رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثلاثون 30 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثلاثون
رواية أوهام الحب الوردية البارت الثلاثون
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثلاثون
ذهب محمد إلى منزل زوجة أبيه وسلم عليها واحتضن شقيقته قائلا:
-“أنا عايزك تخلي بالك من نفسك ومن طنط جميلة لحد ما أرجع من السفر”.
سألته سمية باستغراب شديد مستنكرة فكرة سفره إلى العاصمة “القاهرة” أثناء فترة علاج شقيقة زوجته حيث إنه من المفترض أن يقف بجانب شمس في هذه الفترة الصعبة:
-“هو أنت يا محمد لازم تسافر؟ يعني شمس دلوقتي محتاجاك تكون جنبها وأظن أن الأولى عدم سفرك للقاهرة الفترة دي وخصوصا أنك ناوي تقعد هناك لفترة”.
تجهمت ملامح محمد بعدما جلبت أخته سيرة شمس ولكنه سيطر على انفعالاته ورد بهدوء:
-“أنا لازم فعلا أسافر القاهرة يا سمية؛ لأن خالتي اتصلت بيا وطلبت مني أساعدها في المشكلة اللي أحمد واقع فيها وكمان أنا لازم أشوف عمرو صاحبي لأنه هو كمان عنده شوية مشاكل مش راضية تحل عنه من ساعة موت أخوه الكبير”.
مطت سمية شفتيها هاتفة بعدم رضا:
-“وهو مفيش حد غيرك هو اللي يحل مشاكل ابن خالتك المدمن؟ المفروض أصلا يتحجز في مصحة أو يتحبس بعد ما فضح واحدة وفبرك ليها صور عشان رفضت تكمل معاه بعد ما كشفته”.
هتف محمد بحدة وهو يرمق شقيقته شذرا:
-“أحمد مهما عمل هيفضل في الأول وفي الأخر ابن خالتي وفي مقام أخويا الصغير وأنا هساعده عشان يخرج من الورطة اللي هو فيها لأني عارف كويس أوي أنه برئ ومفبركش لهبة صور ولا حاجة ولكن فيه طرف تالت هو اللي عمل فيهم كده عشان يوقعهم في بعض”.
قررت سمية عدم مجادلة محمد في مسألة ابن خالته؛ حتى لا يغضب منها، فهي تعلم جيدا بمدى حبه لأحمد وحرصه على مصلحته وكأنه أخيه الذي لم تنجبه والدته الراحلة.
عاد محمد إلى شقته وبدأ في تجهيز حقيبته من أجل السفر متجاهلا اتصالات كل من شمس وآدم فهو لا يريد أن يتواصل مع أي منهما طوال هذه الفترة حتى يرتب أفكاره ويصل إلى القرار الذي يتوجب عليه أخذه.
صعد محمد على متن القطار وألقى على مدينته نظرة أخيرة قبل أن يغمض عينيه تزامنا مع تحرك القطار نحو وجهته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أطلقت “منى” عدة أغاريد بعدما أخبرتها نادين عبر الهاتف أنها حامل، وقررت أن تذهب برفقة شقيقتها إلى منزل ابنتها حتى تزورها وتهنئها وجها لوجه.
وصلت كل من إلهام ومنى إلى شقة نادين وهما تحملان الكثير من الهدايا وقد رحبت بهما نادين بشدة وجلست بجوار والدتها قائلة:
-“مكانش فيه داعي يا ماما أنك تكلفي نفسك بالشكل ده، أنا كفاية عليا شوفتك ومباركتك ليا”.
احتضنت منى ابنتها وربتت على خصلات شعرها بخفة وقالت:
-“وهو أنا لو مكلفتش نفسي عشان خاطر بنتي الوحيدة هكلفها عشان مين؟! أهم حاجة دلوقتي هي أنك تخلي بالك أوي من نفسك طول فترة الحمل وإن شاء الله ربنا هيجعل ابنك سبب في أن أمورك تنصلح مع آدم”.
تدخلت إلهام في الحديث قائلة بتساؤل:
-“قوليلي يا نادين، آدم عمل إيه بعد ما عرف أنك حامل؟”
تنهدت نادين وظهر الحزن على وجهها وهي ترد:
-“آدم لما عرف أني حامل ردِّني بس لحد دلوقتي لسة مخاصمني ومش بيكلمني غير بالعافية”.
كزت منى على أسنانها وهتفت بغضب:
-“حسبي الله ونعم الوكيل في كل اللي حسدوكم، أنا متأكدة وواثقة أنها عين وصابتكم يا حبيبتي بس الحمد لله، هو ردك دلوقتي وربنا يصلح حالكم مع بعض”.
أيدت إلهام وجهة نظر شقيقتها بقولها:
-“عندك حق يا منى، اللي حصلهم ده فعلا نتيجة عين شخص حسود لأن ناس كتيرة كانت مستكترة آدم على نادين ولحد دلوقتي أنا مش فاهمة إيه اللي حصل بينهم عشان يوصل بيه الموضوع أنه يطلقها؟!”
أنقذ صوت جرس الباب نادين من الإجابة على هذا السؤال وقد نهضت حتى تفتح ولكن أوقفتها منى بقولها:
-“خليكِ قاعدة مكانك يا نادين، أنا اللي هقوم أفتح وأشوف مين اللي جايلك دلوقتي”.
خرجت منى من غرفة الصالون ثم عادت بعد دقيقتين برفقة سمية التي حضرت لتهنئة نادين بعدما أخبرها آدم أنها حامل.
احتضنت سمية صديقتها وقالت:
-“ألف مبروك يا قلبي، ربنا يتمم شهور حملك على خير ويقومك بالسلامة”.
أشارت إلهام إلى سمية بأن تأتي وتجلس بجوارها وبالفعل نفذت الأخيرة طلبها وجلست بجانبها.
تبادلن جميعا الحديث فيما بينهن إلى أن قررت كل من منى وإلهام المغادرة وبعد ذهابهما نظرت نادين إلى سمية وقررت أن تتحدث معها في أمر رامز.
-“ممكن أفهم أنتِ ليه خبيتِ عليا الموضوع ده يا سمية؟”
تعجبت سمية من سؤال صديقتها قائلة باستغراب:
-“أنا مش فاهمة أنتِ تقصدي إيه بكلامك يا نادين؟!”
أجابت نادين بصراحة ودون أن تمهد لحديثها بمقدمات:
-“بتكلم عن موضوعك أنتِ ورامز وعايزة أفهم أنتِ ليه خبيتِ عليا وليه رفضتيه لما اتقدملك؟ أتمنى متحاوليش تنكري الموضوع لأني شوفت رسالة منه على موبايلك”.
ابتلعت سمية ريقها نتيجة لشعورها بالتوتر، فهي كانت تخشى من معرفة نادين لهذا الأمر الذي قد يؤدي إلى انتهاء صداقتهما.
نهضت نادين من مكانها وجلست بجوار سمية وهي تسأل بهدوء:
-“هو أنتِ كنتِ مفكرة أني هزعل منك لما أعرف أن رامز بيحبك وعايز يتجوزك؟”
أومأت سمية دون أن تتحدث فابتسمت نادين وهتفت ببساطة:
-“تصدقي بالله أنتِ طلعتِ فعلا غبية أوي وعقلك صغير!!”
اندفعت سمية قائلة بذهول:
-“ليه بتقولي كده يا نادين؟! أنتِ ورامز كنتم مخطوبين وشيء طبيعي تضايقي لما تعرفي أنه اتقدملي”.
هزت نادين رأسها بنفي مستنكرة طريقة تفكير صديقتها بقولها:
-“صحيح أنا ورامز كنا مخطوبين بس محصلش نصيب والموضوع انتهى على كده وده معناه أني مش هزعل لما أنتِ ورامز ترتبطوا”.
استنتجت نادين سبب السؤال الذي طرحته عليها سمية من قبل عما تشعر به الآن نحو رامز:
-“أنا فهمت دلوقتي أنتِ ليه سألتيني قبل كده إذا كنت لسة بحب رامز ولا مشاعري من ناحيته اختفت”.
رفعت سمية بصرها نحو نادين وتمتمت بإحراج:
-“أنا مكنتش عايزة أزعلك لأن أنا عارفة كويس أن اللي رامز عمله زمان أثر فيكِ وأنك فضلتِ زعلانة فترة طويلة أوي على اللي حصل وقتها وعشان كده أنا رفضته لما اتقدملي وخبيتِ عليكِ الموضوع”.
ربتت نادين على كتفها قائلة بلطف:
-“لو أنتِ حاسة بمشاعر ناحية رامز فأنا معنديش أي مشكلة في فكرة جوازكم لأن رامز مبقاش يفرق معايا أصلا والكلام ده من زمان أوي، أنا دلوقتي واحدة متجوزة وبحب جوزي ورامز دلوقتي مش بيمثل ليا أي حاجة غير أنه يبقى ابن خالتي مش أكتر”.
تابعت نادين بإصرار جعلها تبدو وكأنها ترجو سمية وتتوسل إليها أن تقبل الزواج من رامز:
-”أنتِ بتحبي رامز وهو كمان بيحبك وطالما أنتم الاتنين بتحبوا بعض فلازم تتجوزوا ومش صح أبدا أنك ترفضيه لمجرد أنه كان خطيبي في فترة من الفترات اللي أنا نسيت أصلا تفاصيلها ومش بفكر حاليا غير في جوزي اللي بحبه والجنين اللي في بطني”.
أخبرت نادين صديقتها بهذا الكلام ولم تكن تعرف أن زوجها قد عاد من الخارج وسمع كل كلمة من الكلمات التي تفوهت بها قبل بضع ثوانٍ.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ضربت حبيبة سطح الطاولة وهبت واقفة صارخة بانفعال:
-“أنت واحد كذاب وحقير، مهاب أصلا مكانش يعرف أشرف وملهوش أي علاقة بيه عشان تتهمه بقتله لمجرد أنك بتكرهه لأني رفضتك عشانه”.
نهضت حبيبة وأمسكت حقيبتها ورمقت وسامًا بنظرات ازدراء وقالت:
-“أنا أصلا غلطت من الأول لما فكرت أنك فعلا ممكن تساعدني وأنك فعلا عرفت حاجة عن اللي قتل أخويا”.
كادت تبتعد عنه ولكنه قبض على معصمها هاتفا بحدة فهو لا يقبل أن يتم نعته بالكاذب والمخادع من أجل شخص حقير مثل مهاب:
-“استني هنا عندك، أنا لسة مخلصتش كلامي عشان تمشي وتسيبيني بالشكل ده”.
رمقته حبيبة شذرا وهتفت بعصبية جذبت أنظار جميع الجالسين من حولهما:
-“سيب إيدي أحسنلك وإلا هتشوف ردة فعل مش هتعجبك”.
لاحظ وسام نظرات الناس من حولهما فسحبها إلى الخارج وهو يهمس لها بنبرة صارمة:
-“اهدي وبطلي فضايح وامشي معايا من سكات وأنا هوريكِ الدليل اللي معايا واللي بناءً عليه بقول أن مهاب هو اللي قتل أخوكِ”.
سارت معه حبيبة بهدوء وصعدت برفقته إلى السيارة وعقدت ساعديها أمام صدرها وهي تنظر له بترقب مردفة بنفاذ صبر:
-“اتفضل بقى وريني الدليل ده بسرعة عشان أنا عايزة أمشي”.
أخرج وسام هاتفه وقام بتشغيل التسجيل الذي أرسلته داليا لرامز ثم وضع الهاتف بين يديها قائلا:
-“اتفضلي اسمعي بنفسك يا أستاذة حبيبة وأنتِ هتتأكدي أن الواطي اللي بتدافعي عنه هو نفسه أكتر شخص أذاكِ في حياتك”.
اتسعت عينا حبيبة وهي تستمع إلى صوت عزام وهو يعترف لداليا بحقيقة أنه قد أمر مهابًا بقتل أشرف.
خرجت حبيبة من السيارة وأخذت تركض وهي تبكي بشدة ولم تلتفت لوسام الذي حاول اللحاق بها ولكنه فشل بسبب استقلالها لسيارة أجرة ابتعدت بها بسرعة من المكان.
ضرب وسام كفيه ببعضهما واتصل برامز وأخبره بما جرى ثم تمتم بغضب:
-“غبي، أنا فعلا بني آدم غبي؛ لأني قولتلها الحقيقة ونسيت أن التسجيل ده مش هينفع يكون دليل ضد مهاب لأن ده مش اعترافه زائد أن واضح من صوت عزام أنه كان سكران وده هيساعد أي محامي أنه يطعن في التسجيل”.
أخذ رامز يهون عليه بقوله:
-“خلاص يا وسام هدِّي نفسك، هي أصلا كان لازم تعرف أن مهاب هو اللي قتل أشرف لأن فرحها على الزفت ده قرّب ومكانش ينفع تتجوزه بعد ما اتأكدنا من كده”.
تمتم وسام بضيق من نفسه ومن التصرف الأحمق الذي قام به:
-“أنت مش فاهمني يا رامز، حبيبة كانت فعلا لازم تعرف بس مش بالطريقة دي ولا دلوقتي لأنها ممكن تحاول تقتل مهاب وبكده هتودي نفسها في داهية”.
ابتسم رامز وتحدث مؤكدا عدم صحة هذا التفكير:
-“أحب أطمنك وأقولك أن الكلام ده كله مش هيحصل وأن قلقك ده مفيش ليه داعي لأني عارف حبيبة كويس أوي وواثق أنها أول ما تهدى وتستوعب الصدمة هتتصل بيك وهتسألك عن اللي لازم يتعمل عشان تنتقم من مهاب”.
ظهر عدم الاقتناع على وجه وسام وهو يقول:
-“أنت متأكد يا رامز أنها مش هتتهور وتحاول تأذي مهاب؟”
حرك رامز رأسه بإيجاب مؤكدا:
-“أيوة واثق من كده، كل اللي عليك دلوقتي هو أنك تسيبها لوحدها شوية ومتحاولش تضغط عليها لحد ما هي اللي تيجي تكلمك”.
في هذه الأثناء وصلت حبيبة إلى منزلها ودلفت إلى غرفتها ووقفت أمام الجدار الذي علقت عليه الصور التي تجمعها بمهاب وهي تبكي بشدة.
أمسكت حبيبة بإطارات الصور وبدأت في رميهم بعنف وهي تصرخ بقهر غير عابئة بالزجاج الذي يتناثر من حولها:
-“ليه عملت كده يا مهاب، أشرف عمل فيك إيه عشان تقتله وتقهرني عليه؟!”
تابعت حبيبة من وسط شهقاتها وهي تدعس بقدميها فوق الصور:
-“أنا مش قادرة أصدق أن الشخص اللي حبيته واتجوزته هو المجرم اللي حرمني من أخويا ومن أريج صاحبة عمري”.
تمنت حبيبة أن يعود بها الزمن وتضرب نفسها بالحذاء قبل أن تقدم على الارتباط بالشخص الحقير الذي حرمها من أخيها الوحيد.
أخذت حبيبة تتمتم بكلمات تدل على قسوة الألم الذي تعيشه في هذه اللحظة ثم هزت رأسها ونظرت للأعلى قائلة:
-“استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، اللهم لا اعتراض على قضائك، أنا المفروض بدل ما أصرخ بالشكل ده أحمدك يا رب وأشكر فضلك لأني عرفت الحقيقة قبل ما أتجوز مهاب”.
شعرت بالدوار وكأن العالم كله صار يدور من حولها وسقطت في النهاية مغشيا عليها بعدما تلقت تلك الحقيقة الصادمة وهي أن مهابًا الذي عشقته هو نفسه المجرم الذي قتل أخاها بدم بارد.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دخل طارق إلى شقته وهو يحمل في يده باقة من الزهور الحمراء التي تعشقها زوجته وتفرح كثيرا عندما يقوم بشرائها من أجلها.
تجاهلت هدير مجيء زوجها مثلما اعتادت على مدار الأيام الماضية فذهب طارق إليها حيث كانت تقف في المطبخ وتمنحه ظهرها بسبب انشغالها في تحضير الطعام.
احتضن طارق زوجته على حين غرة فشهقت بفزع وأبعدته عنها والتفتت له قائلة بتأنيب:
-“فيه إيه يا طارق؟! ينفع تخضني كده؟!”
ابتسم طارق ووضع باقة الزهور بين يديها قائلا:
-”أحلى ورد لأحلى هدير في الدنيا”.
نظرت هدير إلى الباقة الموضوعة بين يديها ورسمت على وجهها علامات عدم الاكتراث بعدما كبحت ابتسامتها بصعوبة شديدة قائلة ببرود:
-“شكرا يا طارق، بس مكانش فيه لزوم تكلف نفسك وتجيب ورد”.
حاولت هدير الانسحاب والابتعاد عنه ولكنه أمسكها وهتف بابتسامة وهو يربت على مقدمة شعرها:
-“وهو أنا لو مش هجيب ورد لمراتي حبيبتي هجيب لمين؟!”
رفعت هدير أحد حاجبيها ونطقت بسخرية:
-“حبيبتك!! أنت متأكد يا طارق من الكلمة دي؟”
شعر طارق بغصة في حلقه بعدما سمع منها هذه الجملة التي أشعرته بمدى أنانيته وعدم اكتراثه لمشاعرها طوال سنوات زواجهما إلا عندما شعر أنها ستتركه بعدما عاد للتواصل مع هانيا.
هتف طارق وهو يقوم بإجلاسها على الكرسي ثم جثا أمامها على ركبتيه قائلا بتأكيد:
-“أيوة يا هدير أنتِ حبيبتي ومراتي وأم ابني وأنا مقدرش أتخيل حياتي من غيرك”.
ظهر التأثر على ملامح هدير التي لم تصدق ما تسمعه من زوجها الذي تغير كثيرا وصار يسعى لإرضائها طوال الأيام الماضية وكأن دخول هانيا لحياته مرة أخرى جعله يحدد مشاعره ويعلم جيدا أن حبه القديم لها كان مجرد انبهار بابنة الذوات التي لم تقبل به وعندما صارت تريده أدرك حقيقة عدم حبه لها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
طلبت سمية من والدتها أن ترتاح وأخبرتها أنها ستقوم بإعداد الطعام بنفسها دون أن تحتاج إلى مساعدة.
أمضت سمية ثلاث ساعات داخل المطبخ وابتسمت بسعادة بعدما انتهت من إعداد الطعام ثم قامت بحمل الأطباق والأواني ووضعتها على السفرة.
-“يلا تعالي يا ماما، الأكل جهز”.
قالتها سمية وهي تقوم بسكب الطعام داخل الأطباق وبالفعل خرجت جميلة من غرفتها وجلست أمام ابنتها وشرعت في تناول تلك الأكلات المميزة التي صنعتها ابنتها.
ابتسمت جميلة ورفعت إبهامها الأيمن معبرة بذلك عن إعجابها بما صنعته ابنتها:
-“بسم الله ما شاء الله، الأكل بصراحة تحفة يا حبيبتي، تسلم إيدك بجد أبهرتيني”.
فرحت سمية بكلام والدتها وابتسمت قائلة:
-“أنا سعيدة جدا أن الأكل عجبك يا حبيبتي”.
ضيقت جميلة ما بين حاجبيها وتركت الملعقة جانبا وهي تقول:
-“يلا بقى يا حبيبة ماما، اتفضلي زي الشاطرة كده قوليلي إيه سر النشاط ده لأن أنا عارفاكِ كويس وأنتِ بطبعك مش بتحبي المطبخ ولا الطبخ وكون أنك قررتِ تطبخي النهاردة فده معناه أنك قاصدة ترضيني عشان عندك موضوع مهم عايزة تناقشيني فيه”.
-“مظبوط يا ماما، أنتِ عندك حق في كل كلمة قولتيها”.
قالتها سمية وتابعت بنبرة خافتة قاذفة المفاجأة الصادمة في وجه والدتها:
-“أنا فكرت وقررت أني أوافق على رامز اللي فتح معايا موضوع الجواز مرة تانية”.
-“أنتِ متأكدة من قرارك ده يا سمية؟! وبعدين إيه اللي خلاكِ تغيري رأيك كده فجأة؟!”
سألت جميلة ابنتها هذا السؤال فأخبرتها الأخيرة بالحديث الذي دار بينها وبين نادين ثم هتفت بجدية:
-“تصوري يا ماما نادين كان ناقص تتحايل عليا عشان أرضى أتجوز رامز ولما أنا روحت وقعدت مع نفسي وفكرت في الموضوع فهمت أنها كانت بتعمل كده عشان تنقذ جوازها من آدم اللي شاكك أنها بتحب رامز”.
هتفت جميلة بعدم اقتناع وهي تلكز ابنتها:
-“لا يا شيخة، يعني أنتِ هتتجوزي رامز عشان خاطر نادين!! بقولك إيه يا بنت بطني أنا حافظاكِ كويس وعارفة اللي فيها فبطلي شغل أنك هتضحي والكلام ده عشان أنا عارفاكِ أكتر من نفسك”.
ابتسمت سمية وأخفضت وجهها بخجل فهي بالفعل تحب رامزًا واستغلت بالفعل عدم اعتراض نادين حتى لا تشعر بالسوء من نفسها عندما ترتبط به.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
صعد مراد إلى سيارته الجديدة برفقة كريستين التي هتفت بانبهار وهي تنظر إلى داخل هذه السيارة:
-“يا إلٰهي إنها جميلة للغاية بشكل لا يمكن وصفه، مبارك لك حبيبي”.
ابتسم مراد وأمسك كفها الأيسر وطبع عليه قبلة قبل أن يردف بلطف:
-“سوف أشتري لكِ واحدة مثلها بعدما أتمكن من الاستيلاء على ثروة ثريا”.
-“أخبرني، هل ظهر تأثير الأقراص التي تدسها لها في طعامها أم أنها لا تزال بحالة جيدة؟”
مط مراد شفتيه قائلا بأسف:
-“كانت منذ فترة قصيرة تتصرف بشكل غير طبيعي نتيجة لمفعول أقراص الهلوسة ولكن اختفى كل ذلك بشكل مفاجئ، أعتقد أنه يتوجب عليّ استبدال تلك الأقراص بعقار أخر يكون له تأثير أقوى وأسرع”.
أكدت كريستين وجهة نظر زوجها قائلة:
-“معك حق، يجب أن تصاب تلك الغبية بالجنون في أسرع وقت حتى يسهل عليك الاستيلاء على ثروتها لكي نتمكن من العيش برفاهية بعدما نهرب إلى أوروبا”.
أُجبر مراد على إيقاف السيارة بعدما أحاطت به سيارات الشرطة وقبل أن يستفسر منهم عن سبب محاصرتهم له قاموا بتفتيش سيارته وأُصيب بصدمة شديدة عندما أخرج منها أحد الضباط أكياسًا تحتوي على كمية هائلة من الممنوعات”.
ألقت الشرطة القبض على كل من مراد وكريستين تحت نظرات نديم الذي كان يتابع كل ما يحدث من مسافة بعيدة ثم أخرج هاتفه واتصل بربة عمله وهتف مباشرة بعدما أجابت:
-“صار متل ما بدك يا خانم”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت لميس من جامعتها بعد انتهاء المحاضرة الأولى بعدما قررت عدم إكمال اليوم الدراسي.
استقلت لميس الحافلة ليس لرغبتها في العودة إلى المنزل وإنما لأنها أرادت أن تلبي طلب رامي الذي اتصل بها أثناء المحاضرة وطلب منها أن تأتي إليه في شقته.
توقفت الحافلة وسط شارع قريب من المبنى الذي يوجد به شقة رامي، فنزلت منها لميس وأخذت تسير على قدميها لمدة عشر دقائق حتى وصلت إلى مدخل العمارة.
دلفت لميس إلى المبنى واستقلت المصعد دون أن تهتم لوجود هذا الرجل الذي اعتاد رؤيتها وهي تدخل إلى شقة رامي.
أخرج الرجل هاتفه ونقر بضع نقرات قبل أن يقرب الهاتف من أذنه وارتسم الوجوم على وجهه بعدما سمع صوت الطرف الأخر وقال:
-“أيوة يا فندم، أنا عايز أبلغ عن شقة مشبوهة بيحصل فيها أفعال مخلة”.
أنهى الرجل الاتصال وهو يبتسم وظل ينتظر قدوم الشرطة التي ستأتي للقبض على رامي برفقة عشيقته بعدما سبق وقام بالإبلاغ عنهما عدة مرات وطلب منه ضابط شرطة الآداب أن يتكتم على الأمر ولا يتصل به إلا عندما تذهب لميس إلى شقة رامي.
حضرت الشرطة بعد عشرين دقيقة بسبب حصولهم في وقت سابق على إذن من النيابة العامة، وصعد الضباط مباشرة إلى شقة رامي وتمت مداهمتها وفي غضون ثوانٍ سمع الجيران صوت صراخ وبكاء لميس التي تم جرجرتها برفقة رامي خارج الشقة وهما مغطيان بالشراشف.
تمتم أحد السكان بغضب بعدما بصق عليهما:
-“منكم لله يا بعده، الدنيا بقت مليانة بلاوي والناس بيموتوا كل يوم فجأة وأنتم بدل ما تعملوا حاجة تنفعكم في آخرتكم جايين تغضبوا ربنا!!”
سمعت لميس صوت إحدى السيدات وهي تقول:
-“أنا لو كان عندي عيال زيهم كنت مسكتهم وأكلتهم بأسناني”.
تهافتت الكلمات المشينة على رأس لميس كالمطر الغزير فأخذت تبكي بشدة ولكن لم يشفع لها البكاء بعدما فرطت في عفتها وجعلت من نفسها سلعة رخيصة.
تم الزج بهما داخل سيارة الشرطة التي تحركت وسلكت الطريق الذي يؤدي إلى المديرية حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهما.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)