رواية انسجام الفصل الرابع 4 بقلم منة الله أيمن
رواية انسجام الجزء الرابع
رواية انسجام البارت الرابع
رواية انسجام الحلقة الرابعة
°إنسجام°
“هما اللي بيمـ ـوتوا بيروحوا فين؟”
“بيروحوا في السما، عند ربنا”
“هما اللي بيموتوا بس بيطلعوا للسما؟؟”
“قريت في جرنال؛ إن رائد الفضاء بيطلع السما، وبيوصل للقمر كمان”
“انا لما اكبر هبقى رائد فضاء؛ واطلع السما واجيب بابا وماما من عند ربنا؛ ونعيش كلنا في بيت واحد”
“ماشي يا رائد الفضاء، وانا هستناك تعمل كدا”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الواقع
نظر منسجم لياسر وقال بشك
“فوتوشوب دا ها؟”
اقترب منه وتكلم ياسر بتفهم وهدوء
“بص، اعرف دكتور نفسي كويس، هيساعدك كتير”
وضع ياسر يده على كتف منسجم، بينما منسجم لا يستوعب ما يحدث، نظر للاعلى فجأة فتراجع ياسر للخلف، كان سيتكلم لولا ان التفت منسجم للخلف بسرعة فلتفت ياسر معه
“في اي خايلتني”
همس
“انا بشوف ارواح”
صعد ياسر على دراجة منسجم
“انت بس مرهق من الشغل يلا نمشي”
نظر منسجم الي الكنيسة خلفه
“انا مش همشي غير لما احل القضية دي”
“وهتحلها ازاي يا باشا؟ هتكلم العفاريت تحلهالك؟”
اقترب من ياسر كثيرًا وهمس امام عينيه
“مش فاكر التمثال اللي ف الكنيسة شفناه فين؟؟”
تراجع ياسر للخلف
“انت كلت اي النهاردة؟”
نظر منسجم له دون ان يرف جفنه
“لسه مفطرتش”
فتح ياسر هاتفه وهو يقلب في ملفات الصور
“المغرب على اذان، وانت لسه مفطرتش؟”
نظر منسجم لهاتف ياسر وقرأ عناوين الملفات
“انت معاك كل صور القضايا على تلفونك؟؟”
اجابه
“مش بمسك غيره اصلا فبحمل الصور عشان اكون جاهز في اي وقت وفاهم كل القضايا”
فتح ملف مدون عليه “جـ ـرائم السـ ـفاح”
فنفتح الملف وداخله عدة ملفات مدون عليها ارقام، فتح رقم اربعة فصاح منسجم بصدمة
“دا القضايا كلها في تلفونك؟ انت مش بتسيبه ابدا؟؟”
“لا طبعًا، لما بنام بسيبه”
اخذ من يده الهاتف وهو يقلب في الصور بذهول
“دا كأنه قاعدة بيانات للشغل،لو ضاع هتروح في داهية حرفيًا”
اردف ياسر ببغض
“فال الله ولا فالك”
قلب في الملف جيدًا، كانت الصور لقضـ ـية يوستينا يوسف، صور للمنزل وصور لها وهي ميـ ـتة، واخيرا صور لغرفتها
فتح احد الصور وهو يدقق النظر فيها، كبرها على احد الارفف
“بص مش دا شبه التمثال اللي شفناه في الكنسية”
“اه شبهه، بس دا مش دليل..”
قاطعه
“بُص على البرواز دا، توقيع بحرفين (U)، بطريقة مميزة، نفس اللي شفته منحوت في التمثال”
“يعني يوستينا اللي نحتت التمثال، وبعدين”
“لما ضربت اتمثال سمعت صوت عالى؛ دليل إن التمثال مجوف من جوا”
شُد انتباه ياسر
“بمعنى؟”
“يوستينا كانت عارفة حاجة مهمة جدًا، واكيد كانت محتاجة دليل عليها فاا…”
اكمل ياسر مُستنتجًا
“نحتت التمثال، وحطت فيه كاميرا مثلًا، وقدمته هدية للكنيسة”
ابتسم منسجم
“دا مجرد احتمال، بس عارف ايه اللي يقوي الاحتمال دا؟ ”
اجابه ياسر بتفكير
“إن القسيس انكر إنه يعرف يوستينا، وإن شخص يقدم هدية زي دي؛ مستحيل حد ينساه بسهولة، دا ويدل انه”
اكمل منسجم وظهر شئ من الغضب في صوته
“يعرف حاجة عن يوستينا وانكر دا، ليه عمل كدا؟ لسه هنعرف”
رفع صوت الاذان حولهما، نزل ياسر من على دراجة منسجم
“نصلي الاول”
ثم أكمل بسخرية
“ونشوفلك أكل عشان تكسر صيامك”
بعد ربع ساعة
كان ياسر يجلس على الرصيف وبيده عود يرسم به على الارض، ومنسجم يجلس خِلف خلاف على دراجته، وامامه بعض الساندويشات
قال وفمه ممتلئ
“على فكرة احنا نسينا راضي البطل”
لم ينظر له ياسر
“ايه اللي يخلي واحد مُدمن زي دا يجي كنيسة؟”
اكمل ياسر
“طبعا مش هنرجع الكنيسة تاني عشان الشك، هنروح لبيت البنت الشبح اللي شفتها ”
انهى منسجم طعامه بسرعة، والقى الاكياس في سلة القمامة، كان يمضغ الطعام بسرعة فقال
“هنعرف بيتها ازاي؟”
سعل بعد جملته بقوة بسبب وجود الطعام في فمه، وقف ياسر ريبت على كتفه
” هات مية وسيبي الباقي عليا ”
هندم ملابسه وترك منسجم يقف مكانه وغادر
اخذ منسجم شهيق عميق ثم زفره بقوة
تحرك الى اقرب محل بقالة، اشترى زجاجتين ماء، وكوبين شاي، عاد بجانب دراجته فجلس على الارض بجانبها ووضع الكوبين عليها، ربت على مقعدها
“معلش يا كاري مبهدلينك معانا”
امسك نفس العود الذي كان يمسكه ياسر، بدا يحركه على الارض بضجر، ويكرر ما استنتجه من القضية بصوتًا يكبت في داخله بعض الغضب
“راضي البطل، اكبر دليل على إن الموضوع موصل للمخـ ـدرات، ممكن تكون الكنيسة كـ غطاء على التجارة دي، بس يوستينا عرفت ازاي، والاطفال اللي مـ ـاتوا في الحـ ـريقة ليهم دخل ولا مجرد حـ ـادث بس؟ مجرد حـ ـادثة؟ ”
ضغط على العود بقوة فنكسر في يده
“لو طلع ليهم دخل في الموضوع ومش مجرد حـ ـادثة عابرة، انا مش هرحم حد”
لم يغب ياسر كثيرًا، عاد الى منسجم
“يلا جبت عنوانها”
مد منسجم له كوب الشاي
“طب خد اشرب”
صمتا يفكران قليلا فقطع الصمت رنين اشعار هاتف ياسر، ارتشف القليل من الشاي، وفتحه فكانت رسالة صوتية من مخطوبته، ظن انه يضع المساعات في اذنه، فشغل الرسالة
على صوت مخطوبته تقول
“يويو..”
اغلقها بسرعة فنظر له منسجم وهو يكتم ضحكاته
“يويو؟”
وضع الهاتف في جيبه
“يلا يا خفة هنتحرك”
سار ياسر ومنسجم يسير خلفه يحاول كتم ضحكاته وهو يقول مكررًا
“يويو؟ يويو؟”
وصلا لمنزل الفتاة الشبح كما اطلق عليها ياسر، طرق منسجم الباب ففتح رجل عجوز يظهر على قسمات وجهه مرور الايام ثقال عليه
القى السلام
“مساء الخير، مع حضرتك الضابط منسجم الهلالي ويويـ.. أ. أ قصدي ياسر شلبي من فريق مكافحة الجـ ـرائم، ممكن نتلكم مع حضرتك شوية؟ بخصوص الحـ ـريقة اللي حصلت في الكنيسة من شهرين”
نقل نظره بينهما ثم الى بطاقة التعريف
“طبعًا يابني اتفضلوا”
دخل الرجل امامهم، فضـ ـرب ياسر منسجم في كتفه
“ابقى امسك لسانك كويس”
دخلا المنزل خلف الرجل الذي قادهما الى الصالون واجلسهما به، نظرا حولهم بدقة وهدوء، بدأ منسجم الكلام
“كنا في الكنيسة اللى على اول الشارع، وشفنا صور الاطفال اللى راحوا شهدا في الحـ ـريق وكنا عاوزين نعرف تفاصيل اليوم دا اكتر”
“انا يابني يومها مكنتش موجود بس مرت ابني كانت هناك حتى…”
ارتجف صوته ببحة حزن
“حتى حفيدتي راحت في الحـ ـريقة”
هز رأسه متفهمًا
“ممكن تناديها نتكلم معاها شوية؟”
“اكيد”
خرج العجوز من الغرفة، فقال ياسر
“بص الصورة دي، في الكنيسة، ركز على الارض”
ركز منسجم على ارض الصورة فلم يلاحظ شئ
“مش فاهم مالها؟”
“شمس داخل من ناحية واحدة بس، وضل البنت على الارض فستانها عامل كانه في عصفورة”
ركز اكثر على ما قاله فستطاع ان يرى الظل على الارض كأنه رأس عصفور يخرج من فستان الفتاة
دخلت السيدة والقت السلام عليهما
“مساء الخير، حمايا قلي انكم عاوزين تتكلموا معايا”
جلست امامهم، فتقلا منسجم وهو يلاحظ توترها او ربما خوف
” احنا عارفين سؤالنا صعب شوية بس بنترجاكي تحاولي تساعدينا، ممكن تحكيلنا اللي حصل في يوم الحـ ـريقة بتاعة الكنيسة؟ ”
اخذت شهيق عميق ونظرت الى الصورة التي كانا ينظران لها
“اسوء يوم في حياتي، كل ما اقول يارتني ما روحت، برجع اقول ان دا ابتلاء ربنا اختارني ليه، ولازم اصبر، كنا في يوم عيد ورايحين انا وبنتي الكنيسة نصلي، البابا قلنا اننا نقعد الاطفال من قدام عشان الرب يشوفهم اقرب، يشوف شباب المستقبل المحب للكنيسة، كل اللى جاب ابنه او بنته قعده من قدام، وبدأنا الصلاة، معداش دقايق وسمعنا صوت صـ ـراخ ورجالة كتيرة دخلت القداس تقول حـ ـريقة قامت في الكنيسة ولازم نطلع، سحبونا من ايدينا واحنا عاوزين نطلع عيالنا، صـ ـرخنا فيهم احنا نمـ ـوت بس عيالنا تطلعوا”
اجشهت بالبكاء واكملت
“كانت الكنيسة غـ ـرقانه في الدخـ ـان حتى مكناش قادرين نشوف الباب من برا، كل همي كان بنتي اللى صحيت بدري وقالتي انها عاوزة تصلي بالفستان الجديد، بنتي اللي مقدرتش اطلعها من وسط النـ ـار، ساعات لحد ما المطافي والاسعاف جم، وقتها مكنتش قادرة اقف على رجلي واغمى عليا وانا بنادي على بنتي، صحوني بعد ما طفوا الحـ ـريقة وبيطلعوا الاطفال في كياس الجـ ـثث حتى مشفناش عيالنا، قالوا انهم اتحـ ـرقوا لدرجة مش هنستحمل نشوفهم، مشفتش بنتي محضنتهاش، دفـ ـنوها من غير ما ابص لاخر مرة في وشها”
انهارت بعد ان انهت حديثها، اقترب العجوز منها يهدئها
اعتذر منسجم
“احنا اسفين لاننا فكرانكي باليوم دا، بس دا بالنسبالنا مهم جدًا وممكن يكشف كتير لينا”
وقفا للمغادرة فقال منسجم
“هي الصورة دي كانت في نفس اليوم؟”
اجاب العجوز
“ايوا قبل الحـ ـريقة بنص ساعة”
اخرج هاتفه
“ممكن اصورها؟”
اماء له برأسه بمعنى نعم، التقت الصورة ثم استأذنا وغادرا، وقفا امام المنزل يفكران، فقال منسجم
“حـ ـريقة في كنيسة اكيد الدنيا اتقلبت وقتها صح”
حرك ياسر راسه
“صح”
“يبقى الاطفال اكيد اتعرضوا على الطب الشـ ـرعي عشان يحدد سبب الوفـ ـاة”
اخرج ياسر هاتفه وهو يطلب رقم مخطوبته
“يبقى محتاجين دكتور الطب الشـ ـرعي ”
نظر لمنسجم وغمز
“ودي من فوايد انك تخطب من مجال شغلك”
شغل مكبر الصوت ليسمع رنين الطرف الاخر
قبل ان ينتهي الاتصال علا صوت مخطوبة ياسر
“ايوا يا يويو”
كتم منسجم ضحكته
“يويو؟”
صاح ياسر بغضب طفيف
“مش قلتلك مش بحب الاسم دا؟”
“ليه يا يويو دا كيوت اوي وحلو على اللسان يويو”
رقق منسجم صوته
“يويو؟”
حمحم ياسر وتكلم بصوت حاد قليلا
“سيبك من يويو دلوقتي متصل عشان اسئلك على حاجة مهمة”
اردفت لاستفزازه
“اسأل يا يويو”
نفخ بضيق
“كان في حـ ـريقة من شهرين وكان فيها ضحـ ـايا اطفال، حـ ـريقة في كنيسة في البساتين”
“ايوا ايوا فكراها، بالنسبالي كانت اغرب حالة تتعرض عليا، فضلت ابكي اسبوعين عليهم، 6 اطفال ميـ ـتين، اطفال زي الملايكة”
سال منسجم
“الغريب انهم 6 يعني؟”
وضعت في فمها بعض الطعام
“لا الغريب انهم جاين في حـ ـريق ومفيش في جسمهم اثر كبريته حتى”
نظرا منسجم وياسر الى بعضهما البعض وتذكرا شهادة والدة الفتاة الشبح
سال ياسر
“ازاي دا ام البنت قال ان الناس رفضوا يوروها بنتها عشان اتحـ ـرقت خالص”
اخذت نفس عميق
“محصلش كلهم كويسين خالص، سبب الوفـ ـاة كان اختناق بالدخان و….”
صمتت تفكر قليلًا
“ايوا صح بنت منهم كانت قافلة ايدها بقوة، خدت وقت لحد ما خليتها تفتحها ولقيتها ماسكه بودرة بيضه، على فكرة البنت كانت عايشة ومـ ـاتت في الطريق، بس البوردة دي معرفش كانت اي، لانهم خدوا مني الحالات ومقدرتش اكمل تشـ ـريح”
ودع ياسر مخطوبته واغلق الخط
قال منسجم بإنفعال
“كله كان مدبر مفيش حاجة صدفة”
اخرج سـ ـلاحة من خصره
“هقتـ ـلهم كلهم”
امسك ياسر يده
“اهدى محتاجين دليل”
وضع منسجم السـ ـلاح في خصره واخرج هاتفه، فتح معرض الصور واخرج اخر صورة التقتها والتي كانت للفتاة يوم الحـ ـريق، قلب الهاتف في يده ينظر للصورة من جميع الاتجاهات، وقف فجأة ودقق فيها
“دا مش فستان البنت، ولا دي راس عصفورة، دا ظل التمثال اللي في الكنيسة”
نظر ياسر في الهاتف
“اللي نحتته يوستينا، دا ممكن يكون دليل”
ابتسم منسجم
“لو كانت استنتاجنا صح يبقى التمثال صور يوم الحـ ـريقة كله، اكبر دليل هيكون في ادينا”
ابتسما وهما ينظران لبعضهما البعض، سيغلقون القضـ ـية اليوم حتمًا
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انسجام)