رواية لهيب الروح الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدير دودو
رواية لهيب الروح الجزء الحادي عشر
رواية لهيب الروح البارت الحادي عشر
رواية لهيب الروح الحلقة الحادية عشر
كان المحامي يقوم بجميع الإجراءات لخروجها ونيل حريتها بعدما أنهت ما يقارب شهر كامل مقيدة تُعاقب على شئ لم تفعله، تنفست بصعداء مرتسم فوق شفتيها ابتسامة خفيفة تزين وجهها الشاحب الذي كان الحزن يملأ كل أنش به.
كان عقلها شارد يفكر فيما ستفعله في حياتها القادمة بعد خروجها من هُنا، ولازالت غير مصدقة أنها قد نالت براءتها وحريتها معًا، لكن حريتها الحقيقية قد نالتها بموته، نعم بموت عصام تلك هي الحرية الحقيقية، سينتهي عذابها وجحيمها.
تستطع أن تقول حقًا أن سجنها قد انتهى، ستفعل كل شئ كما تريد هي، تضحك تبكي، تفرح تحزن، كل شئ ستفعله متى تحب؟ لن يعود ما يمنعها ويشعرها بمرارة الأيام، تلك الغصة القوية التي كانت متواجدة دومًا في قلبها قد انتهت حقًا!! هل حقًا انتهت؟! لم تصدق ما حدث هل كل ذلك الألم انتهى؟ لكن إن كان الالم انتهى فندباته لازالت في قلبها وروحها وجسدها المشوه على يده.
هُناك العديد من الجروح لن تُشفى مهما مر عليها الوقت، وذكريات لن تُمحى، عامان كاملان كان بمثابة حياتها بأكملها، ذكريات حزينة تسيطر على عقلها لا تعلم كيف ستفقدهم حتى تستطع العيش في أمان بلا حزن ووجع، أهم شئ تود فعله هو الإبتعاد عن عائلة زوجها تلك العائلة التي عانت كثيرًا بسببها، لكن نظرات مديحة لها قبل تركها للقاعة غير مبشرة بالخير، بل كانت تطالعها بغضب معترضة في حكم البراءة التي نالت عليه متوعدة لها بشر ومكر يشبهها.
نفضت كل ذلك من عقلها الآن فهذا ليس وقته، وتمتمت بهدوء تشكر المحامي الذي وقف معها
:- بجد أنا متشكرة جدًا لحضرتك مش عارفة أقولك إيه على وقوفك معايا.
ابتسم المحامي بهدوء وأجابها بعملية ومهارة بعد إنهاء جميع عمله وإجراءاته القانونية لها
:- لا طبعا يا مدام رنيم متقوليش كدة انا معملتش حاجة زيادة عن واجبي لو لازم تشكري حد فهو جواد باشا هو اللي عمل كل حاجة وهو اللي راح مكان جريمة وقدر يعرف مكان الكاميرا دي اللي كانت مستخبية في مكان سري، هو كمان اللي اقنعني امسك القضية عمل كل حاجة بصراحة وكان واثق انك بريئة، مبروك ليكي يامدام رنيم.
صُدمت من حديثه هل حقًا جواد فعل كل ذلك لأجلها؟ لكن مهلًا كيف فعل ذلك؟! كيف وهو بذاته كان يعلم أنها قاتلة ويود قتلها، كان يتعامل معاها بحدة وجمود ويريد حق ابن عمه منها!! شعرت أنها كالتائهة هي مهما فعلت لن تستطع فهم شخصية جواد لكن بالرغم من كل ذلك لازال معلق في قلبها بجميع طباعه التي لن ترى مثلها من قبل.
تسائلت بدهشة وعدم فهم حتى الأن
:- طـ… طب هي ازاي الشرطة ولا النيابة ملقتش الكاميرا دي.
أجابها المحامي بعملية جادة
:- الكاميرا كانت في مكان صعب حد يلاقيه وكمان هما بالنسبالهم انتي المتهمة وفي شهود عليكي فاتعاملوا على الأساس دة وعلى فكرة جواد باشا مسكني القضية قبل ما يلاقي دليل البراءة هو فعلا كان عارف أنك بريئة.
علمت انها خرجت باعجوبة بسبب جواد الذي فعل كل شئ لأجلها رغم عدم اعترافها له بالحقيقة وكذبها عليه إلا أنه وقف معها حتى خرجت في النهاية.
تفاجأت به كان يقف ينتظرها اقترب منهما مغمغمًا بعملية جادة للمحامي
:- خلاص كدة كله تمام؟
اومأ برأسه أمامًا وأجابه محافظًا على نبرته العملية هو الآخر أمامه
:- ايوة كدة تقدر تتفضل مع مدام رنيم.
كانت واقفة كالبلهاء لاتفهم ما يدور أمامها وتساؤولاتها قد ازدادت لكنها ستنتظر حتى تحصل على جميع إجاباته وجدته يشكر المحامي بهدوء متزن والثقة شديدة في نبرته
:- شكرا كدة خلاص تقدر تتفضل.
تطلع نحو رنيم مشيرًا لها بيده صوب الأمام لتذهب مردفًا بجدية مشددًا فوق كل حرف يتفوهه
:- يلا نمشي يارنيم.
قطبت جبينها وسارت بصمت معه حتى وصلت نحو سيارته فتوقفت متسائلة بذهشة متعجبة لما يفعله
:- استنى كدة هو انتي موديني على فين ولا عاوز مني إيه مش خلاص على كدة يا جواد باشا ولا إيه؟
وزع نظراته الحادة عليها اخترقتها وأجابها بحدة وغضب منها متذكرًا كذبها عليه
:- بقولك ايه اركبي واخلصي خلينا نمشي.
شعرت بالخوف عنوة عنها وتمتمت بقلق مبتعدة عنه لبضع خطوات متوقعة الأسوأ كعادة حياتها التي بلا حظ تمامًا
:-نـ… نمشي ايه بقولك ايه ابعد عني شكرا عاللي عملته وخلاص واعتقد عرفت اني معملتش حاجة لابن عمك هو اللي عملي وضـ ربني سيبني في حالي انت وعيلتك دي كلها.
فقد السيطرة على ذاته فصاح بها بعنف غاضبًا
:- بقولك ايه اتعدلي عشان متعصبش عليكي مش كفاية انك كدبتي عليا كان ممكن تروحي فيها بسبب كدبك استفادتي إيه.
كان يتحدث هكذا لخوفه عليها فلو لم يظن ببراءتها وأنها لن تستطع فعل شئ هكذا وسار مستمعًا الى قلبه باحثًا عن دليل براءتها لكانت الآن حصلت على حكم الإعدام بدلًا من براءتها وحريتها، كيف لها أن تكذب في أمر هكذا؟!
اجتمعت الدموع بضعف داخل مقلتيها لم تعتاد منه على التعامل معها بتلك الطريقة لكنها حاولت الثبات أمامه وأجابته ببرود
:- ملكش دعوة بيا مكنتش ساعدتني اصلا بعدين انا مكدبتش انا لو كنت اقدر اعملها كنت هعملها فعلا، وبقولك ايه سيبني امشي وابعد عني.
قبل أن تستمع إلى رده ذهبت مبتعدة عنه لبعض الخطوات فأسرع هو قابضًا فوق يدها بعنف مانعًا إياها من الذهاب وغمغم بعصبية حادة
:- بلاش جنان تعالي اركبي واخلصي يلا عشان نروح وتلحقي ترتاحي شوية.
طالعته مترددة بخوف يبدو عليها وتمتمت بضعف وعقلها يصور لها العديد من المشاهد المرعبة التي تنتظرها عند عودتها معه
:- بـ… بس انا مش عاوزة اروح معاك مش عاوزة ارجع تاني في العيلة دي، لا مش عاوزة عشان خاطري أنا خلاص هبعد ومحدش هيشوف وشي تاني.
جملتها الأخيرة ألمته بشدة جعلت قلبه يعتصر بداخله تود الإبتعاد حقًا؟ كيف له سيعيش من دون رؤيتها لن يستطع بالطبع وسيموت اشتياقًا وعشقًا لها لكنه يريد راحتها حتى وأن كانت لن تتطابق معه لذلك غمغم متسائلًا بهدوء
:- طب عاوزة تروحي فين؟ اوديكي عند أهلك.
حركت رأسها مسرعة نافية بخوف، لا تريد رؤيتهم مرة أخرى في حياتها فتمتمت بخفوت
:- لـ… لا لا بلاش اهلي عشان خاطري مش عاوزاهم وديني اي حتة بس أهلي لأ.
طالع رؤيتها بحزن عالمًا بتخليهم عنها ووقوفهم ضدها دومًا من دون اهتمام لها ولمشاعرها لذلك غمغم يرد عليها متعقلًا باتزان
:- طب بصي هو ابويا كان قايل اني اجيبك على هناك فانتي تعالي شوفي الدنيا اسبوع ولا حاجة مرتاحتيش او في حاجة ابقي امشي واهي فترة كويسة اشوفلك فيها شقة.
لم تقوى على الرفض لأنها بالفعل ليس لديها مكان تعيش فيه أغمضت عينيها بقوة وسارت معه بضعف وقلة حيلة تفعل مثلما أخبرها، قاد سيارته متوجهًا نحو المنزل مبتسمًا بهدوء على وجودها معه محاولًا ايضًا التحكم في انفعالاته التي ستكشفه بالطبع.
كان من حين إلى آخر يتطلع نحوها يدقق بها وبملامحها المجهدة، يود أن يضمها ويربت فوق قلبها الحزين، يخبرها أنه لن يتركها مهما حدث.
ترجلت من السيارة وسارت بجانبه بتوتر فطالعها بهدوء يطمئنها لكنها ما أن دلفت حتى وجدت مديحة تقترب منها تطالعها بنظرات غاضبة حادة والشرر يتطاير من عينيها كالسهام النارية، أسرعت تقف خلف جواد بخوف مما ستفعله بها.
تمتمت بجمود وغضب عارم مشددة فوق كل حرف تتفوهه بحدة
:- انتي فاكرة أنها خلصت لا بتحلمي مش هسيبك غير لما اللي قـ تل ابني يجي غير كدة مليش دعوة.
وقف جواد أمامها يمنعها من رؤية زوجة عمه ونظراتها الحادة المرعبة مغمغمًا بجدية صارمة
:- في إيه يا مرات عمي ما خلاص رنيم طلع ملهاش دعوة وكل اللي فات كان كذب.
رمقته بغضب وعدم رضا من حديثه ودفاعه عنها، وتحدثت مردفة بعصبية
:- لا دي كدابة انا مش هصدق انها بريئة غير لما لللي قـ تل ابني يجي اوعى كدة يا جواد أنت اوعى من قدامها.
