رواية غرورها جن جنوني الفصل الثالث 3 بقلم ابتسام محمود
رواية غرورها جن جنوني البارت الثالث
رواية غرورها جن جنوني الجزء الثالث
رواية غرورها جن جنوني الحلقة الثالثة
في هذه اللحظة قام “وجود” بعصبية وبنبرة جديدة حادة:
– تمشي تروحي فين، أنتي اتهبلتى؟!
ثم يكمل “مهيمن” بنبرة قوية بها حزن:
– تمشي! بعد دا كله عايزه تسبينا بسهولة، طب عدي يومك لأوريكي فعلًا وشي التاني.
أردفت “توتا” ببكاء حار ولم تقدر على أخذ أنفاسها:
– أنا مش بستأذن أصلًا وهمشي دلوقتي كمان.
لم يستطع “مهيمن” أن يتمالك أعصابه وكاد أن يصفعها على وجنتيها، لكن “مستقبل” تصدر لها ووقف أمام أبيه محذرًا بصوت عنيف هادر:
– أنت قلبك دا إيه؛ يعني برغم كل الصراع اللى جواها بتيجي عليها أنت ووجود، سيبها تتكلم وتهرتل باللي جواها.
زجت “توتا” “مستقبل” قائلة بتحدٍ ودموع:
– آه هسيبكم؛ لأن أكيد أبويا الحقيقي عايش وعايزني، وأنت بتكدب عليا.
أثارت غضبه بكلماتها فنطق بتهور:
– بعد العمر دا تقولي بكذب، شكل الماضي عملك فقدان ذاكرة للواقع، أنتي عايزة علقة فعلًا تفوقك لنفسك.
فكان “مهيمن” يجذبها يريد صفعها حتى تتراجع عن كلامها، الذي يحرك رماد غضبه بقوة، فهو لا يتحمل سماع فظاظة حديثها، كيف تتركه وتبعد عن حضنه؟ فهي كل حياته ويحبها مثل أبنائه، ولم يفكر يومًا أنها ليست ابنته فكيف تسمح لنفسها أن تتفوه بتهديده! أشارت “نايا” لـ”مستقبل” أن يأخذها بعيدًا، أمسكها وتوجَّه بها إلى غرفتها، ثم حدثها بهدوء:
– توتا ممكن تنفضي كل الأفكار اللي في دماغك، أنا حاسس بوجعك والله ونفسي أعرف اللي جواكي، ومتأكد إنك بتحبينا، وكل اللي أنتي فيه دا من اللي افتكرتيه.
لم ترد عليه وزادت في بكائها الحار، أخذها في داخل حضنه مربتًا عليها بحنان. طرقت “نايا” باب الغرفة، قام “مستقبل” بفتح الباب ثم دلفت بخطوت منكسرة وبنظرات تلومها وتعاتبها على ما قالته منذ قليل، متفوهة بخذلان:
– يعنى ههون عليكي تسيبيني يا توتا، تسيبي نايا صاحبتك.. بلاش أمك اللي ربتك.
عندما شاهدت دموع أمها تتساقط، ارتمت داخل دفء أحضانها قائلة بعتاب الماضي المهين لطفلتها، ببكاء يقطع نياط القلب وتهتز له الجبال:
– ليه عملوا فيا كده؟ ماما أنا اللي جوايا دلوقتي يهد جبل.. افتكرت كل حاجة.. كأنه امبارح، كانت بتحرقني بالشمعة علشان ما اقولش لجوزها إن كان فيه حد عندنا، كنت بشوفه بيضربها بالكرباج، كنت طفلة بريئة ومش فاهمة إن دي علاقة مريضة، واللي اسمه أبويا كان بيضربني هو كمان لما اتكلم كتير واعمل شقاوة، ودايمًا كان بيضربها ويهينها إنها جابتني بنت، قال يعني هي اللي ولدتني.
ضحكت ضحكة ساخرة من هذه الذكريات ثم صمتت لثوانٍ، وبعدها قالت بانهيار:
– افتكرت حاجات دبحتني.. والله مش قادرة اتخيل إزاي كان بيحصل فيا كده، ماما احضنيني أووي أنا بتقطع من جوايا مش قادرة حتى أتنفس.
كانت تقول كلامها بارتعاش وثقلٍ في لسانها، دموعها تنهمر على وجنتيها اللتين تحولتا إلى الون الأحمر الداكن، فكان يسمعها “مستقبل” وتسيل عبراته من أعماق قلبه، حاوطها بذراعيه فقال:
– احنا جنبك، البوب من حبه ليكي قالك كده وبيعمل كده؛ لأن وربنا مش قادر يستوعب هرتلتك ولا حتى يتقبل بنته الجميلة تقول كلام ملهوش لازمة.
– حتى وجود بيزعقلي.
رد على سذاجتها:
– وجود لو مش بيحبك وكلامك استفزه ما كنش همه حاجة ومشي.. ولا أنتي غريبة عليه، ما هو مش بيتكلم غير لما تكون حاجة تخصه أو نرفزته، وأنتي الله أكبر عليكي من الحسد الاتنين، وكلنا بنحبك وحبنا كلنا ليكي زي بعض.. محدش هيحبك أكتر من حد، بس أنا بحبك أكتر.
ثم أكمل حديثه بمزاح وهو ممسك بوجنتيها بين قبضة يده:
– ما أنتي عارفة قلبي بيضعف لنون النسوة، مش بستحمل أشوف أنثى بعيون عسلية بتعيط.
كانت “نايا” تشهق من كثرة بكائها تود أن تنسف هذا الماضي من باطن عقلها من جديد، أو تحمل عنها أوجاعها وأحزانها ولا تراها تنزف من قلبها، فلا تعلم كل هذا إلا منها في الوقت الحالي، تريد أن ترجع عقارب الزمن إلى الوراء كي ترى “جهاد” تحيا من جديد أمامها حتى تطعنها بدل الطعنة ألف.
أشفق “مستقبل” على حال والدته، وأخته بقلب منفطر:
– وبعدين معاكم بقى والله أنا كمان هعيط.
رفعت “نايا” تمسح دموعها ناظرة لابنها حنون القلب:
– كفاية وجع.
ثم رمقت ابنتها بنظراتها القوية حتى تبعثها إليها هاتفة بثقة، لكن نبرتها بها دموع:
– توتا أنتي بنتي أنا، وأنا اللي ربيتك، احمدي ربنا إنك مطوّلتيش معاهم، لولا باباكي مهيمن كنتي فضلتي مع الناس دي بقرفهم، ربنا بيبتلي كل إنسان ولازم نتحمل بلاء الله، ومع إن البلاء دا انزاح من زمان ليه ترجعي الشريط من جديد انسي.
– لو وجودك معانا مضايقك، أنا حالًا هوصلك مكان ما أنتي عايزة، طالما حضني وحبي وعاطفتي وحناني عليكي طول السنين دي راح مع أول عاصفة.
قالها “مهيمن” بعد أن فتح باب غرفتها على مصراعيه، ثم تدخل “وجود” بقوله:
– صح كده اللي شايف أن احنا مش كفء ليه.. يتفضل من هنا.
نهض “مستقبل” بجنون وانهيار يصيح بكل ما أوتي له من قوة:
– إيه اللي بتقوله دا، وأنت يا عاقل بدل ما تهدي أبوك جاي تشعلله، هي كانت ناقصة بنزين.
انكمشت ملامح “نايا” بذهول وغضب بآنٍ واحد لتقول:
– أنا مش مصدقة إن أنت مهيمن اللي بيفكر في كلامه ألف مرة قبل ما يطلعه، إزاي تقول كده؟ بجد أنا اتصدمت النهاردا فيكم كلكم، بنتي عايزة تسيبني وابني العاقل بيزعق لأخته الكبيرة بدل ما ياخدها في حضنه ويهدي أبوه، لا والكبير بتاعنا بيقول كلام عمري حتى ما اتوقع ولا اتخيل إنه يفكر فيه.
– خلصتي كلامك.. ويا ترى يا توتا لما افتكرتي ذكرياتك ما افتكرتيش حبي ليكي كان قد إيه؟! ما افتكرتيش خوفي ولهفتي عليكي لما بتكوني تعبانة، ما جاش على بالك وجع قلبى في أول يوم مدرسة ليكي وإني فضلت أراقبك من بره لحد ما جيه وقت الخروج، ما خطرش على بالك لمجرد ثانية فرحتي بيكي وأنتي بتجري عليا بعد رجوعي من الشغل، تحفيزي ليكي وأنتي داخلة أي بطولة ونظراتي اللي بتستمدي منها القوة، كل دا اتبخر خلاص، بجد بجد أنا اللي مصدوم وهتجلط من كلامك يا بنت قلبي.
كان يقول هذا الحديث بعيون دامعة، بوجه حزين، ولم يقدر على الوقوف.
دوت ضحكته الساخرة ليجيب “وجود” على أبيه:
– اتبخرت إيه دي راكبة طيارة نفاسة واختفت في لمح البصر.
وبعد انتهاء حديثه الساخر، أولاه “مهيمن” ظهره مستعدًا للخروج من غرفتها، وقفت على الفور منادية عليه بنبرتها نفسها وهي صغيرة.. النبرة الودودة، تعلقت بكتفيه وأخذها داخل أحضانه يكاد أن يسحق عظامها من شدة العناق، يريد أن يبلغها أن هذا المكان أمانها الوحيد، وفي هذا الحضن كبرت وترعرت وأصبحت عروسًا تشاكسه، ثم يبلغها:
– الحضن دا اتربيتي فيه، وكبرتي فيه، وهتطلعي منه على بيت جوزك.
ثم ابتعدت وخرجت من عناق أبيها، أخذها “وجود” في عناق معاتب؛ فهو وأبوه كانا أقوى من أخيه الطائش، ووالدته المجنونة التي أصبحت تلبس ثوب العقل، كانا يريدان أن تعلم أنه إذا فقدت هذا البيت لن تجد غيره، فهم لها سندها وأمانها، وحبهم الخالص لها حب فطري خالٍ من أي مصالح حب يختلج له القلوب.
★★★★★
في يوم تشرق به الشمس وتبث أشعتها حتى تدفئ الكون بحرارتها، قامت “توتا” من نومها بعد هذا الحادث الذي مر عليه شهر، فكان خالٍ من أي أحداث جديدة؛ كل أحداثه مجرد محاولات كي يجعلوها تنسى الماضي من جديد. تقوم مستعيدة نشاطها وقوة ثقتها بنفسها، ترتدي زيًّا رياضيًّا ثم تنزل قائلة بحماس:
– صباح الخير؟
رد “مستقبل” عليها بسعادة:
– أخيرًا الشمس رجعت تنور بيتنا من جديد، إيه النشاط والحماس دا كله على الصبح.
– ومين قال إن شمسها غابت يوم عننا.
قالها “وجود” الذي أثار غيظ خطيبته التي لم تسمع منه كلامًا من هذا النوع، فردت “توتا” بابتسامة صافية:
– أخويا روح قلبي اللي مسيطني.
قام مقتربًا منها مقبلًا رأسها بحنان:
– ربنا يخليكي لينا ولا يحرمنا منك أبدًا.
– حبيبي ولا يحرمني منكم أبدًا أبدًا.
خرج “مهيمن” من مكتبه ناظرًا لها باستغراب:
– صباح الخير، رايحة فين الصبح بدري كده.
– أنا فاتني كتير والبطولة خلاص قربت، لازم أكتسح زي كل مرة.
– بس فعلًا مفيش وقت وأكيد جسمك ريح.
متقلقش هنزل من دلوقتي وهشتغل على نفسي بتمارين مضاعفة وهرفع راسك.
– المشكلة إني مسافر مين هيمرنك.
– أووف سفرية مهمة يعني؟
– دي مأمورية، ممكن ابعتك چيم أنا بثق فيه جدًّا وكأني أنا اللي بمرنك، إيه رأيك؟
– دي فيها رأي طبعًا موافقة.
قال لها العنوان وعلى الفور الأخَوَان حدقا ببعضهما بدهشة واستغراب، فقالت “توتا” بسعادة:
– من دلوقتي هروح آخد منه ميعاد برايفت.
الذهول ملأ وجه الأخَوان على موافقتها بكل سهولة، وقال “مستقبل” بتعجب قبل أن يرتشف عصيره يبتلع به الطعام الذي تحشرج داخل حلقه:
– وكمان برايفت!
عقدت ما بين حاجبيها بعدم فهم، ثم قالت بتعجب:
– مالهم دول يا كوتش!
– سيبك منهم ويلا آخدك في طريقي.
نزلت “نايا” من غرفتها ترتدي روبها قائلة بحزن مصطنع:
– أندال هتمشوا من غير ما تسلموا عليا.
اقترب إليها حبيبها:
– أنا برضو أقدر، كنت حالًا هطلعلك.
ثم قبل وجنتيها، كانت “كاميليا” ستنفجر من الغيظ، هامسة “لوجود” بضيق:
– شايف باباك.
ثم هتفت بصوت جهوري:
– ما تعلم ابنك يا أنكل.
أجابها “مهيمن” وهو ناظر لمعشوقته:
– كل حاجة في الدنيا بنتعلمها إلا الكلام، دا بيطلع من القلب.
أغاظها أكثر بكلامه، الذي يقصد أن يضايقها به.
رفعت “توتا” يديها الاثنتين مخمسة في وجهها:
– الله أكبر عليكم، دول يا ماما حب أفلاطوني مش هتلاقى زيه غير في الأفلام.
تحتضن “نايا” ابنتها تبلغها:
– وأنا يا روحي دعيالك ربنا يوقعك في واحد بيحبك حب يفوق حبه ليا بمراحل، وإن شاء الله هتعيشي معاه أجمل قصة حب.
نعم، قالت كل حرف عن عمد تقصد غضبها؛ لأنها حقًّا منبوذة من الجميع إلا “وجود”، الذي يتعامل معها بطريقة رسمية دائمًا، ومتحفِّز في كلامه معها.
قامت وعلى وجهها ألوان الطيف متفوِّة:
– يلا يا وجود هنتأخر على الشغل.
أردف وهو يقوم بجمع متعلقاته الشخصية:
– يلا.
عندما خرجوا تنفس الجميع الصعداء بقوة، وقالت “نايا” وهي تقلدها:
بااي بااي يا أنط.
ثم تكمل بجدية:
– أنط لما تنططك يا بعيدة، ادعي عليكي بأيه وابني راكب جنبك.
ضحك الجميع على غيظها منها فقال “مستقبل”:
– كبري دماغك يا نون هو من أيام الثانوية واقف جمبها علشان اللي بيتنمروا عليها، وكل ما أنتي كمان هتتنمري عليها وقدامه هيتمسك بيها أكتر.
– والحمد لله أهي بقت فرعة وزي الهبلة، وحلوة بالفرح اللي بتعمله في وشها.
فقال “مهيمن” وهو يجهز أغراضه حتى يرحل:
– اوعي تكوني مصدقة إن ابنك بيحبها، هي مش أكتر من حالة خيرية، بيفكرني بنفسى في جوازي أول مرة.
– وليه ما اكونش بحبها، والدليل إن الحب واضح في تصرفاتي.
قال هذا الكلام “وجود” الذي نسي هاتفه، ورجع للداخل وسمع حديثهم.
فردت عليه “توتا” بإحراج:
– واحنا طبعًا مش يهمنا غير سعادتك.
أخذ هاتفه وهو يبتسم لهم ابتسامة مصطنعة وتوجه للخارج.
فكانت “زينة” تمارس رياضتها المفضلة وهي الركض في الشارع، وتعد هي الرياضة الوحيدة التي تمارسها؛ لأنها لا تحب أي نوع من الرياضة سوى العدو؛ لأنها تجعلها كل يوم تشاهد من دق قلبها له عن قرب، وقفت تصافحه بابتسامة، ثم أكملت ولم تعط اهتمامًا لمن تقف بجانبه.
★★★★★★★
توجه “مهيمن” مع “توتا” إلى العربة، وقام بتوصيلها للمكان الذي أخبرها عنه.
تدخل إلى الصالة تناجي الله أن يوافق أن يمرنها الكابتن بمفردها؛ حتى تكسب وقتًا وتعوِّض كل ما فاتها، تنزع نظارتها متحدثة مع السكرتيرة، وهي تنظر للمكان من حولها قائلة بتحفظ:
– الكابتن مهيمن بعتني هنا اتمرن برايفت؛ لأني داخلة بطولة قريب.
ردت السكرتيرة بأسف:
– برايفت صعب.
ألقت ما بيدها وأردفت بغيظ:
– بقولك الكابتن مهيمن هو اللي بعتني هنا، وأنا بنته توتا.
ترحب بها وهي تقول:
– أهلًا وسهلًا بحضرتك، والله رافعة راس مصر دايمًا، هدخل حالًا اسأل الكابتن على مواعيد برايفت.
اومأت برأسها وهي تبتسم، قبل أن تذهب السكرتيرة غرفة التمارين تخبره:
– كابتن بليز ثواني.
يشير للفريق أن يتوقف، ثم يمسك بمنشفته يمسح بها وجهه المتلألئ بحبيبات العرق، قائلًا:
– بريك خمس دقايق.
الجميع استغلوا الفرصة وانبطحوا أرضًا ينالون شيئًا من الراحة، رمق البنات اللاتي تمددن في وسط الشباب، فأكثر شيء يضايقه عندما تتمدد الفتيات على الأرض وبجوار الشباب، لكنه اكتفى بأن يحدق بهن بحدة حتى لا يخجلهن.. فاستقاموا عقبها على الفور.
أخرج هاتفه يتابع شيئًا سريعًا قائلًا للسكرتيرة:
– خير يا سحر.
– فيه لاعبة خماسي بره في الريسبشن عايزة تدرب برايفت.
– برايفت!!!
– باعتها الكابتن بتاعها علشان تتمرن برايفت معاك علشان بقالها فترة مريحة.
بعد تفكير يرد عليها:
– ما أنتي عارفة ماعنديش وقت لبرايفت.
– طيب أرد عليها أقولها إيه؟
دخلت “توتا” لهما حتى تتحدث معه وتقنعه؛ لأن لم يبقَ أمامها إلا هذا المدرب، فتقول دون أن تنظر إليه:
– ممكن أعرف المواعيد.
فتجيبها سحر:
– أنا بكلم الكابتن لسه.
فترفع “توتا” عينيها بابتسامة مجاملة:
– ها يا كوت…
لم تكمل حديثها عندما تقابلت عيناها مع عينيه بصدمة.
مال “حازم” رأسه لليسار ولليمين وهو يتفحصها بعين واسعة وحاجب مرفوع، تفهَّم أنها هي التي ترغب أن تتدرب، يقترب منها بهدوء متصنع عدم الفهم:
– خير يا آنسة؟
– هو أنت!
– أيوه أنا الكوتش وصاحب الچيم دا كله.
فأردفت “سحر” دون أن تعلم بوجود سابق معرفة بينهما:
– ده كابتن حازم المدرب.. بس للأسف مفيش مواع…
قاطعها بابتسامة نصر فهي ستظل وقتًا كبيرًا بجانبه.. لن يضيع هذه الفرصة، التي أتاه القدر بها على طبق من ذهب حتى يكسر غرورها:
– لا فيه مواعيد وهنبدأ من بكرة.
ثم رمقها بلامبالاة، ودخل غرفة التمرين مرة ثانية.
فتحت فمها عن آخره، فكيف لم تتوقع أنه هو من سيدربها، محدثة نفسها بغيظ:
– ده أنت أغلس خلق الله، ماشى يا بابا لما أشوفك.
بعد انتهاء التمرين ذهبت “سحر” لتحدثه:
– يا كابتن حازم.
يقف بدون النظر لها ويقول بفهم مقصدها:
– عارف هتقولي إيه، وأنا كلامي كان واضح.
– يا كابتن أنت كده بتهلك نفسك، وحضرتك كنت متأكد إن مفيش مواعيد برايفت، ليه دلوقتي بتقول فيه؟ مع أن فعلًا مفيش.. كنت ممكن تمرنها مع أي فريق.
ضحك داخل نفسه وهو يقول سرًّا..
كيف أدربها أمام الجميع بطول لسانها؟ وكيف أمنع نفسي من النظر إليها حتى لا يفتضح أمري؟ فكان اختياري واختيارها الخاص أفضل شيء، ثم يستدير بجسده لها، يخبرها باقتضاب:
– سحر أنتي بتتكلمي كتير أووي، اتفضلي اتصلي بالآنسة وقوليلها المواعيد من ٨ لـ ١٠.
فأردفت بقلة حيلة:
– بس دا وقت نومك!
نظر لها باستغراب وهو يرفع حاجبه الأيسر، أُحرجت من كثرة تطفلها وقالت:
– سوري.
تركها ودلف مكتبه يأخذ قسطًا من الراحة، قبل أن يختلي بنفسه ويذهب مكانه الخاص، الذي لا يعرفه أحد.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرورها جن جنوني)