريره في جسدها ثم أكملت : بس مع ذلك هدخل لان الجو هنا برد أوي
قالتها وهي تسعل ثم تلتها بعطسة قويه احمرت آثرها أرنبه أنفها
ونهضت من جواره وتباطئت بخطواتها حتي باب الغرفه ولكن غيرت مسارها لتتجة نحو النافذه التي فُتحت بسبب الهواء العاصف لتغلقها بأحكام ثم تسدل ستائرها
وهو كان ينظر اليها ببلاهه منتظرا إجابته علي ما فعلته دون أن يسألها ولكن نظرات عيونها كانت كافيه لتفهم ذلك..
فهتفت وهي تحكم سترته حول كتفيها بأرتباك: اصل الجو برد هنا فقولت اقفل الشباك عشان متاخدش برد زيي.. وكمان عشان المكان يدفي شويه
ثم تركته ودلفت بخطوات راكضه لداخل الغرفه وأغلقت بابها جيدا
وهو ظلت عيناه متعلقه بالبات التي اقفلته لتوه
وشق جانب وجهه أبتسامه لا يعرف مصدرها…
……..

يتبع…

الفصل الرابع والثلاثون

ملخص الاحداث الماضيه..
توقفنا عند هنا التي ضاعت في عالم المخدرات وآخرها الحقن وكرم الذي عمل في تنظيف الشوارع وفي تنظيف الحمامات في احدي فنادق اوكرانيا الشهيره..
وغالب الذي جن وخطف أبنه عمه نداء.. ووليد الذي سافر مع نضال إلي فلسطين.. وآسر الذي جن جنونه وأشتدت غيرته وحاول التهجم علي زهره.. وسلمي التي ترفض الاجابه علي رسائل وليد..
الفصل الرابع والثلاثون
كل حتة في جسمي شاهدة علي سنين عذابي وحرماني.. كنت كل ما بسرق كانت النار بتحرقني من جوايا بس للاسف ملقيتش اللي يعلمني الصح والغلط.. والناس بقت زي الوحوش بيحكموا بالظاهر.. كانوا بيبعدوا عننا لما نقرب منهم كأننا وباء او عدوي نظراتهم لينا مش شفقه او عطف بل بالعكس كانت نظراتهم كلها إحتقار لينا مع اننا مش اخترنا اننا نطلع كدة.. لو بس كنا لقينا فرصه واحده ابدا مكنش هنمشي في الطريق ده.. ولما جتلي الفرصه وخبطت علي بابي مسكت فيها وقولت اني لازم اتغير عشان انا فعلا عايزه اتغير.. بس
صمتت وبكت بمراره فاجعه
ثم اكملت بلوعه هامسه: بس انت مش قادر تنسي ولا قادر تغفر.. حتي مش عايز تديني العذر علي طفولتي اللي مكنتش باختياري ..
تطلع إليها بخيبة أمل وخجل في نفس الوقت
نعم هو يحتقر نفسه لانه صم أذنيه وأستمع لنداء شيطانه
وهمس بترجي وبريق عيونه النادمه تتعلق ببؤبؤ عينيها المتألمه: زهرة انا آ
قاطعته شذرا :متقولهاش لأني مش هقدر أسامحك ..أنت في لحظه مش بس كنت هتكسرني أنت كنت هتدبحني وده كنت هتعمله لأنك مش قادر تنسي اني جيت من الشارع فأزاي عايزني أسامحك ببساطه كده.
تطلع إليها بخوف باطني وهتف موضحا: زهره انا مكنتش واعي للي بعمله غضبي كان مسيطر عليا وعامي عيوني ا
توقف عن الكلام عندما أستوقفته بأشارة من يدها بمعني أنها رافضه تماما لسماعه..
فتعلقت عينه بها وهو لا يفهم ما تنوي فعله او قوله..
فصمت…
وهي تحدثت بصمود
هاتفه بدموع كسرت عميق قلبها: متحاولش تبرر لان اللي عملته معايا النهارده أكبر بكتير من الوجع اللي انا حاسه بيه الوقتي..انا همشي.. هحققلك حلمك اللي تمنيته من اول لحظة جيت فيها هنا مش ده كان كلامك ليا لما قولتلي انك عمرك ما هتتقبل وجودي هنا وفي حياتك وانك عمرك ما هتصدق ولا هتعترف ان واحده زيي تبقي بنت خالتك ..
كفكفت دموعها بطرف أصبعها الأبهام ونظرت إليها نظرة تحمل كل الألم والوجع والقهر منه
وهذا ظهر جليا في بريق عيونها
وبدأت تتحرك لتخرج من الغرفه بعد أن أفلتت الكسر من قبضة يدها علي بلاط الأرضيه ثم بسرعه ركضت خارج الغرفه بعد أن فتحت باب الغرفه علي مصرعيه
وهرولت هاربه
وهذه المره تسبقها الدماء المنهمره من معصم يدها كشلال بالأضافه لدموعها المنكسره..
…………….
ركضت علي درجات السلم ومن يراها يشعر أن تلك ما هي إلا سندريلا ولكن هنا سندريلا تهرب مع دموعها وخيبة أملها تهرب من ظلم الناس لها وأولهم أسر الجندي أقرب الأقرباء إليها بل إلي صميم وعميق قلبها..
وهو ركض خلفها وهو يصرخ بأسمها
حتي لحق بها ووقف أمامها معترضا طريق في منتصف درج السلم الطويل.
همس بندم وهو يتطلع بخوف لقسمات وجهها الذابله ودموعها المتساقطه علي خديه والتي تقطع نياط قلبها العاشقه وبشده لها :زهرة..
همس بها بلوعه..
وهي قد تبعثرت عندما سمعت منه ولأول مره نطقه لأسمها بتلك الطريقه
وزادت نبضات قلبها تعلو كطبول
لكن تماسكت وتطلعت إليه بحقد
وركضت مبتعده عنه للمره الثانيه وتجاهلت تماما صراخه بأسمها كي تتوقف..
وأصطف المدعون للحفل صفين يشاهدون زهرة وهي تركض في الفناء الواسع وتلك الدماء تتساقط منها حتي كونت خلفها خط سير باللون الأحمر
وأيضا صراخ آسر والذي وصل لمسامعهم برغم الاصوات الصاخبه للحفله..
عندها توقف العالم تماما عن أي شئ
وزهرة لازالت تركض بأقصي ما لديها من قوه برغم ان قواها خارت تماما لكنها ماطلت التعب فهي لا تزال زهرة
زهرة بنت الشارع
زهرة صاحبة الطفوله المشرده
وأخيرا زهرة بنت الأكابر سليلة الحسب والنسب..
لحق بها منعها من التقدم أكثر
وهو يمسك معصم يدها بقوه
حاولت أفلات معصم يدها من قبضة يده ولكن لم تقدر فهي بقوة نمله وحيده تائهه عن جماعتها..
فهتفت من بين أسنانها بشراسه: سيبني ..
بندم قال: زهرة أهدي.. أنا مش هأذيكي..
بدموع وخيبة أمل قالت حيث كانت تركز بصرها الجامح ونظراتها الصارمه إلي نظراته النادمه : متأكد أنك لسه مأذتنيش..
لوهله تسمر في مكانه وفقط ظل يتطلع لبريق عيونها المجروح المتألم بصمت
فأي الكلمات تستطيع مداواة جرحها الذي يراه الآن في نظراتها الحاقده عليه!!
وعندما أستكان أبعدت قبضة يده عن مرفقها وهو لم يمانع بل كان منوم كالمغناطيس وعقله سبح لعالم غير هذا مع آخر كلماتها
وهنا ظهرت منال التي هرولت الي زهرة حتي أصبحت تقف أمامها
بعدم فهم همست: زهرة هو إيه اللي بيحصل..
قالتها وهي تتبادل النظرات بين زهرة وآسر الذي يقف ساكنا وكإن علي رأسه الطير.
…………….
تباطئت خطواته وهو يجول في الغرفه يشتم فيها كل آثر لرائحتها هنا وهناك
وكم تبكيه دموعه ندما..
حتي وقف أمام الكومود القابع عليه صورتها
تلمست أطراف يده ملامحها ودموعه تنهمر بندم
وتلمست أطراف يده حنايا الغطاء علي السرير
يتذكر كم كان محجفا في تعامله معها..
كم كان بعيدا عنها.. رغم أنها لا تملك سواه في الدنيا بعد أن فقدت والدتها..
حتي عندما كانت في أشد الحاجه إليه.. لم يساندها بل عاملها بأشد قسوة حتي فرت منه وتركت له عذاب فقدانها وأبتعادها عنه..
فأنهار علي السرير وأخذ يبكي بحرقه وهو يضم صورتها في الإطار الي قلبه
هاتفا بندم : أنا آسف يا هنا. أرجعي.. أرجعي يا بنتي وأنا هكون ليكي الاب اللي بتتمنيه..هكون دايما جنبك بس أرجعي…
………..
في لائحات العمل الخاص بالفندق الذي يعمل به كرم..
هناك عدة قواعد إذا حاد عنها اي عامل
أحدهم يُفصل فورا من عمله..
وعلي قدر الأمكان يحاول كرم الألتزام بتلك القوانين
رغم أنه لم يخضع يوما لقانون أي شخص حتي والده سالم الجندي ولكن اليوم ولأجل غاليته وحبيبة فؤاده هو مستعد لأن يلقي نفسه في عميق نيران ملتهبه ..
لكن السفينه أحيانا لا تسير كما يريد صاحبها
فهناك من يكره ألتزام كرم ونشاطه المتناهي في العمل بل ويحقد عليه وبشدة.
أنه ناصر شاب عربي من أصل مصري أب مصري وأم تركيه
قد أنهي جامعته وسافر بعدها من مصر إلي أواكرانيا..
وقف علي مقربه من أحدي الطاولات ينظفها كما يفعل كرم الآن..
ونظراته إلي كرم كانت غائمه مملؤه بمكر وخبث أبن ءاوي..
وقف بجواره زميل العمل وهتف وهو يري عيونه المعلقه بكرم: ناصر.. أنت بردوا مش راضي تشيله من دماغك ..
ناصر بغضب خفي: مش هرتاح إلا لما يمشي من هنا.. مش كفايه من وقت ما جاه والمدير مش شايف غيرة..
هتف الزميل والذي يسمي عماد وهو يساعده في فرش الطاوله التي تصل لعدة أمتار: طيب سيبك بقي منه الوقتي وخلينا نركز في شغلنا وليك عليا نعمل فيه اللي أنت عايزه بس بعدين ..
عندها أبتسم ناصر بخبث..
بعد ساعتين
خرج كرم من مطبخ الفندق الذي يقبع بالداخل حيث يوجد طاقم الطباخين
حيث كان يحمل صينيه عليها طلبات القاطنين بالفندق من مأكولات ومشروبات ..
وهناك عند الزوايه كان ناصر وعماد بأنتظاره وعيناهم وقلوبهم تدمر له شرا وحقدا دفين..
ومر كرم من جوارهم وهو غير مدرك لما يحاك ضده من مؤمراه ناقمه
وفجأه سقط علي بلاط أرضية الفندق في الممر الممتد الي ما لا نهايه
وهوي فوقه زيه الذي يرتديه والخاص بعمل النادلين أكواب العصير والاطباق الحامله لأشهي المأكولات حتي صارت ملابسه لوحه فنيه لعدة ألوان ولكن أعطت في النهايه صوره مزعجه للعين..
وقد ألتف حوله جمعا غفير من القاطنين في الفندق والعاملين به..
وقفوا حوله ليشاهدو فقط ما يحدث
أما كرم فنهض وهو يرمق ناصر بنظرات ناريه يود لو يلكمة بقوة قبضته فيطيح به علي الأرض فهو متأكد بأن ناصر هو من تعمد عرقلته حتي يحدث ما حدث..
لكن هو لن يفعل ذلك أبدا فهو يعرف تماما عاقبته أن تشاجر مع أي شخص
فهذه هي أحدي القواعد والقوانين المنقوشه علي لائحات الفندق..
وان خالفها إحدهم سيكون مصيرة الطرد وهو بصعوبه قد وجد هذا العمل..
فآثر الصمت وأخفض نظرات عيونه بعجز وقلة حيلة..
وناصر وعماد ظلا يتطلعان إليه بشماته وخبث..
حتي جاء أحد العاملين إلي كرم وهتف : كرم المدير عايزك..
أومئ له كرم بخنوع وسار ناحية مكتب المدير..
بعد أن خرج كرم من عند المدير تنهد بحزن ويأس فطبعا أخبره المدير بأن ثمن الاطباق التي تكسرت ستُخصم من مرتبه الشهري كما توقع ..وهذا سيأخر من عودته إلي القاهره فهو بحاجه إلي كل قرشا..
لكن كل هذا يهون في سبيل رؤيته لها من جديد.سيصبر ويتحمل ..
…………………..
في اعالي الجبال داخل منزل مصنوع من الحجاره حيث ذلك الضوء الخافت
حول طاوله مستديره تم صنعها يدويا من خشب الأبنود ويلفها بعض الكراسي المهترئه
كان خمسة من رجال المقاومه يجلسون في صمت وكلهم آذان صاغيه للقائد الذي يملي عليهم الخطه التي سيتبعونها مع العدو الغاصب
وهذا القائد هو نضال
بعد أن أنتهي
هتف بكل ثبات وعيون ثائره: أربع أيام… أربع أيام ونحقق اللي كنا بنطمح ليه من زمان.. أربع أيام وننفذ الخطه ..وعشان كده بدي من كل واحد فيكم أنه ياخد حذره كويس .
ثم وجه أنظاره ل تميم أحد رجال المقاومه
وقال: بلغ كل اللي معانا أن العد التنازلي بلچ من هيدي اللحظه..
فأومئ له تميم بمعني نعم..
بعد لحظات أنفض الأجتماع بعد أن تلقي كل واحد مهمته التي سيقوم بها..
تميم وباسل وأسيل ومجد وإمجد هم العناصر الأساسيه للخطه..
وفوقهم نضال المحور ونقطة الأصل..
خرج نضال بعدها من المنزل ليستنشق بعض الهواء النظيف فهو يشعر بأنقباضة قلبه في الأيام الأخيره
ليلمح من علي بعد وليد وهو يقف عند صخرة كبيره وموليا إياه ظهره
فتنهد بحزن وهو يدرك أن ليس من العدل أن يظل وليد هنا وتتعرض حياته للخطر..
فيكفيه أن يعاني كل يوم من خوف فقدان عزيز عليه ..
يكفيه أنه يري أهله يموتون أنام ناظريه بسبب المتفحرات والقنابل.. وأن نجي أحدهم من تحت ركام المباني التي تتهدم فوق رؤسهم يخرج ليقابل رصاصهم فتصعد روحه علي الفور إلي بارئها وتزداد فلسطين مقابر فوق مقابرها
يكفيه أنه يدرك أن الموت يقف علي عتبة داره في أي وقت وأن لم يُستشهد كالباقين فسيكون معتقلات العدو هي مصيره الأبدي
وهو أبدا لن يرضي بذل ومهانة معتقلاتهم..
لذا سيقاتلهم حتي أخر نفس في حياته… سيخلص بلاده من شرهم وظلمهم.. وسيحرر رجالها وأبطالها المسجد الأقصي من بين غشاوتهم وإحجافهم..
لذا أقترب منه بخطوات متمهله..
ووليد لم يكن ينتبه لنضال الواقف خلفه
حيث كان يحادث أحدهم علي الهاتف
فمنذ قليل ورده أتصال من والده
خالد بحزم: لازم ترجع ..انا بعتلك طياره خاصه ومدير أعمالي زمانه قرب يوصلك أرجع معاه وحاول تقنع نضال بأن يرجع معاك..
وليد :انا واثق ان نضال مش هيوافق يرجع ويسيب أصحابه.. وأنا مش هوافق أني أرجع وأسيب نضال لوحده
خالد بغضب: يعني إيه بتعصاني..
وليد : يا بابا انا مش قصدي أعصاك بس صدقني مش هينفع أسيب أبن عمتي وصديق طفولتي هنا لوحده.. أنا مش هرجع إلا لما نضال يرجع معايا ..
أتاه صوت أم قلبها مكلوم أنها عمته فقد أنتشلت الهاتف من
من بين يدي أخيها فقلقها علي نضال يكاد يقتلها..
تحدثت إلي وليد بنبره مرتعشه : وليد وليد.. فين نضال
وليد بحيرة: متقلقيش يا عمتو نضال بخير..
عندها هدأت أنفاسها المتلاحقه وهمست: أرجوك عشان خاطري خليه يرجع معاك قوله أني هموت لو حصله حاجه.. أرجوك يا وليد.
وليد بخنوع وأرتباك: حاضر هحاول..
تنهدت بأريحيه وقالت: عايزه أكلمه.. عايزه أسمع صوته
وليد بأرتباك: هو.. هو الوقتي مش موجود جنبي بس أوعدك أول ما يخلص اللي بيعمله هتصل بيكي عشان تكلميه..
بقلق همست: وليد أوعدني أنك مش هترجع من غيره.. أوعدني يا وليد..
وليد بثبات: أوعدك.. أوعدك أني مش هرجع إلا بيه..
لكن تلك الكلمات والتي سمعها خالد عبر مكبر الصوت أزعجته وجعلته يأخذ الهاتف قسر من بين يدي أخته
هاتفا لها بضيق: إيه اللي أنتي بتقوليه ده.. ده بدل ما تقوليله يرجع عايزاه يفضل جنب أبنك عشان تصيبه رصاصه ولا تحصله حاجه من ورا أبنك اللي منشف دماغه ومش راضي يقعد هنا معانا..
تلك الكلمات صدمتها جعلتها متسمره في مكانها دون حراك فقط تراقبه وهو يبتعد بالهاتف عن مرمي عيونها
أكمل خالد حديثه هاتفا بحزم: وليد متسمعش كلام عمتك أرجع أنت.. المهم عندي سلامتك.. لو نضال رجع معاك يبقي كويس بس لو رفض متربطش نفسك بيه وأرجع مع مدير أعمالي…
وليد وقد أغتاظ قلبه من غلظة وقسوة قلب والده: بابا أنا وعدت عمتي أني هرجعلها أبنها ومش ممكن أبدا أحنث بوعدي معاها حتي لو الوعد ده كلفني حياتي..
كاد خالد يتحدث لكن وليد سبقه وأقفل الخط
أتصل به مرارا وتكرارا لكن وليد لم يجيب
فقطب حاجبيه بغضب وزم شفتيه بضجر
ثم أتصل بمدير أعماله..
ليخبره بأن يُحضر وليد معه بأي طريقه.
فوليد هو أبنه ووريثه الوحيد وهو لن يسمح أبدا بأن يمسه مكروه.
أحيانا يكون الأبالأب أنانيا من أجل الحفاظ علي أولاده حتي وأن كان ما يفعله يؤذي أقرب الأقرباء إليه……
…..
هبطت والدة وليد درجات السلم لتجدها تقف دون حراك ودموع أمومتها تنهمر علي وجنتيها بغزاره
فعلي الفور ركضت بأتجاهها ووقفت أمامها وهي تهمس بقلق: مالك بتبكي ليه..
همست بوجع من بين دموعها: جوزك باع أبني عشان ينقذ أبنه..
تحدثت بتوهان وعدم فهم: جوزي.. تقصدي أخوكي خالد..
فأجابتها وهي تغمض عيونها بأنين مفجع: متقوليش أخويا.. الأخ مش كده.. لو فعلا أخويا مكنش قال الكلام ده لوليد عن أبني..
وبمجرد أن ألتقطت أذنيها أسم وليد همست بأهتمام: وليد.. هو خالد كلم وليد.. طب أخباره إيه وأمتي هيرجع.. هو كويس ..طب هو قالكم إيه..
لكنها لم تجد غير الصمت
فصرخت بها بقلب أم يموت رعبا علي وليدها وفلذة كبدها الذي غاب عنها فجأه ودون مقدمات..
:أنطقي قوليلي أبني إخباره إيه..
وأيضا لم تجبها بل كانت كالصنم تبكي دون توقف
لمحته من بعيد وهو يخرج من مكتبه
.فركضت بأتجاهه حتي وقفت أمامه
عيونها كانت مشتته وقسمات وجهها تنم عن مدي خوفها
همست له بوجع أم: وليد.. وليد قالك إيه ؟! وهيرجع أمتي؟؟
فهتف بثبات وعيون تخبئ خلفها الكثير : متخافيش وليد هيرجع ومن غير ما يصيبه أي خدش..
ثم تركها وخرج من الفيلا بأكملها..
تاركا أخته التي تكاد تموت وجعا وقهرا
وزوجته التي أطمئنت قليلا آثر كلمات زوجها وهذا لم يمنع تسلل القلق لعميق قلبها.. فتنهدت بحزن ورفعت ناظريها للسماء تدعوا خالقها بأن يعود أبنها لأحضانها سالما غانما
وأقتربت من الواقفه بعيدا لتواسيها فهي أم وتشعر بنفس وجعها..
…………..
ألتف بجسده ليري نضال يقف أمامه
فأرتبكت قسمات وجهه وزاغت عيونه
أقترب منه نضال ربت علي كتفه بتفهم وهتف : أرجع يا وليد
أنت ملكش ذنب تفضل هنا وحياتك تتعرض للخطر بسبب وجودك معايا..
وليد بتصميم: مش هرجع إلا وأنت معايا يا نضال.. انا وعدت عمتي ومش هخلف بوعدي مهما حصل..
رمقه بعدة نظرات لم يفهم نضال مغزاها ثم بعدها تركه وأبتعد عنه
لم يعلم أن وليد الذي أتي معه لفلسطين ليس هو وليد الذي كان يحدثه منذ قليل
فهنا قد تعلم أشياء لم يكن يتعلمها لو عاش عمرا فوق عمره
تعلم أن التضحيه وحب الوطن هما أسمي حياه
وأدرك أن حياته لم تبدء إلا عندما دق قلبه لأخلاص نضال لحبيبته ووطنه..
وعمره بدء منذ تلك اللحظة
وما فاته لم يكن سوي شيئا تافها حقيرا كعبثه .
هو يغار من نضال ويحسده في نفس الوقت..
يغار من صموده وشجاعته ويحسدة لانه قد فهم معني الحياه الحقيقيه قبل فوات الآوان..
…………..
علي الناحيه الأخري
داخل مقر الأعداء
حيث آلاف الانجليز الواقفين حول مبني المقر وبداخله لحمايته..
طلب من الحارسان الواقفان علي ناحيتي مكتب اللورد الأسرائيلي دانيال فشباتنيو..
هم يعرفونه جيدا فهو سلاحا غادرا للوصول لأفراد المقاومه فهو من كان يمدهم بالمعلومات اللازمه عن أي مقاومه تنبعث ضدهم
هو شاب فلسطيني أسرائيلي
وان قلت فلسطيني أي أنه فلسطيني الام والأب جذوره فلسطينيه جدا عن أب..
وحسرتاه علي أبناء وطن قد باعوه بأرخص ثمن
وان قلت إسرائيلي فهذا لأنه قد باع وطنه ومن باع وطنه هانت عليه نفسه ..
فقط من أجل منصب أو حفنه من الوريقات الماليه باع جنسيته
لقد أندس بين افراد المقاومه ليطلع علي كل خططهم وتحركاتهم لكي ينقلها فورا للعدو الغاصب..
وهم ماكرين بطبيعتهم
فأبتسم له الحارس وعلي الفور فتح له باب مكتب اللورد فتلك أوامر اللورد مذ أن جاءهم أول مره
ان يدخلوه إليه في أي وقت يأتي فيه ودون أستئذان..
بعد أن أمره اللورد بالجلوس
هتف وأبتسامه عريضه تشق جانب وجهه: راح يبلچوا في تنفيذ هجومهم بعد أربع أيام ..وأول مقر راح يشنوا هجومهم عليه هو(…..)
اللورد وقد رواده بعض القلق : هل قائد المقاومه هو نضال..
الخائن (نعم خائن) أومئ له بمعني نعم ثم هتف: وكمان معه شاب فلسطيني أسمه تميم و أمجد وأسيل ومجد
هيدي هم الأربعه الاساسين لتنفيذ المهمه.. وكمان فيه شاب چديد ما متذكر أسمه بالظبط أنضم ليهم وبعتقد أنه شاب مصري مو فلسطيني.. أسمه.. إسمه
ترقب اللور إجابته بفارغ الصبر
الخائن وهو يتذكر بصعوبه مع حك ذقنه بأصبعيه السبابه والأبهام : أسمه تقريبا وليد…
الخيانه.. هي أصعب مفهوم يمكن للعقل البشري أن يستوعبه
فلولا الخيانه لتقدمنا كأمه عربيه علي شعوب الغرب.
ولولا الخيانه لما باتت فلسطين آسيره بين يدي خنازير كأسرائيل وأمثالهم..
فنحن كعرب خنا أقصانا عندما وقفنا في صفوف المتفرجين نري ونسمع عن قتل الأطفال وذبح البشر وسحلهم وسجنهم ومع ذلك نصمت وكأن هذا الأمر لم يمر علينا..
فسكوتنا يُعتبر خيانه..
…………………
رأت الدماء المنهمره من معصم يدها فأرتجف قلبها وأمسكت علي غفوه معصم يدها
وهتفت بتلعثم وهي تبحلق برعب في تلك الدماء حيث دقات قلبها التي وصلت لمسامع القاطنين في السماء : زهرة…. زهره أنتي بتنزفي دم…
وعلي غفله ودون مقدمات مالت زهره بجزعها لتحتضن والدتها بدموع متألمه غير مباليه بوجع جرحها
فالوجع بداخل قلبها أعظم..
ومنال كانت لا تفهم شئ مما يدور حولها فهمست بقلق وهي تشعر بمدي الألم التي تشعر به أبنتها : زهرة
أبتعدت زهرة عنها قليلا لتبتسم بدموع
هامسه بكل معني للألم : عايزه أقولك أنك أعظم أم في الدنيا كلها.. بس أنا آسفه.. آسفه لأني هتسبب في جرحك للمره التانيه
أبتلعت منال ريقها وقطبت حاحبيها بحيرة وعدم فهم لكن ما أقلقها أكثر هي تلك الدماء التي لا تتوقف وكأن ليس لديها رادع
فصرخت بفزع وهي تمسك بمعصمها : زهرة تعالي معايا عشان أربطلك علي الجرح وأوقف النزيف عبال ما أتصل بالدكتور ييجي..
لم تتحدث كل ما فعلته أنها أبتسمت وعيونها مملؤه بأنين الوجع والضياع ومدّت كف يدها لتربت بحنو علي خدها الأيسر..
وبسرعه أنتشلت نفسها من أمور وارها وركضت مبتعده
حاولت منال اللحاق بها لكن آسر أوقفها هاتفا: أستني يا خالتي.. أنا هعرف أرجعها ..أوعدك إني مش هرجع من غيرها ..
ثم تركها ولحق بزهرة بخطوات راكضه
والواقفه عند الزوايه أبتسمت بمكر
كيف لا وخطتها اللئيمة قد حققت نجاحا باهرا ؟!
….. ……………
لم يتركها تستقل التاكسي وتبتعد عنه بل ظل يتابعها بسيارته حتي أوصلها لوجهتها..
هي الآن تقف عند أمواج البحرالمتلاطمه بهيجان تبكي وترتجف ليس من برودة الجو المحيطه بها بل تبكي من قسوة قلوب البشر..
وهو ظل يراقبها من بعيد بعيون نادمة وقلبا عاشقا تتقطع نياطه لحزن حبيبته.
أقترب منها حتي صار يقف خلفها..
تقدم أكثر ليقف قبالتها وجها لوجة
لم تتعجب من وجوده فهي توقعت شيئا كهذا..
ظل يتطلع لزيتونة عيونها الدامعه بألم وإنين عاحز
وامتدت أنامله بتلقائيه لتمسح عنها تلك الدموع اللعينه فهو لايطيق ابدا رؤيتها وهي تبكي..
فدمعه واحدة منها أغلي عنده من كنوز الدنيا وما فيها ..
ولم توقفه فحزنها شل جسدها عن المقاومه.. حيث كانت تطأطأ رأسها بحزن وخيبة أمل منه..
وقد أحس بذلك..
فرفع إليه ذقنها بطرف أصبعه..
وهتف بعيون تلمع بالصدق والشفافيه : تتجوزيني..
زوت ما بين حاجبيها بذهول وفغرت فاهها بعدم تصديق وفقط ظلت تبحلق به وهي غير مستوعبه لما قاله توا
أزاحت يده عن طرف ذقنها
وأبتعدت عنه قليلا
وهي تهتف بقسوه: لو دي كلمة آسف اللي مفروض تقولها فأنا مش عايزه.. مش هسمحلك تيهني تاني يا آسر..
تقدم منها ليقف قريبا منها لا يفصله عنها إنشا
تلمس خصلات شعرها بتوهان.. هو من الأساس تاه في ملكوت عيونها قبلا
وأردف بصدق : أنا بحبك يا زهرة .. بحبك
كل إنشا في جسدها توقف تماما عن الحركة.. أنفاسها توقفت لتعلن عن مدي قوة تأثير تلك الكلمه عليها خاصه منه هو..
بهتان وجهها حال للون الإزرق لون الصدمة..
وكأن العالم توقف من حولها لتكون فقط هو وهي من يعيش علي وجة الكرة الأرضيه..
لكن
عقلها أعلن عصيانه..
فأنكمشت علي نفسها منه وأنتشلت كفها من بين يديه
ثم هتفت وهي ترمقه بنظرات ناريه : كفايه بقي إنت إيه.. وليه مصمم تلعب بيا وبمشاعري.. لعبتك دي مش هتمشي عليا خصوصا وأنا عارفه أن آسر بيه مستحيل يحب بنت من الشارع ..لأ وكمان عارف أصلها الواطي.. شوفلك واحدة غيري يا حضرة الظابط عشان تتسلي بمشاعرها ..
وكادت تبتعد عندما منعها وهو يقبض علي مرفقيها بقوة موقفا إياها أمامه قسر
لكنها أشاحت بصرها عنه بيأس ودموع ..
فهتف بثبات : زهرة بصي في عنيا وأنتي تعرفي أن كل كلمة قولتها قلبي هو اللي نطق بيها قبل لساني.. من أول لحظه شوفتك فيها وأنتي مش بتغيبي عن بالي يمكن ده الحب من أول نظره بس حب آسر الجندي مش حب عادي ده لعنه. لعنه سلسلت قلبي بسلاسل من حديد ..برودي وقسوة كلامي معاكي كان انعكاس بيخبي وراه حب وإعجاب كبير بيكي.. بغير عليكي لحد الجنون لدرجة أني نسيت كل حاجه وكنت هرتكب في حقك جريمة عمري ما كنت هسامح نفسي عليها..
وهي كانت تستمع إليه بذهول وحزن مخلوط بدموع
فأكمل: حبي ليكي مش لعبه زي ما إنتي فاهمه.. ولما قولت تتجوزني كنت أقصد كل حرف أنا بقوله..
صمت قليلا ثم أكمل بعيون جامحه كصقر يحلق في أعالي الفضاء الواسع: وافقي يا زهرة.. وافقي لأني مش هقبل بأي رد منك إلا بالموافقه..
ثم صمت وتطلع لقسمات وجهها الحائره والغير مصدقه لجرأته وقوة الثقة التي تشعر بها في كلماته..
وكل ما دار داخل عقلها وصل لطبلة أذنيه وتغلغل بحبال قلبه
وكأنه يمتلك الحاسه السادسه وهي قراءه ما يدور بالأذهان
فهتف بلكنة محذره وهي يصوب أبهام أصبعه ناحية جمجمة رأسها : ومتحاوليش تبعدي أو تهربي مني لأني هجيبك حتي لو كنتي تحت سابع أرض..
رغم نظراتها الذاهله والمصدومه إلا أنها تنهدت بيأس فهو بعد كل شئ يهددها ..
أرتجفت أوصالها من شدة البروده حولها
وبات الجرح يؤلمها أكثر وأكثر فأغمضت عيونها وهي تشعر بدوار رهيب يفتك برأسها وأن الدنيا من حولها تدور كطاحونه سنابل القمح
لم تستطع التحمل أكثر وقد خارت قوتها وطول تحملها فكادت تسقط علي حبات الرمال الذهبيه لولا ذراعيه التي طوقت خصرها مانعه إياها من السقوط فحملها وتوجة بها نحو سيارته…
……………

يتبع…

الفصل الخامس والثلاثون

في اليوم التالي
عند ساعه مبكرة من طلعة النهار وشقشقه الصباح
لا تزال مستيقظه تفكر في أمر نضال.. كل لحظه مرت بها فتكت بقلبها قلقا ورعبا.. تفكيرها المتواصل بأن يحدث له مكروة يقتلها..
لم تكن بغرفة نومها بل كانت تنتظر عودة أخيها وهي جالسه علي الاريكة في الطرقه الواسعه وعينها معلقه بباب الفيلا
وبمجرد أن لمحته يفتح الباب ركضت بأتجاهه
همست بلهفه وهي تقف أمامه: نضال هييجي أمتي..
هو أيضا كان في غاية قلقه ولم ينم مثلها فأبنه الوحيد معرض للموت في أي لحظه
أبنه الذي أنتظر مجيئه للدنيا بعد سنوات من الأنتظار..
فهتف بجمود:معرفش ..
وكاد يتحركرليصعد للأعلي لكن هي لم تتركة وإعترضت طريقه هاتفه بعيون متوسله: أرجوك.. أرجوك رجعلي أبني..
صك علي أسنانه بأنزعاج وهتف بنزق وهو يبتعد عنها : كفايه بقي كلام عن أبنك.. أبنك اللي عرض حياة أبني للخطر عشان عنده ونشوفية دماغه.. صدقيني بعد كده أنا مش هفكر في حاجه غير أني أرجع أبني لهنا تاني وبس..أبنك هو اللي أختار طريقه خليه بقي يتحمل عواقب أختياره بس يكون بعيد عن أبني لان أبني عندي أغلي من أي حد ..
قال الاخيره وهو ينظر لها شذرا ثم بعدها تركها وصعد..
أما هي فأنهارت تبكي وتحترق بنار ولدها.. كما أحترقت من قبل بنار فقدان زوجها..
…………….
وقفت أمامها لتهتف بقلق : روحتي فين أمبارح يا هنا..
زفرت هنا بضيق وأبعدت رمانه من أمامها وهي تقول: رمانه مش كل يوم تسأليني السؤال ده..
وكادت تفتح باب المنزل لتخرج لكن رمانها أوقفتها وهي تقبض علي مرفقها هاتفه بخوف حقيقي عليها: هنا.. هنا بلاش سكة المخدرات.. صدقيني هتضعي ووقتها مش هتعرفي ترجعي لانك هتلاقي الوقت فات..
زاغت هنا ببصرها وأبتعلت ريقها بأرتباك ثم أردفت بتلعثم: مخدرات.. أاانا قولتلك أني بطلتها..
زمت رمانه شفتيها بضيق لتهتف بصرامه: مش صحيح انت عارفه ان انتي امبارح كنتي هناك في المكنه كنتي أنك هتروحي بس كدبت نفسي وقولت لأ لأن هنا مش بتكدب عليا لما قالتلي أنها بطلت..
هنا بأرتباك : بطلي الاوهام اللي انتي بتقوليها دي.. صدقيني أنا بطلت و
قاطعتها رمانه وهي ترفع إليها ذراعها ثم بتملك شمرت عن ساعد هنا كم قميصها ذات الخطوط البيضاء والسوداء هاتفه لتكشف كذب هنا: مش صحيح.. كل كلامك ليا كدب والدليل أهو..
قالتها وهي تشاور علي أماكن الحقن التي غُرزت من قبل في ذراع هنا والتي تنم عن آلاف المرات
ثم أكملت وكم صُدمت من بشاعة ذراعها بعد حقنه بتلك الحقن التي تحوي من بشاعة المخدرات ما هو بقادر علي قتل هنا
تطلعت للموضع الذي تم حقنه وكم كان مرعبا مريعا لم تكن تعلم أنه بتلك البشاعه رغم شكها من قبل في وعد هنا عن التوقف عن تعاطي المخدرات فكأن بذراعها حفره عميقه وحول تلك الحفره خط دائري لونه أزرق منتفخ من كثرة غرز الحقن به او ربما من تلوث الأبر الذي أنتج ذلك الجرح البشع.. ورغم هذا نجدها صامده لا تتألم فهي آلفت الوجع وبات جزء لا يتجزء من حياتها.. فالوجع هو مصيرها ومصيرها هو الوجع
تطلعت رمانه بصدمه ورعب إلي عيون هنا وهي تهمس بخوف : مش معقول ..أنتي كده بتموتي نفسك..
نزعت هنا ذراعها من براثن قبضة رمانه تطلعت إليها ببرود ثم أردفت بسخريه : أنا أصلا مش عايشه.. أنا جسد بس من غير روح..
فصمتت رمانه وهي تتطلع لعيون هنا المجروحه
فأكملت هنا بوجع ويأس : سيبني أروح أشتغل عشان بعد كده أعرف الاقي تمن الحقنه..
بعدها غادرت هنا وهي تغلق باب المنزل خلفها..
…………………………….
رمشت بعيونها عدة مرات قبل أن تفتحها نهائيا ثم مطعت ذراعيها بتأوه وهي تشعر بدفئ فقبل أن تنام كانت البروده تفتك بجسدها فماذا جد الآن
أبتسمت بتوهان وهي تري ذلك الغطاء السميك يغطيها من أخمص قدميها حتي كتفها إذا فهذا هو مصدر دفئها الذي نعمت به طوال سواد الليل..
أبتسمت لأنها تعلم أن غالب هو من أتي لها بالغطاء فقبل ان تنام لم تكن تحاوط جسدها سوي بسترته التي أعطاها إياها..
ثبتت حجابها جيدا فوق رأسها قبل أن تخرج من الغرفه وتبحث عنه
لكنها لم تجده ..
يبدو إنه أستيقظ قبلها وذهب لمكان ما فهي لا تجد له آثرا
فهي ظلت ساهره حتي شقشقه قرآن الفجر توضأت وصلت ثم قرأت الورد القرآني والأذكار وبعدها غطت في نوما عميق..
تنهدت بهدوء ثم خرجت من الشاليه وتوجهت نحو شاطئ البحر لتستنشق الهواء النقي وتتأمل الطبيعه.. فهواء الشاطي يكفي لأن يمدها براحة عميقه وسعادة غامره ..
رغم برودة الجو إلا أن جمال الطبيعه الساحر غطي علي كل شئ فتمشت قليلا علي شاطئ البحر مبتعده عن الشاليه وهي تحاوط كتفيها لتعطي نفسها بعض التدفئه..
مرت وقت طويل وهي مازالت تتمشي علي جانب الشاطئ مستمتعه بنسمة الهواء حولها وبطبيعة البحر التي تبعث السرور لقلبها فهي منذ صغرها تعشق البحر وأجواءه.. وتستمع بمراقبة الطبيعه الصامته..
وقف بعيدا عنها عدة خطوات وهو لا يصدق أنه يراها أمام ناظريه فأقترب منه حتي وقف خلفها هاتفا بفرحه غير مصدقه: نداء..
أرتعبت لأنها ظنت أنها وحدها من تستمتع بجمال الطبيعه في ذلك الوقت وعلي الفور ألتفتت لتري من أقتحم خطوتها
صُدمت لرؤيته يقف أمامها وهمست بأرتباك : ماازن
طبعا تتذكرون مازن سبب غيرة غالب.. جارها وأبن صديق والدها حسام البحيري..
……………….
توقف عماد أمام الغرفه ليراقب حركة الماره كما طلب منه ناصر
فهو أتفق معه علي أن يدخل لغرفة كرم ليفتش فيها عن أي شئ يساعده في التخلص منه
فبحث في الغرفه بحذر حتي أبتسم بمكر وهو يري ذاك الدفتر المفتوح علي صفحة معينه موضوع علي سطح الكومود بجانب السرير الذي يقف أمامه الآن..
…………….
أزيك.. عامله إيه الوقتي
قالها مازن الواقف أمامها بثبات
فزاغت ببصرها وهمست بأرتباك : الحمد لله كويسه..
سألها السؤال الذي دار بخلده لحظة رأها لكنة أجله ليكون سؤاله الثالث لها بعد أن سألها عن حال والدها
فهتف : خير يعني أنتي هنا جيتي لوحدك ولا مع العايله الكريمه ..
لا ده ولا ده هي جات مع جوزها عشان تتفسح
كان ذلك غالب الذي قال كلماته وهو يقترب منهم برعونه وغضب متناهي حيث كان يقبض كفه ويبسطه بين الحين والآخر بغضب وجمود يخفي خلفه الكثير وعيونه غائمه كأسد مفترس وثورا هائج يلبس قناع البرود
وهذا إن دل فيدل علي الهدوء الذي يسبق العاصفه
أقترب بخطواته المستشيطه حتي صار أمامهم
أعطي ل مازن نظرة ناريه مستشيطه وفي نفس الوقت كانت نظرته تخفي الغضب خلف بريق عيونه المتوهج لتظهر السكون
ثم ألتف بنظره بارده لنداء وهمس بنفس البرود : مش يلا ندخل عشان الجو هنا برد عليكي..
صدمتها وخوفها من بروده هذا أكبر من خوفها من وجوده المفاجئ أمامها
وقد أدركت من ملامح وجهه المتجهمه أن ذلك الأمر لن يمر هكذا مرور الكرام..
فأومت له بهدوء يبث عكس ما بداخلها من رعب وقلق
أمسك بكفها بهدوء وقبل أن يسحبها كالمجبرة علي أمرها هتف للواقف أمامه بمنتهي الصلف والوقاحه : تشرفت بشوفتك يا كابتن ””””
صمت وهو يتصنع أنه يتذكر أسم مازن رغم أنه يعرفه ويتذكر أسمه كعينيه ولكن تلك هي طريقه غالب الماكره مع خصومه في العمل وفي كل شئ
ليردف: أه مازن البحيري صح..
قالها وأبتسامه ماكرة تشق جانب وجهه وهو يقترب أكثر منه هامسا بجوار أذنيه: .. بحذرك أني أشوفك قريب من مراتي تاني وقتها صدقني مش هتعرف أنا ممكن أعمل إيه.. ودي مش نصيحه ده تهديد..
ثم ربت علي كتفه بسخريه ورمقه بنظره عنيده ثم سحب تلك المسكينه خلفه وسار ناحية الشاليه بخطوات مرعبه
ونداء كان جبينها يتصبب عرقا من شدة وعظمة خوفه من ملامح غالب الغاضبه..
………………………………….
حملت بين يديها كرتونه تبيع منها المناديل عند إشارة المرور حيث العديد من السيارات الذي يشتري أصحابها منهم المناديل شفقة ورأفة بقاطنين الشوراع المحتاجين
وأطفال الشوراع المجبرين علي ذلك ..
وجالت علي السيارات عند ظهورة إشارة المرور التي تدعو السيارات للتوقف لكي يعبر الماره بأمان ودون خوف
لتستجدي منهم الشفقه حتي يشتروا منها المناديل وبجانب ذلك تمسح لهم السياره بخرقة برتقالية اللون ومنهم من يعطيها بقشيشا لذلك ومنهم من أنعدمت الرحمة في قلوبهم فيهينوها بأقذر الكلمات لتبتعد عن سيارتهم النفيسه والتي أغلي لديهم من أرواح الناس.. فتبتعد وهي تلعن وتسب فيهم فهي صارت هنا جديده لا ترضي لأحدا بأن يهينها وتصمت كالسابق..
كانت السيارات مصفوفه كخطا طويل خلف بعضها وبجوار بعضها فكانت تذهب إلي كل سياره لتبيع او لتنظف السياره
عند السياره التي تقف عندها هنا
هنا بأبتسامه للسيد الذي يقود السياره: أشتري مني مناديل يا بيه..
وأبتسامة الرجل كانت لئيمه حين قال: هاتي كل المناديل اللي معاكي أنا هشتريهم منك
فأبتسمت ببلاهه وهي تناوله المناديل وقد صدقت انه بالفعل سيشتري منها المناديل دون أي غرض أخر
وعندما ناولته المناديل مد كفه إليها بالمال فمدت يدها لتأخذ منه المال عندما أمسك كفها وتلمسه بطريقه حميميه جعلتها تنظر إليه شذرا
فهتفت بصرامه : بتعمل إيه سيب إيدي..
أجابها الرجل بشهوه واضحه في عيونه وضوح الشمس: ليله واحده بس وهديكي المبلغ اللي أنتي عايزاه
زوت حاحبيه بغضب وهتفت وهي تبصق عليه بأحتقار: أه يا واطي يا زباله.. أتفوا عليك يا حقير
ثم أنتزعت يدها منه بقوه ومالت لتخلع ما بقدمها وتلقيها عليه
فغضب الرجل وترجل من السياره وهو يسب ويلعن بها وهي هرولت هاربه بعيدا قبل أن يطالها فيحطم فكها علي ما فعلت فهو ضخم كضخانة ثلاجة تصل لستة عشر آدم
خلف تلك السياره بثلاث سيارات كان والد هنا يقف بسيارته السوداء منتظرا بفارغ الصبر حلول الأشاره الحمراء حتي ينطلق ليبحث في المستشفيات وغيرها عن أبنته وبنفسه..
إما هنا فظلت تركض بعيدا وهي تسب وتلعن في ذلك الرجل والتي تتمني أن يختفي أمثاله من علي وجة الكره الأرضيه..
…………………..
سحبها بعنف حتي دخل بها لغرفة النوم وعندها أزاحها بعنف لدرجة أن جسدها أرتطم بقوه علي السرير
ودار كالثور الهائج في الغرفه وهو يطقطق أصابع يده بشراسه أرعبتها وجعلتها تقف وتتراجع للخلف مبتعده عنه
وهي تفعل ذلك وجدته فجأه يقف أمامها ويرمقها بنظرات جعلت قلبها يسقط بين محجريه
هتف بقتامة : مازن هنا ليه..
أرتعشت أوصالها وهي تجيبه: مشش عارفه..
بثبات هدر بها: يعني عايزه تفهميني أن وجوده هنا مجرد صدفه.. وطبعا فاكره أني مغفل وهصدق الكلام ده..
أحست بالاهانه من كلماته فرفعت رأسها بكبرياء غاضب وثبات وهي تقول: صدق أنا مش مستغربه أن الكلام ده يطلع منك.. عارف ليه.. لأن طول عمرك بتحب تجرح وتهين وتطيح في خلق الله من غير ما تتأكد بس انا بقي مش هسكتلك لأنك زودتها أوي.. أنت إيه حجر صنم مش حافظ غير إهانتك ليا وبس.. ولا بتطيح فيا عشان بسكتلك وأكيد واحد زيك هيفكر أن سكوتي ضعف مني ادامك.. بس أقولك علي حاجة أنا عمري ما بكون قويه غير لما بكون ادامك تعرف ليه عشان أنت ضعيف.. أنت مجرد إنسان ضعيف أنا نفسي بشفق عليك
قالت كلماتها الأخير وصدرها يعلو ويهبط من شدة غضبها حيث عيناها المثبتتان بقوه علي نظرات عيونه الغاضبه
غضبه منها أعمي بصيرته ولم يكن يعي بأنه الآن يمسك بمعصمها ويكاد يحطمه بين براثن قبضته الفولاذيه حيث كان يقترب منها بعيون غائمه وهي كانت تتراجع للوراء بثبات زائف
حتي ألتصق ظهرها بالحائط خلفها وهو وقف أمامها لا يفصله عنها سوي أنفاسها المضطربه وأنفاسه الغاضبه…
أعطاها نظرات غاضبه وهتف بفحيح كوبرا سامه وهو يصك أسنانه بشراسه :
أنتي ملكي أنا بمجرد ما مضيتي علي ورقة جوازنا وأنتي أسمك اتحفر علي أسمي بقيتي مدام غالب الدمنهوري
كل خطوة تخطيها لازم تكون بأذني كل رمشة عين لازم أنا أوافقلك بيها حتي الكلام لأنك ملكيش أي حاجه في نفسك غير شوية نفس انا بملك كل حاجه فيكي.. أتكلمي سمعيني صوتك.. حاولي بس تعترضي.. حاولي تخالفي كلامي.. ووقتها تبقي حكمتي علي نفسك بالأعدام
قال الاخيرة وأنفاسه الغاضبه تتعالي صعودا وهبوطا وأسنانه تصطك ببعضها شذرا
لكنها رفضت صك العبودية ذاك فصرخت: يعني بتحكم عليا بالموت وأنا لسه عايشه..
وصوتها العالي هذا أشعل فتيل غضبه فأطبق بأصابع يده علي قصبة رقبتها بقوه هادرا بصوت ترتج له القلوب: أنت مش من حقك حتي تعترضي يا مدام.. اللي انا أقوله يتنفذ وبس والبتاع اللي أنتي كنتي واقفه تهزري وتتكلمي معاه عادي ولا كأنك متجوزه هعرف شغلي معاه كويس عشان بعد كده ميقربش من اللي يخصني..
وفي وسط قتامة عيونة وغضبه لم يشعر بأصابعه التي يطبقها بقوة الصخر علي رقبتها حتي أن أنفاسها بدأت تتلاشي والدنيا بدأت تنطوي عنها رويدا رويدا لم يعود لوعيه إلا عندما لمح قسمات وجهها التي بدأت ترتخي وجسدها الذي بدأ يتثاقل كأنه ينذر لبدء تساقطه وأنهياره
فعلي الفور أبعد أنامله عن قصبة رقبتها وما أن أبتعد حتي رآها تسقط فاقده للوعي لولا ذراعيه التي حاوطت خصرها ومنعت من أرتطام جسدها الغض بقساوة الأرضيه
ربت علي وجنتيها بقلق محاولا أفاقتها لكنها لم تستجب فأنقبضت ملامحه قلقا وحملها بين ذراعيه وتوجه بها نحو السرير وبرفق وضعها عليه
هامسا بقلق : نداء.. نداء أنا آسف .آسف والله بس فوقي.. فوقي عشان خاطري..
لكن ملامحها لم تستجب لطور نداءه فقطب ملامحها بخوف حتي أنه وجهه أصبح كبشر الليمون الأصفر
نهض عن السرير وتوجه نحو أدراج الكومود يبحث فيه عن زجاجة عطر لكي يفيقها بها
ولم يجد في أدراج الكومود أي زجاجة عطر بل كل ما عثر عليه هو مجرد بخاخ يُستخدم لتنظيف الزجاج
ظنها زجاجة مياة ولكن من صمم الزجاجة أضاف لها ذاك البخاخ ليثبت أنه مخترع كزويل..
فما أدري غالب الدمنهوري ببخاخة الزجاح فما يطلبه يأتيه علي طبق من فضه من الخادمين الموجودين لخدمته في قصر والده..
فأقترب منها وضغط علي زناد البخاخ يرشه علي وجه نداء
قام بذلك مرتين وأنتظر أن تستفيق بقلبا وجل خائف ومرتعب..
وتهللت قسماا وجهه عندما وجدها ترمش بعيونها عدة مرات قبل تفتح جفنيها وتطلع لوجهه القريب جدا منها بغضب..
تجاهل نظرات عيونها الغاضبه إليه وهمس بخوف : أنتي كويسه
نهضت وأزاحته عنها لتهتف بغضب: وديني عند بابا يا غالب..
أقترب منها وهتف بهدوء: نداء أنا
قاطعته وهي تهتف بنزق: لو مروحتنيش بيتي أنا همشي بنفسي… وده آخر كلام عندي
قالتها بتصميم جامح.. وعيونها تملئها الثقه والثبات ..
تنهد بضيق وأجاب علي مضض: حاضر يا نداء هروحك…
……

يتبع….

الفصل السادس والثلاثون

ولأن تميم والثلاث الآخرين هم فقط من يعرفون المكان الذي يختبئ فيه نضال فلم يستطع الخائن الادلاء بأي معلومات عن مكانه لانه ببساطه لا يعرف
ولكن إخبرهم اذا كانوا يريدون معرفه أين يختبئ فعليهم ب مرام.. زوجته…
وبالتالي فقد هموا بالذهاب للمنزل التي تقطن به..
او دعوني أقول بالأحري أنهم أقتحموا المنزل علي غفله..
فنهضت عن السرير فزعه لكن لم تبدي ذلك الفزع أمامهم بل تماسكت وهي تهدر بهم بغضب: شو اللي بتريدوه مني.. وكيف تدخلوا هيك علي مره متلي.. صحيح أنكم ما بتستحوا
تجاهل الجنود الأسرائلين حديثها وظلوا يفتشون كل ركن في المنزل بهمجيه وعبث حتي بعثروا كل شئ والملابس في الخزانه كان مصيرها أن أقدامهم النجسه داستها بكل حقاره..
لكن ومع كل ذلك وقفت صامده أمام طغيانهم تاطلع إليهم بعيون كالصقر الجارح الكاره لأستحقارهم
أقترب منها القائد الأنجليزي بكابة الدامي وزية الحقير وقسمات وجهه اللئيمه
هاتفا بقباحة أسنانه: أين نضال..
تطلعت إليها بأستحقار وهتفت وقلبها ينبض بالشجاعه :من نضال.. أنا لا أعرف أحدا بهذا الأسم..
القائد وقد تغيرت ملامحه للغضب: لا تتذاكي يا أمرأه أخبريني أين هو وإلا أعتقلتقي بدلا عنه..
لكنها هتفت بتصميم وعند: وأنا قلت لك أنني لا أعرف أحدا بهذا الأسم.
فما كان من القائد إلا انه نظر لجنوده بصرامة وصرخ بغضب: أقبضوا عليها..
فكرت كثيرا قبل ان تحزم الامر وتقول : يجب أن أدخل للمرحاض قبل أن تأخذوني معكم .
تطلع إليها القائد بريبه ثم قال : حسنا.. إياكي أن تهربي
ثم أشار لجنوده فهموا اوامره علي الفور .
أثنان من الجنود الأسرائلين رافقوها حتي دخلت المرحاض فوقفوا أمام الباب المغلق وأثنان منهم خرجوا من المنزل يقفوا خلفه من ناحية المرحاض حتي ان فكرت بالهرب تجدهم يقفون لها بالمرصاد..
وبالطبع هي تدرك ما سيقومون به فهي ليست بالغبيه..
لكنها كانت تنوي أمرا آخر
بعد دقائق كانوا يمسكون بها وهم يجروها بدون رحمة حتي سيارة المعتقل التي جاءوا بها
………………
أبتسمت له منال بشفافيه وهي تقترب منه حيث يقف
وبمجرد أن وقفت أمامه هتف علي عجالة: زهرة صحيت يا خالتوا..
منال وهي تبتسم بلؤم: ياااواد سلم الأول علي خالتك وبعدين أسأل عن زهرة..
حك أصبعه بجمجمة رأسه حرجا ثم هتف بخفوت: أزيك يا خالتوا..
فأبتسمت ملئ شدقيها وهي تقول : الله يسلمك.. ويا سيدي زهرة فاقت وبتفطر في أوضتها كمان لأنها مقدرتش تنزل عشان تفطر معانا..
كلماته تلك أقلقته فقطب حاجبيه بقلق وقال بنبرة صوته التي تدل علي مدي خوفه عليها: ليه هي تعبت ولا حاجه ..
همست له تطمئنه بعد إن رأت بودار القلق علي قسمات وجهه: متقلقش هي كويس.. بس يمكن حست بشوية أرعاق فمقدرتش تنزل….
تردد قليلا قبل أن يحسم أمره ويقول : طيب انا أقدر أطلع عشان أشوفها وأطمن عليها..
منال بهدوء وأبتسامة عذبه شقت ملامحها الرقيقه: تقدر طبعا…
أبتسم آسر وهو يهتف : بجد.. شكرا يا خالتوا.. عن إذنك بقي عشان اطلع أشوفها..
قال الاخيره وهو يغمزها بشقاوة فأبتسمت منال ملئ شدقيها وضحكت من قلبها علي فعلة آسر الطفولية والتي مازالت تلازمة حتي الآن
وركض آسر بأتجاة درج السلم ليصعده بخفه
ولاقي في طريقه نوران التي تطلعت إليه بعدم فهم فألقي التحيه عليها سريعا ليكمل بعدها صعوده للسلم
تسمرت لوهله وهي تراقبه
وبعد أن غاب عن ناظريه أستدارت لتنظر لوالدتها التي تجلس علي طاولة الأفطار وتتناول بين يديها فنجانا من القهوه ترتشفه بتلذذ
أقتربت بخطوات متسائله حتي وقفت أمام والدتها هاتفه : آسر طالع فوق ليه ؟؟
أجابتها منال وهي تنظر إليها بهدوء وأبتسامه: طالع يشوف أختك.. شكله كده قلقان عليها فطلع يطمن..
قالتها بحسن نيه ولم تدرك أن كلماتها تلك أشعلت النيران في قلب أبنتها وألهبت اللهيب في بريق عيونها…
في الأعلي
طرق الباب لكن لم يجيبه أكد فدب القلق لريعان قلبه وطار عقله خوفا فسرعان ما فتح باب الغرفه ودلف دون مقدمات
دارت عيونه في الغرفه فلم يجدها وتسرب ذلك الشك إليه بأن تكون هربت عندها أنتفضت أوصاله وتعالت دقات قلبه بخوف حقيقي
أوشك أن يخرج من الغرفه عندما أحس بصوت ما يصدر من تراس الغرفه
فأقترب بخطوات متمهله من التراس
وأرتخت ملامحه عندما وجدها تقف أمامه وهي توليه ظهرها وبيدها فنجان من القهوه ترتشفه بين الحين والآخر
تنهد براحه كبيره وظل ساكنا في مكانه يراقب كل حركة لها وكم كان يمتعه ذلك خاصة وأنها لم تشعر بوجوده في الغرفه
بعد برهه وضعت فنجان القهوه من يدها علي الطاوله المستديره القابعه وسط التراس ثم أستدارات وخطت لتدخل الغرفه
فتشهق بفزع وهي تراه يجلس أمامها علي طرف السرير واضعا ساق فوق الآخري بأريحيه..
وبعد أن أستوعبت وجوده في الغرفه هتفت بضجر : أنت دخلت هنا أزاي..
فأجابها ببساطه: من الباب..
زمت شفتيها بضيق حيث نظرات عيونها التي ترمقه بعصبيه وهتفت: يا سلام علي الذكاء.. أكيد عارفه أنك دخلت من الباب مش محتاجة ذكاء يعني.. بس مين سمحلك تدخل ولا هي وكاله من غير بواب..
قالت الاخيره وهي تكتف ساعديها أمام صدرها بأنزعاح
أبتسم وهو يرمقها بنظرات باردة او نظرات خبيثه لكنها لم تبالي وتجاهلت نظراته تلك..
رأته وهو ينهض عن السرير ويقترب منها ومع ذلك وقفت في مكانها ثابته كالصخر
وقف أمامها ليهتف بثقه وهو يضع كلتا يديه في جيوبه : فكرتي في اللي أتكلمنا فيه أمبارح
كانت تفهم مايقصده لكنها حدثته بمراواغه وهي تقول: موضوع إيه!!!
أبتسم بخبث وهو يدرك أنها ترواغه ولفت نظره معصم يدها المربوط بضمادة بيضاء فأمسك معصمها برفق ثم أنتقلت يده لأحتضان كفها ورفعه إلي شفتيه ليلثم علي ظاهرة قبله عميقه مست أوتار قلبها وجعل أنفاسها تتلاحق بحرج وتوتر
فهمست وهي تائهه: آسر سيب إيدي..
وحاولت أن تنتزع يدها منه ولكنه كان متمسك بها بقوة
فأبتسم وهو يهمس بتوهان أمام عيونها المستكينه: موضوع جوازنا..
همس بتلك الكلمات والتي كان لها من التأثير عليها كتأثير السحر علي صاحبه
فهمست وهي تنظر لعيونه بضعف : آسر أنت فعلا كنت واعي للي بتقوله ولا دي لحظة وعدت عشان متحسش بالذنب نحيتي بعد اللي عملته ..
تعمق لبؤبؤ عيونها وهتف بخفوت :أنتي شايفه إيه..
قالها وهو يرفع ذقنها إليه بطرف أصبعه
لتنظر في بؤبؤ عيونه وتقرأ ما بداخلها.. وستعلم ان من تسكن قلبه هي وفقط..
هي وفقط قاطنة قلبه الأبديه..
أبتلعت ريقها بحيرة وهي تتوه في بحار عشقه وملكوت عيونه وضاعت الكلمات منها فعجزت عن الكلام أمام حضرة وجوده الطاغي..
لكن فجأه وجدته يقترب منها هامسا بجوار أذنيها : هستنا ردك.. ومش هقبل بأي حاجه فيها نفي.. مع أني واثق من إجابتك من دلوقتي.. سلام مؤقت يا قطة ..
ذهب وتركها تنفخ بغيظ فهي قد ضعفت أمامه ولم تستطع مجابهته كما عزمت وخططت لذلك..
وآسفاه كل مخطاطتها ضاعت سدي.. وذلك كله بسبب كلماته التي خدرت جسدها وعرقلت عقلها عن التفكير
ضغطت قبضة يدها بقوة فأحست بالألم فجرح الأمس مازال حيا يؤلمها.. أمسكت معصمها بكف يدها الآخري وهي تتأوه بوجع.
وتطلعها للضمادة علي المعصم ذكرها بأحداث الأمس
عندما أستفاقت من إغماءتها ووجدت قطعة قماش من قميصه مربوطه علي معصم يدها مكان الجرح حيث كانت في المقعد الخلفي وهو يقود سيارته لمكان ما
فهتفت وهي تحاول تذكر ما حدث قبل أن تفقد وعيها: أنت. إنت واخدني علي فين..
وبمحرد أن سمع صوتها توقف بالسياره علي حانب الطريق ثم أسرع بترجله من السياره وركض إليها إقترب منها وهمس بقلق: زهرة… أنتي كويسه..
اومأت له بنعم ثم قالت : أنت رايح بيا علي فين..
آسر : هوديكي علي أقرب مستشفي عشان الجرح اللي في معصمك..
لكنها هتفت بثبات: لا لا مفيش داعي تاخدني ع المستشفي أنا حاسه أني كويسه..
لكنه تطلع إليها بعدم تصديق
فهتفت لتطمئنه: صدقني أنا فعلا كويسه..
ثم أوصلها للفيلا ولم يرحل إلا بعد أن غفت في النوم..
……………………
في الفندق
بعد أن أنتهي كرم من عمله في الفندق
ذهب إلي غرفة تبديل الثياب بعد أن أن أبدل ثيابه خرج من الغرفه ليجد ناصر وعماد يقفان علي جانبي الغرفة من اليمين والشمال
تطلع إليهم لوهله وهو يقطب حاجبيه بعدم فهم لكنه تجاهلم وسار في طريقه مبتعدا
وهل سيتركه ناصر بعدما نوي علي تنفيذ خطته
فقال وهو يتبادل نظراته الخبيثه مع عماد :تعرف يا عماد أني اللي بحبها أسمها هنا ..
ألتقطت أذني كرم أسمها فتوقف في مكانه
عندها تبادل ناصر وعماد نظرات المكر حيث غمز له ناصر بمعني أن اللعب سيبدء الأن ..
ظل كرم متسمرا في مكانه ولم يتزحزح قيد أنمله وأيضا مازال يوليهم ظهره ..
فشمر ناصر عن نواياه الخبيثه وهتف: عيونها أه من عيونها شبه اشعة الشمس اللي بتتروي في طلوعها عشان تنور دنيتي ..
وصمت وهو يتطلع ليكون كرم بخبث
قبض كرم أصابع كفه بغضب بين عروقه اللولبيه فهو يحفظ تلك الكلمات عن ظهر قلب
فهي فقط حُفرت في قلبه ودفتره الورقه الذي يبثه مكنونات قلبه ..وأدرك أن ناصر فتش في محتوياته..
فأكمل ناصر بنفس اللؤم: ولا شعرها خيوط حرير من المرمر ..وخدودها كإن حبتي فرواله شهية سقطت عليك من الأعلي لتسعد قلبك ..
ثم صمت وأقترب عماد يقف بجواره وهو يبادله نظرات المكر والخبث وناصر كذلك
أما كرم فلم يحتمل وزاد غضبه والدليل قسمات وجهه التي تبدو كجمر ملتهب وبريق عيونه التي تعكس شياطين الجن والأنس
فأستدار بجسده ليقترب منهم وعيونه غائمه ..
وطبعا ناصر لن يترك الفرصه تمر مرور الكرام
فأردف والمكر يملئ عيونه كمكر أبن ءاوي :ولا الشفايف يدوخوا لمسه بس منهم تخليك حاسس أنك طاير من غير جناحات ..
الكلمات الأخيرة كانت من وحي ناصر القذر
وهذا ما جعل كرم يقف أمام الأثنان في قمة غضبه
تبادل النظر للأثنان وهم يسلمان علي بعضهم بسخرية من كرم …
لم يحتمل خرج عن طور هدوءه وبات لا يري أمامه وأنتهي الإمر بلكمة قويه من كرم أطاحت بناصر لأسفل سافلين ..
وليس هذا فقط بل أنقض عليه وصار يلكمه مره تلو الأخري وهو لا يدرك حتي ما يفعله لدرجة ان عماد خاول إبعاده عن ناصر ولم يفلح ..
فكرم في تلك اللحظه بدي كأسدا جامح وثورا هائج لا يري ولا يسمع سوي كلمات ناصر المهينه عن حبيبته هنا ..
برغم من صغر سن كرم إلا أن بنيته الجسديه أشبه بجبل صامد لا تهزه الرياح ..
كان ليبدوا مثل الملاكمين الذين نراهم علي التلفاز إذا أستمر في تدريباته ..لكن انقطاعه عن التمرين هو من حال وصوله للياقه البدنية الكامله ..
وعلي آثر هذا تجمع عدد من العاملين الذين حاولوا إبعاد كرم عن ناصر ..
وعندما تمكنوا من إبعاده لم يرضخ وكاد يقترب منه للمره الثانيه ليقضي عليه تماما عندما أعترض طريقه مدير الفندق
والذي جعل كرم يعود لطور رشده ..
لكن بعد فوات الآوان
فقد هتف المدير بصرامه لكرم:أنت مطرود..لم حاجتك وأطلع بره الفندق الوقتي حالا
حكم قبل أن يسمع الطرفين ويدرك من المخطئ والمصيب ..
……………………
أعترضت طريقهم رزان وهي تصرخ بهم بأحتقار:أتركوها ..أتركوها يا أوغاد هي ما فعلت شئ لتاخدوها ..
فصرخ بها القائد الانجليزي:أبتعدي وإلا أخذناكي معها ..
رزان هي جارة مرام وزميلتها في المقاومه ..
مرام للقائد الاسرائيلي :بدي ودع صديقتي قبل ما تاخدوني معكم..ربما تكون المره الاخيره التي سأراها فيها ..
زفر القائد الأسرائيلي بغضب قبل أن يشير لجنوده بأن يتركوها لثوان
أقتربت مرام واصفاد العدو تعتقل معصميها من رزان أحتضنتها بدون ان تلف ذراعيها حول خصرها
لم تبكي دمعه واحده فهي أبيه كوالدها الذي أُستشهد من قبل وأمها التي ماتت قتيله تحت ركام المنزل وأخواتها الذين قُتلوا برصاص العدو الغادر
كل هذا علمها ألا تبكي دمعه واحده أمام أناس لا يستحقون كالأسرائليين ..
همست بجوار أذن رزان :خبري نضال علي لساني أن الوطن أعظم من كل شئ ..خبريه أن هشتاقله كتير ..
فغرت رزان عيونها بصدمه وتوالت الدموع من عمق عيونها وهي تدرك المعني الحقيقي من حديث مرام ..فبكت وهي تهمس لها بترجي :لا يا مرام ما تعملي هيك ..نضال ما راح يتحمل أبدا يصيرلك شئ ..
لكن مرام أبتسمت لها وكأن تلك هي أبتسامة الوداع ..
بعدها أنتشلها الأنجاس من بين أحضانها وأدخلوها عنوه للسياره …
بعد قليل كانت السياره اسير علي الطريق الرئيسي لفلسكين حيث الجبال والخضره فقط ..
بدأ العد التنازلي لأنهاء كل شئ
٣… ٢ .. ١
بعدها نُسفت السياره بقتبله موقوته ربطتها مرام حول خصرها أسفل الملابس عند دخولها للمرحاض ..
وبقي من السياره مجرد حطام ..
فهي ضحت بنفسها وحياتها لأجل راية وطنها فهي تعلم ما سيفعلونه لو رضيت بالذل داخل سجونهم أو بالأحري نقول داخل معتقلات التعذيب …
أُستشهدت مرام لتلحق والدها للدار الأعلي حيث خالق البشر أجمعين والذي سيكون أحن عليها من قلوب البشر الظالمين ..
هناك حيث كل كل البشر متساوون إلا بأعمالهم الصالحه
هناك يسود الأمن والسلام ..
ولا يوجد اي ظلم أو قتل أو كره أو حقد …
هناك لن يواجه أبنها نفس النصير الذي يواجهه أطفال فلسطين كل يوم ..
أرتح يا ولدي فأنت من المختارين لأنك لم تواجه ظلم العرب الذي لاقته أمك ..
…………….

يتبع…

الفصل السابع والثلاثون

تحت سماء أوكرانيا حيث برودة الجو في وضح سواد الليل
كان يجلس كرم عند الزاوية أمام الفندق الكبير تلفحه بروده الجو رغم معطفه ذو اللون الذي يرتديه ..
حيث يشبك كفيه ويقربها من فمه بين الحين والأخر ينفخ بهما عل ذلك يكسبه الدفئ الذي يحتاج إليه ..
هو قرر أن ينتظر خروج المدير من الفندق ويحدثه
بأنه لم يكن المخطئ ..عله يتراجع عن قراره ويعيده للعمل ..
فهو لم يحتمل وقاحة ناصر عن حبيبته هنا ..ولذلك ضربه بعنف كالمغيب
وبمجرد أن خطر ببال كرم أمر المدير لمحه وهو يخرج من بوابة الفندق حيث كان سائقه الخاص به بأنتظاره ..
فنهض علي الفور وسار تجاهه
وكما يقولون في الأمثال الشعبيه(إذا ذكرنا سيرة القط جاء ينط) .
حاول كرم محادثته ولكن المدير تجاهله وتوجه نحو سيارته الجاكوار ..
ثم أمر سائقه بالأنطلاق
زفر كرم بحزن وهو يتابع طيف السياره المبتعد ..
……………..
توقف بسيارته أمام الفيلا ترجل منها وتوجه للداخل وعلامات الارهاق والتعب تظهر جليا علي قسمات وجهه. .
في الايام الاخيره كان يقضي معظم لياليه بداخل مكتبه في قسم الشرطه بسبب طبيعة عمله الصعبه ..
ورغم هذا هو يعشق عمله فكلية الشركه كانت أختياره ..
فتح أول زرين من قميصه ليتسلل الهواء المنعش لخلايا جسده فينفث عن كبته وتعبه ..
صعد درجات السلم حتي وصل لغرفته بخطوات متثاقله
فتح نور الغرفه ليفاجئ بوالدته جالسه علي الأريكه في الزوايه..
زوي ما بين حاحبيه بقلق وأقترب منها حتي وقف قبالتها هاتفا :ماما ..أنتي قاعده في الضلمه ليه ..هو فيه حاجه حصلت ..
وعندما طال صمتها هتف والقلق يملئ قلبه:ماما أتكلمي فيه إيه؟؟
تطلعت إليه شذرا وزمت شفتيها بغضب من بروده وعدم مبالاته وهمت تقول:طبعا ما أنت ولا علي بالك اللي بيحصل ..كفايه عليك زهره هانم وشغلك اللي طول الوقت واخدك مننا ..كفايه دول عليك هم أهم عندك مننا ..
لم يكن يفهم ما تقصده والدته
فأقترب منها وقال :أنا مش فاهم حاجه ..إيه اللي حصل لكل ده ..
صرخت بقلب أما مكلوم:اللي حصل أن أخوك معرفش هو فين ..وكل ما بسأل أبوك يقولي أن الموضوع ميخصنيش ..كأني بمنتهي البساطه كده هقتنع بكلامه وأقول لقلبي ميقلقش علي كرم …بأي منطق عايزني أهدي ومفكرش أبني فين وعامل إيه عايش أزاي وبياكل إيه ..حتي أعرف اذا كان مريض او تعبان دفيان ولا بردان
صدم وهو يعرف لأول مره أن كرم لا يأتي للمنزل منذ فتره..فأنشغاله في الفتره الاخيره أعماه عن كل شئ حتي عن غياب أخيه
وصمتت والدته لتبكي
وآسر حول تهدئتها هامساا:أهدي يا أمي..
وعندما رأي دموعها هتف : طب ليه بس الدموع دي ..
هدأت من روعها قليلا لتتطلع إليه هاتفه: أنت ظابط وشغلتك أن تلاقي المفقودين وترجعهم لأهلهم ..دور علي أخوك ..رجعلي أبني يا حضرة الظابط ..رجعلي أخوك ..
أنهت كلماتها لتعاود البكاء من جديد فهذا هو حالها منذ غياب كرم عن المنزل ..
أحتضن آسر والدته وهتف ليطمأنها:متقلقيش انا هقلب الدنيا كلها لحد ما الاقيه وأرجعه لحضنك ..ومش ههدي ولا هرتاح إلا لما أعرف هو فين..
……………………
مررررررررام
كان هذا نضال الذي صرخ بأسم مرام عندما أخبرته رزان بكلماتها الأخيره قبل أن أستشهادها
ثار هاج تألم توجع وفي النهايه بكي تساقطت دموعه لتعلن عن أنكساره
فالتي يحيا لأجلها لم تعد علي قيد الحياه
لن يراها مره أخري ..لن تكون موجوده حتي تواسيه في آلامه ..لن يري أبتسامتها الحنون عند حزنه ..
والجميع كان يقف ساكنا وهم يبكون بصمت ..قلوبهم تبكي قبل أعينهم
تميم وأمجد ووليد كلهم وقع الخبر علي طبول أذنهم كالصاعقه ..
لكن نضال لم يحتمل أن يقف ساكنا
فالنار التي بداخله والتي تأكل قلبه أكلا يجب أن يخمدها بقتلهم وإبادتهم من الوجود ..
فكر وقرر في لمح البصر
والأن ذهب ناحية الكومود وأخرج من درجه الأخير سلاح أسود محشو بالرصاص الذي سيفحر به رؤس الكفرة الفجرة ..
والجميع تطلعوا إليه بصدمه وعدم فهم لما ينوي فعله ..
تروي قليلا وهو يتأكد من إن المسدس محشو بالرصاص وكاد يتحرك
لولا تميم الذي أقترب منه ووقف أمامه هاتفا بتساؤل وهو يقطب حاجبيه:شو بدك تعمل يا نضال ..
هتف وعيونه غائمه بالأنتقام :هنتقم لمرام ..هقتل كل واحد كان السبب في موتها
قالها وتحرك ليخرج وعندها ينفذ ما ينوي عليه ..
لكن تميم وأمجد أمسكوا به بقوه ومنعوه من ذلك صرخ بهم. .
هاج …حاول الأفلات منهم ..
لكن لم يتركوه ..
فهدر به تميم لكي يهدئ قليلا :نضال أنت هيك هتضع حق مرام ..
نضال بوجع:أنا لازم أنتقملها لد..لازمةيموتوا زيها ..لازم
قدر أمجد سبب ثورته ولكن يحب أن يهدئ نضال حتي لا يتهور فيرتكب أخطاء تعرضه للخطر ..
فقال:كلنا هنجيب حق مرام ..مش بس حق مرام نحن هنجيب كل حق فلسطيني أُستشهد فداء لوطنه ..بس بدنا نفكر الاول بهدء عشان ما نرجع ونندم بعد هيك..
بدء نضال يهدئ رويدا رويدا وأنفاسه الغاضبه بدأت تتروي
أقترب منه وليد ربت علي كتفه بمواساه
ثم أردف وهو يتفهم حزنه علي مرام
فحبيبته سلمي ترفض العوده إليه وهو يموت لأجل ذلك
فما بالك بأنه لن يري حبيبته مره أخري ولو فعل الأعاجيب ..
:تميم و أمجد عندهم خق يا نضال كلنا مش هنرتاح إلا لما ننتقم ل مرام ونجيب حقها ..علي الأقل عشان روحها ترتاح ..صدقني هندفعهم تمن ظلمهم لأهل فلسطين بس ده كل هيتم لما نقعد ونفكر بهدوء ..الغضب عمره ما بيفيد صاحبه بالعكس الغضب هيخلينا فريسه للمره المليون ليهم ويبقي كده بنقرر نفس المصير اللي بيشوفه أطفال فلسطين كل يوم…
صمت وهو يتطلع لملامح نضال يحاول أن يستشعر رد فعله علي ما قاله الثلاثه. .
فأرتخت ملامحه وأغمض عيونه بألم ..
زفر كلا من تميم وأمجد و وليد بأريحيه وهم يرون بوادر الأستسلام لحديثهم علي وجه نضال ..
لذلك أفلته أمجد وتميم من بين براثنهم وأخذ منه أمجد المسدس ..
هم يملكون كل الحق ..فأخذ الحق من الظالم هو حرفه ..
يجب أن ينتقم منهم لكن بتأني وتفكير .
وهو لن يتوان أبدا في الأنتقام منهم ..
تطلع لإمجد و تميم بنظرات ثابته
ففي خاطره تدور الأفكار حول ألانتقام
فيجب أن يكون الانتقام أشد وأقسي
وعندما أهتدي عقله لفكرة جهنميه
هتف:هنبلچ في تنفيذ الخطه من الغد ..بس راح يكون فيه تعديل بسيط في الخطه ..
قالها بعيون قاتمه غائمه ..
طرق أحدهم الباب فأذن له تميم بالدخول
دلف الرجل ليقول وهو يوجه أنظاره لوليد: فيه رجل أتي إلي هنا علي متن الطائرخ وحكي أنه بده يقابل وليد ..
ولانه متيقن من شخصية القادم هتف للرجل بخنوع:حاضر أنا طالع أشوفه ..
أنه مدير أعمال والد وليد أتي خصيصا علي متن الطائره ليعود بوليد إلي ديار القاهره الحبيبه..
فقد أهتدي لمكانه عن طريق برنامج تم تحميله من علي متجر بلاي
هذا البرنامج يحدد موقع الشخص أين هو من رقم هاتفه حتي ولو كان الهاتف مغلق ..
وكان مع المدير مرشد فلسطيني ليقوده إلي اي مكان في فلسطين بحكم أنه فلسطيني …
…………………………
داخل السياره ..علي الطريق العمومي
حيث غالب الذي يتطلع بين الحين والآخر إلي نداء من خلال مرآة السياره فيزفر بضيق وهو يجدها تشيح ببصرها للخارج وملامح وجهها عابسه
هو قلق من صمتها هذا …خائف من أنها تفكرا جديا في الانفصال عنه ..
الأنفصال ..ماذا ..طبعا مستخيل لو قالته له مره أخري حتما سيقتلها ..
أزاح عن جمجمة رأسه تلك الأفكار التي تزيد من غضبه حتي النخاع ..
هتف وهو يتطلع إليها :أجيبلك أكل تاكلي..
بنزق أجابت: لأ..
زفر بيأس
ليهتف للمره الثانيه:طيب أجبلك حاجه تشربيها ..
تنفست الصعداء وزمت شفتيها بغيظ وهي تقول: لأ..
تجاهل تذمرها البين ليقول : طيب أوقف العربيه في أي حته وننزل نتمشي شويه ..
فاض صبرها وأجابته بنزق: قولت لأ..
قالت ما قالته وهي مازالت تشيح ببصرها للخارج من خلال زجاج السياره. .
هتف بغضب :هو كل حاجه لأ لأ ..إيه راكبك عفريت أسمه لأ..
وأنتظر أن تجيبه لكن دن فائده
فتنهد بيأس ولكي ينفذ الخطه التي خطرت بباله منذ ان وطأت قدميه داخل السياره
غير مسار السياره ليسير بها في الطريق الآخر
وقد لاحظت ذلك فهتفت وهي تضيق عينيها :أنت بتغير مسار العربيه ليه
أجابه بمراوغه:هنمشي من طريق تاني مختصر عن ده ..
فعادت لطور هدوءه وهي تركز بصرها أكثر علي الطريق
بعد قليل كانت السيره تسير بهم في الطريق الاخر حيث الصحاري والرمال الذهبيه وتحت أشعة الشمس التي تنير الكون بنورها
ودون مقدمات أوقف غالب السياره
فسألته نداء بتعجب:أنت وقفت العربيه ليه ..
قطب حاحبيه بمكر ثم شقت أبتسامه ساخره جانب وجهه وهو يترجل من السياره :مش أنا اللي وقفتها هي اللي وقفت عشات البنزين خلص..
ثم تدلي من السياره وأغلق بابها خلفه ..
أما هي فكانت لا تزال تستوعب ما قاله وهي تهمس: خلص ..
فترجلت هي الأخري من السياره وأستدارت لتذهب ناحيته أقتربت منه
وتطلعت إليه لتقول: طب والعمل !؟؟
أجابها ببرود وهو يستند بظهره علي هيكل السياره :ولا حاجه ..هنستتي يمكن عربيه تعدي فيوصلونا في طريقهم
أغتاظت من بروده وكادت تنقض عليه لتخنقه وحينها تهدء نيران قلبها الاي أشعل هو فتيلها ببروده..
لولا أنها تماسكت ..
فهمست وهي تزم علي شفتيها بغيظ:يا سلام..وأفرض مفيش عربيات عدت ..نبات أحنا هنا ..
أبتسم وعقله يذهب ذهابا لتلك الفكره التي طرحتهت نداء توا بدون قصد
فهمس : ياااريت
وعندما رمقته بنظراتها الناريه
أكمل : أقصد عندك حل تاني ..
عندها زفرت بغضب وهي تكتف ساعديها أمام صدرها بتفاذ صبر ..
وأغتاظت أكثر عندما وجدته يصفر بغنج وكأنهم يقفون عند شاطئ البحر وليس في صحراء قاحله لا هواء فيها ولا ماء ..
……………………………….
هو الان بداخل الشقه يستلقي علي سريره وذهنه شارد في أمر هنا ..
وعيناه معلقه بسقف غرفته حيث تعكس له مخيلته صورة هنا أمامه وهي تستنجد به ليساعدها
فينقبض قلبه رعبا وقلقا ..
مستعد ان يموت لأجل أن يراها للحظه من الساعه ..
لكن الان وبعد ان فقد الوظيفه ضاع كل أمله في أن يعود إليها ..
قرر التجرد من كرامته وكبرياءه أمام والده وأمسك بجواله ليهاتف والده .. وعندها أجابه سالم قائلا:كرم أزيك …قولي أخبار دراستك إيه. ..
لم يجيبه كرم وصمت ليسمعه
فأكمل سالم : أكيد مبسوط في أواكرانيا وواثق كمان أن البنات اللي هناك نسوك البنت مدمنة المخدرات اللي كنت عايز تضيع مستقبلك عشانها ….أنت ساكت ليه ما تتكلم .
نزلت دمعه من عيون كرم وهو يهتف:بابا أنت عندك حق ..أنا كان لازم أسمع كلامك من زمان وأمشي تحت طوعك ..بس الوقت لسه مافتش أنا الوقتي مستعد أعمل اللي أنت تطلبه مني
عندها تملك سالم أبتسامه عريضه شقت قسمات وجهه وثقه متكبره غاصت بحر عيونه
لكن تلك الأبتسامه أختفت عندما أكمل كرم بترجي:بس ترجعني تاني بلدي ..أرجوك يا بابا ..أرجوك نفسي أشوفها وأطمن عليها ..أوعدك أن أول ما أطمن أنها بعدت عن تعاطي المخدرات هسيبها ومش هحتك بيها تاني.. أوعدك بس أرجوك أرجوك سيبيني أرجعلها ..هنا هتضيع من غيري يا بابا ..
صمت وأنتظر رد والده
وكاد كرم أن يحث والده علي الكلام
لكن سبقه سالم وأقفل الخط في وجهه
عندها ألقي كرم بالهاتف علي السرير ومن شدة غضبه ضرب قبضة يده في الحائط أمامه ..
ثم صرخ كأسد مجروح متألم:هنااااااااااااااااا
…….
في مكتب سالم أقفل الخط وألقي بالجوال علي سطح مكتبه وهو يزفر بيأس من ينسي كرم تلك الفتاه
كرم فين يا بابا ؟؟؟؟؟
فوجئ سالم وأستدار فورا ليجد آسر يقف عند باب المكتب الموارب
……………
بعد أن عادت رمانه للمنزل توجهت لغرفة النوم وحينها ستغط في نوما عميق فهي متعبه من العمل الشاق طيلة النهار فهي أيضا تبيع في الشارع ولكنها تبيع الكتب والمجلات والجرائد وفتحت رمانه باب الغرفه التي تتقاسمها أثناء النوم مع هنا فهي تنام علي سرير وهنا تنام علي السرير المقابل له
لتجد هنا مستلقيه بأريحيه علي سريرها وتضع ساقا فوق الأخري
وما صدمها هو ذاك السيجار الذي تمسكه هنا بين أصبعيه السبابه والأبهام وتنفثه بحرفيه كأنها ولدت وفي يدها سيجار ..
فأسرعت وأنتشلت السيجار من بين أصابعها ثم ألقته بغضب علي بلاط الأرضيه ودهسته أسفل قدميها ..
تعجبت هنا لما قامت به فقالت:أنتي إيه اللي عملتيه ده ..
زمت رمانه شفتيها بغضب لتصيح بها :أنتي اللي مفروض تفهميني اللي أنتي بتعمليه ده ..
فتعود هنا وتستلقي علي السرير هاتفه ببساط:أنتي شايفه إيه..
زفرت رمانه بنفاذ صبر وهدرت بها لتفيق :فوقي بقي يا هنا ..اللي بتعمليه ده هيموتك ..أنا مش عارفه أنتي ليه كارهه الدنيا اووي كده ..أنا خايفه عليكي وعايزه مصلحتك وقفي اللي بتعمليه ده قبل الأوان ما يفوت ..صدقيني ..
لكن هنا قهقهت بسخريه وهي تقول:الكلام ده تقوليه ..لحد لسه باقي علي الدنيا ..مش لحد الدنيا دي مش فارقه معاه أصلا ..أنا خلاص مبقتش عايزه الحياه ..سبتها ل ناسها خليهم هم يعيشوها بطولها وعرضها ..
لن تتغير مهما خدث لذلك لم تتحدث معها أكثر من ذلك فمهما قالت لها لن تسمع ..وتوجهت نحو السرير لتنام بدل أن تفقد وعيها من شدة الارهاق
وهنا هي الأخري غطت في نوما عميق
حيث عالمها الوردي
العالم الذي يوجد فيه والدتها الحنون
لم تراها ولكن مخيلتها هي من رسمت ملامح وجهها ..
كل يوم تناديها والدتها لتضع رأس هنا علي فخذها ثم تغني لها بنعومه لتذوب هنا بعدها في الأحلام يرافقها صوت وحنان وأهتمام والدتها
فتشعر بدفئ لم تشعر به قبلا..
وتسري إلي أوصالها راحه لم تذق طعمها يوما ..
وهذا كله يحدث فقط في أحلام هنا ..
…………………………
ملت من الأنتظار
حتي الأن لم تمر سياره واحده فإلي متي الأنتظار
فكادت تتحرك مبتعده لتتمشي علي الطريق قليلا
عندما أتاه صوته الرجولي :علي فين يا مدام ..
أجابته بنزق:مليت من الأنتظار علشان كده هتمشي شويه
قهقه بسخريه ورمقها بنظرات ثابته ليهتف:ليه كونش مفكره أن دي الملاهي بتاع باباه ..
عندها تطلعت إليه شذرا وقالت محذره إياه:غالب ..ألزم حدودك ومتتكلمش كده عن بابا ..وبعدين فيها إيه لما أتمشي شويه ولا العند كمان في المشي
وكادت تذهب بعيدا عندما قال :براحتك بس أنا مش هاجي أنقذك لو قابلتي في طريقك ديب أو هجمت عليكي سلوعه ..
فتسمرت في مكانها وهي تهتف بخوف:إيه ..طب ودول إيه اللي هيجيبهم هنا ..
هتف وهو يثبت بصره عليها ويكتف ساعديه أمام صدره:علي أساس أننا مش في وسط صحاري والمكان مهجور ..
أبتلعت ريقها بخوف وهي تحاول أن لا تصدق كلمات غالب فحتما هو يريد إخافتها لا أكثر
ولكن أثناء ذلك وصل لمسامعها عواء ذئب فأرتجفت خوفا وركضت بأتحاه غالب لتختبئ خلفه وهي تتمسك بقوه بكتفيه ..
هي طبعا من شدة خوفها أوهمتها أذنيها بأنها سمعت صوت عواء ..
أما الحقيقه هي أنه لا يوجد أي ذئاب او سلعوه
وهو أبتسم وهو يشعر بجسدها المرتعش وأسنانها التي تتخبط ببعضها خوفا وأرتعابا
فتطلع إليها من فوق كتفيه وهو يقول بسخريه:أهدي دا ممكن يشم ريحة الخوف ..فيوصلنا .
……………………………..

يتبع….

الفصل الثامن والثلاثون

تم تعديل الخطه فبدل أن يكون الهجوم بعد حين سيكون توا ..وتوا ليس معناها الأن بل في يوم الغد
بالداخل كان نضال وتميم وأمجد ومجد يتفقون علي بناء الساتر
فبعد هجومهم يتوقعون رد فعل الأسرائليين وذلك الساتر سيكون الحاجز بين رصاص الأسرائلين وبين أجسادهم الأبيه
لكن بناء الساتر أمام الكهف يحتاج إلي قوه عظمي ومجهود أكبر ووقت أطول وهم لم يعد لديهم الوقت..وأيضا أموال كثيره
لذلك سيشرعون في بناءه بدءا من تلك اللحظه لكن المشكله هي في المال
لكن تميم نهض ووجه أنظاره للجميع ثم رفع إليهم معصم يده ونزع عنه ساعة يده
وفعل مثله أمجد ومجد ثم توجهوا نحو نضال ووضعوا الساعات أمامه علي سطح الطاوله المستديره
تطلع نضال إليهم لوهله ثم شقت أبتسامه عذبه جانب وجهه ونزع هو الأخر ساعته ووضعها جوار ساعتهم
ولم يكتف تميم بذلك فهتف: المقاومه عشان يجيبوا كل اللي بحوزتهم وييجوا يشاركونا لبناء الساتر..
فوافقه أمجد ومجد علي تلك الفكره وأيدوه وكذلك نضال
أما في الخارج أمام الكهف الذي أقرب في بناءه إلي المنزل
أولي وليد ظهره للمدير وقال :أنا قولت اللي عندي ومش مستعد أسافر الوقتي أبدا ..لازم أفضل مع نضال ..لازم أوجه أعدائنا مع بعض..
المدير:أيوه بس أنت مش فلسطيني عشان تكون مجبر علي كده ..
أستدار له وليد أقترب منه وببريق عيونه اللامع تعمق لبؤبؤ عينيه وهو يهتف بصدق:بس أنا عربي ..وفلسطين أرض كل العرب ..
عندها طأطأ المدير رأسه بخجل وعجز عن الكلام. .ثم صمت ..
ووليد تركه وتوغل للداخل ..
وعندما رأوه أمامهم صمت الجميع
وهو قد لاحظ ذلك فهتف وهو يضيق عينيه:مالكم سكتوا ليه؟؟
نضال وهو يزيغ ببصره ويغير مجري الحديث:مدير أعمال والدك جاي عشان ياخدك معاه ..ليه ماسافرتش لحد الوقتي ..
تطلع إليه وليد وهتف بتصميم:أنا مش هسافر يا نضال..انا هفضل هنا عشان أحارب معاك ..
نهض نضال من مضجعه وتحدث بجمود:لو بتعمل كده عشاني فأحسنلك ترجع بلدك لأني هنا مش لوحدي أهلي كلهم معايا
قال كلماته الأخير وهو ينظر للثلاثه تميم.مجد .امجد
لكن وليد جاوبه بتصميم :لا يا نضال أنا بعمل كده عشان أنا عايز كده ..نفسي أكون بنيءادم ولو مره واحده بحياتي ..متحرمنيش من الشرف ده ..
قالها وهو يقترب منه ويتطلع إليه بترجي ..
زفر نضال بيأس وهو يقول:بس هم محتاجينك هناك ..
وليد وهو يبتسم بصفاء:مش أكتر من أحتياج والدتك وأختك ليك ..ومش أكتر من أحتياج بلدك ليك ..أرجوك أرجوك خليني أنضم ليكم وأقوم بواجبي تجاه فلسطين ..
وأمام تصميم وليد ويباسة عقله تطلع نضال لوجوه الجميع فوجدهم يومؤن له بالموافقه ..
فتطلع لوليد واومئ له بأنه موافق علي أعتباره فردا منهم
عندها تنفس وليد الصعداء وأرتخت ملامحه وأقترب منه تميم ربت علي كتفه وهمس :يا أهلين بيك بيناتنا ..
لم يذهب المدير فأوامر خالد المنياوي واضحه بأن لا يعود من دونه ..
حسنا سيبقي هنا ويري نهاية ذلك الموضوع
…………………
زوت شفتيها بغضب وتراخت أصابع كفها عن كتفيه ثم أستدار لتوليه ظهره وهي تدرك بأنه قد ألف قصة الذئب والسلعوه تلك فقط ليسخر كما يسخر الأن فهتفت بخوف لنفسها وهي تصك أسنانها ببعضهما بغيظ :أنا غبيه غبيه عشان صدقته ..
شدت أزرها وأكملت لنفسها بقوه:بس أنا لازم أثبتله أني مش ضعيفه زي ما هو فاكر ..كفايه بقي ضعف لحد هنا ..
وأستدارت له لتُصدم وهي تراه يجثو علي ركبتيه أمامها
تراجعت للوراء مع شهقه صدرت منها وهي لا تعي ما يقوم به ..
اما غالب فتحدث وهو يشعر بذنبا عظيم :مكنتش أقصد أني أشك فيكي زي ما فهمتي
وتطلعت إليه ببلاهه وعدم تصديق لما يفعله الأن
ليكمل:غيرتي عليكي لما شفته معاكي حولتني لأنسان تاني مكنش عارف هو بيقول إيه ..كل مره بحاول أكون إنسان معاكي بيحصل العكس والأنسان جوايا بيتحول لوحش ..وحش أناني مش بيفكر غير في نفسه ..تعرفي أنا لما حسيت في لحظه اني ممكن اللي حوالينا يحرموني منك زي عمي مثلا كنت بتجنن ومستعد أقلب الدنيا كلها عشان محدش ياخدك مني ..عارف اني كنت حقير أووي معاكي بس ده كله بيكون غصب عني لأن أتعودت أني مأكونش ضعيف مهما حصل ..بس. بس ادامك أنتي بحس أني أضعف إنسان في الكون كله
في البداية كنت بكره نفسي عشان بتضعف ادامك وبعدين بقيت بكرهك أنتي وكرهي كان بيكون قسوه ..
ولما كنت بشوف دموعك كنت بلعن وأحقد علي نفسي مليون مره لأني السبب في نزولها ..وبردوا مكنتش بتعلم وبظهر بنفس برودي وقسوتي معاكي ..
طول الوقت كنت مفكر أني بكرهك ..حتي كنت بمقت علي وجودك في حياتي.. لحد اليوم اللي شوفتك فيه في المستشفي وأنتي غايبه عن الوعي
وقتها حسيت بخنجر ..خنجر بيقطع في قلبي والغريبه بقي أن قلبي كان بيتوجع اووي وهو شايفك كده ..
لا تقريبا كان بيموت ..متغيرتش بردوا بعد يوم المستشفي وقسوتي وجرحي ليكي زاد بس كل مره كنت بجرحك فيها كأني كنت بجرح قلبي أنا ..وبردوا مبطلتش لأن بطبعي عنيد عنيد حتي مع وجعي مع أقرب الناس ليا
قال كلماته الاخيره بأبتسامه ساخره ثم تلاه سكون
قاتم
كانت تبكي نعم تبكي لألمه تبكي لنبرة صوته الموجوعه هي لا تحتمل رؤيته محطم هكذا
لاول مره تراه بذلك الضعف ..
غالب الدمنهوري لأول مره يكون غالب الأنسان الذي يشعر ويحب كالباقين ..الذي يندم ويبوح بمكنونات قلبه كباقي البشر ..
جثت علي الأرض لتكون قبالته وجها لوجه تنظر لعيونه بفرحه وعدم تصديق
لتجده مشتتا حائرا والدليل نظرات عيونه الزائغه
فهو قد أدرك ما قاله للتو وكأنه تحدث بتلك الكلمات وهو تحت تأثير مخدر ما
فغالب الذي نعرفه لم يكن ليفعل ذلك او يقول مثل تلك الكلمات
حتي ولو كانت تلك الكلمات هي حقيقة مشاعره
ما كان يجب أن يفعل ذلك ولا كان له أن يتحدث بتلك التفاهات ..فهو لا يحب ان يكون ضعيفا لتلك الدرجه وخاصة أمامها
قطب ملامحه بغضب وهو يمقت نفسه ويكره ضعفه وكاد ينهض ليلبس قناع البرود من جديد عندما منعته نداء وأحتضنت كفه في راحة يدها
لكنه زفر بغضب وأشاح ببصره عنها ..
أبتسمت بصدق وفرحه وهي تقول بدموع :كنت بتمني أسمع كلمه واحده بس من الكلام الكتير اللي أنت لسه قايله الوقتي..
تأوهت بوجع وهي تهمس:ياااااه ..أنا كنت خلاص قربت أيأس من قسوتك ..
لكنه مازال يشيح ببصره عنها وهو يتألم لألمها
فتجرأت لأول مره وقربت أناملها المرتعشه من ذقنه لتدير وجهها إليها
تعلقت ببؤبؤ عينيه بعاطفه ثم أردفت:من زمان ..زمان أوي وأنا مستنيه اليوم ده ..بص في عيوني وأنت تلاقي دموع
ف تاه في بئر عيونها بتأثر وألم
فهتفت بأبتسامه حنون :دي دموع الأنتصار
رمقها بنظره لا تعي ما تقصده
أبتسم وقالت موضحه :أنتصار حبي ..كنت واثقه أن حبي ليك هيرجعك ليا حتي لو بعد سنين ..كنت مستعده أستني عمري كله عشان أشوف اللحظه دي ..
…………………..
ساهم وليد معهم لبناء الساتر بالمجهود والمال فقد أعطاهم ساعته وبعض الاشياء الثمينه التي يمتلكها
كل فرد في المقاومه سواء كان رجل أو سيده تبرعوا بكل ما يمتلكونه لأجل بناء الساترا
ليس هذا وحسب بل أن الجميع سيتكاتفون سويا لبناء الساتر
هذا بالنسبه للرجال
أما السيدات فكانت مهمتهن أن يأتين بالأسعافات الطبيه اللازمه وهذا في حالة الهجوم علي المقاومه وأصابة أشبالها ليسعفوهم الأسعافات اللازمه ..
خلية نحل متعاونه..هكذا كانت المقاومه وهكذا هو شعب فلسطين الأبي ..يضحون بأنفسهم وكل ما يملكون لخاطر حريتهم ..حتي الأطفال صمموا علي بناء الساتر معهم رغم صغر أعمارهم
الأطفال في فلسطين يولدوا لكي يكونوا رجال ..في حين أن شباب العرب يتعلمون من الغرب ما هو يسوء عاداتنا وتقاليدنا أمام شعوب العالم ..
أطفال فلسطين ليسوا كأطفال العالم ..فهم يكبرون من لحظة أرضاعهم في أحضان أمهاتهم ..
……………….
أعطاه نظره جانبيه ثم أستدار ناحية مكتبه وجلس علي الكرسي يطالع بعض الملفات أمامه متجاهلا تمام نظرات آسر المتسائله..
تغاضي آسر عن تجاهل والده المتعمد له وأقترب من والده حتي وقف أمامه ثم هتف بثبات وهو يطالعه بعيون الصقر خاصته :بابا أنا سألت حضرتك سؤال من فضلك رد عليا ..
وأنتظر إجابته وهو يضيق عينيه بالنظر إليه
رمي سالم بالملفات علي سطح مكتبه وهو يزفر بغضب ثم نهض عن مكتبه وأقترب بخطوات حازمه من آسر
طالعه بنظرات ثابته وهتف وهو يضع يديه في جيوبه
:أبعد عن موضوع كرم متدخلش نفسك فيه ..
بعدم فهم قال:بس
قاطعه سالم بصرامه :عارف أن والدتك هي اللي طلبت منك تكلمني ..كل اللي أقدر أقوله أن كرم بخير في المكان اللي هو فيه ..
وكاد آسر يتحدث لكن سالم أوقفه وهو يقول بصرامه:من الأفضل أنك متسألش لأنك مش هتاخد مني أي كلام غير اللي قولته ..
لوهله بادله نظرات قاسيه ليتركه بعدها ويخرج من مكتبه تاركا آسر يتنهد بيأس
………………..
همس بتأثر :يااااه..كنتي مستعده تستنيني عمرك كله ..طب ليه وأنتي طول عمرك مشفتيش مني غير القسوه
أومأت له ودموعها تنهمر
لتهمس بحب يقطن بريق عيونها:عشان عارف أنك أحسن راجل في الدنيا كلها وأنك الوحيد اللي هتسعدني وتخاف عليا
دموعها أوجعته حزنها يقتله فمد إليها راحة كفه ليمسح عنها دموعها هامسا:خايف ..خايف لأكون مش قد ثقتك فيا ..خايف غباءي يدمر حبك ليا ..حاسس أن غالب ميستحقش نداء لأن نداء أكبر بكتير من كده و
أوقفته عن الحديث وهي تضع راحة كفها علي فمه هامسه بدموع صادقه وهي قريبه أكثر مما ينبغي منه :شششش ..غالب الدمنهوري عند نداء أكبر نعمه في حياتها ..أنت أحسن وأعظم راجل عنيا شفته..
تمسك بكفها الممسكه بكفه بشده ثم أقترب منها وهو يتعمق النظر لبؤبؤ عيونها هاتفا بتأثر:أوعديني ..أوعديني أنك مش هتتخلي عني في يوم من الأيام ..أوعديني أن مهما الدنيا حاولت تفرقنا مش هتستسلمي وهتقاومي ..
قالت له والبسمه ملئ شدقيها حيث نبضات قلبها المتهافته كنسرا يحلق في السماء:أوعدك … عشان وجودك جنبي هو اللي هيديني القوه والحياه ..
تهللت أسارير قلبه براحه وبحب وعاطفه جياشه جذبها لأحضانه ليهدئ بوجودها كل دقه تنبض بعنفوان داخل صدره..وقد بوغتت برد فعله ..
تلونت وجنتيها بلون الحمره وهو يدفنها بعمق داخل أحضانه حاولت التملص منه ولكنه أبي أن يتركها وأبتسم بهيام وهو يشعر بأرتعاشة جسدها أثر قربه المفاجي منها..
همست بخجل وأرتباك :غالب خلاص ..ككك كفايه كده ..أبعد عني بقي لو سمحت
و مازادته تلك الكلمات غير أنه شدد أكثر من أحتضانها وهو يبتسم بعمق
لكن فجأه أحست نداء بأن الدنيا تدور بها وأزرقت شفتيها وحال لون وجهها للشحوب حيث تسارعت دقات قلبها بعنف وبدأ تشعر بالوهن والضعف ينهك كامل جسدها
همست بخفوت تام وهي تغيب عن الوعي:غالب
أصدر همهمات تائهه وهو يدفن وجهه أكثر في تجويف عنقها:ممممممم ..
لم تحتمل فغابت عن الوعي تماما
وقد أحس بتراخي جسدها وفقدانه لتوازنه فأبتعد قليلا ليراها مغمضة العينين
ربت علي وجنتيها لكنها لم تستجب والأدهي هي تلك السخونه المنبعثه من خلابا وجهها فعندما لمس جبينها لسعته حرارة جسدها المرتفع
فقطب حاجبيه برعب وهو ينادي عليها :نداء ..نداااء.
لكن لا حياة لم تنادي فعلي الفور نهض ليضع أحدي ذراعيه أسفل ركبتيها والأخري عند كتفيها ليحملها ويتجه بها بسرعه نحو سيارته
والقلق والرعب يأكله أكلا ..
……………………
أوقف سيارته أمام أقرب مشفي وجدها في طريقه ولم ينتبه أن تلك المشفي هي أحدي المستشفيات الحكوميه
حملها وتوجه بها بخطوات راكضه لداخل المشفي
لكن المشفي كانت خاليه إلا من بعض الممرضات القلائل
فالوقت أوشك علي منتصف الليل
الطريق إلي هذه المشفي أستغرق عددا من الساعات
أقترب من موظف الأستقبال وهو يحملها بين ذراعيه وقريبة من أحضانه
سأل الموظف:فين الدكتور هنا ..
موظف الاستقبال وهو منشغل بكتابة شئ ما في الدفتر أمامه:الدكتور النبطشي كان هنا ولسه من شويه
أغضبه برود موظف الاستقبال فصرخ به بصوت عالي:يعني مفيش ولا زفت دكتور هنا أومال مسميينها مستشفي ليه
حاول الموظف أن يهدءه وهو يقول:يا فندم أهدي متنساش أن حضرتك في مستشفي..
هدر به غالب والغضب يغلغل كيانه:مستشفي وهي فين النستشفي دي اللي من غير دكاتره.
ثم هتف مهددا :أتصل بالدكتور وخليه يسيب اللي في إيده مهما كان وييجي ..ولو ده محصلش صدقني بكلمه واحده مني هقفلقم المستشفي دي وأخليك أنت وأمثالك تتشردوا وتقعدوا في البيت زي الحريم ..
قال كلماته بصرامه وتحذير بين
لوهله أرتعب موظف الأستقبال من تهديده وتوجس خفية منه ..فمن ثقته ولهجته الصارمه في الحديث يبدوا من كبار البلد من لهم وزن وقافيه
فهمس بخضوع :طيب حضرتك أتفضل مع الممرضه عشان توريك الأوضه اللي هتحط فيها المدام وأنا هتصل بالدكتور عشان ييجي ..
وما أن أنهي موضف الأستقبال كلماته حتي أتت الممرضه التي قال عنها علي عجاله
وسارت أمام غالب لتقوده الي غرفة ما في المستشفي ..
وبين لحظه وأخري كان غالب يتطلع لقسمات وجهها الباهته فيعتصر قلبه أنقباضة قلق ورعب ..
………………..

