رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الأول 1 بقلم سارة أسامة
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الجزء الأول
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء البارت الأول
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الحلقة الأولى
– أيه البجاحة وقلة الأدب دي، مفيش لا حياء ولا كرامة .. حقيقي إللي استحوا ماتوا..
مبحلقة فيا بدون أيّ خجل حتى مفيش أي إحترام للحجاب إللي هي لبساه، وإللي يشوفها يقول عليها ملاك، واخدين الحجاب ستر لقذارتهم حقيقي بقرف من الصنف القذر ده..
قالها وهو يجلس خلف مكتبه المُحاط بزجاج شفاف يطلّ على بهو المطعم بالكامل ويكشفه له، ليلفت أنظاره هناك في أقصى المطعم حيث سلّات الأزهار القابعة عند السور المُطلّ على بُحيرة تتدفق بالماء الجاري، كانت فتاة تجلس على تلك الطاولة المجاورة للأزهار والمجاورة للبحيرة التي يعلو خرير الماء منها..
كانت الفتاة تُحدق به بشكل مُباشر وأعين متسعة غير آبهة بشيء وابتسامةٌ بلهاء تعلو ثغرها نجحت في إستفزازه وجعلته يستشيطُ غضبًا ناعِتها بعدم الحياء وانعدام الأخلاق..
بقى يطرق بأصابعة على سطح المكتب وانصرف بأنظاره المُشمئزة عنها لتُراقب أعينه العاملين بإنتباه..
زفر بضيق وهو يقول:-
– لو استمرت في البجاحة بتاعتها دي هخلي العُمال يطردوها براا هي نقصاها..!
بينما على الطرف الأخر كانت تجلس بإبتسامة واسعة، سعيدة بالهواء العليل الذي يضرب وجنتيها، ورائحة الأزهار العبقة، وخرير الماء.
ماذا تُريد بعد هذا؟!
تشعر وكأنها تمتلك العالم بحذافيره الآن.
تعشق هي الطبيعة وكل ما خلقه الله..
ظلت تتنفس بعمق وهي تتحسس بأنفها الحسّاس رائحة الهواء، ورائحة الزهور والماء..
حقًا هذا المكان جنة…
أتت العاملة تجاهها وقالت بوِد ولطف:-
– تحبي تاكلي أيه يا جميلة، طلبك المُعتاد!
ابتسمت لها “رِفقة” وقالت:-
– أكيد يا آلاء .. كريب بالنوتيلا..
– من عيوني يا أجمل رِفقة.
– تسلملي عيونك وربنا يديم نورهم عليكِ يا لولا.
رحلت الفتاة بعدما رمقتها بحزن لتظلّ رِفقة تستمتع بالهواء العليل وأصوات الطبيعة حولها، لأجل ذلك هذا المطعم هو المُفضل إليها وبالأخصّ هذا المكان تحديدًا، تأتي إليه كل يوم فهو يخفف عنها الكثير..
بينما هو فالتفت إلى جِهتها مرةً أخرى لتتوسع أعينه بدهشة وهو يراها مازالت تُحدق به مُبتسمة بينما تُسند ذقنها على كفها..
استشاط غضبًا ليستدعي أحد المسؤولين على المطعم أثناء غيابه.
ردد بغضب وهو يُشير تجاهها:-
– عبد الرحمن طلع البنت دي برا، اطردها حالًا..
التفت الشاب نحو ما يُشير إليه فتتوسع أعينه بدهشة وجاء يستفهم بتعجب:-
– بس يا يعقوب دي….
قاطعه الأخر بحِدة وكبرياء:-
– مليش علاقة دي مين تتحرق بجاز، اطردها ونفذ إللي بقول عليه من غير نقاش بدل ما أطلع أنا أطردها وأخلي إللي يسوي وميسواش يتفرجوا عليها..
انصدم عبد الرحمن من هجوم يعقوب الشديد على الفتاة التي تُدعى “رِفقة” والتي من رواد المطعم المُهذبين..
