روايات

رواية ندوب الهوى الفصل الثلاثون 30 بقلم ندا حسن

رواية ندوب الهوى الفصل الثلاثون 30 بقلم ندا حسن

رواية ندوب الهوى الجزء الثلاثون

رواية ندوب الهوى البارت الثلاثون

رواية ندوب الهوى الحلقة الثلاثون

“أثر جروح الحب فرحة للروح”
“بعد مرور خمسة أعوام”
الجميع في منزل “رشوان أبو الدهب”، “جاد” وعائلته الصغيرة، وكذلك “سمير” بعائلته الأكبر قليلًا ووالديهم، في غداء عائلي كالعادة، كل أسبوع يكون الغداء عند أحد منهم، المرة السابقة كان عند “جاد” والآن دور والده..
ركضت “عشق” الصغيرة ابنة “سمير” في صالة المنزل بسرعة كبيرة وهي في الأساس قصيرة جدًا فكان مظهرها مضحك رائع في نفس الوقت،
صعدت على الأريكة الجالس عليها “جاد” ووقفت خلف ظهره وبيدها سيارة بريموت ثم صاحت وهي تلهث:
-الحقني يا بابا جاد
وجدها تدلف عليه في جلسته مقتحمه إياها ثم وقفت خلف ظهره يستمع إلى صوت لهاثها بقوة فتحدث بجدية بعد أن استدار لها:
-في ايه يا عشق
قالت بوجه بريء للغاية عابس حزنًا لأن ابن عمها يريد أخذ السيارة منها:
-آدم عايز ياخد مني العربية
استمع إلى صوت ابنه الصغير في الخلف يهتف بضيق طفل صغير يجعله يموت ضحكًا عندما يراه:
-بابا خليها تديني العربية
نظر إليه بجدية وهتف هو الآخر بعد ابنه المضحك قائلًا باقتراح أفضل:
-طب ما تلعبوا بيها سوا

 

 

صاح ابنه بوجه عابس أكثر منها بعدما قال والده أن يلعب معها باشيائها الخاصة بالفتيات والتي تضايقه وبشدة:
-العربية بتاعتي يا بابا وهي معاها العروسة، ينفع يعني ألعب بالعروسة؟
لوى “جاد” شفتيه يفكر في حديثه المقنع ثم أجابه بصدق:
-بأمانة لأ
وضع ابنه الصغير يده الاثنين أمام صدره بطريقة رافضة الذي تفعله هذه الفتاة الصغيرة الغريبة والتي دائمًا تفتعل المشاكل بينهم:
-طب خلاص قولها تجيب العربية
حرك رأسه بخفة إلى الناحية الأخرى جواره والتي كانت تقف بها “عشق” بعد أن أقتربت للخارج قليلًا لترى “آدم”:
-اديله العربية والعبي بالعروسة يا عشق
وضعت السيارة خلف ظهرها بسرعة فوق خصلات شعرها الطويلة وهتفت باستنكار مُصطنع وكأن من يتحدث فتاة كبيرة وليست طفلة:
-بابا جاد أنتَ بتقف مع ابنك ضدي
نظر إليها بقوة وعمق، أنه يعلم حديثها الأكبر منها ودائمًا يستمع إليه ولكنها في مرة من المرات ستجعله يُجن:
-ضدك؟.. ايه الكلام الكبير ده
حركت شفتيها بضجر وهي تتحدث مردفة:
-آه ضدي فيها ايه يعني لو لعبت بالعربية بتاعته شوية ما أنتَ جايبله كتير
أجابها وهو ينظر إليها من الأعلى إلى الأسفل باستهزاء وهي تكاد لا ترى من الأساس:
-ما أنا جايبلك كتير بردو زيه
وضعت يدها الحرة في وسط خصرها ونظرت إليه مضيقة عينيها:

 

 

