رواية وجوه الحب الفصل السابع عشر 17 بقلم نور بشير
رواية وجوه الحب الجزء السابع عشر
رواية وجوه الحب البارت السابع عشر
رواية وجوه الحب الحلقة السابعة عشر
( ١٧ ) – لـذة الانتصار –
” سـلـيـم ” بلؤم.
– تليفوني مش لاقيه يا مدام شـهـيـرة..؟!
” شـهـيـرة ” بقلق.
– طب ما تطلب رقمك من تليفوني يمكن يكون وقع منك هنا ولا هنا من غير ما تاخد بالك..
” سـلـيـم ” بتصنع الحرج.
– طب ممكن تليفون حضرتك..
” شـهـيـرة ” بترحاب.
– آه طبعًا أتفضل يا حبيبي..! فمد ” سـلـيـم ” يديه إليها ساحبًا لهاتفها من بين يديها ومن ثم هم بكتابة رقمه على شاشة حاسوبها الخاص؛ لكنه سعل بشدة ومن ثم نطق بنبرة مشوشة يغلب عليها سُعاله.
– احححمم ممكن مايه لو سمحتي ااححححمم..
” شـهـيـرة ” وهي تركض بإتجاه غرفة الطهي بتلهف.
– عيوني حاضر..
وبالفعل أخرج ” سـلـيـم ” هاتفه من جارب سترته ثم قام بإدخال عدة أرقام عبر هاتفها وقام بعدها بتسجيل الكود الذي ظهر له على هاتف ليتم ربط وإقتران جهازها بجهازه حتى يتمكن من التأكد من صحة شكوكه وهو يراقب المكان من حوله حتى لا يكتشفه أحد. وبمجرد ما أن أنهىٰ عمله وأخيرًا حتى وجد ” شـهـيـرة ” تركض بإتجاهه حاملة لكوب الماء بين يديها معطيه إياه له وإبتسامتها المُحبة تُزين ثغرها. فأخذ منها الكوب ومن ثم هتف بنبرة ممتنه.
– شكرًا يا مـدام شـهـيـرة تعبتك معايا..
” شـهـيـرة ” بصدق.
– بألف هنا..
وتابعت بعد ذلك بتساؤل.
– هاااا لقيت موبايلك يا حبيبي..
” سـلـيـم ” وهو يرفع هاتفه بيديه أمام وجهها.
– آاااه الحمدللّٰه لقيته كان واقع مني تحت الكرسي..
شكرًا لحضرتك..! فأبتسمت له ” شـهـيـرة ” وجاء بلحظتها ” مُـراد ” بصحبه ” مـريـم ” بعد أن تطمئنوا على وضع ” عـابـد ” وأنه يغط في نومًا عميقًا فاستطرد ” مُـراد ” وهو يقترب منهم موجهًا حديثه إلى” سـلـيـم ” ببشاشة.
– إيه واقف كده ليه ما تقعد..؟!
” سـلـيـم ” بنبرة بها شئ من لذة الإنتصار.
– لا كفاية كده يا مُـراد بيه أنا يا دوب هروح أنام عشان عندي شغل الصبح بدري..
” مُـراد ” وهو يعزم عليه بصدق.
– ما تقعد شوية كمان لسه بدري..؟!
” سـلـيـم ” على نفس نبرته السابقة.
– بدري إيه يا مُـراد بيه دي الساعة داخلة على ١١ يعني بقالي أزيد من ساعتين هنا ويادوب ألحق أروح عشان الشغل الصبح..
” شـهـيـرة ” ببشاشة.
– خلاص يا مُـراد المرة دي مش محسوبة..
ثم تابعت وهي توجه حديثها إلى ” سـلـيـم ” بتودَّد.
– أعمل حاسبك المرة الجاية يا سـلـيـم هتتغدا معانا وتقضي معانا اليوم كله..
” سـلـيـم ” بإبتسامة قد أرغم حالة عليها بصعوبة.
– أكيد أن شاء اللّٰه..
فقام ” مُـراد ” بتوصيله برفقه ” مـريـم ” و ” شـهـيـرة ” إلى حيث باب سيارته. فصعد ” سـلـيـم ” سيارته بعدما لوح للجميع في هدوء ورحل أمام ناظريهم وبرحيله عادوا إلى منزلهم كل منهم إلى غرفته وفراشه. وبمجرد ما أن خرج خارج بوابة القصر حتى بدء في قيادة سيارته بسرعة شاعرًا بالنشوة ولذة الإنتصار ترافقه ويسيطران عليه. فتذكر كيف قام بجعل هاتفها مقترنًا بهاتفه وكيف فعل ذلك. متذكرًا أيضًا لحديثه الخاص الذي دار بينه وبين صديق طفولته ” سـلـيـمـان ” بداخل غرفة المكتب الخاصة بها بمطعمه.
• عودة إلى الماضي – Flash Back.
كان يجلس متأرجحًا أعلى مقعده الجلدي الوثير خلف مكتبه وصديق طفولته ” سـلـيـمـان ” يجلس في مواجهته يضحكان أثنانهم كما لو لم يضحكون من قبل إلى أن هتف ” سـلـيـمـان ” من بين ضحكاته.
– زمانهم دلوقتي هيتجنوا عايزين يعرفوا إزاي الشحنة بعد ما أتوردت في مخازنهم النار مسكت فيها..
” سـلـيـم ” بنشوة ونبرة مستحلفه وهو يشبك يديه ببعضهم البعض أمامه.
– كل اللي فات ده كوم يا سـلـيـمـان واللي جاي ده كوم تاني..
كل اللي فات ده كان شغلك أنت إنما اللي جاي ده شغلي أنا..
” سـلـيـمـان ” وهو يضيق عيناه مستفسرًا عما يدور بخلد صديقه.
– أنت ناوي تعمل إيه تاني يا سـليـم..؟!
خد بالك الراجل استوىٰ عالآخر والضرب في الميت حرام..! قالها بتحذير له ومن ثم تابع محاولًا التحكم بما يدور بداخله.
– سـلـيـم ده مهما كان أبوك..
أنت عايز تقنعني أنك متأثرتش لما شوفته النهارده لأول مرة قدام عيونك..؟!
عايز تقنعني أنك محستش لما شوفته أن في رباط قوي بيربطك بيه..؟!
” سـلـيـم ” بفحيح أفعىٰ وهو ينظر إليه بثقوب.
– نـوح دايمًا يقول اللي يصعب عليك يفقرك..
وأضاف بجحود وهو يتابع على نفس نبرته.
– الرباط اللي رابطني بيه هو نفسه محسش بيه من سبعة وعشرين سنة لما كنت حتة لحمة جوه أمي..
الرباط ده بقاله سنين بيخنقني وبيسحب روحي مني يا سـلـيـمـان ويوم ما قلبي ينسىٰ كل ده أنا هحطه تحت رجلي وأفعسه لو فكر يعصاني..! قالها وهو يفعص يديه ويضمها إليه بقوة وعنف كبيران فاستطرد ” سـلـيـمـان ” بحزن وهو يستشعر جيدًا مقدار ألم صديقه.
– طب إيه هي الخطوة اللي ناوي عليها دلوقتي..؟!
” سـلـيـم ” بغل واضح بعيناه.
– كل اللي هعمله دلوقتي أني هتفرج عليهم كلهم وأنا حاطط رجل على رجل وشايفهم بيستوا على نار هادية..
” سـلـيـمـان ” بنبرة مستفسره.
– أنت في حاجة معينة في دماغك..؟!
” سـلـيـم ” بحماس وهو يقترب برأسه منه ناطقًا بهمس.
– فاكر جهاز ربط المكالمات والرسايل اللي طلبته منك وإحنا في إيطاليا وبعتهولي وقولتلي أني بمجرد ما أدخل رقم الموبايل اللي عايز أعمله ربط على جهازي بيوصل كود عالجهاز التاني وبسجله على جهازي على طول وبيحصل من بعدها الربط بين الجهازين..
” سـلـيـمـان ” دون فهم لما يُفكر به الآخر.
– ايوع فاكر بس هتعمل بيه إيه ده..؟!
” سـلـيـم ” بنبرة ذات مغزىٰ وهو يرجع بظهره إلى الوراء مستندًا به على المقعد من خلفه متأرجحًا به في نشوة.
– هعمل ربط لجهاز شـهـيـرة ووقتها هقدر أعرف بتكلم مين وإيه اللي بيدور في دماغها بالظبط..
” سـلـيـمـان ” بعدما نالت الفكرة إستحسان من جانبه.
– أنت تقصد بكلامك ده أنك بتشك في شـهـيـرة دي وأنها طرف الخيط اللي هيوصلنا للحقيقة..
” سـلـيـم ” على نفس وضعيته وإبتسامته العريضة تكسوُ محياه.
– شـهـيـرة دي هي قُص المصايب كلها وهي طرف الخيط اللي هيكملي الحلقة المفقودة من سنين..
” سـلـيـمـان ” بصدمة.
– طب إزاي ده..؟!
أنا دماغي لفت يا سـلـيـم..
ثم أضاف وهو يحاول أن يُفكر معه بصوتًا عال.
– لأ لأاااا يا سـلـيـم إستحالة يا جدع..
لو شـهـيـرة دي السبب كان زمانها أتكشفت من زمان ومكانش أبوك أتجوزها ما أهو أصل اللي بيغلط لازم يعمل حاجة غصب عنه تكشفه ومن كلامك عنها والمعلومات اللي أنا وصلتلها عرفت أنها ست خيرة جدًا وعلاقتها كويسة باللي حواليها وخصوصًا عيلتها..
” سـلـيـم ” بنبرة ذات مغزىٰ.
– على فكرة سهل جدًا أنها تعمل الخير ده كله وتبقا علاقتها كويسة مع الكل وسهل جدًا كمان تكسب ثقتهم والدليل على كده أنهم كلهم دلوقتي بدءوا يثقوا فيا من غير ما يعرفوني حتى..
شـهـيـرة سهل عليها جدًا تلبس توب الفضيلة والشرف وهي في الحقيقة عكس ده زيّ ما أنا لابس توب الأخلاق والجدعنة والشهامة وأنا وأنت عارفين أن ده فخ كبير بنصبوا ليهم زمان..
فأضاف وهو يرتشف من فنجان قهوته بتروي.
– أنت بس اللي طيب يا سـلـيـمـان ومفكر الناس ملايكة وهما أبليس..
أنا مش عارف إزاي عندك شركة حراسة وفاهم أوي الناس ممكن تعمل إيه ومصدوم من مجرد شكوك أنا بقولهالك..
ثم أكمل وهو يضع فنجان القهوة بداخل الصحن أعلى سطح المكتب في موضعه برقيّ.
– المهم قولي جبت الورد والهدايا اللي طلبتها منك..
” سـلـيـمـان ” وهو يُمي برأسه في إيجاب بعدما أرتشف من فنجان القهوة خاصته.
– كله تمام والحاجة كلها في شنطة العربية بره..
” سـلـيـم ” بتلذذ.
– كده فل أوي وأقدر كمان أقولك أن النهارده شـهـيـرة والعيلة كلها هتبقا في جيبي..
” سـلـيـمـان ” بهدوء وهو لايزال يُفكر في الأمر.
– طب هنعمل الربط إزاي ما أنت كده هتحتاج تليفونها عشان الكود اللي هيوصلها..
” سـلـيـم ” وهو يعاود إرتشاف قهوته من جديد بتلذذ شديد.
– متقلقش كل ده عليا أنا وأنا عارف هعمل إيه كويس ومش هطلع من عندهم غير وأنا منفذ المهمة اللي داخل عشانها بالملي..
” سـلـيـمـان ” وهو يمسح بيديه لحيته بتفكير.
– لو شكوكك دي صدقت يا سـلـيـم يبقا أنت النهارده هدق أول مسمار في نعش اللي إسمها شـهـيـرة دي..
” سـلـيـم ” وهو ينظر إلى اللاشئ بثقوب نظرات باسمه والإبتسامة تُزين ثغره بإنتصار.
– قول يااااااب أنت بس وبكرا هتشوفهم من بعيد وهما كلهم بيطقشوا في بعض زيّ البيض وهتقول سـلـيـم قااااال..
” سـلـيـمـان ” بقلق واضح.
– أنا خايف عليك يا صاحبي وخايف غرورك يركبك وفي الآخر تقع تتكسر..
” سـلـيـم ” بثقة محاولًا تطمين صديق طفولته ورفيق دربه.
– متقلقش يا سـلـيـمـان ما يقع إلا الشاطر..
وأنا طول عمري شاطر حتى لما بقع بكون عكاز نفسي وبقوم أقوىٰ من الأول..
الشاطر بجد هو اللي ضربة تقويه مش تضعفه وأنا شاطر وقوي وده مش غرور مني دي ثقة ومفيش نار من غير دخان..
ثم أضاف بمرارة واضحة.
– صـولا ربتني يا سـلـيـمـان وأنا واثق في تربيتها ليا أكتر من ثقتي في نفسي..
” سـلـيـمـان ” بقلق واضح.
– مفيش نار من غير دخان بس النار دي ممكن تكويك من غير ما تحس..
مش عايزك تنسىٰ أن طباخ السم بيدوقه في الأول..
سامح زيّ ما صـولا قالتلك يا سـلـيـم عشان تعرف تعيش..
” سـلـيـم ” بثقوب وهو ينظر إلى اللاشئ بوجوم.
– لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين..
وأنا بقالي سنين عايش زيّ المسموم وده وقت علاجي يا سـلـيـمـان..
الإنسان مننا ممكن يسامح في أي حاجة إلا في كرامته لازم يتجاحد لو شاف حد فكر بس مجرد تفكير أنه يهزها..
محدش فوق الكرامة لا قريب ولا غريب وصـولا بنفسها علمتني يعني إيه عزة النفس والحياة علمتني إن الهيبة لو إتهزت ضاع تاريخك..
عشان كده لازم أرفع رأسي وأدوس على أغلىٰ غالي لو فكر بس يجي على كرامتي أو يمسها حتى..
قصرانه يا سـلـيـمـان لا الحاوي هينسىٰ موت إبنه ولا التعبان هينسىٰ قطع ديله..
• عودة إلى الوقت الحاضر – End Flash Back.
فاق من شروده عندما وجد نفسه لايزال بداخل سيارته أمام منزلهم. فنظر بعيناه إلى شرفة والدته وتلفظ بفحيح أفعىٰ وعيناه مضيقتان بثقوب.
– بكرا كل اللي أذوكي واتلعبوا على شرفك وسمعتك هتشوفيهم قدامك وهما مذلولين بعد ما شربوا من نفس الكأس يا أمي اللي ذقوكي منه زمان وده وعد مش هيحلني منه إلا الموت..
وفي صباح اليوم التالي بمنزل ” أصـالـة ” وتحديدًا على مائدة الطعام كانت ” أصـالـة ” تترأس المائدة وإلى يسارها يقبع ” نـوح ” وهو مرتديًا لقبعته السمراء ( البورنيته ) يتناول فطوره برفقتها وتلك الـ ” عـزيـزة ” تقوم بصب الشاي لهم فهتف ” نـوح ” بدعابه عندما أقتربت منه لتصب الشاي بفنجانه.
– يا صباح الموز على عيونك الجوز يا ست الستات..
” عـزيـزة ” بخجل وهي وتقوم بترتيب المائدة قبل أن تصب له الشاي.
– صباح الفل يا أستاذ نـوح..
يجعل صباحك صباح هادي ونادي يارب..
” أصـالـة ” وهي تسند بيديها وجهها بنظرات ذات مغزىٰ إلى ” نـوح ” وإبتسامتها المرحه تُدعاب محياها بهدوء.
– أدعي كمان يا عـزيـزة خليه يتوووب..
” عـزيـزة ” بخجل.
– النبي يريح قلبه وباله يا ست صـولا يارب..
” أصـالـة ” بفكاهه.
– يا أختي يارب يا أختي..
ثم أضافت بلؤم وهي توجه حديثها إلى ” نـوح ” بدعابه.
– قلبك قوي يا نوحنوح خد بالك وأنا كده أخاف عليك..
” نـوح ” بهيام وهو يعدل من وضعية قبعته بمرح.
– عضلة القلب حلوة بس ملهاش تمرينة..
ثم أضاف بدعابه وهو يوجه حديثه إلى ” عـزيـزة ” بدعابه.
– طب خدي دي كمان ورزقي ورزقك على اللّٰه..!فأكمل بمرح وهو يغمز لها بعيناه اليِسرىٰ بخفة.
– صباح الدمار ممكن تتفضلي معانا عالفطار..؟!
فقهقهت ” أصـالـة ” عاليًا حتى أنها أصبحت غير قادره على كبح ضحكاتها؛ فتابع ” نـوح ” بمرح لـِـ ” عـزيـزة ” التي تتمنىٰ لو أن الأرض تنشق وتبتلعها من شدة خجلها.
– عجبك كده ضحكتي الأجانب علينا..!
” أصـالـة ” بمرح ونبرة ذات مغزىٰ.
– ما تقعدي يا أُوز قوز معانا عالفطار..؟!
” عـزيـزة ” بخجل واضح وهي تنظر بوجهها إلى الأرض.
– بألف هنا على قلبكم يا ست صـولا أنا سبقتكم من بدري..
وهنا حضر ” سـلـيـم ” مرددًا بإبتسامة عريضة تنُم عن مدىٰ سعادته.
– صباح الخير..
فلم تُجيبه ” أصـالـة ” بل شاحت بوجهها بعيدًا عنه فتدارك ” نـوح ” الموقف بإبتسامته الصادقة ونبرته المرحه كالعادة.
– يا صباح الفل قطع وكل..
” سـلـيـم ” وهو ينظر إلى والدته بحزن موجهًا حديثه إلى ” عـزيـزة ” بلطف.
– كل سنة وأنتي طيبة يا ويزو عقبال مليون سنة..
” نـوح ” بصدمه جالية بوضوح على معالمه وهو يتابع بمرحه المُعتاد.
– إيه ده هو النهارده عيد ميلاد القمر وأنا معرفش..؟!
” عـزيـزة ” بخجل.
– ايوه فعلًا النهارده عيد ميلادي تلاقي سي سـلـيـم عرف من سي زيـاد..
ثم أضافت بإمتنان وخجل.
– وأنت طيب وبخير يا سي سـلـيـم ياااارب..
” أصـالـة ” بنبرة صادقة.
– كل سنة وأنتي طيبة يا عـزيـزة العُمر كله ليكي يا حبيبتي..
” عـزيـزة ” بحب.
– أن شاء اللّٰه تسلمي وتعيشي يا ست صـولا..
ثم أضافت وهي تهم بالرحيل.
– عن إذنكم هروح أشوف اللي ورايا في المطبخ..! ومن ثم رحلت سريعًا وظل ” نـوح ” يتابعها بعيناه بهيام حتى أنه هتف بسعادة.
– سوف لن نشتري هذا العيد شجرة..
ستكونين أنتِِ الشجرة..
وسأعلِّقُ عليكِ أُمنياتي ودَعواتي وقناديلَ دموعي..
ثم تابع وهو يتمسك بمنديل الطاولة ملوحًا به وكأنه يرقص الدبكة اللُبنانية بمرح.
– كُلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
حبيبتي..
حبيبتي..
فأضاف بولع وفكاهه وهو يهز رأسه بسعادة يمينًا ويسارًا وكأنه يتمايل بها.
– آاااااه أموووووت أنا في الإنفلات الأمني..
” أصـالـة ” وهي تلكمه على يديه بخفة.
– اتلم يا نـوح ولم الدور أحسنلك وبلاش تكسفها كل شوية..
” سـلـيـم ” وهو يكبح ضحكاته بصعوبة بالغة.
– اللّٰه عليك يا نوح نوح وأنت حنين..
مبتضيعش فرصة أنت تفليريت فيها..
” أصـالـة ” بحزم وهي تهم بالرحيل دون أن تكترث بوجود ” سـلـيـم ” وحديثه.
– أنا هشرب القهوة في الجنينة خلص وإلحقني يا نـوح..! قالتها ومن ثم رحلت إلى الخارج دون أن تنظر إلى صغيرها ولو لنظرة واحدة. فشعر ” سـلـيـم ” وكأن قلبه ينشطر إلى شطرين من شدة ألمه عند تجاهل والدته له.
” نـوح ” وهو ينظر له مضيقًا عيناه متابعًا بحكمة.
– زعلان وموجوع أنها مبتكلمكش مش كده..؟!
” سـلـيـم ” بحزن.
– أنا بعمل كل ده عشان خاطرها يا نـوح وعشان أرد لينا كرامتنا اللي أداس عليها من سنين..
أنا مغلطتش صدقني..
أنتم ليه كلكم مُصرين تشفوني غلطان..؟!
” نـوح ” برزانه.
– يمكن أنت تكون صح ويمكن تكون غلط اللّٰه أعلم..؟!
بس في حاجات عشان نكسبها لازم نخسر قصادها حاجات تانية..؟!
وأنا خايف عليك أوي يا سـلـيـم..
خايف لمحاولتك عشان تكسب كرامتك وترد حقك وحق أمك تخسر نفسك وتخسر رضاها عليك وقتها صدقني يا إبني مهما هتكسب قصاد خسارتك هتفضل خسران عمرك كله حتى لو الدُنيا كلها في إيدك..! قالها ومن ثم فرغ من جلسته ورحل لاحقًا بـِـ ” أصـالـة ” ليحتسي معها القهوة كما طلبت منذ لحظات؛ تاركًا ” سـلـيـم ” ينظر في آثره بضياع مفكرًا في كل حرف تفوه به أمامه. إلى أن شعر وكأن عائم في بحور من الضياع والتشتت عند هذه النقطة هب واقفًا بقوة يعتادها جيدًا منفضًا أفكاره هذه عنه وكلام ” نـوح ” الذي كان كالسكين الحاد الذي طعن منتصف قلبه وأستقر به دون رحمة. فسحب علاقة مفاتيحه وهاتفه ورحل في قوة وشموخ كعادته دون أن ينظر ورائه ولو لمرة واحدة معتزمًا على تنفيذ كل ما خطط له من قبل.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه الحب)