لكن لم يجد إلا أن يُنفذ أمر مالك المطعم
“يعقوب بدران”..
خرج وهو يُفكر كيف يُخرجها دون إحراجها، قام بمنادة أحد الفتيات العاملين..
– آنسة آلاء .. لو سمحتي..
اقتربت آلاء بهدوء وقالت باحترام:-
– نعم يا أستاذ عبد الرحمن .. اتفضل..
توتر عبد الرحمن ثم حسم أمره وهو يرى يعقوب الذي ينظر له بترقب..
قال بجدية:-
– حاولي تخرجي آنسة رِفقة من المطعم، أستاذ يعقوب قال اطردوها..
شهقت آلاء بصدمة لتتسائل بعجب:-
– إزاي .. طب وليه .. إنت عارف ظروفها وهي أبدًا ما بتعمل مشاكل..
زفر عبد الرحمن بضيق وهو لا يعلم ماذا يُجيب، فقال باستسلام:-
– مش عارف والله .. هو قالي كدا ومعطنيش فرصة أفهمه ولا أعرف منه حصل أيه..
قالت آلاء بتوتر:-
– طب أنا أقولها أيه دلوقتي .. مش عايزه أجرحها.
فكر عبد الرحمن قليلًا ثم قال:-
– بصي قوليلها حصل ظرف وإحنا بنفضي المطعم، اتصرفي يا آلاء..
حركت رأسها وهي تتجه نحو طاولة رِفقة المبتسمة حتى وقفت أمامها..
شعرت بها لترفع رأسها تقول بحماس:-
– أيه يا لولا الكريب اتأخر ليه كدا مش عوايدكم..
تنحنحت آلاء ثم قالت بصوت حزين:-
– للأسف يا رِفقة حصلت مشكلة وإحنا مضطرين نفضي المطعم ودي أوامر صاحب المطعم أستاذ يعقوب..
كان يعقوب يراقب ردة فعلها عندما اقتربت منها العاملة، لتنصرف أنظارها عنه حيث الفتاة، همس باحتقار وغرور:-
– أشكال واقعة..
أما عند رِفقة تربد وجهها بالحزن وتسائلت بقلق:-
– خير في حاجة حصلت .. أنا ملحقتش أقعد إنتِ عارفة إن متعلقة بالمكان قد أيه وبحسه بيجدد نشاطي..
نظرت لها آلاء بشفقة ثم قالت:-
– خير يا رِفقة متقلقيش، بصراحة هي دي أوامر أستاذ يعقوب ولازم ننفذها..
حركت رِفقة رأسها بإيجاب وهي تبتسم بينما تستقيم بخيبة أمل وهي تقول:-
– يلا تتعوض إن شاء الله يا لولا، أهم حاجة مفيش أي حاجة وحشة تصيب المكان الجميل ده.
في هذا الأثناء رمق يعقوب خيبة الأمل التي ارتسمت على ملامحها باحتقار ليهمس بازداء:-
– حقيقي وساخة وقلة أدب .. إنسانة مهزأة ومصطنعة .. قال ولابسه حجاب وفضفاض..
التفت للجهة الأول وهو يراها تستقيم..
بينما أخذت آلاء بيد رِفقة التي سحبت العصا الخاصة بالمكفوفين تفردها لتساعدها في السير..
تركتها آلاء خارج المطعم لتتسائل:-
– هتروحي إزاي يا رِفقة..
ابتسمت لها رِفقة ببراءة وقالت:-
– إنتِ عارفة تاكسي عمّ أشرف بيجيلي في ميعاد كل يوم بس طالما خرجت بدري عن الميعاد هقعد هنا أستناه لغاية ما يجي، أنا لا عارفة رقمه ولا معايا الموبايل وأنا مش هأمن أروح مع أي حد ومش هعرف أروح لواحدي.. بس ساعديني أقعد في أي مكان على جمب لغاية ما هو يجي..
سحبتها آلاء برفق نحو أحد الدِكاك المتواجدة بالقرب من المطعم ثم أجلستها بلطف وقالت وهي ترمقها بشفقة:-
– خليكِ مكانك أوعي تتحركي، كان بودي أقعد معاكِ بس لازم أرجع المطعم علشان الشغل..
هتفت رِفقة بطيبة وهي تربت على يدها بلطف:-
– على شغلك يلا يا جميلة، ولا يهمك خالص ومتقلقيش عليا .. ربنا يعينك يارب ويفرح قلبك الطيب يا لولا..
ابتسمت لها آلاء بحزن ثم قالت وهي تبتعد:-
– خدي بالك من نفسك يا روفا..
رحلت لتترك رِفقة جالسة بمفردها فوق دِكة خشبية على رصيف الشارع..
تنفست بعمق سرعان ما عقدت حاجبيها وهي تشعر بالسُحب تنقشع عن أشعة الشمس لتتسلط عليها بحرارة حارقة..
– ليه بعدتي يا سحابة، الشمس حراقة أووي..
مرّت عشرون دقيقة وهي مازالت في موضعها، رفعت طرف حجابها القطني تُجفف جبينها المتعرق وهي تحرك يديها ذهابًا وإيابًا أمام وجهها لتجلب بعض الهواء..
– وبعدين بقاا هفضل كدا كتير، عمو أشرف باقي عليه شوية لسه..
تحسست ساعتها الخاصة بالمكفوفين لتستعلم الوقت لتقول بحيرة:-
– لسه نص ساعة، أنا ممكن أتحرك في أي مكان ضلّ لغاية ما يجي..
رددت بنفي خائف بداخلها:-
– لا لا افرض بعدت عن المكان ولا عمو أشرف جه ومش لقاني، ساعتها مش هعرف أرجع البيت وأنا مش معايا موبايل..
أسلم حلّ إن استحمل وأنتظر في مكاني..
أخرجت من حقيبتها المُعلقة بكتفها كتاب بلغة المكفوفين ذا النقاط البارزة، وضعت اصبعها فوق الصفحات وأخذت تقرأ وهي تبتسم بنقاء حتى مرّ الوقت وجاء العمّ أشرف ليقيلها حيث منزلها..
******************
ولج عبد الرحمن الغاضب حيث غرفة مكتب يعقوب وهي يصيح:-
– بقالك سنين بتباشر الفرع ده من الموبايل ورافض تنزل … ويوم ما تنزل وش تعمل مشكلة..
أيه التصرف ده يا يعقوب وليه عملت كدا..!.
أجاب الأخر بكِبر ولامبالاة وهو يفرد ظهره على المقعد:-
– أنا حرّ يا عبدو أعمل إللي يريحني في مطعمي وأقعد إللي أنا عايزه، وبعدين دي بنت مش مظبوطة وممكن تسيئ للمكان ببجاحتها دي..
توسعت أعين عبد الرحمن بصدمة وهتف بغضب:-
– إنت إزاي تقول عليها كدا .. الآنسة رِفقة من زباين المكان من أكتر من سنة وإنسانة خلوقة ومحترمة..
اشتعلت نيران الغضب بأوردته وصرخ بإشمئزار:-
– خلوقة ومحترمة!!
ومالك محموق عليها ليه كدا .. أيوا من حقك هي شكلها معلقة الشباب هنا كلهم..
دي بت مش تمام من ساعة ما دخلت وهي ما شالت عينها عني وبتضحكلي وعينها في عيني بنظرات مصطنعة فيهم البراءة..
تفهم أيه من ده .. إنها خلوقة ومحترمة..!
صُدم عبد الرحمن من حديث يعقوب ليصرخ بما جعل يعقوب يتجمد:-
– إنت فهمت غلط يا باشا…
البنت كفيفة يا مجنون…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء)