رواية قرية آل نعمان الفصل الثالث 3 بقلم هاجر نورالدين
رواية قرية آل نعمان الجزء الثالث
رواية قرية آل نعمان البارت الثالث
رواية قرية آل نعمان الحلقة الثالثة
.
ضحكت بسخرية وقهرة وقولت:
_يعني هي حبكت لعنتها من التسعينات تطمع في الخمسين سنة اللي هيعيشهم قرمط يعني؟
بصيت ناحية الراجل العجوز وقولت بتساؤل من تاني:
=يعني مش فاهم، إحنا هنتحاسب على اللي عملوه أجدادنا يعني ولا إي وإي الفكرة إنها تبدأ لعنتها علينا، وإحنا مالنا، وهنستسلم للأمر دا ونمـ وت كلنا بالطريقة البشعة دي وننتهي؟
إتكلم الراجل العجوز وقال بتنهيدة طويلة:
_للأسف ميرال كانت عايزة تأذيهم أكتر من إنها تمو تهم بس، يعني لو مو تتهم فـَ خلاص الموضوع خلص بس متعذبوش، لكن إستنت لما خلفوا وكبروا وبقى عندهم عيالهم وأحفادهم هما أغلى حاجة، يتنقموا منهم فيهم، بالنسبة للمشكلة فـَ في ليها حل بس مش عارف هينفع ولا لأ.
إتكلمت بسرعة وقولت بتساؤل وأمل:
=إي هو الحل؟
إتكلم الراجل العجوز بتردد وقال:
_كان في راجل وست عواجيز وقتها معندهومش حد غير حفيدهم اللي أبوه وأمهُ إتوفوا في حادثة وسابوه ليهم، الراجل والست دول طبعًا مالهومش يد في اللي حصل خالص، بالعكس كانوا هما الوحيدين اللي بيسألوا عليها وعلى أهلها بعد اللي حصل ومكنش عاجبهم اللي حصل، وفي نفس اليوم اللي ميرال ألقت لعنتها فيه وإنتـ حرت، الراجل والست العواجيز شافوها بالليل طالعة من أوضة في البيت بتاعهم بشكلها الجميل، في الأول إستغربوا وإتخضوا لإنها كانت إنتـ حرت قدام القرية كلها، بس قعدت قدامهم وإبتسمت إبتسامتها الملائكية وقالتلهم بهدوء:
_متخافوش، لعنتي هتبقى على القرية بالكامل ما عادا إنتوا ونسلكم، هتبقى على نسل كل اللي شاركوا في أذيتي ودماري، عيلتكم مُسالمة ومُعافة من لعنتي لحد ما تقوم، نسلكم الوحيد اللي هينجوا والوحيد اللي دمهُ النقي من أجدادهُ فيه الشفاء.
بيكمل الراجل كلام وبيقول:
_يمكن وقتها كان معنى كلامها بإن دمهُ فيه الشفاء يعني فيه الخلاص من لعنتها، هتقولولي عرفت منين هقولكم والدي كان وقتها عايش وكان جار الراجل العجوز دا، وقتها كنت انا في ثانوي، وللأسف والدي ووالدتي من اللي شاركوا في اللي حصل لميرال، والراجل العجوز كان بيحكي لوالدي من باب الفضفضة والتحذير على إن لعنة ميرال حقيقية، ولكن وقتها محدش سمعلهُ كالعادة.
بصيت للعجوز بتركيز وقولت بتساؤل:
=طيب ومين الحفيد اللي دمهُ ليه الشفاء دا؟
سكت الراجل العجوز شوية وهو نظراتهُ ناحية شخص مُعين، لحد ما بصيت على اللي بيبص عليه ولقيتهُ الدكتور، بصيت بصدمة للدكتور وهو كمان بصلي بصدمة وإحنا الإتنين مش مستوعبين ونظرات الكل بقت على الدكتور، لحد ما الدكتور إتكلم برعب وقال:
_إي في إي، بتبصولي كدا ليه، ما هو مش معقول أنا، مراتي كانت هتقـ تلني يبقى إزاي أنا؟
دارت في دماغي ولقيت فعلًا معاه حق، رجعت بصيت للعجوز وقولت بإستنكار:
=أيوا صح، مراتهُ من اللي عليهم اللعنة وكانت هتقـ تلهُ، يبقى إزاي هو؟
إتكلم العجوز وقال بنبرة سخرية:
_ومقتـ لتقهوش ليه، مقدرتش مثلًا ولا خافت منهُ؟
حتى لو قربت منهُ فـَ عشان هي تحت تأثير اللعنة لكن مش هتقدر تعملهُ حاجة، أيوا إنت حفيد العجوزين، إنت الوحيد اللي اللعنة مش هتمسك وإنت اللي قالت عنك إن دمك فيه الشفاء.
قام الدكتور وقف وهو محاوط نفسهُ بإيديه وكإنهُ حاضن نفسهُ من حد هيتهجم عليه مثلًا وقال بخوف وهو بيترعش:
=يعني إي يعني، يعني عايزين تصفوني؟
وبعدين ما يمكن قصدها الشفاء جاية من الشفا وأنا دكتور وربنا يجعل في إيدي الشفا وكدا ويرزقكم وكدا يعني.
بصيت للراجل العجوز وقولت:
_هو مطلع عين اللي مخلفني من ساعة ما قابلتهُ بس إي نصفيه دي، ما هي أكيد مش مخلياهم متحصنين من لعنتها عشان إنتوا تقـ تلوه وتحموا نفسكم بدمهُ؟
إتكلم الراجل العجوز وقال بقلة صبر:
=يابني إنت وهو مين جاب سيرة إننا هنصفيه، وأكيد يعني زي ما قولت هي مش هتسمحلنا، بس هي قالت إنهُ دمهُ نقي وفيه الشفاء، أنا كنت عامل حساب يوم زي دا من زمان، وعشان كدا فكرت في حاجات كتير ولقيت إن أنسب حل وتفسير للكلام اللي هي قالتهُ هو إنهُ يتواصل معاها ويخليها توقف اللعنة عن طريق دمهُ.
قعد الدكتور جنبي من تاني ومسك في دراعي بخوف، بصيتلهُ وقولت بتساؤل وتركيز:
_ودا إزاي بقى؟
إتكلم العجوز من تاني وقال بعد ما قام وقف:
=قوم تعالى معايا يادكتور.
إتكلم الدكتور بخوف وهو ماسك دراعي زي العيال الصغيرة:
_آجي معاك فين، أنا مش متحرك من مكاني غير لما تقولي هتعمل فيا إي، متسبنيش ليهم بالله عليك يا أستاذ، وبعدين جدي الله يرحمه قالي اللي يقولك تعالى معايا متروحش معاه عشان هيبقى يعمل فيك حاجة وحشة.
مسكت راسي بإيدي وأنا سامع ردودهُ اللي مش فاهم هو طلع دكتور إزاي ومسكت دراعهُ اللي مكلبش في دراعي وقومت وقفت وأنا بوقفهُ وقولت بهدوء وكإني بكلم طفل صغير:
=أنا هاجي معاكم متخافش، يلا بينا.
مشينا ورا الراجل العجوز بهدوء لحد ما وقف قدام البحيرة اللي قال إنها إنتـ حرت فيها، لأول مرة أشوف البحيرة عن قرب، دايمًا كانوا أهلنا يحذرونا منها وإنها مكان مسكون فـَ مكنش حد بيقرب منها وكانت مهجورة دايمًا، طلع الراجل العجوز خنجر من جيبهُ، لقيت الدكتور بيصرخ وهو بيستخبى ورايا وبيقول:
_يا ليلة مفيهاش شمس، يا ليلة مش هيعدي عليها شمس، إلحق أنا جيت على ضمانتك أنا في حماك يا أستاذ، عايز يصفيني.
كان بيتكلم بصوت عالي وهو بيصرخ وبيهز فيا جامد من الخوف وهو مستخبي ورايا، إتكلمت بصوت عالي وإنفعال وأنا بلفلهُ عشان أثبتهُ وقولت:
=ما الطبيعي الليلة مش هيطلع فيها شمس، طبيعي إي؟
الليلة مبيطلعش فيها شمس، إتهد اللي يهدك هدتني لما نشوف هيقول إي، ما قالك إنك متنيل متحصن منها هي شخصيًا، عايز إي تاني، إخرس بقى شوية.
رجعت بصيت للراجل العجوز من تاني وأنا باخد نفسي عشان أهدى من الإنفعال وقولت بتساؤل:
=هتعمل إي يا حج إنت كمان، وإتكلم بسرعة الله لا يسيئك عشان زي ما إنت شايف كدا.
بدأ الراجل العجوز يتكلم ويقول:
_هتاخد الخنجر يا دكتور وهتجرح إيدك جرح بسيط وتخلي دمك ينزل في البحيرة يمكن وقتها تظهرلك ميرال وإتكلم معاها إنها تخلص لعنتها وإن إحنا زينا زيها مالناش ذنب في اللي عملهُ أهلنا زمان، حاول تقنعها، إتفضل الخنجر.
مدّ الراجل العجوز إيدهُ بالخنجر لـ الدكتور والدكتور بصلي وهو شِبه بيعيط وقال:
=أنا خايف تظهرلي، أنا خايف منها.
فضلت أطبطب عليه وأنا مُبتسم إبتسامة مُتكلفة وجاي على نفسي وكإني بهاود طفل صغير لحد ما شجعتهُ يروح، عمل اللي العجوز قال عليه ونزل منهُ بالظبط 3 قطرات دم ولقينا وقتها البحيرة كلها إتملت دم، وكإنهم مكانوش 3 نقط، وكإنهُ فعلًا إتصفى، كلنا خوفنا من المنظر والناس اللي واقفة كلها رجعت خطوات لورا ولقينا حاجة بتعوم جوا بحيرة الدم دي لحد ما طلعت مرة واحدة ميرال وهي طايرة في الهوا بجد، طايرة على سطح البحيرة اللي كلها دم، كل اللي واقفين فضلوا يصرخوا وفي اللي هرب من المكان لإنها حرفيًا كانت بشعة، كانت بنفس الشكل اللي شوفتها بيه قبل كدا، بس الغريب إن الدكتور مكنش خايف على عكس عادتهُ وبالعكس كان بيبصلهم بإستغراب ورجع بصيلها مرة تانية وهو بيبتسم وبيقول:
_إنتِ ميرال؟
قربت منهُ بهدوء، كنت متابعهم ووقتها فهمت إنهُ شايفها بشكلها الطبيعي، شكلها الحلو على عكسنا إحنا، قربت منهُ وكنت شايفها بتتكلم وبتحرك شفايفها بس مش سامع لها آي صوت وكإن هو بس اللي سامع أو مش كإن، فعلًا كان هو بس اللي سامع، وللعجب مكنتش سامع صوت للدكتور برضوا بس شايفهُ بيتكلم، فهمت وقتها إن اللي بينهم سر بينهم تقريبًا أو من ضمن اللعنة إن منفهمهاش أو ندخل معاها في جدال زي ما الدكتور أو نسل الأجداد دول مسموحلهم، رجعت تاني البحيرة بمنتهى الهدوء وكل حاجة رجعت زي ما كانت، بس البحيرة بدل ما كانت كلها بالدم بقى فيها حاجة زي خيط دم وكإنهُ بيؤدي لـ حاجة وبعدها لقيت الدكتورنازل البحيرة وماشي ورا الخط دا، روحت وحاولت أمنعهُ ليغرق وخصوصًا إنهُ مش سامعني أو مش بيستجيب ليا وكإنهُ مُغيب بس الراجل العجوز منعني وقالي إنها بتدلهُ للخلاص تقريبًا، فضلت واقف الحقيقة قلقان على الدكتور، بالرغم من كل تصرفاتهُ والتعب اللي تعبهولي بس شايفهُ غلبان وميستاهلش آي شر، الدكتور كان لسة مُستمر لحد ما غاص جوا البحيرة وإختفى عن الأنظار، لحد ما عدا 9 دقايق وأنا كل ما أحاول أنزل اشوفهُ يمنعوني، لحد ما زعقت وقولت:
_دا عدا 9 دقايق يعني حتى لو بيعرف يعوم وسباح ماهر مش هيستحمل 9 دقايق تحت الميا بدون أكسجين، إوعوا كدا ليكون مات وهتبقوا إنتوا السبب للمرة التانية وبتعيدوا نفس اللي عملوه أهلكم.
وقتها محدش منهم منعني تاني وكانوا بيبصوا لبعض بتردد كنت لسة هنط جوا البحيرة بس لقيتهُ خارج وفي إيدهُ جثة، بالظبط كدا جثة لبنت جميلة جدًا لسة متحللتش، وغالبًا هي ميرال إزاي معرفش، حطها على شط البحيرة وقال وهو بيبكي:
_ليه عملوا كدا، ليه عملتلهم إي، متستاهلش كل اللي حصلها.
قعد يبكي قدام الجثة شوية ومحدش فينا فاهم حاجة ولا هي دي جثة ميرال فعلًا ولا لأ، لحد ما الراجل العجوز إتكلم بتساؤل:
=إي اللي حصل يابني، وإزاي جثتها لسة متحللتش وإزاي رجعت زي ما كانت قبل ما…
وقف الدكتور عياط وقالهُ بإنفعال:
_جثتها متحللتش لإن ميرال كانت ساحرة ولكن سحرها كان من النوع الطيب مبتأذيش حد وقبل إنتـ حارها سحرت جسمانها بالسلام لحد ما تنتهي اللعنة وتاخد حقها كـ إنسانة ولو مرة واحدة منساعة ما جات القرية، بالنسبة للي حصل فـَ الجزء اللي يهمكم دلوقتي هو إن اللعنة إنتهت من علينا إحنا كـ أبناء وأحفاد، لكن بالنسبة لكل اللي شاركوا في اللي حصل من التسعينات من أهلكم مسيرهُ الهلاك ودلوقتي.
كل اللي كان واقف جري على بيوتهم عشان يشوفوا أهلهم، روحت قعدت جنب الدكتور وأنا باصث للجثة ومستغرب ومتعجب من اللي شايفهُ قدامي الحقيقة وحضنت الدكتور بس المرة دي بإرتياح بعد خوف حقيقي عليه، إتكلم بعياط وقال:
_أنا شوفت كل حاجة حصلتلها، هي ورتني اللي عملوه فيها، شوفت كل حاجة وهي فضلت تعيط وهي واقفة جنبي وشايفة نفسها واللي بيحصل فيها، لحد ما وافقت تسامح النسل لإنهُ زيهُ زيها، ضحية أهلهم، مقررتش تبقى وحشة زيهم وتأذي ناس أكتر من كدا معملولهاش حاجة، وقالتلي على مكان جثتها في البحر وإنها عايزة دفنة كويسة ويفتكرها الناس بالخير، وكان طول الطريق لجثتها البحر كإنهُ مقسوم نصين وبيوسعلي عشان أمشي وإعرف أتنفس، معتقدش إنها كانت شخص وحش خالص عشان يعملوا فيها كدا.
فضلت حاضنهُ وأنا مُتأثر بكل اللي بيقولهُ واللي شافهُ.
بالفعل اللعنة كانت إنتهت بموت كل الناس اللي باقية من اللي شاركوا في العملة دي وكل حاجة رجعت زي طبيعتها، وبقينا بعدها أنا والدكتور أصحاب، ودفنناها وعملنالها أكبر مدفن في القرية وبقى زي مزار سياحي وعلى شاهد القبر مكتوب “هنا ترقد الجميلة ميرال فادي، صاحبة أجمل وأعدل لعنة، لعنة قرية آل نُعمان في سنة 2023، ستُصبح ذكراها دائمًا يتداولها الأجيال حتى يعلم الجميع الظلم الذي تعرضت لهُ الجميلة ميرال وتنتهي الإشاعات والأحاديث الكاذبة عن كونها مسخ، هنا ميرال، هنا حيثُ ترقد أجمل نساء العالم.”
#هاجر_نورالدين
#قرية_آل_نُعمان
#تمت
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قرية آل نعمان)