يتبع…

الفصل التاسع والثلاثون

مر وقتا طويل وغالب ينتظر قدوم الطبيب
فقد أخبرته ذات المعطف البيضاء أنها كلمت الطبيب وأخبرها أنها سيأتي بعد مرور الربع ساعه
ومرت النصف ساعه ولم يأتي المنتظر
كان يجلس علي الكرسي بجوار السرير الذي ترقد عليه نداء وسكونها هذا يكاد يجنن عقله ..
فاض صبره ولم يعد يتحمل الأنتظار الذي يقتله تدريجيا
فخرج من الغرفه وأستوقف الممرضه التي كانت تسير بالجوار هاتفا:هو الدكتور اللي أسمه سعيد ده هييجي أمتي ..
الممرضه:مش عارفه والله يا فندم بس هو قال لزميلتي أنه هييجي بعد ربع ساعه ..
تملكه الغضب وقال بصريخ أشبه بثوره مكبوته:إيه كم الأستهتار اللي في المستشفي ده..لو مكنش هيتنيل ييحي كنتوا قولوا من الأول ..
الممرضه وقد أرتاعت لصريخه فهنست بخشيه:يا فندم انا مالي ..ده دكتور وأنا مليش أي حكم عليه..عن إذنك..
تركته يغلي من الغضب والهياج
لولا بعد التعقل في جمجمة رأسه لكان أرتكب جرما ما . عله بذلك يهدئ أنفعاله وينفث عن غضبه
لكن ما لا يعرفه أن هذا هو الحال في أغلب المستشفيات الحكوميه إلا ما رحم ربي ..
فلو يضمن أنه سيجد في تلك المنطقه مشفي غير تلك لكان ذهب من فوره إليها لكن تلك المنطقه مهجوره تماما والطريق من هنا إلي مشفي أخري يستغرق أكثر من أربع ساعات وهو بالطبع لن يتحمل أن يراها في تلك الحاله كل هذه المده كما أن البنزين في سيارته أوشك علي النفاذ
أخذ يمرر أصابعه بين خصلات شعرها هو يشعر بتشتت وحيره
ودقات قلبه تنبض بخوف قلق ورعب
وأخيرا قرر أن يتصل بوالده فهذا هو الحل الوحيد أمامه ولا يهمه بأن يعرف عمه بمكانه هو نداء فكل ما يشغله الأن هي تلك الراقده بداخل الغرفه لا حول لها ولا قوه
وبالفعل ضغط علي بعض الأذرار ليسمع رنين الهاتف وبعدها صوت والده المتلهف
حاتم:غالب..غالب أنت روحت فين ..وبتكلمني منين
وبمجرد أن سمع مروان بأسم غالب نهض عن كرسيه وأقترب من أخيه ودون مقدمان أنتشل الهاتف من بين يدي حاتم
وهدر بغضب :غالب ..فين بنتي يا غالب ..أنت عارف ىو جرالها حاجه أنا ه
قاطعه غالب والضعف يتملكه وهذا الحزن في نبره صوته هي من تنطق:نداء في المستشفي
عندها تلجم مروان خوف قاتل وأرتعبت أوصاله قلقا ثم هتف والحزن والقلق ينهش قلبه:في المستشفي ..مستشفي إيه أنطق
فأخبره غالب بعنوان المشفي ثم قال:عمي أرجوك أتصل بأي دكتور تعرفه وتعالي علي المستشفي بسرعه ..الدكتور اللي هنا مش موجود ونداء فاقده الوعي من نص ساعه أنا خايف أوي عليها أرجوك حاول تيجي بسرعه أرجوك
مروان بتلبك:طيب طيب..خليك جنبها أوعي تسيبها ..
ثم أقفل الجوال ..
وأعطاه لأخيه وبسرعه ألتقط جواله من علي سطح المكتب ليهاتف الطبيب الخاص بحالة نداء
حاتم كان لا يفهم ما يدور حوله ثم من الذي بالمشفي
أقترب من مروان وهمس بقلق:مروان ايه اللي بيحصل فهمني ومن ده اللي بالمستشفي ..
لكن مروان تجاهله وقال للطبيب عندما أجابه :ألحقتي يا دكتور نداء شكلها أتعرضت لمضاعفات تاني أرجوك تعال بسرعه أرجوك ..وجيب الطاقم الطبي معاك لأنها في مكان مفيهوش إمكانيات..
الطبيب :حاضر أنا جاي حالا ..
بعد أن أنهي المكالمه ..
قال له حاتم بتصميم :ممكن بقي تفهمني إيه اللي بيحصل ..ومضاعفات إيه اللي نداء أتعرضت ليها ..هي هي نداء مريضه ..
كشر مروان ملامحه بغضب يغلغله الخوف
ثم أردف:مش وقته يا حاتم ..مش وقته
ثم تركه وأسرع للخروج من المكتب ولحق به حاتم ..
…………..
بعد ساعتين
توقفت أمام المستشفي سياره فاخره من النوع BMW وخلفها شاحنه المستشفي التابعه للطبيب المتخصص بحالة نداء
فبداخل تلك الشاحنه يوجد الطاقم الطبي والأمكانيات الطبيه اللازمه لحالة نداء
ترجل مروان من السياره وعلي الناحية المقابله ترجل حاتم أيضا وفي الناحيه الخلفيه ترجل الطبيب
وتوغلوا لداخل المستشفي بخطوات راكضه وتبعهم الطاقم الطبي من الممرضات
وتوجهو لموظف الأستقبال
عندما رأي ذلك الجمع المهيب توجس خيفه ثم هتف:فيه حاجه أقدر أساعد حضراتكم فيها ..
مروان بنفاذ صبر:فين الاوضه اللي فيها نداء ..
الموظف:تقصد حضرتك مدام نداء الدمنهوري ..
حاتم بنزق :ايوه هي.. ممكن بقي تقولنا الاوضه فين
الموظف بأرتباك:أقدر أعرف حضراتكم مين والممرضات دول جايين ليه ..وكمان مش هقدر أسمح بدخولهم ..نظام المستشفي كده ومش هينفع أخترقه..
هذا أغضب مروان القلق وبشده علي أبنته فأقترب من موظف الاستقبال وكاد يجذبه إليه من تلابيب قميصه
لكن حاتم منعه من ذلك وحاول تهدئته هاتفا:أهدي ..
ثم توجه حاتم بالحديث إلي موظف الأستقبال وقال بهدوء:بص يا حضرة دا الدكتور المشرف علي حالة مدام نداء ودول الطاقم الطبي اللي بيساعدوه فأظن أنه من حقه يتابع الحاله بنفسه ..
موظف الأستقبال بتشتت:يا فندم أنا مدرك ده..بس دي قواعد وقوانيين أنا ملييش يد فيها ..صدقني غصب عني مش بأيدي ..
تندها زفر مروان وهتف والغضب يتطاير من بريق عينه اللامع :القواتين دي تمشيها علي أي حد إلا أحنا ..متعرفش أنا مين وممكن أعمل إيه يوديك أنت واللي مشغلك في ستين داهيه..
حاتم بضيق:مروان مينفعش كده ممكن تهدي ..
وهنا تدخل الطبيب وقال وهو يضع بطاقة هويته الخاصه أمام موظف الأستقبال:أنا دكتور عزت العلايلي بشتغل في مستشفي (…….) وأظن أنك بتسمع عن المستشفي دي كتير لأنها من أكبر المستشفيات في مصر ..
موظف الأستقبال :طبعا يا فندم دي من أكبر وأعظم المسنشفيات
الطبيب بثقه:طيب كويس أوي ..أنا مستعد أتحمل كل المسئوليه مقابل أني أشوف المريضه أنا والطاقم بتاعي لأن صحة المريضه متسمحش بالتأخير أكتر من كده ..وخلي البطاقه عندك ضمان لو حصل أي مشكله ..ممكن بقي تقولنا رقم الاوضه وتسمحلنا ندخل ..
وأثناء ذلك رن هاتف حاتم وكان المتصل هو غالب
فأجابه حاتم علي الفور وقال:أيوه يا غالب أحنا وصلنا وطالعين حالا ..
وبناءا علي هذا سمح موظف الأستقبال لهم بالدخول وأخبرهم برقم الغرفه والطابق الذي تقبع به الغرفه..
وصلوا جميعا للغرفه
وبسرعه تحرك الطبيب والطاقم لفحص حالة نداء
فحص الطبيب نداء فتح عينيها الغائبه عن الوعي ليسلط علي بؤبؤ العين ضوءا معين وأثناء ذلك هتف للجميع :ممكن تطلعوا بره الاوضه شويه ..
كل هذا حدث تحت أنظار غالب الذي يهلكه الأسي والحزن
تحرك حاتم وأقترب من أخيه الواقف وعيونه مملوؤه بدموع الأنكسار وكذلك أقترب من غالب ليهتف:يلا يا مروان ..يلا يا غالب ..
ثم يسحبهم للخارج بدون إرادة منهم ويقفل الباب خلفه بهدوء
حيث ظلت عينا غالب معلقه بنداء حتي أنغلق الباب وأختفت خلفه ..
في داخل الغرفه
لم تستجب نداء لكل محاولات الطبيب فبسرعه أمر الممرضه صفاء والتي تكون ذراعه الأيمن بأن تعلق لها محلول الجلكوز ليمدها ببعض القوه فجسدها هزيل للغايه
فبسرعه نفذت الممرضه ما طلبه منها الطبيب وعلقت المحلول
……………
أمام الغرفه
كان مروان يستند علي الحائط وهو يشعر بقلبه يكاد ينخلع من شدة قلقه علي نداء حتي أن دموعه أنهمرت كشلال وصوت وجعه وأنينه وصل لمسامع أخيه
فأقترب منه حاتم وقف قبالته وربت علي كتفه بتفهم هامسا:مروان
تطلع إليه مروان بعجز وعيون دامعه
ثم مال علي أخيه وهو يحتضنه ويبكي علي كتفيه هاتفا بيأس وضعف:نداء ..نداء يا حاتم ..
حاتم وهو يربت علي ظهره بألم :إن شاء هتكون كويسه..صدقني هتكون كويسه ..
مروان وقلبه يتمني ذلك:يااارب ..ياااارب …
بعد قليل خرج الطبيب من الغرفه فبسرعه ركض مروان تجاهه
هاتفا ودقات قلبه تكاد تتوقف :طمني يا دكتور
وكذلك غالب وحاتم اللذان أنتظرا إجابة الطبيب علي أحر من الجمر ونظرات مملؤه بنار الموت البطئ
تبادل الطبيب النظرات المرتبكه بين الثلاثه الواقفين وهتف وهو يركز بصره علي مروان :أنا عايز أتكلم مع السيد مروان علي أنفراد
أقترب غالب من الطبيب بخطوات مشتعله ثم هتف بتصميم: أنا جوزها ومن حقي أعرف كل حاجه
تعالت أنفاس مروان وزاد غضبا فوق غضبه وأقترب من غالب بحذر حتي وقف أمامه بثبات ورمقه بنظران ناريه وهو يهتف :شكلك مفهمتش كلامي لما قولتلك أبعد عني وعن بنتي ولولا أنك أبن أخويا أنا كنت بلغت عنك البوليص وكان زمانك الوقتي مرمي في زانزانه تكسر غرورك ده
قالها وهو يشير بأصبعه علي جمجمة رأسه
وهقولهالك تاني يا أبن حاتم أنت من اللحظه دي ملكش أي علاقه ببنتي كل مره بتكون قريب منها بتدمرها وجودك في حياتها بيسببلها دايما الحزن والوجع ..عملت معاك إيه عشان تعاملها بالطريقه دي ..عارف أنت بغباءك ده كان ممكن تخليني أفقدها للأبد ..
أما غالب فكان يسمعه وهو يعلم أنه محق في كل ما يقوله
فصمت والندم بان جليا في عينيه وعلي قسمات وجهه
تطلع إليه مروان بنظرات تعني أنه خيب أمله به
وبعدها ذهب مع الطبيب بعيدا عن أخيه وغالب
كلمات مروان أثرت علي غالب ..راجع شريط حياته مع نداء منذ طفولته وحتي الأن
نعم فقد كان هو سبب ألمها والنقطه السوداء في حياتها ..كان دوما يعاملها بوحشيه ..حتي كلماته إليها كانت في غاية المكر والخبث ..
مسح علي جبينه بتشتت ودمعه من عينيه توالت علي وجنتيه بندم ..وتحسر ..
يا ليته قد أدرك ذلك من قبل ..
يا ليته لم يفعل ما فعله معها …
لكانت أشياء كثيره تبدلت..
لم ينتبه لوالده الذي يقف جواره ويتألم لألمه الذي يراه الأن في بريق عيونه وعلي قسمات وجهه الباهته ..
فربت علي كتفه وهمس :غالب
تطلع إليه غالب بجمود وهتف بسخريه:متقلقش يا بابا أنا كويس ..أبنك مغرور لدرجة أن مفيش حاجه بتأثر فيه..
………………..
أشرقت الشمس لينزاح قتامة الليل ويستنير الكون بنور المستديره الذهبيه
فتنثر ألوانها لتكون لوحه خلابه من الطبيعه وجمالها وفي وضح النهار حيث تدب الحركه والنشاط وكلا منا يذهب إلي مستودعه
فالعامل يذهب لعمله في المصنع
والطبيب يذهب إلي المشفي ليعالج جروح الناس فتنقشع عنهم آلامهم
والطالب يذهب ليخصل العلم فينتفع به وينفع أمته..
وهنا أيضا يجب أن تذهب لعملها
رغم أنه غير قانوني لكنه في النهايه يسمي عملا …
خرجت من المنزل لتسير في شوارع الخاره الضيقه فيقابلها في طريقها زميلتها في العمل وتسمي إخلاص
فتاه من الفتيات اللاتي تخلي عنها أهلها وهي طفله رضيعه ولم تكتف قلوبهم القاسيه بذلك فتركوها بين لفافتها البيضاء أمام صندوق قمامه ..لتنشئ وتتربي في ذلك الجو المقيت كباقي أطفال الشوارع وضحايا آباءهم الذين أنعدمت الرحمه من قلوبهم فصارو كالذئاب بل أشد وألعن
إخلاص وهي تعترض طريق هنا:كويس أني شوفتك انا كنت رايحالك أصلا ..
هنا وهي تتثاؤب :خير يا إخلاص ..مترغيش كتير زي كل يوم وخشي في الموضوع علطول
مصمصت إخلاص شفتيها بضيق وقالت وهي تعتب علي هنا:الله يسامحك وأنا اللي كنت هقولك علي شغلانه سقع ..
هنا وقد أنتبهت حواسها لحديث إخلاص فهتفت:شغلانه يا إخلاص أنطقي
إخلاص :لأ ..مش أنا برغي روح بقي شوفيلك حد غيري يقولك..
زفرت هنا بضيق ثم أردفت وهي تضع يديها عند منتصف خصرها:طيب يا ستي حقك عليا …قولي بقي
هاتفا إخلاص ويبدو أنها قد تراضت بتلك الكلمات :بصي تعالي معايا أنا والشله عند كافيه چورچ المسيحي وأنتي تعرفي
قطبت هنا حاجبيها بعدم فهم وقالت:كافيه چورچ ..طب ليه ما تقولي وتريحيني..
إخلاص: لأ لما تيجي هتعرفي يلا.. سلام بقي..
وذهبت تاركه هنا الذي يدور بعقلها العديد من الأسئله المعلقه ..
فزفرت بأستسلام وهي تنوي الذهاب إليهم لتعرف ما يخططون إليه..
…………..
ظل آسر ساهرا طوال الليل يفكر في أمر أخيه وعندما حل الصباح صعد سيارته وأنطلق ناحية الشركه
فقد أتصل به أحد الموظفين وأخبره أنهم بحاجة إليه فوالده قد سافر في الصباح الباكر لأنهاء عملا ما وسيعود عند المساء
في فيلا مالك الزهار
هبطت زهرة درجات السلم ومن يراها يشعر أنها حاربت كثيرا من أجل الوصول لمظهرها الأنيق هذا
فهي ترتدي بنطال من الجينس يعلوه ستره حريريه من لون القرمز يخبئ أسفله توب أسود يظهر بياض رقبتها الطويله وأعلي منطقة الصدر بطريقه مغريه
وتعصق حول شعرها أسود اللون ربطة حمراء ليكون ذيل حصان
ولمحت والدتها من بعيد تجلس بهدوء علي الأريكه وأمامها اللابتوب تعمل عليه
أقتربت منها زهره بخطي ثابته وبدون أن تنتبه لها منال أنحنت زهره لمستوي وجهها وقبلتهاعلي خدها الأيمن هامسه بحيويه:صباح الخير
أبتسمت منال بعذوبه وبادلتها القبله ثم همست :صباح الورد والياسمين
وتطلعت لأناقتها بأعجاب ثم همست: هاا .. بنتي الجميله متشيكه كده وخارجه علي فين ..
زهره بتلقائيه:رايحه النادي .. هو حضرتك مش هتروحي الشركه النهارده ..
منال :لأ آسر هيكون هناك وأنا بصراحه حاسه بأرهاق ومش قادره اروح فقلت أباشر الشغل من هنا أحسن..
زهره بقلق:تعب طب يلا أوديكي لدكتور ..
منال :لالا مش مستاهله شوية تعب بسيط وهيروح لخاله ..متقلقيش عليا
تنهدت زهره براحه ثم همست بأبتسامه: عايزه مني حاجه قبل ما أخرج..
منال بهدوء:لا يا حبيبتي تسلمي ..بس متتأخريش ..
زهره بخنوع:حاضر ..يلا سلام ..
منال وهي تراقب رحيلها بأبتسامه:سلام ..
لكن زهره لم تكن تنوي الذهاب إلي النادي كما قالت لوالدتها فهي ستذهب إلي مكان آخر .. مكان خطر علي بالها فقط منذ دقائق
………………
وصلت إلي كافيه چورچ لتجدهم ينتظرونها علي مضض
وما إن لمحتها إخلاص حتي أقتربت منها وهي تقول:أتأخرتي ليه كده ..أنا خفت ليخرجوا من الكافيه قبل ما أنتي تيجي
ضيقت هنا عيونها بعدم فهم وهتفت:هم مين دول أنا مش فاهمه حاجه..
إخلاص وهي تخفض صوتها حتي لا يسمعها أحد:فيه بنت وأمها دخلوا الكافيه ده من نص ساعه ولسه مش خرجوا أنا والشله عنينا عليهم من أول ما دخلوا ..
نظرت لهنا فوجدت بداخل عيونها مزيد من الحيره وعدم الفهم فأكملت لتوضح لها كل شئ:هم متريشين قووي وشكل المحافظ اللي جو شنطهم متعمره فلوس فأنا والواد سوكه والبت مسعده أتفقنا أننا ننشلهم وقررنا ندخلك في الموضوع عشان ننفعك معانا ..
زاغت عيون هنا وأبتعدت خطوتين عن إخلاص تفكر فيما تقوله
هل تسمع كلام إخلاص وتشاركهم في تلك السرقه؟؟
هل ستكون في نهاية الأمر سارقه ؟؟
لكن ما المانع فهي تحولت إلي ما هو أسوء من ذلك لقد أصبحت مدمنه للمخدرات ..
أبتسمت وتطلعت إلي إخلاص وحزمت ترددها وحيرتها هاتفه بكل ثقه:وأنا موافقه أكون معاكم ..
وذهبت ما إخلاص ليختبئ الأربعه خلف مكان ما يترقبون بفارغ الصبر خروج الأم وأبنتها من الكافيه
سبحان الذي قدر وهدي وأخرج المرعي
سبحان الذي أبدل الحال
فجعل زهرة مكان هنا
وهنا مكان زهرة
ففي الأمس كانت هنا تعيش في القصور ووسط طبقة راقيه في نفس مكانتها الأجتماعيه
أما زهره فكانت تعيش في الشوارع تتذلل وتسرق كما ستفعل هنا الأن ..
……..
تمللت هنا في وقفتها وتعبت من الأنتظار اللامتناهي
فهتفت بضيق:ايه ده هم هيباتوا جوه ولا إيه هما أتأخروا كده ليه ..
إخلاص بزهق:ربنا ينتعهم بالسلامه دول فعلا أتأخروا..
تهللت ملامح الصبي سوكه الواقف معهم وهتف بسعاده وهو يشاور عليهم :ألحقوا دول خلصوا وخرجم ..
وألتفتت أنظار الجميع للمكان الذي يشاور عليه سوكه ..
فهتفت إخلاص ومسعده في آن واحد:الحمد لله وأخيرا
فهمست إخلاص وهي تركز بصرها علي السيده وأبنتها :أستعدوا عشان العمليه هتبدء الوقتي ..
لكن هنا كانت تتطلع للفريستان بصدمه وأعين ذاهله لا تصدق أنها تراهم أمام ناظريها
وجدت إخلاص تهتف لها:يلا يا هنا أنتي اللي مفروض تروحي تلهيهم بيكي عشان نعرف نسرق شنطهم ..
لكن هنا لم تتزحزح من مكانها وفقط فغرت فاهه بصدمه وعيونها بالكاد تصدق ما تراه
وعندما لم تتحرك هتفت إخلاص بغضب:هنا مستنيه إيه يلا قبل ما يركبوا عربيتهم ..
فأنتبهت لصراخ إخلاص
تطلعت إليها وهمست وهي تهز رأسها بالنفي:لأ …مش هينفع ..مش هينفع
رمقتها إخلاص بنظرات ناريه وزوت ما بين حاجبيها بغضب ثم همست:هنا بلاش جنان ..يلا روحي نفذي اللي أتفقنا عليه ..يلا ..
هنا وقد ترقرقت الدموع من عينيها:لا يا إخلاص دول بالذات لأ..مش هينفع نسرقهم …عشان خاطري بلاش بلاش ..
ثم تركتهم وركضت ركضت بعيدا عنهم ودموعها المتألمه تسبقها
فهي تريد أن تنسي الماضي ..ولكن الماضي هو من يصر علي ملاحقتها ..
فتلك السيده هي زوجة أبيها وأبنتها هي رضوي أختها. .
…………………
#يتبع
الفصل الجاي ليكون كمان ساعتين ..او ممكن أنام وأنا بكتب فيه أنا حاليا مخلصه نصه .. فأول ما أصحي هنزله بأذن الله..فتكم بعافيه بقي..وعايز تفاعل كبير ع الفصل😃
الفصل التاسع والثلاثون(القسم الثاني)
توقفت سيارة الأجره أمام بناء الشركه الضخم
فترجلت منها زهرة بعد أن أنقدته عدة ورقات ماليه تطلعت للبناء بعد أن أزاحت النظاره ذات العدسات السوداء عن عيونها لأعلي جمجمة رأسها وهي تبتلع ريقها بمهابة ..
فهل تلك الشركة العظيمه والتي تشبه ما تراه علي شاشة التلفاز تنتمي إلي عائلتها ..
تنهدت بأبتسامه عميقه وهندمة ياقة سترتها بوقار ثم أستعدت للدخول وأبتسامه ثقة ترتسم علي محياها
وقفت أمام سكرتيرة آسر الخاصه وأخذت تتطلع إليها بأنبهار فهي فتاه جميله من العيار الثقيل
تعطي كل العذر لآسر إذا وقع في أسر حبها ..فجمالها من النوع اللافت لأنظار
وتهللت قسمات وجهه بأبتسامه واسعه وهي تري الحلقه الذهبيه تلمع حول إصبعها الخنصر في كف يدها الأيمن
تنهدت بأرتياح وهي تهمس لنفسها:الحمد لله طلعت مخطوبه ..
وعندما طال الوقت ولم تنتبه السكرتيره إليها تنحنحت وهي تهم بالسعال ..
فعلي الفور تنبهت إليها كل حواس السكرتيره التي أبتسمت ببشاشه عندما رأتها أمامها
فنهضت عن مكتبها وتوجهت إلي زهرة هاتفه بأدب ورسميه :آنسه زهره ..صح ..
قالتها بأبتسامه
فأومأت لها زهره بذهول ..فكيف عرفتها تلك الفتاه؟؟
تحدثت الفتاه بالنيابه عنها قائله بتلقائيه فيبدو أنها فتاه بسيطه ونقية السريره :حضرتك طالما جيتي مكتب آسر بيه يبقي أكيد عايزه تقابليه ..
تنحنحت زهره قبل أن تقول لها برسميه:فعلا أنا عايزه أقابل آسر .
السكرتيره بنفس أبتسامتها الصافيه:أتفضلي يا فندم أتفضلي في مكنب آسر بيه وأنا هدي لحضرته خبر أنك منتظراه في المكتب
وسبقتها السكرتيره لتفتح لها باب المكتب
فدلفت زهره لداخل المكتب وهي تتطلع إلي كل إنشا به بأنبهار
فكل ما بداخل المكتب من أثاث هو من الذوق الرفيع
أخرجتها السكرتيره عن طور تأملها للمكتب وقالت :أتفضلي أقعدي يا فندم
فجلست زهره علي أريكه بالزوايه قد شاورت إليها السكرتيره
ثم همست السكرتيره بأبتسامه:حضرتك تحبي تشربي إيه..
زهره ببلاهه وتشتت:قهوه ..أحب أشرب قهوه ..
وقبل أن تخرج السكرتيره من المكتب أوقفتها زهره هاتفه بحيره:هو أنتي عرفتيني أزاي
أستدارت إليها السكرتيره وهتفت بتلقائيه : انا كنت موجوده في الحفله فشفتك هناك وقت لما جريتي ومنال هانم ندهت عليكي بأسمك ..
آلمها تذكرها لتلك اللحظه لكنها أبدت ثبات وهي تهمس: أوك
ثم خرجت السكرتيره وهي تقفل باب المكتب خلفها بهدوء
بعد أن أغلقت السكرتيره باب المكتب تنفست زهره حريتها ونهضت عن الاريكه وأخذت تتجول في المكتب بأريحيه تلفت أنظارها تلك التحف الفنيه التي تزين مكتبه الواسع هذا..
أقتربت من مكتبه حتي وقفت بمحاذاته وأستدارت بجسدها لتجلس علي كرسيه الرئيسي والذي ما أن جلست عليه حتي أستمدت الهيبه والوقار
تنفست بعمق وهي تبتسم بصدق وتلقائيه ولمحت صورته الأسيره بين إطار أسود يشبه قتامة عيونه قابعه علي الجوار ..
فصارت تفغر عيونها لصورته بغضب وكأنها تراه أمامه
قربت الصوره أكثر من مرمي عيونها وقالت وهي تتطلع بتحدي وثبات لعيون الصقر خاصته
ثم هتفت وهي تزم شفتيها:تعرف أنت لولا صعبت عليا كنت زماني خنقت وأرتحت منك بأيديا دول ..متفتكرش أني ضعيفه لما بسكت علي إهانتك ليا ..أنت بس اللي هايج زي التور ومحدش قادر عليك ..
هتفت بنزق وهي تضيق عينيها وكأنها تراه حقا أمامها وليست تري أمامها مجرد صوره :أنت بتبصلي كده ليه ..بص بعيد يلا ..بدل ما أخزق عنيك القاسيه دي بصوابعي دول ..يلا بص بعيد
ثم أدارت الصوره لمكان آخر لا تقع عيونها عليه
لكنها أدارتها مره أخري إليها وهي تهتف بقوه:أنت شايف نفسك علي إيه ..عشان يعني ظابط ..طززز فيك وفي قسم الشرطه بتاعك كله ..هو يعني عشان ظابط تفتري علي الخلق ..تعرف أنت لولا أنك أبن خالتي وأنا عامله خاطر لماما كنت زماني ..كنت زماني حلقتلك شعرك المسبسب ده وخليتك شبه حسن حسني ..
وما كادت تكمل كلامها حتي سمعت صراخه من خارج المكتب
فهتفت بخوف وعيون مرتعبه:يا نهار أوعي يكون سمعني وجاي يموتني
ظلت تتلفت حولها علها تجد مكان وتختبئ فيه منه
وما أن سمعت صوت جرار باب المكتب الذي ينفتح بعنف علي مصرعيه حتي أختبأت وقبل أن يلحظ وجودها تحت سطح المكتب
وعرق الخوف يتصبب فوق وجنتيها من يكتشف وجودها هنا وهو بتلك الحاله من الغضب والعصبيه
ماذا حدث لكي يا زهره أين الأسد الذي كان بداخلكي منذ قليل ..هل تراجعتِ لمجرد أن أرتعبتي من صراخه العالي ..
أما آسر فدلف إلي المكتب بخطوات غاضبه وصراخ تهتز له الشركه بأكملها وخلفه الموظف الذي يصرخ عليه
أما السكرتيره فآثرت الصمت وهي تجده بتلك الحاله من الثوره والهياج فليست مستعده لأن تخبره عن وجود الآتسه زهره في مكتبه فيصب عندها جام عضبه عليها ..
صرخ بالموظف وهو يدور في المكتب كالثور الهائج :يعني إيه مش لقيينه ..أقلبوا المكاتب كلها لحد ما تلاقوا الملف ده ..أنت لسه واقف يا بني ءادم ما تتحرك
وما أن نطق بها حتي أختفي الموظف من أمامها .
وصرخ بالسكرتيره بأن تأتيه
ثانيه وكانت تقف أمامه بخنوع ورعب
تمالك نفسه وهو يهتف:الملفات بتاع صفقة أمبارح عايزها كلها ..ومتدخلليش حد ..
أومأت بأستكانه وهي ما زالت تقف في مكانها وعيونها تحوب في المكتب باحثه عن زهره
وعندما لمح ذلك هتف بخشونه:لسه واقفه مكانك ليه فيه حاجه ..
أرتعشت وهي تتحدث بتلعثم:أ أأأصل ..
آسر بصرامه:أصل إيه ما تنطقي..وبعدين أنا شامم هنا رايحة برفيوم أعتقد أني شمتها قبل كده ..هو فيه حد دخل المكتب وأنا مش موجود
لطمت زهره علي خدها الأيمن وهي تهمس لنفسها برعب:يا لهوي يا لهوي ده شم ريحة البرفيوم بتاعتي ..هيأفشني ..ظابط ده ولا كلب حراسه ..
جاوبته السكرتيره :الأنسه زهره جات من شويه وأنا دخلتها المكتب لحد ما أبلغ حضرتك بوجوده
جاب ببصره في المكتب ولم يجد لها آثرا
فهتف بحيره:هي فين زهرة دي ..
وهذا هو السؤال الذي يحير السكرتيره
زهرة لنفسها بأرتباك وهي تختبئ أسفل سطح المكتب:لأ..أنت لازم تظهري لأما برستيجك هيبوظ أدامهم
فنهضت من تحت المكتب وهي تقول:أنا هنا ..
فتطلع الأثنان إليها بحيره وعدم فهم
هتف آسر بتوهان:أنتي كنتي تحت المكتب بتعملي إيه
أجابته وهي تزيغ بصرها عنه بأرتباك:كككككنت ..كنت ..كنت بجيب نضارتي اللي وقعت علي الأرض ..إيه عيب ولا حرام
فصدرت ضحكات بسيطه من السكرتيره صفاء
ولذلك رمقها آسر بنظره مخيفه جعلتها تتوقف عن الضحك فهتف بصرامه لها:خلاص روحي أنتي وأجلي ملفات الصفقه لبعدين
أومأت له السكرتيره بطاعه ثم خرجت وأقفلت باب المكتب خلفها
وقد أبتعدت زهرة عن المكتب قليلا وآسر أقترب منها حتي صار قبالتها تطلع بغضب لمظهرها
ثم هتف والغيره تنهش قلبه:إيه ده.. إيه اللبس اللي أنتي جايه بيه ده..
أجابته وهي تزفر بملل:ماله لبسي ما كل الناس بتلبس زيوه..
أحمرت عيونه وأشتعلت أنفاسه وهتف بها بغضب :ماله أزاي أنتي مش شايفه..صدرك طالع كله بره يا هانم
قال الأخير وهو يشير بأصبعه إلي منطقة الصدر
فعلي الفور تطلعت إلي صدرها بصدمه ورفعت التوب عليه وهي تقول :التوب بيتزحلق والله ..
ثم أزاحت أصبعه وقالت وهي تصك أسنانها بغيظ: وبعدين بقي أنت وقح وقليل الأدب ..عن إذنك
أستوقفها هاتفا بخشونه:أستني
فتوقفت وهي توليه ظهرها بغضب هامسه بنفاذ صبر :يا نعم ..
أقترب منها حتي وقف أمامها
تطلع لعيونها المتمرده بثقه ثم أمتدت أصابعه لأذرار السترته التي ترتديها أبتعدت عنه لتتجنب أن يلمس سترتها
لكنه بعناد قربها منه وأوقفه أمامه بثبات ثم أقفل أذرار الستره فواري خلفها فتحة الصدر والعنق التي كانت تثير غضبه وغيرته وهو يقول بوقاحه :شكلي كده هروح معاكي في كل مره تجيبي فيها لبس عشان أختارلك علي مزاجي ..بدل الميوهات البكيني اللي بتلبسيها دي ..
كان يقصد أن يقول لها تلك الكلمات..
أغتاظت منه وأزاحته عنها وهي تهدر به بشراسه :أنت قليل الأدب .
وكادت تذهب عندما أحاط خصرها بذراعه الأيمن وقربه منه أكثر
هامسا وأنفاسه تلفح بشرة وجهها وطول عنقها :بس كل دقه في قلبي بتنبض ليكي وعشانك ..
ثم تطلع لعيونها بثقه من تأثير كلماته عليها وأبتسامه ماكره تشق جانب وجهه لتظهر غمازتيه التي سحرت عيونها
تأثرت بقربه الشديد وأصبحت كالعجينه بين يديه يفعل بها ما يشاء
وعندما أدرك ذلك قرب وجهه منها ببطئ وهي كانت تغمض عيونها رويدا رويدا
حتي كادت شفاهه تلامش شفتيها الوردتيتين
عندما توقف في آخر لحظه وقال:جيتي الشركه ليه؟؟
ففتحت جفنيها وهي تتطلع لبوبؤ عينيه بصدمه هامسه بذهول:هااااا
ثم حال بريق عيونها للغضب وهي تدرك من نظرات عيونه وثقته المتناهيه أن هذا فخا قد نصبه كما تنسج خيوط العنكبوت
فأبعدته عنها وهي تقول بغضب:مفيش
ثم تحركت لتبتعد عنه وبعدها تخرج من المكتب وتتخلص من غروره الذي يقتلها
لكنه أوقفها وهو يمسك بمعصم يدها هاتفا:فكرتي في موضوعنا
بأقتضاب قالت وهي توليه ظهرها:لأ
فأبتسم بثقه ووقف أمامها قائلا : أنا عارف أنك جيتي عشان تبلغيني قرارك..ها نقول مبروك ..
كتفت ذراعيها أمام صدرها وهتفت وهي تركز بصرها لعيونه هاتفه بثبات دون أن يرمش جفنها:مش موافقه ..
فأبتسم بعنجهيه وهو يقول:يبقي نقول مبروك
تطلعت إليه بحيره وعدم فهم وطالت النظر إليه ثم قالت وقد فاض صبرها من كتلة البرود تلك الواقفه أمامها:أنت مجنون يا أبني بقولك مش موافقه ..
قالتها وهي تشير بكفها إليه علي إشارة الجنون
فأمسك بمعصم كفها هذا وهو يقول:هو أنا مقلتلقيش أن أنا لما طلبت أتجوزك كانت دي موافقه مبدئيه منك علي أساس يعني أنك عرفتي الموضوع وكده ..أه النهارده جهزي نفسك عشان هاجي أنا ووالدي نطلب أيدك ..وأكيد أنتي عارفه هتجاوبي مامتك بأيه لما تسألك عن الموضوع ..
ثم أقترب أكثر منها وهمس بجوار أذنيها:علي فكره نضارتك اللي كنتي بتدوري عليها فوق راسك ..
ثم أعطاها أبتسامه أغاظتها وأبتعد عنها ليقترب من مكتبه فيدوس علي ذر ما هاتفا:آنسه صفاء تعالي هنا لو سمحتي
صفاء بخنوع:حاضر يا آسر بيه
وأثناء ذلك أستدار ليجلس علي كرسي مكتبه بشموخ
وعندما وقفت السكرتيره أمامه هتف لها وهو يتطلع بثقة وكبرياء إلي زهره:وصلي آنسه زهره لحد باب المكتب
يقول لها ببساطه بأن ترحل فهواه قد أرتضي ذلك
وقبل أن تذهب هتف وأبتسامه واثقه تزين جانب وجهه:هتلاقي عربية الشركه تحت في أنتظارك عشان توصلك للبيت ..
كادت تتكلم وترفض لكنه قال وهو يشدد علي كلماته بثبات :مع السلامه
كما يشدد علي نظراته العنيده والمتسلطه لؤبؤ عينيها المغتاظ وكأنه يحذرها من عواقب تمردها .
فبكبرياء وأنفه خرجت من المكتب وأنفاسها تعلو غيظا من عجرفته ..
…………………….
أفنوا الليل كله في بناء الساتر تحت أضواء المصابيح والشموع
كان الجميع يساهم في البناء سواء كان طفلا او شابا أو كهلا عجوزا
حتي أشرقت أشعة الشمس علي تلك المنطقه في فلسطين
مدير أعمال خالد المنياوي ومن معه كانوا يقفون في صفوف المتفرجين يراقبون ما يفعله أهل فلسطين ومعهم وليد بصمت ..
قبل طلوع الشمس ذهب نضال وأثنان معه لتتفيذ المخطط المتفق عليه ..وبالفعل تمكن من مهمته بنجاح عندما حدث هرج ومرج داخل مستنقعات العدو
وأصطف العساكر الأسرائليين أمام قائدهم الجنرال ويسي
الذي ما أن سمع خبر تفجير مخزن البارود التابع لهم حتي ثار غضبه وتحرك أمامهم بغيظ
هادرا:هل أنتم أغبياء لتلك الدرجه كيف تسمحون لحشرات مثلهم بأن يفجروا المخزن ؟
كيف تمكن ثلاثه من الفلسطينين التسلل لداخله دون أن تشعروا بذلك ..؟
هيا أريد منكم معرفة هوية هؤلاء الثلاثه وأعتقالهم علي الفور ..واحضروا لي الفلسطيني الذي يمدنا بالمعلومات عنهم
لكن قاطعه صوت طرقات علي باب مكتبه فأذن للحارس الأسرائيلي بالدخول
هتف القائد الأسرئيلي للجنرال بعد أن أدي التحية العسكريه:سيدي الشاب الفلسطيني التابع لنا يريد مقابلتك
كشر الجنرال ويسي عن أسنانه بأبتسامه خبيثه وهتف:جيدا أنه جاء من تلقاء نفسه كنت سأرسل إليه علي كل حال ..
ثم أمر بخروج العساكر وأنقاد الجميع لأوامره
وأدخل الحارس الخائن الفلسطيني إلي الجنرال وأقفل باب المكتب خلفه كما أمر..
الجنرال وهو يتطلع إلي الواقف أمامه بثبات ثم هتف:هل لديك أي معلومات جديده عن فرقة المقاومه..
الشاب وهو يبتسم بمكر :نعم لقد علمت بمكان مخبئهم السري ..
فأرخي الجنرال ظهره للخلف قليلا وهو يتنهد بأريحيه ..
…………………….
حاول أن يتصل بها ولكن في المكان الذي يقف فيه لا توجد شبكه
فأبتعد عن الكهف قليلا وتوغل لداخل الغابه القريبه من الكهف
حتي ألتقط هاتفه إشاره في مكان ما بجوار جدول صغير (بحيرة مياه) داخل الغابه
جلس قريبا من ذاك الجدول
وبعث إليها برساله نصيه
أتاها رنين يعلن عن تلقي هاتفها رسالة من أحدهم وباتت تعلم جيدا من هو قبل أن تري المرسِل
هي أشتاقت إلي رسائله فمنذ يومان وهو لم يرسل إليها أي رساله ..وهذا ما جعل القلق يتسرب لكل أوردة قلبها
فعلي الفور ركضت بأتجاه الهاتف وألتقطته من علي السرير وبسرعه فتحت الرسائل لتقرأ نص رسالته والتي تتضمن تلك الكلمات
أفتحي الكاميرا عشان عايز أتكلم معاكي ولو مش عايزه تشوفني غطي الكاميرا بأي حاجه بس أرجوكي أسمعيني لأني محتاج أنك تسمعيني ..
بعد تفكير أخذت نفسا عميقا ونفذت ما قاله لكن قد غطت الكاميرا كما قال فيبدوا أنها لا تزال لا تريد رؤيته
ولكن يكفيه أن يعرف أنها تسمعه
فأبتسم وبدأ يسترسل بحديثه :سلمي
وقد لانت ملامحها وتعالت دقات قلبها وهي تسمعه ينطق بأسمها ..كم أشتاقت لذلك
فأكمل:أنا يمكن في الأول محبتكيش زي ما أنتي حبتيني كل اللي كان يهمني وقتها أني أكسىر غرورك وتكوني مجرد رقم في دفتر مغامراتي
وقد تشنجت ملامحها بالغضب عندما تذكرت تلك اللحظات وكادت تغلق في وجهه
عندما قال:بس ..بس وليد اللي أنا كنت أعرفه مبقاش ليه وجود الوقتي ..لما الظروف بتخلق أدامنا فرص عشان نتغير لازم الواحد يمسك بالفرصه دي لأنها لو ضاعت هنكون خسرنا نفسنا معاها ..وأنا أتمسكت بالفرصه دي لما القدر بعتهالي وده لأني تعبت ..تعبت من حياتي اللي مكنش ليها لا قيمه ولا هدف ..وحبي ليكي هو قواني هو اللي خلاني أدرك أني فعلا حابب أتغير عشانك قبل ما يكوني عشاني أنا .. صدقيني ..أنا فعلا بحبك بحبك من أول لحظه أتمردتي فيها عليا وأتحدتيني ..يمكن لما عملت معاكي كده كنت أقصد أني أفوق نفسي من حبك أيوه أنا بحبك يا سلمي ولو ربنا قدر أني أرجع ليكي وأنا لسه حي ..فأنا هصلح كل حاجه ..وهعمل المستحيل عشان تغفريلي غلطي وذنبي الكبير معاكي ..وأنا واثق أنك هتسامحيني لأنك لسه بتحبيني ..أنتي مراتي يا سلمي مراتي ادام ربنا …
بكت ارتمت علي السرير تبكي
وصوت شهقاتها وصل لمسامعه فأوجعه ذلك فتسللت دموعه هو الآخر علي خديه
أرادت أن تسأله عن مقصد كلماته عندما قال (لو ربنا قدر أني أرجع ليكي وأنا لسه حي)
لكن شئ ما ألجم لسانها وربطه عن الكلام فصمتت تستمع إليه بكل جوارحها
لكن فجأه دوي صوت الرصاص في الكهف القريب أي أن الصوت قادم من ناحية أصدقائه
فنهض وعلي الفور قال كلماته تلك (سلني أنا مضطر أقفل الوقتي )ثم أقفل الحديث تماما وركض بأتجاه أصدقائه وهو لا يفهم سبب الأطلاق الناري ..
وهي قد نهضت فزعه عندما سمعت صوت إطلاق الرصاص من عنده
وأرتعبت أكثر عندما أنهي حديثه عقب الأطلاق الناري مباشرة
صرخت برعب ودقات قلب متهالكه من شدة القلق عليه:وليد وليد ..
وأتصلت به مرارا وتكرارا لكن الهاتف مغلق أو خارج نطاق الخدمه
فألقت الهاتف علي السرير بغضب وأقتربت من خزانتها لتبدل ملابسها ثم تذهب لتبحث عنه في كل مكان تتوقع أن يكون فيه ..
……………………..
اما وليد فأقترب من أصدقائه في المقاومه والذين تجمهروا خلف الساتر وهم يمسكون بالأسلحه والذخيره التي أخذوها من مخازن العدو ..
وليد بتساؤل:هو إيه اللي بيحصل وإيه صوت الرصاص اللي سمعته من شوية
أقترب منه نضال بعيون يملوؤها العزيمه والثبات:دي اللحظه اللي كنت بتستناها عشان نواجه أعدائنا ..
ثم القي إليه بسلاح (مسدس)ليلتقطه منه وليد بثبات وعيون مدمره ..
ليهتف نضال للجميع والغضب يفتك بكل أنشا في جسده:يلا يا شباب أعدائنا أجو لهون برجليهم خلينا نكون أسود ونحاربهم لننتصر عليهم ..
فرفع الجميع سلاحه وهم يصرخون بصوت غاضب ثائر في نفس واحد:نعم راح ننتصر عليهم ..
نضال وهو يصرخ بجموح وأسد ثائر:الله أكبر بسم الله راح ننتصر عليهم
فردد الجميع وراءه:الله أكبر بسم الله راح ننتصر عليهم
ثم أخذ كل واحد منهم موقعه وتبادل أبطال المقاومه الفلسطينيه إطلاق النار مع العساكر الأسرائليين ..
بعد مرور وقت من تبادل إطلاق النار
هتف الجنرال ويسي قائد الحمله عبر الميكرفون إلي شباب المقاومه : كفوا عن هذه الحماقه وسلموا أنفسكم لنا ونعدكم أننا لن نمسكم ..
فجاوبه نضال وهو يعلي صوته كي يسمعوه:أنتم أيها الأسرائليون لا دين لكم..لن نقع في فخ وعودكم الكاذبه ..سنظل نناضلكم ونقاومكم حتي أخر نفس ..حتي ننحرر بلادنا منكم …
غضب الجنرال ويس وأمر بأحضار الصواريخ والقذائف
وأول قذيفه أُطلقت نحو الساتر جعلت الساتر يرتج
فأبتعد الجميع عنه قليلا خشية أن يتهدم فوق رأوسهم
لكن نضال أمر كل شخص بالعوده إلي موقعه وفورا أخذا كلا منهم موقعه
والمصابين بالرصاص كانوا يضعونهم علي حماله ثم ينقلوهم لداخل المنزل فتهتم النساء بأسعافهن
صرخ تميم وهو يري علم فىسطين الذين غرزوه عند قمة الساتر أوشك علي الوقوع
وبدون تفكير كاد تميم أن يتسلق الساتر ليثبت العلم في مكانه
فصرخ به نضال ألا يفعل حتي لا تصيبه رصاصات العدو
لكن سبقه إلي ذلك طفلا صغير في سن العاشره
أسمه زار طفلا يغار بشده علي وطنه ولا يسمح لأيا كان بأهانته ..طفلا عاش عمره رجلا بين دنيا الذات والأنانيه
أمره نضال بأن يتوقف لكنه لم يرضي أبدا بأن يسقط علم فلسطين علي الأرض عند أقدام هؤلاء الكفره
وأثناء قيامه بذلك أصابته رصاصه غادره ليسقط بعدها ضحية لانانية وجشع البشر
ويلتف الجميع حوله متأثرين وقلوبهم تدمع قبل أعينهم
فهمس الطفل نزار بتلك الكلمات قبل أستشهاده مباشرة
قال والأبتسامه تزين وجهه:كان بدي أعيش لأشهد حرية وطني من هدول الصهاينه ..
لتصعد بعدها روحه الطاهره إلي بارئها ..
فيأتي الشباب ويحملون جسد الشهيد علي الناقله ويدخلونه إلي حيث والدته جسدا فقط بدون روح…
ويستأنفوا الجهاد في سبيل الوطن من جديد فلو أن حزنهم علي فقيد يوقفهم عن جهادهم لكانوا توقفوا منذ عصور ..
أمرهم نضال بحزم:هيا أرموا بالقنابل عليهم
وبالفعل نفذوا ذلك
لكن الأسرائلين توقعوا ذلك ونظرا لتطور أسلحتهم فقد أتو بدبابه مضاده للقنابل والمتفجرات
فأرتدت القنابل علي الساتر لتدمر منه بعض الاجزاء تاركه فيه تجاويف تمكن العدو من أختراقها والتسلل إلي شباب المقاومه
……………..
مشي تائها في طرقات المشفي وعقله يكرر علي مسامعه آخر كلمات الطبيب إليه : العلاج العادي مش جايب معاها نتيجه لازم نخضعها للعلاج الكيماوي قبل ما الوقت يفوت ووقتها لا ده ولا ده هيجيب معاها نتيجة ..
مروان والدموع تملئ مقلتيه:طب أقولها إيه ..أقولها أني هاخدك المستشفي تتعالجي بالكيماوي عشان مجرد ضعف في جسمك ..أكيد مش هتصدق
الطبيب :يبقي خلاص قولها الحقيقه وده هيكون لصالحها عشان نعالجها بدري ..بس في خلال الفتره دي لازم تبعد عنها أي أنفعالات ..مش مسمحوح بأنها تحزن أو تبكي حتي …لان كل ده لو حصل هيأثر عليها بشكل سلبي
….
كيف يخبرها ..بل كيف توايه الشجاعه لأخبارها بحقيقة مرضها ..
لكن يجب أن يفعل ذلك لأجلها ..لأجل ان تُعالج وتعود كما السابق …
وأيضا يجب أن يبعد غالب عنها فهو سبب حزنها والطبيب حذره من أن تتعرض لأي أنفعالات مهما كانت
لذا سيأخذها بعيدا ويسافر …لكي تتلقي العلاج بهدوء ودون أي أنفعالات ..بعيدا عن غالب وحماقته فتلك المره عادت إليه بعافيتها لا يضمن في المره القادمه ما ذا سيحدث لها ..
ف غالب طائش ومغرور وسريع الغضب والعصبيه ولو بقيت جواره فمن الممكن أن يقتلها ..يقتلها بقلة صبره وعنفوانه ..
بداخل الغرفه التي بها نداء
حيث الأجهزه المحيطه بها والتي توجع قلبه وهو يراها هكذا ..
جثي علي الأرض أمام جسدها المسجي علي السرير وأحتضن راحة كفها وقربها من شفتيه ليلثم باطنها بقبله عميقه وهو يغمض عيونه بألن وجع وندم
وخلفه كان يقف والده وهو يري حزن ولده بعجز ووجع
همس وهو يتمسك براحة يدها خشية أن تضيع منه ويتطلع بوجع لملامح وجهها الساكنه:أنتي وعدتتي أنك مش هتسبيني ..وعدتني أنم هتفضلي جنبي ..
وأنتي دايما بتوفي بوعودك عشان أنتي نداء
جعلتيني أعشقكي إلي حد الجنون ..
حفرت أسمكي علي قلبي وزرعت صورتكي بين العيون
وأصبحت لا أري ولا أتنفس غيركي ..وأصبحت بكي مفتون ..
أبدا لاأنكر حبي ولا أخفيه عنك ..
ولن أعشق غيركي ولا أتمني فك أسري منك ..
أقترب منه حاتم وربت علي كتفه بمواساه عل ذلك يخفف من نبض قلبه الملتاع
وعندما وصل مروان ورأي غالب بحوار أبنته وصل الغضب لأعلي رأسه
وبخطوات ناقمه أقترب من غالب ليفرق بين الحبيبين فيبعد كف نداء عن يده
ويهتف بشراسه تخفي خلفها الكثير:أنت ليه مش قادر تفهم ..أبعظ عن حياة بنتي ..سيبها في حالها ..كفايه أنك كل مره بتبقي السبب في أنها ترقد الرقده دي ..أنت إيه هتفضل الكابوس اللي مسود حياتنا..أخرج بقي من حياتنا وسيبنا في حالا ..
كل هذا أغضب خاتم فهو في كل مره يصبر علي إهانات أهيه لأبنه علي أمل أن يتعقل ويدرك خطأه ..لكن في كل مره يزداد ويخرج عن طور هدوءه والضحيه تكون ولده غالب الذي يسمع بصمت ..
لكن هو لن يحتمل إهانة أبنه مره أخرج فأقترب من مروان وهتف:كفايه ..كفايه إهانات ..أنا مش هفرض أبني علي بنتك يا مروان ولو أنت مش عايز العلاقه دي تستمر فأنا كمان مش عايزها سكوتي عليك طول الوقت اللي فات مكنش ضعف مني بالعكس ده كان أحترام ليك ..بس أنت في كل مره كنت بتهين فيها أبتي كنت بتقلل فيها من أحترامي أنا ..بس من اللحظه دي انا مش هسمحلك بكلمه زياده ضد أبني ..
ثم تطلع لغالب وهتف بصرامه :يلا يا غالب ..يلا نمشي من هنا ..
لكن غالب تسمر في مكانه رافضا تماما لحديث والده
فأقترب منه حاتم وكاد يخرجه من الغرفه قسرا عندما أمتد كفها المستكين إلي غالب لتحضن راحة كفه بوهن وعينها بدأت تنفتح بضعف رويدا رويدا ..
فتطلع الجميع إليها بصدمه ..

يتبع…

الفصل الأربعون

تعالت دقات قلبه وهو يشعر براحة كفها الممسكه بكفه فأقترب منها فورا ثم همس وهو يميل بجذعه إليها وعيونه تتأمل كل تفصيله في وجهها:نداء أنتي سامعني صح ..
فأومأت له بضعف ثم أبتلعت ريقها وأغمضت عيونها بوهن وهي تزيد من أحتضان كفه بين أناملها الواهنه
ثم همست بتأوه وهي بالكاد تتطلع لملامحه القريبه منها :متسبنيش وتمشي ..أنا أنا محتاجلك
وهو ألتاع للألم في نبرة صوتها فهمس بحب وهو يلثم باطن كفها بقبله عميقه :مش همشي ..مش هسيبك أبدا
قال كلماته وهو يتطلع لعمه الواقف جواره بثبات وتحدي
أما مروان فمسح علي وجهه بحزن وأستدار ليخطو خارج الغرفه
خطواته كانت بطيئه متمهله ..والدموع لم ترحمه فسالت علي وجنتيه فهو لا يستطيع أن يبكي أمام أبنته .
أستوقفته هامسه:بابا
فتوقف ومد أنامله بسرعه ليمسح الدموع التي لطخت ملامح وجهها حتي لا تراه نداء بتلك الدموع وذلك الضعف الأبوي فتتألم ..
أستدار إليها يتطلع لبريق عيونها بأبتسامه زائفه ..
بادلته نفس أبتسامتها الصافيه البريئه التي رافقتها منذ طفولتها وحتي الآن
ثم همست:قرب مني يا بابا ..
وأقترب منها حتي صار يقف جوارها من الناحيه الأخري برأس مطأطأ وحزن دفين
فمدت راحة كفها الآخري لتحضن كفه وتشده كي يجلس بجانبها علي طرف السرير
فجلس
وهي حاولت النهوض بكل قوتها وألقت خلفها كل ذلك الضعف ساعدها في ذلك غالب الذي كان يخفق قلبه رعبا لأجلها وخوفا عليها
حتي أعتدلت في جلستها وببطئ مالت بجزعها لتختبئ في أحضان والدها وهي مازالت تتمسك بكف غالب
همست وهي تريح رأسها بجوار قلبه :لو قلتلك أني سعادتي هتكون معاه وأن هو الوحيد اللي قلبي بيدق ليه هتوافق أننا نكون لبعض وهتصمم علي قرارك ..أنا حابه أني أقضي بقية عمري مع غالب ..بس ..بس لو أنت رفضت أوعدك أني مش هعصاك ..
عندها تطلع غالب وحاتم إليها بصدمه
ثم همس غالب بوجع:نداء ..
أبتسمت وجنتيها وهي تكمل بقناعه:عشان حضرتك أغلي علي قلبي من سعادتي وفرحتي ..مستعده أتخلي عنهم عشان تفضل راضي عني ..لأني مهما لفيت مش هعرف أعوضك …يا بابا ..
وصمتت تنتظر إجابته
أما غالب فتمسك أكثر بكفها وكأنه يرجوها ألا تفعل ذلك
وقلبه صار يدق بشده ويشعر بخوفا أشبه بخوف فتاه معلقه بين السماء والأرض تخاف أن تفلت القشه التي تتمسك بها فتطيح لأسفل سافلين ..
فهو يدرك تماما قرار عمه لذا أغمض عيونه بصمت وألم ينتظر إجابته التي يحفظها عن ظهر قلب
وكأنه ينتظر موته
حاتم راقب الموقف بصمت وترقب ..
……………..
بحثت عنه في كل مكان تتوقع أن يذهب إليه ..ولم تجده فسئلت أقرب الأصدقاء إليه ليخبروها أنهم لا يعرفون عنه أي شئ منذ مده طويله
أتصلت به لكن جواله مازال خارج نطاق الخدمه
زفرت بضيق ورفعت يدها لمقدمة رأسها وصداع فظيع يفتك برأسها
………..
جالسه في غرفتها تري عبر زجاج النافذه تلك العصافير التي تقطن فروع الشجر وتطرب الكون بجمال زقزقتها
ساهمه وعيونها الأليمه لم تهدء عن الدمع منذ رحيل نضال ..
نهضت وأقترب بخطي واثقه من خزانة ثيابها
أخرجت منها صندوق خشبي متوسط الحجم مصنوع من خشب الأبنود
ثم تراخي جسدها علي السرير ووضعته أمامها
فتحته لتخرج منه ذكريات الماضي ..صور لعائلتها الصغيره وقد ترك الزمن علامته علي تلك الصور
نثرتها أمامها لتجول أعينها علي كل صوره تتأملها جيدا
حيث وراء كل صوره ذكري ..حكايه جميله قد نسجها الزمن
ودمعت عيونها وهي تتأمل قسمات وجهه في الصوره خيث أبتسامته الصافيه فتلمست أصابع يدها ملامحه بأشتياق ودموع بائسه
ترجع بعقلها للوراء ليمر علي بالها ذكري تلك الصوره
عندما كان طفلا ..
فلاش باك
عاد من مدرسته فنادي علي والدته وهو يتجه للمطبخ فيخبرها بأنه عاد
فتلك هي عادته
ظنا منه أنها في المطبخ مثل كل مره يعود فيها فيجدها تعد لهم الطعام..
لكن أتاه صوتها من غرفة النوم
فذهب علي الفور للغرفه ووجدها تسترخي علي السرير
وهي تتأوه من ألم ساقها التي تمدها أمامها علي السرير
فأقترب منها وهمس بقلق:شو بك أمي ..
لتجاوبه بأبتسامه:مفيش شويه ألم وهيروحوا لحالهم بعد ما أحط المرهم ده..
جلس جوارها وهتف بحنان :ولو أمي هتحطي بلسم وأنا موجود أنا هعملك مساج حتي يهدئ ألم ساقك ..
وبالفعل شرع في فعل ذلك
فهمست فكريه (والدة نضال) وبريق عيونها يلمع بحب وهي تري حنان ولدها وطيبة قلبه معها :أكيد جاي تعبان من المدرسه روح أوضتك أرتاح وأنا هحط المرهم وأبقي كويسه..
فقال بتلقائيه:كل تعبي عشان عيونك يهون أمي لو أنا ما بخدمك مين بده لكان يخدمك ..وحتي أنا قررت أني لما أمبر راح أكون طبيب حتي أعالجك لما تتألمي ..
فربتت بيدها علي رأسه وهي تهمس بحب أمومي :ربنا يحفظك ليا وتفضل طول العمر سندي وأماني ..
باااااك
فتحت عيونها لتحتض الصوره بكلتا يديها وتهمس بأنين ووجع:آه آآآه يا أبن عمري ..آآه ..
ثم أنخرطت في بكاء مرير
………………….
تمكن بعض العساكر الأسرائلين من تخطي الساتر من خلال التجاويف التي تمكنت منها دبابات العدو
وفور أن أقتحموا الساتر شنوا هجومهم علي رجال المقاومه
فأُستشهد البعض آثر ذلك وأصيب البعض
فالعدو لا يمتلك أسلحه بدائيه وحسب كما الفدائين بل يمتلكون رشاشات هائله تقتل الخصم بلمح البصر
وتمكن خمسه من العساكر الأسرائلين محاصرة أمجد الذي لم يخضع لهم ولم يستكين فأنقض علي أحد الخمسه ولكن الأربعه الآخرين قاموا بضربه بوحشيه علي رأسه بمؤخرة السلاح الذين يحملونه حتي سالت الدماء من مقدمة جبهته
فسقط علي الأرض وهو بالكاد يري أمامه حيث كانت الرؤيه مشوشه تماما أمام عينيه
عندها صرخ تميم وهو يراه يسقط علي الأرض :أمجد
ولم يأبه بوجودهم فركض نحوه ومال عليه وهو يصرخ بأسمخ بقلق:أمجد أمجد ..
لكن من شدة وقسوة الضرب علي رأسه مات من فوره
رفعه تميم من علي الأرض وقربه من صدره يحتضنه بعمق وهو يصرخ بأنين وألم :أمجد ..أمجد ..أمجد يا صديق عمري جاوبني ..قلي أنك ما روحت وسبتني
والدموع الدموع ..دموع الأنكساد ..دموع الفقدان ..دموع الوجع ..
ثم تركه وتطلع بعنف لأعينهم الماكره وبدون تفكير هجم عليهم وهو يضرب ويطيح بهم بقوه
لكن تدخل عساكر إسرائلين آخرين وفورا قبضوا علي تميم وقاموا بتقييد ذراعيه بالأصفاد وراء ظهره
كأنه إرهابي مثلا ..
ثم أخذوه للجنرال يوسي والذي بالطبع سيستخدمه طعما
أقترب مجد من نضال وقال له ورأسه مطأطأ من الحزن:نضال الأسرائليين أقتحموا الساتر ..ومسكوا تميم ..وكمان
ثم صمت
عندها تطلع نضاب إلي مجد بصدمه ثم هتف:أحكي مجد ما تسكت
أمجد وعيونه تبكي من القهر:وكمان أمجد أُستشهد
زادت خفقات قلبه وهو يرجع بخطواته للخلف ..ثم سالت الدموع علي خديه بتأثر وحسره علي صديق عمره
اما وليد فكان منشغل بأطلاق الرصاص علي العساكر الأسرائليين
كان أفراد المقاومه يسقطون واحد تلو الآخر بسبب رشاشات العدو التي لا ترحمهم
حتي بقي عدد قليل من الشباب مع مجد ونضال ووليد
وحدث كالمتوقع فالجنرال ويسي فعل المكر واللئم الذي يجري في عروقهم
فجعل العساكر يغطون عيون تميم بقطعه قماش
ثم أجبروه علي أن يجثو علي ركبتيه في مواجهة رصاصات أصدقائه وذراعيه مقيدان وراء ظهره
ثم هتف الجنرال ويسي لأفراد المقاومه وهو قريبا من تميم ويصوب الأسرائلين أسلحتهم تجاه رأسه
طبعا الجنرال هو من أمرهم بذلك بمنتهي الدهاء
قائلا والمكر يملئ أعينه:إذا لم تتوقفوا عن إطلاق الرصاص فسيُقتل صديقكم أمام أعينكم ..
وصُعق الجميع عندما شاهدوا تميم أمام أعينهم وهو بذلك الوضع
لكن تميم لم يصمت وصرخ بأعلي صوته لأصدقائه:ما توقفوا قاوموهم لآخر نفس ..وما تهتموا أبدا بحياتي الموت عندي أهون من أحتلالهم ..
فضربوه الاسرائليين بقوه علي منحني ظهره حتي كاد يطيح علي ألأرض
عندها صرخ مجد بأسم تميم وكاد يذهب إليهم لينقذ صديقه من بين براثنهم
لكن وليد منعه وهو يمسك به بقوه
فهدر به مجد بأن يتركه لكن وليد أبي فهو بذلك سيودي بنفسه للهلاك
ثم سمعوا قرار الجنرال وهو يقول:اذا كنتم تريدون إنقاذ صديقكم وأنفسكم سلموا لي ذلك المدعو نضال ..وأعدكم بأننا لن نؤذيه ..
فصمت ينتظر جوابهم ..
وليد لنضال:متسمعش كلامهم يا نضال دا أكيد فخ ..أنت عارف ان الأسرائلين ملهومش وعود دول خونه والمكر بيجري في دمهم
نضال بثبات وشجاعه تطل من بريق عيونه:بس صديقي حياته متوقفه عليا وأنا لازم أنقذه
وكاد يتحرك
عندما تجمهر حول أصدقائه في المقاومه
مانعين إياه من تهوره
هتف أحدهم:لو بدهم نضال فأنا بكون نضال وراح أطلعلهم..
وهتف آخر:وأنا كمان نضال ..
وهكذا قال كل شخص في المقاومه ..
فقال مجد:صح ما لازم أبدا يكمشوك يا نضاب لأن أنت صوت وحماس كل فلسطيني..
فأكمل الجنرال ويسي عندما طال أنتظاره :سأعد حتي الرقم ثلاثه ..اذا لم يظهر نضال قبلها فسيُقتل صديقكم …
وبدء العد
١……..٢ ……
وقبل ان ينهي الرقم أثنان ظهر أمامهم مجد الذي تسحب من وسط أصدقائه الذين أنشغلوا بحديث الجنرال وراقبوا ما يحدث حيث لم يشعروا به وفجأه رأوه يقترب من قوات العدو بقلب شجاع وجسدا كالحديد لا تهزه الرياح
أقترب مجد من الجنرال حتي وقف أمامه هاتفا بعيون ثابته أبيه:أنا نضال
عندها أشار الجنرال لعساكره بأن يقبضوا عليه
ونفذوا أوامره فورا فقبضوا عليه شاهرين مئات الأسلحه نحو جمجمة رأسه
لكن الخائن أقترب من الجنرال هامسا بجوار أذنه:هاد ما أسمه نضال ..
عندها أنكمشت ملامح الجنرال غضبا ثم أمر عساكره بتصويب أسلحتهم تجاه صدر مجد
وزمجر بغضب :سأحذركم للمره الأخيره إذا لم يخرج نضال فسآمر الجنود بقتل هذان الشابان فورا ..
فتحرك نضال ليحرر صديقيه وعندما منعه وليد قام نضال بأزاحته وتمكن من الأفلات منه متجها نحو العدو
وقف أمامهم وأقترب منهم بخطي واثقه وعيون ناريه ثابته
حتي صار قبالتهم تطلع لصديقيه مجد و تميم
ثم تطلع بأستحقار للجنرال الأسرائيلي وهتف:أنا نضال
فتبادل الجنرال النظرات مع الخائن بمعني هل ذاك هو نضال..
فأومئ له الخائن بمعني نعم
فعلي الفور أمر الجنرال العساكر بالأمساك بنضال ..
فأمسكوا به وجعلوه يجثو علي الارض مقيدين ذراعيه خلف ظهره وهم يوجهون الاسلحه تجاهه
أقترب منه الجنرال وتطلع إليه بخبث هاتفا:أنتم بالنسبة لنا مجرد حثاله ..حشره ندهسها تحت أرجلنا..فكيف تواتيكم الجرأه لمجابهتنا ؟؟
تطلع نضال إليه بأحتقار ثم هتف بثقه:أنتم الحشره والحثاله..بل من العيب علي أن أشبهكم بشئ قيّم كهذا ..فلولا أنكم تخافون منا لما تسلحتم بأقوي وأعتي الاسلحه ..أنتم جبناء ولا مفر من هذا ..فطفل واحد منا بقادر علي ان يهشم رؤسكم أيها الاوغاد ..
كلماته تلك أغضبت الجنرال فأقترب أكثر منه
ثم بمقدمة ساقه ركل نضال عند موضع قلبه ليسقطه علي الأرض
فصرخ كلا من تميم ومجد وهم يسبون ويلعنون الجنرال ولكن العساكر خبطوهم علي رأسهم بمؤخرة أسلحتهم
ووليد لولا ذلك المدير والحارسان الذين يمسكون به ويمنعوه من الألقاء بنفسه امام العدو لكان يقف أمامهم يآذر أصدقائه
رأي بأعينه الجنرال وهو يشعر سلاحه تجاه نضال وفي اقل من الثانيه أخترفت الرصاصه الغادره صدره
رغم أنهم أعطوه وعدا بألا يأذوه
لكن متي كانت إسرائيل تفي بوعودها؟؟؟؟
رأي أمام أعينه موت صديق طفولته فهاج وهو يحاول الأفلات منهم لكنه لم يتمكن فهم بقوة الجبال
ولكي يسكتوا ثورته أمر المدير الحارسان بأعطائه الحقنه المتفق عليه فهم توقعوا حدوث مثل ذلك الموقف
فتراخي جسده وبدءت تنغلق عيناه رويدا رويدا ودموعه عالقه بين جفنيه ..ليكون آخر ما يراه قبل ان يغيب عن الدنيا
جسد نضال المسجي علي الأرض وبركه الدماء التي أنسابت حوله..
لتغيب روحه الطاهره وتصعد إلي بارئها ..
كلا من تميم ومجد صرخوا هاجوا وبكوا
لكن لم تفت لحظه حتي لاقوا نفس مصير صديقهم
ولهذا ثار الباقين فأكملوا إطلاق رصاصتهم تجاه عدوهم
وما مرت دقائق حتي كان جميع افراد المقاومه قد لقوا حدفهم فأُستشهدوا كالسابقين ..وطبعا النساء بالداخل وقعن في آسر عساكر إسرائيل..
أما المدير والحارسان الذي كلفهم خالد والد وليد بحماية ولده كانوا يركضون في الغابه المجاوره وهم يحملون جسد وليد الغائب تماما عن الوعي بسبب الحقنه المخدره
حتي أقتربوا من الطائره الخاصه الذين اتوا علي متنها والمخبأه بين الأشجار
وبسرعوا صعدوا عليها وقام الطيار بقيادتها والذي كان بأنتظارهم بمجرد ان وصلته رساله من المدير..
وهكذا أنتهت حياة نضال الشاب الفلسطيني الذي ضحي بنفسه لأجل وطنه ..
وهذه ليست حكاية نضال وحسب بل أنها حكاية كل فلسطيني لا يقبل بالذل والهوان ..
فلتحيا أرض فلسطين
فليحيا شعب فلسطين ..
ماذا نقول اذا التقينا بالرسول هنقول له ايه
هنقول له يا هل ترى شوفت اللى للأمة جرى
شوفت البشر وقلوب اشد من الحجر والشمس تشهد والقمر
صابرين على حكم القدر هنقول له ايه هنقول له ايه
انا كنت نايمة بغرفتى بحلم وحلمى فى لعبيتى
بضحك الاعب قطتى وسمعت صرخة جدتى
وجريت عليها بلهفتى ولقيت دماااار طيب اعمل ايه وبايدى ايه
ماذا نقول اذا التقينا بالرسول هنقول له ايه
هنقول له يا هل ترى شوفت اللى للأمة جرى
شوفت البشر وقلوب اشد من الحجر والشمس تشهد والقمر
صابرين على حكم القدر هنقول له ايه هنقول له ايه
حنا عرب ايوا عرب نفس العقيدة والنسب
وحروف كتاب من دهب ولما جه وقت الغضب
لقينا غزة بتغتصب سكتنا ليه سكتنا ليه
ماذا نقول اذا التقينا بالرسول هنقول له ايه
هنقول له يا هل ترى شوفت اللى للأمة جرى
شوفت البشر وقلوب اشد من الحجر والشمس تشهد والقمر
صابرين على حكم القدر هنقول له ايه هنقول له ايه
كان نفسى العب زى زمان كان نفسى اعيش لحظة امان
كان نفسى اكمل حصتى كان نفسى افرح جدتى
كان نفسى اشرف امتى وانا ذنبى ايه وانا ذنبى ايه
ماذا نقول اذا التقينا بالرسول هنقول له ايه
هنقول له يا هل ترى شوفت اللى للأمة جرى
شوفت البشر وقلوب اشد من الحجر والشمس تشهد والقمر
صابرين على حكم القدر هنقول له ايه هنقول له ايه
ليه بتظلموا كلمة سلام طب ماحنا عايزين السلام
لكن الجبان هو اللى خان قتل المؤذن والأذان
حرق الزيتون دبح الحمام
دم الشهيد بعتوه بكام بعتوه بكام
ماذا نقول اذا التقينا بالرسول هنقول له ايه
هنقول له يا هل ترى شوفت اللى للأمة جرى
شوفت البشر وقلوب اشد من الحجر والشمس تشهد والقمر
صابرين على حكم القدر هنقول له ايه هنقول له ايه
…………….

يتبع…

الفصل الحادي والأربعون

منذ أن سمعت بأن الطائره التي تحمل وليد وأبنها نضال علي متنها حطت أرجلها علي أراضي المطار وقلبها يتهافت كطير محلق ..
لا تصدق أنها ستري أبنها وهو حيا يُرزق أمامها ..ستراه يبتسم من جديد يبث إليها كلماته التي تثلج قلبها وتهدئ همساتها …
وأخيرا أستجاب لها رب الكون والوجود ..أخيرا سيرتاح قلب أمومتها ..وهذه المره لن تتركه أبدا ..
وكانت مريم أبنتها وأخت نضال تجلس جوارها تنتظر قدوم أخيها بفروغ الصبر كوالدتها
فأبتسمت بفرحه وهي تهمس لوالدتها:أن أول ما أشوف نضال هترمي في حضنه واعيط وأترجاه أنه ميسبناش مره تانيه..عشان أنا محتاجله ..محتاجه لوجوده جنبي ..
قالتها وهي تمسح الدموع المترقرقه علي وجنتيها
إلي أن سمع الأثنان صوت زامور سياره بالأسفل ..
وهنا أطاحت الفرحه في قلبيهما وغردت قسمات وجههما بالبشر وتلك النبضات تعالت لتدق كطبول ..
فهمست فكريه وهي تنهض من علي الاريكه بفرحه غامره وتتطلع لعيون أبنتها :وصل ..أخوكي وصل
وبسرعه ركضت بأتجاه باب الغرفه لتفتحه وتسابق درجات السلم الرخاميه لتصل بأقصي سرعه إليه لتراه لتشبع روحها من ملامحه وتهدئ نبض قلبه بوجوده
ومريم أيضا تهافتت خلف والدتها لتري المنتظر
لتري الغائب عن عيونهم والحاضر في قلوبهم
حتي وصلت لتجد عنايات زوجة أخيها تحتضن وليد بعمق بعد أن سبقها خالد في ذلك وأبتعدت عن وليد الذي لم يبادل والده وأمه حضنهما بل كان يقف كالصنم متسمرا في مكانه
وبريق عيونه خاوي من أي مشاعر بل أن الذهول وعدم الحياه هو من يتملك تلك المستديرتان
كأنه فقد روحه وأتي إلي هنا بدونها ..
أقتربت منه فكريه وهي تتلفت في الوجود عن أبنها ولكنها لا تتبينه ..فأرتسم القلق علي محياها لكنها تحاهلت ذلك الوساس الذي راود قلب أمومتها مذ أن رأت ملامح وليد المتجهمه
فوقفت أمامه رفعت كفيها لتحتضن وجهه وهمست وهي تتعمق النظر لبؤبؤ عينيه:فين نضال ..
عندها أشاح بوجهه يداري تلك الدموع التي أنهمرت من مقلتيه بمجرد أن ذكرت أسمه..
رد فعله هذا أرعبها فأبتلعت ريقها بتخوف وأدارت ووجهه إليها براحة كفها
أغمضت عيونها وهي تحاول التماسك ثم همست بأبتسامه تعكس مدي خوفها وقلقها:أنت قلت أنك مش هترجع إلا ونضال معاك ..أيوه أنت وعدتني بكده ..فين نضال ..هو لسه قاعد في العربيه..طيب أنا هطلعله وأقوله يدخل
وكادت تتحرك لتخرج عندما أمسك بمعصمها
فتوقفت تطلعت إليه ..إلي عيونه التي تخبرها بأفظع كوابيسها لكن هي ترفض التصديق بل قلب أمومتها يخبرها بعكس ذلك
حتي وهو يهز رأسه بالنفي بمعني أن لا تخرجي فأنتي لن تجدينه مهما فعلتي..
فهمست وهي تقترب من أبنتها التي تقف وتبكي بوجع ..
:مريم ..قولي ل وليد يبطل هزار ..قوليله ان أنا أنا معتش قادره أستحمل هزاره زي زمان ..
فوجدتها تبكي وهي تطأطأ رأسها لأسفل
فصرخت بها:أنتي بتعيطي ليه..هو ده عزا عشان تعيطي
ولكن ذلك الصراخ مازاد مريم إلي دموع تسبقه شهقات تقطع نياط القلب
فأقترب منها ووضعت أصابع كفها علي فم مريم تكتم بكاءها هامسه :أسكتي متعيطيش ..الدموع دي فال وحش علي أخوكي وأنتي قولتيلي أنك هتترمي في حضنه اول ما تشوفيه ..هو هييجي ..هييجي عشان أنا عايزاه ييجي ..عشان أنا نفسي أشوفه..ملحقتش أشبع منه في آخر مره شوفته فيها..بس المره دي بقي أنا مش هسملحه يبعد عني تاني ..مش كده ..مش كده يا مريم مش انا وأنتي هنمنعه يمشي تاني ..
مريم ببكاء:ماما أرجوكي كفايه كفايه ..
لكن فكريه تجاهلته وتوجهت تقترب من وليد حتي صارت تقف قبالته
ورأت ..رأت تلك الدموع المتسلله من مقلتيه
فمدت أصبعها الأبهام إليه لتنتشل تلك الدمعه وتقربها منها لتبحلق فيها
ثم تنظر إليه لتقول :أنت كمان ..أنت كمان بتعيط زيها ..
صمتت وهله لتكمل :وليد بطل بقي وقولي مستخبي فين ..مستخبي هنا ولا في الجنينه ..ولا أقولك أنا هنادي عليه وهو لما يسمعني بنادي عليه هيجيلي ..
ثم بدأت تنادي وهي تتلفت عليه في كل مكان بداخل الفيلا
:نضال …نضاااال يا حييبي تعالي ..تعالي لحضني ..تعالي أخبيك جوه حضني ..أخبيك من شر نفوس الناس تعالي يا عمري تعال ليا وأنا هحميك ..هحميك منهم ..تعالي لأمك اللي بتخاف عليك اللي بتتمني تشوفك أحسن واحد في الكون ..تعالي لأمك اللي أتحرمت منك ومن حنيتك عليها من وقت ما سافرت وبعدت عنها..بس ..
صمتت لتمسح عنها دموعها ثم أكملت:بس أنا مش هسيبك تاتي ..مش هسيبك تروح مني يا ضني قلبي وروحي ..يلي ضحكتك بتنسيني ظلم الدنيا ليا ودموعك بغرز في قلبي بدل السكينه خنجر ..تعالي يا نضال تعالي يا قلبي اللي بتنفس بيه وعيني اللي بشوف بيها وعكازي في الدنيا يا سندي ويا حمايتي وأماني ..تعالي يا أبني بقي تعالي وريح قلبي تعالي عشان تمسح دموعي اللي منشفتش من يوم سبتني …
نضاااال …نضاااال أنت فين يا أبني …نضاااال …نضال تعالي …تعال ليا يا نور عيني …
أنتظرته ولم يأتي
فأقتربت من عنايات وقالت بترجي:عنايات ..عنايات أنتي أم وهتفهمي شعوري ..ننن ننضال ننننضال فين ..
لم تتحمل فهي أم وتشعر بمدي وجعها فبكت بكت بأنهيار
وصمتت صمتت رغم أنها تعلم بخبر أستشهاد نضال ..
وعندما يأست فكريه من أن تجيبها زوجة أخيها تركتها وذهبت إلي أخيها الواقف بتأثر ..
فقالت وهي تترجاه:خالد ..خالد سيبك منهم كلهم ..وقولي قولي أنا أبني فين ..فين نضال..
حاول التماسك فهو يجب أن يتماسك ليخبرها ليواجهها بالحقيقه
فأمسك بكتفيها بقوه ليهتف :نضال مات ..
فصرخت وهي تهز رأسها بعدم تصديق:لأ لأ
ليكمل خالد بنفس ثباته:صدقي نضال خلاص مبقاش موجود حاولي تستوعبي الحقيقه بسرعه عشان تعرفي تعيشي ..
لكنها رفضت ذلك وأزاحت كفيه عن كتفيها وهي تصرخ به:أنت كداب..أبني نضال لسه عايش
وأبتعدت لتقف أمام وليد ثم تمسكه من تلابيب قميصه وهي تهتف بغضب: مش كده يا وليد مش نضال لسه عايش صح..
دمعت لتكمل:..قول لباباك قوله ان نضال عايش عشان أنت وعدتني أنك هترجعه ليا هترجعه لحضني ..قوله يا وليد قوله ان أبني عايش..قوله انه لسه بيتنفس ..قولي اني هشوفه تاني هضمه لحضني تاني.
ثم أرخت رأسها علي كتفها وهي تبكي تخترق فقلبها لا يتحمل وعقلها لا يصدق وأنهارت تبكي وتصرخ وتتألم حتي بدأ حسدها يتراخي وكادت تسقط فاقده للوعي لولا ذراعي وليد الذي حملها
وصعد بها درج السلم حتي وصل لباب غرفتها ومريم وعنايات تتبعتاه ..
وضعها برفق علي السرير
ولم يستطع النظر لقسمات وجهها المتألمه هو يخجل ..لانه لم يفي بوعده لها ..
كان يجب ان يُرجع لها ولدها لكنه لم يفعل
فكيف يواجهها وينظر لبريق عيونها المتألم ..
مسح دمعه تسللت من جفنيه وبعدها هبط للأسفل ..
ليجد والده بأنتظاره
لكنه لم يبالي بوجوده وتخطاها ليخرج من باب الفيلا عندما أستوقفه والده هاتفا :وليد
فتوقف في مكانه
أقترب منه خالد ختي صار يقف خلفه مباشره رفع كفه ليربت به علي كتفه هامسا:صدقني كنت لازم اهتم بحياتك أكتر من أي حاجه تانيه..أنت أبني يا وليد مكنش ينفع أشوف حياتك في خطر وأتفرج كان لازم أنقذك ..
أبتسم وليد بسخريه وتطلع لوالده من فوف كتفه ليهمس بسخريه بانت من وقع كلماته:أيوه طبعا ..بما أني الوريث الوحيد لأمبراطوريتك فلازم تكون حياتي ثمينه بالنسبالك ..
كشر خالد ملامحه بغضب وهتف بصرامه:وليد ..اعرف كويس أنك بتتكلم مع أبوك ..
وشقت الأبتسامه الساخره جانب وجهه من جديد ليقول:أبويا كان فين لما أحتجتله في اول يوم دراسه ليا لما كنت في أبتدائي لما كنت بعمل مشاكل مع زمايلي بسبب قسوتك معايا والمديره كانت تستدعيك شخصيا بس أنت عمرك ما أهتميت بيا وروحت كنت بتبعتلها مدير أعمالك ..
أبويا اللي يخليني أحس فعلا أني أبنه مش أبن فلوسه ايوه ..كان دايما عندي الاحساس ده لما كنت بتعب تدفع فلوس عشان يعالجني أحسن دكتور بدل ما تكلف خاطرك وتيجي نطمن عليا زي باقي الأبهات ..لما كنت بحتاج عكفك عليا تدفع فلوس عشان تخلي ماما تفسحني في أحسن أماكن كنت عايز اقولك وقتها اتي محتاج فلوسك أنا محتاجلك أنت ..بس كنت بسكت وأنت بردوا مكنتش بتفهمني ..لحد ما كبري تقريبا بقيت بشوفك زي اي ضيف جاي يزورك كلمة ابتي كنت بشحتها منك عشان تقولهالي..عمرك ما حسستني أني أبنك ..وأنا عمري ما حسيت أنك أبويا خوفي منك كان بيكسر كل مشاعر ممكن تكون موجوده بين الأب وأبنه ..لحد ما أتعودت وبعدت ورسمت طريق حياتي بنفسي ..جاي الوقتي تفتكر أن لسه ليك أبن ..نصيحه من مجرب قبلك عشان متتعبش زي ما
أنا تعبت ..أنسي ..أنسي أن ليك أبن ..أنسي أصلا أنك أب ..زي ما أنت ناسي طول حياتك ..
ثم تركه وذهب وترك كف والده لتتعلق في الهواء فيقبضها بألم ..حزن ..وندم …ندم علي فعل فيها وهي خاويه..
……………………
أطلق حاتم زامور السياره مره وأثنان وثلاثه وهو يتأفأف من طول أنتظاره لغالب الذي تركه الجميع هو و نداء وحدهما في الغرفه ليتحدثا بعيدا عن مسامعهم وقد قال لوالده أنه سينزل إليه بعد عشر دقائق لان هناك عمل ضروري ينتظره هو ووالده في الشركه ولا يجوز بأن يتأخر عنه أكثر من ذلك ..
لكن العشر دقائق أصبحت ساعه …
في الأعلي في غرفة نداء
نداء وهي تهمس له بهدوء:غالب أنزل بقي باباك أكيد زهق من الأنتظار ..
نهض عن المقعد الذي يجلس عليه ليشاركها نفس الأريكه فيلتصق بها وقد أمسك براحة كفها بغتة بين راحتي كفه
حاولت أن تفلت كفها من براثن يديه لكنه أبي ان يترك كفها وأبتعدت عنه أنشا ليقترب منها إنشا ونصف
وعندما كادت تبتعد مره أخري هتف لها وهو يشهق بتصنع وفزع وهو يبحلق في قسمات وجهها
:إيه ده ..إيه اللي أنا شايفه بيمشي علي وشك ده ..
فأرتعبت وخافت وأنفلت زمام هدوءه لتهتف بخوف :غالب أرجوك حوشه من علي وشي ..بسرعه ..بسرعه يا غالب
ورأها وهي تبتلع ريقها بقلق وجسدها يرتج بقشعريره
فهمس وهو يبتسم بلؤم:طب أثبتي مكانك وغمضي عيونك
ففعلت علي الفور ما قاله ..وبالفعل أغمضت عيونها وملامحها تنكمش بفزع منتظره الخلاص ..
هامسه :بسرعه يا غالب مستني إيه
وفي تلك اللحظه كانت عيونها تبحلق في كل تفصيله في وجهها بعشق وتوهان
وأقترب منها رويدا رويدا حتي طبع قبله فوق فكها
جعلت نداء تفتح جفنيها وهي تشهق بصدمه وتبعده عنها
ثم تنهض وتقف هامسه بأرتباك :غالب أنت عملت إيه ..
نهض هو الآخر ووقف قبالته ليهتف وهو يبتسم بمكر :دي بوسه بريئه وبعدين دا اللي مفروض يتعمل بين اي واحد ومراته دا أنا حتي كده بصبح عليكي بس ..اومال بقي لو مسيت وسلمت وقولتلك فتك بعافيه ..
كانت كلماته أكثر مكرا من عيونه ..
فأبتلعت نداء ريقها بتوتر وهتفت بتلعثم :آه ..بس بس ده للناس اللي مش محترمين ..
أبتسم بلؤم وغمزها ليقول:طب ومين قالك أن أنا محترم ..
فغرت عيونها بأرتباك وزمت شفتيها بوجل وأبتعدت عنه لتتجنب منه اي رد فعل مباغت
ثم زفرت بغيظ لتقول:طب يلا بقي أمشي ..
فأقترب منها وهو يطالعه بعيون غائمه
وهي كانت تبتعد وهو يقترب وهي تبتعد وهكذا
رمشت بجفنيها عدة مرات وهي تقول:أنت هتعمل إيه
وفجأه شهقت عندما وجدته يحاوط ذراعيه حول خصرها ويقربها أكثر منه هامسا وهو يتطلع لبريق عيونها بتأثر وعاطفه تمكنت من خلايا جسده:مفيش أحسن من ان الواحد يكون مش محترم ..صح
غمزها وهو يقول كلمته الاخيره
فشحب وجهها وحال للون الأحمر ثم همست بثبات:غالب سيبني
لكنه تجاهل همسها وتمادي في أقترابه منها وكادت حرارة شفتيه أن تخطف من شفتيها الحائرتين قبله لولا تلك الوساده التي حالت بينه وبينها
الوسادة الخاصه بالأريكه جوارهم فهي قد أجتذبتها لتمنع اقترابه منها
وهو أبتعد عنها ليتطلع إليها وهو ينفخ بنزق وهي كانت تبادله أبتسامة أنتصار ..
وأنطلق زامور السياره للمره الخامسه
لتهتف له:يلا باباك في أنتظارك وشكله زهق من الأنتظار ..
وأستدارت لتكتم ضحكتها حتي لا تغيظه أكثر
لكنه أبتسم بمكر واقترب منها حتي وقف خلفها مباشرة
ثم هتف :نداء
وفور أن أستدارت قابلت شفتيها شفتيه التي قبلتها بحراره عاليه جعلت الأنفاس تنقطع عنهم لوهله
ثم ابتعد عنها وهو يتطلع لملامحها المصدومه بأبتسامته الواثقه وتحرك ليخرج ولكنه توقف عند الباب ليقول بثقه وأبتسامة نصر:يبقي سلميلي علي الأخ محترم ..
اغتاظت وبغضب أمسكت بالوساده لتلقيها عليه لكنه كان أسرع وأقفل الباب بعد ان خرج لترتطم الوساده بالباب المغلق وتسقط بهدوء علي بلاط الأرضيه
فأغمضت نداء عيونها بخجل وهي تشعر بأنه قد خدعها
ثم أقتربت لترتمي علي السرير وهي تدفن وجهها الذي بات كثمرة طماطم حمراء بين وسادات السرير ..
…………
ودع غالب عمه وزوجة عمه ثم توجه لوالده وصعد السياره جالسا خلف مقود السياره
تطلع إليه حاتم بغضب وهتف:إيه اللي أخرك فوق..
أبتسم غالب وهو يدير محرك السياره:دي حاجات لسه أنت صغير عليها يا حاتم ..لما تكبر ابقي أقولك ..
ثم أنطلق بالسياره تاركا والده يتطلع إليه بذهول ليس من وقع كلماته بل من بريق عيونه اللامع والفرحه التي يشاهدها بداخل تلك العيون ..والتي لم يراها عليه من قبل ..
فأبتسم وتنهد بأربحيه لأبتسامة ولده ..
……………
في الطريق وقبل الفيلا بخطوات رأته يسير علي جانب الطريق نعم هي متأكده بأنه هو حتي أن سيارة الأجرة قد تخطته فطلبت فورا من السائق التوقف هنا عند ذاك المنحني..
فتوقف ..
ترجلت من السياره بعد أن أنقدته المال ..
وبسرعه ركضت بأتجاه وليد
حتي توقف وهو يراها تقف أمامه وهي تلتقط أنفاسها المتلاحقه بصعوبه آثر ركضها ..
ثم هدأت وطالعت قسمات وجهه بفرحه بعدها أرتمت في أحضانه تبكي وهي تحاوط عنقه بذراعيها
هامسه ودموعها تنهمر لتبلل قميصه:وليد ..وليد أنت كنت فين قلقتني عليك ..بس مش مهم ..المهم ان انت واقف ادامي الوقتي ..المهم ان أنت بخير ..
صمتت وهي تغمض عيونها تبكي بوجع وتتمسك به أكثر
لكنه حل ذراعيها من حول عنقه وأبعدها عنها لتصدم بما فعله
وتبحلق إلي قسمات وجهه بعدم فهم ..
ثم قالت :أنت ..أنت كويس صح ..
فأومئ لها
لتبتسم وهي تتنهد براحه ثم تهتف بتلقائيه:أنا لسه فاكره كل كلمه قولتهالي ..لما أعترفت بغلطتك وقولتلي أنك ندمت عليها ..كمان فاكره لما قولتلي أنك أنك بتحبن
قاطعها بقسوه :يبقي تنسي أي كلمه أنا قولتهالك ..
ثم تركها وأكمل طريقه
تاركا إياها تتسمر في مكانها غير مستوعبه لما قاله بل غير مصدقه بأن حاله تغير هكذا
لكنها لم تتركه وركضت بأتجاهه حتي أعترضت طريقه مره آخري وهي تقف أمامه
أمسكت بكتفيه لتقول وهي تتطلع لعيونه التي تتهرب عن مرمي عيونها:أنسي …أنسي إيه بالظبط ..أنسي أنك أعترفتلي بحبك ليا ..ولا أنسي كلامك عن الندم وسهر الليالي في تفكيرك فيا ..ولا أنسي وعدك ليا بأنك لما ترجع هتغير كل حاجه ..ولا ولا أنسي أنك أعترفت ادام ربنا وادامي أني مراتك ..عايزني انسي كل وعودك ..أنسي كل حاجه أعترفتلي بيها
قالتها وهي تبكي وتشدد من الأمساك بكتفيه
أغمض جفنيه ليفتحهما فيتطلع إليها بثبات وهو يزيح كفيها عن كتفيه هاتفا بقسوه وثبات:بالظبط كده ..أنسي كل وعودي ليكي ..أنسي أي كلمه عن ندم او شعور بالذنب ..أنسي أصلا أنك شوفتيني في يوم من الأيام ..
ثم تحرك من أمامها للمره الثانيه ليكمل طريقه
وهي وقفت مكانها بذهول ..صدمه ..لكن بريق عيونها تحول للشراسه والغضب وهي تتجه ناحيته وأعترضت طريقه للمره الثالثه
ولكن هذه المره وقفت تطالعه بغضب وقوة لتهتف بكل كره الدنيا:يعني خدعتني للمره المليون ..حبيت تثبت أنك ممثل فذ عبقري ..وأنا الهبله اللي صدقت كلامك ليا مره تاتيه ..صدقت أنك فعلا أتغيرت وبقيت إنسان ..بس أنت هتفضل وليد ..وليد اللي معندهوش مشاعر ولا قلب ..مش هتتغير أبدا ..أنا بقؤ اللي مش عايزاك في حياتي ..ومن اللحظه دي أنت مت بالنسبالي ..وصدقني هدفعك تمن اللي عملته فيا غالي أووي..
قالت الاهيره وعيونها غائمه بكره حقد وأنتقام
ثم أوقفت سيارة وصعدت إليها دون أن تنظر إليه ..من الأن هي لن تتطلع خلفها أبدا وأنطلقت بها السياره …بعد أن أمرته بذلك ..
………………….
أخبرته السكرتيره بأن الأنسه سلمي أبنة عمه بأنتظاره
فأخبر السكرتيره بأن تدخلها إليه ..
وبعد أن توغلت سلمي لداخل المكتب أغلقت السكرتيره باب المكتب خلفها علي الفور..
فتقترب سلمي من مكتبه وهي تراه منشغلا بملفات العمل أمامه
حتي وقفت أمامه وتنحنحنت لينتبه إلي وجودها
فرفع ناظريه من علي الملفات وتتطلع إليها ثم هتف برسميه :تشربي إيه..
سلمي بهدوء:مرسي مش عايزه أشرب حاجه ..
أرخي جسده للوارء علي مسند كرسيه هاتفا وهو يراها تطالع المكتب بنظرات متفحصه :عجبك ..
فهمست وهي تقطب حاجبيه بعدم فهم :هو إيه ..
ليجاوبها ببرود:المكتب ..
سلمي بثبات:اهااا..مش بطال
نهض غالب عن كرسيه وهو يقترب منها بخطي واثقه حتي وقف قريبا منها وأمامها لا يفصله عنها سوي أنفاسهما الهادئه هاتفا وعيونه تركز علي زيتونة عيونها :عايز إيه يا سلمي ..إيه اللي جابك هنا
لتطالعه بنظرات ثابته لئيمه ثم تكتف ذراعيها أمام صدرها بثقه وتهتف :تتجوزني يا غالب ..
تراخت قسمات وجهه ليتطلع لبريق عيونها وهو يضيق عينيه
فتمتد أنامله لتتلمس حنايا وجهها حيث كانت جامده لا تبدي أي مشاعر وبريق عيونها الجامد الخاوي تتطلع إليه لتهتف بلؤم :إيه رأيك أنا أحلي منها صح ..
فيبتسم لها بهدوء وتبتسم له بسخريه ومكر ثم يردف وهو يرفع حاحبه :بس أنا جوز أختك ..وأنتي عارفه كويس أن ربنا حرم الجمع بين أختين..
لتجيبه بتملك :طلقها ..وأنت طبعا هتكسب واحده أنت كنت بتحبها ..وكنت هتموت وتتجوزها وأديني قصرت عليك المشوار وواقفه أدامك بنفسي وبطلب منك الجواز..
هدوء بدي علي قسمات وجهه وهو يتطلع إليها
وفجأه هوت صفعه مدويه منه علي خدها الأيمن
لتطالعه بصدمه وهو ينظر لها بأحتقار …
…………………..

يتبع…

الفصل الثاني والأربعون

وقبض بقوه علي معصم يدها ..ثم رماها بقوة غضبه علي الكرسي الجلدي
لتتأوه وقد أصطدم ذراعها في مقدمة الكرسي وتطلعت إليه بجرأه
وهي تراه قرب وجهه منها وأنفاسها الناريه تلفح وجهها كأعصار دموي ثم جز علي أسنانه بشراسه وهو يهتف بعيون غائمه كعيون ثورا شرس :أنتي أحقر وأذبل بنت أنا شفتها ..
دايما بتفكري نفسك الأجمل مع أن جمالك لو أتقارن بسواد قلبك هيبقي رخيص اووي ..
فهدرت وهي تحاول إبعاده عن محيط جسدها:أخرس …أنت آخر واحد تتكلم عن الرخص ..لانك عارف كويس أنت كنت بتتعامل أزاي مع نداء ..ولا نسيت ..
أمسك معصميها بين قبضتي يديه متملكا ليوقف خبطاتها الموجهه لصدره كي تبعده عنها ثم أردف وهو يضيق عينيه أحتقارا :لو نسيت مش هحتاج واحده زيك تفكرني
وفي تلك اللحظه تخولت ل لبوءه متوحشه كانت لتعثو فسادا في وجهها وهي تغرز أظافرها المطليه باللون النبيتي في مسام بشرة وجهه لولا كفيه القابضان علي معصميها
فأخذت تطيح به كي يفلتها لكن بدون جدوي
ثم قالت لتنفث عن كبت غيظها وشرارة غضبها:واحد زيك ميستاهلش نداء …نداء دي شبه الأطفال اللي لسه ميعرفوش حاجه عن غدر الدنيا وأنت أخترتها عشان تقدر تروضها تحت سيطرتك ..فوق يا غالب أنت وحش عمرك ما حبيت ولا هتحب وعمرك ما هتتغير عشان أي حد خصوصا لو نداء ..فمتوهمش نداء أنك بتحبها لأنها هتتكسر بسببك ..وكفايه أووي أن قلب تاني يتكسر ..
زاد من ضغطه علي معصميها وتأوهت لكنها صمدت وهي تطالعه بنظرات ثابته
ثم هتف بفحيح غاضب وهو يكشر عن أنيابه:وأنتي بقي اللي تستاهلي أن أسمك يتكتب جنب أسمي
قال كلماته بسخريه وأحتقار
ثم أكمل:دا لو أختك مربيه كلب ..كان هيخلصلها أكتر منك ..متبدأيش بالخيانه وتيجي تتديني مواعظ عن الأخلاق …وأنا أن كنت غلطت زمان وسمحت لنفسي أفكر في واحده زيك فأنا مش مستعد أكرر نفس الغلطه
وشدد علي كلمة غلطه ..ليثبت لها أنها بالفعل كانت مجرد غلطه فادحه عندما أوهم نفسه بأنه يحبها
نعم وهم ..ولما لا ..
فهي كانت متمرده مجنونه ..واثقه بخطاها وتفكيرها ..تعصاها في كل شئ ..وهو متملك يحب الاثارة والجنون
فلما لا يجرب اللعب معها …حتي أوهم نفسه وعقله بحبها لكنه لم يتمكن من إقناع قلبه ..
طالعها من فوق لأسفل وكأنه يبرئ نفسه من حقارتها ودناءة تفكيرها ثم أفلت معصميها
لتتحسس آثار قبضتيه الموجعه حول معصميها والغضب العارم يعتلي فؤادها وتنظر إليه بحقد
أبتعد عنها ليتجه نحو باب مكتبه فيفتح الباب علي مصرعيه ويتطلع إليها بقرف ونفور ثم يهتف بصرامه وقوة :أطلعي بره المكتب يا سلمي ومش عايز أشوف وشك هنا تاني ..وأنا هنسي اللي حصل الوقتي ومش هتكلم عنه لاي حد خصوصا نداء ..لأني بحبها ومش عايزها تتألم لما تعرف أن أختها باعتها عشان خاطر أنانيتها ..
بكت وأغمضت عيونها وهي تشعر بمدي رخص نفسها ..لكنها صمدت ونهضت بتماسك فهي ليست بالضعيفه وخصوصا أمام غالب
لملمت شتات كرامتها وشعور المهانه الذي أذاقه غالب لها وجمدت دموعها كي لا تتساقط فتشعره بضعفها
وبخطي واثقه ورأس مرفوع بكبرياء تماشت حتي وصلت إليه
طالعته بنظرات عنيده وهو بادلها نظرات محتقره
ثم غادرت ..غادرت وقلبها وكرامتها تنزف مهانه ..
تشعر أن الدنيا بأكملها تآمرت لتكسرها وتحطم كبرياءها ..
بعد أن أغلق الباب خلفها أقترب من مكتبه ثم التقط جواله من علي سطح المكتب وضغط علي رقمها الذي يحفظه في عميق قلبه
ليرن الجوال مره وأثنان دون أن يجيب أحد
فتملل في وقفته وهو يزفر بضيق ثم حالت ملامح وجهه للقلق
أما في غرفة نداء
كانت تصلي عندما رن جوالها القابع علي سطح الكومود في المره الأولي
وفي رنينه الثاني كانت تنتهي من تأدية الصلام فسلمت علي يمينها ثم يسارها
ونهضت واقفه لتقترب من الهاتف
وعندما تجده غالب يدق قلبها أضطرابا وتجيب بتوتر وأرتباك :ألو
فور قال لها بتملك:مرديتيش علي الموبايل ليه من اول مره..
تلعثمت وهي تقول:ككنت بصلي ..أنت
وقبل ان تكمل سؤالها عاجلها قائلا:نداء أنا بحبك ..بحبك ومش هسمح لاي مخلوق مهما كان يبعدنا عن بعض
قالها وهو يشعر بتوترها ودقات قلبها المتهافته مثل دقات قلبه
هذا يسمي فن الأحساس بالمعشوق
أبتلعت حمرة خجلها بعض الشئ ثم أردفت وهي تحاول تهدئة ثورة قلبها:مالك يا غالب ..ليه بتقول الكلام ده ..هو فيه حاجه..
ووصله قلقها فهتف ليطمأنها:لأ مفيش..بس كنت عايز أكدلك أني مهما حصل مش هتخلي عنك أبدا ..يلا سلام ..آها ومتنسيش تدعيلي ..أدعيلي أن ربنا يقدرني أسعدك …
أبتسمت ..وتسللت حمرة الخجل لوجنتيها وصمتت ..
وهو راعي أرتباكها وخجلها فبادر بأنهاء المكالمه ..حتي لا تنحرج أمامه أكثر من ذلك ..
وهي قفزت علي السرير وهي تقهقه بسعاده وحب
وتلي ذلك وجع ..وجع نغز أوصال جسدها ..وهذا آثر قفزتها المفاجأه والتي سببت لها ذلك الألم ..لكن بعد أن هدأت قليلا ..سرعان ما تلاشي ذلك الوجع ..
…………………………
في وسط الحديقه الواسعه متعددة الأزهار
منها أزهار الأوركيد الفاتنه بطلة وريقاتها الفاتنه والتي تشير إلي الحسن والجمال
وأزهار شقائق النعمان وحمرة أوراقها تبهج القلب والتي تعني الشوق والانتظار
وأزهار القرنفل ويالروعة طلتها وتعني الكبرياء
حيث تجلس هي تحت سحاب الأبيض والشمس التي تدفيها بعظمة عطاءها
وعصافير تزقزق هنا كأنها تغني لدوامة الحب فتشدو الكون بعذوبة صوتها
كانت تحلس بأسترخاء علي كرسي عريق مصنوع من الخشب وأمامها طاوله حروفها نقشها المرمر والزمرد ويتوسطها مستديره زحاجيه
والخادمه التي قدمت لها منذ قليل براد من الشاي ويصطف بجواره فنجان مقلوب بأناقه وبجوارهم طبق رزين مرصوص عليه بتناغم بعض البسكويت اللذيذ التي قامت الخادمه بصنعه بعد أن توضأت وأدت فريضة الفجر …
ما بالها ذاك الصباح تشعر بأنها سعيده تود لو تغني فتبهج كل الأحبه ..كما هي ..
لكن للأسف صوتها من الخامه التي تزعج أحبال أذن المستمعين لها ..
عندما نهضت في الصباح صارت تبتسم ببلاهه ولا تدري ما السبب ..
او أنها تدرك ولكن تتناسي ..
فخطبتها منه ستقام مساء اليوم والزفاف سيتبعه بأقل من اسبوع ..
فكيف لا يُسعد ذلك قلبها ؟؟
وقفت أمامها تلك القادمه للتو في السياره المخصصه لها مع سائقها الخاص والذي كُلف لأن يوصلها لاي مكان تريده لتهمس بلؤم وحب في نفس الوقت : يا سلام علي الحب وعمايل الحب فينا ..
فزعت زهرة في البدايه من وجودها المفاجئ لكن سرعان ما أبتسمت لتنهض وتقترب منها تحتضنها
هاتفه بأبتسامه :أهلا أهلا يا روميساء (أخت آسر) ..ليكي وحشه والله فينك يعني محدش بيشوفك
بادلتها روميساء الأبتسامه بهدوء ثم أردفت :الكليه بقي واخده كل وقتي …ألف ألف مبروك يا زهرة صدقي أنا أول ما شوفتك دعيت أنك تكوني من نصيب أخويا ..
فأبتسمت زهرة بخحل وطأطأت رأسها ثم تذكرت أمر ابشاي فقالت:هصبلك فنجان شاي
روميساء بهدوء:أوكيه مفيش مانع أنا أصلا بعشق الشاي ..
بس قوليلي أشتريتي كل حاجه تخص حفله الخطوبه بتاعت النهارده ..
زهرة بفرحه غامره:آهااا..ماما نزلت معايا وأشترينا كل حاجه..تعالي افرجك علي الفستان وتقوليلي إيه رأيك فيه ..
روميساء وقد تحمست للفكره :أوكيه يلا ..
…………………………
داخل غرفة زهرة
روميساء بأعجاب :أحلي فستان لأعلي عروسه جميل جدا زوقك ممتاز هياكل منك حته. ..
طيب أنا همشي الوقتي وهجيلك قبل ميعاد الحفله بساعتين عشان أساعدك ..
زهرة بحزن وقد تراخت نبرة صوتها:خليكي شويه أنا ملحقتش أشبع منك ..
روميساء وأبتسامه عذبه تشق قسمات وجهها:وانا كمان والله..بس مضطره ..عندي محاضره كمان ساعه ..ولازم ألحق أمشي الوقتي ..
زهرة بأبتسامة رضا :طيب يا حبيبتي ربنا يوفقك ..
ثم تذكرت أمرا فقالت:أومال طنط مش جات ليه دي حتي مش جات مع أونكل ولا آسر ..
حل الارتبال علي قسمات وجه روميساء وزاغت ببصرها يمنة ويسارا لكن تماسكت كي لا تثير ريبتها وجاوبتها بهدوء:معلش أصلها مشغوله شويه ..يلا أنا همشي بقي ..
وخرجت معها زهرة لتوصلها
وبمجرد أن خرجت الاثنتان من الغرفه وهمتا بنزول الدرج
حتي تذكرت زهرة أنها نسيت الهاتف بداخل غرفتها فقالت :روميساء أستنيني هنا دقيقه هدخل أجيب موبايلي من الاوضه ورجعالك فورا ..اوكيه ..اوعي تمشي هزعل منك
روميساء بهدوء:حاضر ..
وتركتها زهره وبقيت روميساء بأنتظارها
عندما رأته أمامها فورا توجهت عند الزاويه حيث وراء الحائط لتتوراي خلفه
وهو لم ينتبه لوجودها فقد كان منشغل بالتحدث الي أحدهم علي الهاتف أو بالأحري نقول أحداهن ..
كان يصعد درجات لسلم بتعثر فيبدو أنه قد أرتوي من الخمور ما أسكره ..
فقد كان ساهرا الليل بطوله في منزل صديق له حيث اجواء الحفله اللاهيه العابثه مثل كل يوم ..
حتي وصل للأعلي وهنا توقف علي بعد خطوات من الحائط المتواريه خلفه روميساء ..حيث لا يراها البته
حيث سمعت حديثه إلي تلك الفتاه
سليم بخبث ووقاحه :أجي فين ..مش كفايه الليل بطوله عليكي ..
و صمت ليردف بعدها:وأنتي كمان بتوحشيني كل ثانيه ..لأ ثانية إيه دا أنتي مش بتغيبي عن بالي خالص ..ولا حتي عن عيني ..
سكن قليلا ليجاولدبها بعد ان سمع كلماتها:لأ أشوفك بالليل..مع الشله الصايعه الضايعه بتاعتنا ..إيه عايز نكون لوحدينا ..لا يا أختي أخاف علي نفسي من الفتنه . .
ثم اردف بصوتا عابث لاهي وهو يسمع عبر الهاتف ضحكاتها المجلجه:أيوه كده يا وحش ..كنت فين من زمان
ذاك الحديث المقزز أوجع قلبها ..وذرفت دموع الأنكسار علي وجنتيها ..
وفي تلك اللحظه خرجت زهرة من غرفتها
وأقتربت من أخيها
همست :سليم أنت جيت أمتي ..
أجابها علي مضض:يدوبي ..ثم أبتعد عنها قليلا ليكمل حديثه مع تلك الفتاه
وتلفتت علي روميساء ولكنها لم تجدها فأقتربت من سليم لتهتف وملامح وجهها يعتريها القلق:أومال روميساء فين..
وبمجرد ان رن أسمها في أذنه أخفض الهاتف ليترك تلك الفتاه تتحدث إلي الهواء
وأستدار لزهرة ثم هتف وهو يضيق عينيه بحيره:روميساء ..هي روميساء هنا ..
زهرة بتلقائيه:أه ..انا سبتها تستناني هنا وقلتلها أني مش هتأخر عليها..
فأبتلع ريقه بقلق وتوجس وهي يفتش بعيونها عنها
وفجأه تظهر أمام أعينهم من وراء الحائط
فألتاعت عيناه وظل يتطلع للدموع المنهمره علي وجنتيها
وأجعه ذلك الحزن في بريق عيونها ..بالتأكيد هي سمعت حديثه إلي تلك الفتاه
اقتربت منها زهرة لتسألها وقسمات وجهها تنم عن قلق شديد:روميساء …مالك
قالتها بفزع وهي تتطلع لدموعها ..
أما روميساء فكانت تطأطأ رأسها بألم ..
وهمست وهي تحاول أن تتماسك :مفيش ..افتكرت حاجه وجعت قلبي عشان كده تلاقيني عيطت ..أنا ماشيه..
وتسابقت علي درجة السلم مع سرعة الرياح وزهرة لحقت بها ..
وهو ظل متسمرا في مكانه يراقب طيفها المبتعد بتوهان ..تشتت ..وألم ..ألم ينغز قلبه ..تاركا تلك الفتاه علي الهاتف والتي يأست من رده حتي أقفلت الهاتف ..لترن عليه من جديد
لكنه كان لا يسمع ..لا يشعر ..
أمام السياره أحتضنتها زهرة مودعه ..
ثم أنطلقت السياره بعد ان أعطت روميساء أمرا لسائقها بالأنطلاق ..
وزهرة تنهدت وهي تراقب طيف السيارة المبتعد ولمحته وهو يقف في تراس غرفته ..يبدو أنه كان يراقبها قبل أن ترحل ..
هو الآخر عيونه حزينه كعيون روميساء ..
بعد قليل طرقت باب غرفة سليم أخيها مرتين لتفتح بعدها باب الغرفه دون أن يأذن لها بالدخول ..
…………………………..
هاتف آسر والدته لتجيب بعد أن رن هاتفه عدة مرات
لدرجة أنها ضجرت من إصراره فأجبته
لتقول بنزق:خير ..عايز إيه
آسر بهدوء:ماما ..هعد عليك عشان أخدك معايا لحفلة خطوبتي ..أرجوكي يا أمي بلاش عناد ..
لتجيبه بأصرار كأصراره:لأ ..مستحيل أحضر خطوبتك علي البنت اللي أسمها زهرة دي ..دي جايه من الشارع ..
آسر وهو يزفر بضيق:يا ماما ..تقبلي الامر الواقع ان زهرة بنت أختك منال ..ده واقع مش هتعرفي تهربي منه مهما قاومتي ..
فقال بتحدي:بس أقدر أرفض وجوده في حياتي ..وبعدين مش انت عملت اللي في دماغك وهتخطبها وأخوك مش موجود ..إيه بقي اللي مضايقك..
آسر بهدوء:يعني أمي متحضرش خفلة خطوبتي ومش عايزاني أضايق ..يا أمي عشان خاطري وافقي علي الأقل عشان متزعليش أختك منك ..هااا قولتي إيه..
صمتت ولم تجيبه..يبدو أن قلب الأم والأخت بدأ يلين
فقال بهواده وهو يلعب علي أوتار أمومتها:هعدي عليكي تمام..أصلا مش هكون فرحان من غيرك …وكمان مش هلبس دبل إلا في حضورك لأن رضاكي عني أغلي شئ في دنيتي ..
وصمت في إنتظار إجابتها
تنهدت ….لتهمس بموافقه:حاضر ..عشانك أنت بس ..هحضر الحفله..
……………………
علي حافة السور المنخفض في أرتفاعه والذي يحاوط مياه نهر النيل العظيم ..حيث تلك المباني الشاهقه القريبه منه
جلس علي سطح السور وهو يطالع هياج المياه بنظرات حزينه ..
وتدور أمام أعينه لحظة أستشهاد نضال أمام ناظريه فتتساقط تلك الدموع الحبيسه ..
لتعلن عن مدي يأسه ..حزنه ..وجعه..وعجزه ..فأبن عمته وصديق طفولته مات أمام ناظريه ولم يستطع إنقاذه لا هو ولا أي فرد من أصدقائه بالمقاومه ..
سلطة والده وقفت حائلا بينه وبين الموت بشرف لأجل وطن ..قد أغتصبه هؤلاء الذين لا دين لهم ولا وطن..
كور قبضة يده بغضب ليخبطها جواره في السور
لدرجة أنها أحمرت من الوجع والألم..وأصاب ظاهرها بعض التي أنتهت بتسلل بعض الدماء من أماكن متفرقه من قبضته..
هو لم يعد يريد الحياه ..لن يعيشها ..فدماء نضال معلقه في يديه
ورفع كفيه أمام عيونه ليحملق بها بدموع وحزن ..
ومر في خياله دموعها فتألم ..
تذكر وقوفها أمامه منذ ساعات ..
قسوته معها ..كلماته اللاذعه لها ..
لكن كان يجب أن يفعل ذلك ..فهو جسد بدون روح…موت نضال أمام أعينه سيكون العقبه في حياته..
لن يستطيع أن يعيش حياته ونضال حسده تحت التراب ..
من الأفضل لها أن تبتعد عنه ..فهو لن يسعدها ..لن يكون ذلك الزوج او الحبيب الذي يبثها مشاعره …
فهو لم يعد لدية أية مشاعر ….
ثم صرخ وكأنه يشتكي للبحر أمامه:سلمي ….سلمي أنا آسف…بس والله أنا عمري ما حبيت ولا هحب غيرك …
قالها من صميم قلبه بصدق ووجع..
………………………..
أنتهت من وضع اللمسات الأخيره حيث كانت ترتدي فستان باللون المشمشي ينسدل بنعومه وأنسيابيه حتي أسفل ركبتيها بكثير..
وله فتحة صدر مثلثة الشكل ويتدلي حول طول رقبتها الفاتن عقد ماسي رائع ..
وشعرها ينسدل بأنسيابيه حتي مقدمة كتفيها ليسطر الجمال في تاريخه جمال آخر آخاذ ..
أنه جمال من النوع الذي أقرب إلي أكتمال القمر ..
جمال زهرة الزهار ليس كأي جمال ..
فأخذت تدور بالفستان بخفه كأنها إحدي أميرات ديزني
او كأنها فراشه طارت لتحلق في أعالي السماء والجميع من حولها منبهر بجمال طلتها خاصه بعد لمس شفاهها بحمرة الشفاه …
وتورد وجنتيها كان يغني عن أي زينه …فجمالها طبيعي وليس متصنع ..
أقتربت روميساء منها لتهمس بأنبهار وإعجاب :بسم الله ما شاء الله..ربنا يحميكي النهارده من عيون الناس ..دا آسر أكيد عقله هيطير لما يشوفك ..
فأبتسمت زهرة بخجل ..
أما نوران الواقفه علي جنب فكانت تغلي غضبا وحقدا من الداخل..
فتطلعت إليها روميساء لتقول:مش كده يا نوران ..
لوهله كانت ستركض بأتجاه زهره لتقتلها او تظل تصفعها حتي تنفث عن غضبها
هكذا تخيلت ..لكنها أبتسمت بزيف لتقول:أكيد ..زهرة الليله غير أي ليله …
ورنت منال علي نوران لتخبرها بأن تهبط زهرة للأسفل فالمدعوين لحفلة الخطبه بأنتظارها وكذلك آسر ..
فأغلقت نوران الهاتف بنزق لتنظر إلي زهرة وتقول بغضب باطني:ماما وآسر مستنيينك تحت ..
وعند أعلي درج السلم وقفت زهرة بجوارها علي اليمين نوران وعلي اليسار روميساء
وألتفت الأنظار إليها بأعجاب ..
وعندما همت بالنزول تعرقلت ليتدحرج جسدها الغض علي الدرج وسط ذهول وصدمة الحاضرين وصراخ منال وآسر بأسمها والذين أسرعوا نحوها ..
أما نوران فأبتسمت بشيطانيه وهي تري مشهد سقوط أختها وكأن ذلك يمتعها ويطفئ النار بقلبها ..فهي من تعمدت أن تعرقلها عندما مدت قدمها أمام قدم أختها خفيه ودون أن يشعر أحد بما تفعله..
هي بالأساس سبب سقوطها
………………….

يتبع….

الفصل الثالث والأربعون

وضعها علي السرير برفق ويداه تخبط علي وجنتيها في غمرة قلقه خاصه وهو يري تلك الدماء المتسلله عند أعلي جبهتها ..ولم تستجب فكانت غائبه تماما عن الواقع
أنقبض قلبه بقلق وأرتعاب وهو يري سكونها لو أنتظام تنفسها لكان أعتقد أنها لا سمح الله فارقت الحياه ..
نبرة صوته الخائفه تناديها لكن بدون جدوي فأبتلع غصة بحلقه وعصفت زيتونة عيونها بحزن عميق
وهو يري ملامحها باهته إلي جانب أزرقاق شفتيها وحاجبيها المقوسين بأنقباضة ألم
ومنال كانت تبكي بحرقه وهي تضع كفها أعلي أنقباصة قلبها تراقب ملامح أبنتها بأرتياب ورعب ..تأمل أن تصير أمورها علي خير
فهي لن تقدر علي فقدانها من جديد بعدما وجدتها ..
فهمست من بين شهقات بكائها ومازالت عيونها مركزه علي زهرة :هو الدكتور أتأخر ليه..
وما كادت تكمل جملتها حتي أخبرتها الخادمه بأنتظار الطبيب أمام الغرفه
فعلي الفور أمرتها بأن يدخل ..
الطبيب ذو الملامحه الهادئه ونظاره طبيه مستديره تقطن أعلي أنفه ..
لتزيد من وقاره ..وخشونة ذقنه الغير حليقه تزيد منه وسامه خاصة وأنه تخطي منذ أشهر حاجز الخمسه وأربعين عاما ..
تطلع لعيون الواقفين ..
آسر الذي أبتعد عن محيط زرهرة ليفسح المجال للطبيب بالأقتراب منها وروميساء الواقفه تعلو ملامحها أنقباضة قلق
وعلي عكس الجميع نوران ..نوران الواقفه دون مبالاه ..بل أن قلبها من الصميم قد أنتصر ..وتشعر بهدوء نفسي لم تشعر به قبلا وتراقب ملامح أختها الفاقدة للوعد بنفسا مطمئنه
وكأن الموضوع قد أتي علي هواها ..
وأخير سليم الواقف بوجل يكتف ذراعيه بملامح وجه واجمه ..قلق يعبث بقلبه وهو يري زهرة بتلك الحاله ..حتي وإن كان يرفض وجودها حتي الأن في حياته هو ووالدته وأخته
إلا أن شئ ما بداخله يجعله يقلق عليها..ويحرك شعورا جليا ناحيتها ..
يبدو ان رابط الدم يقوم بوظيفته ..
هتف الطبيب إليهم وهو يتفحص زهرة بمهارة :أرجوكم أتفضلوا كلكم بره لحد ما أنتهي من فحصها ..
ترددت منال وهي تطالع آسر الواقف وراء الطبيب بخطوتين رأته وهو يومئ لها بمعني نعم
فتخركت لتنهض من جوار زهره لكن الطبيب قال لها بأدب:مدام منال ..ممكن حضرتك تستني عادي ..
ثم تفضل الباقي بالخروج وآخرهم كان آسر الذي وجه أنظار قلقه تجاه زهرة الراقده علي السرير كالأموات لا حول لها ولا قوه..
وهذا يزيد من قلبه أنقباض وألم قبل أن يقفل الباب خلفه بهدوء وملامح يائسه ..
أقترب منه سالم الذي صرف المدعوين بطريقه ذوقيه تلاءهم وهتف بثبات:ها الدكتور قالكم إيه..
آسر وهو يخفض رأسه بعجز ويمرر أصابع يده بين خصلات شعره الاشعت وهز رأسه له نافيا بمعني ان لا أخبار حتي الأن
فتنهد سالم بنزق وكذلك زوجته الواقفه جواره علي بعد خطوات …
شعرت بنظراته المتفحصه لها بين حين وآخر ولكن لم تقوي علي مجابهته وعيونها العسليه مازالت مازلت تحت تأثير حزن قد عصفه بها منذ ساعات عندما أستمعت لمكالمته الوقحه مع فتاه لا تملك من الكرامة وعزة النفس شيئا كي ترتضي علي نفسها هذا …
كانت تحاول جاهده التماسك وهي تقف أمامه لكن كل هذا في محاولات واهيه عابثه
فهي لا تستطيع السيطره علي أرتجافة جسدها وهي تشعر به يخترقها بنظراته كأنها عارية أمامه مثلا ..
فأبتلعت ريقها بوله وأجفلت عيونها رهبة من سلطته وهي لا تريد ذلك ..لا تريد أن يسيطر عليها ..
خاصة بعد ما حدث ..
أنسحبت بهدوء من ببنهم دون أن تثير أي عين إليها
إلا عيونها هي والتي كانت تراقبها منذ البدايه ..
فتبعها وهو يشعر بتوهان وحيره مما يفعله..فهو أقسم علي الأبتعاد عنها وعدم الأختلاط بها..إلا أن عيونها التي طالعته بحزن وعمق منذ ساعات عندما سمعت مكالمته قسرا يؤلم قلبه ويعيث عبثا في كل شريان يضخ الدم إليه..إلا أن أحد ابشرايين قد أنجلط من نظرة عيونها المنكسره
كأنها واجهته بمدي حقارته دون أن تتكلم ..دون ان تنطق شفتيها بأي عتاب
وقف خلفها حيث الهواء المنعش يلفح وجهه ويشعره بمدي روعة وجمال نسمات الهواء
طالعها بنظرات قاتمه حزينه وهو يري كتفيها المتهدلين علامة الحزن والأسي
فأنقبض صدره في محجريه وأحس بخنجر ينغرز بين أضلعه عندما سمع تنهيدتها الحارقه التي صمت أذنه حزنا
أقترب بخطي ثابته حتي وقف جوارها علي بعد خطوتين ونظر إلي ما تنظر إليه ..حيث زهور القرنفل ذات اللون والرائحه المبهرين للعين والقلب
وهي شعرت بجسده الضخم والرياضي جوارها بل أحست بوجوده منذ البدايه إلا أنها صمدت ووقفت ثابته دون حراك تبتلع الغصه بحلقها بأرتباك وأن قلنا أن برودة الجو هي من ارسلت رعشه بين جنباتها فسيكون كذب لأن وجوده الطاغي جوارها هو من تسبب في أرتعاشتها لكن أغمض عيونها تستدعي الدفي والثبات
أبتسم ببلاهه وهو يطالع الزهور ثم قال بخفوت :جميله ..
تلعثمت وأنتفض كيانها فكلمته تلك علي الرغم من بساطتها إلا أنها بعثرت ثباتها تمام
وأفضل حل بالنسبه لها في تلك اللحظه هو الهروب وفعلا كادت تتحرك لولا أن وصله هتافه القلق
قائلا بقلبا مترجيا لها :روميساء أستني لو سمحتي ..
فوقفت توليه ظهرها وهي تغمض عيونها بأرتباك وأكثر منه خوف وشعور بالتشتت
زفر يستجمع شتات نفسه فقال بعد أن شد أزر نفسه بنفسه :ال ال ..
صمت وأخذ نفسا عميقا وهو يلعن ويسب نفسه التي لا تقوي علي الكلام بفعل جسده وقلبه المنقبض أمام حضرة وجودها
ثم قال محاولا ترتيب الكلمات بحذر: ال المكالمه ..قصدي ..قصدي ال الكلام اللي أنتي سمعتيه
وتوقف يغمض عيونه بقلق
وبمجرد أن ذكرها بتلك المكالمه نزفت دموعها حتي سالت علي وجنتيها بقهر وقرف …
ثم أكمل وهو يضع ساعده خلف رأسه بتلجلج وأرتباك :أنا أنا مكنش قصدي أسمعك الكلام ده..قصدي ..قصدي أني مكنتش أعرف أنك واقفه وسامعه المكالمه..دي ..دي واحده
عندها ألتفتت إليه بقوه غير معهوده نظراتها إليه كانت غاضبه مشتعله بل حزينه منكسره وهدرت به وأنفاسها تعلو وتهبط بعنف :ومين قالك أني عايزه اسمع مبررات ..أصلا أنت متهمنيش في حاجه ..حب وأعرف اللي أنت عايز تعرفه كل ده أنا ملييش علاقه بيه لأننا عمرنا ما هنلقتي في نقطه واحده يا سليم أنا وأنت مختلفين فمتحاولش تحسسني أنك فجأه بقيت بت
أنزلت عينيها للأرض بأنكسار ولم لكن لها ..أغمضت عيونها بوجع ثم تحركت مبتعده عنها دون أن تولية أي نظره ودون أن تقول له أي كلمه..
وقف مبوهتا للحظه من قسوتها وشراستها المباغته يتطلع إليها وهي تبتعد عن مرمي بصرة
فزفر بحزن ..
……………………………………….
خرج الطبيب من الغرفه ليقترب منه الجميع يسألونه بقلق وعيونهم معلقه به حيث يمر الوقت بطيئا جدا من شدة تلهفهم
خاصة آسر الذي تحولت عيونه لسحابه من الحزن والقلق ..
رفع الطبيب رأسه المطأطأ إليهم يراقب أعينهم القلقه بتمهل ثم زفر بثبات
وقال :عندها عمي مؤقت
ثم توقف وهو يري الصدمه الواضحه علي ملامح الجميع
صدمة تحمل حزن أسي ..وصدمه تحمل تشفي وأرتياح
لم يصدق أذنيه رغم أستسلام عيونه لكن كان لديه أمل بأن تلطبيب يختبر صبرهم
فهتف والأسي يتغلغل من المستديره داخل مقلتيه وصورة زهرة تنعكس بداخل عيونه :اكيد أنت بتهزر يا دكتور صح قولنا أنك بتهزر
لكن حزن وأسي الطبيب الظاهر جليا علي قسمات وجهه الهادئه أخبرته بأن تلك الحقيقه ..
فأنقبض قلبه وأستمع لباقي حديث الطبيب الذي أستكمل حديثه قائلا بنفس الهدوء:الوقعه مكنتش سهله للأسف أثرت علي خلايا قرتية عينها بس ده عمي مؤقت
قاطع سالم حديثه بحاحبين مقطبين بعلامة أستفهام قائلا:يعني إيه يا دكتور عمي مؤقت ..
أكمل الطبيب موضحا:يعني أحتمال يلازمها يومين أتنين أسبوع بالكتير ..بس هتخف منه علي حسب رعايتها أخد العلاج في مواعيده الأنتظام في الأكل حالتها النفسيه دا كله له تأثير إيجابي عليها وهيخليها تخف منه أسرع وأسرع..كمان يفضل أنها متعملش مجهود كبير
والصرخه المتألمه الصادره من داخل الغرفه أرعبت الجميع
وعلي آثرها دخلوا للغرفه
توقف آسر في مكانه عند الباب وهو يري زهرة تبكي بهستريه وتحتضن والدتها بقوه كأنها تطلب منها الحمايه ..أو كأنها تختبئ قرب قلبها الأمومي الذي يشعر بحزنها …وأنهياره..
وقد تجمدت أطرافه وهو يراها بتلك الحاله من الذعر واليأس كل دمعه منها كانت تحفر بقلبه نهرا من الوجع والألم
وهمسها همسها الذي أوجع نياط قلبه وهي تقول لامها الجالسه بجوارها تحتضنها وتبكي لبكاءها لكن بصمت ووجع أكثر :أنا مش عايزه اعيش يا أمي ..مش عايزه أعيش وأنا عاميه ..أنا تعبت أووي تعبت ..يعني يوم فرحتي تتكسر كده هو للدرجادي أنا مينفعش أفرح ..
آه ..آها يا ماما آها ..
وجع دموع تحرقها تلهب قلبها تقتل فرحتها ..
والجميع حولها يبكي بصمت حتي والدة آسر تشفق علي حالتها بعد أن كانت كارهه لها ..
غير شخصا واحد…نوران …الساديه
ساديه بمعني أنها تفرح لألم أقرب إنسانه إليها ..أختها التي شاطرتها نفس المكان عندما كانتا أجناء في بطن أمهم ..تتقاسمان نفس الطعام نفس التنفس نفس المعامله نفس العلاج …
إلي أن قررت الحياه تفريقه بعد أسبوع واحد من خروجهما لنور الدنيا ..
عيونها كانت فرحه ويغلغلها هدوءها النفسي أكثر كلما تعالت شهقات زهرة الباكيه ..
……………………………….
بعد مرور أربعة أيام
في حديقة الفيلا ..
أعتادت زهرة علي وضعها الجديد او بمعني حاولت أن تتعايش معه كي لا تتعب معها من حولها وخصوصا قلب أمها وعيونها التي تبكي دوما علي ما آل إليه حال أبنتها
تشعر بذلك حتي وهي لا تراها
لم تحتمل منال أكثر وهي تري أبنتها جسد بلا روح خاويه من أي حياه
من كلماتها الخاويه أبتسامتها او شبح أبتسامتها الميت
ونهضت متحججه بالعمل ..تركتها تجلس برفقة نوران
التي كانت تمسك بقدح القهوه وترتشف منه وهي ترمق زهرة بنظرات منتصره
ثم أجفلته لتضعه علي سطح الطاوله أمامها وتمطعت مستمتعه بنسمات الهواء المحيطه بهم
تطلعت بغنج للزهور أمامها وتعمدت النظر إلي زهرة الواجمه
قائله بخبث وتشفي :تعرفي أن شكل الزهور النهارده تحفه عن أي يوم ..بصيلهم كده
أوبس سوري يا زوزو أنا نسيت أنك
وصمتت تبتسم بسخريه تاركه كلمتها معلقه بالهواء وقد أدركت زهرة ما تقصده فآلمه ذلك ..
عم الصمت قليلا ..
لتعود نوران لمقاطعته
وهي تضع كفيها المشبكين أسفل ذقنها
وأبتسمت أبتسمت ليظهر صف أسنانها اللؤلؤي
قائله وهي تعبث بالكلمات عن قصد:قوليلي يا زهرة
وتنبهت أذني زهرة لحديثها
هو أنتي لسه عايزه تتجوزي آسر ..أنتي عارفة طبعا أن الوضع أتغير بعد ما ..حصل اللي حصل ..
أنقبضت ملامح زهرة ألما وهي تقبض بشده علي ساقيها حتي تراخ قماش فستانها علي بياض بشرتها
أكملت نوران بنفس النفس الغادره:أعتقد أن لو آسر قدر يكمل العلاقه دي هيكملها لسبب واحد بس …عشان ميزعلش خالتو اللي هي ماما ..وده طبيعي علي فكرة لان أي راجل في مكانه كان هيعمل كده
ثم أرجعت ظهره للوراء قليلا وهي ترفع ذقنها بشموخ قائله :مش معقول يعني واحد في شباب وحيوية آسر يكمل حياته مع …إنسانه الله أعلم هتخف أمتي ..
حققت هدفا بل نصرا ساحقا وهي تري دموع زهره تنهمر بدون توقف
وكم أسعدها ذلك ..
بس أنا بحب زهرة في كل أحوالها ..حتي لو أتحولت لشبانزي ..
باغتهن صوته الرجولي الخشن وهو يقف خلفهم بمنهي الصلابه والثبات
فأستدارت تنظر إليه والي نظراته الواثقه المتحديه لها
وزهرة سمعته بصمت وقلبها يتألم
أقترب منهم وعينه متسمره بتصميم علي عيون نوران الناريه يقسم أنه لو أطلق العنان لتلك العيون لهاجت وأحرقت اليابس والأخضر
فأكمل مشددا بصرامه علي كل حرف :أنا مش حقير ولا ندل عشان أنهي علاقتي بزهرة لمجرد أللي حصلها ..بس أنا بعذرك لأتك متعرفيش أن زهرة هي الهوا اللي بتنفسه ..لو عرفتي أنا ممكن أعمل إيه عشان أشوف أبتسامتها مكنش عقلك المريض صورلك اللي قولتيه الوقتي
وجال بعينيه من علي ملامح قاسيه شرسه ليحول إلي ملامحها الحزينه الشارده ..
أقترب أكثر منها وهو يميل بجذعه يحتضن كفها المرتعش الرقيق في راحة يده
هامسا ملامسا بشفاهه أذنيها:وحشتيني ..معرفتش أنام أمبارح وأنا بفكر أمتي يطلع النهار عشان أجي وأشوفك
لوهله نسيت حزنها وأبتسمت وحمرة الخجل تعتلي وجنتيها ببراءه ..
أبتسم بعمق لأبتسامتها وبريق عيونه اللامع يشهد علي ذلك ثم أكمل هامسا برفق:تعالي معايا ..
وبالفعل نهضت تمشي جواره وكأن راحة كفه الممسكه بكفها هي من ترشدها للطريق دون أن تتعثر
وعيون حاقده كارهه تراقبهم وبركان الغضب بداخلها يتفاقم
ولم تدرك بأنها تضغط بقوة أناملها حول قدح القهوه ليتكسر بين أصابعها من شدة غضبها وثورتها وتصاب باطن يدها ببعض الخدوش آثر تكسير القدح..
……………..
وقف أمام منال التي ما أن بادرته ترحب به ويعلو قسمات وجهها أبتسامه
حتي أوقفها عن كلماته التي لم تقلها هاتفا بأرتياح وثقه :بعد أذنك يا خالتي أنا عايز أكتب كتابي علي زهرة النهارده
فغرت منال عيونها بصدمه ولم تنطق بأي كلمه وهي تطالع آسر بملامح جامده
وزهرة كذلك ..صدمها طلبه المفاحئ فوقفت متسمره في مكانها غير مصدقه لما دار علي مسامعها منذ لحظات
سبحان الحي الذي لا يموت….عندما قال في كتابه:
( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )
صدق الله ..
فمكر نوران فاقه مكر الذي لا يغفل ولا ينام ..
…………………………………
طرقت علي الباب بهدوء
فتسمح لها بالخول وهي تدرك جيدا أنها نداء
أبتسمت لها وهي تطل برأسها من خلف الباب هامسه برقه:صباح الخير ..
سلمي بنزق وهي تلملم ثيابها من العلاقات داخل خزلنة ثيابها لتقحمها بداخل الحقيبه الضخمه القابعه بأستكانها علي طول سريرها :صباح الخير
قست بزاوية عيونها وهي تلمح نداء تقترب منها لكن سرعان ما أشاحت بهم لنقطة ما بداخل الخزانة
وقفت نداء جوارها لا يفصلها عنها سوي باب الخزانة المفتوح علي مصراعيه
هامسه بتناغم صوتها الدافي وعيونها المسترخيه بطهاره وصدق كقلبها الصافي:ماما قالتلي أنك هتسافري شرم الشيخ …ممكن تفهميني ليه عايزه تسيبينا وتمشي ..
زفرت بضيق قبل أن تقول بحاحبين مفكبين علي شكل الرقم ثمانيه:نداء مفيش داعي نتكلم في الموضوع انا قولت لبابا وهو وافق ..أنا هشتغل هناك هستقل بحياتي وأبعد عن كل حاجه هنا ..قريتنا السياحيه اللي هناك محتاجني جنبها وأنا من زمان كان نفسي أدير الفندق والقريه …
مدت كفها لتربت علي كتفها بحنان هامسه ترجوها بهدوء علها تُعدل عن قرارها
ثم قالت بخفوت :هتسافري من غير ما تحضري فرحي
أخري سفرك ليوم واحد يوم واحد بس أنا محتاجاكي تكوني جنبي بكره ..
عاجلتها بأقتضاب :لأ..
ضيقت نداء عيونها بغرابه وهي تتطلع لملامح اختها التي تحولت لكتلة غضب بمجرد أن طلبت منها أن تكون جوارها ليلة زفافها
وعندما لاحظت أنها تسرعت في ردها المقتضب الذي لا مبرر له سوي لها هي قالت بتلعثم وهي تزيغ ببصرها:أقصد أني لازم أسافر النهارده ..
وأرخت نظرات عيونها وأرخت كتفيها لتتطلع ل نداء هامسه بترجي :لو بتحبيني سيبيني علي راحتي ..
رغم حيرة نداء وعدم فهم لسبب رغبتها المفاجئه في السفر إلا أنها أبتسمت بصدق قائله بملامح صافيه :علي راحتك يا سلمي ..أنا أتمنالك الخير في أي مكان تكوني فيه ..وأنا هعتبر أني سمعت كلمة مبروك منك..
ودون مقدمات أقتربت نداء أكثر منها لتحتضنها بحنو وهدوء وأبتسامه غامره ولمعة حزن ظهرت جليا في بريق عيونها ….
أبعدتها سلمي قليلا عن محيطها وهي تنظر إليها بجمود ثم اقفلت لجام حقيبتها وأنزلتها أرضا لتسحبها خلفها وهي تخرج من الغرفه دون أن تنظر للوراء …ودون ان تشعر بحزن نداء ودموعها المتساقطه بسبب رحيلها ..
زفرت سلمي بأرتياح والسائق يقلها لمقصدها
فهي بالكاد تمكنت من إقناع أبيها بحجة أن نفسيتها بحاجة إلي رؤية اماكن جديده وأناس جدد ..
هي في الحقيقه ترجته وألحت عليه ليضطر في النهابه إلي اعلان موافقته ..
ورغم معارضة والدتها للامر إلا أنها لم تأبه ما دام والدها قد وافق ..وودعتها بكلمات بسيطه قبل ان ترحل (ماما أنا ماشيه)
ولم تلتفت إليها والدتها بل ظلت موليه إياها ظهرها بجمود ودموع وقلبا مشتت ..
يأست من رضوخ والدتها للأمر فزفرت بضيق وهي تغادر وتجر خلفها حقيبتها الضخمة بخيبة أمل…
والأن واخير هي في طريقها للذهاب لشرم الشيخ ..
………………….
أنتهت مراسم كتب الكتاب
وصارت زهرة مالك الزهار تنتمي لعائلة الجندي ..
طبعا عندما أخبر آسر والده بالأمر وافق فورا طالما أنه سيستفيد من وراء زيجة أبنه ب زهرة
هي الأن تجلس مرتبكه علي الكرسي بعد أن تركتهم العائله بمفردهم وآخر من خرجت هي منال التي أقفلت الباب وهي تبتسم بقلب أم مطمئن …
تأملها كثيرا بداية من ملامح وجهها المرتبكه نزولا بأصابع يدها التي تشبكهما بأرتباك فوق ساقيها
وكم أحس بتوترها وقلقها من تفاحة رقبتها التي تبتلع خجلها بصعوبه لتظهر بمظهر قوي وثابت أمامه خاصه وهي لا تراه ينظر إليها ..
نهض عن مكانه بأبتسامه واقتربت خطواته منها حيث كانت تجلس بعيده عنه بأثنين من الكراسي
وأحست بأقترابه من صوت خطواته وعطره الطاغي والذي يسبب لها حاله من الهلع والأرتياب
فكادت تنهض وتخرج من الغرفه حتي لو تعثرت أمامه ووقعت لا يهم ..
المهم ان تهرب من أمامه الأن ..
لولا وقوفه الطاغي أمامها وهو يمد يده ليحتضن اصابع كفها الباهته من شدة خجلها
وسرعان ما أنتزعت يدها منه وعاودت الحلوس بتشتت وأرتباك ..
فأبتسم بهدوء وهو يري ضياعها أمامه بذلك الشكل ..أول مره يراها بتلك الحاله
ومال ببطئ إليها حتي جثي علي ركبتيه أمامها وتناول راحتي يدها المستكينه بهدوء علي ساقيها في كلتا يديه متلمسا أصابع يدها بحنو ورومانسيه كادت تطيح بقلبها أرضا لولا بعض الثبات الذي غلفت ملامحها بها
حاولت أن تسحب كفيها لكن هذه المره لم يسمح لها بذلك
وقال بأبتسامه هادئه:مبروك …وأخيرا بقيتي ليا بقيتي ملكي ..
قالها وهو يتنهد براحه وسعاده غامرة ..
لتجيبه بنبرة جاهدت كثيرا لأخراجها :مكنش ..مكنش لازم نتجوز ك
قاطعها وهو يضع أصبعه برفق أمام شفتيها الساحره
ثم همس برفق وحب :كان لازم نتجوز النهارده قبل بكره أولا لاني بحبك وبعشقك وبتمني تكوني جنبي طول حياتي ..ثانيا عشان اقطع لسان اي حد يتكلم عن اني ممكن انهي علاقتنا لمجرد حادث حصلك ..انا ان كان عليا كلامهم ميهمنيش لانهم عمرهم ما هيفهموا حاجه اسمها حب حقيقي زي حبي ليكي بس اللي بيوجع قلبي فعلا ويقلقتي عليمي أن كلامهم يأثر عليكي..حبيت أفهمك أن اللي حصل مش هيقلل من حبي ليكي بالعكس دا خلاني اعشقك أكتر من الأول عشان أنتي كل حاجه في خياتي وعرفت بس اني عايش لما أنتي أتوجدتي في دنيتي
وببطئ وعيون عاشقه قرب كفيها من شفتيها ليلثم باطن كفها بقبله عميقه وهو يرفع كفها إلي جانب وجهه الخشن فيجوب بنعومة بشرتها علي قسمات وجهه وذقنه الغير حليقه..فيشعره ذلك بالدفئ والراحه آثر لمساتها التي تثير رجولته
وهي كادت تذوب خجلا آثر ما فعله للتو …
…………………………..
تثاؤبت قبل أن تغمض جفنيها لتنام عندما قطع ذلك الهدوء رنين الهاتف القابع علي سطح الكومود
فأبتسمت وهي تري أسمه يزين شاشة هاتفها فأجابت بخفوت والخجل يزين محياها :ألو
غالب وهو يبتسم بشقاوة :نمتي ..
نداء بأبتسامه :وبحلم كمان ..
أسترخي للوراء قليلا ومدد ساقيه أمامه ثم وضع ساعده أسفل ذراعه قائلا بعيون عابثه هائمه في بحور العشق:وبتحلمي بأيه ..ويا تري أنا موجود في الحلم..
أبتسمت بحرج وهي تتقلب علي جانبها ثم قالت برقه صدع قلبه لها :أنت موجود أدامي في الواقع وفي الحلم..
ولم تصدق أنها نطقت بمثل تلك الكلمات وكأنها جابت بها دون وعي فدفنت وجنتيها المتوردتين من الحمره بين وسادات السرير ..تخفي وجهها عنه وكأنه أمامها يراها ..
ثم قالت لتهرب من حمق عقلها وتداري علي هوج تسرعها وصدق ما يعتمل قلبها:مش ماما قالت بلاش تتصل بيا قبل الفرح بيوم لان ده فال وحش..
غالب بحب وأبتسامه هائمه :أنا لو مسمعتش صوتك كل لحظه هتجنن ..أنتي خلاص بقيتي بتجري في عروقي ونبض قلبي بينطق بأسمك أنتي بس..بقيت بستني النهار يطلع عشان أطير بعربيتي وأشوفك …مش مصدق أن ربنا بيحبني اووي كده عشان يهديكي ليا..دا أغلي هديه في حياتي
ثن نظر لفوق وهو يقول بصدق:أنا هعمل اي حاجه حتي لو هتخلي عن عمري كله علشان اصون الهديه اللي أنعمت عليا بيها ..
فأبتلعت ريقها وقلبها يتهافت بخجل تستمع لكلمات عشقه بكل جوارحها
همس بحب:نداء …أنا آسف ..آسف علي كل اللي سببتهلك من الم ..و
قاطعته بهدوء:أحنا قولنا إيه..مش قولنا ننسي اللي فات وأن اللي فات مات …
بعذوبه قال:بحبك ..والله العظيم بحبك وبعشقك ..
فصمتت
ليقول:هو أنتي هتفضلي ساكته كده كل ما أقولك حاجه ..
وصمتت أيضا
ليكمل هو :تعرفي أنا فضلت أتخيل فيكي كتير بعد الجواز أزاي تكوني رومانسيه وتقوليلي كلام رومانسي زي أي زوجه بس معرفتش أتخيلك..حاسس أن الرومانسيه متركبش عليكي كنداء خالص ..
أقصي حاجه ممكن تبقي رومانسيه فيها أنك تقومي الصبح تقوليلي صباح الخير
أنهي كلماته وأعقبها بقهقهات أزعجتها وجعلتها تقطب حاحبيها حزنا
هل يسخر منها؟؟؟؟ أم يسخر من سذاجتها ..
فقالت بضيق:غالب
فهمس بحب:عيون غالب
أبتلعت ريفها بتأثر لكنها تماسكت وقالت:علي فكره بقي أنا بردوا عمري ما توقعت أن تيحي لحظة وتقولي فيها الكلام اللي أنت لسه قايله ..بس الصدمه بقي ان اللحظه دي جات ..
ثم صمتت وهي لا تعرف ما المغزي مما قالته..لا بل تعرف
وهذا زاد من أحمرار وجنتيها وهي تدرك أن ما تقصده قد وصل لغالب
فما لبث أن هتف:طب سمعيني أي كلمه طيب بيقولوا يااااما تحت الساهي دواهي ..
لم ترتعش يدها فحسب بل ارتعش كامل جسدها وتسللت حمرة الخجل من جديد لوجنتيها
فزفر غالب وهو يقول: مفيش فايده رجعنا تاني للصمت ..بس تعرفي أنا نفسي أووي أكون واقف أدامك الوقتي
قالها وهو يدرك بخبثه أنها لن تفهم مقصده إلا بعد لحظات
وكما توقع بعد مرور لحظات شهقت وهي تبرق عينها بصدمه ثم قالت قبل أن تقفل الهاتف في وجهه بصلف:أنت وقح ..
وبسرعه نهضت عن السرير وهي تري أنها ترتدي منامه من الشيفون
وبرغم انها تدرك أنه لا يراها إلا أنها بسرعه توجهت نحو خزانة ملابسها وأنتقت منها روبا محتشما وأرتدته فوق المنامه وفورا ذهبت لسريرها وتدثرت أسفل الغطاء من أخمص قدميها حتي أعلي رأسها بكثير ..غطت جسدها بالمامل حتي شعرها ..
خجلها من كلماته ومن تفكيرها جعلها تفعل كل ذلك …وحاولت أن تغمض عينيها لتنام برغم وجنتيها اللتان ما تزالان محمرتين خجل من كلمات غالب الوقحه ..
لكن لم يجافيها النوم فالقلق يسيطر عليها ..
كيف لا يتملكها الغضب وزفافها سيقام غدا ….
أما هو فأبتسم وهو يتطلع لأسمها الذي يقطن عميق قلبه قبل قائمة أرقام هاتفه ..
ثم زفر بأرتياح وهو يشد الغطاء عليه ..لينام بهدوء ..ولتأتيه مالكته في أحلامه الورديه ككل ليله ….

يتبع….

