رواية عش العراب الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية عش العراب الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة |
رواية عش العراب الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
بإحدى قُرى صعيد مصر، ب “بنى سويف”
بمنزل ضخم لإحدى أشهر عائلات البلده، والذى ذاع صيتها فى العقد الأخير، ليس فقط على مستوى القريه ولا المحافظه، بل الصعيد بأكمله والقاهره وبمصر كلها تقريباً
ف العراب، أصبح ماركه شهيره بالحبوب الغذائيه ومنتجاتها، سواء(الدقيق.. والارز…والذره.. وغيرها من البذور المستخدمه فى تصنيع المواد الغذائيه)
كما أنهم يمتلكون بعض مضارب الأرز، وأكثر من شونه لتوريد القمح من الفلاحين وتسويقه.
……
بشقه بالدور الثانى
إستيقظت سلسبيل بتذمر، بعد عدة محاولات من همس كى تجبرها تستيقظ
فلقد قامت همس بحك قدمي سلسبيل بأحد الاقلام الناعمه،كما داعبت أنفها بأصابعها، وأيضاً جذبت الغطاء من عليها قائله:
إصحى يا سلسبيل الدنيا بتمطر دى أول شتويه فى السنه الشتا بيستفتح بالمطر قومى بسرعه خلينا ننزل تحت المطره ونغنى، يا مطره رُخي رُخى
جذبت سلسبيل الغطاء من يد همس قائله بنُعاس: سيببنى أنا عاوزه أنام، حرام عليكي مطرة أيه اللى ننزل تحتها الدنيا لسه ضلمه إحنا مصلين الفجر يا دوب من ساعتين.
جذبت همس الغطاء وقالت:قومى بقي نفسى أغنى تحت المطر دى أول مطره للسنه دى،يا عالم هكمل الشتا ولا لاء.
رفعت سلسبيل الغطاء من عليها لا تعلم لما شعرت بنغزه فى قلبها،وإرتجافه أيضاً وقامت حضنت همس قائله:
هتكملى الشتا والربيع والصيف وهتعيشى كتير زى جدتى هدايه كده…وتفرحى بأحفادك.
تبسمت همس قائله:هما بيقولوا إنى ورثت منها الشكل لكن إنتى ورثتى القوه والعقل .
تبسمت سلسبيل وقالت:
أنا مفياش نص قوة جدتى هدايه.
تبسمت همس وقالت: طب والأحلام اللى بتشوفيها ولازم تحقق، زى ما تكون رؤى، غير تواصلك مع اللى ماتوا، أنتى كنتى بتشوفى جدى وبيقولك على حاجات هتحصل فاكره، وقت رجوع قماح لهنا من تانى، أنتى شوفتى جدى قبلها وقالك قولى لجدتك قماح راچع من تانى.
ردت سلسبيل:تصدقى معرفش سبب ده وقتها،مع إنى كان عندى حوالى تمن سنين ومخدش بالى من قماح ده أصلا شكله أيه،بس كان عندى ست سنين ونص لما جدى توفى،كنت بسمعه دايماً يقول لجدتى نفسه قماح يرجع لهنا تاني،وأهو ياريته ما رجع،عامل نفسه زى الآله اليونانيه فى الأفلام الأجنبيه اللى بنشوفها عندهم جنون العظمه وهو فيه منهم،ومفكر عنده ذكاء حاد وهو كل اللى عنده شوية حظ فى التجاره وفاشل فى الجواز أتجوز إتنين مفيش فيهم واحده إستحملت طبايعهُ المتغطرسه والله ربنا دعا لهم بالخير ببعدهم عنه،أنا الحمدلله دايماً بتجنبهُ حتى الكلام عالقد مش أكتر .
ضحكت همس قائله:إحنا هنتكلم عن قماح قومى يلا ألبسى هدوم تانيه غير بيجامة ميكى دى،على ما أروح أغلس على هدى كمان أصحيها ننزل قبل ما السما تبطل مطر.
تبسمت سلسبيل وبالفعل نهضت وإرتدت إحدى الإسدالات فوق منامتها ولفت حجاب عشوائى على رأسها فقد يُدفئ عُنقها،حتى إنها لم تقوم بستر شعرها الطويل المنسدل جزء كبير منه على ظهرهامن أسفل الطرحه.
بالفعل بعد دقائق
نزلن الثلاث فتيات الى تلك الحديقه المحاوطه بذالك المنزل الكبير،
توقفت همس أسفل الأمطار تفتح ذراعيها وتستمتع برذاذ الأمطار فوق وجها،بينما كانتا كل من سلسبيل وهدى تختبئن من الأمطار أسفل إحدى شُرفات المنزل،
نظرت لهن همس قائله:هتفضلوا واقفين عندكم كده كتير المطره ممكن توقف فى أى وقت.
تبسمت هدى وقالت:أنا بصورك يا همس بالفون،فيديو علشان أبقى أفرجه لماما بعد شويه،عشان تزعقلك،وده يبقى إنتقامى قصاد إزعاجك ليا وإنك صحتينى من النوم وأنا نايمه الفجر أصلاً .
غمزت همس بعينيها وقالت: وأيه اللى مطير النوم من عينك للفجر، يا قطه… سهرانه بتفكرى فى مين إعترفى.
تبسمت هدى وقالت: بفكر فى دراستى، عندى بحث عن التكنولوجيا ولازم أسلمه بعد بكره، مش عارفه ليه دماغك دايماً الناحيه التانيه.
تبسمت همس وقالت: لا ناحيه تانيه ولا تالته، أنا كمان ياأختى زيك مش بفكر غير فى الدراسه، اللى خلصت فينا وإرتاحت هى “سيلا”
وسمعت إن فى خُطاب بيجوا لها…. شكل بنات ناصر العراب هيبقوا إتنين قريب “بيلا” هتتجوز ومش هيبقى غير أنا وأنتِ.
لا تعرف سلسبيل لما فجأه مر أمام عينيها ظلاً لرؤوس سوداء وعيون دامعه ودماء بريئه تسيل، إرتجف قلبها للحظات و أغمضت عيناها بقوه ثم فتحتها ووضعت يدها على قلبها ورسمت بسمه قائله: لأ إطمنى، أنا مش بفكر فى الجواز دلوقتي أنا واخده راحه شويه بعد الدراسه بس كلمت بابا إنى أشتغل فى الحسابات عندنا فى أى شونه، غير كمان بفكر أعرض المنحوتات بتاعتى فى معرض خاص.
تبسمت همس قائله بمزح: قصدك مساخيطك اللى فى المسخط بتاعك اللى فى آخر الجنينه.
تبسمت سلسبيل وهى ترى قُرب همس منها هى وهدى وقامت بشد يديهن، سرن معها وأصبحن الثلاث فتيات أسفل مياه الأمطار يلهون بفرحة أطفال.
كان صوت مرحهن مرتفع لدرجة أنه أيقظ ذالك النائم بالدور الثانى أيضاً
فتح عيناه بتذمر من تلك الأصوات العاليه التى إقتحمت مضجعه
تنهد بإزعاج وإتكئ على يدهُ جذب أحد أجهزة التحكم عن بُعد صغيرة الحجم وقام بالضغط عليها،إنزاحت تلك الستائر،مازال الظلام لم ينقشع بالكامل وأيضاًبسبب تلك الغيوم أشعل ضوء بالغرفه، وأزاح غطاء الفراش من عليه ونهض وجذب ذالك المئزر الرجالى وإرتداه فهو رغم برودة الطقس كان ينام شبه عاري، بشورت فقط، وأيضاً هنالك نظام تدفئه بالشقه، أو ربما هنالك حراره منبعثه من قلبهُ تُدفئ جسده فا لجسدهُ طبيعه خاصه يستطيع تحمُل قسوة برد الشتاء، ربما طبيعه خاصه إكتسبها من ماضى عاشه بمكان كان أشد بروده من هنا ليس جسده فقط من إكتسب تلك البروده، بل أثرت أيضاً بتكوين شخصيته، يستطيع التحكم بإخفاء مشاعره أمام الآخرين والتعامل معهم بهدوء حتى لو كان من أمامه هو عدوه، إكتسب من ذالك دبلوماسية تجعله صاحب العقل الراجح والمفكر صاحب الذكاء المالى ، لكن هنالك عيب واحد به هو عدم التحكم فى غضبهُ مع النساء، ربما لا يكرهُن لكن لا يُحبذ التعامل معهن كثيراً، يعتقد أنهن لا يُجدن شيئاً سوى الثرثره وسلب نقود الرجال ومن أجل شيء آخر جسدى، يستطيع الأستغناء عنهن بالتحكم فى مشاعرهُ يُعطى فقط ما يريد لهن ورغم ذالك لا يعنيه المال كثيراً، برأيه أن المال لا يصنع الرجال… الرجال هى من تصنع المال والنساء خُلقن لإنفاقه على مظاهر فارغه وتافهه… ربما مُخطى فى ذالك لكن من قابلهن بحياته برهن له ذالك.
أغلق المئزر على جسده وفتح باب الشُرفه الزجاجى، كى يعلم سبب تلك الضحكات الصاخبه…
رأى الثلاث فتيات أسفل الأمطار، فى البدايه لم يهتم لهن وسخر من صغر عقلهن، فهى حركات طفوليه لا أكثر..
لكن حين رأى أكبرهن لفت نظرهُ حين تدور حول نفسها، وإنزاح حجابها من فوق رأسها وأظهر شعرها بالكامل، كانت حين تدور،تدور خُصلات شعرها بإنسيابيه مع مياه الأمطار ، ذالك الشعر الأسود الطويل وقطرات المطر تتساقط من بين خُصلاتها تشبه مياه الشلال حين تتساقط من أعلى،بل ترسم لوحه خاصه،تهكم ساخراً يقول:
حلو جو الرقص تحت المطره ده،لأ والكبيره اللى بدل ما تكون العاقله قدام أخواتها بترقص وتتمسخر قبلهم..
شعر بضيق وعاد الى الغرفه وقام بإغلاق باب الشُرفه ثم ذهب الى الحمام وآخذ حمامً بمياه فاتره،ثم خرج وإرتدى ملابسهُ،وأخذ هاتفه وحافظة أموال وضعهم بجيب معطفه الجلدى الاسود العصرى الذى إرتداه فوق ثيابه العصريه أيضاً… ثم توجه يخرج من تلك الشقه نازلاً لأسفل المنزل.
بينما بالحديقه قالت همس المطره خلاص شكلها هتشطب والساعه قربت على سبعه وزمان ماما هتصحى علشان تنزل تحضر الفطور، ألحق أنا أطلع قبل ماما وما تصحى وتزعق، يلا اللى تسبق تدخل قبل ماما ما تحس بينا…
قالت همس ودخلت الى المنزل أولاً ……
كانت تقفز سريعاً فوق درجات السلم، تقابلت قبل درجات من باب شقة والداها، تبسمت حين رأت قماح أمامها وقالت بلهاث:
صباح الخير ياقماح.
قالت هذا ولم تنتظر رده بل أكملت صعودها
بينما لم يرد قماح عليها، أكمل نزول الدرج…
لكن توقف حين
توقفت سلسبيل مخضوضه حين وجدته بوجهها،و سُرعان ما إنتبهت على يدها التى وضعتها فوق يدهُ دون قصد منها أثناء صعودها… وسحبتها سريعاً وقامت سريعاً بجذب وشاح رأسها الذى إنزاح من على شعرها الرطب بسبب الامطار التى كانت تلعب أسفلها منذ قليل.
تجنبت من أمامه بأحد زوايا السلم وأكملت صعود دون حتى إلقاء الصباح عليه، صعدت بسرعه… كآنها تفر من أمامه.
بينما هو..شعر ببرودة يدها حين وضعتها بالخطأ فوق يدهُ و تضايق منها بشده بسبب إلتصاق ملابسها فوق جسدها بسبب مياه الأمطار التى كانت تتراقص أسفلها قبل قليل وليس هذا فقط وسقوط وشاح رأسها وظهور شعرها الرطب المُنسدل والذى يظهر منه جزء كبير من أسفل الطرحه.
ولكن أكمل نزول، ليتقابل مع هدى التى قالت ببسمه: صباح الخير يا قماح.
رد قماح عليها الصباح وأكمل نزول باقى درجات السلم وهو يستهزئ بأفعالهن الغبيه بنظرهُ.
……
دخلن الثلاث فتيات الى شقة والداهن، خلف بعضهن يلهثن..
تبسمن حين وجدن من يقف أمامهن يقول بعتاب حنون:
من ساعة ما سمعت صوت المطر وبعدها سمعت فتح باب الشقه قولت نزلتم تلعبوا تحت المطره،المفروض خلاص كبرتوا بقى،يلا بسرعه روحوا غيروا هدومكم المبلوله دى قبل ما تبردوا وكمان ماما تصحى وتشوفكم كده وتبدأ وصلتها.
تبسمن له الثلاث فيتات وقولن بنفس الوقت:صباح الخير يا أحلى وأغلى بابا.
تبسم لهن وقال:يلا بسرعه نهله بدأت تصحى،يلا بسرعه على أوضكم غيروا هدومكم وإنزلوا نفطر مع بعض،إمتثلت هدى وهمس وفررن على غرفهن سريعاً.
بينما سلسبيل قالت:بابا هو ينفع منزلش عالفطور أنا معنديش جامعه خلاص،وعاوزه أنام.
تبسم ناصر لها وقال:بلاش دلع وبعدين أنا كلمت الأستاذ مجدى المسئول عن الحسابات خلاص وقالى قدامه شويه حسابات وتقفيلات فى السنه الماليه هيخلصها وبعدها تجى وانا اللى هدربها وأفهمها فى الحسابات بنفسى،فلازم ترجعى نشيطه من تانى.
إقتربت سلسبيل من والداها وقبلت يدهُ قائله:هشرفك قدامه يابابا،ومش بعيد قبل السنه الماليه الجايه أمسك أنا حسابات العراب كلها ونطرد أستاذ مجدى،وآخد أنا مكانه.
تبسمت تلك التى خرجت من باب الغرفه وإقتربت من مكان وقوف سلسبيل وقامت بشد شعرها بقوه قائله:تاخدى مكان مين الأستاذ مجدى مُخضرم فى الحسابات مش لسه متخرج من كام شهر غير عنده عقل مش زيك يا طويله يا هبله هدومك بتعصر ميه وكمان شعرك،أكيد كنتى مع البلوتين التانين تحت المطر بدل ما تعقليهم لأ عقلك أصغر منهم،يلا روحي أوضتك غيرى هدومك بسرعه قبل ما تاخدى برد وحصلينى على تحت إتعلمى شوية من شغل البيت خلاص كبرتى،زمايلك بجوا عرايس،لازم تتعلمى شويه من شغل البيت ولا مفكره نفسك بعد الچواز چوزك هيچيبلك خدامه إياك .
ردت سلسبيل بآلم مش شد نهله لشعرها: لأ أنا مش بفكر فى الجواز دلوقتى ياماما، وحضرتك عارفه إنى بعرف أطبخ كويس وحتى شغل البيت بعرف أعمله، بس أنا هشتغل الأول وموضوع الجواز ده بعدين، أنا مش زى زهرت بنت عمتى ولا هتجوز واحد زى رباح إبن عمى معندوش شخصيه قدام مراتهُ،بكملك كلامك أهو قبل ما تقوليه،أنا هصنع مستقبلى بأيدى وزى ما أنا عاوزه،وأنا فى دماغى هدف،إنى أشتغل ومش بس أشتغل هعمل معرض كمان للتماثيل اللى بصنعها.
قالت سلسبيل هذا وغادرت نحو غرفتها.
تنهدت نهله بغضب وقالت ل ناصر:شايف بنتك يا ناصر ودماغها الغبيه.
رد ناصر:بالعكس يا نهله سلسبيل ذكيه جداً،وقوتها بتشبه أمى،ليه شاغله بالك بجوازها،كل شئ نصيب.
ردت نهله:الجواز للبنات سُتره يا ناصر ودول تلاته وراء من بعض.
تبسم ناصر:والعلام والإستقلاليه كمان سُتره يا نهله أنا اللى هجولك الكلام ده،ناسيه إنى متخرچه من الچامعه وإننا كنا زمايل كمان،صحيح أنا أكبر بتلات سنين،بس خريچين نفس الچامعه،بلاش تبجى آسيه على بناتك دول كانوا لينا جبر بعد طول صبر.
………
بعد قليل،بالدور الأرضى بالمنزل ، بغرفة السفره
كانت العائله شبه مُكتمله
تجلس فى صدارة الطاوله
هدايه، وعلى يمينها كان يجلس ولدها الأكبر النبوى وزوجته وجوارها شبان يجلسون بتذمر لكن مجبورين على ذالك و يجلس جوارهم قماح ، والناحيه الأخرى كان يجلس ناصر ولدها الثانى وجواره زوجته وجوارها ثلاث فتيات…
نظرت هدايه وقبل أن تتحدث،دخل رماح وخلفه زوجته التى قالت:معليشى يا جماعه جت علينا نومه،هو كده داخلة الشتا والشتا بيحب الكسل والنوم.
ردت هدايه: مش الشتا هو اللى بيحب الكسل والنوم،ده طبع ودى آخر تحذير ليكم بعد كده تنزلى فى وسط النسوان تحضرى معاهم الفطور ووجتها هتتعودى تصحى بدرى وتبطلى سهر ،وتسهرى چوزك معاكى،لازمن ينعس بدرى عشان يصحى فايج لشُغله وسط العمال…بلاش حديت كتير،يلا إجعدوا ودى آخر مره تتأخروا.
نظرت زهرت الى رماح الذى سحب مقعد وجلس عليه دون رد على حديث هدايه،فجلست وهى تتوعد له بذالك لما لم يدافع عنها أمام تهجم تلك العجوز الشمطاء.
جلس الجميع يتناولون فطورهم فى صمت،الى أن نهضتا كل من همس وهدى،قائلتان:
عندنا محاضرات بدرى يادوب نلحق عشان الطريق،هتوصلنا يابابا ولا السواق اللى هيوصلنا.
رد ناصر:لأ أنا عندى مشوار بعيد عن الچامعه،خلو…
تحدث كارم ثالث أبناء النبوى:أنا عندى مشوار قريب من الجامعه وممكن أخدكم فى سكتي.
نظرن همس وهدى لبعضهن وأرادن الرفض،لكن قالت هدايه:وصلهم بس بلاش تسوج العربيه بسرعه الوجت مطارش.
تبسم كارم يقول: حاضر يا چدتى.
بالفعل رغم عدم رضائهن لكن ذهبن مع كارم.
نهض الجميع من على طاولة الطعام،
لكن أثناء سير قماح للخروج من الغرفه تصادم مع سلسبيل التى عطست شبه بوجهه دون قصد منها، فأخرج محرمه ورقيه من جيبه وأعطاها لها قائلاً بنبرة سخريه وتهجم فى نفس الوقت:
يرحمكم الله علشان تبقى تبطلى رقص تحت المطر أهو أخدتى برد.
لاحظت هدايه وقوفهم وقالت: شكلك هتاخدى برد يا سلسبيل هخلى واحده من الشغالين تعملك كوبايه چنزبيل بلمون إشربيها وإدفى وهتبجى زينه.
ردت سلسبيل: لأ لو نمت هتعب أكتر خليها تچبهالى فى الأتلييه بتاعى اللى فى ضهر الچنينه.
ردت هدايه: جصدك المسخط بتاعك، والله يا بتى ما عرفاش أيه الهوايه الغريبه دى، تعملى مساخيط زى اللى فى مجابر الفراعنه زمان.
تبسمت سلسبيل وقالت: ده فن يا چدتى إسمه النحت عالحجر.. وبعدين ادينى بتسلى شويه قبل ما أشتغل.
سمع قماح قول سلسبيل لهدايه عن نيتها للعمل، لكن لم يهتم فهى بالآخر لا تعنيه بشئ.
….. ـــــــــــــــــــــ
بعد مرور أربعين يوماً، كان يومً شتوياً عاصف تكاد الرياح تقتلع الأشجار من جذورها، وبالفعل هنالك شجره أقتلعت لكن مازال جذرها بالأرض تخشى الجز، فهى بالآخر تدنست، وأخفت الأمر خوفاً من ماذا لا تدرى، إنطفئت همس المرحه، كانتا أختيها يلاحظون ذالك
لكن هى كانت تتحجج بثُقل الدراسه عليها وإنها إقتربت من إمتحانات نصف العام الذى لم يبقى عليها سوى شهر تقريباً.
صباحاً
بعد أن تناولت العائله الفطور،ذهبت سلسبيل الى ذالك الآتلييه الخاص بها وبدأت تستمتع بهوايتها وهى نحت بعض الصخور وتكوين بعض الأشكال أيضاً،كان الأتلييه بشبابيك زجاجيه كبيره وخلفها ستائر،فتحت سلسبيل تلك الستائر تعطى للغرفه نور.
بينما بغرفة المكتب الموجودة بالمنزل والذى تطل على الحديقه الخلفيه أيضاً
تحدث النبوى لقماح قائلاً:
قماح الحاچ رجب السنهورى إتصل عليا من كم يوم كده.
رد قماح ببرود:خير عاوز أيه؟
رد النبوى:هو قال إن محتاج كم طن رز شعير من عندنا.
رد قماح: وماله، ياخد بالسعر الجديد اللى نزل، زيه زى غيره.
رد النبوى: بس هو مش زى غيره إنت ناسى إنه كان نسيبك قبل إكده.
رد قماح: أهو قولت كان، كان ده ماضى وحتى لو لسه نسيبى التجاره مفيهاش نسيبى وقريبى، عاجبه عالسعر الجديد كان بها مش عاجبه قدامه السوق يلم منه اللى هو عاوزه.
تحدث النبوى: بصراحه كده هو لملحلى إن بنته جايلها عريس، وأنا قولت أقولك يمكن تفكر تردها تانى لعصمتك.
نهض قماح وسار خطوات نحو شباك غرفة المكتب، نظر أمامه السماء تبدوا بها غيوم وسحاب تسير بأى لحظه قد تُمطر، لكن لمح تلك التى تقف بتلك الغرفه القريبه من المكتب، كانت تُمارس هوايتها… ظل صامتاً ينظر لها…
بينما عاد النبوى قوله: مردتش عليا.
ردقماح وهو يعطى ظهره لوالده:
مردتش عليك فى أيه؟
أعاد النبوى قوله: بقولك بنت رچب السنهورى اللى هى طليقتك جاي لها عريس.
رد قماح : مبروك ربنا يسهلها.
تعجب النبوى وقال: ده ردك الأخير،ما ترجعها انا معرفش سبب لطلاقك لها،مش معقول طلقتها علشان راحت تزور والداتها بدون ما تاخد أذن منك .
إستدار قماح لوالده وقال: ممكن ميكونش ده السبب الرئيسى، بس هى خالفت آمرى، وإنتهت الحياه بينا وخلصت على كده يبقى خلاص، ربنا ييسر لها، عندى ميعاد مع تاجر فى شونة القمح، ولازم ألحقه، أشوفك المسا يابابا…. وبلاش تتعب نفسك فى الموضوع ده إنتهى خلاص بالنسبه لى.
قبل أن يخرج قماح من الغرفه قال النبوى:
وهتفضل الباقى من عمرك عازب كده من غير ست ولا عيال من صلبك.
نظر قماح أمامه رأى دخول سلسبيل الى داخل المنزل تلف يدها بقطعة قماش، تبدوا بوضوح مجروحه، ورد فى ذالك الوقت على والده: الله أعلم المستقبل فيه أيه… متشغلش بالك بيا.
قال قماح هذا وأكمل سيرهُ يخرج من المنزل.
بينما زفر النبوى أنفاسهُ بقلة حيله.
……..
دخلت سلسبيل الى غرفة جدتها، وجدتها تجلس أرضاً وأمامها إمرأه شابه ومعها طفل صغير يبكى، وضعت جدتها ذالك الطفل بشال أبيض ونهضت واقفه وقالت للشابه الأخرى، إمسكى طرف الشال ده كويس أوعى يفلت من إيدك مفهوم.
مسكت الشابه أحد طرفى الشال الملفوف بيه طفلها.
فى البدايه إنخضت الشابه من دفع هدايه للشال بقوتها وكاد طرف الشال أن يفلت من يديها، قالت لها هدايه بغضب: جولتلك إمسكى طرف الشال كويس.
أمائت لها الشابه بالموافقه.
بدأت هدايه بدفع الشال قويا مثلما تدفع الأؤرجوحه، لكن يمسك الشال ألأثنين، هدأ بكاء الطفل كثيراً، جلست هدايه مره أخرى أرضاً، وأخرجت الطفل من الشال وبدأت بتدليك معين لجسد الطفل الذى شعر براحه وإنتهى بكاؤه المستمر.
أعطت هدايه الطفل لأمه وقالت لها: بعد كده أما تشيلى الواد تحطى إيدك فى ظهره تسندهُ، علشان ميطوحش ولا يتزمم لسه عظمه طرى .
تبسمت لها الشابه وقالت: تسلمى يا حجه هدايه، والله بقاله كم يوم مش مبطل بُكى وروحت بيه لكذا دكتور، ومفيش فايده، أهو إنتى رديتى له عضمه من تانى،والله حماتى قالتلى هى الحجه هدايه اللى إيدها فيها البركه.. كتر خيرك.
تبسمت لها هدايه وقالت: سلميلي على حماتك وبعد كده إيدك فى ضهره علطول.
خرجت الشابه تبتسم لسلسبيل التى دخلت للغرفه.
ردت سلسبيل لها البسمه.
بينما قالت هدايه تعالى يا سلسبيل لفه يدك إكده ليه.
ردت عليها:أبداً دا إيدى إتعورت وأنا فى الأتلييه،وكنت جايله ليكى تداويهالى.
ردت هدايه:طب هاتى العلبه اللى عندك دى وتعالى اجعدى جدامى أشوف يدك.
بالفعل آتت سلسبيل بتلك العلبه الموجود بها بعض المسلتزمات الطبيه،وجلست أمام جدتها،وكشفت كف يدها أمامها.
تحدثت هدايه:دى الچرح شكله واعر،بسبب أيه ده أكيد بسبب المساخيط اللى بتعمليها فى المسخط بتاعك.
صمتت سلسبيل،بينما بدأت هدايه بمدواة ذالك الجرح
رغم تآلم سلسبيل لكن تحملت ذالك الوجع الى أن إنتهت جدتها من مدواته وقالت لها:طول عمرك يا بتى كنتى بتتحملى الوچع…بتفكرينى بأمى كانت صباره،ربنا يرحمها.
…..ــــــــ
مساءً،بغرفة همس
كانت تجلس بإنزواء فوق فراشها دموعها تسيل بمراره يديها ترتعش تخشى نتيجة ذالك الإختبار الذى فعلته منذ قليل،تتمنى أن يكذب ما تشعر به منذ أيام،لكن للأسف أعطى الإختبار نتيجه إيجابية،صدمه كبيره لها كيف هذا،ماذا ستفعل الآن،لو علم والدها بذالك،بالتأكيد ستقتلها والداتها بدون رفة جفن،سألت عقلها وقالت:يارب أنت عالم بحالي أنا مغلتطش بخاطرى كان غصب عنى.
بدموع قامت همس ولسوء حظها رمت ذالك الأختبار بسلة القمامه الخاصه بغرفتها،وعقلها يبحث عن حل لتلك المُعضله التى وقعت بها.
خرجت من غرفتها ونزلت الى حديقة المنزل،وجلست رغم برودة الطقس لكن تشعر بنيران لما لا تحرقها وتتنتهى حياتها الآن قبل أن يُفتش أمرها التى تُخفيه.
بينما دخلت نهله الى غرفة همس كى تآخذ ملابسها الغير نظيفه كى تغسلها،قامت بجمعها ووضعتها على الفراش وأخذت أيضاً ملاءة الفراش وبعض الأغراض الاخرى،لفت نظرها سلة المهملات نظرت لها وقالت:مفيش مره تطلع الزباله من أوضتها،أمرى لله أخدها أنا أطلعها،بالفعل جمعت الملابس بيد واخذت سلة المهملات بيدها الاخرى،وضعت الملابس بالحمام،خرجت كى تضع ما موجود بسلة القمامه التى بيدها بسله أكبر منها،لكن أثناء إفراغها لها لفت نظرها ذالك الأختبار،فأخرجته من بين المهملات،ونظرت له بتمعن وصدمه أكثر من مره،ذُهل عقلها وشرد منها خرجت سريعاً من الشقه،وقبل أن تنزل باقى درجات السلم كانت تقابلها همس صاعده،نظرت له وقال بصوت أرعب همس:
همس!
إرتعبت همس وسابت أعصابها ولم تعد قادره على الوقوف على ساقيها تركت جسدها دون إراده منها يسقط،تدجرجت فوق درجات السلم الى أن بقيت أسفل السلم،أمام ساقي كارم إبن عمها،الذى إرتجف قلبه بشده و هو يرى همس تنزف من فمها وهنالك نزيف آخر أسفلها،تحدث بصوت عالى نسبياً مما جعل والدته هى الاخرى تأتى للمكان،
بينما إنخضت نهله ونزلت سريعاً لها لكن للحظه تذكرت ذالك الأختبار التى رآته تحجرت الدموع بعينيها،وربما تحجر قلبها أيضاً للحظات قبل ان تأتى هدايه هى الاخرى ورأت همس قد إستسلمت وغابت عن الوعى،قالت برجفه:أنتم واجفين تتفرچوا عليها هِم بسرعه شيلها يا كارم وعالمستشفى بسرعه،دى عايمه فى دمها.
بالفعل حملها كارم وخرج سريعاً،ذهبت خلفه كل من قدريه ونهله الذى تشعر بقلبها الذى يكاد ينفجر من بين ضلوعها.
بعد قليل بالمشفى
كان كارم، و نهله وقدريه يقفون أمام باب إحدى الغرف، كانت نهله تخشى أن يخرج الطبيب ويفتش أمر همس أمامهم، فقالت لهم: روحوا أنتم للبيت، مفيش داعى تبقوا هنا، انا هنا معاها.
فى البدايه عارض كارم، لكن قدريه كانت تريد المغادره، لكن لتبقى من باب الرياء لا أكثر.
ألحت عليهم نهله كثيراً، حتى حين آتى ناصر متلهفاً عليهم كأنها وجدت الراحه وقالت لهم: أهو ناصر جه، مالوش لازمه بقى وجودكم كتر خيركم.
لكن القدر السئ، أن يخرج الطبيب من الغرفه فى ذالك الوقت
تحدث كارم للطبيب سريعاً: خير يا دكتور.
رد الطبيب: خير إنشاء الله، هى عندها كسر فى إيدها الشمال والدكتور جبسه وكمان شوية ردود فى جسمها وجرح صغير فى جبينها خدت خمس غرز، بس للأسف مقدرناش ننقذ الجنين.
كآن على رؤسهم الطير
ناصر، كارم، قدريه، بينما نهله أغمضت عينيها بحسره كبيره.
تحدث كارم بتوهان: جنين مين حضرتك يا دكتور.
رد الطبيب: للأسف المدام كانت حامل فى حوالى شهر والوقعه أثرت عليها والجنين نزل.
هذه المره تحدث ناصر بآلم جاسم على قلبه وقال:متأكد يا دكتور.
رد الطبيب:أيوا متأكد..بس ليه مستغربين إنها كانت حامل هى…
قاطعت قدريه الطبيب وقالت: أبدا مش مستغربين يا دكتور، بس الصدمه.
رد الطبيب: عالعموم ربنا يعوض عليها هى شكلها لسه صغيره وقدامها الفرص كتير، هى دلوقتي هتطلع من أوضة العمليات لاوضه عاديه تشرفنا يومين وبعدها تخرج بالسلامه إنشاء الله.
الصدمه مدويه للعقل، كيف كانت همس حامل ومن من؟
كيف فعلت ذالك؟
للحظات تمنت نهله الأتخرج همس من تلك الغرفه حيه ليتها ماتت.
لكن ناصر كل ما يقهرهُ كيف فعلت همس هذا لمن سلمت نفسها ولما فعلت ذالك به، هو لا يستحق منها هذا الإذلال، أجل إذلال فهى فرطت فى شرفها.
قدريه يكاد قلبها الأسود يقفز من السعاده، فهى حقوده تتمنى السوء للجميع.
بينما كارم يود الفتك بهمس كيف سلمت نفسها لغيره… أجل هو كان يعشقها منذ الطفوله كان يراها ملاكً خُلق له بسمتها له كانت تُزيد عشقه لها كان ينتظر أن تُنهى تعليمها وكان سيخبرها كم هو يعشق حتى همسها، لكن ضاع كل شئ، بنى عشقه لها على سراب أقل رياح أطارته فى الهواء.
…… ـــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور يومان
بمنزل العراب.
كان الجميع مصدوم ومقهور من همس التى إختارت الصمت، رغم إلحاح الجميع عليها بالبوح بما حدث لها، لكن ماذا تقول، هى تدنست
وفقدت روحها، أصبحت جسد خاوى، لما لم تموت لكانت إستراحت من هذا العذاب،ومن نظرات من حولها التى تقتلها.
بغرفة المكتب
كان الشيطان يقف على هيئة إمرأه، وهى قدريه
التى قالت بوسواس: همس دى لو بتى لكنت فرغت فيها رصاص المسدس كله وخلصت من عارها، دى حتى مش عاوزه تتكلم وتقول مين اللى غلطت معاه الخاطيه.
تعصبت هدايه وقالت لها: إسكتى يا قدريه.
ردت زهرت كالحرباء تنفخ فى النيران: كلام مرات خالى صح يا جدتى، ماهى لو مش خاطيه، تقول غلطت مع مين يمكن نقدر نجيب حقها منه ونصحح الغلط ده،ونجوزها له…إنما دى ساكته ليه؟
تعصب النبوى وكذالك ناصر،أصوات عاليه بالمكان،
لكن صمتت تلك الأصوات بعد صوت إطلاق رصاص.
نظر الجميع بإتجاه الصوت صدموا وذهلوا جميعاً بتلك الراقده أرضاً تنازع الحياه
صرخت سلسبيل التى آتت وجثت لجوارها،وخلعت طرحتها تضعها فوق قلب همس النازف،لكن كلمه واحده قالتها همس بهمس لم يسمعها سوى إثنان كارم وسلسبيل هما اللذان كانا جوارها بآخر نفس لها،كانت الكلمه…
“أنا مش خاطيه”.