رواية وجوه الحب الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم نور بشير
رواية وجوه الحب الجزء التاسع والثلاثون
رواية وجوه الحب البارت التاسع والثلاثون
رواية وجوه الحب الحلقة التاسع والثلاثون
( ٣٩ ) – وعـاد يـنـبـض مـن جـديـد –
– الـقـاهـرة 00 : 09 مساءًا –
كانت تقف أمام المرآه بفستانها الأسود القصير بكامل زينتها وحليها تُهندم من تسريحتها ؛ لتبقى خصلاتها السوداء كسواد الليل تمامًا منسدله على كتفيها بنعومة كبيرة فتسلل إلى أذنيها طرقات ناعمة على باب غرفتها فسمحت للطارق بالدخول الذي ما كان سوىٰ ” سـلـمـىٰ ” إبنت عمتها التي أحدثت صفيرًا عاليًا على أثر إعجابها الشديد بأناقتها ومن ثم همست لها بإنبهار.
– اللّٰه اللّٰه يا ست مـريـم ، إيه الجمال ده كله..؟!
” مـريـم ” وهي تضع حمرة شفاها بإحترافية كبيرة دون أن تلتف لها فخرجت نبرتها هادئة ، مُحببه.
– ميرسي يا لومه ، ده جمال عيونك يا روحي..!
” سـلـمـىٰ ” بتساؤل ونبرة ذات مغزىٰ.
– متشيكه كده ورايحة على فين بقااااا..؟!
” مـريـم ” وهي تستدير لها بجسدها وإبتسامتها الواسعة تُزين ثغرها بسعادة.
– رايحة مع سـلـيـم Meeting مهم وعشا عمل مع Clients جداد مهمين أوي..!
” سـلـمـىٰ ” بغرابة وهي تقضب ما بين حاجبيها.
– يا سلاااااام..!
وهو أنتي شغلك في الديكور إيه علاقته بالـ Business بتاع سـلـيـم..؟!
” مـريـم ” وإبتسامتها تتسع أكثر وهي تلقي نظرة أخيرة على هيئتها بالمرآه برضا.
– ما أنا مش رايحة بصفتي مهندسة الديكور المسؤلة عن شغل المطعم ، أنا رايحة معاه بصفتي حبيبته والـ Partner بتاعه..!
” سـلـمـىٰ ” بتفكير.
– أمممممم قولتيلي..!
ثم أضافت بغرابة فهي تعلم بأنها عاطفية إلى أكثر حد ومن الممكن أن تنجرف بعاطفتها تجاه أحدهم ومن ثم يعقب شعورها هذا بالندم فخرجت نبرتها مُستهجنه.
– وهو أنتي لحقني تبقي حبيبته يا مـريـم..؟!
” مـريـم ” وهي تستدير لمواجهتها ومعالم الإندهاش تكسو وجهها.
– تقصدي إيه بلحقت دي..؟! أنتي بتشككي في حبنا..؟!
ثم تابعت بعاطفة كبيرة.
– شكلك نسيتي أن سـلـيـم يبقا خطيبي وقريب أوي هنتجوز..؟!
” سـلـمـىٰ ” بحكمة وهي تصحح لها وجهة نظرها وحديثها السابق.
– أنا مش قصدي كده ، أنا كل اللي أقصده أني مستغربة من سرعة الأحداث اللي ورا بعضها دي ؛ أنتي تعرفي سـلـيـم من مدة قصيرة وأنا عارفة أنه أول راجل في حياتك وأن مشاعرك تجاهه صدقه وحقيقية بجد ، بس كُنت عيزاكي تسيبي مساحة كافية لنفسك عشان تعرفي مشاعره تجاهك إيه..؟! أنتي فهماني..؟!
” مـريـم ” بثقة كبيرة وإبتسامتها في إتساع.
– لأاااااااا ، لأاااا سـلـيـم مش من الرجالة اللي بتعبر عن حبها بالكلام خالص ، سـلـيـم غير كل الرجالة يا سـلـمـىٰ والحب عنده أفعال ومواقف وأنا واثقة أنه بيحبني..!
