رواية قانون آيتن الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم داليا أحمد
رواية قانون آيتن الجزء الرابع والعشرون
رواية قانون آيتن البارت الرابع والعشرون
رواية قانون آيتن الحلقة الرابعة والعشرون
تفاجأت برحلة جوية سريعة إلى شرم الشيخ، وبعد مرور وقت قصير أخيرا دخلت سيارة الأجرة التي تنقلهم من المطار إلى امام ميناء كبير بشرم الشيخ، لتتوقف السيارة عنده..رأت أمامها بعض القوارب واليخوت بجميع الأشكال والاحجام، تتمايل بهدوء مع حركة المياه
اتسعت عيناها بذهول هي حتى الآن لا تدري بما يفكر، لتسأله بدهشة:
-احنا هنعمل ايه هنا
نزل من السيارة، قائلا:
-انزلي وانتي ساكتة
استدار برشاقة حول السيارة ، وفتح لها الباب ، ثم عقد ذراعه بذراعها .. نشر كفه وسط منتصف ظهرها .. ساروا على طول الشاطئ ، وتوجهوا نحو الميناء ، وأصبحت القوارب أكبر تدريجياً. ثم توقف حمزة أمام يخت ضخم وأنيق ومميز .. يمكنك أن ترى أنه تميزه من بين اليخوت التي على الشاطئ .. ابيض اللون ، رائع حقًا ، جذاب وفريد من نوعها ، لا مثيل له .. اقترب القبطان من حمزة بمجرد وصولهم مرحباً بهم..
بينما ايتن مازالت مذهولة، قائلة بتساؤل:
-هنركب يخت؟؟
ابتسم ، ثم أخذ يدها وقادها صعودًا على الدرج الصغير ، ثم صعدوا إلى اليخت .. على سطح اليخت كانت هناك طاولة طعام ، وكراسي كبيرة مغطاة بالجلد الأزرق تدور حول اليخت ، و كانت أمامه طاولة ممتدة بطول المقعد تتسع لحوالي عشرة أشخاص.
ثم في المنتصف قمرة القيادة ، ثم الكابينة التي تؤدي إلى الأسفل بواسطة سلالم بيضاء واسعة تؤدي إلى الحجرات
سمعت صوت الرجل يخبره:
-تمام هنتحرك دلوقتي
حدقت للحظة في اليخت فلم تجد أحد غيرهم، وبعد قليل لمحت فتاة من اسفل بالعشرينات من عمرها
ايتن بدهشة:
-حمزة..هو ازاي هيتحرك ومفيش حد غيرنا؟؟
هز رأسه بتبرير:
-مانا أجرته ليا انا وانتي بس..ايه ما عجبكيش؟؟
-بتهزر؟؟! اليخت تحفة..لا ده اكتر من التحفة
وبحركة عفوية مد يده، قائلا بجدية:
-تحبي تتفرجي عليه من جوة؟
اخذت كفه واجابته بحماس:
-ياريت
تبعته داخل اليخت ، حيث كانت توجد أريكة جلدية باللون الكريمي ، وفوقها نافذة كبيرة منحنية توفر إطلالة رائعة على البحر.. على اليسار يوجد المطبخ بكافة تجهيزاته وخزائنه.. يبدو حديثًا وأنيقًا ، كما لو لم يتم استخدامه كثيرًا من قبل.. الحمامات على الجانب الآخر وفي المقدمة غرفة نوم فاخرة.. وبجانبها غرفتي نوم صغيرتين كل واحد يحتوي على سريرين مع مرايا ونوافذ
أما بالنسبة للغرفة الكبيرة فهي تحتوي على سرير كبير وواسع يشغل معظم مساحة الغرفة.. إنها مطلية باللون البيج مع أثاث معظمها بنفس درجات اللون .. وكذلك الكثير من النوافذ مغطاة بستائر ومرايا وخزائن تحيط بها.
أسرعت نحو السرير ، ألقت بنفسها عليه بمرح ، تجرب مرونته ، واسندت ذراعها للخلف مسترخية .. بينما كان يقف عند مدخل الغرفة ويداه مطويتان ويراقبها بابتسامة رائعة.