-بس أنا سبتهم في بيتنا وعايزة ألعب بيها دلوقتي معاه
ابتسم “جاد” وظهرت أسنانه من بين شفتيه وهو يُجيب قائلًا بجدية ثم استدار يكمل مع ابنه:
-كلام يحترم بردو.. ألعب معاها يا آدم معلش
زفر “آدم” بقوة وهو غاضب منها ومن تصرفاتها الطفولية التي تزعجه للغاية، صاح بضيق وضجر:
-يوه.. مش لاعب خليهالك بقى.. أنا رايح أقعد عند جدو
ذهب الطفل بخطى ثابتة نحو الشرفة الذي يجلس بها جده “رشوان” مع جده “عطوة” وهو كان من محبي الجلسة معهم ويحب جده “رشوان” بطريقة لا توصف..
صاحت “عشق” من خلفه بقوة وهي تناديه ثم جلست على الأريكة جوار عمها لتختفي أكثر وهتفت بطريقة نسائية كبيرة ليست كطفلة:
-استنى يا آدم.. عاجبك كده عمايل ابنك دي.. مش عارفه طالع قفل كده لمين يا بابا جاد
نظر إليها بذهول وهو ينظر إلى طريقتها في الحديث والتي تدهشه كل يوم أكثر من السابق ثم صاح بسخرية مُميتة:
-آه ما أنتِ بنت سمير هيطلع منك ايه يعني
ذهبت سريعًا بعد أن وقفت على الأرضية لتدلف إلى الشرفة تحاول أن تتحدث مع “آدم” الذي يعتبر قاطعها للتو، أتى والدها “سمير” من الداخل وهو يهتف بسخرية هو الآخر موجهًا حديثه لابن عمه بعد أن استمع إليه:
-ومالها بنت سمير بقى يا أبو آدم مش عجباك؟
ضحك “جاد” بسخافة وطريقة سمجة للغاية ثم أجابة قائلًا بنبرة لعوب:
-وأنا أقدر أقول كده بردو
نظر إليه “سمير” بقوة مضيقًا عينيه عليها ثم هتف:
-بحسب يعني

 

 

أقترب ليجلس جواره على الأريكة ثم مال عليه يقول بنبرة خافتة لكي لا يستمع إليه أحد ولكن جدية:
-بقولك ايه مش هننزل الچم بعد بكرة في الخباسة كده
تحدث الآخر سريعًا بلهفة وهو يجعله يصمت، فزوجته إن استمعت لهذا لن تصمت أبدًا:
-بس اسكت هدير لو سمعت إني نازل هتشبط في رقبتي
هذه المرة قال “سمير” بجدية وهو يشير إليه:
-ياعم ما أنتَ اللي مش راحم نفسك شغل.. مش الناس عايزينك بردو
غمزه بعد أن قال آخر جملة له بطريقة وقحة لا يحب “جاد” أن يتبادلها معه بهذه الطريقة فصاح بقوة وهو يبعده بكف يده ضاربًا فخذه:
-طب لم نفسك ياض وقوم من هنا
أبعد يده عنه بقوة وضجر وهو يصيح كما قالت ابنته على “آدم”:
-ياعم كده وأنتَ قفل
نظر إليه “جاد” وقد فهم من أين أتت الصغيرة ابنته بهذا الحديث، أنها تقول عنه هكذا ترمي بالحديث عليه هو الآخر إذًا بالمعنى الحرفي أن ولده نسخة منه وعقله مغلق!..
وجد ابنة “سمير” الصغيرة والمسماه بـ “غرام” تسير في الصالة آتية من المطبخ وتحاول بكل قوتها أن تثير بثبات كي لا تقع، أردف بحبٍ وحنان وهو يفتح لها ذراعيه:
-أيوة حبيبة عمو جت يا أهي
تحدث “سمير” بانزعاج وضجر يوضح له أن هذه الطفلة مثله ليست كوالدها تحب الحياة بل تحب البكاء دومًا:
-أيوه بالظبط أهي دي اللي تمشي معاك أنتَ وابنك نكدية وقفل زيكم
وجدها تركض ناحيته وهي تبتسم بسعادة كبيرة ثم أقتربت منه وأخذها الآخر بين ذراعيه يحتضنها بحنان ورقة خاصة بها وحدها:
-اخرس ياض.. حبيبة عمو القمر

 

 

وجد شقيقتها الكبرى “عشق” تقف أمامه تضرب بيدها على قدمه مناديه بإسمه:
-بابا جاد!
أجابها بهدوء:
-نعم
أردفت بنبرة خافتة بعد أن حاولت مع “آدم” ولكنه لا يريد الحديث معها، وهي لا تحب ذلك بل تحبه كثيرًا وتريد اللعب معه:
-قول لـ آدم يصالحني
زفر هو الآخر بقوة ثم وضع “غرام” على قدمه ممسكًا بها:
-يادي النيلة عليا
ابتسم “سمير” بسخرية يشمت به فصاح الآخر بصوت عالي مناديًا على ابنه لكي ينهي ذلك النزاع بينهم والذي يتعب له أعصابه:
-ولا يا آدم
دلف ابنه من الشرفة ووقف أمامه على بعد خطوات واضعًا يده أمام صدره وكأنه هو بالضبط ومظهره رائع وجميل، شعره الكثيف مصفف بعناية جيدًا ووجه أبيض نقي كوالدته وعينيه الرمادية الساحرة هذه أكثر من والده نفسه، أجاب بضيق وعدم رضا:
-نعم
هتف وهو ينظر إليه بجدية ربما يستمع لحديثه هذه المرة ويبعد ابنة “سمير” عنه، فهي ابنته على حق كما يقولون:
-صالح عشق وخلصنا وألعبوا سوا
هتف الآخر بجدية مثل والده واستدار ثم دلف إلى الشرفة مرة أخرى والذي ظهر منها جدهم:
-أنا قاعد مع جدو مش هلعب
نظر إلى الأخرى ليراها تنظر في أثره بضيق شديد ووجهه عابس ثم عادت بنظرها إليه مرة أخرى منتظرة منه الحديث أو فعل أي شيء، فقال بجدية:

 

 

-بقولك ايه روحي لجدو رشوان وهو يخليه يصالحك
ابتسم والدة ثم أشار لها بيده وقال:
-تعالي يا عشق.. تعالى يا آدم
دلف مرة أخرى إلى الشرفة وجلس على مقعدة المقابل لأخيه، وقف الاثنين أمامه فقال بجدية وهو مُبتسم بهدوء:
-يلا صالحها وألعب معاها علشان متزعلش
استمع إلى حديث جده الذي لا يستطيع أن يزعجه أبدًا أو يجعله يحزن منه، فاستدار ينظر إليها ثم بنظرة طفل بريء جميلة هتف بنبرة لينة هادئة:
-خلاص صالحتك بس مش هلعب بلعب البنات
ابتسمت بقوة وأقتربت منه تحتضنه قائلة بوجهها الصافي البريء الذي يشبه ملامح والدها كثيرًا:
-ماشي
أردف عمه “عطوة” من داخل الشرفة بصوت عالي موجهًا حديثه إلى “جاد”:
-استعجل الأكل يا جاد إحنا جوعنا
-حاضر يا عمي
وقف على قدميه ثم وضع “غرام” الصغيرة التي كانت تتشبث به على قدم والدها وهتف بهدوء:
-أمسك ياض بنتك
ذهب إلى المطبخ بعد أن ترك الفتاة الصغيرة مع والدها، وقف على أعتاب باب المطبخ لتقابله الرائحة الشهية مثل كل مرة، وقف ينظر إلى الأصناف المحضرة في الداخل وإلى زوجته الحبيبة، ثم صاح إلى والدته:
-ايه يا أم جاد الأكل فين؟
قالت والدته بجدية شديدة وهي تضع في الأطباق قطع من المعكرونة الشهية:
-تعالى شيل يلا رص على السفرة
تسائل بسخرية وهو يميل على باب المطبخ بجسده:
-كمان؟

 

 

أومأت إليه برأسها وأكملت بجدية موجهه حديثها إلى “مريم” التي تقف وبطنها ممتدة أمامها بدرجة كبيرة حيث أنها كانت في شهرها السابع من الحمل الثالث لها:
-آه يلا.. روحي أنتِ يا مريم ارتاحي
أخذت هدير طبقين من على الطاولة التي وضعت في المطبخ مؤخرًا ثم توجهت إليه وهي تبتسم وكان بدوره هو عندما وجدها تتقدم منه عاد للخلف قليلًا خارج المطبخ كي يستطيع الحديث معها على طريقته الخاصة بعيد عن مسامعهم:
-خد يلا
ابتسم بقوة غامزًا لها بعينيه الرمادية الساحرة لقبها وعقلها وكل ما بها، وأردف بنبرة لعوب خافتة خبيثة:
-ايه الحلاوة دي وَحش، بالذمة في حد قمر كده ولا حلو كده ولا جميل كده
رفعت كتفيها بدلال واخفضتهم مرة أخرى قائلة بغرور والابتسامة على وجهها تكاد تخفي ملامحها:
-الله ما أنا قدامك أهو يبقى فيه طبعًا
حرك رأسه بخفة يمينًا ويسارًا مضيقًا عينيه عليها قائلًا بسخرية وتهكم:
-غرور من هنا لآخر المجرة يابت الهابط
رفعت حاجبيها هذه المرة متسائلة بقوة بعد أن أتى على ذكر اسم عائلتها بطريقته الساخرة هذه:
-وماله الهابط بقى يسطا جاد
غمزها مرة أخرى وهو يقترب منها مُتناسيًا أين هم ولم يتذكر سوى أنها أمامه كالقمر حقًا في ليلة سطوعه لينير الأرض بأكملها:
-قمر… قمر
استمعوا إلى صوت والدته الحاد من الداخل والتي وجدتهم يقفون يتهامسون متناسيين أين هم:
-شهلي يا هدير أنتِ وجاد كده مش هنتغدا
أجابت “هدير” سريعًا وهي تقدم له الأطباق الذي بيدها لكي يأخذها إلى غرفة السفرة:
-حاضر حاضر.. يلا خد دول
هتف “سمير” من الصالة بصوت عالي ساخر ليشاكس ابن عمه:
-أساعدك يسطا جاد

 

 

 

أخذ منها الأطباق وعادت هي إلى المطبخ وتوجه هو الآخر إلى غرفة سفرة الطعام وصاح بقوة وضجر:
-خليك متلقح مكانك
أردف الآخر بقوة مرة أخرى وصوت عالي ضاحكًا بقوة:
-كان غرضي خير والله
أجاب عليه “جاد” بقوة مثله ليصل إليه صوته في الخارج يتحدث بضيق وانزعاج يبادله إياه ليشاكسه مثلما يفعل به:
-مش عايز من وشك حاجه خليك مكانك
-بشوقك
نظر إلى زوجته التي كانت تجلس جواره ببطنها المنتفخة للغاية والتي يظهر عليها الإرهاق أيضًا وقال بابتسامة عريضة مُحاولًا التخفيف عنها:
-إنما ايه الحلاوة دي يا مريومة.. هي اللي بتحمل على طول بتحلو كده؟
نظرت إليه بعينين متسعة والضيق يحتل كامل ملامحها مما هي به، لقد أجلت سنة دراسية منذ أن كانت تحمل أول مولود لها إلى الآن وهي على وشك ولادة الثالث!.. كيف فعلت هذا؟:
-تعرف تسكت يا سمير علشان أنا مش طايقة نفسي
يعلم أنها متضايقة لأجل ما وقعت به، ثلاث أطفال ووالدهم وهي تعيلهم، يحب دائمًا أن يشاكسها هي الأخرى ويضايقها في جلستها، هذا يشعره بالراحة:
-وأنا مالي طيب وبعدين هو حد ضربك على ايدك وقالك احدفي اتنين ورا بعض والتالت وراهم
صاحت بقوة وهي تصارع عينيها التي تود البكاء:
-أنا عايزة ضرب الجزمة فعلًا أسكت بقى
ضحك بقوة عليها ثم وضع الفتاة الصغيرة فوق قدميها وقال باستفزاز:
-هدي نفسك يا مُزه