الفصل الرابع والأربعون

أمام مطار القاهره الدولي
تمتد أمام بوابته هيكل لسياره ضخمه من نوع الBMW
والتي تنتمي لأحدث ماراكات السيارات في العالم أجمع..
يسترخي بجسده الضخم علي المقعد الوثير بأنتظار وصوله..والذي سيكون عند ظهر اليوم .. بعد دقائق من الوقت الحالي …
كان يتجول بعينيه الثابتتين علي كل الواصلين ليتبينه من بين عددهم الضخم
وأخيرا يلمحه وهو يتهافت بحرية ..ملامحه نازالت بنفس القوه والتمرد لكن بها لمحه عميقه من الحزن ..
نزل من السياره لتبتسم ملامحه بأشراق وهو يقف بمحاذاتها ملامسا جسده هيكلها الأسود اللامع
وأقترب القادم بأتجاهه بخطي رتيبه متردده ليقف أمامه وجها لوجه فقط نظرات العيون هي السائد
هتف آسر وهو يطالع ملامحه بثبات :حمد الله علي سلامتك..
زفر كرم بضيق وهو يطأطأ رأسه لأسفل ثم رفعهما مجددا لمستوي عيني آسر قائلا وعيونه تشرد بذكراها التي لم ينساها طوال غيبته في بلاد اوكراني
وقال بتشتت:مش خايف ل سالم الجندي يعرف باللي عملته معايا ..فيقوم يتبري منك ..
رغم لمحة السخريه المبطنه لآخر كلمات كرم إلا أن آسر أبتسم بهدوء وربت فوق كتفه الأيسر قائلا:أنت أخويا والرابط اللي بينا يجبرني أساعدك وقت ما تطلب …وأفتكر دايما أني أخوك ..سامعني يا كرم …
يذكره بأن كلمة الاخوه ليست مجرد كلمه فقط بل عي تشتمل الكثير من المشاعر وقبل المشاعر الأفعال ..
تنهد كرم بأسي وهو يري الأنكسار والحزن قاطنين مقلتي أخيه لكن هو قد فقد الثقه في والده أقرب إليه من أخيه ..ويحتاج إلي مزيد من الوقت ربما أشهر او سنين ليثق بأقرب الأقرباء إليه من جديد حتي وان كان آسر عكس والدهم ..حتي وإن كان سبب عودته مجددا للوطن ..لكن ما بداخله أكبر وأعظم من ان يمحي لمجرد موقف.
وتفهم آسر ذلك من نظرة عيونه الحائره فقال بهدوء وتفهم :أجرتلك شقه تسكن فيها لحد ما بابا يرجع عن قراره بخصوصك ..وكمان عربيه تقدر تروح وتيجي بيها وقت ما تحب ..بس…بس خليك حذر في تحركاتك..
أومئ كرم بملامح متجهمه
ثم مد آسر كفه وبداخلها مفتاح سيارة كرم التي أجرها له مؤقتا كأمر الشقه ..ثم همس:تعالي أوصلك لعنوان الشقه..
وبالفعل تحرك كرم ليجلس بجوار أخيه في المقعد الأمامي لينطلق بعدها بالسياره ..بعد ان رمق كرم بنظرة يائسه …
……………..
أدار آسر المفتاح في دائره صغيره
ثم يدفع الباب بهدوء ويدخل لداخل الشقه بعد أن ضغط علي ذر معين لتتكشف الشقه بالأنوار
شقه بسيطه لا بأس بها مكونه من غرفتين وصاله إضافة إلي الحمام والمطبخ الأنيق رغم ضيق مساحته بعض الشئ
وقف آسر في منتصف الشقه وأمامه كرم الذي لا يزال يتمعن في الشقه ويستكشف خبايها في اول مره
دس آسر يديه في جيوبه وتطلع لكرم بثبات قائلا ووجهه ينم عن أبتسامه بسيطه عند زواية فمه وذقنه الغير حليق :علي فكره أنا كتبت كتابي أمبارح علي زهرة ..
لم يتفاجئ فهو توقع شئ كهذا بعد أن رأي نظرات أخيه المختلفه نحوها في عزيمة ما ..عندما أصرت خالتهم السيده منال علي حضور الجميع دون أستثناء ..فأضطر للذهاب قسرا لأجل خاطر خالته فقط لا غير ..
فهمس بجفاء خاوي من أي مشاعر :مبروك …
عندها زفر آسر بضيق وذهب من أمامه دون أن يجيبه او يرد علي مباركته …
راقب رحيل أخيه بسيارته الفارهه من خلف الزجاج الشفاف
بعدها أسرع بخطاه وخرج من المنزل وهو يغلق باب الشقه خلفه بهدوء
فتح باب سيارته وصعد إلي المقعد الامامي ثم أدار المحرك وأول وجهته هو منزل هنا أبو حجر ..فقلقه عليه كاد يقتله ويفجر أعاصير خوفه ..
…………
طرقت الخادمه علي باب مكتب السيد أبو حجر والد هنا وهي سيده ممشوقة القوام ترتدي تنورة قصيرة لأسفل ركبتيها تعلوها ستره من الصوف الردئ وعلامات عمرها المتقدم قد بدء بالظهور علي ملامحها الهادئه..
ليأذن يخفوت بأن يتقدم الطارق ويدلي بما عنده
رزانة خطواتها المتمهله حتي مكتبه ووجهها النستظير المشرب بحمرة الشمس حين الغروب
جعلته يرفع رأسه إليه يطالعها بثبات وعينيه تضيق مع كل خطوه
إلي أن وقفت بأحترام وقالت بخفوت:فيه شخص طال دب يقابل حضرتك في موضوع ضروري ..
للحظه فكر متجهما يخمن من يكون ذلك الزائر وفي لي موضوع يريده..
تنهد بملل قائلا وهو يشبك كفيه أسفل ذقنه بثبات وعينين ثابتتين كصقر جامح:أنا هطلعه الوقتي ..
فأومأت الخادمه بهدوء وخرجت ..
أقفل أبو حجر باب مكتبه بهدوء وهو يجول بعينيه علي الفتي الواقف بعيدا أسفل إطار صورة هنا المعلقه في الزوايه علي الحائط
هو ايضا لوهله تسمر في مكانه يطالع الصوره بنظرات مشتاقه لرؤيه الغاليه المفقوده وكادت دمعه حبيسه أن تهرب من آسر مقلتيه لولا ان تنحنح بثبات
أحم أحم
فتنبه الأخر لوجود أبو حجر خلفه يفصله عنه عدة خطوات رتيبه كقلبه اليائس ..
أغمض عيونه محتفظا بصورتها المبتسمه بين طيات غشاءه البصري
وألتف ليرسل النظرات الهادئه إلي السيد أبو حجر الذي قوس حاحبيه بعدم فهم لسبب تواجد ذلك الفتي الذي لم يسبق أن رآه هنا …
بادر كرم بالأقتراب منه والثقه والحزن يملئ كيانه
وقف أمامه بجسده الضخم الذي يستطيل في القامه عن السيد ابو حجر والذي يصل بالكاد لكتفيه المتهدلين بأسي
رمقه أبو حجر من رأسه لأخمص قدميه بتساؤل
فهتف كرم بدوره:فين هنا..
باغته تسرعه في طرح السؤال عن مكان هنا دون أي مقدمات..
رغم حزن عينيه عند ذكر أسمها إلا أنه تنحنح ثم قال بخشونه:أنت مين …وليه بتسأل علي هنا …
ملامحه المتلهفه لم تتحمل مزيد الأسئله وقلبه متخوف عليها خلال كل تلك المده التي قضاها في اوكرانيا والحق انه لولا آسر لكان قد يأس في العوده الي هنا مجددا..كل ليله..كل يوم كان يستحضر صورتها أمامه وذلك ما كان يهدئ روع قلبه قليلا عنها إلا أن قلبه لم يبرئ تماما من القلق عليها فهو في بلاد الغرب وهي في بلاد الشرق يفصله عنها آلاف الأميال
لذا قال وقد نفذت طاقته علي الصبر أكثر من هذا: أنا زميلها ..ممكن بقي تسمحلي أشوف هنا ..هي ممكن في الاول ترفض تقابلني ..بس بجد أنا محتاج أطمن عليها ضروري وكمان
عاجله أبو حجر وقد تألم قلبه بحاحبين وعينين متراخيتين بحزن وأنكسار :هنا مش موجوده
كرم ودقات قلبه تتهافت بيأس:طيب ألاقيها فين..
أبو حجر وقد تفجر بركان أبوته بعجز وضرب عرض الحائط خلفه بقبضة يده قائلا والحزن يأسر نبرة صوته بشكلا مفجع:يااارتني كنت أعرف مكانها
صدمه ..حقا أنها لصدمه
والدها يقول انه يتمني ان يعرف مكانها
أي هراااء هذا الذي يتفوه به
هل من الممكن أن تكون هنا قد هررربت ؟؟!
وهذا صدمه بقوه وجعل عيونه تبرق بخواء فتراجع للوراء عدة خطوات وهو يهز رأسه نافيا بعدم تصديق
هامسا وقد أوشك علي الأنهيار:مستحيل …
بعدها ركض لخارج الفيلا تسبقه كلماته الحزينه
وهو يقول:مستحيل أسيب هنا تضيع مني…
و أبو ححر ظل متسمرا في مكانه وهو يقبض كفه بحزن ..حزن أضني تفكيره
حينما يفكر ب هنا ويتخيلها وقطاع الطرق يتعرضون لها او يهاجمها أحد المغتصبين او الشحاذين في الشوارع والذين باتوا أكثر من الهم علي القلب يسيطروا عليها فيجعلونها مثلهم تتسول من أجل لقمة العيش..
كل هذا يضني قلبه ويقتله في اليوم ألف مره ..
العجز …أنها لكلمه في قاموس مقيت ..يجعلك تشعر بالضعف والمهانه كالسمم المتسلل أسفل مسام جلدك رويدا رويدا وأنت عاجز عن إنقاذ أقرب الناس إليك
حتي أن كانت أبنتك …
……………………………..
ركن سيارته علي جانب الشاطئ
كان غالب يتأمل الطبيعه حوله وهو يسند جسده الضخم قوي البنيه إلي السياره مكتفا ساعديه أمام صدره مستمتعا بكل ذرة هواء تنعش خلايا رئتيه وقلبه
وهي تجلس بأرتباك أعلي السور المرتفع قليلا تطأطأ رأسها بحرج من وجوده الطاغي أمامها
زفر بأرتياح وهو يطالع قسمات وجهها المحببه لنفسه بأبتسامه بشوش
وتمتم متناغما مع أمواج البحر الهادئه :علي شط بحر الهوي ..هاااا يا شط بحر الهوي
وطالعها بهيام منتظرا ان تجيبه
أبتسمت وهو تضغط بحرج علي شفتيها ورمشت بعيونها عدة مرات فهي تعلم أنه يناديها لتطالعه كما يطالعها
لكنها تشتعل حرجا من أن تجيبه..
فأكمل كأنه مطرب يشدو لأجل حبيبته نعم حبيبته فلمن يغني إذا لم يسقيها من عشقه الذي بات كالمورفين المتشدق بنغم في أوردة قلبه
على شط بحر الهوى رسيت مراكبنا
والشوق جمعنا سوى احنا وحبايبنا
على شط بحر الهوى رسيت مراكبنا
رسيت مراكبنا
,,,,,,,,,,,,,,,
ثم مال بجذعه إليها يحتضن كفاها المتوترين بين أحضان راحتي كفه ..فهذا هو مكانهم الطبيعي وأوقفه برفق أمامه وهو يخترقها بنظراته الهائمه في ملكوت جمالها
سبحان من أبدع وصور هذا الجمال!!!
ثم أكمل وهو يرفع ذقنها إليه بطرف أصبعه :
سبنا البلاد كلها وعشنا وحدينا
وكرهنا ناسها واهلها يتحكموا فينا
لافي عواذل عندنا ولا حد جارحنا
عايشين في جنه لوحدنا والسعد جارحنا
والشوق جمعنا سوى احنا وحبايبنا
,,,,,,,,,,,,,,,,
ثم صمت وهو يري تورد وجنتيها وأصفرار معالم وجهها آثر غزله الصريح لها
وقال وهو يبتسم بحنان أبتسامه لامست نياط قلبها فأسعدته:ساكته ليه
تجرأت لتطالعه بعيون متمهله ثم أبتسمت عند زاوية شفتيها لتقول برقه متناهيه:هقول إيه كفايه عليا وجودك ادامي الوقتي..
برقت عيونه بفرحه ووضع كفها قريبا من موضع قلبه
ثم أبتسم قائلا بخفوت:أطلبي مني اي حاجه اي حاجه وانا مستعد أتخلي عن نفسي عشان أحققهالك ..
فأبتسمت ملئ شدقيها وهي تهمس:أي حاجه أي حاجه ..متأكد ..
هو بثقه وهو يغمزها:جربي …
……………………………
منذ أيام وهو يقبع داخل جدران غرفته كسجين حرمته جرائمه من قيمة الحريه الثمينه
وجرمه هو أنه لم يمت كالباقين
كان يجب أن يكون مدفونا تحت ثرايا التراب مثلهم ..فلما ظل علي قيد الحياه حتي الأن
السواد تحت خطي عينيه بات كالظلام الذي يحيا فيه الأن ..وحالت ملامح وجهه للون المومياء الحقيقيه التي لا روح فيها ولا حياه..
كأن احدهم أقتلع جذور قلبه ليحيا بدونه ومن غير نبضه .
كان مستلقي علي السرير وهو يقوس ساعده فوق وجهه محيطا به عينيه …
وقد كان يغمض جفنيه برفقا تام غافيا وليس بغافيا
حين طرقت يد متردده علي باب غرفته
لم يجيب بل لم يسمع طرق الباب من الأساس
دخلت رأته وهو بتلك الحاله..بكت تألمت وهي تضع كفها قرب قلبها تهدئ نبضه المتألم لفراق أبنها
لازال قلبها يؤلمها ..ولكن أحساسها بأن حي يرزق هو من يصبرها ..
شغلت طرف السرير بحجم جسدها وهي تجلس
مدت يدها بوجل لتربت علي كفه المستكينه أعلي معدته ..
حينها فتح جفنيه بهدوء ووحزن مميت يتطلع لزائره بخواء كعيونه الجامده
وبمجرد أن رأي عمته تجلس أمامه بأبتسامه باهته نهض ليعتدل جالسا أمامها يطالعها بنظراته الشريده
ثم أخفض رأسه مجفلا منها يشعر بالحرج من النظر إليها
بعد أن نقد عهده معها ..
أبتسمت لتهمس له بخفوت حيث أبدت تماسكا وثباتا علي ملامح وجهها تُحسد عليه :من وقتها وأنت قافل علي نفسك باب الحياه …نضال مش اول اللي اُستشعدوا ولا آخرهم ..
ثم صمت لتمسح عنها دمعه أليمه أبت إلا ان تسقط ..وقد قالت ما قالته بقلب أم محترق .
أبتسم نضال أبتسامه واهيه وهو يقول بلا روح:حياه ..اي حياه عايزاني أعيشها يا عمتي
عاجلته قائله:حياتك مش بس ملكك ..حياتك ملك لأهلك وناسك اللي بيحبوك ومش بيتمنوا يشفوك مكسور كده..أنسي يا وليد ..أنسي وعيش ..أنا اللي بقولك كده بنفسي ..
كاد الحزن يغلبها مره أخري عندما تماسكت وطالعته بأبتسامه تصنعتها لتعدله عن حزنه …
ثم أكملت وهي تتلمس قسمات وجهه بحنان:عشان خاطري يا وليد أرجع تاني لحياتك ..متخليناش نحس أننا خسرناك أنت ونضال
لم تستطع أنهارت كل حصونها فنهضت تخرج من الغرفه ودموعها المنكسره الأليمه تسبقها
فهي في النهايه أم ..قلبها فُطر علي أبنها ونور عينها ….
………………..
حلت نسمات الليل المؤنثه
وقف أمامه المرآه يرتدي حلته السواداء الأتيقه والتي تزيد منه وسامه وذقنه الحليقه قليلا حيث لازالت تنبت بالقليل مما يزيده رجوله ويجعل منه أوسم رجال الأرض
وقف والده خلفه يطالع صورته المنعكسه بحنان هاتفا بكل أرتياح:وأخيرا بقي هرتاح منك يا مغلبني وعروستك هي اللي تتبلي بيك وتحل بقي عن نفوخي
أبتسم غالب بهدوء وهو يطالع وجه أبيه الفرح
ثم أستدار له ليهمس :طب يلا يا بابا عشان منتأخرش عليهم …
ركن سيارته في المكان المعتاد وتدليا منها هو ووالده والفرحه تملئ قلوبهم
حيث أضواء الزفاف المبعثره في كل زواية من حديقة فيلا مروان الدمنهوري الواسعه
أبتسم بأرتياح وهو يري أن كل شئ خطط له في تزيين الحديقه من اجل زفافه هو ونداء قد تم تنفيذه علي الوجه الأكمل فهو من أشرف علي كل شئ قبل ان يتركهم ويعد نفسه هو الأخر
الورود الملونه تتناثر في كل ركن كأن حراس السماء هي من ترميها عليهم من الأعلي والأنوار التي تلمع كالألماظ فتعطي طله رباعية الأبعاد
ذهب غالب إلي الأستيج ليتأكد من أن لا خطأ يسير وان مفاجأته التي طال صبره حتي يهديها لحبيبته ستسير كما يتمني ويريد وطمأنه العاملين عليها بأن كل شئ بخير وأنهم فقط ينتظرون إشارته
عندما وقف خلفه مروان بأرتباك وهتف بخفوت:غالب
فألتف إليه غالب وهمس بأبتسامه:عمي …خير يا عمي فيه حاجه..
مروان وهو يزيغ ببصره ويبتلع ريقه بصعوبه بالأضافه لحبيبات العرق المتصببه من أعلي جبينه: آها ..عايز أكلمك في موضوع ضروري
فطوال الايام التي مرت لم تسنح له الفرصه بالتحدث إليه..فطالما ما كان القدر يعرقل تلك الخطوه وكأنه لا يريد لتلك الخطوه أن تحدث البته..
وتبع غالب مروان إلي زواية ما بعيدا عن أعين الجميع
بدأ مروان بالتحدث بصعوبه خاصة وهو يري ملامح غالب المقطبه بنفاذ صبر:كك ككنت عايزه أقولك ..بس اوعدني أن الموضوع يفضل سر بينا ومحدش يعرف بيه ..
عبث القلق بملامح وجه غالب وتطلع لعمه المشتت بأرتياب قائلا:أوعدك ..قلقتني إيه هو الموضوع أتكلم يا عمي
ونظر لعينيه المتردده منتظرا أن يجيبه ويهدئ قلقه الذي أثاره وهو يراه بذلك التشتت.
وعندما طال الصمت بينهم رفع غالب حاجبه وقال يحثه علي المتابعه بهدوء: أتكلم يا عمي..
أبتلع مروان ريقه ..ثم أكمل بخفوت متقطع :أل ال
قاطعهم صوت رجولي من الخلف
:غالب بيه والد حضرتك السيد حاتم عايزك الوقتي ..
كان ذلك هو النادل المكلف بتقديم المشروبات للمدعوين من البار وإليهم..
طالعه غالب بجمود وهتف:طيب انا هروحله ..أتفضل أنت
أومئ النادل بهدوء ثم رحل مبتعد عن مرمي محيطهم ..
ثم أدار غالب رأسه يطالع بعيون الصقر خاصته قسمات وجه عمه مردفا:هااا..يا عمي إيه الموضوع بجد قلقتني ..
ثم صمت يطالعه وهو يضيق عينيه
أما مروان فتنهد بضيق ثم قال واليأس يتملكه:روح شوف أبوك عايز إيه الاول وبعدين تعالي ..
غالب بأرتياب :بس
قاطعه مروان:متقلقش أنا هستناك …عشان لازم تعرف ..
أومئ غالب له وأستئذن منه قبل ان يتركه ويذهب مقتربا من أبيه …
بعدها أنشغل غالب في الأشراف علي باقي تجهيزات حفل الزفاف تارة..وتارة أخري أنشغل مع المدعوين …وتارة آخري أنشغل بترقبه لعروسه المنتظر …
وكذلك مروان أنشغل مع المدعوين ولكن لم ينسي الأمر بل كان ينتظر ان يقتنص الفرصه حتي يخبر غالب ..والحقيقه ان المراسم تقام علي قدم وساق فلا تترك أحد يهنئ ولو بقليل من الوقت المتفرغ ..فتارة هذا جاء وفلان هذا جاء
وطبعا يجب ان يكون مروان وحاتم وغالب في شرف ضيافتهم فهم دعو لحفل الزفاف أكبر الرجال مكانه أجتماعيه في المجتمع بمعني القول أنهم من علياء القوم
في الأعلي بداخل غرفة العروس
يلفها الكثير من القلوب المهنئه والفرحه لفرحتها بالأضافه لوالدتها الواقفه خلفها تنظر لصورة أبنتها المنعكسه في المرآه ودموع الفرحه والأنبهار تتسلل علي وجنتيها
نداء العروس المبجل والتي أصبحت آيه من الجمال وهو ترتدي الفستان الأبيض حلم كل فتاه
برغم أنها حرصت علي عدم وضع أي مساحيق علي وجهها إلا أن هذا لم يمنع من بريق جمالها الذي يصيب كل من يراها بالأنبهار من ذلك الجمال الذي وهبه الله لها ..جمال الروح الذي ينعكس بنعومه علي ملامحها الرقيقه..وقليل من الكحل الذي حدد خطوط عينها ببراعه متألقه
وبرغم من تذمر والدتها عندما أعترضت نداء علي وضع أي مساحيق إلا أنها الأن فرحه وبشده فبعد قليل ستُزف أبنتها إلي عش الزوجيه
ومع ذلك هي حزينه لغياب سلمي في مثل هذا اليوم .
تنهدت بحزن وهي تقترب من نداء وتميل بجذعها لتقبل خدها بعذوبه تحمل التهنئه وفرحة الأم
وقترب بعض الصديقات وأقرباء العائله يباركون لها فأبتسمت خجل وهي تجيبهم ..
الفستان رائعا بمعني الكلمه ومازاد جماله هو أرتداء نداء له ..والطرحه التي تغطي رأسها وتصل لأعلي صدرها والملفوفه بطريقه مبهرة تزيد منها جمالا فوق جمال
نهضت نداء عن الكرسي وأبتسمت لتقول :فين بابا يعني مجاش يباركلي ..
قالت الأخيره وهي تقطب ما بين حاجبيها بحزن
رفعت إليهاراحتي كفها لتحتوي وجنتيها بحنان هامسه:أنا كنت لسه شايفاه من شويه في أوضته ..
ثم أبتسمت لتردف:وبعدين مفيش عروسه تزعل يوم فرحها ..تلاقيه بس انشغل بأجواء الحفله أنتي عارفه ان ده مش يوم عادي ..
أبتسمت وهي تكتف ساعديها امام صدرها ثم قالت بدلال :طيب يا ست ماما ..انا هسامحه بس لازم اعاتبه الاول وآخد البوسه بتاعتي وكلمة مبروك يا بنتي ..عن إذنك انا هروحله اوضته ..
فأومأت لها بأبتسامه لكن قالت لتذكرها :بس مش تتأخري عشان غالب كل شويه يتصل بيا عشان ننزلك شكله مش قادر يستحمل بعادك أكتر من كده
.دا كان عايز يطلعلك هنا لولا خليت البنات يقفوا حرس ويمنعوه ..
أرتبكت نداء وتلونت وجنتيها بلون الفرواله الناضجه ثم تنسحب من أمام والدتها والخجل يكسوها حتي انه سيطر علي لجام لسانها فصمتت وأبتسمت فقط
طرقت باب غرفة والدها مرتين لتفتح الباب بعدها وتدخل لكن لم تري آثرا لوجود والدها في الغرفه
فقطبت ملامحه يأسا وهي تقترب من الحمام الملحق بالغرفه تنادي عليه ..عله بداخل الحمام
وأيضا لم يأتيها رد ..ففتحت باب الحمام وأيضا لا آثر لوالدها
فعبست ملامحها بحزن وأستدارت لتخرج من الغرفه وهي تجر أذيال فستانها
توقفت عند باب الغرفه وقد شق أذنيها رنين هاتف
فأستدارت واقتربت من مصدر الصوت
لتجد هاتف والدها موضوع وسط السرير يبدو أنه قد نسيه في زحمة أنشغاله بالحفل
أنسكت بالهاتف وقطبت حاجبيها بحيره وهي تري أن المتصل هو الطبيب الخاص بها
فتسائلت في نفسها عن سبب أتصاله في ذاك الوقت إلا انها قطعت تلك الحيرة بأنها ضغطت زر الهاتف لتجيب عليه…
ودون ان تتفوه بكلمه سمعت صوت الطبيب وهو يقول :أخيرا يا سيد مروان رديت عليا
……………………………
بعد قليل كانت الزغاريط تملئ المكان والفتيات تحيط بالعروس التي تتدلي علي أستحياء للأسفل
وألتفت أعين الجميع لتلك الحوريه التي ظهرت أمامهم بالفساان الأبيض
مبهورين بسحر طلتها ..
وعن غالب فأنه تسمر مبهوتا في مكانه يطالعها بنظرات عاشقه ..ساحره
مأخوذا بسحر جمالها فأبتسم ببلاهه وهو يقترب بخطي متلهفه منها
حتي وقف أمامها يطالعها بعشق حب أسطوري سيظل ويبقي لأبد الآبدين ..
أقترب يميل عليها ليلثم جبينها بقبله عميقه لوهله جعلتها تذوب في مكانها حتي ان دقات قلبها تعالت بضجر
وأرتعاش جسدها بين يديه قد لمسه فأبتسم وهمس بجوار أذنيها يطمأنها ويبعث الراحه في أوصال جسدها المرتعشه :بحبك …
ثم أبتعد عنها قليلا يرفع يده في الهواء يعطي الأشاره ببدء المفاجئه
وبالفعل ما أن رفع يده حتي بدءت الورود تتساقط عليه هو ونداء فقط
مد كفه ليمسك براحة كفها بحميميه ثم يتجه بها ببطئ لمكان ما
وتوقف بها في المكان
وأقترب منه أحدهم ليعطيه مايك
فتناوله منه وهو يقول للجميع لكن عيونه مثبته عليها هي فقط بهيام
:النهارده أجمل يوم في خياتي عشان اخيرا ربنا هيجمعني بالأنسانه اللي قلبي وعقلي أختاروها الأنسانه اللي كانت السبب في أني اقدمكم في اللحظه دي وأنا فرحان من كل قلبي ..النهارده بس اقدر اقول ان مفيش انسان علي وجه الكره الأرضيه أكثر سعاده مني ..
ثم حال ببصره ليتأمل ملامح عمه الجامده ويقول بأبتسامه:شكرا يا عمي لأنك أهدتني سعادتي وحلم ياللي هعيش حياتي الجايه عشان أبنيه معاها ..معاها هي وبس ..
ثم تطلع لأبيه ليقول بعيون شاكره :وأنت يا بابا شكرا ليك لأنك فوقتني في الوقت المناسب ..لولاك كنت قعدت أندم طول حياتي لو نداء بعد الشر كانت ضاعت مني شكرا لأنك خلتني أحس اني فعلا كنت بعشقها وبحبها طول عمري وأن قسوتي عليها من طفولتي مكنتش إلا قناع بنقذ بيه غروري كرجل شرقي بيضعف ادام حبها
ثم ألتف بعيونه إليها يتأملها وهو يقول :أيوه أنا حبيتك من اول يوم شفتك فيه بس غروري كان بيحاول دايما ينكر أجمل حقيقه في حياتي كلها …
وعشانك أنتي أنا أتحولت لغالب اللي واقف ادامك الوقتي ..غالب اللي هيوعدك ادام ربنا والناس كلها انه هيعيش بس عشان يحبك ويسعدك …
وبدءت ألحان الموسيقي العذبه تصدح في كل مكان ومن بعدها أنفتحت نافوره من علي اليمين واليسار برذاذ أبيض يحيط بهم ليكون دائره مغلغله بعشقهم الأسطوري
وبدأ غالب يغني لها هي ففط من أعماق قلبه بصدق وعاطفه جياشه(ساكن قلبي)
كل ذلك أطاح بعقلها وقلبها وهي تطالعه بملامح متأثره غير مصدقه..
وفور ان بدأ بالغناء تعالي جميع الحاضرين بالتصفيق الحار للعروسين ..وباتت عيون الفتيات أمثالها تتغني علي صوت الموسيقي وصوت غالب الساحر
وهن يحسدنها علي ذلك الحبيب الأكثر من رائع..
هنيئا لها علي أبن عمها وحبيبها الهائم بعشقها ….
بعد أن أنتهي غالب من الغناء جثي علي ركبتيه أمامها ليبسط إليها كفه بأريحيه وهو يبتسم بعشق هامسا :ممكن حبيبتي تتفضل معايا عشان نقعد في الكوشه .
وأنهي كلماته بغمزه
جعل الجميع يبتسم وهم يصفقون للمره الثانيه لرومانسية غالب الرائعه ثم تعالت أجواء الموسيقي الكلاسكيه من جديد
طالعته لوهله وهي تنظر لكفه دون ان تتفوه بأي كلمه
لكنها بدلا من أن تناوله كفها
تحركت مبتعده عنه بأتجاه العامل المشرف علي الموسيقي والأغاني
والجميع تطلع إليها بذهول وعدم فهم لما ستقوم به
وغالب ايضا أستقام واقفا ينظر إليها ببلاهه وعدم فهم
أقترب من العامل وطلبت منه أن يوقف الموسيقي لبعض الوقت وقد نفذ طلبها بعدم فهم هو الأخر
تجاهلت نظرات الجميع الموجهه إليها وأقتربت من غالب وهي تجر ذيل فستانها
وقفت أمامه لتطالعه بنظرات متألمه موجوعه كقلبها والدموع تنهمر علي وجنتيها بدون توقف
وقد أنقبض قلبه لدموعها تلك كاد ان يمد أصابعه ليمسح عن وجنتيها تلك الدموع اللعينه
لكنها أوقفته وطالعته بدموع أليمه ثم أغمضت عينيها بوجع وفتحتهما تمسح هي تلك الدموع بدلا عنه
قائله بثبات وجمود : طلقني يا غالب …
…………..

يتبع….

الفصل الخامس والأربعون

طالع قسمات وجهها بجمود ليستشف منه إذا كانت هذه مزحه أم لا
فتلفت للعيون المتعلقه بهم حيث أن الصدمه هي المسيطره علي جميع الوجوه خاصة والدتها ومروان وحاتم ..
ثم عاود لتأمل ملامحها الجاده قائلا وعيونه لم تستوعب بعد ما قالته :نداء …أنتي أكيد بتهزري ..أنتي فاهمه أنتي بتقولي إيه ..وعارفه اليوم ده يوم إيه ..
ثم أقترب منها وأحتضن كفها المرتعشه في راحة كفه وقال وهو يسحبها معه ناحية كوشة الزفاف :يلا ..يلا خلينا نكمل فرحنا ..
لكن هي لم تتحرك معه وحتي أنها أنتشلت كفها من براثن قبضته بقسوه ثم أغمضت عيونها تتأوه ألما ووجعا تذرف دموعها بلا توقف
أستدار لها بملامح أُجفلت من الصدمه وقوس حاجبيه بحيره وهو يضيق عينيه يتبادل النظر بين كفها المستكينه جوارها والتي سحبتها للتو من براثن قبضته وبين عيونها التي تبكي وبريق لا يفهم مغزاه يلمع بعينيها
ثم قال وهو يقترب منها وأبتسامه مزيفه ترتسم علي وجهه :ممكن بقي تبطلي التمثليه السخيفه دي ..النهارده ليلة فرحنا والناس كلها هنا علشانا ..علشان تباركلنا وتفرح لفرحتنا …
قالها وهو يتلفت علي الناس الذين تجمعوا محيطين بهم يراقبون ما يحدث بأعين مذهول وصمت مطبق يريد ان يعرف المزيد
تنهدت بألم وتبسمت أبتسامه مريره لكن نبرة صوتها كانت متماسكه وهي تقول : أنت فاكر أن هرضي اتجوزك ببساطه كده بعد كل ظلمك ليا ..ليه هو أنا حجر ملييش كرامه أحافظ عليها وخصوصا من واحد زيك..
أندفعت والدتها لتقول بتحفز:نداء..
أبتعدت نداء عن محيطه ببطئ وأقتربت من والدتها وقفت أمامها لتهمس بقلب متألم :سيبيني يا ماما ..سيبيني اتكلم عايزه أعرف الناس كلها حقيقته ..
تجاهلت نظرات حاتم ومروان الناهيه عن ما ستقوم به وتفعله
وأقتربت منه مره ثاتيه لتقول بحزم حاولت جاهده أستحضاره والتحلي به خاصه أمام عيونه الخارقه لها:طلقني وبلاش فضايح أكتر من كده ..أرجوك طلقني ..أرجوك
وقف أمامها أمسكها برجاء من كتفيها هامسا يذكرها بكل كلمه قالته له قبلا:طب ووعدك ليا بأنك مش هتسيبيني ابدا وحبك اللي كنت بشوفه في عنيكي قبل ما تنطقيه بلسانك كل ده راح فين …
صمتت
فهددر بعنفوان أهتزت له أرجاء الارض:ردي عليا
وهي لم تظهر خوفها او ضعفها أمام كلماته التي تقطع نياط قلبها بل تماسكت وطالعت عيونه بثبات ثم بعدها أزاحته عنها بكل قوتها
وأستدارت عنه لتهتف بجمود خاوي من أي عاطفه :أعتبرها أنتقام بسيط قصاد نقطه في بحر اللي انت عملته فيا ..أيه عايز تجرح وتقتل فيا وبعدين تعيش الحب عادي كده وكأنك مدبحتش فيا قلبي ومشاعري بالبطئ ..خلاص أنا الوقتي بنهي المسرحيه اللي لعبت بحياتي وحياتك بمحي النقطه السودا اللي كنت دايما بتدعي ربنا انها تنزاح من طريقك ..
ثم التفت إليه لتطالع عيونه بثبات وشراسه لم يعتادها منها قبلا :مش ده اللي انت كنت عايزه من زمان..مش دايما كنت بتتمني تخلص من وجودي في حياتك …
أقترب منها ممسكا مرفقها بين قبضة يده الحديديه ثم هدر وهو يصك أسنانه غضبا ويشدد أكثر من قبضته الملتفه حول ذراعها فيؤلمها ذلك لكنها تتأوه بصمت ودموع منهمره تتساقط بأستشلام من مقلتيها
:أنتي جايه تعاقبني الوقتي وفي يوم فرحنا وادام كل الناس ..تقصدي إيه من كل اللي بتقوليه ده..عايزه تهنيني ادامهم ..عايزه تذليني ..كده هتشفي نارك مني ..بس أنا بقي مش هطلقك يا نداء ..علي جثتي لو طلقتك
حاولت تمليص ذراعها الآسير بين براثن قبضته لكنها لم تقدر
فتملكها الغضب وهتفت بصراخ وهي تضرب بقبضتيها الضغيفتين فوق صدره لعله يبتعد عنها
:أنت مغرور ..مغرور ..بتعمل كل ده لما حسيت أن اللعبه اللي بين ايديك واللي مش هتقدر تتحمل جنانك بعد كده هتضيع منك ..أنا بكرهك …بكرهك ..بك
لم تكمل الاخيره فقد هوي بصفعه عنيفه علي خدها الأيسر من شدة وطأ الصفعه دارت حول نفسها عدة مرات قبل ان ترتطم بقوه بالأرض حيث تركت صفعته علامات حمراء عي خبايا وجهها…
كانت أكثر صدمه جعلت جميع الواقفين يشهقون ذهولا وعدم أستيعاب لما يحدث
وأندفع إليها بغضب تملكه فلم يستطع السيطره عليه أكثر من هذا حيث تعالت أنفاسه الثائره بغضب فصارت عضلات صدره تعلو وتعبط كأنه ثورا ماجن …
لولا مروان الذي تدافع يقف حائلا بين أبنته وغالب مشيرا إليه بحزم وبخشونه غاضبه مهدده بعد ما فعله بها :غالب
وعندها أقترب حاتم من غالب ليهدئ ثورته وشدة غاضبه هامسا بخفوت :غالب كفايه الناس بتتفرج علينا ..
تجاهل حديث والده وتخطي مروان بتحدي وقوه ليقف أمامها وعيونه تشتعل غضبا بل ألما أخفاه شدة غضبه
تطلع إليها وهو يضيق عينيه قائلا ومارد الأنتقام يتقافز أمام عينيه:هدفعك تمن إهانتي ادام الناس غالي أوي يا مدام نداء وغالب اللي انا دفنته بأيدي هرجعه تاني عشان يسود الايام الجايه من حياتك ..
ثم طالعها لوهله بنظرات محترقه لو خرجت ستحرق اليابس والاخضر قبل أن يترك حفل الزفاف بخطوات حانقه غاضبه
أما حاتم الذي تطلع لأخيه بعتاب ولوم ليتركه بعدها ويذهب خلف غالب ..
لكن غالب قد أنطلق بسيارته بسرعة الصاروخ حتي أختفي طيف السياره وتواري عن العيون
………………………………..
بعد أن رحل الجميع
هتف مروان لزوجته الجالسه علي الاريكه والتي تنهار ببكاء حاد
وغضب عارم من تصرف أبنتها
:أهدي انا هطلع وأعرف منها هي ليه أتصرفت بالطريقه دي ..
وقف أمام غرفتها بتردد زفر بضيق ليطرق الباب بهدوء
وبعدها يفتحه ليجدها قد أبدلت الفستان الأبيض بأسدال واسع فضفاض وهي الأن تفترش سجادة الصلاة وتصلي بخشوع وهدوء تام
جلس علي السرير ينتظر أن تفرغ من الصلاه
وما مرت ثواني حتي أنتهت .
ليسقط ناظريها علي عيون والدها المتألمه..وذلك يؤلم قلبها .
لم تتحمل فنهضت وأقتربت من النافذه تراقب الطبيعه من خلاف زجاجها بألم يجعلها تختنق وهي تكتف ذراعيها تحاول ان تتماسك ولا تبكي
نهض مروان بهدوء وأقترب منها
وقف قبالتها ليهمس بأبتسامه مزيفه تخفي خلفها الكثير :أنتي كويسه..
لم تحتمل ولم تقاوم أكثر من ذلك فذرفت الدموع وهي تهز رأسها له بالنفي
بمعني أنها ليست بخير
ثم عاجلته قائله دون ان يرمش لها جفت:أنا مريضة سرطان صح..
أرتجف قلبه بوجع وتطلع إليها بملامح مصدومه
عينيها تفغر ناظره لعينيها ببريق ذاهل ..
كيف ؟؟
كيف علمت بالحقيقه؟؟
فهمس وعيونه تتألم لأجل ألمها:نداء إيه اللي انتي
قاطعته بأبتسامه أوجعت قلبه :انا عرفت الحقيقه يا بابا متحاولش تخبي ..انا راضيه والله العظيم راضيه ..بس أنا أنا وجعت غالب اووي النهارده صح..كسرت الفرحه اللي كنت شايفاها في عنيه ..نقضت كل وعودي ليه قولتله اني بكرهه …خليته يتألم بسببي …بس أنا كنت لازم اعمل كده..مش عايزاها يتعلق بيا أكتر …مش عايزاه يتعذب بسببي …أنا أنا بحبه أوي ..بحبه أوي …عشان كده كان لازم أجرحه عشان يبعد
هل يوجد أكثر من مروان بئسا علي وجه الارض في تلك اللحظه..ان يري أبنته تتعذب وتبكي أمامه بكل ذلك الوجع وهو يقف عاجزا ..
أنهت كلماتها وهي تشهق ببكاء هستيري تفجع له القوب وتدمع له الأعين
لم يحتمل مروان فأقترب منها وضمها لأضلعه بحنان أبوي يبكي لبكاءها ويتألم لألمها ..
تحدثت بوجع من بين دموعها العالقه في جفنيها ورموش عينها :خليه يطلقني ..قوله يبعد عني وينساني ..لا لا ..انا انا مش عايزاه يطلقني ..انا محتاجله اووي ..محتاجه لوجوده ..اوعي يا بابا تقوله ارجوك بلاش تقوله….عايزاه يكرهني ويفتكر اني خنت حبه ليا ..لا لا انا مش عايزاه يكرهني مش عايزاه ينساني ..انا عايزاه جنبي عشان انا بحبه بحبه أكتر من نفسي …
ودموعها العميقه بللت قميص والدها وهو يشدد من أزرها وكأنه بذلك يمنحها الدعم التي تحتاجه في هذه اللحظه ..
متخبطه هي في مشاعره حائره مشتته ..تريد ان يكون جوارها وعندما تتذكر مرضها تتمني ان يكرهها من كل قلبه ويبتعد عنها..
غريبا هذا الحب ..أنه المرض والطبيب في نفس الوقت ..
وفجأه تشعر ان الدنيا تدور من حولها وتداهمها أعراض كل مره
فتهدئ دموعها وتسكن شهاقاتها وتتساقط بين أحضان والدها رويدا رويدا حتي تخر فاقد للوعي
فيحملها مروان بين ذراعيه وملامحه تنقبض قلقا
ويضعها علي السرير برفق ..
ثم يهاتف الطبيب الخاص بها ويخبره عن حالتها فيرشده الطبيب الي ان يعطيها من الدواء الذي كانت تأخذه بديلا مسكنا لألمها حتي يصل إليها ….
وما أنهي مروان مكالمته مع الطبيب حتي بحث بعبث في أدراج الكومدينو بجوار السرير الممده عليه جسد نداء
وزفر بأريحيه عندما عثر عليه ….
……………………………………..
صعد غرفته وأوصد الباب خلفه بعنف
ثم دار بالغرفه كالمجنون وعيونه تشتعل نارا وهو يتمتم بتلك الكلمات :
كانت بتخدعني ..عشان تنتقم مني …
وهنا صرخ بعنف ألم ووجع كأن أحدهم غرز بقلبه سكينا حاميا فألهب الألم في كامل جسده
وبدون اي ذره للتعقل فقد اعمي الغضب بصيرته وصار لا يفقه اي شئ
غير أنه يكسر كل ما تطاله يده في الغرفه بزمجرة أسد جائع ويتعطش لدماء فرائسه
أمسك بشاشة العرض القابعه علي المنضده وبكل غضب ألقاه دفعة واحده لترتطم بالأرض وتتحول لشظايا ..
صارخا ونفاسه تتلاحق كالزيت المغلي في المرجل:كانت بتكدب عليا..
وصرخ عاليا بقهررررر كالذئب المفترس
وأقترب من السرير ليقلبه رأسا علي عقب فقط بقبضتي يده الفولاذيه
وهو يصرخ بألم مع تحطم السرير :كل وعودها ليا كذب …
وتلاحق أنفاسها أيضا كالمياه المغرغره من صنبور المياه فأقترب من المرآه الكبيره القابعه وسط غرفته
وأمسك بزحاجات العطر خاصته يلقيها عليها لتتهشم المرآه الضحيه إلي فتات متناثر
وتلاها بصرخه عاليا
أفجعت قلب والده الذي كان لا يزال في منتصف السلم ..
فهرول سريعا لغرفة غالب
وخبط بقوه علي باب غرفته والخوف والقلق ينعش قلبه خاصة وهو يسمع صوت تكسير وأرتطام الاشياء بالأرضية من الداخل ..
هاتفا بكل قوته:غالب ..غااااالب ..أفتح الباب
أما غالب فبعد ان قلب كيان الغرفه رأست علي عقب او بمعني ام يتبقي شيئا في الغرفه إلا وقد تكسر وتهشم إلي شظايا ..
أنهار علي الأرضيه ومازلت أنفاسه تتعالي وتهبط بغضب عارم …
حتي انه كان يقبض كلتا كفيه بقوه جعلت مفاصله تبيض آثرها …
وصرخ بثورة عارمه :ليييييييه يا نداااااء ..ليييييه..
أتبعه بصمت مطبق وعيون تشتعل جمرا بل تنبض بالأنتقام..
سينتقم …
سيجعلها تعض أصبعها ندما علي جرح قلبه …وإهانة كرامته أمام الجميع..
……………………………….
في صباح اليوم التالي .
مشئ بخطوات واثقه أمام أعين الموظفين بالشركه
وكأن شيئا لم يكن بالأمس
لكن وكما توقع أتقطت أذنيه همهمات بعض الموظفين وهمساتهم الساخره
بالطبع هم يتحدثون عن ما حدث في الزفاف ليلة أمس
عندما طلبت منه زوجته المصون الطلاق …
من وقتها وأصبحت سيرته علقه في فم كل من في الشركه
يتحدثون عن الماجن الذي عبثت زوجته بكرامته أمام الجميع ..
ومتي ..في يوم زفافها إليه …
قد رفضته ورفضت حبه لها …
بالطبع هم يسخرون منه
وهذا ما جعل عيونه المتواريه خلف عدسات النضاره السوداء تحمر غضبا وتلتهب نارا
وضغط قبضة يده بقوة حتي أبيضت عروقه بنار الأنتقام
لكنه أكمل مسيرته نحو مكتبه بثبات ملقيا كل سخريتهم وراء ظهره
حتي وقف أمام سكرتيرة مكتبه وهي الاخري كانت تقف مع بعض الموظفات وهن يتبادلن الاحاديث الساخره عن ليلة أمس وما فعلته أبنة العم والزوجه بمديرهم الصارم والعابس علي الدوام
فور أن رأينه يقف أمامهم بملامح متجهمه
حتؤ أرتعبن ودبت القشعريره والخوف في خلايا جسدهم
وبسرعه أنصرفن من المكتب لتظل السكرتيره المسكينه وحدها في مواجهته
والتي تبتلع ريقها بصعوبه وستقيها الطويلتين تتخبط ببعضها رعبا هذا إضافة إلي أرتعاشة جسدها
وما أنقذها هو أنه دخل لمكتبه دون ان يقول لها اي كلمه
فخاىت علي الكرسي وهي تلتقط أنفاسها بأرتياح
والاصفرار علي وجهها تحول للون وجهها الطبيعي بعد ان فقدت الامل بالنجاه من طور غضبه …
لكن عاد الخوف يملئ قلبها والرعب يقطن قسمات وجهها وهو يستدعيها من خلال الهاتف الأرضي القابع علي سطح مكتبها ..
فعلي الفور نهضت ووقفت ثانيه امام باب مكتبه تغمض عينيها بخوف وتنطق الشهادتين قبل ان تطرق الباب وتدخل عندما أذن لها بالدخول …
بخطوات متعثره أقتربت منه حتي وقفت أمام مكتبه والرعب يتملكها تخفض عيونها لأسفل وهي تتوقع ما سيطاله منها اليوم
حتما سيصب جام غضبه عليها وفي النهايه يطردها لتتسول في الشارع..طبعا بعد ان يوصي جميع الشركات والتي تحسب له ألف حساب بألا يوظفها أحد
قال بثبات وهو يرخي جسده للوراء علي مسند الكرسي :أنتي مخطوبه؟؟
رفعت إليه رأسها تطالعه بنظرات مصدومه وهي تبرق عينيها بعدم فهم وأستعياب
لكنها قالت أخيرا وبتلعثم :لأ…
غالب بثقه:وطبعا مش متجوزه ..
السكرتيره وهي لا تفهم سبب كل تلك الاسئله :ايوه ..
نهض غالب وأقترب ليقف علي بعد خطوتين منها
قائلا وهو يطالعها بثبات واضعا كلتا كفيه في جيوبه :هعقد معاكي صفقه مقابل أنك تستمري في وظيفتك هنا ..
ارتبكت وأرتعش جسدها وهي تقول بصعوبه :ال اللي حضرتك تقوله انا هنفذه …
غالب وهو يقول بمكر وجمود :نتجوز ….
……………………..
في شرم الشيخ ..
داخل الفندق الملحق بالقريه السياحيه التابعه لآل الدمنهوري ..
خطواتها واثقه وهي تتمسك بالملفات تطالع اوراقها المطويه بتفحص وأنشغال وتسير علي البساط الأحمر الممتد علي طول الرواق الواسع
ترتدي تنوره من القماش لونها أسود كلون الكبرياء في بريق عيونها تعلوها ستره بلون الفراوله الحمراء
خلفها يسير مدير الفندق ومساعده
حين أرتطمت بجسد ضخم صامد كالفولاذ أوقع منها الملفات علي الأرض
لتنظر بذهول وتحسر للملفات المبعثر اوراقها علي أرضية الرواق قبل ان تتحول تلك النظرات للغضب القاتل وهي ترفع ناظريها لذلك الأبله الذي لا يري أمامه
……………..

يتبع…

الفصل السادس والأربعون

رمانه وهنا ..
فتاتان أجبرتهن ظروف الحياه علي التقرب من بعضهن حتي صارتا كالأختان
رمانه الأخت التي لم تلدها والدة هنا ..لكن رُب رفيقا في الحياه يكون أحن عليك من أمك وأخيك ..
كانتا تسيران في الحاره الضيقه وهن بجوار بعضهن
قالت لها رمانه وهي تعصق ذيل شعرها خلف رأسها في شريطه حمراء
ثم أرخت خصله سوداء حائره خلف أذنه الأيمن وطالت النظر إلي ملامح هنا المرهقه
ثم تنهدت بيأس يشوبه نبعا من الخوف الأمومي قائله وهي تهدل كتفيها قليلا لأمام :هنا ما تدخلي أرتاحي في البيت وبلاش شغل النهارده شكلك مرهق اووي وبصراحه أنا خايفه عليكي ..
هنا وهي تمسح بطرف أصبعها أسفل أرنبة أنفها كشخص يعاني أضطراب نفسي وأنفصام جسدي بحت ..
وقالت بنبرة صوت هالكه حد الممات :لأ لأ ..مينفعش خالص ..أنا ورايا مسئوليات هتضيع لو أنا كلسنت الشغل
رمقتها رمانه بتذمر ولؤم
عندها قالت هنا تدافع عن حصون كذبتها التي كشفتها رمانه:وبعدين انا مش مرهقه ولا تعبانه هو أنتي هتحسي بنفسي أكتر مني …
هزت رمانه رأسها بنفاذ صبر وقلة حيله ثم ربتت علي كتف هنا قائلا:طيب شغلك هيكون فين النهارده ..
أحابتهاوهي تتلفت علي أحدهم :هسرح ناحية المرور شويه ..
ثم أبتسمت بهدوء وأرتياح والمنتظر يقترب منها فقالت وهي تلوح للفتاه التي تقترب منها هي ورمانه والتي تقف خلف رمانه بمسافه من مكان يمكن هنا من رؤيتها بوضوح شمس
ثم ألتفتت لرمانه هامسه :يلا أشوفك علي المسا يا رمانه…
وقبل ان تتحدث رمانه تركتها هنا ورحلت مع تلك الفتاه شمس والتي ترافقها في الايام الاخيره
بعد قليل
توقفت شمس أمام أحدي محلات الذهب
تطلع إلي بناءه الشاهق بذهول يبطنه خبث وعيون داهيه تكاد تأكل ما بداخله أكلا
وهنا ظلت سائره في طريقها عندما توقفت بغته وهي لا تلمح شمس جوارها فتلفتت عن يمينها وعن يسارها بحثا عنها ولم تجدها
فأستدارت لتراها تقف أمام محل مجوهرات ..
فزفرت ضيقا وهي تهمس بصوت مسموع :تاني ..صبرني يااارب
قالت الاخيره وهي ترفع ناظريها للسماء بنزق
وبخطوات مغتاظه أقتربت من شمس ..
هاتفه بفحيح يلهب وجنتيها وزيتونة عيونها:شمس أنتي مش هتنسي بقي حكاية أنك تسرقي محل دهب ..المره اللي فاتت كنت غبيه ومشيت وراكي والنتيجه كنا هندخل السجن لولا ربنا ستر ..بس المره دي بقي اوعي تفكري أبدا أني هطاوعك ..
ثم أمسكت كفها وهي تقول:ممكن بقي نمشي نشوف أكل عيشنا .
وشمس ظلت مكانها متسمره ثابته وهي تقول بعيون مترجيه لها:طاوعني المره دي بس وبعديها مش تسمعيلي أبدا ..المحل عمران دهب يعني لو قلبنا منه كام حتة دهب هتبقي سبوبة العمر وهنعيش سنه ادام مرتاحين من غير تعب ولا شقي ولا مرمطه في إشارات المرور
فحالت ملامح هنا للغضب وأفلتت يد شمس ثم زمت شفتيها ضيقا وزوت ما بين حاحبيها بعبث قائله :لا يا شمس ..مش هسرق معاكي
كان صوتها إلي حد ما مسموع
فبسرعت اقتربت شمس من هنا وهي تكمم فمها بباطن راحة كفها هامسه بغضب :الله يخربيتك وطي صوتك هتفضحينا .
أزاحتها هنا بعيدا عنها بفوة كبيره ثم اخذت تلتقط أنفاسها بصعوله بعد أن كادت تختنق آثر ما فعلته شمس بها ..
وقالت بصرامه وصراحه واضحه:بصي يا بنت الناس الطيبين..لو صممتي علي اللي في دماغك يبقي أنا من سكه وأنتي من سكه..أنما بقي لو رجعتي لعقلك إشارة المرور انتي عارفه مكانها هتلاقيني هنا لو حبيتي نرجع نشتغل مع بعض .
وتركتها وذهبت دون كلمه إضافيه ودون حتي ان تلتفت خلفها..
تاركه خلفها جمرا مشتعلا ونارا لو نفخت فيها لن تنطفئ بل ستثور لتلهب كل خبايا الكون .
……………………………
رفعت ناظريها بغضب لتري ذلك الأبله وهي تصك أسنانها بكبت
فتفغر زيتونة عينيها بذهول وهي تري أمامها تلك العيون الواثقه والمتوهجه كقرص الشمس الذهبي وأبتسامته العابثه عند زواية فمه وملامحه الرجوليه تتوجها خشونه عابثه
تراجعت للوراء خطوتين وهي لا تصدق أنها تراه يقف أمامها عطره الرجول تسرب لمنافذ أنفها وعقلها ليكون السوط الذي يجلدها فيوقظها من وعكة الذهول
لتحول ملامح وجهها إلي الغضب وتلتمع عيناها بوهج النيران وقبل أن تتخطاه وترحل طالعته بنظره محتقره
وأستدار ليتبع خطواتها الغاضبه علي طول البساط الأحمر
قائلا بترجي :سلمي استني
وترجيه لها ما كان يزيدها إلا غضبا وهي تسرع بخطواتها وهو يتبعها كظلها
فتخطاها ليعترض سيرها واقفا أمامها ناظرا لعيونها بعاطفه أثرت قلبها لوهله لكن عقلها المتمرد جعل بؤبؤ عينيها يشتعل بالغضب مجددا فتحولت للبؤه شرسه وهي تزيحه بعيدا عن محيطها
تحركت بخطوات شمطاء نحو باب مكتبها وهو كان يسير خلفها كالظل وهذا ما زاد غضبها
وقبل أن تحرك مقبض الباب لتدخل وجدته يقف حائلا بينها وبين باب المكتب وهو يكتف ذراعيه أمام صدره بثقه متناهيه
فأبعدت يدها عن المقبض ووقفت تطالعه بنظرات غاضبه
قائله بغيظ وهي تخبط بطرف جذمتها ذو الأطارت علي الأرضيه :أنت عايز إيه ..
أرخي ذراعيه جانبا وقال بخفوت :أديني فرصه أشرحلك سبب اللي عملته معاكي ..
رفعت ذقنها بكبرياء وقالت :وأنا بقي ميهمنيش اعرف ..خلاص كل شئ بينا أنتهي …ممكن بقي تمشي من هنا قبل ما الموظفين يشكوا ان فيه حاجه بينا ..دا اصلا إذا مكنوش شكوا بعد ما شفوك..
هتف بأستسلام :حاضر
ثم أبتعد من امام الباب ووقف جانبا
وقفت للحظه غير مستوعبه لأستسلامه بتلك البساطه
لكنها لم تهتم وفتحت مقبض المكتب وقبل أن تطأ قدميها للداخل وجدته سبقها ودخل من تلقاء نفسه
فأثارها غضبا من وقاحته وتجرأه عليها بذلك الشكل
توغل لوسط المكتب وهو يتأمل كل ما فيه بشغف وبرود
وقفت خلفه والغضب يعصف بها كل تصرف منه يخرجها عن طور تعقلها ..
زمت شفتيها بغيظ حتي كادت تدميهم قائله وهي تبسط كفيها وتقبضهما بغل أطاح أوتار قلبها:أنت بتعمل إيه في مكتبي ..أخرج بره يا وليد متخلنيش أخرج عن شعوري ثم أنت أزاي تدخل كده من نفسك هي وكاله من غير بواب ..
لكنه تجاهل كلماته وأقترب من المكتب وجلس علي الكرسي وهو يرخي جسده للوراء واضعا ساق فوق الاخري هاتفا ببرود وأبتسامه عابثه :دي أول مره أزور فيها الفندق مش هتعزمني علي قهوه عندك ولا إيه ولا أنتي بخيله .
نفخت عدة مرات وهو تدعو الله في سرها أن يلهمها الثبات
ثم تحركت عدة خطوات نحو المكتب ودارت حوله نصف أستداره لتجلس علي الكرسي القابع بمنتصفه بتملك تحت أنظاره الحذره لها
أخذت نفسا عميقا تهدئ به ثورتها وهي تقنع نفسها بأنها ستتحمله فقط حتي يشرب قدح قهوته وبعدها يغادر ولا يريها وجهه مجددا
همست إليه بهدوء يعكس ما بداخلها :تمام …هتشرب القهوه وبعدين توريني جمال خطوتك ومشوفش وشك هنا تاني ..
قالت الأخيره وهي تطالعه بتمرد وعند جعل أبتسامته تتسع
فأغتاظت وهزت رأسها بنفاذ صبر وهي تضغط بأصبعها عل ذر ما بداخل هيكل مربع الشكل تعقبه قائله للساعي الذي يسمعها عبر هاتف معلق في الحائط داخل مطبخ صغير يخص عمل المشروبات فقط: عم ميمون هات لمكتبي فنجان قهوه بس ياااريت بسرعه ..
قالتها وعينها معلقه بعينه بقسوه وقبل أن ترفع يدها من علي الذر عاجلها قائلا بأبتسامه متطفله كتواجده هنا دون أية مواعيد :سكر زياده لو سمحتي..
ضيقت عيناه وهي تطالعه بدهشة رافعه حاحبها علي شكل علامة تعحب
فقطع نظراتها إليه قائلا بنفس الأبتسامه:قصدي القهوه ..
فزفرت ثم قالت بخشونه للساعي :قهوه سكر زياده يا عم ميمون ..
فأجابها الساعي الطيب بنعم …
لترفع يدها من علي الذر ثم ترخي جسدها للوراء وهي تنقر بحافة أظافرها الحاده والمطليه باللون النبيتي علي سطح المكتب بتملل وغيظ ..
فمجرد رؤيته أمامها ترفع من ضغطها فكيف الحال إذا كان يجلس أمامها دون أي شعور ..
كان يرمقها بنظراته من حين لآخر حين قال فجأه:علي فكره مكتبك ذوقه جميل كل حاجه فيه تدل تنم عن ذوق عالي ..
بأختصار وضيق قالت:جيت لقيته كده..
فأبتسم قائلا :بس أكيد وجودك عطاله روح وجمال أكتر …
أشاحت ببصرها وغمغمت قائله :ألهي تطلع روحك …
بعد ثوان طرق الساعي باب المكتب ليدخل بعدها هاتفا بأبتسامته الصافيه :صباح الخير
كادت تجيب لولا أنه سبقها قائلا وأبتسامه مهذبه تزين ذقنه الحليقه :صباح الفل والياسمين يا عم ميمون
قالها وهو يرمقها بنظرات جانبيه يستشف منها نظراته المغتاظه والتي تجعله يبتسم من كل قلبه نشوه
يقترب عم ميمون بهدوء وأبتسامه من الضيف الغريب بالنسبه إليه ويصب قدح القهوه ثم يخرجها من الصينيه ويضعه أمام وليد علي طاوله مستدير بجانب كوب زجاجي ضخم مملوء بالمياه المعدنيه …
بعد قليل تأفأفت من وجوده الذي طال فهو يتعمد ان يرتشف القهوه ببطئ وهي أصبحت لا تطيق نظراته المسلطه إليها بمنتهي الوقاحه ..بل لا تطيق وجوده أمامها
خبطت بكلتا كفيها المنبسطتين علي سطح المكتب بغضب شديد حاولت جاهده كبته ولكن لا مفر فرؤيته جالسا هكذا بمنتهي البرود أمامها يلعب علي أوتار الخروج عن طور هدوءها
قائله وقد تعالي صوت صراخها :أطلع بره حالا ..
لكن كل ما فعله أنه تراخي أكثر في جلسته ثم وضع ساق فوق الأخري ببرود وألتفت يده حول قدح القهوه الموضوع قبالته فوق سطح المنضده
يتناوله ليقربه من شفتيه بتمهل ويرتشف منه بتلذذ وأستمتاع ثم يقول متأوها آثر مذاق القهوه المخدر للأعصاب:الله ..البن بتاعكم ده ممتاز ..هبقي أعدي علي الساعي وأسأله هو بيجيب البن منين عشان أجيب من نفس المكان..
قبضت كف يدها وبسطتها عدة مرات لتهديدئ نبض عروقها الثائر وهي تهمس لنفسها بعصبيه :صبرني يا رب علي الداهيه اللي قاعده ادامي دي..
ألتقطت أذنيه همسها الغاضب فقال بأبتسامه أستفزتها أكثر:شكرا …دا بس من ذوقك ..
فهدرت وأنفاسها تعلو وتعبط بغضب كالمرجل المشتعل :هو انت جنسك إيه..حيوان جاموسه مبتفهمش..
غمزها بمكر وأبتسم عند زواية فمه قائلا:نفس جنسك بالظبط ..فلو أنا جاموسه أكيد أنتي هتكوني تبن الجاموسه ..
……………………..
لم تحلم بهذا حتي في أبسط أحلامها ..اقصي طموحها هو أن تنال أبتسامه من غالب الدمنهوري
لكن أن يعرض عليها الزواج منه فهذا هو ما لا تصدقه حتي وهي تحلس أمام زميلاتها في العمل وتحكي لهم عن هذا الحلم الجميل الذي لم تجرؤ يوما علي ان يتسلل ويكون واحد من ضمن أحلامها الورديه
هي كانت تفكر منذ قليل في طلب الزواج الذي عرضه عليها مروان بالأمس وعلي الاغلب كانت ستوافق
فمروان شاب جامعي تعرفه جيدا فهو قبل ان يكون زميلها في العمل جارها في نفس الحي الذي تقطن به ولكن بعد شارعين من الشارع القابع فيه منزلها البسيط مثل أحلامها وذوقها في الملابس ..ملتزم دينيا واخلاقه لا غبار عليها كما انه يعشقها منذ الطفوله …ومن تعرفه أفضل ممن لا تعرفه هذه نظرية والدتها التي اقنعتها بها عندما اخبرتها عن امر مروان ..
لكن كل هذا تدثر أدراج الرياح ..
فليس من العدل أن تقارن بين غالب الدمنهوري بجلالة قدره وبين مروان الموظف البسيط
ميزان غالب حتما سيرجع حتي دون ان تفكر ..فقط ستغمض عيونها بهيام وهي تمضي علي عقد أنتماءها لعائلة الدمنهوري وستكون زوجة غالب الدمنهوري
الفتي الثري الوسيم الذي لا ترفضه أي فتاه عاقله ..وبالطبع ابنة عمه كانت مجنونه لترفض رجلا مثل غالب ..
فهو رجل في كل شئ ..يرهب قلبها بنظرة بسيطه منه ..
ذاع خبر زواج السيد غالب بسكرتيرته بين جميع موظفين الشركه
فتلك الزميله ناقله اخبار من الغيار الثقيل كأنك تشاهد بث مباشره لقناه إذاعيه ..
وكان الجميع ما بين ذهول وعدم تصديق ..
لكن ما سيحسم حيرتهم هو الزفاف والذي سيكون غدا كما اخبرها غالب …
…………………………..
جرس الفيلا رن بشكل همجي يدل علي مدي رعونة الزائر لذلك أسرع الخادم وفتح الباب الضخمه ليرتعب وهو يري أمامه غالب بخشونته وملامحه القاتمه
تخطي غالب الخادم بتجاهل لداخل الفيلا والخادم اقفل الباب وعاد من حيث أتي
وقف غالب بمنتصف الفيلا ..نزع عنه نظارته ذات الأطارات البنيه لتظهر ملامحه الجامده
صارخا بصوت زاعق زلزل حوائط الفيلا القاسيه:نداااء …ندااااااء …
وعلي آثر صراخه أتي إليه مروان الذي كان ينهي بعض الاعمال بغرفة مكتبه
وكذلك زوجة عمه الذي اقشعر جسدها وهي تسمع صراخه من داخل المطبخ..
وقف مروان أمام غالب رامقا إياه بنظرات غاضبه ثم هتف بخشونه :عايز إيه يا غالب …وليه بتصرخ بالطريقه الهمجيه دي …
ضيق عينيه بثبات ولوي زواية فمه قائلا :عايز مراتي ..بصراحه أنا اشتقتلها جدا وهاخدها معايا لبيتي . بيت جوزها ..
نطقها بتحدي وهو يشدد علي كل كلمه
حاول مروان أن يتماسك قائلا وهو يطالعه بثبات:غالب أمشي من هنا أنت عارف كويس أووي أن ده مش من حقك بعد ما نداء طلبت منك الطلاق ..
عاجلتهم والدة نداء لتقول محاوله أن تهدئ تأزم الوضع بينهم
قائله بخفوت :اهدي يا مروان دا بردوا ابن اخوك قبل ما يكون جوز بنتك
قالت ذلك وهي تبعده عن محيط غالب ثم أكملت متجاهله نظره زوجها المهدده إليها
قائله:خليها تروح معاه يمكن الامور تهدي بينهم وتتراجع عن قرار الطلاق ..ما هو بردوا مش معقول اللي عملته نداء ..وبعدين الناس هتقول عليها إيه لما تتطلق بعد جوازها بأيام ..
يأس مروان وزفر عدة مرات وهو يغمض عيونه بيأس فتلك المرأه لو تعرف بمرض نداء لما تكلمت بتلك الطريقه ابدا ..
بأبتسامه ثابته اخفت خلف طياتها الكثير أكمل غالب قائلا:بس هي لسه مراتي وأنا مش هطلق ..وحقي أخدها معايا …حتي لو أضطريت أجبرها ..
مروان قد بدأ يستنزف صبره
ثم قوس حاجبيه بغضب وهدر يصك اسنانه وهو يمسك بتلابيب ياقة قميص غالب الأبيض من تحت سترته:غاااالب اقصر اي مشاكل ممكن تنهي العلاقه بينا للأبد وأمشي من هنا بهدوء ..
لكن غالب طالعه بنظرات ساخره متحديه ورغم ذره من تعقله تخبره بأن ما يقف أمامه هو عمه لكان قد ارتكب ما لا يُحمد عقباه
ثم بثبات أزاح يدي عمه القابضتان علي ياقة قميصه وتخطاه ليكمل صراخه بأسمها
قصف بأسمها :نداء انزلي انا عارف انك فوق…لو منزلتيش خلال ثواني هطلعلك بنفسي ووقتها مش هتلومي غير نفسك
أتسعت عينيه بقسوه هو يراها تقف امامه في منتصف الدرج ما ان انهي كلماته فتطلع إليها بغضب تمكن من كبته وهو يراها تهبط الدرج واحد تلو الاخر
حتي تقترب منه وتقف أمامه تكتف ساعديها بثبات هامسه وهي تشيح ببصرها بهيدا عنه:خير …زوجي المبجل جاي بيوت الناس يزعق علي الصبح ليه ..
جاوبها قائلا بسخريه:كويس انك لسه فاكره اني جوزك ..وياااريت تفتكري كمان انك خاينه
صاح به مروان بغضب :غااااالب
فلوي شفتيه بسخريه وهو يهز رأسه بأستهجان
نداء بقوة زائفه:قول أنت عايز إيه يا غالب من غير لف ولا دوران ..
أقترب منها بجمود وقف أمامها لا يفصله عنها سوي تذبذبات الهواء ثم رفع ذقنه إليها قائلا بمكر :هقول ..أنا أصلا جاي عشان أقول كلام كتير …بس تعرفي دور القوة ده مش لايق علي ملامحك ..آه دا أنا نسيت أن كل البراءه اللي ادامي دي وراها شيطان
عندها ابتعدت عن محيط وقوفه وهو تتألم من الداخل وترتدي قناع التماسك والقوه المزيفه من الخارج
هاتفه بهدوء وهي تشبك كلتا كفيها :أنا سامعاك
هتفت والمكر يقطن عينيه والابتسامه تزين زواية فمه بدهاء:بما أنكم أقرب الناس ليا فأنا قولت اقولكم بنفسي بدل ما تعرفوا من الغريب ووقتها هتكون عيبه كبيره أووي في حقي
مروان وقد ضاق ذرعا :قول اللي انت حاي عشانه يا غالب من غير لف ولا دوران..
ببساطه قال :طبعا الدعوه عامه للجميع ولو أنكم مش محتاجين دعوه.. من ناحيه دي بيت عمي ومن ناحيه تانيه جوز بنتكم …
قال الاخيره هو يكشر عن أنيابه الضاريه بأبتسامه ماكره قاتمه كلون عينيه في تلك اللحظه
أقترب من نداء ودار حولها ان وقف أمامها طالعها بثبات وشيطانيه قائلا:بكره هيكون فرحي .
وصمت يطالع وجهها مضيقا عينيه بخبث وشهقه مريعه صدرت من والدة نداء
لا ينكر انه رأي الصدمه والذهول علي قسمات وجهها
لكن ليس هذا ما توقعه
توقع ان تحزن تبكي تصرخ به وتتهمه بالكذب.
وهو لم يري أيا من تلك الاحاسيس فقط الجمود والبرود هو ما يغلف ملامحها الصماء
أستدارت مبتعده عنه خطوتين تواري دموعها التي تسللت بعد معاناه وكبرياء هزمتهم صدمته القاسيه علي مسامعها
وهو قطب حاجبيه بحزن ثم حال للغضب الذي يواري أنكسار كبرياءه أمامها ..ألهذه الدرجه لا يعنيها خبر زواجه من أخري..
قالت وهي تتصنع اللامبلاه للقنبله التي القاها علي مسامعهم توا :إيه المطلوب مني وليه جيت تقولي
بدهاء قال:أزاي بقي ما اقولكيش دا أنتي بنفسك اللي هتيجي تذوقي العروسه ..مع أني أشك انك تقدري تعملي كده
أقترب مروان منه وأداره ناحيته : انت زودتها أووي لو كنت فاكر ان انت هتقدر تذل بنتي وأنا عايش فأنا مش هنولهالك ابدا يا غالب…أنت تعرف هي ليه عملت اللي عملته معاك
لكن صرخه من نداء جعلت الكلمات تتوقف في حلقه وهي ينظر لبريق عيونها الذي يترجاه بألا يفعل ذلك
فهو قد وعدها بألا يخبره ابدا عن حقيقة مرضها وهذا الوعد هو ما ألجم لسانه وجعله يبتعد عن غالب وهو يضرب قبضة كفه اليمني في باطن راحة كفه اليسري عاجزا وقليل الحيله ذلك الأب المسكين ..
أما نداء فوقفت أمام غالب تبادله نظرات ثابته تصنعتها وقالت بثقه :ولو قدرت أعملها
قاطعهم مروان هاتفا بغتة وهو يشعر بالصدمه من موافقة نداء ..فهي لن تتحمل ان تراه مع اخري
فكيف ستذهب ؟؟
لكنها قالت تكرر كلماتها وهي تطالع عيونه بثبات:ولو قدرت أحضر فرحك واقدملك بنفسي عروستك …وقتها هتنفذلي رغبتي وتطلقني
………………………..
سارعت نحو موظف الأمن ثم قالت بصرامه وهي تشاور علي الوقح الجالس ببرود :وصل الاستاذ لحد باب الفندق
والمعني واضح فهي استدعت الامن لتفهمه انها تطرده بالذوق قبل العافيه ..
تطرده لخارج الفندق ولكن بشياكه ..
نهض واقترب منها وقف امامها يطالعها بثبات وأبتسامه أخيره ماكره هزت كل خليه في جسدها غيظا
ليتركها بعدها ويذهب مع رجل الأمن ..
وهي اقتربت من الاريكه القابعه في الزوايه لتركلها بكل عصبيه
فتجلس علي طرف الاريكه بسرعه تتأوه بوجع وهي تمسك بمقدمة قدمها التي آلمته من آثر قوة اللكمه ..ثم تنزع عنها الخذاء الذي أبتاعته أمسا وقربت شفتيها المكتنزتين من أصابع قدمها المتحرر تنفخ بهم…
عندما طرق أحدهم علي الباب فبسرعه أنزلت قدمها لتدسها في حذائها الجديد وعدلت من وضع ثيابها
ثم نهضت متوجهه نحو المكتب لتجلس علي الكرسي….تنحنحت قائله بعد ان تلبست شبح الوقار والهيبه:أدخل ..
أقترب منها مدير الفندق ومساعده
فأبتسمت تحييهم بتحفز ثم دعتهم للجلوس
بعد أن تراخي كلا منهم في جلسته هتف المدير وهو يدير رأسه إليها بأبتسامه هادئه
:خير يا استاذه سلمي حضرتك طلبتينا ..
سلمي بجديه : انا عايزه أطلع علي كل حسابات الفندق وكمان عايزه اراجع تفاصيل ملف الصفقه بتاع القريه السياحيه..
ولم تلمح النظرات المتوتره بين المدير ومساعده ..المدير رجل في منتصف الأربعينات ذو ملامح رجوليه ماكره وبريق عيونه يخبئ بمكنونه الكثير من القصص والحكايه ويدعي السيد عدنان ..اما بالنسبه لمساعده فهو يقاربه في العمر أصلع الشعر يمتلك شارب يكاد يلقم تفاصيل وجهه ويسمي السيد محمد …
وكاد السيد عدنان يتحدث عندما قاطعه صوت طرقات خافته علي باب المكتب
فأذنت سلمي للطارق بالدخول فكان الطارق هو موظف الأمن عند بوابة الفندق الضخمه
وقف موظف الأمن بخنوع أمام الثلاثه ثم قال وهو يشبك كفيه ببعضهما احتراما مطأطأ رأسه للأسفل :الرجل اللي حضرتك طردتيه من دقايق دق خيمه ادام الفندق ودخل ينام جواها وشويه شغل موسيقي صاخبه وبعدين بقي يغني بصوت عالي ..
……………………….

يتبع…

الفصل السابع والأربعون

أتسعت عينيه بصدمه قاتله ألهبت عميق قلبه نار لا قدرة لها علي تحملها ..ضغط علي شفتيه بغضب …وقبض كفه بقوه فولاذيه جعلت عروقه المتصله بأجهزة جسده تبيض من شدة ثورته
اقترب منها..ضغط بقوه علي مرفقيها بين قبضتي يده الحديديه هاتفا بفحيح أسد جامح أوشك علي تفجير كل براكين الغضب بداخله:أنتي هتمشي الوقتي معايا علي بيتي ..بيت جوزك يا مدام ..يلا ..
حاولت جاهدة التملص منه من قبضة كفيه المؤلمه ..لم تقدر قوتها الحائره أمام بنيته الجسديه أن تبعده عن محيطها
فصرخت به قهرا :سيبني..ابعد عني يا غالب ..مستحيل أروح معاك ..مستحيل ..
تركت قبضة كفه أسر كتفها لتمتد إلي ذقنها فيشدد علي جانب فكها بين أنامل راحة كفه المرابطه بقوه آلمتها
قائلا وعمي الغضب يعتمل قلبه وكل خلية في جمجمة رأسه وابتسامه غريبه تحل عند زواية فمه
طعم الأنتقام لذيذ كحلوي مطهوه مع بعض البطاطا وتتشرب برحيق عسل خلايا النحل وملكاته…
لم تكد تستوعب كلمته حتي جذبها بقوة من ذراعها وهو يجرها خلفه
بكل قوتها حاولت فك آسر ذراعها من بين براثنه المؤلمه وما كان يزداد إلا قسوة وغلظه
أقترب من باب الفيلا واوشك علي الخروج بها بوقاحه تحت نظرات مروان الغاضبه وملامح زوجته المصدومه من جرأة غالب
ألجمه في مكانه صراخ مروان المستشيط وهو يقترب منه بعيون قاتمه
:غاااالب
توقف ومازلت قبضته ممسكه بذراعها بقوه اكبر من سابقتها لدرجه أنها تريد أن تصرخ فذراعها يكاد ينخلع آثر قبضته المميته
وقف مروان وجها لوجه قبالة غالب قائلا بتحذير وحاجبين مقوسين غضبا :نداء مش هتروح معاك في أي حته يا غالب ..أكرملك تسيبها وتورينا عرض كتافك
ركزت ملامح وجه غالب ثابته إلا عضله في فمه ألتوت بمكر وبرود وتطلع بصلف لكف عمه المستقره علي باطن قبضته الممسكه بمعصم نداء
وبكل صرامه أزاح كف عمه بعيدا عن محيط قبضته ونظرة عيونه إلي مروان كانت نظرات شخص موجهه إلي عدوه لدرجه جعلت مروان يتسمر في مكانه مذهولا
ثم أسر للخارج هو يجرها معه بقوه وقف أمام السياره فتح باب المقعد الامامي لها وأجلسها عنوه ثم صفق الباب بقسوه وأستدار نصف أستداره للناحيه الاخري ليركب جوارها خلف عجلة القياده ..
لحق به مروان يمنعه عندما اعترض طريقه رجلان ضخمان للغايه يمنعانه من التعرض لطريق السيد غالب
أستشاط مروان غضبا وحذر العملاقان هاتفا :أبعد أنت وهو عن طريقي..
لكنهم لم يتزحزحوا ..
صرخ مروان وهو ينظر إلي غالب القابع ببرود داخل سيارته الضخمه
ثم قال بهياج:غالب ..أنت بغباءك بتضيعها منك
تجاهله غالب والابتسامه الساخره ترتسم علي جانب ذقنه الغير حليقه و شغل محرك السياره لينطلق بالسياره
ولحق به العملاقان في سياره آخري ضخمه ولكن من نوع السيارات المخصصه للحراسه..
………………………..
أستفاقت من نومها الثقيل علي صوت رنين الهاتف المزعج
تمطعت بتأه وهي تشد كفيها المشبكين ثم ترخيهم بهمهمات ما بعد الاستفاقه من نوما هانئ فقبل أن تروح في النوم دغدغت أذنيها صوته العذب وهو يغازلها بأحب الكلمات إلي قلبها
لتروح بعدها في عالم الأحلام تاركه إياه يحدثها عن كل حياته التي تشقلبت رأسا علي عقب عندما بدأ قلبه العاشق بالهيام بحبها
وعندما طال صمتها نادي عليها لتصله منها همهمات ليدرك انها راحت في سبات عميق فأبتسم وهو يقفل جواله وينام هو الأخري وهو يحتضن الوساده الأخري فقلبه يراها في كل مكان حوله حتي علي الوساده ..
دارت عيونها في كل إنشا في الغرفه وهذه المره غير كل المرات فسعادتها أكبر من أي سعاده
ويدها تتلمس خصلات شعرها بهيام ووله ..عشق أطلقت سراحه بتنهيده حاره
تعالي رنين الجوال من جديد
فظلت تبحث عنه ..هو في مكان ما فبعد ان نامت أمسا لا تدري أين جالت به يديها أثناء دوامة نومها ..
تأفأت وهي لا تجده علي السرير ..حتي بعد أن عاثت فسادا بسريرها المسكين والقت كل وسائده علي الارض
نهضت عنه لتطأ قدميها الأرضيه وتقوم بنزع الأغطيه
عله يكون أنزلق تحت أغطيته ولم تجده أيضا فعبست ملامحها خصوصا أن صوت الرنين يزداد
لكن ما بال الرنين قريب إلي طبلة أذنها كل هذا القرب تلفتت أسفلها لتجده قابع بأريحيه أسفل السرير
فمالت بجذعها تلتقطه وهي تنظر إليه بعتب …فها هي قد بحثت عنه في كل مكان لتجد خضرته يختبئ أسفل السرير ..
حالت ملامحها المعاتبه إلي أبتسامه خجله وهي تري أسمه يزين شاشة الجوال
فأجابت هامسه برقه :صباح الخير ..
جاوبها بعذوبه أسقطت قلبها بين محجريه :شكلي صحيتك من النوم..
أبتسمت قائله بخفوت: وطالما عندك إحساس فضلت ترن ليه..
قال بلؤم:بصراحه محبيتش أنزل الشغل إلا لما أسمع صوتك
عندها تمددت علي قلب بطنها علي السرير وشبكت ساقيها تهزهم يمينا ويسارا
صمتت تستمع إليه بحمره صبغت وجنتيها
تنهد وهو يجلس علي الأريكه يطالع صورتها القابعه علي المنضدده أمامه أسيرة الأطار الزمردي
قائلا بفرحه:هعدي عليكي كمان ساعتين عشان نروح نشوف القاعه اللي هنعمل فيها فرحنا ..
كادت تطير فرحا لكنها أجابته بهدوء:تمام ..
قال بمكر الغرض منه مناغشتها:طيب أنا هقفل ..
أجابته بكبرياء أنثي :اوكيه..
بعدها أقفلت الجوال وهي تنظر لشاشته بضحكه مقهقه شامته
متخيله ملامحه المندهشه وفاهه المفتوح بصدمه وهو يطالع شاشة الهاتف بحاجبين مقوسين ببعض الغضب ..
وبالفعل كان آسر كذلك ..ثم تلاها بأبتسامه وهو يهز رأسه نافيا يائسا من ان تتحول زهرة يوما إلي أنثي رومانسيه تتدلل عليه كباقي الزوجات مع أزواجهن ..
ثم نهض وهو يرتدي سترته الكحليه وأخذ مفاتيح سيارته ليخرج من الغرفه
تحركت نحو النافذه تزيح عنها تلك الستائر التي تزيد من قتامة الغرفه
وتطلعت لثوان إلي شكل السماء الصافيه وهي شارده بحبيبها الهديه التي أرسلها الله إليها ليعوضها عن كل حياتها المؤلمه ..
أبتسمت وهي تمتم شكرا لله عزوجل ثم تحركت تتجه نحو المرآه القابعه في منتصف الغرفه
تطالع صورتها المنعكس أمام مرمي عيونها وتتمايل أمامها بخفه ودلال أنثوي بذلك القميص الذي يجعلها كفراشه حالمه والمصنوع من قماش الستان
وفجأه شهقت و تراجعت للخلف خطوتين وأتسعت حدقتي عينها بذهول تبحلق في صورتها المنعكسه
لاتصدق ..لا تصدق أنها تري من جديد ..انها بالفعل تري
رفعت اصابع كفها لتدقق النظر بهما هي حقا تراهم ..لا تتخيل ذلك ..
تعالت دقات قلبها بفرحه كبيره وحالت ملامح وجهها لفرحه أكبر متلئلئه ..فشرودها في أسر وكلماته وعشقه الذي يغدقها به أنساها أنها أستيقظت منذ قليل وهي تري نور الشمس يحاوط غرفتها..وبعدها بحثت عن الهاتف حتي وجدته اسفل السرير ..ثم تحركها الي النافذه وبعدها رؤيتها لصورتها المنعكسه في المرأه ..
أتسعت ابتسامتها أكثر وأصبحت تدور وترقص في كل ركن في الغرفه بجنون …
……………………..
طرق الباب مرتين
ليفتح باب الغرفه ويدخل يقترب منها يقف أمامها ثم يتنهد ويجلس أمامها مسندا جذعه علي المنضده المستديره
طالع عيونها بثبات وتنهيده حزينه قائلا :ماما هتفضلي زعلانه مني كده لحد أمتي ..
أشاحت ببصرها عن مرمي عيونها قائله بقسوه:لحد ما ترجعلي كرم وتبعد عن الحيه اللي أنت أتجوزتها ..
زفر بنفاذ صبر لكنه عاود القول بثبات :ماما أرجوكي بلاش تتكلمي عن زهره بالطريقه دي ..دي خلاص بقت مراتي ..
لم تتحدث بكل ما فعلته انها نهضت من أمامه وأقتربت من النافذه وقفت أمامها وهي تكتف ذراعيها أمام صدرها جامدة الملامح
فنهض وأقترب منها
وقف جوارها وقال :كرم …كرم بقي هنا في مصر
فغرت عيونها بصدمه لا بل فرحه وألتفت تطالع ملامحه لتستشف انه يتحدث بجديه
فقال بلهفه وهي تمسك بطرف سترته:بجد ..طب هو فين وديني عنده يلا بسرعه
قال بثبات:حاضر هوديكي ليه بس مش الوقتي ..بس هتصلك بيه عشان تكلميه وتنطمني عليه ..
أومأت تحثه علي الاسراع ومهاتفته ..هي ترضي بأقل القليل المهم أن تسمع صوته وتشعر أنه بخير
…………….
جسدها بات هزيلا جدا هذه الأيام وملامح وجهها تلتهب بالارهاق والشحوب ورغم ذلك هي ترتدي قناع القوه والتماسك أمام المحيطين بها كي لا يتآمروا عليها فيوقعوها في مصيدة ظلمهم ..فيكفيها ما عانته من ظلم في حياتها ..
تنقلت بين السيارات ببطئ خطواتها تسعي علي لقمة عيشها وتبيع المناديل لأصحاب السيارت
المصفوفه علي حده في خط طولي ممتد إلي ما لا نهايه
أقتربت من سياره ضخمه ومدت يدها بصندوق المناديل مستطيل الشكل إلي مالكها الجالس خلف المقود
قائله بلهجتها التي أكتسبتها مؤخرا :أشتري مني مناديل يا بيه ألهي يااارب يخليلك الهانم مراتك ..
نظر إليها الرجل شذرا وقال بخشونه:أمشي يا بت من هنا ..
كادت تلكمه فتطفئ نار غضبها وتسبه بأعتي وأقذر الألفاظ التي تعلمتها من القاطنين معها في نفس الحارة الضيقه
بل وكانت لتبصق علي وجهه المقيت لولا أن سمعت صوت حنونا
ورأت أبتسامه رقيقه كملامح وجهها المشرقه وهي تقول لها بحنان :هاتيلي أنا المناديل يا شاطره ..
لوهله تسمرت في مكانها ودقت نبضات قلبها بعاطفه ..
تلك المرأه الجالسه بجوار ذلك البغيض تبعثر مشاعرها تشعرها أنها قريبه إلي نفسها أكثر مما ينبغي ..
ربما نبرة صوتها الرقيقه او بريق عيونها الدافئ هما من يشعرانها بذلك الأحساس ..إحساس غريب وفي ذات الوقت رائع..أنه أحساس لم يعصف بكيانها منذ سنون طويله..طويله جدا..
أفاقت من توهانها وهي تري السيده تناولها بعض الورقات الماليه
بعدها أعطتها هنا صندوق المناديل الكرتوني بحيره ومازالت عيونها معلقه بتلك السيده ..
قالت لها السيده بملامح حزينه وقد صعب عليها حالة هنا :أنتي أمك فين يا شاطرة ..
تغلغلت عيون هنا بدموع مختنقه وقالت بخفوت وهي تطأطأ رأسها بحزن :فوق عند ربنا ..
تأوهت السيده بألم لتقول بنبره حانيه دافئه يبطنها الأسف:حبيبتي متحزنيش…. ربنا يخليلك باباكي ..بس هو باباكي فين وسايبك كده
ولم تعلم السيده ان كلماتها تلك لم تخفف عن هنا علي العكس أوجعتها أكثر ..
عندما قصف صوته البغيض قائلا : خلاص يا بت أنتي..يلا حلي عن سمانا بقي ..
فقالت هنا علي مضض وهي تتوسط ذراعها عند منتصف خصرها:هنحل بس متزقش طيب ..
ثم أبتعدت عن السياره وهي ترمقها بنظرات مشتته حائره وكأن ملك الموت ينزع عنها روحها ببطئ ..
بعد قليل اصطف خط طولي بالسيارات من جديد و آخر الصف كانت سيارته تنتظر بفارغ الصبر كصاحبها الذي يضيق حاجبيه بنفاذ صبر وينفخ غضبا ..أعصابه باتت كالجليد المتراكم وسط القطب الشمالي
كرم ..كرم الذي لا ينام ليلا ولا نهارا يبحث عنها في كل منطقه لم يترك شارع إلا وبحث عنها وليست مره واحده بل مرات عديده..ويقسم أنه المره الخامسه التي يمر فيها من ذلك المكان ويجوب بعينيه في كل مكان بحثا عنها ..كما هو الأن ..
رن جواله الموضوع فوق تابلوه السياره
بعد أن تنقلت بين عدد لا بأس به من السيارات وصلت للسياره المصطفه قبل سيارته مباشرة
قالت للسيده التي تجلس خلف عجلة القياده من خلال نافذة السياره المتدلي زجاجها للأسفل :أشتري مني مناديل يا هانم
طالعتها السيده من أعلي لأسفل بقرف كأنها جرب أو مرض معدي سينتقل إليها إذا ما لامست أي شئ تحمله
رفعت نظارتها ذات الاطارات قاتمة السواد فوق مقدمة رأسها قائله بتقزز من حالة هنا المزريه وثيابها القديمه الرثه :أنتي خدي الفلوس دي وابعدي عن العربيه..يلا أبعدي بسرعه..
قوست هنا حاجبيها بغيظ وصكت علي أسنانها بشراسه وكادت ان ترتكب بها أبشع جريمه أن تخنقها مثلا لولا بعض التعقل
فقالت وهي وهي تبادلها نفس نظرات الأستحقار المشوبه بالغضب: أنا مش بشحت منك يا هانم ..ومتخافيش ااوي كده علي عربيتك مش هوسخهالك ..
وتحركت لتنتقل إلي السياره التاليه عندما أوقفتها السيده قائله :أستني ..
هبطت السيده من السياره لتقف أمام هنا بغضب قائله وهي ترفع معصم يدها أمام ناظريها :فين الأنسيال اللي سرقتيه مني يا حراميه..
أتسعت حدقتي هنا بصدمه وهي تطالعها بعدم أستيعاب
هامسه بحيره:أنسيال ..أنسيال إيه انا ما أخدتش حاجه ..انتي هترمي بلاكي عليه ولا إيه يا ست أنتي..
تجاهلتها هنا وأستدارت لتبتعد عنها فتوقفها السيده وهي تقبض بقوه علي قميصها من الخلف لدرجة أن أظتفرها أنغرزت في لحم ظهرها بعد ان تمزق بفعل قوة قبضتها..والقماش المصنوع منه القميص من خامه رديئه مما يحعله سهل التمزق..
وقالت السيده بغضب وصريخ ضاري:انتي فكراني هسيبك بسهوله كده بعد ما سرقتي مني الأنسيال ..الحقوني بالبوليص يا ناس.
صرخت بالاخيره ليتجمهر حولهم جمعا من الناس ..
في قانون البشر يحكمون علي بعضهم البعض من مظاهرهم الباديه أمام أعينهم الظالمه غير آبهين للمبررات التي جعلت منه هذا الشخص..فكل العيون الملتفه حول الفتاه الهزيله والسيده الشرسه تتهم هنا بجرم السرقه الذي لم ترتكبه اصلا..هذه هي طبيعة البشر ..دافعت عن نفسها ولم يصدقها احد
كيف يصدقونها وهي واحده من قاطنين الشوارع والذين يكونون في نظرهم بلا تربيه ولا دين ..وكأنهم هم ذات المثاليه والقيم العليا ..واااحسرتاااه.
ترجل كرم من السياره بعد ان انهي مكالمته مع والدته دون ان يقول وداعا ..واقترب من الجمع المتجمهر وتسلل بينهم ليري القصه
عندما أتسعت حدقتي عينه بصدمه هامسا مع دقات قلبه المتهافته كطير محلق في الفضاء الواسع :هناا
قالت هنا مدافعه عن نفسها:صدقوني يا ناس انا حتي ما اعرفش شكل الانسيال إيه ..يبقي هسرقه أزاي بس ..
السيده وقد قست ملامحها أكثر:أنت اللي زيك أكتر من كده .هو أنتم بتتكسفوا ولا دي اول مره يا شمامين يا حراميه والله اعلم إيه كمان اللي بتعملوه تحت الكباري مع الشباب الصيّع اللي زيكم ..
أخرستها هنا تصرخ بألم:أخرسي أنا أشرف منك ومن مية زيك..
أكفهرت ملامح السيده ورفعت يدها في الهواء لتهبط بها علي وجه تلك السارقه الوقحه
لكن تلك اليد ظلت معلقه في الهواء وقد أنحبس الهواء عن تلك السيده وهي تري ذلك الحائط الضخم يسد الهواء وأشعة الشمس عنها
رمقها كرم بخشونه وعينين ملتهبتين قائلا بتحذير مهدد:أوعي تعمليها ..
شدد علي كل حرف ينطق به برعونه اجفلت السيده وجعلها تتراجع للوراء وهي تنتشل يدها من قبضته
وقالت بخفوت وتشتت:بس البنت دي حراميه وسرقت مني الأنسيال ..
قال بملامح قاسيه:شوفتيها وهي بتسرقه..
اخفصت السيده بصرها وهمست :لأ
ثم رفعت ناظريه إليه بثبات لتقول:بس هو اختفي من إيدي وهي لسه واقفه ادامي يعني اكيد هي اللي سرقته
طالعها قليلا بوجوم دون ان ينطق كلمه ثم تخطي السيده مقتربا بخطواته الحاذقه من سيارتها
توغل ببصرها لداخل السياره قليلا من الوقت والناس تراقب ما يفعله بصمت مطبق ثم يستقيم واقفا ويقترب من السيده يقف أمامها بثبات ثم يبسط كفه أمامها وفيه الأنسيا لقائلا:يبقي أتأكدي الاول قبل ما ترمي تهم باطله علي الناس
فتشق السبده بصدمه وهي تري الانسيال فزاغت ببصرها حرجا ولم تعلم ما عليها قوله أستدارت إلي هنا الواقفه بصدمه وهمست وهي تخفض بصرها حرجا وخجلا من نظرات الناس اللائمه ومن اتهامه للفتاه بالسرقه دون ان تتأكد من ذلك
:أنا آسفه بجد انا آسفه ومكسوفه اووي من نفسي ..
…………….
تطلعت بحزن لشاشة الهاتف قائله بحزن:ده قفل السكه..
تنهد آسر بحزن وقال:متزعليش يا أمي ..كرم لسه صغير ومش واعي لتصرفاته.. أنا هاخدك تشوفيه ..بس بس
قاطعته والدته قائله:بس إيه..أتكلم يا آسر ..
آسر بملامح مرتبكه:أنا قبل ما اخدك شوفي كرم..أوعديني أنك ما تقوليش لبابا أن كرم هنا ولا حتي تجيبي سيرة كرم ادامه ..لانه لو عرف هيستغل كل نفوذه عشان يبعده تاني عن هنا ..
قالت وهي تضع يدها عن موضع قلبها بحزن :أنا مكنتش هقوله اصلا ومن غير ما أسألك انا كنت عارفه ان سالم هو اللي بعد كرم عن هنا ..من يومه وهو قاسي حتي مع أبنه ..
أقترب منها وقبل رأسه ثم لثم باطن كفها بقبله قائلا بأبتسامه:طيب أنا هضطر أسيبك عشان هنروح انا وزهرة نحجز قاعة فرحنا …
وتنهد بحزن وهو يري ملامحها التي حالت للغضب بمجرد ذكر أسم زهره ..بعدها تحرك بخطي ثابته ليخرج من الغرفه ويغلق الباب خلفه بهدوء
…………………..
اوقف سيارته أمام الفيلا
وترجل منها ليتجه ناحيتها يخرجها عنوه كما أدخلها عنوه
وقبل أن يتوغل بخطي غاضبه لداخل الفيلا قصف أوامره للحارسان اللذان ما ان أوقف سيارته وترجل منها حتي ترجلا هما الاخران واقتربا منه منتظرين الاوامر بخنوع
قائلا بخشونه وحزم:ممنوع اي حد يدخل الفيلا إلا بأوامر مني انا شخصيا حتي مروان الدمنهوري نفسه ..مفهوم ..
أومئ له الحارسان بخنوع وهم يخفضون نظراتهم للاسفل
فتح باب غرفته علي مصرعيه وأدخلها عنوة كما جرها إلي هنا رغما عنها
جز علي أسنانه غضبا وهو يزيحها بقوه اطاحت بها علي سريره الصلب مثل جسده
ثم اقترب منها أكثر وكتف ذراعيه قائلا بخشونة صوته الرجولي:ممنوع تماما تتخطي حدود الاوضه دي ..ممنوع حتي تتكلمي او تعترضي..أعتبري الاوضه دي هي زنزانتك اللي هتقعدي فيها للأبد ..وأنا السجان اللي هيحول حياتك لجحيم..
طال النظر إلي جسدها المتشنج ببكاء صامت ..وسكنت نظره حزينه بريق عينيه قبل ان يتحرك ويخرج من الغرفه
طبعا الكل لازم يسمع ويطيع ..من غير ما يعترض ولو فكر يعترض حياتي تتحول لضباب سراب ملوش أول من آخر ..عشان انت مش أي حد ..أنت غالب الدمنهوري اللي الكلمه منه سيف علي رقبة الكل ..
وصمتت وأنفاسها تتعالي بغضب ألم ..وجع ..
استدار إليها بنفس أبتسامته العابثه واقترب منها بثقه حتي وقف أمامها يطالعها بنظرات مبهمه وهي كذلك تطالعه بقوه قوه اذهلته لولا أن أبدي ثباتا يحسد عليه مع قوله بجمود :كويس أنك عارفه النقطه دي عن جوزك ..بس صدقيني فيه حاجات تانيه كتير أنتي متعرفيهاش مثلا لو حطيت حد في دماغي مستحيل أسامحه واغفرله غلطه معايا ..هو اللي بيطلع خسران من كل ناحيه لما فكر أنه يخدعني ..بخليه يكره والدته اللي جابته لدنيا فيها غالب الدمنهوري..يمقت حياته ويتمني موته وبردوا ميطلوش ..
أبتعدت عنه قليلا تحت أنظاره الحارقه وأقتربت لتجلس علي حافة السرير :وأنا مش هقبل بذلك ليا الموت عندي أرحم من أن أعيش مع واحد أناني ومغرور زيك ..وأحد بيسمح لنفسه يهين ويجرح اللي حواليه ولما حد يعمل المثل معاك يبقي أتخطي الخطوط الحمرا وينتظر مصيرة اللي حدده غالب بيه الدمنهوري ليه..ده ظلم ..ظلم كبير
بسرعة البرق وقف أمامها وأوقفها عنوه قبالته ضاغطا علي ذراعها بقوه
مع قوله محذرا :أحترمي نفسك وأنتي بتتكلمي معايا ..
أفلتت ذراعها من بين براثنه لتقول بشراسه:أنا بحترم نفسي كويس أوي يا غالب …
ثم أبتعدت عن محيطه توليه ظهرها وهي تكمل قائله:أنت آخر واحد تتكلم عن الأحترام لو فعلا بتحترم نفسك مكنتش جرجرتني لهنا غصبا عني..مكنتش رضيت أنك تجبرني علي أني اعيش معاك لمجرد أنك تنتفم مني وترضي غرورك وعنجهيتك ..
أداره إليه حيث أنفاسه الغاضبه تلفح قصبة رقبتها وحنايا وجهها هادرا وهو يتعمق النظر لبؤبؤ عيونها:أرضي غروري ..هو ده كل تفكيرك عني ..عملت كل ده معاكي عشان ارضي غروري ..هااا..جبتك هنا عشان أذلك وأتبسط بالذل ده ..أنتي متعرفيش اي حاجه أنتي جاهله خاينه كدبتي عليا عشان تنتقمي مني..بس قبلك ده لسه بيحبني لسه بيعشقني زي الاول ويمكن أكتر كمان ..
تندما وجدها تخفض ناظريها عنه أحتضن وجهها بين راحتي كفها ورفعه إليه هاتفا بأنفاس متلاحقه تؤثر عليها وتعبث بقلبها :بصيلي بصي في عيوني وقولي أن أنتي بتكرهيني ..قوليها يا نداء ..قوليها ..
وسكنت همساته وهو يركز بصره علي طول وجهها وباتت أنفاسها تهدئ رويدا رويدا آثر لمسات أنامله المتجوله علي كل تفصيله في وجهها
لكن شئ ما بداخلها افاقها لتتلبس الصرامه قسمات وجهها من جديد وتزيحه عنها بكل قوتها صارخه به :أبعد عني ..طلقني ..أنا بكرهك .
ألجمتها صفعته القويه عن الكلام
رفعت أنامله تتلمس مكان الصفعه بألم قطع نياط قلبه ورغم ذلك وقف كالحجر الخالي من اي مشاعر أمامها
أبتسمت بسخريه مريره وهي تقول :بردوا بكرهك ..
وصفعه آخري منه أقوي من سابقتها هوت علي خدها الآخر لتترنح للوراء وتنهار علي السرير تبكي بوجع ..قهر..
لم يحتمل شهقات دموعها فخرج من الغرفه بأكملها وهو يصفق الباب خلفه بعنف وكبت …وجرح غائر نشب في صميم قلبه آثر كلماتها ..
هبط درجات السلم حتي وصل لأول درج السلم من الأسفل توقف عندها وأنهار جالسا علي ول درجه من السلم .مرر أصابعه بين خصلات شعره حزن وأنكسار ثم أسند كلتا كفيه عند مقدمة جبهته واجما ..ونظراتها المنكسره إليه قبل أن يخرج من الغرفه تلوح أمامه كقرص الشمس الساطع في أول النهار.
تنهد بيأس وحزنا عميق يسكن قلبه ..قلبه الذي يؤلمه بشده ..تبا لهذا الحب اللعين.
ليته لم يحب يوما!!
ثم مرر راحة كفه ليمسح بها علي طول عنقه واعلي جبهته ثم يفرك عينيه بوجع وأبعد كفه قليلا لتلوح أمامه تلك الدماء المنغمسه به أصابعه
أتسعت عيونه برعب وهو يدقق بصدمه في الدماء علي أصابع راحة كفه
ثم تطلع للأعلي بدقات قلب تتعالي كطبول مرتعبه لينهض واقفا ثم يركض بأقصي سرعته يأكل درجات السلم ..
…….

يتبع…

الفصل الثامن والأربعون

توقف آسر بالسياره أمام أحد الفنادق الشهيره.. وترجل من السياره ليفتح بابها لزهره التي ترجلت منها بأنفه شأنها كباقي فتيات كبار وأغني العائلات..
وكما طلب منها آسر فهذا يسمي الأتكيت يا ساده..
لكن شموخها كان مبالغ فيه وكأنها تتصنعه لأجل إرضاءه..
فأحتلت أبتسامه جانب وجهه لكنها لم تلاحظها.. حيث كانت منشغله بديل فستانها القرمزي
وفي داخل الفندق العريق جلست أمامه علي الكرسي بعظمه ووضعت علي جانبها عند ناحية يسارها حقيبة يدها
وعندما أتي النادل طلبت منه ما تريد بطريقه حرفيه كما علمها تماما..
كان يشاهد كل ذلك بذهول وفي نفس الوقت نظراته لها كانت ممزوجة بأعجاب جم..
لكن ان جئتم للحق فهي غير مسترخيه تماما في جلستها لأن تلك الجذمه اللعينه ذات النعل العالي تضايقها وبشده فأصبع قدمها الاصغر محشور وبشده داخل تلك الجذمه التي تشبه في لونها قطه سوداء مفترسه..
ولم تكن لتتفوه أمامه بشيئا بعد أن صدر لها وجهه الغاضب منذ قليل وهذا عندما فقط تفوهت بكلمة لا تنتمي لوسطه الأجتماعي.. وتلك فقط مجرد كلمه ..فماذا سيفعل إذا أخبرته بأنها تريد أن تنزع عن قدميها ذاك الحذاء البغيض..
وهو لاحظ توتر ملامحها فهتف : فيه حاجه..
أبتسمت بزيف وهي تهتف بتوتر : لا أبدا مفيش..
بعد قليل كان النادل يضع أمامهم أصناف الطعام المطلوبه..
فتناولت الطعام بطريقه منمقه وكما علمها تماما..
مرت ثواني وهتف آسر للنادل الذي شاور له فأتي له علي الفور : شيل الأكل ده لو سمحت..
عندها تطلعت زهره إليه بذهول وضيق..
والنادل نفذ الأمر وبالفعل بدأ بلملمة الأطباق من أمامهم..
وبعد أن غادر..
هتفت زهرة بنزق: أنا ملحقتش آكل علي فكره..
آسر ببرود:مش مهم.. انا عايزك الوقتي تتعلمي التحكم في شهيتك ادام الناس وخصوصا لما يكون أدامك اصناف لذيذه من الأكل وعشان كده تعمدت أن النادل يجيب الاكل وبعدين يشيله تاني..
نظرت إليه بنزق وهتفت بلغه شمطاء: يعني إيه.. هو أنت جايبني هنا عشان تخليني أتفرج علي الناس وهم بياكلوا..
وأثناء ذلك أرتفعت نبرة صوتها قليلا..
فنظر إليه آسر شذرا ثم همس بتحذير: وطي صوتك كده الناس هتتفرج علينا.
فزفرت بضيق وغضب وهي تضع قبضة يدها أسفل خدها وتتمتم بغيظ: كل حاجه الناس. الناس. فلقتني بالناس..
وقد سمعها فهتف بخشونه: بتقولي حاجه..
زفرت بيأس وهي تهمس بأقتضاب : مبقولش..
ثم أشاحت ببصرها عنه..
………..
تاهت في شوارع لا تعرفها ولم تأتيها قبلا..
وعندما تعبت من الركض توقفت عند أحدي الزوايا وهي تنهج بعنف وتشعر بأن كل العيون مسلطه نحوها..
فتجلس علي أرضية الرصيف وهي تحاوط جسدها بضعف وخوف..
ودقات قلبها تتعالي.. وأحبال معدتها تصرخ جوعا وآلما..
وكل خليه بها قد فقدت السيطره علي تحمل ذاك الألم الذي داهمها منذ قليل..
والأدهي أن نسمات الهواء بارده برودة الجو في قطب الثلج الشمالي…
حتي ان الدخان الخارج من بين شفتيها يوحي بمدي البروده التي تسري في أوصال جسدها فتزيدها أرتجافا..
وهذا واضح من أرتعاش شفتيها واصطكاك كلا فكيها ببعض.. حتي أطراف يدها مِحمره من قسوة البروده وهي لا ترتدي سوي قميص أصفر وأسفله بنطال جينس لونه أسود وكوتشي أسود…
أي انها ملابس لا تقدر حتي علي حماية جسدها الغض من قسوة وبرودة الجو..
فأنكمشت علي نفسها وهي تستند بظهرها علي صندوق قمامة ضخم قابع خلفها…
البرد تستطيع تحمله إلي حدا ما لكن ألم جسدها هو ما لا تستطيع تحمله..
وكانت نظرات الماره حولها إما نظرات شفقه وتعجب أو نظرات أحتقار وأزدراء..
وظلت علي حالتها تلك لساعات طويله…
………………….
تطلع إليها فوجد ملامح وجهها مقطبه من الضيق..
فهتف : يلا نمشي..
أجابته علي مضض: تمام..
ونهض ثم سبقها للخارج وهي الآخري نهضت وهي تزفر بملل وعندما أستعدت للخروج توقفت علي بعد خطوات وهي تري طاوله تجلس عليها سيده بدينه للغايه مرصوص عليها أصناف طعام لا تقدر معدتها البائسه علي مقاومتها فهي تشعر بالجوع النهم..
وضيقت عينيها بأبتسامه وهي تفكر بخطة ما
ففي النهايه هي زهرة .
غيرت مسارها وقامت بالمرور من جوار تلك الطاوله وأثناء ذلك ودون أن ينتبه أحد إلي فعلتها أوقعت بالشوكة علي الارض حيث لم تنتبه السيده إليها فهي كانت مشغوله بألتهام الطعام
ثم أبتعدت زهره بضع خطوات عن الطاوله
فمالت السيده بجذعها أسفل الطاوله لأحضار الشوكه التي سمعت صوتها أثناء ارتطامها بالأرضيه
وفورا أقتربت زهرة من الطاوله وأخذت بيدها دجاجه مشويه من الطبق الرئيسي الموضوع وسط الطاوله..
وخبأتها أسفل المعطف النسائي ذو الفرو الذي كانت ترتديه
وبخطوات سريعه أبتعدت لتصطدم بجسد آسر القوي أمامها وهو يتطلع إليها بملامح غاضبه حانقه فهو قد رأي ما فعلته
أما السيده عندما أعادت الشوكه لمكانها تطلعت بذهول للطبق الرئيسي وهي تجد فيه دجاجتان مشويتان فقط لا غير بعد ان كانوا ثلاثه..
فتسمرت في جلستها تنظر للطبق بذهول دون ان تنطق بكلمه..
وعندما تطلعت زهرة لملامحه الغاضبه هتفت بأرتباك : في إيه يا آسر بتبصلي كده ليه..
آسر بخفوت وحزم : رجعلي الفرخه لمكانها..
فزاغت ببصرها حرجا وهي تهمس ببراءه: فرخة إيه..
فهتف بخشونه ووعيد: زهرررة..
عندها أبتلعت ريقها بخوف وأستدارت بظهرها لتعود ثانية لتلك الطاوله وفعلت نفس الحركة الأولي وهي إيقاع الشوكه لتتمكن من إعادة الدجاجه المشويه لمكانها
حيث قد تركت السيده ذهولها جانبا وعادت لألتهام الطعام
وسمعت للمره الثانيه سقوط تلك الشوكه فتأفأفت وهي تميل بجذعها لألتقاط الشوكه للمره الثانيه وعندما أعادتها لمكانها علي سطح الطاوله تفاجأت بوحود الدجاجه الثالثه
عندها نهضت عن الكرسي بفزع وهي تصرخ : عفريت.. فيه عفريت هنا..
علي آثر هذا عمت الضجه كل نواحي الفندق ودب الفزع في قلوب الناس وبدأت النساء بالصريخ وهم يركضون لخارج الفندق فزعا وخوفا من ذلك العفريت.. الذي لا وجود له من الاساس…
عندها تطلع آسر بغضب ل زهرة وهتف: عاجبك اللي حصل في الفندق بسببك..
فهزت كتفيها ببراءه وهي تهتف: وانا مالي هو انا كنت العفريت..
تأفاف وهي ينظر إليها بيأس فهي لن تتغير ابدا..
وبخطوات شمطاء أقترب من سيارته ولكن زاد الطين بله عندما حاول تشغيل المحرك ولم يستجب له..
عندها ترجل بغضب من السياره وتوجة ناحية مقدمتها حاول كثيرا وفي النهايه لم يتمكن من إصلاحها..
فزفر بضيق وأقترب منها حيث كانت لا تزال تجلس في المقعد الأمامي للسياره هاتفا : هنضطر ناخد تاكسي..
فترجلت منها وقبل ان يوقف تاكسي هتفت له: ممكن نتمشي شويه في الطريق وبعدين ناخد تاكسي…
كاد يرفض لكنه همس برضوخ عندما لمح نظرات الترجي في عيونها : تمام…
…………….
وصل وليد بالسياره أمام الفيلا
ترجل منها هو ونضال الذي كان يجلس جواره علي المقعد الأمامي
توغل الاثنان لداخل الفيلا حيث كانت مريم ووالدتها وزوجة خالها يجلسن وهن يتسامرن بضحك كعادتهن..
وبمجرد أن وطأت قدمي نضال داخل الفيلا حتي أشتمت فكرية والدته رائحة عطره وأدركت بحدسها الامومي بأنه هنا
فعلي الفور نهضت وأستدارت خلفها لتجده يقف أمامها بطوله الفارع ونظراته الدافئه..
لم تصدق عيونها التي دمعت بمجرد رؤيته..
وقلبها بات يهفو كطيرا محلق وعلي الفور ركضت بأتجاهه وهي تهمس بدموع : نضال…
وهو أيضا ركض تجاهها
لتحتضن الأم ولدها في مشهد أمومي بحت من الدرجة الاولي وكانت الدموع والوجع هي السيد والمالك لهذا الموقف الذي حتما سيُبكي كل من يراه ..
هي تقريبا لم تراه منذ عدة سنوات ومن وقتها وقلبها الحزين رافقه..
اليوم نستطيع القول بان قلبها عاد لينبض بين جنباتها بعودة نضال..
بعد قليل
كانت فكرية تلتصق ب نضال وهي تمسك كفه بقوه خشية أن يبعد عنها مره أخري
ومريم أخته كانت تجلس بجواره علي الناحية الآخري..
وجة نضال أنظاره لوليد هاتفا: وليد أنا هسافر بكره.. اصحابي بعتولي مسج بأني لازم أكون معاهم في أسرع وقت ممكن.. أرجوك حاول تهيئلي الظروف اللي تخليني أسافرلهم..
عندها أنقبضت ملامح فكرية قلقا وهي تهتف: سفر إيه.. انت هتفضل هنا مش هتسافر تاني.. كفايه بقي بعد وفراق.. كفايه يا نضال أرجوك انا قلبي مبقاش قادر يستحمل بعدك ده..
تطلع إليها بهدوء وهمس: أكيد أنتي مش هترضي لأبنك انه يخذل اصدقائه اللي منتظرينه..
قاطعته بدموع: متسافرش عشان خاطري.. انا وأختك ملناش غيرك.. كفايه بقي حرب.. متعرفش انا قلبي كان بيغلي خوف أزاي وانا مدركة انك في أي لحظه ممكن تموت..
فهتف نضال: وده شئ يخليكي تفتخري بيا.. الشهاده دي أعظم شئ للفلسطيني اللي زيي..
فكرية وقلبها يتقطع من الوجع: انت ليه مش عايز تفهم ان لو جرالك حاجه حياتي هتنتهي بعدك يا أبني… وحياة غلاوتي عندك خليك جنبنا هنا.. انا هكلم خالك وأخليه يفتحلك المشروع اللي طول عمرك بتحلم بيه.. فاكر
صمتت تبتلع ريقها ثم أكملت بأبتسامه باهته وهي تتذكر الماضي: فاكر لما كنت بتقولي دايما انك نفسك تكون طبيب أسنان مشهور وأديك حققت نص الحلم وبقيت طبيب الأسنان اللي كنت بتحلم بيه كمل حلمك بأنك تكون مشهور هنا في مصر ..هخلي خالك يفتحلك عياده هنا بأسمك او في اي بلد انت تشاور عليها.. بس متسافرش فلسطين.. مش عايزاك تموت زي اللي ماتوا.. أصلا لو مت مفيش حاجه هتتغير كل حاجه هتفضل زي ما هي.. اسرائيل هتفضل اسرائيل بجبروتها وظلمها والعرب هيفضلوا واقفين يتفرجوا من غير ما يعملوا أي حاجه لفلسطين او غيرها .الاطفال هيفضلوا يتيتموا والامهات هتفضل عايشه بنار أولادها اللي بيستشهدوا والزوجات هيعيشوا يترملوا. .يعني موتك مش هيغير حاجه. عشان خاطري انا ومريم خليك هنا وسطنا.. دي بلدك. ودول عايلتك..
قالتها وهي تشاور علي مريم ووليد ووالدته…
أحتضن نضال كفي والدته بين يديه برفق وبكل هدوء لثم ظهر كفيها بقبله عميقه ثم هتف بأدب : مصر بلدي بس بلدي التانيه فلسطين هي وطني.. موطني اللي أتولدت وأتربيت فيه طول طفولتي.. فلسطين ليست مجرد بلد بل أنها حلم.. حلم نتمني جميعا تحقيقه منذ القدم..الموت لاجل بلادي هو فخر.. فخر لكل فلسطيني مخلص بيحب بلاده قبل نفسه.. انا يسعدني جدا اني أستشهد علي أرض بلادي ومن أجل تحريرها ترخص نفسي.. ومهما الزمن طال والسنين مرت أملنا في الله ان يحرر بلادنا هيفضل موجود..انا بس جيت عشان اشوفك انتي ومريم وأقولكم اني لو مت متزعلوش او تبكوا بل أفتخروا ان كان ليكم ابن ضحي بنفسه لتحرير أرضه وأرض أجداده.. انا وأصدقائي أخدنا قرارنا بمواجهتهم ولازم نكون قد القراره ده..
ثم مال عليها يحتضنها بعمق هامسا: الوداع يا أمي. يا أغلي إنسانه علي قلبي..
شهقت فكريه بدموع وهي تزيد من أحتضانه بعجز وألم
مسح عنه دموعه المتألمه ثم أبتعد ونهض وهو يتطلع لوليد بنظرات تعني انه حان وقت الذهاب ووليد قد فهم ذلك فنهض هو الآخر
وتبعه للخارج وفكريه ركضت خلفه وهي تصرخ ببكاء وتنادي عليه عله يسمع نبض قلب أم مفجوعه علي ولدها فيتوقف ويرتجع عن قرار الرحيل ذاك…
ولكن لا جدوي…
في الخارج أمام سيارة وليد توقف نضال ووليد وهما يتطلعان لخالد المنياوي الواقف أمامهم
خالد بذهول وهو يتطلع لنضال: أزيك يا نضال جيت أمتي..
نضال بخنوع: الله يسلمك يا خالي.. جيت أمبارح.. عن أذنك..
هكذا أجابه بكلمات مختصره ثم سبق وليد وصعد للسياره جالسا في المقعد الامامي..
ووليد تطلع لوالده بأرتباك وبدون كلمه تبع نضال وجلس خلف المقود وأنطلق بالسياره. .
وفكرية خرجت لتوها لتلمح السياره وهي تنطلق بعيدا فتصرخ بأسم نضال..
أقترب منها خالد وهتف بقلق: في إيه يا فكريه مالك..
أحتضنت أخيها وهي تهمس بلوعة أم وقلبا مكلوم ودموع منهمره: نضال.. نضال يا خالد…
…………….

