رواية كاليندا الفصل السابع 7 بقلم ولاء رفعت
رواية كاليندا الجزء السابع
رواية كاليندا البارت السابع
رواية كاليندا الحلقة السابعة
تتعالي الأصوات ما بين شد وجذب وتوبيخ يتساقط كزخات المطر علي رأس أحمد الجالس علي الكرسي مُنكس رأسه وكفيه أعلاها، لا يريد أن يستمع لوصلة اللوم هذه.
_ يا ميلة بختك يا سحر في ابنك اللي هايموتك بدري بدري.
رد زوجها ناهياً إياها:
_ كفاية بقي يا سحر نواح و ولوله، ابنك مش عيل صغير ولا ها يرضي إنه يكسر كلمة أبوه، ولا إيه يا أحمد؟
تدخلت إسراء التي تعلم أن كلماتها لن يلق لها بالاً ولم يكترث إليها أحد بل ستنال نصيبها من التوبيخ:
_ بابا، ماما، ممكن تبطلوا تضغطوا علي آبيه أكتر من كده، أظن هو مسئول عن حياته وعارف يعمل إيه، و ما تنسوش أنكم اللي غصبتوا علي مروة وأنتم متأكدين إنه لسه بيحب شمس.
زجرها والديها بنظرة تحذيرية و غاضبة في آن واحد، فصاحت بها والدتها:
_ أدخلي أوضتك بدل ما أمسيكي بعلقة محترمة، الظاهر وحشك الخرطوم.
تأففت بضيق وسأم:
_ أنا داخله، بس مش عشان أنا خايفة من تهديدك، عشان قرفت من التمثيلية اللي عايشين فيها و ظلمكم لأخويا ولصاحبتي واللي بعتبرها أختي الوحيدة وجنيتوا عليها زي حمزة وأهله، حسبي الله ونعم الوكيل.
قالتها وأسرعت إلي الداخل، صاحت والدتها بغضب:
_ بتحسبني علينا يا بت، طب و ربنا يا إسراء لأربيكي، وشوفي مين اللي هيخليكي تقدمي للكلية.
قاطعها زوجها ممسكاً بيدها حتي لا تذهب خلف ابنتها وتتهور في عقابها:
_ سيبك من البت وخليكي في ابنك الكبير، اللي بقول عليه العاقل سندي وضهري، لكن يا خسارة لاقيته زي النسوان بيبكي علي واحدة لو كان كمل معاها كان زمانه مسخرة ومضحكة أهل البلد، رد عليا كنت هاتعمل أيه لما تمشوا وسط الناس ويطلع لك واحد ولا واحدة يلسنوا عليها ويعايروك؟!
قالت سحر و أشاحت بيدها:
_ خلاص يا كامل أهي راحت لحالها إحنا في بنت أختك اللي الباشا بيستقوي عليها و رزعها قلم قدام الناس وكمان كان غلطان.
ألقي عليه والده أمره الحازم:
_ هي كلمة ومش هاعيدها تقوم تلبس وتاخد أمك معاك، تروحوا تجيبوا هدية وتعدي علي عمتك تراضي مراتك.
وقبل أن يتركهما أردف قائلاً بحسم:
_ وتبلغيهم يا سحر إن في خلال الأسبوع ده إن شاء المولي ها تكون شقتهم جاهزة من مجاميعه والفرح الخميس الجاي.
※※※
بداخل عيادة النسا، حيث آمر الحاج محمود زوجته بأخذ ابنة أخيه إلي الطبيب كما أخذوا منها هاتفها عنوة، و في ردهة الانتظار تجلس كل من شوقية علي كرسي ولم تبرح عيناها تلك المسكينة تجلس بين ابنة عمها رحاب وزوجة عمها رشا تربت عليها حتي تكف عن البكاء، فقالت لها بهمس:
_ كفاية يا شمس، الناس بتبص علينا واللي مش فاهم هيفهم غلط.
رفعت شوقية زاوية فمها بتهكم وقالت:
_ يالهوي علي كهن البنات، يعملوا المصيبة و يقعدوا يعيطوا.
زجرتها رشا بنظرة نارية وقالت:
_ عارفه يا أم محمد لو مسكتيش هاتصل بالحاج يطلع ياخدك، أبوها ساب لكم البنت أمانة عندكم و عاملين تبهدلوا فيها، زينب لو عرفت مش هاتسكت غير لما تيجي تخربها علي دماغنا كلنا.
تشدقت الأخرى بنبرة ساخرة:
_ ولما إحنا وحشين كده جيتي معانا ليه يا ست رشا؟
_ جيت أقف مع الطفلة الغلبانة بدل ما أسيبها لك تبهدلي فيها وبكلامك اللي زي السم.
رمقتها الأخرى بتوعد وقالت:
_ ماشي يا رشا، أنا مش هرد عليكي كلامي هايبقي مع جوزك، خليه يشوف مراته اللي ما بتحترمش مرات أخوه الكبير.
أشاحت رشا يدها بعدم إكتراث لتلك الحية التي تبخ سمها كل حين وآخر وأخذت تكمل مواساة شمس التي ما زالت تبكي بصمت وتخبأ وجهها بكفيها.
خرجت الممرضة من غرفة الطبيب وقامت بمناداتها:
_ مدام شمس محمد نصار.
نظرت إليها رحاب بسخط وقالت:
_ آنسة شمس لو سمحت.
أشارت الممرضة إلي ورقة التسجيل بيدها وقالت:
_ المدام اللي مسجلها عندي كده في الدفتر.
كانت تشير إلي شوقية التي تهربت من نظرات ابنتها و رشا.
نهضت شمس بثقل و كأنها ذاهبة إلي غرفة الإعدام، مسكت رشا يدها لتطمئنها وكذلك رحاب، لكن شوقية أوقفت ابنتها ومنعتها من الدخول وهي تلكزها:
_ داخله فين يا عين أمك، خليكي إستنينا بره مش ناقصين جُرس و فضايح.
وأمسكت بهاتفها لتبلغ زوجها بأنهم ولُجن إلي داخل غرفة الطبيب، فصعد ليحضر ما سيخبرهم به الطبيب بعد الفحص.
جلست شمس مُنهكة القوي و مسلوبة الإرادة أمام المكتب، فنظر إليها الطبيب ثم إلي رشا و شوقية و إلي عمها ذو الملامح الصارمة، بدأ في كتابة بياناتها يسألها :
_ حضرتك مدام شمس؟
كادت تجيب فقاطعها عمها وأجاب:
_ أيوه يا دكتور، شمس تبقي مرات ابني وهم لسه عرسان جداد و زي ما حضرتك فاهم يعني…
صمت لم يستطع أن يكمل كذبته، تفهم الطبيب ما يريد قوله وظن إنها عروس بالفعل فسأل موجهاً سؤاله إلي شمس:
_ حصلت علاقة ما بينكم كام مرة؟
اتسعت عينيها شديدة الحُمرة من كثرة البكاء من جراءة هذا السؤال، فأجابت شوقية بتصنع وتمثيل مُتقن:
_ما قولنا لك يا دكتور عرسان جداد، يعني بالتأكيد حصل كذا مرة، إحنا بس عايزين زي ما حضرتك فهمت من الحاج كدة.
كانت رشا تحدق إليها بكراهية شديدة وودت أن تلتقط الخنجر الموضوع أعلي المكتب و تغرزه في لسان تلك الحرباء.
أشار الطبيب إلي الممرضة وقال:
_ خدي مدام شمس علي السرير ولما تجهز قوليلي.
ربتت رشا عليها وقالت بهمس:
_ قومي يا حبيبتي ما تخافيش هو بس هيتأكد إنك لسه بنت ولا لاء مش هيعملك حاجة تأذيكي.
همست إليها الأخرى بصوت محشرج:
_ بالله عليكي يا أبله رشا كلمي بابا، وقوليله يجي ياخدني، حرام عليكم اللي بتعملوه فيا.
عانقتها رشا وأسدلت عينيها عبرة، تشفق علي هذه المسكينة، فقالت شوقية:
_ ما تنجزي يا بت وبطلي دلع، ولا عايزة عمك يكمل عليكي ويفرج الناس وتتفضحي أكتر ما أنتي مفضوحة.
لكزها زوجها مزمجراً:
_ شوقية، لمي لسانك بدل ما أخليكي تطلعي تقعدي مع بنتك برة.
صعدت علي سرير الفحص واستعدت كما أمرتها الممرضة بوضعية التمدد ليتثنى للطبيب فحصها.
و قد مرت ثواني الفحص عليها كمرور الدهر علي أهل الكهف، مع كم الشعور بالإهانة و الخجل والطبيب يتفحص عُذريتها، ودت لو جاء ملاك الموت و قبض روحها ويريحها من هذا العذاب القاتل للنفس و للجسد.
أنتهي من الفحص و خلع من يده القفازات المطاطية وقام بتعقيم يده بالكحول المطهر، ثم ذهب إليهم قائلاً:
_ واضح إن زوج مدام شمس بيتعامل معاها بتردد أو توتر وممكن يكون خايف عليها، غشاء البكارة موجود بنسبة 60٪ و مفيش داعي لتدخل جراحي لفضه لأن نوعه (Septate hymen) و النوع ده مش محتاج لأي عملية جراحية فمع الممارسة كل شيء هيبقي تمام.
غادروا جميعهم العيادة و كل منهم في دائرة عاصفة من الأفكار، فشمس تدعو الله أن ينتشلها من براثن ظُلم أعمامها بينما رحاب كانت حزينة علي حال ابنة عمها وساخطة علي أفعال والديها، وكذلك رشا برغم إشفاقها علي شمس لكن تخشي أن تخبر والدها ويعلم زوجها بهذا، و تمنت أن ما حدث يكون نهاية المطاف ويرسلون الفتاة إلي أهلها.
ولدي كلا من محمود وزوجته كانت تدابير أخري ينسجها الشيطان لهما ويرسمها بدقة دون أدني تفكير بأنهم هكذا يظلمون ويجيرون علي ابنة شقيقه بغير وجه حق لهم.
※※※
في منزل العمة مجيدة، تجلس سحر في غرفة مروة محاولة تهدئتها بشتي الطرق.
_ يابت يا عبيطة ماتنشفيش دماغك، و خديه بالمسايسه ده ابني وأنا اللي عرفاه، أحمد مابيجيش بالعند والند بالند.
نهضت الأخرى بضجر وقالت:
_ يعني يرضيكي يا مرات خالي يضربني بالقلم عشان جبت سيرة البرنسيسة اللي كان خاطبها، معني كدة إنه لسه عاشقها ومش قادر ينساها.
_ ما ده بقي دورك أنتي، خليه ينساها، إشغليه بيكي، خليكي معاه في كل وقت حتي وهو في شغله أهريه تليفونات وأطمني عليه كل شويه، ما تخلهوش يشوف غيرك أنتي وبس.
زفرت بضيق وقالت بنفاذ صبر:
_ حاضر، أمري لله و مابقاش مروة غير لما أخليه ينسي المخفية دي واسمه كمان.
ربتت الأخرى بابتسامة وفرحة:
_ عفارم عليكي يابنت مجيدة، أيوه كده أتعلمي وخليكي ناصحة، و يلا بقي قومي ألبسي طقم حلو من اللي جابهم لك أحمد و أطلعي له مستنيكي بره، عشان يعتذر لك، وجايب لك ورد وشكولاتة والحاجات الهبلة اللي بتحبوها يابنات اليومين دول.
ضحكت مروة كالطفلة وقلبها يتطاير من الفرحة، ونظرة عينيها تخبأ أمر ما تعقد العزم عليه.
و بالخارج في الردهة ينتظرها و في يده باقة زهور بيضاء، وضعت عمته أمامه طبق حلوي وكأس مياه غازية:
_ ما دام مش عايز تتعشي معانا، فكُل حتة الجاتوه دي من عمايل إيدين مراتك و أشرب معاها الساقع.
أجاب ببرود:
_ شكراً يا عمتي.
خرجت مروة من غرفتها مُتصنعة ملامح الحزن والآسي، فقالت والدتها:
_ تعالي يا مروة أقعدي جمب جوزك.
ذهبت بالقرب منه لكنها جلست علي الكرسي المقابل له ويبعد عنه بمسافة متر أو أكثر، رمقها الآخر كما وصاه والده وألقي عليه تعاليمه الصارمة، حدق إليها بابتسامة حالمة وسألها بود زائف:
_ عاملة إيه؟
أجابت دون النظر إليه:
_ الحمدلله بخير.
نهض وأقترب منها وجلس علي الكرسي المجاور لها ثم أنحني بكامل جسده نحوها، يقدم الباقة إليها قائلاً:
_ آسف حقك عليا، ما تزعليش مني، اليوم ده كنت مخنوق وعندي شوية مشاكل في الشغل.
وضع الباقة في يدها واليد الأخرى أمسك بها وقام بتقبيلها.
_ لسه زعلانة مني؟
وكأي فتاة قلبها يهوي ويعشق، تراقص فؤادها داخلها من السعادة، وقبلته علي يدها جعلتها تمحو أي حزن كانت تشعر به.
دلفت سحر وسألتهما:
_ ها يا ولاد خلاص، أتصالحتوا.
فأجابت مجيدة:
_ هما ليهم إلا بعض، ربنا يبعد عنهم الشيطان ويتمم لهم علي خير.
قالت سحر:
_ وبالمناسبة الحلوة دي أخوكي بيقولك في خلال الأسبوع ده الشقة هاتبقي جاهزة من الإبرة للصاروخ و ما تشليش أي هم، والفرح هيبقي الخميس الجاي، إيه رأيك؟
_ هو في رأي بعد رأي أخويا ربنا يبارك له ويخليه لينا، طبعاً موافقه وخير البر عاجله.
_ بس علي شرط.
قالتها مروة بعد أن نهضت وتعقد ساعديها أمام صدرها.
فسألها أحمد بترقب لإجابتها:
_ إيه هو يا مروة؟
ابتسمت بدهاء أنثي تريد أن تثأر لكرامتها، فقالت:
_ الفرح يتعمل في البلد عندكم و في الساحة الكبيرة اللي قدام بيتكم.
※※※
مرت ثلاثة أيام وهي سجينة غرفة ابنة عمها، ممنوع أن تخطو قدميها خارجها، هكذا أمر عمها حتي يُفكر فيما سيفعله بها، فالذي حدث لم يمس سُمعتها فقط بل سُمعة العائلة بأكملها، كلما تذكر حديث الرجل الذي قابله في صلاة الجمعة، فهو من إحدى معارفهم في القرية أخبره بما حدث لشقيقه وإبنته والأقوال المتداولة علي الألسن وعائلة نصار قد تلطخ اسمها في الوحل، كما أقترح عليه هذا الرجل لإغلاق تلك الأفواه عليه بحل واجب النفاذ.
و في مساء اليوم الرابع، أخبر زوجته بأنه سيأتي إليهم ضيوف وعليها أن تعد واجب الضيافة، وبالفعل كما أخبرها دوي رنين جرس المنزل وقام محمود بفتح الباب واستقبال ضيفيه وفي انتظارهما بالداخل أشقائه يحيي و حجازي.
قام بمناداة زوجته:
_ يا أم محمد.
لبت ندائه و عينيها نحو غرفة الضيافة تنظر إلي الغرباء وأدركت من مظهر احدهم هويتهم:
_ أمرك يا حاج.
_ أدخلي لبنت أخويا وخليها تلبس حجابها وتيجي عشان تمضي.
غرت فاهها وقالت:
_ يعني اللي جوه دولـ…
قاطعها بصرامة وأمر حاسم:
_ ما تنجري روحي أعملي اللي قولت لك عليه من غير لت وعجن، أعوذبالله منك وليه.
أخذت تتمتم بدون أن يسمعها وذهبت تفعل ما أمرها به.
وبداخل الغرفة كانت تبكي بين ذراعي ابنة عمها التي تقول لها:
_ ماتخافيش يا شمس، بابا سمعته الصبح كان بيكلم أعمامي إنه خلاص لقي حل والله أعلم شكله هيرجعك لعمي البلد وممكن ياخد لك حقك من الكلب اللي عمل فيكي كده.
أجابت الأخرى ببكاء مرير:
_ قلبي بيقولي عكس كده خالص، أنا حاسة إن عمي بيحضرلي مصيبة أكبر من المصيبة اللي أنا فيها، وأنا كل اللي طلباه منه هو وعمامي يسيبوني أروح لبابا وأوعدكم مش هحكيلهم علي أي حاجه حصلت، أنا عايزة أمشي من هنا.
_ تمشي تروحي فين يا حلوة؟
سألتها شوقية ساخرة بعدما ولجت للتو، انتفضت شمس ونهضت قائلة إليها برجاء و توسل:
_ بالله عليكي يا مرات عمي خلي عمي محمود يكلم بابا يجي ياخدني أو أنا أروح لوحدي، أنا لو فضلت هنا يوم كمان ممكن أموت أو أنتحر.
أحست الأخرى بشعور الشفقة لأول مرة نحوها لاسيما بعد الذي عزم عليه زوجها وفي انتظار هذه المسكينة بالخارج، فقالت بتردد:
_ بالله عليكي أنتي ما تعمليش مشاكل مع عمك، أنتي عرفاه طبعه صعب وممكن يخرب الدنيا، هو طلب مني إنك تلبسي وتطلعيله هو وأعمامك في أوضة الضيوف مستنينك.
نظرت إلي أسفل بخيبة أمل، فقالت رحاب كما ظنت:
_ إيه ده بابا هيرجعها البلد، ولا عمي جاي ياخدها؟
رمقتها والدتها بنظرة تحذيرية لكي تصمت وقالت:
_ يلا يا شمس عشان قاعدين مستنينك.
وبعد أن اعتدلت من ثوبها و ارتدت وشاحها وأمسكت بالمحرمة تجفف بقايا عبراتها، ذهبت خلف زوجة عمها، وحينما وصلت إلي باب الغرفة تسمرت في مكانها عندما سمعت صوت شخص غريب يردد:
_ وأنا قبلت زواج موكلتك شمس محمد نصار.
توقف عقلها هنا يحاول إدراك ما يحدث، ولم تستعب ما يجري، وحين دفعها عمها إلي المأذون الذي يعقد قرانها علي رجل لا تعلم من هو، وضع القلم في يدها وأجبرها غصباً واقتدارا علي إمضاء عقد الزواج، لكن أنقذها القدر تلك المرة و قد فقدت وعيها علي الفور.
تتمدد علي السرير بعد أن أصابها دوار وانخفاض في ضغط الدم كاد يودي بحياتها، لكن أسعفها إحضار زوجة عمها طبيبة تمكث في العمارة المقابلة لهم، جاءت وقامت بفحصها وقالت:
_ لازم يتعلق لها محاليل فوراً، دي بتموت.
ذهب عمها وهو يشعر بخوف شديد، وبرغم ما أقترفه معها من ظلم وجبروت وعدم صون أمانة شقيقه لديه، أحضر كل ما قامت الطبيبة بطلبه من دواء وأدوات.
فسألها ويديه ترتجف خوفاً:
_ أرجوكي يا دكتورة طمنينا عليها؟
أجابت الطبيبة و تغرز إبرة المحلول بالوريد:
_ أنا علقتلها المحاليل و كل شويه هتابعها، بس هي لازم تروح للمستشفي هناك التخصصات اللازمة عشان نحدد اللي عندها بالظبط ونعالجها صح.
قالت شوقية:
_ جيب العواقب سليمة يارب، ربنا يقومك بالسلامة يابنتي، ويسامح اللي كان السبب.
و خارج الغرفة جاءت رشا وهي تصيح بغضب وتنهرهم جميعاً بما فعلوه، فهي كانت لا تعلم بل كانت في زيارة لدي والدتها وجاءت للتو:
_ حرام عليكم، ربنا يمهل ولا يهمل، وذنب البنت دي في رقبتكم، ومش بعيد يترد لكم في بناتكم.
صاح بها زوجها حجازي:
_ أتلمي يا رشا و ملكيش دعوة باللي بيحصل، دي بنت أخونا وإحنا أدري بمصحلتها.
دفعته في صدره ورمقته بازدراء وقد طفح الكيل بها من أفعاله وضعف شخصيته أمام شقيقه الكبير:
_ أبعد عني، أنا خلاص قرفت منك ومن شخصيتك الضعيفة وماشي دلدول ورا أخواتك، يمين، يمين، شمال، شمال، يظلموا تظلم معاهم، وتيجوا علي بنت لا حول ليها ولا قوة من غير حتي ترجعوا للراجل المسئول عنها هو أبوها و اللي ليه حق يتصرف معاها، لكن طبعاً إزاي ده يحصل والحاج محمود موجود، عينتم نفسكم القاضي والجلاد ونازلين سلخ في البنت زي الدبيحة، بس أنا خلاص مش هاسكت.
نظر إليها بتهديد وسألها:
_ و ناويه تعملي إيه يا رشا؟، شكلك عايزة تتطلقي لو اللي في بالي ده اللي عايزه تعمليه.
صاحت به وبكل قوة:
_ أنا فعلاً مش هستني معاك دقيقة واحدة لأنك سقطت من نظري.
هبط بكفه علي وجهها، وكان الجميع يشاهدون ما يحدث، فاستغلت رحاب انشغالهم وأخذت هاتف والدتها وخبأته في طيات ثيابها و أسرعت تختبأ في المطبخ، قامت بمهاتفة رقم عمها محمد، أعطي لها رنيناً تنتظر إجابته بنفاذ صبر وقلة حيلة حتي كادت تغلق لكن صوت عمها المُجيب بقلق:
_ ألو، أزيك يا أم محمد، شمس بنتي بخير و لا؟
أجابت رحاب و تتلفت من حولها قبل أن يراها أو يسمعها أحد:
_ أنا رحاب يا عمي، تعالي ألحق شمس بسرعة……
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كاليندا)