قالت ايتن بانبهار:
-بجد حلو جدا..كل حاجة في اليخت تجنن..خيال
اقترب منها أكثر، وقلبها يخفق بعنف داخل صدرها محاولا الهرب منه و إليه..!
جذبها بين ذراعيه بينما مرر أصابعه بين خصلات شعرها، وهو يتحدث بنظرات إعجاب :
-هو حلو فعلا مفيش خلاف عليه..بس بقى احلى وانتي موجود فيه
شعرت بالخجل قليلا وتسارعت ضربات قلبها .. شعرت أن قلبها سيتوقف لحظة .. نعم ، حرفيا سيتوقف .. هل هذا ممكن ؟! حمزة يتكلم بطريقة رومانسية ، وقبل فترة كان يتعامل معها ببرود .. لكن كيف عرف أنها كانت تأمل أن تعيش تلك اللحظة ؟!
رمقها حمزة بنظرة غريبة غامضة فحرر يداه متنحنحا فاسحا لها المجال لتبتعد، ليسألها:
-ها بقى؟؟ تحبي تاكلي ايه
– بما أننا في البحر يبقى سي فود..ايه رأيك؟
امسك هاتفه تفقده لثوان، ثم التفت لها:
-حاضر… أنتِ تؤمري
ثم أخذها من يدها ليقودها إلى الخارج ، وفتح الباب لتتمكن من النزول أمامه على الدرج المكون من عدة درجات
وقفت في قاع اليخت وهي تنظر بإعجاب إلى البحر. المكان أكثر اتساعًا .. وتحيط به النوافذ من جميع الجوانب .. الأرضية رمادية اللون.
لتأتي فجأة فتاة في العشرينات من عمرها، تبدو أنها من طاقم المساعدة، قائلة بابتسامة عريضة:
-كل حاجة جاهزة يا فندم
سحبها خلفه دون أن تسأله..نحو الطاولة المخصصة للطعام
اندهشت فالطاولة عليها غداء رائع للمأكولات البحرية ولم يقتصر على طلبها فقط
اشرقت عيناها بدهشة:
-كل ده بجد؟
امسك بيدها برفق، مقبلا اياها بطريقة رومانسية :
– اللي نفسك فيه كله يتنفذ
ضحكت ايتن:
-هتغر والله
غمز لها قائلا :
-براحتك..هاتي اخرك
إنها نقطة التحول في حياته .. أقامت ثورة على مشاعره .. كانت النساء التي قبلها متاحة له وتتمنى أن تدخل حياته .. ولم يهتم وكان دائما رافضا .. حتى أتت هي وقلبت موازينه .. كل خططه .. وصارت استثناء وستبقى في عينيه استثناء.
تناولا الغداء وسط ضحكاتهم وانبهار ايتن بكل ما يفعله لأجلها
ثم أردف ليسألها:
-تحبي تاكلي حاجة تاني؟ أي حاجة نفسك فيها قوليلي
ايتن بشك:
-بجد ؟
اومأ بثقة:
-جربي..بونبونايتي لازم كل طلباتها تنفذ..انت تؤمر يا باشا
ايتن بتفكير:
– طيب عايزة غزل بنات
اومأ بإيجاب :
– احلى غزل بنات للبونبوناية بتاعتي الجميلة
حدقت به بعيناها وكأنها لا تصدق، لتسأله بفضول:
-ايه حكاية بونبوناية دي؟
ضحك قائلا:
-انتي من جوة بونبوناية..بس ساعات بتكوني شرسة وعنيفة كده
رمقته ببراءة:
-انا شرسة؟
-ساعات اه
وبالفعل أحضرت الفتاة الثانية من طاقم العمل..مجموعة من غزل البنات لايتن
____________
في مدينة الإسكندرية…
ذهبت خديجة مع خطيبها هاني في إحدى المطاعم الراقية التي تطل على البحر.
اقتربت منهم النادلة وهي تتلقى الطلبات منهم .. اقتربت من هاني وكانت عيناها تراقبه بشغف وتحاول لفت انتباهه إليها.. لاحظت خديجة أن هذه الفتاة كانت تحاول لفت نظره بشكل غير مباشر وتميل جسدها عليه عندما كانت تأخذ الطلبات وتقدمها … زفرت بضيق وغضب وداخلها نيران الغيرة تلتهمها ، عندما لاحظت ابتسامة الفتاة لخطيبها.. وهي تتأمله جيدا
التمعت حدقتي عينيها البنيتين بحرقة .. وبينما لاحظ هاني مقدار الغضب الذي اندلع من عينيها .. لكن تلك الفتاة الوقحة ما زالت تدقق فيه جيدًا وتقدم كل الطلبات وحدها.
قهقه هاني بضحكة عريضة:
-لا بس كل مرة بتفاجئ انك بتغيري عليا اوي كده
شهقت خديجة بانزعاج:
-نعم؟؟ انا اغير و من دي ؟؟ لا طبعا
ثم مال عليها مقتربا منها، وقال ساخرا:
-متأكدة يعني؟
ابتلعت ريقها بصعوبة :
-طبعا
لينظر هاني خلفه مرة أخرى فسحبت خديجة وجهه إليها بعنف نحوها ، لمعت عينيها بغضب :
– ايه عجباك هي صح ؟
– هي مين دي ؟
– هاني ماتحورش..انت فاهمني…انا بتكلم على البت المتسهوكة دي..
– مالها مش فاهم؟ انا كنت هطلب حاجة تانية مع الاوردر
-هي مالها بتتسهوك عليك كده ليه؟
غمز لها وهو يقترب منها :
-طيب ما تتسهوكي زيها حد مانعك
ابتعدت قائلة بعصبية :
-نعم؟ بصفتك ايه يعني اتسهوك عليك
رفع حاجبه، قائلا بسخرية:
-يمكن عشان خطيبك مثلا؟
شهقت قائلة باندفاع:
– اهو انت جاوبت على نفسك يا استاذ … بذمتك مش مكسوف من نفسك وانت بتقولها ؟ خطيبي … يعني لا يجوز…لما بقى نتجوز وتكون جوزي وقتها ممكن !
أجابها بنبرة خافتة :
– ممكن ايه ؟ ده اجباري و لازم يحصل … انا شكلي هيتضحك عليا في الجوازة دي
– خلاص انت فيها
ابتسم لها قائلا:
– والله لو حصل ايه مش هسيبك … وانا الاقي قمر زيك فين بس؟
ليردف قائلا :
– أنتِ القمر بتاعي يا احلى بنوتة في الدنيا
ابتسمت له خديجة بسعادة :
– بحبك أصلاً
– وأنا بموت فيكِ..ونفسي بقى نتجوز
– أن شاء الله يا حبيبي
قال بنبرة جادة :
– بس معلش قبل الجواز تمضيلي شيك على بياض انك هتدلعي عليا بعد الجواز
– هااااني
– مش مطمن لأ
– متقلقش في دلع متشال لحبيبي بس اصبر أنت
– هصبر طبعا .. هو انا ليّ غيرك يا حياتي
احمر خدي خديجة بخجل ، ثم ظهرت الابتسامة على وجهها ، فالتفتت إلى الناحية الأخرى حتى لا يراها هاني … بينما لاحظ هو ابتسامتها ، فابتسم أيضًا
_________
صعد حمزة إلى مقدمة اليخت ليتحدث مع القبطان..ليتناقش معه في شيء ماء
وقفت آيتن باتجاه مقدمة اليخت السفلي ، متكئًة على الحافة لتشاهد البحر.. ثم أغمضت عينيها وداعب الهواء الرطب شعرها ولمس بشرتها .. لتتفاجأ به قادماً من خلفها متكئاً معها على حافة المقدمة .. فتحت عينيها بتكاسل.
ثم سألته وهي تحاول الاعتدال :
-هو الكابتن هيقف امتي
– 10 دقايق و يقف..الماية في المكان اللي هنروحه صافية وهادية
جذبت بلوزتها حول جسدها، سألها وهو يجذبها بقوة إلى دفئ جسده:
-بردانة؟
اختلط بوجهها الخجل وهي تقول:
-لا انا بس عاجبني المنظر..ممكن أفضل ابص للبحر طول الوقت..منظره جميل وساحر
همس بجانب اذنيها:
-مفيش حد جميل و ساحر غيرك أصلا يعني
حاولت أن تعلق أو تقول شيئاً ما ولكن شعرت وكأن لسانها انعقد، ليعلو فجأة صوت فتاة من طاقم المساعدة تنادي من فوق
تراجع حمزة ليلتفت لها..تخبره أن القبطان يريده
كم أنتِ مخادعة .. تدعي أنك تحبي الوحدة والعزلة
وأنتِ تبحثي عن جو يجعلك تعيشين بداخل الآخرين ويعيشون بداخلك حيث التعمق ..
أنتِ تريدي شخص يغوص بداخلك ويموت غارقا بك ..
أنتِ تعيشي في التناقض بكل أشكاله
وتبقين سؤال في ذهن كل من يقترب منك .. من أنتِ؟
لتظهري كأنك سؤال غامض لا إجابة له .. !!
____________
فاجأها به وهو يرتدي لباس السباحة جاهزًا للنزول إلى الماء .. مظهره الجذاب لفت انتباهها .. لم تجد فيه أي عيب .. شعره الأسود الكثيف المنتشر على جبهته .. عينان زيتونية لامعة ، وأنف حاد ، وشفتاه المتوسطة ، وأسنانه البيضاء المصفوقة ، ولون بشرته الفاتحة البيضاء ، وطوله وتناسق جسده من ممارسة الرياضة.
وجدت نفسها تراقبه دون أن تدرك ، لتكسر ذلك الصمت.. سرعان ما خلع قميصه الأبيض المفتوح وألقاه بجانبها على الكرسي .. ثم سحبها فجأة إلى حافة اليخت.
صاحت ايتن باعتراض:
-حمزة انا مش معايا هدوم تانية
– بس بتعرفي تعومي…قولتيلي قبل كده
قبلها من وجنتها، ثم قفزا بالمياه دون ان يسمع ردها، غطس بالمياه معا وسط ضحكاتهم
وقفت الفتاة الثانية من طاقم المساعدة لتلتقط لهم صور كما امرها حمزة
كان حمزة يغوص تحت المياه ثم يرفع ايتن على كتفيه بسرعة إلى الاعلي ثم يعود ويرميها الى المياه فتغوص ثم ترتفع بين ذراعيه من جديد..كانت تشعر بالخوف عندما يغوص تحت المياه، ثم تشعر بالارتياح عندما يطل من رأسه مرة أخرى
بعد مدة من الوقت..خرجا من المياه، لتجد فتاة من المساعدين تنظر إليه ببلاهة ولكنها تشعر بالغيرة وتريد أن تلقي بها أي شيء أمامها حتى لا تنظر إليه .. ولكن هل تستطيع فتاة مثل ايتن أن تفعل ذلك ؟! لقد تخلت تماما عن هذه الفكرة المجنونة..
لا بالتأكيد فهي أساسا لا تريد أن تظهر له مشاعر الغيرة تلك
دلف إلى الدور الثاني، تناول منشفة، جفف بها وجهه وشعره ثم اخذ منشفة اخرى لتجفف بها نفسها
ارتدي بنطاله مرة أخرى ثم نزل إلى اسفل اليخت مرة أخرى ليناولها المنشفة..لتنتبه للموسيقي الهادئة التي تعم أرجاء اليخت، فسألته دون تردد :
-تحب نرقص؟
رفع حاجبيه بينما ينظر لها بنظرة غامضة متأملة :
-وانتي مبلولة؟
زمت شفتيها بضيق :
– فيها ايه؟
همس بجانب اذنيها برقة:
– فيها انك زي القمر…
ارتسمت ضحكة جميلة علي شفتيها، بينما هو اعاد ارتداء قميصه ولكن تركه مفتوح لتستشيط غضبا فبالتأكيد ستنظر إليه إحدى الفتيات مرة أخرى .. تسترق نظراتها إليه..ثم تحركت نحو مسجل الموسيقي وغيرتها لأغنية “إحساس غريب” ل “محمد كمال” وقامت برفع الصوت
بدأ صوت الموسيقى يرتفع في بداية الأغنية ، فيما اقترب منها حمزة وبدأ يمرر أصابعه على خديها برقة ، ثم مد يده إليها ، وكانت عيناه مليئة بالسعادة والفرح ، بينما شعرت ايتن بمزيد من الانجذاب، تسببت نظراتهم لبعضهم البعض في حدوث شحنة انجذاب واضح بينهما ، حاولت أن تشيح ببصرها ولم تستطع ، كما لو أن الإغواء كله في زوجها وكأنها له أسيرة.
أخيرًا ، وضعت يدها في يده ، وابتسم بشغف وهو يسحبها إلى صدره بقوة ، ثم أحاط بخصرها بإحدى ذراعيه وبدأ يرقص معها.
“النهارده سيبلي نفسك..
واعمل اللي اقولك عليه..
لو سألتك ايه في نفسك..
قبل ما تقول هتلاقيه..”
وضعت يدها على كتفه وابتسمت له.. بدأ يتحرك معها .. رقصوا وداروا حول اليخت من مكان إلى آخر ثم عادوا مرة أخرى إلى مكانهم الأساسي .. ويدروا مع الموسيقى وصوت الأغنية.
“و اطمع ف ايه طول ما انت جانبي وبين ايديا..
احساس غريب انا قلبي شايفه جديد عليا..
مهما اوصفك..مش هنصفك..
هو اللي شوفته معاك شويه؟! ”
وضعت رأسها على صدره وأغمضت عينيها وهم يتمايلوا على إيقاع الأغنية
احتضنته بامتلاك ، حيث شعرت أن عضلات صدره تتقلص تحت وجهها وترتفع ، بينما هو تفاجأ بتشبثها به أكثر ولا تحاول خلق مسافة بينهم
“ملاقتش فيك..حاجه واحده انا مبحبهاش..دا مفيش كده..
الله عليك..طول عمري بحلم اني اعيش يوم زي ده.”
انتهت الأغنية..ثم قبلها برقة من وجنتها..
__________
بعد مرور ربع ساعة
غادر طاقم عمل اليخت في قارب آخر صغير بالقرب منهم
ايتن باستغراب :
-هما كلهم مشيوا ليه؟؟
حمزة بابتسامة :
-لأن المفروض ان احنا هنقضي كام يوم انا وايتن وبس..حابب اكون معاكي لوحدنا
وذهب ليدير المحرك إلى الجهة الأخرى، فجرت وراءه معترضة:
-طيب انت هتعرف تتعامل اليخت؟
-اه متقلقيش
_________
كانت تقف أمام محرك اليخت .. وكان حمزة يقف خلفها ، يلف إحدى يديه حول خصرها ويمسك بقبضة يده الأخرى على المحرك .. أصبحت الرياح أقوى و السماء فوقهم بلونها الازرق الصافي ، وماء البحر الصافي يتلاعب في قاع اليخت .. استدار حمزة بزاوية أخرى ، فصار الرياح وراءهم.
حمزة بجدية وهو يشير علي محرك اليخت:
-متلعبيش في حاجة..وخليكي حاطة ايدك هنا لحد ما ارجعلك..فهمتي؟
اومأت برأسها وهي تشعر بالسعادة..لم تتوقع أنها ستقود يخت يوما ما !!
اختطف قبلة سريعة من وجنتها؛ وانصرف لأسفل
كانت تمسك عجلة القيادة عندما عاد حمزة مرة أخرى بقبعة القبطان في يده وأحاط بخصرها ليحمل قبضته فوق عجلة القيادة وهو يضع القبعة على رأسها ، ويسألها:
-ايه رأيك؟
قالت ايتن بسعادة:
-مبسوطة اوي اوي
قهقه بغمزة :
-وهو ده اللي انا عايزه
شد علي يدها مبتسما ثم قال:
-شكلك حلو اوي.. وأنتِ قبطان
استدارت ثم قبلته من وجنته لاول مرة تفعلها قائلة :
-انت اللي مخليني جميلة دلوقتي
تفاجأ من فعلتها فلأول مرة تقبله هي دون عناد، ليهمس بحب:
– اتمنى تكوني راضية عني بس ومبسوطة
قهقهت ايتن بتذمر طفولي؛ فكان فرق الطول بينهم شاسع :
-فرق الطول إللى بينا هيدمرني
امسك بخصلات شعرها ليرجعها إلى الخلفة وهو يلف ذراعيه حولها بقوة قائلا بنبرة جادة:
– مش مهم طولك المهم انك وصلتي لقلبي
التفتت له بسرعة، تسأله بنبرة رقيقة:
-قولت ايه؟
رفع حاجبه قائلا بنبرة حادة:
-ركزي قدامك
بينما هي كانت في غاية السعادة فحمزة شبه اعترف لها بحبه..
نظرت إلى المياه وهي تتساءل ما الذي يمكنها ان تكون فعلته بحياتها كي يبتسم لها الحظ ويمنحها هذا الرجل
ليقطع شرودها صوت بداخلها :
-طيب وشذى هتعملي معاها ايه ؟؟؟ انا اه متجوزتوش عشانها بس .. لكن دي لو عرفت ان انا كدبت عليها وإن كان في أسباب تانية زي أن انا اهرب من مهاب… بس انا قولتلها أن انا هتجوزه وهي بنفسها اللي فضلت تزن عليا بكده وكانت موافقة
صراخ بداخلها بقوة..تجاهلته وهي تستند برأسها علي صدر حمزة لتشعر بقربه..تحاول ان تبتعد عن تلك الأفكار..هي لا تريد إفساد اللحظة
انتزعها صوته من شرودها، قائلا بجدية:
-هنزل اشوف حاجة تحت وراجعلك
نزل على الدرج بهدوء ، متناقضًا مع مشاعره المشتعلة الحارقة التي لم تكن قد سببت له أي متاعب من قبل ، وكأنها صارت فرسًا جامحاً أطلق عليه العنان بعد سجنه لسنوات عديدة.. لم يكن يهتم بتلك المشاعر.
حتى أنه أعتقد أن قلبه هذا لن يخفق لأحد مرة أخرى أبدًا .. ربما اعتقد أنه عندما يتزوج سيكون زواجًا تقليديًا فقط .. لكن “آيتن” احتلت روحه منذ فترة .. لقد سرقت قلبه تلك العنيدة ، بكل تفاصيلها برونقتها وجمالها وحتى عندما تتحول إلى شرسة وقوية .. حتى مشاجراتهما معًا ظلت تتسرب إلى حواسه وتتسلل إلى روحه حتى لا ترى عيناه شيئًا سواها وقلبه ينبض فقط من أجل اسمها.
__________
اتصل سيف على منة، فطلب منها ان ترسله الرقم عبر تطبيق “الماسنجر”..فرفضت..فقرر ان يتصل بها عبر الانترنت..ولكنها ظلت تنظر إلى هاتفها بمشاعر غريبة .. ها هو سيف الذي حاولت من قبل أن تلفت نظره..انه يتصل بها لاول مرة !
بل وطلب منها رقم هاتفها حتى يحادثها بأمر هام ولكنها احتراما لحمزة رفضت ..
اتصل مرة أخرى ..
ابتسمت عندما رأيت تلك الكلمة ” مكالمة واردة من…”
تلك الجملة التي طالما انتظرناها من أناس معينين دون غيرهم ، فمن مثلها لم ينتظر هذه المكالمة ؟!
على الرغم من أنها جملة عادية ، إلا أنها تحمل الكثير من النبضات السريعة المتتالية ، وانتظار العيون الشغوفة أن تأتي تلك الكلمات منها.
فقررت الرد عندما اتصل مرة ثالثة..قالت منة بحدة:
-نعم يا سيادة الرائد .. خير متصل ليه؟
رفع إحدى حاجبيه بتعجب:
-هو ايه ده؟ الناس تقول السلام عليكم..عامل ايه..اخبارك ايه؟مش كده
منة ببرود:
– السلام عليكم يا سيادة الرائد؟
سألها بنبرة ساخرة:
-لا أنا مستغربك بصراحة.. هو أنتِ منة فعلا ؟
ردت بسخرية :
-ايوة انا منة اومال خيالها بيكلمك..خير بقى متصل ليه؟
زفر بضيق:
-طلبت رقمك يعني لقيتك بترفضي
-عشان حمزة هيزعقلي لو عملت كده…مينفعش اكلم حد غريب عني
سألها بفضول :
– بتسمعي كلامه يعني ؟ وهو هيعرف منين ؟
قاطعته بحزم :
– أنا هقوله طبعا…مبقتش بخبي عنه حاجة
– ماشاء الله بجد برافو عليكِ
اومأت ببراءة :
– اه الحمد لله
قال سيف بجدية:
– بطلتي تيجي النادي ليه بقي؟
منة باستغراب :
-لا عادي يعني..هو انت متصل عشان تسألني عن النادي؟
سيف بنبرة هادئة :
-لا متصل عشانك..فاهمة؟؟
اتسعت حدقتيها بذهول:
– نعم ؟
أردف برسمية:
– تحبي نتغدا سوا بكرة؟؟
هزت رأسها بنفي، خوفا من رد فعل حمزة:
-لا لا طبعا مش هينفع..حمزة مش هيوافق
سيف بتبرير:
-انا مستأذن منه اصلا
ابتلعت ريقها بصعوبة، قائلة بذهول:
-ها؟؟ ازاي
قهقه سيف قائلا بحزم:
-لما اشوفك بكرة بقي.. و ااه صحيح هاتي عمر اخوكي معاكي..عشان للأسف حمزة شرط عليا ان عمر يجي معاكي وانا هجيب لؤي برضو..ده كان ناقص يقولي اجيب باقي العيلة كمان
منة باستغراب:
-هو في ايه فهمني؟
قاطعها ناهيا الحوار حتى لا يطول في المكالمة معها احتراماً لصديقه:
-بكرة هتعرفي..وانا هبعتلك تفاصيل المكان اللي اشوفك فيه في رسالة..متتأخريش ها ..
لم ترد عليه من الصدمة … فقال بصوت عالٍ:
-قولتي ايه ؟
– تمام..
ثم أغلقت الهاتف فورا..وظلت تفكر ماذا سيحدث غدا
صاحت منة باندفاع محدثة نفسها :
– متأخرش ده ايه يا باشا مصر .. ده انا هروح ابات هناك قبلك
ابتلعت ريقها قائلة وهي تضيف بتذكر :
– لا لا يا منوش اعقلي كده..التقل برضو جاب نتيجة اهو … بس يا ترى عايزني في ايه ؟
______
كانت تتوقع أنه جلب لها ملابس..بدلا من ملابسها المبللة..فقرر ان يعطيها قميصه ترتديه مؤقتا إلى ان تجف ملابسها
زفرت بنبرة ساخرة:
-اومال ايه بقى احلامك اوامر يا ايتن..واللي تطلبيه هتلاقيه..وحسستني ان انت معاك مصباح علاء الدين وكل ما اقولك على حاجة نفسي فيها الاقيها في اليخت
كانت عيناه تفحصانها من رأسها إلى أخمص قدميها ، خاصة ساقيها العاريتين النحيفتين ، وكانت ترتدي قميصه.. همس ببراءة مصطنعة:
-وانا ايه عرفني يعني انك هتنزلي الماية..وبعدين مش فاهم ماله القميص بتاعي..ده حلو جدا
ايتن بتذمر :
-ده كبير اوي عليا..وقصير
قلل المسافة بينهم وهو يقترب ببطء يمسك بيديها يقربها إليه واقترب ليلامس جبينها:
-لو عايزة تفضلي من غير هدوم هنا معنديش مشكلة
شدت جبهتها بعيدًا عنه بتوتر ، لكنها لم ترفع يديه عن ذراعيها ، وتهامست بتلعثم وصوت متقطع ، بينما تجاوزت دقات قلبها الحد الطبيعي قائلة بحدة:
-اتلم
ابتسم وعيناه تنظر إليها بعبث قليلا ، وهمس بنبرة ماكرة:
– تعرفي حتى وانتي لابسة القميص بتاعي حلوة برضو
شهقت باحراج و زمجرت بإضطراب قائلة:
-عينك زايغة
جذبها إليه، انزلقت يده حول خصرها ورفع ذقنها بيده الأخرى ، ناظراً مباشرةً في عينيها الخضراء كالعشب .. لم تعد تستطيع تحمل نظراته ولا كلماته بعد الآن .. قال بتبرير :
-وهي يعني زايغة على حد غريب؟؟ دى على مراتي حلالي
لتهمس منزعجًة من حرارة خديها:
-حمزة!!!
اقترب منها ، وشعرت بالانزعاج من نظراته التي لم تطمئنها ..ليزيد من اقترابه مما أجبرها على الالتصاق به ، وجعلها أقرب إليه أكثر من اللازم.. ثم انحنى لتقبيل جبهتها ببطء، وهو يريد أن يصل إلى شيء آخر .. بالتحديد إلى شفتيها ! لتغمض عينيها بخجل فطري .. بينما كانت أنامله تغوص بين خصلات شعرها المرتفع لأعلى.
نزل بشفتيه على شفتيها يقبلها .. قبلة تذوق فيها طعم شفتيها ..! قبلة لطيفة تحولت سرعان بسحقه لشفتيها.. وهي تتكئ عليه فرفعها بيد قوية حتى تساوى طوله .. وكانت يده الأخرى تعبث بشعرها، الذي كان مرفوع على شكل كعكة .. ليفك شعرها وتركه يسقط بنعومة على ظهرها ..
شهقت وهي تحاول ابعاده عندما استوعبت ما يفعلانه:
-حمزة.. انت اتفقت معايا على ايه؟
قبلها مرة أخرى وكأنه لا يسمعها، قائلا باعتراض ولهفة:
-سيبك من الاتفاقات دلوقتي واسكتي شوية..ولا اقولك انا هسكتك خالص
أمسك بخصرها بإحكام ، رافضًا تمامًا تركها تنزل على ارضية اليخت ، وبصره ثابتًا على شفتيها …
فاقترب من السرير ووضعها عليه برفق ..
خفضت بصرها بخجل.. كيف يمكنها المقاومة وهي تريده .. لكنها كانت خجولة للغاية .. ولم تستطع النظر إليه .. فقرر أن يتركها مرة أخرى .. لكنه فوجئ بلف يديها حول ظهره. .. وهي تدفن وجهها في صدره.
شدها في حضن قوي تبادله إياه تماماً، وكأنها تقول له إنها تريد البقاء .. لأنه أصبح ملاذها ، وموطنها ، وقوتها.
ليعود مقبلاً شفتيها بقبلات ناعمة دافئة ومثيرة .. و كأن شفتيها كبيرة من الكبائر تستحق عليها ثمانين جلدة بشفتيه..بينما يده كانت تتحرك وتحاول إزاحة القميص خاصته.
____________
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما فتح عينيه .. وسرعان ما أدار وجهه إليها ليجدها نائمة بعمق في حضنه.. ابتسم عندما تذكر ما حدث بينهم … فاخيراً أصبحت ملكه بدون خوف بدون حواجز .. أحاط خدها بكفه .. ثم اختطف قبلة سريعة من شفتيها
ابتسمت قائلة بنعاس:
-صباح الخير
همس حمزة بابتسامة :
-صباح الفل يا حبيبتي
فتحت عينيها لترى نفسها بين طيات الأغطية الحريرية البيضاء، نائمة على صدر زوجها العاري، ويداه تحيط بجسدها بتملك … رفعت عينيها ببطء لتتأمل وجهه الناعم بلحية مثيرة جعلته أكثر جاذبية.
التقت أعينهم حتى ضاع في عينيها الخضراء ، ليهمس فجأة بنبرة صادقة للغاية :
– أنا بحبك..
ترددت الجملة في أذنيها، لتشعر وكأنها وصلت إلى نهاية العلاقة بينهم … فكان اتفاق شذى معها ما أن يعترف بحبه لها حتى تصارحه بالحقيقة !!
فهل ستستطيع أن تخبره ؟
ان تتخلى عنه بعد كل ما فعله لأجلها…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قانون آيتن)
جميل
رائع
خيال
روعه
مهتم