يتبع…

الفصل التاسع والأربعون

خطواتها الثائره تنم عن كارثه هوجاء ستحدث وهي تتقدم للأمام بنعل جذمتها العالي الذي يقرقع علي أرضية الفندق محدثا ضجه عارمة. وحارس الفندق الذي اخبره عن تقوقعه أمام الفندق داخل خيمة للرحلات والكشافه يتقدمها ليريها مكانه
وقفت أمام بوابة الفندق الضخمه تتوسد يديها عند أوسط خصرها وعيونها ترسل إلي المتبجح أمامها نظرات ملتفها لو طالته لخنقته وأرتاحت من صفق أزعاجه لها
تقدمت بهدير لاهب إليه وأمام فتحة الخيمه وقفت وبرقع حذايها يخبط بعنف علي الأرض مع أهتزار ساقها غيظا وغضبا
بتجده يسترخي علي ظهره ويضع ذراعيه المشبكين خلف رأسه ويضع ساق فوق الأخري وذا لمحت نظرات ملامحه تجدها مسترخيه ويصفر بغنج
جعل أنتفاضة غضب تسري في شريانها الموصل لجمجمة عقلها
قالت بنزق للمتبجح قليل الحياء الراقد أماها بدون اي شعور بفداحة ما يفعله :أنت ..
رغم انه يسمعها ويراها تستشيط غضبا أمام أعينه وهي تعلم ذلك بعد ان رمقها بنظره متبجحه مثله .إلا أنه تجاهله وأكمل صفيره البارد
اغضبها أكثر فركلت مقدمة ساقة المستقره علي الأرض بكعب جذمتها الداهيه
لينزل ساقه بسرعه من علي المسكينه ساقة الاخري ضحية غضبها وأستفزازه لها مع صرخت أنين صدرت من عمق حلقه..ومع ذلك جمدت ملامحه الخشنه وطالعها بأبتسامه شغوف تريد أن تجرب المزيد
ونهض واقفا وهو بالكاد يطأ بالضحيه علي الأرض مع غمزة شقيه من عينه اليمني
ضغطت علي شفتيها بغيظ ..وأشاحت وجهها بعيد عن مرمي نظراته وهي تستلهم الصبر والهدوء حتي لا تنفجر وحينها سيحدث ما لا يُحمد عقباه
زفرت عدة مرات قبل ان توجه نظراتها التي هدءت قليلا إليه قائله :أيه اللي أنت بتعمله ادام الفندق ده.. أنت فاكر أنك بكده هتجبرني أدخلك الفندق تاني ..
قالتها وهي تكتف ذراعيها أمام صدرها وتطالعه بكبرياء أنثي متمرده
عضلة فكه اليمني أبتسمت بلؤم وخبث عينيه تألق داخل زيتونته
ثم قال بهدوء ينزع كل ثباتها ومحاولتها لأن تكون هادئه: بالظبط كده..
نزعت ساعديها وأرختهم جوارها ولوهلة قبضت اصابع يدها بقوة كرة حديديه ..خيالها الجامح يريد ان يلكم فكه بتلك القبضة الحديديه
لولا نظرات القاطنين في الفندق حولهم والماره من أمام بوابته ..
لتقول بعد أن بذلت مجهود عتيق في الثبات والهدوء الظاهر علي ملامح وجهها :دا في خيالك
بثبات قال:هنشوف والساعات بينا..
رفعت حاجبيها غضبا ونفثت عن ثورتها بأنها عدلت ياقة سترتها بغرور ثم أنسحبت من أمامه بخطوات شمطاء متسارعه نحو الفندق
وقبل أن تدلف للداخل أعطت أوامرها الصارمه للحارسان المرتديان لزي الحراسه الأزرق
قائله برعونه:لو لمحت خياله جو الفندق هتترفدوا ..مفهوم
ثم أعطته نظره ناريه وأختفت خلف أبوابه ..
وهو أبتسم بهدوء ثم عاود يسترخي ويصفر بغنج بجانب إشعال أصوات الموسيقي الصاخبه والمؤذيه جدا لطبلة الأذن..
في المكتب الذي تركت بابه مواربا خيث مازال النديره ومساعده في أنتظارها
قال السيد عدنان وهو يبادل نظراته الوجله مع مساعده السيد محمد:وبعدين يا محمد هنعمل إيه..دي عايزه تشوف الحسابات وملف الصفقه..
محمد بتوتر وهو يحك ذقنه بتفكير:أنا عارف إيه جابها دي ما كنا مرتاحين من غير لا رقيب ولا حسيب ..لازم يعني تيجي تبوظلنا كل خططنا ..
صمت يزفر بضيق قبل ان يقول:احنا لازم نشغلها بحاجه تانيه لحد ما نجيبلها نسخ مزوره بتفاصيل تانيه من ملف الصفقه والحسابات ..لانها لو شافت النسخه الأصليه هتودينا في داهيه..
عدنا وقد هز رأسه موافقا علي ما قاله:أيوه ..فعلا لازم ده اللي يحصل ..
ثم أنخرست ألسنتهم عن الحديث عندما وجدوها تفتح باب المكتب وتدخل
ثم تتقدم لتجلس علي المكتب بهدوء مزيف متمتمه بحرج :أنا آسفه بس كنت مضطره اقاطع حديثنا ..
استرخت قليلا للوراء مشبكه كفيها فوق سطح المكتب هامسه :كنا بنقول إيه ..
…………………..
يغلي قلبه انينا من طول الأنتظار ..يحترق من الداخل وعينه الخائفه تبحلق بوجوم في نقطة ما أمامه ويشبك كلتا كفيه ويلجمهما بشرود أسفل ذقنه الناميه قليلا
بعد أن صعبت علي قدمية حمل ثقل جسده وخاصة وكل أنمله بداخله ترتعش
ليجلس في النهايه علي المقعد القابع أمام باب غرفتها يوظ لو يدخل الآن ويكون جوارها لولا تحذيرات الطبيب المختص بحالتها والطبيب الآخر الذي جلبه من أتصال هاتفي قلق عاتي كقلبه بمنع دخوله هو أو فرد من افراد العائله
مروان وحاتم والزوجه الباكيه يقفون عند الزوايه ولحظات الانتظار تهرم قلوبهم وعقولهم ..
حاتم لا يكاد يصدق ما سمعه من فم الطبيب عندما صعد إلي غالب ليوبخه علي فعلته وتصرفه الأحمق مثله مع مروان ليفاجئ بوجود الطبيب الذي أخبره بكل شئ عن حالة نداء
عندها هجم عليه غالب ليعنفه صارخا به بأنه يكذب ويتهمه بأنه طبيب مختل ككلماته تلك …
لولا أنه هدئ غالب قليلا ثمطلب من الطبيب أن يأخذوها للمشفي لأجراء الفحوصات اللاومة للتأكد من حقيقة تشخيص الطبيب لحالة نداء
والآن عي بداخل جدران غرفة الفحوصات تخضع لكل الفحوصات اللازمه…
بعد قليل خرج إليهم الطبيب المختص بحالة نداء والطبيب الآخر
أقترب منهم غالب والجميع
غالب بملامح باهته :هي سليمه صح مش زي ما قال الدكتور اللخمه ده صح ..
أبتلع الطبيب الاخر إهانته مقدرا لما يمر غالب به وصدمته بالحقيقه الموحشه
أما الطبيب المختص بحالة نداء قال له بهدوء :استاذ غالب أحنا عملنا الفحوصات عشان أنت اصريت عليها ..لكن انا الدكتور المختص بحالة نداء ومتابع الحاله من الاول وواثق ومتأكد من اللي هقلهولك الوقتي
نداء من فتره قريبه تعبت وكشفت عليها ولما شكيت في النرض حبيت أتأكد وعملتلعا نفس الغحوصات اللي خضعت ليها الوقتي وصدق شكي ..الفحوصات والاعراض الظاهره علي ملامح وشها واللي بتعاني منها أكدت أنها مريضه بسرطان في الدم وزي ما قالك دكتور زهير أسمه العلمي ليه(اللوكيميا)..للأسف وقت طويل اووي مر وهي بتاخد العلاج ومفيش أي تقدم لحالتها عشان كده أكدت علي السيد مروان أنها لازم تخضع وبأسرع وقت للعلاج الكيميائي ..هي الوقتي في دنيا تانيه عننا بس متقلقوش أحنا عملنا معاها كل اللازم ..
تطلع لوجوههم الصماء ثم قال :أستاذ غالب يااريت تشرفني في المكتب عايز أتكلم معاك شويه عن الحالة الصحيه للمدام ..
ثم تركهم وذهب
الصدمه تعلو وجه الجميع وتخرسهم ألسنتهم عن اي حديث إلا مروان الذي كان يبكي حقا كان يبكي ثم جلس بأنهيار علي المقعد ورائه
وزوجتة تشهق ببكاء ودموعها تنهمر بمراره علي وجنتيها ثم جلست بجواره لتقول بلوم:أنت كنت عارف مرضها ومع ذلك خبيت عليا ..ليه يا مروان تعمل كده ليه ..دي بنتي زي ما هي بنتك ..من حقي اعرف عنها كل حاجه ..
أنهارت بالبكاء الذي لم توقفه خلف كفيها والألم يعتصر قلبها ..قلب أمومتها الذي اغتاله ذاك المرض اللعين الذي تغلغل لأبنتها وفلذة كبدها وهي لا تزال في ريعان شبابها
وحاتم وقف متأثر لبكاء أخيه وزوجته حتي كاد يبكي هو الآخر هذا ان كان قلبه الحزين لا يبكي فهو يعرف تأثير هكذا خبر علي غالب
فتطلع إليه يستشف ما يحدث خلف تسمره في مكانه والصدمه والجمود اللذان يجولان علي قسمات وجهه وألالم في نظراته حتي تلك الدموع التي تغرق عيونه تتساقط بمرارة مع أنين صراخه من الداخل …
بعد قليل
الدقائق لا تمر أبدا والأنتظار طعمه مر كحلوي مخلله بكربونات الصوديوم والصمت سيد الموقف ..
الجميع في حاله من الوجوم والقتامه ترتسم علي وجوههم الوجله
جميعهم فقدوا القدره علي الكلام والأم أمتنعت عن العويل حتي لا يكون نذير شؤم لحياة أبنتها ..أبنتها الراقده بعجز علي السرير الأبيض
يدعون بصمت ونظرات ترتفع إلي السماء مباشرة دون المرور علي اللسان ..
قاطع الصمت الممل خروج الممرضه من الغرفه وهي تغلق الباب خلفها بهدوء
أقترب منها غالب بقلبا وجل متألم ثم قال بترجي:ممكن أدخل أشوفها ..
الممرضه برسميه:مش هينفع الدكتور مانع اي حد يدخلها..
ثار غضبه وأرتفع صوته قائلا:أيوه بس أنا مش أي حد أنا جوزها ..هي محتاجلي صدقيني هي محتجالي لازم أدخلها..
اقترب منه حاتم وحاول تهدئته:غالب أهدي هي بتقوم بعملها ..
غالب وأنفاسه تتلاحق بغضب ثم هدوء تحامل علي نفسه كي يبديه : هشوفها من بعيد ..بس أشوفها ..
الممرضه بهدوء:مش هينفع دي اوامر الدكتور وأنا مليش ذنب فيها ..أرجوك حاول تتفهم الموضوع
قطب حاجبيه بغضب قائلا:وأنا ميهمنيش الدكتور اللي بتكلميني عنه ده هو فين وصليني بيه..
أخبره الطبيب بهدوء ان الدخول اليها ممنوع لفتره من الوقت عندها ثار وقذف الطبيب بألفاظ غير مهذبه
حاول والده الواقف جوار يكبت ثورته ويوقف تلك الالفاظ النابيه في حلقه
هاتفا للطبيب بحرج وهدوء:معلش يا دكتور ..غصب عنه لانها مراته وهيتجنن عليها ..معلش أسمحله انه يدخلها حتي لو دقايق عشان يطمن عليها..
زال غضب الطبيب مشفقا علي حالته
ووافق بعدما رأي ثورته وحالته التي ستزداد سوءا لو رفض بأن يدخل إليها ..
وقال بهدوء:حاضر .. بس هو وحده اللي يشوفها ..
عندها تحرك غالب دون ان يستئذن بالخروج للمر المؤدي لغرفتها أما حاتم فجلس مع الطبيب ليعرف أكثر عن حالة نداء
فتح باب الغرفه ودخل يقترب منها بهدوء علي أصابع قدميه
نائمه هي كالملاك بوجهها المستنير بالحب والطيبه التي تسكن قلبها..
أدرك الأن سبب جرحها لقلبه ومشاعره ..خوفها عليه هو السبب في رغبتها في أبتعاده عنها..غبيه لأنها لو تدرك مدي حبه لها لما فعلت ذلك ..لو تعلم بأن دونها لا شئ لكانت أبتسمت وأكملت الحياة معه بهدوء ..أحمق وغليظ القلب لأنه لم ينظر لعيونها كفايه ليعرف ما تخبئه ..هي أختارت حبه وهو أختار كبرياءه ..كان سيرتكب في حقها افظع جرم ..لولا ما حدث لكان تزوج فقط ليهدر كرامتها كما اهدرت كرامته وهذا كان سيذبحها حد الموت ..
الموت يا الهي كم يرتعب لمجرد أن تجول تلك الكلمه بباله ..فالموت حرمه من أغلي مخلوقه علي قلبه..حرمة من نبع حنان امومتها ..
تلك الخراطيم المعلقه بأنفها وعند فمه تذيب قلبه في محجريه تؤلمه حد النخاع..حد أنه يريد الموت ولا يراها في تلك الحاله
أقترب منها وجلس جوارها ظل يجول بعيونه الدامعه علي ملامحها الباهته وشفتيها المزرقه
وخصلات شعرها انفلتت من تحت الحجاب لتبدو كلوحه فنيه رسمها فنان يتذوق مشاعر الجمال من الطبيعه الساحره..
احتوي كفها في راحة كفه وأخذ يبكي ندما ..
هامسا بوجع أضني قلبه:قولتلك ..قولتلك اني خايف أكون مأستحقش حبك ليا..قولتلك أني خايف عليكي مني ..ودي النتيجه أنك الوقتي موصوله بالاحهزه وحياتك في خطر ..وكله بسببي..غباءي هو اللي وصلك للحالة دي ..آسف آسف بجد لان مفهمتش انك بتحبيني اوووي كده آسف لان أتعاملت معاكي بأقذر طريقه آسف علي كل تهوري علي ضربي ليكي علي قسوتي عليكي..أنتي اغلي ألناس علي قلبي والله بحبك وعمري ما هحب غيرك ..أزاي أعمل فيكي كده وأنتي وأنتي مريضه بالمرض اللي خطف أمي من حياتها وحرمني منها…هو ليه كل اللي بيحبهم ومقدرش اعيش من غير وجودهم جنبي بيتصابو بالمرض ده..ليه كل ما أحاول افرح الدنيا ترجع بابها في وشي ..
عارف اني كنت قاسي جدا عليكي بس انا عملت كده عشان متضعيش مني قسيت عليكي لأن بحبك ما قدرتش اشوف في عنيكي كرهك اللي بوحتي بيه بلسانك كنت بخبي جرحي وضعفي ادامك ورا قسوتي عليكي ..بس انا مستعد اركع عند رجلك عشان تسامحيني ..اعملي فيا اي حاجه تريحك بس أرجعيلي وطمنيني بوجودك جنبي انا مقدرش أعيش لحظه واحده من غيرك..
دموعه الحارقه سقطت تلامس كفها المستكينه في راحة كفها..جمد فجأه وهو يشعر بأناملها الضعيفه تقبض علي كفه بوهن ..
ورمشت اهدابها عدة مرات قبل أن تفتح جفنيها بضعف ثم جالت بنظرها في الغرفه حتي أستقر إليه
إلي عيونه الدامعه وتوسله الضعيف امامها
أبتسم بوجع وقرب انفاسه من وجهها هامسا :أنتي كويسه صح..قوليلي انك كويسه..
ثم قفزت الدموع مره اخري من بين جفنيه اليتيمه
حركت رأسها بأيماءه ضعيفه مع عينيها التي تغمضها بأنهاك ..
احتضن كفها اكثر ثم بسطه أمام عينيه بحذر وبطرف أصبعه الابهام دون ملامسا لأوتار باطن كفها كاتبا (بحبك)
كان ذلك بمثابة رجفه سرت في جسدها ودغدغه لمشاعرها وعروق يدها ..
فأبتسمت بوهن وهي تطالع نظراته القلقه جدا عليها..
………………………..
داخل عنبر كبير وواسع به العديد من المرضي اليائس حالهم كلا منهم علي سرير بالكاد يحمل أحسامهم ومنهم من هو متكوم علي بلاط الأرضيه في معاناه مع برودتها التي تنهش جسده مرابطه مع مرض جسده فيجعلهم أكثر معاناه ..
مستشفي حكومي مهترئ حد التقزز لا به نضافه تسر العين ولا حتي عنايه تريح القلب من عناءه ..
لم يكن أمامه خيار سوي الولوج بها لداخل تلك المشفي الحكومي برغم نفور من قذارة المكان وخدمته الرديئه التي تتعب المريض وتمرضه أكثر من شفاءه ..
يجلس بجوارها علي السرير الذي يشغله جسدها الغض يملس علي خصلات شعرها بهدء وملامحه قاتمه حد الالم
ساعة مرت علي استقرار حالتها فقبل الساعه كان يغزو جسدها رجفه هستريه تطيح بحسدها ويجعله يرتد للامام ثم للخلف ..
لولا الطبيب الذي علق لها بعض المحاليل فهدأت قليلا وسكنت ملامحها المتعبه والخط الاسود تحت جفنيها يزيد ملامح وجهها شحوبا واصفرارا …
من وقتها وهو يطالعها بعيون متألمه ويعض أصبعه كبتا لكل مشاعره الغاضبه حينما يتذكر تلك السيده التي اتهمتها بالسرقه وكادت تصفعها لولا تدخله في الوقت المناسب ..
غير آبها للنظرات الملتفته إليه من المرضي في العنبر..
هو يتألم لألمها ..لولا انه يخشي من أن يجده سالم الجندي ويبعده عنها مجددا لكان ذهب إلي أحدي المستشفيات الخاصه لتتلقي عنايه افضل من تلك..
كما أنه لا يمتلك ما يكفي من المال لحجز غرفه خاصة في مستشفي خاصه ثمنها بمثابة راتب عشرة موظفين في شركة والده ..
وهو لن يطلب المساعده من آسر مره أخري ..فأبغض شئ عنده هو حينما أضطر آسفا لطلب المساعده منه للعوده للديار ..لن يطلبها مجددا فالموت بالنسبه إليه أهون من ذلك..
وفي نفس الوقت هو يريدها أن تشفي مما هي فيه..احتضن كفها في راحة كفه ثم مال عليها ليلثم علي باطنها قبله يودعها فيها كل حبه وقلقه الهستري عليها ..
…………………
يجلس علي الكرسي مرجعا رأسه للوراء مع تكتيف ذراعيه أمام صدره بهدوء يبتسم بين الحين والآخر وهو يتذكر في مخيلته العاشقه ملامحها التي آثر قلبه قبل سنين
ليقاطع ذلك صوتها قائله بهدوء:لسه زي ما أنت ..بتيجي قبلي وتستناني ..
قالتها وهي تجلس أمامه بثبات وتنزع عن عينيها الزمردتين نظاراتها ذو الأطارات المثلثه وتضعها علي اليمين بجوار حقيبتها الجلديه ..
طالعها لوهله قبل ان يقول:وأنتِ لسه زي ما أنتِ بتيجي علي مواعيدك متأخره ..
قالت بثقه:معاك انت بس ..لأني متأكده ان مهما أتأخرت هتستناني ..
وكأنها جاءت علي الجرح فشرد ببصره بعيد مع تنهيده غير مسموعه ولكن متألمه ..
فرقعت أمامه بأصبعيها السبابه والأبهام قائله بمكر:إيه روحت فين ..بتفكر فيا ..ولا وحشتك…
اجابها ببساطه مع أبتسامه باهته:فعلا …أنتِ وحشتيني
قالت بتلقائيه :وانت كمان ..تعرف ان طول غيابك عني محدش قدر ياخد مكانتك في قلبي انت وبس اعز صديق ليا..
لوي زواية فمه بأبتسامه ساخره قائلا:صديق ..فعلا أنا بس صديق ..
………………….
بعد أن حجزا بنفسيهما القاعه التي ارتاحت لها قلوبها ترجته أن يذهب بها إلي أتيليه فساتين الزفاف كي تري الفستان الذي أختاره لها ..
طلبت من العامله هناك ان تريها الفستان الخاص بها وتتبعتها بنظرات فرحه وهي تخاوط ذراعه بكلتا ذراعيها وأسعده فرحتها الطفوليه الباديه علي ملامح وجهها للتو ..
من بعيد وهي تخطو بالقرب من عدد الفساتين المهول المعلق أمام ناظريها كانت عيونها المغرده فرحا معلقه بأحد الفساتين وقلبها اليتيم قال لها أنه الفستان الذي أختاره آسر لها فأتساعت ابتسامتها ببلاهه وهي تبحلق بالفستان فرحه ..
تدثرت ابتسامتها خلف وجنتين عابسين وحاجبين مقطبين والعامله تشاور لها علي فستان آخر ..فستان ليس به روح ولا حياه كالآخر
فقالت بصدمه : ده الفستان ..أنتي متأكده
أجابها آسر بدلا من العامله قائلا بهدوء:آها..هو ده الفستان اللي أخترته ليكي..
قالت وبوزها الحزين مستطيلا للأمام كطفله صغيره:بس ده شبه لبس الغفر ..ده مش حلو خالص ..وكمان مقفل من كل حته..
ثم شاورت علي الفستان الذي اختاره قلبها:انا عايزه ده..
الفستان الذي شاورت عليه أثار غضب آسر وهو يطالعه بقرف من فوق لتحت
فستان فتحة صدره مثلثه الشكل عند الوسط معصوق بنقوش زاهيه بقماش الدانتيل ومعصوق به لفافات من الشيفون تتطاير من منطقة الوسط وتنساب لأسفله ومن وراء الشيفون الشفاف الي حد ما تنور قاتمه البياض تصل للركبتين ليظهر الشيفون ما تبقي من الساقين ..والأذراع لها أكمام قصير تظهر طول وبياظ ذراعيها النحيفين ..
قال بلهجه محتقنه صارمه :لأ مش هتلبسي ده..اللي أنا أختارته كويس جدا وهتبقي أجمل عروسه فيه..
قالت معترضه:بس
قاطعها محذرا:زهرة خلصنا خلاص ..
دمعت عيونها وأشاحت وجهها عنه بغيظ وغضب ..انه فستان زفافها ولها كل الحق في أن تختار ما يناسبها والاقرب لذوقها وقلبها..لكن عنترة زمانها غندفر عصره قد قطع عليها الطريق وأختار هو بنفسه.. كم هو ظالما معها
فصاحت من بين دموعها :حكم قرقوش يعني ..انا مش عايزه ده هطلع شبه الشمبانزي فيه…
فلتت ضحكه من العامله الواقفه جاهدت كثيرا لتسيطر عليها لكن في النهايه خرجت ..
وهو أيضا ابتسم عند زواية فمه أبتسامه لم تلحظها زهرة او العامله..
عندما أشار بنظرة من عيونه للعامله بأن تتركهم وحدهم قليلا من الوقت
وفعلا غادرت المكان لتتركهم علي راحتهم …
اقترب منها واقفا خلف ظهرها الذي توليه إياه ..مد كفه ليربت علي كتفها مرسلا بذلك ذبذبات قشعرت أوصال جسدها ..وأنكمشت علي نفسها ..
أدارها لمرمي عيونه موقفها أمامه وجها لوجه وبهدوء أمتدت انامله لتمسح بحنان الدموع اللعينه عنها
هامسا بأنفاس هادئه بعثرت خصلات شعرها :أنا هشوف فيه أجمل عروسه في الكون ..
لوهله طالعت عيونها المحترقه لشئ ما لم تعطيه إياه عندما طأطأت رأسها بوحنتين تصبغهما حمرة الخجل ثم تماسكت لتهمس:بس أنا حابه الفستان التاني..
همس بوله:بتحبيه أكتر مني..
همسه هذه المره كان أكثر رقه وأكثر إذابه لقلبها فقالت بتعلثم:انت ..أنت عارف كويس أنت إيه بالنسبالي
أقترب أكثر منها وهو يجوب بأنامله عبثا علي كل تفصيله في وجهها
فتبعثرت الكلمات في شفتيها بل لم تتحدث من الاساس وغابت عنها كل الدنيا ..
وفكها يرتعش تأثرا بلمس أنامله فأغمضت عيونها حائره مستكينه تماما لكل ما يفعله وعطره الرجولي الذي غزي أنفها وقلبها قبلا ..
حتي وهو يهبط إلي مستوي وجنتيها يقبل اليمني برقه ثم يتبعها باليسري ومازلت شفتيها تتلمس ما بين الوجنتين الي أن .. غابت الأنفاس الحارقه عنهم في قبلة مميته ..قبله تبعثرت فيها كل حصونها أمامه حتي ذابت معه ….
أيقظها من هوجاء مشاعرهم يده المتجوله علي طول ظهرها بعبث حتي توقفت عند شعرها المنسدل علي كتفيها ..شعرت بأصابعه التي تتخلل خصلات شعرها ثم قبضت عليه تلم بعثرته برفق في شريطة ورديه قد اخرحها من جيب سترته ..
ثم توقف وأبتعد عنها ببطئ ليهمس أمام نظراتها المذهوله:متفرديش شعرك كده لحد غيري ..
وأتبعها بأبتسامه عابثه ثم قال وهو يغمزها بعينه اليمني بلؤم :يبدوا أن ك واففتي علي الفستان كده يبقي مفيش مشكله …نمشي بقي…
أتسعت حدقتي عينها ذهولا ..وهي تتطلع إليه
فاللئيم قد آثر عليها بما فعله جعلها تصمت ولا تبدي أعتراضها وأذاب كلماتها آثر لمساته بعد ان هاج بمشاعرها لناطاحات السماء….
هكذا هم الرجال يأثرون علي النساء بطريقه خاصه يتفننون في تنفيذها والايقاع بهن كي يكن طواعيه لهم
فتمتمت بسخط ببعض السباب الذي لم تتبينه أذناه ..وهذا من حظها السعيد طبعا …
…………

يتبع…

الفصل الخمسون

بعد يومين
بعد برهه من التفكير والحيره حسم أمره وأجاب علي أتصال آسر له
قال وحاجبيه مقوسين من الغضب:عايز إيه يا آسر
رغم لهجته الغليظه معه إلا ان آسر تحامل علي نفسه وأبدي هدوءا يُحسد عليه مع قوله :أمي عايزه تشوفك أنا وهي في طريقنا للشقه ياااريت لما نوصل تكون موجود ..حاوولت كتير امنعها بس هي صممت
الانزعاج والضيق بان علي ملامح وجهه وعيناه التي تنطق بالغضب ..مرر أصابعه بين خصلات شعره وعيناه الحزينه تطالع هنا
بعد أت أخذ نفسا عميقا قال بهدوء:حاضر ..
ثم أقفل الجوال في وجهه دون كلمه..وهذا التصرف أزعج آسر بشده وأيضا لم يثر ولم يغضب ..كل ما فعله أنه أبتسم لوالدته المترقبه لما سيقوله
قائلا بحنان غلف زيتونةعيناه: كرم وافق ..وهيكون بأنتظارنا
كرم حائرا هو بين أن يذهب ويتركها وخائف من أن يحدث لها مكروه إذا ما تركها .
ولكن عليه أن يذهب ..لن يغيب طويلا ..منذ يومين وهي فاقده للتواجد علي متن سفينة الحياة ومن وقتها وهو لم يتركها إلا فقط لقضاء حاجته والوضوء لكي يصلي وحينها يبكي ويبتهل في صلواته لأجلها ..فهي رفيقة القلب ومنبره هي النبته التي سيرويها بعشقها للأبد ..لن يتخلي عنها مره آخري حتي لو أضطر لمجابهة الكون بأكمله وليس فقط سالم الجندي ..
أثناء مرور الممرضة ذات المعطف الأبيض ملاك الرحمة كما يقولون
أقترب منها وقال حيث لمعة الترجي تغزو البريق في عيونه:لو سمحتي يا آنسه
الممرضه بهدوء:أيوة
أسترسل كرم:البنت اللي نايمة هناك دي
وشاور لها علي هنا الراقده علي السرير
مكملا:أنا هروح مشوار وخلال غيابي أرجوكي خلي بالك منها ..مش هتأخر مسافه السكه وهاجي ..
أومأت له الممرضه بخنوع وهمست:حاضر متقلقش ..
زفر بهدوء قبل أن يستقل سيارته ويتجه نحو الشقه ..
………………
منال وفرحتها العظيمه برجوع بصر أبنتها
بفهي حينما تلقت الخبر وجها لوجه من زهرة كانت تهاتف الطبيب وتخبره بأن الاسبوع مر ولا يوجد أي تقدم وأنها بتلك الطريقه ستكون قلقه علي زهرة وربما لو لم يتحسن الأمر ستسافر بها إلي سويسرا ..
لكن جاءت القلوب ورفرفت من فرحتها ..زهرة أتت وأخبرتها أنها أبصرت وتراها الآن أمامها ..
سليم أيصا فرح بذاك الخبر
وكل من في المنزل طار لب عقولهم من الفرحه فالجميع يحبون زهرة لطيبة قلبها ورقتها وذوقها العالي معهم
علي عكس نوران الذي أشتد لهيب غيظها وقلبها أنفجر من الحقد
وباتت منذ تلك اللحظ تكيد لأختها السقطات والوقعات ..تريد بأي شكل أن تخرب حياتها ..ان تنهي علاقة آسر بها للألد ..الموت أهون عندها من أن عري زهرة وآسر معا في حفل زفافهم هي بالثوب الأبيض وهو بالحلة السوداء
ونورس هو من كان الوعاء ..وعاءها الذي يتحمل كلمات الحب التي تسقيها لأذنيه عن آسر وأنها أبدا لن تتركه ل زهرة ما حييت …
حتي بعد ان تزوجا ..
ماذا في الزواج ..؟
أليس في الزواج فراق ؟
كرهها ..حقدها وقلبها الأسود أعمي بصيرتها وأقسمت علي أن تفرق بين الحبيبين حتي وان لم يكن آسر لها بعد ذلك ..
تريد فقط ان تتلذذ بمذاق أفتراقهم ..وتروي قلبها من شوك الحرمان في عيون زهرة ..
عيونها كالصقر دامعه وفي ذات الوقت قاسيه متحجره كقلبها متواريان خلف إطارات مثلثة الشكل كانت نظاراتها البنيه
ترتشف من العصير أمامها مره وألف مره لا ..يراقب ملامحها المكشره بحذر يدرك انها تبكي حتي وان كان لا يري دموعها ..قلبه العاشق ينغز وجعا وهذا يدل علي حزنها ..دموعها الثمينه بالنسبة إليه ..
كلمات بسيطه نطق بها :هتحضري ..قصدي الفرح ..هتحضري ..
رأي أبتسامة عريضة تشق زواية فمها بدون ان تتبين أسنانها
قالت بهدوء زافر:طبعا …
أتبعها هو بتنهيدة حارة قائلا بخفوت:أنتي كويسه ..
يريد أن يحتويها بين أضلعه يدفن دموعها او ينتزعها تماما من مقلتيها فلا يري الدموع اللعينه تفر من جفنيها مجددا..
تألم قلبه بقدر عشقه لها ..الدنيا وما فيها لا تساوي دمعه واحده من محجريها ..يموت ولا يري قسمات وجهها منبسط ببستان الألم
نهض ليجلس علي الكرسي المجاور لها ..ترددت كفه التي تتقرب أكثر حتي تحتضن كفها ربت عليه كصديق يمد لها يد العون قبل ان يكون عاشق يتمني ان يمدها بكل الأمان ان يخبرها پانها لعنته وهوس قلبه ..
أرتخت قسمات وجهه ثابته وزيتونة عينه تدقق في كل تفصيلة لها عدا عيناها
ثم قال بعد ان تحامل علي نفسه بالهدوء:نوران سيبي أختك تفرح ..أكيد هو بيحبها وكمان هي
قاطعته بغضب بعد أن نفضت عنها كفه:ببحبها …بيحبها ..هي اللي أقنعته يحبها لولا ظهورها في حياتي وحياته كان حبني أنا ..
صراخها بالكلمات المتقاذفه كالبارود كان عاليا في البدء ثم تراخي رويدا وهي تكمل بنبرة صوت شبه مسموعه:من وقت ما جات وهي أخدت كل حاجه مني ..كل حاجه بقت ليها حتي أمي تقريبا بقت أمها هي وبس ..
مسحت الدموع عن عينها قبل ان تنزع النظارة وتضعها بجانب حقيبتها علي الطاوله
قائله بخفوت مميت:انا موافقه انها تاخد كل حاجه إلا هو ..هو الوحيد اللي مش ممكن أسمحلها تاخده مني ..
كلمتها أوجعته ..غرزت بداخله خنجرا بسم الأفاعي ..
لا يريد أن يراها مجروحه ..فقال ليواجهها بحقيقة الامر فتنصدم مره وبعدها يكون الأمر عاديا بالنسبه إليها
:نوران افهمي بقي آسر عمره ما حبك وانتي عارفه كويس كده ليه جاية تحاسبيه علي حبه لأختك ..هو عمره ما لمحلك انه مهتم بيكي ..آسر مفكرش ابدا انه يحبك و
قاطعته صارخه غضبا:أسكت يا نورس ..
ثم نهضت وابتعدت عن محيطه بخطوات غاضبه
وقبل ان تفتح باب سيارتها لتخطو للداخل وجدت من يطبق علي ذراعها بعنوه ويوقفها أمام السياره
طالعها قبل أن يقول:رايحه فين ..
بنزق أجابته:ماشيه.
حالت نظرة عيونه للحزن وهو يقول نادما:آسف ..مش عارف قولت كده ازااي ..
لكنها أبعدت يده المطبقه حول ذراعها وقالت بقساوة:وأنا مش قابله أعتذارك يا نورس ..مش أنا اللي أسامح بعد ما تجرحني بالطريقه دي ..
وكادت تصعد للسياره عندما أوقفها مره ثاتيه
ليقول وعيناه الحزينه تركز علي ملامحها الجامده وناظريها المبتعدان عن مرمي نظرات عيونه:حتي لو كنت أنا صديق عمرك..
ألتقطت نظراتها عيناه من جديد لتبعد يده للمرة الثانيه علي التوالي عن موضع ذراعها قائله بحده:حتي لو كنت أنت يا نورس ..
ثم أنطلقت بسيارتها تاركه إياه ذاهلا مصدوما أتبعهم بتنهيده معذبه كقلبه البائس …
………………
أخبره الطبيب المختص بحالة نداء كل كبيره وصغيره عن حالتها الصحيه ..اخبره ايضا بأنه يجب عليه تعلم بعض الأسعافات الاوليه التي تتوافق مع حالة نداء كي يسعفها عند الطوارئ ..او في حالات الليل المتأخره اذا ما زوالتها الحاله المصحوبه بأغماء وأزرقاق بالشفتين وغيرها من الأعراض المزمنه مع هذا المرض اللعين ..
وهو لم يكذب خبر ففي اليومين الماضين تخلي عن كل عالمه ليتعلم تلك الأسعافات حتي تمكن منها وأتقنها في اقل وقت ..
هو يريد ان يكون طبيبها إذا ما احتاجت لذلك ..
خبر مرضها وقع عليه كالصاعقه لكن إيمانه بالله أقوي من كل شئ ..يثق بمقدار حبه العميق لها وحبه لها ..لن ييأس فاليأس ضعف والحب حياه وهو لن يتخلي عن حياته ..فهي كل حياته ..
سمح الطبيب لها بالخروج بعد ان تلقت أولي جلسات الكيماوي ..عندها تألمت وهو أحس بالدنيا تسود وهو يري الألم علي قسمات وجهها..
أنتقلت إلي بيته هو من اصر علي ذلك فهي زوجته ..هو من سيهتم بها حتي لو كلفه ذلك حياته ..لن يتخلي ابدا عن إفناء عمره في إسعادها..
نائمه علي بوجهها الطفولي المبتسم وكأنها طفلا نام قرير العين بعد ان أطمئن إلي لعبته التي بكي كثيرا لأجل ان يشتريها له والده..
وبعد أصراره وكثرة ضجرة أضطر الوالد قسر لشراء اللعبه ..
أهتز جفنيها عدة مرات قبل أن تفتحهم وتطالع وجهه قريبا منها حد تخضب وجنتيها بحمرة الخجل مع أرتعاشة بسيطة عصفت بها ..
نهضت تعتدل في جلستها ثم جالت بعينيها في كل ركن في الغرفه قبل ان تبلع ريقها وتهتف بأرتباك :انت ..أنت صحيت من أمتي …
أجابها بأبتسامه حانيه:من ساعة من صلينا الفجر مع بعض ..
شهقت بخفوت قائله:ليه أنت اكيد مرهق ومحتاج تنام وكمان شغلك كده انت
قاطعها واضعا أصبعه السبابه أمام شفتيها هامسا بأبتسامه:أنا كلي ليكي الوقتي وقتي ومجهودي وكل حياتي مش عايز اغفل ولو ثانيه واحده عنك
ثم صمت يطالعها بعينان حزينتان رغم الأبتسامه المحتله زواية فمه لكنها أبتسامه باهته حزينه كعيونه تلك..
حال وجهها للون الحزن وهي تراه هكذا ضعيفا أمام مرضها رغم ثباته المزيف ..لهذا لم ترد إخباره لكي لا تراه بكم هذا البؤس
ضمت ركبتيها إلي صدرها مع التفاف ذراعيها النحيلين حولهم وابتسامه مريره خضبت وجنتيها وعضلة قرب فكها مع قولها بنبرة أشد حزنا ومرارة:ليه خايف عليا لأموت
تصلب في مكانه جزءا من الثانيه وكل ملامحه جامده قبل ان يقول بقوة تخرسها:نداء بحذرك تقولي كده تاني ..فاهمه ..
رغم الرعونة والخشونة في نبرة صوته إلا ان حدقتي عيناه ألتمعت بخوف اول مره تراه بهما
ترقرقت عيونها بالدموع الحبيسه قبل ان تقوم وتبتعد عنه بخطوات رتيبه
ثم تجلس علي الأريكه القريبه وهي تولية ظهرها
رفعت ساقيها فوق الأريكه مع أسناد ظهرها للخلف قليلا مسترخيه
كان يراقب ما تفعله إلي أن ثبتت ناظريها عليه بثبات يخفي خلفه موجه هوجاء من الحزن
قائله وكل كلمه تعيها:الحياه تنازلات
صمتت برهه من الوقت وهي تشعر بنظراتها تخترق نافذة صدرها من الداخل قبيل ان تراها
لتكمل مع تنهيدة توضح مدي البؤس الذي تعانيه :انت قدمت تنازلات لما وافقت انك تكمل معايا بعد اللي عرفته انا بحلك من
في لحظه لحظه واحده فقط كان يقف امامها يحجب عنها كل ذرات الهواء المنتشر في الغرفه إلا جانب محيطها وعيناه القويتين تنظران إليها كالصقر الغاضب ..
لحظات مرت من الصمت المتوتر بين الجانبين..تشعر بأنفاسه المتلاحقه والمشتده بغيظ
الغريبه انه لم يقم بأي فعل متهور كصفعها مثلا كما توقعت أو ان يميد بالغرفه عبثا فيحطم إلي فتات كل ما تطاله يده بل انه أتجه نحو الكومود مع خطوات ثابته هادئه وتناول الصينيه القابعه علي سحطه بين يديه
ثم بملامح هادئه مختلطه بلحظات شجنه وعذابه أقترب منها وجلس جوارها واضعا تلك الصينيه في المسافه الخاليه بين جسديهما..حيث كانت الصينيه تحمل أطباق من اصناف طعام غذائيه بجانب قدح الحليب الدافئ
راقبت ملامحه الهادئه ونظراته الخاويه من أي شعور ..ثم حالت نظراتها للصينيه وهي تفغر فاهها
تلاها أصابعه الممتده بلقمة من الطعام إلي شفتيها الحائرتين
ولم تتراخي اصابعه إلا بعد ان فتحت فمها لتلقم منه الطعام تحت ناظريها الذاهلين وحاجبها المرفوع بتحفز
النظرات المتوتره بينهم كانت هي السائده حتي ان الألسن توقفت عن نطق المزيد..ونظرات عينيها الجامده كانت كافيه لأن تخبرها بأنها ستكون في ورطه إذا لم تأكل
فأبتلعت ريقها بأرتياب وهي تخضع له ..أحمر وجهها حد الأذنين بينما كان يطعمها باصابعه التي بين الخين والآخر تلامس شفتيها طوعا او دون قصد ..لا تدري لكنها مع كل مره كانت تفقد ثباتها وتسري الرعشه في كل جسدها
إلي ان قالت بثبات:كفايه أنا شبعت ..
فتوقفت يده غيرت مسارها لقدح الحليب الذي رفعه إليها ..
فأشاحت بوجهها عن القدح لتقول بثبات:لأ ..
ثم نهضت وكادت ترحل عن محيطه عندما أطبق علي يدها وأجلسها بحذر
قائلا بلهجه شبه محذره :لو مشربتيش هجيبلك علبة الحليب وأجبرك تشربيها كلها بطريقتي ومن غير ما أحط سكر فيها ..
نظراته ولهجته ثابته ولو رفضت حتما سينفذ ما يقول لذلك زفرت ضيقا قبل ان تأخذ منه قدح الحليب وترتشف منه مره تلو الأخر مع أغماض جفنيها بلذوعه ..وأنكماش ملامحها برعونه …
ولم تلبث ان وضعت القدح علي الصينيه بعد ان ارتشف كل ما به..
عندها ناولها اقراص من الدواء لتأخذها منه علي مضض وتبتلعها ثم ترتشف قليلا من قليلا من قدح الماء الذي ناوله لها عقب أقراص الدواء الخاص بضعف قلبها. .
نهضت عن الأريكه واستقامت واقفه وبخطوات هادئه تحركت نحو باب الغرفه
كل هذا تحت نظرات عيونها الثاقبه لكل ما تفعله
قبل ان تقبض يدها علي مقبض باب الغرفه وصلها قوله :رايحه فين ؟؟؟
تعلم انه ليس سؤالا بقدر ما هو قلق علي صحتها وهذا الأمر يخنقها أكثر
فأجابت بنزق :نازله الجنينه ..
ثم فتحت الباب وقبل تطأ قدمها للخارج وجدته يقول لها:أنا جاي معاكي ..بس قبل ما تنزلي ألبسي حاجه تقيله
زوت ما بين حاحبيها ضيقا لتقول:ليه
اجابها تلقائيا:أحنا في بداية اليوم واكيد الجو هيكون برد عليكي ..
ثم دفعها برفق ناحية خزانة ملابسها لتنتقي منها ثوبا شتويا ترتديه كما طلب منها
رغم انهم في وضح فصل الصيف ..وفي النهاية أستسلمت وفعلت كما قال …
…………………………..
أبعد ذراعي والدته عن محيطه ثم أبتعد عنها بضع خطوات متجاهلا نظرات اللهفه والشوق في عينيها ودقات قلبها الحزينه والتي وصلت لأذنيه لتصم قلبه وعقله
فينطق بتجهم :إيه اللي جابك هنا ..
أقتربت منه لتقف أمامه ثم امتد كفيها لتحتضن وجهه هامسه بحنان أمومي استشعره لكنه أبي ان يغلغل كيانه :جيت عشانك يا كرم …عشان أشوفك يا ابني
أبعد كفيها عن ملتقي وجهه قائلا بجفاء وملامح وجه جامده:وأنا مش عايز اشوف حد من ريحة سالم الجندي
أصابته تلك الكلمه في مقتل وتهافتت الدموع كالطير الجريح علي وجنتيها و شهقه اموميه بحته صدرت منها مع قولها المتخاذل:ولا حتي عايز تشوف أمك
أبتعد عنها قائلا بغلظة :أنتي وسالم بيه خصوصا اللي مش عايز أشوفهم ..
قبل ان تشهق ببكاء مرير قصف صوته مجلجلا في المكان وهو يقول:كرم …عيب أووي اللي انت بتقوله ده متنساش انك بتتكلم مع أمك..
ألتفت إليها متطلعا لوجهه بصمت قبل ان يتحول الصمت لسخريه ثم ضحكه مريره أفصحت عن مكنونات قلبه
قائلا بثبات عينيه علي ملامح آسر المتجهمه :اللي انت بتقول عليها امي دي سكتت ووقفت تتفرج عليا في أكتر وقت كنت محتاج لدعمها فيه ..اتفرجت زيها زي أي غريب ..كانت فين من زمان عمري ما حسيت انها امي ..كنت عارف اني لو وقعت مش هلاقيها بتمدلي أيدها عشان أتسند عليها واقوم من تاني ..كل لحظه من حياتي مرت وانا محتاجلها فيه وهي كانت كل مره بتخذلني وتخيب أملي فيها بجداره موتت عندي اي أحساس بأمومتها ..
تلجم آسر في وقفته وهو يري أمامه كرم آخير ..غير كرم أخيه..فلوح الثلج بداخله انصهر ليعلن عن كبته وينطلق بكل مكنوناته ..والاصح بكل حزنه وتحوله لهذا المارد الغاضب
أقترب منها تأملها بقساوة ..مرارة خذلانها له في كل وقت يقتلها قبل ان يقتله
قال وألم اليتم يلوح في بريق عينيه رغم انه ليس بيتيم :انتي عمرك ما قمتي بواجبك ناحيتي ..ليه الوقتي جايه تطلبي بحقك عليا ..الأم قبل ما بتخلف بتربي بتدي من غير ما تاخد ..ضعفك ادام جوزك حولك لأم أنانيه سلبيه ..
كررررررم ..
صرخ به آسر الذي لم يتحمل تجاوز كرم مع والدته
ثم أكمل تحذيره قائلا بشراسه وهو يصك غضبا علي بياض اسنانه:قسما بربي لو ما ألتزمت حدودك مع أمي لأنسي خالص اني أخوك وأتعامل معاك فعلا كظابط ..ووقتها هتقدر ان اخوك كان أرحم معاك بكتير من الظابط اللي أنت مصمم تطلعه بوقاحتك..
قبل أن يحول ناظريه إليه أبتسم بوجوم
أقترب من آسر بنظرات مضيقه غادره وألتوت عضلة فكه بنار ألهبت قلب آسر شراسه فوق شراسته
قال كرم ويده تلوح عند ياقة الستره الخاصه بآسر فتنفض عنها خبر تكاد تُري بالعين المجرده
قبل أن يثبت ناظريه علي مرمي عيون أخيه بوقاحه قائلا وصوت أسنانه يطرقع غضبا:أنت في نظري دايما كانت حضرة الظابط اللي بيأمر وينهي ..عمري ما حسيت في يوم أنك أخويا ..دايما كنت بالنسبالك زي اي مجرم بتحقق معاه عشان يعترف بجريمته …
تطلع آسر وحاجبيه مقطيين عبسا فوق كتفيه حيث أنامل كرم المتجوله عند ياقته بصلف ووقاحه
وبطرف عينه طالعه بنظره غاضبه …تحامل علي نفسه قبل ان يظهر ذاك الثبات ..
قائلا وهو يميل علي أخيه مقربا شفتيها العابثه بتلك الكلمات جوار اذنيه
:متفتكرش نفسك ضحيه…أنت بردوا عمرك ما حاولت تقرب من اي حد منا سواء أمي او أنا أو روميساء معرفتش تكون أبن ولا أخ ..
ثم أمسك كرم من تلابيب ياقة قميصه محكما عليها بعنف وقربه أكثر منه ليصرخ بغضب عارم :أنت خساره فيك قلقنا وخوفنا عليك ..خسارة فيك دموع أمي اللي أنانيتك وحقدك ميستاهلوهش..
ثم أزاحه عنه بعنف وقال بلهجه حاسمه لوالدته:يلا يا أمي نمشي من هنا …
لكن والدته وقفت في مكانها متسمره تبكي وتهز رأسها بالنفي
فأقترب آسر منها وأمسك كتفيها ليجعلها تسير معه هامسا بأشفاق :عشان خاطري يا أمي ..
أرخت رأسها بأستسلام علي كتفه ودموع حسرتها تتساقط بوهن كقلبها ..ثم مشت بخطوات رتيبه مع آسر لخارج الشقه
وقبل ان يرحل آسر تماما من المكان رمق كرم الذي لا يزال موليا ظهره لهم بنظرات يائسه خائبه ..
ليرحل بعدها هو ووالدته من المكان بأكمله
أما كرم فتوجه ناحية الحائط ليلكمه بكل عنف فينفث بذلك عن كل مشاعره المتضاربه ..
……………………….
منذ ان رضخت أمام عنده وسلمت له ..ورضيت ان يدخل للفندق مجددا وبكل قواها العقليه ..وهو يثير غضبها في كل مره..
فلولا خوفها من مواقع السوشيل ميديا وما ستتسببه في نشر خزعبلات عن الفندق مما سيؤدي إلي أنزال سمعته في الحضيض ..لكانت ما تزال عند قرارها بألا تطأ قدماه عتبة الفندق من جديد
فهو لم يكتف بأن جعل واجهة الفندق مخيم له ولغناءه المزعج والوقح مثله..بل أنه أفتري علي إدارة الفندف بأنها طردته خارج فندقهم الموقر شر طرده رغم أنه زبون مهم ألا أنهم أنتقصوا من قدره وطردوه للخارج وكل هذا طمعا في مزيد من الأموال ..كما ان العاملين به يعاملونه بصلف ووقاحه كأنه قادم من فحل الأرض اليابسه ..
حتي أنه قام بألتقاط صوره سيلفي له مع بعض حقائبه الملقاه علي الأرض بجانب خيمته الهرمه أمام الفندق التابع لآل الدمنهوري ..
وظل قابعا علي درج الفندق الرخامي الممتد من أعلي لأسفل غيابات الارض
مكشر ملامحه بحزن واضعا كفيه المشبكين اسفل ذقنه الشبه حليقه
يخبر القادم للفندق والذاهب منه عن فعلتهم معه ..وبالطبع يتعاطف معه الجميع ويصدقون حيلته الماكره..
فكيف سيعدلها عن قرارها أن لم يفعل ذلك ..؟؟
أن أستمر بتلك الدراما حتما سيجعل من الفندق اضحوكه أمام الجكيع بجانب سمعة الفندق التي ستُنتزع جراء هذا..
وعندما أخبرها الحارس بما يفعله ذلك الوليد ركضت للخارج لتراه يكمل مسرحيته وملتفا حوله جمع من الناس..
وقفت متسمره مكانها لا تصدق ما يفعله لولا بعض القوة التي تربعت بها ذلك اليوم لكانت فقدت الوعي من هول ما يفعله ..
بأشارة منها جعلت الحارسان يفضون الجمع من حوله لتقترب هي منه بخطي شمطاء تود لو تكاله فتقتله من فورة
حذرته وطلبت منه الرحيل لكنه تجاهلها ومشي نحو خيمته وبأريحيه أستلقي علي البساط الأسود من تحته وعاد مجددا لصفيره المزعج مع أهتزاز كلتا ساقيه
زفرت وهي تقبض وتبسط كفيها محاولة منها للهدوء وكبت الغضب ..
الذي لو أنفجر الآن سيحرق اليابس والأخضر من حولها وأولهم الخيمه التي باتت اسوء كوابيس حياتها انها ليس خيمه بكل عفريت علي هيئة خيمه او شبح يتلبسه الغرور
وعلي مهل اقتربت منه ووقفت أمامه وقالت بعد ان أخذت نفسا عميقا ..
:أنا موافقه أنك تدخل الفندق …
صمتت لتستشف تعبيرات وجهه
فوجدته ينهض واقفا ويقترب منها حتي يقف أمامها
طالعها بثبات ملامحه منتظرا أن تكمل حديثها..
فهناك بقايا الكلمات التي مازالت عالقه عند منتصف حلقه ..
وقد أدركت ذلك من نظرة عينيه فأكملت وهي تشدد علي كل كلمه لتخترق أذنه وتصبح كالحلق الملازم للدائرة المستميته:لكن بشرط
التوت زواية فمه بألتسامة مبطنه فحدسة قد صدق وقال بثبات :موافق علي أي شرط وعارف كمان أيه هو شرطك..
طالعته بشك ليجيبها بثقة شرطك هو اني أشتغل تحت إدارتك ..
لوهله فغرت فاههه مع اتساع حدقتي عينيها بأرتباك فهو قد ادلي بما يدور في خلدها …
بادرها قائلا مع ملامح وجهه المسترخيه :أنا موافق
وابتعد عنها ليمسل بجذعه يحمل حقائبه وقبل ان يلمس لجام الحقائب قالت :مش تستني الاول تعرف وظيفتك هتكون إيه ..
بهدوء حمل الحقائب واحده بيده اليمني والأخري تقبض عليها يده اليسري
ثم عاود الوقوف أمامها قائلا بأبتسامه هادئه اغاظتها:هقبل بأي وظيفه حتي لو هكون ساعي المهم أكون جنبك ومعاكي …
ألتوي فمها بأبتسامه ماكره وكتفت ذراعيها بمراوغه مع قولها:وانا مش هحرمك من أمنيتك بأنك تكون ساعي الفندق ..من اللحظه دي انت أتوظفت عندي في فندق الدمنهوري ومتقلقش مرتبك هيكون علي قد تعبك في الشغل ….
بدت ملامحه ثابته..بصراحه قد توقع منها اسوء من ذلك ..توقع مثلا ان تعينه فراش او عاملا بالحمامات ينظف مراحيضها القذره
فأبتسم بثقه وهو يخبرها بموافقته ..والآن بات هذا تحدي بين الأمير الخاضع والأميرة المتمرده ومن سيعلن خضوعه أولا سيكون هو الخاسر ..
ومن وقتها وهو يريها كل ألوان الخروج عن طور هدوءها لم يغفل دقيقه إلا وأثبت لها ان حاز كل ميدلايات الذهب في البرود وثقل الدم …باتت متيقنه من أنه توأم الخليل الكوميدي في نكاته التافهه التي يلقيها علي مسامعها كلما دخل إلي مكتبها يقدم لها قدح قهوتها الصباحي الذي يصنعه بنفسه امام اصراره امام عم ميمون بأن يُدخل لها القهوه بذاته فيوافق عم ميمون علي أستحياء ..
والمصيبه انه يظن ان قهوته لا مثيل ..لا يعلم بأنها تشبه طعم الخل الحامض في مذاقها ..
مشي في الرواق بتفاخر وكأنه أحد مشاهير بوليود علي البساط الأحمر والجميع من حوله يتهافتون في سباق محتد قاسي لتنال كاميراتهم المتشعلقه حول رقابهم صورة فوتوغرافيه مغروره كصاحبها ..
جميع الأعين متعلقه بالشاب الذي رضخت أبنة الدمنهوري لطلبه عندما وافقت أن يدخل لغيابات الفندق متحاشية فضائح أكثر عن فعلته منذ أيام أمام عرض الفندق ..
بشموخ هو يرفع رأسه بغنج وصفير خافت تلتقطه أذناه فقط وذراعيه القويتين تحاوط صندوق كبير يقربه أكثر إلي صدره القوي ومغطي بوشاح أحمر من فوقه لتحته
كما تغطي الجثه الهامده..
أعينهم المتطفله تتساءل بحاحبين مقوسين علي شكل ثماتيه عما بداخل الصندوق
حتي وصل لنهاية الرواق أمام غرفة مكتبها المتمرد مثل عيناه المتمردتين
طرق مره واحده ثم دخل وهو يغلق الباب خلف بمقدمة حذاءه الأسود
منشغله هي في الملفات أمامها لدرجة أنها لم تنتبه لطرقه والذي اعقبه دخوله دون أن تأذن له.
والآن هو يطالعها بأبتسامه بارده
تنحنح يكح مرتين
رفعت ناظريها لتنصدم عيناها من رؤيته واقفا امامها بلا أحم ولا دستور ..أغتاظت وهاجت والدليل القلم الأزرق الذي ألقته بسخافه فوق الأوراق
زمت شفتيها علي مضض وهي تنهض واقفه
ثم تبتعد عن المكتب خطوتين لتقف بعيدة عنه قائله بغضب حاولت أن تخفيه خلف قناع وجهها البارد :أنت بقيت وقح أووي..بتدخل المكتب عادي كده من غير ما تخبط..
عاجلها قائلا ببساطه:خبطت ودخلت..
تقسم أنها لو طالته فستضرب رأسه اليابس هذا في عرض الحائط حتي يقول حقي برقبتي
لكنها نفثت غضبها بعيد وطرقعت أصابعها قبل أن تهتف بهدوء مزيف :ماشي يا وليد هعديها بمزاجي ..أخرج بقي من المكتب وروح شوف شغلك ..و
قطعت أسترسالها في إملاء الأوامر عليه عندما أنتبهت فجأه إلي ضخامة الصندوق الذي يحمله
فقالت وهي تزوي ما بين حاحبيها بتساؤل :إيه ده..
أبتسم قائلا:هدية …أحترت كتير وفي الآخر لقيت أن دي أنسب واحده ليكي لأنها شبهك ..
أمتعضت ملامحها وصكت اسنانها ضيقا مع تحاملها علي نفسها
قائله:هدية ..ومين قالك اني عايزه هدية وبالذات منك أنت
نظرة هادئه أرسلها لنظراتها الساخره قبل ان يقول:النهارده عيد ميلادك ..
لانت ملامحها لوهله وحالت من القوة إلي الضعف والأستكانه وأرتعاشة بسيطة دبت في أوصال جسدها
لكن نظرته لها ذاك اليوم عندما ذهبت اليه للمره الثانيه خاضعه ورغم ذلك رفضها أستوطنت قلبها وعادت عيناها من جديد للقسوه
قائله بنبرة خاوية من اي مشاعر:اطلع بره مع هديتك السخيفه زيك ..
قالتها وأستدارت توليه ظهرها متجاهله وجودة تماما
أبتسم وهو يضع الصندوق الضخم علي بلاط الأرضيه ثم أزال الوشاح عنه وفتح له باب القفص الصغير
أحست بشئ يدغدغ ذيل فستانها وعندما تطلعت للأسفل
أتسعت حدقتي عيناها بصدمه وصرخت برعب :عاااااا ألحقوني نمر …نمر موجود في المكتب
وبطريقة ما وجدت نفسها تجلس وهي تثني ركبتيها فوق سطح المكتب وتأخذ من الملف الذي تحيط به ذراعيها حاجزا يحميها من ذلك النمر
أبتسم وليد بسخرية وهو يطالع نظرات الرعب في زيتونة عينيها …اقترب من النمر وملس علي جسده كأنه صاحبه يأكل يشرب وينام معه
قائلا ببساطه:دي نمره أنثي يعني مش نمر ..دي لسه بيبي صغير
وكأن الأمر يختلف..هو في النهاية حيوان متوحش لو أقتربت منه ستفقد الوعي من شدة دقات قلبها المتهافته برعب..هذا ان لم تفقد الوعي وهي تراه الآن..
…………………

يتبع…

الفصل الحادي والخمسون

ضمت الملف إليها بقوه وذراعيها المحيطان به يرتعشان بخوف كأنها تري ملك الموت أمامها ..وصف أسنانها ناصعة البياض تخبط أعلي وأسفل يمينا ويسارا ..
ثم أبعد الملف الورقي لتلوح به في الفضاء الشاغر أمامها صارخه بصغير النمر
:هشش ..هش ..هش من هنا
وضع يده عند فمة يواري خلف أنامله ضحكته المنفلتة علي مظهرها الذي يدعو للشفقه ..فهي تقول لصغير النمر (هش) كأنه دجاجه مشعوذه ستغرس مخالبها في بشرتة وجهها الشقراء
وصغير النمر وقف متسمر في بلاهه يطالع بعينبه الواسعتين تلك الحمقاء الكبيره التي تريد ان تصرفه بكلمة(هش) ..كأن نظراته المحملقه بها دون اي سابقه هي الشاهد علي غباءها ..
لمحته وهو يضحك فقالت بغيظ:وووليد ..أبعد النمر ده عني ..
قوس حاجبيه قائلا ببرود:قولتلك نمره مش نمر..
صكت اسنانها غيظا وكاد شعر رأسها يقف علي أرجله غضبا منه ثم تحاذقت قليلا من الهدوء قائله:وليد متعصبنيش أبعد النمر ده عني حالا…
عقد ذراعيه عند منتصف خصره ليقول ببساطه:اوكيه
ثم ألتفت لصغير النمر ونادي عليه قائلا:مادليد تعالي ..
الأحمق يناديها بمادليد هل هي أبنة اخته ليدللها بأسم مادليد..باتت تشك في قواه العقليه تقسم ان لو بيدها الأمر لأدخلته مشفي الأمراض العقليه ..
وبالفعل تسمرت عيناه وهي تري صغير النمر يقترب من وليد بأريحيه حتي أنه رفع ساقيه الأماميان ليريحهم علي ساقي وليد
فمال وليد بجذعه ليمسد بهدوء علي مقدمة رأس مادليد كما يدعوها
ثم همس بجوار أذن مادليد :هنروح الوقتي يا دود لأني انا اللي خايف عليكي من المتوحشه دي
زمت سلمي شفتيها بضيق وأستعارت النيران تأججا في زيتونة عينها لأن أذنيها التقطت ما قاله الاحمق عنها …
فهدرت به بصريخ صم كلتا اذنيه:وليد خرجها من هنا الوقتي ..
رفع وليد عينيه إلي حيث سلمي ونظراتها الموحشه رفع حاجبا للأعلي مع قوله:أنا سامع صوتك عدي ال ١٨٠ درجه ..لدرجة ان مادليد خافت ..
ثم حال ناظرية لمادليد قائلا برفق:بتقولي إيه يا مادليد
ثم مال اذنيه بجوار فم مادليد الكبير يتصنع أنها تتحدث وهو بالفعل يقترب منها ليسمع ما تقول
أبتسم بغرور قبل ا يطالع سلمي المنكمشه علي جسدها بخوف
قائلا ولمعة الخبث تعصف بالبريق اللامع في عينيه:مادليد بتقولي انها هتمشي بس بعد ما تطلبي منها ده بأدب وصوت واطي..
غبية ان صدقت زيفه وكذبته
فقالت بحزم مع بقاء صوتها مرتفع:وليد أنجز ..
لكنه توقف في مكانه مكتفا ساعدية امام صدره متجاهلا ملامحها الغاضبه ..وصفير غنج كصاحبه يصدر منه مع أهتزاز ساقة اليمني …
مسحت يدها قهرا علي مقدمة جبهتها لولا أنها تحاملت علي غضبها لكان أنفجر وأطاح في وجه ذلك الجبله المستغل عديم الأحساس ..
أغمضت عينيها لوهله تستجمع فيها طور هدوءها وثباتها قبل أن تهتف مجبرة علي ما تقوله:تمام ..
بعد ان أخذت نفسا عميقا هدءت به نبض قلبها وعادت قسمات وجهها لمجراها الطبيعي
قالت بهدوء له ونبرة صوت متأدبه خافته:من فضلك يا وليد طلع البتاعة دي بره الفندق ..
زوي حاجبه بتحاذق
لتدرك خطأها وتكمل مصححه بنفس النبرة المتأدبة:قصدي طلع الآنسه مادليد برة المكتب ..
فأبتسم بهدوء وهو يعيد مادليد للصندوق وقبل ان يخرج من المكتب طالعها بنظرات الأنتصار
ليخرج ويتركها تلقي الملف بعنف علي بلاط أرضية المكتب …
وتأتي السفن بما لا تشتهي الرياح ..
فالأمر قد حُسم عندما نسي وليد إحكام غلق الباب الصغير للقفص ..
فتقفز مادليد إلي أرض المعركه أقصد أرض الفندق ..
وبنفسكم تتوقعون ما قد حدث
السيدات من نزلاء أو عاملات في الفندق بدءن بالعويل الذي يسبق صراخ مستغيث عصف بكيان طاقم الفندق بأكمله ثم بعدها بدء الجميع بالركض كأنها سباق لرياضة الماراثون
مع هرج ومرج من جميع القاطنين به والحاضر اعلم الغائب بشدة الصراخ والفزع الذي سيطر علي كل من في الفندق
حتي أن أنذارات الحريق التي ليس لها علاقه بالأمر دوي صوتها مزلزلا للمكان والجميع بات يتخبط في مجاوره او مقابله
والاشخاص ذي القوام النحيل هم تمكنوا من الخروج من بوابة الفندق الدواره أما ضخماء البنيه والجسد هم من ظلوا عالقين مع حالة رعب تمكنت منهم ..
حتي ان بعضهم قد خر علي الأرض فاقدا للوعي ..
وبعضهم من خرج من حمام جناحه الفخم بمنشفه بيضاء تحاوط جسده بعد ان اقلق الصراخ وقت أخذ الشور الخاص به يوميا ..وهذا سقط فوق هذا..وهذا تزحلق من شدة دقاته المتقافزه خوفا ..وهذا اطاح بهذا
والسبب هي أنثي النمر التي نجح وليد في السيطرة عليها لكن بعد فوات الآوان بعد ان فعلت ما فعلت في الفندق
بعد قليل
دوت صوت سيارات الشرطة التي تحفظت علي أنثي النمر في قفص ضخم وغادروا بها بعيدا عن الفندق بعد عدة بلاغات قُدمت لها من قبل إدارة الفندق..
أما بالنسبه لوليد فهو في مكتب سلمي يقف أمامها مقبوضا عليه من قبل رجال الأمن التابع الفندق بناءا علي أوامر شخصيه من سلمي
كانت تجلس علي المقعد المتوسط مكتبها وكل عفاريت الانس والجن تتقافز أمام اعينها
لا تعلم ما تفعله مع تلك البلوي ..الداهيه التي بلاها القدر بها ..
ما يجعل غضبها يتفاقم أكثر هي نظرته الباردة إليها وكأنه لم يفعل شيئا
وكما يقولون في المثل “” المصائب تأتي وراء بعضها البعض””
فقد دخل موظف الأستقبال إلي المكتب بعد أن طرق باب المكتب برسميه وأذنت له
أخبرها بأن أكثر من عشرة أشخاص قاموا بسحب حجزهم في الفندق والسبب هو ما حدث منذ قليل
ومن يدري فلعل هناك من سيحسب حجزة هو الآخر..وبالتالي ستكون هذة خسارة فادحة للفندق ..
أنهارت علي الكرسي وتلمست يدها مقدمة رأسها بتخاذل حيث صداع فظيع يفتك برأسها عند جانبيه
يتمتم لسانها بتلك الكلمات :كدة أتخرب بيتنا ..بكره كل اللي حوالينا يعرفوا بالخبر وأكيد التلفزيون والجرايد ما هتصدق تفضحنا ادام الناس …خلاص الفندق راح ..
ثم تراخت بجسدها للوراء علي مسند المقعد مع رأسها وأغماض جفنيها بخيبة
حتي ان دموعها كادت تسقط من محجريها
عندما قصف صوته قائلا:أنا عندي الحل اللي يمنع التلفزيون واي حد انه يتكلم عن الفندق..اقدر أحل المشكله في ظرف ساعة واحدة …
أنهي كلماته بثقه متناهيه
………………………
ظلت تركض بعيدا عن بناء المشفي الضخم وفي كل مرة تنظر وراءها تتيقن بعدم تتبع أحدا لها ..
عيناه تبرق خوفا ورعبا وأنفاسها تتلاحق كأن ثورا ينفاسها في سباق للركض وشفتيها منتفخه زرقاء من شدة أرهاقها وملامح وجهها باههته كأنها لم تذق الطعام منذ سنون …البنطال قد انقطع عند موضع ركبتها بسبب أشتباكه مع مسمار مثبت في نافذة العنبر الذي قفزت منه منذ دقائق ويبدو ان المسمار لم يروقة الامر فعلق مع بنطالها منعا لهروبها المتجدد لكنها أصرت ليتمزق قماش البنطال بعد معركة محتدة بين المنافسيين
كل أنشا بها مشتاقة لشمة واحدة من الهيروين ..ويا سلام لو وُخزت عضلتها بحقنة مريحة للأعصاب مثل كل مره ..حقنة واحدة تغيبها عن العالم وتسحرها في بحورها الخاصه حيث هي القاضي والجلاد ..الظالم والمظلوم..
ثم تسترخي علي السرير مع تقليبة علي اليمين واليسار وبعض تأوهات الراحه المتغلغله إلي أعصابها ..
مسحت العرق المتصبب عند اعلي جبهتها وعند خدها الأيمن والأيسر ..وبالكاد تفتح جفنيها الثقيلين لتري الطريق أمامها
عندما داهمتها بغتة أضاءه لسيارة قادمة بأتجاهها
تلك السياره تمشي بسرعة الصاروخ حد أنها ستصدمها
وبدل ان تبتعد عن محيط السياره تسمرت في مكانها ترفع يدها لتغطي وجهها مع صرخة عاليه
صوت صرير عالي صدر من السيارة عندما توقفت بغتة أمام جسدها المتسمر ..لا يفصلها عن السياره سوي ذبذبات الهواء المحلقه في الفضاء الواسع .
لو تحركت السيارة إنشا واحد حتما ستدهسها أسفل هيكلها المعدني الضخم .
عندها أخفضت يدها عن مرمي عيونها ولكن الأضاءه المداهمه لزيتونة عينيها أغفلتها عن رؤية الجسد الساكن خلف عجلة القيادة
تباطئت أنفاسها رويدا رويدا وخفت الصدمة وهي تراخي حدقتي عينها
مع أنهيار جسدها حتي تراخت علي الرصيف المغطي بالبلاك الأسود جالسه علي ركبتيها ..
أخفت وجهها الذي أجهش ببكاء مرير خلف كفيها المرتعشين آثر الصدمة وباقي جسدها المهتز بهستيرية فجة وصوت بكاءها رمي صيحاته ليتجاوز السكون معلنا عن عويل بكاءها
ترجل صاحب السيارة ليقترب منها وقد أتسعت حدقتي عينه ذهولا وهو يطالعها
ثم هوي لمستواها ليجلس علي ركبتيه قبالتها
بدءت شهقاتها المختلطة بسكون الليل القاتم تهدء وأخفضت كفيها عن مجري دموعها ببطئ لتجده يجلس أمامها متطلعا إليه بوجه شبه باكي ..او قلب منفطر قتله الحزن منذ زمن ..او منزلا مهجور تخلي عنه الجميع حتي سكن حوائطة خيوط العنكبوت
ففرت الدموع من قسورة عينيها كنبع الماء المتفجر ..لدرجة ان غشاوة الدموع المترقرقه أمام ناظرها حجبت عنها رؤية ملامحه المتألمه لبكاءها
فصارت تئن في بكاء مرير قطع نياط قلبه
دون ان ينطق بكلمة حيث صمت الألسنه هو السيد بينما العيون تحكي بحورا من العشق ..
أمتدت أنامله لتمسح عنها الدموع اللعينه لكن الدموع لم تنتهي بل ظلت تتقافز بسخاء …كالرجل الكريم في إنفاق ماله في سبيل الله ..
تألم بريق عيونه اليائس وأخفض نظرته المتوجعه لموضع كفها المستكينه جوار جسدها الغض
ليحض كفها في راحة كفها ثم تتشابك أصابع يده اليسري مع أصابع يدها اليمني لتحاكي ملحمة عشق تاريخيه تصمت الألسنه في حضرتها وفقط تحكي العيون سيمفونية رائعه يكون القلب هو العازف علي اوتار الجيتار
ثم تزداد في البكاء كأن لمسة الدفئ في يديه هي من شجعت علي البوح بمكنونات دموعها الأليمه ..
بكت كما لم تبكي قبلا..بكت كل الوجع والحزن الذي عانته وحدها ..بكت ظلم الدنيا لها …
ثم ضمها لصدره لتتمسك به تستمد منه كل الأمل كل الدفئ والحياة التي حُرمت منها ..وقد حاوطت ذراعيه خصرها ليضمها أكثر وأكثر لأحضانه ..
(تعالي إليّ حبيبتي فأنا دائكي ودوائكي )
وفجأه تحول العالم للون الأسود أمام ناظريها ..عندما مر أمام عينيها ذكر تخليه عنها كشريط سينمائي مسترسل
وكلمات والده بأن ابنه كرم مستحيل ان ينظر إلي مدمنة مخدرات مثلها يتردد صداها في أذنيه
أزاحته عنها بكل ذرة قوة مازالت تمتلكها ونهضت واقفه ونظراتها الحادة ترمقة بعدوانيه كلبؤه شرسة
ثم همت تبتعد عن محيطه عندما نهض هو الاخر واقفا محيطا رسغها الأيمن بقبضة يدة مانعا لها من الهروب منه كما هربت من المشفي الحكومي منذ قليل
ملامحها ونظرات عيونها الوجله المرتعبه وحبيبات العرق المتسلله كالنهر النهم عند جبهتها مبلله خصلات شعرها
دليل علي أنها هربت من المشفي ..
خطواتها الراكضه امام سيارته وصرخاتها التي شجت قلبه نصفين من الخوف دليل آخر قاطع لكل الشكوك في هروبها..
عقد حاجبيه بشدة بينما لم ترتخي اصابع قبضتة المطبقه علي رسغها قائلا بخشونه:علي فين …
أمتدت أناملها الشبه مرتهشه لتفك قيد قبضته مع قولها المستميت الفظ:ملكش دعوة بيا ..
وضعف جسدها لم يخولها من الفكاك منه ..فأبتلعت ريقها وضيقت عينيها بلمحة غاضبه
لتقول وهي تضغط علي اسنانها بقسوة:سيب دراعي ..
لم يترك بل أشتد من حصار قبضته أكثر بقوة آلمتها …
فأستدارت تطالع عينيه بعينان كالصقر ..عينان يسكن فيهما المارد والجن
ومع ذلك قال بثبات:مش هسيبك …مش هدي فرصه للوقت يفرقنا تاني ..
قالت مع صرخة همجيه صدرت منها:أنت الوحيد اللي مينفعش يقول الكلام ده..ولا أنا هسمحلك تغشني وتخدعني زي كل المرات اللي فاتت ..
قالتها وأنفاسها الغاضبه تتلاحق مع تذكرها لكل وعوده الكاذبه لها ..
برجاء قال:أسمعيني..اعرفي إيه سبب بعدي عنك
أبتسمت بسخرية وهي تحاول ان تزيح عن ذراعها قبضة يده
ثم قالت بلكنة جافة:كل حاجه أنتهت بينا يا أبن الجندي ..روح دورلك علي واحده تانيه غيري ..واحده تكون شبة هنا القديمه..علي الأقل هتكون تحت رجليك ومش هتتحرك لأي مكان إلا بأشارتك ..صدقني عن تجربه والله..
قالت الأخيرة مع ضحكة ساخره ..لا لا بل حزينه أو متألمه
لتكمل بوجع :طريقنا مش واحد
واخيرا تمكنت من فك ذراعها من براثن قبضته ..
تنهد بعنف ما ان وصلت الأمور بينهم لتلك النقطه..فهو قد سقط في هوة كان يخشي السقوط فيها منذ زمن ..زمن بعيد لا نهاية له ..واجتاحت الظلمة عينيه بل غامت مثل السماء الغائمه الخاليه من أي بهجه مع غياب قرص الشمس الذهبي عن الكون وما فيه
طالعته بنظرة تهكميه قبل أن يتحرك جسدها مبتعد عن محيطه
لكن هل سيمسح لها بالأبتعاد مجددا؟؟..كلا وألف كلا ..أنه لم يجدها ليفقدها!!
طوق ذراعيها من جديد مانعا إياها من التحرك ثم أدارها إليه بعنف لدرجة أن رأسها أرتطم بصدرة وانتفض شعرها علي وجهه وكأنه يصفعه بقسوة وعندما حاولت الأبتعاد عن محيط صدرة علقت خصلات شعرها في أذرار القميص الذب يرتدية
بعد معاناه فكت خصلات شعرها وبانت ملامحهه تهكميه وهي تطيح به بقوة قبضتيها بعيدا عنها فالكره والحقد قد أمدها بطاقة لا قبل لأي مخلوق بها
التقطت أنفاسها بضرواة ناظرة إليه بعينين قاسيتين كالرخام الأسود المصقول ..تتهمانه بشكل لا يقبل الشك ان شيئا ما بينهما قد أنكسر للأبد
شعر كرم بنبضات قلبه تتزايد خوفا وهو يري اللمعه المتمردة في عينيها …تتهمه بشئ لا يتحملة قلبه العاشق الولهان في حبال غرامها
كان دائما يسخر من الرجال الذين يخشون مفارقة الحبيبه عنهم ..لم يصدق انهم يخافون من مخلوقات أضعف منهم في الجسد والبنية القوية
لم يظن يوما أن تأتي تلك اللحظه عليه
لحظة أن ينقبض قلبه رعبا ..وخوفا من أن تتركه حبيبته
أندفعت قائله ووجهها ينتفض بكل أنفعال ممكن:أنا مبقتش محتاجلك ..مبقتش محتاجه لأي حدي ..أنا أقدر أحمي نفسي من كل اللي يتمنوا يؤذوني ..وأولهم أنت
قصف صارخا بها مع نبض قلبه الثائر :بس أنا محتاجلك ..
ثم صمت يلهث بعنف وعيناه معلقه بكل تفاصيل وجهها برجاء ..
أيضا كانت تبادلة نظرات الصدمة والشك مع صمت مطبق قاتل …
ومع طول فترة الصمت السائد بين الحبيبين تراخت كفيه عن كتفيها تاركة خلفها علامات زرقاء مؤلمة ..لكن ليس كألم قلبه ..
قالت ساخره :مبقتش أثق في كلامك ..حتي نظرات عيونك بحسها خبيثه وكدابة زي وعودك
قبل ان تستدير وتبتعد عنه مع وقوفه متسمرا في مكانه لوهله متألما لوقع كلماتها ..
أحست بسكينة تنغرز في ساقها ألما ولم تعد تريد ان تتحامل علي نفسها في الأستماته ومقاومة الألم أكثر
فأنهارت علي الأرض مع صرخة متأوهه من الألم
أرعبه صراخها المتألم الذي يجلد قلبه بسوطا من نار
فأسرع بخطواته تجاهه وجثي علي ركبتيها حتي وصل لمستواها
جالت عيتيها علي كفها الموضوعه علي ركبته فيبعد كفها قليلا ليلوح أمام ناظرية جرح ركبتها العميق
فيبدو ان المسمار لم يتشابك فقط مع البنطال بل تطاول عليها لينغرز في لحم ركبتها
ألتاع رعبا وهو يري ذلك الجرح ..ودون تفكير خلع عنه قميصه ليفصل ذراع القميص عن باقيه بيدية القويتين ثم يلفه حول ركبتها كضمادة مداوية لجرحها..
تشنج جسدها بين ذراعيه وآثر لمساته وهي تشعر بالألم في كل أنحاء جسدها الصارخ الرافض
وأبدت رفضها في لمسه لها عندما أبعدت كتفيها عن محيد لمساته ..إضافة إلي انكماش جسدها بعيدا عن جسده..وتخضب حاحبيها المقطبين بأنزعاج من قربه منها ..تنبه إلي انها تحاول النهوض بتعثر أمام عينيها المتفحصه لها بعذاب ..
لكنها ما ان استقامت حتي انحنت قليلا بتأوه ..حينها نهض إليها سريعا..محاوطا خصرها بذراعه كي لا تسقط
وهذه المره لم تعترض فألم جسدها اشتد بطريقه قاسيه وباتت لا تتحمله مع ذلك الدوار الذي يداهمهما منذ ان هربت من المشفي وكله بسبب الحقنه المخدرة التي غرستها الممرضه في لحم ذراعها قبل ان تغافلها وتهرب دون ان يتنبه احدا إليها..
وبات الالم يداهمها من ناحيه وآثر الحقنه بدأ يدغدغ جفنيها فيثقلهما وبعدها تصمت جميع حواسها وتسقط بين ذراعيه فاقدة للوعي ..
………………………………………….
منذ ربع ساعه وهي تجلس أمام المرآه ..ترتدي فستان زفافها الذي أختاره لها دون إرادة منها في أرتداء فستان قاتم الهويه كذاك الفستان لكن هي سترتدية فقط لكي تريحه وتريح نفسها من مشاكل لا طاقه لا علي مواجهتها فأن عارضت تثق ان هذا المجنون سيأخذها لبيته دون زفاف ولا يحزنون
من خلفها أحدي عاملات طاقم التجميل الذب احضرة لها ممسكه خصله من شعرها وتصففها بمجفف الشعر
وأبتسامة خجل أرتسمت بجانب زواية فمهت وهي تتذكر صباح اليوم
عندما أستيقظت لتتذكر بأن اليوم يوم زفافها وما كادت تنهض حتي وصل لأذنيها صوت رساله نصيه أتت توا علي هاتفها من رقم محبب إلي قلبها المتيم بعشقه
يخبرها فيها”النهارده هتكوني ملكي للأبد ”
..
وقف آسر أمام مركز التجميل بحلته الأنيقة وذقنه النامية بغض الشئ غير الحليقه ليبدوا في تلك اللحظه أوسم رجال الأرض مع ظهور غمازتية عند جانبي وجهه ..لم يستطع الصعود فهي قد حذرته من ذلك خشية ألا يكون رؤيتها لها قبل ان تكتمل لتبدو كعروس حقيقيه نذير شؤم عليهما..
أستند بقوه علي سيارته السوداء المزينه بالورود البيضاء والحمراء وشرائح التل المنقوشه بمهاره وحرفيه ..مزينة بطريقه تليق مع أبن الجندي.. مع تنهيدة محترقة شوقا إليها يقسم انه لولا ما تبقي من ذرة تعقل بداخل جمجمته لكان صعد إليها ليختطفها متجاهلا احتجاج الفتيات علي ذلك ثم ليهفو بها إلي عالم بعيد ..عالم خُلق فقط من اجلهما..
أنتبة فجأة إلي الزغاريد المتافهته من النساء المرافقة لعروسه..
لم يكن ليركز مع تلك النسوة فقد كان متلهف لرؤية عروسة
ينتظر زهرة بفارغ الصبر
…………..

يتبع…

الفصل الثاني والخمسون

زفر بنفاذ صبر وهو يري كل تلك النسوة أمامها حاجبين عنه رؤيته لها
كأنهم صف من بنيان مرصوص ..يا الهي لما تعاقبه أميرتة بطول الأنتظار سيجن من شدة اشتياقة لرؤيتها ..
العمر سينتهي قبل ان يتمكن من رؤيتها
لا لا فستانها الأبيض يلوح أمامه بالظهور
هناك بادرة أمل بعد
أبتسم تلقائيا مع تنهيدة مبشرة مثل ملامح وجهه الآن
لتظهر أمامه فجأة فينتفض قلب آسر استقبالا لها..تبدو كأميرة متوجة علي عرش مملكتها ..
لكن هي أميره تتوج عرش قلبه هو فقط ..
كانت تطالعه حينا وتخفض بصرها عنه حينا مع أبتسلمة خجله متوردة لوجنتيها
حتي باتت واقفه أمامه بطلتها الساحرة
أقترب منها بخطوات متفحصه ثم مال ليلثم جبينها بقبلة عميقه حارة ألهبت وجنتيها بحمرة وأسبلت جفنيها بحرج
خاصة وان الواقفين صفقوا لما فعله آسر بحرارة والعيون تأكلهم أكلا ..حسدا وفرحة او غيرة
أنتهي حفل الزفاف الضخم ..لم يكن الحفل مقتصر علي بعض المقربين بل كان أحتفالا يضم أكبر رجال الأعمال وكذلك رجال ذي مكانه مرتفعه من أقرباء الداخليه مثل اللواء فلان والمقدم علان ..وكثير من ظباط الداخليه أصدقاء آسر ..
لم تكن اجواء الحفله بسيطة كما كانت تعتقد ..فاالجميع كانوا يلتقطون لهم الصور ..شعرت بسعادة غامرة وهي تري نفسها محط أنظار الجميع
فهمهمات الجميع عن جمالها الجاذب لأنظار كل من يراهها وصل إلي مسامعها ..حتي أن الفستان الذي لا حياة به اصبح ينبض بعطر أنوثتها ..
أدخل البطاقه الأئتمانيه الخاصه به ليفتح بعدها باب الجناح الذي قام بحجزة منذ اسبوع في هذا الفندق الشهير لقضاء شهر العسل به
فتح لها الباب علي مصرعيه ثم مال بجذعه إليها ليباغتها بحمله لها بين ذراعيه
صدرت شهقه معترضه منها ولكنه عاند ..اقفل باب الجناح خلفه بهدوء
ثم أنزلها في غرفة النوم نظرته إليها كانت فاضحة كل مشاعر العشق الذي يكنه قلبه المتيم لها
أخفضت ناظريها خجلا ودقات قلبها تكاد تنخلع من مكانها تود لو تنشق الأرض الآن فتبتلعها
ثم ما لبث أن أحتواها برفق بين احضانه ..أرتعش جسدها لوهله وأرادت تبعدة عنها وهي تشعر انه لو ظل حاضنا لها هكذا حتما ستفقد وعيها
لكن في النهاية استسلمت
أبعدها عنه قليلا ليطالعها بنظرات محترفة..حقا هذا كثير علي ان يتحملها قلبها..فأحمر وجهها وأخفضته خجلا
رفع ذقنها إليه ليقترب منها ويتلمس فك وحهها بشفتيه طابعا بجانبه قبله أمادت بكل ثباتها ..ابتلعت ريقها بصعوبه حيث رائحة عطرة الطاغية زلزت كيانها
أبتعد عنها بأبتسامة رائعة ليقول بعد ان تنهد بصعوبه وصبر حاول التحلي به :أنا هدخل أخد شور ..مش هتأخر عليكي ..طبعا انتي عارفة انتي هتعملي إيه ولا أستني معاكِ أساعدك..
لوهله تسمرت في مكانها وأتسعت حدقتي عينها وهي تطالعه بذهول وأرتبكت عيناها آثر وقاحته
قرر ان يرحمها فأبتسم غامزا لها عينه اليسري بشقاوة ثم تركها ودخل الحمام
مر وقت لا بأس به منذ دخوله للحمام وهي مازالت قابعه في مكانها علي الأريكه أمام شاشة التلفاز في نفس غرفة النوم ..بعد ان أبدلت الفستان بأسدال محتشم لا يظهر منها اي شئ قد وضعته خلسه في حقيبة الملابس الذي وضبتها والدتها السيدة منال لها …
لم تكن تركز مع ما يعرض علي شاشة التلفاز بل كان التوتر هو من يقطن تفكيرها ..واجمه بخوف تفرك اصابعها
أخذت نفسا مرتجفا وهي تنظر لباب الحمام المغلق والملحق بغرفة النوم
زفرت بضيق قبل ان تنهض وتسير علي اطراف اصابعها حتي وصلت للباب المغلق
رمت أذنها عليه لتتلصص ..فتسمع وقع خطوات يقترب
فجرت مسرعه لتعاود الجلوس علي الاريكة
وأمسكت بريموت التلفاز الملقي بأهمال جوارها لتعلي صوت الفيلم الذي لم تكن تشاهدة من الاساس ..
أبتلعت ريقها بخوف وهي تسمع باب الحمام يُفتح وبعدها صوت خطواته التي تقترب منها ..
تعلق ناظريه بحالتها بحاجبين مقطبين عبسا ثم انتقل ناظريه الي التلفاز الذي يجدها مبحقله به أكثر من أنتباهها لوجوده يقف أمامها
وفي الحقيقه ان نبضات قلبها تأججت من الخجل والتوتر حتي ان عضلة فكها ارتعشت
تانول الريموت من علي الأريكة وضغط ذرا ما ليطفئ من خلاله شاشة التلفاز ..
لم تثنيه زهرة عن ذلك بل رفعت حاحبيها إليه بصمت..يا إلهي يبدو ان تلك الليلة بيضاء من البداية
ثم وجدته يشدها من كتفيها برفق ليوقفها أمامه ..تضاربت كل طبول قلبها خيفة وأرتعاشا
وأبتسم وهو يري وجنتيها تحول للون الأحمر ثم الأزرق الباهت..يعلم جيدا حرجها بل خوفها الشديد
أنتبهت إلي أذرار بدلته النوميه المفتوحه حتي منتصف صدرة..فتهاهت عينيها للحظات علي مرأي صدره
وعندما أدركت أنه يراقبها حتي وهي تنظر إليه أسبلت جفنيها حرجا وأشتعل مارد الهرب من أمامه وقبل ان يميل عليها ليقبل وجنتيها
أبتعدت عن محيط وقد أحست بفراغ رائحته وكيانه المزلزل لحصونها ..
أقترب منها مرة أخري علي مهل ..وقف أمامها متطلعا لها كلها من أعلي لفوق بنظرات عاشقه أفصحت عن كل ما يعتمل قلبه …
كادت تهرب من أمامه مرة أخري..لكن تلك المرة أوقفها منعها من الأبتعاد عنه هامسا بشوق: أنتِ خايفه مني ..
هزت رأسها نافيه مع أرتباك نظراتها قائله وهي تشيح بصرها لنقطة ما في الفراغ
:لأ ..جعانه
لم تغادر عيناه عينيها ..مع ذهول عينيه الواضح ..لم يكن ابدا يتوقع ان تكون تلك الكلمتين هما الأجابة عن سؤاله
وهي لم تجد مهربا من إجابته سوي بتلك الكلمتين
بعد قليل فتح باب الجناح ليدخل ال Room Service يجرون أمامهم طاوله صغيرة مرصوص عليها أشهي أصناف الطعام ثم أستأذنوا للخروج بأدب. .
ظل يراقبها وهي تتنقل بين الأطباق بنهم ..كأنها لم تأكل منذ أسبوع وجاءت في هذا اليوم تحديدا لتعوض كا ما فاتها
نظراته مغتاظة ..او محترقه ..الطعام بات الان درته يطالعه بغيرة يود لو يكون مكانه فتتلمسه يداها الحانيه وشفتاها المغريتيين كحبتي فروالة ناضجه..
بعد ان انتهت أخيرا من الطعام تقريبا لم تترك لقمه واحده إلا وأسكنتها بداخل معدتها ..مسكينا ذلك الطعام
لولا انه يعرف انها ليست من آكلي لحوم البشر لأعتقد انها ستقترب منه لتكمل أمتلاء معدتها به ..وسينشرون غدا في الحرائد وعلي شاشات التلفاز خبر “زوجة تأكل زوجها في ليلة عرسهم ”
دلفت إلي الحمام تغسل يديها ثم خرجت لتجده يصفر بغنج وهو يستند بظهره علي الحائط أمام الحمام مكتفا ساعدية امام صدرة
أرتبكت عيناها وفورا أخفضت بصرها أرضا وقالت وهي تتلعثم :آسر ..ان ان ..انت واقف كده ليه..
أجابها مبتسما :مستنيكي
ومع قوله هذا أقترب منها ومد كلتا كفيه أمام وجهه يحتضنه عشقا
هامسا بفحيح بعثر شعرها كالرياح المبعثرة لأوراق الشجر قبل ان يزلزل هذا كيانها :أنسي كل حاجه وأنتي معايا
وأقترب من خدها الأيمن يلثمة بحميميه مع قوله بخفوت :خوفك …
ثم انتقل للجانب الآخر من وجهها يلثم خدها الأيسر بشغف
قائلا:قلقك …
ووصل لأسفل ذقنها ليطبع قبله عميقه بجانب فكها ومازل مكملا لكلماته :أنسي دنيتك وعيشي معايا أنا وبس ..
وأتبعهما بعشق أبدي ..عشق بينه لها بالدليل قولا وفعلا ..
ذابت معه وبين ذراعيه بل وطالبته بالمزيد ولم يمانع…
ليلي كألف ليلي ..ليلي يلتحم بها العاشقين ليصبحا جسدا وروحا واحده ..
*حبيبتي هل قلت لكِ يوما انكِ تنتمين لي أنا فقط *
………………………..
واقفا أمام سور الجامعه علي مقربة من بوابتها العملاقه كالظلمه التي أصبح محاصرا فيها كالأسير الذي لا إرادة له..
ساندا جسده علي السور مكتفا ساعديه أمام صدرة مع تغضن زاوية عينه بألم دفين..
مر أسبوع منذ آخر مره حاول فيها ان يحدثها لكن لم تواتيه الجرأه لفعل ذلك..عندما رآها أمامه وجها لوجه تبخرت كل شجاعته أدراج الرياح
حتي في ليلة زفاف أخته زهرة عندما طلبت منه خالته إيصال رومبيساء للمنزل لأن باقي السيارات ممتلئه بأقاربهم الذين أتوا من بعيد لحضور حفل الزفاف
وقتها أحس بأن ذلك هو الوقت المناسب وان عليه أن يفتح معها مجال للحديث عن أمر تلك المكالمه التي سمعتها صدفه ..يريد ان يبرر لها ..يوضح لها بأنه لا يحب احدا في هذا الكون سواها ومع ذلك هو يعرف كثيرا من الفتيات ..
لكن كل حصونه تهاوت وهو يراها تقترب منه وبجوارها خالته..
وظل طوال الطريق يختلس النظر إليها من خلال المرأه في السياره دون أن ينطق بكلمه واحده ..
الانفاس الصادرة من كليهما هي الدليل علي وجود أناس داخل السياره..
صامتين كالحجاره ..ولكن بداخلهم متفجر كبركان لو انفجر فسيغرق العالم معه ..
وهكذا مشي الوضع حتي أوصلها للمنزل وفي طريق العود ظل يخبط بعنف علي عجلة القياده ويسب ويلعن نفسه التي تضعف أمامها ..
أصدقائه في النادي يقسمون أن لا احد مثله في الحديث وأنه كلمه واحده منه بقادرة علي ان توقع في فخه أجمل الفتيان ..هو مرواغ من الدرجه الأولي خصوصا في الغزل وكلمات الشعر ..الذي يضحك بها الشبان علي بنات هذا الجيل ..يسمونه الدنجوان ..
لكنه يأتي أمامه يكون بمنتهي اللخمه والبلاهه ..أمامها ينسي الكون بأكمله بل ينسي من يكون ..
أمامها يتحول الدنجوان إلي طفلا صغير في بداية حبوه وتعلمه لنطق كلمة “ماما “..
نظرتها له ذاك اليوم قبل ان تدلف للفيلا أصابته في مقتل ..طوال الأسبوع لم تغب عن باله ولو ثانيه امتنع عن الخروج للنادي ..لم يعد يري أصدقاء اللهو ..أبتعد عن كل الناس..هجر حياته ..تخلي عن ذاته وكينونته ..
قرر ان يخرج اليوم عن صمته..سيضع النقاط علي الحروف ويخبرها بأنها كل العالم له ..
لمحها تخرج من بوابة الجامعه مع بعض صديقاتها
كانت تسير مع زميلاتها كالصماء التي لا تسمع شيئا والعمياء التي لا تبصر أي بهجه ..هي الأخري تعذبت تألمت وبكت وحيده علي سريرها وبين جدران غرفتها الاربع كتمت ألمها
أعتادت دائما ان تكون وحيده حتي وهي وسط أهلها ..من صغرها وهي أنطوائيه منعزلة عن الكون بأكمله مشرده بين ذكريات مضت وحكايا لم تبدء بعد ..ترسمه أحيانا بين أوراق دفاترها او علي الأرضيه أسفل السرير ..فقط لتشعر به معها ..يشاطرها كل حزنها وفرحها المنعدم
وعندما تبكي تذهب لمكان الأرضيه التي رسمت وجهه عليها لتنام في منتصفها كأنها تحتضن الرسم وبذلك تشعر به معها ..انفاسه تتلاحم بأنفاسها ..
كانت تحتضن الكتب إليه ..منكمشه علي نفسها بأسي ..لمعة عيونها الحزينه أزرقاق شفتيها وأصفرار وجهها ..
شحوبها وجسدها الهزيل كل هذا دليل يوضح معاناتها طوال الأيام التي مضت ..
توقفت بصدمه وهي تطالع جسد ضخم حال بينها وبين الشمس وعنما رفعت ناظريها إليه أتسعت حدقتي عينها بعدم تصديق
أنسحبن زميلاتها تاركين ذلك الضخم معها فمن نظراتهم المتبادله بينهم يتضح ان بينهما الكثير من الحديث المعلق
أنزعجت بعد أبتعاد صديقاتها وهمت تلحق بهم
-أستني ..
لتوقفها في مكانها همسه الهش ..
أكمل بنظرة خاويه:أنا نفسي أقولك كلام كتير اووي ..وحابب أنك تسمعيني ..
طالعت هالة الحزن في عينيه للحظه قبل أن تجيبه بحزم وهي تخطو مبتعدة عنه:لأ ..
لحق بها قائلا وهو يتماشي ليواكب خطوات سيرها الصغيره بالنسبه إليه:روميساء ..أسمعيني وبعد كدة لو قررتي أني مشوفكيش تاني حتي لو صدفه هوافق ومش هعترض ..
هل تسمعه ..ام تتعمد ان لا تسمعه..او ربما تتجاهله ..او تخفي ألمها منه ..
لكنه صرخ فجأه :روميساء أستني ..
قالها وهو يشدها من ذراعها يوقفها أمامه..نظرت بأنزعاج إلي يدة القابضه علي ذراعها ثم أنتشلته من بين براثنها بغضب
انفاسها الثائره والتي تغلو كلما تذكرت مكالمته مع المتبجحه رمز المثل السئ وعار علي جميع بنات حواء ..جميعهن براء من فاسدة لعوب ..
لكن تحاملت علي نفسها وقالت بخفوت بحيث لا تلفت انظار الطلبه والطالبات إليها :يا سلام يعني انت مكلف نفسك ومستنيني ادام الجامعه عشان تبررلي ليه انت بقيت حقير اووي كده ..
قصف :روميساء
أبتسمت ساخرة مع قولها:أيه وجعتك الكلمه ..مش قادر تقبل علي نفسك كلمة بسيطة زي دي قصاد كل اللي انت بتعمله..الحقيقه بتوجع للدرجادي ..
وبعدين انت عايزه اسمعك بأمارة إيه ليا عندك إيه عشان توضحلي سبب اللي بتعمله واللي عملته..
احابها بوجع:أنتي عارفه كويس انت ليا إيه ..
أكملت سخريتها قائله :كنت …أفتكر دايما اني كنت بالنسبالك …انت اللي مفروض تكون عارف كويس ان كل حاجه أنتهت. ..
آلمته نعم وبشدة..فهي قد أطلقت جراحه الذي لم تطب مذ ذلك اليوم من جديد..يوم ان أنهت بنفسها كل شئ..
يا الهي كم مرّ من السنين علي ذلك اليوم..إلا انه يتذكر كل ماحدث فيه وكأنه حدث البارحه ..
أنتبه من شروده علي وقع كلماتها الجارحه لقلبه بخنجرا مسنون بسموم العشق ولعنته
-أنت خسرت كل حاجه مع اول شيطان جرك للخطيئه ومع ذلك مقاومتش ومشيت مع الموج ..موج نزلك تحت في الحضيض ..لدرجة اني بقيت بحس بالأرف وانا شايفك ادام عينيا ..
صمتت وأستدار جسدها بعيدا عن عينيه..عينيه المتألمه..ولم يتحرك او يحاول منعها او حتي اللحاق بها ..بل ظل متسمرا في مكانه متتبعا لطيفها المبتعد عن مرأي عيونه ..
“أن قلت أن حبكِ يحييني ..فكرهكِ ليّ يميتني بدل المرة ألف ”
………………
مبآلغتنآ بآلأهتمآم بآلأشخاص آلذين نحبهم ~
تجعلنآ نخسرهم أكثر من رغبتنآ بآلحفاظ عليهم ..
الحب والخوف وجهان لعمله واحدة ..عملة تحيل حياتنا إلي سعادة أو إلي شقاء
أكثر من اسبوع داخل قصر غالب الدمهنوري وهي تشعر بأنها محاصره..رغم انها ليست محاصره..سجينته في زنزانه أغلالها من حرير ..رغم أنها ليست سجينه..
طوال هذه الفتره كانت هي شغله الشاغل كأنها طفله الصغير الذي أتي لدنيا جديده فأنشغل عن كل عالمه ليبقي وحدة معه يلاعب ويعطيه كل وقته ..
لو لفظت غصبا او بدون وعي لكمة “آه” يقترب منها بقلق ويسألها ما بها وقبل ان تنطق يفتح درج الكومود ويناولها الدواء المسكن عند الألم..وعندما تفتح فاهه لتخبره انها بافضل حال وان هذا مجرد غمغمغه بكلمه يرددها الجميع سواء أحسوا بألم او لا ..هي عادة عند البعض وحظها أن تكون من ضمن هؤلاء
لكنه لا يسمح لها بان توضح له ذلك ..فيفعل الافاعيل يرفع سماعة هاتفه ليهاتف الطبيب كي يأتي ويفحصها ثم يأمرها بعدم التحرك من السرير وبعدها يلومها بان ربما نسمات البروده المحيطه للجو هي من تسببت في ذلك وقبل ان تعترض وتُفهمه عكس ما يقوله
ينهض ليحضر لها معطفا شتويا ترتدية حتي وان كانت درجة حرارة الغرفه بدون المكيف تصل (لثلاثين درجه مئويه)
وعندما تعترض يلبسه لها عنوة..كأنها لا تزال كفله صغيرة ..
وعندما يأتي الطبيب ويفحصها يطمأنه أنها أفضل حال
تقريبا أتي الطبيب إليها اكثر من عشرون مرة خلال هذه الأيام ..
تكرة نفسها غالبا ..وان غابت في النوم تلعن وتسب نفسها في أحلامها التي باتت كملامح الليل الطامس
عندها تستيقظ بكل حزنها ودموعها المنساله علي خدها ..وبفضل نور خافت يصدر من ناحية القمر فوقهم لما تمكنت من رؤية ملامحه الهادئه وجسده المستكين علي الأريكه بعد ان ذهب في سبات عميق ..
تنهض عن السرير وتقترب منه بخطي واثقه إلي ان تجثو علي ركبتيها امامه تكالع قسمات وجهه المستكينه بهدوء حب وأكثر من هؤلاء حزن .ألم ..
رؤية قلقه عليها تحزنها بشدة..هي لا تريدة حزينا بائسا كما تراه في تلك الايام ..
حزنه يجعلها ناقمه علي مرضها بعد ان كانت راضيه ..
لا تتحمل رؤيته امامها يعذب نفسها بسببها تموت قبل ذلك ..
بل اصبحت تكره نداء الدمنهوري..وتمنت بألا تكون نداء الدمنهوري علي وجه الأرض حتي تريح غالب من عذابه بها …
باتت تشعر انها حملا ثقيلا عليه..هو لا يستحق زوجة مريضه مثلها ..زوجة لا تستطيع ان توفر له حياة طبيعيه كأي زوجه ..
هي لا تستحق شخصا مثله..أنه رائع بمعني الكلمه ..رجلا صادقا متفانيا في حبه ..ليت المعجزة تحدث وتختفي من حياته ..سيحزن قليلا من الوقت ولكن بعدها ستعود حياتها إلي مجري كبيعتها وحتما سينساها
لا تعلم ان الحياة جحيم بدونها ..هي باتت لعنة أبن الدمنهوري ..كما يقول غالب ..
غالب الذي تشقلب حاله رأسا علي عقب بعد معرفته بمرض نداء ..الرجل المتحكم في كل أمورة ..من يهابه كل كبار السوق ..بات رجلا مهزوزا خائفا …غير واثق
والسبب هو حديث الطبيب إليه ذالك اليوم في مكتبه عندما قال:لحظة واحدة بس ممكن تفقدك مدام نداء للأبد ..
شعورها حينها كان كلذوعة الصبار تحشرج صوته وبات يشعر بالاختناق ..خرج من عندة حائرا تائها يبكي كطفل تاه بعيدا عن والدته وسط الزحام
أصبح يهتم بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بها حتي أبسط الأمور ..طعامها كما اوصي به الطبيب راحتها النفسيه بات ظلها الثاني عندما تخرج لأي مكان خوفا من أن تأتيها النوبه وتفقد الوعي بعيدة عن مرأي عيونه ..
حتي انه يذهب إلي المطبخ بنفسه ويراقب الطاهي وهو يعد الطعام وفقا لما أملاه عليه من تعليمات ومقادير لا تهوان إذ لم يطبقها
تارة يحضر الطعام لها بنفسه في غرفة نومها وعلي السرير يجلس امامها يطعمها بنفسه ويتأكد من تناولها للدواء
وتارة أخري تطلب منه تناول الطعام بالأسفل فهي قد ملت من رقدتها المتواصله في السرير بلا شغله ولا عمله
واليوم قد راق لها تناول الطعام معه هو وعمها بالأسفل وطبعا لم يغفل عن مراقبة الطاهي وتأكدة بنفسه من انه يتبع التعليمات
خرج من الكبخ ليتوجه إلي مائدة الطعام ويجلس علي الكرسي المقابل لها بأبتسامه حنون هادئه
لتبادله الأبتسام بوهن ..
تغضنت ملامحه قلقا آثر رؤيته لملامحها الباهته فهمس:أنتي كويسه..
أومأت له بهدوء فأرتخت ملامحه قليلا
بعد سويعات من الوقتي أتت إليهم الخادمه لتقديم الطعام علي السفره وبعد ان أنتهت انصرفت ..
بادرتة نداء :عمي مش هياكل معانا..
غالب بهدوء:أكيد بيلبس وعلي نزول ..انتِ متشغليش نفسك لازم تاكلي الوقتي عشان تاخدي الدوا في ميعادة
أبتلعت غصة ألم في حلقها وصمتت وهي تشرع في تناول الطعام بشرود ..
صوت الملاعق والسكاكين هو من يقطع الصمت المهيب بينهم بين لحظة وآخري
إلي ان قاطعته قائله:انا هايزة اروح النادي النهارده..
أجابها بهدوء:اوكيه وقت ما تروحي قوليلي عشان اروح معاكي ..
توقفت وهله عن تناول الطعام تطالعه بغضب ونظرات متألمه ثائرة
ثم عاودت تتناول الطعام مجددا عندما قال لها:كملي أكل ..
تود ان تصرخ به ..تقول له توقف فهذا فاق قدرة تحملها ..
لكن شيئا ما جعلها تصمت ..
لكن هذا الصمت لم يدم عندما قالت وهي تهم بالوقوف:شبعت
عندما اعترض غالب :نداء انتِ مأكلتيش اعدي كلي ..
قالت بجمود:أكلت …
نهض وصب لها كأسا من عصير البرتقال الطبيعي ثم أقترب وناوله لها قائلا :طب أشربي العصير
أشاحت بصرها بعيدا مع تمتمتها بنزق:لأ مش عايزة
قال مترجيا:عشان خاطري أشربي العصير ..
صرخت بغضب:كفاية بقي خنقتني انا مش عيله صغيره عشان تقولي طول النهار كلي وأشربي ..هو أنت ماما؟
تطلع إليه بصدمة ثم غضب وأنزعاج وبعدها تركها وغادر
ندمت علي ماقالته له ثم جلست بأنهيار علي الكرسي واضعها راسها بين كفيها بوجوم وحزن…
أقترب منها حاتم الذي سمع الحديث بين غالب ونداء عندما كان يهبط درج السلم الرخامي
همت واقفه تطالعه بنظرات حزينه باكيه ثم تركته وصعدت درج السلم
تنهد بحزن وهو يخرج من الفيلا وكما توقع وجده يقف بعيدا عند الشجيرة ومن كتفيه المهدلين أحس بمدي حزنة
أقترب منه ربت علي كتفه وطالعه غالب من فوق كتفيه ثم زفر بحزن
وقف والده جوارة متطلعا أمامه بتلك الزهور الأرجوانيه وتلك الفراشه الحالمه التي تقرص اوراق الأرجوان فيبتسم أبتسامه باهته
مع قوله:أنت بتحبها ..
سؤال متدني الذكاء من رجل كحاتم الدمنهوري..رجل حكيم وخارق الدهاء ..
لم يجبه غالب بل أخذ نفسا عميقا بكل ما يجيش في قلبه من عشق وليس مجرد سطور من الحب ..
قال حاتم ببساطه:لو فعلا بتحبها متحسسهاش انها السبب في تعاستك
عندها طالعه غالب بحيرة وعدم فهم..
بادلة حاتم نظرات واثقه قائلا:أهتم بحياتك زي ما بتهتم بحياتها ووقتها نداء مش هتحس بالذنب نحيتك ولا هتحس بأنها السبب في تعاستك..
صمت قليلا ثم قال وهو يري نظرات غالب المتألمه:أكيد انت فهمت قصدي إيه…
وسكوته دليل علي إدراكه مغزي ومقصد كلمات والده ..
…….
طرق الغرفه مرة ليدخل بعدها ويغلق باب الغرفه خلفه بهدوء
يجدها تجلس علي السرير في اقصي الغرفه تضم ركبتيها إليها أكثر مع ذراعيها المحاوطان بهم ..ودموعها تنهمر علي وجنتيها ..
أنقبض قلبه ألما وهو يري دموعها
اسرع خطواته تجاهها جلس جوارها علي طرف السرير وأمتدت أنامله برفق لتمسح دموعها
ثم أبتعد قليلا وشرد بنقطة ما أمامه مع تمايله بجذعه قليلا ما للأمام
وهي ظلت تبحلق به بصمت وحزن ..مع نيه بالاعتذار لكن لما لا تستطيع قولها
لذلك آثرت ان تصمت لتري ما سيفعله وتسمع ما جاء لقوله
عندما تنحنح بالحديث قائلا بخفوت:انا هروح الشركة النهاردة ..
أتسعت حدقتي عينها بذهول وهي تفغر فاهه بعدم تصديق
فماذا حدث ليغير قرارة فجأه ..إلا انها فرحت بقرارة ذلك ..أخيرا سيهتم غالب بغالب نفسه …
لكن ما لبث ان قال:بس بعد ما نروح جلسة الكيماوي بتاعتك..لان النهارده ميعادها..
كيف تذكر فهي نفسه قد نسيت الميعاد ..
لكنها اومأت له بنعم وأبتسامه غامرة تشق جانب وجهها ..

يتبع…

الفصل الثالث والخمسون

الأمر أصبح لا يُحتمل فأصوات الصراخ والضجيج بداخل الشقه القابعه في الطابق السادس علي حاله مثل كل يوم من أيام الأسبوع السبعه الفائته
وهذا حي راقي يقطنه علية القوم وبالتالي لن يتحملو هذا الأسفاف المزعج لنومهم او حياتهم اليوميه ..اصوات تكسير زجاج وابواب تتحطم كأنهم يضربونها بمطرقه ضخمه وفوق هذا صراخ فتاه حبيسه مستغيثه تصرخ كل يوم كالوحوش الضارية
أليس كل هذا دليل علي انها تُغتصب ..وان شخصا عديم الضمير يقوم بتعذيبها مع سبق الاصرار والترصد ..وطبعا يُسكتها بالضرب والأهانه وتكسير كل ما تطاله يده عليها وعلي أم رأسها
والفتاه المسكينه تصرخ حتي تنهار من ضعفها وقلة حيلتها أمام وحشا بات حيا في كل زمان ..كثيرا ما يسمعون ويرون تلك الحوادث أمام أعينهم وجها لوجه..
حتي بات القلب يبكي والعين تدمع.. ويالها من مأساه حره طليقه تطرق العقول بكبش من مضارب فولاذيه أسمها ضمير القلوب ..
الناس دائما تأخذ الظاهر علقه في افواههم ولا يتطلعون للباطن إلي ما يخفيه او بالأحري لا يريدون ذلك
أحدهم الذي تألم رعبا وخوفا علي تلك الفتاه هاتف الشرطه وأخبرهم بما يجدث في شقة الطابق السادس والشرطه الآن في طريقها للعنوان …
لا يري ولا يسمع حقيقه ما يدور خلف الأبواب الموصده
في غرفة النوم حيث تصرخ( هنا أبو حجر )بهياج كأنها ثورا أغاظه بشريا أحمق فأنفك من لجام السلاسل حوله وأنطلق في ساحة المعركه يطيح كل من يعترض طريقه
برغم جسدها الضئيل الذي لا يجرؤ حتي علي إيذاء نمله صغيره
ولكن هذا الجسد كان بالقوة الكافيه لقلب الغرفه رأسا علي عقب وتحطيم كل مابها حتي صارت الغرفه ركام مرصوص وخراب منثور
فقرار كرم بأن تبتعد فجأه عن إدمان ما تتعاطاه هنا كان مستحيلا بالنسبه إليها
جسدها الغض يحتاج إلي هذا الخدر بأقصي ما لديها ..تريد ان ترتاح ان تستسلم وهي يسري بين اوصالها يعطيها حياه آخري
لا ان تقاوم وتحارب ..فهي قد حاربت قبلا وخسرت الحرب من اول جوله ..
أسبوع وهي تصرخ رافضه لقيدها بين تلك الأغلال والسلاسل التي تلصقها بمسند السرير الخشبي
وعندما يرق خالا لها يفك أذرعها من بيراثن تلك السلاسل ويتركها تفعل ما تشاء حر طليقه ولكن داخل حدود الشقه فقط
وعندما يقترب منها ليهدئها تصرخ بوجهه وتظل تخبط بكلتا قبضتيها الصغيرتين علي صدرها بجنون ..هستريه قاتله
صراخها ..أنينها المفجع ..كل هذا يضرب قلبه في مقتل
يصرخ لصراخها بألم
-كفاااااايه ..كفااااايه
لكن صراخه يزيدها تمرد وثوره …
حتي انها شقت قميصه الذي يرتديه نصفين ليظهر صدره العريض المتضخم آثر وجعها تعرقا ..خدوشها التي اصابت وجهه ..طالت صدره وبرقت منها الدماء المتألمه..لكن ليس كألم قلبه
حتي وهو يمنعها ويحاوط معصميها بقبضتي يده يمنعها عن فعل المزيد
أصابت باطنه بخدوش عميقه وجروح أليمه بفعل أظافر اصابعها المستطيله ..كأنيابها الضاريه التي تركت علامات توخشها الزرقاء عند منتصف ذراعه
ففي احدي المرات مثل تلك المره عضته في منتصف ذراعه ك لبؤه شرسه تدافع عن أطفالها
يالله أنه لألم يصرخ يريد ان يقول كفي ..فقلبي العاشق لن يتحمل أكثر من هذا..كفي يا عذاب قلبي وجراح عمري وعشق عيناي …
يا من تعطيني الحياه وتذيقيني الموت ..يا فرحتي ودموعي …
ثم يهدأ جسدها رويدا رويدا وتبدأ أنفاسها تتابطئ كأنفاس رضيع زارة النوم ودموع عينيها المتساقطه والعالقه بأهدابها تمر كضيفا ثقيل علي وجنتيها
وقبضتيها المشددتان علي كتفيه من قميصه الممزق بسببها تتراخيان
وترمش عينيها عدة مرات قبل أن تتساقط بين أحضانه وتغيب عن الدنيا ..
فيحملها بين ذراعيه ويطيل النظرات المتألمه لقسمات وجهها المرهق وكم يؤلمه هذا ..يعذب قلبه ويزلزل كيانه يود لو يموت او ان يقبض ملك الموت روحه قبل الآوان ولا يراها بتلك الحاله
مع خطواته الرتيبه ناحية السرير يضعها عليه برفق وترتفع كفه الداميه بآثار الجروح التي سببتها له هنا بفعل هجومها الشنيع عليه
يملس علي خصلات شعرها التي قصتها مؤخرا لتصبح بطول واحد سينتمتر ثم يجافي قصاصة شعرها المتراقصه علي جبهتها لتلوح حبيبات العرقه المتصببه أعلي جبهتها وحول حنايا وجهها
مسح بأنامله تلك الحبيبات ودموعه الرجوليه العاشقه تتساقط لتلامس بشرة وجهها فتهتز أهدابها لوهله آثر حرارة دموعه اللاهبه ثم تعود للسكون مرة آخري…
تنهيده حارقه أطلق لها العنان وهو يطالعها ..أسبوع مر ولم يجًد أي تغير …بل ان حالتها تزداد سوءا عن اليوم الذي قبله ..رغم أنه فعل أقصي ما يمكنه لمعالجتها
فقد ترك كل الدنيا لأجلها وفقط أصبح يقرأ كل المعلومات الاي تخص معالجة حالات الدمان ..ما الطرق المستخدمه ..والأحتياطات اللازمة لأمان المدمن وللحفاظ علي حياة المدمن وضمان سلامته …
وها هو يمشي علي نفس العلاج الذي قرأ عنه ..
داعيا الله ان يؤتي ثماره فهذا آخر أمل لديه..والسبب هو سالم الجندي الذي بات يبحث عنه الان في كل مكان خاصه بعد معرفته بهروب كرم من الضخمان وبطريقه ما علم انه أتي إلي هنا بمساعدة أحدهم ..
هو حتي لا يخرج من الشقه إلا في منتصف الليل وذلك لكي يتسوق بعض ما يستلزمة المنزل من طعام وغيره من ضروريات الحياه …
قال ودمع عيناه تتراقص بسيمفونيه متألمه:لحد أمتي هتفضلي كده ..أمتي بقي ترجعي هنا اللي أعرفها ..هنا بكل برائتها وطيبتها ..هنا اللي عمري ما حبيت ولا هحب حد غيرها …أرجعي بقي يا هنا ..ارجوكي انا تعبت ..والله مبقتش قادر أشوفك في الحاله دي..
رنين مزعج للجرس وطرق متوالي علي باب شقته ينذره بحلول كارثه
جعلته يسارع في خطواته الكبيره وصولا لباب الشقه يفتحه بحاجبين حائرين
ليري أمامه قوات الشرطه وبجوارهم
رجلا في العقد الخامس من عمره يرتدي نظاره طبيه ذات إطارات مستديره أعلي أنفه
يشاور بضخامة اصابعه علي كرم الواقف مع قوله الحاذر:هو ده يا حضرة الظابط المغتصب للبنت المسكينه اللي كل يوم بنسمع صوت صريخها
وكرم ضيق عينيه مع نظرة صقر جامحه لقاطني العقار الذين يناظرونه مع همهمات جانبيه والغالب أنه محور هذا الحديث ..
وفجأه اقتحم رجال الشرطة ودخلو الشقه دون سابق إنذار
مع دفع كرم للوراء بالقوة
تحدث ظابط الشرطه برعونه:الشقه دي ملكك ..
أومأ كرم للأسفل مع نظرة ثابته تزاداد قوه لا خوف .
وعندما تقدم الظابط أكثر ليزيد توغل لداخل الشقه وقف كرم أمامه معترضا وحركة يدة المرتفع أصابعها توقفه مكانه
قائلا مع خشونة حاجبيه :مش من حقك تدخل ..
كان وجها لوجه مع ظابط الشرطه يتبادلون فيما بينهم نظرات ثابته خشنه متحديه
تجاهل الظابط كلماته ثم رمقه بنظره مطوله قبل ان يعطي أوامره لرجاله حيث عينيه لا تزال معلقه بعيون كرم المتمرده
-فتشوا الشقه اوضه أوضه
وكأن بذلك يتحدي كرم ‘ويقول له أوقفنا لو أستطعت ؟
راقبهم كرم وهم يدخلون المطبخ ثم الغرفه علي الجانب اليسار ثم الغرفه المقابله لغرفة اليسار ..
وعندما هموا للتحرك تجاه الغرفه المستلقيه بداخلها هنا
أسرع راكضا ليقف أمام الغرفه فاردا كلا ذراعيه جواره مانعا أيا منهم من التقدم أكثر قائلا ونظرات موحشه كالشرار تنطلق من غيابات بريق عيونه
-محدش هيدخل الاوضه دي ..علي جثتي لو سمحتلكم تدخلوها
-أنت كده بتورط نفسك بجريمه ..معني انك تمنعنا من دخول الاوضه يبقي انت فعلا خاطف البنت ومخبيها..
قالها ظابط الشرطه والغضب يعتمل قسمات وجهه
لم يبالي بما قاله الظابط بل ظل ساكنا في مكانه مشددا علي أن يمنعهم من الاقتراب قائلا:انا ميهمنيش كل اللي انت بتقوله دا بيتي ومن حقي أقول مين يدخله ومين لأ
الظابط وهو يكتف ساعديه أمام صدره :الكلام ده تقوله لو الجيران مش مقدمين بلاغ ضدك بأنك خاطف بنت وكل يوم بتعذبها …
-كدابيين
نطق بها كرم منفعلا وأنفاسه تتصاعد غضبا
أتجهت أنظار الظابط إلي رجاله بأشارة أن يقتحموا الغرفه غصبا عن أنف كرم
وفعلا بدءوا بالتحرك ليبعدوه عن الغرفه
أمسكوه من كتفيه رغم تمرده الظاهر وجسده القوي الذي ظل يتخبط بهم ليبتعدوا عنه
لكن الكثره تغلب الجماعه .
أبعدوه عن محيط الغرفه لتتغضن زاوية فم الظابط بأبتسامه نصر واقتصاص وهو يقترب من الغرفه وعندم هم بأن يفتح الباب
أوقفه صراخ كرم :أنا أخويا الظابط آسر سالم الجندي
لم يكن يريد ان يصرخ بهذا الاعتراف لكن وجد نفسه يتفوه به دونا عنه ..
كأنه آله حركتها حتمية الموقف
…………………..
-أدخل
ليدلف بعدها عم ميمون من الباب وخطواته المنمقه تقترب من الجالسين
وليد المنكب بجسده أماما مع قبضتي يديه المكتفين ساندا إياهم أسفل ذقنه
والمدير الجالس علي مكتبه متوتر شاحب الوجه
تقدم عم ميمون من وليد ليصب له القهوه في قدح الفناجان الذي وضعه أمامه فيبتسم له وليد وهو يتناول قدح القهوه وبرتشف منه بتلذذ
فقهوة عم ميمون لا يعلي عليها بعكس قهوته..
ثم أستدار عم ميمون ليصب القهوه في قدح النجان القابع علي سطح المدير الخشبي
ومع أبتسامه هادئه يغادر المكتب مغلقا الباب خلفه بهدوء
تجاهل المظير القهوه وطالع وليد الذي يبدو انه تاه في عالم ثاني غير هذا مع بوادر القهوه عالمية الصنع ..
قال متجهما بنبرة صوته الرجوليه الخشنه :أستاذ وليد يااريت اللي حضرتك أكتشفته من تزوير يفضل سر بينا ..أظن مفيش داعي للشوشره..انا هتصرف في الموضوع وهشوف مين اللي ورا التزوير ده..
وطالع وليد ليجده لا يزال في عالم قهوته الخاصه ..صك أسناه غيظا وهو يهتف بفحيح غادر من بين أسنانه
-أستاذ وليد حضرتك معايا
-همممم..القهوة طعمها فوق الوصف ..
رفع حاجبيه قائلا بتعجب:نعم !!!
أسفرت ملامح وليد عن أبتسامه بارده ..هتف وهو يضع قدح القهوه بتلاعب علي سطح المنضده أمامه
-لأ أنا مركز اووي معاك
ضيق عينيه ناظر إليه بطريقه جعلت المدير يبتلع ريقه بصعوبه وعيناه أرتبكت مع تحول لون وجهه للون الأصفر الباهت ثم عدل ياقة قميصه الأسود ضاما جانبي سترته السوادء إليه
ونهض واقفا مع قوله بهدوء ماكر :تمام انا هستني وأشوف انت هتعمل إيه ..
وبدون أن يودعه او يقول له حتي سلاما غادر المكتب وهيبته المخيفه تسبقه
تاركا المدير يغمض عيونه بأرتياح وتنهيده عميقه شقت ملامحه
………..
عند شاطئ البحر
لمحها من بعيد وهي تداعب الماء بقدميها وأبتسامتها المرح تنعكس في حركات جسدها الطفوليه وهي تجري جانب الماء وتقفز هنا وهناك مع أمواجه الهادئه
ثم تميل لتغرف منه بكف يدها اليمني تقربه من شفتيها المطليتين بحمرة شفاه بسيطه جدا ..لدرجة انها لا تُري إلا اذا اقترب احدهم منها ودقق النظرات إليها
ثم فجأه تبعثره في الهواء وتفعل ما فعلته مرات إلي ان أستكان جسدها ووقفت تتنهد بحراره وهي تراقب الشمس الذهبيه العموديه علي مياه البحر فترسم منظرا خلابا لا مثيل له ..
ليوناردو دافنشي ذاته لا يرقي إلي رسم لوحه فنيه بهذا الجمال والأبداع ..
فسبحان من سواها وأبدعها ..!!
ساكنه هي بهدوء نسمات البحر التي تطير ذيل تنورتها لم يشعر بنفسه وهو يقترب منها وقف خلفها يطالع ظهرها الذي تديره بعيدا عنه
أطرق وجهه بأبتسامه وصلت لأذنيه قبل ان يرفعه مره أخري قائلا بصوتا عالي وگأنه يكلم البحر
:يا بخت البحر فيه حوريه وقفه جنبه وكانت بتشوشه من شويه ..لو أعرف كده كنت دعيت اني اكون الميه والهوا
أستدارت بذهول وأتسعت عينيه صدمه وهي تطالعه..ملامحه التي تغيظها يوما بعد يوم ..هو بنفس البرود وقسمات وجهه السمجه..
همست غاضبه مع تقطيبة حاجبيها
-أنت ..انت أيه يا أخي لزقه بغري …مش اخلص منك وأقعد مع نفسي شويه ..
-أنا جيت أشم هوا أظن الهوا ملك للجميع ولا انتِ عندم رأي تاني..
أجابته بلؤم كلؤم نظراته :أيوه طالما الهوا في القريه السياحيه يبقي ملكي أنا. .
-خلاص شوفي أنا هتنفس بكام وانا مستعد أدفع اللي يطلع من ذمتك…
زفرت غبضا وضيقا وهي تبتعد عن مكان وجوده
مشت علي جانب الشاطئ تحاوط كتفيها ورعشه بسيطه تسري في جسدها
وما يفقع مرارتها انه لم يتركها ويسير الأن جواره مثقلا علي أذنيها بأحاديث تافهه كاليوم الذي عرفته فيه
-تعرفي انك عملتي فيا خدمه لما سمحتيلي أشتغل هنا
طالعته بنظره جانبيه تدعي انها تتجاهل ما يقوله والحقيقه ان كل حواسها تسمعه جيدا لدرجة ان كل كلمه تنطبع في قلبها قبل ان تدور علي أذنيها ..
أبتسم مكملا وتنهيده حاره تثلج صدره بحزنا عميق :اول مره أحس اني فعلا إنسان عايش عشان هدف إنسان فعلا ليه كيان ووجود
أرتفع حاجبي سلمي وهي تقول بخفوت:وليد ان
قاطعها وهو يشعر بالندم علي كل ما فعله من اخطاء ليس تجاهها فقط بل تجاه نفسه ايضا:نفسي اغمض عيني وأنسي معاها كل اللي فات من عمري ولما أفتحها أحس ان وليد اتولد من جديد ..وليد بدون اخطاء تدين صدق توبته الوقتي …
أبت ان تسقط دمعه من عينها أمامه ..حاربت وهي تستدير للناحيه الاخري تواري حزن وجهها عنه
حتي لا يشعر بضعفها للمره الثالثه علي التوالي أمامها
ضعفها التي باتت تكرهه ..كما تكره وجوده الأن
ليس لانها تتذكر خداعه لها بل لأنها لا تريد ان تضعف ويرتعش جسدها حنينا وهي تسمع أعترافه الصادق ..
أرتعش حسدها آثر البروده الساريه حولها من نسمات الهواء المداعبه لوجنتيها وتبعث في نفسها قشعريره
فحاوطت كتفيها بكلتا ذراعيها لكنها تماسكت أحست به يقترب منها وفجأه يغطي كتفيها بسترته الذي نزعه عنه ليدفئها بها وقت ان شعر بأرتعاش جسدها أمامه
تشنجت جسدها للحظه آثر ما قام بل ان دقات قلبها تسارعت كأن أحدهم ضربها بمطرقه عنيفه فولاذيه وتخاذلت اصابعها فوق سترته من الابهام للبنصر
ثم قبضت عليها بأصابع من حديد جعلت الستر تنكمش اسفل لمساتها القاسبه ..كقلبها الآن
أستدارت إليه وقد تلون وجهها بحمرة الغضب
هادره به وقد أرتفع صوتها :لو حلفتلي علي الميه تجد انك اتغيرت هكدبك حتي لو موت أدامي عمري ما هصدق ان واحد زيك اتغير بين يوم وليله وأتحول من الذئب صائد البنات لشخص عادي كأن وليد المنياوي ما عمره عدي عليه
طالعه بألم وملامحه الباهته تسمعها بتأن .
ثم نزعت عن كتفيها سترته واطاحتها وهي تقصد إهانته علي الأرض ثم داستها بحذائها ذو الاطارات العاليه حتي تبطنت برمال البحر .
قالت مشدده علي كل كلمه:تمثليتك قذره زي تفكيرك..
ثم صرخت بهياج كأن جنيّ قد لسعها :أنت ليه مصمم تدمرني..كل ما بحاول أقف علي رحلي تاني وأنساك ..أنسي ان في يوم قلبي خاني وحب واحد بحقارتك ترجع أنت وتهد كل الللي عملته وارجع تاني لنقطه الصفر وتحطم قلبي لما تقولي انك كدبت زي ما كدبت كتير عليا.
زفرت غضبا وهي تغمض عينيها وتقبض يدها عنفا وقهرا حتي أبيضت عروقها
-أخرج بره حياتي. أطلع منها للأبد أنا عمري ما هثق فيك تاني..خلاص كل حاجه بينا ماتت وأنت اللي قتلتها بأيدك يا وليد..
-كداااابه أنتي لسه بتحبيني
صرخ بها واثقا او ساخر من تمثليتها التي لم تمرق عليه فيصدقها عقله
وقال وهو يتعمد الأقتراب منها:لمعة عنيك وأنتي بتكلمني تشهد انك بتكدبي ..قلبك اللي نبضاته صمت وداني شاهد عيان علي خداعك لنفسك ..حتي شفايفك..شفايفك وانتي بتنطقي أسمي بتثبتلي بالدليل القاطع أنك أسيرة حبي ..حبك ليا لعنه انت مش عارفه تتخلصي منها …أنتي بتحبيني يا سلمي ..حبك ظاهر في عيونك قبل ما قلبك ينطق بيه ولسانك يختم علي صدق ملكيتي ليكي قلبك وعقلك حتي جسمك ملكي ..ملك وليد المنياوي وبس ..
قصف في المكان فجأه صدي صوت الصفعه التي كانت من نصيب خده الأيسر
والغضب علي وجهها يبين مدي ثورتها وغيظها ..وعظم كبتها البركاني الذي اخرجته علي هيئة صفعه تركت آثار أصابعها علي وجهه ..
أصابع حمراء مشتعله بجمر جهنم وقلبها الرافض لتسلطها
والنظرات بينهم ثابته متحديه ثم ضعيف نادمه رغم الجمود البادي علي ملامح وجهيهما
………………………
كان بأنتظارها أمام غرفه العلاج الكيماوي قلقا واجما إلي ان فتحت الممرضه ذات المعكف الابيض باب الغرفه ليركض سريعا بأتجاهها ..
وجدها تخرج من باب الغرفه وهي تتكأ علي ذراع الممرضه الآخري أقترب منها وأحتواه محيطا ذراعه بخصرها لتبتعد عنهم الممرضه شاعره بالحرج
أسندها ليجلسها علي بحذر علي مقعد حزين مثل قلبه ثم جثي علي ركبتيه أمامها وامسك بكفها يفركها بدفئ بين كفيه
هامسا مع أبتسامه باهته وهو يري ملامحها المتألمه آثر الجلسه الكيماويه
-حاسه بأي تعب ..
ألم عينيه يكفي لأن يغرق الكون بأكمله ونبرة صوته حزينه باكيه كبكاء جذع النخله حنينا وشوقا لرسول الله
أجابته وغشاء دموعها يكاد يشوش الرؤيه أمامها:الحمد لله
فجلسه علاج واحده تهيج جسدها آلاما مبرحه لم تذق مثلها قبلا ..خنجر طعنها أحدهم به بالبطئ يعمقه أكثر داخل روحها فيتأرجح بها طويلا دون ان تأتي احدهم الشفقه لينتزعه من قلبها فيريحها من هذا العذاب ….
ليست هناك معاناه أكثر من شخصا مريض بالسرطان ويداوم علي جلسة علاجيه كل أسبوع والاحري ان نشبهها بجلسه قاتله وليست علاجيه..
لكن من أنقباضة ملامحها وشفتيها المتحركتين بألم شعر بها وبأن كل آلام الدنيا يسكن بها
فهو قد قرأ عن ذلك المرض حتي تشبع به حد الارتواء
ماذا يفعل لكي يقف ذلك الالم عن طرق بابها ..ماذا يقدم للعالم كي يخلصوا البشريه بأكملها من ذلك المرض اللعين الذي حرمه من والدته ..
عض أصبعه بين صفي اسنانه ألما وخوفا ..
هم بالوقوف أمامها ثم مال عليها واضعا أحدي ذراعيه أسفل ركبتيها والآخري عند كتفيها
ثم حملها بين ذراعيه بمنتهي الرقه والهدوء
ومشي بها في الرواق غير آبها للنظرات المحدقه بهم ..ورغم همسها الذي بالكاد يصل لمسامعه حيث تقول:غالب أرجوك ..أرجوك سيبني ..انا هعرف أمشي ..
أبتسم حبا وعشقا ثم قال بخفوت :انا واحد عايز أريح مراتي مش عايز أخليها تمشي وتتعب نفسها ..بدلعك بقي ولا حرام أدلعك ..
……………………………..

يتبع…

الفصل الرابع والخمسون

هل تعترف أمام ذاتها أنها أحست بالندم؟ ..نعم هي كذلك حتي وان لم تعترف فيكفي قلبها الذي ينبض خجلا مما فعلته معه ..لقد أعطاها نظره متجهمه خاويه من أي مشاعر حتي الغضب لم يلوح بعينيه فقط تركها وذهب اختفي داخل الفندق وهي ما زلت تراقب طيفه المعلق بذهنها ..
كيف ..
كيف رفعت يدها لتصفعها؟؟
أغمضت جفنيها مع وخزة ألم دقت باب قلبها ..خاصة وهي تبحث عنه الآن لكنها لا تجده في أي مكان
فما حدث لم يكن بالهين عليه ليتحمله ويمرره مرور الكرام كوقاحتها معه من قبل
صفعته بقوه أمام جميع الحاضرين بقرب شاطئ البحر هو لن يقبل تلك الأهانه علي نفسه
حتي وإن كانت وان كانت من المرأه التي يحب
ذهب إلي المصلي الصغير
لقابع عند آخر الروايه بعيد عن مرأي الناس وضجة الأضواء والموسيقي
بعد ان توضأ كما يجب ان يكون الوضوء وقف بين يدي ربه خاشعا تقيا .
فبداخله ألما كبير واللجوء لرب العالمين في مثل هذه الاوقات العصيبه هو خير دواء للقلب وراحته
فمن غير خالقك يستطيع أن يخفف عنك ثقل ما يجثم علي قلبك ويقلق راحته !!؛.
بعد أن أنتهي جلس عند الزاويه ساند ظهره إلي الحائط وبين يديه يحمل كتاب الله يقرأ بخشوع ودموع باكيه تنهال علي وجنتيه
ليست هذه أول مره بل هو عاكف علي عبادة خالقه منذ أن أعلن صدق توبته ..
بالتأكيد أستشهاد نضال أمام ناظريه كانت صدمة عظيمه بالنسبة إليه
وقتها أغلق كل أبواب الحياه قابعا بين جدران غرفته حبيسا ..رغم أنه ليس حبيس
كل ليله ينام فيها يراوده منامه برؤية نضال أمام عينيه يبتسم ويمد له يديه
وعندما يصرخ بأسمه ويعطيه يده فجأه يتدثر نضال من أمامه ويختفي كأنه لم يكن موجود ..
أبتسامته الصامته تقول الكثير
لكن ماذا تقول
ماذا يريد نضال منه حتي يظهر في أحلامه كفارس وردي كل ليله…؟؟….
لم يكن يفهم سبب مراودة نضال له في أحلامه حتي جاءت إليه عمته وترجته بأن يخرج إليها
يكفي بيتهم حزنا ..
فالجلوس في الغرفه حزنا وبكاءا لن يجدي شيئا
فما ذهب قد ذهب ولن يعود..
حينها أدرك أن الحياه لا تتوقف عند أحد وفهم رسالة نضال
والغريب أنه عندما هم بالتحرك ليصلح ما فات من حياته أختفي نضال من أحلامه
فالرساله التي أرادها وصلت وأنتهي الأمر
لا لا الأمر لم ينتهي أنه يبدء
فوليد ذهب إلي حيث سلمي يطلب منها العفو والغفران وسيفعل المستحيل لأجل أرضائها
عندها أخبره حارس الفيلا الخاص بآل مروان الدمنهوري بأن سلمي سافرت إلي شرم الشيخ
لم يفكر وهو يحزم أغراضه ويسافر إليها ..
لكن هو يدرك طباعها جيدا بل ويعرف مدي يباسة عقلها
أنه كالحجر مغرور وجامد لا يقبل بالضعف والأستسلام ..هي لن تعود إليه بعد أن خذلها للمره الثانيه علي التوالي
لذلك هو لم يطلب غفرانها بل عاندها وتعامل معها بطريقة صلده
يعلم علم اليقين انها لن تتراجع عن خشونة تفكيرها إلا بتلك الطريقه ..فلو ظل يلاحقها كظلها طامعا في مسامحتها له لكانت عزمت أكثر علي قرارها
وكل قرار تتخذه كان يعاندها فيه ويحمد الله كثيرا علي الاتفاق بينهم الذي تم في محله
فلولاه لكانت أستغنت عن وقاحته وطردته شر طرده خارج ابواب الفندق
كما تُطرد الكلاب الشريده ..لكن ولأنه يعرفها جيدا بل بات يحفظ عن ظهر قلب كل مداخلها
فهو متيقن بأنها لن تخلف وعدها معه عندما أتفقت معه ان يظل مساعدها الايمن إلي ان يعتزل هو تلك المهمه وعندها تربح هي التحدي
في الأيام السابقه تحمل كل وقاحتها خصوصا وهي يقابل تلك الوقاحه بأسلوب سامج بارد كان يستفزها اكثر ويلعب علي أوتار هدوءها..ولو فقدت ذرة التعقل المتبقيه بعقلها لكانت أبرمت أتفاقا علي قتله وحينها تريح نفسها من ثقل ظله وتفاهة نكاته التي يمليها علي أذنيه طوال الوقت
فهو يتكلم أكثر مما يعمل ..
لكنه أبدا لن يحتمل صفعه له أمام الناس فتلك إهانة كبيرة له..لم يعد وليد المنحل الذي سيبرة مع عقله أتفاقا بالأنتقام منها كما فعل سابقا عندما صفعته للمره الأولي أمام جميع اصدقائه في النادي
هو الآن غير وليد ذاك .. هو وليد عاشق لها بكل تعنيه الكلمه .. سيغلق غلاف المصحف الأن ويذهب إلي غرفته يوضب أمتعته ثم يرحل تاركا المكان برمته لها ..
كما يفعل الآن بعد أن انتهي أنزل الحقيبه الضخمه علي بلاط الأرضيه وجرها خلفه وهو يخرج من باب الغرفه القاطن بها طوال الفتره السابقه مثله مثل أي نزيل آخر
مشي في الرواق ليقف فجأه وحدقتي عينه تتسع ذهولا وهو يراها تقف أمامه
طالعها بنظرات أحرقت قلبها بحيث طأطأ رأسها للأسفل خجلا ثم أبتلعت ريقها وهي تطالعه بنظرات زائغه متوتره مع قولها بخفوت :أنا آسفه
لكنه تجاهلها وتخطي محيطها لتتسمر لثوان مكانها وهي تستوعب ما قام به
لم تمر لحظه إلا وكانت تلحق بخطواته الضخمه هامسه :وليد أستني انا بعتذرلك عن اللي عملته عارفه اني غلطت معاك..بس أنت كمان غلطت
بدون جدوي فكانها تحدث أبو الهول
حتي وهو يخرج من ابواب الفندق وهي مازلت تابعه أملا في أن يتوقف ويسمعها..
لكن إلي متي !! فهي ضاقت ذرعا من جموده هذا
فأشتدت قلبها غضبا وزوت حاجبيها وهي توقفه ممسكه بالبمقبض البلاستيكي لحقيبته
صارخه به:وليد أستني بقي
توقف وافلت بالحقيبه علي الأرض بعد أن أطمأنت إلي توقفه وأفلتت قبضتها
شمر عن ساعديه برعونه ثم كتف ذراعيه بتذمر خفيف
وقال وهو يحيد بنظره عنها:تمام اديني وقفت أتكلمي قولي اللي عندك …أنا سامعك
أخذت نفسا عميقا تهدئ من خلال نبض قلبها هامسه:أنا بعترف أني غلطت معاك أنا آسفه بس أنت اللي أضطرتني اعمل معاك كده..وقاحتك معايا وصلتنا لكده
ثم صمتت تراقب ملامحه الغاضبه ومن طلتها تلك أدركت انها أخطأت بالحديث مجددا فزادت من الطين أبتلالا
فاغمضت عيونها بعذاب ثم فتحتهم تطالعه بثبات يملؤه الترجي
قائله بتأفأف:اوبس ..مش عارفه أتحكم في لساني ..حاسه اني لو اكلمت تاني هعميها بدل ما أكحلها فسامحني بقي ..
يبتسم أم يتماسك حتي لا تعتبر ذلك إشارة منه للصلح
لكن في النهايه شقت زواية فمه أبتسامه أطاحت بقلبها لسابع أرض وجعلته يتراقص علي سيمفونية معزوفتها ..
تطلعها للظل الواقف خلفه جعلها تفغر فاهها بصدمه وتتسع حدقتي عينها خوفا مع صراخها المزلزل: وليددد
أتبعه أطلاق ناري لتقصف قطعه معدنيه اسطوانية الشكل في مقدمة كتف سلمي الأيمن عندما أزاحت وليد عن ملتقي عين ذلك المتخفي حامل مسدس ريفولفر وقد أستوعب رصاصتان الاولي أستقرت داخل كتف سلمي والاخري أُطلقت عبثا في الهواء عندما قبض أمن الفندق علي ذلك الملثم …
تسمر وهله وجمدت ملامحه وهو يراها تسقط بين أحضانه أمام ناظريه
فكل شئ حدث بسرعه
همست قبل ان تغيب عن الوعي بأنفاس محترقه لفحت جانب وجهه :وليد أنا حامل …
…………………….
طالع وجهها المرهق بأنقباضة ألم ..تبسم ظاهريا وهو يحتضن أناملها الرقيقه البيضاء بين أصابع يده السوداء
قائلا مع بحه متألمه:هطلبلك عصير عنب ..
أبتسمت ساخره مع تقوس حاجبيها ..وأرجعت رأسها للخلف مع تراخي جسدها للوراء بتنهيدة عميقه تحمل كل البؤس
داعب اصابعها بين يديها بعد ان طلب من النادل أحضار كأس من عصير العنب المغذي فهو قد طلبه مخصوصا لها بناءا علي تعليمات الطبيب ..عصير العنب هو من العصائر المفيده للجسم خصوصا لمرضي ضعاف القلب ..
ظلت تحدق به طويلا وشفتيها تتماوجان ما بين أبتسامه ووجوم تعلم علم اليقين انه مداعبته لاصابعه ما هي إلا رد فعل للقلق الذي ينعش قلبه كذئبا متوحشا …
قال بأبتسامه متفائله لعبت عند جانبي فمه:هلعبك لعبه ..
-لعبه ..
قالتها بأستهجان وحاجبها معقود
-آه ..
وقبل ان يبدء في شرح قواعد اللعبه لها أتاه أتصالا هاتفيا اضطره للأنسحاب في زوايه ما ليتحدث دون ان يزعجها
راقبت جسده المبتعد بوجوم لتزفر بأنكسر خاطر ونظرات عينيها الزيتونيه تتركز ناحيه طاوله تبعد عنها ثلاث أنشات
جالسا حولها عائله مكونه من أربع أفراد الزوج جواره زوجته تحمل بين ذراعيها طفلها الرضيع وعلي الكرسي الصغير المجاور لها تقبع طفلتها ذات خصلات الشعر البندقيه والتي يتراوح عمرها ما بين الثالثه والربعه
طفلا بملامح هادئه وعينان خضروان تتراقص فرحا وهي تحمل بين أنامله الصغيره جدا قطعة من الشيكولاته المنغمسه بالبندق تلتهمها بشراسه لدرجة أنها تركت علامات لطخت حول فاهها بالاضافه لأصابعها المحشوة بالشيكولاته التي تتناوله وكأنها طفله صغيره خُلقت من الشيكولاته
شقت أبتسامه رقيقه ملامحها وهي تغيب عن الدنيا لتعيش لحظات سعاده نادره مع تلك العائله الصغير
عالمهم الصغير حيث يصنعون السعاده بأيديهم ولوهله تخيلت نفسها مكان تلك السيده وغالب هو من يجلس بجوارها حاملين أطفالهم والسعادة تعلو وجوههم
تلك اللحظه القصيره كانت كافيه لتشعر بأن سعادة الكون بأكمله بين أيديها
ولم تعي بدموعها التي تتساقط علي وجنتيها دون وعي منها
وقد رأي تلك الدموع وهو يعود ليجلس أمامها كانت شارده عند تلك تلطاوله حد انها لم تنتبه لوجوده أمامها
يدرك ما يدور بخلدها نظراتها وحزنها يجعل منه أتعس بشري علي وجه الكره الارضيه
ربت علي كفها الموضع علي سطح الطاوله الخشبيه
هامسا بألم:نداء
همسه حنون دافئ كحنان نظراته لها استدارت تطالعه بوجع أكثر منه عجز
هي ليست تلك الزوجه التي تستيطع ان تبني له أسره ..وذلك الشعور يقتلها ويغلغل نفسها حزنا ..
أبتسمت له بزيف لتخفف من وطأة الحزن التي تلمحها بعينه
-جميله أووي الطفله دي
نظر إلي خيث تقصد وأبتسم قائلا :فعلا ربنا يحميها لأهلها
ثم
تابع: بكره ربنا يرزقنا بطفله زيها بس توعديني من الوقتي ان انا اللي هسميها بس أنا مش هكتفي بطفله واحده انا عايز دسته أتنين تلاته
ابتسمت ساخره حد ان أدمعت عيناها
-يااااه انت متفائل اووي كأنك مش عارف ان ممكن أموت في اي وقت
قبض علي كفها متألما ثم قصف بحزم:نداء ..
ثم لانت ملامحه قليلا وهدءت أنفاسه الغاضبه مع قوله الهادئ:عشان خاطري بلاش تقولي الكلام ده تاتي ..
طالعت عينيه المتألمه فتألم قلبها وكأن احدهم ضربه بمطرقه ضخمه
وجدته يهتف برفق:لو سمعتي كلامي هتخفي وهتبقي احسن مني وأعيش معاكي فوق عمرك عمرين ..بعدين بقي سيبك من الكلام ده وخلينا نستمتع بالجو المنعش ده
صمتت قليلا تنظر إليه ثم همست بخفوت:لو نسيت هكون أنانيه لأني كده هظلمك معايا ..متطلبش مني انسي وأنت نفسك مش قادر تنسي اني مريضه خوفك عليا واللي حساه في كلامك وشيفاه في كل نظراتك ليا بيموتني ..انا عمري ما هكون ليك زوجه دي لوحدها بتوجعني ..انت حتي بينك وبين نفسك.. نفسك تعيش الحياه الطبيعه اللي فيها أولاد وزوجه تكون ملكك بكيانها وجسمها ..أنت مش سعيد في حياتك شان كده متحاولش توهمني وتمثل عليا السعاده لأني مش هصدقك
آخر كلمات صبتها دفعه واحده علي رأسه بصراخ قوي
ألتفتت إليه أعين القريبين منهم
ثم نفضت يده عن كفها ووقفت معتدله حيث تراخي الكرس للوراء وتركت المكان بخطوات راكضه مسرعه ورغم ذلك ليست بأسرع من دموعها التي سبقتها
شحبت ملامحه قليلا آثر كلماتها المتقاذفه وظل واجما شاردا بقلبا منتفض ثم لم يلبث ان نهض ولحق بها
………………
أمام قسم الشرطه الموارب
صافح آسر راحة كف الطبيب جار كرم في العقار حيث تقبع شقته أمام شقة كرم وهو من قدم بلاغ ضد كرم ثم أبتسم برسميه قائلا: سوري يا دكتور عويس تعبناك معانا
بادله الطبيب أبتسامه هادئه ثم رفع إلي عينيه نظارته الطبيه لتسقر فوقها
هاتفا مع أبتسامه ذات هيبه جليه:ولا تعب ولا حاجه يا حضرة الظابط انا اللي مفروض نعتذر علي سوء التفاهم ده
نطق بالأخيره وهو يبادل النظر من كرم الواقف بوجوم يشيح ببصره عن مرأي عين الأثنين
أحس آسر بالحرج فتنحنح قائلا للطبيب مع أبتسامه زائفه:حصل خير أكيد حضرتك كنت تقصد خير ..وشكرا جدا لأن حضرتك أتنازلت عن البلاغ .
أعطاه الطبيب عويس أبتسامه قبل أن يتركهم وحدهم ويصعد لسيارتها ثم يقودها بعيدا حيث وجهته …
أستدار آسر إلي حيث كرم
زوي حاجبيه بغضب متطلعا لصمت كرم بوجوم
قال بصوتا متحشرج:وبعدين بقي في مشاكلك اللي مبتخلص دي وإيه حكايه النت اللي الجيران بسمعو صوتها .
ضحك كرم بمراره ورمق آسر بنظرات أستهزائيه تراكميه ثم أستدار معطيا إياه ظهره وتحرك بديناميكيه مبتعدا عنه تحت أنظار آسر المغتاظه من وقاحته وتجاهله له
صمت يتنفس بغضب لكنه لم يمنع نفسه من الحديث قائلا بنظره تهكميه:عمرك ما هتتغير يا كرم
قبل ان يقاطعه رنين جواله القابع في جيب بنطاله
وضعه بقرب أذنيه مع قوله بتماسك:أيوه
وصل لمسامعه حديث زميله
-آسر أنت أتأخرت ليه ..سيادة اللواء قالب الدنيا هنا وعايزك تكون في مكتبه حالا..تعالي بسرعه يا آسر الموضوع شكله خطير
………………………………
عملت إيه في القضيه يا حضرة الظابط
أرتبك آسر الذي يقف أنتباها ثم قال بخفوت :يا فندم أنا شغال علي القضيه حضرتك انها قضيه كبيره ومش سهله ..
اعتدل اللواء في جلسته ومال للأمام وهو يحق ذقنه باصبعه السبابه والابهام كمحقق يتحري محضر القضيه او يستجوب مجرم امامه
وليس ظابط
-القضيه وسعت منك اووب يا حضرة الظابط والضبع وأبوشنب قدوا يفلتوا من إيديك لان ببساطه مفيش دليل ضدهم ..أعترف انك فشلت في القبض علي مافيا المجرمين دول وأن ذكاءك وجدية عملك خانوك المره دي
آسر معترضا:يا فندم الفتره اللي فاتت دي كنت مشغول ومقدرتش أتابع القضيه و
خبط اللواء بكلتا كفيه علي سطح المكتب الخشبي وآثر هذا عمت العيبه أجواء المكتب الفخم ليتراخي حاجبي آسر المنعقدين بغضب إلي الأستسلام والخنوع
يسمع اللواء مجدي الضميري تحت زي الخدمه العسكريه
وهو يقول بخشونه رجوليه
-أنت لسه هتديني أعذار ..لسه عندك أمل اني همسكك القضيه من تاني
فلتت من آسر نظره غير فاهمه وهو يفغر فاهه بذهول وعينيه جاهله لما يقصده
عندها تابع اللواء مجدي:أيوه أنا سحبت القضيه منك ووكلتها لزميلك ..
لكن آسر لم يسكت ودافع عن ما تبقي لديه من أمل
قائلا:يا فندم مينفعش أسيب القضيه الوقتي خصوصا بعد ما مسكت الخيط اللي هيوصلنا للعصابه
أبتسم اللواء ساخر ومنحه نظره تهكميه قبل ان يتابع بثقه : تقصد البنت اللي قبضت عليه وهي بتهرب مخدرات من أسبوعين ..
جاوبه آسر وكله ثقه:ايوه يا فندم ..هي الوقتي في غيبوبه بسبب ضرب النار اللي أصابها بس الدكتور أكدلي انها هتفوق قريب من الغيبوبه دي.. ووقتها أقدر استجوبها عشان أعرف منها المخابئ السريه لعصابه القط وابو شنب و
قاطعه اللواء:البنت ماتت أمبارح ..أو بمعني أصح أتقتلت ..أكيد قتلوها عشان ينقذوا نفسهم
بهتت ملامح وجوما وهو تسمر في مكانه فاغرا فاهه وحدقتي عينيه متسعه تحت تأثير صدمه لم يتوقعها
فهو بذل اقصي جهده لحماية الفتاه وعين كثيرا من رحال الامن الذين حاوطوا المشفي وتجمهروا قبالة باب الغرفه المستلقيه علي السرير بداخلها
كيف تمكنوا من الوصول إليها بعد كل هذا ؟؟!!
بتلك الطريقه وبقتل هذه الفتاه علي ايديهم يكونوا قد عاودوا لنقطة البدايه …
…………………………………
سبقته لداخل الفيلا وهو هبط من السياره ثم اغلق بابها خلفه بهدوء وتبعها ليجدها أكلت درجات السلم وهي الأن تختفي خلف باب غرفتها التي صفقت بابها بعنف وصل صوت دويه إلي مسامعه
وصل أمام الغرفه وطرق الباب ليجدها قد اوصدته جيدا من الداخل
فهمس بخفوت وهو يحاول أن يتبين ما أذا كانت تبكي او لا
لكن لم يصل لأذنيه الذي يلصقها حيدا بالباب شيئا
-نداء أفتحي الباب ..
ثم الطرقه الثانيه التي اصابته بقلق حين لم يسمع صوتها
-نداء …نداء
ما ان انهي نداءه الثاني حتي فتحت له باب الغرفه علي مصرعيه
منحته نظره تجهميه قبل ان تخطو تحاه السرير فتجلس بأنهيار علي طرفه
أقترب منها ..تألم وهو يري دموعها رفع كفه إليها يلامس حنايا وجها بتمهل إلي ان وصل لدموع اللؤلؤ
غارت عينيه بسحابه من ظلام الليل الدامس ..مسح دموعها بطرف أصبعه …لامبالاتها بما يحدث يحطم بداخله حصون القوة التي قد بدء يشيدها في تتابع الليل والنهار
همس بأنقباضة ألم:زمان لما كنت بضعف كنتي تيجي تواسيني وتقوليلي “الضعف والأستسلام ميلقوش عليك يا غالب هما بيمشوا في أتجاه الريح وانت بتمشي عكس الاتجاه عشان انت حاجه كبيره اووي يا غالب.. أنت غالب اللي بيقدر يفوت في الحديد ..غالب اللي لو دق برجله الارض تنشق نصين من هيبته وخوفها منك..عشان خاطر الناس اللي بيحبوك قاوم ..وأنا واثقه انك هتنتصر علي عجزك وضعفك”.. فاكره يا نداء كلامك ليا انا بقي مش ناسيه رغم
صمت بوجع وهو يخفض رأسه لأسفل يتذكر تلك الايام ..
يغمض عيونه بتأوه مع كل لحظة مرت سخر فيها منها ..
أجابت بدلا عنه بألم :رغم أنك كنت بتسخر مني ..دايما كنت شايفني شئ حقير بيدمر حياتك كنت بتعاقبني علي كرهك ليا اللي أنا مليش ذنب فيه..
اغمض عينه ثم فتحهما ليهمس :متحاسبينيش علي اللي عملته قبل حبي ليكي..حاسبيني علي اللي بعمله من يوم ما حبيتك ..
تابع مستعطفا وهو يشدد علي أحتضان كفيها بين راحتي كفه:شعاع الأمل اللي دايما كان بينور عتمة جهلي هو أنتي دايما كنت بحسدك علي إيمانك وصبرك ..ربنا لما بيحب حد بيبتليه وانتي يا نداء ربنا بيحبك جدا..أنتي قويه وهتصبري علشان ربنا عايز كده واللي ربنا عاوزه بيكون ..هفضل معاكي هساندك وهننجح في أمتحان ربنا سوا ..
هنسي كل الكلام اللي قولتيه وأحنا في النادي وهنتفق من الوقتي أننا نكمل المشوار مع بعض بفرحه وحزنه..توعديني با نداء توعديني انك مش هتيأسي
أشاحت وجهها عنه وهي تزفر حزنا مكلوم بضعف قلبها أمام صدقه
ثم قالت بجمود:ايوه بس أنا مش عايز اكمل مشواري معاك..
نطقتها وقلبها ينزف حزنا هي مستعد لأن تتحمل أي عذاب ..وأن تصبر علي ألمها ومرضها الذي اضعفها ..شرط ألا يتعذب هو ..
تطلع إليها بغضب فاتر ألجمها عن الكلام قبل أن يترك كفيها تلفحهما ثلوجة أبتعاده
ثم غادر من الغرفه صافقا بابها خلفه
تاركا إياها تغرق في دموعها أكثر
………………………..
جاب الشوارع عبثا وفي النهايه أوقف السياره أمام الفيلا
صعد درج السلم وهو يرخي قبضة ياقطة القميص حول عنقه مع فتح أول ذرين من قميصه
لنظهر مدي تضخم صدره بالغضب والحزن في نفس الوقت
فتح باب الغرفه ليجدها أمامه بأبتسامه هادئه حنون
فهي قد قررت أن تحذو علي خطي الزوجه المثاليه التي تكون بلسم وراحة لقلب زوجها عندما يعود ليلا مثقلا بهموم الدنيا
هي من ستخفف تلك الهموم ..
عندما زفر بضيق وتخطاها يلقي سترته التي نزعه عنه للتو بأهمال علي جانب الأريكه
قطبت زهره حاجبيها ببلاهه وأقتربت منه
حيث تجوب اصابع عبثا علي صدره الضخم فيبعث بداخله رغبه تريد ان تنسيه بين طياتها كل ما مرت به اليوم
بدلال وهي تحاوط ذراعيها حول عنقه :آسر
لم يدعها تكمل نطقها أسمه بتلك الطريق التي أطاحت بعقله وأنقض عليها يقبلها بنهم في أماكن متفرقه علي وجهها
بعد ساعه
كانت تستلقي جواره علي السرير ورأسها يتوسد صدره الرجولي الضخم
قالت وهي تعتدل في جلستها لتثبت ناظريها علي عيناه النعستان
-أسر
وصلها منه همهمات
تابعت بعنج أنثي باتت تتقن أساليبه:آسر أنا عايزه أمشي من هنا .
قالتها فجأه ودون تروي
ثم تابعت موضحه:أمك مطهقاني في عيشتي
أعطاها نظرات ناريه أرعبتها عند نطقها لكلمة”امك”.
ابتلعت ريقها بخوف تصحح جملتها
-قصدي مامتك مطهقاني في عيشتي ودا اول يوم ليا هنا اومال بعد كده هتعمل فيا إيه
قالت الاخيره بتهكمم طفولي
لينهض جالسا ويتطلع لملامحها مضيقا عينيه
قائلا :أنتي بتتكلمي جد
-آها ..
كما قالتها ببساطه وبرود أجابها بنفس البرود
-لأ
ثم نهض بعيدا عنها ومال بجذعه ليلتقط قميصه الملقي بأهمال أسفل جوار السرير
أرتداه
تحت نظراتها المستهجنه
قالت وهي تعقد حاجبيها:بتعمل إيه ..
لم يتطلع إليها وأكمل أرتداء سترته فوق القميص وهو يقول بضيق:خارج ومتقوليش ليه لأني ببساطه مش هجاوبك…
أرتدت روبا قطنيا فوق قميصها الحريري المنسدل لاعلي ركبتيها ثم تراخت في جلستها فوق منتصف الأريكه الجلديه ذات الملمس الناعم..
مع أتساع حدقتي عينها بصدمه وعدم تصديق ..فهو للتو قد نهرها مثل الطفل الصغير ..قال لها بأنها “تدلع”
وأنه لا يمتلك مزاجا جيدا لتحمل شكواها التي بدء يعتادها
وحينما حاولت تدليك أعلي كتفيه لتمحنه بعضا من الهدوء والطمأنينه
هي تشفق عليه وهي تري ملامحه العابسه وعيناها الذابلتان من الأرهاق..حتما عمله هو من أوصله لتلك الحاله اليائسه
مع همسه حميميه ناعمه:مين زعل حبيبي يا ناس ..
لكنه قطع الوصال بأن أبعدها عنه لا بل شبه أزاحها قائلا بطريقته الديناميكيه البارده:زهره أنا مش فايقلك النهارده ..
هكذا جرح قلبها ثم خرج من الغرفه معلقا سترته علي جانب كتفه المتهدل بعد ان نزعها عنه للمره الثاني
صافقا الباب خلفه بعنف ..عنف ينم عن مدي غضبه
يرتجف جسدها حزنا وقد سالت دموع مرارتها العالقه عند مقلتيها
تتسائل بدون هدي عن سبب تعصبه عليها..فهي لم تفعل الشئ الذي أغضبه وأوصله لتلك الحاله من الشراسه ..
لتدخل سيده في أواخر عقدها الخامس ترتدي جلباب أسود لا يبين ضألة جسدها بل يجعله ممتلئ بعض الشئ لمن يراها من بعيد
دخلت دون ان تطرق الباب فهي قابلت في وجهتها السيد آسر بملامحه المتجهمه
حامله بين يديها صينيه مستديره يقطن أعلاها كأسا من الحليب
وضعته علي الطاوله مع قولها الرتيب:البيه شكله متعصب …وشه بيقول كده
لغتها ذو اللكنه الفلاحيه تعطيها بساطه أكثر مما تبدو عليه
رفعت زهرة ناظريها للداده عزيزه قائله بعد ان جففت دموعها :اعمله إيه هو اتعصب عليا من غير سبب. .براحته انا مش هتحايل عليه
نهضت عن الأريكه وتوجهت ناحية السرير تجلس عليه بتذمر طفوله وعيناها متوهجتان من الحزن
الداده عزيز وهي تحمل كأس الحليب من علي الطاوله وتتجه به إليها قائله :لا لا ..جوزك لو زعل حاولي تطبطبي عليه وتشوفي إيه اللي مزعله..لو فضل زعلان منك فتره طويله متعرفيش إيه اللي ممكن يحصل
وكأنها لامست عند زهره وتر الزوجه المصريه التي تشك في ان زوجها يلعب بديله عليها مثلا او يعرف أمرأه او ان يتزوج عليها سرا
شهقت عند هذه الفكره وهي تقول للداده عزيزه:تفتكري يعملها يا داده
أعطتها الداده كأس اللبن قائله بنفس نبرة الأم المصريه عندما تنصح أبنتها المتزوجه وبدلا من ان تهدي الأمور تزيد من الطين أبتلالا :أمسكي أشربي ..وميعملهاش ليه البنات الحلوين علي قفي من يشيل وسي آسر ألف بنت تتمناه
-دا أنا كنت اقتله وأقتلها
صاحت بها دونا عن هدوءها ..مجرد الفكره تشعل بداخلها روح مجرم دخل سجون مصر كلها مثل “أبو دومه”
الداده عزيزه بمكر أنثي خبيره في الأموره الزوجيه
-تبقي عبيطه كده هتودي نفسك في داهيه ولا هتستفادي حاجه ..انا هوديكي عند واحد يكشف المستور ويقولك جوزك بيفكر في إيه ..
زوت زهرة ما بين حاجبيها بتساؤل قائله:مين ..
ابتسامه عريضه أسفرت عن صفي أسنانها من بينهم سنه لؤلؤيه قد زرعتها وسطهم لتظهر لتخفي علامات الشيب
وقالت الداده عزيزة معمرة البيوت :ده شيخ سره باتع وياااما حل مشاكل الناس اللي زيك وزي سي آسر ..
زهرة بعدم تصديق :شيخ ..سره باتع ..
ثم شهقت وهي تستوعب مقصد الداده عزيزه
– تقصدي دجل وشعوذه والكلام ده ..لا لا انتِ أكيد بتهزري
دا آسر لو عرف كان يموتني ..او يحطني في السجن لبقية حياتي ..
مصمصت الداده عزيزه شفتيها مع همسها بالأعين وتكشيرة ملامحها المستهجنه بمغزي “بلا وكسه”
قالتها عيناها رغم ان شفتيها لم تنطق بها ..وزهره أذبهلت زيتونه عينيها وهي تشاهد بأم أعينها رد فعل الداده عزيزه وتدرك ما تقصده
عاجلتها الدادة زهرة:فكري وانا تحت أمرك في اي وقت تحبيه يا ست الستات ..اشربي أشربي
وفعلا حملقت زهرة بنقطة ما أمامها بشرود وبآليه قربت كأس الحليب من شفتيها ترتشف منها
فأشمئزت ملامحها استهجانا وهي تدرك أخير ما تشربه أنه حليب
ابعدت كأس الحليب عنها بتذمر طفولي هامسه:إيه ده يا دادة انا طلبت منك قهوه مش لبن..
فتركيز زهرة كان منصب علي كلام الداده عزيزة لدرجة انها لم تعي بأن الداده عزيزه احضرت لها كأس حليب بدلا من القهوه منذ بادئ دخولها للغرفه التي لم تفكر حتي لتدق بابها ..

يتبع….

الفصل الخامس والخمسون

ألو ..هنا ..هنا أنتي فين
نطقت بها رمانه بقلبا متلهف وهي تضع الجوال بقرب أذنيها ..
منذ أسبوع وهي تبحث عن هنا في كل مكان..وأخيرا أتاها أتصال منها
ليطمئن قلبها ويهدئ روع قلقها ..
هنا بضعف:رمانه أنا مش عارفه انا فين بس العماره اللي أنا فيها أدام كوفي شوب أسمه(فيريتيانو)
حاولي توصلي ليه يا رمانه شكل البنايه أبيض ..ارجوكي يا رمانه بسرعه …ارجوكي أنا مش قادره أتحمل جيبي اي نوع هروين معاكي انا الصداع هيموتني …
رمانه بتردد:يا هنا أنسي بقي موضوع الشم والأرف ده انا مقدرش أساعد في تدميرك أكتر من كده
قاطعتها هنا بترجي:انت كده بتنقذيني انا بموت يا رمانه ساعديني .ساعديتي بحق الصحوبيه اللي بينا ..أرجوكي ارجوكي يا رمانه
أخذت نفسا عميقا ثم أجابتها بعجز وقلة حيله
-حاضر ..حاضر ياهنا ..بس يكون في علمك دي هتكون آخر مره..أنا هجبلك المرة دي بس عشان حاسه من صوتك انك تعبانه …
أرتخت قسمات وجه هنا بأريحيه ..جلست علي طرف السرير مع زفرة عميقه أطلقت العنان لها وهي تغلق الهاتف وتخبئه في أحد الأدراج كما أخذته منه كي يبقي بعيدا عن ناظري كرم الذي لم يتركها لحظة واحده منذ ان جاء بها إلي هنا …
بعد ساعه
أنتظرتها هنا بقرب النافذه حيث تراقب من خلالها حركة الماره بالأسفل وكم أعجبتها تصميم البنايات المقابله
لولا جسدها الذي فقد قوته وعافيته وعقلها المشتت بفعل حرمانها من تعاطي الحقن وانواع المخدرات
لكنها تاهت في ملكوت ما أبدعه عقل الأنسان الذي حبّاه الله كل كنوز العقل والأبداع ..
وما مرت إلا دقائق قلائل حتي أتت رمانه في سياره أجره سوداء مختلطه من الأعلي باللون الأزرق ..
هبطت منها بعد ان انقدت السائق بعدة وريقات ماليه..ثم طالعت البنايات حولها مع نظرات تائهه حائره
لوحت لها هنا بيدها من فوق خمس طوابق ..لكن رمانه لم تراها وظلت عيناه تجول في المكان ذهابا وإيابا بحثا عنها
وأخير تمكنت من رؤيتها فلوحت لها هي الأخري علامة أن عيناها أهتدي إليها ..رغم انها تراه من هذا الارتفاع بحجم عقلة الأصبع ..او نمله صغير تناجي ربها عل أحدا يراها فينتشلها من بين جحر النيران..
ألصقت هنا أذنيها بباب الشقه وجسدها الغض مائلا عليه كنور القمر المائل بأنسيابيه علي غدير المياه
سمعت وقع خطوات تقترب فهتفت مستنجده مع طرق الباب برعونه:رمانه ..رمانه أنتي سامعاني
كانت ستبدء الآن بالبحث عن الشقه التي لوحت هنا إليها منها فهي قد أدركت انها تقطن بداخل الشقه في الطابق السادس وهذا يفهمه الطفل الصغير من عدد الطوابق الخمس القابعين اسفل الطابق
فالطابق السادس يقبع فيه شقتان ضخمتان كلا منهن في مقابلة الأخري ..
اقتربت رمانه من باب الشقه وألصقت أذنيها به قائله بخفوت:أنا رمانه يا هنا افتحي الباب
تماوجت زيتونة عيني هنا بحزن دفين وترقرقت دموع اللؤلؤ من عينها اليسري
قائله بنبرة ضعيفه متهالكه مثل قسمات وحنايا وجهها المتموجه بحزن
-الباب مقفول بالمفتاح ..كرم سابني هنا ومشي ..مش عارفه مشي فين؟؟
همست رمانه مع تذكر خيالها للاسم :كرم
ثم وعت لأن هنا حدثتها من قبل عنه
وتابعت قائله
-طيب ادخلك الحاجه اللي معايا دي أزاي
كان حاجباها مقوسان علي شكل علامة أستفهام أقرب منه إلي الحيره والضلال
جالت هنا بعينيها في المكان قبل أن تطأ نظراتها للأرض عند عقد الباب
فتهمس لها وهي ترجع خصله شريده من شعرها خلف أذنيها
-مرريه من تحت الباب
مع كلماتها الضعيفه الفاتره تعلقت عيني بأسفل الباب لتهبط علي ركبتيها ثم تطوي الورقه التي تحمل بداخلها مطلب هنا جيدا بحيث يكون مناسب للمروق من أسفل الباب
قائله وهي تمرّقه :هنا يا ريت دي تكون المره الاخيره اللي تتعاطي فيها الزفت ده ..ومن وقت للتاني هاجيلك هنا عشان أطمن عليكي
وصل المطلب إلي هنا فزفرت بأرتياح وهي تقربه من أنفها تستنشق الورقه بتأوه وقد تراخت ملامح عينها المستعره بنار التألم والأرهاق ..وحالت إلي الأمل وهي تبحلق بظفر إلي ما تحويه بين يديها
همست بأمتنان :شكرا ..شكرا ليكي يا رمانه
ثم أبتعدت عن الباب وذهبت تجاه غرفة النوم وفي تلك اللحظه عندما نهضت رمانه وهمت بأن تتحرك
وجدت من يقف أمامها يسد عليها الطريق
تطلعت للضخم الواقف أمامها بهيبه وفكها يرتعش وتبتلع ريقها بصعوبه
قال بخشونه رجوليه زحزحت ثباتها الزائف:
– أنتِ مين؟
أجابت بتعلثم
-أنا أنا كنت جايه أشوف هنا و
قاطعها هامسا يفكر مع نفسه ولكن بصوت عال
-هنا
ثم تجمعت الخيوط في جعبة عقله ومن حالة الفتاه بملابسها ومظهرها الردئ
أدرك أنها ربما تكون قد أحضرت لها ذلك السم الذي تفاني في إبعاده عنها كل تلك الفتره
فبسرعه أدار المفتاح في الدائره المستديره ليفتحه هلي عجاله
وخطوات راكضه تجاه غرفة النوم ومن يري لهفته يشبهه بالثور الجامح
فتح باب الغرفه علي مصرعيه
فيجدها توشك علي تقريب الورقه الصغيره التي أفرغت عليها ذلك السم الأبيض دقيق الحبيبات إلي أنفها
وفي اللحظه الأخيره أنتشل منها تلك الورقه وأخذ في قبضة يده المتبقي في الورقه الأخري المجاوره لها علي السرير
وقفت تطالعه بغضب هستيري صرخت به جنونا بأن يترك لها الورقه وما تحويه
ولكنه أبي وخرج من الغرفه بخطوات جامحه لتلحق به ..تحاول بكل قوتها أخذ الورقه منه حتي ان أظافر يدها المستطيله بعض الشئ طالت طرف قميصه ومزقته بضرواه فوق تمزيقه
رأت رمانه في منتصف بهو الصاله ورغم ذلك تجاهلتها وظلت تلحق بكره الذي دلف توا لعقر المطبخ الواسع
وقف أمام صنبور المياه ..فتحه ليدفن ذلك السم أسفل رذاذ الماء وقبل أن يفعل ذلك امسكت قبضتها معصمه بتسلط تمنعه
لكنه أزح قبضتها المسيطره وضم معصمي يدها اليسري واليمني معا بتملك بين قبضتيه
بينما يده الأخري تذيب السم الأبيض أسفل صنبور المياه ..
كانت تصرخ به ان يتوقف ..صراخها جنوني
لكن كل شئ أنتهي وأختفي حتي بات كسراب تسلل في الحوض ليهبط في مجري الخرطوم الأبيض المتسلسل اسفل حوض المياه ..
مراقبتها لاملها الوحيد بالنجاه من ذلك الألم الذي يقطن جسدها قد تدثر وأختفي أمام ناظريها
العزم في قلبها جفي والدمع يقطر كسلسبيل المياه عند النهر
هي أنثي في الأصل ميته ..والسب إدمانها ..
والآن هي أنثي متذبذبه ..والسبب هو التوقف عن الأدمان
عندما رأي صدمتها ..سكونها ..ذهول عينيها والأحري جسدها الذي توقف عن المقاومه خصوصا وهي تطالع رذاذ المياه الذي لا يزال يتدفق علي السم المختفي ..
افلتها علي مهل من بين قبضتيه
لتتسمر وهله في مكانها ثم تعلو انفاسها الغاضبه رويدا رويدا
إلي ان تصرخ بأعلي صوتها وهي تناظره بعينين تتماوجان من شدة الغيظ والغضب
وفي أقل من مرور ثانيه تذهب إليه وتصفعه بقوة …
قوه تركت آثار أصابعها الحمراء علي وجهه
مع صراخها الذي صم أذنيه الما:ليه …ليه
ثم ظلت واقفه في مكانه تطالع غضبا مع أنفاسها الهادره غير آبهه لشهقات المكتومه الصادره من رمانه الواقفه عند عتبة المطبخ
وهو طالعها بضعف..
انكمشت ملامحها آلما ..فهي لأول مره تري ذلك الضعف في عينيه
وبدل ان تغضب وتبتعد عنه ككل مره في موجة غضبها
أقتربت منه ولكن هذه المره لتدفن نفسها بين أحضانه تحاوط ذراعيها خصرها ..وتريح رأسها علي ضخامة صدره فتبكي ..بكاءا مريرا يقطع نياط القلوب ..
ومع شهكتها ونوبة بكاءها المريره تزيد أحتضانها له وهي تمرغ أنفه بين طيات صدره
فيبعث ذلك في نفسه ألما ودموعا نزلت من مقلتيه لتلامس خصلات شعرها بنفس الحراره والخوف بداخله …
ربت علي ظهرها بحنو وصولا لخصلات شعرها المتماوجه بعبث أعلي كتفيها
هامسا وحركة شفتيها تلامس أذنيها:هتبطلي يا هنا..وهترجعي احسن من الاول ..انا هفضل معاكي..صدقيني ..هفضل معاكي لحد ما تبقي احسن ..مش هسيبك تاني أبدا..
قالها لتشهق هي في بكاء أشبه ببكاء المظلوم حين يناجي ربه يتوسله بأن يرحمه من ألم الظلم وقهرته ..
مع إيماءه خفيفه من رأسها علامة الايجاب لامست شغاف صدره فشعر بها ..وأبتسم من بين دموعه وهو يطبع قبله عميقه فوق تلك الخصلات …
ورمانه الواقفه بعيدا تبكي بدموع مقهوره وأحست بالندم لانها لم تحاول قبلا منع صديقتها عن تعاطي تلك السموم المميته لمن يتناولها بل أكتفت بدور المتفرج الذي يبدي تعليقا وبعدها يرحل لبيته وكأن لم يحدث في الأمر شيئا..
…………………..
في اليوم التالي
كان وليد يقف أمام الغرفه التي يرقد بداخلها جسد سلمي ..يحك ذقنه بذهول بعد ان حكي له افراد الشرطه عن كل ما حدث
والصدمه الكبري بين هؤلاء بالنسبه إليه أن عم ميمون هو مخبر تابع لقسم الشرطه في تلك المنطقه..
وانه عُين ساعي الفندق للتجسس علي المدير ومساعده ..
عين الشرطه لا تنام فهم لديهم علم مسبق بما يدور من سرقه تواري خلف ستارها الأتجار بالمخدرات ..
أمسكوا بالمجرم الذي أطلق النار علي وليد فجاءت الطلقه المعدنيه في كتف سلمي بدلا منه ..
وعندما انهزم امام حيلة رجال الأمن وخاصة الظابط المشرف علي تلك القضيه
أضطر راغما بالاعتراف بكل شئ ..
اخبرهم ان مدير الفندق هو من طلب منه قتل وليد ..ولم يكن ذلك هو التعامل الاول بينهم بل انه يد المدير اليمني في كل عمل يكلفه به
مثل تجارة المخدرات وقتل البشر الذين يقفون في طريقه أمثال وليد
هذا المدير ليس وحده هو ومساعده
بل هم تابعين لمنظمه عالميه محترفه في أمور تجارة الممنوعات التي تُصدر إلي بلادنا من قبل الخونه عديمي الضمير والدين لتضيع مستقبل شبابنا وتهدم أمتنا العربيه
(فيا حكام العرب افيقوا واعلموا أنها مؤامره ضد أمه محمد للأيقاع بنا وتخلفنا عن مواكبة تقدمهم ..)
حاول المدير نكران كل تلك التهم الموجهه إليه هو ومساعده بل أنه اعترف بهتانا بأن وليد هو السبب وهو من هدده بأن يكون شريكا له في تجارة المخدرات وان رفض سيقوم بقتل اولاده ..ورغم ذلك لم يوافق المدير كما ان اقواله كانت تتضمن أيضا بأن سلمي كانت تعلم بحقيقة الامر ولكنها صمتت لانها علي علاقه حميميه بالمدعو وليد …
لولا المخبر ميمون والذي كان يعرف جيدا ان وليد لا علاقة له بالامر خاصة عندما سمع المحادثه التي دارت بين وليد والمدير في المكتب أمسا
وأخبر الشرطه بأن سلمي ووليد لا علاقة لهم بالأمر حتي ان آل الدمنهوري جمعاء لا يدركون شيئا عن ما يحاك بين المدير وأعوانه في الخفاء تحت ستار أسم الفندق الشهير والمحترم …
فلذلك أمر وكيل النيابه المتولي للقضيه حبس الثلاثه علي ذمة التحقيق وما ثبت في محضر التحيقيق
بعد ان اعترف المدير هو ومساعده أخيرا بكل الجرائم التي أرتكبوها بعد مواجهتهم بكثير من الأدله التي تثبت صدق تورطهم في الامر ..
وبناءا علي هذا اضطروا في النهايه للأعتراف دون ذكر أسم اي شريك لهم بل تحملوا وحدهم عبئ القضيه ..
يدركون جيدا عواقب الخيانه..الموت ولا سبيل غيره ..فإن لم يتمكنوا من قتلهم داخل السجون فحتما سيقتلون اطفالهم وأفراد عائلتهم لذا آثروا الصمت ..
صافحه عم ميمون بأبتسامه قبل ان يترك وليد ويرحل
ظل وليد في مكانه متابعا لطيف عم ميمون الراحل وفي داخله يشكر الله كثير لأنه قد نجاه هو سلمي من تلك الكارثه …
ثم زفر بأرتياح قبل ان يفتح باب الغرفه بهدوء ويدخل ..
طالع قسمات وجهها المنكمشه بألم مع سكونها
أقترب منها وجلس علي الكرسي الخشبي المقابل لها وهو يتناول كفها الرقيق بين راحتي كفيه مشددا علي أصابعها البيضاء بخوف
ولذلك رمشت قليلا قبل ان تتنازل وتفتح جفنيها بأتساع ناظره للسقف فوقها اولا ثم تطالعه بهدوء مشبعا بضعف أنفاسها
قالت بأبتسامه واهنه
-مش حتعرف تخلص مني بسهوله
قرب رأسه منها هاتفا بألم زلزل ثباتها
-كنت اموت قبلك ..
طالعته بجمود ثم حال لألم ثم قشعريره أسبلت جفنيها وراقصت زيتونة عينيها بدموع
ثم همست بحب انتصر علي عجرفتها
-طب ليه خدعتني ..كسرت قلبي للمرة التانيه وسيبتني أكرهك من تاني
تغضنت زواية فمه بأبتسامه مرحه وهو يقول
-لو كنتي كرهتيني مكنتيش هنا الوقتي..كانت الرصاصه دي بدل ما جات هنا في كتفك ..كانت جات هنا
وشاور بالسبابه علي موضع بقرب قلبه
رفعت أناملها الضعيفه إلي حيث شفتيه تهمس بوجع حارق
-هششش …مكنتش هسمح لأي حد مهما كانت قوي يبعدني عنك لاني بحبك أكتر من سلمي نفسها والحب الحقيقي ربنا بيحفظه وعشان انت كل حاجه ليا ربنا هيحفظك …رغم ذنبنا الكبير اللي ربنا وحده يعلم اني ندمت ..ندمت جدا عليه والله العظيم لو الزمن يرجع بيا تاني لأغير سلمي المغروره دي او كنت اديها قلم يفوقها
وليد وهو يتوه للحظه في كلماتها ويهمس دون وعيا بأنها تسمع ما يفكر به
-ياااريت
طالعته بحاجب مقوس لأعلي مع قولها :نعم !!! .
اجابها بأبتسامه:لا مفيش دا خيال علمي ..بس عمره ما هيتحقق
هزت رأسها يائسه مع ابتسامه هادئه
وهي تقول :
– هتفضل زي ما انت يا وليد ..صحيح اللي فيه داء عمره ما يقدر يغير ..
أنهت جملتها بسعال بسيط
لكنه قال وهو يراها ترخي جسدها للوراء مع أسناد رأسها بأستكانه علي طيات الوساده خلفها وأغلاق جفنيها بأنهاك
-بس انا أتغيرت يا سلمي ..وليد اللي بيكلمك الوقتي مش هو نفسه وليد اللي كسر قلبك قبل كده ..
فتحت جفنيها رويدا رويدا .. طالعته بدموع أبت ان تنحبس خلف سجون غشاء عينيها وسقطت صريعه مثل قلبها الذي هوي للتو بين محجريه..
تابع بصدق:انا عايزك يا سلمي عايزك تكوني حبيبتي وأم ابني ..عايز أكمل معاكي اللي باقي من عمري . عايز لما أموت أموت وأنا جنبك ..ولما نشيخ ونكبر في السن تكوني قصاد عيني ..عايزك معايا لما نيحي نجوز اولادنا اللي هيكبروا قصاد عنينا..ولادنا اللي هيشربوا حبنا ويعيشوا يتعلموا منك القوه والاراده اللي انتي غلبيني بيهم ..حبه ليا هو الجنه بعينها ..معاكي بحس ان كل الدنيا دي سماء بطير فيها بدون جناحات …لاني بطير بحبي ليكي..انا مبسوط لاول مره في حياتي لان قلبي حبك أنتِ واختارك أنتِ…خلينا بقي ننسي كل اللي فات عشان نقدر نبني اللي جاي ..وأبننا يتربي معانا ..مع أمه وأبوه ..
صمت يطالعها ثم أردف:هتقبلي نتجوز يا سلمي ..
لمعت عيناها بالدموع وتأوه صدر من شفتيها مع إيماءة رأسه علامة الموافقه
لكن صدرت شهقه منها وهي تطالع الطيف الواقف عند باب الغرفه الموارب هاتفه بصدمه
– بابا !!!!
………………….
وضع قدح مشروب الهوت شيكلوت أمامها علي سطح الطاوله المصنوعه من خشب الابنود
قائلا مع أبتسامه أظهرت وسامة ملامحه
-أظن بعد الفستان والهوت شيكلوت هتسامحيني لانك من صغرك وانتي بتغرمي اللي يخاصمك وييجي عشان يصالحك ..علشان كده كنت بتجنب اني ازعلك ..
أبتسمت ولوهله تاهت في بحر عيونه العسليه
ثم هزت رأسها مع جمود أستدعته ليرفق ملامحها
قائله:
-اوكيه ..وأنا هعتبر ان ده اعتذار منك ..علي شرط انك توصلني النهارده بعربيتك للبيت لان لسه العربيه ما أتصلحتش
اومئ رأسه قائلا:أكيد كنت هعمل كده من قبل ما تقولي
ثم أمسك بقدح قهوته بالكريمه وأرتشف منه وهو يطيل النظر لعمق عيونها خلسه ..
وهي أيضا أمسكت بقدح مشروبها الساخن وهمت ان تضع شفتيها علي حافة القدح
لتقاطع خلوتهم
همسا أنثويا بحتا:نورس ..دا انت فعلا..جيت أمتي
استأذن نورس منها وذهب أتجاه الفتاه
زوت حاجبيها ضيقا ..وطالعته بعيني صقر جامح يود ان يشهر مخالبه في وجهها
وهو ينهض عن الكرسي ويتجه إليها ثم يصافح بكفه الخشن كفها الممتده
نظرات الفتاه ل نورس لم تريحها بل أغاظتها وجعلتها تتشنج في جلستها كأن جنيّ قد لسعها ..
وتوتر شفتياها التي أظفرت عن اصطكاك اسنانها ببعضهما غضبا
مع اهتزار ساقها أسفل محيط الطاوله ..
تابعت الفتاه بغنج أنثي تعرفه هي حق المعرفه
-انت بقيت احلي من الاول بكتير هي الغربه بتحلي الواحد كده
وما اغضبها أكثر هي تلك الحمره الطفيفه التي لاحت علي وجنتي نورس
بسلامته يخجل من إطراء أنثي كتلك علي وسامته الرجوليه ..وذلك هو ما زاده جاذبيه في عيون تلك المتطفله
تابعت الفتاه ذات التنوره الورديه يعلوها قميص اسود من الحرير الأملس
وكعب ذو أطارت يصل طوله لأثنين من السنتيمترات
-هيكون حظي حلو لو لسه قلبك فاضي ولا حبيت واحده من هناك ..أكيد البنات اللي هناك مسبوش واحد بوسامتك وهيبتك دي يعدي بسهوله من تحت أيديهم ..
أبتسم لأطرائها وعندما همّ بالحديث
أوقفه رؤيته لنوران تقف أمامه فهي لم تحتمل ونهضت ذاهبه أتجاههما
قالت نوران وهي ترمق تلك الفتاه من فوق لتحت بنظرات غاضبه
-يلا عشان توصلني انا ماشيه الوقتي ..
أرتبكت ملامح نورس وهو يبادل نظره بين نوران الغاضبه ولا يعلم سبب غضبها وبين الفتاه التي تزم شفتيها أستياءا
فقال:نوران طب ممكن تستنيني ولو مستعجله روحي وانا هكلمك النهارده أطمن انك وصلتي ..
لو تركت الباب المفتوح امام نيران قلبها المشتعله لكانت أحرقت الاثنين بداخلهما
لكنها رفعت رأسها بكبرياء وطالعته بنظره محترقه قبل ان تبتعد عن محيط الأثنين
خطواتها غاضبه تبين مدي غيظها وضيقها وشفتيها تهمهم بكلمات مبهمه ..والواضح انها تسب وتلعن الاثنين …
لكن منذ متي وهي تستسلم !!
وقفت لوهله وفكرة ما تدور بذهنها وهي تري شابان يافعان يجلسان علي طاوله مستديره تقع علي بعد خمس خطوات من طيف جسدها ..
بمراوغه أقتربت من طاولة الشابان حتي وقفت امامهما وشفتيها تتزين بأبتسامه ماكره فهي أنثي وكيد الأنثي عظيم ثم قالت بصوتا مرتفع عال
-أكيد انتو لازم تعاكسوني ما أنا لو معايا راجل يدافع عني
لم تكمل بل صدرت منها شهقه مفزعه وهي تري نورس يهجم علي الشابان بضرواه
ثم يعطي كلا منهما لكمات متواليه وبصعوبه أستطاع الشباب في النادي تخليص الشابين من تحت قبضتي يده المحكمه علي كليهما بضرواة ثعلب مفترس ..
تضاربت دقات قلبها وهي تري ملامح وجهه المستشيطه غضبا..لا بل ان وجهه الأن حال لقطعه جمر من نار جهنم
أشتعل تحت النار لمئه عام سابقه ..
بعد أن ابعده بعض الشباب ظل واقفا يطالع الشابان بعيون متوهجه وهو يلهث بقوة
ثم اقترب من نوران الواقفه مكانها يلجمها هول ما حدث ..فهي لم تتوقع أبدا ان تتضخم الامور بمثل تلك الطريقه
ثم شد علي كفها بقبضة يدها وسحبها بعنوة غضبه وجموح خطواته خلف
قاد السياره بصمت وهي أيضا كانت صامته وأنفاسها تتصاعد بداخلها عنفا
كأن علي رؤسهم الطير إي ان توقف بالسياره أمام مدخل فيلا آل الزهار
هتف بخشونه وعينه معلقه بما أمامه شاخصه علي نقطة ما بجمود
-أنزلي ..
لكن هي لم تنزل وقالت بعد ان أدارت جسدها بالكامل إليه ث طالعته بعيون خاويه
وهي تقول:تتجوزني يا نورس !!
…………..

يتبع…

الفصل السادس والخمسون

حامل
قالها وهو يضيق عينيه غير مصدقا بينما رأها وهي تنكمش علي نفسها بخوف آثر رؤيتها له
كان قريبا منها حد النفس التي تتنفسه الأن ووليد وقف بأرتباك غير ضامنا لردة فعل مروان الدمنهوري
وقفت أمامه مرعوبه منهكه جد النخاع ولا يزال الدوار يداهمها
تلعثمت بأرتباك :بابا ..أ
قاطعها بصراخ :انا مش عايزه أسمع رغي وخلاص ..ردي عليا اللي انا سمعته ده حقيقي ..انتِ حامل
وعلي آثر صراخه أرتعبت فتراجعت للوراء خطوتين
عندما طأطأت رأسها للأسفل تأكدت ظنونه .فارت الدماء في عروقه
كاد ان يهجم عليها فيفتك بجسدها ضربا مبرحا يلائم تلك الفاسقه لولا الجسد الضخم الذي حال بين الاب وأبنته
تطلع مروان بشراره معلنه لوليد
لكن وليد لم يأبه وقال بهدوء:عمي سلمي مراتي وانا مش هسمح لحضرتك تمد إيدك عليها
لم يكد يكمل جملته حتي أمسكه مروان من تلابيب قميصه هاتفا بشراسه وهو يصك أسنانه ببعضها عنفا وغضبا

-اه يا واطي يا حقير يا كلب وديني لكون نسفك من علي وش الأرض
-مفيش داعي لكل الألفاظ دي انا مستعد أكتب علي سلمي حالا ..سلمي مراتي ادام ربنا قبل ما تكون مراتي ادام القانون وانا معترف بجوازنا ..
-اللي بيتكسر عمره ما بيتصلح
قالها مروان بسخريه أكثر منه مراره
ثم أردف
-حتي لو اتجوزتها انا عمري ما هنسي انها زانيه.. مستحيل اقبل انها تعيش علي الدنيا بعد اللي عملته بعد ما وطت راسي في الطين..اللي زيها وزيك يستحقوا الرجم وانا بقي هكون الجلاد هحكم عليها بالموت زي ما هحكم عليك
عايله الدمنهوري عمرها ما بتسامح في الشرف ولو علي رقبتها ..
كل ذلك التهديد لم يهز من وليد شعره واحده بل قال بثبات:مش هتستفيد حاجه لما تقتلها ..ومش هتكون الأمبراطور اللي هيفضل مقدس بعد ما يغسل عاره زي ما بتقول ..انت كده هتفضل عايش وندمان قلب الأب اللي جواك عايز يسامح خصوصا وانت شايف جو عينها الندم والتوبه ..مين مننا مش بيغلط ..أنت نفسك بتغلط ..انت مش ربنا عشان تقدر حياتنا وتحكم علينا بحكم ظالم ..انا وهي توبنا وعرفنا ذنبنا اللي هنعيش طول عمرنا عشان نكفر عنه ليه تاخد مننا الفرصه اللي ربنا مش بخل علينا بيها ..لو عايز تقتل فالشخص اللي يستحق القتل هو أنا ..هي ملهاش ذنب أنا اللي ضحكت عليها..لو عايز تقتل اقتلني انا ..بس مش هسمحلك أبدا تلمس شعره من مراتي أم أبني ..
بادله مروان نفس نظراته المشتعله قبل ان يحيل نظراته إلي الواقفه خلفه
حيث تسيل دموعها رافضه لكل ما يُقال
أبعد قبضتيه عن محيط ياقته وأزاحه للوراء
ثم هتف بحزم :زي ما أنت عايز ..أنت أخترت الموت بدالها
ثم أمسك كفه بقوه وجره معه ووليد سار معه طواعية وتحت رضوخه التام له
أن كان هذا سيكفر عن ذنبه فهو راضي كل الرضا عن ما سيفعله مروان الدمنهوري به ..
أعترضت صرخه من سلمي..صرخاء صماء رافضه .
وعندما أقتربت من أباها تمنعه تتوسله
قال لها وليد بثبات:سلمي أبعدي أنتي ..باباكي ليه حق يعمل اللي عايزه فيه ..هو المظلوم وأنا الظالم..
هزت سلمي رأسها بدموع
ثم قالت :لأ لأ مستحيل ..
صرخت بالأخيره
ثم طالعت عيون اباها الجامده
لتقول بخضوع وترجي:أرجوك يا بابا أرجوك سيبه..وليد ندم والله العظيم ندم ..احنا غلطنا بس تبنا ورجعنا عن ذنبنا وعاهدنا نفسنا أننا مش هنرجع للغلط التاني..دا ربنا بيسامح ..ربنا بيغفر لعبيدة لما يرجعوا ليه ..سيبه يا بابا سامحه عشان خاطري عشان خاطر أبنه ..
-بس أنا مش ربنا ..ومش عايز أسامح ..وصدقيني يا سلمي أنا هخليكي تكرهي اليوم اللي خلاكي تخوني ثقتي فيكي ..
مسحت جبهتها بيأس وقلة حيله..دوع وخوف ..نبضات قلب متقافزه كأن أحدهم سيلقيها من أعلي قمة إيفرست لتطيح إلي أسفل سافلين
هذا الشعور مريع. ..يجعلك تموت قبلها بدل النره مئة مره
وفجأه هبطت شفتيها المتوسلتين بقبله علي ظهر كف والدها القابض علي كتف وليد
مع همسها المتوسل الباكي:أبوس أيدك يا بابا ..أبوس إيدك متحرمنيش من وليد
ثم جثت عند قدميها تقبلهما مع همسها المتواصل:أبوس رجلك متحرمنيش من روحي اللي بتنفس بيها …
لكن لم تكمل توسلها خيث مال عليها وليد ليرفعها ويوقفها علي قدميها معتدله أمام ناظريه
هاتفا بلوعة حزن:لا يا سلمي مش هسمحلك تتوسلي أي شخص مهما كان..انت مقامك عالي وراسك مرفوعه وهتفضل طول عمرها مرفوعه طول ما انا عايش وطول ما حبك في قلبي موجود ..عشان خاطري متطاطيش راسك تاني ..
ثم وجه انظاره لمروان قائلا بثبات دون اي خوف من الموت
-أنا جاهز ..
ثم سار معه بشكل طبيعي كي لا يثير شكوك من حولهم
رغم صراخ سلمي:بابا ..لأ يا بابا ..لو وليد حصله حاجه عمري ما هسامحك ..
تابعت طيف سيارة والدها المبتعد إلي وجهه معينه حيث وليد يقبع بداخلها ذاهبا إلي ملتقي قتله
علي يد من ؟؟
علي يد والدها !!!؛
والدها سيقتل والد طفلها الذي لم يأت للحياه بعد ؛
أنهارت جالسه علي ركبتيها بدموع ثم رفعت وجهها الباكي إلي السماء مع صراخها المفجع والمقطع لنياط القلب
-ووووليددددد
………………..
-أنزلي يا نوران أنا مش في مود يسمح للهزار
تابعت حركات وجهه الساخر مع قولها بأستهجان:ومين قال اني بهزر انا بتكلم جد وهكررها تاني تتجوزني يا نورس
بهتت ملامحه وحدق بها ببلاهه غير مصدقا مع تقوس حاجبيه علامة الذهول وفغر فاهه بدهشه
للحظات تكتف علي تلك الوضعيه بردة فعله الطبيعيه لشخص في مثل موقفه ..
الفتاه التي حلم فقط بأن ينال منها نظرة حب ..كي تكون نقطه في بحور عشقه لها . تعرض عليه الزواج الآن..
هو حلم…
لا ليس بحلم ..هي جالسه بجواره الآن وتحدق به تحاول ان تستشف ما يدور بداخله..
وعندما عجزت قالت
-نورس انت معايا …انت سمعتني أصلا …
اجابها مع محاولته لأبتلاع ريقه بتشتت غاية في الصعوبه
-آها ..سمعتك ..قولتي أنك
قاطعته :رأيك إيه..
ضيق عينيه ومازال يطالع قسمات وجهها وبريق عينها
هتف بثقه:عشان
لم تفهم وبريق عيونها خير دليك علي ذلك
فأكمل موضحا:عايزة تتجوزيني عشان
بمعني ان تنطق بالأسباب التي دفعتها لقول ذلك..
عندها حالت نظراتها المتفحصه له إلي الامام مع أعتدال جلستها مثل موضعها الاول
وقالت بأرتباك :عش عشان ..
ثم صمتت وهي تفكر بينها وبين نفسها
لماذا عرضت الزواج عليه؟ ..او هي تعرف الأجابه
حقيقة عرضها المفاجئ ..الحقيقه وما فيها انها تريد ذلك ليس لانها تحبه
لا وألف لا هي أبدا لن تحب نورس هو مجرد صديق لأ أكثر ولن يكون غير ذلك الصديق ..
هي أحست بأنها تريده إلي جانبها هو من سيجعل آسر الجندي يجثو علي ركبتيه عند قدميها
طالبا ان تعود إليه وتترك ذلك النورس زوجها
وحينها ستذهب الي نورس وتطلب منه الطلاق ..هكذا بكل بساطه ..
آسر يحبها هي وليس زهرة عندها يقين بحقيقة حدسها وصدق إحساسها..
لولا ظهور زهرة المفاجئ في حياتها لكان قد أحبها هي وتزوجها هي …
لكنها الآن سترجعه إليها وتنتشله من بين براثن تلك الأفعي المسماه زهرة
نورس هو الطعم ..هو قطعة اللحم التي ستجلب الفريسه إليها
مرت الخاطره في عقلها وعي تشاهد عنف نورس مع الشابين في النادي منذ قليل
هو فعل ذلك لمجرد انها قالت انهم تحرشوا بها لفظيا وهجم عليهم كالأسد الجامع دون ان يتأكد حتي…
وهذا هو المطلوب ..الأهتمام ..
أهتمام نورس بها هو من سيكون الحلقه التي تدفع آسر للغيره عليها..وهكذا سيعض اصبعه ندما لزواجه من تلك اللعوب .
أفاقت علي نظرات نورس المترقبه بأنتظار إجابتها
فهتفت دون ان تضيف كلمه اخري:مش عارفه ..
ثم فتحت باب السياره لتهبط من جوارها فتترك فراغا باردا أشعره بالوحشه..
ظل للحظات مكانه قبل ان يترجل هو الآخر ويستدير للناحية الاخري يقف أمامها
-يعني ايه مش عارفه ..لازم يكون فيه اسباب ..تقوليلي يا نورس انا عايزه اتجوزك عشان كذا وكذا
رفعت ناظريه إليه تطالعه بتشتت
قبل ان تقول :-مش عارفه مش عارفه بجد..كل اللي انا عارفه ومتأكده منه الوقتي أني محتجالك تكون جنبي اووي ..
طالعها بألم ثم تابع
-انا جنبك يا نوران ..انا هفضل عمري كله جنبك لو ده سبب طلبك العجيب ده …فبلاش ..لاني هفضل جنبك حتي لو كنتي من نصيب حد تاني
الأخيره نطق بها بصعوبه أكثر من وجع رغم الثبات البادي علي ملامح ووجهه..
نوران وهي تهز رأسها نافيه
-لأ أنا مش عايزاك جنبي كصديق أنا عايزاك جنبي كزوج ..محتاجلك يا نورس اول مره أطلب منك طلب أرجوك وافق عليه من غير أسئله ..من غير ما ترجع تاني وتقولي ليه ..ليه دي انا مش هقدر أجاوبك عليها الوقتي..عشان الاجابه مش عندي.
تعبت ..تعبت اوي …تعبت وانا بدور علي حد يفهمني ..عشان انا اصلا مش فاهمه نفسي ..بحسك انت اللي بتفهمني من قبل ما عنيا تنطق وشفايفي تتحرك..انت ..أنت الأنسان الوحيد اللي فاهم نوران الزهار أكتر من نوران الزهار ..كتير بسأل نفسي ليه …ليه أنت بالذات ..وبعدين بقول عشان انت أعز صديق ليا …والوقتي مش هتكون صديق بس هتكون كمان زوجي….
موافق يا نورس
نطقت بها بقلبا جامد وعيون راجيه ..
كان يسمعها بألم يريد ان يسكت كلماته بكلمه حب يعترف قلبه بها وتنطقها شفتاه لها ..
لكن لم يقدر ..وفقط ظل يسمعها بقلبه وعيناه العاشقه
ثم هتف أخير
-أجيلك أمتي انا وأهلي علشان نطلب إيدك …
أبتسمت بأرتياح ..فهكذا يعني انه وافق ..
……
يركز علي الطريق أمامه عبر زجاج سيارته الاماميه قلبه العاشق لها هشا كذاك الزجاج المصنوع من رمال دموع عينيه التي تنهال الآن علي كلتا وجنتيه ..بدون إرادة منه ..
كلما يتذكر وجعها ..والألم في بريق عيونها ..يتوجع فتسقط الدموع
هذا رد فعل طبيعي في سيكولوجية أبناء آدم وحواء فعندما يتوجع القلب تبكي العين..
ويا له من وجع يفتن قلوب المحبين
هو الآن يقود سيارته الفارهه يجوب الشوارع عبثا بعد ان ترك الشركه منذ ساعه
لم يتحمل البقاء بمكتبه وفور أن وصل لم يبقي سوي أقل من خمسة عشر دقيقه من عقارب الساعه
أوقف السياره أمام بوابة الفيلا الضخمه ثم هبط منها وهو يغلق الباب خلفه بهدوء
دلف للفيلا ومن بعدها صعد درج السلم المؤدي للطابق الأعلي
أرخي كتفيه مع أستقرار سترته الرماديه فوق ذراعه المثني بتخاذل
وفتح اول ذرين عند محيط رقبته لتلوح حبيبات العرق المتعلقه عند أسفل خياشيم عنقه
وأكمل صعودا حتي وصل للغرفه
أرتخي قليلا في وقفته وأبرئ حزن عينيه وغشاءه الذي لا يزال متعلق بالدموع
فتح الباب قليلا
وبعدها دخل بهدو وأقترب من السرير ليري سكونها
يجثو رويدا علي ركبتيه يدقق في كل تفصيله في وجهها وهي تنام ..تبدو كالملائكه ..كالروح البريئه الطاهره
قبل ان تسقط دموعه لتلهلب وجنتيها بنار خوفه مسحهم بطرف أصابعه ..
ثم جالت أصابعه لتملس علي خصلات شعرها التي أنفلتت من تحت حجابها الأبيض كنفس لون بشرتها
أبتسم بلوعه وهو يسحب المصحف الكريم من بين ذراعيها التي تضمانه بهما إلي صدره.
يبدو انها غفت أثناء تلاوتها لآيات الله
ثم وضعه علي سطح الكومود الزجاجي ومال بجذعه إليها ليطبع قبله عميقه علي جبينها
حرارة قبلته تبث فيها حبا أعظم من حب عنتره لعبله ..وحب المجنون وليلي بل أكثر من حب رميو وجولييت ..
دثرها جيدا أسفل الغطاء السميك قبل ان يتركها ويذهب أتجاه الحمام الملحق بالغرفه
توضأ والأن يفترش سجادة الصلاه ليقف بين يدي خالقه بخشوع كما علمته هي ..
وكعادته مثل كل يوم في الأسبوع الماضي بعد ان يفرغ من الصلاه يبكي وهو يدعو أن يشفيها الله له ..
………………..

يتبع….

الفصل السابع والخمسون

عند قمة جبل مرتفعه حيث السماء الصافيه هي المحيط شمالا وجنوبا غربا وشرقا والأشجار العاليه تتكاثف كالعنقود المتراص إذا ما ألقينا عليها نظرة تراكميه من الأعلي
كان مروان يقف في مواجهة وليد الواقف بصمود
كالجبل الذي لا تهزه الرياح
شامخ في طلته كصقرا جامح
يشهر ناحية صدرة سلاح (مسدس) وأصبعه السبابه تتراخي فوق الزناد
سيطلق عليه الرصاصه المعدنيه في أي لحظه
ينتظر فقط ان يري في عينيه تلك النظره
نظره ضعيف عاجز لا يتمني ان يموت وان وصل به الحال سيجثو عند قدميه متوسلا
لكن هو يراه عكس ذلك
لا يلوح علي وجهه أي علامة للخوف
وأخيرا قال وهو يتابع عينيه بخشونه
-عايز تموت
-لو ده هيرضيك ويبرءني من ذنبك يوم الموقف العظيم فأنا معنديش مانع
بل بالعكس هطلب منك انك متترددش لحظه واحده وانت بتطلق عليا الرصاص
عبس حاجبي مروان قائلا
-أنت فاهم بشاعة اللي عملته..انت زنيت ..
قاطعه
-بس تبت وربنا بيقبل التوبه ..لكن عشان انت مش ربنا فأنت مش هتسامحني ومش هتقدر تستوعب توبتي وانا بلزمك ..انا مقدر موقفك ..أي اب في مكانك ليه حق في انه يعمل أكتر من كده ..
-لو بتحبها فعلا كنت صونتها ..
قال وليد وأبتسامه مريره تعلو قسمات وجهه
-تقدر تقول ان اللي حصل كان قبل ما تشوف وليد اللي واقف ادامك
ضيق مروان عينيه بعدم فهم واستيعاب
فتابع وليد موضحا:كنت شبه رابعه العدويه في النص الاول من حياتها والوقتي بحاول علي قد ما أقدر أصلح اللي شيطاني وسوء نفسي عملوه زمان ..يمكن لو لقيت اللي يوجهني ويحذرني من الغلط اللي كنت ماشي فيه ..مكنش حصلت حاجات كتير بندم عليها كل ما أفتكرها..موت نضال ادام عنيا وحبي ل سبمي فوقوني..فوقوني قبل ما أقابل ربنا علي معصيه..
– بس كفايه
صرخ بها مروان وهو يقرب حافة المسدس أكثر تجاه صدر وليد
-متحاولش تبررلي ..انت في نظري مذنب وهتفضل مذنب حتي لو بقيت رابعه العدويه في النص التاني من حياتها ..غلطتك مش هيغفرها غير الدم
وليد بثبات: قولتلك اني مش خايف انا ادامك بشحمي ولحمي اعمل فيا اللي انت عايزه..بس سلمي خط أحمر ..وليد هيضحي بحياته عشان سلمي تعيش ..
أوعدني ..اوعدني انك مش هتمسها بسوء..
ثبت ناظريه علي ملامح وجهه الثابته وهو يقول
-أسكت.. انت وهي هتاخده العقاب اللي استحقوه او بمعني اللي انا شايفه انكم تستحقوه …مش انت اللي تحدد
ثم ثبت اصبعه السبابه علي الزناد من خلف الدائره المفرغه في وضع أستعداده لأطلاق الرصاص
وليد أغمض عيونه برضي وتقبل لما سيحدث بل وثبت نفسه جيدا امام محيط الرصاصه
ومروان كان بداخله حائرا مترددا وعيناه بداخلها الكثير من الأعتراض
واحد .. أثنان وعند الثلاثه
أرخي يده الممسكه بالمسدس جانبه مع همسه :مش هقدر ..مش هقدر أحرم سلمي منك ..
……………………….
عادت سيارة مروان الدمنهوري أمام المشفي من جديد
ترجل مروان منها ثم تبعه وليد في صمت
كانت سلمي لا تزال جالسه علي الأرضيه عند أسفل السرير
ضامه ركبتيها إلي جسدها وذراعيها النحيفتين تحيطان بهما
تبكي بمراره وحرقه عندما فتح أبيها باب الغرفه لترفع رأسها وتطالعه بهالتها الرثه وعيناها الحمروان من شدة البكاء
هامسه بكلمات تعلقت بمنتصف حلقها
-خلاص …قتلته …حطمت حياتي ..
لكن لم تكمل مرارة ملماتها الموجعه حيث رأته وهو يظهر من العدم واقفا جوار والدها كتفا في كتف ..
تهللت عيناها بالفرحه ونفضت عنها تلك الدموع الأليمه تخبضت وجنتيها بأبتسامه واسعه وبريق متلألق كاالنجوم ظهر جليا داخل زيتونة عينيها
ثم نهضت متحامله وأسرعت الخطي تجاهه ..وقفت قبالته
غير مصدقه انها تراه أمامها
قالت بقلق وهي تطالع كل جسده حتي يطمئن قلبها انه سليم
-أنت كويس
أومئ له بهدوء وأيضا دموعه التي أبي ان تهبط …سالت لترسم في النهايه لوحه العاشقين أتحد الزمان والقدر عليهما ..
ليتفرقا عدة مرات ثم يعودان من جديد ويجتمعان ..
أحست ان الغرفه تدور بها وغشاوة ما تراءت أمام عيناها وقبل ان تسقط ليحتك جسدها بالأرض ..لحقتها ذراعي وليد التي حاوطت خصرها
بقلق قبض قلبه همس وهو يحاول افاقتها:سلمي ..سلمي
لكن لم تجيبه
وقلب الأب لم يخلو ايضا من القلق ..
وضعها وليد علي السرير برفق ثم تركها لينادي الطبيب لها
تاركا مروان
الذي أنقبضت ملامحه خوفا وهو يري شحوب وجه أبنته خبط علي وجنتيها يحاول افاقتها
لكن لا حياة لمن تنادي
شعرت يدة المستكينه جوار سلمي علي السرير بسائل علق بحنايا راحة كفه
رفعها إلي عينيه لتقابل نظراته سائل دموي احمر اللون يقطر من قبضة يده
افزعه ما رأي
وعندما جال بعينيه
قفز مرتعبا وهو يري بركة الدماء التي أخذت تكبر وتكبر حتي صارت نهرا عميقا محيطا بجسد أبنته …
……………………………………..
طوال الليل وهو يطالع ملامحها الغافيه ساندا رأسه علي كفه المنبسطه بأريحيه مع ثني ذراعه القوي علي شكل الرقم سبعه ..
وحينما تجوب خصله عابثه لتتراقص فوق جبهته مداعب لرموش عينها السوداء الكثيفه
يبتسم وهو يرخيه بسبابته ا للوراء كي لا تقلق نوم حبيبته ..
تمطعت في رقدتها قبل ان ترمش جفنيها المغلقين عدة مرات لتفتحهم بعدها
فتطالع وجهه الهادي وعيناه المتعلقه بعينيها .
همس بشقاوة:صباح الخير ..
أشاحت وجهها عنه ثم نهضت وأبتعدت عدة خطوات تجاه النافذه
فتقف أمامها وتكتف ذراعيها ضيقا مع ملامحها المتجهمه
يعلم أنها غاضبه منه خصوصا بعد ان تركها ليلة الأمس وغادر الفيلا ..
وطبعا هي سهدت الليل ومشقته في أنتظاره..وفي النهايه لم يأتي فأستسلمت للنوم وأحلامها …
وقف أمامها ثم رفع اصابع يده إلي ذقنها ليدير وجهها إليه
فيتطلع لقسمات وجهه الحزينه وحاجباها المنعقدان غضبا أما عيونها فتسبلها للأسفل كي لا تري وجهه فتغضب أكثر من غضبها ..
-زعلانه ..!
لم تجب بل زمت شفتيها علامة الغضب .
أبتسم ليقول بخفوت
-آسف يا زهرة …أنا كنت جاي مضايق بسبب شغلي وانتِ اللي كنتِ أدامي وقتها ..
لكنها ظلت غاضبه ولم تلن ملامحه ولو لقطرة ماء واحده
فأخذ نفسا مطولا قبل ان يردف
-طب علي الأقل بصيلي ..
-مش عايزه
قالتها وهي تبتعد عن محيط عطره الرحولي الغازي لقلبها وكل أنشا بها ..
أوقفها ماسكا إياها من معصمها برفق هاتفا بخفوت:عشان خاطري ..أنا بردوا حبيبك آسر ..
عندها طالعته وقد لانت زيتونة عينيها بعد الاستماته وانفكت التقطيبه المزعجه عن حاحبيها
-هتعمل كده تاني
بأبتسامه قال:تؤ تؤ ..
همسه هذا زلزل كيانها فأبتلعت ريقها بصعوبه وهي تلملم بقايا زهرة المشتته أمام حضرة وجوده.
ثم تابع :غيري هدومك عشان هننزل..
وعندما ضيقت عينيها بعدم فهم
قال موضحا:أنا عازمك …هنخرج مع بعض لأول مره بعد شهر العسل
صححت كلمته كمدرسه تصحح الأخطاء الأملائيه ولكن هنا هي اخطاء كلاميه
فقالت:قصدك أسبوع العسل ..
ضيق عينيه نافيا مع تغضن زواية فمه بأبتسامه
-ما يبقاش قلبك أسود بقي ..عديها وخليها شهر عسل ..
-هو انا أعرف اغلبك في حاجه ..شهر شهر ..كله محصل بعضع
استطالت علي أصابع قدميها قليلا لتطبع قبله حميميه جانب ذقنه الرجولي الحليق قبل أن تتركه وتذهب لخزانة الملابس ..
…………
تأنقت كعروس ليل زفافها . أرتدت فستان لونه نبيتي أقرب إلي لون الكركديه
طويل الأكمام بعض الشئ ومقفول عند ناحية الصدر لأسفل عنقها بقليل
مثلما يريد هو فهي لا تريد ان تغامر بشجار مدوي ستكون فيه هي الخاسره …كما انها لا تريد ان تفسد مزاجها الرائق الرومانسي ..
فهي ولأول مره ستخرج معه إلي مكان عام ..كزوجه رسميه له متأبطه ذراعه بذراعيها وتمشي جوارها بغنج أنثي شرقيه يحرسها فارس أحلامها وزوجها الهمام..
معه تشعر بأنه لا يمكن لاي مخلوق مهما كان بأن يمسها بسوء ..
الأن هي تهبط معه درج السلم الطويل الممتد تشعر بأنها ملكه قد توجت علي عرش الدنيا بأكملها وثوبها المتمرد يتمايل حولها يتبختر …
أبتسامته الهادئه تصل لأذنيها كما يبادله هو أبتسامه تناسب ملامحه الخشنه الرجوليه
وصل الاثنان في منتصف بهو الفيلا عندما أخترق مسامعهم ذلك الصوت
-آسر
أستدار آسر بكل جسده تجاه الصوت ومعه استدارت زهرة التي تأفأفت ملامحها ضيقا
-خير يا ماما
نطق بها آسر وهو يطالع والدته التي تقف أمامه
أبتهال وهي تجول عينيها عليهم من فوق لأسفل بتفحص
-أنت خارج
آسر بأبتسامه صافيه
-آها انا وزهرة هنخرج ..عايزة حاجه
تصنعت أنها ستسقط فاقده للوعي
فترك آسر ذراعي زهرة وأقترب يسند والدته والقلق بادي علي ملامحه
قال :ماما مالك؟؟حاسه بأيه
قالت بخفوت وهي تضع كفها لتستقر فوق جبهتها متصنعه الألم ونبرة التعب في صوتها
-مش عارفه يا آسر حاسه بتعب فظيع …أسندني يا أبني طلعني لأوضتي..
أسندها آسر بالفعل وصعد بها نحو غرفتها وخلفهم زهرة التي تريد ان تشعل الدنيا نار بقدر النار التي تغلي بداخلها..تعلم علم اليقين ان شغل الحموات قد أبتدي فمثل تلك الحركات المكشوفه لا تمرق علي زهرة فهي أنثي وتفهم الأعيب الأنثي مثلها .
حقا إن كيدهن عظيم..فعلت ذلك خصيصا لكي تفسد الخروجه اليتيمه ..
دثر آسر والدته جيدا اسفل الغطاء ثم أخرج هاتف من جيب سترته
ليهاتف طبيب العائله…
بعد قليل كان آسر وزهره ينتظران أمام غرفة أبتهال
في ترقب لخروج الطبيب ..
أقترب آسر من زهرة الواقفه بثبات خالي من أي تعابير رغم النار التي تنهش قلبها
تمتم بأعتذار جلي:زهرة أنا آسف مش هنقدر نخرج النهارده أمي تعبانه ومقدرش أسيبها لوحدها خصوصا ان بابا في الشركه وروميساء في جامعتها..
لم تثر او تغضب او تصرخ وتقول له بأنها مجرد حيله بل كل ما فعلته انها أبتسمت بهدوء وأنسحبت إلي غرفتها..وهناك أفرغت شحنة غضبها في الوساده التي أطاحتها بعنف علي بلاط الأرضيه لتستقر جوار زميلتها حقيبه اليد السوداء المختلطه بنقوش ذات لون نبيتي التي أطاحتها زهره علي الأرض عند دخولها للغرفه..
وهذة نقطه في بحر ما ستفعله تلك الأم في زوجة الأبن قليلة الحيله
………………………….

يتبع….

الفصل الثامن والخمسون

تحممت بغسول شعر يحمل رائحة النعناع الذكيه ثم طوت شعرها خلف منشفه صغيره لونها وردي كلون حوائط غرفتها.لطالما عشِقت اللون وردي ثم خرجت ورائحة الزهور البيضاء تفوح من أسفل المنشفه الكبيره التي تلف بها جسدها ..
رائعا هو الماء فدوما ما يجعل الأنسان يشعر بالأنتعاش
مشت أتجاه الخزانه وقامت بفتحها لتقع عيناها لا إراديا علي الفستان الأبيض الطويل المخبئ عند طرف الخزانه..إنه باهظ الثمن ويحمل ماركه أوربيه عالميه..
لقد أشتراه لها نورس كهدية في حفل خِطبتهم منذ شهران ..
شهران مرّا عليها كساعتين من الزمن ..
أخرجت الفستان من غطاءه ثم أتجهت به وهي تدليه علي ساعديها إلي السرير
وضعته برفق علي طول السرير ثم جلست جواره تتلمس قماشه الراقي مع تنهيدة حارقه أطلقت العنان لها..
شئ ما يوخز قلبها من الداخل ولا تعلم ما هو !!
تجاهلت إحساسها اليائس ونهضت لتنظف بشرتها وتضع عليها مجموعه من الأقنعه علي مرآة الحمام
أنتهت من أرتداء الفستان ..وطالعت نفسها بذهول في المرآه التي تقف أمامها
ياالله كم تبدو جميله في هذا الفستان ..بالفعل نورس أبدع في أختياره ..أن ذوق نورس حقا رائع ..لقد أنتقاه بعناية وصدق لها هي خصيصا ..ربما تخيلها به قبل ان يهديها إياه…
والأن هي تهبط درج السلم بأناقه
وهكذا تتمايل في مشيتها حتي خرجت من بوابة الفيلا الضخمه..
لتجده هناك أمام سيارته ذات اللون الأسود بأنتظارها..
للحظه تسمر في مكانه مشدوها من جمال طلتها لكنه سرعان ما أبتسم بهدوء وهو يفتح لها باب المقعد الأمامي من السياره فتبادله نفس أبتسامته الهادئه قبل ان تميل بجذعها لتأخذ مكانها في الجلوس بأريحيه علي المقعد
إهتزت السياره نتيجة ثقل جسده وهو يجلس جوارها خلف عجلة القياده
طالعها بأعجاب قبل ان يهمس بصدق عاطفته ورونق عيونه الباهي
-نور أنتِ برنسيس ..برنسيس خايف لتخطف عقول الجميع هناك لأني مش هستحمل ان أي حد يبصلك ..
قهقهت بهدوء وهي تتمايل للأمام ثم عادت لوضعها الاول وهي تقول
-المهم أني خطفت عقلك أنت …وقلبك كمان ملكي ..
طالعت نظراته المرتبكه بخبث ثم أردفت:أنا بقول الحقيقه..صح ..
تقرها أم تكررها لتقرها علي مسامعه ..لتؤكد له ان مشاعره..أهتمامه..حبه في الايام السابقه كانت واضحه لها عين الشمس ..
المغفله قليلة الخبرة بالرجال هي من ستكون حمقاء وهي توهم نفسها بأن كل ما يفعله هو بدافع الصداقه لا أكثر..
كاذبه ان كررت تلك الكلمات الوضيعه لنفسها كل يوم..
عندها ستصبح كما يقولون”تكذب الكذبه ثم تصدقها وتعيش بداخله كأنها الحقيقه التي لا مهرب منها”
زاغت عيناه يمنة ويسار ثم أستدار بجسده ..عاود النظر للأمام ..أدار عجلة القياده دون ان ينظر إليها او ينطق ببنت كلمه ..
وهي عضت علي شفتيها بأستهجان وطالعت الطريق أمامها بصمت مطبق..
………… ……. …. …………
وقفت في منتصف بهو الفيلا تجول بعينيها في كل إنش بحثا عنه
قطبت حاحبيها بضيق وهي لا تجد له أي آثر فتنهدت بحزن وعندما أستدارت بجسدها لتعود من حيث أتت
وجدت طيف عمها يقف أمامها معترضا طريقها..
تسمرت في مكانها وهي تطالعه ببلاهه وحيره
أردف حاتم وهو يضع يديه في جيوبه بعد ان شمر عن ذراعيه
-بتدور عليه صح ..
تنحنحت وزاغت بيصرها يمنة ويسار لكنها عادت لتثبت ناظريه عليه قائله
-هو خرج؟
كان سؤال أكثر مما هو حقيقه فطِنت إليها
اومئ لها حاتم إيماءه بسيطه ثم قال
-تعالي نتكلم بره في الجنينه ..
ثم تخطاها وهي تبعته بصمت وأستسلام
بعد ان جلست قبالته
تطلع للطبيعه حوله حيث الخضره الناضره والسماء الصافيه والعصافير المزقزقه
ثم طالعها بعيون غلفتها بحنان أبوي هامسا بحب
-عامله إيه الوقتي..
أجابته بتشتت وأرتباك
-الحمد لله ..
تعمق النظر إليها قليلا قبل ان يقول
-غالب مش هو غالب نفسه اللي كانت سعادة الدنيا كلها في عنيه لما أعترفلي بحبه ليكي ..
دمعت وظلت قابعه في مكانها برأسها المستكين ودموع حزنها تنهمر بصمت ..صمت قاتل..يمر عليها كما تمر سنون الآخره علي قاطني جهنم (أ-عاذنا الله-)
تابع حاتم :عمري ما كنت أتصور في حياتي ان غالب يوصل للحاله دي..كأنه ميت ومدفون تحت التراب وهو لسه عايش قلبه بينبض ..
ليه عايزه تنفصلي عنه..
طالعته بغشاء عينها الفضي المغطي بالدموع
فقال:غالب مقليش حاجه ..بس أنا أبوه وبحس باللي عنيه عايزه تنطق بيه من غير ما يتكلم ..
زي ما انا كمان عمري ما أتصورت انك تضعفي وتخلي النرض يهزمك بالشكل ده..اومال فين إيمانك اللي دايما كنت بشوفك فيه..
تعرفي يا نداء انا دايما كنت بشوف نفسي فيكي وانا صغير ..بس انا عمري ما كنت هستسلم للمرض اوي كده..بالعكس هحاربه عشان أقضي عليه ..
همست متألمه:أنا مش عايزاه يتعذب معايا..ذنبه ايه عشان يتبلي بواحده مريضه بالكانسر ..
حاتم معترضا
-وإيه يعني ..مش مفروض انكم تتقاسموا حياتكم علي الحلوه والمره..إيه فايدة الحب لما ميقفش جنبنا في محنتنا ويقوينا في عز ضعفنا ويكون سندنا لما نحس ان الدنيا كلها واقفه في وشنا…
غالب بيحبك مستعد يسيب الدنيا كلها عشان خاطرك..غالب هيتكسر فعلا لو أنتي صممتي علي اللي في دماغك..يا بنتي انتِ لسه صغيره ادامك حياه طويله بأذن الله لازم تقرري تحاربي فيها عشان تعيشي مع اللي بتحبيه..متيأسيش من رحمة ربنا..ده ربنا كبير ااوي وبيبتلي بس اللي بيحبهم ..وعشان سبحانه عارف انك هتكوني اد الابتلاء أختارك أنتِ وغالب ..حب غالب حب حقيقي متضيعهوش من إيدك بسبب إحساسك بالذنب …وصدقيني غالب عمره ما هيكون سعيد إلا وهو جنبك أنتِ…
نظر لها مطولا لدموعها حزنها شعورها بالضعف ..ثم نهض عن الكرس وافسح لها المجال لتبكي وحدها وتخرج كل ما بجعبتها حتي تهدئ وتفكر بفطنه ..وتعلم ان الله لا يبتلي عبدا إلا إذا أعطاه صبر وتحمل لا يقدر جبل علي حمله..
وبالفعل أخذت تشهق بكاءا كما لم تبكي قبلا حتي ان الأشجار الزهور حولها أصدرت أنينا لحزنها ..
………………..
سألته
-ليه ضربت الشابين من قبل حتي ما تتأكد مني إذا كان عاكسوني ولا لأ..للدرجادي مستعد تعمل أي حاجه عشاني
عاجلها قائلا
-وكنت مستعد اقتلهم كمان ..انا ممكن أهد الكون كله عشانك
اللي يقربلك او حتي يبصلك مش هرحمه ولا هخلي الجن الأزرق يعرفله طريق جره..حتي لو أجتمع الجن كله ..
كل حاجه عندي تهون إلا ان حد يجرحك او يدسولك علي طرف..ممكن أسامح في أي حاجه إلا حاجه تخصك انتِ.. لو هموت عشانك فأنا مش هعز حياتي عليكي يا نوران . أنتِ متعرفيش انتِ غاليه عندي اد إيه ..غاليه عندي لدرجة اني ممكن ألمس نجوم السما عشانك..غاليه عندي لدرجة اني أحدف نفسي وسط النار عشانك..
قالت وهي تتعمق النظر لداخل عينيه حيث لهيب الصدق الصادر منهما …
-كل ده عشان انا صديقتك
-عشان بحبك ..ومش بحبك كصديقه..بحبك كحبيبه ..انتي يا نوران حبي وعشقي ولعنتي …
صمت يطالعها وقلبه يتخبط
أما هي فكانت لا تصد ولا ترد بل تحملق بقسمات وجهه الخشنه الرجوليه ببلاهه
وأصبحت دقات قلبها تدق كالطبول النرجسيه
لم تعلم ان نطقه بالكلمه سيكون له ذلك التأثير عليها..لها رهبه لا طاقة لقلبها علي تحملها …
قطع الصمت المطبق بينهم قائلا
-نوران ساكته ليه..
حاولت لملمة شتاتها ثم اغمضت جفنيها تستدعي التماسك
قائله بتلعثم
-ااااا ..ههههق هههقول إيه…ممكن نمشي ..
رفع حاحبه مستنكرا إجابتها مع قوله
-نمشي ..
-أه ..عشان خاطري يا نورس ..خلينا نمشي ..
ثم نهضت واقفه تأخذ حقيبة يدها السوداء الموضعه علي يسارها …
أستسلم لرغبتها ولحق بها بعد ان أستدعي النادل ودفع له الحساب..
…………..
ظلت قابعه في التراس المستدير الملحق بغرفة نومهما ..تنظر بين الحين والأخر لساعة يدها وهي تهز ساقها اليمني بخوف ..قلق..تشتت
هي تنتظره منذ ما يقرب الساعه..
لماذا تأخر؟؟
زفرت بأرتياح وهي تسمع صوت السياره ..ثم رأتها وهي تدلف من بوابة الفيلا وصولا حتي تقف علي مقربه من النافوره القابعه في منتصف الحديقه الواسعه
عندها أسرعت بخطواتها ..خرجت من الغرفه وركضت حتي توقفت عند منتصف درج السلم الرخامي ..وهي تطالعه يصعد الدرج دون أن ينتبه لوجودها أمامه
لا يبدو انه أنتبه فهو توقف أيضا لا يفصله عنها سوي ثلاث درجات من السلم
تبادلت العيون نظراتها بصمت..او حزن ..قاتل ..قاتل حد توقف الأنفاس ..
لكن لم يلبث ان أشاح بناظريه عنها وأكمل صعود السلم متجاهلا وجودها ..
دخل غرفة النوم وألقي سترته السوادء بعد ان نزعها علي جانب السرير ثم أتجه ناحية النافذة يتأمل الطبيعه من الخارج عبر زجاجها الرائق
لحقته..تطلعت بحزن إليه إلي تهدل كتفيه علامة الحزن في قلبه ..والافظع هي تلك السيجار التي يدخنها بشراسه
منذ متي وغالب يدخن ..!!؟
أقتربت منه وقفت جواره تطالعه بندم أكثر منه حزن مشبع بالوجع..لكنه تجاهلها ..نظراته للخارج كانت كالفولاذ الثاقب ربما لو رمقها بتلك النظرات فستموت رعبا
لكنها زفرت بتماسك وأخذت من بين إبهامه وسبابته ذلك السيجار وبدون ان يرمش لها جفن أسقطته علي بلاط الأرضيه تحت إطارات حذائها ذو الأطارات المستدير ..حدث هذا تحت ناظريها التي تطالعها بجمود وعاد مجددا لنفس نظراته الخاويه وهو يتجاهل ما قامت بفعله للتو متطلعا للخارج عبر الزجاج..
همست بضعف:غالب .
من قال ان همسها لم يؤثر به ..لا والله فتلك الكلمه أثارت بداخله كثير من المشاعر هزت كيانه وزلزلت ثباته الذي كان يدعيه
لكن ملامحه لم ترق ولم تلين بل ظلت منعقدة متجهمه ثابته لا يشوبها أي شائبه ..
لمست كفها كتفه فأقشعر جسده وتشنج آثر لمستها
ثم لحقت يدها الأخري كتفه الأخر أتبعتهم بإمالة رأسها علي ظهره
وقد ذُهل لفعلتها
ثم لم تلبس أن أرخت يديها عن كتفيه لتحيط خصره بذراعيها
وترخي رأسها عند منتصف ظهره مع أغماض عينيها بهدوء وأسترخاء
لم تنطق بكلمه وهو ايضا بل ظل ثابتا في مكانه .وهي أردات ان تتنعم بدفئ تلك اللحظات القصيره ..ان تتنعم براحة قربها منه وأحساسها بالأمان مثلما تشعر به الآن بقربه …
دموع صامته سالت علي وجنتيها وهي تهمس بعد مرور قليل من الوقت
ظلا الأثنان خلالهما علي نفس تلك الوضعيه
-آسفه..آسفه ومش هكررها تاني ..
أحست بتشنج جسده وأنتفاضة قلبه وأطراف يده
ثم فور أستدار لها ولم تكد تكمل ما تقول حتي دفنها بين طيات صدره وهي بكت ..بكت بمراره ودموعها بللت قميصه ..وأحرقت نبض قلبه ..
بعد ساعه كان رأسها يتوسد منتصف صدره ذراعيها تحيطان بخصره
ويده تملس برفق علي خصلات شعرها
هتف بهدوء وما زالت لمسات يده علي شعرها تشعرها بالدفئ والأمان
:هنروح بكره المستشفي وهتنفذي كل اللي الدكتور يقول عليه..
كان يذكرها باعتراضها علي كلام الطبيب وعدم تنفيذها لما يقوله من قبل ..لكن الآن يجب عليها ان تقاوم وتنفذ كل التعليمات ..
تشنج جسدها لحظه ثم لم تلبث ان أومأت برأسها علامة الموافقه ..
وعلي آثرها تغضنت زواية فمه بأبتسامه ..
قالت وعينيها تستسلم للنوم
-غالب ..
-ايوه
-أوعدك أني هكون ليك أحسن زوجه لو ربنا أراد وخفيت من اللي أنا فيه ..
طبع قبله عميقه فوق خصلات شعرها
ثم قال:بأذن الله هتخفي …وهتبقي أحسن أم وزوجه وحبيبه في الدنيا كلها …
بعد قليل كان ينهض من جوارها بعد دثرها جيدا أسفل الغطاء ..
ذهب ليتحمم في الحمام الصغير الملحق بغرفة النوم..
نعم فهو بحاجة إلي الماء لكي يطفئ نيران رغبته بها التي أشعلها قربها الشديد منه ..هي لها عليه تأثير ساحر تجعل كل جسده يئن شوقا إليها ..كم يتوق أن يجعل منها زوجه حقيقيه له ..ان يوشمها بصك ملكيته لها ..لكنه لا يفكر ابدا في ان يجعل من خياله ذلك حقيقه ..ليس بغافل عن عواقب ذلك ..
ربما يُحرم منها للأبد ..
عادت نبضات قلبه للثوره رعبا وتلك الخاطره تجول بحريه في ريعان عقله …لا هو أبدا لا يتحمل ان يحدث لها مكروها ولهذا سيحاول بقدر الامكان الأبتعاد عن محيطها …
…………………..
توقف بالسياره أمام الفيلا ..هبط منها وأسرع للناحيه الآخري كي يفتح لها باب السياره
همست قبل ان تتركه وتذهب:شكرا..
ومن قال ان نورس يتركها تذهب ببساطه
وهكذا أوقفها وهو يقبض برفق علي معصمها
حاولت تخليص نفسها منه ولم تقدر بل أنه سحبها إليه حتي أوقفها أمامه وجها لوجه ..
همس وأنفاسه تلفح جانب وجهها
-تصبحي علي حبكي ليكي ..صبحي دايما بخير وجنبي ..تصبحي علي خير يا اغلي حاجه عندي
ترك يدها لتهرب من أمامه ..كالسندريلا التي هربت عندما دقت الساعه منتصف الليل
وهو أبتسم غارقا في بحور العشق الوهميه ثم صعد سيارته وأنطلق بها …
……….
القت التحيه بفتور علي زهرة الجالسه مع والدتها في بهو الفيلا الواسع ولم تزد علي كلامها سوي
-ماما انا هطلع اوضتي عن إذنك ..
ثم ببساطه تركتهم وذهبت تاركة زهرة تطالع طيفها الذي مازال عالقا في المكان بحزن
لكن رغم ذلك أعطت أبتسامه هادئه لوالدتها الخجله من تصرف نوران الوقح والمرتبكه في نفس الوقت
وقالت
– اومال فين سليم..
-في أوضته
ثم نهضت واقفه لتقول
-عن أذنك يا ماما انا هطلع أشوف سليم..
طرقت باب غرفته مرتين قبل ان يأذن للطارق بالدخول
أطلت وجهها من خلف الباب بأبتسامه ملئ شدقيها ثم دخلت وأقفلت الباب خلفها بهدوء
قالت وهي تراقب ما يفعله
-أزيك
كان يمارس رياضة الضغط حينها فأجابها بهدوء وملامح وجهه جامده تخلو من أي تعبير
-أهلا..
-قولت أعدي عليك قبل ما أمشي
نطقت بها بأرتباك ثم زفرت بتوتر وكل شريان بداخلها ينقبض قلقا
لكنه لم يجب وظل يمارس رياضته بصمتا مطبق ..
توترت ملامح وجهها وعي تحك أذنيها بتوتر ثم أردفت
-كنت هجيب روميساء معايا بس هي رفضت قولت اسيبها علي راحتها ..
لم تغفل عن توتره وتشنج جسده آثر نطقها بأسم روميساء
تابعت بهدوء:إيه الخلاف اللي بينك وبين روميساء يا سليم
سألت فجأه ودون سابق إنذار ..
عقد حاجبيه إندهاشا وهو يطالعها مضيقا عينيه ..توقف غن ما يفعله ونهض معتدلا ..
تجاهلها وأقترب من منشفه صغيره معلقه عند زواية الغرفه ..جفف بها عرقه المتبب عند عنقه وأعلي جبهته ثم ملامح وجهه
وبعدها القاها بأهمال فوق كتفه الايسر
ثم اقترب من زهرة الجالسه علي طرف سريره..وقف أمامها وطالعها بنظرات جامدة بعض الشئ..
هتف بثبات
-ليه السؤال ده بالذات
أرتبكت وهي تهندم خصلة ما خلف أذنها
ثم تنحنحت قبل ان تقول
-أنا تقريبا شبه عارفه بكل اللي بينك وبينها…أنت بتحبها يا سليم
-زهرة متدخليش في أمور متخصكيش
هتف بها غاضبا ..ثم ابتعد عن محيطها واقترب من باب غرفته..فتحه وقال وهو يقف عنده بملامحه غاضبه
-اطلعي بره الأوضه يا زهره
تحاملت علي نفسها ووقفت وهي شبه منكسره..وقفت أمامه قبل ان تخرج وتترك له الغرفه بأكملها
لتقول:ماشي يا سليم انا خارجه..بس قبل ما أخرج لازم اخلص ضميري من ناحيتك ..وأقولك حافظ علي روميساء..متسبهاش تضيع من إيدك تحت أي خلاف بينكم ..قولها انك هتفضل تحبها ومهما لفت مش هتلاقي حد يحبها أكتر منك ..
ثم أقتربت منه أكثر لتهمس جوار أذنيها:لأنها لسه بتحبك..ومش انا اللي بقول كده..عنيك وعنيها هم اللي بيقولوا …
جحظت عينيه بذهول وهو يراقب رحيلها وإغلاقها لباب الغرفه خلفها بهدوء …
ً……………..
أيوه يا آسر انا خلاص همشي حالا..بس مستنيه السواق ييجي .
حبيبي متقلقش أول ما اوصل هتصل بيك أطمنك..
أقفلت المكالمه مع آسر لتطالع أمامها وجه والدتها الحنون وهي تقول لها
-ربنا يديم المحبه بينكم
قبلت خدها الأيمن ثم أتبعت خدها الأيسر بقبله عميقه وهي تهمس
-آمين …السواق ممكن يتأخر فأنا هخطف رجلي للاتيليه اللي ورانا هشتري منه كام فستان وهرجع علطول ..
وقبل ان تهتف منال معترضه
قاطعتها زهرة بترجي :مش هتأخر يا ماما عشان خاطري . وكمان لو قلت لآسر مش هيوافق..ده بيرضي أجي لهنا بالعافيه…
………… .
وقفت أمام الباترينه الزجاجيه تشاهد الفساتين المذهله التي ترتديها أجسام المانيكان …وقبل ان تطأ قدمها لداخل الأتيليه سمعت من يهتف خلف ظهرها
-أشتري مني مناديل يا هانم
ولم تكن نبرة هذا الصوت غريبا علي مسامعها..بل هو أقرب للمألوف
أستدارت ناحية الصوت
لتتسع حدقتي عينيها بصدمه مع أنعقاد حاجبيها بعدم تصديق لما تراه أمام أم عينيها
همست وهي تفغر فاهه ذهولا
-بطه..
انها بطه رفيقة طفولتها القاسيه..الفتاه التي كانت تجوب الشوارع معها يبحثون عن كبش فداء يسرقونه فلا يعودون للقط خاليين الوفاض ..
…………..
عادت زهرة إلي والدتها
-ماما متعرفيش شقه في مكان كويس ينفع تتأجر
زوت منال ما بين حاحبيها بدهشه وهي تقول
-بتسألي ليه ….هو انتي عايزه تأجري شقه
زهرة بقلق ونظرات زائغه
-مش ليا يا ماما ..ده لواحده صاحبتي عزيزة جدا عليا ..أرجوكي يا ماما حاولي تساعديني .
منال بأستسلام
-حاضر انا هديكي مفتاح شقتنا القديمه اللي كنا انا وباباكي ساكنين فيها قبل ما ننقل هنا في الفيلا…
بعد ان أخذت زهرة المفتاح أستطاعت بحجة ما ان تفلت من تحت حصغر أسئلة والدتها اللامتناهيه لها ..
وأتجهت بخطوات مسرعه نحو سيارة الأجره التي تقف بأنتظارها أمام الفيلا ..
فتحت باب السياره الخلفي وأستقرت بجوار بطه ثم هتفت للسائق
-أطلع يا أسطا علي العنوان ده (٠٠٠٠٠٠)
……………

يتبع…

الفصل التاسع والخمسون

من السهل الوقوع فريسه لحوت الأدمان ..ولكن من الصعب أن تتخلص منه وتنتشله من ثنايا جسدك وروحك الخاضعه له..
أستغرقت هنا أبو حجر اقل من شهر لكي تكون مدمنه متعاطيه لأنواع من المخدرات المميته..
ولكن ان تتعالج من صك عبوديته أستغرقت شهورا وربما أكثر بكثير ومازالت في مرحلة العلاج اللامتناهيه إلا بعزيمة فولاذيه من حديد
لجأ كرم بعد ذهابه لقسم الشرطه بيوم..للطبيب عويس الجار القاطن في الشقه المقابله لشقته ..
بحكم أنه طبيب ورغم ان علاج الأدمن ليس تخصصه إلا انه لم يخذل أستغاثة كرم به خاصة بعد ان حكي له كل شئ يتعلق بأدمان هنا وقسوة والده سالم الجندي معه ورغبته في إبعاده عنها بسبب إدمانها ..
ساعده وقام بالأستعانه بصديق له يعمل طبيب متخصص لعلاج حالات الأدمان
أسمه الطبيب أزهر ..
طبيب ماهر يُعد من أشهر الأطباء في هذا المجال ..قام بمساعدة كرم وتبني حالة هنا بناءا علي رجاء خاص من صديقه الطبيب عويس ..
بدأ معها بالمرحله الأولي من العلاج وهي مرحله الفحص الشامل لكل أعضاء الجسم وتأكد من أنها لم تصب بأي مرض خطير كان من المحتمل ان تُصاب به خلال تعاطيها للمخدرات …
ثم أنتقل للمرحله الثانيه وهي طرد السموم والمخدرات من الجسم ..ونجحت تلك المرحله حيث بدأ جسد هنا بالتعود علي عدم تعاطي المخدرات تدريجيا
إلي ان بدأت تتحكم هي بذاتها في ذلك الأمر ..وليس حاجة جسدها إلي المخدرات هو من يتحكم كما في السابق قبل العلاج …
ثم المرحله الثالثه وهي العلاج النفسي والتأهيل السلوكي..وعند تلك المرحله كان يجب ان يتدخل طبيب نفسي متخصص ..فباتت تحضر بصحبة كرم دورات جماعيه مع أناس نفس حالتها وأحيانا تكون دورات فرديه مع الطبيب فقط وبصحبة كرم الذي بات كل حياتها..لا تتحرك قيد أنمله إلا قدمها علي قدمه …
الأن هي قطعت شوطا هاما في مرحلة تخطيها لوحش الأدمان الكاسر الذي بات يهدد حياة الكثيرين من شبابنا
أصبحت متوازنه نفسيا بعد ان كانت مضطربه عقليا نفسيا وجسديا ..
عادت إلي حياة البشر الطبيعيه بعد ان كانت جسد بلا روح ..نباتا يابسا بلا ماء ..
ولكن هناك مشكله وهي كرم..عادت من جديد هنا القديمه..هنا التي لا تخطو أي خطوه بدونه ..هنا الضعيفه التي يحركها كرم الجندي كما يحب ويهوي..لكن هذا كان يمتعه في الماضي ..لكن الآن بات خضوعها له من جديد مرضا لعينا يهدد حياته ويقلق راحته ..
يجلس بوجوم أمام مكتب الطبيب النفسي المعالج لحالة هنا ..
ثبت الطبيب نظارته الطبيه ذو الاطارات المستدير فوق أنفه
شبك كلتا كفيه أمامه علي سطح المكتب الخشبي
ثم قال وهو يطالع كرم بنظرات مستكينه
-الحمد لله قطعنا شوط كويس في العلاج النفسي لكن
تمسك هنا بيك وتصميمها انك تكون معاها في كل خطوة دا هيعود بالسلب عليها بعدين ..يعني ممكن لو انت لقدر الله حصلتلك ظروف أضطرتك تبعد عنها ..ممكن تفكر ترجع للادمان تاني ..
حك جبهته ثم مرر أصابعه بين خصلات شعره وهو يزفر بحزن وقلة حيله ..عيونه مغطاه بسواد الحزن وغيابات الضلال
فالطبيب واجهه بما يفكر به منذ شهر …حاول بكل الطرق نصحها والتحدث معها بل وان يجعلها تخرج بدون لكن لطالما كانت تقابل حديثه بالرفض القاطع ثم ترتعش أصابعها مع أنتفاض جسدها فيضطر آسفا للبقاء بقربها حتي وهي تنام ترفض ان يبتعد عنها
فيجلس جوارها علي السرير بعد ان يدثرها جيدا أسفل الغطاء ويظل يحكي لها قصص تشبه قصص ألف ليله وليله حتي تروح في نوما عميق ..نوما هادئ كرحله طويله صماء ..وأصابعه الرقيقه الهشه تحتضن أصابعه الشبه عملاقه وتأبي ان تطلق سراح أصابعه من بين براثن أصابعها..فيظل ساهرا أوشبه غافيا لليل بطوله جوارها علي الكرسي الخشبي اللعين القابع جوار السرير …
عانقت عيناه عيون الطبيب ثم أطرق برأسه قائلا بخفوت
-حاولت معاها كتير ..احترت مش عارف أتصرف أزاي…وفي نفس الوقت خايف ..خايف عليها اووي ..
أرخي الطبيب جسده للوراء حيث مسند الكرسي الخشبي ..
وقال بخشونه:لازم تكون حازم معاها ..حاول تشوف طريقه تقلل من تمسكها بيك بالطريقه دي..إلا كده ممكن تعبنا طول الشهرين يروح علي الفاضي ونرجع تاني لنقطة الصفر..
اومئ كرم رأسه وتركيز يحلق في فكرة ما ..كان يفكر في ان ينفذها منذ وقتا طويلا لكنه كان مترددا حائرا..والآن حان الوقت …
هامسا بأستسلام:حاضر يا دكتور انا هتصرف …
ودع الطبيب وهو يغلق باب المكتب خلفه بهدوء
وعندما أستدار وجدها تقف عند زواية ما في الممر الطويل الممتد حيث لأ نهاية له
أقترب منها توقف امامها ينظر إليها بصمت..نظره شملتها كلها
ثم لم يلبث ان قال بهدوء
-هنا أنتي واقفه هنا ليه.
كانت تقف في منتهي القلق والتوتر تحك قدمها اليمني بقدمها اليسر ..وكل إمارات الأرتباك بادية علي قسمات وجهها الصافيه ..
فور ان وجدته يقف امامها تأبطت ذراعها ذراعه اليمني وقالت وعيناها الحائرتان تتلفت في المكان يمنة ويسار
-مستنياك ..أتأخرت ليه
أجابها بخشونه تحمل بعض الرقه
-انا متأخرتش كل اللي قعدته عشر دقايق..
طالعته بعيون ضعيفه مستكينه قبل ان تقول
-يلا نمشي من هنا يا كرم …
زفر بيأس وهو ينفذ طلبها لا بل رجائها أو ربما توسلها
أجلسها علي الأريكه الجلديه ذات اللون القرمزي الشاحب كملامح وجه هنا الآن ..
ربت علي كتفها بهدوء وهو يجثو علي ركبتيه أمامها يحتضن اصابعه الرقيقه بين أصابعه الخشنه
ويده الأخري تتجول بعبث علي خصلات شعرها القصيره جدا..
يطمئنها يبعث في نفسها الأمان الذي تفتقده دونه ..
همس وهو يعطيها نظره شملت كل تفصيلة في وجهها
-انا مبسوط جدا بيكي ..عارفه ليه
أبتسم لها وهي تهز رأسها نفيا يمعني انها لا تعرف ثم تابع
-عشان أنتي حاربتي الأدمان تغلبتي عليه ..تعرفي أنتِ ليه هزمتيه..
قالت
-عشان انت جنبي
-لأ عشان أنتِ عايزه تخفي ..إرادتك وعدم أستسلامك ليه هو اللي وصلك للمرحله دي ..أنتٍ حاربتيه عشان هنا ابو حجر ترجع تاني ..
رفعت ذقنها بثبات إليه ثم قالت بهدوء
-لو أنت مكنتش جنبي عمري ما كنت هوصل للمرحله دي ..
-هناااا أرجوكي افهمي
قال بصراخ أعلي جعلها تنتفض في مكانها
لكنه زفر بيأس وهو يعود لنفس الهدوء القاتل
اغمض عيونه وهو ينهض معتدلا في وقفته بعد ان أطلق سراح كفيها
وعندما هم بالأبتعاد عنها
أمسكت كفه وهي تقول بقلق حقيقي ظافر
:رايح فين
طمأنها بنظرة عميقه من عينيه ثم ربت علي كفها بحنان يشبه حنان الأب علي أبنته
-هعملك كوباية ليمون تهديكي شويه ..
ثم ترك يدها وتحرك تجاه المطبخ ….
………………………………………..
ترجلت من سيارة الأجره التي توقفت بها أمام قسم الشرطه كما طلبت زهره من السائق
تعلقت عيناها ب بطه الواقفه جوارها تنظر إلي مبني قسم الشرطه برهبه…خوف وتخبط يسبقه رعشه تملكت ركبتيها وشفتيها المرتجفتين خوفا
أحتضنت زهره كف بطه وبثت نظراتها الأطمئنان إليها والدفئ وهي تقول
-متقلقيش انتِ هتكوني مجرد شاهده يعني مش هيقبضوا عليكي بالعكس دول هيشكروكي أنك بلغتي عن العصابه المؤذيه دي ..أجمدي كده انا معاكي ومش هسمح لحد انه يأذيكي..بس لازم نبلغ عنهم دول كده هيأذوا أطفال أكتر وأديكي قولتي ان أطفال كتير من اللي خطفتها العصابه ماتوا بسبب تعذيبهم الوحشي ليهم ..انا مجربه وعارفه أد إيه هم وحوش ..
قالت الآخيره وهي تتذكر طفولتها القاسيه حينما كانت تُضرب بالسوط لينزل كالصعقات الكهربيه علي جسدها الغض الصغير
أغمضت عيونها وهي ما زلت تتذكر مرارة الألم الذي كان يئن منه جسدها في تلك الفتره …حاوطت جسدها بذراعيها وكل ذكريات طفولتها التعيسه تعصف بخيالها فتزيدها خوفا ورهبه ..
فمن خلال الأحاديث التي دارت بينها وبين بطه استطاعت ان تعرف ان اعمال العصابه توسعت وانهم باتوا محترفين في أمور حرمان الأهل من أبناءهم عن طريق خطفهم لم يصل الأمر لتعذيب الاطفال فقط او جعلهم مجرمين يسرقون وينتشلون الكعل من عين صاحبه او حتي أقتر دورهم عند توزيع المخدرات كما كانت تفعل هي من قبل ..
بل ان الأمر تطور إلي حد انهم يتاجرون بأعضاء البشر ..يسرقون أعضاء الطفل وهو مازال حيا تنبض دقاته لكي يبيعونها لمنظمات عالميه تقدرها بالملايين وأحيانا تتعدي المليارات …
قاطعت بطه عودة زهره لذكريات الطفوله
قائله بنبرة صوت مرتجفه مرتعشه
-أنا خايفه..دول ممكن يدبحوني يا زهره لو عرفوا ان أنا اللي بلغت عنهم..دول ناس مجرمين الشر والأجرام بيجروا في دمهم
زهره:متقلقيش مش هيعرفوا ..احنا هندخل وش لظابط مش لأمين شرطه..هنقوله كل المعلومات اللي نعرفها .. ونأكد عليه ان أسمنا ميتجبش سيرته عشان المجرمين دول مش يأذونا ..يلا جمدي قلبك ودوسي علي خوفك عشان ننقذ العيال الغلابه دول من إيديهم..خليكي إيجابيه
فتحت عينيها علي قليلا وهي تحملق بزهرة ثم قهقهت بصوت عالي بعض الشئ ..تصفق يد بالأخري
ثم أردفت وقد لاح صف أسنانها المتكدس ببعض التسوس
-إيجابيه..ولا وبقيتي زي اللي بنشوفهم في السيما يا زهرة وكمان لبسك بقي الفرنجي خالص ولا الجذمه اللي أنتي لبساه شبه جذمة غاده عبد الرازق في مسلسل
(السيدة الاولي)..
أبتسمت زهرة بأريحيه وهي تقول
-وأشمعنا غاده عبد الرازق..
أجابتها بطه بحالميه
-اصلها كانت لبسه جذمه عجباني أووي ومن وقتها وأنا بحلم ألبس زيها…
شملتها زهره بنظره مشفقه تختلط بالعطف والحنان
-من دلوقتي هشتريلك كل حاجه كان نفسك فيها ..انتي صحبتي أختي وهتفضلي اختي ..
وألتحم جسد الأثنين في عناق طويل تبكي له الاعين والقلوب الضعيفه الرقيقه التي بها شيئا من الرحمه..
………………..
كنتي فين !!!!!!
كانت لتطأ أول درجات السلم الرخاميه عندما فصف صوته المدوي في المكان ليتردد كموجات الصوت في اللولبيه في الهواء
أستدارت بجسدها لتواجهه بعيناه الحمرواتان المشتعلتان من الغضب ..
وأبتهال تبتسم بأنتصار وهي تقف خلف آسر تكتف ساعديها أمام صدرها
حكّت زهرة جبهتها ثم صكت أسنانها وهمست بخفوت لنفسها وهي تضيق عينيها وتمط شفتيها ضيقا
-دا الحكايه فيها أبتهال ..يبقي أكيد شعللته ..
آسر وهو يغلو غضبا ثم قصف بحزم وتملك
-بتقولي حاجه..
زهره بأبتسامه مصطنعه
-لأ مفيش..أنا هقولك كنت فين بس ياااريت نتكلم علي أنفراد فوق في أوضتنا..
شددت علي آخر كلمه وهي تتعمد إغاظة أبتهال التي لوت شفتيها بأمتعاض مع انعقاد حاحبيها ضيقا ..
لكن الامر لا يحتمل كيد النساء..فآسر كان علي وشك الأنفجار من الغضب..عيناه الحمروان وذقنه الغير حليقه هي خير دليل علي بركان الغضب الذي يغلو بداخله كنيران مشتعله
تحامل علي غضبه وأستكان بهدوء يقترب منها..وفجأه لف قبضته حول معصم يدها وسحبها خلفه دون إرادة منها ..او بمعني انها أستوعبت ما يقوم به فأستكانت وأستسلمت لما يفعله..
صفق باب الغرفه بعنف ثم افلتها من يده بقوه كادت تسقطها علي بلاط أرضية الغرفه لولا ان تماسكت في آخر لحظه
نطق بصراخ:
كنتي فين يا زهره ..
أرتعش جسدها وأرتبكت وهي تهمس بنبره خائفه
-أهدي يا آسر وانا هقولك
لم يمهلها حتي تكمل جملتها وأمسكها بعنف من ساعدها
هاتفا وهو يصك أسنانه عنفا
:جاوبي من غير مقدمات ولا رغي …
أجابته بتلعثم
-كككنت …ككنت بشتري لبس ..
-انا قولتلك إيه في التيلفون مش قولتلك تروحي علطول ليه قولتيش انك رايحه تشتري زفت ..
اغمضت عينيها بخوف هامسه
-كنت خايفه لترفض
وسمعت بعدها صوت أصطكاك اسنانه ببعضهما ..وقبضته التي تحكم علي يدها كمطرقه فولاذيه تؤلمها حد أنها دموعها أنسابت علي وجنتيها
وفقط قال كلمات حازمه او آمره ناهييه
-انا مش عايز أعيد قصة سي سيد وأمينه..بس بعمايلك دي هضطريني أعيدها ..
فتحت عيونها تنظر إليه راجيه
-أنا آسفه هسمع الكلام بعد كده ..لو مشيت لحته من غير ما تعرف مره تاني قول عليا عيله …
صدمته الكلمه الأخيره..ان تفكيرها وجمجمة رأسها الصغير لا يتعديان تفكير طفل في مرحلة الروضه ..ورغم صغر حجمه إلا أنه يابس كالصخر …
أفلتها فأرتخت ملامحها وتنفست الصعداء
اولاه ظهره وتحرك تجاه الباب..أمسك بمقبض الباب وفتحه وقبل ان يخرج رمقها بنظرات ثاقبه من فوق كتفه
قائلا بتحذير مهلك
-لو عملتيها تاني مش هقول عليكِ عيله زي ما قولتي..لا دا أنا هكسرلك راسك ..
خرج وصفق الباب خلفه بعنف..ثم تمتمت بكلمات مبهمه وهي تقول :الحمد لله عدت علي خير..
……….
بعد مرور يومين
نهضت هنا من نومها الطويل علي صوت زقزقات العصافير التي وقفت علي المنقطه الفارغه في النافذه..
لتحدث بصوت زقزقتها
سيمفونيه موسيقيه رائعه ..
جلست معتدله علي السرير تمطط ذراعيها تتمطع بتأوه
عدلت من شعرها المهتاج عند كتفيها وعصجته بشريطه زرقاء
وعيناها تتجولان في الغرفه بحثا عنه
ينام علي الاريكه القابعه عند الزوايه دائما ..
ما بالها لا تراه عليها مثل كل يوم تستيقظ فيه قبله..
عله خرق القاعدة الروتينيه الرتيبه وأستيقظ قبلها ..
ربما يكون في الحمام او في المطبخ يعد لها وجبة الفطور مثل كل يوم
بحثت عنه في كل الشقه..لكنها لم تجده أنقبض قلبها وصار يدق كطبول مرفرفه ..
ثم بدأت تنادي عليها وقد بهتت ملامحها وحال للون الأصفر ..
سمعت صوت باب الشقه وهو يُفتح ..عاد الامل من جديد إليها ..ظنت انه هو وبسرعه ركضت ناحية الباب لتنصدم وتقف متسمره في مكانها
تنظر ببلاهه إلي الرجل الذي يقف بجوار كرم ..
أنه والدها ..أبو حجر
همس بحنان أبوي وهو يراها تقف أمامه بعد غياب كل تلك المده
– هنااااا..
……………………….

يتبع….

الفصل الستون

دمعت عيناه بقوه وهو يري أبنته تقف أمامه..أنها بخير وألف صحه ..الحمد لله فعذاب الشهور الماضيه كان كافي ليكسر فرحته ويؤرق راحته ..لم يعوقف ابدا عن التفكير فيما يمكن ان يحدث لها إذا لم تجد مأوي وتجوب الشوارع في وضج الليل عبثا..فالكلاب الضاله أصبحت تملئ كل شارع ..وأولاد الحرام الذين ليس لديهم خوف من الله ما أكثرهم وما أقل إيمانهم..
مجرد الفكره بأن يؤذيها أحد او يفعل بها ما يسمع عنه علي قنوات التلفاز ومواقع السوشيل ميديا ..يرعبه بل يقتله بسيفا أشعله اللهيب الأحمر حتي آخر قطره
قلب الأب لم يهدئ إلا الآن وعيونه القاتمه بحزن سهر الليل الطويل ترقرقت بفرحه ..وملامحه البائسه توهجت بضوء الامل
همس بعينان متوهجتان شوقا
-هناا
وأقترب منها يريد ان يحتضنها يشم رائحتها يتشبع من حرمانه منها كل تلك الفتره
لم يكد يقترب منها حتي هربت من أمامه ..أبتعدت عنه وأسرعت إلي كرم بخطوات يملئها الخوف الشديد
تسمر في وقفته ..تراخ كتفيه حزنا وأنقبض فؤاده ألما..
وهو يراها تختبئ منه خلف جسد كرم القوي..تواري أعينها خلف كتفيه بالكاد يصل طولها حتي كتفيه..
بداخل عيونها ذعر لم يري مثيله أبدا ..أنها تخاف منه ..تخاف من أبيها ..أبيها الذي يحبها أكثر من نفسه
أصابعها النرتعشه الهشه تتمسك بكتف كرم بقوه..قوه تواري خلفها خوفها ..إرتعاشها..انتفاضة جسدها..
لدرجة ان كتفي القميص كادا ان يتمزقا من قوة اصابعها..
أتسعت عيونه صدمه..ثم قال وهو غير مصدقا لعلامات الخوف الباديه علي وجهها منه
-هنا
همسه كان موجع به مزيج من المشاعر الأبويه المرهفه..وربما الأنكسار..
فهل يكون الأب أبا بعدما يري ذعر أبنته منه..بدلا من ان يكون لها الأمان كان الجدار المؤذي الذي يميل عليها بالظلم..
أي ألم يكافئ هذا الشعور..!!
هتف كرم بدوره وهو يري توتر الموقف بين الأب وأبنته
-هنا ده أبوكي ..مش عدوك..مينفعش تخافي كده..أهدي روحي سلمي عليه هو أشتاقلك أووي …
-لأااا
قالتها بتصميم وهي تتواري أكثر خلف جسد كرم الرجولي الضخم
ثم همست بترجي جوار أذن كرم اليمني بأنفاس ساخنه مضطربه
-كرم طلعه بره..أنا خايفه منه ..مش عايزه أشوفه
لم تعلم ان كلماتها تلك غرزت خناجر مسموم بداخل صميم القلب لدي الأب الذي أنفلتت الدموع منه لا إراديا ..
هتف كرم بيأس
-عيب يا هنا دا أبوكي ..أبوكي اللي بيحبك وفضل يدور عليكي طول المده اللي غبتيها..هو بيحبك ..بيحبك اوي
صرخت بتوتر
-متقولش عليه أب ..ده مينفعش يكون أب..كان فين أبويا لما اترجيت انه يسمعني قبل ما يحكم عليا ..ويضربني ..كان فين ابويا لما كان بيسافر في عز أحتياجي ليه ويسيبني ملطشه لمراته وبنته ..دول دايما كان بيهنوني ..كنت ببكي دايما بسببهم ..مكنتيش بلاقيه جنبي عشان يدافع عني ويحميني منهم..حتي لما مراته كانت تملاه قسوه من ناحيتي مكنش بيفتكر اني بنته …الوقتي بس بعد ما بعدت عنك وعن عيلتك جاي تدور عليا ..ليه مراتك وبنتك ملقوش البديل اللي يهينوه ويسمموا عيشتي فقولت ترجعني تاني ليهم عشان يتسلوا عليا براحتهم..انت كنت ابويا بالأسم بس …انا مش عايزاك ولا عايز أشوفك انا هفضل جنب كرم هو الوحيد اللي بيحبني هو الوحيد اللي وقف جنبي وهو الوحيد اللي أنا بكون بأمان وأنا معاه
تبكي بوجع قهر…
مسح ابو حجر دموعه وقال لها برجاء..رجاء ابوي حملته عيناه
– مكنتش أعرف اللي بتعمله وهي رضوي معاكي ..بس انا عرفت بعد فوات الاوان من الخدامين كل حاجه ..هددتها بالطلاق وحلفتلي انها مش هتمسك تاني ..أنما رضوي دي أختك صدقيني رغم كل اللي عملته معاكي بتبكي علي فراقك ..أرجعي وأنا أوعدك أني مش هسافر تاني هفضل معاكي وجنبك هكون الأب اللي دايما كنتي بتتمنيه بس ابوس إيدك يا بنتي أرجعي ..
هزت رأسها نافيه رافضه دامعة العينان وباكية القلب
همست وهي تتمسك أكثر بكتف كرم
-كرم أنا عايزه أفضل جنبك مش عايزه حد يفرقنا تاني
أستدار بجسده إليها رويدا همس بخفوت يغلفه الحنان وعيناه الحبيبتان تشمك كل وجهها بنظره حانيه
-مفيش حد يقدر يفرقنا عن بعض ..انتِ هتفضلي دايما جنبي أنا ليكي وانتِ ليا ..بس كل حاجه تمشي بالأصول ..مينفعش تقعدي معايا لوحدك الناس هتتكلم
بوجع همست وهي تطالعه بدموع آلمت قلبه
-ميهمنيش الناس ولا يهمني هيقولوا إيه ..كل اللي يهمني هو أنت ..أنت وبس يا كرم
-لكن أنا يهمني ..يهمني ان الناس متمسش كرامتك بكلمه واحده ..عايزك ملكه متصانه في بيت ابوكي لحد ما أجي أتقدملك وقتها هتكوني مراتي ومحدش يقدر يتكلم
-احنا فيها..خلينا نتجوز يا كرم ..
هز رأسه نافيا ثم قال لها بهدوء
-مينفعش ..انتِ لسه تحت السن القانوني وأنا كمان لسه مكونتش نفس ..لسه مبقيتش الراجل اللي يليق بيكي ويشرفك ادام كل الناس ..لسه أدامي وقت لحد ما اقدر اعيشك في نفس المستوي اللي أنتِ كنت عايشه فيه ..بس في المده دي هفضل جنبك من وقت للتاني هاجيلك عشان أشوفك وأطمن عليكي ..بس لحد ما الوقت ده ييجي الوقت اللي أقف فيه علي رجليا وأقدر أفتح بيت تعيشي فيه مكرمه معززه زي اي زوجه وبعيد عن سلطة ابويا ..هتفضلي في بيت والدك ..البيت اللي مفروض تكوني فيه الوقتي ..
تأوهت وجعا ونغص صوتها المرتعش الدموع
-أنا مش عايزه اي حاجه من كل ده غيرك أنت ..مستعد أعيش معاك علي اي حاجه حتي لو هاكل في اليوم مره واحده..ميهمنيش فلوس ولا حتي عايزه فرح ولا شبكه ولا فساتين ..
كل اللي عايزاه انك تفضل جنبي..
-مش هبعد عنك ابدا يا هنا هكون جنبك دايما ..عشان خاطر روحي مع أبوكي لو بتحبيني زي ما بتقولي نفذي اللي بقولك عليه ..أرجوكي يا هنا ..ارجوكي ..
أنهارت علي بلاط الأرضيه بدموع صامته ثم اجهشت ببكاء مرير وهي تخفي ثنايا وجهها خلف كفيها المرتعشين
فمال بجذعه يجلس علي ركبتيه أمامها ..وقلبه يؤلمه حد ان دموعه أنسابت بعبث علي وجنتيه وترقرقت من ذقنه النامي بعض الشئ
هامسا بلوعه تقطر منها الألم
-هنا ..
وابوحجر همس بوجع أبوي:بنتي
بعد لحظات بدأ صوت شهقاتها يهدئ رويدا رويدا
ثم ابعدت كفيها البيضاوان المرتعشتان عن محيط وجهها المستدير
وطالعت كرم بنظرات مؤلمه مستسلمه
ثم أردفت هامسه بأستكانه
-حاضر يا كرم هعمل اللي انت عايزه هرجع معاه البيت ..
عندها تنهد كرم براحه عميقه وأرتخت ملامحه المتألمه ..وكذلك ابو حجر
……………….
طالعت نداء وجهها الشاحب في مرآة الحمام المستطيله
كم هالها أزرقاق شفتيها والسواد المغطي أسفل خطي حدقتي عينها
ثم إن غشاء عيناها تلوح أمامه رؤيه مشوشه لبعض الأشخاص بين الحين والآخر
خرجت لتجلس علي الكرسي القابع أمام المرآه المتوسطه للحائط العريضه في غرفة النوم وغالب يجلس علي طرف السرير يراقبها بحزن
كانت تصفف شعرها بالمشط وهي شارده في ملامح وجهها المنعكسه في المرآه
حملقت برعب في كمية الشعر التي تعلقت بأسنان المشط ثم تلمست يدها خصلات شعرها لتجده يتهاوي بين أصابع يدها كالفريسه..
يا ألهي ان شعرها يتساقط بسبب السرطان اللعين ..دمعت عيناها ..بصمت ..
وهو بالطبع يراقبها بهدوء قاتل ..يعلم ان تلك النقطه كانت ستأتي عاجلا أو آجلا فالطبيب قد نوه له عن تلك المرحله..وقال له ان علاج السرطان ربما يؤدي إلي تساقط الشعر وان عليه ان يكون مستعد في أي وقت لذلك وان يكون دافع نفسي ومعنوي لزوجته كي لا تصاب بالحزن الشديد ..
اخبره أن زوجته ستبدء في رؤية نفسها جميله من خلال عينه وليس المرآه..عيناه وكلماته ستكون المرآه التي تعكس جمالها ..
اقترب منها آلمته دموعها المنهمره علي وجنايها ..ربت علي كتفها فما زادها ذلك غير زياده في الدموع ولكن هذه المره بصوت باكي قطع نياط قلبه ..
وقفت أمامه طالعها بعيون ملتاعه ..أخفضت رءسها وعيناها مازالت تصدح بالدموع..
رفع ذقنها إليه بأطراف اصابعه..عيونها ما زالت منخفضه لأسفل ..
اوجعه ذلك ..زلزل كيانه جنونا ..لا يطيق دموعها يموت ولا يري قطره واحده من دموع اللؤلؤ..
أمتدت انامله تمسح عنها تلك الدموع ..
همس بابتسامه ورات خلفها كثيرا من آلامه وسحاية حزن غائمه تطل من بحور عينيه
-مش احنا أتفقنا اننا نستعد للمرحله دي ..وكنا عارفين انها ممكن تيجي ..ليه بقي الدموع دي ..وبعدين مهما حصل هتفضلي اجمل واحده في الكون كله ..اجمل زوجه وحبيبه ورفيقه ..أنتِ نور حياتي يا نداء من غير النور ده ينطفي..
قالت بحزن من بين دموعها
-مكنتش متوقعه انها تيجي بسرعه اووي كده..
غرز جسدها الهزيل بين أحضانه وعضلات صدره الفولاذيه هامسا بخفوت بعثر المتبقي من خصلات شعرها
-معلش كل ده هيعدي ..طالما احنا مع بعض هنقدر نتحي كل صعب ومش هنيأس ابدا ..مفهوم يا نداء ..
كان يريد ان يتأكد انها مازالت عند وعدها له ..عندما قالت له بأنها ستتحمل وتصبر …
احس بأيماءه بسيطه من رأسها لامست شغاف صدره فأبتسم بهدوء ..
ثم أبعدها عنه قليل ..وكفيه تحتضن وجهه
قائلا بحب يواري خلف ضعف رجل شرقي يعشق زوجته بكل ما يمتلك من جوارج..يعشقها حد النخاع…
-يلا ألبس بسرعه عشان نكون اوصل الواصلين للفرح..مش معقول تكوني اخت العروسه وتوصلي متأخر..
أومأت له ثم أبتعد تجاه الخزانه لتبدل ملابسها..بفستان أنيق قد اشتراه غالب لها كهديه …
…. …………
مش مصدق ان كمان ساعات وبأذن الله تكون مراتي حلالي ..رغم اننا كاتبين كتابنا من اسبوع بس مع ذلك مش حاسس انك ليا ..لما تبقي ملكه متوجه في بيتي وقتها هكون اسعد زوج علي وش الأرض
أبتسمت علي أستحياء وهي تجول في الغرفه وحدها ممسكه بالهاتف الذي يحدثها منه
همست بخجل أنثوي
-لا صدق ..المعازيم كلهم تحت وماما وقرايبي بيلبسوا البوصه عشان تبقي عروسه تعجب …
أبتسم لدعابتها وقال
-صليتِ المغرب ..اوعي تكوني مش صلتيها هزعل منك جامد ..
أجابته باسترخاء وثقه
-اطمن صليتها اول ما الؤذن خلص كنت موضيه وهبدء صلاه …
-دعيتيلي في صلاتك..
أسفرت شفتيها عن أبتسامه عاشقه وهي تقول
-بدعيلك دايما يا وليد في صلاتي وغير صلاتي ..
همس بدعاء صادق
-ربنا يحفظك ليا ويديمك نعمه في حياتي للأبد ..حفظتي الورد اللي أتفقنا عليه
قالت بثقه
-طبعا ومستعد اسمعلك الواجب غيابي يا استاذ..
همس بأبتسامه
-طبعا هتمسعيه ودلوقتي وياااريت يكون بالتجويد زي ما علمتك وحفظتك..وياااريت تعب الشهور اللي فاتت ميضعش ..
-متقلقش …
ثم بدأت تتلو علي مسامعه ما حفظته من آيات القرآن الكريم …بالتجويد كما علمها …
بعد ان انتهت من محادثته خرجت من الغرفه التي كانت تخص نداء من قبل ..
فعندما أستنارت شاشة جوالها بأسمه خطفته بين يديها وانسحبت من غرفتها الشبه مليئه بالنسوه حولها وأرتأت ان تدخل غرفة نداء لتحدثه بعيدا عن أعين الجميع ..
كانت والدتها تمشي في الرواق ذاهبه لمناداتها فهي قد تأخر عندما قابلتها في طريقها
همست الام :اخيرا..خلصتي يا اختي كلامك مع جوزك..
فأومأت لها سلمي بنعم ووجنتيها محمرتين من الحجل كحبتي فروله ناضجه ..
بعد ان أجهضت جنينها الذي قبع بداخل احشائها مدة تقارب الشهرين ..وليد من وقف جوارها وكان الداعم النفسي والمعنوي لها..بل انه أخرجها من عالم الظلمات إلي النور ..وبفضله قاربت علي أنهاء حفظ أول خمسة أجزاء من القرآن الكريم وبأحكامها الصحيحه ..ومازل المشوار مستمر ..طالما وليد إلي جوارها يساندها ..
دخلت غرفتها فتعلقت العيون لتورد وجنتيها خجلا آثر نظراتهم الخارقه لصدرها ..
أقتربت منها اخدي الفتيات وقالت
-مش ناويه بردوا يا سلمي تخلعي النقاب ..دا النهارده يوم فرحك..اخلعيه النهارده بس وبعد كده يا ستي يبقي البسيه محدش هيقولك حاجه ..مجتش يعني علي يوم ..
احابتها بهدوء وأستقرار داخلي بالسلام والسكينه ..
-لأ ..هفضل ألبس النقاب وعمري ما هخلعه إلا لجوزي لحد آخر يوم في عمري …
نعم قد هداه الله بفضله إلي أرتداء النقاب وذلك عن حب ورغبه …
فأيمانها الآن أقوي من كل أبتلاء …
وصلت نداء اخيرا وأنضمت إلي النساء في مساعدة العروس ..
بعد قليل كان النساء يطلقون الزغاريط فرحين بالعروس التي تتدلي الآن علي درج السلم بفستان زفافها الأبيض المحتشم
حيث قابلها زوجها وليد الذي تغير شكله قليلا بعد ان نمت ذقنه إلي حد ما وحلّته الذي يرتديها تجهله رجلا شرقيا ذو هيبه ناريه يخشاها الجميع ويرهبها..
فبات وسيما بدرجه لا توصف كأنه ملك تُوج علي عرش مملكته ..وها هي ملكته تقف أمامها
ورغم ان لا يري أبتسامته المتواريه خلف النقاب إلا أنه شعر بها وقد وصلت لقلبه قبل أذنيه..
أقترب منها بعطره الذي غزي قلبها وسبطر عليها كليا وأمام كل الحاضرين حولهم قبل جبينها بعمق وحراره …
كان حفل الزفاف بسيط غير مكلف وهذا بناء علي رغبة العروسين ..حيث تم دعوة المقربين من العائلتين فقط ..
أنتهي حفل الزفاف الراقي جدا ..والآن يقف وليد وسلمي أمام الاهل يدعونهم تنتظرهم سياره سوداء فاخره بسائقها الذي يجلس خلف عجلة القيغده بهدوء ..
فالسائق سيوصل العروسين إلي المطار وبعدها سيذهبون علي متن طائره ..ثم إلي عمره ..حيث كانت تلك هدية وليد إلي سلمي بمناسبة حفل زفافهم ..
قبل ان يبدءوا حياتهم الزوجيه سيذهبون في عمره ..عله يُكتب ذلك في ميزان حسناتهم وصدق توبتهم النصوحه …
…………………
وعلي عكس الزفاف البسيط
كان هناك زفاف آخر لكن باضواء صاخبه عاليه في أرقي القاعات
قاعه وعرس فخم راقي يليق بعائلة آل الزهار وعائلة العطار
انه حفل زفاف نوران ونورس …
أنتهي حفل الزفاف وقاد نورس السياره متجها بعروسه وزوجته الحبيبه إلي شقته التي أعدها بطريقه مميزه تليق بها …..هي التي طلبت منه ان يأخذها لسكن خاص بهما وحدهما فنفذ لها رغبتها علي الفور دون مناقشه رغم اعتراض والديها إلا انه وبطريقته الخاص نجح في إقناعهم..عرض عليها ان يقضيا شهر العسل في أي بلد تحب حني وان رغبت في الذهاب إلي باريس..لم يكن ليعترض ..لكنها رفضت ..رفضت الذهاب لقضاء شهر العسل في اي مكان …
فوافقها دون ان يسألها عن السبب…
…….
صعدت زهره جوار آسر في سيارته أما والدته وروميساء كانتا بصحبة والده في سيارته ..
أما منال فأستقلت السياره مع سليم ..
اول من وصل إلي الفيلا هو آسر قبل ان يفتح باب السياره ليهبط سألها بحاجبين حائرين
-مالك مبوزه ليه ..
باقتضاب قالت
-مفيش ..ثم ترجلت من السياره وهي تغلق الباب خلفها بعنف ..
وهو قد لحق بها
دخل غرفة النوم ليجدها تدخل الحمام وتغلق بابه في وجهه
زفر بتعجب من حالها الذي تشقلب بعد عودتهم من حفل الزفاف ..
ثم أقترب من السرير جلس عليه وخلع الحذاء من قدمه اليمني ثم لحقتها فردة الحذاء الآخري لتتكور بجانبها علي الأرضيه..
وفكّ ربطة العنق قليلا عن عنقه لتكسبه بعض الهواء المنعش الذي يتسلل لداخله كماء النهر العذب …
أتاه أتصال من صديق له فاجأب عليه..بعد انهي حديثه اقفل معه الخط في اللحظه التي فتحت بها باب الحمام الملحق بغرفة النوم ..
نهض متكاسلا واقترب من الخزانه ليبدل ملابسه
فتح أول ذرين ناحية عنقه عندها وجدها تقف أمامه بمنامة فطنيه فهي ابدلت ثيابها بداخل الحمام بعد ان اخذت حماما منعشا ..تفوح منها رائحه شهيه ..
كأنها شطيره لذيذه أخرجها الخباز من الفرن لتوه ..
لكن تلك رائحة غسول الشعر الذي تحممت به …
تجاهل نظراته وساعديها المكتفين فوق صدرها
واكمل فك باقي اذرار القميص ثم نزعه عنه ليظهر جذعه العاري امامها
فتبتلع ريقها بتوتر قبل ان تقول
-إيه اللي امك قلته للناس ده ..
زفر بضيق ثم أبتعد عنها خطوتين بعد ان أخذ بدلة نوم وأرفقها علي طول السرير
قائلا بأرهاق
-في إيه يا زهره علي المسا..مالها ماما قالت إيه ..وبعدين قولتلك مية مره ما اسمهاش أمك اسمها والدتك او مامتك..
بغضب قالت
-آسر متغيرش الموضوع
ارتفع صوتها بعض الشئ وهي تحدثه
تشنج كل جسده غاضبا ..صك علي اسنانه عنفا
قائلا بخشونه
-أولا وطي صوتك وانتِ بتتكلمي مع جوزك يا هانم ..ثانيا بقي فهميني إيه اللي حصل بدل ما أنا عامل زي الأطرش في الزفه ..
أسترخت قليلا بعدما لمحت غضبه وقالت بهدوء
-مامتك قالت ادام الناس ..ان انت كنت هتتجوز بنت صاحبتها شيماء لولا النصيب وقعك فيا ..
ده حقيقه ..
قال بأرتباك
-أيوه ..هي عرضت عليا اني اتجوزها بس انا رفضت لاني مكنتش بحبها..وبعدين ايه يزعلك من موضوع زي ده ..
قالت بغيظ وهي تضع ذراعها عند منتصف خصرها
-وليه مزعلش هي اتعمدت تقول كده ادامي للناس عشان تهيني وتجرحني ..قصدها تقول ان نصيبك اسود لان انا اللي بقيت مراتك مش بنت صاحبتها …
اقترب منها بابتسامه وحاوط وجهها بكلتا كفيها بحنان
ثم قال بهدوء
-حبيبتي متبقيش حساسه ااووي كده ..أكيد طبعا أمي متقصدش تهينك
ثم أقترب أكثر من شفتيه وعندما كاد ينسيها غضبها بأحدي قبلاته المنومه لها مغنطيسيا ..
ابعدته عنها لتفسد جو تلك اللحظه الرومانسيه
مع قولها الهادر
-لأ طبعا تقصد …أنت لازم تفهم مامتك
قالتها وهي تنطفها بسخريه (مامتك)
ثم تابعت :انها متقولش كلام زي ده تاني ..
قال بغضب فهو لم يعد يستطيع التحمل بعد ليلة الزفاف المرهقه بالأضافه إلي عمله الشاق جدا ..
-زهرة قصري الليله وبلاش خناقك ده لاني مش فايق ..
ثم ابتعد عن محيطها وأرتدي البدله النوميه ثم تدثر اسفل الغطاء علي السرير وأولاه ظهره للناحيه الأخري قائلا بحزم
-تصبحي علي خير ..
جلست بقهر علي طرف السرير تنظر إلي جسده المستكين بهدوء ..
ثم سمعت صوت شخير بسيط صادرا منه ..بالطبع قد راح في نوما عميق وتركها تأكل في نفسها غيظا ..
خؤجت بهدوء وهي تغلق باب الغرفه خلفها ..
هبطت درجات السلم حتي وصلت للاسفل اقتربت من الاريكه لتجلس عليها
تشرد في نقطة ما أمامها بملامح واجمه …
أقتربت منها الداده عزيزه قائله
-خير يا ست زهرة ايه اللي نزلك من جنب جوزك الوقتي
زهره بهدوء وضيق
-مفيش يا داده ممكن تعمليلي فنجان قهوه بس يكون سكر زياده وبوش…
الداده :حاضر من عنيا …
بعد قليل كانت الداده زهرة تضع قدح القهوه علي الطاوله أمام زهرة
وققفت تطالع شرودها بعدم فهم وبلاهه وايضا بصمت
تناولت زهرة قدح القهوه بين يديها ثم ارتشفت منه ببطئ
وفجأه أرخته علي الطاوله لتطالع داده عزيزه وتقول
-إلا قوليلي يا دادة ..
الداده عزيزه
-نعم يا بنتي ..
زهرة
-انا عايزه أروح للشيخ اللي انتِ قولتيلي عليه ..فاكره ..
الداده عزيزه
-إلا فاكره طبعا فامره..هو الشيخ بخيت يتنسي بردوا ..
رددت اسمه في ذهنها
-الشيخ بخيت
…………………

يتبع…

الفصل الحادي والستون

في الشقه المطله علي البحر حيث الهواء البحري المنعش لخلايا الجسد وأعماق الروح..
أنه لبصيره تميز عقول المحبين للبحر وشاطئيه ..
ومن قال ان النفس تشمئز من مكانا بحريا كهذا ..فالسيده ليلي مراد غنت لهم بقلبا محبا عاشقا
وقالت “بحب أتنين سوا الميه والهوا ”
كانت كالمنومه مغنطيسيا وهو يسحبها خلفه لا إراديا ..يأخذها من غرفة لآخري يُريها عش الزوجيه الذي أختاره خصيصا لأجلها ..أخبرها قبل حفل الزفاف ان تذهب معه لزيارة الشقه لكنها تحججت بعدة أشياء ورفضت ..أحبطه رفضها لكنه لم يُظهر لها ضيقه بل كان يبتسم ..كتلك الأبتسامه الحنون دائما..أبتسامه لا تفارقه كلما كان معها …
سعادة الدنيا في عينيه الآن لا توصفها مجرد احاديث او شعر ..
يريد ان يحلق للسحاب فيأخذ منه عرشا لمملكته ان يقطف النجوم فيغلفها في غلاف وردي ..اللون الذي تحب ..ثم يقدمها إليها …يخبرها من خلال أفعاله كم يعشقها ..
أنه رجل ..
وطبيعة الرجل السيكولوجيه انه لا يجيد أقاويل الغزل الشعر كعنترة في زمانه ..
رجلا شرقي يعشق أنثي بمنتهي الجنون..الجموح …الموت إن لزم الأمر ..
وصل بها إلي غرفة النوم ..إن جدرانها مطليه باللون الوردي اللون المفضل لديها..حتي خزانة الملابس وأغطية السرير والستائر
كلها باللون الوردي
كانت مذهوله شبه واعيه وأعينها تدور في كل ركن في الغرفه ومع دوران عينيها يدور جسدها ..
دوامة …أو نداهه هكذا يقولون ..
فستانها الأبيض يدور ويتراقص مع حركاتها ..وهذا جعلها جنيه ساحره من لؤلؤ ومرجان ..
الحمرة عند وجنتيها تجعلها شهيه مثل الفاكهه في موسم الصيف
تقاربت خطواته منها فتوقفت في مكانها وطالعت أسفل قدميها بحرج شديد..وملامح وجه خجلي …
شهيه
فاتنه
جميله
لم يشعر بجسده الذي يتوق قربا منها وهو يقترب بالفعل ..ولم يشعر بوجهه الذي يميل علي وجهها ثم تلامس شفتاه شفتيها المكتنزتين بطلاء حمرة خفيفه
جعلها ترتعش في وقفتها وهي تحاول الأبتعاد عنه ..لكنها لم تبتعد ..
لا تقول له برتقال او بطيخ..لانه غاب في دنيا ورديه نسجها خياله العاشق
ظل ينهل من بحور عشقها ..
يُريها كيف يكون العاشق علي حق؟؟
وهو ليس بعاشق فقط بل آسيرا لقلبها وروحها
الحلم كان قصيرا جدا..مدته لا تتعدي ثواني قلائل من شريط حياته ..
وقف يطالعها بنظرات حائره متسائله وصدره يلهث بقوه ..
بعد ان أبعدته عنها وأبتعدت عنه ..تسير بخطوات رتيبه تجاه السرير
وقفت أمام مسنده الخشبي ..تفرك كلتا كفيها بأرتباك …
تبتلع ريقها بصعوبه ..عيناها مرتبكتان وتزيغ أرتعاشا في كل مكان
تشنجت آثر كفه الملامسه لكتفها ..أدار كل جسدها إليه
شملها بنظره مبهمه ..
لكنه يدرك انها في قمة أرتباكها ..
او انها تخجل بشدة منه..
فاليوم يوم زفافهم …
خاصة وهو يشعر بقشعريرة جسدها آثر لمساته
هتف بأحتواء
-نوران
أخفضت ناظريها عن حرارة عيناه تحت حيره وتوهان
ومره آخري يحاول ..
يريد منها ان تشعر بحبه العميق لها ..
ومال عليها مره أخري ليقتنص قبله دافئه حاره ملتهبه من شفتيها التي تبدو شهيه جدا في تلك الليله ..
خذلته للمره الثانيه وأبتعدت عنه ..
أحس ببرود مهيبه أجتاحته بعد ان رفضت حبه لها …
ما بها ؟؟!!!!
جلست علي طرف السرير وهي تقبض كفيها علي الغطاء الوردي بأرتباك وحيره…عضت علي شفتها السفلي وهي تكاد تموت من الخوف
ليس خوفا منه ..بل خوفا من ردة فعله بعد ان تخبره بما لديها ..
هي تزوجته فقط لأجل ان تُشعر آسر بقيمتها..
لكن يبدو انها كانت تنتقم من ذاتها هي وليس من آسر..
فأبن خالتها المصون لم يكن مهتما بها ولو قيد أنمله ..بل ان نظراته كانت مثبته علي الكابوس الأسود في حياتها
زهرة ..
كل تخطيطها طوال الفتره الماضيه ضاعت هباءا..لم تلمح داخل البريق في عيونه نظرة ندم او حزن وهو يراها تجلس جوار رجل آخر ..
زفرت ضيقا وهي تشدد من قبضته المغتاظة علي غطاء السرير الذي انكمش آثر أصابعها العنيده
أحست بثقل جسده جوارها علي حافة السرير ..
تقافز الدم داخل عروقها وباتت دقات قلبها كالطبول في الأفراح ..
لكن هي يجب ان تخبره بأن يوقفا هذه المهزله
هي أبدا لا تكن له أي مشاعر
فكيف ستكون زوجته..
هو يمثل لها صديق طفولتها فقط لا أكثر ولا اقل..
أدارت وجهها إليه ..أبتلعت ريقها وهي تغمض عيونها حيث كانت نظراته إليها موجعه..مؤلمه حد النخاع ..
تمسكت ببعض القوه وهي تفتح جفنيها
-نورس أ
لم تكمل لأنه ببساطه أوقعها علي ظهرها علي السرير لتصبح أسفله وهو يعلوها بضخامة جسده الرجولي الخشن
وفجأه أصبحت محاصره بين ذراعيها وهو يلهب شفتيه بقبلة عميقه..قبله قاتله..
قبله حاره جعلت من حواسها عجينا توقف عن الثبات والمقاومه …
اتسعت حدقتي عينها وهي تشعر به يتمادي أكثر فعلي الفور أزاحته بعيدا عنها..
ثم نهضت من جواره وأبتعدت عنه ..
أنكمشت في وقفتها وهي تطالع ملامحه الذاهله من فعلتها …
-مالك ..
قالها بحاجبين مقطبين متسائلين
ظلت تلهث بصعوبه
ثم أشاحت ناظريها عنه بحزن ..
أقترب منها..وقف أمامها ..طالعها بنظرات حائره حزينه مجهده
همسها الضعيف وصل إلي مسامعه عندما قالت
-بلاش ..
لم يفهم ..ماذا تعني؟؟
تابعت بنفس النبره الضعيفه الهشه
– مش عايزه ..مش عايزه ..
ثم أرتمت علي السرير تدفن رأسها ودموعها المتألمه بين ثنايه ..
جلس جوارها مشتت يطالعها بملامح وأعين متسعه مصدومه
-نوران ..في إيه!!؟
نهضت بتثاقل ثم جلست أمامه..طالعته من خلف غشاءها المغطي بالدموع
-آسفه يا نورس ..انا بجد آسفه
أبتسم ساخرا متهكما وقلبه العاشق ينبض خوفا ملتاعا
قائلا
-آسفه ..علي إيه ؟؟!
تابعت ودموعها تغرق كل وجهها
-نورس انا عمري ما حبيتك ..
صدمه شلت كل جسده ..كل عضله من عضلات وجهه توقفت عن العمل..حملق بها بوجوم..أعين خاليه من أي مشاعر ..إلا خليط المشاعر من الخيبه والأنكسار
لم يصدق أو بالأحري لا يريد ان يصدق …
-أنتِ أكيد بتهزري صح ..
لكن وجهها كان باكيا لدرجة الندم وعيونها المترقرقه بالدموع تطالبه بأن يصدقها …ويكفيها لهذا الحد
مع حركه نافيه من رأسها بأنها لا تمزح معه بل تقول كل الحقيقه.
جحظت عيناه غير مصدقا مع قول بنبره صوت شبه عاليه
-طالما متحبنيش ..أتجوزتيني ليه..
الأخيره صدرت من أعماق قلبه الذائب بأملاح عذابه
ستخبره بالحقيقه..نعم ستفعل ذلك..لا تريد ان تخدعه مره آخري ..
فقالت بأرتعاش مصاحب لتلعثم لسانها البربري
-عشان ..عشان ..عشان آسر .
ونطقها بآخر كلمه(آسر) أصابته في مقتل ..
-تقصدي إيه..
تابعت بعد ان أخذت نفسا عميقا مضطربا كنبضات قلبها بين حنايا أضلعها
-كنت فاكره انه هيغير لما يلاقيني ملك لواحد تاني غيره و
-آآآه
صدر منها تأوه مؤلم عندما قبض علي مرفقها بين أصابعه الفولاذيه بقوه جباره متهالكه ..قوه جعلتها تتلوي ألما بين ذراعيه
بينما وجهه جامدا صلبا شرسا كثعلب
ضغط علي أسنانه ..زم شفتيه ..غامت عيناه بقتامة ليلي ظلماء ذات سُحب متحركه في أعلي السماء
-وطبعا كنت انا الجردل …اللي يخلي حبيبك يغير عليكي ..كنت مجرد كوبري عشان توصلي ليه ..
صمت وهو يتنفس بخشونه..خشونه ناريه لفحت قسمات وجهها ..
أخفضت رأسها خجلا منه …
ولم يزيده ضعفها وصمتها القاتل امامه إلا غضبا فوق غضبه..كالمرجل الذي يغلي وتتقافز فقاعته لأعلي
فأطلق من كفه الخشن صفعه مدويه هوت كمطرقه حديده فوق خدها الأيسر …تليها صفعه اقوي من سابقتها هوت علي الجانب الآخر من وجهها ..
مع صرخه متألمه صدرت من بين دموعها ..
وهي تسقط أمامه جاثيه علي ركبتيها فوق بلاط الأرضيه..تدفن وجهها خلف كفيها..وجهها المشرب بعلامات اصابعه الزرقاء التي تركت آثر واضحا مثل قرص الشمس..
هتف وهو يطالعها بأحتقار
:انتٍ حقيره ..حقيره لدرجة السفاله والأنحطاط …انا غلطان ..غلطان لاني أتجوزت واحده زيك..واحده أنانيه مستعده تخسر كل اللي بيحبوها عشان وهم …خيال رسمه غرورك وكبرياءك..انا آسف لنفسي لاني حبيت واحده زيك متستاهلش حبي ليها …آسف لقلبي اللي صدق تمثليتك وخداعك..آسف لاني أفتكرت انك محتجاني بجد …محتاجه نورس عشان يقفك جنبك مش عشان يكون أنعكاس يرضي غرورك ..
ورغم الألم الذي بداخله تماسك وهو يقول بثبات مزيف
– لولا خايف عليكي من كلام الناس كنت …كنت طلقتك حالا..
عندها شهقت بصدمه وهي تطبق كفها فوق شفتيها بدون تصديق انه نطق بتلك الكلمات…
تابع والألم يعتصر قلبه
-متفكريش اني خايفه عليكي انتِ ..انا بس خايفه علي اهلك مش عايزهم يتأذوا من كلام الناس بسببك ..مش ذنبهم ان واحده زيك تبقي بنتهم …
هديكي أسبوع ..أسبوع واحد بس عشان تمشي من هنا..لو رجعت بعد الأسبوع ولقيتك لسه في الشقه ..صدقيني وقتها مش هتلومي غير نفسك..
أنهي كلماته بلكنه محذره متوعده..ثم تابع
-والطلاق هيكون بعد شهر ..ولأني أبن ناس هفضل محترم معاكي للنهايه وحقوقك كلها هتوصلك …
توقف للحظه يتأمل جسدها المنكمش وأنتفاضته بين الحين والآخر..عيناها الحمروان من كثرة البكاء..أرنبة أنفها المنتشيه بحمرة لون الطماطم ..حتي أذنيها شاحبان كالفروع المتفرقه علي وجهها
قال وهو يوجه إليها نظران وأن بدت ثابته من الخارج فهي متألمه من الداخل
-انا بشفق عليكي ..تعرفي ليه
رفعت إلي وجهه عينان باكيتان والدموع المرمريه متعلقه وسط أهدابها
تابع بقلبا خاويا
-لأنك خسرتي حد كان بيحبك أكتر من نفسه …
تجاهل بكاءها..شهقاتها المتألمه وغادر بعد ان صفق الباب خلفه بطريقه عنيفه جعلت كامل جسدها ينتفض في مكانه
………………………….
حاوطت جسدها بذراعيها النحيفتان مع عيناها المنخفضتان للأسفل زائغه بأرتعاب متماوج بالخوف الذي تغضنت به كل تفصيله في وجهها المستدير
تسير جوار والدها الذي يتطلع إليها بين الحين والآخر
طوال الطريق..لم تنطق بكلمه رغم محاولاته العابثه بأن يجعلها تنطق ..
حتي انها تنتفض خوفا إذا لامسها
عندما فتح لها باب السياره وكاد يمسك مرفقها برفق حتي تجلس علي المقعد
أبتعدت عنه وأنكمشت علي جسدها بخوف …
لم ينكر ان ما فعلته آلم قلبه الأبوي ..لكن هذا لا يهم يكفيه ان يراها أمامه سالمه غانمه …
إنه لا يطمع بأكثر من هذا..
لقد كانت اقصي أحلامه في الأيام الماضيه ان يراها أمام ناظريه ولو لثانيه واحده من الزمن..
زفر بأرتياح وهو يراها تطأ أرضية المنزل من جديد ..منزل أبيها الذي يحبها هي وأختها أكثر من أي شئ في الكون برمته..
هاتف زوجته علي الجوال ..أخبرها انه وجد هنا ..وهو في طريقه إلي الفيلا حيث تجلس هنا بجواره علي المقعد الأمامي…
مازالت تخفض ناظريها للأرض وهي تتحرك طواعيه لخطوات والدها ..حتي وصلت للسلم الرخامي المؤدي لغرفتها..
لكن قبل ذلك
وصل إلي مسامعها هتافا متلهفا بأسمها ..
توقفت في مكانها بأرتباك ..تدرك تماما مصدر الهتاف ..أنها زوجة أبيها السيده ثريه وأختها رضوي..
لذا رجف قلبها خوفا بل أنه تهاوي بين محجريه ..
بمجرد ان سمعت صوتهن تذكرت مرحلة عمرها القاسيه التي قضتها معهن في عذاب وألم…تسلسل شريط حياتها أمام عينيها كشريط سينمائي …
حاوطت جسدها أكثر بذراعيها وتراجعت للوراء بخطوات متثاقله مشحونه بالأرتعاب الذي لاح جليا علي شحوب وجهها وأزرقاق شفتيها وهي تلمح من طرف عينيها أقتراب خطواتهن منها
مع أبتعادها خوفا للوراء توقفتا الأم وأبنتها ..
الأم رأسها مطأطأ لأسفل بخجل ..عيناها مملؤتان بالدموع
ورضوي طالعت أختها بألم ودموع ندمها علي ما فعلته سابقا بها تنهمر بشراره يائسه
هز أبو حجر رأسه مع لمحة يئس أصابت قلبه في مقتل ..
ثم قال بحنان شملها من رأسها لأخمص قدميها
-هنا أطلعي اوضتك يا حبيبتي عشان ترتاحي شويه
لم تنطق او حتي تعطيه إيماءه خاويه علامة الموافقه
بل تحركت ببطئ شديد متمهل وصعدت درجات السلم بطريقه ديناميكيه بحته ..
والعيون الثلاثه تطالعها حزنا …أو أكثر من الحزن وهو ما يُسمي الأحساس بالذنب…
بعد لحظات …
لم تتحمل رضوي دموعها وحزن قلبها القاتل ..هربت للطابق العلوي حيث غرفتها التي تبعد عن غرفة هنا مسافة غرفتين
أغلقت باب الغرفه وتحركت ترتمي علي سطح السرير بحرقه بالغه..تبكي كما لم تبكي قلب ..
صوت شهقاتها وصل لأذني والدتها التي لحقت بها وفتحت باب الغرفه
تقف أمامها بعجز وهي تسمع صوت بكاءها الذي يقطع نياط قلبها بمنشار قاسي كقسوة قلبها مع هنا من قبل ..
جلست جوارها..ربتت علي عمود ظهرها بحنان أمومي بحت ..في مشهد درامي تقشعر له الأبدان
تهمس الأم الباكيه
-رضوي ..
تنهض رضوي ودموعها مازلت تنهمر كشلال منحدر لأسفل
هتفت من بين دموع اللؤلؤ وهي تطالع وجه والدتها
-أحنا كنا مجرمين مع هنا …ليها حق تخاف لما تسمع صوتنا..هي كانت صح لما هربت من البيت..اصلها ليه كانت هتقعد وعشان مين..
هتقعد ليه معانا وأحنا كنا زي الوحوش معاها..لا أنتي أحتوتيها وعاملتيها زي بنتك ولا أنا حسيت انها اختي فعلا إلا لما سابتني ومشيت وقتها حسيت ان حته من قلبي مشيت معاها …ماما هنا دي أختي وأنا عمري ما عاملتها علي الأساس ده إد إيه انا كنت واطيه وحقيره ..
شهقت بعدها ببكاء عتيف..بكاء ليس كسابقه ..إذا سمعته تشعر أنه ميت يتلوي من العذاب في قبره (عافانا الله)
أرتمت في أحضان والدتها تبكي علي صدرها ..
تابعت نادمه
-لو بس تسمعني وتحس اني فعلا ندمت ..والله ندمت علي كل قسوتي معاها ..نفسي تسامحني ..مستعده أعمل أي حاجه عشان تسامحني ..لو السنين بترجع كنت فكرت مية مره قبل ما أعاملها بالطريقه دي …
شددت ثريه من أحتضانها وهي تمسد بأصابع كفها علي ظهرها بحنو وعاطفه أموميه جياشه..
وبكت لبكاء أبنتها ولشعورها هي الآخري بالذنب تجاه هنا
…………………………….
شاحنه ضخمه بيضاء تعترض طريقه أنها علي نفس المسار وتأبي الأنحياز جانبا ..كأنها تعانده مثلا
وصوت زاموار سيارته ينطلق بأزيز مزعج للغايه يقابله صوت زامور خشن يصدر من الشاحنه التي تأبي التزحزح رغم انها تراه علي بعد مترات
كادت ان تحدث الكارثه ..وهذا خبرا مثل بقية الأخبار ستداوله الجرائد والقنوات الفضائيه بالأضافه إلي مواقع السوشيل ميديا الجماهريه
وهو ان (شاحنة موزمبيق صخمه تطيح بسياره من نوع BMW الفاخره والسبب علامة أستفهام مؤقته)
عندها سيكون هو في خبر كان ..لولا ان سيارته العظيمه طاوعته بعد عصيان أستغرق مسلسل كامل من الصراع والمحاربه..وأستطاع ان أن يغير مسارها في آخر لحظه إلي الأتجاه الموازي …
داس علي المكابح ليوقف السياره عند زاويه معينه علي جانب الطريق الممهد..
فقد أنتباهه وتركيزه منذ ان حط جسده خلف عجلة القياده أو ربما فقده قبلها…
خرج من الشقه كأن حيه عظيمه لسعته..والحيه هنا هي نوران ..
نوران قد باعته من أجل تعلقها بوهم مر في طيفها …
نوران خدعته لتصل إلي مطمعها …
كانت معه بمنتهي الخسه والحقاره
قابلت حبه بخيانه ..
أنتقمت منه والسبب أنه عشقها حد النخاع ..لدرجة ان عشقها تغلغل في خلاياه وأبي ان يخرج إلا بختم الأمتلاك ..
مرر أصابعه بقوه بين خصلات شعره شديدة السواد مع عينان تطلعتا للسماء فوق بألم ..وجع ينهشه ..يتسلسل
لداخله كالمرض الخبيث…
وها هي أنتقمت منه هو ليعاني ويلات العذاب والألم ..
ليسطر في كتاب البشريه أن أسطورة الحب تلك بها رحلة عذاب فلمن يقبل علي الحب ويعتقد انه سعاده أبديه ..
عذرا فأنت واهم ان الحب هو مجرد وحش يظهر أمامك علي هيئة أمير وسيم …والحقيقه ان الأمير مزيف والحب أيضا مزيف . ..
………………………….
” لمواجهة الظلام يجب ان يكون قلبك نقيا”
ليس هناك أنقي من قلبا عاشقا لمعشوقه بكل معني الكلمه
فالعشق الطاهر هو أرقي وأنقي المشاعر علي وجه الأرض..
لا يهم كيف يبدو المعشوق ..فالباطن هو ما يجذب القلب وليس الظاهر
الجمال الظاهري لا يدوم مع مرور السنون بينما الروح الطيبه هي من تدوم حتي انها تظل باقيه علي ألسنة الآخرين بعد الممات ..
هنيئا لمن كان قلبه وروحه طيبين …
فالجنه خُلقت فقط للطيبين !!؛
أيام تليها أيام والعمر يمضي والكون يقوم بدورته
رفعت أصبعها السبابه من بين أصابعها الأربع الباقيه المتراخيه فوق ركبتها اليمني المثنيه بجانب ركبتها الآخري فوق سجادة الصلاه التي أفترشتها بعد أن أنهت وضوءها في موضع القِبله
وشفتيها المستقيمتان تتمتمان بكلمات هادئه رزينه تسمي التحيات ..والتي يقولها المصلي لله في نهاية كل ركعتين من الصلاه
فأذا كان فرضا من أربع ركعات كصلاة العشاء أو صلاة الظهر أو صلات العصر بجانب صلاة المغربه المكونه من ثلاث ركعات..
يتمتم المسلم المصلي (التحيات )حتي منتصفها في نهاية أول ركعتين وفي نهاية الركعتين الثانيتين يتمتم (بالتحيات) حتي آخرها …
أما إذا كان فرضا من ركعتين كصلاة الفجر ..يتمتم المسلم (التحيات) حتي آخرها ..وكذل المثل في ركعتي السنّه
أنهت فرضها بأن سلمت علي جانبها الأيمن ثم الأيسر ..
رفعت كفيها إلي الله تدعوه بأن يلهمها الصبر والسلوات ..قلبها ولسانعا دائما ما يرددان الآيه الكريمه
“قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”
تناولت المصحف من علي سطح الطاوله وأخذت تقرأ وردها اليومي بخشوع تام وكأنها تعيش بروحانيه مع آيات القرآن الكريم..
وما اجمله من إحساس!!!
بعد قليل طرق غالب الباب مرتين ثم دخل وهو يغلق باب الغرفه خلفه بهدوء
كانت تستعد لأن تنام بعد ان أنهت قراءة وردها اليومي بجانب الأذكار
عندما رأته يقف أمامها
أتسعت حدقتي عينها صدمه مع شهقه صدرت منها خفيه قبل ان تضع كفها علي فمها تمنع إطلاقي باقي الشهقه ..
عيناها تطالعنه من فوق لأسفل ثم من أسفل لفوق
تتأكد ان ما تراه حقيقه وليس خيال ..
قالت ذاهله
-غالب أنت حلقت شعرك
نعم لقد حلقه تماما وبالكامل ..حتي صار أصلع الرأس ..كأنه خُلق أصلعا …وهذا فقط لأجلها
لا يريدها ان تنجرح وهي تطالع رأسها الذي تساقط منه كل شعرها حتي بات أصلعا …
لذلك قرر ان يكون أصلع مثلها وسيظل يحلق شعره هكذا كلما ينبت حتي تُشفي نداء من مرضها …
قاطع ذهولها بإيماءه مبتسمه هادئه
-عملت كده عشاني ..عشان متخلنيش احس بالأنكسار كل ما أشوف شكلي في المرايه
أنهتها مع دمعه ممتنه تسللت من مقلتها
-أتفقنا اني أكون مرايتك ..ومرايتك بتقولك انك أجمل إنسانه في الوجود
أبتسمت بدموع وهي تنهض عن السرير وتقترب منه ..
وقفت أمامه ..طالعته ببريق عيونها اللامع
هامسه:
-أنت أحسن زوج …أنا سعيده وممتنه لربنا سبحانه جدا لأنه زرع حبك في قلبي …
حاوط وجهها بحنانه المعتاد وسماحة وجهه
-كنتي بتعملي إيه ..
-يدوبي مخلصة قراءة الورد القرآني
صفق بمرح
-عظيم جدا ..ممكن تقرأيلي بصوتك الجميل سورة سيدنا يوسف عليه السلام ..
أبتسمت وهي تومئ له بالموافقه
جلست علي طرف السرير وبدأت تتلو عليه سورة يوسف بصوت عذبا رائع الجمال والبهجه …حيث إنه جلس قبالتها علي الكرسي الخشبي ..
هي تحفظها بأحكامها الصحيحه عن ظهر قلب لذا لم تحتاج إلي الأمساك بالمصحف والقراءه منه ..
أحست بدوار يفتك رأسها وهي تقرأ الآيات الأخيره ..
كان يستمع برحابة صدر وهو يجلس متأدبا في حضرة الآيات القرآنيه المجيده
عندما أحس بالتعب في صوتها وأنها بدأ يهدء ويتراخي علامة الفقدان للوعي
ولم تكد أفكاره تكتمل حتي تسلل من فتحة انفها خط رأسي من الدم .
حملق بالدم بصدمه واعيه …
ولم يكد يستوعب الأمر حتب سقطت علي ظهرها علي السرير فاقده للوعي ..
…………………………

يتبع…

الفصل الثاني والستون

-أيوه يا ماما ..الحمد لله..نورس ..نورس بخير وبيسلم عليكي…
كانت تحدث والدتها منال عبر الهاتف ..وعيناها تتجول بحزن في أركان الغرفه الخاليه إلا منها ..
أبتلعت ريقها بتوتر وتحشرج صوتها قائله
-تكلميه..لا مش هينفع ..نورس في الحمام بياخد شور بس أول ما يطلع هخليه يكلمه
وقول والدتها المنمقه جعلها تزفر براحه فقد أراحتها من عناء كذبه آخري ..
-لا مفيش داعي انا كنت عايزه أطمن عليكي وأطمنت ..مش عايزه أزعجكم وانتو في شهر العسل..يلا يا قلبي سلام..
ثم أقفلت الهاتف ووضعته بديناميكيه جوارها حيث كانت تجلس علي السرير تسند جذعها إلي ظهره ..تضم ركبتيها إلي صدرها وهي ترخي ذقنها علي مسند الركبتين وتحاوط ركبتيها بذراعيها النحيفتين..
عيناها بركه من دموع الحزن …
لم تجف عيناها من الدموع منذ تلك الليله..هاتفته كثير لكن هاتفه دائما يكون خارج نطاق الخدمه …لولا الملامه لكانت جابت الشوارع تبحث عنه في كل زقاق ومدق
لكن أين تبحث..
فشوارع مصر متعدده وليست بالقليله ..
تجلس علي ذاك السرير منذ رحيله بنفس الوضعيه لم يطأ الطعام أحشاءها..لم تذق حلاوة النوم بل تعبت سهد الليالي والبكاء أثناء سوادها الحالك ..
لن أكون مبالغه في وصفي إذا قلت ان خلال تلك المده القصيره أحست بحبها العميق له..
نعم هي أدركت أنها لا تحبه فقط بل تعشقه ..
تعشقه منذ طفولتها والعشق كان مخبئ تحت بند الصداقه ..
من قال ان الصداقه لا تتحول إلي حب ..
“الحب مثل الرياح، لا يمكنك رؤيته ولكنك تشعر به.”
– نيكولاس سباركس
هو الرياح التي عصفت بقلبها منذ الأزل ولم تشعر بمدي حبها المتغلغل بداخلها ليجعلها معه قلبا وقالبا إلا حينما فقدته
هكذا هي النفس البشريه
“لا تشعر بقيمة الشئ إلا إذا فقدته”
وهي فقدته فقدت نظرات الحب في عينيه تلك النظرات التي كان يشبعها بها فيجعلها تشعر أنها تملك الدنيا وما فيها
تلك النظرات تحولت لكره ..كره نيرانه لن تخمد …
عطره الرجولي مازال مسيطرا علي الغرفه ..وهذا ما يشعرها بالدفئ احيانا..وأحيانا آخري بالبروده القاتله عندما تتذكر خيانتها له..
خيانة الروح أعظم من خيانة الجسد ..
قال لها أنه سيطلقها ..هل ستسمح له بذلك ؟؟.
هي لا تريد نعم لا تريد ان تنفصل عنه ..هو الآن بات كل حياتها ..أنه يراودها في أحلامها كل ليله ..تسعر بلمساته الحانيه أبتسامته الدافئه..صدق كلماته ومشاعره النرجسيه
كل هذا حُرمت منه بسبب غباءها غرورها التي تتمني أن تقحمة في بركان أهول شديد فيذوب من فرط السخونه..
الألم في عينيه وصلها حطمها مثلما حطمته..آه لو يرجع بها الزمان فلا تفعل ما فعلته ..ولا تقول له ما قالته..لكانت نسيت غرورها وبدأت معه حياه جديده حتما سينعشها هو بحبه …ومعه كل الحق فهي قد أهانت رجولته وأستهزأت بحبه …
قال انه سيأتي بعد أسبوع..والأسبوع مضي ..تنتظر قدومه علي أحر من الجمر رغم تحذيره بأن ترحل..
كيف ترحل بعد أن وجدت روحها الضائعه؟؟
ستحاول أن تجعله يسامحها
يجب أن يسامحها فهي أخطأت وقد أدركت خطأها..مستعده لأن تفعل أي شئ كي يفغر لها …
طالعت بعيناها القاتمتان من سواد الحزن فستان زفافها الملقي بأهمال فوق الأريكه ..
تتذكر محاولاته بأن يريها حبه ..لكنها كانت أنانيه بحيث لم تري ذلك الحب ..عيناها كانت مغشيتان بوهم سرمدي كما قال …
نوران الزهار التي لم تتوقع ان تطلب العفو من أحدهم يوما ستفعلها لانها لم تعد نوران غليظة المشاعر والقلب بل هي الآن نوران العاشقه ..المتيمه بحب زوجها ..مثل حب المجنون لليلي ..إنه حب أفلاطوني يقبل التضحيه بكل شئ وأي شئ ..
……………….
لا تزال تشعر بالوحشه. .رغم انها في منزل أبيها المنزل الذي من المفترض انه بيت الحمي والأمان لأي فتاه
لكن ما بالها لا تشعر بذلك الأمان
تشعر ببروده قاتله في ليلة شتاء كارثه رياحها غادره تصدر طنينا كصوت الذباب والنحل ..تكسر الأشياء المعلقه هامشيا فتزيد من الحو رعبا إلي جانب الميادين الخاليه إلا من بعض الحيوانات الأليفه كالكلاب والقطط الضاله
طرقات خافته علي باب غرفتها اصابتها بالهلع ..كان الطارق قلبه يدق كالطبول ..مترددا بائسا ..
فتح الباب علي مضض ..دخل ..جابت عيناه الغرفه يأس في ان يجدها..لولا ان عيناه لمحت طيفها …تحلس في أقصي الغرفه في زواية متششقه ..تضم نفسها بذراعيها ..عيناها البارقه بالدموع تفقعت من الصدمه ..
أقترب الطارق منها..خطواته متردد حزينه مضطربه ..وقف أمامها طالعها من علو..قبل ان يهم ويجلس علي بعد مسافة منها ..أثني ركبتيه ثم ضمهما إليه في وضعية الجنين ..طالع أمامه بشرود..والصمت المتوتر بينهم هو سيد الموقف ..
عادت عينا هنا لنفس النقطة الشارده الحزينه ..حزنها المطبق وخيالها البائس شرد في كرم للمره المليون..لم يغب عن بالها لحظه واحده. …هاتفها مرتين فقط خلال الأسبوع ..
أليس قلقا عليها !!!
نحنحنحات صدرت متأوهه من الجالسه معها تشاطرها نفس الأنفاس الهادره..
أدارت وجهها تطالعه بصمت ..تنتظر ان تفضي إليها بسبب المجئ إلي غرفتها المتواضعه..
والآخري كانت تحاول جاهده بأن تخرج الحروف منها لترسم كلمات ..كلمات أراد قلبها ان يعبر عنها منذ أن رأتها من جديد أمام عينيها..لكن ترددها هو من أخر المواجهه..
بدأت تقول بنبرة صوت خاويه
-كنت بكرهك ..مش عشان أنا بكرهك..لأ علشان بكره نفسي …أوقات كنت بحس الذنب بعد ما أتعامل معاكي بقسوه ..ورغم ذلك مكنتش بعمل لنفسي فرمان ..تعامل أمي معاكي كان بيشجعني وضميري البائس كان دايما يقولي ان اللي بعمله معاكي ده مش جريمه ..بالعكس ده العادي ..أحساسي بالذنب نحيتك كنت بحاول أكبته بقسوه أكتر في تعاملي معاكي ..واللي كان بيضايقني أكتر ضعفك ..ضعفك كان بيخليني أكرهك وأحتقرك ساعات ..سداجتك وطيبتك السلبيه كانت بتديني ريأكشن شر ..يمكن كنت بحاول أقسي عليكي عشان تتغيري ..كنت عايزه القسوه تحولك لشخص بيعرف يتعامل مع الناس اللي مش كويسين في حياتنا ..بس انتِ مكنتيش بتفهمي ده ..حتي أنا مكنتش فاهمه ان دي كانت نيتي إلا لما بعدتي عني وسيبتيني ..
طالعتها هنا بجمود ..او عدم تصديق ..
تابعت رضوي وشفتيها تسفر عن أبتسامه ساخره وما زالت تنظر لنقطة ما أمامها
-تعرفي انا كنت ساعات بغير منك ..رغم كل عيوبك كان في حاجه فيكي بتشد أي شاب ليكي ..ممكن تكون براءتك او فهمك البسيط او طيبتك الله كانت إيه ..
فاكره ساهر ..
ثم نظرت لملامح هنا الجامده بلمحه من الدموع
اومأت لها هنا بنعم ..كيف تنسي ساهر ..أنه جارهم وصديق طفولتهم..لكن لما تذكره الآن ..
نزلت الدموع المتألمه علي وجنتيها مع قولها الذي ينبض بالوجع مع كل دقه من دقات قلبها
قالت رضوي بلوعه
-ساهر كان بيحبك انتِ يا هنا ..تعرفي يعني إيه يحبك انتِ وانا لأ..
فضلت أسأل نفس وقتها ليه أنتِ وأنا لأ..انتِ فيكي إيه زياده عني عشان يحبك ويتجاهل حبي ..آه أنا كنت بحبه ..لأ مش كنت أنا لسه بحبه ..بحبه أكتر من أي حاجه ..بس هو أختارك أنتِ..
ملامح هنا كانت مذهوله متجهمه فاغرة فاهه وحاجباها مقطبين ببلاهه …
كيف عرفت ان ساهر يحبها ؟؟
أراحتها رضوي من تعب السؤال والحيره ..اختصرت عليها مشقة التفكير
وقالت بعذاب أضني تفكيرها وأتعب قلبها
-متستغربيش انا عرفت ازاي ..انا سمعته لما أعترفلك بحبه.كنتوا وقتها في الجنينه هو كان واقف ادامك وبيقولك بصدق عن مشاعره ليكي
وقتها انا كنت مستخبيه ورا الشجره ..مقدرس أقولك حالتي كانت أزاي وقتها ..كنت حاسه ان روحي بتتاخد مني ..
همست هنا بتشتت
-بس أنا
قاطعتها رضوي بأبتسامه هامسه
-عارفه انك رفضتيه قولتيلوا وقتها انك مش بتحبيه وأنك بتحبي كرم ..قالك ليه أنا بحبك أكتر منه حبيني انا مش هو ..بس أنتي قولتليلو انك بتحبي كرم أكتر من حبك لنفسك ..أتصدم شوفت الدموع في عينيه ..دموعه وجعتني كسرتني جرحت قلبي ..موتتني بالبطئ ..في نفس اليوم قرر ان يبعد ويسافر …
حالت رضوي نظراتها من النقطه الشاره إلي ملامح هنا وقالت بتعب
-سافر عشان ينساكي ..
هنا بدموع:
-عشان كده كرهتيني..
-عشان كده كرهتك ..
قالتها رضوي بدون مشاعر وعيونها صلده كالحديد
-بس انا مليش ذنب ..انا مقلتلوش يحبني
-عارفه علشان مقدرتش أكمل كرهي ليكي ..بس مكنتش عايزه كرم يحبك كنت عايزاه يكرهك ويبعد عنك لأنك السبب في سفر ساهر ..انتِ السبب في أني مشفوش تاني..
أخذت نفسا عميقا قبل ان ترفع عينيها إلي هنا مره ثانيه وتقول بعفويه
-والغريبه ان كرم بردوا كان بيحبك ..علشان كده قسيت عليكي ..قسوتي كانت معاكي كانت قناع ..قناع بخبي وراها قلبي اللي أنكسر ..
لما بعدتي عن حياتي بدأت أراجع نفسي ..بدأت أختبرها إذا كانت تقدر تعيش من غير وجودك معايا أو لأ ..
في الاول كنت فاكره انه عادي..إيه يعني لما أصحي الصبح ملاقكيش في البيت ..لما أعدي من أدام أوضتك والاقيها مقفوله ونورها مطفي …بس بعدين حسيت أني يتميه وتايهه رغم أني عايشه في بيتي ووسط أهلي ..تعرفي ان حاولت اعوضك إحساسي بأني نفسي أشوفك بالخروجات والسهر والشوبينج ..بس بردوا مقدرتش أسيطؤ علي أحساسي ..كنت برجع في الليل أقفل علي نفسي اوضتي وأفضل أعيط ..عمري ما حسيت بالخوف إلا لما ساهر سافر ولما أنتِ سيبتي البيت ..
فركت رضوي كفيها بتوتر بالغ وهي تقول بعينان جامدتان تترقرق منهم الدموع
-كلمة اعتذار مش هتعوضك عن كل اللي عملته فيكي ..بس أنا فعلا ندمانه. ..
بعدها دخلت في بكاء مرير ..نادم ..
زحفت هنا بتمهل إلي حيث تجلس ثم أرتفعت جالسه علي ركبتيها أمام رضوي ..طالعتها من علو بنظرات حزينه..وقد لانت ملامحها واغرورقت دموعها بغشاء ناري من الدموع. ..
ثم مالت بجذعها إليها تضمها إلي صدرها بحنان …
سامحتها لأنها ببساطه أختها الصغيره التي لم تكرهها يوما ..ربتت علي ظهرها بحنان ودموعها تتساقط دفعة واحده..
أما همس رضوي النادم أخترق صدرها مع بكاءها المرير المتواصل
-أسفه ..آسفه يا هنا ..
دموعها تعلقت في منتصف أهدابها وهي تزيد من احتضان أختها..
…………………….
خرج من النادي في ساعه متأخره من الليل ..صعد سيارته المركونه في موقف السيارات الخاص بالنادي ..جلس خلف عجلة القياده التي تشبه قرص عباد الشمس في حلقتها المستديره ..ضغط علي المكابح أسفل قدمه اليمني وأنطلق بالسياره …توهان قاتل يقتنص نفسه ..ملامح وجهه ليس بها أي تعبير سوي الألم وفقدان أي متعه في الحياه ..
في الطريق المتعرج ذي المنحنيات الطريقيه الليليه وكل شئ مظلم إلا ضوء خافت صادر من كشفات السياره الأماميه ينير أمامه الطريق المعتم …الذي يبدو من بعيد قاعا لبئرا معتما حالك السواد ..
مثل الذي أُلقي يوسف به من قبل أخواته الكائدين له..
عندما أعترضت طريقه سياره آخري من نفس ماركة سيارته لكن تختلف عنها في اللون فالسياره الآخري لونها أحمر يميل إلي لون قرص الشمس عند الغروب …أو كشرارت ملتهبه من أعين إبليس عندما يغافله العبد ويفعل ما يكيد قلبه فيتقرب إلي خالقه ومولاه ..
أوقف السياره في آخر لحظه قبل ان ترتطم بالسياره الآخري التي ظهرت امام عينيه من العدم …
هذا جعله يقطب حاجبيه غضبا وهو يسب ويلعن صاحب تلك السياره ..
أما الآخري الواقفه فأنفتحت ابوابها الأربع ليهبط من المقعدين الأمامين شابين ومن الخلفيين ثلاث شباب لهم بنيه جسديه ضخمه …وعضلات تفننت تمارين الجيم في إظهارها ..
أقترب الشابين منه والضوء الخافت من سيارته الذي نال من وجهيهما مكنه من التعرف علي الشابين..
منذ ذلك اليوم في النادي عندما أبرحهم ضربا ..لم ينسي أي تفصيله من ملامحهم ..أنهم نفس الشابين التي شكت منهما نوران بأنهم تحرشا بها لفظيا ..
الغدر العابث في بريق عيونهم جعله يدرك في أقل من اللحظه ما يننتوون فعله..
ثم حدث ما توقعه
وبأشارة من الشابين هجموا عليه الخمسه علي قلب رجلا واحد ..لكم منهم ما طالته قبضتي يده لكن في النهايه الكثره تغلب الشجاعه …
…………………………..
طرقت الداده عزيزه باب الغرفه ..تفتح لها زهرة. .فيتجول ناظري الداده عزيزه علي زهرة من رأسها لأخمص قدميها
مطتت شفتيها مع مصمصه عوجاء تتقنها النساء بحرفيه عندما لا يعجبهن امرا معينا ..أو حينما ينتوون النميمه والخوض في سيرة فلانه وعلانه
-إيه يا ست زهرة انتِ لسه ملبستيش ..كده هنتأخر علي الشيخ بخيت..
تلبكت زهرة وزاغت عيناها يمنة ويسار خوفا من أن يسمعهما احدا يمر بالجوار ..
جسدها تصبب عرقا واعلي جبينها أنكمش من الرحب ..مسحت عند جبينها بخوف هامسه بأرتعاش
-وطي صوتك يا داده ..أنا بصراحه خايفه أووي..بصي قفلي علي الموضوع ده ..انا مش ناويه أموت وانا لسه يدوبي داخله دنيا …
ثم توغلت لداخل غرفتها وتركت باب الغرفه مفتوحا لتلحق بها الداده عزيزه التي قالت
-لا يا ست زهرة كده الشيخ بخيت يزعل زمانه مستنينا..وبعدين محدش هيعرف اننا روحناله ..يبقي خايفه من إيه بقي ..
قالت وجسدها الهزيل يستقر علي الأريكه شبه جالسا
-من آسر ..الناس كلها عنده خمس حواس وهو عنده سته..أكيد هيعرف اني روحت لواحده زي بخيت ده ووقتها ممكن يحدفني من البلكونه ..ده بردوا ظابط وليهم طرقيتهم …
نظرت عزيزه إليها بأرتياب وقالت
-أسمه الشيخ بخيت وبعدين متحبيش سيرته بالباطل للاسياد بتوعه يسمعونا ..حابس حابس ..ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم
ثم قامت بحركة الاصابع الخماسيه فوق رأسها ….
-يلا قومي ألبسي يلا ولا أنتِ عايزه جوزك يضيع منك ..وحماتك دي تنتصر عليكي ..وأحنا في طريقنا نشتري الطلبات اللي سيدنا الشيخ قال عليها عشان الأسياد يرضو عنك ..وبعدين هنعمل كل اللي شيخ يقولنا عليه عشان الشغل مش يبوظ وتقدري ترجعي جوزك ..صدقيني الشيخ بخيت أكتر واحد ممكن يحللك مشكلتك ويحنن قلب جوزك عليكي …إلا قوليلي حطيتي فين الحجاب اللي الشيخ عطهولك …
انهت الأخيره وهي تحك ذقنها بتساؤل
همست زهرة بتخاذل وهي تشاور بأصبعها السبابه تجاه الوساده الطويله المسترخيه عند ظهر السرير
-تحت المخده
فأتجهت عزيزه إلي حيث تشاور ورفعت الوساده لتجد لفه صغيره جدا علي شكل مربع مغطي بقماش وبداخله ورقه مكتوبه بها كلمات لا يفقهون منه شيئا ..
أظهرت عزيزه أبتسامه مطمئنه ثم سألتها لتتأكد. .
-مكان ما بينام صح ..تحت راسه علطول..
فأومأت لها زهرة بنعم …ثم تنهدت بضيق وخوف يشوبه القلق قبل ان تنهض وتتجه ناحية الدولاب ..تأخذ منه ما وقعت يدها عليه عبثا من ملابس ثم تتجه للحمام لتبدل ملابسها وتخرج تحت شعار (زن الدبور علي رأسها ليخرب بيتها)
والدبور هنا هي عزيزه …
……………………
دخل الطبيب إلي غرفة العلاج الكيماوي حيث نداء..أو غرفة الأسلحه النوويه القاتله كما أطلقت عليها نداء
قال بأبتسامه هادئه
-مستعده
فأومأت له بالأيجاب حيث ملامح وجهها الباهته التي يتخللها التعب والأرهاق
طالع الطبيب غالب الذي لا يزال واقفا في مكانه كالماكينه ولم يتحرك ليتركها وينتظرها في الخارج امام الغرفه مثل كل مره..
كان متوترا بين نظرات الطبين وكفها التي تشدها بأحكام حول كفه مانعه إياها من الخروج ..
نظر إلي عينيه بخيره ليجد بهما توسلا دامعا ضعيفا
همست بترجي يغلفه دموع الالم الذي يعصف بها حاليا
-خليك جنبي
مجرد كلمه منها جعلته يذوب وجعا وتألما ..أومئ لها بأيماءه حانيه جعلتها تتناسي الألم في لحظات..
وأبتسامه هادئه تسللت إلي وجهه وهو يقول لها بكل معاني الحب الساميه …
-متخافيش ..أنا جنبك…
كلمات بسيطه في نطقها عميقه في معناها ..كلمات هادئه كانت كافيه لترسم الامان في قلبها قبل ان ترتسم علي ملامح وجهها المتعبه بفعل الألم …كأن احدهم حقنها بماده مخدره أرخت جسدها في نشوه متلذذه..
وجوده جوارها كافيا ليجعلها تتحمل آلام الكون بأكمله ..
بعد قليل كانت الدموع تنهمر علي وجهها بشكلا مفزعا
..بينما غالب يراقبها بوجه متألم شاحبا أكثر من شحوب وجهها…وكأن الألم به هو ..أنينها الخافت جعل جسده يرتج ولم تعد قدماه تقوي علي تحمله..ورغم ذلك ظل ثابتا وهو يرسل إليها الدعم عن طريق همسه بأنها ستكون بخير والتشديد علي كفها بمواساه قاتله …
هبطت اصابعه إليها لتمسح دموعها المنهمره فسرت أرتعاشه بسيطه في جسدها آثر ملامسته لصفحة وجهها البيضاء ..
إلي أن قال الطبيب وهو يتنهد بأريحيه
-أنتهينا …ألف حمد لله علي سلامتك ..
أومأت له دون ان تجيب ..ليتركهما الطبيب ويذهب..
فتعتدل نداء علي سرير الفحص ويساعدها غالب في ذلك ..
همس ليتأكد وهو يري حاجبيها المنكمشين بألم
-أنتِ كويسه..
تواترت أنفاسها ببطئ قبل أن تقول
-الحمد لله ..
لو بيدها لأنتزع منها المرض ليدفنه بداخله فلا يصيبها مره أخري..ولا يراها تتلوي أمامه من الألم بتلك الطريقه ..
بعد ان راحت في نوم عميق آثر تعب العلاج الكيماوي الذي أنهك جسدها بالكامل ..
خرج من غرفة العلاج وأغلق الباب خلفه بهدوء..
طرق غرفة الطبيب مره ثم دخل بعد أن أذن له الطبيب بالدخول..
جلس قبالته بملامح واجمه متوتره قبل ان تطاوعه شفتيه وتقول
-فيه أمل يا دكتور ..وليه مفيش أي تطور في حالتها ..
شبك الطبيب كفيه بهدوء أمامه علي سطح المكتب..رمقه بنظرات ثابته وهو يقول
-العلاج الكيماوي في أي حاله بياخد وقت طويل ..الحمد لله القلب بدأ يتحسن شويه وده مؤشر ينذر بالخير …
قال مترددا متألما
-هي هتفضل في الوجع ده كتير ..أنا بموت كل ما بشوفها بتتألم …عايز حل عايزها تخف بأسرع وقت ..مش قادر أستحمل وأنا بشوفها كده ..
دون إرادة منه أنهي آخر كلماته مع خبطة قويه من قبضته علي سطح مكتب الطبيب الخشبي
أتبعها بتنهيده متألمه مع تضاخم جسده بالحزن والقتامه
وكادت دمعه أليمه ان تتسلل علي وجهه لكنه تماسك رغم تشنج جسده وعضلاته..وتوتر ملامحه بالألم ..
قدر الطبيب حالته وتغاضي عن عصبيته والخشونه في صوته الذي أرتفع بعض الشئ أثناء حديثه
ثم قال بخفوت وهو يحك ذقنه:
-خلاص أحنا ممكن نوقف العلاج الكيماوي ونرجع للأدويه تاني..بس بردوا الأدويه هتتعبها …وهتكون الادويه بجرعات لها تأثير قوي علي إدحاض الخلايا السرطانيه..ولو كان نوع سرطان الدم اللي بيتم علاجه يتميز بأحتمال معاودته ..هنعملها زرع خلايا جذعيه (Bone Marrow Transplantation).بس أحتمال ياخد وقت اكبر ممكن سنه او سنتين ..
هتف والألم ينضح من مقلتيه
-سنتين..لسه هتتحمل الألم لسنتين ..
قال الطبيب بهدوء
-أحتمال اقل خليك متفائل ..المهم ان المدام تبقي كويسه
……………….
جالنا بلاغ عن واحد دجال أسمه بخيت ..الجيران بيقولوا انهم اشتكوا منه كذا مره بسبب نصبه علي الناس وكمان الدوشه اللي بيعملها ليهم بسبب الزار والدخان اللي بيطلع من شقته يخنقهم ..
يلا يا مازن خد قوات من الشرطة وداهم المكان …
وقف مازن أنتباها لرئيسه في العمل ..هاتفا بحزم عسكري
-تمام يا فندم
ثم خرج وأغلق باب مكتب رئيسه خلفه بهدوء
عاد لمكتبه ليجد آسر في أنتظار
اسفرت شفتاه عن شبه أبتسامه هادئه وهو يستدير ليجلس علي مكتبه ..
وعيناه بها لمحه من التوتر
سأله آسر بقلق
-مالك يا مازن..
أجابه مازن بوجوم
-عندي مهمه الوقتي
-طيب وإيه المشكله
قالها آسر بعدم فهم
أجابه مازن بحزن
-المشكله ان أمي تعبانه ووعدتها اني هروحلها كمان ساعه ..
آسر
-أممممم..طبعا المهمه هتعطلك واحتمال تروحلها متأخر
مازن بثقه
-أكيد
لكن آسر نهض قائلا
-متقلقش أنا هقوم بالمهمه بدالك …
-بجد
نطق بها مازن وقد نطقت عيناه بالامل
آسر بثبات
-أيوه ..هروح أدي لسيادة اللواء خبر وبالمره أخد التفاصيل ..
ثم تركه آسر وذهب بعد أن أمتن له مازن بالشكر الجزيل
………….
في شقه متواضعه في حي شعبي ضيق للغايه متهالك منذ سنوات مضت علي بنائه
في بهو الشقه الواسع بين أربع جدران فولاذيه لكن هذا لا يمنع تسرب الاصوات الصاخبه للأشياء التي يقوم بها الدجال المسمي بالشيخ بخيت
كان هناك العديد من النساء وقليل من الرجال الذين يطوفون في حلقه ويطوحون أيديهم يمينا ويسار مثل المجانين بل المجانين اعقل منهم ..
في البدايه أستغربت زهرة افعالهم بل وأصابها بعض الخوف لكن سرعان ما أندمجت مع نفس حركاتهم وصارت تفعل كما يفعلون…
أما الداده عزيزه فاستأذنت منها ان تغادر لتنهي بعض الأعمال المنزليه في الفيلا…
وأخذت الدقات علي الطبول حولهم تتعالي بطريقه تكاد تصم الآذان …وتقرح العينان ..
وفجأه تطاير الباب علي مصرعيه وتوقف الجميع يطالعون بنظرات مرتعبه قوات الشرطه التي اطاحت بالباب وتتسلل بينهم ليقبضوا عليهم مع حالات هرج ومرج في المكان..
وقد فغر فاههه بذهول وأتسعت حدقتي عينه وهو يراها بين الجمع..
رمش عدة مرات ليتأكد من حقيقة وجودها والنتيجه إيجابيه ..انها هنا بالفعل ..
عيناها المرتعبه حملقت به بخوف وصدمه وصعوبه شديده في ابتلاع ريقها والعرق الغزير المتصبب اعلي جبينها ..
هامسه بعدم تصديق:آسر …يا مصيبتي
قالت الأخيره برعب وهي تقبض كفها قرب قلبها الذي كاد ان ينخلع بفعل تهافت نبضاته
………….
بعد قليل كانت تجلس بجواره داخل سيارة أجره ..تشعر بأنفاسه الهادره وعيناه المظلمه بسواد الغضب ..تقسم أنها لو كانت معه بمفردها لطالت منه ويلات العذاب او ربما عدة صفعات متواليه علي وجههها الناعم حتي تسيل الدماء الراقيه من عند شفتيها ثم سيعلقها في السقف ويظل يضربها بالسوط إلي أن يتساقط لحم جسدها
شهقت بأرتعاب عندما واتتها تلك الفكره…وليتها لم تفعل ..فالنظره التي اعطاها إياها أطاحت قلبها لأسفل سافلين جعلتها ترتعب لأعوام قادمه ولن تنسي في حياتها تلك النظره الناريه التي تشبه ذئب متعطش لسفك دماء البشر
الحراره التي تمكنت من جسده لتجعله يغلي كالمرجل وصلت إليها لتنتفض بأرتعاش وتبتعد عنه بمسافة بوصتين وهي تحاوط جسدها بأرتعاش وبروده رسمت خطوط زرقاء علي أصابعها وعند أظافرها المستطيله..بالأضافه لأزرقاق شفتيها ..وتورم وجهها بخطوط الخوف..حتي شعرت انها ستصاب بالأغماء
نظرته لها عندما وجدها بين الحشد كانت مرعبه ..مرعبه لحد الألم ..
ولولاه لزجوا بها خلف قضبان السجن الحديديه مثل الباقيين..
بمجرد ان توقفت سيارة الأجره امام الفيلا فتحت الباب وسارعت بالهرب لداخلها ..
وهو تابع طيفها الهارب ركضا بحاحبين منعقدين ناويتين علي قتلها ولا بديل آخر
كادت تتعثر بسبب تخبط ساقيها أرتعابا لولا ان خوفها ان يمسك بها كان دافعا قويا لتنطلق بسرعة الصارواخ..وقد تخضب وجهها بألوان الطيف السبعه
قابلت في طريقها أبتهال التي طالعت أرتعابها وسرعة خطواتها مه العرق المتصبب أعلي جبينها وبين خصلات شعرها
همست :مالك بتجري كده ليه..
لكن زهرة تخطت محيطها وأكملت طريقها نحو الدرج بخطي أسرع من الثور ذاته..
ثم لمحت علي الجانب الداده عزيزه وهي الآخري تطالعها ببلاهه
فقالت لها زهره وهي مازالت تركض حتي وصلت للدرج فصعدت اول درجتين
-أستخبي يا داده عزيزه آسر جاي .. ليكون ده آخر يوم في عمرك …وعمري أنا كمان ..
خبطت عزيزه علي صدرها بفزع وعيناها تكاد تبكي وبسرعه ركضت ناحية المطبخ لتختبئ قبل ان يلمحها السيد آسر فيمسح بها بلاط الأرضيه …
وقبل ان تنجح في الوصول للمطبخ قصف صراخه الذي زلزل المكان وجعلها تتسمر مكانها لا تصد ولا ترد . تبتلع ريقها ببطئ السلحفاه وقد تهاوي قلبها بين محجريها ..وتمنت في تلك اللحظه ان تصاب بالسكته القلبيه
-أستني يا وليه أم جهل أنتِ…
ف زهرة أخبرته ان الداده عزيزه هي من أشارت عليها بتلك النكبه التي ستؤدي إلي هلاك الأثنان سويا
……………..

يتبع…

الفصل الثالث والستون

وتوقفت أم الجهل وعيونها تغمضها بخوف وأعلي جبينها أستعرض بحيرة يسمونها قارون وفي مسمي البشر هو عرق الخوف والأرتعاب ..
أستدارت إليها تواجهه ببعضا من الثبات الظاهري
قصف مره واحده دون ان يرمش له جفن بنبرة صوت بها خشونه رجوليه فجه وهو يرفع معصم يده المثبت حولها ساعة يده الرولكس الثمينه أمام عينيه الصخريتين
قائلا
-الساعه الوقتي خمسه ونص..خمسه ونص وخمس دقايق تكوني لمه كراكيبك وتناديني أديكي مرتب نهاية الجهل والتخلف اللي نشرتيه في البيت …
وقبل ان تعترض وتطلب منه فرصه ذهبيه لتظل في عملها ..نطق بصراخ أسكتها مع أنتفاضة جسدها برعب السنين
-مش عايزه أسمع صوتك..لاني مش ضامن نفسي ممكن تعملك إيه كفايه اني شايفك ودمي بيغلي من جوه بس شيبتك هي اللي الشعره اللي غالبه تفكيري بأني اطلع مسدسي من حزامي واضربك تلات طلقات …والتلاته هيكونوا في نفس المكان…دماغك ..
وأبتهال تراقب ما يحدث دون اي فهم …أقتربت منه تقول متسائله والدليل حاجبيها المنعقدين مثل فرط الرمان الأعوج
-فهمني يا آسر اللي بيحصل
هتافها متعاقد الأمر علي ان يفهم في ظل هوجاء هروب زوجته المصون وتكتكة أوصال عزيزه رعبا من وقوفها أمام ملامحه المتجهمه بخشونه وغضب
-مش وقته يا أمي أنا علي آخري ..عايز اصفي حسابي مع اللي فوق قبل اي حاجه ..
وتركها ببساطه يأكل درجات السلم في خطوتين سريعتين مثل فهد متمرس طاغيه ..
بالطبع قد اوصدت باب الغرفه خلفها بالمفتاح خوفا من بطشه …
-أفتحي الباب
صاحبت ضربته القويه المتصلبه علي الباب صراخه الفوضوي الذي زلزل جنبات المكان عبثا مثل شعره الاشعت الذي تقافز مثل الحمم البركانيه نتيجة غضبه
وكانت هي تجلس القرفصاء علي السرير تطالع الباب الذي يكاد ان يتطاير بفعل قوة قبضتيه عليه
خوفها أصبح وباء جعل جسدها ينتفض ..تهز جمجمة راسها اليابسه يمينا ويسار فوق وأعلي مثل شادية في فيلم (الزوجة ١٣ ).. عندما غضب منها الدنجوان رشدي اباظه وكاد يقتلع رأسها من بين جذوره..
وهي بكل جبن فعلت فعلتها وفضلت الأختباء ..ففرت مثل قطط الليل الضاله خلف الباب الموصد بأحكام وبدل قناع الأسد منذ قليل حل مكانه قناع أرنب بري يريد الفراره لأمه يختبئ تحت كنف أمانها …
وزهرة مثلها ..أما دنجوانها هي فلن يرتاح إلا بعد ان يحطم رأسها ويقذفها من الطابق العلوي …
ضمت كفيها المشبكين جانب صدرها ..تدعو الله ان يأتيها بسكته قلبيه ولا يدخل إليها هذا الثور الهائج …
خليط غريب من الغضب والشعور بالأستفزاز بداخله أمتزج ب….رعب مفاجئ ..هل جعلها خوفها منه تفعل بنفسها ما يؤذيها ..
فهو لم يسمع صوتها أبدا منذ أن خبط علي الباب بهذا العنفوات …
لذا لم يتردد وهو يضرب الباب ولكن بقوة اكبر بدت قاتله مخيفه في رجتها
هادرا بتوتر
-زهرة.. افتحي الباب الوقتي
وأقترب من الباب الخشبي عله يسمع مواء صوتها لكي يطمئن أنها لا زالت بخير وان ظنونه تلك كلها واهيه ..
لكنه مرت ثانيتين ولم يسمع أي صوت من الداخل فزاد الصمت خوفه
ضرب الباب صارخ بأرتياع
-أفتحي الباب ..
ساد الصمت مجددا عدة لحظات قبل ان يسمع صوتها المتراخي المرتعش وهي تنتحب هامسه
-مش هفتخ
اغمض عينيه للحظه يتنفس بعمق وأرتياح وقد هدأت خلجات قلبه المرتعبه بعض الشئ..وصدره يلهث قليلا بشعور مريح
لكنه لم يستغرق طويلا حينما رفع وجهه وقصف قائلا بخشونه
-أفتحي الباب يا زهرة بدل ما اكسره ..
همست بأختناق بائس التقطته أذنيه الملتصقتان بالباب الخشبي
-أنت عايزني افتح عشان تقتلني
اجابها بصوتا غلفه البرود والقسوة .صوتا يرج الجسد خوفا
-هقتلك يا زهرة في الحالتين ..خليكِ زي الشاطره كده وافتحي ..
اقترب أكثر من الباب ليسمع شهقة نحيب خافته ..فأبتلع غصة متحشرجه بصوته
قائلا
-معندكيش الشجاعه عشان تواجهيني ..وتقفي ادامي ..
بأختصار ووضوح احابته
-مين قالك اني شجاعه ..انا أصلا جبانه
صرخ وقد اعماه الغضب ثم طرق الباب بعنف هادرا
-افتحي الباب يا زهرة واتحملي مسؤلية افعالك
صرخت ببكاء يشبه العويل
-قولت لأ ..
فارت الدماء من رأسه وأبتعد للوراء خطوتين ثم رفع ساقه وهو يركل الباب بقوة عنيفه..ضربه لم يتحملها قفل بسيط فأنفتح الباب علي بقوه مصرعيه
شهقت زهرة بقوه وتراجعت متسع العينين وهي تراه يقف أمامها يلهث بعنف ..إنه ضخم ضخم للغايه ..
كفيه متراخيان بجواره يقبضهما بقوة جعلت مفاصله تبيض من الغضب …بدا كالمجرمين السفاحين الذين يتعامل معهم من نظرة عيناه الحمرواتان بشده ..وجسده المتصلب بشدة …
ظل واقفا في مكانه ينظر إليها بصمت..نظراته كانت تجعلها تتراجع للوراء أكثر..لم تترك مكانا إلا وتراجعت إليه ..
قال أخيرا بصوت غريب دون ان يتحرك من مكانه
:كنت عارف ان الكدب والخداع بيجري في دمك .رغم اني حذرتك من الخروج من غير إذني ..لأ والمره دي رحتي للمكان الغلط في الوقت الغلط ..كان شكلي هيبقي إيه إدام زمايلي لو واحد غيري هو اللي راح وقبض عليكي معاهم ..وقتها هيعرفوا ان مرات آسر الجندي راحت برجليها لواحد نصاب زي بخيت ..لا وكمان كانت بتعمل زي الكفرة الملحدين اللي دايما بحاربهم وأحطهم بأيدي في السجن ..
نطق بالاخيره وقد تحرك من مكانه وهو يدور في الغرفه كالثور الهائج ويضرب قبضتي يده في بعضهما
-مراتي انا بقت زيهم..
-آسفه..
صرخ بكلنه جمدتها
-أخرسي يا زهرة ..أخرسي …مش كل مره تغلطي فيها يكون الحل اللي عندك هي كلمة الاعتذار ..
هتف يائسه ..ضعيفه..لا حول لها ولا قوه
-معنديش غيرها ..
-لا عندك ..أسمعي كلامي ..كلام جوزك يا هانم اللي بتتفاني بأخلاص عشان تكسريه …
سارت رعده كالجليد علي امتداد ظهرها ثم همست بأقتناع هذه المره ورأسها يومئ مع قلبها وتعابير وجهها
-اقسملك اني هكون ليك زوجة مطيعه وعمري ما هكسر كلامك ..بس انت خليك هادي ومتتعصبش ..
قال بلهجة قاتمه غائمة بشرارت من الوعيد الأهوج
-ما انتِ هتكوني مطيعه يا زهرة سواء برضاكي او غصب عنك..بس بعد ما تتعاقبي العقاب اللي تستحقيه..وعلي أيدي..
فغرت فاهها بأرتعاب وشهقت شبة مفزوعه …تباطئت عيناها المتسعتين بفعل الخوف علي يده التي تتحسس حزام زي الشرطه خاصته ..ورويدا رويدا يفك وثاق التفافه حول خصره ..ليعقده عدة دوائر حول كفه المبيضه
عروقه آثر أنفاسه الخشنه اللاهبه .
وباتت خطواته كالمهل منها يتوعدها بأسنانه المصطكه وعيناه الغائرتان بشرار وهجي اللون ومع أقترابه يتراجع جسدها الغض بأستغاثه اطلقتها شفتيها
-آسر فوق ..مستحيل تعمل اللي في بالك ده ..
محاوله منها في إيقاظ وحش غضبه ولكن الوحش مازال نائما ..
ضرب الحزام في الحائط بقوه ارعبتها. وهو يهدر بها بصراخ رجل بربري بدائي…يسمونه رجل الكهف والنيران المشتعله عن طريق فرقعة قطعتين من الطوب الرخامي
– ..أنا بقي هخليكي تفكري مية مره قبل ما ترمي كلامي في الزباله ..
تراجعت حتي أخر الحائط..ألتصق ظهرها به اشد التصاق .وعيناه تراقب بخوف مميت ..حزامه المتين ..الذي سيحل علي جسدها لعنة عصيانها له ..أخطئت عندما سمعت كلام أم الجهل والآن هي تنال عقابها علي تهورها الأهوج ..
أبتلع المسافه منهم بخطوتين من قدميه الضخمه..وقف أمامها بضخامة جسده..أحست بأنها أمامه فتات أشياء تافهه..عيونه المغلفه بأشد وأعظم السواد أرعبتها..جعل قلبها يتهاوي بين محجريها …
رفع يده في الهواء ..اغمضت عيناها وهي تحاوط جسدها أرتعاشا..يقسم انه سمع صوت أصطكاك اسنانها اللؤلؤيه ..تمنت في تلك اللحظه ان تصاب بالشكته القلبيه..فلا تسمع صوت ضرباب الحزام التي كانت جزءا لا يتحزأ من حياتها ..منذ طفولتها ..شبت عليه ..علي اللسعات التي تظنت جسدها بالحراح..لا تزال تعاني من آثارها ..
صرخت وهي تسمع صوت الحزام يقترب منها
-لاااااااا..أبوس أيدك بلاش
لم يكن عقلها التائه يخاطب آسر زوجها الذي تسمر في مكانه مصدومه من رعبها..الأرتعاش في نبرة صوتها وأخيرا صرحتها التي أوجعت نياط قلبه ..
كانت تخاطب ذكرياتها الأليمه
عندما كانت طفله لا تتعدي الست أعوام..كان شوقي والمعلم يضربها بالسوط حتي الموت ..حتي تتهالك أنفاسها وتغيب عن الوعي بين غيابات الحاضر والمستقبل..ماضي أسود لعين بات يحاصرها..ينغص عليها عيشها ..
وأكملت التوسل بصوتا خافت..غريب
-أبوس إيدك يا معلم هعمل اللي انت عايزه بس بلاش تعذبني ..الحزام بيكوي جسمي …
ومازالت عينيها مغمضتين تائهتين او سافرتا للبعيد حيث آلام السنين الماضيه..سنين عمرها التي قضتها محبوسه آسيره من غرفه لآخري ..
تابعت وقد انهار جسدها علي الأرض تحاوطه من غدر الدنيا
-والله يا معلم هسمع كلامك ..بس متخليش شوقي يضربني ..أبوس إيدك
لم تنتبه أن آسر ألقي بالحزام بعيدا ..والآن يجلس علي ركبتيه لمستواها يحاول أن ينتشلها من طلاسم الكابوس الأسود..
جسدها ينتفض بين ذراعيه..وهذا يرعبه عليها …ولكنها مازالت تحت تأثير هذيان عقلها
إلي أت قصف بصراخ
-زهرة فوقي ..فوقي أنتِ موجوووده معايا …مفيش غيرنا انا وأنتِ
أنتفض جسدها ..أنتشلها من الكابوس ..تلفتت حولها بعقل مشتت ودموع أرمله لبست السواد علي أيام طفولتها ..
والأحري خوفها منه الذي لمسه في زيتونة عينيها..وألتصاق جسدها بالحائط أبتعادا عن محيطه..هو أكثر ما يهلك قلبه العاشق ..
لانت ملامحه..قائلا بضعف فاتر
-زهرة ..أنتِ خايفه مني..
الأخيرة أعقبت صدمه غير مستوعبه ..
والأجابه كانت دموعها وأبتعادها أكثر عنه تضم ركبتيها إلي صدرها وتحاوط بهما ذراعيها المرتعشين..
وعندما حط نظرها علي الحزام المُلقي علي الأرض أرتعشت اكثر وأنتفضت أوصالها ..
أدار رأسه ينظر من فوق كتفه إلي ما يرعبها بتلك الطريقه غير وجوده الآن جوارها..
عض علي شفتيه ندما وهو يدرك ان الحزام هو سبب رعبها..ماذا فعل؟؟
إنه غبي بطريقة لا يتصورها عقل؟؟ لقد أرعب حبيبته ..جعلها تشعر بالخوف وهو معها ..
صحيح انه لم يفكر أبدا في ان يضربها بل كان إمساكه للحزام فقط ليخيفها..
لم يحاول أبدا تحويل الفكره إلي حقيقه ..لكنها بالفعل أرتعبت وباتت الآن في حاله هستريه ..يتشنج جسدها بنوبات بكاء مريره قطعت نياط قلبه..
همس بضعف
-أنا آسف مكنش قصدي ..
لكن صوته جعلها تنتفض وكأن حيه لدغتها …
اقترب منها ببطئ وحاول ان يضمها إليه ..قاومت رفضت وأزاحته بأناملها الضعيف..لم يستسلم وصمم..ضمها بالفعل إلي صدره ..أراح رأسها المتشنج آثر البكاء علي صدره ..وفي النهاية أستسلمت ..وأنخرطت في نوبة بكاء هيستريه …دموعها الغزيره بللت قميص ظابط الداخليه ..
لكنه لم يكن يبالي فهي الآن أهم عنده من الدنيا وما فيها ..ربتت كفه علي ظهرها بحنو ..همس بأنفاس متقطعه من الألم
أنفاس بعثرت خصلات شعرها ..
-آسف ..بجد أنا آسف ..
أتبعها بقبله عميقه فوق الرأس..قبله تعبر عن مدي ندمه ..وزادت هي من احتضانه تلف ذراعيها حول خصره الرجولي …دموعها تبعث في نفسه عدم أستقرار وألم نفسي وجسدي بحت …
…………..
أراحت رأسها علي المخده..تريد ان تستسلم لدوامة من النوم تنسيها تألم قلبها ..وتريحها من عناء التفكير ..وترحم جفونها المنتفخه آثر البكاء سهد الليل الطويل ..
أحست بحركه في الخارج ..يأتي من بهو الشقه الواسع
أنتفضت معتدله في جلستها برعب مميت قاتل …وأختفت أنفاسها خلف ستار الخوف ..
لكن كل هذا تدثر ورائحة عطره الرجوليه تغزو أنفها ..
همست بأشتياق وعيون متورده سعاده
-نورس ..
لقد أتي الحبيب المنتظر بعد طول إنتظار ..تهافت قلبها وهي تنهض راكضة بخفة نحو باب الغرفه..تريد ان تراه وتشبع عيونها العاشقه من ملامح وجهه الحبيبه ..
تسمرت للحظه في مكانها وهي تنظر إلي حالتها المزريه ..شعرها يتطاير حول كتفيها بعبث وكأنها خارجه للتو من معركة مبارزه بالسيوف..شفتيها زرقاء مثل المومياء ..عيناها حمروان وجفونها منتفخه من شدة البكاء ..وجهها شاحب أصفر اللون ..
أمتعضت ملامحها ..فكيف ستخرج إليه هكذا؟؟ خبطت جبهتا بأبتسامه حالمه وأتجهت بخطوات سريعه تجاه خزانة الملابس
بعد قليل كان ترفع شعرها المرمري عند كتفيها ..شعرها متماوج كليل أسود طويل يتدلي بغنج من عند كتفيها علي طول ظهرها …
طلت شفتيها بأحمر شفاه بينك أنعش شفتيها المكتنزتين بأغراء ..والوجه تورد بحمرة ساحره كحبتي فراوله ناضجه..ترتدي قميص حريري لونه يماثل لون أحمر الشفاه ..يصل بالكاد إلي ركبتيها..وعند منطقة الصدر يظهر طول عنقها وبياض يشرتها الناصع من فتحة مستديرة الشكل ..
أرتدت فوقه روبا قطنيه ..ثم فتحت الباب وخرجت ..خطواتها كانت هادئه متمهله …أبتسامتها علي وجهها تصل لأذنيها ..عينيها تمتلئ بسعادة عروس ليل زفافها ..ستنسيه الليله كل ما قالته من حماقه..ستجعله يدرك أنه الوحيد الذي يملك قلبها ..وإن تمنع ..فهناك سلاح مهلك لجميع خصونه . ستتفنن بأستخدامه جيدا
سلاح تبرع كل نساء الأرض في أستخدامه جيدا يسمونه فن …سحر …إغراء …
الأغراء هو فن المرأه ..سحرها الذي يقضي بالأمر لصالحها
لكن أبتسامتها أختفت خلف شهقه خافته ..مرتعبه..وهي تراه بتلك الحاله
يجلس علي الأريكه يسند جذعه للواره. ورأسه متراخيه للخلف علي مسند الأريكه ..جفنيه منغلقين بتعب .. وجهه ممتلئ بالكدمات ..الدم يسيل من فتحة أنفه بعبث ..قميصه الأبيض متشحم بالسواد …كأنه خرج من مباره للملاكمه …
سارعت تجاهه بخطوات مرتعبه وذيل روبها القطني يحلق خلفها…جلست جواره ..تلمست الجروح المتكدمه بالدم ..تشهق بعينان باكيتان مترقرقتان بالدموع ..
همست بأسمه بدموت مختنقه حد الوجع
-نورس
لم يكن في حاله تسمح له بالأجابه..جسده متراخي بسكون كملامحه وعيناه الغائبتان في أحلام ورديه هي بطلتها وملكة عرشها المتوجه …فاقدا لروح الدنيا من حوله..قد أغشاه الوحع حتي أنهك جسده فأستسلم للوجع ..وتثاقل وعيه قليلا ..
همست بأسمه مره آخري ..همسا مؤلما
رمش جفنيه عدة مرات قبل ان يفتحهما …بتعب وتثاقل مهيب قاتل للأنفاس ..
ضباب يصاحب عينيه ..يري أمامه شبة صوره واضحه ..مشوشه بكل تفاصيلها..صوتها هو ما يميزه أذناه..يعرف الصوت جيدا ..عطرها الأنثوي تخلل لروحه ..عطرها يزلزل كيانه يجعله كائن هش لا طاقة له ولا قوه ..يحوله من نورس القوي الواثق في نفسه إلي العاشق المهتز ..
لمساتها اعادته لواقع أليم كان قد هرب منه منذ عدة لحظات …وجع ذكري رفضها لحبه يتماثل أمام عينبه فيجعله يتألم أكثر من ألمه الجسدي …
ثم تتضح ملامحها الرقيقه ..وجه البدر ..كما يسميها دائما..يراها أمامه دموعه خانتها وقد هبطت علي وجنتيها ..أبتسم ..أبتسامه ضعيفه..وأخيرا رأي دموعها لاجله ..أنها تبكي ..تبكي عليه ..حلما رائعا يعيشه الآن وهو يحتضن كفها التي تتلمس قسمات وجهه بأرتعاش ..ثم يقرب كفها من محيط قلبه..قلبه الذي تقافزت دقاته مثل الطبول المغرده ..
آه لو طال ذلك الحلم لأبد الدهر كله..يبقي جوارها ينهل من حبها الذي لا يراه إلا في حلمه فقط…فالواقع يخذله دائما ..
دموعها لامست كفه . فأنتفض جسده ..هل الأحساس موجود في قاموس الأحلام ؟؟
ملامحه الرقيقه تحولت لملامح وحشا بريا كاسرا..عندما نطقت أسمه للمره الثالثه..وأدرك ان الحلم واقع ملموس..فهي بالفعل تجلس أمامه تبكي وكفه الخشن يحتضن أناملها الرقيقه..نفض عنه أصابعها ..بل وأبتعد عنها متحاملا علي ألمه
حاولت منعه متوسله أنه يتألم وهو يكابر ..والضحيه قلبها الذي يتألم لألمه ..
هتف بخشونه ضاريه وهو يزيحها بعيدا عن حسده
-أبعدي عني ..
لم تبتعد وظلت واقفه ..وذراعيها في محاوله عابثه في ان تساندها إذا ما أصابه الاعياء فيتهاوي كما الآن ولكن بكل قسوه أزاح يده عنه ونهض بمفرده ..
أبتعد عنها ..جلس علي الأريكه المقابله ..انفاسه الغاضبه تلهب المكان ..دمعت ..توجعت ..وأنهارت جاثيه علي ركبتيها أمامه..بعد أن احضرت صندوق الأسعافات الأوليه وضعته جوارها ..وفشلت في ان تقوم بدور الممرضه ..كانت يده القاسيه تمنعها
بتوجع همست
-سيبني أعقم جروحك عشان مش تتلوث …
-اللي بيسبب الجرح ميعرفش يداويه
كلماته الضعيفه المتألمه أصابتها في مقتل..ضربت قلبها بمطرقه حديديه قاسيه ..
قال بخفوت متهاوي ضعيف
-ليه ممشتيش ..أنا حذرتك
لم تكن حالته الجسديه الضعيفه تسمح له بأن يصرخ بوجهها ..
أجابته بصدق
-مش همشي يا نورس …ومش هخرج من حياتك
-أنا خلاص مش عايزك ..بطلت أحبك..بقيت بكرهك ..
كلماته سلّت قلبها مثل الخناجر المسمومه …اوجعته . ولكن لا بأس فلتذوق من الطبق الذي اذاقته له من قبل ..
قالت بوجع …شمل كل جسدها ..
-حتي لو كرهتني …أنا بحبك وهعمل المستحيل عشان ترجع تحبني تاني ..
-بتحبيني …همس الكلمه اللعوب بسخريه مع ألتواء جانب فكة بأبتسامه متهكمه ثم
أسفر وجهه عن ضحكات خافته ساخره ..وتحولت الضحكات إلي قهقهات مسموعه ..بقدر ما هي ساخره بقدر حزنها وألمها..حتي سعل بشده ..جعلتها تقلق وهي تقترب منه تري ما به!!
أمسك منطقه قريبه من صدره وخزته ألما وهي يضحك
تحامل علي الألم هافتا بنبرة صوت متقطعه
-عايزه قلبي يحبك عشان ترجعي تجرحيه تاني
وأرتعبت نوران..مع شهقات الصدمه والقلق
تري بقعة من الدماء تحيط منقة صدره ناحية اليمين كانت متواريه عن عينينها اسفل جانب سترته …
صرخت بوجع
-نورس أنت بتنزف ..
ثم بسرعه اقتربت منه لتنزع عنه سترته وكادت تنجح في مهمتها لولا قبضة يده الواهنه التي ألتوت حول معصمها.
عيناه كانت محذره لها …تهددها بالعواقب إن فعلت ذلك..لم تهتم وأبعدت قبضته عن معصمها بسهوله ويسر وأكملت المهمه تحت نظرات أعينه وجسده الرافض ..
ثم فكت اذرار القميص الابيض الذي حال بعد ثوان إلي بركة من الدماء الحمراء …
شهقه آخري تتمكن منها وهي تري جرحه العميق بقرب ضلوع صدره ..جرح ناجم عن سلاح نصله مدبب كالسيف
(سكينا او مطوه)
كانت تريد ان تصرخ به ليفهمها من فعل به هذا ..
لكن هذا ليس الوقت المناسب ….وهي تسمع صوت انفاسه تتباطئ بوهن ..وعيناه يغلقهما حينا ويفتحهما حينا آخر ..وعبي الفور أسرعت متعثره لداخل غرفة النوم وهاتفت الطبيب من جوالها..
………………………………
هاتفته عبر الجوال..دموعها مختلطه بالحزن..تناجيه في كل مره أن يأاي إليها ..تريد أن تراه ..لا يرضي يرفض ..والحجه هي”أنتِ محتاجه أهلك يكونوا جنبك أكتر مني”
مخطئ إن ظن ذلك…من افهمه تلم الدراما البائسه والمثاليه الشيزوفروانيه …هي بحاجة إليه أكثر من ذاتها ..
تابعت بدموع:كرم عشان خاطري تعالي..عايزه أشوفك ..انت مش راضي اني أجي أشوفك ولا راضي تيجي تشوفني ..
قسوه مزيفه مثل زيف كلماته ..ألزمها بها كي لا تقع في مصيدة ضعف نفسها من جديد..يريد ان يُفهمها الدرس ..لكن نسي ان عليه ان يُفهم نفسه أولا..
-هنا أنا مضطر أقفل معاكي عندي حاجخ مهمه لازم اخلصها
همسها المتألم مس شغاف قلبها
-أهم مني ..
-أيوه أهم منك
ثم أقفل الجوال
بالطبع هو لا يقصد ذلك حرفيا ..فليس هناك ما هو أهم منها لديه…أنها تشغل أحلامه قبل واقعه ..هي نقطة ضعف قلبه وكينونة حياته ..
لو تعلم كم أشتاق لها …كم يريد ان تبقي بجواره ولا تغيب عن ناظريه مطلقا!!
القي الجوال علي السرير المسطح وتهاوي جسده الرياضي بجواره ..مبحلقا بالسقف العلوي ..شاردا تائها في خياله الجامح الذي يرسمها علي السقف …
تنهد بوجع وهو يتقلب علي جانبه الأيمن ..ثم لم يلبث ان استقام جالسا وعاود مطالعة الكتاب الضخم ..فالأتصال الهاتفي من هنا قطع أسترساله في الدراسه ..
قرر ان ينهي الثانويه العامه ويتخرج منها عن جداره ثم يكمل دراسته الجامعيه ويصبح رجلا يافعا يصبح لهنا ..طلب مساعدة أخيه آسر بنفس طبيعته المغروره العنجهيه ..ورغم ذلك لم يتوان آسر عن مساعدته ..
وصل إلي مسامعه ..صوت رساله نصيه قد أُرسلت علي هاتفه للتو ..نحي الكتاب جانبا
ألتقط الهاتف وفتح الرساله بحاجبين منعقدين ضيقا ..وما لبث أن تحول الضيق إلي هلع..أرتعاب ..وهو يقرأ نص الرساله المكونه من سبع كلمات جعلت الدماء المرتعبه تتقافز لرأسه
(أنا هموت نفسي والسبب أنك بطلت تحبني)
أتصل بها عدة مرات ومن جديد يسمع صوت المرأه الموتر للاعصاب
“الهاتف المطلوب مغلق او خارج نطاق الخدمه”
كلماته اغضبته أكثر من الصوت الأنثوي الذي ألعب شياطين عقله فتاقفزت امامه كالحممم المدمره
والنتيجه الجوال الذي القاه بعنف ..فأرتطم بالحدران وتهاوي علي ألأرض متهشما إلي فتات…
وصاحبه لم يبالي وقد أسرع الخطي لخارج الشقه
…………..
تسمر في مكانه لوهله وهو يراها من الأعلي تقف علي حافة السور المرتفع قليلا …
رن الجرس بنفاذ صبر وما أن فتحت له الخادمه الباب حتي تخاطها
وركض بخطوات متسارعه أكلا المسافه الطويله بلهفه
وأخيرا وصل للسطح ..
كانت تقف بعيدا علي حافة السور ..تهدد من يقترب منها ..
بلكنه جاده ..
“اللي هيقرب مني هحدف نفسي علطول ..”
والنتيجة الطبيعيه ان الثلاثه يقفون كالتماثيل المنحوته في أماكنهم ..الخوف والصدمه تعلو وجوهههم …
تهديدها يقيد حركتهم ..يجعلهم عاجزين …
زوجة الأب ودموعها الصامته ..الأخت التي تتوسلها بأن تقلع عن ما تنويه ..والأب يحاول معها لكنها تأبي …
-هنا
وتعلقت كل العيون بالشخص الذي صرخ بها
تابع بخوف حقيقي
-هنا متبقيش غبيه أنزلي …
هزت راسها نافيه الدموع كونت غشاء عكر صورته أمامها
اقترب ..
فهدرت به بلكنه محذره
-خليك مكانك ..لو قربت مني خطوه زياده مش هتردد لحظه بأني ارمي نفسي …
ثم تابعت بدموع …
-أنت اللي أخترت تبعد عني ..للمره التانيه توعدني أنك تفضل جنبي وللمره التانيه بردوا بتخلف بوعدك ..انا مش عايزه أعيش الحياه وانا عارفه انك بطلت تحبني..هموت نفسي عشان أريحكم كلكم …
-أنا لسه بحبك والله ال
-متحلفش أنت كداب..لو هتقولها في اللحظه دي فهيكون عشان خاطر تخليني أرجع عن فكرة الأنتحار مش أكتر ..لو قولتها هتقولها بعقلك مش بقلبك..وأنا عايزه قلبك اللي يحس بيها…
يأس من أن تصدقه فهتف مخاطبا عقلها الذي سلسلته بقوه واهمه ..قوة شيطانيه وللأسف تمكنت منها
قال والخوف يفتك به ..
-الأنتحار مش هيحل مشاكل ..مشاكلك انتِ اللي لازم تواحهيها بنفسك مش تهربي منها بالموت ..مفكرتيش بالناس اللي بيحبوكي قبل ما تفكري في الأنتحار..هعيشوا ازاي من بعدك ..مفكرتيش فيا …
-مش هفرق معاهم ..صدقني ..عادي هيكملوا حياتهم ومش هكون أكتر من ذكري مزعجه في حياتهم ..وانت اصلا عايش حياتك بعيد عني فمش هيفرق معاك حياتي من موتي ..
-لا هيفرق ..انا مقدرش اتنفس من غيرك
-قولتلك بكل كدب ..هكون غبيه لوصدقتك تالت..
-اللي انتِ بتعمليه ده هو الغباء بعينه
-بالعكس اللي انا هعمله ده فيه راحه ليا وليكم ..منفعه يعني ..انا هستفيد وانتو كمان هتستفيدوا …
ثم تراجعت للوراء قليلا حتي بات جسدها علي وشك الوقوع
حالة فزع تملكت الواقفين …اصواتهم تصدح بالرفض ..وكلمه لا تهمس بها الشفاه والعيون …
لكنها لم تتراجع وأبتسمت بجنون وهي ترجع ظهرها للوراء في وضعية الأستعداد للسقوط…
خطوات كرم كانت توازي سرعة الفهد وهو يركض تجاهها..قبل ان تنفذ جنونها …
لكن الوقت قد فات ..
فالجسد تهاوي من علي حافة السور..وعيناها ودعتهم بأبتسامه ..ثم صراخ..ثم صوت أرتطام الجسد بالأرض
وبعدها شهقات مفزوعه تحولت لعويل ..دموع عاليه ..ثم صراخ …
كان اول الواصلين إليها ..تسمر في مكانه ..يطالع جسدها المدرج بالدماء …بعيون خاويه بارده…ملامح وجهه متجمده..الصدمه شلت جسده عن الحركه..بروده اجتاحت قلبه ..أرتعاش سري في جسده ..لم تعد تقوي ساقيه المتخبطتين في بعضهما أرتعاشا علي حمل جسده الثقيل ..فتهاوي علي ركبتيه ..نظراته مازلت مسطله إليها دون النطق بأي كلمه ..تحول إلي أصم لا يسمع وإلي اعمي لا يري سواها …وإلي أخرس لا يتكلم …
والأب اقترب من الجسد الخاوي بعد ان صعدت الروح إلي خالقها..يحمله بين ذراعيه ..يبكي ويصرخ بوجع..والأخت تصرخ مناديه بأسم الميته …دموعها محترقه …وقلبها كاد ان تتوقف نبضاته عن الحياه ..
لحظات وتكوم الناس حولهم ..لا يعلمون من أين اتوا ولكنهم أتوا ..
مرت دقائق …وصلت سيارات الاسعاف والشرطه ..
وقام ذوات المعاطف البيضاء بتغطية الجسد بملاءه بيضاء ثم حملوه فوق ناقلة مستطيله وأدخلوه لسيارة الأسعاف ..ثم رحلت ..رحلت وهي تحمل بداخلها أبنه وحبيبه …
ومازالت حالته كما هي …لا يسمع لا يري ولا يتحدث فقط يطالع نقطة ما أمامه بوجوم..
حتي الدموع تأبي ان تهبط عندها يستوعب الأمر وتهدء صدمته..
لكن عقله لا يستوعب وصدمته مازلت وقف التنفيذ …
وهكذا أُسدل الستار..وأنتهت حكاية فتاه كانت يوما تُدعي هنا أبو حجر…..
…………..
هنااااااااااا
صرخه مدوية أنتفض جسده علي آثرها من كابوس مريع ..
جالت عينيه في زوايا الغرفه المظلمه …
ثم لم يلبث ان التقط أنفاسه حتي نهض عن السرير وفتح الانوار ..
ألتقط الهاتف من علي سطح الكومود . وأتصل برقمها الذي يحفظه عن ظهر قلب
أنتظر ثانيه وأخري والترقب يقتله ..يزهق روحه بالبطئ وأخيرا أتاه صوتها
-كرم ..وحشني صوتك اوووي ..
عندها هدأت ملامحه وأنهار جسده المرتعش جالسا علي حافة السرير ..وهو يطلق تنهيده عميقه..حيث تغنضت ملامحه بأبتسامه صافيه ..
متمتما بشكر وهو يرفع ناظريه لفوق
-الحمد لله..كان كابوس…
……………..

يتبع….

الفصل الرابع والستون

قام الطبيب ذو الهيبه الخمسينيه بحقن مخدر للمنطقه حول الخياطه…حتي لا يشعر بالألم أثناء قيامه بخياطة الجرح الخطير ..وبعد أن انتهي خرج من الغرفه بهدوء تلحق به نوران التي تود الأطمئنان علي حالة زوجها بعيدا عن مسامع أذنيه..رغم أنه شبه واعي لما يحدث حوله..وهذا بسبب الآلام الجسديه آثر الشجار ..
والذي حاول فيه أن يكون البطل حتي النهايه دافع عن نفسه بثبات ..ومع ذلك فقد نال من خيانتهم ما أهلك قوته البدنيه فخارت قواه وأرتمي علي الأرض مدرج بدمائه..الشهامه اقوال لا افعال ..كما أنها لم تخلق عبثا لأي رجل .. أن الرجل رجل ..والشبيه بالرجل يمتلك شاربا وذقنا”عيره”فليذهب إلي والدته “ننوس أمه”..فقد فروا هاربين داخل السياره ..وتركوه وحده علي الطريق الطويل ..لولا أن الدنيا مازلت بخير ..وأولاد الحلال
” طمرت” فيهم التربيه
ظلوا معه حتي استيقظ واعيا ..وبعدها أستعاد بعضا من قوته مكنته من قيادة السياره حتي وصل لشقته …شقة الزوجيه السعيده ..بل التعيسه
نالت تعليمات الطبيب حول حالة نورس ..أطمئنت انه بخير حاليا ..ربما بعد ساعه مثلا تأتيه الحمي ..فيجب أن تعتني به جيدا حتي يبرئ من سقمه سريعا ..إذا ارادات ذلك..
بالطبع تريد..فهناك امور شتي يجب ان توضحها له ..وهذا يتطلب منه الوعي الكامل ..
بعد ان أغلقت الباب خلف الطبيب توجهت إلي الغرفه
وقفت أمام السرير الذي يستلقي عليه ..شبه واعي …أو شبه مريض ..
طالعته من علو بنظرات حزينه ..مهلكه …وقلبها يخبرها انها السبب فيما حدث معه..
وقلب المؤمن كما يقولون دليله ومرشده ..
جلست جواره عند الطرف الموازي..أمتد كفها المرتعش يتلمس جبينه ..وقد لسعتها سخونته فأرتعبت وأنقبض قلبها بخوف ..
وسريعا أعدت ما أملاه عليها الطبيب ..
وأحضرت قدحا من الماء الفاتر …بنفس درجة حرارة الغرفه..به كمادات
ثم أخذت كمادات الماء ووضعتها عند جانبي رقبته وهذا يسارع أكثر في خفض الحراره بشكل صحيح وصحي..فوضعها علي الرأس يسبب صداع للرأس بجانب الحراره المرتفعه …
شعرت بشفتيه ترتعش قليلا عندما وضعت الكمادات..فجلست أكثر قربا بجواره وأخذت تمسد بأصابع يدها الرقيقه البيضاء علي وجهه ..ومقدمة شعره المنمق …
وهذا أشعره بالدفئ ..وتنعم في نومه..كطفلا نام قرير العين في مهجعه بعد أن قصت له والدته حكاية قبل النوم..ثم القبله الأموميه الحنونه فوق جبينه والابتسامه الحانيه …
تاهت في تأمل ملامحه …تنهدت بألم عندما تذكرت انها جرحته ..وآلمت قلبه …زفرت بحزن ..وروادها إبليس افكارها في ان تهبط إلي جبهته رويدا رويدا..كما تهبط الآن وكما تطبع شفتيها المكتنزتين قبله عميقه دافئه ..رمش علي آثرها عدة مرات قبل أن يفتح جفنيه ويطالعها بضعف..ألم..شبح سواد سرمدي خافت …يتلبس زيتونة عينيه…
لفحت أنفاسه عنقها الطويل..فرفعت وجهها عن جبهته وطالعت عيناه المتطلعه إليها بشبح أبتسامه عن قرب.. أنفاسهما اللاهبه تصم الآذان . وترهق القلوب..
وما ذهلها أبتسامته الحانيه فأبتسمت لأبتسامته …
عيناه الهائمه بنظره شامله لملامح وجهها الحبيبه بعشق سرمدي ..عشق افلاطوني ..
أمتدت أصابعه الضعيفه المرتعشه آثر تأثير الماده المخدره الذي حقنه الطبيب بها إلي خصلات شعرها الذهبيه تمشطه بهيام توهان ثم بلهاء ابتسامه ترتسم علي ملامحه الغير واعيه لما يفعله أو الشبه واعيه. يتخيل انه يعيش من جديد أحدي أحلامه الورديه ..والخيال واقع حي أمام عينيه…
لمساته الحانيه..دفئ عينيه..بعثر ما تمتلكه من ثبات وصار جسدها يرتجف بقربه ..بأنفاسه الحارقه التي تبعثر خصلات شعرها الهوجاء. …
همس بخفوت لامس قلبها وأسري بداخله القشعريره المميته
-نوران…
-نعم
أجابته بأنفاس متقطعه ..غير مستقره
تابع بنفس أبتسامته الهادئه
-ليه حبتيه لما كان ممكن تحبيني أنا ..عايزك تحبيني أنا ..أنا اللي أستحق حبك ..متعرفيش أنا بحبك قد إيه
وكانت فرصه لتعرف مشاعره
فهمست
-قد إيه ..
أجابها بنبرة صوت رخيمه خافته
-قد كل الدنيا اللي مستعد ابيعها عشانك ..
اغمضت جفنيها بألم..دموعها تتسلل علي وجنتيها مثل قطرات المطر ..
ياالله كيف غفلت يوما عن ذلك الحب؟؟
-بتبكي ..أنتِ عارفه أني مبحبش أشوف دموعك ..عشان دموعك دي نقطة ضعفي …
ومسح دموع اللؤلؤ برفق ..رفق أنساها الكون وجعلها تتلذذ مذاق لمساته الحانيه علي وجهها ..
كفه يحتضن جانب وجهها يجول عبثا عليه وكأنه في كل لمسه يطفئ غمرة أشتياقه لها في كل ليالي سهده أمام صورتها علي حاسوبه الشخصي …
وأغمضت عينيها..وهي تشعر بألم فظيع في قلبها..إنه فوران الأدرينالين ..هرمونات الأنوثه العاشقه …
ودقات قلبها تتقافز كالناعوس ..أدركت الآن في تلك اللحظه أنها لم تحب يوما سوي نورس العطار..والأول كان وهم كما قال هو ..لكن الغبيه ادركت ذلك بعد وقت طويل أضنت فيه قلبه وقلبها …
-تعرفي انا نفسي أخدك معايا للعالم بتاعي ..عالم انتٍ مالكه كل حاجه فيه .. قلبي..عقلي ..تفكيري .. بس
-بس إيه..
نطقت بها وهي ترفع حاجبها الأيمن بتساؤل..
تابع بألم لمحته في بؤبؤ عينيه
-بس أنتِ حلم زي كل مره ..والحلم مينفعش يزور حلم زيه…
-أنا واقع يا نورس . أنا حلمك ..بين أيديك ..بعترفلك أني ما عمري حبيت ولا هحب غيرك ..أنا ليك انت ..حول حلمك لواقع يا نورس و
لم تكمل..لأن الدنجوان الأفلطوني قرر ان يحول الحلم إلي واقع بالفعل ..

داعبت الشمس الذهبيه جفنيه ..تململ في رقدته قليلا وهو يشعر بألم يفتك برأسه وكل جسده …
شقت أبتسامه هادئه زواية فمها ..كانت تستلقي جواره..رأسها يتوسد صدره ..عيونها باتت ساهره الليل كله تطالع بين حين وآخر ملامح وجهه الرجوليه القريبه جدا منها وخصوصا ذقنه التي نمت في الفتره الأخيره
وأبتسامة خجل تورد وجنتيها كلما تذكرت أحداث الأمس ..تنهدت بأرتياح وهي تعمق من التفاف ذراعيها حول خصره …تجعل من كتفه العريض وساده ناعمه تدفئ بشرتها وتغمض عيونها بأسترخاء ..وتنهيده عميقه منها لفحت عنقه ..ففتح عينيه وهو يستشعر دفئ شئ ما لفح عنقه …كما انه أحس بثقل خفيف يتوسد صدره ..
جالت عينه في المكان إلي ان وقعت عليها ..أتسعت عيناه بصدمه ولم تمر لحظه حتي أدرك ما حدث ..رغم أنه لم يكن واعيا ..بل أنه لا يتذكر أي شئ من ليلة الأمس ..
وعلي الفور قفز علي الأرض وكأن حيه لدغته لدغه سامه رغم الألم الذي اصابه بسبب خياطته حديثة الولاده والتي أيضا لا يتذكر عنها أي شئ..يطالعها من علو غير مستوعبا ..
فتحت جفنيها علي آثر فزعه وأنفاسه الهادره التي صمت أذنيها…
تطالعه وهي تضيق عينيها غير مستوعبه لرد فعله ووقوفه الآن أمامها يحملق بها بذهول وتساؤلات كادت تقفز من زيتونة عينيه..
بادر البدء بالحديث وقالت
-مالك يا نورس فيه إيه
هز رأسه نافيا وهو يهتف بصدمه
-مكنش لازم يحصل ده بينا ..
ثم تركها تفغر فاهها بصدمه مع أتساع حدقتي عينها ثم الدموع الحل الأسهل لكل بنات حواء..
وأنحني بجذعه يلتقط قميصه المكوم علي الأرض متحاملا علي ألم جرحه الحديث …
أرتداه وهو يغمغم بنفس الكلمات المشتته
-مكنش لازم يحصل ده بينا
أرتدت فوق قميصها روبا قطنيا ..
وقفت أمامه تهمس بألم
-نورس اللي حصل أمبارح بينا ده
قاطعها بقسوة
-كان غلطه
كلمته كانت بمثابة صفعه هوت علي وجهها لتسقط من التحليق في السماء إلي سابع أرض علي جذور رقبتها…أخرجها من حلمها الوردي الذي عاشته معه بالأمس. .
همست غير مصدقه أنه تفوه بها
-غلطه…انت بتسمي حبي ليك غلطه..
هتف بيأس
-نوران أنتِ عمرك ما حبتيني انتِ بس حاسه بالذنب نحيتي لانك حاسه أنك السبب في اللي حصلي .
قاطعته صارخه بقهر
-أنت مش أنا عشان تقولي انا بحبك أو لأ.. أنا ناضجه كفايه عشان افهم مشاعري ..
أنا بحبك يا نورس …
-بصي يا نوران ..انا مش عايزك تجبري نفسك علي حبي لان ده الواقع اللي أتفرض عليكي. ولا عايزك تحبيني لمجرد انك حاسه بالذنب نحيتي ..انتِ آه غلطتي..بس أنا غلطتي كانت أكبر لان حبيتك بقلبي ونسيت عقلي ..حبيتك رغم اني كنت عارف أنك عمرك ما حبتيني..اللي حصل بينا ده مكنش مفروض يحصل ..انا كنت مش واعي للي بعمله.. بس أنتِ كان لازم تمنعيني ..
الم يعلم بأن حديثه يؤلمها يُشعرها انها لقيطه أتت من الشارع ..
همست بخفوت متهاوي وكفيها تحتضن وجهه تسند جبهتها فوق جبهته
-هششش ..أسمعني يا نورس ..انا ادامك بعترفلك اني بحبك ..ليه مش عايز تصدقني ..
ملامحه متذبذبه مضطربه وإن بدت ثابته ثم ابعدها عنه هاتفا
-لأ مش صحيح ..انتِ حاسه أنك محتاجني ..إحساسك أوهمك بأن ده حب ..بس ده احتياج..مش حب ..أنا هكون في ضهرك علطول بس بلاش تخليني أحس أني رخيص للدرجادي ..مش عايز احس أن حبي بيكتفك. ..كفايه كل اللي حصل وخلينا اصحاب زي ما كنا .. صعب عليا الموضوع بس أهون عليا من أحتياجك ليا تحت مسمي الحب…
هزت رأسها نافيه..شعرت ان الدنيا تميد بها تقلب نفس الطاوله عليها. تشهر نفس السلاح..لكن ان تكون هي الضحيه المتضرره فهذا أسوء كوابيسها
-الأحتياج حب..
قاطعها بصدق مصححا
– تؤتؤ…الحب احتياج ..
وشتان بين الجملتين في المعني
هتفت يائسه دامعه
– طيب سايبني ورايح فين ..
-مش من حقك تسألي السؤال ده؟؟.
آلمها ..والدليل نظرات عيونها..فزفر بيأس وهو يستدير عنها يمرر اصابعه بين خصلات شعره بيأس محاولا لملمة شتاته ..إن تألمت فهو يتألم …وأن بكت فهو يتألم ..وإن ضعفت فهو يتألم ..كأنه رد الفعل المساوي لها …
قال بأرتباك
-قصدي اني خارج ..ومتقوليش علي فين عشان مش هجاوبك …
ثم أسرع الخطي يفتح باب غرفة النوم يخرج منها إلي الصاله الواسعه يبحث عن سترته ..
فيجدها مسترخيه بأهمال فوق الأريكه يلتقطها بيد متخاذله ويلقيها بأهمال فوق كتفه ..لمس طرفها مكان جرحه فتأوه ألما.
لحقت به ..تسمرت وهي تراقب ما يفعله بملامح وجه شاحبه باهته ..وعندما تأوه أسرعت خطواتها الملتاعه تجاهه
قالت بترجي..توسل خافت ضعيف..
-طب علي الأقل أستني لما جروح جسمك تطيب. .
أبتسم أبتسامه بارده ساخره وهو يهمس
-الألم النفسي غطي أحساسي بالألم الجسدي..جراح الجسد بتخف بس جراح الروح بتنكسر أكتر وممكن تخف مع الوقت بس هتفضل عايشه جواك …
تخطي محيطها …خطواته تبتعد كما يبتعد عطره عن فتحة انفها ..إلي ان أوقفته وهو يهم بفتح باب الشقه كي يخرج
قالت بشبه أمل..مستتر خلف القلوب…
-مش هتديني فرصه ..
-خايف أعلمها فأتجرح تاني …
ورحل …رحل بمنتهي البساطه..
تاركا قلبها يشتعل بوحع وحزن …مراره ندم ..وأنهارت علي الأرض ..تبكي بكاءا تفجع له القلوب..
…………….
أخبرها عبر الجوال أنه سيأتي للزياره..كانت في إنتظاره علي أحر من الجمر وأبتسامه مسترخيه رسمت ملامح وجهها
كانت تجلس مع عائلتها الصغيره في بهو الفيلا يشاهدون فيلما سينمائيا ..يتبادلون مع بعضهم أحاديث شرقيه في جو عائلي محب مسالم هادئ..
في الأيام القليله السابقه تحسنت علاقتها بأفراد العائله حتي أصبحت كيانا واحد مكونه من أم وأب وأبنتين رائعتين ..والحقيقه أن الدفئ العائله أشعرها بأمان من نوعا غريب أمانا كانت تفتقده منذ السنين الطويله ..وقد بدأ أستقرارها النفسي يهدأ نوعا ما ..فالأب وزوجته يبذلون أقصي جهدهم حتي تتعافي كليا من الأدمان ..وكذلك رضوي التي عرفت كل شئ عنها فعزمت علي مساندة أختها وضمت جهدها للوالدين …
ومنذ ذلك الحين وهي باتت محط أهتمام ورعاية الجميع ..فرضوي باتت تلازمها وتجعلها تخرج معها في كل مكان ..في النادي..أثناء التسوق..وحتي أنها اقنعتها بأن تمارس رياضه يحبها قلبها…فرضوي أرادت أن تعرف أكثر عن الأدمان وذلك لتساعد هنا..فبحثت عنه في المواقع والكتب وأشترت عدد لا بأس منه من الكتب ..وفي أقل مده أنهت قراءة عدد لا بأس من الكتب الخاصه بشرح ما هو الأدمان وطرق معالجته طبيا ونفسيا ..إلخ..إلخ..
ومن خلال قراءتها وحدسها الذكي كأنثي متمرده واعيه أدركت ان هنا لو مارست رياضه معينه فسيكون ذلك أفضل ولن نكون بعد ذلك فريسه سهلة الوقوع في الأدمان مره آخري..
فالرياضه تقوي الجسم وتنشط العقل وتريح النفس حيث تجعل الأنسان متوازنا من الداخل والخارج.
ووافقت هنا علي الأمر فأختارت ممارسة رياضة الجري ..منذ الطفوله وهي تعشق تلك الرياضه …
ولم تكذب رضوي خبرا وقد رتبت لها كل شئ بخصوص المدرب والنادي …
لكنها رفضا ان تذهب إلا بعد موافقة كرم رغم ان والدها رحب بالأمر….ستخبره اليوم وتري رد فعله..وتقسم أنه لو رفض فلن تذهب …
………
خلف سيارته الفاخره كانت تتبعه سياره آخري من البيچو ذات الطرار القديم بعض الشئ ..
وبداخل تلك السياره كان يستقر جسد رجل نحيف بعض الشئ يرتدي نظاره سواداء ذو إطارات مستديره..
كان يضع الهاتف قرب أذنه وهو يتحدث من خلاله إلي أحدهم
-أيو أنا متابعه خطوه بخطوه..لا يا باشا متقلقش مش هيغيب عن عيني لحظه …
ثم اقفل ووضع الهاتف جانبا وعيناه كالصقر تلازم سيارة كرم …
كرم الذي كان منفي في عالم آخر ..بعد هذا الكابوس الشنيع بات يخاف عليها أكثر من ذي قبل..ااكابوس ينذر بالشؤم وأن شيئا ما سئ سيحدث..
لكنه تنهد بخوف وأبعدت تلك الافكار الشيطانيه بعيدا عن رأسه ..
وتمتم بالدعاء لها وأن تمر الأمور علي خير …
………..
بمجرد أن رن الجرس طارت من مكانها لتفتح الباب
قابلت وجهه الحبيب فأبتسمت بسعاده وخجل ..
شعر براحه عميقه وهو يراها تقف أمامه سالمه مسالمه فبادلها الأبتسامه
هامسا بعشق سرمذي
-أزيك ..
أجابته بخفوت مرتعش ..فبحته الرجوليه تصدر في بطنها وقلبها وجعا أسمه رجفة الحب ..
-الحمد لله ..
وخلفها ظهر والدها المبجل فقال بهدوء مرحبا بكرم
-أهلا يا كرم أزيك ..أتفضل يا أبني أدخل
وتبادل الأثنان التحيه بعد ان تنحت هنا جانبا تاركه المجال لوالدها كي يبادله التحيه والترحيب …
وقف امامهم جميعا ..حي الأم ورضوي بأبتسامه فاتره ..ثم تبع السيد ابو حجر إلي مكتبه بعد ان طلب كرم منه أن يتحدث معه علي إنفراد ..
كادت تلتهمه بعيناها وهي تراه يبتعد حتي أختفي خلف باب المكتب الذي اوصده والدها خلف كليهما..
فركت رضوي أمام عينيها بأصبعيها الأبهام والبنصر
قائله بمرح
-سرحانه فين…يعني هتاكلي الواد بعنيكي
هتفت وهي تزم شفتيها بغضب مصطنع
-أعمل إيه يا رضوي ..دا حتي مش راضي يبصلي ويعبرني
-أنتِ هبله يا بنتي في دماغك انتِ عايزاه يبصلك وبابا موجود ..وبعدين بقي الواد محترم مش زيك …والله خساره فيكي..
أبتسمت هنا بحرج وأرتباك وهي تهمس بهيام
-ما عشان كده أنا حبيته ..يااارب بقي تعدي الأيام ويبقي من نصيبي ..
رضوي بفكاهه
-متقلقيش هو هيهرب منك فين يعني …هيدبس هيدبس ..
وعلي آثر هذا انفجرت الأختان في الضحك وهن يضربن كفهن بكف بعضهن …
خلف الباب الموصد كان كرم يتحدث مع أبو حجر عن اهمية متابعة هنا مع نفس الطبيب النفسي حتي لا يحدث اختلال في خطوات العلاج…
وقد قال له أبو حجر
-أنا فعلا كنت بفكر بكده وكنت هتصل بيك عشان أخد رقم الدكتور منك ..
أبتسم كرم ثم أعطاه رقم الطبيب ..
بعد مرور وقت لا بأس به من الحديث بين الأثنين ..هناك من قاطع حديثهم وطرق باب المكتب
فأتي صوت أبو حجر من الداخل
-أدخل
كان الطارق هي هنا التي فتحت باب المكتب ودخلت بهدوء..حيث كانت تخفض رأسها للاسفل ووجها يرتسم عليه إمارات الحرج
وعيون والدها مترقبه لأن تفضي له بسبب اقتحامها حديثهم..
أبتلعت غصه في حلقها قبل ان تتنحنح وتقول وهي تشبك كفيها خلف ظهره مثل طفله في الخامسه من عمرها
-أنا آسفه لو قاطعت حديثكم ..بس أنتو طولتوا اوي
وعندما أستوعبت خطأ ما تفوهت به هتفت مصححه بحرج
-قق ..ققق..قصدي اني عايزه أتكلم مع كرم في موضوع..ده بعد إذنك طبعا يا بابا ..
نهض والدها واقترب منها بملامح جامده قبل أن يبتسم ويقول بهدوء
-أكيد موافق ..هسيبكم تتكلموا علي راحتكم
ثم خرج بهدوء تاركا باب المكتب مفتوح
ارتبكت في وقفتها أكثر بعد خروج والدها ..طال الصمت بينهم لدقائق متواتره تلعب علي أوتار قلبيهما بسينفونيه عذبه …
قبل ان يقطعه قائلا بصوته الأجش
-تعالي يا هنا اقعدي..
سارت رعشه مهلكه في جسدها..وتحركت قدميها طواعيه لتجلس علي الكرسي الذي كان يحتله جسد والدها منذ دقائق..
أطرقت برأسها للأسفل وهي تشعر بنظراته الخارقه لقلبها ..
وكان هو من جديد البادئ بالحديث قائلا بهدوء
-خير يا هنا ..قولت لباباكي أنك عايزه تتكلمي معايا ..
انكمشت أكثر في الكرسي ولكن بطريقه تبدو أكثر إذابه ..
أرتعشت أطراف يدها قبل أن تقبضهم بقوه علي ساقيها
وتقول
-رضوي اقنعتني اني أمارس رياضه معينه عشان مرجعش تاني للأدمان
نطقت الأخيره بحزن
فقال بأبتسامه عذبه ليُذهب ذلك الحزن في عيونها
-وبعدين كملي
عاودت الحديث بتباطئ
-أنا لقيت الفكره كويسه وأخترت الرياضه اللي طول عمري بحلم أمارسها بس دايما خوفي من الأختلاط بالناس كان بيمنعني ..لكن الوقتي الوضع أتغير ..
ثم رفعت ناظريه إليه لتقول بثبات اسعد قلبه
-أنا دلوقتي بقيت حابه أتعامل مع الناس . بقيت حابه الحياه ونفسي أعيشها …
وأبتسامته الرجوليه اخجلتها فخفضت ناظريها عنه بحرج مره أخري
قال بهدوء
-أختارتي إيه
بأبتسامه قالت
-الجري ومرضيتش أروح التدريب إلا لما أشوف رأيك ..
-هنا مينفعش تخليني اتدخل في كل قرار في حياتك لازم انتي اللي تكوني المسئوله الأولي والأخيره عن قرارك وك
قاطعته وهي تهز رأسها رفضا لكلماته
-لأ …هفضل طول عمري آخد رأيك. لأني واثقه فيك ..
تنهد بعمق..ثم أسفرت شفتيه عن أبتسامه وهو يهمس بأستسلام
-أوكيه يا هنا روحي …
…………………
-كان شكلك يخوف بجد ..
همست به بعتاب المحبين
تنهد بندم باطني وهو مازال يمشط خصلات شعرها باصابع يده الدافئه
ثم قال بتشفي
-أحسن تستاهلي عشان تسمعي الكلام بعد كده …
-يعني أنت فرحان فيا ..أكيد طبعا ما حضرة الظابط وصل للي هو عايزه وخلي المجرم يخاف منه
همس بأستهجان
-مجرم
قالت مؤكده
-آه ما انت لو شفت نفسك ..كنت هتتأكد أنك كنت بتتعامل مع مجرم مش مع مراتك ..
-أنا عمري ما تعاملت معاكي زي تعاملي في الشغل بالعكس كنت بفصل بين شغلي وحياتي الشخصيه..بس انتِ إلا خرجتيني عن آسر الزوج وحولتيني للظابط ..وده بسبب غباءك
نهضت مبتعده عنه هامسه بذهول
-يعني أنا غبيه ..
فأومئ لها بنعم ..فشهقت تزم شفتيها بغضب
قائله والشرار يتطاير من بؤبؤ عينيها
-ولما أنا غبيه بتتجوزني ليه
وكادت تبتعد لولا أنه باغتها بجذبها بقوه بين أحضانه مره إخري ..
تلوت بين ذراعيه وحاولت الفكاك منه لكنه لم يسمح بل وشدد ذراعيه حولها..
ثم قال بخبث بات يعرفه منذ ان عشقها
-بس أحلي غبيه ..
مازال ينعتها بالغبيه ألا يعلم ذلك المتبجح ان ذلك ليس تغزلا بزوجته كما يظن عقله الاحمق بل أنها حماقه ..
يسمون صاحبها “لطخ”
وتحولت نظراته العابثه اللئيمه إلي حزن وهو يتذكر صراخها المبهم وخوفها الهستيري اللامفهوم ..
فقال
-مين المعلم ..وشوقي دول يا زهرة وكانوا بيعملوا معاكي إيه عشان تخافي منهم بالطريقه دي..
أحس بتشنج جسدها وأرتعاشه بين ذراعيه ..فضمها إليه أكثر وهو يحاول تهدئتها ..
هامسا برعب
-زهرة..
لم تجيبه
فأنتفض قلبه خوفا وقد أحس بسكونها أعتدل يطالع ملامحها المسترخيه وعيونها المغمضه من علو
همس بقلق
-زهرة
وجدها تعدل راسها علي صدره وهي تلتصق بها أكثر وجسدها يرتعش
فتنهد براحه فقد اعتقد انها غابت عن الوعي
وأرخي جذعه للوراء إلي ظهر السرير…
قالت بصوتا خافت مختنق
-كانوا بيعذبوني ..
وأسترسلت معه بالحديث عن حياتها البائسه
بعد مرور وقت طويل ..ظلت فيه تحكي له كل حكايا حياتها كأنها حكايات الف ليله وليله ..
صمتت قليلا تبتلع غصه مريره في حلقها ودموع عذابها تنهمر علي وجنتيها لتحاكي ماضي أليم..
-حاولت ابلغ عنهم بس عرفت انهم غيروا مكانهم وده طبعا بعد ما هربت منهم أنا وزيزو ..فاكره..زيزو اللي شوفته معايا مره ..لما كنا بنسرق الفيلا…دورت عليه كتير بس مش لقيته ..وبعدها قفلت كتاب حياتي القديمه وقررت اعيش كل لحظه بحياتي الجديده
تغاضي عن صدمته بأن العصابه التي حكت له عنها هي نفس العصابه الذي كان مكلفا بالقبض عليها..نفس الأسماء ..القط وشوقي وأبوشنب..والتهي في غضبه من وحشيتهم في تعاملهم مع زوجته
كان يقبض كفه بقوه غاضبه حتي ابيضت عروقه..
يود ان تطال يده ذلك الشوقي ويقسم أنه لن يتردد ثانيه واحده في قتله يبطش به بقدر ما اوجعها وابكاها ..توجع قلبه لصوتها المتألم ..حشرجتها المنهكه حد الموت..
تابعت بفرحه هادئه منتعشه متألمه
-فرحت اوي لما ربنا بعتلي ماما منال في الوقت اللي أنا كنت محتاجلها فيه بجد ..تعرف لما كلكم رفضتوني في الأول كنت عايزه امشي لاني مبحبش أكون ضيفه تقيله علي حد ..كان ممكن أمشي بس معملتهاش لأني كنت محتاجه فعلا لأم كنت محتاجه لعايله تحبني وتحسسني أني بنيءادمه ..وبعد سنين طويله اووي اخيرا حسيت بالامان وأنا بنام في حضنها ..حضن ام دايما كنت مش محتجاله.كانت أقصي طموحي اني اقول كلمة ماما ..كل يوم عشته فيه معاهم كنت بعيش الحياه فعلا برغم نظرات الكره اللي كانت في عيون نوران ليا ..لكن ده مقللش من حبي ليها..وعشت حياتي الجديده وحاولت أنسي الماضي بكل قسوته وجراحه..الحياه قررت ترضي عني وبعتتك ليا..مقدرش اوصف شعوري لما عرضت عليا الجواز..كانت طايره في السما فرحه اول مره أدوق طعمها..وبصراحه طعمها كان حلو أووي برغم المشاكل اللي حصلت بينا إلا اني سعيده جدا وأنا معاك …بس ..
وصمتت
ضيق عينيه بقلق هاتفا
-بس إيه..
أرتبكت وأبتعدت عن محيطه تجلس علي طرف السرير..تفرك كفيها بتوتر ..
جلس جوارها …طالع توترها …تشنج جسدها..وشفتيها التي تضغط عليهما بتوتر …
هتف مضيقا عيناه
-أتكلمي يا زهرة
فهمست بأرتعاش
-الماضي رجع دق بابي تاني بظهور بطه ..
-بطه ..مين بطه ؟؟؟
-أنا هحكيلك علي كل حاجه …
بعد أن انتهت ..طالعتها لتري ملامح متجهمه غاضبه ..أصكاك أسنانه وصل لمسامعها وهذا مازادها رعبا فأنكمشت في جلستها خوفا من بطشه..
فعندما يغضب يتحول إلي شخصا آخر ..لا يري امامه سوي شياطين الجن التي تتقافز بتمهل أمام عينيه
وما جعل جسدها ينتفض صوته الهادر المتوعد
-كل ده يا زهرة تعمليه من ورا ضهري ..تخبي واحده من أفراد العصابه في بيت أمك و
قاطعته ببراءه
-أسمها مامتك
أهي غبيه أم تتصنع الغباء..هل هذا الوقت المناسب لتلقي بنكاتها السخيفه …
لولا أنه تحامل علي نفسه وأرتدي قناع البرود لكان قد خنقها بكلتا يديه وأرتاح منها …
ومن نظرته التي ألجمتها في مكانها ..عرفت انها تحدثت خطأ في الوقت خطأ…
هذه هي زهرة ولن تتغير …ستظل بريئه غبيه كما يقول ..
فتابع بنفس ملامحه ونبرة صوته الثابته
-وكمان تبلغي عنهم ..وانا زي الأطرش في الزفه معرفش حاجه ..بطه دي ممكن تكون خطر علي حياتك..لانها واحده منهم..
هتفت مدافعه معترضه
-بطه مش منهم..بطه ضحيه زيي وأنا من واجبي اساعدها لاني مريت بنفس ظروفها وحاسه بيها..
-سيبك من طيبتك اللي هتوديكي في داهيه واحمي نفسك …أنتِ مش متخيله حجم الخطر اللي وقعتي نفسك فيه..أكيد العصابه دورت عليها لحد ما عرفت مكانها وأكيد عرفوا ان أنتِ اللي ساعدتيها في أنها تبلغ عنهم .
نهض مبتعدا وظل يدور في الغرفه خائرا ..يمرر اصابعه بين خصلات شعره فاحم السواد يائسا ..
وهي تراقبه بصمت مطبق ثم تنحنحت وقالت
-أنا مش هتخلي عن بطه يا آسر ..هساعدها حتي لو ده هيعرض حياتي للخطر
قصف بثبات وأنفاس غاضبه
-محدش يقدر يقربلك وأنا موجود …طب بس خلي واحد منهم يقربلك وأنا أنسفه من علي وش الدنيا نسف…
قالها وهو يقبض كفه أمامها وكأنه ينفذ غضبه ..
حلت ابتسامه غبيه قسمات وجهها فهمست
-بتحبني يا آسر
وضع يديه عن منتصف خصرها ..يطالعها من علو مع أهتزاز رأسه بيأس
قائلا
-أنت غبيه يا وليه حب إيه اللي بتتكلمي عنه بعد المصيبه اللي انتِ هببتيها دي..
لوت شفتيها بنزق وقالت
-وليه…فصلتني من جو الرومانسيه اللي كنت عايشه فيه..
صفق كلتا كفيها ببعضهما هاتفا وهو بالكاد يتمالك نفسه من الصراخ بوجهها وتعنيفها مغمغما
-فعلا ناقصات عقل ودين
وقبل أن ترد عليه ..اوقفتها طرقات خافته علي الباب
توجه ناحية الباب ليفتحه ..وإذ بالداده عزيزه تقف أمامه محنية رأس تحت شعار “وليه مكسورة الجناح”
شملها آسر بنظره متأفأفه قبل أن يخرج من محفظته السواداء مبلغ لا بأس به من المال ويناولها إياه ..
وأخذت منه المال كجروا متعفن دون ان تتمنع .ثم تلبست القناع الذي تتقنه النساء
وهي”الشحتفه” والمسمي في قاموس العربيه الفصحي “دموع التماسيح”
تجاهل تمثليتها المفقوسه وقال دون ان يعير اهتمام لدموعها
– يلا وريني جمال خطوتك ..ومش عايز أشوف وشك هنا تاني ابدا
-طيب ممكن اتكلم مع ست زهرة كلمتين قبل ما امشي
طالعها بنفاذ صبر وحاجبان منعقدان غضبا قبل ان يتركها ويتوغل للداخل
لمحت زهرة تقترب منهم فتعالي عويلها وهي تسنجد بزهره قائله
-ألحقيني يا ست زهرة …كلمي آسر بيه يمكن يرضي يرجعني دا انا كان قصدي خير ..
تلفتت زهرة ورائها تطالع آسر الذي جلس بهدوء فوق الاريكه ثم طالعتها واقتربت تهمس جوار اذنيها
-لو اتكملت معاه في الموضوع دلوقتي احتمال يعلقني في السقف..امشي انتِ النهارده وأنا هستني كمان يومين يهدي فيهم ..وبعدين أفاتحه في موضوع رجوعك ..وإن رفض هغريه عشان يوافق..
انهت زهرة حديثها بغمزه لئيمه من عينها اليسري ..
أبتسمت عزيزه بنفس اللؤم واومأت لها موافقه ثم قالت بخفوت
-ربنا يهديلك الحال ..ويقويك يا آسر بيه
واتبعتها بضحكة تودي بها لبوليص الآداب
وعند هذه الدعوه رفعت صوتها ليسمعها آسر الذي لم يفهم مغوي دعاء أم الجهل وضحكتها التي لم تعجبه البته
وذهبت ام الجهل تاركه زهرة متمسره في مكانها بوجوم تلعن وتسب فيها..
فأم الجهل لا تستر ابدا …
وأتاها صوته مستفهما كما توقعت
-هي تقصد إيه ..بربنا يقويني ..
استدارت إليه تطالعه بأرتباك …وأبتسامه متورده ..ثم إجابه أعتياديه
-قصدها يعني ان ربنا ينصرك علي الأعادي …
وزفرت بأرتياح وهي تري اقتناعه بكلامها ..
وعلي رأي المثل (أفضي سرك في جره ولا تفضي به إلي أم دره)
والمقصود بأم دره هنا هي الداده عزيزه
………….

يتبع….

الفصل الخامس والستون

يرتدي تيشرت يهلكه اللون الرصاص وبنطال قماشي يتخطي ركبتيه بقليل ..شعره الفاحم شديد السواد متأثر بحبيبات عرق أصيله ناجمه عن تمرينات الضغط المرهقه التي يقوم بها الآن ..عيناه منصبه علي نقطة ما في الأمام
وبريق عينيه فيهما نظرات متفرسه مثل عيون صقر جارح
فتحت باب غرفة النوم ..وقفت أمامه تطالعه من علو..نظرات عيونها مرتبكه ..حائره ..متوتره..
همست بخفوت فاتر يشوبه الحزن المنقشع مثل ظلام الليل
-آسر ..الغدا جاهز …
لم يكلف نفسه عناء رفع ناظريه إليها وقال ببرود أعتاده معها في الفتره الآخيره
-مش هاكل ..
مطت شفتيها بأمتعاض وراقصت حاجبيها ضيقا ..وهي تتخصر مضيفه بلهاث متقطع ..مشحون ببوادر الغضب
-أوووف..هتفضل لحد أمتي مبوز كده ..
لم يجيبها ..وأكمل ما يفعله دون أن يعيرها أي أهتمام وكأنها لا شئ أمامه..ورقه متبعثره ليس لها أي قيمه..
لكنها في النهايه تنتمي لنسل حواء ..وبناء حواء لا يستسلمن أبدا..
غاضب منها منذ أيام بسبب الحجاب الذي أكتشفه عند موضع رأسه أسفل الوساده ..
نرجع للوراء قليلا ..قبل أيام
رحلت الداده عزيزه بعد أن كادت أن تفضح الدنيا وتحرجها أمام زوجها المصون والذي بالتأكيد لن يتهوان في تقريعها من كأس ألفاظه العذبه عندما يغضب
شكرت ربها وتوجهت ناحية السرير ..تدثر نفسها بالغطاء ..
تحت نظرات عيونه الشامله لكل تحركاتها ..أغلق حاسوبه الشخصي..طقطق جانب عنقه ثم أصابع كفه دليل التعب والأرهاق ..ثم نهض وتوجه إليها بعد أن أطفي أنوار الغرفه
تدثر جوارها أسفل الغطاء بعد أن ألصق رأسها علي متوسط عضلات صدره المتضخمه آثر الأرهاق والتعب وحاوط خصرها الرقيق بذراعيه دافنا أنفه بين طيات شعرها متنعما برائحته النرجسيه الرائعه ..وقد خفتت أنفاسه ..وبدء جفنيه يتثاقلان أستعداد للذهاب في نوما مريح هادئ
عندما أحس بشئ مريب أسفل الوساده ..شئ منعه من إراحة رأسه بسلاسه مطلقه مثل كل مره ..نهض معتدلا في جلسته بعد أن أبعدها برفق عن آسر ذراعيه ..تراقبه بحاجبين منعقدين بتساؤل ..وعينان يزورهم النعاس ..
قالت وجفنيها يتثاقلان ببطئ قاتل
-مالك ..
-مش عارف فيه حاجه تحت المخده مش مطمناني..
وعلي الفور تذكرت الحجاب الذي وضعته أسفل الوساده..أبتلعت ريقها بتواتر وهي تفرك كلتا كفيها بخوف حقيقي متمهل ..
تغضن وجهها بالعرق الأهوج وهي تراه يرفع الوساده وتتحس يداه عبثا أسفلها حتي أستقرت علي الشئ المجهول ..
رفعه أمام ناظريه ..يطالعه بأستهجان ولم يلبث أن أستوعب ماهية الشئ بين يديه
مادت الدنيا من تحتها وأحست أنها علقه بين أسنان تنين ضخم..ضخم للغايه ..أصابها من التوتر ما ازهق أنفاسها التي بدءت تتلاشي كالسكر الذي يذوب في الماء …
طالعها بجمود ..غضب..ثوره
هدر بصوتا رجوليا خشنا ألجمها في مكانها
-إيه ده..
وقرب منها الحجاب أمام ناظريها ..
أرتباك ثم عرق وصوتها يخفت بعكس دقات قلبها التي تتعالي مثل طبول واهيه..
ثم تحشرج صوتها بأختناق وعند زواية فمها أبتسامه مزيفه كشهقتها بتؤثر وهي تقول
-أخس عليك يا آسر أنت بتعملي عمل ..كده بردوا أهون عليك
ضاقت عينيه غيظا ..ومط شفتيه غضبا وهو يقصف بصراخ أهلكها وزلزل جدران الغرفه
-زهرررررة
ومن وقتها وهو يصر علي عدم الأحتكاك بها ..حتي انه يتجاهل النظر إليها وعدم محادثتها..
قال ببرود وهو يستقيم واقفا
-ملكيش دعوه بيا يا زهرة
ثم أبتعد خطوتين ليلتقط المنشفه البيضاء من علي طرف السرير ويجفف بها حبيبات العرق المغرقه وجهه..
زمت شفتيها ضيقا وهي تراه يتجاهل نظراتها بل يتجاهل وجودها من الأساس ..وبنفس التجاهل خطي خطوات حاسمه نحو الأريكه الجلديه تراخي في جلسته عليها ..ثم مد ساقيه القويتان أمامه علي الطاوله وأمسك بحاسوبه الشخصي ووضعه فوق فخذيه يطالع ما به بأهتمام ..متناسيا تماما أنها تطالعه بنظرات غاضبه مقهوره
أو متصنع نسيان انها تقف أمامه ..مع عقدة جبينه ورهبة البريق في عينيه..
مرت دقائق متمهله والصمت المطبق بينهما هو سيد الموقف..تباطئت أنفاسها مع ألتواء جانب فكها وساعديها أمام صدرها بتهكم ..
خطوه ..خطوتين وصارت أمامه ..وثباتها قد نفذ والفعل قد تهور ..أقتربت منه ..مالت بجذعها إليه تنتشل الحاسوب من بين يديه وتنحيه جانبا تحت نظراته الغير مستوعبه لما تفعله لكنها بقت متهكمه ثابته
وأحتل جسدها فوق ساقيه بدلا من الحاسوب ..
قالت وأصابعها تداعب خصلات شعره
-مش هتسامحني بقي ..أيام وأنت مخصمني وزعلانه إيه موحشتكش ..
ونظراته البارده وتأففه كان رد الفعل
تابعت بنفس اللكنه الرقيقه
-قولتلك أني غلطت ومعترفه بغلطي..أعتذرت ..اعمل إيه أكتر من كده تاني ..
أنفاسها المتلاحقه كانت قريبه من وجهه ..قريبه جدا حد الأغراء …أنثي جميله تعطيه دعوه صريحه بأن يغوص معها لعالم آخر..عالم مزين بالأساطير والاحلام الورديه ..وهي ليست كأي أنثي هي زوجته ..ملكيته الخاصه ..
أبتلع غصة متأثره بقربها الحميمي دون أن ينطق فقط أطلق زفرة حارقه ألهبت طول عنقها ..
ومن خبرتها القليله التي باتت تتقنها بفضله وعلي يديه ..ادركت أن قربها يؤثر عليه بطريقه فوضويه ..
فأبتسمت أبتسامه لعوب وهي تكمل بغنج
-عشان خاطري يا سوسو ..
قاطعها بحزم
-مين سوسو ده كمان..
أطلقت ضحكه عابثه جعلته يسبل جفتيه يحاول أن يتماسك أمام حصونها قدر الأمكان
ثم غمزت إليه بعينها اليمني قائله بخفوت هامس
-إيه يا بيبي بدلعك ..حرام ادلع جوزي ..
والآخيره كانت القاضيه للحصون ..مذيبه للجليد ..وأزاح كل شئ جانبا …وغاص معها في عالم آخر لا يسكنه إلا هو وهي…
فليذهب اي شئ بعدها إلي الجحيم اللعين …
فأي رجل سيقاوم أمام ذلك الهمس الأنثوي المحطم للقلوب …
بعد ساعتين
كان يقف أمام المرآه الضخمه يعدل ربطة عنقه بمهارة رجل أبن عائله بحق ..
يطالع صورتها المنعكسه أمامه في المرآه بنظرات عابثه تحمر وجنتيها آثرها ..
قال وهو يرتدي الستره
-بتبصيلي كده ليه ..
نهضت عن الفراش وأقتربت منه ..وقفت أمامه تعدل له ياقة الستره ..بلمسات محبه حانيه..ونظرات عيونها تشمله بعاطفه أمرأه عاشقه له حد النخاع …
-عايزه أتكلم معاك في موضوع ..
-قولي ..انا سامعك
ومع قوله أبتعدت عنه عدة خطوات ..تفرك كفيها ببعضهما بتوتر بالغ وحيره تائهه ..تبلل شفتيها بطرف لسانها بين الحين والآخر
أمسك بزجاجة عطره الرجوليه ذات الماركه العالميه..ضغط علي البخاخ ليتنفس رائحته الجاذبه للأنفاس عند جانبي عنقه ومنطقة الرأس وتحت الأبطين ..
رائحة عطره ملئت الغرفه ..أحست زهرة بدوار مخيف يفتك برأسها فترنحت قليلا قبل أن ينتبه إليها ..فتسقط بين ذراعيه ..
حملها برفق ووضعها فوق السرير هاتفا بقلق
-زهرة اللي حصلك
حكت جبينها بأنهاك مع همسها الخافت الضعيف
-مش عارفه..بس رايحة البرفيوم بتاعك خليتني أحس أني دايخه ..
-طيب انا هتصل بالدكتور ..
وكاد يتحرك عندما أحتضنت كفه في راحة كفها
هاتفه بأعتراض مع تخاذل في نبرة صوتها
-متقلقش أنا كويسه ..
-لأ شكلك مش كويس خالص لازم دكتور يشوفك ..
-صدقني انا كويسه ..
ثم نهضت وهو جوارها يسندها ..جلست معتدله وهمست له.
-أسمعني الأول ..
وعيناه كانت خير دليل علي أنه بأنتظار حديثها الهم كما قالت له
أبتلعت ريقها بتباطئ ثم بدءت تتحدث بخفوت او خوف
-أنت مصمم تروح تشوف بطه ..
كان شبه متأكد أنها ستحدثه عن ذاك الموضوع..وهو قد عقد النيه وأنتهي الأمر ..
وإيماءه خفيفه من رأسه كافيه لأن تدرك أنه لن يأخذ بحديثها حتي لو توسلته
قال بنفاذ صبر
-لازم اقابلها..عايز اعرف منها معلومات أكتر عن العصابه..بسبب العصابه دي فشلت لأول مره في حياتي في قضيه ..لازم أختم الفشل ده بنجاح..بغض النظر عن ان القضيه اتسحبت مني بس انا مش هيأس وهفضل وراهم لحد ما أقبض عليهم واحد واحد ..
غمغمت بضيق
-بس أنا وعدتها انها هتكون بأمان
-هي هتفضل بأمان ..أنا مش هاجي جنبها ولا هقبض عليها زي ما وعدتك ..أنا بس هسألها وهي عليها أنها تجاوبني مش أكتر …
-طيب ليه مش عايز تاخدني معاك ليها ..
هز رأسها يائسا من تلك العنيده واطلق تنهيده تهتز لها الرياح
قبل أن يبتعد عنها ويبدل سترته بأخري حتي يتخلص من رائحة العطر التي تزعجها وتجعل وجهها ينكمش نفورا منها
هاتفا بخشونه رجوليه
-مش هينفع ..انا خايف عليكي ..
نهضت وأقتربت منه ..تقف أمامه وجها لوجه
ضمت شفتيها بطريقه طفوليه هشه
ثم همست ببراءه وهي تضغط علي الوتر الحساس لدبه
-تخاف عليا وأنت جنبي ومعايا ..
عيونها متوسله حد التخمه والرجاء الأنثوي الهش الذي لا يقدر علي رفضه ..فقال أخيرا بعد ان هزمته
-أمري لله..هاخدك معايا ..وكمان هنطلع من عندها للدكتور عشان أطمن عليكي ..
ولم تعترض بل أومأت له بطاعه ..فأبتسم هامسا بحنان غلفتها به عيناه
-أختريلي نوع البرفيوم اللي يريحك ..عشان متتعبيش منه في السكه ..
وإيماءه آخري من رأس بطاعه تشوبها ابتسامه رسمت ملامح وجهها بدقه بيد رسام محترف ..
……………………..
-يا حبيبي هترجع أمتي وحشتنا كلنا ..
أنها والدة وليد تحادثه عبر هاتفها الجوال وهي تجلس بأسترخاء في التِراس
أبتسمت بمرح وهي تقول
-هتيجي بكره ..أنت متأكد … توصل بالسلامه يا قلبي أنت وعروستك..يبقي سلملي عليها ..
وأنهت المكالمه بأبتسامه صافيه مسترخيه مثل قسمات وجهها التي أرتخت بهدوء الآن ..وهدءت دقات قلبها القلقه بعد أن سمعت صوت أبنها وفلذة كبدها ..عمرها وروحها ..
كانت ثرية تقف خلفها وقد استمعت لحديث زوجة أخيها
تهادت في خطواتها المقتربه منها وجلست أمامها
قائله والأبتسامه الهادئه تصل لأذنيها
-كنتِ بتكلمي وليد
إيماءه بسيطه من رأس المقابله لها أعقبها كلماتها السعيده
-هيوصل بكره ..
بادلتها ثرية أبتسامه وفرحه هادئه مع قولها
-يوصل بالسلامه
-الله يسلمك يا ثرية تسلميلي ..
أحتست معها قدحا من الشاي الساخن ..ثم أستأذنت وتركتها …
وصلت إلي غرفة نومها وأغلقت الباب خلفها بهدوء ..
طالعت جدران غرفتها البارده الباهته ..آثر دموعها وشكوتها ..
خطوات ووقفت أمام صورته داخل الأطار الخشبي علي شكل مربع والقابعه علي سطح الكومود الخشبي ..
ترقرقت دمعه حزينه هائمه علي وجهها وهي تبحلق بالصوره الصامته الخاويه من الروح ..
رفعت الصوره بقبضة يدها وضمتها بشوقا جارف إلي صدرها ..ومخيلتها البائسه توحي لها بأنه يقف حيا أمامها ..بنفس الابتسامه الهادئه التي تزين محياه..ونظراته البراقه الحنونه ..
تملست كتفيه ثم عنقه واخيرا وصلت لخصلات شعره تمسده بأشتياق أمومي ..تضمه لأحضانها وتربت علي ظهره ..دموعها مثل زخات المطر في ليلة شتاء قارس البروده ..
أنينها يقطع نياط القلوب وهي تهمس بأحتراق وجع تأوه
-يااااااه…وحشتني اووي يا نضال..أوي ..
أجابها بهدوء
-وأنتِ كمان يا أمي وحشتيني ..أخبارك إيه
-مش كويسه من غيرك ..
والهمس مؤلم قاتل لأمومتها
-أنا مرتاح في مكاني يا أمي ..هناك مفيش قسوه ولا غدر ..قلوب الناس صافيه ..هناك فيه عدل أمان حب دفئ ..هناك مفيش ظلم ولا حرب ولا ناس بتموت من غير وجه حق ..لو عرفتي أد إيه أنا مرتاح هناك مش هتبكي ولا هتحزني …بالعكس هتفرحي …
-من غيرك مش قادره أعيش ..
تابع بنفس الروح الطاهره والملامح المستنيره بضياء إلهي
-أصبري يا أمي …أصبري ..خلي بالك من مريم ووليد ..سلميلي عليهم ..
أمتعضت ملامحها غضبا وقالت بحقد
-متجيبش سيرته ..هو السبب في موتك ..أنا بكرهه ..بكرهه هو وأبوه ..هما السبب في موتك ..
تابع بهدوء
-وليد ملهوش ذنب ..ده قضاء ربنا وأنا كنت بتمني الشهاده وربنا اختارني ليها ..عيشي يا أمي وأنسي حزنك ..عشان خاطري ..
ومره آخري من المرات المئه السابقه يتركها ويذهب. يختفي فجأه كما ظهر فجأه
وتبحث عنه..تتلفت عن خياله في كل زاويه في الغرفه ..ثم تدرك انه رحل فتنادي عليها بوجع ولا يجيب
فالاموات لا يعودون ..
والشهداء أحياءا عند ربهم يرزقون ..
وتفعل مثل كل مره ..تتجه لخزانة ملابها ..فتقع عينها علي ملابسه التي ظلت محتفظه بها ..رفضت أن تتخلص منها ..
كيف تتخلص من قطعه منها ؟؟
تختضنها ..تقربها من قلبها ..تبكي ثم ترفعها لانفها تشتم رائحته فيها ..وبذلك تشعر به جوارها ..ثم تنهار علي الأرض وتبكي ..تبكي بكاءا مريرا وهي تتطلع علي كل صوره التي نثرتها كالورود علي أرضية الغرفه بداية من طفولته حتي اصبح شابا يافعا …
والعبرات هي الحل..والقلب يتوجع وما له من دواء ..
سوي الصبر…
والصبر قاتل …
هالك للبدن ..
يزهق روحها ..
يتلاعب علي أوتار قلبها
…………………….
أقنعت والدها بصعوبه ..ولكن في النهايه تمكنت من إقناعه..وبالطبع لم تخبر كرم فهو بالتأكيد سيرفض
ستذهب لزيارة رمانه في الحي الشعبي الضيق وليس وحدها فوالدها ليس مجنونا لكي يتركها تذهب وحدها . ولن يذهب معها ايضا فهو لديه أعمال كثيره ..
بل ستذهب برفقة طاقم الحراسه الذي عينهم والدها خصيصا لحمايتها ..رغم انها اخبرته ان لا ضرر من ذهابها إلي هناك فهي عاشت معهم وتعرفهم جيدا وتستطيع أن تحمي نفسها ..
لكنه رفض ووضع هذا الشرط ..هكذا او لا تذهب ..
ووافقت والآن توقفت السياره بها أمام مدخل الحاره الضيقه وتوقفت خلفها السياره الخاصه بطاقم الحراسه
هي طلبت من السائق التوقف ..فالحاره الضيقه لن تتحمل ضخامة السياره ..
العيون تلاحقها وتعرف السبب ..
العملاقان الذين يسيران جوارها ويرفضان التزحزح رغم أنها نهرتهما..ولكن هذه اوامر والدها المحترم ..
طرقت باب البنايه المتهالكه بتمهل وفتحت لها رمانه التي تراجعت للوراء قليلا بصدمه
معها كل الحق وعيناه تتمهلان علي هنا صعودا ونزولا بصدمه ..وذهول ..
-هتفضلي باصلي كده كتير ..مش هتقوليلي ادخل ..
عادت للواقع وأبتلعت صدمتها خلف ستار ثابت قائله بأرتباك
-أدخلي
دخلت بعد ان حذرت العملاقان من التمادي اكثر والدخول معها ..وبكل غضب اقفلت الباب في وجهيهما ..
تطلع العملاقان لبعضها وهزا اكتافهما بحيره وقلة حيله …..
دارت بينهما العديد من الاحاديث ..ثرثرة النسوه البائسات ما بين حديث تافه لا معني له ..دوموع حزينه من الفراق ..ثم نميمه علي مخلوقات الله ..وأول من نال ذلك هو كرم ..
هنا مقهوره جدا من برودة مشاعره تجاهها خصوصا بعد اعادها لبيت ابيها ..وعادت ريمه لعادتها القديمه ..
وبات يطمئن عليها من خلال الهاتف فقط ولم تطأ قدميه عتبة الفيلا منذ أيام ..
زفرت بيأس ودموعها تنهمر بقهر ولسانها يسبه بألفاظ رقيقه مثلها
(غبي ..حمار ..جبله مبيفهمش. .وهكذا ..إلخ . إلخ)
ثم انتهي اللقاء بحب وعادت هنا أدراجها مع العملاقان ..وأختفي جسدها الضئيل بداخل السياره الضخمه ..
وقبل الانطلاق سمعت صدي احدهم ينادي بأسمها فهتفت
-أستني ..
وتوقف..
طالعت الطيف الذي يناديها عبر زجاج نافذة السياره..تمعنت النظر وأدركت أنها شمس ..
الفتاه التي كانت تتجول مع هنا عبثا تبيع المناديل
فتحت هنا باب السياره علي الفور …رحبت بها بأبتسامه وأدخلتها للسياره ..بعد أن وضحت للضخمان بأن الفتاه صديقتها ولا ضرر منها ..
بعد قليل
-ازيك يا شمس ..ليكي وحشه يا بنت الإيه ..
بادلتها شمس أبتسامه مزيفه وقالت بتلكؤ
-وأنتِ كمان . بس إيه الإبهه دي كلها ..روحتي عند ابوكي ونسيتينا..اصلا ليكي حق حد يفتكر صحاب الفقر والعيشه الضيقه..
قالت بصدق ونيه صافيه
– أنا عمري ما أنساكم ..يا بت دا انا معتبراكم اخواتي انتِ ورمانه ..قوليلي انتِ كويسه..ناقصك اي حاجه ..قولي متتكسفيش ..
الغيره نهشت قلبها وهي تجيبها بأنفه وكبرياء
-الحمد لله مستوره ..
بعدها أحست بدوار وأغمصت عينها وكفها يتحسس جبهتها
والقلق وصل إلي هنا وهي تراها بتلك الحاله
فهمست
-شمس مالك..
اجابتها بخفوت وضعف متهاوي
-تعبانه اووي يا هنا ..دماغي هينفجر من الصداع..ممكن تطلبي من السواق يوقف ادام اي صيدليه ..
وحدثت كل الأمور وفق الخطه المدروسه والثعلب الماكر هو من خطط وهو من ينفذ ..
ونظرات وتأوهات زائفه مثل صاحبتها ..
والسياره توقفت أمام اقرب صيدليه
هنا بقلق:
-أستني انتِ في العربيه وانا هروح اجيبلك اسبرين للصداع..
اختفت هنا داخل بناء الصيدليه .وأبتسامه ماكره احتلت قسمات وجه الجالسه ..
وبحذر بالغ خافت أخذت حقيبة هنا القابعه علي بعد خطوات منها …
ووضعت بداخل حقيبة هنا لفافه كانت تخبئتها بين ملابسها ..
لفافه بداخلها كارثه هوجاء ..كارثه مصيبه ..واللحظات أقتربت ..واللعنه ستحدث ..
عادت هنا وأعطتها قرص من الدواء ..بأبتسامه بريئه صافيه ناقيه مثل نقاء قلبها ..
وأنطلقت السياره واللحظات مرت ثم الدقائق
والخبيثه قالت
-وقف يا اسطي ..
طالعتها هنا
-هتنزلي هنا ..
أومأت لها ..
فتابعت هنا بقلق اخت حقيقيه خائفه علي اختها
-لو لسه تعبانه أوديكي للدكتور ..
-لا بقيت كويسه..يلا اشوفك بخير ..
وأحتضنتها هنا بعمق ووداع حزين ..وأبتسامه باهته وعيون مشتاقه …
……………….
طرقات صاخبه علي الباب يصاحبها رنين مزعج ..
فتح الباب وهو يعقد حاجبيه بغضب
ليجد أمامه أمرأه في طور الثلاثينات ..ملامحها انثويه جذابه رقيقه ..بشرتها صافيه بيضاء ..شعرها متماوج مع طائر الليل الحزين ..
ترتدي تنوره تصل إلي ركبتيها يعلوها قميص سماوي ينتهي بربطة عنق ..
وساقيها الطويلتان تنتهيان بحذاء اسود له كعب من إطارات مرتفعه ..تقرقع في الأرضيه بنغم صاخب ..
شملها بنظره ثاقبه من رأسها إلي اخمص قدميها..قطب حاجبيه متسائلا بتراخي وقد تراءت له هذه الملامح الأنثويه من قبل
-تقريبا أنا شفتك قبل كده
فأجابته بأختصار نازف
-انا سكرتيرة والدك في الشركه ..مفيش وقت تسأل فيه ..لازم تلحق هنا قبل ما يفوت الآوان ..
انقبض قلبه برعب وتهاكلت اعصابه
فتابعت
-والدك زق بنت علشان تحط مخدرات في شنطة هنا . وهيبلغ البوليص عشان يمسكوها ..ألحقها بسرعه..بسرعه
أنتهت كلماتها بلهاث متقطع ورعب متواصل وعيون راجيه متوسله ..
والواقف لا يفهم شيئا ..
تمعن إليها بنظره مشككه في كلماتها ..بأرتياب قد أدركته من نظرات عيونه
قال مضيقا عينيه بشك
-انتِ مين وازاي عرفتي المعلومات دي ..اكيد دي لعبه من سالم الجندي ..صح
نطقت مستجديه منه ان يصدقها ولا يضيع في الوقت عبثا
-صدقني مفيش وقت اشرحلك انا عرفت ازاي ..الحق حبيبتك قبل ما تندم ..وعشان تصدقني أنا …أنا
أنا متجوزه باباك في السر …
…………….

يتبع…

الفصل السادس والستون

(الحياه سيمفونيه عذبه ..لكنها غير مرتبة المقطوعات)
صعد السياره وجلس خلف عجلة القياده بنفاذ صبر ..أخرج هاتفه الجوال..ضغط عدة أرقام يحفظها عن ظهر قلب ..والرنين المتواصل يعزف سيمفونيه الترقب علي أوتار قلبه ..
وكفه الأيمن يخبط علي العجله المستدير مع زفره مختنقه ..وعينان حمرواتان من الخوف الذي يعصف بداخله..حتي أصابع يده التي تمسك بالهاتف مرتعشه ..متوتره ..
والدقائق تمر كالموج العاصف. الرياح المحمله بالغبار ..
قررت أن ترحمه من الموت البطئ ..أجابت علي مكالمته التي أسفرت أبتسامه هادئه فوق ملامح وجهها..
قالت بهدوء متنافي مع دقات قلبها
-كرم ..أ
قاطعها بخشونه
-هنا قوليلي أنتِ فين دلوقتي حالا..
وذُهلت من سؤاله فقالت بخفوت متهاوي
-أنا ..أنا
توقف صوتها بغته..
-هنا ..هنا أنتِ سامعاني ..هناااا
كانت في عالم آخر وهي تري سيارة الشرطة تداهمها وتعترض طريق سيارتها…
قاموا بأنزال السائق بالقوه ..ترجلت من السياره وقد أنكمشت علي نفسها ..أرتعش جسدها بخوف وقلق ..
-فيه إيه ..!!؟؟
قالتها للظابط الذي يقف أمامها
-أنتِ هنا أبو حجر ..
أومأت له بهدوء
طالع من فوق كتفيه العساكر المحيطين بالسياره ..هدر بهم بصرامه
-فتش يا أبني أنت وهو العربيتين دول..
بعد لحظات عصبيه من التفتيش ..حيث هنا كانت شبه واعيه لما يحدث..قدماها أرتعشت ببطئ ..وأنهارت بعد أن فقدت القدره علي التماسك ولم تعد قدماها تقوه علي حمل ثقل جسدها ..تبللت خصلات شعرها بحبيبات العرق ..وأنفاسها تلاخقت كالمرجل المغلي علي النار..
أقترب عسكري من ظابط الشرطه وقال بعد ان أدي التحيه العسكريه بتأدب
-فتشنا العربيتين يا فندم ..ملقناش اي حاجه ..إلا الشنطه دي ..
وأعطاه حقيبة اليد
نقل ظابط الشرطه نظره من الحقيبه إلي هنا ..هاتفا بحزم
-الشنطه دي بتاعتك ..
وإيماءه بسيطه من رأسها لأسفل أخبرته بأن الحقيبه تخصها ..
فتش محتويات الحقيبه ليعثر بداخلها علي لفافه من القماش …
فتح اللفافه بعد ان أعطي الحقيبه للعسكري..ووجد المطلوب ..
أنها أكياس من الهيروين (مخدرات) ..
أتسعت حدقتي عينها بصدمه وهي تحملق بما أخرجه ظابط الشرطه من جوف حقيبتها..والتي تعرف ماهيته حق المعرفه
وأنتهي المشهد ب
-أقبضوا عليها …
……………… …….. ………. … … ………..
داخل مخفر الشرطه ..
في مكتب أركانه شبه واسعه ..
أنتفض ظابط الشرطه من علي مكتبه ..خبط قبضة يده علي سطح المكتب الخشبي ..أرتعبت هنا وتراجعت للوراء عدة خطوات..
طالعها ظابط الشرطة بعينان مظلمتان بالسواد ..
هدر بصوته العالي
-وبعدين معاكي ..هتفضلي مصره علي الأنكار لحد أمتي..أعترفي وخلصينا
مع رعونة صوته أنتفض جسدها ودمعت عيناه وصارت تنتحب بصوتا مرهق للأعصاب ..
همست بخفوت مرتعش
-أنا معملتش حاجه عشان أعترف بيها …والله معملتش حاجه..
وأجهشت بالبكاء
طالعها ظابط الشرطه بعصبيه وهتف بخشونه يهتز له البدن
-المخدرات لقينها في شنطتك ..ولسه بردوا بتنكري ..
-مش عارفه ازاي وصلت للشنطه..أنا هتجنن
أنهت جملتها بتمرير أصابع كفها بين خصلات شعرها بجنون هستيري ودموع أكثر ضعف ..
جلس ظابط الشرطه علي الكرسي الخشبي ..زفر بعدم أرتياح ثم مسد جبهته بغضب
مع قوله اليائس وعيناه الحمروان
-مفيش فايده ..
قاطعهم صوت طرقات مهذبه علي الباب
دخل العسكري وأدي التحيه العسكريه إلي سيد عمله بعد سمح له بالدخول
الظابط بأستهجان
-فيه إيه يا عسكري
-فيه واحد بره ..مصمم أنه يقابل حضرتك
-واحد …واحد مين ده
-بيقول انه عند معلومات بخصوص المخدرات اللي لقيناها مع المتهمه دي ..
قال الظابط مضيقا عينيه
-معلومات..خليه يدخل بسرعه ..
-تمام يا فندم
خرج العسكري من المكتب وما هي إلا ثواني حتي دخل ومعه كرم ..
(..عندما أنقطع الأتصال الهاتفي بينه وبين هنا ..هاتف والدها والوالد لم يكذب خبرا أغلق معه وحاول الأتصال بها لكن هاتفها كان مغلق ..لذا هاتف سائق السياره الذي أوصاه بإيصالها إلي المكان الذي تريده ..أخبره السائق بكل ما حدث مع أبنته بداية من عثور رجال الشرطه علي أكياس الهيروين بداخل حقيبتها وصولا إلي القبض عليها وأخذها إلي مخفر الشرطه…
أنهي أبو حجر أتصاله مع السائق ثم هاتف المحامي الخاص بأعماله الأدرايه ليحضر معه ..وبعدها هاتف كرم وأخبره بعنوان مخفر الشرطه الذين أخذوا هنا إليه…)
بمجرد أن شاهدت كرم أمام عينيها حتي ركضت تجاهه ..أرتمت في أحضانه ودموع اللؤلؤ تغزو عينها بضعف
همست بأنهيار وهي تمرغ رأسها بعضلات صدره الفولاذيه
-كرم أنا معملتش حاجه ..
تسمر في مكانه لوهله متأثرا بدموعها..لكن العيون المحملقه به هي من جعلته يبعدها قليلا عن محيطه
هامسا بهدوء وعينان مشبعتان بالوجع
-متخافيش يا هنا طول ما أنا جنبك مش هسمح لأي شخص يأذيكي ..
طالع أحمرار وجنتيها وأرنبة أنفها آثر البكاء وهذا أرسل بداخله وجع لا يقوي أحد علي تحمله
تخطاها… ووقف أمام الظابط الذي عقد حاجبيها ببرود وهو يري المشهد العاطفي بين المراهقين
رغم أن كرم بدي له شابا يافعا في مقتبل العقد الثالث ..وهذا بسبب ملامحه الرجوليه البحته ..عضلاته الضخمه..كتفيه العريضين ..وعيناه الغائرتان بالمسؤليه
كتف كرم ساعديه ببعضهما ..طالع الظابط بثبات ثم قال دون أن يرمش له جفن او حتي يتخلل وجهه حبات العرق المسماه بعرق التوتر والخوف
-أنا اللي مسئول عن المخدرات اللي لقيتوها في شنطتها ..
شهقه خافته صدرت من الواقفه خلفه ..ثم دموع …وذهول في نظرات الظابط الذي بالطبع لا يصدقه ..
لكنه متعجب أو مشدوه من أعترافه الذي سيؤدي به إلي تبعات تسمي الهلاك خلف قضبان السجون …
…………………
أوقف سيارته أمام البنايه الضخمه ..حيث الشقه في الطابق الثاني التابعه للسيده منال والقاطنه فيها بطه حاليا
قال قبل أن يفتح باب السياره ويهبط
-هتقدري تطلعي معايا ولا لسه تعبانه ..لو لسه استنيني وأنا مش هتأخر عليكي ..
نفت له ذلك بهزه بسيطه من رأسه هامسه مع أبتسامه هادئه رسمت ملامح وجهها
-متقلقش عليا ..أنا كويسه ..
هبطت من السياره وأستدارت إليه ..أبتسم لها بهدوء ثم أحتضن أصابعها الرقيقه الهشه في راحة كفه ..
توقفا الأثنان أمام باب الشقه ..رن آسر الجرس مره وأثنين ..فلم تجيبهم أو تفتح الباب ..
تبادل آسر وزهرة النظرات القلقه فيما بينهم..
بات آسر أكثر قربا من الباب ..مد قبضته ليطرقه عندها أنفتح الباب وحده …مصدرا صوت أزيز خافت ..
توقف في آسر في مكانه مشدوها ..يطالع الباب الموارب بحاحبين مقطبين في شبه ذهول ..
أبتلعت زهرة ريقها بتوتر وهي تقترب من آسر تتمسك بكتفيه ..وجبينها غارقا بحبيبات الغرق ….
بللت شفتيها بطرف لسانها بأرتياب قبل أن تدفعه للدخول وهي تتأبط ذراعه الأيسر
همست أسمها بقلق بعد ان دخلا الأثنان للداخل
– بطه
ولم يأتيها رد ..
-أدخلي شوفيها وأنا هستني هنا
ونظرا لحرج الموقف أومأت له بهدوء وبحثت عنها في كل زاويه في الشقه ..
عيناه كانت تراقب زهرة بحذر وهو يقف عند باب الشقه واضعا كلتا يديه في جيوبه
حتي وهي تدخل لغرفة النوم…الركن الأخير في الشقه ..
خطواتها كانت متمهله بطيئه ..همساتها كانت خافته ..عرقها كان ينهمر ليبلل خصلات شعرها التي تتراقص بأريحيه علي مقدمة جبهتها
-بطه…بطه
تسمرت في مكانها..شهقت …أرتعبت اوصالها..أتسعت حدقتي عينها بصدمه ..
ثم صراخ مدوي أهتزت له جدران الغرفه …وأنهيار …ثم تهاوي الجسد علي بلاط الأرضيه فاقدا للوعي …
بمجرد أن سمع صوت صرخاتها ..أكل المسافه الطويله بين الممر وغرفة النوم في ثلاث خطوات
وقع نظره علي جسدها المتهاوي علي الأرضيه جثي علي ركبتيه أمامها ..وحملها بين ذراعيه بعد ان حاول إفاقتها وفشل ..
تسمر في مكانه وعيناه تستقر بصدمه علي المشهد أمامه
جسد فتاه مضجع علي السرير يحيط به بركه عميقه من الدماء …شعرها متناثر حول وجهها بهمجيه حد الاختناق ..
والسبب هو أن أحد البشر الذين لا رحمة في قلوبهم قد أزهق روحها وذبحها بسكينا باردا كقسوة قلبه وبرودة مشاعره …قتلها في مشهد مريع تقشعر له الأبدان ..
وبالتأكيد هذه الفتاه هي بطه ..التي أصبحت جثه هامده قبل أن يصل إليها …والفاعل معروف ..وحتما سيبذل أقصي جهده للأيقاع به ..او بهم …فالقاتل ليس شخصا بل مجموعه لا بأس بها من الافراد …
……….. ……….. ………. ……. ……..

يتبع…

الفصل السابع والستون

والده خالد المنياوي هو من قام بالمهمة.. الأستقبال المترقب في المطار ..حيث كان الأستقبال حارا يجمعه خليط من المشاعر الفوضويه
ومن المطار إلي الفيلا
حيث كان الجميع بأنتظاره ..يترقبون وصوله علي أحر من الجمر ..والدته التي تفرك كفا بأخري أشتياقا لرؤية ملامحه الحبيبه ..عمته الست فكريه وتقف معتدله تترقب وصول المنتظَر ببرود غلف بؤبؤ عينيها ..والدة سلمي التي هاتفته قبل المجئ فأخبرتها سلمي انها علي وشك الوصول للمطار ومريم أبنة عمته التي أشتاقت للشجار معه مثلما كانت تفعل معه دائما ..تحت جو عائلي دافئ ..
وصلت السياره يسبقها صوت الزامور العالي ..والعيون تعلقت بهيكل السياره الضخم …
ترجل من الباب الأمامي وليد بطلته المهيبه وحلته السوداء الأتيقه …وجهه مستنير برضا الرب والوالدين ..رضا التوبه والعوده من طريق الضلال إلي طريق الخير والحق …
أبتسامته الصافيه وصلت لقلوبهم ..ذقنه الناميه أعطته ملامح رجوليه بحته ..وسامه من ماركه نادره لا يمتلكها أي رجل شرقي إلا وليد المنياوي ..البريق في عينيه متوهج بفرحه وسعاده لا توصف..كأن العمره أنقصت عمرا من عمره وزادته حلاوه فوق وسامته ..بل زادته إشراقا كان متواري عنه منذ عدة سنوات..وخلفه هبطت سلمي من المقعد الخلفي ..بعيون مسترخيه مبتسمه رغم أنها شبه متواريه خلف النقاب ..لكن القلوب تشعر..
وفي مشهد عاطفي درامي أسرعت الأم خطاها نحو أحضان ولدها الذي أستقبلها بحفاوه..ضمها إلي صدره بقوه دموع فرحته أنسابت مثل القشه الغريقه التي أستنجد بها أحدهم ..لثم باطن كفها بقبله مشتاقه ثم أنتقل إلي مقدمة جبينها بقبله حارقه ..أنتقل من إحتضان والدته إلي احضان عمته التي لم تتأثر بالمشهد البته ولم تنزل دموعها كالباقين بل أدت دور المتفرج الحزين بأتقان قبل باطن كفها ثم عند منتصف جبهتها طبع القبله المشتاقه ..همسه في أحضانها كان صادقا نابعا من القلب ..أما همسها فكان متكلفا نابعا من خلايا العقل ..
وسلم علي مريم وحماته …
بعد ساعه من الأحاديث العائليه والأشتياق ودعت الأم أبنتها سلمي وغادرت ..ثم طلبت منه والدته أن يصعد بزوجته إلي غرفة النوم كي يرتاحا …
صعد إلي غرفته مع سلمي ..أبتسم لها أبتسامه صافيه باتت تلازم وجهه في الأيام الماضيه..أحتضن كفها بعاطفه أرسلت القشعريره في جسدها ..لثم باطنه بحب قبل أن يقول بلكنة صوت دافئه للغايه
-نورتي حياتي يا أغلي من حياتي ..
والأبتسامه الواسعه عند زواية فمها ووحنتيها أسعدته كطفلا صغير أشتري له والده حلوي( غزل البنات)
تابع بنفس الهدوء
-أدخلي عش الزوجيه برجلك اليمين ..
قالها بفكاهه أضحكتها فوصلت الضحكه لقلبها قبل أذنيها ..
أغلق الباب خلفهما بهدوء ..
جالت عينيها علي كل زوايه في الغرفه بأعجاب وفرحه براقه طلت من زيتونة عينيها ..
ثم أنتقلت نظراتها إليه حيث كان يقف يراقبها
وهمست
-غرفتك جميله جدا …
قال مصححا
-قصدتك بيتنا جميل جدا ..
أبتسمت بشغف وهي تنزع عنها النقاب وتضعه بحذر علي جانب السرير …وعندما همت بنزع الحجاب الطويل الذي يصل لبعد منطقة الصدر إلي منطقة قبل كفي اليد …
أقترب منها وأمسك بيدها هامسا
– أنا اللي هقوم بالمهمه دي ..
فأبتسمت وتركت له عناء القيام بفك الحجاب الذي تلزمه موجه عاليه من الدبابيس الصغيره..
بعد أن أنتهي أخذ يلهث ببطئ
قال بحاجبين منعقدين
-كل دي دبابيس دا أنا روحي طلعت ..
كانت تطالعه وهي تبتسم وتحاول جاهده كتم أبتسامتها ثم تحولت الأبتسامه منخفضة الصوت إلي ضحكات عاليه
فأبتسم لأبتسامتها …
قال بأبتسامه
-هدخل اتوضي علشان نصلي مع بعض ..
أومأت له بهدوء
بعد أن أنتهيا من الصلاه
أقترب منها جلس امامها ثم وضع كفه فوق جبينها وتمتم بدعاء عذب
((اللَّهُمَّ إنِّي أَسْألُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخيْرِ ما جُبِلَت عَلَيْهِ وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّها وشِّر مَا جُبلَتْ عليه )).
ثم تابع بحب وهو يطالع عيونها حيث كانت تخفض رأسها خجلا منه
-أوعديني أنك هتكون زوجه صالحه تاخد بأيدي للجنه..أوعديني اننا هنعيش حياتنا عشان نرضي في المقام الأول ربنا عزوجل …أوعديني أنك هتطيعي أمي وعمتي وتعامليهم زي والدتك ..أوعديني أنك هتكوني أم صالحه لأولادنا تعلمهيم اصول ديننا الأسلامي ..نربيهم علي التقوي والأيمان ..
دمعت عيناه وأمأت له هامسه بتأثر
-أوعدك …
حقا صدق قول الله تعالي
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
………………..
هاتفته آلاف المرات ولم يجيب . لم تكتفي بالبقاء في الشقه بأنتظار عودته المستحيله..بل خرجت تبحث عنه في النادي ..تواري اعينها خلف نظارة ذو إطارات سوداء مثلثة الشكل..
عيناها الحائره تبحث عنه في كل مكان ..أنكمش وجهها حزنا وأنسابت الدموع علي وجنتيها ..وعادت خائبه الامل ..
أوصدت باب الشقه خلفها بهدوء متزن ..ألقت حقيبة يدها بأهمال متنافي علي بلاط الأرضيه ..دخلت إلي غرفة النوم …توقفت أمام المرآه الضخمه ..طالعت شحوب وجهها ..قتامة عيونها بعد أن نزعت النظاره ووضعتها جانبا..جفونها المنتفخه آثر البكاء ..عيناها الحمروان..
همست بحزن مرير أضني قلبها
-نورس …
ثم أغمضت عيونها بحسره ..وكل ذكرياتها معه تختال أمام مخيلتها ..
خرجت من غرفة النوم إلي المطبخ ..أخرجت من أحدي الأدراج مقص …
وعادت إلي نفس وقفتها أمام المرآه ..طالعت المقص بعيون دامعه يائسه قبل أن تقربه من خصلات شعرها الذهبيه ..
هكذا ستعاقب نفسها ..العقاب الأمثل لغرورها ..لم تقدر حبه..أضاعت منها كنزا ثمينا مثل نورس بقلبه الصادق وحبه الأفلاطوني ..
وبدءت بتنفيذ العقاب ..تمسك المقص بيدها المرتعشه وتقص خصلات شعرها الطويله التي تنسدل بأنسيابيه من كتفيها إلي منتصف ظهرها …ومع كل خصله تقصها تبكي بمراره ..مراره قاتله تؤجج الألم في رأسها ..فيتساقط شعرها الطويل علي الأرض وتظل بقاياه معلقه علي كتفيها ..
إلي أن أنتهت ..ومع أنتهاءها أنهارت علي الارض تبكي وتحتضن شعرها إليها بشهقات مريره نادمه …نادمه ليست علي قصه بل علي الحب الذي أضاعته ..
الآن يمكن أن تقول أنها عاشقه حد النخاع ..
…………………
جالسا أمام ظابط الشرطه علي الكرسي الخشبي ..واضعا كفه فوق جبهته ..يفرك عينيه بتعب …فهناك أمور عده تتعب تفكيره وتنهك حسده ..
أولا..التفكير في أمر العصابه ..تحقيقه ليلة الأمس مع الشخص الذين قبضوا عليه بسبب البلاغ الذي قدمته بطه ..عندما أقنعتها زهرة بفعل ذلك ..
والتحقيق مع ذلك الرجل الذي ينتمي للعصابه لم يفيده بأي شئ ..فمازال مصرا علي الأنكار ..رغم أن آسر أستخدم معه كل الوسائل التي تضغط عليه لتضطره إلي الاعتراف ..ومع ذلك صمد وتمسك بأمتناعه عن الكلام..ظل الليل بأكمله يحاول معه . تارة يضربه وتارة يحبسه في غرفة منعزله ويمنع عنه أي وسيله للأتصال بالعالم الخارجي …
ثانيا أمر زهرة التي تستيقظ من نومها علي صرخه ينتفض له جسده ..تحولت كل احلامها لكوابيس منذ حادثة بطه ..جسدها يرتعش مع تعرق وجهها ..فيجلس جوارها يضمها إلي احضانه. ويملس بهدوء علي خصلات شعرها ..ثم يقرأ بعض الآيات القرأنيه إلي جوارها فتهدء انفاسها المتلاحقه ثم تروح في نوما عميق وهي لا تزال ممسكه بتلابيب قميصه ..ترفض تماما ابتعاده عنها ..فيضطر للبقاء بجانبها حتي تسكن روحها وتغيب مع العالم الآخر ..
فيبعد بهدوء قبضتي يدها ويرخيهما جانبها ..ثم يبتعد بخطوات هادئه ويطفئ الأنوار قبل ان يخرج ويغلق باب الغرفه خلفه بهدوء
وأخيرا أمر كرم ..الذي كان القشه التي هزمته ..
هو الآن يجلس مترقبا ..بأنتظار أن يأتي به العسكري من الحجز إلي مكتب الظابط …الظابط الذي راعي أمور الزماله وسمح له برؤية كرم والتحدث معه وحدهما دون وجود ثالث ..
خبط العسكري علي الباب ثم دخل ومعه كرم الذي أتسعت حدقتي عينه بأنكسار وهو يري أخيه آسر أمام ناظريه…
حملق آسر به بحزن ..فحالة اخيه كانت يائسه حزينه مثل أرواق الشجر الجافه بفعل الرياح الغادره ..وهذ اوجع قلبه
خرج العسكري بهدوء ..لحقه ظابط الشرطه…الذي أقفل باب المكتب خلفه بهدوء …
كانت النظرات الصامته هي السائد لقليل من الوقت ..قاطع الصمت صوت خطوات آسر التي تقترب من كرم بتمهل ..وقف أمامه يطالعه بملامح متجهمه غاضبع قبل أن يقول بخشونه
-ممكن تفهميني إيه اللي بيحصل ..وفعلا مسكوا معاك بودره ..
-أومئ له كرم ..ثم بدأ يسرد علي مسامع أخيه كل الأمور التي اوصلته لتلك النقطه ..
بعد أن أنتهي
أنهار آسر علي الكرسي ورائه يطالع نقطة ما أمامه بشرود وهو يهمس بعدم تصديق
-معقول بابا يعمل كده ..
همس كرم بخفوت
– مقدرش أسيب هنا تتأذي يا آسر ..متتطلبش مني أن أقول الحقيقه لأني هرفض ..مستعد أتحمل أي حاجه عشانها ..
نهض آسر عن الكرسي واقترب من أخيه للمره الثانيه ..وقف أمامه بثبات ..طالعه بنظرات متفهمه …
عيون أخيه مملوءه بنظرات العشق ..عشقا سرمدي قد اصاب قلبه من قبل …
ربت علي كتفه بهدوء قبل أن يعانقه ..عناق أخوي شعاره الحب والأخلاص ..هامسا بحزن
-متقلقش ..أنا هتصرف ..واللي غلط لازم يصلح غلطه..أخوك هيقف جنبك لحد ما تعدي من المحنه دي علي خير..
أنهي كلماته بنظره تصميم تشع من بريق عيونه ..
ولأول مره يتهادي قلب كرم مثل الطير البرئ ..يشعر أن له سند ..وهذا يشعره بدفئ ..حنان يغمره ويتسلل لثنايا روحه ..
فالأخ هو السند الأمان ..الحائط المستقيم ..هو روحك التي تحزن لحزنك وتفرح لسعادتك ..
هو الامان ..هو الحب دون مقابل والعطاء دون أنتظار ..هو اليد الذي تأخذك لبر الأمان ..
أرخي كرم أعصابه وهو يتنعم بأحضان أخيه الأكبر ..اغمض عيونه بسلام داخلي لم يشعر به قبلا ..
لأول مره يتذوق قلبه معني الأخوه ..
وبدءت نبضات قلبه الثائره تهدئ وتتهادي مثل سينفونيه موسيقيه هادئه
ثم أبتسامه هادئه غضنت زواية فمه وهو يطلق العنان لتنهيده أراحت قلبه …
………………………….
كان كالأعصار الهادم وهو يقرع بخطواته الممر الطويل وصولا إلي مكتب أبيه ..
لمح شابه في عقدها الثاني تجلس علي مكتب السكرتاريه ..أنها آخري جديده غير السابقه …
ماذا حل بالسكرتيره السابقه ليأتي بآخري غيرها ..؟؟!
واته هذا السؤال ولكنه لم يكلف عقله عناء التفكير في أمرها..
فهناك ما هو أهم …يريد ان يناقش والده به ..
تخطي السكرتيره المنشغله في الملفات امامها وفتح باب المكتب ليدلف دون ان يتوقف لندائها الصارخ به …
وقف أمام والده يطالعه بجمود ..ونظراته غائمه مثل السحب في الليل الهادئ …
ومن خلفه السكرتيره الحمقاء التي لم تعلم بعد عن هوية الهمجي المقتحم …
أرتبكت أمام السيد سالم وهمست بخفوت يبطنه اعتذار مجفل
-أنا آسفه جدا ..هو اللي دخل ومعرفتش أمنعه و
قاطع أسترسالها في حديثها المنمق سالم الجالس علي مكتبه مثل حاكم أسطوري نسمع عنه في الحكايات الخرافيه …وأكتفي بحركة من يده جعلها تدرك أن عليها الخروج من المكتب بصمت..دون أي كلمه إضافيه..
وخرجت وأغلقت الباب خلفها بهدوء متنافي مع العديد من الأسئله بداخلها …
نهض سالم عن عرش مملكته ..استدار يقترب منه بخطوات واثقه ..
أرخي جسده فوق مكتبه الوثير في شبه جلسه …ألتقط سيجاره من النوع الفاخر القابع علي سطح المكتب جوار اليافطه المربعه المنقوشه بأسمه ..
وضعها بين شفتيه الخشنتين ونفث دخانها عاليا مع ذقنه المرفوع لأعلي ..
قال بعد أن عبئ صدره بتبغ السيجار …
-مالك ..عيونك حمره.. وملامح وشك غضبانه …
طالعه آسر بثبات رجولي ..واضعا يديه في جيوبه ..
رفع حاجبه الأيمن مع قوله المتمهل
-كرم …أكيد الأخبار وصلتلك عنه ..ما أنت مكلف الكلاب بتوعك عشان يراقبوه ..
عقد سالم حاجبيه بوحوم وغضب كشر عن أسنانه الشبه بيضاء
وقال ببرود يُحسد عليه
-هو اللي عمل في نفسه كده ..محدش قاله يلبس نفسه جنايه ..
-عايزه يبقي جبان ويتخلي عن البنت اللي بيحبها ..بعد ما عرف أن أبوه هو اللي خطط عشان يأذيها …بس أنت مأذيتش حد غير أبنك …
ثم صمت مترقبا لرده ..
وأتي الرد فاترا ک قلب الذي يتحدث
-بسيطه ..يقول أن كل اللي قاله كذب وأنا مستعد أوكله أشطر محاميين في البلد..هيطلعوه منها زي الشعره من العجينه..
وتوقع نفس الرد..ونفس برود المشاعر ..ونفس الانانيه
فقال بهدوء زائف
-أنت متأكد أن كرم مش هيعمل كده ..
-خلاص فهمه انت …حاول تعرفه أن اعترافه ده هيوديه في داهيه ويضيع مستقبله …
هز رأسه نافيا مع قوله الثابت
-كرم أخد قراره وبينفذه ..مستحيل يخلي هنا تتأذي ..هو بيحبها الحب اللي انت مقدرتش تحسسه بيه طول عمرك …
هدر غاضبا
-آسر …اعرف كويس انك بتتكلم مع أبوك ..يعني تراعي طريقة كلامك معايا …
-للآسف أنت مخليتش اي ذرة احترام بين الأب وأبنه ..الحاجه الوخيده اللي هتشفعلك عندي أنك تروح تعترف ان أنت اللي حطيت المخدرات ..
لكن سالم نهض عن المكتب ثم رمي السيجار أسفل حذاءه ودهسه بلا رحمه
قصف بصراخ
-أنت اتجننت ..لو عملت كده هبقي بحكم علي نفسي وعلي شركاتي بالهلاك ..الناس لو عرفت أسهم الشركات هيبقي
في النازل والكل هيرفض يتعامل معانا . وقتها اسم الجندي التي تعبت السنين دي كلها لحد ما بقي اكبر اسم في السوق..هيتدمر ..مستحيل أسمع كلامك وأحكم علي ثروتي بالدمار ..
شمله آسر بنظره محتقره ..وأبتسامه ساخره حزينه أعتلت وجهه وهو يقول
-ياااااه…مكنتش اعرف أن أسمك ومنصبك أهم عندك من مستقبل أبنك …وأخيرا خلتني أشوف وشك الحقيقي اللي كنت مخبيه عني طول السنين دي …شوفت الحقيقه اللي مكنتش شايفها أو اللي مكنتش عايز أشوفها …يا خساره يا مية خساره علي الدنيا اللي تخلينا نبيع أغلي الناس علينا …
وذهب …رحل وغضبه يسبقه يحدد مسار خطواته …
والآخر ظل واقفا يطالع ما أمامه بنظره متألمه ..ثم أخفض رأسه بعجز وأنكسار..
فحب الدنيا والمال قد ملك قلبه وسيطر عليه سيطره كليه..
………………….
مر شهر ومازال التحقيق في القضيه مرسوم خطاه..
كرم يصر علي الأعتراف ..وآسر مشتت ضائع..لا يعرف الطريق ليثبت برائة أخيه ..فالأب لا يزل ملكوت الدنيا الزائف يعمي بصيرته ..وخوفه علي زوال مملكته يسيطر علي رهبة جسده وسلطان قلبه فيمتنع عن البوح بحقيقة جريمته ..
والآسيره في بحور عشقه أنهكها البكاء وأوجع قلبها ..ملامح وجهه شاحبه كالأموات ..هنا التي تذبل مثل اوراق الشجر المحرومه من الماء. سر بقاءها علي الدنيا حتي الآن ..وسر بقاء هنا في الوجود هو تنفسها حب كرم ..وكرم حبيسا خلف القضبان ..فتتعذب روحها ويتألم قلبها ..
تحبس نفسها مثله بين أربع جدران ..لا تأكل ولا تشرب ولا تنام ..ولولا قيود البشر لبقيت معه داخل الجدران التي تمنعها عنه …
جسد يهيم في الدنيا بلا روح ..وعينان ساهرتان أمام صورته داخل الأطار بدون فرحه ..ونبض قلبا ثائر لا يهدء ..
ساهمه لا تتحدث مع أحد سوي خيال ملامحه الذي يأتي به قلبها العاشق له والتائه في سراب المضحي والمخلص لحبها ..
وعلي الوساده الخاليه التي تريح رأسها عليه ..تحضر ابتسامته الرائعه. فتحتضنها كأنه هو ..ويتحول السراب إلي لاشئ ملموس ..فتدمع العيون ..دموع أليمه تميتها قبل ان تُحييها ..
الأب والأخت والأم يبكون قهرا عليها ..
ويغلف الحزن ..الصمت القاتل أرجاء الفيلا …ويفقد الجميع بهجتهم ..
………………………
ميعاد الجلسه النهاييه للنطق بالحكم بعد ساعتين ..
يجلس الجميع في قاعة المحكمه في ترقب ..قلوب قلقه وقلوب يقتلها الخوف ..ودموع منهمره ولا تنضب مثل نهر النيل …
والمحامي يدافع ..ووكيل النيابه يهاجم..والقاضي يسمع ..أما الضحيه فتراقب حبها بصمت . لا يشغله في الكون سواها ..عيناه لم تفارق عيناها الباكيه فيتألم وتتألم ..
رغم دعوة عيونه التي تلزمها بالتوقف ..فدموعها غالية جدا علي قلبه ..
هل أخبرها من قبل أنه لا يطيق رؤية دموعها ؟!!
نعم. .ومع ذلك تبكي ..ف حيلتها تكاد تكون معدومه أمامه ..
وأبتهال تناجي ربها بصمت ….الأم رمز العطاء والقلب الصافي تجاه أبناءها ..وعلي عكس سالم الذي يجلس بهدوء مع اهتزاز ساقيه ..يراقب كل ما يحدث بصمت وقوه جباره …
وآسر يراقبه من حين لآخر علي أمل أن ينتصر شعار الأب علي سطوة الشيطان ..وينقذه في آخر لحظه ..ويكون البطل المنقذ في مشهد تقشعر له الأبدان ..
كما يشاهد مثلها علي شاشات التلفاز ..ولكن الوقت يمؤ وما من جديد ..
ويبدو ان القاضي يميل إلي الاقتناع بحديث وكيل النيابه ..والمحامي رغم أستماته في الدفاع عن كرم ..يفشل تدريجيا ..
والعقول ترفض التصديق ..ولا يزال الأمل موجود حتي ولو كان إبره في وسط كومه من القش…
وفي النهايه أصدر القاضي حكمه
-حكمت المحكمه علي المتهم كرم سالم الجندي بعد الاجماع علي الأدله التي تدين المتهم بالسجن لمدة خمسة أعوام …
ورُفعت الجلسه مع صراخ ..صدمه ..دموع ..عويل ..
وسقطت هنا فاقده للوعي في أحضان والدها الذي تلقفها قبل ان يلامس جسدها الأرضيه..
غير مصدقه للواقع او أنها تهرب منه إلي الخيال ..حيث يوجد هناك نبض قلبها وزاد حياتها (كرم) …
………….أنهارت بشكل مهيب ………..
……………………………

يتبع…

الفصل الثامن والستون

غارق في حزنه منذ يومان ..بعد النطق بالحكم علي أخيه كرم ..يجلس بين جدران غرفته حبيسا ..كأنه بذلك يعاقب نفسه..علي إهماله وإن كان الاهمال والتقصير في حق أخيه خارجا عن إرادته ..
يدفن رأسه بين كفيه ..دموعه تجف ليهبط غيرهم مثل البحر الأزرق الذي تجف مياهه في بعض المواسم وتزداد في مواسم آخري ..
والحال هكذا يتقلب بين امواج الحياه
وقفت عند مدخل الغرفه ..تشنج جسدها من الحزن وهي تراه بتلك الحاله …حاله تزهق حياتها منها بألم ..ووجع لم تجربه قبل ان تراه بتلك الحاله ..تطالعه بعينان أهلكهما الحزن والقتامه …والأيام الاخيره كانت عصيبه جدا عليها لدرجة أرهقت هرمونات الحمل المزاجيه ففقدت الشهية والارتواء للماء . فقدت طعم الحياه او اضاعته في وسط زحام الحياه ..
خطواتها المرتبكة توازي حزنها بين خطوه وآخري ..وقفت أمامه ..أمام نظرات عيونه الواجمه الشبه واعيه لتواجدها ..وهي موجوده تريد ان تقولها له لكن لم تنطق
لم يرفع ناظريه إليها وظل واجما ساكنا كما هو ..طبقت راحة كفها فوق جبينها بتوهان مقيت ..وحزن أشد من حمرة اللهيب …
وجلست عند قدميه تجثو علي ركبتيها امامه..تلامس يدها فخذيه تربت عليهما بدفئ ..مواساه من نوعا آخر …نوعا يخاف قبل الخوف ويموت قبل الموت ..ويتهشم آثر الحزن..ثم تحت الاقدام القاسيه يُدهس …
أرتفع ناظريها تدقق النظر لملامحه العابسه ..لعيناه القاتلع..وألمها الحزن الساكن فيهما
-آسر ..لحد أمتي هتفضل كده ..
والصمت كان الجواب الذي صفع قلبها ببروده
تابعت بنفس الألم وهي تمرر كفها علي ساقيه كأنها تدلكهما لتبعث فيهما الشعور بانها ستظل جواره لبقية الحياه
-مش انت اللي تستسلم للحزن يا آسر ..مستحيل اصدق انك تسيبه يهزمك..دايما عارفاك قوي ومبتتهزش تحت أي صدمه ممكن تكسرك …آسر اللي ادامي دلوقتي مش هو آسر اللي حبيته …
وأوجع قلبها صمته المطبق ..جسده الساكن والبروده في عينيه ونظراته
-ساكت ليه..ارجوك يا آسر كلمني رد عليا..قولي انك كويس ..سكوتك وحزنك بيموتوني .
وطالعها لا إراديا..بنظره منهزمه
والامل مازل موجود ..إنه مازال يشعر ويتألم لألمها مثل السابق ..
-أنا مستاهلش حزنك يا زهرة..ليه تحزني علي واحد عاجز مقدرش يثبت براءة أخوه..أنا ضعيف مستحقش اكون اخوه ..
وأنتقلت إلي جواره .تربع ساقيها في جلسه شبه معتدله قبالته..
ادارات وجهه إليها..ثم رفعت ذقنه لمرمي عيونها بطرف اصبعيها الابهام والسبابه ..
طالعت حزنه وضعفه ..وتألمت وتألم هو …
هزت رأسها نافيه مع ابتسامه خافته منكسره ..وهمسا ثابت ارادت ان تدخله لجمجمة عقله حتي لو بالأجبار
-انت مش عاجز ولا ضعيف بالعكس أنت اقوي من الجبل نفسه..وكفايه انك حاولت تطلعه براءة بس هو القدر حكم عليه بكده ..
-لأ مش القدر هو اللي حكم …انانية ابوه وحبه للنفوذ هو اللي حكم …كرم ميستحقش السجن يا زهرة..كرم برئ
-عارفه والله العظيم عارفه وواثقه انه برئ ..بأذن الله ربنا يظهر الحق..بس طول ما أنت في الحاله دي ..الحقيقه هتفضل مدفونه ..حاول تاني مش انت بتقول فيه استئناف ..يمكن في الاستئناف يظهر دليل يبرئه ..
اجابها بخواء
-للأسف حتي دا كمان مستحيل ..البنت اللي كانت هتكون الدليل الوحيد علي براءته هربت ..أختفت مره واحده ..حاولت اقنعه بأنه يعترف علي سالم بس هو رفض ..رفض يأذي أبوه ..ابوه اللي اول ما فكر . فكر في سالم الجندي بس…لو اعترف كان طلع منها وظهرت براءته..بس نشوفية دماغه دي اللي مودياه في داهيه ..بيحاول يكون ملاك مع شخص ميستاهلش ..أب انعدمت من قلبه الرحمه …أنا لو ندمان ..هكون ندمان علي قربي في يوم من الأيام من واحد زي سالم الجندي ..للأسف اكتفشت حقيقته متأخر وبعد فوات الآوان …والنتيجه حياتنا اتدمرت بسببه..اخويا مسجون وأمي سايبه البيت وقاعده عند خالتي بعد ما عرفت بجوازته اللي في السر ..وأنا أنا فقدت شغفي في الشغل مش هقدر أرجع زي الاول ..حاسس اني بقيت اضعف خلق اللع …مش هقدر ادافع عن البرئ وانا مقدرتش اظهر براءة اخويا ..ولا هقدر احمي الاغراب وأنا مش عارف احمي اللي من دمي ولحمي ….تعبت …تعبت يا زهرة وحاسس أني لأول مره عايز أصرخ وأطفي كل الغضب والنار اللي جوايا ….
مسحت دموع ضعفه وقلة حيلته ..وكم يكره انهزامه امامها…يكره ضعفه ووتره الانساني الذي يغلب عليه في حالات حزنه الشديده…وحالت ملامحه من الضعف والتيه إلي القسوه
عقد حاحبيه بضيق مع لكنته القاسيه الحازمه بعد أن رأي الدموع في عينيها عليه..انها تبكي عليه..آسر الجندي صار رجلا ضعيفا امام زوجته تشفق عليه …والحل الدموع ..الذي يكره نفسه وهو يراها تنهمر علي وجهها
-زهرة اطلعي بره الاوضه وسيبيني لوحدي..
أتبع كلماته الصارمه بأن أدار جذعه للجانب الآخر ..لكنها لم تذهب ..وظلت ساكنه دون حراك في مكانها علي نفس جلستها ..تحركت أصابعها المشتاقه الحزينه لتلامس كتفيه وتجول علي ضخامتهما بوتيره جعلت جسده يتشنج آثر لمساتها لكن ليس تأثرا بها بل غضبا وثوره أنفجرت في وجهها عندما قصف صراخه مجلجلا المكان
-زهرة أطلعي…بلاش تدوقي غضبي وعصبيتي في الوقت ده
وأحس بسكونها إلي جواره دون ان تنصاع لكلمه واحده منه …
والثالثه أتت محطمه لحصونها الرافضه
-قولت اطلعي ..سيبيني لوحدي..
فأنتفض جسدها رعبا من صوته الجهوري الخشن وبسرعه ركضت بخطي سريعه ناحية باب الغرفه..وقبل ان تخرج رمت إليه نظرات حزينه ودموع مؤلم ..لتغاير أنفاسه الملتهبه المتلاحقه الغرفه الخاليه إلا من ضخامة جسده مثل دوامة الماء في وسط البحر الغادر …
والسبب هو كره أبن آدم ضعفه أمام بنت حواء وسيظل نسل آدم هكذا يحب ضعف المرأه ويعتبره صيدا مِحرزا ويمقت ضعف الرجل ويعتبره هزيمه نكراء …
وكل رجل هو شهريار يعذب النساء
……………..
كلنا سمعنا عن حواء التي خُلقت من ضلع آدم الاعوج ..وهذا المقال تطور فيما بعد بين البشر ..بين الرجل والأنثي علاقه متضاربه هو يظن نفسه البطل المغوار الذي يقوم بكل شئ ودون الانثي هو الكمال وحده ..هناك في حقبه زمنيه منذ آلاف السنين حيث بدأ الأنسان عندما كان يجري في البريه وراء الوحوش الضاريه فيأخذو من لحومها النيئه طعاما لهم ..في النهار يصول ويجول مثل طرزان الغاب وفي الليل يختبئ داخل كهفه المظلم مثل الخفافيش ..خوفا من الوحوش الضاريه ..ثم يعاود النهار في يوما جديد تأتيه الشمس الدافئه في زمن آخر يذهب فيه الفلاح إلي حقله تتبعه أمرأته تقف معه جنبا إلي جنب ..تُذهب من علي عاتقه اعمال تهد الجبال الصامده ..إلي جانب تربية الأطفال ومراعاة المنزل وأعمال متعدده لا نهاية لها علي الأطلاق ..
وفي عصرنا هذا ..تطور كل شئ ..هذبت التكنولوجيا لياقتنا ..تفكيرنا ..رؤيتنا للمستقبل ..عقولنا المخربه بسبب قيد العادات والتقاليد ..
إلا نظرة الرجل للمرأه ..
مازالت هي الضلع الأعوج ..العقل الناقص ..والقوامه التي لا قبل بها ..
مازالت الأنثي تُعذب وتُهان تحت شعار أنها وُلدت أنثي ..ضعيفه..او هكذا يرونها الرجال …
والحقيقه ان النقص نابع من تفكيرهم ..فالأنثي أثبتت نفسها في كثير من المجالات بل وتفوقت علي الرجل نفسه ..الأنثي أصبحت عالِمه ..وداعيه …وفي النهايه هي ام لكل رجل ..يظن أنه بدونها سيكون …
يرفض توسلها ..حبها الظاهر له مثل الخيط الأبيض المقدس في بريق عيونها …بريق عينيها يعكس صورته ..وإن لم يكن حبا فماذا يكون؟؟
دموعها ليست وهميه ولا متكلفه..دموعها صادقه متقنه لأنثي أجادت بكل مشاعر الحب إليه هو وحده ..
بتهكم يجلس علي مكتبه..عرشه الذي تخلي لأجله عن الجميع ..
يسند ذقنه علي كفيه المشبكين بوجوم ..ندم او شبه ندم..
هي حاله متأرجحة المشاعر ..طوفان بداخله يدفعه لأن يفعى الصواب ..والنقطة السوداء بداخلنا هي من تحكمت فأقعدته في محله ..جلد كل رغبات القلب بسوط شديد يسمي العقل ..
ونفسه الغائبه تقول (اعقل لتخسر كل حاجه)
ألم يخسر بعد كل شئ ..!!!
فقد كل عزيزا لديه..كل الاحبه …فقد الأبن السند له عندما يشيخ …الحب بأخلاص …والزوجه المطيعه التي افنت عمرها لخدمته ..
وظل وحيدا بين أربع جدران بارده ليست بها أي مشاعر ..جدران صماء لن تسمع شكواه …
والمخلصه في الحب ..العاشقه ل سالم نفسه وليس لسلطان القلب من نفوذ
هاتفته أكثر من الألف مره ..
رنين مزعج أخرجه مت دوامة افكاره المشتته والطالب كان معروف ..وخوف بدي علي ملامحه وهو يلتقط الهاتف ليجيب
أتاه الصوت الرجولي الخشن مهددا أو قضي بالأمر وانتهي وقت النقاش
-أحنا صبرنا كتير علي مرات أبنك ..بس هي غلطت معانا كتير واللي بيغلط في عُرفنا بيكون الموت مصيره ..
حاول النطق ولكن الأتصال أنقطع ..وأدرك أن القرار لا رجعة فيه وان التنفيذ قادم لا محال..سواء وافق او أعترض..ولا مجال لاعتراضه ..أو ف يخبط رأسه في أضخم حائط …
وندمه علي فعلته في الماضي ما زال قائما ..
لحظه اخذ فيها قرار متهورا ..كانت كافيه لان تجعله اتعس مخلوق علي وجه الخليقه ..
خيانه..وما أشد الخيانه..خاصة عندما تكون من اقرب الناس إلينا
وإن كانت من صديق كنت تظنه يوما حبيبا مخلصا …فهذا أشد الألم والقساوه …
خان صديقه وفي عُرفِه الخيانه مباحه ..
عندما تواطئ مع عدو أعز اصدقائه
ألد اعداء مالك الزهار في سوق العمل
مالك الزهار الذي طُعن في ظهره من اقرب صديق له ..
والضحيه كانت أبنته زهرة …التي خُطفت من حضن والديها بناءا علي خطه دنيئه وخيانه أعظم …
وهو من مهد الطريق لأختطاف زهرة وأتفق مع العدو الشامت بأن يهددوا قلب الأب بأبنته حتي يرضخ ويوافق علي الصفقه التي كانت نقطة تحول حاسمه في حياته الأداريه وبعدها أصبح من كبار رجال الأعمال ..
والثمن خيانه تجردت من صاحبها كل انواع الانسانيه …
وأصبح العدو هو همزة الوصل بين سالم والعصابه ..والمعرفه سطحيه جدا..والتواصل عن طريق الهاتف الجوال …
لذا لم يكلف نفسه عناء البحث عنها حينما طلبت منه منال ذلك ..وأكتفي بدور المشاهد المتأثر حزنا ..دون اي إثاره ..فالفيلم من تأليفه وإخراجه…والسيناريو محكم الحبكه بين الخائن والعدو..
والنهايه بدأت بموت مالك الزهار ومازالت مستمره
……………………
وقع خبر حمل سلمي علي مسامعها كالصاعقه التي أخرستها عن الكلام..وكأت أحدهم سكب علي جمجمة رأسها دلوا من الماء البارد …
لم تصدق أذنيها عندما اخبرهم الطبيب بأبتسامه ديناميكيه بأن سلمي حمل..وقع منها قدح القهوه الذي كانت تحاوطه بيديها ليرتطم بالأرضيه فيتحطم إلي قطع صغيره متناثره ..
زمت شفتيها بضيق وهي تظهر له أبتسامه مزيفه وتقول التهنئه الاعتياديه “مبروك”
تحبس نفسها بين جدران غرفتها الأربع منذ قرابة الساعه ..تحاول أن تهدئ أنفاسها الحانقه كي لا يتوقف قلبها فتخسر أنتقامها من اخيها الذي عاشت لأجله طوال الأشهر الماضيه ..
منذ أخبروها بأستشهاد نضال …انقذ الأب أبنه وأنتهي الموضوع عنده …ولا قيمة لولدها بالنسبه إليه..حياة أبنه هو كل ما همه وقتها..لو فقط حاول أن يسعي لأنقاذ نضال كما فعل المثل مع وليد ..
لكان نضال لا يزال حيا يُرزق…
والتفكير بالأنتقام هو شعلة تمردها..خصوصا ان عقلها مقتنع بأن خالد المنياوي هو السبب الذي حرمها من أبنها فلذة كبدها ونبض روحها. ..
والأنتقام ..أعمي ..مجنون ..او جنون …
طرقات خافته علي باب غرفتها ..فتحه بهدوء وطل من خلفه بأبتسامه مرحه
قائلا
-ادخل يا عمتو؟؟
وأبتسامتها كانت متصنعه متكلفه مزيفه وهي تهمس بهدوء يناقض الحقد الذي بداخلها
-طبعا يا حبيبي أتفضل
تهادي إليها بخطوات خافته ..وأبتسامه رائعه ترسم قسمات وجهه ..انها نفس الأبتسامه التي تكرهها وتمقت عليه بسببها ..
جلس جوارها احتضن كفها بين راحتي كفه ولثم باطنه بقبله عميقه..مطيعه …
لمحت عيناه صورة نضال داخل إطارها المستكين علي سطح الكومود الخشبي
شق الحزن بريق عينيه للحظه قبل أن يبتسم بصفاء وهو يطالعها
هاتفا بنبره صادقه متأنيه
-ليه مشيتي وسيبتينا يا عمتو ..حد زعلك بكلمه..
نفت له ذلك ..وأجابت بثبات مزيف
-لا خالص..انا بس كنت تعبانه وقولت اطلع أستريح شويه في اوضته..
وبنفس هدوء ابتسامته همس
-ألف سلامه عليكي يا عمتو ..
ثم اطلق العنان لتنهيده حزينه قبل ان يردف قائلا بحزن
-أنا عارف أني مهما عملت مش هقدر اعوض مكانة نضال ..بس صدقيني انا بعتبرك أمي التانيه..حبكم في قلبي نفس المقدار ..
دمعت عيناها عندما أتي بذكر الغالي ..الشهيد المفجوع قلبها عليه ….وصمتت حزينة مطرقة الوجه مقهورة القلب
مسح دموعها بتمهل ..نظرته لها كانت حانيه رقيقه
قال بلكنه هادئه رقيقه نادمه
-أنا آسف..مش قصدي اخليكي تبكي …
ثم مال عليها يحتضنها بعمق …حضن انساها وجع الدنيا وقهر قلبها…حضنه دافئ مثل دموعه التي لامست كفيها ..
أردف بثبات من فوق كتفيها
-أنا كان نفسي اوضحلك بس ..مكانتك الغاليه في قلبي ..
ثم ابتعد عنها يرمقها بأبتسامه أمتصت غضبها وقال بهدوء
-يلا بقي عشان انتِ اللي هتجهزي كل حاجه بنفسك للبيبي الصغير نضال ..بأذن المولي عز وجل
عندها رفعت ناظريها إليه بصدمه ..واتسعت حدقتي عينها بعدم تصديق …والأجابه كانت إيماءه بسيطه من رأسه تؤكد لها صدق ما نطق به ..
ثم غادر بنفس الأبتسامه الذي دخل بها …
لتحول نظراتها المعلقه بالباب مكان خروجه للتو إلي مكان صورة نضال ..وعندما تطالع ملامحه الهادئه ..تنهمر دموعها وتقبض أصابعها بقوه علي ساقيها..قوه اكثر حقدا وكرها ..قوه أنستها ضمير القلب الغائب ليحل مكانه الشيطان الناقم ..الذي يريد الأنتقام بأي وسيله ..
وربما الوسيله معلومه ..والخطه باتت جاهزه ..وفقط ينقصها الوقت المناسب..
عندما يسيطر الانتقام ..يهلك كل ما هو جميل !!!!!
……………………….
فتح باب الغرفه ليجدها تجلس في ابعد زوايه علي الاريكه ..تحتضن بيدها كتاب تقرأه ..يبدو أن الكتاب يأخذ كل تركيزها لدرجة أنها لم تنتبه لوجوده …
أو ربما انتبهت وتجاهلته..فالغضب يلوح علي وجهها ..
اقترب منها بأبتسامه هادئه ..جلس جوارها وطالعها بهدوء وأبتسامه حانيه مثل ملامح وجهه…
أرتبكت ..وأحمرت وجنتيها مثل حبتي فراوله ناضجه في موسم
ثم نهضت من جواره وأتجهت ناحية السرير …جلست في منتصفه وهي تسند كفيها إلي ذقنها بأمتعاض مثل طفله صغيره …
ابتسم بهدوء وهو ينهض ويقترب منها …بخطوات مسليه …جلس جوارها …طالعها بحب وهو يقول
-مبروك ..
أشاحت وجهها للناحية الأخري بغضب محبب ..
همس بهدوء
-لازم تقدري أني بحب عمتي وعايزه ارضيها ..علشان كده روحت اشوفها قبل ما اجي اباركلك …
تغضب منه لأتفه الأسباب لكن
غضبها معاتب ..محبب إلي قلبه ..هي تتعمد ان تغضب منه ..تعلم انه سيأتي إليها ويراضيها كما يفعل الآن ..وباتت تعشق ذلك منه ..
أدار وجهها إليه
ثم تابع بأبتسامه عذبه اهلكت حصون قلبها واذابته مثل الجليد المنصهر تحت الشمس
-انتِ حبيبتي ومراتي واختي دنيتي وحبي احتياجي وضعفي ملاذي واماني ..علشان كده عايزك تقدري موقفي …
والرد كان أبتسامه هادئه غزت ملامح وجهها فأبتسم وتنهد براحه عميقه
ثم هتف
-بتقرأي كتاب إيه
-دا كتاب عن السيره النبويه اللي انت خلصته قراءه أمبارح
وكم أسعده ذلك وجعله مثل الطائر المحلق في السماء ..مال عليها يلثم جبينها بقبله هادئه ..قبله جعلت وجنتيها تتوردي وترتوي من جديد ..ثم أبتسامه خجول اطاحت بقلبه العاشق …
تنهد بحراره وهو يبتعد عنها محاولا الثبات والتماسك ..نهض واقفا وهو يقول بأبتسامه
-هرجع للشغل تاني ..بابا اكيد مضغوط لوحده في الشغل بعد ما استأذنت منه أمشي ..ادعيلنا النهارده عندنا شغل للركب …عايزه حاجه مني قبل ما أمشي
نهضت تقف قبالته اقتربت منه لتطبع قبلتها الدمويه جانب فكه هامسه برقه
-تسلملي يا حبيبي ربنا يوفقك ..
……………………………………..
أصرت علي الذهاب مع زهرة لزيارة خالتها ورؤية والدتها ..
وتلك كانت الحجه الواهيه الذي لا يصدقها عقل طفلا صغير ..السبب و الحجه هو الحب …
الحب الذي يقودنا إلي طرق لا نعرف نهايتها ومع ذلك نخطو فيه دون تفكير …
صعدت بخطوات متمهله إلي الطابق العلوي بعد ان أستأذنت خالتها لرؤية سليم خاصة بعد معرفتها بقراره سفره المفاجئ للخارج ..
تحت نظرات خبيثه لئيمه من زهرة ..فهي أدركت بحدس الأنثي الذي لا يخيب ان زهرة تعلم كل شئ عنها وعن سليم …
طرقت الباب طرقات خافته مرتعشه.فتح الباب..كانت الصدمه هي المسيطر عليه في البدايه..وسرعان ما تلاشت بوادر الصدمه ليحل الجمود قسمات وجهه ..
كان يسد مدخل الغرفه بجسده الضخم وطوله المبالغ فيه..تشعر أنها أمامه مثل القزم القصير …كائن ضعيف لا قوة لها أمامه ..أنكمشت علي نفسها وزاغت نظراتها يمنة ويسارا ..وشعرت ببروده هائله أكتسحت جسدها …
طال الصمت بينهم لدقائق قبل أن يهتف بصوته الرجولي المرهق لأعصابها
-لو الصمت هيفضل بينا يبقي الافضل انك تمشي ..اكيد يعني مش جايه عشان تتنحيلي أدام الأوضه ..فيه اوض كتير غير دي ممكن تتنحي قصادها…
وأغضبه دموعها التي تساقطت بأنسيابيه محترفه علي وجها …
زفر بيأس قبل ان يتحامل علي غضبه ويهتف بهدوء يتنافي مع بداخله
-قولي يا روميساء انتِ جايه ليه!!؟
وصمتت وغضب فتحرك من امامها لداخل الغرفه بعد ان وصلها أختناق أنفاسه التي صمّت أذنيها …
تبعته بأرتعاش ..راقبته وهو يضع حقيبه ضخمه علي سطح سريره الوثير ويقذف بداخلها ما تطاله يده من الملابس المعلقه في خزانة ملابسه
قطبت بحزن وهي تقول
-فعلا هتسافر ..
والتجاهل كان الأجابه المناسبه
تابعت بحزن وأرتباك
-متسافرش ..
لوهله ترك ما بيده وطالع عيونها الخائفه وهو يضيق عينيه يحاول ان يستشف منها ما تريده بدل هذا الحديث العقيم الذي لا يفهمه شيئا من مشاعرها تجاهه ..
فأجاب بغلظه
-وإيه السبب…
ونظراتها تزيغ مره آخري في كل ركن في الغرفه إلي مكان وقوفه
ثم تحاول الثبات قائله بتلعثم
-ممكن نخرج نتكلم في مكان عام …بدل الأوضه
طالعها قليلا بثبات ووجوم قبل ان يثبت ذراعيه عند منتصف خصره..يزم شفتيه ويشعل اللهيب فتيلة عينيه..ثم يتنهد بعمق مع تراخي ملامحه المنكمشه غضبا وتهدل كتفيه
وهذا دليل الموافقه علي طلبها …..
……………………..
غادرت زهرة وحدها في السياره الخاصه بأيصالها هي وروميساء …
والخبيثه تعرف السبب ..فآثرت عدم التطفل وترك قصة الحب يكتبها القدر بنفسه مع دعائها بأن يوفقهما الله للخير ..
وأبتسامه هادئه غضنت محياها ..لكن سرعان ما عاد للعبوس عندما تذكرت تعامل آسر البارد معها صباحا قبل خروجه للعمل ..زفرت بتعب وشفقه …
هي تشفق علي مشاعره المتخبطه خصوصت بعد حادثة أخيه وتعطيه ألف عذرا لغلظته في تعامله معها ..تعرف أنه لا يحب أن يبدو ضعيفا أمام أي شخص وخصوصا إذا كان هذا الشخص زوجته …ولذلك تري منه هذا الجفاء في المعامله..كأنه يعاقبها لأنه بكي امامها …
مسحت علي جبينها بأرهاق ثم ارجعت ظهرها للوراء علي المسند الجلدي لمقعد السياره الخلفي ..تودع كل الهموم جانبا ..وتتلمس حنايا بطنها مع اغماض عينيها بأسترخاء وأبتسامه هادئه تسللت خفيه لتزين وجهها بأبهي صوره من الجمال ..إنها تحمل بطفل من الشخص الذي تحبه أكثر من عمرها ….
لكن السعاده لم تكتمل عندما توقفت السياره بغته لدرجة أنها جسدها كاد يرتطم بالكرسي أمامها لولا ستر الله ..كادت تصرخ وتوبخ السائق ..لكنها أُلجمت في مكانها وهي تري سيارات ضخمه للغايه كلها سوداء تعترض طريق سيارتها المتواضعه …
……………….
#أنتهي الفصل

يتبع…

الفصل التاسع والستون

أتصال هاتفي يخبره بأن زهرة مفقوده ..كأن إعصار داهم الدنيا ..حرارة أنفاسه لو طالت اليابس ستحرقه ..قيادته السريعه للسياره بالتأكيد ستودي بحياته لو أستمرت قيادته علي تلك الوتيره..وعندما وصل الفيلا هرول الجميع يبحثون عنها فصراخه بهم جعلهم يرتعبون حد الذهاب للأنتحار بأنفسهم ..ولم يجدوها فحطم كل ما تطاله يده بعنف..عنف شديد ..أنقلبت كل زواية في الفيلا رأسا علي عقب ..كأن المكان خرج من مسابقه للثيران القويه العنيفه ..
صعد سيارته مره آخر ..يقودها يسرعة الصاروخ..وعجلة القياده المسكينه نالها منه عدة لكمات قاسيه مهلكه ..والطريق طويل ..طويل جدا لا يعرف له نهايه ..وشياطين الجن تتقافز بشماته أمام عينيه ..وعقلة الشيطاني يصور له عنها احداث مريعه …قاتله له …ازدرد ريقه بصعوبه ..انفاس متقطعه والخوف يلوح في بؤبؤ غينيه …
يغمغم بغضب
-لو لقيتها هضربها مية قلم علي وشها ..
ثم يعاود التركيز أمامه بشرود وعينان غائرتان بالغضب..او الخوف …
واتصال آخر أتاه..لكن من مجهول ..
وأجاب دون كلام ..ضغط علي ذر استقبال المكالمه وصمت ..
لحظات من الصمت بين الهاتفين قاطعهم صوت انفاس غاضبه مترقبه من آسر ..وشماته واثقه من الآخر ..
وأخير تنحنح الآخر
-سكوتك بيدل علي أنك عارف السبب ورا المكالمه
-زهرة فين
قالها بلكنه خشنه ..
وثبات الآخر أغضبه وهو يقول ببروظ متنافي مع توتر الجو
-لأ ظابط ذكي بصحيح زي ما بيقولوا ..وفرت عليا كلام وقصرت الطريق….أسمع يا حضرة الظابط مراتك معانا ..لو عايزها فعلا ترجع نفذ الشروط اللي هنقولك عليها ..
تواترت أنفاسه غضبا قبل ان يقول بعينان حمروان يسكنهما الغضب
-أتكلم
-الراجل بتاعنا في ضيافتكم ..
-فهمت عايزيني أهربه
أجابه المتصِل بأبتسامه واثقه
-تعجبني وأنت هارش دماغنا ..وكمان ملف الاجرام بتاعه في الداخليه يلزمنا ..عشان بعد كده ميكونش ليكم حجه تقبضوا عليه ..لو باقي علي مراتك اسمع الكلام وأمشي جنب الحيط ..ولو غلطت في حاجه يبقي اقري الفاتحه وجهز قرص عشان تروح تزور المرحومه …
وقبل أن يطاله لسان آسر بالسباب اقفل المكالمه ..
تمتم بغضب وهو يلقي بهاتفه الجوال علي سطح تابلوه السياره ..وأنفاسه تتلاحق مثل البركان
-يا ولاد ال …………
والرقابه تمنع الألفاظ
………………………..
أمر الحارس الواقف عند باب الزنزانه بفتح الباب الضخم وعلي الفور أُطيعت الأوامر ..
دخل بخطوات متمهله مشتعله لداخل الزنزانه الشبه واسعة المساحه …
وكان حبسه انفرادي بسبب اعمال الشغب التي يقوم بها مع المسجونين ..
يجلس بعظمه علي وساده ملتصقه بأرضية الزنزانه بجلسه مربعة مثل أسد الغابه …رجل ذو ملامح مخيفه له شارب كثيف يحتل جزء كبير من ملامح وجهه ..عضلاته ضخمه وجسده أضخم …عيناه به إجرام لو تم توزيعه علي العالم سيكفيه …
رأي آسر فنظر له بتحدي وهذا أغضب آسر وجعله يقبض أصابع يده الموضوعه جواره بقوه ابيضت علي آثرها مفاصله…وغضب ساحق رسم عينيه وملامح الممتعضه..
أقترب منه آسر ..وقف أمامه..طالعه من علو بنظرات غائمه غاضبه..
نطق بخشونه مع تضييق حدقتي عينه
-أزاي اقدر أوصل للعصابه
لكن الجالس طالعه بتهكم ثم اعطاه نظره ساخره وتجاهل سؤال آسر ..
بادله آسر نظرات ديناميكيه حارقه وقال ببرود متنافي مع الحمم الناريه التي تعصف بكيانه ونبضات قلبه
-ما أنت هتنطق يعني هتنطق ..يا تموتني او أموتك ..
وأنهي الآخيره بتحدي ودعوه صريحه للقتال
نهض الآخر ..طالعه بنظرات ثعلب ماكر ثم أردف بلكنه موازيه لنفس لكنة آسر الخشنه الجهوريه
-يبقي أموتك ..
وغافل آسر بلكمه قويه …ثم أنقض عليه كالأسد وألصق ظهر آسر بالحائط ..وداهم عنق آسر بضغط أصابعه قبضته القويه فوق عنقه حد الأختناق …ولم يستسلم آسر رغم ثقل جسد المقاتل له
باغته آسر بركله قويه أسفل منطقه حساسه للغايه جعلت ضخم البنيه أمامه يتراجع عنه تلقائيا بعد ان تقافزت الدماء الحمراء إلي جمجمة رأسه فأفقدته التركيز ..وأنتهز آسر الفرصه فوجه إليه اللكمات القويه التي اطاحت به وأسقطته جثه هامده علي الارض ..ولم يكتف آسر بذلك بل جثي عليه في وضع السجود وجذبه من تلابيب ملابسه بقبضتين قويتين صارخا به بعنف ارتجت له جدران الزنزانه البارده
-أنطق …أتكلم …ألاقيهم فين..أنطق لأموتك
كان يصرخ به وهو يلكمه بقوه جعلت الدماء تسيل من أنفه وعند شفتيه …
والعسكري الحارس للزنزانه قد اسرع من قبل وأستدعي الظابط مازن صديق آسر ليخبره عن ما يحدث داخل الزنزانه …
أسرع مازن الخطي ليمنع صديقه من إرتكاب جريمه ستضيع مستقبله بدون وعي …
خصوصا بعد أن شاهد الرجل يكاد يموت تحت قبضتي يدي آسر ..فعلي الفور اقترب منه وسحب آسر بعيدا عن محيط الرجل الذي غاب عن الوعي تماما نتيجة لكمات آسر الداميه …
وأخيرا صرخ به مازن
-أنت اتجننت ..عارف نتيجة اللي عملته ده إيه ..أنت ممكن تترفد فيها
ألتقط أنفاسه المتقطعه ثم نقل ناظريه من الجسد الهامد علي الأرضيه إلي صديقه الغاضب مما فعله
وهمس بتقطع
-ميهمنيش ..دول خطفوا مراتي بسببه
-عارف بس الأمور متتحلش كده
طالعه آسر بنظرات ضيقه وأردف بحاجبين منعقدين
-عارف..أزاي عرفت يا مازن .. انا مقولتلكش حاجه عن خطف زهرة ..
أجابه بهدوء فاتر
-تعالي معايا وأنت تعرف كل حاجه …
…………………..
طالع الطبيب الفحوصات امامه ..ثم انتقل إلي ملامح غالب الجالس امامه في قلق وترقب قاتل ومرهق لأعصابه
ابتسم بهدوء رسمي وقال
-الحمد لله ..حالة القلب اتحسنت كتير عن الأول ..أما بالنسبه لسرطان الدم فيه امل كبير في الشفاء ..بس طبعا هياخد وقت زي ما فهمت حضرتك في آخر مره ..
أبتسم غالب وتنهد بأرتياح ثم نهض وودع الطبيب بهدوء ورضا …
………………….
وقف عند باب المطبخ يطالع ما تفعله ..وهو يكتف ذراعيه أمام صدره ..
هتف بهدوء وعيناه مازالت معلقه بها
-بتعملي إيه بس ..
منحته أبتسامه هادئه ثم تابعت تقطيع اللحم أمامها بتركيز هاتفه بهدوء
-بطبخ أكل…
أقترب منها وحاول ان يخرجها من المطبخ قائلا بأعتراض
-متتعبيش نفسك فيه خدامين هنا وظيفتهم يعملو الأكل ..يلا يلا تعالي معايا بعيد عن المطبخ ..
أحتضن كفها المتعرقه بسبب إمساكها بالسكين لمده طويله وهم بأن يأخذها معه لخارج المطبخ عندما أمتنعت وقالت والحديث لا يروق لها
-أنا حابه اطبخ عشان خاطري سيبني أكمل ..
والرجاء في عينيها كان ضعفا بالنسبه إليه ..ولكي لا يحزنها أبتسم قائلا
-تمام وأنا هساعدك ..
أعطته نظره غير مصدقه …
أبتعد عنها بأبتسامه واثقه وأخذ مريولة الطبخ المعلقه علي الحائط ثم أرتداه امام عينيها الغير مصدقتين وقال بمرح وهو يقف امامها
-تحبي أساعدك في إيه يا شيف نداء
قهقهت بسعاده ..وتحركت تضع أمامه كثير من الخضروات
مع قولها بسعاده ومرح
-أغسل دول ..
-من عنيا ..
ثم غمزها بعينه اليمني وأسرع لتنفيذ ما طلبته..مثل طفلا صغير تعلق بلعبه وسعادة الدنيا تشع من عينيه…
ساعدها في إعداد وجبة الغذاء ..مثلا غسل الخضروات أو إحضار لها أشياء تخص الطبخ من مكان مرتفع يناسب طول قامته البرجوازيه ولا يناسب قصر قامته..فتمتعض غضبا بسبب ذلك ويضحك عليها ساخرا من قصر قامتها فيلقبها ب “قزمه”
…………….
أدخله مازن إلي مكتبه بعد صعوبه بالغه في محاولة السيطره علي غضب آسر ..
أغلق مازن باب المكتب خلفهما بهدوء ..
تسمر آسر في مكانه وهو يري طفلا صغيرا لا يتعدي عمره أربعة عشر عاما والذي نهض عن الكرسي الخشبي بمجرد أن دلفا كلا من مازن وآسر إلي المكتب..
طالع الغريب أمامه بأستهجان وحالت نظراته الحائره إلي مازن الذي أردف بعد تنهيده عميقه يوضح له كل شئ
شاور ناحية الطفل
-دا طفل من اللي العصابه كانت بتستخدمهم لتوزيع الهيروين ..بيقول انه هيدلنا علي مكان العصابه…
وهذة كانت قشة الأمل التي ألهبت عينيه قطع المسافه بينه وبين الطفل في خطوه واحده . وقف قبالته يرمقه بنظرات موحشه مظلمه …نظرات اخافت منه الطفل فأنكمش علي نفسه وهو يتراجع للوراء..ظنا منه ان آسر سيبطش به..
ولم يسمح له آسر بالابتعاد فأمسكه من مرفقيه وقصف مجلجلا المكان بصراخه المرعب
-فين المكان بتاعهم ..ما تنطق سااااكت ليه
أنهي صراخه بهزة عنيفه أرتعش آثرها الطفل وأزدرد لعابه بتخوف وحذر
حاول مازن تهدئة صديقه وإبعاده عن محيط الطفل بنفاذ صبر
-أهدي بقي يا آسر مينفعش اللي انت بتعمله ده..الواد مرعوب منك ومش هيتكلم بالطريقه دي ..سيبني انا اتكلم معاه
أقترب مازن من الطفل بعد ان ابعد آسر عن محيطه فهدء روع الطفل قليلا وأرتخت اعصابه ثم تنفس الصعداء
هتف مازن بهدوء مع بعض الحزم
-اتكلم متخافش
ثم نظر إلي آسر المستشيط يمسك نفسه عن تكسير المكتب وذلك الطفل الذي يأبي النطف
تابع مازن بحذر وهو يعاود النظر بأمعان دقيق إلي الطفل
-مكان العصابه فين ؟؟ومتقلقش أنا هضمنلك أن سيرتك متجيش في الموضوع …يعني هتكون في حمي الداخليه بنفسها
…………………….
حاوطت قوات الشرطه المكان المقصود..إنه في منطقه نائيه بعيده عن المناطق السكنيه..بنايه مكونه من طابقين شبه متهالكه وقديمه جدا تنتمي للعصور الملكيه الوسطي
أتوا في سيارات عاديه كي لا يلفتوا إليهم الأنظار وتخفو في ملابس عاديه ..
الحذر هو طريقهم وهم يراقبون من بعيد عدد الحراس التابعين للعصابه والواقفين يحرسون البنايه بأسلحه سوادء من ماركة عالميه فاخره …
لم يعد العاشق المتلهف لرؤية حبيبته يطيق صبرا..الانتظار بات قاتلا له خاصة وان عقارب الساعه توقفت او صار أجتيازها للوقت بطيئا متمهلا …وقلبه يتقلب علي نار هادئه …
وخرج البطل عن سيطرته علي نفسه وهدوءه..وصبره نفذ والآن يمشي بخطي واثقه نحو المبني متجاهلا نداء مازن الخافت عليه …
غمغم مازن غيظا وهو يستعد للمعمعه التي بدءت في وقت غير مخطط له ..فتهور آسر أفسد مخططهم
-مجنون ومتهور
ثم أشار لجميع رجال الشرطه الذين معه بأن يستعدوا للهجوم. ..
واحد. أثنان. ثلاثه
ومشهد إطلاق الرصاص بدء ..وبالفعل أخذت قوات الشرطه في مداهمة المكان وإطلاق الرصاص علي افراد العصابه..منهم من تمرد فكان مصيره رصاصه شقت منتصف صدره أو جمجمة رأسه فلقي حتفه علي الفور ومنهم من استسلم وأرخي سلاحه علي الأرض ثم سلموا أنفسهم لرجال الشرطه تجنبا للقتل …
وفي الطابق حدث الهرج وتعالي الصوت بينهم ان افراد الشرطه داهمت المكان …
لكن رجال الشرطه كانوا اسرع ألي الذين ارادوا الهرب فأمسكوا بهم …
إلا شوقي وعددا من رجاله ..هو أصر علي المجابهه فهو رجل والرجل لا يهرب من الموقعه كالنساء. ..
حواجز بين الفريقين يتخذوا منها درعا يختبئون خلفه ويطلون الرصاص
فريق شوقي الذي فر معظمه مذعورا وبالطبع كان رجال الشرطه في أنتظارهم فتم القبض عليهم …
وآسر الذي يطلق الرصاص بجنون ..تشتت وصراخه بتعالي كذئير الذئب الغاضب المتعطش للدماء ولولا ذراعي مازن التي تمنعه من الذهاب إلي شوقي بدون تفكير لكان قد ذهب إليه وتلقي منه رصاصه تصيبه في مقتل …
مر الوقت ..وبدء صوت الرصاص من ناحية شوقي ورجليه المتبقيين من وسط العشرات يخفت ..يبدو ان ذخيرتهم اوشكت علي النفاذ ..
ضغط شوقي علي زناد مسدسه حيث كان مختبئ وراء حاجز من الاخشاب القديمه..الزناد يستجيب لفعل ضغطه اما الرصاص فلا يستجيب وبالتالي لا يخرج ..وأدرك ان ذخيرته نفذت وان امره سينتهي..القي المسدس بغضب علي الأرض ..لمح من بعيد مسدس قابع بجوار أحد رجاله الذي قُتل علي يد رجال الشرطه
وبالفعل تسلل خفيه مع زحفه علي الارضيه بقدمه التي اصيبت آثر رصاصه غادره منهم ..وامتدت كفه لتمسك بالمسدس عندما بات قريبا من مكانه ..لكن سبقته قدم داست علي المسدس بقوه رفع ناظريه ببطئ إلي الواقف أمامه ..عيناه كانت مظلمه وجسده كان ساحق مثل البنيه الجسده للمصارعين …وأخيرا تمكن من معرفته ف لوي جانب فكه بأبتسامه ساخره اغاظت الواقف فجعلته يميل عليه يجذبه من تلابيب قميصه ويعطيه لكمه عنيفه تسقطه ارضا وتسيل الدماء انفه ..ثم يقترب منه ويمسكه مجددا من ملابسه
هادرا بقوه
-فين زهرة ..فين مراتي.. مخبينها فين ..
-مراتك مش هنا ..
وبرودة أجابته أثلجت صدره بغيظ وغضب دفين فصك علي أسنانه بقوه جباره جعلت شوقي يجفل من نظرته المظلمه إليه
لكن آسر تركه وركض في المكان يبحث عن زهرة ينادي عليها بتشتت ضياع وتيه ..
ومازن أمر رجال الشرطه بالقبض علي شوقي وكل أفراد العصابه بعد ان نفذت ذخيرتهم تماما …
والعاشق مازال يبحث …لكن لم يجدها في أي مكان …
وعاد مجددا يجذب شوقي من تلابيب ملابسه
صارخا بعد ان اعطاه لكمه قويه
-فين زهرة انت قولت انها معاكم …
أبعده مازن عنه بصعوبه بالغه ووقف بينهم حاجزا مانعا آ المزيد من تهور آسر
ثم طالع الآخر من فوق كتفيه وقال بتهكم
-ما تطق يالاه وديتي مدام زهرة فين ..
وأجاب ساخرا واثقا مما يقوله
-يبقي بتضيع وقتك لو فضلت تسألني ..مراتك احنا فعلا كان ناووين نخطفها بس محصلش لأن فيه حد سبقنا وخطفها ..استغلينا الموضوع واتصلنا بيك نهددك عشان نوصل للي احنا عايزينه من خلالك…
والثبات في عينيه ونظراته الصامده تثبت لآسر صدق كلماته ..وكذلك مازن تأكد من صدقه ..فأمر رجال الشرطه بصرامه
-خدوهم من هنا
وظل مازن وحده مع آسر الذي يقف بتشتت وحزن وعندما لم تتمكن قدميه من تحمل ثقل جسده وأرتعاشه ..أنهار علي ركبتيه …
أقترب منه مازن وحاول مواسته قائلا
-هنبذل أقصي جهدنا عشان نلاقيها يا آسر ..
مرر اصابعه بين خصلات شعره شديدة السواد مع قوله يائسا
-طيب لو مش هم اللي خطفوها يبقي مين طيب ..انا خلاص قربت اتجنن …مش مصدق اني مش عارف اوصلها وأحميها …إحساسي بان ممكن يكون حد أذاها بيقتلني ..
-متقولش كده تفائل خير
-مش قادر ..مش قادر افكر غير في الاحتمالات دي …
………………..
قاد سيارته بتوهان وكلمات شوقي اللعين يتردد صداه في أذنيه..
فهو كان عنده أمل في ان شوقي يكذب عليه رغم ان قلبه صدق كلماته لكن عقله مازال متعلق بالامل …
وعاد إلي قسم الشرطه لينفرد بالحديث معه داخل مكتبه الخاص
فلاش بااك
طالعه آسر بعينان حمروان غاضبتان قبل ان يقول
-هساعدك تهرب من هنا ..بس تقولي فين زهرة
تهكم الآخر بسخريه ثم أردف
-ما قولتلك يا باشا اني معرفش مكانها..
خبط آسر قبضة يده علي سطح مكتبه الخشبي بقوه مع قوله الحازم
-اومال مين اللي يعرف مكانها
رمقه بنظرات ماكره ..شيطانيه هاتفا بثقه وبرود
-أسال والدك سالم الجندي وانا واثق انه هيدلك علي مكانها…
وفي لحظه كانت ياقة قميص شوقي مضمومه بقوه بين قبضتي آسر …ونظراته إليه ناريه تحرقه دون ان تلمسه
-بتقول إيه !!! انت اتجننت …
والثقه في إجابته تشتت آسر وتبعث في نفسه متاهه قد قادته الحياه إليها بمكر مثل الذي يدس السم في العسل
-روحله واسأله علي كل الأسئله اللي بدور في دماغك دلوقتي..ومتقلقش هتلاقي عنده كل الاجابات …
بااااك
توقف امام الشركه ..بحث عنه في كل ركن في الشركه بعد أن لم يجده في مكتبه ..ولم يجده أيضا …
هاتفه كثيرا وبعث إليه رسائل نصيه وايضا لم يأتيه منه رد …
عاد إلي مكتب والده ..قلبه راسا علي عقب عله يعثر علي اي شئ يكون دليلا لأراحته من تعب وإرهاق التفكير …فالتفكير يتماوج مع ذبذبات صداع تعصف برأسه منذ أن علم عن علاقة والده بافراد العصابه …
ومن شركة والده إلي الفيلا …صعد إلي غرفة والده وفعل المثل ..بعثر محتوياتها ..اوراق من زحام الملفات تطايرت علي الأرضيه …
كل شئ في الغرفه أصبح في غير محله ..وصار متكوما بعبث علي بلاط ارضية الغرفه …
خطوات مقتربه شقت مسامعه وعيناه المنخفضتان لأسفل تبحث في محتويات الاوراق المتراصه علي الارض لمحت وقوف شخصا ما أمامه ..
رفع ناظريه يطالع الواقف امامه بتمهل وهو ينهض معتدلا في وقفته
حملق به بوجوم وعينان ثابتتان تواريان خلفها الكثير والأنفاس المتواتره بينهم شحنت الموقف بصمت لم يطل مدته إلا ثواني قليله
-انت طلعت شيطان ..قدرت تضحك علينا كلنا ..بجد شااابوه أنا لو مكانهم أديك جايزة الاوسكر
والسخريه كانت تقطر من كلماته ..
-خسرت كل حاجه ..خسرت دنيا..وابني اللي كانت حامل فيه
حادث سياره أودي بحياة دنيا للهلاك ..ليندم سالم الجندي علي ما فعله معها وما فعله في دنيته ..ماتت امام ناظريه ..صدمته كانت كبيره ..وبكي ..بكي لاول مره والدموع كانت حب…عشق أدركه بعد فوات الآوان …وأدرك وهو يقوم بدفنها انه لم يحب في حياته سوي دنيا ..دنيا فقط كانت مالكة قلبه الأبديه
لكن اين دنيا الآن؟؟؟
وموتها جعله يعيد شريط حياته أمام عينيه …شريط مخزي يدعو للخجل …ثم قراره الذي نبع من عميق قلبه وهو أن سالم الجندي سيصلح ما قام به من أخطاء …
أبتسم بتوجع ثم تابع
-راحت مني في لحظه..لحظه واحده بس كانت كافيه أنها تخسرني المخلوقه الوحيده اللي حبيتها واللي ظلمتها بسبب أنانيتي…جاي اوضتي عشان تلاقي اي دليل يجاوبك علي اسئلتك صح ..انا هجاوبك ..
ابتعد عن محيط آسر وأقترب من السرير ثم جلس علي حافته بوجوم وتابع الاسترسال في حديثه
-كنت لسه بيزنس مان صغير ..كل احلامي كانت محسوره في اني ابقي أكبر رجل اعمال في الشرق الأوسط كله ..قدمت تنازلات واتخليت عن مبادئ كتيره ..واول تنازل قدمته كان علي حساب صديقي …مالك الزهار …انا اللي اتفقت مع توفيق عدوه انه يخطف بنت من بناته ..مقدرش يستحمل الصدمه مات بحسرته ..بعد ما كتبلها نص ثروته خفت ترجع وقتها منال كانت هتصفي اعمالها هنا وتسافر بره وده كان هيضر بأسمي اللي كنت لسه بكبر فيه ..خصوصا ان معظم اموالها كانت مستثمراها معايا في مشاريع ..مشاريع كانت السبب في أني أتنقل في مجال عملي نقله كبيره وصلتني للي أنا فيه دلوقتي ..فقررت أنسي الماضي وأرميه ورا ضهري ..بس الماضي هو اللي مرضيش يسيبني في حالي ..زهرة بنت مالك رجعت ظهرت تاني لولاي كانت العصابه خطفتها من زمان انا اللي كنت بصبرهم عليها ..لحد ما انت قررت تتجوزها وقتها فرحت جدا..لان بكده هكون ضمنت نص ثروة مالك بعد ما تتجوز زهرة ..
نظر إلي آسر فوجده واجما بداخل البريق المتلألأ في عينيه سؤالا يود ان يطرحه لكن لسانه يعجز عن ذلك ويكتفي بالصمت المطبق وقد ادرك سالم ما يريد ان يقول فقطع الشك باليقين وقال
-أسأل السؤال اللي انا شايفه في عنيك ..أسألني ان كلنا مش متأكدين ان زهرة تبقي بنت مالك الحقيقيه ..فأزاي انا بتكلم بالثقه دي …
وحل الصمت من جديد بينهم …كانت النظرات الغير مستوعبه ترفرف علي الغرفه فتعطي إحساسا بالقشعريره والرجفه
آسر برهبه وقو عقد حاجبيه بأستهجان
-أيوه كلنا مش متأكدين بأن دي زهرة الحقيقيه ..بس كل ده ميهمنيش ..انا اللي يهمني زهرة نفسها ..أرجوك ريح قلبي وقولي هي فين ..
-هقولك لاني أعرف مكانها …
وطالعه آسر بصدمه ..مع أتساع حدقتي عينه بذهول وشحوب وجهه بعلامات استفهام تعاجل بالجواب
أردف سالم بثبات
-أنا اللي وصيت رجالتي يخطفوا زهرة ..
والغضب علي ملامح آسر وجسده الذي تشنج جعل سالم يكمل
-لما عرفت باللي العصابه ناويه تعمله معاها…قررت ان اسبقهم واخطفها ..كان لازم اعمل كده عشان أحميها منهم
-عملت كده عشان فلوسها اللي كانت ممكن تضيع لو العصابه خطفتها صح …
قالها آسر بوجوم
هز سالم رأسه نافيا هاتفا بصدق
-عملت كده عشان ابني …عشان عارف ان انت بتحبها وكان لازم احميها عشانك ..
هتف آسر بلهفه
-هي فين عايز اشوفها
-اطمن هي بأمان …بس قبل ما اخدك ليها لازم أعترفلك بالحقيقه اللي خبيتها عنكم كلكم …
زفر بضيق قبل ان يردف بثبات وقوه
-زهرة هي بنت مالك الحقيقيه …يعني مراتك أسمها الحقيقي زهرة مالك الزهار ..
………………………………..

اقتربي مني يا حبيبة نفسي ، فقد خمدت النار وكاد الرماد يخفيها .. ضميني فقد انطفاء السراج وتغلبت عليه الظلمة … ها قد اثقلت اعيننا خمرة السنين … ارمقيني بعين كحلها النعاس … عانقيني قبل ان يعانقني الكرى … قبليني فالثلج قد تغلب على كل شيء إلا قبلتك … اه يا حبيبتي ما اعمق بحر النوم ، اه ما ابعد الصباح في هذا العالم .
“جبران خليل جبران”
أرتاحت علي صدره العريض بأريحيه وتنهيده طويله متعبه ..وذراعيها النحيفتان تحاوطان جذعه ..تتنعم في نومها علي وسادتها صدره الدافئ الذي ينبض بالأمان ..ويخبرها أنه ملاذها حينما تحزن وتبكي …
تثاقل جفنيها بتناغم مع تراخي حركة جسدها وسكونها بين ذراعيه ..
طالعها من علو بأبتسامه هادئه ..ثم لثم شعرها بقبله دافئه هامسا بحب أسطوري سرمدي
-نمتي ..
وحركة رأسها التي تلامس طيات صدره توحي بالنفي
ربت علي طول ظهرها بحنو ثم قال بأنفاس تحرق لهيب شعرها الفوضوي
-كنت هضربك عشر اقلام علي وشك لو كنتي خرجتي لمكان ونسيتي نفسك فيه فاتأخرتي ..
لوهله توقفت انفاسها عن إصدار سينفونيتها المتواتره..ابعدت رأسها عن صدره ثم فتحت جفنيها المتراخيان وطالعته ذهولا قبل أن ترمش عدة مرات وتهمس بأبتسامه وهي تعاود وضع رأسها عند منتصف صدره
-بحيث كده بقي الحمد لله اني اتخطفت ..دا كدا ربنا نجاني من المعمعه …
أطبق ذراعيه اكثر حولها ..دافنا إياها في أحضانه …أخذ نفسا عميقا قبل ان يقول بهدوء حارق
-الحمد لله أن لقيتك تعرفي انا كنت مستعد اهد الدنيا كلها عشان ألاقيكي ..
-اللي يشوفك دلوقتي ميقولش أنك آسر بتاع أمس …
قالتها في نغم معاتب ..
شملها بنظره دافئه مرحه وهو يمشط اصابعه الدافئه بين خصلات شعرها المرمريه ثم أردف بثبات انفعالي
-زعلانه …
-جدا ..زعلانه جدا .. آسر صدقني ضعفك ادامي ودموعك مش هينقصوا من رجولتك حاجه ..الرسول صلي الله عليه وسلم لما الدنيا كانت بتيجي عليه كان بيروح يشكي للسيده خديجه وهي كانت بتحتويه وتخفف عنه ..
ربنا سبحانه وتعالي قال
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
يعني الطبيعي انك تضعف وتبكي ادامي وواجبي أني أحتويك ..
تنهد بتعب وأسي قبل ان يهتف بأسف
-أنا آسف يا زهرة ..لما بغضب مش بكون آسر نفسه اللي تعرفيه…
بألم همست
– مش عايزه اعتذار يا آسر ..أنا عايزاك توعدني …توعدني انك تسمحلي اقف جنبك واخفف حزنك ..تسمحلي أشاركك حزنك قبل فرحك …أنا مراتك ..نصك التاني ..لازم نعيش الحياه بينا علي الحلوه والمره …
وهمسها الأخير كان توسلا فأجاب بثبات يرهقه التفكير في المحاوله
-هحاول ..اوعدك اني أحاول ..
أعترضت قائله وهي تبتعد عن عطره الغازي لانفها وقلبها
-مش اسمها هحاول اسمها هنفذ ده .
-أبتسم بضعف ..إنها لا تيأس ابدا من أخذ الاجابه الأكيده منه ..رغم محاولاتها العابثه معه سابقا والتي كانت تبوء بالفشل لكن هذه المره لا يريد ان يكسر شغفها فقال
-هنفذ ..اوعدك اني هنفذ ده …
والفرحه في عينيها كانت كافيه لتسعد قلبه لسنين حياه قادمه …
رن هاتفه ..أجاب علي المكالمه..
لاحظت انفاسه المتلاحقه ..وجسده الذي انكمش عنها وتشنج ..ثم تغضن ملامحه بالحزن العميق وهو ينهي المكالمه ويضع الهاتف إلي جانبه علي السرير بأهمال
قطبت حاجبيها بعدم فهم ..أردفت بتساؤل
-مالك يا آسر ..اللي كلمك قال إيه يخليك بالحزن ده..
طالعها تحت وتيرة صمتا مطبق قبل إن يأخذ نفسا عميقا ملتهبا ويقول مع تهدل كتفيه
– بابا اعترف علي نفسه..
والخبر كان كالصفعه علي وجهها ..هتفت بحيره وتيه وقبل هذا وذاك..محاولة منها لمواساته ..
-مش عارف اقولك إيه..افرح لأخوك ولا ازعل علي ابوك
الأختبار صعب من ناحية اخيه كرم ومن الناحية الآخري والده النادم …الذي جلده سوط الضمير المايقظ
أجابها بفتور متخبط
-الأتنين …
………………
كان لي بالأمس قلب، فقضى وأراح الناس منه واستراح.. ذاك عهد من حياتي قد مضى بين تشبيب وشكوى ونواح.. إنّما الحبّ كنجم في الفضا نوره يُمحىَ بأنوار الصباح
“جبران خليل جبران”
لا بد ان تتوالي علينا الصدمات كي نتعظ ونغير من انفسنا انها حكمه تأتينا عن طريق إلهي ..كأنه يحدثنا من خلالها ..والصدمه التي توقظ غفلتنا افضل من الغيبوبه المعسوله …
والحب هو أقوي انواع السحر ..وفقدانه شيئا أشبه بالموت قبل الحياه ..او الحياه بعد الموت ..والأمران سيان فهذا بلا روح ..وذاك يلا جسد ..ولكي يعيش الانسان لا بد من توافق الروح مع الجسد …
كان ملاذه وصدمته ..وأستفاق من غيابات الحياه ..وأعترف ..ونال السجن ..ولم يندم ..طالما انه يسير في طريق الحق..الذي كان احق ان يتبعه قبل سابق ..
مر أسبوع علي وضعه خلف القضبان وبعد الأجراءات القانونيه التي لا تنتهي إلا بشق الانفس ..تم الافراج عن كرم ونفي التهمه عنه …
أصر علي طلبه قبل ان يرحل نهائيا من السجن …
يريد مقابلة سالم …
والآن يقفان في مواجهة احدهما الآخر ..داخل غرفة صغيره منمقه ببعض البروده
وسالم يخفض رأسه في حرج ..ندم …واعتراف بالذنب وهذا سيد الاخلاق …
هتف كرم اخير قاطعا للصمت الممل
-بابا مكنش لازم ابدا تعترف ..انا اقدر اتحمل كل سنين السجن وعذابه بس مقدرش اشوفك فيه..
طالعه سالم بعينان تبرقان من الدموع ..يسكنهما الم فظيع من تأنيب الضمير ..طالما كان يقابل كرم بالخذلان وخيبة الامل…ياالله كم كان أبا حقيرا لا يستحق ابنا مثل كرم ..
قال بضعف مشتت ..
-انا كنت أب وحش اووي ..دايما كنت بخيب املك فيا ..مكنتش الحضن اللي تترمي فيه لما تحزن ..دايما كنت مشغول اني اكبر اسمي وثروتي ..ونسيت خالص ان انت واخواتك ثروتي الحقيقيه ..أستحق اللي انا فيه دلوقتي ..لان تجاهلت عايلتي اللي هي اهم من اي حاجه تانيه …
أن تكون مغلولا بالانكسار والضعف أمام أبنك ..هذا أقسي انواع العذاب والأذلال …
الاب الذي كان من المفترض ان يكون فخرا لابنه ..يرسم طريقه بخبره منحتها الحياه والسنين الطويله له …
ذلك الاب يقف في منتهي الشعور بالخزي والعار أمام ابنه ..سنده وخليفته ..
وأنتهت المقابله بندم وبوح بالذنوب ..يعقبه تطهر من الخطايا عن طريق الافضاء به وإظهار الندم النابع من داخل قلبه …
وإشفاق يلوح علي محياه …يخطو بثبات إلي طريق مستقيم …يحففه صعوبات الحياه . الذي عزم علي مجابهته بقلب أسد لا قلب فأرا ضعيفا …
…………..
وامام بوابة السجن الضخم …كان آسر بأنتظاره …بعد ان ترجل من سيارته..وقف بشموخ ساندا جذعه عليها بصلابه ..وحده من يترقب المنتظر بعد ان رفض مجئ هنا ووالدته معه..وأصر علي ان يترقبوه في الفيلا ….
وخرج الأخ الذي أسبل عينيه بسبب اشعة الشمس الجليه التي داهمته بغته ..رفع كفه ليظلل فوق عينيه ..فعيناه لم تعتاد الشمس منذ وقتا طويلا..بل اعتادت وآلفت ظلمة السجون …
اقترب منه آسر وقف يطالعه بأبتسامه محببه قبل ان يجذبه بأشتياق إلي احضانه ..
متمتما براحه وسكينه
-حمدلله علي سلامتك
-الله يسلمك ..
وأغمض عينيه يتنعم بدفئ احضان اخيه الكبير ..والذي تحمل مسؤليته كاملا طوال فترة سجنه ..
رغم إن كرم اعتذر منه اكثر من مره..ومع ذلك لا يزال يحتقر نفسه علي سوء معاملته ل آسر من قبل …
……………………..
بمجرد إن لمحته يدخل من باب الفيلا ..ركضت إليه ..كما تركض المهره الصغيره إلي احضان والدتها..وهو امانها..حمايتها رجلها المخلص ..وحبها المتغلغل في اعماق روحها ..
أرتمت هنا بقوه في احضانه..قوه زحزحته قليلا للوراء ..فجسده لا يزال هزيلا بسبب الفتره التي قضاها داخل السجن..
ونظرات الجميع إليه وهي بين احضانه أربكته..وطفت احمرار بسيط عند جانبي وجهه حياءا …
إنه خجل الرجل الشرقي الذي تعشقه النساء …
وهذا زاد منه وسامه رغم شحوب وجهه …
ابتعدت عنه قليلا وعيناها تعلقت بعيناه هامسه بلوعه وأشتياق مجنون
-وحشتني اووي..اوووي ..
ثم سالت الدموع المتألمه علي وجهها وهي تعض علي شفتيها بقهر …
شمل وجهها بأبتسامه دافئه ثم قال بصوتا باهت خافت حتي لا يسمعه الجميع
-وانتِ كمان …
ثم تخطاها ليرتمي في احضان والدته التي تترقب أنتظاره بفارغ الصبر وتقف خلف هنا بعيون مشتاقه تجتاحها غلالة من الدموع الميته..
ومن أحضان والدته إلي عناق متحفز مع السيد أبو حجر والد هنا الذي يعده بمثابة أبيه … ثم إلي احتضان خالته منال ..ثم عناق اخوي مع أخته روميساء التي كانت تنتظر وصوله علي نار هادئه قاتله ..
ثم اقتربت زهرة منه وقالت بارتباك
-حمدلله علي سلامتك
أبتسم له بهدوء ثم مد كفه ليسلم عليها هاتفا بمرح
-الله يسلمك …الف مبروك علي الجواز والحمل..عارف انها جات متأخره بس الظروف كانت ضدي ..
بادلته ابتسامه واسعه ثم تابعت بشغف وهي تهز جمجمة راسها
-ولا يهمك ..المهم ان أنت بخير …
وجلس الجميع حوله والفرحه هي المسيطر علي قلوبهم ..يتسامرون في أحاديث مبهجه فيتغامزون الأبتسامه وتصدر القهقهات ذات الاصوات العاليه ..والحو العائلي هو
بعد قليل أستأذن ابو حجر وغادر مع هنا بعد ان ودعوا الجميع بأبتسامه راضيه والآخري ودعت كرم بأبتسامه عاشقه مشتاقه …
طلب آسر من كرم ان يصعد لغرفته ويرتاح
أومئ له كرم فهو بحاجه ماسه إلي الراحه والنوم الأبدي لكن قبل ان ينهض من مجلسه ..ربت علي كف أخيه آسر وتمتم بأعتذار
-آسر أنا بجد مش عارف اقولك إيه بعد اللي أنت عملته معايا غير اني اعتذرلك وأوعدك اني هتغير معاك وهكون الأخ اللي انت كنت دايما بتطالبني بيه..
-كفايه عليا اشوفك بخير ..أحنا اخوات ومهما حصل بينا هنفضل اخوات ..يلا يلا قوم عشان تستريح في أوضتك ..
ودعوه مبتسمه أسفرت عنها الام التي أفرحها مشهد الاخوين المتحابين بعد البعد والفراق
-ربنا يخليكم ليا ويحميكم ويديم الحب والموده بينكم ..
وابتسم كرم وآسر ..ثم نهض تحت انظار الجميع وصعد لغرفته ..
أما زهره فمصمصت شفتيها وهي تميل جوار أذن آسر هامسه بدلال انثوي معاتِب
-يا حنين ..مبشوفش يعني من الحنيه دي معايا …
أبتسم مجاملا للجميع وقال بخفوت وهو يميل إلي جوار اذنها كي لا يلفت الانظار تجاهه وأصابعه تتلاعب ملامسه لمنتصف عنقه
-أتلمي يا زهرة بدل ما تروحي الليله مع امك …
تهكمت هامسه
-اسمها مامتك ..
ونظرته الغاضبه لها كانت كافيه لتجعلها تصمت طواعيه ..بدل ان تنقلب الابتسامه الهادئه إلي موجه عاصفه مزلزله ووحدها من ستعاني ويلات دمارها ….
…………
رن جرس الفيلا ..لتذهب الخادمه وتفتح الباب تبتسم بهدوء إلي نوران الواقفه امامها بعينان خاويتان من اي ابتسامه ..
تنحت الخادمه لتفسح المجال لدخول نوران ..خطواتها كانت بارده ثقيله وهي تقترب من اللمه العائليه ..بمجرد ان لمحتها والدتها حتي نهضت واقتربت منها بأبتسامه مرحبه تدفنها بحنان أمومي إلي صدرها ..الملاذ الآمن لنسل آدم وحواء
همست وكفي يدها يجوبان علي طول ظهرها باشتياق ورقه هادئه ترافقها ابتسامه واسعه
-حبيبتي وحشتيني ..
ثم ابعدتها عن محيطها قليلا تتفحص ذبول عينيها ووجهها الشاحب بتمهل قائله بنظرات ضيقه تحولت للقلق
-أومال فين نورس مجاش معاكي ليه …
ودموعها كانت الاجابه..الصفعه التي اسقطت قلب منال في حفرة تتسارع للدرك الأسفل حيث السواد والظلمه الهالكه..
تنكمش علي نفسها وتضم إليها حقيبتها السوداء التي تقبض اصابعها المرتعشه عليها بضعف ..
شملتها منال بنظره متفحصه من رأسها إلي اخمص قدميها وقالت وقلبها ينقبض قلقا وخوفا
-مالك يا نوران وليه الدموع دي ..كمان وشك وجسمك ضعيف اووي ..وعنيكي حمره ومنفوخه كده ليه..وشعرك ..إيه اللي حصل لشعرك …
-بالراحه علي البنت يا منال
وهذه أبتهال التي تهادت بالقرب من الأم وابنتها وقالت موجهه حديثها إلي نوران بعد ان أمعنت النظر لملامحها الباهته الواهنه
-إيه اللي حصل يا نوران فهمينا ..
لكن نوران لم تزد شيئا فوق برودة ملامحها ..تخطت وقوف والدتها وخالتها امامها متسائلين بحيره عما اصابها..وأتجهت نحو زهرة التي وقفت بدورها أمامها تطالعها بنفس نظرات القلق التي احتلت عينا والدتها وخالتها منذ قليل
ونفس التساؤل الذي لا إجابة له
-نوران فيه إيه؟!..مالك.. وبعدين فين نورس ..وإزاي يسيبك تيجي لوحدك !!؟
-أنتِ بالذات ملكيش حق تسأليني الأسئله دي ..
والصدمه تعلو وجوه الجميع ..وبالأخص زهرة التي تبسمت بأستهجان رغم الألم والجرح الذي أصاب قلبها
ثم همست بعينان تلفحهما غلالة من الدموع ..عيناه متألمه بها وجع لم تقدر علي إخفاءه بحرفيه مثل كل مره
-يااااااه…
أنين وتأوه صاحب همسها ودموع صفعت وجنتيها بأحتراق لاهب
تابعت بنفس الألم
-للدرجه دي انتِ كارهني اووي كده ..بتعاقبيني علي إيه يا نوران …عملت فيكي إيه عشان تكرهيني ..انا عمري ما فكرت أذيكي ولا هفكر اعملها ..مش عشان انا مبحش أذي حد.. لا عشان لو هأذي الدنيا كلها مستحيل أذيكي انتِ..أنتِ اختي ..دمي بيجري في دمك ..
والصمت كان السيد والمسيطر علي الجميع..جميعهم متسمرون في أماكنهم دون حراك..كأن الطير علي رؤسهم ..يسمعون بتألم …ووجوم ..
إلا آسر الذي كان في أشد حالات غضبه ..نوران أنانيه وحتما ستجرح زهرة بكلماتها …
كاد ان يتكلم يصرخ بها ..يوقف بينهم تلك المهزله لكن زهرة هزت راسها إليه بمعني ان لا يتدخل ..
وهذا جعله يقف مستمعا كالباقين يظهر ثبات يعكس ما بداخله من نيران محرقه …
أكملت نوران بعبث ساخر حيث تتبادل النظر بين زهرة وآسر
-إيه عايزه تتحامي فيه!؟
وتقصد آسر …
-أنا مش بتحامي في حد..انا بسألك ليه بتكرهيني …مفتكرش اني اذيتك في حاجه
وصراخ نوران أتي موجعا …يهز جدران الفيلا رغم الضعف الذي يتسلل إليه
-أنتِ عملتي كل حاجه أذيتني ..كل حاجه خدتيها مني …انت سببتلي أذي ووجع ..عدوي نفسه مكنش هينجح في انه يسببه ليا بالجرح والالم ده …
بحيره قاتله أردفت
-إيه اللي أذيتك فيه ..جاوبني عايزه افهم ..عشان افهم غلطي واصلحه ..
أنتفضت مجددا بالغضب ..وعيناها تصرخان بالغضب والحقد كأت عفريت الكراهيه تلبسها فصارت بين يديه كالعجينه
-لسه بردو بتمثلي دور الملاك …أسألي نفسك أنتِ خدتي مني إيه ..
صمتت ثم تابعت بنفس الخرقه والغضب
-أنتِ خدتي مني كل حاجه ..خدتي أمي وعايلتي وسعادتي ..حتي الانسان الوحيد اللي حبيته هتحرم منه وكل ده بسببك ..أنتِ السبب في تدمير حياتي …نورس سابني بسببك انتِ …سابني بعد ما بقيت بتنفس حبه
والآخيره قالتها وهي تقبض علي ملابسها بكلتا كفيه عند ناحية قلبها
إن قلبها يؤلمها …نبضاته تتباطئ مثل الموت البطئ ..مثل المرض الخبيث الذي يأبي ترك صاحبه إلا بعد ان يهلكه ويودي به إلي حافة الهلاك…وتأوه ..تأوه يقطر من كلماتها التي الحمت قلوبهم بالشجن …
وصوت منال الضعيف المتباطئ همس بعدم تصديق
-نوران انتِ بتقولي إيه …
قهقهت ساخره وهي تحول نظراتها إلي والدتها المصون
تنظر إليها بعينان حمراوين تقدحان شرر كره قديم
تقول بروح ميته
-وأنتِ يا ست الحبايب ..مش اول ما تيجي بنتك التانيه تنسيني ..نستيني لدرجة اني حسيت أن مجرد تمثال بيزين المكان بس التمثال ده ملوش اي تلاتين لزمه…ممكن في اي وقت نتخلي عنه ..صح …
حسستيني اني مت ومليش وجود وانا لسه عايشه بتنفس ادامك بقولك اني محتجاكي محتاجه لوجودك بس انتِ كنت مقتنعه ان درو امومتك انتهي معايا وان اللي احق بعطفك هي زهرة وبس ..كل حاجه زهرة .زهرة ..زهرة …حتي في الشوبينج كنتي دايما تختاريلها هي اللبس وتنسيني أنا ..بس انا كنت مطيعه ومش برضي اتكلم …زهرة دي بقت أسوء كابوس في حياتي كلها..أتمنيت كتير انها تختفي من حياتي . إن حياتها تدمر ..بس النتيجه كانت إيه..حياتي أنا اللي دمرت ..أنا اللي جوزي سابني يوم فرحي والسبب زهرة..أنا اللي حبيت جوزي بعد ما فقدت حبه واحترامه ليا والسبب زهرة ..أنا اللي اترجيته كتير عشان يرجع بس رفض والسبب زهره ..أنا اللي كنت بسهر طول الليل والنهار ابكي لاني فقدت كل حاجه..امي ..نورس ..نوران نفسها انا فقدتها ضيعتها …والسبب زهرة …زهرة سبب كل حاجه وحشه في حياتي…
دموع وموع ودموع وألم ثم ألم ثم ألم …القلب يبكي والعين تبكي والروح تنزف وتبكي …
هل لهذه الدرجه هي قبيحه وحشا مخيفا هدم سعادة أختها …..
أقتربت منها زهرة …خطواتها كانت موازيه لكل الألم بداخلها …
وقفت قبالتها..تفحصتها من خلف غلالة دموعها ..مدت أناملها تمسح دموع نوران ..
لكن نوران ابتعدت خطوه عن محيطها وتعلقت اصابع زهرة في الهواء …
صمتت وهي تلعق شفتيها بصمت وعيناها لا تبصران من غلالة الدموع المتجمعه أمام حدقتيها
وفي اقل من الثانيه اخرجت نوران من داخل حقبتها مسدسا وصوبته ناحية رأس زهرة
أتسعت عيون الجميع بصدمه..ذهول ..عدم تصديق …
صراخ ..هياج …
وخطوات آسر الغاضبه مثل ذئب مفترس تجاههما ..
عيناه الغائره بالغضب ..مظلمتان بالسواد ..الهلاك ..واخيرا يود أن يخنقها حتي الموت ..يطبق اصابعه علي عنقها فيزهق روحها علي يديه
غامت عيناه وهو يتفحص نوران بوعيد قبل ان يصرخ بخشونه …مثل ذئبا مفترسا
-نوران ..اوعي تعمليها موتك ..هيكون علي إيدي
ومازالت خطواته تقترب منهن بحذر
لولا ان أتاه صراخها الواثق
-آسر دي حاجه بيني وبين اختي متدخلش ..محدش فيكم يتدخل بينا …
وتوقف ..وراقب الموقف بتيه ..توتر ..ترقب ..
أما زهرة فثبتت ناظريها علي عيني نوران ..قالت بثبات ..وهدوء ..وثقه
-لو قتلي هيريحك ….اقتليني يا نوران ..اقتليني لو ده هيريحك …
لم تلمح ببريق عيونها مخلا للخوف بل كان يقطنهما قوه طاغيه ..ثابته غير متوتره ….
وصرخت منال محذره ..خائفه.. ..مرتعشه حيث انتفض جسدها بالرعب وهي تري ألمشهد بين أبنتيها ..مشهد مرعب جبار لا تتمناه أي أم بين أولادها
-نوران انتِ اتجننتي ..بترفعي المسدس علي اختك .. يلا نزليه حالا ..وسيبك من الجنان ده
قصف صراخها
-متقوليش أختي ..زهرة مش أختي ..مش اختي ..انتِ نفسك متأكده انها مش اختي ..
وصدمه آخري من نوعها ..اتسعت حدقتي عينها بعدم تصديق او دموع اليمه ..تعرق حبينها وهي تحدق في وجه والدتها الذي هاله الشحوب ..الضعف ..وعدم القدره علي الدفاع. …
تفحصتها بدموع وهي تهمس وتريد منها فقط إجابه صريحه تريح حيرتها
هتفت بتباطئ حيث الكلمات تخذلها وتهرب من بين شفتيها لكن تعاود الثبات المزيف الذي تحاول إقناع الجميع به لتقول بأحرف مبعثره
-أنا مش بنتك !؟؟؟
خذلتها النظرات …والأجابه تأخرت حد الممات ..والسكوت علامة الرضا ..والقتل ..الموت …الروح التي تلاشت منها ..من بين محجريها …
-يبقي صح انا مش بنتك الحقيقيه ..
نطقت بها بأرتعاش …ألم …دموع
لكن الصوت الواثق ألجم الجميع في اماكنها
-لا يا زهرة انتِ بنتهم الحقيقيه ..انتِ زهرة اللي اتخطفت من بين اهلها ..انتِ زهرة مالك الزهار…
أنسابت الدموع المتمجعه من عينيها المتقرحتين علي وجنتيها وجالت بنظرها إلي البعيد بنظره خاويه
-وانت بقي عشان مراتك عايزني ابقي بنتهم حتي لو أنا مش بنتهم الحقيقيه
تهكمت نظراته وهو يقول بهدوء
-لا يا زهرة انا بقول كده عشان انتِ بنتهم فعلا..بابا هو اللي اعترفلي بالحقيقه قبل ما يدخل السجن..هو اللي كان السبب في خطفك زمان …وهو الوحيد اللي كان عارف الحقيقه وساكت …
منال بصدمه وعدم استيعاب
-طب لو هي بنتي زي ما بيقول ليه تحليل ال DNA طلع مش متطابق …أنا لما عرفت النتيجه أتصدمت وفي نفس الوقت سكت لأن قلبي كان اتعلق بزهرة خلاص ..اتعلق بيها زي ما تكون بنتي الحقيقيه فعلا …
آسر ورأسه يدور من الصداع ..لا يفهم أي شئ
اعتراف أبيه يؤكد ..وتحليل ال DNA ينفي ..والحقيقه متأرجحه بين الاثنين ..
-انتِ عملتي تحليل ..من إمتي وليه ما قولتيش انك عملتيه
اجابته بضعف أمومي
-عملته في بداية وجود زهرة بينا . كنت خايفه ل زهرة تمشي وتسيبني بعد ما تعرف الحقيقه . عشان كده سكت ..
ثم تابعت بحيره وتشتت
-آسر من فضلك وصلني ل سالم عايزه اعرف منه الحقيقه ..
ابتلعت نوران ريقها من جديد وهي تلعق شفتيها ..ثم همست باختناق
-مفيش داعي تروحوله ..لأن الحقيقه عندي أنا ..
صدمه صفعت وجوه الجميع ..تسمروا مكانهم والعيون تحدق بها ببلاهه وذهول واكثر منه عدم تصديق
صمتت قليلا وشفتاه ترتجفان بشده ..تعض عليهما بقوة أدمتهم …ثم تابعت بفتور وضعف ..
-سمعتك بتكلمي الدكتور عن انك عايزه تعملي تحليل DNA لزهرة عشان تتأكدي من إحساسك اللي بيقولك انها بنتك ..راقبت كل تحركاتك حتي وانتِ بتدخلي اوضة زهرة عشان تاخدي من مشطها خصلات شعر …وبنفس الطريقه روحت لاوضتك وانتِ مش موجوده عشان اخد من شنطتك خصلات الشعر وبدلتها بخصلات شعر واحده صاحبتي …وقررت اني اروح بنفسي واعمل تحليل الDNA …أتأكدت من نتيجة التحاليل ان زهرة هي أختي الحقيقيه ..وعشان اعاقبك علي إهمالك ليا بسببها سكت وقررت اني أفضل ساكته ..وانتي عملتي زيي سكتي ومقولتيش نتيجة الفحص المزيف …بس انا عمري ما هعتبرك أختي يا زهرة رغم ان انتِ اختي فعلا …
وثبتت يداه المتخاذلتان علي رأس زهرة وهي ترمقها بشرارات كره قديم
صارخه بأضطراب نفسي
-لازم تنتهي من حياتي …
-نوران لأ اوعي تعمليها..دي اختك يا نوران..اختك
هدرت بها منال بعد شهقه عنيفه وعينان تزاحمهما الدموع والصدمه
أرتعشت أصابعها الممسكه بالمسدس ..راقبتها بعينان دامعتان كارهتان ..
قبل ان تحول المسدس إلي رأسها هي ..لتقول بيأس وجنون
-بس أنتِ عندك ناس كتير بتحبك ..ماما ..آسر ..روميساء …حتي سليم اخونا بيحبك .. لكن انا مفيش حد بيحبني ..
حاولت منال ان تقترب منها ..تمنعها من تهورها وجنونها ..مع هتافها الباكي المرتجف
-انا بحبك يا نور عيني والله بحبك اكتر من نفسي أنتِ واخواتك حبكم في قلبي نفس الخب والمعزه . انا اللي غلطت لما اهملتك واهتميت بأختك اكتر ..لو عايزه تعاقبي عاقبيني انا بس متأذيش نفسك يا بنتي ..عشان خاطري بلاش
-وقفي مكانك لو قربتي خطوه كمان هموت نفسي
وتوقفت منال وهي مازالت تبكي بشهقات مريره مسموعه ..
وارتعبت زهرة..لعقت شفتيها بصعوبه وبرقت عيناها المتسعتين في صدمه وذهول وهي تري المشهد
أرتجفت شفتيها بقلق وخوف وهي تقول
-نوران متبقيش مجنونه …أرمي المسدس ده من إيدك
وكادت تقترب منها فتنتشل ذلك الكابوس من بين يديها
لولا تحذير نوران وهي تبتعد عنها خطوتين
-خليكي مكانك
اغمضت عينيها بيأس فأنسابت الدموع من تحت جفنيها المنغلقين ثم فتحتهم لتقول بتوسل خافت ضعيف
-ابوس إيدك يا نوران بلاش تتهوري انتِ كده بتغضبي ربنا ..
أبتسمت ساخره وسرعان ما تحولت الابتسامه لقهقهات متألمه حزينه
وهي تقول بقساوه
-لسه مصره تمثلي دور الاخت المثاليه..اوكيه وأنا مش هحرمك من الدور ده …لو عايزاني ابطل جنان فعلا وأبعد المسدس ده عني لازم تنفذي شروطي
عاجلتها زهرة دون تفكير
-موافقه علي أي حاجه ..بس ابعدي البتاع ده عنك ..
رفعت نوران إليها وجها شاحبا ثابتا قبل أن تهتف بأتزان
-اطلبي من آسر يطلقك ..
والحميع في صدمه وعدم تصديق أما آسر فكان لا يري امامه إلا شياطين جهنم ..قبض كفيه بقوه..وصك اسنانه بعنف ..وعيناه ارسلت إلي الواقفه شرارات ناريه لو طالتها ستحرقها
شملتها بنظره متهكمه قبل ان تبتسم ساخره وتقول بأزدراء
-إيه رجعتي في كلامك ..ولا بتفكري ترجعي فيه …لو طلبتي من آسر الطلاق now مش هموت نفسي …أختاري ..أختك او حبيبك
والتخيير بين الأثنين ظالما محجفا …
-ما تختاري اختك او حبيبك
آسر بتحذير وهو يطالع زهرة الواجمه
-زهرة اوعي تسمعي كلامها ..دي انانيه ميهماش غير نفسها ..لو طاوعتيها هتكوني بتقضي علي نفسك قبل ما تكوني بتقضي عليا …
قالت ببرود وجفاء وعيناه معلقتان بالصدمه علي وجه الواقفه
-أشمعنا انتِ تكملي حياتك عادي وأنا حياتي تقف. لازم حياتك تدمر زي ما حياتي اتدمرت ..لازم تخسري كل حاجه زي ما انا خسرت …
طيب أنا هعد من واحد لتلاته وانتٍ ادري طبعا باللي هيحصل بعد ما انهي العد
واحد. أتنين.
-آسر طلقني ..
نطقتها بغلاله من الدموع اقتحمت حدقتي عينها ..وانفاس صدرها اللاهبه تعلو وتهبط كالمرجل ..وخوف ..خوفا كبير ينهش قلبها..وأحست مع نطقها بأن الحياه تفارقها …
………….

يتبع…

الفصل السبعون

والصدمه نالت وجهه لترسم الطريق إلي العبوس ..وتقطيبة حاجبين مقوسين إلي الغضب البركان الذي علي وشك الأنفجار
عيناه تفحصتها بنظره متهكمه..غلالة دموعها التي هبطت من حدقتيها المتسعتين اغضبته أكثر من غضبه ..
بؤبؤ عينيها بهما لمحه من التوسل ..انها تتوسله لكي يتركه ..تقول له ان ينتزع روحه من جسده..هي الروح وهو الجسد…تطلب من الأنتحار ولكن بطريقه ملتويه ..منمقه ذوقيا …
وفي اقل من الثانيه كان يقف امامها انفاسه اللاهبه تحرق عنقها وقسمات وجهها ..يضغط علي مرفقها بقوة مع تشنج وتضخم عضلات صدره بالغضب.. الكبت الموازي ..
توقف يلهث نتيجة اعصابه الغاضبه وهو يتفحصها بخيانه ..خيانه صفعت قلبه وعقله …ثم قال بصوتا مشدود كالوتر ..صوتا جافا ميتا
-أنتِ أتجننتي زي أختك …هي عايزه تدمر حياتك ..وأنتِ بتطلبي أدمر حياتي ..مش ده العدل ..متسمعيش كلام..أحنا فيه بينا طفل مينفعش يتربي بعيد عني عنك ..
ونظرة عيونها كالميت ..خاويه لا تحمل أي بهجه بل تحمل تعاسه …
رفعت كفها إلي فمها تكتم بكاءها وتوسلها وضعفها ..
ملامحها بدءت تلين وهي تري عذابه..تسمع الألم في صوته فتتألم لألمه …تري عيونه الغائمه بسحاب الجرح ..فتغمض جفنيها تعتصرهما الدموع …
لمحت نوران نظرات الضعف علي ملامح زهرة وأنها بدأت تلين آثر كلمات آسر ..
لذا صرخت وهي تقرب المسدس أكثر من جمجمة رأسها
-قرري دلوقتي يا زهرة ..
وتحرك أصبعها السبابه ليضغط علي زناد المسدس
أنتفضت زهرة تنظر إليها مذعوره …ثم سرعان ما هتفت بترجي
-نوران لأ أستني ..
ونظراتها الملتاعه حالت إلي القسوه ثم الترجي قالت وهي تضغط علي شفتيها السفلي بألم
-لو بتحبني طلقني ..أرجوك …
دموعها المختلطه بالوجع أغضبه
توقف الزمن فجأه..تسمر في وقفته وهو ينظر إليها غير مستوعبا انها نطقت بها للمره الثانيه ..طالعها بوجوم ..حزن …غضب …وأخير نحي قبضته عن مرفقها ..وأفلتت عيناه عيناها .. ثم تحرك من مكانه..ذهب وتركها تنظر بشرود وعينان دامعتان للمكان الذي كان جسده يحتله منذ قليل ..ثم إلي باب الفيلا الذي خرج منه منذ قليل …
الدنيا غابت عنه وهو يرحل …ثم استدارت تحدق ب نوران …
همست بصوتا ميت باهت ودموع ميته
-نوران انا عملت اللي انت عايزاه..آسر كده كرهني ..أطمني حياتي أتدمرت زي حياتك …
كل شئ حدث كما تريد ..لكن لما لا تشعر بلذة الأنتصار وقلبها الساكن بين ضلوعها مازال نبضاته ثائره …حتي أن النار بداخل عيونها مازالت مشتعله …أرخت يدها الممسكه بالمسدس جوارها ..
وووو
الجسد الضخم وقف أمامها رمي بظلاله عليها ..منع عنها نظرات العيون ..أحست امامه بالتيه ..الضعف …وانها امامه لا تساوي اي شي بينما هو يساوي كل شئ …
طوله متعب لمرمي بصرها ..عضلات صدره ضخمه للغايه ..أنفاسه. أنفاسه مثل الموجه الطائشه بذرات الغبار ..
ف أبتهال هي من هاتفته واخبرته بما تفعله زوجته المصون ..
ثم السراب والتوهان في ليله مظلمه..رفعت عيناها تلقائيا إليه ..نظرت إليه بصمت ..صدمه ..نظره واحده جعلتها تدرك كيف ينظر إليها الآن…وكيف يشعر حيالها …وهذا ألمها أرهق عقلها …نظراته مظلمه بالسواد
ألتوت شفتيها بأبتسامه مريره ..موجعه ومتوجعه .. قبل أن تهمس بخفوت
-نورس
وقبل أن يخترق همسها أذنيه ..هوي كفه بصفعه قويه مدويه علي وجهها ..ومعها دار جسدها الغض الضعيف عدة دورات قبل ان يتثاقل جسدها ويسقط علي الأرض امامه ..
وأنهيارها المهيب في البكاء وهي تجلس شبه مائله علي الارض أمامه ..أصابه في مقتل ..صفع قلبه وجسده ووجهه عدة صفعات متلذذه متأنيه في تقطيع نياط قلبه ..
رمقها من علو بنظره موجعه ومتوجعه ..صوت بكاءها قلبه العاشق لا يتحمله ..تظاهر بالثبات ..تصنع اللامبالاه …
لكن كل هذا ذهب ادراج الرياح وهو ينزل إلي مستواها ..يجثو علي ركبتيه أمام جسدها المتشنج …تفحصها بوجع ..دموعه تهلك قلبه ..تبعثر نفسه وتجعل قراره الذي أخذه يذوب في اقل من الثانيه …
هي تحتاجه تناديه ..كيف يتجاهلها ويرفض توسلها ؟؟!!
لو تركها ستضيع ويضيع هو معها . ..
كما انه لا يريد ان يعاقبها بأبتعاده عنها الآن ..
وقلب العاشق هو من غلب علي عقل المجروح المتألم من خيانتها …
مد راحة كفه أمامها في دعوة صريحه منها لرغبته في أحتضان اصابعها المرتعشه..
طالعته بصدمه ..ذهول…ضعف قبل ان ترسم الابتسامه شفتيها وهي تضع كفها في راحة كفه ..
أطبق علي اصابعها البيضاء المرتعشه يأسرها في راحة كفه بحنو ثم جذبها بقوه لأحضانه ..حيث ملاذها وبيتها الدافئ ..تبكي وهي تحاوط جذعه بذراعيها بقوه..تخشي أن يضيع كما ضاع منها قبل . بل تخشي أن يكون ذلك احد أحلامها الورديه الذي قتله الشوق والحنين
غلالة دموعها بللت قميصه وتأوه وتأوهت هي ..وصوت بكاءها الذي أرتفع بحرقه صفع قلبه بمطرقه قويه..واُسدلت الستائر المسرحيه علي المشهد الدرامي بين بكاء ودموع..احتراق ووجع …وهمسا متوسل
-متسبنيش يا نورس انا محتاجلك ..
ثم هروب زهرة إلي الطابق العلوي لتبكي بين جدران غرفتها بعد ان أوصدت الباب خلفها بالمفتاح….
ومنال تسمرت في وقفتها تبكي بقهر علي حال أبنتيها
……………………..
صوت بكاء حزين أخترق طبلة اذنيها ..فتحت جفنيها الناعسين ..لم تجده جوارها مكانه كان باردا خاويا ..تبحث عيناها عنه بتيه وحيره..لقد استكانت بين أحضانه قبل ان يغلبها النوم فتستسلم له ..ف إلي أين ذهب؟!
لمحت جسده ساجدا علي سجادة الصلاه في الركن البعيد من الغرفه ..تشنج جسده وأنفاسه المضطربه تدل علي أنه يبكي بحرقه ..لامس نحيبه الخافت أوتار قلبها فتألمت لأجله وهي تعقد حاجبيها بقلق …نهضت من علي السرير وارتدت فوق قميصها الحريري روبا قطنيا يصل حتي أطراف قدميها …
هبطت لمستواه وهي تجلس في محاذاته …لامست اصابع كفها طول سلسلة عموده الفقري …جابت اصابعها علي ظهره بحنان وعاطفه محترقه
وهمسها بأسمه خرج ملتاعا
-وليد ..
سكنت همساتها ..وأنخفض صوت نحيبه وشهقاته الباكيه ..ثم نهض وأعتدل جالسا القرفصاء أمامها …
طالعها بأبتسامه هادئه ..رغم كل الألم الذي يعصف قلبه..تفحصت ملامح وجهها الباكيه بعد فهم
جفونه منتفخه من شدة البكاء . عيناه حمراوان قاتمه ..وملامحه شاحبه باهته يلسعها اللون الأصفر…وأرنبة انفه وأذنيه يطغي عليهما اللون الاحمر
صاحب القلق صوتها وهي تهتف بصوتا ميتا
-وليد بتبكي ليه ..فيه حاجه حصلت وليه لسه صاحي لحد دلوقتي…
لم تخطئ اذناها سماع حشرجة بكاء حاول ان يورايها خلف ابتسامته وسرعان ما أنهار أمامها باكيا بكل جوارحه.
مع همسه المتحشرج الذي بالكاد وصل إلي أذنيها
-خايف يكون ربنا لسه غضبان وإنه ميكونش قبل توبتي ..أنا بحب ربنا ااوي وعايزه يسامحني عشان أنا بجد ندمان ..
مهدت كفيها علي طول ذراعه بمواساه ..دمعت عيناها بتأثر واقتربت منه تضمه إليها ..تطمئنه …كطفلا صغير يخشي من العقاب ..
هامسه باحتراق وهي تري دموعه والحزن القاطن لبؤبؤ عينيه
-تعرف ربنا ده كبير اوووي وحنين أووي وبيحبك أوي ..تعرف ليه ..عشان خلاك تفوق من اللي انت كنت فيه قبل فوات الآوان عشان بيحبك قذف في قلبك حبك ليه وقربك منه …سيدنا عمر بن الخطاب عمل حاجات كتير اووي تغضب ربنا بس لما تاب وندم بحد ربنا سامحه وغفرله كل اللي فات …وأنت يا وليد بقيت دلوقتي أحسن من ناس كتير مغلطتش نفس غلطك ..ربنا بيسامح عباده اللي بيتوبوا بأخلاص وصدق ..وأنت صادق في كل حاجه بتعملها ..أنت احس واحد في الدنيا كلها ..نعم الزوج الصالح اللي بيصحيني عشان اصلي معاه صلاة الفجر ..ونعم الابن اللي تخلي عن الوظيفه اللي بيحبها عشان يساند ابوه في اعماله..عملت كده إرضاءا لله ثم ليه ..الأبن اللي بيطيع أمه وعمته وبيعمل اي حاجه عشان ترضيهم …والأهم من كل ده إن قلبك ده مليان بالخير والطيبه …
-ندمان علي كل لحظه قضيتها بعيد عن طاعة ربنا ..نفسي أعيش عمري تاني عشان أكون فيه ملك ليه هو وبس ..أعبده واشكره علي نعمه وافكر نفسي دايما بأني مهما عملت مش هقدر أكفي شكره علي نعمه واحده من نعمه..
قالت بنبرة صوت متوجعه
-معلش دا النصيب واللي مكتوب في كتاب رب العالمين لازم نشوفه ..وربنا بيخلينا نمر بالوحش عشان نعرف قيمة الحلو ..بعدك عن ربنا كان خير ليك لانك دلوقتي عارف قيمة القرب منه كويس …وندمك ده أكبر دليل علي ان ربنا راضي عنك وبيحبك ..اللي بيحب حد بيفضل فاكره وانت بتحب ربنا علشان كده هو دايما في قلبك وعقلك …
أبتعدت عنه قليلا تطالع دموعه التي تغرق صفحة وجهه ثم أبتسمت من بين دموعها هامسه
-سهرت الليل بطوله؟؟ …
أومي لها بنعم …دون ان ينطق
تابعت
-الفجر أذن …
وأجابها بهدوء حزين
-لأ لسه بس قرءان الفجر قرب …
ابتسمت بثبات وهي تمسح عنه دموعه ثم اردفت
-هقوم أتوضي عشان نقرأ الورد القرأني مع بعض لحد ما الفجر يأذن ونصليه جماعه.. ..
ثم طبعت قبله عميقه مطمأنه فوق جبهته قبل ان تنهض واقفه وتذهب إلي الحمام الصغير الملحق بغرفة النوم ..
بعد ان انتهيا الاثنان من صلاة الفجر ..جلسا يرتلان قراءة الآيات القرأنيه بخشوع وقلبا مطمئنا هادئ ..وعيناه الخاشعه تطرف بالدموع كلما مرت علي آيه قرأنيه …ف كلمات الله تلامس شغاف قلبه قبل عينه …
في الصباح
كانت تراقبه بعينان تشعان حبا وهو يقف بطوله الشامخ أمام المرآه يهندم ملابسه
حيث كان يرتدي تيشرت لونه أزرق فاقع وبنطال من الجينس المميز …
وأذهلتها هيبته الرجوليه حيث كان يبدو وسيما بطريقه مؤلمه …تبعث إلي رأسها صداع آثر التفكير به ..تتابع تحركاته بوداعه وأبتسامه راضيه ..وعينان تحتويانه بدفئ..
قالت وهي تنهض من جلستها علي السرير
-هنزل أجهز الفطار …
وافقها بأبتسامه ..طالت نظراتها إليه ثم لعقت شفتيها بتعب وهي تري شحوب وجهه قبل ان تردف بقلق
-بردوا مش ناوي تفطر ..طب علي الأقل أفطر النهارده ويبقي صوم بكره …شكلك مرهق جدا وتعبان انا خايفه عليك يا وليد ..
شملها بأبتسامه مرحه هادئه وتعلقت عيناه بالقلق في بريق عينيها ثم تهادي في خطواته حتي وقف بموازاتها
قال في هدوء متقطع
-أنا نويت الصيام لله كل يوم ..متقلقيش بأذن الله ربنا هيقوني وتعبي ده هو اللي هيشفعلي عنده يوم القيامه ..
-ربنا يقويك يااارب بس متجلدش نفسك اووي كده وتحملها فوق طاقتها يا حبيبي ..وخير الأمور الوسط صوم يوم وأفطر يوم ..
-لأ طالما لسه فيه قوه وصحه وشباب مش هبخل بيهم علي ربنا. هستمر في طاعته وعبادته حتي لو المرض هد الجسد ..لساني هيفضل ذاكر ليه وشاكر نعمه عليا…
عانقت عيناه بدفئ ثم تمتمت بدعاء صادق
-ربنا يثبتك ويقويك علي الطاعه ..لولا اني حامل والدكتور حذرني كنت صومت معاك …
تحسس كفه فوق بطنها المسطح ثم جثي علي ركبتيه واستطال وقوفا عليها حتي وصل لفوق مستوي بطنها
هاتفا بأبتسامه شقيه
-أبني الغالي ..عامل إيه النهارده؟؟ . عايزك تكون راجل من دلوقتي وتخلي بالك من مامتك ..مش عايزك تتعبها معاك خليكي هادي وشطور عشان أجيبلك معايا وأنا راجع شيكولاته بالبندق ..
قهقهت ضاحكه والسعاده ترسم في قلبها طبولا ..مع قولها العابث
-اشك انه يسمع كلامك لأنه في النهايه أبنك وهتطلع دماغه يابسه وناشفه زي دماغك ..
أجابها بفكاهه وهو يمط شفتيه
-طب خليه بس يعصاني وأنا أوريله النجوم في عز الضهر وأمنع عنه المصروف
بادلته أبتسامه وصلت لأذنيها ثم قالت بنفس نبرة الصوت المازحه
-بس أنا واثقه أن عمرك ما هتقسي عليه وهتكون ليه احن أب في الكون كله..عشان وليد اللي شايفاه دلوقتي ميعرفش يعني إيه قسوه
وأنهت الآخيره بهمسا خافتا مع تجول اصابعها بين خصلات شعره فاحمة السواد
ثم أبتعدت ناحية الباب وهي تقول بهدوء
-هنزل أحضر معاهم الفطار عشان ميزعلوش مني …
نهض عن الارض واعتدل في وقفته وضع كلتا كفيه في جيوبه
وقال ليذكرها بالميعاد
-أوكيه يا سلمي هروح أتكلم مع مريم شويه لحد ما تخلصي بس متتأخريش عشان أوصلك معايا لبيت والدتك بأذن الله ..
-حاضر ..
وغادرت وهي تقفل باب الغرفه خلفها بنفس الهدوء الذي غادرت به ..
أخبرته سلمي بالأمس أنها تريد زيارة والدتها وقد وافق وأتفق علي ان يقوم هو بإيصالها …
………….
ذهب إلي غرفة مريم ..طرقات خافته علي الباب قبل ان تفتح له وتبتسم هامسه
-اوووه وليد بنفسه ادام أوضتي يا مرحبا يا مرحبا
-يا بت بطلي لماضه بقي ..رايحه كليتك امتي عايزه اتكلمي معاكي في موضوع قبل ما تروحي ..
قطبت حائره ثم اجابته بهدوء رغم الأسئله التي تتقافز من عينيها عن سبب مجيئه إلي عتبة غرفتها
-همشي علي الكليه بعد ساعتين ..
قال بابتسامه مشاغبه
-مال لونك اتخطف كده ليه ..متقلقيش خير بأذن الله …
صمت قليلا قبل أن يباغتها قائلا
-معتز طلب إيدك مني …وعايزه يعرف الرد النهارده . أقوله إيه..
زاغت نظراته وشحب وجهها بأرتباك اكثر منه خجل
قالت وهي تلعق شفتيها بأختناق مؤلم
-معتز ..معتز مين؟؟؟
-المعيد اللي بيديكي في الكليه …
هي تعرف هوية المعتز لكن بنات حواء لا بد ان يمثلن الغباء وعدم الفهم في مثل هذه المواضيع ..
وهو يدرك ذلك ..يعلم انه تعرف معتز جيدا …كيف لا وقد لاح حبها له في زيتونة عينيها بمجرد أن نطق بأسمه امامها ….
فركت كلتا كفيها ببعضهما بتوتر بالغ ثم همست بأرتباك وتلعثم
-قق ..قوله اني محتاجه وقت أفكر فيه ..
قال بمراوغه
-بس أنا شايف غير كده …
تفحصته وهي بالكاد تبتلع ريقها ..حيث أنفاسها متواتره مشتعله بفعل حمرة الخجل والأحراج الذي لامس وجنتيها
فهمست بأرتعاش وشحوب
-شايف إيه!!؟
هتف بثقه وابتسامه هادئه
-شايف أني اقولك مبروك وربنا يتمملك علي خير ..هبلغه بموافقتك النهارده..اصل كل يوم بيتصل بيا عشان يعرف ردك …
نادته بخفوت
-وليد ..
استدار إليها بعد أن كان قد ابتعد عنها خطوات
وابتسامته الصافيه لها جعلتها تتسمر في وقفتها ويتلجم لسانها عن شبه اعتراض كان ستفضي به إليه حفظا لماء الوجه امامه
لكنه سبق وقال بأبتسامه غضنت جانب فكه
-ربنا يسعدك معاه…معتز إنسان كويس وانا واثق انه هيسعدك وهيكون ليكي نعم الزوج الصالح…
ثم غادر وتركها تتوه في أحلامها الورديه مع معتز…. حبها وعشقها منذ ان خطت داخل الجامعه . طوال السنوات الأربع التي قضتها في كلية الهندسه وهو كان الوسيم المتوج علي عرش أحلامها ..وأخير سيتحقق الحلم ..
………………….
الأنتقام إنه المسمي الذي يتغلغل كالنفس بداخل الانسان..يأتينا مزينا باللذه ثم ينتهي بأسوء الكوابيس علي الأطلاق ..
الأنتقام وسيلة النفوس الضعيفه الغير قادره علي تخطي الصعاب فتدفع أسباب عجزها إلي بؤرة الحرمان ..
والحرمان يولد الانتقام يعمي بصيرتنا عن الحقيقه ..وعندما نستفيق فأن الوقت يكون قد فات.. وما يمضي من العمر لا يمن إستعادته …
في قاموسها الأنتقام هو اللذه الوحيده التي تعيش لاجلها ..والغرار بالضحيه هو فن باتت تتقنه وتحترف أساليبه …
وبداية الخطه
“دس السم في العسل ”
والمثل لخص الحكايه عندما أتي في محتواه
“أحذر من عدوك مره ومن صديقك ألف مره”
كانت تقف بالقرب من النافذه تراقبه من خلف الزجاج المرمرمي
وهو يفتح لها باب السياره فتجلس علي المقعد الأمامي ثم يستدير ويسقر جوارها خلف عجلة القياده ..
وتنطلق السياره إلي الفضاء البعيد ..
كانت سماعة الهاتف تلامس أذنها وهي تحادث أحدهم
حيث هتفت بحزم
-وليد خرج من الفيلا …امشي وراه بالعربيه ولما اللحظه المناسبه تيجي نفذ اتفاقنا …
وأنهت الاتصال الهاتفي ..حيث تلوي فمها بأبتسامه متشفيه منتصره…
وأخير ستحقق أنتقامها الذي تصبو إليه منذ اشهر طويله ..منذ استشهاد نضال وهي تخطط وتعافر …والآن جاء وقت التنفيذ وإنهاء اللعبه …فصبرها قد طال كثيرا وباتت تكره الترقب والانتظار
………………..
توقف بالسياره امام الفيلا ..ثم دخلا الأثنان لداخل الفيلا بأبتسامه هادئه وهما يشبكان كفهما بحميميه
سلم علي حماته ثم أستأذن بالرحيل ليدع سلمي ووالدتها علي راحتهما في أحاديث نسائيه لن يتطرقا بالخوض فيها أمامه …
أخذته سلمي جانبا قبل ان يرحل ..
قالت بأبتسامه
-هتوحشني ..اوعي تتأخر كمان ساعه وتيجي تاخدني تمام..
-بأذن الله …
ثم مال عليها يدفنها بين أحضانه بعمق..
تمتمت بين أحضانه
-هستناك ..متتاخرش عليا
-مقدرش اتأخر عليكي
…ظلا علي تلك الحاله لفتره من الدقائق لا بأس بها ..ثم ودعها بأبتسامه جعلت طبول قلبها ترنو محلقه في السماء
تمتمت سلمي بدعاء صادق وهي تراقب رحيله
-ربنا يحفظك ليا من كل سوء …
…………
في النادي
كان يجلس بمفرده علي طاوله مستديره شبه بعيده عن الأنظار..يمسك المصحف بين يديه ويتلو آياته بخشوع ..
عندما شق الهدوء الذي كان ينعم به
صوتا انثويا
-وليد …أنت وليد المنياوي صح
رفع ناظريه للصوت الأنثوي انها أحدي صديقاته القديمه أيام الليالي العابثه
وسرعان ما غض بصره عنها وهو يجاوبها بأدب
-ايوه..انا وليد ..
الفتاه بأستغرب وهي تتفحصه من اخمص قديه لاعلي رأسه
-بس أنت اتغيرت خالص يا وليد ..بس تصدق بقيت احلي من الأول بكتير
أنهت كلماتها بعبث ودلال كما كانت تفعل معه من قبل . وظنت أنه نفس وليد القديم الذي سيبادلها الحديث بمكر ودهاء كان يتقنه بحرفيه …
فاجئها بأن نهض وأجابها بكلمات مختصره قبل أن يتركها ويذهب متجاهلا حديثها المعلق
-انا آسف بس لازم امشي …
وذهب تاركا إياها تتابع رحيله ببلاهه وصدمه ..وعدم تصديق بأن ذلك هو نفسه وليد المنياوي الذي عرفته يوما…
قابل في طريقه للخروج من النادي صديقا قديما له
حسن وهو يطالع الواقف امامه ببلاهه
-مين… وليد المنياوي ..فينك من زمان يا مان مبتجيش النادي يعني ..
أبتسم وليد بهدوء وقال
-أزيك يا حسن . عامل إيه
حسن بمشاكسه
-الحمد لله كويس وزي ما انا متغيرتش ..بس انت اللي اتغيرت خالص ..وشك بقي منور ..ودقنك طولت شويه..وبقيت شبه الدعاه اللي بنشوفهم علي التلفزيون …
أبتسم له وليد بهدوء وأجاب
-ياااريت أبقي زيهم ..انا مبسوك جدا اني شوفتك يا حسن ..
-لا لا بعد الغيبه دي كلها مينفعش السلام البارد ده ..خش في حضن اخوك يا فواز …
ومال عليه حسن يضمه إليه في عناق أخوي ثم ابتعد عنه قليلا وهو يتشمم من ناحية وليد رائحه ذكيه
ليقول بأنتعاش
-الله ..ريحة البرفيوم بتاعتك رهيبه…اسم البرفيوم إيه عشان أجيب نفس نوعه؟؟
-بس انا مش حاطط برفيوم ..
عقد حسن حاجبيه بديناميكيه
-غريبه مع ان ريحتك جميله..المهم متغبش علينا تاني كده ..يبقي تعالي النادي من وقت للتاني عشان نشوفك ..
اجابه بهدوء
-بأذن الله يا حسن ..عن إذنك …
……….
أوقف سيارته علي بعد خطوات من مسجد قريب ..فالظهر قد أذن عليه أثناء قيادته للسياره علي الطريق ..آثر أن يؤدي الصلاه في ميعادها ثم ينطلق لوجهته…
وبالفعل توضئ ثم أنضم إلي الصفوف القليله المصطفه في نظام …للأستعداد للصلاه …
بعد أنتهاء الصلاه ..عاود لسيارته وأنطلق بها بهدوء …
لكن الهدوء تحول لعاصفه عندما حاول أن يبعد مسار سيارته عن هيكل الشاحنه الضخمه التي تسرع بأتجاههه
وتمكن من الأبتعاد في المسار الموازي لكن الضخمه تصر علي اعتراض طريقه ..وداهمته الشاحنه بغته لدرجة انه لم يستطع التحكم بمكابح سيارته وفقد سيطرته الكليه علي قيادته لبسياره
ثم
اصطدام ساحق غير عادل بين الشاحنه الضخمه للغايه وبين سيارة وليد …
والمتضرر هو سيارة وليد التي انقلبت به رأسا علي عقب ..
وفرت الشاحنه هاربه بعد أن نفذت جريمتها ..فرت دون ان يراها احد فقط رب البشريه هو المطلع علي كل ما يحدث..تاركه جسد وليد الذي ينزف داخل هيكل سيارته المحطمه تماما بسبب الانقلاب ….
لحظات وكان الناس متجمهرين حول سيارة وليد المقلوبه عمدا مع سبق الاصرار والترصد..
ثم سيارات الاسعاف لنقل الجسد الذين اخرجوه بصعوبه من داخل هيكل السياره إلي المستفي علي الناقله المستطيله ..
وأتصال يخبر أهل الضحيه بالحادثه ونقل المتضرر إلي المشفي العام في وسط المدينه…
……………………..
توقف قلبها وهي تري الأطباء من خلف زجاج غرفة الطوارئ يحاولون معه ..اجهزه كثيره معلقه في صدره العاري ..وعند فتحي انفه ..وفي ظهر كفه ..
تتمتم في صمت بأدعيه تحفظها عن ظهر قلب …قشة الغريق التي يستنجد بها ..
دموعها تنهمر بصمت وقلبها بداخل احشائه جمرا وبركان خائفا ..
صدمة رؤيته أمامها بتلك الحاله تجعلها جسد بلا روح..
تطالع المشهد بدوع وصمت ..صمتا قاتل يزهق روحها والجميع يلتفون حولها وإلي جوارها
والدتها ..أختها نداء التي ما أن عرفت بالأمر من والدتها حتي سارعت إلي المشفي برفقة غالب ..والدها ..والدته التي تبكي بأنهيار ونحيب تعالي صوته ليقطع نياط القلوب الصامته…والده الذي يدمه بصمت ويحاول مواساة زجته المنهاره تماما ..عمته الواقف تطالع ببرود وتشفي ..نظرات الانتقام التي كانت مشتعله بدءت تهدء وهي تراه بتلك الحاله..مناسبه رائعه تستحق ان تحتفل لأجلها ..ومريم التي تبمي بصمت وألم فمن بالداخل ليس مجرد ابن عمها بل هو أخيها الذي لم تلده والدتها ..صديقها ورفيق طفولتها …
ساعه ..ساعتين ثلاثه ثم خرج الطبيب ..وركض الجميع إليه
كان أولهم الأم والزوجه
سلمي بأرتعاش وقلق
-طمنا يا دكتور
ومع الأخيره خرجت روحها
الطبيب بيأس
-أحنا عملنا كل اللي بأدينا لكن حالته حرجه جدا ..ادعوا ربنا أن الوقت يكون لصالحنا ويعدي منها علي خير ..
ثم ذهب ترك روحها معلقه وذهب …
وعادت لمكانها خلف الزجاج تراقبه بصمت ودموع ودعاء وتوسل إلي الله …
والأم انهارت في البكاء من جديد فأخذها خالد وأجلسها علي المقعد في الزاويه أما الباقون فكانوا بجوار سلمي يدعون في صمت …
بعد قليل
كانت فكريه تقترب بخطواتها الشامته من اخيها وزوجته وكم تبدو سعيده وهي تراه في تلك الحاله البائسه
وقفت امامها وبدل ان تكون نظراتها مواسيه كانت شامته
عقدت ذراعيها فوق صدرها لتُظهر نحول نهديها ..
قالت بتواتر مع ثقة ارتمست علي وجهها
-دلوقتي بس اقدر اقول اني أنتقمت وخدت حق أبني اللي مات منك..مقدرش اوصفلك سعادتي النفسيه وأنا شايفاك في الحاله دي ..متحسر علي أبنك اللي لا طايل حياه ولا موت …
كانت صدمته قويه بحيث لم يستوعب ما قالته ..طالعها ببلاهه وعدم فهم ..أو حيره ..
لوت شفتيها بأبتسامه راضيه وهي تقول
-بتبصلي بصدمه ليه ..مش مصدق ان أنا واقفه أدامك وبشمت فيك …
لا صدق انا شمتانه فيك يا خالد ..أخيرا ربنا حققلي أغلي أمنيه كنت بتمناه وهي أن قلبك يتوجع علي ابنك ..زي ما قلبي أتوجع أبني ..نور عيني اللي أتحرمت منه بسببك
نهض كن جوار زوجته المصدومه ووقف جوارها قبض علي مرفقها بقوه ..وتفحص شماتتها بغضب
ليصرخ بها
-أنتِ فرحانه يا فكريه..فرحانه وانتِ شايفه ابني في الحاله دي ..إيه حبك لأبنك نزع من قلبك الرحمه والدين
نزعت مرفقها من قبضته …طالعته بأستحقار وتشفي قبل أن تهدر بصوتا مشدود كالوتر
-زي ما الرحمه اتنزعت من قلبك وسيبت أبني يموت في فلسطين ..كنت أناني ومفكرتش غير في أبنك ..لو اهتميت بأنه يرجع زي ما أهتميت برجوع أبنك كان زمانه عايش وبيتنفس زي ما ابنك بيتنفس ..
-بس ده كان قدره.لا أنا ولا أبني لينا يد في موت نضال ..ربنا كاتبله يموت في الوقت ده ..
أبتسمت ساخره ثم اردفت بحقد وعينان غلفهما الكره والحقد الدفين
-ابني كان مفروض يعيش زي ما ابنك عاش ..بس شوف . القدر عادل جدا ..وربنا مش بيرضي بالظلم علشان كده هيحرمك من ابنك زي ما حرمني من أبني ..وقتها ناري هتبرد ..وأبني هيرتاح في تربته بعد ما أنتقمتله …
ردد بعدم استيعاب
-أنتقمتيله …
أومأت هاتفه بفحيح افعي متمرده ..وقد ارتوت من نار الأنتقام
-أيوه أن أنتقمت لأبني منك في إبنك ..أبنك جوه علي سرير الموت بسببي ..كلفت واحد يقلبه بالعربيه عشان اشوف نفس الحسره اللي شايفاها في عنيك دلوقتي ..
وصفعه قويه تردد صداه في أركان المشفي هوت علي وجهها
والفاعل هي الأم المكلومه علي ولدها
انفاسها غاضبه حد الأختراق عينها متألمه يسكنها سواد الحزن …هدرت بالواقفه بصراخ ودموع ثم أنهيار
-أنتِ غبيه ..غبيه ..أنتقمتي لأبنك من أبنك …وليد يبقي أبنك يا فكريه ..
……….

يتبع…

الفصل الحادي والسبعون

أن تحب الحبيب شيئا وأن تريد العيش معه كما تريد أنت شيئا آخر..وأن تغير فيه الكثير شيئا ثالثا…
هو أحتواها عندما نادته ..عيناها لما توستله أستجاب ..حتي هدأت وسكنت بين أضلعه وأمام الجميع غادر بها …أنفاسها تلهب جانب عنقه ..نبضات قلبها أسفل نبض قلبه ..يشعر بها ولكن لا يشعر باللهيب المحترق بداخله سبب قربها الشديد منها ..
وعيون ركزت عليهم حتي خرجوا وأختفوا من تحت ناظريهم …فتح لها باب السياره بهدوء ليبتلع هيكل السياره جسدها الصغير المرتعش سابقا والهادئ نبضاته بعد حضن الشبع والدفئ …
تنكمش علي نفسها ..تبرق زيتونة عيناها نقطة ما أمامها بشرود..يطالعها بوجل من حين لآخر يلتاع قلبه لأجلها ..يريد أن يثبتها داخل ضوعها فلا تخرج منه إلي نهاية العمر ..يريد أن يذيبها بنظراته الدافئه فلا تشعر بالبروده مجددا ..أن يجعلها آسيرة لكينونته فلا تخرج إلي الدنيا إلا به..
ويريد ويريد ويريد …لكن العقاب لا بد أن يحل بها يلامسها ..تتوجع …تشعر بفداحة خطأها ..دائما متهوره ..أنانيه لا تريد أن تري إلا سعادتها …وأصبحت تقولها سعادتها معه هو ..كلمة مثل تلك سابقا كانت لتجعله أسعد رجال الأرض ..
لكن هي تقولها الآن لأنها خسرت كل شئ وحبه فقط هو قشة الغريق ..سيعاقبها لأنها أنانيه متهورة ..
المجنونه كانت تريد قتل نفسها..كانت تريد الأنتحار..
يا إلهي مجرد التفكير بهذا سجعله يُجن ويغضب ..ف يخرج كل كبته فوق عجلة القياده المسكينه..وترتعش أكثر وتحاوطه جسدها بذراعيها ويراها فيتنهد بتعب …ثم يطمأنها هامسا “آسف مقصدتش أخوفك”
ويعاود السكون علي رأسيهما مره آخري..بداخلها طفلا يلهو ويلعب ..فرحتها برجوعه إليها لا توازيها كنوز الكون بأكمله ..هي تريد قربه وحبه ..حبه الذي أفتفدته وتاقت إلي عودته ..
لكن هدوءه هذا يقتلها ..صامتا منذ أن أستقر جسده بجوارها داخل السياره ..قبل أن يفتح لها باب السياره وتجلس..كانت متنعمه بداخل أحضانه ..يحاوط ذراعها خصره..ويتوسد رأسها صدره ..
الأجمل أنها شعرت بتشنج جسده آثر لمساته ..والمعني أنه لا يزال يتأثر بقربها ..أي أنه لا يزال يحبها ..
يجب أن تفعل شيئا لتعيده إليها من جديد والفعل هو الدليل …
تخلت عن صورة الضعيفه المشتته ..فلا يجب أن تكون هذا ولا ذاك وهو جوارها أنفاسه الدافئه وإن كانت متواتره تغمرها بالدفئ …
أقتربت منه ..أكثر ثم أكثر ثم أكثر وألتصق جسدها بجسده الضخم
يراقبها بطرف عينه تحت أنظار ثابته وصمتا مطبقا وإن كانت الأنفاس ملتهبه ..
يري ما تفعله حتي وشفتيها تلاصق كتفه العريض بقبله ساحره..
وأبتسمت وهي تشعر بجسده يتشنج ويرتجف آثر ما فعلته ..ثم أرخت رأسها البائس فوق منكبيه العريضين..وعانقت ذراعيها النحيلتين ذراعه الضخم ..ثم اغمضت جفنيها بشبه نعاس وراحه كالمخدر سرت في أوصال جسدها….راحه لم تذق لها طعما منذ أيام …
تفحصه ألتصاقها به وسكونها علي كتفه بصدمه ثم ما لبث أن عاود التدقيق في الطريق أمامه مجددا وأنفاسه تبدو ك نار مشتعله ..صامتا واجما ب راحه وأن يبدو من الخارج شرود …
توقفت الماركه العالميه وهي نوع سيارته أمام البناية ..ترجل من السياره صافقا باب السياره خلفه برعونه..وأنتظرت بتمهل أن يأتي إليها بطلها الهمام ويفتح لها باب السياره ک سندريلا في عصرها. .لكن البطل ذهب في أتجاه آخر داخل البنايه …تركها تعاني صراع فتحها للباب وتخرج منه بتعثر تحت صدمه وذهول وخطوات راكضه لتلحق بخطواته الكبيره…
وهي تنادي أسمه بخفوت مثل مواء قطه ضعيفه هزيله..
قبضت علي كلتا كفيها بتوتر وهي تتبعه لداخل الشقه وتغلق الباب خلفها بهدوء فاتر …تفحصته بنظره هاويه ضعيفه وهو يقف في الزواية البعيده بسكون تام ..يتوسط خصره بذراعيه المقوسين مع تشنج جسده وعقد حاحبين غاضبين ثائرين مثل قسمات وجهه …والتعاقد مع عينيها بشرار أحمر مهيب ..
وتراجعت للوراء بخوف عندما شق صوته الجهوري الهدوء القاتل بينهم ..أنتفض جسدها بغته كما تحدث هو بغته..
وقال بعد أن اعطاها نظره طويله..نظره لم تفضي إليها بشئ عن مقصد كلماته التي لم تتبينها بعض
-لو سامحتك بسهوله علي اللي عملتيه يبقي بظلم ناس تانيه انتِ سبق وظلمتهيم …زهرة مثلا..
تألمت وتألم معها لكنه أرتدي قناع الثبات ..
طالعت أسفل قدميها بحزن ..شرود وتوجع ..أجابته بخفوت وضعف أو خجل من دائرة افعالها التي لا تشرفها البته
-أنا ..أنا هعمل كل حاجه أقدر عليها عشان تسامحني ..
تفحصها بنظره شملتها ..وأرتبكت ..
اقترب بخطوات ديناميكيه تجاه صندوق القمامه القابع في وسط الرواق
وتحت أنظارها رفعه في الهواء بين يديه وحط بكل ما بداخله علي بلاط الأرضيه..
برقت عيناها بصدمه ..ذهول ..لا تستوعب ما ينوي فعله ..
تبعته وهو يذهب ناحية المطبخ فيقوم بنفس الشئ ..ثم إلي غرفة النوم ..ثم يتجة إلي بعثرة اغطية السرير والوسادات الخاليه علي الأرضيه لتلحق سابقتها ..ثم يذهب الي الحمام الملحق بالغرفه ويعثو به فسادا ..
وفي النهايه تبحلق به وهو يطالعها بثبات وتحدي …وتجول عيناه مع عينيها المصدومه بالحاله التي وصلت إليها الشقه ..لقد خرب كل شئ وأنقلبت الشقه فسادا ولهوا ..كأن لصا محترفا بعثر محتوياتها ليبحث عن بطته الذهبيه ..حتي خزانة اللابس لم يرحمها فقد ألقي بملابسه قبل ملابسها علي بلاط الأرضيه …
رمقها بنظره خاويه قبل أن يهدر بخشونه
-رتبي كل حاجه في الشقه زي ما كانت ..وبعد ما تخلصي سخنلي ميه علي البوتوجاز مش ميه من السخان ..وحطي فيها ملح وتعاليلي علي أوضة النوم عشان تدعكيلي بيها رجلي …ما أنا راجل تعبان وحيلي مهدود من الشغل وعايز لما أرجع ألاقي مراتي تريحني..أكيد أتجوزت عشان كده..
صمت وراقب ملامح وجهها الواجمه ..أنها صامته لا تصد ولا ترد …
رغم انها تألمت لكنها أبتسمت بوجع ثم أردفت هامسه بطاعه
-حاضر ..فيه طلبات تانيه ؟؟…
قالت طلبات وليس أوامر والمعني يفرق …بالنسبه له هو يأمرها أو يجعلها تشعر بالخطأ الذي ارتكبته ..ينبذها مثل عبده لتنفيذ رغباته مثلما فعلت معه سابقا ..
وأدركت أنه يريد أن يرد لها الضربه ..ذلك العاشق الذي لا يليق عليها دور القسوه يمثل بأنه تزوجها ليستغلها أسوء أستغلال ..مثلما استغلته عندما تزوجت به ..
لا يدرك أنها باتت تعشقه ولا تريد إلا القليل من حبه شرط أن يظل إلي جوارها ..
نفي لها ذلك بتهكم ثم تركها وخطي تجاه غرفة النوم
يراقبها من بعيد بأنقباضه في قلبه ..يري بوضوح تعبها ..وجهها الشاحب ..عيناها النهمتين بحبيبات الوهن ..شفتيها المتواريتين خلف طلاء حمره خفيف ..
منذ ساعات وهي تعيد إصلاح ما جابت به يداه عبثا ..تعدل هذا وتمسح بلاط الأرضيه باجتهاد وهي تأخذ وضع السجود علي الارض ..ركبتيها أصابها بعض الجروح الطفيفه والحمره الموجعه …
ثم إلي المطبخ وتغيب عن أنظاره بعد أن كان يراقبها من غرفة النوم ..
أتاه صوت تكسر أطباق من داخل المطبخ الواسع …يركض بقلبا ملتاعا تجاهه ..يتسمر في مكانه وهو يتفحص ما تقوم به من علو …
حول جلستها بعض الاكواب الزجاجيه المتكسره علي الأرضيه..وأصابعها الرقيقه تلملمها في محاوله فاشله..وأخيرا أرعبه تألم وجهها وانتقل من التحديق في ملامح الوجه إلي الدماء المتسلله من أصبعها السبابه …
أقترب منها في خطي يائسه جذبها من ذراعها بهدوء ليوقفها أمامه ..
أعتدلت بصعوبه وهي تقف بوهن وملامح شاحبه وترفع وجهها إلي ملامحه الواجمه المتوتره والتي تقتلها ببطئ
وأستقر مرفقها بين قبضة يده الرقيقه بعض الشئ يسحبها نحو كرسي خشبي ويجلسها عليه طواعيه
تحت انظارها الضعيفه وأنظاره الشرقيه المميته الخاويه من أي شئ. ..
وهمسه كان ميتا خافتا
-أستني هنا..
ثم أختفي وعاد ..عاد ومعه صندوق للأسعافات الأوليه ..جثي علي ركبتيه أمامها…أخرج محتوبات الصنوظق وفعل الأسعافات الأوليه …
كانت عيناه صامتتان ..عميقتان ومخيفتان. …وما أن أنتهي حتي أردف بصوت جليدي
-متتحركيش من مكانك …
وتحت انظارها الدامعه تحرك كالناعوس يصلح ما أوقعته بفعل قلة خبرتها علي الارض ..لملم بقايا الزجاج المتكسر بمنتهي السهوله المتقنه ..ثم غسل الأطباق الباقيه تحت رذاذ الماء البارد بحرفيه تمثل السهل الممتنع . .وعن جداره يستحق عليها الميداليه الذهبيه رتب محتويات المطبخ ..لينتهي بصوره رائعه لامعه …يرضي عنها بهدوء …
ثم يغادر المطبخ دون أن ينطق بكلمه تحت نظراتها المتعلقه به …
وأنتهت من ترتيب المنزل وإعادته كما كان ..وإن كان ذلك ببعض المساعده منه …
أبتسمت في رضا وهي تراقب كل زاويه في الشقه ثم تنهدت بأريحيه وهي تدخل لغرفة النوم ..حيث كان جسده ساكنا فوق السرير الوثير يرتخي علي ظهره ويعقد ساعديه أسفل رأسه ..تطالع عيناه السقف فوقه بشرود…
تهادت بخفه تجاه خزانة ملابسها ولم تنكر أنها احست بالحرج تحت نظراته المتخفيه لها من طرف عينه …أخرجت منها ما تريد ثم غادرت بنفس الخجل والهدوء الذي دخلت به ….
ذهبت إلي الحمام الكبير ..دفنت جسدها أسفل رذاذ الماء الرائع ..شعرت براحه راحه كبيره …كأنها تغسل أخطاءها بذلك الماء..تتطهر من كل ذنوبها ..تودع نوران القديمه ..لتبني نوران جديده …نوران تود ان تعيش الحياه كما هي ..بجوار حبيبها وزوجها …حياه سعيده ..يجمعهما فقط الحب ..تحت سقف الزجية ..الرباط الأبدي المقدس ..
ارتدت قميصا حريريا يعانق جسدها بنعومه ماسيه موازية لأزهاق العقول ..دائره صدره من الشيفون ..لونه يقرب إلي الموڤ ينسدل بأنسيابيه حتي أسفل ركبتيها بقليل…طفقت شفتيها بطلاء حمره ساحر ..ثم بعض المساحيق الخفيفه التي أذهبت شحوب وجهها ..وبدت أنثي طاغية الجمال والاغراء
وسخنت الماء علي الشعله الملتهبه كما طلب منها …
ثم تهادت بخطواتها كالريشه الخفيفه تحت نظراته المصدومه وملامحه المظلمه بنار الرغب والتوق والأشتياق ..نهض معتدلا في جلسته ..عيناه متوهحه مشتعله تنعكس بداخلها خيلاء خطواتها العابثه ..فاهه شبه مفتوح بذهول دليل علي النجاح المحكم في سلب العقل …لعق شفتيه بشبه توازن وسيطره ..أذدرد ريقه بصعوبه مبالغ فيها …
وأقتربت واستنشق عطرها المدمر الذي حطم كل ثباتها ومحاولته للسيطره علي أنفعالاته
ووضعت الأناء المستدير علي بلاط الأرضيه أسفل قدميه وبداخله المياه الدافئه ..والتي وضعت بداخلها الملح المهجن بحبها وقلبها العاشق.
ثم أسترخت شبه جالسه علي ركبتيها تحت ناظريه وأسفل السرير القابع جسده عليه …
لامست أصابعها أطراف أصابع قدمه اليسري لتغمسها بهدوء بين زخاء دفئ المياه ثم أتبعتها بوضع قدمه اليمني …
وعيناها لا تزال تعانق عينيه الذي لم يرفعها من عليها منذ دخولها تسبقها العاصفه المدمره ..
وداعبت اصابعها قدمه تحت الماء ..تدعكها بحنان أمومي كما أستلهم قلبها …ولا زالت تهلكه بنظراتها التي كانت
ک السحر عليه ..غائبا معها بكل جوارحه لعالم آخر …
دفئ لمساتها …بريق عيونها ..جمالها ..كل ذلك أودي به لغيابات العقل ..
أفاقه من كل ذلك تهجن ملامح وجهها بالألم
أنتفض جسده وهو يري وجعها ..يشعر بألمها. .وكما تتوجع يتوجع …
عضت علي شفتيها بألم ..في محاوله جاهده منها للسيطره علي دموعها المتدفقه التي تحارب بأستماته كي تنفجر
أتسعت عيناه بصدمه وهو يري الماء يلسع جرح أصبعها بعد ان ذابت الضماده الملفوفه عليه وأختفت بين طيات المياه …
تابع أرتعاش شفتيها ودموع الألم التي هبطت بعد معمعمه حقيقيه بين الثبات وشدة الالم. ..جسدها الذي يصدر انينا خافتا …
ودوي قلبها قصفا كالمدافع وهو يرخي راحة كفه امامها ..تفحصت عيناه الدافئه التي تدعوها لأعتقال الحب معه وترك اي شئ …
ثم أستقرت أصابعها البيضاء المرتعشه في راحة كفه الدافئ ..وبحركة واحده جذبها إليه لتسقط بين أضلعه بعد أن انهارت كل حصونه المزيفه ..وذراعيه الضخمتين تعتقلان خصرها بتملك ..
ورغم مشاعره المبعثره إلا أن نحي القلب جانبا وتكلم بصوت العقل
وتكلم بمنتهي الهدوء والخفوت من فوق كتفيها بأنفاس
-زهرة يا نوران ..
تشنج جسدها لوهله قبل تهمس بتقطع متخاذل وعينان نادمتان يقتلهما الشعور بالذنب
-عارفه ..هعتذرلها واطلب منها تسامحني ..هعمل كده مش عشان أنت طلبت مني …لأ علشان أنا فعلا حاسه بالذنب نحيتها …
وتنهد براحه مع أبتسامه غضنت ملامحه الهادئه وقبله تائهه بين خصلات شعرها القصيره والذي أظهر غضب عينه وهو يتلمس قصرهم ..أدرك ان تلك الصغيره الحمراء قد قامت بقصه غضبا او عقابا لها …ورغم ذلك لم يعاتبها بل ضمها أكثر إليه يحاول احتواء الأنثي التي عذبته بعشقها السرمدي طوال سنين افناها بأخلاص في بؤرة ذلك العشق
………………….
صدمتها كانت ساخره ..وليد أبنها هذه أكبر دعابه تمر علي سحابة اذنها..لكنها دعابه من النوع الرخيص ..التي لم تمرق عليها تحت سلطان ذكاءها المزعوم
وهل الأنتقام ذكاء؟؟!!
تفحصتها بنظرات مظلمه ساخره متشفيه قبل ان تقول بصوتا أكثر أقتناصا بالشر
-شكل حالة أبنك خليتك تهلوسي وتخرفي ..أنا مقدره حالتك والله بس متوسعش منك للدرجه دي …
وألتوي فمها بأبتسامه ساخره..ثم ضحكه أكثر علوا في صوتها ..أكثر سخريه في مغزاها
وتراجعت للوراء قليلا
تتفحصها من أصابع القدم إلي الرأس بنظرات متلذذه بعذابها وعذاب الواقف جوارها بوجوم..
ثم أدرفت بصوت ميت
-متحاوليش مش هزعل علي وليد ..مش هيكون أعز عندي من أبني …
ودموع ..أنهيار بالدموع
أقتربت منها الواقفه الخطوه الفاصله بينهم ..وقفت أمامها بثبات ..تتفحصها بوجوم وعينان باكيتان لا ترحمهما الدموع …
أخفضت رأسها ببطئ تغمض عينيها الذي يعتصرهما الألم والحرقه بداخلها تدور دوامه من صراعات الذات..حقيقة الحياه التي بذلت جهدها في إخفاءها عن الجميع حتي عن زوجها …والزمن يعطيها درس بأن الحقائق مهما طال وقتها ستتكشف بقدر إلهي عادل ..ومنصف …وتسلسل زمني مرسوم بحرفيه ..
رفعت رأسها تنظر إليها بوجه ممتقع خاوي ميت وشاحب تابعت بصوتا أكثر ثباتا
-وليد أبنك والله العظيم أبنك …أنا مبخلفش ..
فغرت فكريه شفتيها بصمت ليخرج من بينهما نفسا مرتعشا …
ساد صمتا طويل ..صمتا خانقا تحاول فيه استجماع انفاسها بل نفسها التي ضاعت منها مع أعتراف ساحق …أعتراف أوقف دقات قلبها وأدمي ناقوس عقلها…تسمرت تطالعها بصدمه دموع وجع ..وعينان متخاذلتان …
وما أن وجدت صوتها حتي همست بنبره متحشرجه غير مصدقه
-أبني أزاي أنا مخلفتش غير نضال ومريم
والتحدي في عيون الآخري يقتلها ..يصفعها بحقيقه لو صدقتها ستموت
-لأ أنتي خلفتي مريم ونضال ووليد …
ومرفقها الضعيف تلذذ بعذاب بين قبضة اصابع خالد الدميه وهو يهزها بعنفا وصراخ هادرا
-إيه اللي انتِ بتقوليه ده …انتِ اتجننتي فوقي بقي من الأوهام دي …
صوتها ضعيفا مرتعشا بالكاد التقطته أذنيه
-دي مش أوهام دي الحقيقه..الحقيقه اللي خبيتها عنكم كلكم …وليد مش ابنك ولا أبني …وليد أبن فكريه …
فتراخت قبضته إلي جواره ..ساكنا في مكانه كالتائه الذي اضل طريق العوده …
ثم أشاحت بوجهها الشاحب الحزين تنظر إلي نقطة ما في الفضاء الواسع وتتلمس وجنتيها بأصابع مرتعشه وجسد ينتفض من شدة الخوف ثم أعادت النظر إلي فكريه الواجمه بعينان تغرقهما الدموع الفاتره
وصوتها أتي خافتا وهي تجوب بسرها الذي تكتمته بداخلها لأعوام
-وليد توأم نضال ..يعني هو أبنك زي نضال ما هو أبنك
وصراخها يأبي الخضوع مازالت ومصدومه ولا تصدق او لا تريد التصديق
-توأمه أزاي ؟؟مش الدكتور قالي أنه مات يبقي ازاي …ردي عليا جاوبيني …
والصراخ العالي جعل الجميع يلتف حولهم ..إلا سلمي التي مازالت علي نفس وقفتها أمام زجاج الغرفه الذي يسكن جسده علي سريرها ..عيناها دامعه صارخه بصمت ..وقلبها ذهبت نبضاته إلي أن يهدء لعودة الغالي ….
وصدمه أرتسمت علي وجوه الجميع..الحقيقه مؤلمه ..وليد أبن فكريه ..وليد أخا ل نضال ومريم …ووليد روحه متأرجحه بين الحياه والموت بفعل الأم….
عادت انفاسها للأرتجاف وهي تغمض عينيها هامسه بأسي وندم
-محصلش ..أبنك مماتش أبنك كان وليد ..الدكتور كدب عليكي ..أنا قولتلها تعمل كده وانا اللي عطيته تمن سكوته …
فتحت جفنيها المطبقين تنهمر الدموع من تحت خطيه
بألم ووجع وأنين روح ميته فعليا وتتنفس ظاهريا
مع أسترسالها في حديث موجع
-روحت للدكتور اعرف منه إيه سبب تأخيري في الحمل ..عملت فحوصات ولما بانت النتيجه الدكتور اكدلي أني عاقر عقيم ومستحيل أخلف ..مصدقتش او كانت صدمتي مش مخلياني اصدق..روحت لدكاتره كتير أكدولي نفس الموضوع ..بكيت وزعلت انقهرت ..ولما عدي وقت كبير علي جوازي من خالد بدء يزن عليا في موضوع الخلفه ..كان عامل زي التايه..ولما زهق من انه يقنعني اروح أكشف عند دكتور غضب .. وكل يوم الاقيه بيبعد عني ..كل يوم البعد والجفا والخصام كان بيزيد بينا والمسافه بتكبر لحد ما بقيت بير ملوش آخر …في يوم قوة احتماله خلصت ..واجهني ..هددني بأني لو محملتش في أسرع وقت ..هيتجوز عليا ..كنت زي المجنونه ..والغريقه اللي بتستغيث بقشه ..لحد ما جيتي تزورينا ..وقتها كنتي حامل ..كنتي فرحانه وأنتي بتقوليلي انك حامل في توأم…حزنت علي نفسي بس شكرت ربنا ورضيت بقضائه ..وحزنت تاني لما أفتكرت كلام خالد ليا ..مجرد أني اتخيله مع واحده تانيه غيري كان بيقتلني …وجودك حل مشكلتي …غلب عليا تفكير الشيطان..وقلتي لنفسي مش هيجري حاجه لو خدت منها واحد وسيبتلها واحد وب كده هنكون انا وهي أمهات..خصوصا انه مش هيتربي في بيت حد غريب ..دا بيت خاله …والخال والد ..الفكره دي كنت ببرر بيها جريمتي اللي هرتكبها معاكي …خالد وقتها كان مسافر اديله اسبوعين
كلمته وقولتله اني حامل في شهرين فرح جدا وكان عايز يرجع علي اول طياره ..بس أنا رفضت واقنعته أن يفضل هناك لحد ما يخلص شغله …زي ما اقنعتك أنك تقعدي معايا لحد الولاده وتهتمي بيا في غياب اخوكي ..اقنعتي جوزك ووافق ..وقعدتي معايا ..كل اللي كنت بتعمليه في حمله كنت بعمل زيه عشان متشكيش فيا..الوحم.. التقيأ . حتي النوم الكتير والأكل الخفيف… وطبعا كنت بحط مخده علي بطني عشان أبان ادامك اني حامل فعلا
لحد ما في يوم جالك الطلق جريت بيكي علي المستشفي ..ومثلت أني جالي الطلق وفي الاوضه اللي جنبك عشان تصدقي تمثليتي ..ولما غفيتي بسبب تعب الولاده الممرضه خدت واحد من الاتنين وعطيتهولي طبعا بعد ما خدت فلوس مني هي والدكتور بتاعها اللي باع ضميره ببساطه عشان الفلوس …ولما فوقتي بلغوكي بأن توأم ابنك التاني مات …
وأستمرت التمثليه اللي صدقتوها من غير ولا ذرة شك لحد اللحظه دي …بس يشهد عليا ربنا اني حبيته اكتر من نفسي ..حبيته لان هو اللي خلاني أم بعد سنين حرمان..
لما أصريتي تشوفي جثة ابنك اللي ملحقتيش تملي عينك وقلبك من شوفته …كلفت نفس الممرضه انها توريكي جثة طفل ميت ..والحظ كان معايا .في نفس اليوم اللي ولدتي فيه كان فيه واحده سبقت وولدت وأبنها مات وهو بيتولد ..بنفس الضمير خدت تمن سكوتها وخيانة مهنتها وأخدت الطفل الميت ووريتهولك علي أنه ابنك اللي مات…والكدبه كانت محبوكه بحرفيه لدرجة ان خالد مشكش لو للحظه فيا ..كانت الابوه الجديده عليه عمياه ..مشاعره ناحية أبنه اللي اتمناه من سنين كانت طاغيه علي اي حاجه …يعني وليد ابنك انتي اللي ولدتيه وأنا اللي ربيته وتعبت تعبت أووي لحد ما كبرته ..وفي الآخر أنتقامك غطي علي أمومتك وإحساسك بيه …كان لازم تحسي بأنك امه قبل ما تأذيه …لو …لو وليد جراله حاجه أنا عمري في حياتي ما هسامحك …
ثم أنهارت وأجهشت في بكاء مرير …والواقفين يدمعون بصمت ذهول وصدمه واكثر منه أستيعاب بطئ للحقيقه مع رفض بالتصديق..
توقف الزمن للحظه من حولها ..يداهمها أرتجافة جسدها انتفاضته مع صرخات صامته تهلك قلبها وجسدهت ..عيناها تدمع بوحع ..تتفحص المنهاره علي الأرضيه أمامها بخواء ..نبضات قلبها متضاربه..تبحث في عينيها عن تكذيب لما تفوهت به للتو لكنها لا تجد سوي الدموع التي تؤكد لها ..
أقتربت منها بخطوات ثقيله ..وقفت امامها تطالعها بنظرات مصدومه من علو ..لم تقوي ساقيها المرتعشتين علي حمل ثقل جسدها أكثر فتهاوت امامها علي الأرضيه ..
رسمت ابتسامه موجعه ومتوجعه علي شفتيها تقنع عقلها بعدم التصديق ..أنه الموت قبل أن أنتهاء الروح …
ثم قبضت علي ذراعي الجالسه أمامها بين قبضتي يدها ..تهز جسدها بقوه واهنه مزيفه …
وقصف صراخها المهيب ..صوته الذي يقطر منه الألم والعذاب
-وليد مش أبني …صح…قوليلي انك بتكذبي وانك عايزه تقهريني …انتِ ليه بتكذبي عليا ..انا مأذتكيش في حاجه عشان تعملي فيا كده ..وليد مش أبني …ردي عليت ساكته ليه ..قوليلي اني في كابوس ..قوليلي ان وليد مش أبني …
وعيونها مترقبه خائفه ..
هل جربت الموت وأنت مازالت علي قيد الحياه؟!..ان تتأرجح روحك بين العذاب والقتل ..بين الضعف وضياع النفس ومصيبة الأنتقام..
أن تنام ومعك كل شئ ثم تستيقظ وقد ودعك كل الشئ ..وتصبح لا شئ …
تأوهت الأخري بدموع ..طالعتها بثبات حقد
ثم الأجابه المؤكده لما تقوله بثبات وحسم يقطع الشك باليقين
-وليد أبنك ..أبنك يت فكريه أبنك اللي كنت يوم تروحيله القبر وتبكي عليه …وليد أبنك اللي انتقمتي منه عشان أبنك ..وكنتي فاكره انك كده بتنتقمي من أخوكي ..طلعتي بتنتقمي من نفسك ..اشربي يا فكريه ..أشربي نتيجة كرهك وحقدك وأنتقامك ….
وانتفض جسدها في عذاب وهي تري الطبيب يركض وخلفه ذوات المعاطف البيضاء..ويصفع أذنيها صوت الاجهزة القادمه من داخل غرفته ..الغرفه التي تتعلق بها روحه بين السماء والارض
سلمي تحاول الدخول لكن القوانين صارمه والممرضات يمنعنها من الدخول فتعاود إلي مكانها خلف الزجاج
……………………………
طرقات خافته علي باب غرفتها يصاحبها التوتر الشديد وانفاس بطيئه زائغه ..
فتحت زهرة الباب…جحظت عيناها بصدمه وهي تحدق بالواقفه أمامها ..تفغر فاهها بعدم تصديق ..تفرك جفنيها المنتفخين آثر البكاء مرارا وتكرار لتتأكد من حقيقة وجودها ..وحقيقة نظراتها …نظراتها ليست مثل كل مره مشتعله غاضبه او حاقدخ بل انطفئ وهجها الحاقد وأرتسم مكانه الندم …
تراجعت قليلا لتسمح لها بالدخول ثم سبقتها لداخل الغرفه بخطوات ثابته …وتبعتها نوران بأرتباك وخطي غير واثقه ..توقفت خلفها علي مسافة خطوتين ..تحك اصابع قدمها اليمني باليسري الثابته بتوتر …
لعقت شفتيها بصعوبه وهي تزيغ بعيناها المتورمتين أركان الغرفه طالعت كتفي زهرة بحزن ثم أردفت هامسه بعذاب
وتلعثم كافحت لتخرج أحرفه كلماتها واضحه
-انا. أنا ..زهرة انا ..
صمتت تعتصر جفنيها بألم ودموع ثم قالت بصوتا مكبوت
-لو أعتذرت هتكون كلمه حقيره اووي وندم بسيط علي اللي أنا سببته ليكي من جراح وألم ..
أنا ندمانه بس يمكن اللي أنا عملته يكون ناجم عن عدم توازن نفسي …يعني البنت المدلعه اللي كانت دايما نمبر ون في حياة عيلتها فجأه حد جاه خد مكاني ..بس بردوا ده ميدنيش الحق اني أدمرك بالطريقه دي …لأنك مأذتنيش في حاجه …
أستدارت إليها زهرة بدموع ..رقت ملامح نوران لوهله لكنها عادت للجمود القاتل وهي تتابع حديثها بصوتا مشدود كالوتر
-ومش معني أنك أختي أحبك وأكون معاكي زي أختين يضحكوا مع بعض ويحكوا اسرارهم لبعض او حتي يشتروا لبس ويعملوا شوبينج مع بعض ..
والصدمه علي وجه زهرة جعلتها تدرك انها اخطأت التعبير لتتابع بهدوء
-قصدي اقول أني محتاجه وقت عشان اقدر اتقبل وجودك في حياتي …خصوصا انك معملتيش معايا اللي يخليني احقد عليكي وأكرهك …
ثم اغمضت عينها تتابع بعد أن تنهدت بعمق وإرهاق اتعب جسدها وارهق روحها
-وأنا تعبت ..مش عايزه أكره حد تاني ..تعبت من الكره والحقد والأنتقام ..بقيت بحس أنهم زي المرض الخبيث اللي بيصيب الأنسان ومبيسبوش إلا بطلوع الروح .
ثم عانقت عينان زهرة الباكيتين بتأثر ووخزه من الألم أصابت قلبها ..هل جينات الدم بيت الاخوه التي تحن وتشفق وتحب وتضحي ..كما ضحت زهرة من اجلها .
أقتربت منها نوران ..وقفت قبالتة زهرة في نظره شامله لكل حزنها وملامحها المنكمشه …لامست أصابعها المرتعشه وجهها ..جالت بعبث فوقه إلي دموعها ..ف مسحتها بهدوء متنافي مع دقات قلبها الثائره .
همست بصوتا مختنق شبه باكي
-سامحيني يا زهرة …خلينا نبدء صفحه جديده مفيهاش كره ولا أنتقام ..ولا حتي حب او مشاعر…خليها علاقه يسودها الأحترام المتبادل
ومع نطقها شعرت بكل المشاعر المتضاربه..مشاعر متناقضه بين الجمود والانخراط في البكاء مثل زهرة
ثم همست متوسله وعينان خاويتان
-ممكن تحضنيني ..عايزه اجرب دفئ الحضن اللي دايما بقرأ عنه في الروايات وبشوفه بيتجسد علي شاشة التلفزيون ..لما كنا ندخل السينما انا صديقاتي ويجي مشهد الاخت اللي بتحضن اختها وجو حضنها تبكي وتصرخ وبعدين تهدي وروحها المجروحه تدفي مع الحضن ..كنت اشوفهم بيبكوا وعينهم مجروحه كأنهم بيعشوا الموقف لحظه بلحظه ..وكنت بستغرب لما الأقي دموعهم ..وفي نفس الوقت بسخر من مشاعرهم ..بس دلوقتي أنا محتاجه المشاعر دي اووي نفسي أعيشها وأبكي زيهم و
لم تكد تكمل حتي جذبتها زهرة بين أضلعها أسكنت تشنج جسدها داخلها ..تلاحم الجسد والروح…
وتأوهت نوران ومعها تأوهت زهرة ..
أنينها كان موجعا وهي تشهق بدموع دموع ندم وقهر ..دموع النفور من الكره ..النفور من الانانيه وحب الذات …
وهمس بالندم يشج القلوب وجعا قرأته فوق سطور عذابها
الآن تحولت من الآله الصماء إلي مشاعر البشر المتخبطه..صارت تحب وتبكي وتندم ..
ويد زهرة تداعب خصلات شعرها الذهبيه القصيره بحنان ونبع دموع فائض لا قدرة لها علي التحكم به …تهدهد مشاعرها بكلمات صادقه ..وتدغدغ قلبها بأنفاس دافئه ..فيسكن جسدها وتتنفس بعمق ..وراحه وسكينه وهدوء …
………………
وإصلاح الخطأ واجب مقدس ستسير علي خطاه بدءا من تلك اللحظه ..
أمسكت هاتف زهرة خفيه وفي زاويه بعيده عن مرمي البصر وقفت تضغط علي عدة أذرار تحمل الحروف الابحديه ..وأنتهي تجول أصابعها عبثا برساله نصيه إلي آسر محتواها
“آسر أنا أمك ..زهرة تعبت واضطرينا نجيبلها دكتور يشوفها تعالي بسرعه”
وانتهت وزفرت بأرتياح بعد أن اغلقت الهاتف تماما ..
وأقتربت من نوران تبادلها ابتسامه مطمئنه بأن الخطه تمت بنجاح ..
ولم تمر ثانيه حتي أبتسمت وهي تري شاشة هاتفها يضئ بأسم “آسر”
بالطبع قرأ الرساله فأتصل بهاتف زهرة ووجده مغلق ..والآن يتصل بوالدته ليسألها عن حال حبيبته ..وهي لن تجيبه ..كما في الخطه المرسومه بينها وبين نوران …
وهي إعادة آسر إلي زهرة ووسم قصة الحب بالسعاده الأبديه …
نوران بأبتسامه ماكره
-ابنك وقع في المصيده يا خالتو…
بادلتها أبتهال ابتسامه هادئه ثم أردفت بخفوت
-أبني وقع فيها من زمان وأنتي الصادقه..رغم أني مضايقه عشان قلقناه عليها بس في نفس الوقت عايزاهم يتصالحوا..زهرة طيبه ومتستاهلش غير كل خير ..ربنا يسعدهم مع بعض
تمتمت نوران بصدق
-اللهم آمين ..
تهادت زهرة في خطواتها ترنو إليهم
ثم همست بأبتسامه حزينه خافته
-كلمتي نورس ..
-آه …بس ممكن اخد تليفونك معايا لحد ما أوصل البيت ..أصل نورس بيتصل عليا علطول وهيقلق لو لقي التلفون مقفول..وزي ما قولتلك تليفوني فصل شحن …
وذلك طبقا للخطه المتبعه فلو امسكت زهرة بهاتفها وأجابت علي العاشق الولهان ..ستخبره بأنها لا تشكو من اي شئ بمنتهي البراءه ..وبعدها ستفشل الخطه ويضيع تعبهما أدراج الرياح
بادلتها زهرة أبتسامه باهته وهي تومئ لها هامسه
-خلاص خليه معاكي ..
وعانقتها نوران بدفئ وهي تميل عليها تحتضنها هامسه بوداع
-أنا مضطره أمشي بس هجيلك بكره تاني ..سلام
……….
والطرف الثالت في الخطه يقف مع الطرف الثاني بالقرب من نافذة الغرفه يراقبان وصول سيارة آسر بالأسفل بأبتسامه واسعه
والخطه نُفذت بحرفيه ..
همست روميساء (الطرف المتواطئ مع الثنائي) بأبتسامه شغوف
-العاشق مجنون زهرة وصل ..
لكزتها ابتهال في كتفها بخفه وقالت معاتبه
-مجنون في عينك..متقوليش علي أخوكي مجنون..بعد الشر عليه من الجنون …
……….
فتح باب الغرفه ليسرع بخطواته للداخل ..وما ان دخل حتي لمح مكومه علي السرير ..
اقترب منها بقلبا ملتاعا ..جلس جوارها وهو يري تشنج جسدها آثر البكاء ..
لامس كتفيها بحنان …وألم
رفعت إليه وجهها الشاحب الغارق بالدموع ..أتسعت حدقتي عينها بصدمه وهي تطالع وجهه الحبيب ..لعقت شفتيها بصعوبه وهي تترك المجال لعقلها المصدوم كي يستوعب وجوده …
نظرت إليه بعينيها المقهورتين المذبوحتين …لتهمس بخفوت موجع ومتوجع
-آسر
كان مشتاقا..تعبا..تعبا للغايه وهو يتنشق عطر شعرها المتماوج مع سواد الليل
هامسا بصوتا قلقا خافتا
-الدكتور قالك إيه
وقطبت حاحبيها بعد استيعاب هامسه بذهول
-دكتور مين
بثبات أجاب
-الدكتور اللي كشف عليكي ..وفين الأدويه اللي كتبهالك
رمشت عدة مرات بجفنيها المتورمين قبل تلعق شفتيها وتهمس في حيره
-قال ..قال …
ثم صمتت تستوعب الخطه التي رسمتها نوران لتجبر آسر علي المجئ
فأبتسمت من بين دموعها ابتسامه شبه راضيه ثم قالت بحذر
-آها..قال اني تعبانه جدا ومفروض أبعد عن الزعل.. والتوتر …والحزن ..والكآبه وكل دول بييجوا لما انت بتبعد عني…
ثم تابعت ببكاء وهي ترتمي في احضانه تبلل قميصه بدموعها السخيه
-عشان كده متبعدش عني ..انا محتاجه وجودك جنبي اكتر من أي أدويه …
وحاوط خصرها بذراعيه وهو يشعر بتعب ..عذاب ثم أستسلام بعد حرب طاحنه بين العقل والقلب ..انهزم فيها العقل وارتفع صوت القلب ..
……………………………….
الروح تتهافت منها كالطير الذبيح..متسمره في وقفتها وهي تطالعه بعينان حمرواتان… مذبوحتان متورمتان من خلف الزجاج
الطبيب يحاول لكن لا امل ..ينعش القلب بصدمات كهربائيه ..ينتفض الجسد ..لكن الروح لا .. ف النبض يتبااااطئ …إلي أن أنتهي مع صافرة الاجهزه الصماء. …
الطبيب يعطي الحياه لكن أمام قضاء الله تعجز المهاره ..يتوقف العقل ويبدء القدر بكتابة المقدور…
توقف ولا أمل ..هز الطبيب رأسه بالموت الموت المؤكد ..سنة الحياه..
لااااااا…صرخه من القلوب تأبي التصديق …
هل هكذا بكل بساطه يغادر ويتركها؟؟؟
والأم …القاتل …الذي يبكي ضحيته…لااا بل هي ام مكلومه تبكي وليدها …تتفحص الوجوه بصدمه
صوتها الضعيف يطرق الآذان كالمطر ..صوتها مرتعش خائف مثل قلبها
-هو ليه الدكتور وقف..هااا ليه..قولولوا يكمل تاني ابني كده هيروح مني …
والآخري أنهارت حصونها صرخت مع الألم المهيب بداخلها تخاطب الطبيب
– ليه وقفت..كمل..وليد لسه فيه روح..لسه بيتنفس..أنا حاسه بيه ..هو معايا بيبتسملي أهوو..
وتوقفت ..تلهث ..تبكي وتصرخ ..تضرب الحاجز الذي يمنعها عنه بقبضتيها الواهنتين …
الكل في حاله من الذهول ..الصدمه ..القلوب لا تصدق والعيون تري الكابوس فتدمع …
بسلام يرقد جسده الطاهر ..جثه هامده..الروح البريئه صعدت لخالقها..وأبتسامه أجمل من الجنه ترافق وجهه المستنير بضياء رضا الخالق علي المخلوق
يودعهم بأبتسامه ..أبتسامه راضيه ..ابتسامه تودع الدنيا ..تودع الأهل والأصحاب..تودع الزوجه..الحبيبه ..الأبن الذي لم يراه…
وصراخها بأسمه زلزل المكان ليكون هذا آخر ما نطقت به قبل ان تسقط فاقده للوعي بين أحضان نداء التي تلقفت جسدها قبل أن يرتطم بالأرض …
تراقب جسده الهامد وابتسامته الصافيه بأبتسامه متوجعه ..أبتسامه نادمه محترقه ..
وجوم سيطر عليها وصدمه لم تفق منها بعد..شلت عن عيونها عن الانغلاق وفقك بحلقت به دموعها تنساب منها بغزارة ..
واقتربن منه ذوات المعاطف البيضاء ينزعن الاجهزة من علي جسده الساكن ..صرخت ركضت إليه ..ارتمت عليه تحاوطه كأنها تخشي ضياعه …تمنعهم من إزالة الاجهزه
همسها أوجعهم فأطرقوا في مكانهم يبكون بتأثر
-لأ وليد أبني لسه عايش ..هو هيقوم وهيبقي كويس وأنا هاخده في حضني واقوله أني انا أمه ..أنا اللي من حقي تندهلي يا ماما ..أنا اللي من حقي اخده في حضني واسهر جنبيه لما يتعب ..
ثم نظرت إليه وقد غاب عقلها مع فقدانه
همست وهي تميل عليه تتلقف جسده بين ذراعيها ثم تضمه إلي صدرها
-وليد أنت سامعني صح..
ثم تابعت بخفوت جوار أذنه
-أنا مكنتش عايزه انتقم منك انت ..كنت عايزه انتقم منه في أبنه مش منك أنت ..بس انتقمت منك انت ..أنتقمت منك انت يا وليد …
قالتها بمراره وألم مع ضحكات مجنون متوجعه
ثم صرخت بوجع
-بس مكنتش أقصدك أنت ..مكنتش عارفه أن انت لسه عايش …وليد اصحي وقولي يا ماما..أصحي وعاقبني علي اللي عملته فيك..بس متعاقبنيش العقاب ده ..متحرقش قلبي مرتين …قولي يا ماما متقوليش يا عمتو..قولي يا ماما ..مره واحده بس ..عايزه اسمعها منك مره واحده بس ..
لا يجيبها ..لا يبتسم كم كان يبتسم لها عندما تحزن لا يتحدث فيقول لها أطمئني يا عمتي ف انا بجوارك ..لا يتحرك فيأخذها إلي عميق احضانه ..
ف تبكي أكثر ..تصرخ ..تتلوي وهي تحاوط جسده بقوه ..تأبي أن تتركه رغم الجهود الواهيه في إبعادها عنه ..تصرخ ب لااااا…
ثم تربت علي طول ظهره بعد ان يخفت صوت بكاءها ..ومازالت تميل إلي أذنيه لتتابع همسها
-أنا هسكت ..مش هبكي عشان ميبعدونيش عنك ..عايزه افضل جنبك علطول ..قلبي يتطمن بوجودك جنبي ..يا حبيبي وعمري يا نبض قلبي ..وأبني وعيني اللي بشوف بيها ..يا احسن أبن بار في الدنيا كلها ..أبتسامتك منوره يا وليد ..أبتسامتك حلو يا أبني ..انا اللي قتلت الأبتسامه دي ..انا اللي حرمت نفسي منها …انت مبتردش عليا ليه ..زعلان مني عشان كرهتك ..عشان كنت بعملك بخبث ..أنا آسفه قوم وانا مش هعمل كده تاني ..أوعدك ..هفضل احبك أنت وبس والله هحبك أنت بس ..قوم بقي يا وليد …قوووم…
وبأصرار أبعدوها عن جسده ..لتصرخ ..تصرخ بقوه بأسمه ..تنتحب تبكي وهي تحاول التخلص منهم لتحظي بقرب ولدها ..
ثم يخرجوها يقفلون الباب ..تعاود إلي وقفتها خلف الزجاج تضرب عليه بقوه ..تصرخ ..
يقتربون منه ينتزعون الأجهزه المعلقه بجسده .. ..هم ينتزعون روحها مع الأجهزه ..ف تنهار تبكي ..وتقترب منها روميساء تحتضنها …تهمس بدموع ان تتوقف عن ما تفعله
-كفايه ..كفايه يا ماما
فيكفيها وجع قلبها علي أخيها ..
والأم تزيد من احتضانها ..تعتصرها تحت وطأة وجعها ..تتوجع مع قولها
-أخوكي راح ..وأنا اللي قتلته بأيدي ..
ثم بكاء مرير ..تفجع له والقلوب ..ويخرج لأجله الميت من قبره ليبكي …
وصراخها غير المصدق بأنها قتلت أبنها بيدها
-وووووووليددددد…
الآخري أنهارت علي الأرض تجهش في بكاء مرير ..تصرخ بأسمه غير مصدقه ..ولا تريد أن تصدق ..هذا كابوس وتدعي ان تستفيق منه . لتجد وليد يقف أمامه ويحتويها بأبتسامته مثل كل مره ….إنه أبنها حتي لو لم تلده ..
…………………………………

يتبع…

الفصل الثاني والسبعون

بعد مرور أسبوع من الحزن القاتل
كانت نداء تقف بوجوم أمام النافذه ..تشرد في الطبيعه من حولها من خلف الزجاج .. ومن خلف كتفيها ترقد سلمي علي السرير الأبيض لا حول لها ولا قوه ..تطالعها نداء بين الحين والآخر بحزن
غائبه عن الوعي منذ أسبوع ..تمدها المحاليل المنغرزة في ظهر كفها بالطاقه …تزفر بوجع وهي تراها هكذا …
طرقات خافته علي الباب تعلم صاحبها ..تركت مكانها وخطت ناحية الباب ..فتحته لتراه أمامها بوجهه الحنون ..
خرجت من الغرفه وهي تغلق الباب خلفها بهدوء.. ووقفت امامه تطالعه بحزن
وهذا يؤلمه …قال بصوتا مشدودا كالوتر الحزين بعد أن شملها بنظره دافئه
-اشتريتلك أكل
وبتوسل تابع:
-عشان خاطري اقعدي كلي ..أنتِ مأكلتيش حاجه أديلك يومين …
وهي حقا تحتاج إلراحه لذا تنهدت بتعب ثم
جلست علي المقعد القابع امام الغرفه بتهاوي ..جسدها بات هزيلا ضعيفا هذه الأيام ..منذ الحادثه وهي تبيت بجوار أختها الساكنه علي السرير بلا روح..وهو لا يمانع …ولكنه يخشي عليها بشده ..لذلك يبيت في المستشفي ..يقضي معظم ليله علي نفس المقعد الذي تجلس عليه الآن ..جفونه لا تذق النوم لأجلها ..يخاف ان تتعب في أي وقت وهو غير متواجد ..لذا يظل مرابضا امام الغرفه ولا يغادر …
تفحص وجهها الشاحب بأنقباضه أصدرت أنينا داخل أضلعه
جثي أمامه علي ركبتيه ..وأحتضن جانب وجهها بحنان يوازي قدر تألمه …ثم همس بصوتا خافتا وهو يضع الطعام امامها
-كلي ……عشان خاطري ..
ثم أخذ الشطيره التي تحتضنها محرمه ورقيه بيضاء وقربها من فمها
-يلااا
ونبرة صوته كانت تتوسلها ألا ترفض…
شملت ملامح وجهه المتألمه بتعب ثم أخذت نفسا عميقا وهي تقرب شفتيها بأستسلام لتقضم من الشطيره الطازجه التي يمسك بها …
وقبل أن تفعل ذلك وصل إلي مسامعهما صراخ سلمي القادم من الغرفه
أسرعت راكضه تفتح باب الغرفه وتدخل.. أما غالب فظل واقفا في مكانه مراعيا لكونه رجل لا ينتهك حرمات الغير وهذا من باب الدين والأخلاق ..
تسمرت في مكانها وهي تري سلمي قد فتحت جفنيها وتعتدل في جلستها ..وما صدمها هو رؤيتها لهأ تنزع الاسلاك من يدها وتحاول النهوض
أسرعت نداء تجاهها ..تحاول ان تمنعها عن النزول
هامسه بحزن
-سلمي مش هينفع تنزلي ..كده هتتعبي
والوجع في صوتها أدمي قلب الأخت وهي تصرخ بأنين
-سيبيني ..لازم أنزل أدور علي وليد ..هو فين ..هو مش جنبي ليه..وبعدين أنا قولتله ميتأخرش وهو قالي مقدرش أتأخر عليكي؟؟ …فين بقي.ً لسه مجاش ليه ؟؟؟…
تركتها تنزل إلي الأرض وهي تكتم شهقات بكاءها بكفها المرتجف الذي وضعته علي فمها
أما سلمي فمجرد أن وطأت قدميها الأرض لم تتحمل ومادت الدنيا بها ..فكادت تترنح وتسقط لولا ذراعي نداء اللذان حاوطاها ..
ف بكت علي ذراع نداء بألم ..توسلتها في ضعف منهار
-نداء أرجوكي سنديني ..عاوزه اشوفه ..ه‍ دور عليه في كل مكان لحد ما ألاقيه..أنا عارفه وليد كويس هو مش بيرضي يزعلني ..دايما بيبتسملي ويقولي حاضر ..أرجوكي يا نداء …لو بتحبيني؟!
همست نداء بدموع يائسه
– ..مش هتلاقيه
صرخت سلمي بها بحزم
-متقوليش كده علي وليد..ه‍ دور عليه وهلاقيه …
وصرامه خافته صاحبت نبرة صوت نداء وهي تردف
-سلمي ..فوقي ..وليد خلاص مات..وليد مبقاش موجود ..ارجوكي فوقي من الصدمه وأتقبلي الواقع .
-لأ ..لأ ..وليد موجود . أنا لسه عايشه لسه بتنفس يبقي هو مماتش ..هو عايش ..بيتنفس …
أحتضنتها نداء بقوه .تريد أن تنزع الحزن منها ..أن تبعد
الوجع من قلبها …وقالت بصوتا متشنج آثر البكاء
-وليد راح في مكان أحسن من الدنيا دي ..هو هناك هيرتاح وهيكون مبسوط..مش أنتِ تحبي تشوفيه دايما مبسوط ..أدعيله بالرحمه ومتبكيش ..بكاءك بيعذبه في قبره …
جسدها المتشنج بدأ يسكن ..لكن البكاء مازال عويلا نحيبا
-مش هقدر ..مش هقدر أعيش من غيره .أنتِ بتطلي من8 المستحيل..دا هو روحي . بتطلبي أعيش من غير روحي ..فيه جسد بيعيش من غير روح..
-ربنا بيحبك علشان كده أختبرك . أنا مش هسمحلك تفشلي في الاختبار..هتصبري يا سلمي ..هتصبري وتعيش وتكملي رسالتك للآخر..وتربي ابنك وتكبريه زي ما هو كان عايز ..
قالت بصوتا مختنق وهي تزيد من احتضان جسدها إلي نداء
-عايزه أشوفه ..عايزه أشوفه يا نداء ..وديني عنده …عايزه أروحله
حاولت أن يبدو صوتها ثابتا لكن دموعها غلبتها وهي تجيبها بتحشرج
-حاضر ..هوديكي عنده
أتبعت حديثها بقبله مواسيه دافئه فوق رأس سلمي ..
ومازل يقف أمام الغرفه وقد أطرفت عيناه بالدموع بعد أن سمع حديثهما …
………………….
وقفت أمام قبره تبكي بمراره ..وعندما رأت أسمه منقوش علي حافه عريضه وبجواره لقب “مرحوم”
دخلت غي نوبة بكاء مريره وعيناها المتورمتين تطالع التراب فوق قبره.. تبدو كأن أحدا ذبح روحها..وأنهارت علي ركبتيها أمام القبر ..ف ساقيها المرتعشتين لم تعد تقويان علي تحمل جسدها الهزيل المنتفض وقد أصرت علي عدم دخول نداء معها إلي داخل المقبره
لامست اصابعها الهزيله سطح المقبره التي تحتضن جسده ..وعيناها تجوب بالدموع والأسي والحزن
همست بأرتعاش مع تأوه مميت قاتل وعيناها تتعلق بتراب المقبره بألم
-كنت نفسي أكمل معاك يا أغلي من عمري …تربي أبنك معايا وتعيشه احلي جنه علي الأرض …
وأغمضت جفنيها بدموع يعتصرهما الألم ثم تابعت بصوتا ميتا
-هو ليه ربنا بياخد مننا الروح اللي بنعيش بيها ويسيب الجسد …
وأكملت شهقاتها المتوجعه لتهتف بصوتا مريرا
-نفسي أجيلك علشان أكمل كل آخرتي معاك ..دنيتي أنتهت لما أنت مشيت..
ودموع يليها وجع …
ثم تابعت بصوتا بدي ثابتا بعض الشئ
-هعيش علشان ربنا يجمعني بيك..راضيه بقضاءه بس فراقك صعب أووي..صعب أووي أعيش من غيرك يا عمري كله..يا عيني اللي مبتنمش من غيرك …
ورفعت كفيها إلي السماء تدعو بتوسل ورجاء مع دموع
-ياارب أنا عايزه أشوفه ..عايزه أكون معاه ..مش هكون غير ليك في الدنيا والآخره..أنت نصيبي الحلو اللي بتنفس بيه دلوقتي ..الأمل اللي هكمل الدنيا بيه .
وظلت إلي جوار المقبره تبكي في صمت..تشرد في ذكرياتها معه تبتسم رغم الوجع الذي يقطع نياط قلبها..تمتم شفتيهة بجمله واحده
-قدر الله وما شاء فعل
بعد قرابة الثلاث ساعات ..أنهت قراءتها في المصحف الكريم…ثم قرأت له سورة الفاتحه..
ودعته بأبتسامه متوجعه ..تخبره من خلالها بأنها ستكون كما أراد دائما..الزوجه الوفيه والأم الصالحه التي ستربي طفلها علي طاعة الله..ستعيش من اجل أن تكمل الرساله ..وبعدها ستذهب إليه تسكن إلي جواره وعندها ستعود إليها روحها الضائعه وفرحتها التي دُفنت معه في قبره …ستصبر إلي أن يحين وقتها ..
وخرجت من المقبره حيث نداء وغالب في أنتظارها
قال تعالي:
(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
………………….
بعد مرور خمس سنوات
عاد إلي المنزل بعد يوما شاقا من العمل …اغلق باب الشقه خلفه بهدوء منقطع النظير ..تسحب ببطئ علي أصابع قدميه ..متسللا للداخل خلسة …حتي انفاسه لا يلتقطها خوفا أن يحدث صوتا ووقتها تفشل خطته في مفاجأتها بوجوده ..ويعرف جيدا مكانها أنها في المطبخ تعد له وجبة الغذاء في مثل هذا التوقيت كل يوم ..حينها ينتفض جسدها فزعا ثم تعاتبه بغضب ..وتذهب من أمامه إلي غرفة النوم …
ثم تجلس علي طرف السرير بغضب وهي تعقد ساعديها فوق صدرها . تُظهر نحول نهديها ..تزم شفتيها المكتنزتين بأمتعاض طفولي فتبدو كطفله صغيره غاضبه..وهذا يروق له للغايه..
ثم يقترب منها ويحاول أن يراضيها ..فتأبي . ويحاول مره أخري فتأبي..وفي المره الثالثه تذوب بين أحضانه ..
وهذا يعجيه للغايه …يعجبه لدرجه تمتعه ..يحب مناغشتها ليري نفس رد الفعل…
وصل إلي المطبخ وكاد أن يصرخ بغته كعادته مثل كل يوم يعود فيه من العمل
عندما باغته صوتها الهادئ
-متحاولش لاني عارفه أنك وصلت وواقف ورايا وبتحاول تخضني
قالتها وهي توليه ظهرها في وقفه معتدله ديناميكيه حيث كانت تقطع بعض الخضروات أمامها…
وأحبط هذا شغفه فهدل كتفيه بأحباط وهو يمط شفتيه بأمتعا
-شكلك حفظتي تحركاتي كويس
أجابته بأبتسامه حنون
-أنا حفظتك كلك علي بعضك
أقترب منها بمكر يحاول مشاكستها وهو يدندن بتفاخر
-كلك علي بعض حلو
فأبتسمت وهي تحمر خجلا
وقف خلفها وقال وهو يضمها إليه بحب متنعما برائحة النعناع المنبعثه من جدائل شعرها الذهبيه المستطيله
-وحشتيني ..
وأنتفض جسدها بين ذراعيه فأبتسم بتلذذ وهو يتابع بخفوت
-أومال فين زيزي ؟
وعندما تذكرت الشقيه الصغيره التي نامت في مهدها بعد عناء ..صعوبه بالغه فالصغيره قد أغمضت جفنيها بعد أن جلبت لها صورة والدها المغوار تريها إياه..حينها فركت جفنيها الناعسين بيدها الصغيره جدا ونامت بأبتسامه كالملاك دون أن تتعب في أرجحة مهدها الصغير..إنها شقية حادة الذكاء وتحب نورس أكثر منها ..
رغم أن نوران هي التي تراعيها طوال النهار ..تلاعبها إذا ما بكت ..وتسهر الليل الطويل إلي جوارها عندما تنهض من النوم مفزوعه او جائعه وفي النهاية تنكر فضلها ويأتي نورس ليأخذ الحب كله
أنها أبنة ابيها بحق
همست بحب
-نايمه في سريرها ..ومرضيتش تنام إلا لما تشوفك. فأضطريت اوريلها صورتك..
فأجابها بمكر
-غيرانه لأني بحبها أكتر منك ولا لأنها بتحبني أكتر منك وفي الحالتين أنتِ الخسرانه.
وحاول أن يكتم ضحكته ولكن هذا صعبا للغايه . فضحك وغضبت ..ولكزته في كتفه وهي تبعده عنها ..ثم أبتعدت
وهمست بأمتعاض وهي تغادر المطبخ
-كده يبقي انا عزول بينك أنت وبنتك..طيب..انا خارجه كمل بقي أنت الأكل بنفسك
وبقي وحده في المطبخ يعقد ذراعيه عند منتصف خصره ويطالع الطعام الذي لم يكتمل إعداده بحاجبين منعقدين
وأبتسامه شقيه مازحه تنم عن مدي سعادته بعائلته الصغيره المكونه من حبيبيته نوران وأبنته الغاليه زينب (زيزي) ذات العامين..
…………………
زفاف روميساء وسليم بعد ساعتين من الآن ولم يجهز بعد وكله بسبب توحم زوجته المصون التي طلبت منه أن يجلب لها اليوسفي وهو نوعا من الفاكهه يشبه البرتقال ويسمي ايضا اليوسف افندي …
وما جعله يلف السبع بحار حتي عثر عليه أنه شتوي ..وهم في فصل الصيف .وبما أنه ليس موسم ظهوره فسيكون نادرا ….ولكن بطريقه ما أستطاع أن يصول ويجول حتي اشتراه لها..ومن يراه يدرك أنه كان في معركة حرب حقيقيه ..معمعمه تُرفع لها السيوف ..
ويضاف إلي سجل تأخره علي الزفاف ..مانعا آخر يجعله أكثر غضبا من السابق
وزاد الطين إبتلالا عندما بحث عنه في كل الخزانه ولم يجده ….
قطب حاحبيه عبثا وزم شفتيها بضيق وهو يتوعدها في سره ..
توقف أمامها بملامح متجهمه عابسه …وعينان تبرقان بالغضب والوعيد ..
وهي كانت غافله عن غضبه متلهيه في إنهاء صندوق اليوسفي أمامها بشراسة ذئب يلتهم لحم فريسته بدون رحمه ….
هكذا تخيلها ..او هذا هو التشبيه الأقرب لحالتها .
هتف بصوته الجهوري وهو يشدد أصابعه حول الذي يمسك به
-زهرة
صوته جعلها تنتفض في مكانها فزعا ..وتنهدت بأرتياح وهي تطالعه بعتاب وإيلام علي أفزاعه لها ..
ثم أردفت بصوتا باردا اغضبه وجعل الدم يتقافز لأعلي رأسه
-فيه إيه يا آسر خضتني …
تجاهل برودها وهتف بثبات رجولي يُحسد عليه
-فين فردة الشراب التانيه بتاعت الشراب ده
ولوح أمامها بفردة شراب واحده لونها بني فاقع
هزت كتفيها بحيره وهي تقول ببساطه
-مش عارفه ..تقريبا غسلتها ..او لأ مش فاكره دور عليها كده في الرفوف اللي فوق ..ممكن تلاقيها ..
أجابها بصرامه
-دورت ..في كل الدولاب وملقيتهاش
-أنت هتحيرني ليه!! ..ألبس غيرها ما الدولاب مليان ادامك هدوم وشرابات حبكت يعني دي؟؟
قال بصوتا جامدا كالوتر المشدود
-مش هينفع.. القميص اللي هلبسه نفس لون درجة الشراب يعني صعب ألبس غيره .
تفحصته ببرود وعدم مبالاه لعادته المقدسه في أختيار الثياب الذي يرتديها بعناية شديدة الدقه..هو هكذا منذ نعومة أظفاره فلن تأتي هي وتخرق العاده بسبب إهمالها المتواصل له في الفتره الأخيره
خصوصا بعد حملها بطفلهما الثاني علي التوالي .
حكت ذقنها بين أصبعها السبابه والأبهام وأخذت تعصر جمجمة رأسها لتتذكر أين وضعت فردة الشراب؟ رغم أنها شبه متأكده انها غسلتها مع قرينتها ولم تفرقهما عن بعضهما حينما وضعتها في خزانة ملابسه .
أفترت شفتيها عن ابتسامه بريئه ..وهي تهتف متذكره
-آها ..أمجد كان بيلعب جنب الدولاب من شويه ..يمكن يكون فتحه ووووو
ولم تكمل ..تلجمت في مكانها وهي تري
آسر يتسمر في مكانه..وملامحه تُظلِم بغضب ..وأستطاعت رؤية جسده المتشنج بوضوح.
فلعقت شفتيها بتوتر وهي تتراجع للخلف خيفه .
وقد أدركت أن ما نطقت به قد يهلك حياتها ..ف آسر لا يحبذ ان يقترب احدا من مقتنياته الخاصه..خصوصا وإن كان أمجد طفله الشقي الذي تجاوز الأربع سنوات والذي أفتعل سابقا جريمه في حق والده عندما أغرق كل قمصانه في مسبح الحمام وسكب عليها حبر قلم ازرق كان يطبق عليه بقبضته الصغيره ..
والصغير بعد أن انهي جريمته بعبثه الطفولي الذي خرب كل شئ..أبتسم له ببرءاه كأنه لم يفعل شئ ..فحالت تقطيبة آسر الغاضبه إلي حنان أبوي ..ثم اقترب منه ورفعه بذراعيه القويتين ..يضمه إليه في مشهد راقي ومؤثر بين الأب الحازم الصارم إن تطلب الأمر والحنون العاشق لطفله وبين الأبن الذي يدغدغ وجهه ذقن أبيه النامي
ف يضحك بصوتا عالي ينم عن الفرحه…..
ثم صدره الذي تضخم بالغضب وهو يقترب منها بهدوء مرعب ..هدوء يسبق العاصفه..تريد أن تفر من أمامه مثل القطط لكن إلي أين ؟؟ فلا مهرب لها منه مهما حاولت
-هتعمل إيه ..متنساش أني مراتك حبيبتك
قالت وأجاب بفظاظه
-ومتنسيش ان عندك بيت مامتك ..ارتحتي كده قولتها مامتك مش أمك
ولم تفهم مقصده حينما قطع حيرتها وهتف بخشونه
-علي بيت أمك يا زهرة أنتِ وأبنك الدلوع ..مش عايز أشوفكم لمدة اسبوع كامل.
-شوفت أديك قولتها غلط تاني .اسمها ماما مش أمك
قالتها وهي تقهقه بأبتسامه..والأبتسامه هربت وهي تري الغضب الظافر علي قسمات وجهه.
فصمتت بنفس الأبتسامه .وزفر بغصب يحاول ان يتمالك نفسه ..فآخر شئ ينقصه في هذا اليوم أن يعبث احدهم في محتوياته الخاصه حتي وإن كان أبنه الشقي أمجد .
جاء صوت والدته التي تقف عند باب الغرفه الموارب قليلا
والتي سمعت الحديث من أوله
-ما تلبس أي حاجه والسلام ..لازم يعني تطقم ..ولا متبقاش آسر الجندي من غير ما تطقم ..وبعدين بقي انت من هنا ورايح اهتم بكل حاجه تخصك بنفسك..عشان زوزو ترتاح شويه بصراحه كفايه عليها تعب الحمل وأمجد اللي مطلع عينها .
واقتربت زهرة منها قبلتها عميقا في منتصف جبهتها وتأبطت ذراعيها بحفاوه..ثم تفحصت نظرات آسر الغاضبه بنظره منتصره ..نظره جعلت الشياطين تتقافز امام بؤبؤ عينيه
ولكنها لن تخاف ..فأبتهال تقف إلي صفها ضد المارد الغاضب
وهمست بأبتسامه واسعه
-حبيبتي يا أبتهال تسلميلي
رفع حاجبه بأندهاش وذهول مع همسه الخافت
-والله .يعني هي بقت كده ..أنتوا الأتنين هتتفقوا ضدي
ابتهال بثبات
-آها..وحاول تلبس بسرعه عشان انت أخو العروسه الكبير ومفروض تكون أول الحاضرين عشان تسلمها بأيدك لعريسها .
ثم طالعت زهرة وهمست بحب
-يلا نسبقه أحنا فيه حاجات كتير ورانا لازم نخلصها
– أستني يا ابتهال نفسي رايحه في يوسفي من اللي هناك علي الترابيزه ده
أبتهال بأبتسامه حانيه
-حبيبتي أنتِ رغباتك مجابه
ثم تحولت الأبتسامه إلي تقطيبه عابسه وهي ترمق آسر الواقف مستشيطا
وقالت بحزم
-أرميلها واحدة يوسفي من عندك ..بس بوراحه
أمتعضت ملامح وجهه قليلا وخطه بعض الخطوط المتشنجه من الغيظ ..تحامل علي نفسه يحاول استلهام الصبر.. وألقي إليها اليوسفي بهدوء كما طلبت منه والدته المصون بعد أن اخذ نفسا عميقا يكتم من خلاله كبته وغيظه.
ثم رحلتا الأثنتان بأبتسامه متشفيه كانت أكثر قدره علي جعله يتفاقم من الغيظ والغضب
……….
بعد خمس سنوات من التعب والمثابره أستطاعت أن تنهي جامعتها ..وأن تثبت قدمها بين الرياضيين المشهورين فأصبحت أفضل عداءه في العالم وقد نالت العديد من الميداليات الذهبيه والفضيه ..بعد أن أحتلت المركز الأول في مسابقة العدو عن جداره ومهاره فائقه ..
والآن يقام حفلا رائعا لتكريمها علي إنجازاتها..سبق إعداده من قبل مساعد وزير الشباب والرياضه
تسلمت الجائزه من الوزير ذاته ثم أخذت الصحافه ومراسلي القنوات التلفزيونيه صوره تجمعها هي والوزير بينما تتسلم منه الجائزة.
وتسابقت القنوات الفضائيه والأذاعيه لتسجيل حلقه معها تحكي فيها عن إنجازاتها طوال الخمس سنوات
وبين لحظه وآخري تتجول عيناها بين الجموع تبحث عنه ..ف تقطب حاجبيها وهي لا تجده بينهم من جديد ..تتوعده في سرها ..لقد وعدها بأنه سيأتي مبكرا ليحضر الحفل ..أكدت عليه كثيرا..وذكرته بميعاد الحفل بدل المره مائة مره
طالعت وجوه عائلتها السعيده المتفاخره بما حققته من إنجاز ..أبيها وزوجته التي تتأبط ذراعيه بسعاده
وأختها رضوي التي تشق الأبتسامه الواسعه وجهها وتصل إلي أذنيها وهي تراها علي خشبة المسرح تتسلم الجائزة وفرحتها الأكبر هي أنها تجلس بجوار ساهر زوجها ..الذي عاد من الخارج واعترف لها بحبه الذي أدركه بعد أن أبتعد عنها ..تعانقه بعينان تغمرهما السعاده وهي تريح رأسها علي كتفه العريض براحه عميقه …
ثم أستأذنت من أبيها أن تذهب إلي الحمام قبل الرحيل..
وقفت أمام مرآة الحمام الضخمه. تمسح دموعها ..تحاول جاهده ألا تبكي كي لا تفسد تبرجها ..لكن إحباطها وغضبها من تأخره يغلب عليها فتقع فريسه للبكاء .
وفي النهاية خرجت من الحمام ..لتقف أمام الباب وهي تحاول استجماع ثباتها وهدوءها النفسي ..ثم تمسح بطرف اصابعها المرتعشه عينها المتطرفه بالدموع
حينما طالعته يقف أمامها ويمد يده إليها بمحرمه ورقيه..أحتقن وجهها بحمرة الغضب وتجاهلت يده الممدوده بالمحرمه الورقيه وتخطت جسده في خطوات مبتعده
لحق بها سبقت خطواته الكبيره خطواتها الصغيره ..وقف أمامها معترضا طريقها هاتفا بنبره خافته تحمل الندم
-آسف جدا ..بس كان عندي دراسه.
أجابت بحاجبين مقطبين وحمره غضب طفيفه غزت وجنتيها
-دراسه حتي في يوم فرح اختك واليوم اللي فيه الحفله اللي هتكرم فيها..هتكرم إيه بقي ما خلاص اتكرمت وأستلمت الجايزه وماشيين ..مرسي اووي علي أهتمامك ..للدرجه دي مليش أي اهميه عندك
نطقت بالأخير ساخره غاضبه
أجابها بأبتسامه تشمل تعبيرات وجهها الغاضب
-بالعكس أنت كل الدنيا بالنسبالي
-كذب
صرخت بها وهي تتخصر
فابعد ذراعيها عن خصرها هاتفا بأمتعاض
-قولتلك قبل سابق متعمليش الحركه دي وأحنا في مكان عام ..
وبعدين انتِ عارفه دراسة طب صعبه جدا ..وأنا مش هرضي بأقل من أمتياز في السنين الجايه زي ماجبت أمتياز في السنين اللي فاتت ..
قالت في هدوء فاتر
-عارفه..بس بردوا فيه اولويات تانيه في حياتك غير دراستك للطب ..تعرف أنا كرهت كلية الطب والدكاتره بسببك . وبسبب إهمالك ليا عشان كلية الطب بتاعتك ..بقيت بحس أنها مراتك التانيه.
قهقه بأبتسامه وهو يقترب منها هامسا بمكر
-مفيش اي حاجه مهما كانت تاخد مكانتك في قلبي.. أنتِ حب كرم الوحيد والأبدي ومراتي اللي ربنا رزقني نعمة قربها بعد تعب ومعاناه وبعد
داعبت جانب قميصه بأناملها الرقيقه وهي مطرقة الرأس بوجوم .
ثم رفعت وجهها الممتقع إليه هامسه بصوتا باهتا
-عارفه أنك أجتهدت في دراسة الثانوية العامه عشان تدخل كلية الطب ..وكل ده بسببي …وأخترت تتخصص في المستقبل في مجال حالات معالجة الأدمان عشاني ..عشان لو رجعت أنت اللي تعالجني صح ..يبقي انا كده هفضل مصدر إزعاج ليك و
قاطعها ضاغطا أصبعه علي شفتيها يمنعها من قول المزيد
هامسا بأبتسامه
-بالعكس أنتِ كل حاجه حلوه في حياتي ..كفايه أنك بقيتي مشهوره محليا وعالميا ولسه عايزه تتجوزي دكتور مغمور زيي..
همست بحب
-أنت أغلي عندي من اي حاجه في الدنيا..
ثم أبتسمت وهي تضغط علي شفتيها السفلي بتوتر أطاح لب عقله ..
واقترب منها هامسا جوار أذنيها بعبث
-هكلم الحاج يعجل بميعاد فرحنا ..علشان تكوني مراتي مع التنفيذ بدل ما أنتِ مراتي مع وقف التنفيذ .
فهو قد عقد قرانه عليها منذ سنه .
وخجلت وأرتعشت ثم أبتسمت وهي تطرق رأسها للأسفل بخجل
………………..
تبدل الحال فأصبح غير الحال ..الحزن مازال يسكن القلوب ..لكن الرضا والصبر هو المسيطر والهائم في حياة من فقدوا أحبة لهم يحتضنهم التراب بين طياته …
بحثت عنه في أرجاء الحديقه الواسعه ..فلم تجده ..قلقت وهي تنادي عليه وتتلفت يمينا ويسارا
-نضال …نضال …
وبعد قليل وجدته يركض بأتجاهها بعد أن لاح أمامها من خلف الشجره الضخمه القابعه وسط الحديقه
سألته بهدوء وهي تتفحصه بعد أن هبطت علي ركبتيها في نفس مستوي طوله القصير
-كنت فين يا نضال؟
أجابها بصوته الطفولي البرئ
-سبت اللعب وبعدين اتوضيت وصليت الظهر مع عمو الجنايني ..عشان أنتِ قولتيلي لما أسمع صوت المؤذن أسيب كل اللي في إيدي وأصلي ..علشان ربنا يحبني..وأنا بحب ربنا وعايزه يحبني …
شملته بنظره حنون ثم مالت إليه تقبل وجنته بحب
و تمسد علي شعره بدفئ وهي تقول
-شاطر يا نضال ماما مبسوطه منك جدا عشان بتسمع الكلام ..وكمان ماما بتحبك جدا جدا جدا
وأتسعت أبتسامة نضال وهو يقول
-وأنا كمان يا ماما بحبك قد كل السمك اللي في البحر
أبتسمت له ثم قالت بخفوت
-يلا عشان أغيرلك هدومك اللي أتوسخت من اللعب وتلبس اللبس الجديد عشان تروح معايا نزور بابا وليد
وصفق الطفل فرحا وهي يقفز عدة قفزات للأعلي مع هتافه السعيد
-بجد ..أنا كنت لسه هقولك أن بابا وحشني أوووي ..وعايزه أحكيله علي الرسومات بتاعتي وأقوله اني أشطر واحد في الكلاس (الفصل)
أحتوته بين أحضانها بدفئ . ثم ربتت علي ظهره وهي تهمس بنبرة صوت متحشرجه شبه ثابته
-هنروحله وهتحكيله علي كل اللي أنت عايزه ..عشان بابا بيحبك اوي . وبيحب يسمعك .
ومسحت دمعه حزينه تسللت علي وجهها قهرا وأشتياقا للغائب .
لكنها ما لبثت أن هتفت بثبات وأبتسامه زائفه تحمل بداخلها الكثير من الألم
-يلا بسرعه ندخل عشان تيته وجدو خالد مستنيينا .
…………………….
“أخبرها الطبيب أنها شفيت وأصبحت إنسانه طبيعيه يُسمح لها بممارسة حياتها العاديه كالباقين .
ومن وقتها وهي تعد له مفاجأه ..تريد أن تجعل منه أسعد إنسان علي وجه البريه كما أسعدها
توقفت سيارته أمام الفيلا في نفس ميعاده المترقب ..صعد بخطوات تعبه إلي الطابق العلوي حيث غرفة النوم..كان كتفيه مهدلين وهو يرمي بالستره السوداء علي كتفه
فتح الباب ودخل بأنهاك …وبمجرد أن استدار حتي وجدها أمامه …ليست هي نفسها نداء التي تقف أمامه الآن مثل الحورية فائقة الروعه والجمال …أنثي مغريه بحق ..ترتدي قميص من الشيفون يحتضن جسدها بنعومه و يصل إلي ركبتيها ..
تقف أمامه تطالعه بعينان يفيض منها الحب …في دعوة صريحه منها له بالأقتراب..وأقترب..وعيناه تتفحصها بنظره نهمه موجعه ومتوجعه .
وقف أمامها يتفحصها بذهول ..أحتضنت كفه بين اصابعها النحيفه
وسار معها طواعيه ..أجلسته علي طرف السرير ثم جثت علي ركبتيها أمامه ..شملته بحب قبل أن تقول بخفوت متورد بحمرة الخجل
:الليله أنت السيد وأنا الجاريه ..اطلب يا سيدي وأنا أنفذ
وصمت يطالعها بذهول وعدم تصديق ثم أبتسامه بلهاء ترسم ملامح وجهه
وتحت أنظاره اللاهبه تحركت أمامه بخيلاء ورقه لتشغل موسيقي كلاسكيه رائعه دوي صوتها في ارجاء الغرفه ..ل تلهبها بجو رومانسي مشحون ومتواتر
وعقدت الوشاح حول خصرها ثم بدأت تتمايل بخصرها يمينا ويسارا علي نغم الموسيقي المتوافق مع رقصتها
رقصتها التي تدربت عليها لفتره زمنيه قبل ان تتقنها أمامه بهذه الحرفيه كأنها راقصه محترفه تعمل في هذا المجال منذ سنوات
والحقيقه أنها تدربت عليها منذ ما يقارب الاسبوع فقط .
وسكنت الموسيقي وسكن جسدها معها..وأقتربت منه ومع اقترابها أنهار كل شئ”
يرقد علي السرير بخيلاء عاقدا ساعديه أسفل رأسه ويمر بخياله تلك الذكري التي مر عليها سنتين ..عندما رقصت له لأول مره في حياتها ..
راقب صورتها المنعكسه في المرآه أمامه حيث كانت تتأمل أنتفاخ بطنها بطريقه ممتعضه مثل كل بنات حواء ..أنها حامل في الشهر الثامن ولا تريد لبطنها ان تنتفخ ..
ولكنه بطريقة ما يحب هذا التغير عليها لا يكرهه كما تزعم هي وتلقب نفسها ب”الفيل”
هتف وابتسامه ماكره تشق جانب وجهه
-نداء
ألتفت إليه هامسه
-نعم
وقال بعبث
-أرقصيلي زي الليله إياها .
وشهقت بحرج وأزدادت ابتسامته العابثه.
……………
خرجت مريم من مستشفي الأمراض العقليه وزوجها معتز إلي جوارها يساندها بعد أن أنهارت حصونها أمام والدتها التي مازالت مكلومه علي فقد أبنها ..وصدمتها في موته أذهبت منها عقلها …ودخلت إلي مستشفي الأمراض العصبيه والعقليه
وصارت مريم تزورها من وقت لآخر حتي تطمئن عليها وتلبي احتياجاتها هي وسلمي التي سامحتها شفقة علي حالتها ولأنها لا تريد أن يحمل قلبها ضغينه لأي مخلوق ..أما خالد وزوجته فلم يستطيعا العفو والمسامحه وأنقطعت علاقتهم بها منذ وفاة وليد
……………
بعد أن أنتهاء حفل زفاف سليم وروميساء ..واللذان سافرا إلي الغردقه لتمضية شهر العسل هناك وسط الطبيعه الخلابه…
وعاد الجميع إلي منزله والفرحه ترتسم علي وجوههم بأتساع..وقد عادت منال مع نوران ونورس والشقيه زيزي التي أصرت بعناد طفولي باكي علي بقاء منال معها
وهمسها الباكي “ايزه نال عايا” بمعني (عايزه منال معايا)
فأضطرت منال للذهاب معهم أمام عناد الطفله
.. .. …….
وعادت زهرة مع زوجها آسرالذي كان سعيدا للغايه بعد أن سلم أخته بيده إلي زوجها …
تهادت إليه في خطوات هادئه ..ثم استطالت علي أصابع قدميها ..تعطيه قبله دافئه عند جانب فكه جعلته يبتسم إليها بحب
وهو يهمس بخفوت
-مالك قلبتي علي رومانسي يعني .
أجابته بأبتسامه دافئه
-حبيتك من أول يوم شفتك فيه ..وحبيتك أكتر لما عشت معاك وكل يوم حبي ليك بيزيد عن الأول..ومعاك عرفت أن مش كل راجل ذئب ..
…………………
“تمت بحمد الله”

نتمنى لكم قراءة ممتعة زوار مدونة كامو الأعزاء
ولطلب اي رواية من اختياركم راسلونا على قناة التليجرام من هنا —-> مدونة كامو للقصص والروايات

أو على رسائل الصفحة الخاصة بالموقع على الفيس بوك من هنا —-> كامو للراوايات والقصص

وللمزيد من الروايات الرائعة يمكنكم تصفح الموقع والبحث عن أي رواية ترغبون بقراءتها من هنا —-> مدونة كامو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى