روايات

رواية حكاية ليله الفصل العاشر 10 بقلم ملك منصور

رواية حكاية ليله الفصل العاشر 10 بقلم ملك منصور

رواية حكاية ليله الجزء العاشر

رواية حكاية ليله البارت العاشر

رواية حكاية ليله الحلقة العاشرة

كانت ليله لطيفة، عدت بكل ما فيها…
نزلنا وزي ما اتفقنا كنا عند أهله من قبل الظهر..
_ أهلًا بالحلوين، وحشتني يولا يا يونس حبيب ماما.
– وإنتِ كمان يا حبيبتي.
وبعد هتافات وسلامات حاره بينه هو ومامته..
_كل دي غيبه يا برو، مكانش العشم.
– غيبه فين يا ست هو أنا بقالي غير أسبوعين.
سبته يكمل حديثه الشيق وروحت مع طنط توريني طقم شاي الجديد اللي جابته..
_ وريني كده يا مامـ…
– ليله تعالي ثواني.
وقبل ما أتحرك قطعني كلامه وهو بيشدني بسرعة من إيدي بإبتسامه وسط صدمة ندى اللي سابها من غير مقدمات وهي على وشك إنها تحكيله الأحداث الشيقة اللي حصلت لها الاسبوعين دول…
خدني على أوضته وبصلي بحماس شديد وابتسامه عريضة كانت مزينة ثغره..
_ بصي أنا قررت أجيب عربيه جديدة، بس محتار في اللون، بفكر أجيبها سودا بتبقى شيك كده وحلوه، اممم ولا أغير واجيبها زرقاء؟
مش عارف، محتار ولازم أختار بسرعة عشان هجيبها على آخر الأسبوع، كنت عاملهالك مفاجأة بس حيرتي غلبتني…
ابتسامته اتنقلتلي بواحده أكبر،
بصيتله بحماس اترسم على وشي معرفش اترسم امتى، كنت مبسوطة وأنا شايفه حماسه وشغفه وهو بيحكي كأنه حقق للتو أعظم إنجازاته…
والأهم من ده إنه حب يشاركني بيها، انجازه الصغير، حيرته ما بين اللون الأسود أو الأزرق، فلتت مني ضحكة على أسلوبه اللطيف وقد إيه بقاله أسبوع بيعاني في الإختيار ما بين اللونين..
_ إنتِ بتضحكي؟
بتستخفي بحيرتي؟
رديت بضحكة حاولت إني اكتمها:
– مش قصدي، بس الناس بتحتار ما بين نوع العربية، إنما اللون، جديده..
ضحكنا وتعالت صوت ضحكنا، بس كل ده اختفى في ثواني بمجرد ما موبايلتنا رنت في نفس اللحظة بوصول إشعار…
كان ده الدش الساقع اللي بينزل على دماغك مره واحدة بدون مقدمات أو حتى سابق إنذار عشان ينبهك، يفوقك، يظهر الحقيقة اللي إنت قاصد تتجاهلها وبتؤدي دور الجاهل على أكمل وجه وإنت بتدفنها في أعمق نقطة جواك، في أخر حته في عقلك ممكن إنك توصلها، وكل ما تلاحظ حاجه هتقربك ليها أو توديك ليها حتى عن طريق الخطأ، بتُطلق العنان لرجلك، وتجري بأقصى قوة عندك، متجاهل أي شعور، أي فكرة، أي همسه ممكن تواجهك بيها…
اتمحت ضحتنا، وخلت الأوضة من القهقهات اللي كانت ملياها واتبدلت بإبتسامه بارده..
بصينا للموبايل ثواني…
_دي الـ notification اللي عملناها يوم الفرح.
ابتسمتله ابتسامه بلا معنى..
ثواني وكمل بابتسامه حاول إنها تكون لطيف مع مزاح في محاولة منه لتلطيف التوتر اللي ملأ المكان..
_ شوفتي، كده بقالنا 4 شهور.
ضحكتله ببرود:
– هه، كده فاضل شهرين واتفاقنا يخلص.
كملت بسخرية لاذعة:
افرح يا عم كلها شهرين وأحل عنك وترجع لحياتك وتكلم نيره براحتك.
التفتلي بسرعه وملامحه اتقلبت، علامات التعجب اترسمت على وشه وكملت اللوحه ملامح الغضب اللي اندمجت مع تعجبه حتى مقدرتش أحدد هويتها.
_نيره؟
إبه علاقة نيرة بالموضـو…
قطع كلامه صوت حركة ورا الباب، شاورلي بعلامة إني أسكت، فتح الباب بخفه، طلع دماغه بهدوء وفضل على الوضع ده دقائق، معرفش شاف إيه بس الأكيد إنها حاجه معجبتوش..
وبعد شوية من السكون خبطت على كتفه بهمس: إيه في حاجه ولا إيه.
ملامحه اتقلبت، غضب، تعجب، معرفش ماهيتها..
_ لأ، مفيش، متاخديش في بالك.
قال جملته واختفى..
رجعت قعدت على طرف السرير بشرود، حسيت بخنقه لما الاشعار اللي عملناه يوم الفرح بمعاد اتفاقنا اتبعت، معرفش ليه قلبي اتقبض، الإتفاق بيخلص، كلها شهرين وكل واحد يرجع لحياته، ويحصل اللي كنت عايزاه من الأول، رغبتي قربت تتحق، ليه أنا مضايقه؟
ليه إحساس الخوف سيطر عليا!
*******
_ إيدي، في إيه يا يونس بتشدني كده ليه؟
– إنتِ بتستعبطي؟
بتتصنتي علينا؟
– ات..اتصنت إيه، أنا كنت معديـ…
_ بلاش تحوير، مش كفاية اللي عملتيه؟
أنا منسيتش خدي بالك بس كله بوقته، وده آخر تحذير يا ندى.
*******
فوقت من شرودي على صوت طنط..
– ها يا ليله يا حبيبتي أنهي احلى أشيله لـ ندى.
_ هه أيوة يا ماما، آه الطقم جميل يا حبيبتي.
– إيه اللي واخد عقلك يا جميل… أهو اللي واخد عقلك جه.
انهت جملتها وهي بتشاور على يونس بعينيها،
اتوترت، ابتسمت ابتسامه بلهاء.
_ هه، لأ ده أنا بس سرحت شوية في حاجه كده.
قومت ورا يونس اللي شاورلي بعينه إنه عايزني وسط ضحكات طنط..
دخلت الأوضة، قعدت على طرف السرير،
قفل الباب واتجه ناحية المكتب، سند على طرفه، ابتسم بابتسامه مش باين ملامحها أقرب ما تكون لـ حزينه، أبسط ما يُقال ابتسامه بارده..
_ أحنا سرحنا ونسينا الإتفاق.
بصيتله بـ نفس ابتسامته اللي اتنقلت تلقائي على ملامحي.
_ أحنا… أحنا كده علاقتنا قدامهم حلوه، جوازنا ناجح مفيهوش مشاكل، فـ قرار..قرار طلاقنا بالنسبة لهم هيبقى مفاجئ، ومفيش سبب واضح ليه..
إتحفزت كل حواسي عند كلمة “طلاقنا” حسيت بهزه معرفتش مصدرها أو حتى سببها، كل اللي فهمته هو إحساس الخوف اللي رجع يجري تاني في جسمي.
– أيوة صح، تاهت عن بالنا.
كمل بنفس الإبتسامة:
_ أحنا نبدأ نبين عكس ما فهموا من دلوقتي، تمهيد للموضوع.
بإبتسامه باردة:
– أنا هفكر في حاجات نعملها تظهر إن في خلافات ما بينا و…
_ متشغليش بالك، دلوقتي أحنا هنبين إننا متضايقين من بعض، وفي كام فكرة في بالي فـ متقلقيش.
كلامه صدمني إلى حد ما، حسيت إنه عايز فعلًا يخلص، عايز نتطلق بأسرع ما يمكن!
ذُهلت للحظات سرعان ما اتحول لغضب
– تمام اتفقنا، أحنا نستغل الشهرين دول كويس ومش هيبقى فيه مفاجأه ليهم ولا حاجه.
قولت جملتي تزامنًا مع قفلي للباب، مشيت وإحساس الغضب مسيطر عليا لحد ما وصلت على أول الطرقة، هديت نفسي واتجهت بكل هدوء للبلكونة، هدوء يُنافي المعركة اللي دايره جوايا، وسؤال واحد بس اللي كان مالي دماغي،
ليه؟
كلمة بتلخص كل اللي حاسه بيه، ليه؟
وكأنها مكانتش مجرد كلمة بسيطة صغيرة من ثلاث حروف، ثلاث حروف وقف عندهم عقلي ومقدرش يلاقي جواب، مقدرش يقدم تبرير صريح وهو اللي مكانش بيقف قدامه شيء، أكبر التساؤلات والقرارت اللي مَريت بيها كان من السهل أو الممتع ليه إنه يربط كل طرف ببعضه لحد ما يوصل للحل بكل سلاسة حتى لو أخذ منه أيام، بيكون وقتها بيجمع باقي قطع الأُحجية عشان يوصل للقرار اليقين،
ولأول مرة يقف، ميقدرش يترجم، أو حتى يجمع الأُحجية، بل والمضحك إنه مش لاقي حتى أُحجية يقدر يجمعها، كل اللي يقدر يعمله هو الدهشة، ودي بتبقى أقصى حاجة قدر يوصلها وهي إنه يُدهش، يقف، ميقدرش يترجم،
وكانت كلمة من ثلاث حروف قادرة إنها تهد قدرته وتوقفه قدامها كـ الأبله مش مستوعب أو قادر يفهم، كل ما يقدر عليه هو إنه يُذهل.
وبعد خمس دقائق من دخولي البلكونة سمعت صوت قفل باب الشقة منتبهتش غير لـ صوت كان قريب عرفت منه إنه نزل…
فضلت في حالة الشرود مع السما والتأمل النهاري لفترة معرفش كانت قد إيه بس الأكيد إنها مكانتش قليلة،
قطع شرودي صوت ندى وهي بتندهلي عشان الغداء، ساعتها اخدت بالي إن الغروب جه، ومن هنا فهمت إني بقالي كتير في البلكونة..
خرجت وساعدت معاهم في السفرة، دقائق وكان باب الشقة بيتفتح بـ طلته،
مضايق، أول كلمة ترن في بالك لما تشوفه، ملامحه مشدوده، حاجه شاغلاه أو مضايقاه، أيهما أقرب،
رمى ابتسامه باردة واتجه لكرسيه في السفرة،
مش ملامحه هو بس اللي كانت مشدوده، بل للسخرية إني كنت بشاركه الملامح اللي اتطبعت على وشي بدون إرادة مني، اتفقنا هنمثل إننا متضايقين والغريب إننا مش محتاجين تمثيل، بعد الفترة اللي قضيناها سوا أقدر أكد إنه مش بيمثل وإنه فعلًا مضايق، وللصدفة الغريبة إنها كانت ليله متوترة، السفرة مشحونه بما فيه الكفاية، نظرات أونكل النارية، ندى اللي مش على طبيعتها والواضح إن في حاجه مزعلاها، الصمت اللي كان مغيم على الغدا، شيء غريب.
عائلتك قرروا يشاركوك زعلك يا يونس!
أظنه سبب كافي عشان تفرد وشك اللي معرفش سبب كرمشته إيه..
******
_ لازم نتقابل انهارده.. ضروري يا بليغ، هستناك على القهوة.
– خليها بكرا يا طلال، مش هعرف انهارده كنت مواعد الحجه إني هقعد معاها انهارده مش هنزل.
******
رجعنا البيت، هدوء تام، لازالت علامة الضيق مرسومة على وشه، بس اللي دهشني أكتر ليه أنا مضايقه!
اللي عايزاه من أول يوم بيتحقق، وكلها كام يوم وخلاص ترجعي ليله الحره،
ليه دلوقتي قراري مبقاش على هوايا..
متكلمناش، صمت كان بينا لحد ما كل واحد خد مكان نومه بهدوء، اتجه للكنبة من غير أسئلة انهارده دور مين، وما اصريتش إننا نتناقش، اكتفينا باللاشيء..
عدى الليل بهدوء ينافي حقيقة المعركة اللي جوا كل واحد فينا..
….
صحيت بدري، بمعنى تاني منمتش..
قومت وقت الفجر روحت اتوضيت بهدوء وصليت، دعيت ربنا كتير إني اهدأ، نفسي تهدأ، جوايت حرب معرفش مين فيها الطيب ومين الشرير، مش حاسه غير بصوت المدافع وضرب الطبول بيخبط في عقلي مع كل ثانية، إحساس التوهان، وكأني كسرت بوصلتي، خلصت صلاة وخرجت الصالة خضني، خيال قاعد دافن راسه بين ايديه، صوتت بصوت مكتوم؛ فاتنفض وقاملي بسرعة..
_ إنتِ كويسه؟
_ إن.. إن.ت صحيت امتى؟ لسه معاد صاحيانك فاضل عليه ساعتين ونص.
_ ااا.. أنا منمتش.
اتفاجئت بس مش أوي، إحساس متضارب ما بين كنت عارفه ومكنتش أعرف، بادلته الرد بصمت، ولم يضف هو المزيد، فضلنا على الوضع ده حبه، اتسرسب ضوء الشمس من الشباك بشكل لطيف مع صوت العصافير الهادي اللي بيحسسك إنك في عالم تاني ولو للحظات، لمعت الشمس في عينيه، كانت أول مرة أشوفه، أول مرة أقدر أشوف “يونس” كـ شخص جميل، ملامحه هادية مليانه حنيه مبتظهرش لحد، عينين بتلمع في الشمس فتدي شكل مختلف بإحساس مختلف، أول مرة أشوف يونس كـ “يونس” مش مجرد ابن اونكل طلال صاحب عمر بابا اللي أصر إني اتجوزه، فضلنا على الوضع ده حبه لحد ما كسر الصمت فجأه…
_ بقولك إيه… أنا عايز أتكلم معاكِ.
اتنفض قلبي بشدة، وكأني عارفه هيقول إيه وفي نفس الوقت لأ، إحساس التوهان بكل أشكاله بمر بيها..
قعدت على كرف الكنبة وحواسي كلها مستعدة للكلمة اللي هتخرج منه واللي واضح من ملامحه إنها هتهد حاجات مش هتبني.
_ سامعاك.
قعد على طرف الكنبة المواجه ليه وملامح التوتر مبخلتش إنها تتفرش على وشه بحرية مع هزة رجله اللي موقفتش ثانية..
_ أنا فكرت… أحنا مش هينفع نيجيلهم فجأة ونقولهم أحنا هنتطلق، قولتلك طبعا إمبارح هنبدأ نفكر في حاجات نعملها وأنا قولت نضرب الحديد وهو سخن، أحنا منتأخرش ونبدأ من انهارده..
كلامه كان زي المطرقة كل كلمة بتنزل ضرب على قلبي بعنف، للدرجة عايز يخلص!
للدرجة عايز يروحلها، اتضايقت بل وبشدة، مش فاهمه سبب ضيقتي ولا عارفه اتعصبت ليه، وليه عيني ابتدت تلمع بالدموع؟
إيه اللي بيحصل لي، مش ده اللي كنت عايزاه من أول يوم؟
قومت بسرعة ولفيت، مسحت عيني قبل ما ياخد بالي والتفتله:
_ أيوة معاك حق، إنت في حاجة في دماغك؟
_ أيوة، بصي…..
فهمتي؟
بصيتله بدهشة، ذهول حقيقي، المرة دي أقدر أوصف أنا حاسه ب إيه، حاسه بذهول، عايزني أقول عليه كده لمجرد إننا نثبت فشل جوازنا!
_ سكتي ليه؟
_ إنت…إنت…إنت متأكد؟
_ أيوة، ده أنسب حل، ومستحيل حد يعرف الكلام ده ويجبرك تكملي في الجوازه.
_ بس..بس إنت مش كده!
_ وإنتِ عرفتي منين؟
يمكن أكون محدش عارف بكرا مخبي إيه..
المهم، هتعملي كده انهارده وتروحي عند باباكِ هتفضلي قاعدة هناك عشان الخلاف اللي بينا وأنا هاخدك بعد أسبوع، اتفقنا؟
مديتلوش رد ومستناش هو..
_ اتفقنا، كده تمام، يلا البسي عشان أوصلك.
إلتفتله بسخرية قبل ما يدخل التويليت.
_ وأنا هروح لبابا الفجر واقوله متخانقة مع جوزي.
جوزي! كان صدى الكلمة غريب، رن جوايا بطريقة رعبتني، تجاهلت الفكرة أول ما رجع من الطرقة وكمل..
_ معاكِ حق، خلاص أنا هتأخر على الشغل انهارده وأوصلك على الضهر كده…
……..
_ ليله!
حبيبتي وحشاني.
مستنتش ماما تخلص جملتها واترميت في حضنها وعيطت، كنت زعلانه، زعل تقيل على قلبي معرفش إيه سببه، أو إيه مصدره، وكأني فعلًا متخانقة مع يونس وجايه اشكيلها، حكيتلها إني متخانقة معاه بعد إصرار طويل منها، حسيت إني تقمصت الدور بدون حاجتي لتمثيل دقيقة لأني فعلًا كنت حزينه!
سبتها بعد قعدة فضلت ساعتين ودخلت اوضتي، اشتقتلها؟
بشدة، اتفردت على سرير وحضنت مخدتي وكأني بستمد القوة منها، وكأني بقولها احضنيني، احتوي حزني اللي معرفش إيه سببه، وبمجرد ما عدت دقيقة وأنا افتكرت بيتي، إيه بيتي!
افتكرت نفس قعدتي وحضني للمخده كل مرة كنت بخاف فيها وأنا لوحدي، وابتديت أحس إني بقى ليا بيت أنتمي ليه وإن الأوضه دي بقت بتعبر عن فترة قبل يونس ودلوقتي بتعبر عن فترة جديدة، كل شيء مختلف رغم إنها هي هي بنفس الترتيب ونفس رصتي…
قطع حبل أفكاري صوت الموبايل، كانت نادين!
وكأنها بتحس بيا وحزني بيلمس نقطة في قلبها…
_ قابليني دلوقتي.
_ الناس بتقول صباح الخير، مساء النور، فاضيه ولا لأ.
_ خلصي يا ليله، هستناكي في مكاننا، معاكي نص ساعة، سلام.
كلامها كان متلهوج، سريع والفرحة باينه فيه، قومت بسرعة وأنا بنفض غيمة الحزن اللي خيمت عليا بقالها يومين، ولبست عشان اقابلها.
……..
_ خير يا بليغ في إيه نزلتني على ملا وشي.
_ خير إن شاء الله، في مشكلة كبيرة حصلت في الشركة ويونس مجاش لحد دلوقتي.
_ تعالى بس فهمني حصل إيه وهتتحل بإذن الله.
………
_ هنتجوز الشهر الجاي.
أول كلمة خرجت من فم نادين أول لمحتني قربت لترابيزتها،
معرفتش أسيطر على ملامح وشي اللي بقت يتنبض سعادة حقيقة، على قد ما حسيت بوجعها لما حكيتلي عن عمار وإنه بيحب غيرها، على قد سعادتي دلوقتي لما عرفت إنها هتتجوزه الشهر الجاي ويمكن أكتر..
_ بتهزري.
_ اهزر إيه بس، بقالنا مخطوبين من ساعة ما اتجوزتي، هو أنا هنسى لما ضحك عليا وخلاني أسح عياط وقالي إنه بيحب واحدة.
_ شربتها يا كروديا، أديكي لقيتي نفسك الواحدة اللي بيحبها.
_ هطلعه عليه كله يتقل بس، أنا هوريه إزاي يقولي الصبح بحب واحده وبليل الاقيه متقدملي.
_ متبقيش مفترية بقى ده الراجل كان عايز يفاجئك.
_ يموتك، أصدك يموتني.
كانت قعدة لطيفة مع صديقتي الحبيبة نادين، قعدة اشتقتلها مليانه ضحك حقيقي، ضحك لا يشوبه قسوة الحياة، قدرت أفصل دماغي شوية من التفكير اللي فتتها، لدرجة إني كنت حاسه بكل فُتاه تنغز في دماغي مسببه صداع مبيروحش، ومسافة ما رجلي خطت اوضتي والصداع رجع تاني مع إحساس الضيقة اللي ملأ صدري بدون سبب ملموس، قطع وصلة أفكاري إيد كريم اللي خدتني في حضنه اول ما شافني.
_ مالك؟
عملك حاجه، مد إيده عليكِ؟
قوليلي بس لو اتجرأ وعملها ده أنا هــ…
_ حيلك حيلك، هي ماما لحقت تقولك، ده أنت لسه مبدلتش هدومك.
_ متعصبنيش بقولك عملك حاجــ..
_ يبني معملش حاجه، أحنا بس شدينا مع بعض شوية وأنا زعلت وخدت بعضي وجيت هنا أغضب.
رفعت رأسي وبصتله بابتسامه باردة وكملت..
_ بقيت زوجة غضبانه في بيت أهلها.
_ حتى في الموقف ده وبتسخفي.
_ خليك فريش كده أحنا في رحلة.
_ اتخانقتوا ليه؟
_ يبني مفيش، مشاكل عاديه بس كبرت.
كمل بنبرة سخرية:
_ آه قولتيلي، بقى كده مش عايزه تحكيلي، ده أنا كيمو حبيبك.
_ خليك كده ظالمني.
_يا مسكينه.
نقاش خفيف كان بيني وبين كريم، مقولتلوش السبب لإني معرفوش!
مكانش ضمن الخطة، التركيز كله كان على السبب اللي قاله يونس اللي أنا رافضاه ومجاش في بالي حاجه تانية غير..
_ يووه يا كريم على الزن.
_ هتقولي بـ التي هي أحسن ولا اخليكِ تقولي بالعافية، آه ما أنا مش خارج من الاوضة دي غير لما تقولي جايه هنا ليه.
_ يعم مفيش، مش عايزني أنزل شغلي.
_ صدقت أنا بقى.
_ الله بقى، يعني أقول ميعجبش، اسكت تتقمص.
_ إذا كان هو اللي أقنع أبوكِ تنزلي الشغل.
_ ما هو بعد كده بقى راح قالي أنا شكلي بدفع عواقب أفعالي، أبوكِ كان معاه حق.
بصلي بشك نظرة ثاقبة، خلتني كنت هقوله كل حاجه، بس مسكت نفسي في آخر لحظة واستجمعت قوتي.
_ ده اللي حصل ولما رفضت قعد يزعق وبتاع وإنت عارف إني مبحبش الصوت العالي.
_ ماشي يا ليله، أما البيه يجي ونشوف صرفه.
_ لأ متكلموش أنا عايزه أستريح أسبوع ولا حاجه.
_ ماشي يا هانم، أوامر تانية.
ضحكت:
_ أقفل الباب وراك.
معرفش إيه السبب اللي قولته ده بس هو اللي كان أقرب حاجه نطت في بالي، كريم خرج ورجعت تاني لنفس النقطة، وكأن مفعول قعدتي مع نادين وهزاري مع كريم اتبخروا أول ما بقيت أنا وعقلي بس، علامة استفهام بتكبر جواه مع كل قعدة وكل تجاهل بهرب بيه من سؤال إجابته فارغة، أنا حاسه بإيه؟ ساعتها قررت إني هحسم الموضوع الأسبوع ده، هستغل البريك وأخرج من حالة الضيق الغير مبررة اللي أنا فيها من وقت رنة الـ notification..
……..
_ يبنتي متتعبيش قلبي معاكِ، إنتِ كل يوم هترجعي من شغلك وتقعدي في أوضتك منشوفكيش، ده أنا كنت بشوفك أكتر وإنتِ في بيتك.
رفعت المخدو على راسي وجاوبتها بملل:
_ يا ماما سيبيني عايزه أنام، أنا تعبانه.
_ بقالك تلت أيام نايمه، النوم مش هيحل مشاكلك يا ليله، من امتى كنتِ بتلجأي للنوم كحل؟
فوقي لنفسك وقومي أحكيلي اتخانقتي مع يونس ليه.
رفعت اامخدة وقومت بغضب.
_ يا ماما ما أنا حكيتلك عشرين مرة، هي سيرة، اللي هنعيده هنزيده.
_ صدقت أنا يبت.
_ مش هتصدقي ليه يا حبيبتي، ده اللي حصل وحكيتهولك.
بصيتلي بنظرة شك:
_ بت…
إنتِ ملبتستيش الفساتين اللي جبتهالك؟
حطيت المخدة على راسي تاني بغضب وخدت وضع النوم.
_ يووه، أحنا مش خلصنا من السيرة دي، ماما الله يباركلك اقفلي النور وسيبيني أنام، صاحيه بدري بقولك.
_ أمري لله، أنا هسيبك بس عشان تريحي لحد ما مشاكل أبوكِ في الشغل تتحل ويفضالك.
خرجت من اوضتي ومسافة ما قفلت الباب وأنا فتحت نور الأباجوره، قعدت على السرير وحضنت رجلي وفتحت بُكى،
بتألم، حاسه بحمل رهيب في قلبي، أول مرة أعيش إحساس زي ده، أول مرة أحس بالنغزة دي، أول مرة أبقى ببكي علشان اللي عايزاه هيحصل، مسحت دموعي ببطئ، وكأني كنت بفتح الطريق لدموع جديدة، من أصعب الاعترافات اللي مرت عليا لما وقفت قدام نفسي وقولت ” أنا بحبه”
الفخ اللي حميت نفسي منه سنين وقعت فيه بأسذج الطرق، 3 أيام كانوا كافيين لعقلي بل وزيادة أنه أخيرًا يجمع قطع الأحجيه ويقدر يجاوب على التساؤل اللي نهش فيه أسابيع،
إحساس الندم لأني وصلت لحل المشكلة، وكأني كنت بهرب منه طول الفترة اللي فاتت، مع كل إحساس مش مفهوم وفكرة غريبة على عقلي كان أسهل طريقة ياخدها الهرب وأصعب طريقة ليا..
آخر شخص توقعت إني أقوله كده، مع أبعد موقف جه في بالي حصلوا قدام عيني ومكنتش غير مجرد متفرجه، بشاهد من بعيد وأسقف،
ساعتها مفتكرتش غير الجملة اللي قرأتها ليلة فرحي.
“وما قلت عنه مستحيل ها أنت تعانقه”
متخيلتش إني هعانقه بالطريقة دي، ويوم ما أقع في الفخ اللي كنت بحذر منه واستشعره على بعد آلاف الكيلوات، أقع في فخ واحد مش بيحبني، بل بيعد الأيام اللي فاضله عشان يتحرر مني…
مقدرتش أكمل عند الخاطرة دي، الموضوع مؤلم، بل كلمة مؤلم لا تكفي لوصف كم ثقل قلبي، وقفت تفكير وبدأت عيني تحكي، دفنت رأسي في المخدة كاتمه شهقاتي، الخوف اللي حميت نفسي منه دايمًا بقى واقع،
وكانت من أثقل الليالي اللي مرت عليا، ليلة جديدة أضافت لحكاية ليلة..
كم تؤلم الحقيقة يا صديقي.
نزلت تاني يوم الشغل وأنا بنصف وعي، يدوب اشتغلت بأداء أسوأ ما يكون في تاريخي، ورجعت البيت أكمل وصله الألم، فلقد وعيت بالقدر الكافي إني مش هتخطى الألم غير لما أعيشه على رأي “ايكارت تول”
بس السؤال هنا، مين قال إني عايزه اتخطى؟
مين قال إني عايزاه يبقى ذكرى؟
دخلت أوضتي اترميت على السرير، حاولت مبكيش ولكن دموعي كانت بتنساب بدون إرادة مني، سبتها تشق أنهار بطيئة على خدي، لحد ما فوقت على رن موبايلي، بصيت كانت رنته السادسة، للدرجة دي مكنتش واعيه!
مسكت الموبايل بسرعة وبعتله واتساب، كنت عارفه إني لو كلمته هيعرف إني بعيط، ودي كانت آخر حاجه عايزاها تحصل، كفاية معانقة لمستحيلات..
” أنا هاجي أخدك انهارده، ساعة وابقى عندك، جهزي هدومك”
رده بمجرد ما بعتله، حسيت بوغز أكتر، مسألش حتى عليا…
…………..
_ يا بليغ بقالي يومين عايزك في موضوع ولخمتني بالشغل ومشاكله.
_ يعم اسمع بس، مش هعرف أنزل انهارده خالص، ده أنا مطربقه عندي من كل حته، الشغل من ناحية وليله من ناحيه.
بفزع: ليله مالها ليله؟
_ مالهاش يا سيدي، إنت إزاي مش عارف ؟
دي متخانقة مع ابنك بقالها ايجي تلت أيام وغضبانة عندي.
_ أهو شوفت، ما هو ده الموضوع اللي عايزك فيه.
” بقولك إيه يا بليغ شوفلك صرفه مع بنتك دي”
_ طب سلام يا طلال هكلمك تاني.
_ إيه يا ست الكل مالها ليله، ما تسيبيها براحتها تهدي أعصابها، ما هو بزنك ده مش هتعرف ترتاح.
_ ترتاح آه، دي بقالها تلت أيام قاعدة جوا لا بنشوف وشها ولا بتشوف وشنا، ده حتى كريم مبتقعدش معاه،
قدام هي زعلانه كده سابت بيت جوزها من الأول ليه، بس هقول إيه ما هي غاوية وجع قلب.
………
_ نكدو.
التفت بضيق من على السرير لكريم اللي طل بدماغه من باب الأوضة.
_ إيه نسيت تسألني متخانقين ليه؟
كريم الله يباركلك أنا معنديش حيل للمناهدة معاك، راجعه من الشغل ومش قادرة.
ابتسم وقال بسخرية:
_ تؤ تؤ، عشت وشوفتك بتحبي يا لول.
كان وقع الكلمة عليا غريب، غريب بطريقة مرعبة، قلبي ارتجف بطريقة جديدة، ولكن اعتادتها مؤخرًا، محستش بتجمع الدموع في عيني غير مع اول دمعة لمست وشي، ذهل كريم من رد فعلي وهو مقالش أي حاجه تزعلني، جري عليا وقال بولع:
_ إنتِ بتعيطي؟
في إيه، أنا قولت حاجه تزعلك ولا دي هرمونات ولا إيه.
مسحت دمعتي بسرعة وبدأت أدخل في حالة عدم السيطرة على بكائي، حسيت إني عايزة أحكي، عايزة اشارك حد واقوله أنا حاسه بـ إيه، إحساس أول مرة أحس بيه من ساعة ما بدأنا اللعبة، رغبة مُلحة إني أتكلم وأحكي لـكريم وكفاية كتف واحد شايل ويتقسم على كتفين،
حسيت إن مع نهاية الإتفاق من حقي إني افضفض، حكيت لكريم اللي حصل مع احتفاظ بشوية أجزاء لنفسي أو بأغلب الأجزاء!
ملامحه اتقلبت مع كل كلمة حكيتهاله والدهشة مسابتش انش في وشه غير واستقرت، رد بغضب مكتوم:
_ وهو إزاي يقبل يعمل حاجه زي كده أو يتجوزك وهو مش عايز.
– إنت عارف كويس إنه مش بمزاجه وميقدرش يكسر كلمة اونكل طلال، زل ما أنت كده معرفتش تقول المرة دي لبابا لأ وإنت عارف كويس إني رافضة.
سكت وبان إنه أقتنع بكلامي، مبقيتش متفاجئه من دفاعي الدائم ليونس، فهمت السبب ويمكن ده اللي واجعني.
_ ضايقك طول الفترة اللي فاتت وإنتِ خبيتي؟
– قولتلك لأ، يونس كويس جدًا.
_ القرد في عين أمه.
محكيتش لكريم عن أي حاجه عملها يونس ضايقتني، ولا علاقته بنيرة ولا إنه كان بيسيبني لوحدي بليل، ما بينتش يونس غير إنه جميل.
_ طب وإنتِ دلوقتي زعلانه ليه؟
مش اللي كنتِ عايزاه وقلبتي الدنيا عليه هيحصل؟
بصيتله بدموع مليانه ألم، سكتت شوية وكملت:
_ عشان…عشان..
– حبتيه.
إلتفتله بسرعة مع دهشة سرعان ما تحولت لدموع بتحفر أنهارها على خدي،
قرب مني ومسح دموعي وابتسم وهو بيقول بكل حنيه.
_ متكمليش الإتفاق.
– إيه!
_ زي ما سمعتي، متكمليش وخليكوا متجوزين.
– بس هو مش بيحبني.
ضحك بإبتسامه ساخرة وراها خبث بسيط.
_ مين قالك؟
– أنا عارفه، هو مستعجل للإتفاق أكتر مني، ده حتى هو اللي جاب فكرة الخناقة.
_ امم.
– هو إيه اللي امم؟
_ يعني هو ده اللي فهمتيه من استعجاله، ما يمكن بيحبك ومستنيكِ تيجي تقوليله.
اتنفضت من على السرير وبصلته بصدمة مصحوبة بغضب بسيط:
– نعم!
أقول لمين؟
إنت عايزني أنا اللي أروح أقوله أنا بحبك؟
دي لو آخر حاجه ممكن أعملها مش هعملها، مستحيل أعمل كده، حتى لو هنتطلق فـ أنا لا يمكن أبينله إني بحبه وهو مش بيحبني أو حتى أروح أقوله، ده شيء مستحيل بالنسبة لي،
وبعدين لو هو فعلًا زي ما أنت بتقول مش هيستناني اجي أقوله، يونس مش كده ولا دي شخصيته.
ضحك بسخرية:
_ يا سيدي يا سيدي وكمان بقينا فاهمينه ده مش حب عادي ده.
نغزته في كتفه:
– بطل تناحه بجد، متندمنيش إني قولتلك.
_ لأ وكمان مكنتيش عايزة تحكيلي، ده الجواز غيرك خالص يا هانم.
فضلت قاعدة أنا وكريم لحد ما سمعت صوت الجرس، بطريقة غريبة مش بفهمها قدر كريم إنه يخرجني من حالة الحزن اللي كانت سيطرت عليا، وقدر إنه يخلي بسمة صغيرة تتأرجح ما بين ثغري.
………..
مشيت وخدتني معاها، البيت فضي، أول مرة أحس إنه كبير أوي كده، رغم إنه حجمه متوسط مش بالكبر ده، ساقعة مالياه، هدوء قاتل غير مريح، كل تفصيلة كانت بتدوس على قلبي وتخليني أحس..أحس أنها وحشاني!
مشيت وخدتني معاها، البيت فضي، أول مرة أحس إنه كبير أوي كده، رغم إنه حجمه متوسط مش بالكبر ده، ساقعة مالياه، هدوء قاتل غير مريح، كل تفصيلة كانت بتدوس على قلبي وتخليني أحس..أحس أنها وحشاني!
إحساس بهرب منه، بل بكدبه من ساعة ما رن ال notification، كأنها مكانتش رنة عاديه، بل ضربة نزلت على قلبي شوشتني، مش عارف أنا بمر بإيه ولا فاهم إحساسي، المفروض دلوقتي أبقى في قمة سعادتي، قاعد بمزاجي لوحدي من غير زن أو وش، أو حد يقولي لازم تتجوز بنت اونكل بليغ، بس اللي حصل عكس كل ده، حاسس بالفقد، ألم مسك قلبي مش راضي يسيبه، وكأني فقدت شيء عزيز عليا فراقه سبب ثقب عمال ينزف…
لفيت الشقة جزء جزء، كل مكان لمسته، المطبخ اللي مكانتش بتخرج منه من ساعة ما ترجع من الشغل، بقى مكاني المفضل، باكل فيه واقعد فيه اتأمل تكوينه، اتخيلها وهي بتعمل الأكل، لما زعلت عشان الجلاش، ولما فرحت عشان الكيكه، 3 أيام مروا عليا زي ال 3 سنين، مشاكل الشركة اللي ظهرت بشكل غريب مقدرتش إنها تمنع عقلي ولو لوهلة من إني أفكر يا ترى عامله إيه دلوقتي، أول مرة من ساعة ما اتجوزتها تبعد عني الفترة دي، 3 أيام مسمعتش صوتها، مشوفتهاش، مكلمتهاش، مشوفتش نظرة الخوف لما باجي من غير صوت، ولا نظرة الأمان اللي بتترسم جوا عنيها لما تعرف ان ده أنا، عمري ما هنسى شعوري لما اتأكدت إنها بتطمن معايا، وبتخاف من غيري، يا ترى هي خايفه دلوقتي؟
حطيت أيدي على راسي اوقفها عن التفكير، صداع فتك عقلي مبيروحش، ثواني ولقيت رجلي واخداني بشكل تلقائي ناحية أوضتنا، مررت إيدي على التسريحه، افتكرتها لما كانت بتحط ميك آب، خضتها، ضحكتها، كلها رجعت في بالي وكأنها لسه حاصله إمبارح، فتحت دولابها، طلعت هدومها وحضنتها، كأنها هي اللي معايا، بعوض شوقي ليها في حاجتها، استنشقت ريحتها لحد ما انتشرت جوايا وفي اللحظة دي حسيت بإحساس غريب، شعور أمان مختلف من نوعه، إحساس أول مرة أعيشه بس جميل مش مخيف، رفعت عيني وبعدت هدومها ببطىء لحد ما جواب أسئلتي وصل منور في دماغي وعرفت وقتها أنا صابني إيه!
كأنه شريط فيلم كان بيتكر في عقلي وأنا راكب رايحلها، كل تفصيله، وكل إحساس عشته الأيام اللي فاتت اتكر في عقلي وأنا سايق، وتلقائي كانت ابتسامه كبيرة اترسمت على وشي وأنا بركن العربية تحت بيتها، كأني جاي اتقدملها انهارده وكأني أول مرة هاخدها من بيت باباها.
……….
_ أهلًا يا يونس يبني، أدخل يا حبيبي.
استغربت جدًا من رد فعل اونكل بليغ، هدوء بل فرحة مستخبية وراء عينيه لما شافني وكأنه كان مستنيني، استغربت جدًا إزاي بيعاملني كده وهو عارف إني…إني….!
_ يبني كل اتنين بيحصل بينهم خلافات وده الطبيعي، متخليش الخلافات دي تبوظ ما بينكم وكل ما تقولك اسيب البيت تفتحلها الباب كده.
– عنيا يا اونكل، أهو أحنا في الأول ولسه بنتعلم بردك.
_ عين العقل يا حبيبي، اندهي لـ ليله يا حبيبتي.
خرجت وكانت عيني في ذهول، يونس بملامحه الجميلة وقميصه الهادي وعلامات الفرحة على وشة مع إبتسامة صغيرة كانت بتزين ثغرة، كنت متوترة، متوترة بطريقة غريبة وكأنه جاي يتقدملي انهارده وأول مرة أشوفه!
الحقيقة إنها فعلا أول مرة أشوفه بعيون قلبي، أول مرة الاحظ شعره الهادي اللي واخد تسريحه لطيفة بتوصف قد إيه هو جميل..
فوقت من شرودي الى زقة كريم وضحكتة الساخرة اللي دراها بإيده، كان لازم انتقم لسخافته قبل ما امشي، ضربته بكوعي في جنبه فاتقلبت ضحكته لوجع بيكتمه وأنا مبتسمه ببراءة،
منتبهتش للكلام اللذ دار بين بابا ويونس، مكانش شاغل بالي غيره وكلام كريم، هل فعلًا أحافظ على يونس وأحاول من غير ما أخليه يحس إني أخلي علاقتنا طبيعية، وللغريبة إن بمجرد الفكرة ابتسمت بتلقائية سرعان ما اتحولت لعبوس لما هجمتني فكرة ” افرض هو مش بيحبني” افرض مش عايز أصلا يكمل معايا،، بل مين اللي قال في الأساس إنه ممكن يكون بيحبني!
إنت خبتي لدرجة مش عارفة تفرقي بين إنت عايزة إيه والواقع بيقول إيه؟
انهارت أحلامي الوردية من قبل ما تبدأ واتخذ الوجوم جزء لا بأس به من وشي، قومت ومشيت مع يونس وأنا مش منتبهه لحاجه، مش مركزة غير في إن كابوسي اتحول لواقع، حبيت حد ودخلت معاه في علاقة والعلاقة على أبواب الإنتهاء، مسكت دموعي بالعافية وبابا بيسلم عليا،
خرجت مع يونس بثقل وأنا ببصله وكان واضح على وشه علامات الفرحة، مشيت وراه ومسحت دموعي بسرعة قبل ما يلحظها،
فضلت راسي مسنودة على شباك العربية، وأنا بسمع دندنته اللي موقفهاش طول الطريق، دندنه كانت بتقطع في قلبي، للدرجة دي مبسوط إن خطتك بتنجح!
أقصد خطتي..
غمضت عيني عشان أمنع دموعي من إنها تنزل قدامه، مش كبيعتي إني ببكي قدام حد، ولو بتألم بقدر أقتل دموعي وما اظهرش حاجه، بس مع يونس كان غير، كنت عايزة اترمي بين ايديه واعيط، أعيط كأني معيطتش قبل كده، مكنت أعرف إن اللي بيحب بتبقى مشاعرة هشه للدرجة دي، أو بيبقى بالهشاشة دي جنب اللي بيحبه، فوقت من شرودي فجأة على وقفة العربية وادينا وصلنا بيتنا، أو ده اللي كنت فاكراه، فتحت عيني لقيتنا واقفين في مكان غريب، قلبت عيني يمين وشمال ففهمت إن ده مش البيت، أحنا فين؟
لسه بلتفتله عشان اسأله لقيته بيبصلي بابتسامه غريبة.
وسرعان ما عنينا اتلاقت وابتسامته اختفت واتبدلت بنظرة خضة، قرب مني بسرعة وقال:
_ إيه ده مال عينك، حمرا كده ليه ووشك محمر كده ليه إنتِ بتعيطي؟
أدركت إن ذهولي نساني الدراما اللي كنت قاعدة فيها وعيني اللي احمرت من الدموع، مسحت عيني بسرعة وابتسمت ابتسامه صغيرة مكسورة.
_ لأ لأ مبعيطش، هعيط ليه، لأ…
وقبل ما اخلص جملتي لقيته بيضم راسي لصدره بقلق وهو بيربت على راسي.
_ متضحكيش عليا يا ليله، أنا مش لسه عارفك إمبارح، مين زعلك، كريم؟
أول ما دماغي لمست كتفه وأنا انهارت في البكاء، مقدرتش احافظ على ثباتي لحد دلوقتي، قولت مادام كده كده مش هقوله إني بحبه على الأقل اشكيله منه من غير ما يفهم.
ورع أول ما لقاني ببكي بعنف كده، ضمني ليه أكتر وابتدى يهديني، مأدركتش أنا بعمل إيه غير بعد وقت لا بأس به وهو بيربت الى راسي ويقلي إن كل حاجه هتبقى أحسن وأنا ببكي، بعدت عنه بسرعة ومسحت دموعي بهدوء، وابتديت أدور على أي حجه أطلع بيها من الموقف ده.
_ أنا.. أنا..آسفه..كنت مضغوطة شوية الأيام اللي فاتت ولما بضغط بعيط أنا آسفه مكمتش أقصد..
كانت كلماتي متقطعة ما بين دموع وصوت اختفى من العياط، قطعتني ابتسامته الهينه وهو بيمسح آخر دمعة.
_ ششش، ممكن تهدي، إنت بتعتذري على إيه مش فاهمك، هعتبر ده أثر العياط، انزلي.
نزلنا من العربية ودخلنا مكان زي نادي كنا واقفين قدامه بالعربية بقالنا شوية، قعدنا وطلبنا عصير، ابتسامته مختفتش من على وشه طول القعدة وأنا كانت ملامح الغباء على وشي، مش فاهمه أحنا فين وبنعمل إيه وليه؟
فضلنا شوية مش بنتكلم لحد ما هديت خالص وابتديت ارجع لتوازني مع آخر رشفة في كوبايتي، لقيته بينفجر في الضحك وهو بيقول بكلام قطعه الضحك.
_ مكنتش أعرف إن شكلك بيبقى مضحك كده لما بتعيطي، أنا مسكت نفسي قدامك بالعافيه عشان متعيطيش أكتر.
بصيتله بنظرة غاضبة ومفيش دقيقة وكنت انفجرت في الضحك أنا كمان، الحقيقة إنه معاه حق، مش معلومة جديدة عليا بس مبحبش قد يقولهالي غير لو حد قريب.
_ مش هرد عليك عارف ليه، عشان عيطت داير وتعبت من العياط.
_ كنتِ بتعيطي ليه؟
ارتبكت بطريقة تظهر مدى غبائي، مقدرتش أخفي ارتباكي فقلبت في المنديل على الترابيزة وأنا برد بتقطع.
_ ها، مفيش لأ، قولتلك كنت مضغوطة اليومين اللي فاتوا الشغل والبيت وحاجات كده مش مهم نتطرق لها.
الابتسامة مخليتش من وشه، بس المرة دي كانت ابتسامه ماكرة بطرف عينيه وهو بيشرب آخر رشفة من كوبايته، دب في قلبي خوف أنه يكون فهم أنا بمر بإيه، أكيد مفهمش حاجه، هو مش غبي بس باين عليه مفهمش، أيوة أيوة يا ليله مفهمش اهدي بس كده والدنيا هتبقى جميلة.
_ ليله.
اتلفتله بسرعة وأنا حواجبي بتعلن عن ذهولي.
_ أفندم.
سكت شوية وفضل مبتسم وهو بيبص لعيني بتركيز هز كياني، ابتسامته اتنقلتلي تلقائي، وبقيت ببتسم ببلاهه قصاده، عينينا فضلت متصلة لفترة لا بأس بها، لحد ما ابتسامه ماكرة ابتدت تظهر على ثغرة مع ضيق عينيه وهو بيقول فجأة.
_ يلا نمشي.
لقيته بيقوم فجأة وبيلم حاجته، فتلقائي قومت وراه من غير كلمة، حسيت بغباء، غبية!
أيوة غبية، دي مش تواصل بصري دي بلاهه، بيبصلي كده ليه، وايه الابتسامة السخيفة دي؟
بيستهزأ بيا صح؟
ما أكيد مش عيطتي في حضنه زي الهبلة وقضتيها نواح، اشربي بقى، مستنية إيه غير إنه هيتسلى عليكي، آه عليك، بتستغل ضعفي عشان تعمل منه محتوى مضحك ليك آه يااا…
_ ليله يلا، هنتأخر.
قطع شرودي صوته، مشيت وراه بسرعة وخدت مكاني، طلعنا البيت بهدوء وسط ابتسامته ودندنته اللي مختفتش طول الطريق، بس المرة دي ابتسامه لطيفة، جميلة، بعدت عيني عنه طول الوقت، وطول ما أحنا في الاسانسير بس ابتسامته مفشلتش في إنها تنتقلي.
فتح باب الشقة بهدوء ودخلت، اقصد اتصدمت!
إيه ده!
بوكيه ورد أحمر بيتوسط الترابيزة، وشمع سايح، مع كوبايتين العصير نف فيهم!
نقلت بصري ليه كان قفل الباب وبيبصلي بذات الإبتسامة وهو حاطت ايديه ورا ضهره بلطف، سرعان ما اتحولت ملامحي لغضب، غضب حسيته انفجر في عقلي وأنا بهجم عليه وبمسكه من ياقة قميصه بعنف.
_ إنــت جـبــت بنــات اليومين اللي كنت فيهم عند أبويا!
قلعت جزمتي بعصبيه وأنا بعدل بنطلوني الواسع وبهتف بغضب.
_ إنت بتخــونـي وأنـا لـسـه علـى زمتــك!
بصيتله كانت ملامح الغباء اترسمت على وشه، وابتسامه ماكرة قتلتها في موقعها من قبل ما تتولد وأنا بهجم على ياقته تاني.
_ بتجــيب بنــات يا يــونس.
لقيته بينفجر في الضحك وهو بيزيح ايدي بهدوء من على ياقته وبيقعد على كرسي الأنتريه بصعوبة من قهقهاته، هتف من بين ضحكاته.
_ إنتِ عارفه كان عندي شك قد كده -عقلة الإصبع- بس الحمدلله قتلتيه قبل ما يتولد.
كانت كلماته بتزود الغضب في عيني وبتزيد من تصاعد أنفاسي مع إحمرار لمناخيري بطريقة كانت نهايتها البكاء، بس لأ مش هعمل كده تاني، حاولت أهدي نفسي، مجرد الفكرة بتسبب لهب مكنتش أعرف إنه موجود جوايا، في الوقت اللي هو قام فيه واتملكته الجرأه لدرجة إنه هياخدني في حضنه!
نعم؟
بعدت عنه أول ما قرب مني وفهمت محاولاته الفاشلة في إنه يبرر موقفه.
_ ابعد عني، متحاولش تلمسني بإيديك، وبعدين أنت جايب الجرأة دي منين، قايم تحضني؟
أنت واعي إنت بتعمل إيه ؟
فوق يا بيه، روح احضن الحلوين اللي بتجبهم هنا.
وقف في مكانه وهو بيسند بإيده على ركبته منفجر في الضحك بطريقة اثارت غيظ فوق غيظتي، قربت منه بعنف ولسه كنت على وشك الكلام، لقيته اتعدل في وقفته وقال من بين ضحكاته:
_ هسألك سؤال بس إنتِ عيانه؟
قال جملته وهو بيكمل قهقهاته وبيحط إيده على دماغي ليستشعر حرارتي، زقيت إيده بعنف فخبط إيده على رجله من شدة ضحكة،
وقفت في ذهول مستنية حالتة تنتهي، وبعد دقائق قليلة كان هدي، وقف وعدل قميصه واقترب مني بهدوء.
_ هو أنا لو عايز أخونك، هجبلها ورد وأحطه في نص الصالة وأحط شمعتين هبل؟
يعني مجاش في بالك مثلا إني كان ممكن أشيل كل ده قبل ما أجيبك.
بعدت عنه وأنا بخبط على ايدي بتأكيد.
_ يعني بتعترف، كمان، كمان بتقول أنا بعمل كذا وكذا، ااه عشان كده جبتنا البيت متأخر تكون الهانم مشيت، بتستغفلني.
دخل في نوبة ضحك صغيرة المرة دي وأردف بسرعة.
_ إنتِ للدرجة دي شايفاني بالغباء ده؟
وأكمل بقهقه.
ده أنا حتى مهندس.
إلتفتله بغضب مع آخر جملة، وأنا بلتقط أقرب مخدة انتريه وبحدفها عليه بعنف.
_ بجد؟
هو ده وقت تستعرض فيه مواهبك كمهندس، إنـ…
قطع كلامي وهو بيضمني ليه بسرعة.
_ يعني ميمشيش معاكي إن الورد ده ليكي، والشمعتين دول اللي لقتهم عندك في الدولاب.
اتصدمت من ردة فعله أكتر ما اتضدمت من كلامه، حاولت ابعد عنه بس معرفتش، بصلي بإبتسامته نفسها، ابتسامته اللي وقفت حركتي وأنا برد عليه بدون وعي.
_ إيه.
_ ليله
_ نعم
_ كنت فاكرك ذكية، أو على الأقل مش غبية.
رديت بهمس:
_ أومال أنا طلعت إيه.
_ دون المستوى.
_ ممكن تسبني.
_ لأ.
رد عليا بإبتسامته اللي أظهرت سنانة المتلألأة، محاولتش أبعد عنه، اتصال عنينا كان صعب إني أكسره.
كمل بصوت واضح عكس صوتي اللي كان يعتبر اختفى.
_ أنا بحبك.
اتسعت عيني في ذهول مقدرتش أداري ولو جزء صغير منه، فحواجبي كانت كافية إنها تعبر عن مدى دهشتي.
لقيته بيسبني بهدوء، وبيقول وهو على مسافة شبر.
_ ليله، أنا مخترتكيش طريق ليا، ولا كنتي من ضمن اختياراتي، كنت شايف إنك عقبة اتحطت في طريقي ولازم ازيلها في أقرب وقت، بس الحقيقة إنك كنتِ أحلى عقبة اتحطت قدامي، وجودك بقى بيمثلي كل شيء، إنتِ طلعتي مني شخص عمري ما تخيلت إنه جوايا، عرفتيني نفسي اللي كنت نسيتها، والأهم إنكِ وريتني الحياة بشكل تاني، شكل عمري ما كنت أتخيل إنه موجود، شكل رسمتيه بخفتك وبقيتي إنتِ مركزه، من غيرك هيبقى باهت ملوش روح ولا حياة، ولا حتى هيبقى أبيض وأسود، هيبقى رمادي منعدم المعنى، ما بين الشيء واللاشيء، إنتِ قدرتي تحفري لنفسك بيت جوا قلبي مستحيل أهدمه، لأني مهما روحت هيفضل جزء مني، إنتِ مبقيتيش ضمن أولوياتي، إنتِ بقيتي كل أولوياتي.
دموعي نزلت من عيني كالسيل، كنت جوا صدمة ممريتش بشبيه ليها قبل كده ، وقت ما قولت ده شريط النهاية، طلع تتر البداية لقصة متخيلتش إني هعيشها،
قطع حبل أفكاري اللي مكملش دقيقة وهو بيطلع علبة صغيرة من جيبة وبالطريقة التقليدية المقربة لقلبي، انحنى على ركبه.
_ مختارتش ابقى معاكي، بس هختار أكمل معاكي.
ليله، تقبلي تبقي مراتي بجد؟
تقبلي تكوني شريكتي في الحياة؟
الصدمة كانت متملكة من خلايا محسيتش بنفسي غير وأنا بهز راسي من وسط دموعي وبجري عليه وبحضنه، كان عوض فوق توقعاتي، قلبي اللي فضلت احافظ عليه طول عمري مكانش نصيبه الجرح زي ما قولت مكانتش الكسرة هي زينته، بل العكس كان الأمان هو نصيبه، والعوض ولا أجملة، كان عوضه إنه لقى الحب مع الشخص اللي يستحقه في وقت كان فقد فيه الأمل.
**************
_ إيه يا أستاذ طلال، جايبني على ملا وشي، خير.
_ جايبك عشان تشوف الخيبة اللي إحنا فيها.
_ خيبة إيه بس.
_ تعالى يا حبيبي شوف عيالنا لبسونا العمة إزاي.
_ عمة إيه وخيبة إيه، الله، ما تتكلم يا طلال على طول وقول في إيه.
_ قولي إنت بس الأول إيه أخبار ليله بنتك، كنت بتقولي زعلانة عندك.
_ إنت عارف الخناقات اللي بتبقى بين اللي لسه متجوزين جديد، أهو يونس جه خدها إمبارح وروحوا.
قهقه بسخرية:
_ وإنت صدقت.
_ الله، ومش هصدق ليه، اتنين واتصالحو في إيه يا طلال.
_ كنا فاكرين نفسنا ناصحين وبتاع وبنضحك عليهم لما نحطهم قدام الأمر الواقع، طلع البهوات بيلعبوا بينا وأحنا مش دريانين.
_ يعني إيه؟
_ الحلوين متفقين إنهم هيمثلوا قدامنا إنهم متجوزين ومبسوطين وحالهم فل الفل، وبعد ست شهور هيتطلقوا.
بغضب:
_ إيه الكلام الفارغ اللي بتقوله ده، طلاق إيه وست شهور إيه وإنت عرفت الكلام ده منين.
_ لما كانوا عندي آخر مرة، قفشت ندى واقفة بتتنصت قدام باب اوضة اخوها، خدتها وخليتها تحكي كل حاجة، البيه كان حاكيلها كل حاجة، حتى اتلاقي كريم عارف وليله قالتله، محدش متغفل في الليلة دي غيرنا يعم بليغ.
_ إزاي الكلام ده، معقول، أنا مش قادر استوعب، ليلة يتسحيل تستغفلني كده.
أطلق صوتًا ساخرًا:
_ ولا يتسحيل ولا حاجة يخويا، مش أحنا اللي جوزناهم غصب وقولنا خطة وهتمشي ده أحنا شقاوة قديمة، أشرب يخويا الشقاوة القديمة.
_ أنا لسه مش قادر استوعب إنهم غفلونا للدرجة، لأ وكمان إمبارح يقولي في عيني يا اونكل إنت مش هتوصيني عليها، آه يا ابن الـ…
_ اشتم ولا يهمك، الشتيمة دي أقل حاجه نعملها،
إلتفتله بغضب:
أحنا مينفعش نسكت على الموضوع ده يا بليغ، أنا لا يمكن أسمح للبيه بإنه يطلق.
_ لأ وظابطبنها أوي، ولا أجدعها ممثلين.
_ كل ما افتكر دمي بيغلي، انتوا حتى مدتوش لبعضكوا فرصة تعرفوا بعض، إيه الدماغ الناشفة دي.
_ مينفعش نقف نتفرج، لازم نتدخل في أسرع وقت، إن مكانش انهارده كمان.
_ تعالى نعمل عليهم فيلم جديد، نوريهم اللعب على أصوله.
_ لأ يا طلال، أحنا جربنا الخدع والضغط وادي النتيجة قدامنا.
_ طب هنعمل إيه هنسيبهم لحد ما يعدي ست شهور وألاقي البيه جايلي يقولي أنا طلقت.
_ لأ، هنلعب على المكشوف.
_ ده أنا هاخده غسيل ومكوى، أنا هوريك يا سي يونس.
***********
_ إيه بتهزري يا ندى، حكيتي لأونكل على كل حاجة.
بتوتر:
_ بس يا نيرة مش عارفه هعمل إيه، يونس لو عرف مش قادرة أتخيل هيعمل إيه، أنا في مصيبة.
_ معرفتيش تكدبي أو تقولي أي حاجة.
_ مبعرفش اغير كلامي قدام بابا، بنظرة واحدة بطلع اللي جوايا.
_ طب وكريم؟
_ إيه ؟
_ حاسه إنك لو حستني علاقتك مع ليله هيبقى ليكِ فرصة مع كريم، بدل ظا إنتِ بتحبي فيه من بعيد لبعيد كده.
_ ضحكتيني يا نيرة، إنتِ اللي بتقولي أحسن علاقتي مع ليله، ده احنا مبوظينها سوا.
_ دي حاجة ودي حاجة،وكمان خلاص كلها شهر ولا اتنين وتخرج من حاية يونس، لازم تستغلي الوضع شوية ليكِ.
_ على رأيك، ممكن أعمل كده فعلًا.
************
_ تيجي نسافر؟
حركت راسها من على كتفه والتفتتله مردفه.
_ نسافر فين.
_ أي حتة، نعملنا شهر عسل.
ابتسمت.
_ موافقه.
كان يوم جميل على ليله، ذكرى عمرها ما هتنساها، حفرت في قلبها شعور جميل بتدعي إنه ميسيبش قلبها يوم.
بدأو يوم جديد في حياتهم الحديدة بحيوية ىجعت لكل واحد كما لم تكن من قبل، حماس ليله في ترتيب الشنط، ويونس اللي بيظبط السفر وبيحجز الباصات، كان جو جميل قطعه تليفون يونس.
_ صباح الخير يا بابا، مش هعرف أجيلك انهارده كنت مستني شوية تكون صحيت عشان أكلمك.
_ ……
_ إيه، لازم أجي؟
في حاجة حصلت ولا إيه ؟
……
_ خلاص هاجي أنا وليله، يدوبك هنبقى عندك على 2 مثلًا.
_ في حاجة ولا إيه ؟
_ معرفش بابا بيقولي مستنيك انهارده إنت وليله على الغدا اوعا تتأخر، كمان عازم عمي.
_ عمك؟
عمك مين؟
_ اونكل بليغ، ما هو عمي بردك.
ابتسموا في صمت واستعدوا ووصلوا لبيت يونس في الوقت المتحدد،
قابلت ليله كريم وحضنته بسرعة بفرحه كان اتعجب حالها اللي اتغير من ساعة ما سابها، مكانش محتاج يسألها أو يستفهم منها، فالاشراقه اللي كانت مالية وشها هي ويونس كانت كافية تقوله كل حاجه، ففهم إن ده الوقت المناسب اللي يحكيلها فيه على موضوعه.
_ ليله، عايزك في موضوع مهم.
_ تعالى نقعد في البلكونة.
….
_ أنا قررت قرار.
_ استر.
_ قررت أتجوز نور.
….
_ فين ليله يا ماما.
_ في البلكونة يا حبيبي مع كريم.
….
التفتتله بحماس:
_ إيه بجد!
مش مصدقة، إنت بتتكلم بجد يا كريم؟
كمل بفرح:
_ أيوة.
جريت عليه وحضنته في الوقت اللي دخل فيه يونس.
_ يا سيدي يا سيدي، اللي داخل بين البصلة وقشرتها.
التفتله بضحك.
_ بارك لكريم يا يونس.
_ إيه نويت تعملها ولا إيه يا كيمو.
_ كلنا لها يصحبي.
_ هتتجوزها أخيرًا.
_ عارف يا يونس، كريم ونور بيحبوا بعض من ثانوي، وعمرهم ما ارتبطوا.
_ يا قلبك ويا طولة بالك.
سكت برهه وإلتفت لكريم بشك وأنا بقوله بلوم:
_ إيه ده أنت كنت حاكيله؟
_ عيب عليكي يبنتي يونس صاحبي الانتيم، أكيد هحكيله.
بصيتله بصدمة وأنا بسترجع آخر نقاش بينا، كملت بغضب طفيف.
_ عشان كده كنت عمال تقولي يمكن يكون اللي إنتِ فاكراه غلط!
ضحك والتفت ليونس وهو بيمسح أعلى أنفه، كنوع من أنواع التهرب، في الوقت اللي كان التساؤل والذهول اترسموا على وش يونس.
_ اللي إنتِ فاكراه؟
إيه اللي إنتِ فاكراه؟
فأدركت سخافة الموقف، وازاي رجعت يونس لموقف عياطي على كتف بطريقة في قمة الضحك، ضحكت بتوتر مع ابتسامه بلهاء وأنا بقوله.
_ ههه، متاخدش في بالك يا يوني ده كلام سخيف حتى أنا مش فاكراه.
_ أيوة سخيف، الحكاية يا سيدي إنها….
قتلت جملته من قبل ما تكتمل وأنا بضرب يونس بكوعي في بطنه.
_ اااه، أقول عليكِ إيه بس.
كملت ليونس بنفس البسمة المتوترة.
_ أهو شوفت مش عارف هو بيقول إيه.
ووسط بسمتي المتوترة كنت لمحت خيال ورا باب البلكونة اختفى أول ما وجهت نظري ناحيته، كانت فرصة مناسبة إني أهرب من يونس وبالذات وكريم كان بيخرج عشان يكلم بابا.
_ هسيبكوا أنا بقى هروح أعمل حاجه.
وقبل ما أتحرك خطوة كانت إيد يونس في إيدي وهو بيمنعني.
_ على فين العزم، في كلام ناقص عايزين نكمله.
ضحكت ببلاهه وأنا بفلت منه بخفة.
_ ههه، في حاجة مهمة جدًا لازم أعملها دلوقتي.
خرجت بخفة وأنا بلتفتله بضحك، دورت بعيني على ندى ملقيتهاش في الصالة، كنت متأكدة إنها اللي كانت واقفة ورا الباب، زي ما كان دايمًا جوايا إحساس إنها بتحب كريم، إحساس كان متمرجح بين كونه حقيقة أو مجرد حدس، روحت لأوضتها بخفة وخبطت على الباب كام خبطة.
_ يا ماما قولتلك بعمل حاجة وجاية.
فتحت الباب بهدوء، ودخلت، قفلته ورايا تاني وأنا ببصلها، كانت قاعدة متكومة على السرير، بتعيط وحزنها قدرت استشعره من مكاني،
اتفاجئت لما شافتني، قامت بسرعة ةمسحت دموعها.
_ ليله!
إنتِ..إنتِ بتعملي إيه هنا؟
قربت منها وقعدت جنبها على السرير مع إبتسامة لطيفة.
_ كنت بحس دايمًا بمشاعر من ناحيتك لكريم، بس عمري ما اتأكدت.
_ إنتِ جايه تشمتي فيا يا ليله؟
_ أنا؟
أنا عمري ما أعمل معاكي كده يا ندى، إنتِ ليه شايفاني عدوتك، أنا عمري ما كرهتك، مش هقولك إني بحبك، آه منكرش إن في مواقف كتير كنتِ بتضايقيني فيها وبتبقي قاصدة إنك تستفزيني وتوجعيني، بس أنا عمري ما كرهتك، بل بالعكس مكنتش بفهم إيه سبب عدوانك ده عليا!
سكتت ومردتش، اكتفت بنظرة ندم متغلفة بإعتذار خفي، سكت شوية وكملت.
_ يمكن حبك لكريم خلاكِ تكرهيني بطريقة غير مباشرة؟
بصتلي بنظرة ندم.
_ يمكن..
هو فعلًا كريم هيتجوز؟
بصيتلها بتعاطف وأنا بمسك إيدها.
_ إنتِ عارفه يا ندى، لو كنتِ جيتي في مرة وصارحتيني بمشارعك واعتبرتيني صاحبتك، كنت وفرت عليكِ طريق طويل من المعاناة، وكنت وجهتك لطريقكِ بعيد عن كريم، أخويا وأنا عارفاه.
اترمت في حضني بطريقة استغربتها وفضلت تعيط.
_ أنا موجوعة أوي يا ليله، كان نفسي كريم يحبني، كان نفسي نبقى لبعض، إنتِ مش متخيلة أنا حلمت باليوم ده إزاي، اليوم اللي ممكن يحبني فيه ويجي يقولهالي.
ربت على شعرها بلطف وأنا بهديها، فضلت كده شوية لحد ما هديت، رفعت رأسها ومسحت دموعها.
_ إيه رأيك نبدأ صفحة جديدة، صفحة مفيهاش كره ولا خناق…ولا كريم.
خدتها في حضني وطبطبت عليها، عمري ما كرهتها، متأثرتش بحركاتها ولا إستفزاها ليا، مكنتش بشوفه غير حركات طفولية، ودي الحقيقة، هي يمكن بس كانت محتاجة حد يوجهها، بنت زيها تفهمها وتقولها الصح فين والغلط فين، مش تهاودها على كل غلط.
خرجنا وكانت قاعدة جميلة، كان بقالي فترة محسيتش بالدفىء ده، وكان أول مرة أجرب إحساس إن اهلين اتجمعوا بسببي، عائلتين مبقوش مجرد بس صحاب، بل بقوا نسايب بسببي أنا ويونس، كانت نظراتنا طول الغدا بتتنقل لبعض ما بين حب وأمان، نظرات دافئة مكانش حد حاسس بوجودها غيرنا أحنا، خلصنا غدا وعملتلهم شاي زي ما بيحبوه، بس لسبب ما كنت حاسه إن
الأجواء مشحونة، وبالذات لما بابا قعد جنب أونكل طلال وماما قعدت جنب مامو يونس وكلهم بيبصولنا بنظرات مشتعلة سببت رعشة خوف في جسمي،
دخلت المطبخ وأنا بحاول أفهم في إيه لحد ما لقيت يونس جه.
_ إيه بتعملي إيه كده.
_ بكمل الشاي، قومت ليه؟
_ حاسس بجو غريب برا، حاسس إن بابا شوية وهيقوم ياكلني علقة من بتاعة زمان.
_ إيه ده هو إنت باباك مان بيضربك.
_ لأ أنا بأفور بس، كان ضرب عادي يعني أب لأبنه مش حاجة.
خرجت بالشاي أنا ويونس اللي كان سبقني ووقف قدام اونكل طلال، واللي كنت حاساه حصل، لقيت بابا بينده عليا بطريقة المتهم اللي اتمسك متلبس، حطيت شاي بتوتر وأنا ببتسم ابتسامه بلهاء.
_ أيوة يا بابا.
_ إنتِ….
_ استني يا بليغ، سيبلي أنا الطلعة دي.
أنا عايز اسألك سؤال يا يونس يبني.
_ أكيد يا بابا إنت بتستأذني؟
_ تعالى شوف كده يبني، بص كده على قفايا، شايف عليه ختم ولا حاجه؟
ضحك يونس بسخرية.
_ إيه يا بابا الكلام ده في إيه.
_ بابا؟
قالها أونكل طلال بعنف، فمنعه بابا بسرعة وهو بيربت على رجله
_ اهدى بس يا طلال، خلينا نفهم لعب البهوات، أصل شكلنا اتسرعنا لما جوزناهم، شكلهم لسه عيال.
اقتبضت ملامح طلال اللي ظهرت مع ضيق حواجبه، فرد بصوت رجولي خالي من أي هزار فات.
_ ممكن أفهم إيه داعي الكلام ده، ده بعد إذنكم.
_ إنت بتستغفلنــ….
قطع أونكل

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حكاية ليله)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى