رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثامن والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية البارت الثامن والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثامنة والعشرون
أرادت “هدير” أن تصرخ بصوت مرتفع وتحرق كل شيء حولها بعدما استغلت نوم زوجها وفتشت في هاتفه ووجدت عدة اتصالات متبادلة بينه وبين رقم مسجل باسم هانيا كما أنها وجدت محادثات بينهما على الماسنجر.
أعادت “هدير” الهاتف إلى درج الكومود وألقت نظرة على زوجها النائم، ثم خرجت من الغرفة وجلست على الأريكة داخل غرفة المعيشة تبكي وتندب حظها.
تذكرت هدير المعاناة التي عاشتها قبل سنوات كثيرة بسبب مشاعرها نحو طارق الذي كان يحب هانيا ابنة الذوات مثلما كان يطلق عليها فقد كانت حينها تتحسر على الرجل الذي أحبته؛ لأنه وقع في حب فتاة أخرى.
أخذت هدير تبكي وتشهق بمرارة، فهي لم تحظَ بطارق إلا بعدما رفضته هانيا وتسببت في طرد والده من عمله فحينها بدأ ينظر إلى من هي من طينته مثلما قالت والدته وتزوجها بعدما أنهت دراستها الجامعية.
تواصل طارق مع هانيا ليس له سوى تفسير واحد وهو أنه لا يزال يحبها ويبدو أنها قررت أن تسلبه منها من أجل تحقيق أحد أغراضها الأنانية.
من الصعب عليها الآن تصديق حقيقة أن زوجها ووالد طفلها لا يزال بعد كل تلك السنوات يحب الفتاة التي أهانته وجرحته ورفضته بسبب فقره.
توجهت هدير نحو المرآة ونظرت لهيئتها البائسة وسألت نفسها هل ستترك هانيا تختطف منها زوجها بهذه البساطة دون أن تفعل أي شيء؟
هزت رأسها بنفي ولمع بريق الإصرار في عينيها وهي تهمس لنفسها بحزم:
-“أنا مش هسمحلك تعوضي النقص اللي عندك وتسرقي مني جوزي عشان تردي اعتبارك قدام الناس بعد ما الكل بقى عارف أنك واحدة عاقر”.
كفكفت هدير دموعها وتابعت بنبرة مليئة بالتحدي:
-“نجوم السما أقربلك من طارق يا هانيا وإذا كنتِ مفكرة أني هسيبك تدخلي حياتي وتخربي بيتي تبقي غلطانة أوي يا حرباية”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مرت بضعة أيام، وظهرت أخيرًا نتيجة تحليل الحمض النووي الذي أجراه عزام والتي كانت صادمة جدا بالنسبة له.
كانت النتيجة واضحة وصريحة، سوف يكون أبا بعد فترة انتظار طويلة يأس خلالها من تحقيق حلم الأبوة واقتنع بفكرة استحالة وجود وريث يرث جميع أملاكه من بعده.
ابتسم عزام بسعادة بعدما تأكد من براءة فرح وعدم خداعها له وأنها ستلد له بعد بضعة أشهر الابن الذي سيرث إمبراطورية عائلة الصاوي بأكملها.
أخيرا سيأتي اليوم الذي سيتخلص فيه من سخرية بعض منافسيه الذين كانوا يتفاخرون أمامه بأبنائهم الذين يتولون العديد من أعمالهم ويساهمون في زيادة ثروة العائلة بفضل ذكائهم وسرعة بديهتهم.
اشترى عزام بعض الهدايا وتوجه بسيارته نحو المنطقة التي تقع بها شقته في التجمع حتى يراضي فرح ويعتذر منها على تصرفاته معها طوال الفترة الماضية.
فتح عزام باب الشقة ودلف إليها وأخذ يبحث عن فرح بعدما نادى عليها أكثر من مرة دون أن تستجيب له.
تنهد عزام براحة بعدما وجدها تنام بعمق داخل غرفتها وهي تضع يديها على بطنها وكأنها تخبره بشكل غير مباشر أنها ستبذل كل ما في وسعها لحماية طفلها من بطشه.
اقترب منها وقام بإيقاظها، فانتفضت بفزع وتراجعت للخلف هاتفة وهي تنظر نحوه بخوف:
-“أنت عايز مني إيه دلوقتي يا عزام؟!”
أجاب عزام بهدوء وهو يربت على شعرها بحنو:
-“اهدي يا فرح وبطلي خوف، أنا النهاردة روحت للدكتور واستلمت نتيجة التحاليل واتأكدت من أن اللي في بطنك يبقى فعلا ابني”.
تبدد خوف فرح في لحظة واحدة وحل محله الزهو والانتصار فهي لم تعد تلك الفتاة التي كان من المحتمل أن يلقي بها عزام عندما يشعر بالملل منها وإنما صارت الآن أم ابنه التي سيبذل كل ما في وسعه من أجل إسعادها.
نهضت فرح ورفعت حاجبيها وهي تعقد ساعديها قائلة بصرامة:
-“عشان تبقى تصدقني لما أقولك أنه يبقى ابنك”.
حاول عزام إرضائها بقوله:
-“خلاص يا فرح حقك عليا، ودي هدية بسيطة ليكِ كاعتذار عن اللي عملته معاكِ”.
لمعت عينا فرح بلهفة وهي تشاهده يخرج من جيبه علبة صغيرة وابتسمت بشدة بعدما فتح تلك العلبة فقد رأت أمامها خاتما ماسيا براقا يبدو من هيئته أنه يساوي مبلغا كبيرا من المال.
أمسك عزام بكف فرح ووضع الخاتم في إصبعها وهو يحدثها بجدية:
-“جهزي نفسك عشان أنا هاخدك النهاردة معايا على الفيلا لأن أنتِ خلاص الشقة دي مش لايقة بمقامك وأنتِ تستحقي تقعدي في مكان أحسن منها”.
تأملت فرح الخاتم وهي تبتسم ثم توجهت نحو خزانتها حتى تقوم بتجهيز حقيبتها ولكن أوقفها عزام بقوله:
-“سيبي كل الحاجات دي يا فرح، أنتِ هتيجي معايا دلوقتي زي ما أنتِ ومن بكرة هيجي ليكِ مندوبين من وكالة أزياء مشهورة وهيعرضوا عليكِ نماذج للموديلات بتاعتهم وأنتِ هتختاري منهم اللي يناسبك”.
استجابت فرح لأوامر عزام وذهبت برفقته إلى القصر في الوقت الذي كانت تجلس به داليا في الحديقة وتقوم بتصفح واحدة من مجلات الموضة.
وضعت داليا المجلة جانبا ونظرت نحو فرح باستغراب وهي توجه لزوجها سؤالا مباشرا:
-“مين دي يا عزام؟!”
أجاب عزام بوجوم وهو يقترب منها:
-“من الغباء يا داليا أنك تسألي سؤال أنت عارفة إجابته من الراجل بتاعي اللي أنتِ كنتِ مفكرة أنه بيسرب ليكِ أخباري من غير ما أنا أكون عارف وأنتِ أصلا عارفة أن دي تبقى مراتي اللي أنا اتجوزتها عليكِ!!”
أشاحت داليا بوجهها للجهة الأخرى حتى لا ترى نظرات عزام التي تخبرها أنه لن يتهاون معها بعدما علم أنها حاولت مراقبة تصرفاته ومعرفة الأمور التي يقوم بها من وراء ظهرها.
هتف عزام ببرود وهو يمسك بيد فرح ويجذبها نحوه:
-“صحيح أنتِ عارفة مين دي بس أنا هجاوبك برضه وهقولك أنها تبقى فرح مراتي واللي حامل دلوقتي في ابني”.
اتسعت عينا داليا بشدة واندفعت تهتف باستنكار وشراسة:
-“ابنك إزاي إن شاء الله وأنت أصلا مش بتخلف وعمرك ما هيكون عندك أولاد؟!”
ضحكت داليا هاتفة بسخرية لاذعة جعلت عزامًا يشعر بالإهانة الشديدة:
-“شكلها كده عملت عملتها ولبستهالك يا بيبي، بصراحة أنا عمري ما تخيلت أبدا أنك تطلع مغفل بالشكل ده”.
مر بضع ثوانٍ قبل أن تجد داليا نفسها ملقاة على الأرض بسبب الصفعة القوية التي تلقتها على وجهها من عزام بعدما تجرأت على إهانته والسخرية منه بهذه الطريقة.
نهضت داليا وتراجعت للخلف بضع خطوات وهي تهز رأسها مستنكرة أن زوجها الذي تزوج عليها قد ضربها وأحضر زوجته الأخرى وأخبرها بمنتهى البرود أنه لن يتخلى عن ضُرتها بعدما اكتشف أنها تحمل ابنه في رحمها.
