رواية تقى عبدالرحمن الفصل الأول 1 بقلم اسماعيل موسى
رواية تقى عبدالرحمن البارت الأول
رواية تقى عبدالرحمن الجزء الأول
رواية تقى عبدالرحمن الحلقة الأولى
كانت ملقاه على رصيف الشارع بين أكوام القمامه ، فى بقعة نائية عن العمران ، مقيدة من يديها وقدميها ، دمائها أعز ملابسها ملطخه بالدماء ، الدماء التى لطخت الأوراق القذرة المنتشرة حولها حتى التراب تلطخ بالدم ،
فاقده للوعى جفت دموعها على خدها عندما وجدوها فى صبيحة يوم غابر،
لملموها وألقوا بها فى مؤخرة السيارة كأنها حقيبة قديمة باتت غير صالحة لحمل الملابس ،
لم يحضروا الطبيب ، الكل ألتزم الصمت رغم أعيائها وصراخها، قالت والدتها، دكتور ايه الى هنجيبه؟ كفايه فضايح، كفايه إلى حصل
احتجزوها فى غرفتها، رقدت على سريرها ليالى طويلة لا يسمع أحد من قاطنى المنزل إلا نياحها !!
مهملة فى المنزل كأنها مقعد قديم ، ممتهنة مرغمة على تحمل كل شيء،
تحية الصباح رحلت من قاموسها ، لا أحد يتحدث إليها، كائن مقرف يتحاشى الجميع أن تلتقى بها نظراته
تحولت لخادمه صامته تعيسه، لا يحق لها النوم بعد الخامسة ، تصلى الفجر وتدعو الله أن ينهى حياتها ، تحضر الأفطار ولا تأكل معهم ، إنها لا تشرفهم ،
تكوى الملابس ، تغسل ، تمسح ، تطبخ ، مع ذلك لا يسمح لها بالجلوس معهم ،
الشارع ممنوع ، الهاتف ممنوع ، التلفاز ممنوع ، حتى الكلام ممنوع ،
ان تشعر بالتعب ممنوع ، ان تضحك ممنوع ، حتى البسمة ممنوعة على الفتاه التى فقدت شرفها.
ماتت هكذا قال والدها ، وهكذا كانوا يردون على أسئلة صديقاتها جيرانها ، أقربائها ،
ربما من الممكن أن نتحمل الألم ، لكن عندما يكون من الأقربين يكون أشد وأمضى ،
أنه خنجر مغروس فى جرح مفتوح يتحرك مع كل نظرة وكلمة مع من كنا نظنهم أهلنا،
الدموع لا تطبب جرح ولا تخفف ألم ، لكن ما الحيلة اذا لم يكن لدينا غيرها؟
____________
بعد أن نسيتها حتى الأحجار القديمة التي كانت تتعثر بها وهي طفلة فى الشارع نزلت مضطرة، مرضت والدتها احتاجت للدواء وكان لا يمكن تأخيره، هبطت الدرجات لأسفل ببطيء وكأنها طفلة تتعلم المشي ،وكأن ساقيها عيدان خيرزان دقية ورقيقة، الشمس بدت غريبة لها فقد أعتادت مشاهدتها مثل السجين كل صباح من خلف الشراعة ، بدت أكبر وأكثر جمال، نحن لا نشعر بالأشياء البسيطة إلا حين نفقدها ، لكم تمنت في محنتها أن تسير في الشارع مرة أخرى ، تتابع المارة ، أن تلتهم شطيرة محشوة بالسجق مثل الماضي وهي مسرعة نحو دراستها ، لكن تلك الرفاهية منعت عنها ، غريبة بين أفواج المارة سارت ، عينيها بين رأسها ، متوجسة من أي حركة ، لا زالت الذكرى تطوف بعقلها ، تلك الليلة السوداء التي عادت فيها
متأخرة من درسها ، تبعها شابين أحمقين ، حدت في مشيتها كادت أن تجري، سارت وهي تتلفت للخلف ،لكن الخطر يأتي دائماً من المكان الذي لا تتوقعه ، كان في أنتظارها في زقاق مظلم لئيمين من فصيلة البشر ، وضع أحدهم كمامة على أنفها وفمها ، قيدها الأخر ، جذبوها نحو سيارة قديمة ، أغمي عليها ، أفاقت في بقعة موحشة ، مقيدة وملقاة على الأرض ، بجوارها أربعة حيوانات بشرية يدخنون الحشيش ، صرخت ، رفصت ، ركلت ودفعت ، لكن لم يسمع احد بكائها
( أتركوني رجاء ، ماذا فعلت لكم ؟
أليس لكم أخوات بنات ، أمهات ، قريبات ؟! )
( لا تخافي لن نضربك) ولكن الضرب كان أخر ما فكرت به، جذبها أحدهم بكل قسوة ، قاومت ، خدشت وجهه بأظافرها ، سبت وشتمت ، ركلته في بطنه، صفعها على وجهها :
( أصمتي ياعاهرة )
لم تكن عاهرة أبداً ، لذلك لم تفهم ولن تفهم طوال عمرها وهى الفتاه التى كانت تمشى فى الطريق لا ترفع عينها لما تم نعتها بذلك اللقب في تلك اللحظة
وضع أحدهم الخنجر على رقبتها، ربما عليك ان تفكرى فى الصمت يا فتاه حذرها واحد منهم وهو يضربها
(حرام حرام
(أدعوكم بكل الرحمة التى وضعت في قلوب الأمهات أن تقتلوني) قالت لهم ذلك ، قوبل كلامها بعاصفة من الضحك ،
( من الأفضل لك أن لا تذكري والدتك الأن)
( أنا مثل اختكم) قالت :
( هل ترضون ذلك لأختكم؟
صفحة الكاتب على الفيس بوك باسم اسماعيل موسى
لسنا في درس تربية دينية يا فتاة ، اصمتي والا قطعت لسانك )
تركوها مدمية تنزف من كل مكان ، من وجهها ، صدرها ، ظهرها ، بطنها ، ذراعيها وأقدامها ، قطوعها إرباً، كان جرح قلبها الذي لم يمسه خنجر الأكثر ألم ، في كل ذلك كانت تصرخ أبي وأخوتي سوف يقتلوني
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تقى عبدالرحمن)