حاولت أن تمسك شعرها حتى تستطع ضربها لكنها وجدت جواد يقف لها كالحاجز يمنعها من الوصول لها قائلًا بغضب هو الآخر من زوجة عمه ذات فكر محدود ولازالت تراها قاتلة رغم إثبات براءتها ولازال لم يعلم أحد أنه هو مَن أثبتها
:- ايه يا مرات عمي هو ايه اللي كدابة مانتي شوفتي القاضي قال إيه وهي معملتش حاجة.
صاحت أمامه بعصبية حادة متذمرة على حديثه
:- يعني ايه هتسيب حق ابن عمك اللي راح بسببها.
كاد يرد عليها لكنه تفاجأ الجميع بصوت فاروق الحاد الجهوري الذي أخرس الجميع
:- بس خلاص يا مديحة البت فعلا معملتش حاجة، وانتي يا جليلة خدي جهزيلها اوضة الاوضة اللي جنب سما.
صمتت مديحة على مضض بعدم رضا متنفسة بصعداء وغضب تحاول التحكم به، بينما جليلة فبالفعل اقتربت من رنيم التي كانت لازالت خائفة من نظرلت مديحة التي اخترقتها وكانها ترسل لها من خلالها بعض الرسائل الحادة المشفرة.
ربتت جليلة فوق كتفها بحنان مطالعة إياها بشفقة لحالتها الخائفة من مديحة وتمتمت بهدوء
:- تعالى يا حبيبتي يلا اطلعي عشان ترتاحي.
تطلعت نحو جواد بخوف فأومأ لها يشجعها على الذهاب مع والدته، سارت معها بخطوات بطيئة حتى دلفت الغرفة التي أشار لها فاروق بحديثه، ابتسمت جليلة بهدوء تحدثت به محاولة أن تخفف من توترها
:- نورتي الاوضة والبيت كله ياحبيبتي الحمدلله أن ربنا ظهر الحق، متزعليش من مديحة دة ابنها برضو.
اومأت لها إلى الأمام برأسها شاعرة بالإرتياح من التحدث مع جليلة التي تتعامل معها بهدوء وحنان تفتقده طيلة حياتها ردت عليها بتوتر
:- والله يا طنط انا معملتش حاجة انا مظلومة والحمد لله ان ربنا وقف معايا.
اعتلى ثغرها بسمة حنونة حتى تجعلها تهدأ قليلًا
:- الحمدلله ياحبيبتي احنا عارفين انك معملتيش حاجة والا مكانش فاروق قال انك تقعدي هنا دة مبلغ جواد من بعد الحكم وكان هيستناكي بس قولنا نحاول نهدي مديحة شوية، هسيبك ترتاحي براحتك.
كان ستذهب لكن استوقفها صوت رنيم الهامس باسمها بخجل
:- معلش يا طنط بس… بـس ممكن اي هدوم ليا لأن مش معايا.
همهمت ترد عليها باتزان وهدوء
:- بس كدة عيني معلش نسيت انا دقيقة وهتبقى عندك.
دلفت سريعًا غرفة ابنتها وأحضرت لها فستان طويل من اللون الاسود ليتناسب مع الظروف التي يمرون بها ودلفت اعطته لها سريعا
:- اهو ياحبيبتي ارتاحي وهبعتلك أكل عشان متتعبيش.
تركتها في الغرفة وخرجت بهدوء وجدت جواد أمامها متسائلا باهتمام وقلق عليها
:- إيه ياماما بقت أحسن.
طالعته بعدم رضا مردفة بجدية تامة
:- جواد مينفعش خالص اللي بتعمله ولا هي عشان خدت براءة أنت ما صدقت روح شوف وراك ايه أنت هتسببلها مشاكل وشايف مرات عمك مش طايقاها دي سكتت عشان ابوك.
رأى أنها محقة في حديثها لذلك اقتنع به وسار متوجه نحو غرفته ليرتاح قليلًا متذكرًا مقابلته الأخيرة بالمحامي وكان حصل بها على ذلك الدليل الهام، لم يصدق أنه استمع إلى قلبه وساعدها بدون علم أحد، جعل الحقيقة تظهر للجميع ليس لقلبه فقط، أنهى الشك باليقين وتأكد من حقيقتها النقية رغم كذبها عليها وإعترافها له لكن قلبه كان يمنعه ويحارب عقله دومًا ويمنعه من تصديق حديثها.
عشقها كالنبضات داخل قلبه، ثابت لم يتوقف سوى بموته، لم يتخيل أنه من الممكن أن يعشق فتاة مثلما يعشقها، لكنها تختلف عن الجميع يراها كالشمس الساطعة ولا يوجد لها شبيه، يتمنى أن يعود ويرى ابتسامتها مرة أخرى كما كانت، لكن هل روحها ستعود إليها من الأساس حتى تبتسم؟!
هم قد سلبوا منها روحها ليس ابتسامتها فقط، كانت تعلم أن موته سيجعلها ترتاح لكنها اكتشفت العكس لا يوجد اختلاف بين موته وحياته في النهاية هي انطفأت وانتهى بريقها تمامًا.
❈-❈-❈
داخل مكتب فاروق كانت يجلس مع مديحة المعترضة على وجود رنيم معهم.
غمغمت معترضة بغضب رافضة مايتفوهه
:- ايه اللي عملته دة يا فاروق أنتَ عارف عملت ايه، ازاي تقول انها تقعد هنا بدل ما ترميها زي الكـ لاب.
ضرب سطح المكتب بعصبية هادرًا بها بعنف لاعنًا اندفاعها في الأمور
:- وبعد كدة يا مديحة؟ بعد ما اعمل كدة تروح تفضح ابنك وتقول اللي كان بيعمله واسم العيلة يتبهدل هتبقى مرتاحة كدة؟
صمتت مبتسمة بمكر بعدما فهمت مايدور بداخله ولما جعلها تظل هنا تحت أنظاره، فهدأت قليلا مردفة بمكر
:- أه انا فهمتك، بس انا مش هستحمل اشوف البت دي قدامي شوف حاجة تانية غير قعادها هنا.
لم يهتم بحديثها مغمغمًا بحدة مشددة أخرستها
:- لا تانية ولا تالتة ركزي دلوقتي مش عاوزين فضايح لينا والبت دي ملهاش دعوة بموت عصام فسيبيها هنا تحت عيني أحسن.
طالعته بشك مستنكرة حديثه وتسائلت بعدم فهم ومكر
:- يعني ايه ملهاش دعوة بموت عصام، انت عارف مين اللي موته يا فاروق؟!
هب واقفًا بعصبية والدماء غلت بداخله بعد استماعه لسؤالها
:- إيه انتي اتجننتي شوفي جرا لعقلك ايه يامديحة، واطلعي بقى عشان مش فاضي دلوقتي.
رمقته بغضب هي الأخرى عالمة انه يخفي شئ ما عليها في أمر قـ تل عصام لذلك تمتمت بعصبية وعدم تصديق
:- ماشي يافاروق بس خليك فاكر أن اللي راح دة عصام الهواري زيه زي جواد ابنك اللي بتأمنله في مستقبله وهو ولا مهتم ولا عاوز حاجة ماشي ورا أمه وكلامها.
صاح بها بحدة أخرستها بعدما ازدادت من غضبه وتعكير مزاجه
:- مديحة بلاش الشغل دة عشان عارفه وفاهمه كويس مش عيل أنا هيتضحك عليه بكلمتين، اطلعي وسيبيني عشان مش فاضي وبدل ما أنتي شاغلة بالك بجليلة خلى أروى تكلم جواد عشان اللي حصل آخر مرة بينهم.
ثارت بغضب ماكر يشبه قلبها والغيرة اشتعلت في قلبها تاركة الأمر الجقيقي التي كانت تتحدث به
:- وأنا هشغل بالي بجليلة ليه دي هتبقى حماة بنتي أنا بس بتكلم عشان هي فعلا اللي مقوية جواد وبعداه عن أروى انت عارف انه مش بيسمع غير ليها.
أنهت حديثها وخرجت تاركة إياه بعصبية، بينما هو جلس يفكر بعمق فيما سيفعله..
وجد جليلة تدلف المكتب متسائلة بهدوء
:- فاضي عشان عاوزة اتكلم معاك؟
أشار لها بيده حتى تجلس ليستمع ما تريده منه متمتمًا بجدية
:- قولي يا جليلة في إيه؟
جلست أمامه بتوتر مردفة بخفوت خوفًا من أن تثير غضبه
:- عاوزاك تكلم مديحة تهدى على رنيم شوية البنت تعبانة اوي يا فاروق وهي باين أنها مش هتسكت بس حرام هي زي سما ومعـ..
زجرها بعنف لتصمت عن حديثها الذي لم يعجبه
:- جليلة هي مين دي اللي زي سما فوقي سما بنتك مش زيها ولا عمرها هتطول، بعدين أنا كدة كدة قولت الكلام دة لمديحة من غير ماتقولي.
تعجبت لأمره من تعامله المدهش مع رنيم هو دومًا لا يطيقها كيف وصى مديحة عليها؟! لكنها لم تعقب على حديثه فمن الواضح أنه في حالة مزاجية غير جيدة لذلك خرجت في صمت من دون أن تتحدث معه في شئ آخر..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين…
نزلت رنيم من غرفتها في منزل فاروق الهواري بعد إصرار جليلة لنزولها أسفل معهم في ذلك المنزل الذي ضمّ جميع أفراد عائلة الهواري كان الجميع مجتمع حول مائدة الطعام ماعدا جواد الذي كان في عمله للآن.
سارت بخطوات بطيئة متعثرة تخشى الإجتماع معهم في مكان واحد، كانت ستهرب مرة أخرى إلى غرفتها لكن جليلة أسرعت تتفوه باسمها بهدوء مبتسمة تحثها على الجلوس معهم
:- تعالي يا رنيم يلا ياحبيبتي مستنياكي.
أشارت لها نحو المكان الذي كان أمامها فتوجهت رنيم بخوف من نظرات مديحة وابنتها الحادة المخترقة إياها كالسهام جعلت خوفها وتوترها يزداد.
باغتتها مديحة بسؤالها الحاد ولهجتها الصارمة القاسية معها
:- أنتي إيه اللي نزلك من فوق؟
أشارت مسرعة بسبابتها نحو جليلة مردفة بخفوت وقلق
:-طـ… طنط جليلة والله هي اللي قالتلي انزل هنا عشان اكل معاكم.
عقبت بسخرية على حديثها متطلعة نحو جليلة بعدم رضا
:- طنط… طنط ايه انتي هتنسي نفسك دي بالنسبالك جليلة هانم مبقاش ناقص غيرك اللي ينسى نفسه.
تدخلت جليلة بهدوء متزن بعدما شعرت بتوترها وخوفها
:- اه يا مديحة أنا اللي نزلتها بعدين تقول اللي هي عاوزاه براحتها.
طريقة جليلة المدللة الهادئة لم تعجب فاروق ومديحة وأروى التي كانت تستشاط غضبًا فجليلة اتخذت موقف ضدها بعد فعلتها مع جواد وكذبها فهل من الممكن أن تتعامل معها بصرامة متجاهلة إياها وتتعامل مع رنيم هكذا؟!
صاحت أروى بها بغضب وغيرة والشر يتطاير من عينيها كقلبها الملئ بالحقد والكره لرنيم
:- لا بقوبك ايه اتعدلي كدة احسنلك ومتنسيش نفسك يابت أنتي، أنتي هنا مش أكتر ولا اقل من خدامة فوقي كدة وقومي من قدامي واياكي تنسي نفسك واشوفك قاعدة معانا تاني انتي فاهمة؟
ظلت رنيم جالسة بالصمت من دون أن تعترض او تنفذ ما طلبته منها أروى فغمغمت مديحة بصرامة حادة والغضب يبدو فوق ملامحها
:- ما تقومي يابت مسمعتيش اللي أروى قالتلك ايه ولا أنتي فاكرة عشان عصام راح محدش هيعرف يلمك قومي يلا.
نهضت رنيم بالفعل مسرعة نحو غرفتها بخطوات شبه راكضة باكية من إهانتها أمام الجميع لكنها قليلة الحيلة أمامهم لو تجد مَن تستند عليه ويدعمها ستقف وترد على الجميع بشجاعة بلا خوف وتردد ستنال حقها لكنها إذا فعلت ذلك سينـ تقمون منها من دون أن تجد مَن يدافع عنها وكأنها فريسة سقطت بين أيديهم.
مسحت دموعها بحزن ملتقطة أنفاسها بصوت مرتفع بعدما أغلقت باب غرفتها بإحكام خلفها وظلت تبكي بدون وعى منها تبكي على كل شئ يحدث لها، لا تمتلك سوى البكاء ولم تستطع فعل شئ سواه، ظلت تلعن حظها وضعفها أمامهم لكن الأمر في الحقيقة لم يكن ضعف منها بل هو اشياء متعددة قلة حيلتها، وعدم وجود أمان لها، نفوذهم التي بلا حدود ويستطيعون فعل ما يريدوا بها في أي وقت.
جلست مديحة كما كانت متناولة طعامها ببرود وكأنها لم تفعل شئ في تلك المسكينة، تمتمت جليلة بحزن معترضة على فعلة مديحة وابنتها
:- مينفعش كدة يا مديحة حرام البنت معملتش حاجة وشكلها تعبان اتعاملي معاها براحة عن كدة، وانتي كمان يا أروى دي مرات اخوكي الله يرحمه يعني زي اختك.
اعتلت ضحكات أروى بغرور ساخرة من كلمتها الأخيرة
:- اختي هي مين دي اللي اختي ياطنط ضحكتيني والله.
تدخلت مديحة مسرعة تساند ابنتها كما تفعل دومًا حتى جعلتها مثلها تشبهها في العديد من الصفات وانسانة كمديحة جاحدة القلب لم يوجد بها صفة واحدة جيدة
:- ايه يا جليلة اللي مينفعش هو اللي بتقوليه واللي بتعمليه دة مع البت، البت دي مش كويسة لو عاملتيها كدة هتتمادى، حرباية أنا عارفاها بلاش حنيتك عليها كفاية قعادها هنا معانا كمان هتدلعيها.
كادت تعترض بعدم اقتناع لكن أسرع فاروق مغمغمًا بلهجة مشددة حازمة ينهي ذلك النقاش الذي لا يريده
:- خلاص ياجليلة مديحة عارفة بتتعامل ازاي وأدرى بطريقتها سيببها تعاملها براحتها.
لم توافقه الرأى وغمغمت معترضة على حديثه هو الآخر التي بعمرها لم تقتنع به
:- كلام ايه دة يافاروق أنت بتقول ايه، ايه بتتعامل ازاي دي ماهي انسانة زيها زينا ومن العيلة دي كمان.
رمقها بغضب مغمغمًا بحدة غاضبة أخرستها
:- ما خلاص ياجليلة قولت، هي قصة هتقعدي تتكلمي فيها كملي اكلك.
صمتت بالفعل وأكملت طعامها بعدم شهية حزينة على أمر تلك الفتاة ومعاملة الجميع لها القاسية.
❈-❈-❈
في الصباح..
دلفت رنيم المكتب الخاص بفاروق شاعرة بتوتر شديد حابسة أنفاسها خوفًا من حديثه، هو أرسل إليها عاملة في المنزل تخبرها أنه يريدها.
وقفت أمامه بصمت منتظرة استماعها لحديثه شاعرة بثقل كبير في قلبها لكنها وجدته يواصل ما يفعله من دون أن يعطِ لوجودها أمامه اي اهتمام، حمحمت متسائلة بخجل وخوف محاولة لفت انتباهه ليخبرها عما يريده معها
:- فـ… فاروق بيه حضرتك عـ… عاوز مني حاجة؟
طال صمته مرة أخرى بطريقة أدهشتها لكنه باغتها بنهوضه مقتربًا منها يدور حولها بطريقة غير مفهومة لكنها أسرعت تضع يدها فوق وجهها بخوف بحركة لا إرادية اعتادت عليها ظنًا من أنه سيضـ ربها مثلما كان يحدث معها دومًا من عصام.
اعتلى ثغره ابتسامة من فعلتها عالمًا جيدًا أن ذلك نتيجة أفعال عصام معها، لكنه لم يبالي شئ بل أخيرا تخلى عن صمته متحدثًا بنبرة حادة حازمة
:- اه عاوز اتكلم معاكي في حاجة مهمة تفضلي فكراها أحسنلك.
اومأت برأسها في صمت وعينيها تطالعه متسائلة عن ذلك الأمر الهام الذي أحضرها لأجله ويود بسببها التحدث معها للمرة الأولى في حياتها.
هي دومًا تهابه وتخشى التحدث معه في أي شئ، تراه شخص صارم جاد تخاف من التعامل معه أو إخباره عن شئ.
تابع حديثه بجدية تامة مشددة يملأها الوعيد
:- شوفي أنتي أي حاجة عصام كان بيعملها معاكي تنسيها ولا كأنها حصلت من الأساس عصام قدام الكل شخص عادي ومفيش حاجة وهتفضلي قاعدة هنا كمان.
اومأت تؤكد حديثه حتى تجعله لا يفعل لها شئ تعلم جيدًا أنه يستطع فعل أي شئ يريده
:- حـ… حاضر والله مش هتكلم كلمة واحدة عليه بـ… بس أنا مش عاوزة… مش عاوزة اقعد هنا أنا محتاجة امشي.
باغتها بسؤاله الساخر المقلل من شأنها متعمد إهانتها
:- هتمشي تروحي فين وهو انتي لاقية مكان يلمك؟! بعدين انتي فكراني باخد رأيك أنا بعرفك وقعادك هنا عشان انتي مرات عصام الهواري مش على اخر الزمن واحدة زيك هتفضحنا.
ابتلعت تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها من إهانتها وتمتمت بضعف خافت
:- ا… انا والله ما هتكلم ولا هفتح بوقي خالص بس أنا ممكن اقعد في أي مكان غير هنا مش هقدر.
لم يبالي بحديثها بل غمغم بوعيد حاد أخافها وجعلها ترتعش من نبرته معها
:- بس خلي بالك لو عرفت أن ليكي يد في موت عصام حتى لو بمجرد تفكير فكرتيه للحظة واحدة مش هرحمك وانتي متعرفيش فاروق الهواري يقدر يعمل إيه؟
ارتعشت بخوف شديد من نبرته تخشى علمه باتفاقها مع محسن التي تراجعت عنه، وحتى الآن تظن أنه من قـ تل عصام وحاول أن يجعلها هي القاتلة خاصة أنه اختفى تمامًا بعد الحادثة وكأن ليس له أثر.
لكنها حاولت التماسك وتوقف فكرها حتى لا يظن بها وصمتت بخوف فأشار لها بسبابته متعاليًا بفخر
:- خلاص كدة باين رسالتي وصلت ليكي اطلعي على أوضتك.
سارت مسرعة من أمامه، هاربة من نظراته التي تجعل الرعب يملأ قلبها، تشعر أنه يعلم كل ما كانت تود فعله من نظراته الحادة لها.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين…
في المساء كان جواد قد عاد للتو من عمله بعد غياب دام لإسبوعين، كان جميع مَن في المنزل قد غفا ماعدا رنيم التي كانت تقف في المطبخ تنظف بعض الصحون.
تفاجأت عندما رأته يدلف المطبخ ابتسمت بخفوت ما ان راته وتمتمت بهدوء
:- حمد لله على سلامتك اخيرا جيت.
بادلها ابتسامتها هو الآخر مغمغمًا بمرح يمازحها
:- كنتي خايفة عليا ولا إيه؟
شعرت بالخجل من سؤاله المباغت لها وأسرعت تبعد عينيها عنه بضعف متمتمت بصوت خافت متلعثم
:- لـ… لأ لأ مش كدة بس عشان طنط جليلة والدتك كانت بتقول أنك وحشتها وعاوزة تشوفك.
ابتسم على ارتباكها البادي عليها وأردف بعتاب
:- بقى كدة مش خايف عليا دة أنا ممكن أموت حتى.
ردت عليه بلهفة شديدة شاعرة بنغزة قوية في قلبها متخيلة حديثه إذا حدث فحينها ستـ موت هي الأخرى حقًا
:- بعد الشر ياجواد متقولش كدة بعد الشر أنا بخاف عليك بـ.. بس بس يعني قصدي أن طنط كانت مستنياك ترجع.
تسائلت مرة أخرى مسرعة قبل أن يتحدث محاولة ان تنهي ذلك الحديث الذي سيأخذ منحنى آخر بينهما
:- اطلع اوضتك ارتاح أنتَ، إيه اللي جابك على المطبخ؟
أجابها بهدوء بعدما جذب مقعد يجلس فوقه
:- كنت فاكر ماما هي اللي في المطبخ فكنت عاوز اشرب قهوة عشان دماغي وجعاني.
استنكرت طلبه معقدة حاجبيها بدهشة
:- قهوة بليل!!
اومأ لها برأسه أمامًا مغمغمًا بمرح لم يظهر سوى معها هي فقط، هي الوحيدة القادرة على تحويل جواد الجاد الصارم مع الجميع الى ذلك العاشق الولهان المتيم في عشقها مهما حاول إخفاءه
:- دة هي متحلاش غير بليل مع الحبايب وحياة عنيكي دول، بس يلا ماما نامت مليش نصيب.
تمتمت مسرعة قبل أن ينهض ويتوجه نحو غرفته
:- لأ استنى أنا هعملهالك، هو أنا كان عصام بيقولي دايما أنها وحشة وبيرميها بس انت جرب لو معجبتكش سيبها واطلع نام يبقى ملكش نصيب فعلا
تذكرت عندما كان ذلك المختل يلقي القهوة الساخنة عليها ويسبها بأبشع الألفاظ التي اعتادت عليها منه، لكن حمقاء هي، تظن لن يحب شئ فعلته لأجل بالطبع سيعشقه كعشقها.
لكنه باغتها بسؤاله القوي الغير المتوقع
:- عشان كدة دلقها عليكي يوم الحادثة وكان بيضربك، كان ايه السبب يارنيم وهو بيعمل كدة دايمًا ولا إيه؟
خشيت من حديثه متذكرة تهديد فاروق لها فاجابته متلعثمة بتوتر وخوف
:- لـ… لا طبعا دي… دي كانت خناقة عادية وكبرت بينا بس عادي مفيش حاجة لأ واول مرة يضربني.
سألها بعدم اقتناع عالمًا بكذبها، لكنه لم يستطع فهم شئ
:- متأكدة من كلامك دة؟
أومأت برأسها أمامًا بخوف من أن يكشف الأمر، وبدأت تعد له القهوة مسرعة بعناية شديدة ووضعتها أمامه بهدوء
:- اتفضل اهي القهوة.
أشار لها لتجلس أمامه فجلست منتظرة استماعها لما يريده، فغمغم معتذرًا بهدوء وندم عن معامتله لها الفترة الماضية وظنه في قتـ لها لعصام
:- رنيم أنا أسف عاللي حصل لما كنتي محبوسة بس عصام زي أخويا فكانت اعصابي بايظة ومعرفتش أنا بعمل إيه وكمان؟
كل مرة يتفوه بها بأسمها يسلبها عقلها الى دنيا أخرى كانت تحلم بها زمان والآن هي مجرد ذكري وحلم لم تستطع تحقيقه، ردت عليه بهدوء
:- لأ عادي مفيش حاجة خلاص كفاية وقوفك جنبي وأنك ساعدتني وأنت السبب في خروجي من هناك.
رد عليها يعاتبها بحزن خفيف
:- بس أنتي غلطتي لما كدبتي عليا وقولتيلي انك قتلتيه مش فاهم ليه عملتي كدة كنت بسألك لغاية اخر لحظة نفسي أنك تثقي فيا وتحكيلي الحقيقة.
حاولت أن تبرر له موقفها بتعقل شارحة له الأمر كما كانت ترى
:- طريقتك معايا حسستني انك مش هتصدقني وكمان أعصابي كانت تعبانة مش عارفة افكر حتى بقيت مرة واحدة قاتلة وخاينة كمان وبعدين أنا بثق فيك والله ياجواد.
كان متفهم تمامًا لحديثها لذلك دعمها بهدوء وخلف حديثه العديد من المشاعر الفياضة التي تكفيه لسنوات قادمة
:- انا عمري ما هكذبك بعدين دة أنا صدقت نظرة عينك مش هصدق كلامك انا بس اللي عصبني انك حاولتي تقتلي نفسك وكمان سألتك بعد ما عرفت الحقيقة وبرضو كدبتي عليا بعدين كلنا كانت أعصابنا تعبانة.
طالعته بامتنان شاكرة إياه بصدق لوقوفه بجانبها وتصديقه لها رغم كذبها
:- شكرا يا جواد باشا شكرا.
عقب بمرح متذمرًا بعدم رضا لكلمتها
:- رجعنا لباشا دي تاني هو في قسم دة احنا في المطبخ أهو.
ضحكت بهدوء ضحكة ولا أروع طربت أذنيه كأنه استمع إلى ألحان أغنية موسيقية لكنها كانت أحلى من كل شئ لا يجد شئ يصف به ضحكتها الخلابة.
وضع فنحان القهوة فوق المنضدة بعدما أنهاه متمتمًا بهدوء
:- تسلم ايدك بجد القهوة حلوة أوي.
طالعته متسائلة بعدم تصديق تريده يؤكد حديثه بصدق
:- بتهزر صح؟ عجبتك القهوة بتاعتي بجد!؟
اومأ مؤكدًا حديثه بابتسامة هادئة تزين ثغره
:- والله حلوة أوي زيك تسلم ايدك تعمليلي واحدة كمان وأشربها عشان تصدقي.
نهضت من أمامه بخجل بعدما توردت وجنتيها باللون الأحمر متمتمة بتعلثم خافت
:- لـ.. لا لأ خلاص اطلع ارتاح بقى.
بدأت تنظف الفنجان مسرعة لتهرب من أمام عينيه عندما رأته لازال جالسًا في مكانه لم ينهض فأسرعت هي هاربة من أمامه بخجل شاعرة بالسعادة لأول مرة، نعم قد مرّ على قلبها بعض اللحظات السعيدة القليلة في تلك الدقائق التي جلستها معه.
كان يمدحها ويمدح كل ما تفعله، نظراته تخبرها بالعديد والعديد التي علمته حيدًا لكنها أدعت عدم فهمه محاولة إنقاذ ذاتها وعقلها من ذلك الحلم المستحيل قبل سحق روحها في دوامة أخرى مستحيلة ستكون نهايتها الحزن لها..
بينما جواد فقد ابتسم هو الآخر بسعادة وظل طول ليله يفكر بها، ملامحها الجميلة الهادئة، ابتسماتها الساحرة وضحكتها المميزة، كل ذلك لن يذهب عن باله ولو لوهلة واحدة فقط، يحلم هو الآخر العديد من الأحلام عالمًا بمدى صعوبة بل استحالة تحقيقها..
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين…
كانت رنيم جالسة تتحدث مع سما بهدوء فتطلعت أروى إليها بغيظ والحقد يملأ قلبها لذلك صاحت بها بغضب متكبرة عليها
:- أنتي قاعدة هنا معانا بتعملي إيه قومي شوفي اي زفت اعمليه اللي زيك ميقعدش معانا.
طالعتها رنيم بضيق محاولة التحكم في إنفعالاتها لاتود أن تتشاجر معها لكنها أيضًا ملت من الصمت لذلك أجابتها بهدوء مقتضب
:- أنا قاعدة مع سما بنتكلم أنا وهي.
نهضت أروى بغيظ مقتربة منها والشرر يتطاير من عينيها تلك الماكرة الخبيثة التي تود أن تصبح أفضل من الجميع جذبتها ضاغطة فوق ذراعها بقوة غارزة اظافرها به وصاحت بحدة
:- انتي كمان بتردي عليا يازبالة أنتي ماتفوقي ولا نسيتي أصلك يا*** مكناش بنسمعلك نفس.
تألمت رنيم من ضراوة قبضتها حاولت أن تجعلها تتركها إلا أنها كانت محكمة القبض عليها بحقد فتمتمت بضعف متألمة
:- سيبي ايدي وابعدي عني أنا اصلا مكلمتكيش انتي بتكلم مع سما.
أسرعت سما تتدخل في الأمر بقلق محاولة مع أروى لتجعلها تهدأ وتتركها
:- خلاص يا أروى سيببها هي معملتش حاجة وأنا اللي قولتلها تنزل.
لم تهتم بحدبثها بل ظلت تضغط فوق ذراعها أكثر بقوة ضارية فصرخت رنيم متألمة ودفعتها بقوة هي الأخرى إلى الخلف حتى تتركها بعدما وجدت بعض الدماء تسيل من ذراعها بسبب قبضتها الحادة وأظافرها الغارزة بذراعها فوقعت أروى أرضًا تحت أنظار مديحة التي دلفت للتو وجدت رنيم تدفع ابنتها ارضًا.
أسرعت مقتربة منها جاذبة إياها من شعرها بقوة وغل وضربتها بعنف
:- يا وسـ*ـة بتمدي ايدك عليها انتي اتجننتي ولا نسيتي نفسك.
ظلت رنيم تبكي بألم محاولة الدفاع عن ذاتها تحت سيل الضربات المسددة إليها بقوة من مديحة.
حاولت جليلة وسما التدخل حتى تجعلها تتركها
:- مديحة خلاص ياحبيبتي مكنش قصدها سيبيها أحسن تمـ وت في ايدك.
لم تهتم بحديثها بل ظلت تستكمل ضربها لها بعنف وقوة غير مبالة بالدماء التي تسيل منها أثر ضرباتها القوية بقدمها ويديها.
في ذلك الوقت دلف جواد الذي عاد للتو مستمع إلى صراخ رنيم الذي يعلمه جيدًا ولج مسرعًا بقلق وتفاجأ مما يراه وجد زوجة عمه تضرب رنيم بقوة تصفعها بعنف وتركلها بقوة بعدما انتهت من قص بعض الخصلات في شعرها رأى والدته وشقيقته يحاولون الدفاع عنها لكن باءت محاولتهما بالفشل.
وجد أيضًا أروى تجلس تطالع مايحدث بتشفي واستمتاع تشاهد مايحدث بتسلية وفرح دفعتها مديحة أسفل قدم ابنتها وهي لازالت فابضة فوق شعرها بقوة وتمتمت بحدة صارمة مهينة لها
:- اعتذريلها يلا يا *بالة ومتنييش نفسك تاني دي ستك أنتي واحدة خدامة تحت رجلها.
وجد أروى تدفعها بقدمها بقوة إلى الخلف في بطنها مبتسمة بغرور وتشفي فلم يتحمل رؤية مايحدث لها أمامه فقد السيطرة على ذاته وتوجه مسرعًا نحوهم بغضب يدفع زوجة عمه الممسكة بها ليجعلها تتركها صائحًا بها بغضب
:- إيه اللي بتعمليه دة، ازاي تعملي فيها كدة دة جـنان.
طالع أروى بغضب متابعًا حديثه بغضب أعماه غير مبالي لأي شخص حوله
:- وأنتي إيه اللي بتعمليه دة، انتي ازاي كدة معندكيش قلب ولا رحمة، أنا مش هسكت على اللي عملتوه دة ومش هيعدي.
أسرع يساعدها على النهوض من فوق الأرض بغضب وهي شاعرة أن قدميها لم تعد تتحملها، تمتمت مديحة بغضب وعصبية بعدما رأت رد فعل جواد الحاد معها هي وابنتها
:- انت اللي مالك وبتدخل ليه، هو حد كلمك، دي كانت مرات ابني وقاعدة هنا شفقة، يعني اعمل أنا فيها اللي يعجبني حتى لو همو’تها ملكش انك تتدخل بينا.
اعترض على حديثها بحدة عارمة
:- يعني ايه لأ مالي، ومالي أوي كمان وكلامك دة مش صح هي مش قاعدة شفقة، وبعدين ليا الحق اتدخل عشان رنيم تخصني.
تعجبت من حديث رمقته بذهول متسائلة بعدم فهم معقدة حاجبيها
:- تخصك!! إيه اللي تخصك، ومالك بتتكلم كدة ليه أنت ملكش دعوة بيها ياجواد
في لحظة غاضبة فقد بها عقله والتحكم في ذاته رد عليها بغضب متبجحًا بحدة
:- تخصني عشان رنيم مراتي.
صعق الجميع بحديثه الذي القاه عليهم بطريقة مباغتة فاجأت جميع الحاضرين..
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لهيب الروح)