صاح عزام بحزم وهو يرمق داليا باشمئزاز:
-“من هنا ورايح فرح هتكون هنا الكل في الكل واللي هيدوس ليها على طرف أنا مش هرحمه ولو أنتِ مش عاجبك الموضوع ده فاتفضلي غوري في ستين داهية لأن أنتِ خلاص وجودك أصلا من عدمه مش فارق معايا وكفاية عليكِ أوي اللي أنتِ وأهلك البيئة أخدتوه مني”.
حاولت داليا أن تلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة من فرطِ الغضب الذي تشعر به، ثم دلفت إلى داخل الفيلا، وتوجهت نحو غرفتها وهي تتوعد لعزام وزوجته وتقسم أنها سوف تنتقم منه بعدما تجرأ على صفعها وإهانتها أمام فتاة وضيعة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلست نادين تفكر في الرسالة التي رأتها على هاتف سمية والتي جعلتها تعرف بمشاعر رامز تجاه صديقتها.
أرادت أن تتأكد من هذا الأمر، فارتدت ملابس مناسبة، وذهبت إلى زيارة إلهام مستغلة معرفتها المسبقة بمواعيد عمل رامز، وسألت خالتها مباشرة عن هذا الموضوع.
حاولت إلهام في البداية أن تتهرب من الإجابة وأخذت تنكر هذا الأمر إلى أن أخبرتها نادين أنها قد رأت رسالة من رامز على هاتف سمية.
أخفضت إلهام رأسها هامسة بخجل:
-“أنا مكنتش عايزة أقولك الموضوع ده يا نادين عشان متزعليش”.
ربتت نادين على كتف خالتها وتحدثت وهي تبتسم بفرحة فهذا الأمر سوف يجعلها تتمكن من استعادة زوجها دون أن تبذل الكثير من المجهود:
-“مين قالك يا خالتو أن أنا زعلانة من الموضوع ده!! بالعكس أنا فرحانة أوي”.
استغربت إلهام من هذه الفرحة التي رأتها على وجه نادين قائلة بشك:
-“أنتِ متأكدة يا نادين أنك مش زعلانة؟!”
هزت نادين رأسها نافية هذا الأمر بقولها:
-“لا يا خالتو، أنا مبسوطة وأوعدك أن أنا هحاول أقنع سمية بالموضوع ده”.
ابتسمت إلهام واحتضنت نادين قائلة بامتنان:
-“تسلمي يا حبيبتي وبجد شكرا ليكِ على الموقف ده وربنا يصلح أحوالك مع جوزك”.
خرجت نادين من منزل إلهام وهي تشعر بالسعادة؛ لأنها إذا نجحت في التوفيق بين رامز وسمية فسوف تستعيد حينها زوجها الذي سيتأكد وقتها أنها لا تحب ابن خالتها مثلما يعتقد.
عادت نادين إلى المنزل ووجدت آدم يجلس على الأريكة وعندما رآها هتف بعصبية:
-“ممكن أعرف أنتِ كنتِ فين دلوقتي يا ست هانم؟”
أجابت نادين ببرود وهي تضع حقيبة يدها على الطاولة:
-“كنت بزور خالتي وبطمن عليها لأن أنا بقالي كتير أوي مش زورتها ولا اطمنت عليها”.
كز آدم على أسنانه وحك أذنه اليمني متسائلا باستنكار:
-“نعم يا أختي!! سمعيني كده تاني وقوليلي أنتِ كنتِ فين؟!”
شعرت نادين بقليل من الخوف عندما رأت الغضب الذي احتل ملامح آدم ولكنها شعرت في الوقت نفسه بالسعادة لأنها رأت غيرته عليها بعدما ظن أنها قد التقت برامز.
أخفت نادين مشاعرها وردت بهدوء أجج حنق آدم منها:
-“مالك يا آدم فيك إيه؟! أنا روحت أزور خالتي وأشوفها، فيها حاجة دي؟!”
أمسكها آدم من ذراعها صائحا في وجهها بعصبية:
-“طول ما أنتِ قاعدة في البيت ده يبقى تحترمي نفسك وإياكِ أعرف أنك روحتي عند خالتك مرة تانية، ولما تبقى عدتك تخلص وتمشي من هنا ابقي ساعتها اعملي كل اللي أنتِ عايزاه وأنا مش هحاسبك ساعتها”.
تظاهرت نادين بالبلاهة وحكت ذقنها بهدوء قائلة:
-“أنا مش فاهمة إيه اللي مضايقك أوي كده في موضوع مرواحي لخالتي؟!”
تركها آدم دون أن يرد عليها، ودلف إلى غرفته فهو نفسه لا يفهم لماذا انفعل عليها وأظهر غضبه منها على الرغم من أنه أخبرها قبل يومين أنه لا يهتم لما تقوم به؛ لأنها لم تعد زوجته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
قامت هانيا بدعوة طارق لحضور حفل عيد ميلادها وهذا الأمر أسعده كثيرا وجعله يشعر بمدى أهميته لديها بعدما شعر بترحيب فريال بوجوده.
سار طارق برفقة هانيا داخل الحديقة وأخذ ينظر إليها بتمعن فهي لم تتغير كثيرا عما كانت عليه في الماضي أثناء فترة عمل والده بها.
نظر طارق إلى هانيا وتحدث بهدوء:
-“كل سنة وأنتِ طيبة يا هانيا وعقبال مليون سنة”.
حك عنقه وهو يكمل حديثه بنبرة أظهرت شده الحرج الذي يشعر به:
-“أنا آسف أني مش جبت ليكِ هدية وده لأنك معرفتنيش بموضوع الحفلة غير من كام ساعة وأنا ملحقتش أشتري حاجة مناسبة عشانك بس أوعدك هبقى أجيبلك الهدية”.
تصنعت هانيا الحزن قائلة:
-“معقول يا طارق أنت نسيت تاريخ عيد ميلادي، ده أنت كنت على طول أول واحد بيعيد عليا!!’
أخفض طارق رأسه وهتف ببرود:
-“كل حاجة اتغيرت دلوقتي يا هانيا، أنا اتغيرت وبعد ما كنت مجرد واحد كحيان أبوه شغال جنايني وأمه بتخدم في البيوت عشان تصرف عليه بقيت دلوقتي دكتور كبير وعندي عيادة معروفة وليا وضع ومكانة كويسة في المجتمع وكمان عندي زوجة وابن”.
تعمد طارق تذكيرها بحقيقة أنه رجل متزوج ولديه طفل وذلك حتى تكف عن محاولاتها للتقرب منه والتي صارت مكشوفة وواضحة أمام الجميع فهو يعرف جيدا مدى تكبر وغرور هانيا.
ليس أحمقا ولا ساذجا حتى يقع بسهولة في فخها فهو يتذكر جيدا عندما كان في الماضي يهنئها بعيد مولدها فقد كانت حينها تشيح بوجهها بعيدا عنه بعدما تمنحه نظرة ازدراء تدل على مدى نفورها واشمئزازها منه.
ابتلعت هانيا ريقها وتمتمت بتساؤل وهي تخفض رأسها بارتباك بعدما فهمت تلميحه لها:
-“أنت اتجوزت هدير مش كده؟”
أومأ طارق بابتسامة وفتح هاتفه وبدأ يعرض أمامها صور زفافه قائلا:
-“أيوة اتجوزت هدير؛ لأنها أكتر واحدة حبيتني وأنا كمان مع الوقت حبيتها بس مش اكتشفت الموضوع ده غير من فترة بسيطة أوي وتحديدا بعد ما بدأت أقابلك وأتواصل معاكِ مرة تانية يا هانيا”.
نظر طارق بعدم اكتراث إلى الشحوب الذي كسا وجه هانيا مستكملا حديثه قاصدا إقحام كل كلمة من كلماته في عقلها:
-“هدير إنسانة جميلة أوي من برة ومن جوة، رضيت بيا زمان رغم ظروفي واتنازلت عن حاجات كتيرة أوي عشان تخفف عني وعمرها ما فكرت تعايرني ولا تقلل مني في يوم من الأيام”.
احتدت ملامح طارق بعدما تذكر ملامح وجه زوجته التي بدا عليها البؤس والقهر في الصباح وهذا الأمر جعله يدرك أنها قد علمت بتواصله مع هانيا وتأكد من هذا الأمر عندما فتح هاتفه ووجد أنه قد تم فتح حسابه على الماسنجر على الرغم من أنه قد قام بإغلاقه قبل خلوده للنوم.
هتف طارق بحزم قاصدا أن يصفع بكلماته هانيا التي ظنت أنه رجل بلا شخصية وبإمكانها أن تسرقه من زوجته:
-“هدير تستاهل مني أني أعوضها عن كل المُر اللي شافته معايا في بداية جوازنا وعشان كده أنا عمري ما هحب ولا هبص لواحدة غيرها لأني أصلا اكتشفت من فترة قصيرة أنها تبقى حبي الحقيقي والوحيد”.
أومأت هانيا قائلة بحشرجة محاولة عدم إظهار الغضب والإحراج الذي شعرت به من حديثه:
-“أنتم أصلا لايقين أوي على بعض وأنت عمرك ما هتلاقي واحدة زي هدير”.
مر بعض الوقت قبل مغادرة طارق وصعود هانيا إلى غرفتها وقد أخذت تكسر كل ما يقع تحت يديها بعدما تأكدت من تبخر الأمل الوحيد الذي كان أمامها لرد اعتبارها أمام رفاقها الذين سخروا منها بعد معرفتهم بحقيقة عدم قدرتها على الإنجاب.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تورات نادية عن أنظار زملائها، ثم أخرجت هاتفها من جيب سترتها وبحثت عن اسم رامز ونقرت على علامة الاتصال.
أجاب رامز على اتصالها قائلا باستغراب:
-“أيوة يا نادية خير؟ فيه أي جديد عندك؟”
أومأت نادية قائلة بسرعة:
-“أيوة يا رامز بيه، فيه حاجات كتيرة أوي حصلت النهاردة، الأستاذ عزام طلع متجوز على داليا هانم وجاب مراته التانية هنا على القصر ونبه علينا كلنا وقال أنها دلوقتي بقت ست البيت وأن كل أوامرها لازم تتنفذ وأننا لازم نخلي بالنا من أكلها لأنها حامل”.
ظهرت ابتسامة شامتة على ثغر رامز الذي هتف بتساؤل:
-“طيب وداليا عملت إيه بعد ما شافت كل اللي بيحصل ده؟”
مطت نادية شفتيها وهي تجيب:
-“مدام داليا قاعدة في أوضتها من الصبح ولحد دلوقتي هي مخرجتش منها بس أنا كنت سمعت صوت عزام بيه وهو بيتخانق معاها وبيقول ليها تغور في داهية”.
كتم رامز ضحكته بصعوبة بعدما سمع تلك الأخبار المبهجة للغاية:
-“تمام يا نادية، أنا متشكر جدا ليكِ”.
أنهى رامز مكالمته مع نادية واتصل بوسام وأخبره بكل ما جرى بين داليا وعزام.
ضحك وسام بشدة قائلا:
-“أنت زمانك قاعد دلوقتي وشمتان في داليا وفي اللي جرالها من عزام”.
هز رامز رأسه مؤكدا هذا الأمر بقوله:
-“الصراحة أيوة، أنا فرحان فيها لدرجة أني هاين عليا أقوم أرقص من كتر الفرحة”.
ابتسم وسام وقال:
-“خلينا دلوقتي نركز في اللي هنعمله بعد ما عرفنا أن مرات عزام التانية تبقى حامل”.
هتف رامز بعدم اكتراث لهذا الأمر الذي يظن وسام أنه قد يؤثر بالسلب على خطتهما:
-“الخطة ماشية زي ما هي وأنا مش هغير فيها حاجة، داليا دلوقتي هتحاول تنتقم من عزام وأنا هستغل النقطة دي في صالحي وبالنسبة بقى للبنت التانية دي فأنا مش هشغل دماغي بموضوع حملها لأنه أصلا شيء مش هيفرق معانا في التنفيذ”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلست سمية داخل المطعم تنتظر حضور رامز الذي اتصل بها وطلب منها أن تأتي لمقابلته وإلا سوف يقوم بتصرف أحمق يجعل مظهرها سيئا للغاية أمام جيرانها وأصدقائها.
حضر رامز وجلس أمام سمية قائلا بابتسامة:
-“إزيك يا سمية، عاملة إيه يا اللي سرقتِ قلبي ومش راضية تديني وِش”.
زفرت سمية بضيق وهتفت بتبرم بعدما ضربت سطح الطاولة بعنف:
-“بص يا رامز، أنت تصرفاتك تخطت الحدود، أولا غلط أصلا أن إحنا نتقابل بالشكل ده من غير ما يكون في بيننا أي حاجة وصدقني أنا مكنتش هاجي لولا أن أنت هددتني بأنك هتعمل موقف مجنون من مواقفك زائد أن أنت قولت أنك عايزني في موضوع مهم وأني هندم لو رفضت أقابلك فياريت تنجز وتقول عايز إيه لأني لازم أمشي”.
تجاهل رامز طريقتها الحادة في النقاش معه، وفتح لها هاتفه وأخذ يعرض أمامها صورا لمراد برفقة فتاة أجنبية في العديد من الأماكن السياحية التي تشتهر بها مدينة دبي.
كزت سمية على أسنانها وهتفت بشراسة وهي تقلب بين الصور ناظرة إلى ملامح الذئب البشري الذي دنسها ومنح نفسه الحق في استباحة شرفها:
-“الصور دي واضح عليها أنها جديدة وفي نفس الوقت مختلفة تماما عن اللي مراد بينشرها على الفيس بوك”.
أومأ رامز مؤكدا كلامها بقوله:
-“عندك حق يا سمية، دي صور جديدة بس مراد ميعرفش عنها حاجة لأنها اتصورت من غير ما ياخد باله وهو عمره أصلا ما يقدر أنه ينشر أي حاجة على الفيس بوك طول ما هو مع كريستين”.
حدقت به سمية ببلاهة قائلة:
-“أنا مش فاهمة حاجة، مراد ليه يخاف ينشر صور ليه مع البنت دي وهي تطلع مين أصلا؟!”
تنهد رامز وبدأ يشرح لها كل شيء قام به من أجلها، فقد استعان بصديق له مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة بعدما تأكد من استقرار مراد بها وزواجه من سيدة أعمال مصرية تعيش هناك وتمتلك ثروة طائلة ولكنها تكبره في السن.
تواصل رامز مع صديقه وطلب منه أن يوكل أحدًا بمراقبة مراد وترصد تحركاته وبالفعل استجاب رفيقه لطلبه وقام بتعيين شاب مصري تم فصله من عمله وطلب منه تتبع مراد مقابل راتب شهري يعادل الراتب الذي كان يحصل عليه من الشركة التي استغنت عن خدماته وقامت بتسريحه.
علم الشاب من خلال مراقبته لمراد أنه قد تزوج على زوجته الثرية من وراء ظهرها بفتاة أجنبية تعمل في مجال الموضة وعرض الأزياء.
طلب رامز من الشاب بتوثيق أكبر عدد ممكن من الأوقات التي يقضيها مراد مع زوجته الأجنبية حتى يتم إرسالها إلى زوجته الأولى التي ستسعى للانتقام منه بطريقة صعبة عندما تعلم أنه قد تزوج عليها بعدما انتشلته من حياة البؤس، وأنقذته من شبح الترحيل الذي كان يواجهه إثر طرده من الشركة التي كان يعمل بها بسبب محاولته لاختلاس بعض الأموال.
هتفت سمية بتساؤل وهي تنظر إلى رامز بانبهار؛ لأنه قد ادخر جزءا كبيرا من جهده وأنفق الكثير من الأموال من أجلها:
-“طيب وأنت بلغت مراته بالموضوع ده ولا لسة؟”
ابتسم رامز وهو يجيب:
-“لا لسة مش بلغتها لأن أنا هسيبلك أنتِ المهمة دي، أنا هخليكِ أنتِ اللي تبعتي بنفسك الصور كلها من موبايلي لأن أنتِ اللي من حقك تنالي شرف أنك توصلي مراد لنهايته”.
فتح رامز حساب زوجة مراد على الفيس بوك وضغط على أيقونة المراسلة ثم أعاد الهاتف لسمية مرة أخرى قائلا بتشجيع:
-“يلا يا سمية، جه أخيرا الوقت اللي هتنتقمي فيه بنفسك من الحقير اللي خدعك واستغلك بأبشع الطرق”.
نفذت سمية كلامه وقامت بإرسال جميع صور مراد برفقة كريستين بالإضافة إلى صورة عقد زواجه بها والذي تمكن رامز من الحصول عليها بصعوبة بالغة.
ابتسم رامز وهو يشاهد الفرحة الظاهرة على وجه سمية بعدما جعلها تسهم في عملية الانتقام من أكثر شخص قام بإيذائها.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)