رواية ثري العشق والقسوة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة الجزء الثامن والعشرون
رواية ثري العشق والقسوة البارت الثامن والعشرون
رواية ثري العشق والقسوة الحلقة الثامنة والعشرون
وتبقى أحلامنا قيد الإنتظار
نحفظ الشوق في خابية القلب
ونجر أذيال اللهفة والشوق معلنين الهزيمة أمام سطوة الحنين والعشق الذى آدمي ارواحنا
من يملك ان يعطينا بارقاً من أمل باللقاء لنعانق الصبر أيوباً من الزمن ونراقب الدرب يعقوباً من الحزن
من ؟!!
منقول.
❈-❈-❈
في غرفة سامح وزينب
يتمددان على فراشهما بعد أن نامت الصغيرة في غرفتها .
ملامح سامح شاردة ولاحظتها زينب لتردف متساءلة :
– بتفكر في إيه يا سامح ؟ ، إيه رأيك في صقر ؟
انتبه لها وزفر يعتدل ويقابلها قائلاً :
– زي ما كنت متوقعه يا زينب ، اللي عرفته عنه من نهى وعن شخصيته يخليني ماستغربش مقابلته ، بس أنا حاجة واحدة شغلاني يا زينب ، اخدتي بالك من كلام ريما عنه ؟ ، لما قالت إن صقر هو اللي أنقذها ؟
تنبهت زينب وضيقت عينيها قائلة :
– أيوة طبعاً بس هو أنكر ، وأنا قلت يمكن ريما شبهته بحد تاني من الشرطة ولا حاجة ، إنت عارف إن وقتها هي كانت خايفة ومشوشة ويمكن مخدتش بالها .
مسح بكفيه على وجهه يردف بحيرة :
– مش عارف يا زينب ، بس اشمعنى صقر اللي ريما قالت عنه كدة ؟ ، معقول يكون ليه يد في رجوعها ؟
غمرتها الحيرة أيضاً لتفكر قليلاً ثم تحدثت مترقبة :
– طيب تحب اتكلم معاها يا سامح ؟ ، يمكن اقدر أفهم منها ؟
زفر يقول بهدوء :
– مش عايزين نفكرها بالحادثة دي يا زينب ، خلي الوضع يبان عادي وأنا هحاول أعرف منها بطريقة تانية ، المهم لو فعلاً صقر ليه يد في رجوع بنتي يبقى أنا مُدين ليه يا زينب ، وهيبقى دين كبير أوي .
❈-❈-❈
في ڤيلا آسيا
تقف مايا في الحديقة الخلفية تحاول الوصول إلى عمر الذي أخبرها أنه سيأتي وإلى الآن لم يصل .
لقد عادت من منزل شقيقتها منذ ساعتين تنتظره ولكنه تأخر كثيراً عليها .
زفرت بضيق وتنبهت لنداء آسيا عليها فالتفتت تطالعها حيث تقف آسيا خلف نافذة غرفتها تردف بحنو :
– اطلعي نامي يا مايا شكله مش جاي الليلة ، يمكن حصل معاه ظروف وييجي الصبح .
نظرت لها بملامح مقتضبة تومئ قائلة بضيق :
– أوكي يا مامي طالعة حالاً .
دلفت آسيا وأغلقت نافذتها وزفرت مايا والتفتت لتعود للداخل ولكنها وجدت من يردف من خلفها بنبرة مشتاقة وهو ينظر لهيئتها وينادي :
– مايا .
التفتت منتفضة لتجده أمامها ، عيناه التي اشتاقت لهما ، ملامحه وابتسامته التي تعذبها وتدغدغ مشاعرها .
ظلت ثابتة تطالعه مطولاً وهو كذلك يقف يطالعها ويده اليمنى تحمل الضماد واليسرى تجاوره وهو يبتسم ولكن اتسعت عينيه حين وجدها تركض نحوه قاصدة عناقه ليحل وثاق ساقيه ويسرع يركض مبتعداً عن مرماها قائلاً بذهول :
– بتعملي إيه يا مجنونة .
وقفت تحاوره وتردف مبتسمة بحب ونبرة طفولية :
– وحشتني أوي يا عُمر ، عايزة أسلم عليك واحضنك .
اتسعت عينيه أكثر ليردف معترضاً وهو يحاول الابتعاد عنها :
– حضن إيه بس صلي ع النبي كدة ، ميصحش يا مايا الكلام ده .
زفرت باحباط ثم شبكت ذراعيها تردف بنبرة ملوعة :
– مهو إنت السبب ، هونت عليك تغيب عني كل ده .
وقف يردف بحب وعيون لامعة :
– غصب عني يا مايا .
نظرت لضماد يده وتحركت بهدوء نحوه وهو ينظر لها متوجساً ويتأهب ولكنه وجدها تقف قبالته وتتعمق في جرحه مردفة بحنو :
– هو ده الجرح اللي قلت عليه ؟.
أومأ لها فمدت يدها تتحسس الضماد فتحمحم بحرج وتحدث :
– أحم ، يا بنتي اهدي بقى ، ميصحش كدة .
زفرت بحنق وابعدت يديها عنه تردف بغيظ :
– يوووه بقى ، فيه إيه يا عُمر بطمن عليك ، المهم لسة بتوجعك ؟
هز رأسه يردف بهدوء :
– لاء بقيت تمام ، طمنيني عنك وعن آسيا هانم ؟ .
التفتت بوجهها ورفعت رأسها لأعلى تنادي والدتها بصوتٍ عالٍ قائلة :
– ماااااامي ، مااااامي عُمر جه .
بعد ثواني فتحت آسيا نافذتها مجدداً لتراه ، رأته فابتسمت له بينما هو رفع يده السليمة يحيها قائلاً :
– أزيك يا آسيا هانم .
أردفت بحنو :
– حمدالله على السلامة يا عُمر ، هنزلك حالاً .
التفتت تعود للداخل وتغلق النافذة بينما عاودت مايا النظر له قائلة بحب :
– عُمر إنت هتنام هنا صح ؟
لف نظره يبحث بعينيه عن قطته قائلاً :
– ملوش لزوم يا مايا ، أنا جيت اطمن عليكوا وعلى كيتي وأروح علشان هسافر تاني كمان يومين .
تحدثت بتصميم معترضة :
– أوكي بمَ إنك مصمم ترجع مع صاحبك تاني يا عُمر يبقى هتقضي اليومين دول معانا هنا ، ومش هقبل اعتراض منك لإنك أصلاً مزعلني منك جداً .
زفر مطولاً وتعمق في عينيها وملامحها العنيدة الطفولية ، نعم يحبها وجداً وينتظر أنسب وقت ليطلب يدها وتكن حلاله لينعم بها ومعها ، حقاً بات لا يريد سوى تحقيق هذا الحلم الذي يعد تحقيقه صعباً ولكنه سيفعل ، سيتمهل وسيفعل كل ما يمكنه فعله ليحصل عليها ، تلك المدللة التي امتلكت زمام قلبه بأفعالها وطاعتها له واثبتت حبها له بسهولة .
تحدث يومئ بهدوء ليريحها :
– تمام يا مايا ، المهم متزعليش .
ابتسم وتوردت وجنتيها بحب لينتبها لخطوات آسيا التي أتت لترحب به هي الأخرى
❈-❈-❈
ظهراً في إيطاليا
خرج ماركو من مطار بولونيا في إيطاليا ليستقل سيارة عائلته ويغادر بعدما أخبرهم بضرورة لقائهم في اجتماع هام .
وصل بعد وقتٍ أمام قصر موراكو .
ترجل ودلف يخطو بثبات حتى وصل إلى مجلس تجمع العائلة ، دلف ليجد ميشيل يتوسط المجلس ويجاوره أشقاؤه وأبنائهم .
تحرك حتى جلس على مقعد مجاور لميشيل ونظر لهم جميعاً بترقب .
تساءل ميشيل بخبث :
– ماذا لديك لتخبرنا به ؟
يعلم أن ميشيل لن يصدقه بسهولة ، يعلم أنه يحتاج لطريقة متقنة لإقناعه ، لذا فهو صمت قليلاً يستحضر جهده ثم رفع رأسه يتحدث بثبات وثقة :
– تعلمون جميعكم أن صقراً وأنا نعد شخصاً واحداً ، دوماً كنا كذلك ، دوماً تغلبنا على أصعب المهام ونفذنا أعقد العمليات سوياً ، لم يفرقنا شيء ، ولا أي شيء ، حتى أن ميشيل أرسلني خلفه لأراقبه ولن أفعل ، كنت دوماً مخلصاً له أكثر من هذه العائلة ، دوماً فضلته هو ، دوماً اخترته هو .
كان يتحدث بشرود ونبرة مؤثرة لتتحول نظرته لأخرى شرسة غاضبة وهو ينظر لعين ميشيل ويتابع :
– لتأتى تلك المسلمة وتنجح خلال أشهر قليلة في التخريب بيننا ، فيصدقها هي بدلاً عني ، تريد أن تسحبه لعالمها وشروطها أن يبتعد عني أولاً ، فأنا شيطان سيء ، فقط لتسامحه وتعود إليه وضعت هذا الشرط ، ظننت أنه سيقتلها ويرفض ، ولكن صدمتني موافقته ، لذا فهو يتهمني أنني أبلغتك عن مكانه ، أصبح يشك بي أنا ، تلك المسلمة نجحت في جذبه لها ، لذا فأنا الآن في أشد حالات غضبي ، رغبت في إخراج مسدسي وتفريغه في رأسها ، حقاً كنت على وشك أن أفعلها ، ولكني أعلم حينها ستندلع الحرب بيني وبينه ، لذا أتيتُ إلى هنا لنجد حلاً ، أتيت والغضب يتملكني .
كانت عروق يديه ووجهه منتصبة تدل على قمة غضبه الذي أقنع الجميع به حتى ميشيل ، كان بارعاً في أداء هذا الدور ليتحدث أحد أولاد أعمامه قائلاً بخبث وحقد واضحان :
– ولمَ لا تقتله هو ؟ ، ما حاجتنا إليه ؟
انتفض ماركو ينزع سلاحه من خصره ليقول وهو يشهره نحو بغضب :
– إذهب واقتله بنفسك إن استطعت ، إذهب وأفعلها ولا تلقي عليّ أوامر .
وقف ميشيل يخفض يد ماركو ويشير لإبن أخيه بالتوقف ليقول بجمود بعد أن اقتنع بحديث ابنه :
– لن يقتل أحداً صقر ، نحن جميعاً بحاجته ، قتل صقر أو قتل تلك الفتاة لم يعد يفيدنا في شيء ، بل سنخسر الكثير ، هو الآن يعشقها ، لذا دعونا نجد حلاً آخراً تستفيد منه العائلة جميعها .
أيدوه جميعهم ووقف ماركو ينظر لهم بترقب ، عليه أن يعلم من ميشيل ما هو الحل الآخر دون أثارة الشكوك من حوله .
❈-❈-❈
بعد يومين
أمام ڤيلا صقر تقف نارة تودع والدتها ومايا
قالت آسيا متسائلة بحنو :
– هتتأخروا في إيطاليا يا نارو ؟ .
تحدثت نارة بهدوء يخفي توتراً وهي تنظر إلى صقر :
– لا يا ماما ، صقر هيطمن على خاله ويعرفني عليهم ونرجع علطول ، يعني ممكن أسبوع ، مش كتير يعني .
عانقتها مايا قائلة بمرح :
– يا بختك يا نارو ، أنا وحشتني إيطاليا أوي .
تحركت نارة بعد ذلك مع زوجها يستقلان السيارة مع الحارس الإيطالي الذي سيذهب معهما لينضم إلى الحراس الإيطاليين الذين ينتظرونهم هناك .
❈-❈-❈
في منزل خديجة
تجلس في غرفتها تقرأ وردها المسائي ، صدقت وضعت المصحف في مكانه ثم وقفت تتجه لشرفتها كي ترى النبتة التي زرعتها حديثاً .
دلفت إليها وخطت تجاهها ثم وقفت تتفحصها ، ابتسمت حيث وجدتها بحالة جيدة بعد أن روتها باكراً .
رفعت عينيها تلقائياً على شرفة ماركو تنظر لها بشرود وتتنفس ، لا تعلم لمَ مؤخراً أصبح يشغل حيزاً من تفكيرها ، تعلم أنه ليس هناك ورأته منذ يومين وهو يغادر ومعه حقيبة سفره ، لذا فهي تتساءل وتفكر .
هل رحل أم هذا مجرد سفرٍ وسيعود ، ما سبب أفعاله معها ولمَ يريد التقرب إليها دوماً وهو يدرك جيداً أن ما بينهما كالمشرق والمغرب ؟
هل لديها قوة وطاقة كي تحاول سحبه إلى الصواب وتنتشله من سيئاته أم هذا شيئاً يعد مستحيلاً .
لتنتقل بأفكارها إلى والدها ، حتى وإن تقبلته كيف لوالدها أن يتقبله ، هذا ضرباً من ضروب المستحيل ، لن يقبل به حتى وإن أوفى كل الشروط المطلوبة .
ولكن لحظة خديجة ، وهل هو سيوفي كل الشروط للوصول لكِ ، هل حقاً هو قادرٌ على فعلها أم كل أفعاله مجرد سبيلاً للتسلية فقط .
احتقن وجهها عند تلك النقطة وتحركت عائدة لغرفتها لتسرع في إغلاق نافذتها بنوعٍ من الحدة وهي تعنف نفسها على تلك الأفكار ، لا يجوز لها أن تتطرق إلى عالمه والإنشغال به ، هو لا ولن يصلح لها ، هو منافراً تماماً لما هي عليه لذا فتفكيرها به يعد ذنباً عليها التوبة عنه .
❈-❈-❈
بعد رحلة دامت لعدة ساعات
ولج صقر ونارة من مطار بولونيا واتجها للسيارة التي تنتظرهما بالسائق والحارس يتبعهما ويسحب حقيبتيهما .
استقلاها وانطقلا إلى وجهتهما ، نظرت له بترقب متسائلة :
– هل سنذهب إلى منزل عائلتك فوراً أم سنذهب إلى مكان آخر ؟
طالعها بحب وتحدث بثبات :
– أنتِ لن تذهبي إلى قصر موراكو ناردين ، أنتِ ستنتظريني في منزل ريفي ملكاً لي ، وسيأمنكِ رجالي إلى أن أعود .
فتحت فمها لتعترض ولكنه وضع سبابته على شفتيها يمنعها من الحديث قائلاً بحب تغلفه الصرامة :
– لا اعتراض ، لن تثنيني عن قراري هذه المرة .
زفرت باستسلام ليتحسس شفتيها بإصبعه ثم سحبه بتمهل وانحنى يطبع قبلة صغيرة مفاجأة لها .
لكزته في كتفه قائلة بحرج وهمس وعينيها تتفحص جسد الحارس الذي يقود والآخر الذي يجاوره :
– صقر ، رجالك معنا .
مال يهمس عند أذنها التي كان يغطيها الحجاب قائلاً بهيام من أثر رائحتها :
– إن التفت أحدهم سأقتلع عينيه ، وهما يدركان ذلك جيداً .
ابتسمت له لتواجههُ وتهمس هي في أذنه قائلة بدعابة :
– دم رجل العصابات الذي يجري في عروقك هذه لابد أن نستبدله .
عاد يهمس لها بحب وتملك :
– لنستبدله أو لنهدره إن أردتِ ذلك ، فلكِ بي ما تشائين .
رفعت يده التي كانت تحتوي يديها وقبلتها بحب قائلة :
– لا أريد سواك آمناً ، لا تتحدث هكذا مرةً أخرى .
ابتسم لها واحتضنها بعد ذلك ليبث فيها الأمان ليكملا طريقهما إلى قرية ( فراسو سابينو) التي تقع في أعماق مدينة لاتيوم الإيطالية والتي ليس من السهل الوصول إليها نظراً لطرقها الريفية المتعرجة .
كان طريقاً طويلاً دام لأكثر من ست ساعات دون توقف ، حتى أن نارة غفت ولكن هذا يعد احتياطاً أمنياً منه كي يطمئن عليها ويبعدها ، كان يمكنه تركها في مصر ولكنه خشى غدر ميشيل به ، عليه أن ينهي مسألته أولاً .
وأخيراً توقفت السيارة ليترجل منها صقر بعد أن أيقظ نارة التي استيقظت تنظر نحو المكان بتعجب ، لأول مرة ترى هذه القرية ، ربما سمعت عنها من قبل ولكنها لم تراها ، جميلة تمتاز بأنها ذات طابع كلاسيكي من العصور الوسطى كذلك بساطتها تميزها .
بدآ يسيران في طرقها المائلة حتى وصلا إلي منزل تحتله الجبال والخضرة كباقي المنازل من حوله ، مد صقر يده في جيبه ليخرج مفتاحاً لهذا الباب العريق .
فتحه ودلفا سوياً ثم التفت يتناول الحقيبة من حارسه الذي كان يسير خلفهما ثم أشار له بأن يغادر إلى مكانٍ قريب مجهزاً مسبقاً من بضعة رجال آخرين مسلحين وعلى استعداد تام لتنفيذ مطلبه .
أغلق الباب وأشعل الإضاءة الخاصة بالمنزل فأنار المكان ، التفتت هي تجول بأنظارها حوله ، مميز وبسيط ولا يحتوي على الكثير من الأثاث ، هناك طاولة جانبية يرتص حولها أربعة مقاعد وبساطاً يدوياً وضع أرضاً ، تحمحم يردف ويده تحاوط خصرها :
– يعد مكاناً رديئاً لا يليق بكِ ولكنه آمناً عن غيره ، كنت آتى إلى هنا كلما أردت إثارة غضب ميشيل .
ابتسمت ثم نظرت في عينه وتحدثت بإعجاب صادق وبلهجة مصرية :
– بالعكس أنا حبيته جداً ، أكتر حاجة عجبتني بساطته .
ابتسم لها ثم حثها على التحرك معه يردف بنوعٍ من أنواع السعادة وهو يغمز لها بعينه قائلاً :
– لأريكِ محتوياته إذاً .
تحركا معاً نحو ركن جانبي عبارة عن مطبخٍ بسيط لا يحتوي على أشياءً كثيرة ، فقط بعض العبوات والأصحن والأكواب الموضوعة على رفٍ خشبي وتغلفها الأتربة ، يجاورهما موقد مسطح بسيط ، تفاصيل بسيطة وصغيرة التقطتها عينيها بحب وتعجب .
تحركا بعد ذلك نحو الحمام ، واسعاً ولكن جدرانه بدائية ، خالياً تماماً من أي وسيلة مرفهة ، يحتوي في ركنه على خزان بلاستيكي لحفظ المياة وغيره من الأدوات والأواني البسيطة .
وقبل أن تسأله بتعجب سحبها معه إلى داخل الغرفة الوحيدة هنا .
لتجد سريراً صغيراً بعض الشيء ولا شيئاً سواه داخل تلك الغرفة المتوسطة .
نظرت له بتعجب واندهاش ثم قالت مبتسمة :
– أتمتلك هذا المكان حقاً ؟ ،، كنت أعتقد أنك لا تمتلك سوى الأماكن الفارهة .
رفع ذراعيه يحاوط كتفيها قائلاً بثبات وعينه منكبة على عينيها :
– هذا يعد مخبأي ، آتى إلى هنا لأنزع صقر الصياد كما يطلقون علي .
زفرت تومئ بعيون لامعة عاشقة ثم تحدثت متسائلة بنبرة يشوبها القلق :
– وهل ستذهب لعائلتك الآن ؟ ،، أرى أن الوقت أصبح متأخراً .
طالعها بحب وتحدث بنبرة هادئة قائلاً :
– لنقضي الليلة معاً هنا ، ولنتجرد من أي أفكار ، أنا وأنتِ فقط ، ثم سأذهب غداً أنهي هذا الأمر وأعود .
أومأت له تبتسم ليحرك رأسه تجاه السرير قائلاً بخبث ودعابة :
– هذا السرير متينٌ جداً ، مصنوعاً من أجود أنواع الأخشاب هنا ، يتحمل زلزالاً بقوة 6 ريختر ، ما رأيكِ أن تجربيه بنفسكِ .
ضحكت عالياً عليه ونادراً ما يحدث أن تضحك بهذه الطريقة التي تستحوذ على كل حواسه وتجعله يبتسم لا إرادياً هو الآخر .
تركته واتجهت تجلس على طرف هذا السرير المتين وتتحسس متانته بيدها برقة لتنظر له قائلة بمكرٍ أنثوي :
– نعم معك حق إنه متين .
خطى باتجاهها خطواتٍ متمهلة ينظر لها بعيني مشتهية تتراقص المشاعر بهما حتى وصل إليها لينحنى ويحاصرها بين ذراعيه التي ارتكزت جنبيها قائلاً بأنفاسٍ لاهثة :
– هذه لا تعد تجربة جيدة ، دعيني أريكِ كيف نتأكد من متانته .
مال يلتهم شفتيها في قبلةٍ ساحرة جعلتها تتخذر وتميل للخلف وهو معها ليأخذها عبر رحلةٍ فوضويةٍ مشاغبة
❈-❈-❈
يجلس ميشيل ينتظر اتصالاً من أحدهم .
رن هاتفه فأجاب سريعاً يقول بترقب :
– هل عرفت مكانه ؟
أردف الرجل والذي يعد فرداً من رجاله قائلاً بجمود :
– نعم سيد ميشيل ، وصلنا إليه من خلال جهاز التتبع الذي تم تركيبه في سيارة رجاله أمس ، هو في قرية فراسو سابينو التابعة لمدينة لاتيوم .
ضحك ميشيل يردف بقسوة وتباهي :
– حسناً هذا جيد جداً ، الآن انتظروا إلى أن يغادر وأحضروها لي . .
أردف الرجل بتوتر :
– ولكن سيد ميشيل هذا صعباً جداً ، المنزل محاط بمنازل ريفية وسط الجبال ، ورجال صقر ينتشرون بين المنازل متخفيين ، يصعب علينا اختراقه .
اكفهر وجههُ وقال بغضب :
– اسمع يا هذا ، أنا لم أنتظر تلك اللحظة منذ مدة كي تفشلوا ، جدوا طريقة واحضروها حتى لو ستبيدون القرية بأكملها .
تحدث الرجل بتروي يحاول تبرير أسبابه قائلاً:
– في تلك الحالة ستتبعها الشرطة الإيطالية سيد ميشيل وأظن أنك لا تريد ذلك ، فقط لتخرج من ذلك المنزل وسنحاول .
تحدث قبل أن يغلق بجمود :
– لا تحاول ، افعل فقط ، أحضرها لي .
❈-❈-❈
صباحاً في القرية الإيطالية
تقف نارة في الحمام التابع لهذا المنزل ترتدي قميص صقر الأبيض وتحمل في يدها إبريقاً ممتلئاً بالمياه الدافئة التي تم تدفئتها عن طريق الموقد ، لتقوم بسكبه على جسد هذا الجالس على مقعدٍ خشبي متوسط الطول يستمتع بتحميمها له في تلك الأجواء الرومانسية الأقل بساطة .
ضحكت بخفة وهى تعاود أخذ المياة من هذا الوعاء حيث تغمر الإبريق فيه ثم ترفعه ممتلأً إلى رأسه التى امتلأت بالرغاوي بفعل الصابون وتسكبه فوقه بحنو لتسقط المياه على جسده ساحبة في طريقها تلك الرغاوي .
تساءل وهو مغمض العينين ويديه تدلك جسده لتزيل بقايا الصابون قائلاً بحب بعدما استمع لضحكتها :
– هل تذكرتي أمراً ما .
عادت تضحك بنعومة قائلة بنبرة مؤثرة :
– نعم تذكرتُ فيلماً سينمائياً يعرض نفس المشهد هذا وكنت أتساءل متعجبة كيف يستطيع هؤلاء الناس التأقلم مع تلك الحياة ، ربما لأنني اعتدتُ حياةً مرفهةً كنت أتعجب ، ولكن حقاً ما يحدث الآن هو شيئاً ممتعاً وتجربةً جديدة أود تكرارها ، أحب أن أبدو كأمٍ لك وأهتم بك وبكل ما يخصك .
تحدث بحب قائلاً بثقة بعدما أزال بقايا الصابون من على عينه وطالعها :
– وأنا أحب هذا الشعور منكِ ، لذا فلتفعليه دوماً ، لتعتبريني طفلكِ المدلل .
أردفت بحب وسعادة وقد انتهت والتقطت منشفة لتجففه قائلة :
– بكل سرور يا صغيري .
تناول منها المنشفة ووقف ليكمل هو تجفيف جسده ثم لفها حول خصره قائلاً بترقب :
– والآن حان دوركِ .
كادت تعترض ولكنه أجلسها لتشهق محاولةً إيقافه ولكنه وجد طريقه في فك أزرار قميصه ونزعه من عليها ليفعل مثلما فعلت معه ويحممها وسط ضحكاتها وسعادتها في هذه الأجواء البسيطة .
بعد وقتٍ
يجلسان على تلك الطاولة يتناولان فطورهما ، تحدثت متسائلة بتوتر :
– صقر هل يمكن احتمال عدم إقناع عائلتك بتخليك عن تلك الأعمال ؟
زفر يفكر قليلاً ، هي لا تعلم أن الأمر يعد مستحيلاً ، هو فقط يحاول من أجلها ، يحاول لينفذ وعداً قطعه لها ، وليرى إلى ماذا سيصل ، ليجيب بثبات مخادع مبعداً عينيه عنها حيث ينظر لكوب الشاي في يده :
– سأجد طريقةً ما ، لا تقلقي ، والآن أريد أن أرحل ، سأغيب عنكِ ربما لوقتٍ طويل ، رجالي في الخارج يأمنوكِ جيداً ، وسأراسلكِ دوماً حتى وأنا أتحدث مع ميشيل .
قالها غامزاً ليزيح غمامة القلق التى رآها في عينيها لتبتسم له قائلة بحب :
– سأنتظرك .
نظر لها مطولاً ثم تحرك إلى الخارج وأغلق الباب ليجد ليونيل ينتظره بعد أن جاء إليه منذ قليل ليتحركا سوياً إلى وجهتهما .
رفع هاتفه الخاص يهاتف أحدهم قائلاً بغموض :
– هل وضعت الأسلحة كما اتفقنا ؟
تحدث ماركو بخفوت :
– في المكان المتفق عليه ، أحاول أن أعلم عمّا يخطط ميشيل ، هو لم يخبر أحداً ، ما زال يشك في أمري ، ولكن سأبذل قصارى جهدي ، أخبرني هل أمنت زوجتك جيداً ؟
تحدث صقر بشرود والقليل من الحيرة والقلق قائلاً :
– أخشى أنّ غلبتني عاطفتي حينما أتيتُ بها إلى هنا ، ربما بقاؤها في مصر كان أكثر آماناً من هنا .
تحدث ماركو معترضاً :
– هنا ستكون بالقرب منك ، حتى عند حدوث خطأ يمكنك التصرف أسرع ، أما هناك فستكون بدونك ويصعب عليك التصرف بشكلٍ سريع ، ميشيل لا يعيقه شيئاً لا هنا ولا هناك ، ما فعلته هو الصواب ، لا تقلق الأمور ستسير على ما يرام .
زفر صقر يومئ قائلاً بضيق ولم تطمأنه كلمات ماركو ، في كلتا الحالتين سواء كانت هنا أو في مصر لن يطمئن إلا بعد أن ينهي هذا الأمر ويعود إليها لذا تحدث ببرود :
– حسناً ماركو ، هيا أغلق .
❈-❈-❈
قررت هي تنظيف المكان أولاً ثم لتشرع في الصلاة ومن بعدها تجلس تقرأ كتاباً إلى أن يعود .
أرسل لها رسالةً عبر الهاتف فأسرعت تفتحها لتقرأ كلمته التى تحبها ( اشتقتُ لكِ )
ابتسمت وأرسلت له مثلها ( وأنا ايضاً اشتقتُ) .
زفرت ثم تركت هاتفها على الطاولة لتقرر بدء التنظيف من الغرفة .
أما ميشيل الذي يتحدث مع رجاله متسائلاً :
– أخبرني أخباراً سارة .
تحدث رجله قائلاً بثبات :
– سيدي لقد غادر صقر ، والآن هي بمفردها في ذلك المنزل ، ولكن المكان معبأ برجاله الذين يؤمنوها جيداً .
تحدث ميشيل بحقد :
– حسناً يبدو أن رجال صقر أكفأ من رجالي ، أراكم ترتعشون منهم ، لتختبئوا مني إذا وأجلب غيركم يحضرها لي .
شعر الرجل بالدماء تغلي في عروقه ليقول محاولاً إرضاء سيده وإثبات قوته أمامه :
– سأجلبها لك سيد ميشيل ، فقط أمهلني بعد الوقت ، سأجد طريقةً ما .
تباهى ميشيل بطريقته التي أقنع بها رجله وقال بجمود :
– هذا هو رجلي ، أعلم أنك ستحضرها لي قبل عودة صقر وإلا فقد انتهى أمركم جميعاً .
أغلق بعدها ليقف هذا الرجل الذي يعد من أكفأ رجاله والذي يختارهم للمهام الصعبة ،، يفكر في طريقة يمكن إخراجها بها من هذا المنزل بأي شكلٍ كان .
❈-❈-❈
بعدما انقضت مسافة الطريق
وصل صقر أمام قصر موراكو ، طوال طريقه يراسلها ويحدثها وتبادله بحب ، ترجل هو وليونيل ورجلاً آخراً وخطوا بإتجاه باب القصر ليجد رجال ميشيل يعترضون طريقه وأحدهم يردف بجمود :
– علينا تفتيشكم أولاً سيد صقر .
نظر له بغضب ، لو قالها في أي وقتٍ مضى لربما قتله ، دوماً كانت أبواب قصر موراكو تفتح تلقائياً له وينحني حراسها احتراماً لحضوره ، ولكن يبدو أن ميشيل بات يخشاه الآن ، رفع ذراعيه يفتح طرفي جاكيته ليبدأ الحارس بتفتيشه بناءاً على الأوامر التي تلقاها من ميشيل .
نزع السلاح الذي كان يوضع حول خصره وكذلك تم أخذ أسلحة رجليه .
فتحوا لهم الطريق بعدها ولكن توقف صقر يلتفت لهما قائلاً :
– انتظراني هنا .
وقف رجليه ودلف هو بمفرده بخطوات ثابتة وواثقة ، يخطو في الطرقات التي يحفظها عن ظهر قلب .
وصل أمام باب قاعة اجتماعات العائلة لعلمه أنهم ينتظروه ، دلف يقف عند الباب ويطالعهم ، ينظرون له جميعهم ، وجوه تطالعه بكرهٍ واضحٍ وأخرى تنظر له بخبث وتشفي ، هو يعلم جيداً أنهم يكرهونه وهذا شعوراً متبادلاً .
بينما وقف ميشيل يفرد ذراعيه مرحباً بخبث :
– أهلاً بعودتك لأبيك يا صغيري .
تعمق في عينيه الخبيثة ليردف دون أن يعيره اهتمام :
– جئت لأتحدث ، لذا لا داعي لأي استعراضات زائفة .
أنزل ميشيل ذراعيه وعاد يجلس واضعاً ساقاً فوق أخرى ليقول له بجمود :
– نسمعك إذاً .
وقف صقر بينهم بمفرده ثم تقدم يجلس على مقعد يتوسطهم قائلاً بثبات :
– مؤكد تعلمون جميعكم سبب مجيئي ، جئت لأنهي خدمتي معكم .
أردف ميشيل بغضب يغلفه البرود :
– هل هذا أمر زوجتك ؟ ، أيعني أنك فضلت أن تكون ولداً مطيعاً لتحصل على رضاها ؟ .
يعلم أنه يستفزه لذلك تحدث ببرود متجاهلاً حديثه :
– لن يتأثر شيئاً بدوني ، مثلما ذهبتُ إلى مصر وأتممت مهامكم على صعيدٍ جيد ، وأما عن الشركة والشحنات يمكن لإبنك الغالي أن يديرهم فقد أصبح بارعاً في إدارة الأعمال ، لم أعد أريد شيئاً من عائلة موراكو اللعينة .
تحدث داروين بغضب :
– الآن بعدما شبعت واكتفيت باتت عائلة موراكو لعنة ؟ ، أنسيت فضلنا عليك يا ابن ناصر ، ومن يضمن لنا أنك لن تفشي بنا ؟ ،، هل سنظل تحت رحمتك ؟ ، هذا لن يحدث ، لا يحل عهدنا سوا الدم .
نظر له صقر بجمود قائلاً وهو يسعي ليتحكم في غضبه :
– أعلم ذلك جيداً ، وأنتم تعلمون أيضاً أنني لستُ ثرثاراً ، فقط لم أعد أرغب في هذا العمل وتلك العائلة .
تحدث ميشيل بخبث :
– ألم تفكر في حلفائنا ؟ ،، هؤلاء لا تلاعب معهم ، ألا تخاف من انقلابهم عليك .
تحدث بثبات وشموخ :
– أنت الراعي الرسمي للعائلة أمامهم وأنا لستُ سوى فرداً مميزاً من تلك العائلة ، يمكنكم إعتبارى أنني متُّ ، لذا لا داعي لتضخيم الأمور .
تحدث ميشيل للمرة الأخيرة بهدوء :
– راجع نفسك جيداً صقر ، فكر جيداً فيما تطلبه ، قوانيننا لا تقبل التلاعب ، وأنت تعلم ذلك جيداً .
زفر صقر ليتابع بترقب وثبات وهو يفرد ظهره للخلف :
– التلاعب أنت من بدأته حينما سعيت لقتل زوجتي ، ثم أكمل إبنك تلاعبه بي وأخبرك مكاني ، أنتم من بدأتم معي ولستُ أنا ، لذا فالأمر منتهي ، لتخبرونني بما يتوجب دفعه .
نظروا جميعهم إلى بعض ثم أومأوا لميشيل ليقف ويقول بخبث :
– هل ستتنازل عن كل ثروتك ؟ .
ابتسم فهو يعلم مقصدهم تماماً لذا أخرج من جيبه قلماً وقال بثبات :
– أعلم أنكم جهزتم الأوراق ، لذا دعونا ننهي الأمر ، لأقرأها ثم أوقع وليبتعد كلٍ منّا عن الآخر .
نظر له ميشيل ببرود ثم أشار لإحدٍ من رجاله فناوله ملفاً يحتوي على عدة أوراق ليرى رد فعله وهو يمده إليه ، تناوله صقر الذي فتحه وبدأ يفحصه ويدقق فيه ليجد أنهم لم يستثنوا شيئاً ، كل ممتلكاته المعروفة مدونة هنا ، ظل يتفحصه لدقائق وابتسم بتهكم ثم ضغط على قلمه ليدون توقيعه بعدها ويلقى بالملف على الطاولة التي تتوسط الغرفة قائلاً :
– هل هناك شيئاً آخراً ؟
ظهر غضب ميشيل بعد حديثه ، كاد أن يستخدم أمواله كورقةٍ رابحةٍ في منعه ولكنه فاجئهم بتنازله هذا ، ليردف بحقد :
– أنت مثل والدك ، ناكراً للجميل ، أنت وهو متشابهان ، يغلبكما العشق ، مخنثان حقيران تنقادان خلف شهواتكما .
عروق وجههُ تتحرك وفكه يصدر أصواتاً دالة على غضبه وهو لا يريد أن يغضب أبداً الآن ، لذا حاول جاهداً أن يظهر بروده قائلاً :
– ليكن كما تراه ، من شابه أباه فما ظلم ، ليس عيباً أن أكون مثله ، أفضل من أن أكون مثلك ، والآن انتهى النقاش ، لينتهي كل شيء هنا .
وقف ينظر لهم جميعاً ثم تحدث بثبات يردف :
– لا أراكم على خير عائلة موراكو .
التفت يغادر القاعة ، يعلم أن الأمر لن ينتهي على هنا ، يعلم جيداً انتقامهم وكرههم له .
أما أندرو إبن داروين وقف يتحدث بغضب بعدما غادر صقر :
– هل ستتركه يرحل ؟ ،، هذا أصبح خطراً علينا ، يجب تصفيته الآن وهو أمام أعيننا .
ليشير له ميشيل بأصبعه قائلاً بغضب :
– اهدأ ، سيعود بعد قليل ، سيعود ويضع رأسه تحت أقدامنا .
تحرك يغادر ويتناول هاتفه ليتحدث إلى رجله متسائلاً :
– ماذا فعلت ؟
تحدث الرجل الذي يراقب الوضع قائلاً :
– ما زلت أنتظر خروجها سيد ميشيل .
صرخ ميشيل فيه بغضب حاد :
– أقسم إن لم تكن هنا قبل أن يصل إليها صقر لأقتلعت رؤوسكم جميعاً ، أفهمت ، لا تنتظر خروجها بل أخلق سبباً لتخرج .
أغلق ميشيل يتنفس بغضب ثم تحرك باتجاه النافذة ليرى صقر وهو يغادر وخلفه رجلان أحدهما ليونيل ، ضيق عينيه مستفهماً ، أولم يقتله ؟ ، إذا هو لا يعلم بخيانته له ؟ ، حقاً بات صقر ضعيفاً بسبب إمرأة .
ضحك بشر ليردف بقسوة :
– حسناً ، لتعود إلي مجدداً وسأريك كيف تجعل تلك الفتاة خاضعةٌ لك .
❈-❈-❈
غادر في سيارته مع رجليه ، يفكر بشرود ، لن يرتاح إلا إذا قضى على تلك العائلة ، يعلم جيداً أنهم لن يتركوه يعيش بسلام ، ولكن لن يستسلم .
رفع هاتفه يحدثها فأجابت مسرعة بلهفة :
– صقر ، أخبرني ماذا فعلت ؟
زفر براحة عندما سمع صوتها يجيب بحب :
– حسناً جميلتي ، أنا الآن في طريقي إليكِ ، لقد تنازلت لهم عن كل ما جمعته من تلك الأعمال .
زفرت براحة وهي تقول :
– الحمد لله ، لا تعلم مدى سعادتي بسماعي لهذا .
تحدث بحب :
– لتسعدي دوماً ، ماذا تفعلين الآن ؟
تحدثت وهي تبحث عن غرضٍ ما قائلة :
– أعد طعاماً شهياً ، والآن أريد زيتوناً طازجاً وليمون ، لقد رأيتُ من النافذة أشجار زيتون وليمون في الخارج هل يمكنني اقتطاف بعضه ؟
تحدث بثبات وجدية :
– لا تغادرين المنزل أبداً .
زفرت تومئ قائلة بهدوء :
– حسناً ، كما تريد ، هيا أنتظرك .
أغلقت معه لتعود وتكمل إعداد الطعام كما تريد .
بعد وقتٍ وجدت من يطرق بابها لتتسائل بتوتر :
– من ؟
تحدث الرجل باحترام :
– هذا أنا سيدتي ، خذي هذا من فضلكِ ، لقد أمرني السيد صقر أن نقتطف لكِ حباتٍ من الليمون والزيتون وها هي .
أسرعت تفتح الباب لتجده ينظر أرضاً باحترام ويتمسك بسلة تحتوي على بعض الحمضيات الطازجة لتتناولها منه قائلة بهدوء :
– شكراً لك .
كادت تغلق ولكن ظهرت فجأة سيدة مسنة تبدو من سكان القرية وكانت في حالة فقيرة تطالعها بعمق قائلة برجاء :
– كيف حالك ابنتي ، هل يمكنكي مساعدتي من فضلكِ ؟
منعها الحارس يردف بجمود وهو يحاول دفعها :
– غادري حالاً أيتها العجوز .
كادت تسقط فأسرعت نارة للخارج نحوها تساندها ثم نظرت للحارس بغضب معنفة :
– اتتعامل مع الكبار هكذا ؟ ، ألم يكن لديك أم ؟
ربتت العجوز على يدها وهي تتمسك بها قائلة بضعفٍ وانكسار :
– شكراً لكِ بنيتي ، لم أكن أعلم أنكِ تمتلكين حراساً ، أنا أسفة .
كادت تتحرك لتوقفها نارة قائلة بحنو :
– انتظري ،، كنتِ تودين مساعدة ماذا تريدين ؟
ليعترض الحارس وزميله الذي جاء إليه مسرعاً بعدما لاحظ حالة الشغب هذه قائلاً :
– سيدتي لا يجب أن تخطي خارج المنزل ، فضلاً دعيها ترحل .
أومأت العجوز قائلة :
– هما محقان ، يجب أن أغادر ، سأحاول إيجاد شخصاً آخراً يساعدني .
تحركت خطوة لتلحقها نارة وتردف بعاطفة :
– انتظري .
توقفت العجوز لتلتفت نارة للرجلين قائلة بصرامة :
– أنتما فقط مأموران بحراستي وليس بتقييدي ، لذا توقفا عن مضايقتي وأتما مهمتكما في صمت .
نظر الرجلان لبعضهما وخشيا من غضب صقر عليهما ، لذا قررا الصمت ولكنهما يحومان حولها وباقي الرجال ينتشرون في الأرجاء والأزقة .
نظرت نارة للعجوز وتساءلت بحنو :
– والآن أخبريني ، ماذا تريدين ؟
ابتسمت لها تقول بانكسار ونبرة مؤثرة :
– لدي حفيدة واليوم تحتفل القرية بأكثر حدث مهماً فيها وهو عرض أزياء يقام سنوياً نرتدي فيه ملابس مصنوعة من منتجات معاد تدويرها ، وإن أعجب أحدهم بها أشتراها ، وحفيدتي تريد صنع واحداً بالزجاجات البلاستيكية ، وأمس حاولت صنع واحداً وقد فشلت والآن تبكي وحزينة وأنا ليس لدي سواها ، مررت على بيوت الجيران ليساعدني أحدهم ولكنهم رفضوا وكنت عائدة منكسرة الخاطر لأخبرها ، ولكن رأيتكِ الآن قُلت لربما تستطيعين مساعدتي ومساعدة حفيدتي الغالية .
استمعت لها نارة بتأثر ثم أومأت تردف قائلة :
– حسناً بالطبع سأساعدكِ .
نظرت للحارس الذي يقف يجاورها قائلة :
– أرأيت ؟ لا داعي لتضخيم الأمور ، هي فقط أرادت المساعدة .
ليردف باحترام وثبات :
– لا تصعبي الوضع سيدة ناردين ، السيد صقر لن يرحمنا .
زفرت تفكر قليلاً ، تنظر لوجه السيدة المنكسرة تارة وتفكر في زوجها تارة ، ولكن بحياتها لم تتوارى عن عمل الخير ، وهذا يعد كذلك ، لربمَ إن ساعدتها ا
أكرمهما الله .
زفرت وتساءلت بترقب :
– أين هو منزلكِ يا أمي ؟
أردفت العجوز وهي تشير على نقطةٍ ما :
– قريبٌ جداً ، هل ستأتين معي ؟
أومأت لها ونظرت للحارسان قائلة :
– رافقاني ولا تقلقا سنعود سريعاً ، ولا داعي لإخبار السيد صقر .
أغلقت بابها وتحركت مع السيدة والحارسان يتبعانها ويحاولان الوصول إلى صقر ولكن شبكة الاتصال به منقطعة .
صارت حتى وصلت أمام منزل العجوز لتفتح باب منزلها قائلة بابتسامة :
– تفضلي بنيتي ، حفيدتي في الداخل .
أوقفها الحارس قائلاً :
– انتظري سيدتي .
دلف هو أولاً يتفحص المكان فلم يجد شيئاً سوى طفلة تجلس في أحد الأركان ويبدو عليها الحزن .
خرج يومئ لها فدلفت المنزل لتجد صغيرة جميلة ذات جديلتين نسجتا من خيوط الشمس .
انحنت إليها تردف بحب وتساؤل :
– لِمَ أنتِ حزينة أيتها الجميلة ؟
نظرت لها الطفلة بصمت ثم لفت نظرها لجدتها التي أومأت لها لتبدأ الطفلة في إخبارها بنفس الحديث حتى انتهت فقالت نارة بحنو :
– حسناً ، دعينا نعيد صنعه سوياً ، ولنحضر تصميماً مناسباً من الهاتف ثم ننفذه .
أومأت الطفلة تبتسم بهدوء بينما وقفت نارة تبحث عن هاتفها في جيبها لتتذكر أنها تركته في المنزل .
زفرت واتجهت حيث يقفا الحارسان لتنظر لأحدهم قائلة :
– هل يمكنك إحضار هاتفي من المنزل من فضلك ؟
نظرا لبعضهما ثم أومأ الرجل وتحرك ليجلبه ودلفت هي لتبدأ في مساعدتهما .
جلست مع الطفلة أرضاً ثم تساءلت وهي تبحث بعينيها :
– أين الزجاجات البلاستيكية ؟
أومأت العجوز قائلة وهي تخطو صوب غرفةً ما :
– حسناً ، سأحضرهم في الحال .
لتدخل غرفتها وتتجه تفتح إحدى الستائر الموضوعة على حائطٍ ما ليتضح أنه باباً خلفياً للمنزل .
فتحته ليدلف منه رجلان انحنيا حتى يستطيعا المرور وذلك بسبب ضخامة بنيتهما .
أشارت لهما العجوز قائلة :
– هي في الخارج ومعها حارساً واحداً فقط .
أومأ أحدهم وخرج ليغطي بظله هيأتها فرفعت نظرها لترى هذا الحائط البشري .
صدمت وجحظت عينيها وانسحبت أنفاسها وقبل أن تصرخ أسرع يكمم فمها بقطعة قماشية مغمورة بمخدرٍ قوي جعلها تغيب عن وعيها في الحال ولكن كانت قد فلتت منها صرخةً مكتومة انبهت الحارس الذي اندفع لداخل البيت ليشتبك معه الرجل الآخر بينما الأول حمل نارة وخطى مسرعاً يغادر من حيث أتى قبل مجئ بقية حرس صقر .
كان حارس صقر يحاول القضاء على رجل ميشيل ليصل إليها ولكن الأخر أخرج من بين جيبه سكيناً حاداً ليشق به بطنه في الحال ويتركه غارقاً في دمائه ويغادر مسرعاً خلف رفيقه .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)