” سـلـمـىٰ ” بحكمتها المُعتادة رغم صغر سنها.
– أنا مقولتش أنه مبيحبكيش ، أنا كل اللي قولته أنك لازم تختبري صدق مشاعره ناحيتك ومتتسرعيش في حبك وعطائك لأنكم لسه بتتعرفوا على بعض.
” مـريـم ” بعند.
– مش محتاجة أعمل ده لأني حسه بحبه وده بالنسبة ليا كفاية أوي ؛ وبعدين أختبر حبه إزاي يعني أعمله ( مـصـيـدة )..!
” سـلـمـىٰ ” بسماجه.
– هههههه سُكر أوي ودمك خفيف..!
” مـريـم ” بهدوء.
– أومال عيزاني أقولك إيه ولا عيزاه يثبت حبه ليا إزاي ؛ يا بنتي سـلـيـم جه لحد هنا وقعد مع جدو وأونكل مُـراد وطلبني منهم ومستني رجوع مامته وأخته في أقرب وقت عشان تبقا كل حاجة رسمي ، المفروض بقا يعمل إيه أكتر من كده عشان يثبت حبه..!
” سـلـمـىٰ ” بتفكير.
– مش عارفة المفروض يعمل إيه ، بس على الأقل كان خلاكي تكلمي مامته أو أخته ولو لمرة واحدة حتى..!
” مـريـم ” وهي على وشك أن تقتنع بحديثها إلا أنها حاولت تنفيض رأسها سريعًا من تلك الأفكار والأوهام التي تحاول إبنت عمتها زرعها بداخل رأسها.
– أنا مطلبتش منه ده..!
” سـلـمـىٰ ” بهدوء وحنان.
– يا حبيبتي مش لازم تطلبي هو المفروض يعمل ده من نفسه..!
” مـريـم ” بحنق واضح على معالمها وردود أفعالها.
– أنتي علقتي على المفروض ، المفروض..!
أنتي ناسية أن مامته في إيـطـالـيـا يعني في فرق توقيت بينا وبينهم ووارد أوي يكون بيكلمها في أوقات معينة وأنا مش معاه طول الوقت عشان أعرف بيكلمها أمته..؟!
” سـلـمـىٰ ” وهي تبدي عدم إقتناعها بحديثها.
– مالك بتتكلمي عن فرق التوقيت وكأنه ١٠٠ ساعة مش ساعة واحدة بينا وبينهم..!
يا مـريـم أنا خايفة عليكي ومش عيزاكي تنجرحي لأني عارفة أنك حساسة ومش حمل أنك تتصدمي في سـلـيـم بالذات..؟!
” مـريـم ” بإستهجان وغضب من حديثها.
– أنا مش عارفة أنتي عايزه إيه بالظبط..؟! وبعدين مالك بتتكلمي عن سـلـيـم وكأنه عدو لينا مش خطيبي وقريب أوي هبقا في بيته..؟! أنا مش عارفة بجد أنتي ليه مُصره تقلقيني منه ، للدرجة دي مستكتره عليا تشوفيني فرحانة..؟!
” سـلـمـىٰ ” بصدمة وذهول حقيقي مما تتفوه به إبنت خالها أو بالآحرىٰ ما تعتبرها دومًا أكثر من شقيقتها.
– مستكتره..!
أنتي مستوعبه أنتي بتقوليلي إيه..؟! أنا سـلـمـىٰ أختك ومرايتك وعُمري ما كُنت عدوة ليكي عشان أستكتر عليكي فرحك..!
أنتي أختي يعني فرحك هو فرحي وحزننا واحد يا مـريـم..!
” مـريـم ” بهدوء وثقة.
– وعشان أنتي أختي ومرايتي عيزاكي تعرفي أني بحب سـلـيـم جدًا ولو مش واثقة أنه بيحبني قد ما بحبه وأكتر عُمري ما هرتبط بيه ولا أكمل معاه أبدًا..!
” سـلـمـىٰ ” بإقتضاب ، فلم يعد هُناك حديث لتتحدث به معها فهي قد جاءت بنهاية الحديث بينهم بطريقتها تلك وتعجرفها عليها وأن كان دون قصد منها.
– أنتي حرة يا مـريـم يا أختي ، وإذا ده كان إحساسك فأنا هدعي ربنا أنه يكون صح لأنك تستاهليه..!
وهنا إستمع كلاهما إلى صوت زمّور السيارة معلنًا وصول ” سـلـيـم ” إلى ساحة القصر ، فهتفت ” مـريـم ” مُسرعة وإبتسامتها الفرحه تُزين ثغرها بسعادة وكأنها لم تقل لها كلمات جارحه منذ لحظات.
– معلش يا لـومـه هسيبك دلوقتي عشان سـلـيـم وصل..! قالتها وهي تسحب جزدانها من أعلى فراشها لتنطلق إلى الخارج بحماس دون إكتراث لما حدث منذ لحظات تاركه الأخيرة تقف منصدمه في مكانها مما إستمعت إليه منها.
أما عن ” مـريـم ” فهبطت درجات السلم سريعًا وقلبها يتقافذ بين ضلوعها لرؤية معشوقها وفي أقل من لمح البصر كانت قد خرجت من بوابة المنزل لتراه يقف مستندًا ببذلته السوداء وقميصه الأسود الفحمي على سيارته ممسكًا بيديه باقة من الورود الحمراء في مشهد أقل ما يُقال عنه غاية في الجمال والرومانسية. أما عنه فأول ما وقعت عيناه عليها حتى شعر وكأن أنفاسه قد سحبت منه والدماء قد تدفقت في أوردته مما أشعره بسخونه كبيرة تسير بطول عموده الفقري على الرغم من نسمات الهواء الرطبة التي تلفح جسده مما جعله يشعر بالنشوة والخدر وكأن أبلج على ملامحه التي خانته بما يكنه لها في أعماق قلبه ، فظهرت إبتسامته الساحرة التي كشفت عن أسنانه البيضاء وأظهرت غمازاته بوضوح والتي أخذها عن والدته مما جعل قلبها يهوى بين قدميها صريعًا له ، فكانت كلما تقترب منه يزداد معدل نبضات القلب لكلاهما فهي خجلة ، سعيدة ، والأهم عاشقة ، أما عنه فهو قد فُتن بجمالها وسحرها الخاص الذي يكاد أن يُجزم بأنه قد خلق لها وحدها دونًا عن باقي نساء حواء بالطبع بعد والدته فهي الوحيدة التي تحظى بمكانة خاصة بقلبه ولن ولم تصل إليها أي إمرأة سواها إلا أنه قد سمح لـِـ ” مـريـمـتـه ” بمشاركة والدته قلبه ولو بجزءًا ضئيًلا منه دون أن يشعر. وما أن أقتربت وأصبحت تقف قباله حتى مدت يديها إليه بخجل هاتفه به وهي تنظر إلى الأرض من نظراته التي كادت أن تلتهمها.
– أزيك..؟!
فما كان منه إلا أنه رفع كفها إلى شفتيه ملثمًا له بقبلة هادئة ، حانية ، عاشقة حد النخاع ونطق وكأنه كالمسحور تمامًا بسحرها.
– أنا كويس جدًا ، مُمتاز..!
فمد يديه لها بباقة الورد مُرددًا ولا يزال تحت سحرها الخاص فهو قد فتن بها.
– الورد ده ليكي..!
فإبتسمت له ” مـريـم ” بخجل وهي تكاد أن تذوب من فرط رقته وحنانه ومن ثم مدت يديها لتأخذ منه الورود بعد أن همست له بنبرة خافتة يملؤها الخجل.
– ميرسي..!
فأخذ يقترب منها ببطءٍ شديدًا وهو مشدوهًا بجمالها الآخاذ ، وكأنه بعالم آخر ليس به إلا سواهم فعلى ما يبدو أنه حقًا كما قال الوزير عبدوس لملك المجوس ورأسه بين التروس أيها الملك يا عالم الفلك البعير ( الجمل ) هلك..! فهو قد هلك من هيئتها حقًا ، وما أن أصبحت عيناه بعيناها لا يفصله عنها إلا إنشات قصيرة حتى دنىٰ برأسه إلى أذنيها هامسًا لها بعاطفة لا يعلم من أين تملكته بتلك اللحظة.
– بـحـبـك..! وما أن أنهىٰ جملته حتى إبتعد عنها وهو لايزال ينظر إليها نظرات هائمة إلا أنه بمجرد أن تلاقت عيناهم حتى فاق على الفور وأدرك بشاعة ما تفوه به من وجهة نظره وشعر وكأن لعابه قد جف وروحه تتسرسب لتخرج وتغادر جسده. فهو لا يريد لقلبه أن يعصاه ويعود لينبض لها من جديد. أما عنها فهي شعرت وكأن قلبها على وشك أن يتوقف من عنف دقاته ، وأخذت تنظر له بصدمة مُحببه إلى قلبها لا تستطيع تصديق ما هتفت به شفتاه للتو. فختخت له بذهول وفرحه عارمة غير مصدقه لكل ما يحدث.
– أنت قولت إيه..؟!
” سـلـيـم ” وهو يبتلع لعابه بصعوبة بالغة محاولًا عدم النظر إلى عيناها ليستطيع التحكم في ذمام الأمور من جديد.
– أنتي سمعتي كويس أنا قولت إيه ومش هعيد تاني..!
” مـريـم ” بمرح لا يخلو من سعادتها.
– خلاص متزقش أوي كده..! يلاااااا بقاااا افتحلي باب العربية..!
فإبتسم لها ” سـلـيـم ” بعدما إستعاد بريقه من جديد ومن ثم فتح لها الباب مُرددًا بالإيـطـالـيـا برقي.
– Ciao , mia bella signora..!
• تفضلي سيدتي الجميلة..!
فإبتسمت له بدورها ومن ثم إستقلت المقعد الأمامي إلى جواره ومن ثم صعد هو الآخر ليحتل عجلة القيادة وما أن أمسك بأول الطريق حتى قام بتشغيل المذياع على غنوته المُفضلة ونظر لها على الفور نظرات عجزت الآخرىٰ عن إيجاد معنى لها إلا أنها أسعدتها حقًا تزامنًا مع نبرته العذبة المُحببه إلى قلبها وهو يهتف إليها برقه.
– أغنيتي المُفضلة..!
كلمات الأغنية 👇
في جوه قلبي حاجة مستخبية
كل أما باجي أقولها فجأة مش بقدر
قدام عنيك بقف وبنسي إيه يتقال
ليه كل مرة يجري فيها كده ليا
وأدي هي كلمة واحدة بس مش أكتر
والكلمة ديه عندي فيها راحة البال
في جوة قلبي حاجة مستخبية
كل أما باجي أقولها فجأة مش بقدر
قدام عنيك بقف وبنسي إيه يتقال
ليه كل مرة يجري فيها كده ليا
وأدي هي كلمة واحدة بس مش أكتر
و الكلمة ديه عندي فيها راحة البال
حبيتك يوم ما تلاقينا لما حكينا أول كلام
حبيتك وأحلف علی ده تسمع زيادة ده أنا مش بنام
حبيتك يوم ما تلاقينا لما حكينا أول كلام
حبيتك وأحلف علی ده تسمع زيادة ده أنا مش بنام
دي الناس في عيني حاجة وأنت حاجة تانية
عندك مشاعري حتي خدها واسألها
أنا صعبة أعيش حياتي وأنت لحظة بعيد
إحساسي بيك في وقت ضعفي قواني
كانت حياتي ناقصة جيت تكملها
فرحة لقايا بيك بتبقي زي العيد
حبيتك يوم ما تلاقينا لما حكينا أول كلام
حبيتك وأحلف علی ده تسمع زيادة ده أنا مش بنام
حبيتك يوم ما تلاقينا لما حكينا أول كلام
حبيتك وأحلف علی ده تسمع زيادة ده أنا مش بنام
كان كلاهما يسرح بكلمات الغنوة وهم يلتفتون من الوقت للآخر ينظرون إلى بعضهم البعض نظرات مليئة بالعشق الصريح والولع من جهة ” مـريـم ” ونظرات آخرىٰ مليئة بالضياع والتشتت والحيرة من جهته إلا أن ضياعها فيه شئ من اللين والمحبة ، عيناه كان بها لمعة لم تختبرها معه يومًا.
فهي ترىٰ بداخل أعينه لمعة حب وبريق لم تعتادة وهذا حقًا لقى إستحسانها وأشبع غرورها وأنوثتها كمرأة والأهم أنه أشعر قلبها بالدفء والأمان اللذان حاولت ” سـلـمـىٰ ” إنتزاعهم بحديثها معها دون قصد. فهي تعلم ” سـلـيـم ” جيدًا وتشعر بمحبته رغم أنه لم يصرح بها من قبل إلا منذ قليل.
أما هو فكان ضائع مع كلمات الغنوة ، فتلك الكلمة التي تفوه بها من فمه أحدثت ثقل كبير على عاتقيه هو يشعر بها ويحسها حقًا لكنه لا يريد إحقان نفسه بمشاعره تلك. فإذا كانت مشاعره نتاج لرغبات القلب فهي منافية قطعًا لرغبات العقل والمنطق. قطع عليه خيط تفكيره وصولهم إلى ساحة الفندق الواسعة وإقتراب رجل الأمن ليصف السيارة عوضًا عنه. فترجل منها ” سـلـيـم ” ومن ثم قام بفتح الباب خاصتها برقيّ لتهبط منه بدورها فما كان منه إلا أن إبتسم لها إبتسامة مشوشة فهو لازال عالقًا بالحرب الدائرة بداخله بين قلبه وعقله ، فمد يديه لها وإمسكت هي الآخرىٰ بيديه بنعومة وسارت إلى جواره متجهين إلى الداخل أو بالآحرىٰ إلى الطاولة المعنية التي سينعقد عليها إجتماعهم وما أن وصل بها إلى الطاولة المُختارة حتى سحب لها مقعدها وأجلسها برقيّ وأسرع في الجلوس على مقعده قبالها. فهمست له ومعالم الدهشة تبدو عليها.
– أومال فين الـ Clients اللي هيحضروا معانا الـ Meeting..؟!
” سـلـيـم ” بإبتسامة ساحرة وهو يستطلع قائمة المأكولات والمشروبات بإهتمام كبير.
– زمانهم على وصول ميعادنا ١٠ بالظبط..!
ثم تابع وهو ينقل نظره إليها بهدوء.
– هاااااا تحبي تشربي إيه عبال ما يجوا..؟!
” مـريـم ” بتفكير وهي تتصفح قائمة المشروبات.
– أمممممم ممكن أخد عصير فـراولـة..!
فنظر إليها ” سـلـيـم ” وعيناه تبتسم دون شفتاه فاستطردت بغرابة من نظراته ، فتلك النظرة لم تراها سوىٰ من ” مُـراد ” ولم تراها في مخلوق يُذكر وكأنها صفة قد خصه اللّٰه بها دونًا عن باقي البشر إلا أنها أرجعت نظرته تلك إلى أنها هتفت أمامه بشيئًا خاطئ فتابعت بحذر.
– إيه هو أنا قولت حاجة غلط..؟!
” سـلـيـم ” وهو ينظر إليها كالمسحور تمامًا لكنه لازال يشعر بغبطه في صدره.
– أبدًا بس أول مرة أشوف فـراولـة بتأكل فـراولـة..؟!
فشعرت بالخجل حقًا إلا أن النادل قد حضر حينها وبدء ” سـلـيـم ” يُملي عليه طلباتهم ورحل بعدها مباشرةٍ فتابعت ” مـريـم ” بخجل بعدما وضعت قائمة المشروبات على الطاولة بحرص.
– ممكن أعرف أنت فيك إيه النهارده ، مش واخده عليك وأنت Good talker كده..!
” سـلـيـم ” بمرحه المُعتاد معها.
– أهووو الدبش اللي بترميه ده هو اللي مضيع أي لحظة حلوة بينا..؟!
” مـريـم ” بإبتسامة سرقت له لبه.
– لأ بجد يا سـلـيـم ، أنا فعلًا مش واخده عليك كده..!
إيه اللي حصل غيرك أوي بالشكل ده..؟!
” سـلـيـم ” بمرح.
– إيه يا بنتي ليه محسساني أني كُنت صعب أوي كده..؟!
” مـريـم ” بسعادة حاولت التحكم بها قدر الإمكان حتى لا ينفضح أمرها أمامه.
– مش قصدي بس أنت فعلًا النهارده مُختلف حتى طريقة كلامك مُختلفة ومُميزة أوي على عكس طبيعتك..!
” سـلـيـم ” بلؤم.
– أممممم ، وإيه بقا اللي مُختلف بالظبط..؟!
” مـريـم ” بخجل.
– كل حاجة صدقني فيك متغيرة..!
يعني هزارك والكلام اللي قولته من شوية..!
” سـلـيـم ” بلؤم أكبر.
– وأنا قولت إيه من شوية..؟!
” مـريـم ” وهي تموت خجلًا بعدما وجهت بصرها للأسفل على إستيحاء حتى لا تقع عيناها بداخل عيناه.
– يعني..!
قولت أنك بتحبني..!
” سـلـيـم ” وهو يضحك من قلبه ضحكات لاقت به حقًا ، خطفت أنفاسها وأهلكت قلبها على إيقاعها.
– طب ما ده الطبيعي بين أي أتنين في Relation خصوصًا لو هيتجوزوا قريب..!
ثم أضاف بمرحه المُعتاد.
– وبعدين معايا بنوتة حلوة لابسه فستان قمر وجايب ليها ورد وطالعين Date سوا وفي الآخر مش عجبك كلامي الحلو..؟!
” مـريـم ” بمرح وحس فكاهي.
– لا سوري إحنا عندنا Working Dinner ، أنت عايز تخليه Date فكده أنت راجل إقتصادي بتضرب عصفورين بحجر واحد زيّ ما بيقولوا..!
” سـلـيـم ” بمرح.
– أممممم ، أومال أنتي الـ Date في تصورك شكله عامل إزاي..؟!
” مـريـم ” بنبرة حالمه.
– الـ Date بالنسبة ليا ورد ، وشموع ، وميوزك ، وكلام حلو ، وأفضل ابص للسما أنا وحبيبي طول الليل..!
” سـلـيـم ” بمرح.
– طب عشان تعرفي أنك مفترية ، أنا سمعتك ميوزك في الطريق وجبتلك ورد والـ Restaurant هنا مليان شموع يعني مش حارمك من حاجة وفي الآخر تقوليلي ده مش Date..!
” مـريـم ” بفكاهه.
– على فكرة أنا بتنصب وعايز تضيع عليا اللحظة..!
فقطع عليهم سيل اللحظة عودة النادل ومن ثم وضع أمام كل منهم مشروبه بتهذب ورحل ، فتابع ” سـلـيـم ” وهو يستأنف حديثهم بحماس.
– قوليلي بقا يا ستي عايزه تروحي Date فين وأنا أوديكي..؟!
” مـريـم ” بعشق خالص.
– أي مكان معاك جنة يا سـلـيـم صدقني..!
ومن ثم أضافت بتردد وهي تفكر في أمرًا ما.
– بس انت تعرف إيه أهم من الـ Date بالنسبة ليا..؟!
” سـلـيـم ” وهو يقضب بين حاجبيه في حيرة وغرابة من أمرها فهو يشعر بأنها مزدوجة الشخصية وفي كل لحظة تمر يتبدل حالها لحال آخر مُختلف فنطق بدهشة.
– إيه هو اللي أهم من الـ Date عندك يا لمضة..؟!
” مـريـم ” بحماس وعيناها كادت أن تخرج قلوبًا من فرط حماسها.
– نفسي أشوف مامتك أوي بجد وأتكلم معاها..!
” سـلـيـم ” بصدمة شحب لها وجهه إلا أنه عمد إلى التغلب عليها بحرافية ومهارة كبيرة.
– قريب..!
قريب أوي يا حبيبتي هتشوفيها..!
” مـريـم ” بحماس.
– نفسي جدًا اليوم ده يجي ، متتخيلش بحلم إزاي بتفاصيل اليوم ده يا سـلـيـم..؟!
” سـلـيـم ” وهو يشعر بوخزه قوية بجانب صدره الأيسر.
-إن شاء اللّٰه يا حبيبتي اليوم ده هيكون أحلى يوم في حياتنا إحنا الأتنين..!
” مـريـم ” على نفس حماسها.
– يااااااارب يا سـلـيـم..!
ثم تابعت وهي تفكر في أمرًا ما فخرجت نبرتها بعفوية شديدة.
– طب إيه رائيك لو أكلم طنط فون وأهو نتعرف لحد ما نتقابل قريب..؟!
” سـلـيـم ” بإبتسامة مهزوزه وهو يرتشف من العصير أمامه محاولًا جمع شتات نفسه.
– هاااااا ، دلوقتي..!
” مـريـم ” بحب كبير.
– ياااااريت..!
” سـلـيـم ” بعد أن أحبك تمثليته بإتقان فتلك الخطوة لم يحتسب لها من قبل وتفاجئ بها لأنه يعلم أنها تتطلب جراءة كبيرة وهو على يقين بأنها لا تمتلكها لكنه حدث ما لم يتوقعه وتابع بنبرة حاول جعلها متزنة قدر الإمكان.
– أصل ماما بتنام بدري وأنتي عارفة فرق التوقيت يعني دلوقتي الساعة هنا ٩ ونص هناك ١٠ ونص وماما بتنام من ٩ لأنها بتصحى بدري جدًا تلعب رياضة وتجري شوية وبعدين تمر على الفروع وبترجع البيت هلكانة يا دوب تأكل وتنام ، حتى أختى دايمًا تشتكي ليا أنها مش بتعرف تقعد معاها كتير..!
” مـريـم ” بتأثر.
– يا حراااااااام ، ربنا يقويها يارب..!
” سـلـيـم ” بلؤم وخباثة.
– متقلقيش كلها أيام وتنزل مـصـر عشان الإفتتاح ووقتها هتتقابلوا كتير أوي..!
” مـريـم ” بحماس وسعادة.
– أكيد طبعًا ، أنا أساسًا حبيتهم جدًا ووعد مش هسيبهم أبدًا طول فترة إقامتهم هنا حتى ممكن لما نتجوز يعيشوا معانا إيه رائيك..؟!
” سـلـيـم ” بإبتسامة إنتصار فعلى ما يبدو أن مخططه قد نجح هذه المرة أيضًا وإقتنعت به.
– أكيد حبيبي اللي تشوفيه..!
ثم أضاف وهو يحثها على إحتساء مشروبها.
– يلااااااا يا فـراولـتـي إشربي الـفـراولـة بتاعتك..!
فإبتسمت له بخجل والحمرة تكسو وجنتيها وبدءت في شرب عصيرها تحت نظرات ” سـلـيـم ” لها الذي كان يحمد اللّٰه سرًا لمرور هذا الموقف بسلام ولإقتناعها بحديثه.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه الحب)