 

 

أتى صوت “جاد” الذي وقف على بداية الصالة يصيح بجدية وحماس لكي يصل صوته إلى والده وعمه في الشرفة، ثم أكمل حديثه وهو ينظر إلى “سمير” بضيق:
-يلا يا حج يلا يا عمي.. خليك أنتَ هنا، يلا يا مريم قومي وسيبيه
وقف “سمير” هو الآخر على قدميه مثلها ورأى تقدم والده وعمه إلى الداخل فاقترب منه يهتف:
-دا أنتَ راجل نتن بصحيح
جلس الجميع على طاولة الطعام، “رشوان” وزوجته وأخيه وزوجته التي كانت تطعم ابنة ولدها الكبيرة “عشق” على ركبتيها، و “جاد” وزوجته التي كانت أيضًا تطعم ولدها “آدم” تقابلها شقيقتها وزوجها الذي حمل “غرام على يده وهو يأكل كي تستطيع زوجته الجلوس براحه وتتناول طعامها جيدًا..
كان جو أسري ملئ بالراحة الشديدة والهدوء الداخلي المنبعث للخارج ليعم السلام على الجميع.. كان جو ملئ بالحماس والذي كان يفعله “جاد” و “سمير” مع بعضهم البعض أمام الجميع متصنعين الضيق من بعضهم ثم في لحظة يتحدوا ليقفوا ضد أزواجهن في بعض الحديث الذي لا يليق بهم..
بعد كثير من الأيام التي مرت عليهم بكامل العذاب والبعد والاحتراق من كثرة الاشتياق، الآن كان يجب أن ينعمون ببعض الراحة والهدوء في حياتهم..
ومنذ ذلك اليوم من خمسة سنوات حلت على سماء حياتهم غمامة سعيدة للغاية لا تمطر إلا فرحة وسعادة ويكون بها بعض الرعد الخفيف الذي لابد منه في أي حياة..
ولكن لا يستطيع ذلك الرعد أن يأثر عليهم فالحب والمطر النقي المنبعث من السماء الصافية أكبر وأعظم بكثير منه فكان دوره ضعيف للغاية وهم الأكثر استخدامًا..
قد تغيرت حياة جميع العائلة من حينها داعين الله عز وجل أن يديم عليهم هذه النعم وهذا الرزق الكبير الذي يلقى عليهم كل يوم، وكأنه مكافأة لما مروا به سابقًا..
وقفت “هدير” على قدميها وأجلست ابنها في مكانها على المقعد جوار والده ثم قالت بابتسامة عريضة ووجه بشوش:
-سفرة دايمه يا حج إن شاء الله

 

 

ابتسم إليها مبادلًا إياها ذلك الحب ثم وقفت شقيقتها هي الأخرى تهتف مثلها بابتسامة تعلو ثغرها:
-نعيش وناكل في خيركم يارب
مضغ “سمير” الطعام الذي كان في فمه وهتف بنبرة خافتة وهو ينظر إلى زوجته المبتسمة بقوة وكأنها ليست تمر بفترة صعبة تخرج عليه كل ما بها من ضيق وانزعاج:
-كهن نسوان بصحيح بتاكلوا بعقولهم حلاوة
استمع إليه “جاد” فاقترب للأمام قائلًا بحدة:
-وأنتَ مالك ما تخرس واطفح ورق العنب بتاعك
جلس الجميع في الصالة بعد تناول الطعام والانتهاء من تنضيف كل شيء، أقترب “آدم” من والده وفي يده ثمرة برتقالة أخذها من طبق الفاكهة الكبير:
-بابا قشرلي البرتقانه دي
كان بيده كوب من الشاي يرتشف منه فوجه حديثه إلى زوجته التي تمسك بالسكين في يدها تقوم بتقشير البرتقال لمن يريد:
-قشريله يا هدير
رفعت بصرها إليه لترى ما الذي يتحدث عنه فلم تكن منتبهه ثم أومأت إليه بجدية مشيرة إلى ولدها بالتقدم:
-حاضر.. تعالى يا آدم
أقتربت “عشق” منها هي الأخرى وبيدها برتقالة مثل “آدم” تقدمها إليها قائلة بلين ورقة فتاة صغيرة الآن ليس كما منذ قليل:
-وأنا يا ماما هدير
-حاضر يا عشق

 

 

كان صوت “غرام” المنزعج يعم الغرفة منذ دقائق وتحاول والدتها معها أن تجعلها تصمت ولكن ليس هناك فائدة، أخذتها جدتها لتجعلها تصمت وسارت بها في أنحاء الصالة ولكنها على وضعها فقال “سمير” بضيق حقيقي:
-اعملي رضعة لبنتك يا مريم بدل الزن ده
وقفت “مريم” في لحظتها لأنها من الأساس كانت تهم لفعل ذلك:
-طيب كنت قايمة أصلًا
أومأ إليها ثم مال برأسه ناحية جاد وهتف بنبرة خافتة كي لا يستمع أحد مرة أخرى:
-في ماتش بعد عشر دقايق نسيبهم وننزل ولا نسمعه هنا؟
مال عليه “جاد” هو الآخر وأخفض صوته مثله حتى لا تستمع إليه زوجته التي لا تستطيع أن جلس معه منذ أيام:
-هنا فين في زن العيال ده إحنا ننزل على القهوة أحسن
-ده رأي بردو
قال “جاد” مرة أخرى بجدية بعد أن قرروا ما الذي سيفعلوه، وقف على قدميه بجدية شديدة وكأنه يهبط إلى عمله حقًا وأردف بصوت عالي ليستمع إليه الجميع:
-أنا هنزل الأول.. عن اذنكم بقى علشان عندي شغل
ثم ذهب إلى الخارج وتركهم يكملون الجلسة مع بعضهم ولكن لحظات مضت عليهم ووقف “سمير” هو الآخر يقول:
-أنا هنزل أشوف جاد كنت عايزة في حاجه ونسيت أقوله
أردفت زوجته أمامه الجميع بسخرية أحرجته وهي تسير إليه ناحية الباب:
-أنزل يا سمير.. قال يعني مش عارفين إن فيه ماتش ورايحين تسمعوه
تسائل باستغراب بعد أن حمحم بخشونة ليخفي إحراجه بعد هذه الكذبة أمام والده وعمه:
-واضحين للدرجادي؟
أومأت إليه بجدية وجوارها شقيقتها فعلت المثل فحمحم مرة أخرى ثم هتف قائلًا وهو يتجه إلى الخارج ليهبط إلى ابن عمه:
-طب عن اذنكم بقى
ثم ذهب هو الآخر وتركهم مع بعضهم يكملون الجلسة وحدهم إلى حين انتهاء السهرة ثم يصعد كل منهم يأخذ زوجته وأولاده ويذهبون إلى بيوتهم..
❈-❈-❈

 

 

 

في خلال هذه السنوات التي مرت عليهم تغير الجميع إلى الأفضل وأصبحت حياتهم أفضل من السابق بكثير، سوى كان بالعمل والأسرة، أو الحب والهدوء الذي عم عليهم مع السلام الداخلي لقلوبهم والإيمان والتقوى المقدمة كهدية من الله عز وجل ليملئ بها قلوبهم..
ومن هؤلاء الذي قد تغيروا كان هناك شخص واحد قد تغير.. لا ليس تغير هذا بل تحول مئة وثمانون درجة إلى الأفضل وكأنه شخص آخر من الأساس..
“جمال” شقيقهم الذي كان يجعلهم يشعرون بالألم طوال الوقت، الذي تطاول كثيرًا بالحديث وبالفعل على أسرته، جمال الذي فعل كثير من الأشياء سابقًا وعندما يتذكرها الآن يخفض رأسه إلى الأرضية فقط خجلًا من نفسه وليس من أحد آخر..
منذ أن ذهب ليعمل في مطعم بـ الإسكندرية وقد ثبتت أقدامه به وأفاد به نفسه قبل الجميع ثم والدته..
لقد عافر كثيرًا مرة هنا ومرة هناك، مرة ينخفض بمركزة عندما ينتقل لمكان آخر ومرة يرتفع به ويكون أجره أكبر من السابق ليرضيه ويستطيع به أن يعيش مكرم هو ووالدته..
والدته التي قد أتى لها بمنزل آخر غير الشقة التي تجلس بها في منزل والد “جاد” منذ ثلاث سنوات تقريبًا اشترى “جمال” بيت صغير مكون من طابقين فقط في الشارع الخلفي لشارعهم في الحارة، هذا بعد أن تعب كثيرًا وحافظ على المال الذي كان يجنيه بالحلال وقد بارك الله له فيه وجعله يكفي ليبتاع منزل كهذا ومهما كان صغير فسيكون له ثمن غالي..
انتقل بأثاث والدته كله من الشقة التي في البيت الآخر وقاموا بفرش الدور الأرضي لها وبقيٰ معها بعض الأشهر القليلة ثم قام بخطبة فتاة من حارة أخرى كانت بالنسبة له مناسبة للغاية فهي من عائلة بسيطة مثله، جميلة إلى حد كبير ورقيقة وتُعرف بأخلاقها واحترامها وقد عُرف هو الآخر باحترامه وأخلاقه في الفترة الأخيرة التي وجدوه الناس بها شخص آخر غير الذي يعرفونه..

 

 

أردفت “مريم” بنبرة جدية وهي تجلس على الأريكة في منزل والدتها الآخر رافعة صوتها قليلًا ليصل إليهم في المطبخ:
-سمير خمسة وجاي يا ماما
أردفت الأخرى من الداخل تُجيبها بصوت عالي لتستمتع إليها في الخارج:
-طيب يا مريم إحنا خلصنا أهو
استدارت تنظر إلى ابنتها الكبرى التي كانت تساعدها في المطبخ منذ أن أتت وقالت بجدية مقترحة:
-ما تروحي تكلمي جوزك أنتِ كمان يا هدير خليه يجي
وضعت الصينية الساخنة التي أخرجتها من الفرن سريعًا على رخامة المطبخ وقالت:
-يا ماما جاد مش هيتأخر دي خطوة
مرة أخرى هتفت والدتها تُصر على حديثها بأن تتحدث مع زوجها لكي يأتي:
-الله طب ما تكلميه يا بنتي
ابتعدت عنها للخلف ثم أجابتها بهدوء لكي تهدأ وتصمت قليلًا حتى ينتهوا من الطعام:
-حاضر بس نخلص وأكلمه يا ماما
خرجت زوجة “جمال” من المطبخ والتي تُدعى “حنان” وصاحت وهي على أعتاب الباب بقوة تسأل “آدم” الذي كان يجلس على أعتاب باب غرفة أخرى في الشقة ويقع تحت أنظارها:
-آدم سيليا معاك؟
وقف “آدم” على قدميه وأتى ناحيتها قائلًا بنبرة طفولية هادئة مُشيرًا إلى الغرفة الذي كان يجلس بها:
-أيوه يا طنط حنان هناك أهي بتلعب مع عشق
انخفضت للأسفل قليلّا بجسدها مُقتربة منه وقالت بحنان وحب وهي تفهمه أن الفتاة صغيرة وتريد اهتمام ليس كمثلهم:
-خلي بالك منها علشان هي لسه صغنونه ومتعرفش حاجه
أجاب وهو ينظر إليها بعمق معتقدًا أنه يتفهم حديثها:
-آه ماهي زي غرام

 

 

نفت حديثه وهي توضح له أكثر قائلة بجدية:
-لأ غرام أكبر منها.. إنما سيليا لسه صغيرة أوي
نظر الآخر إلى الغرفة الذي كان بها معهم هم الثلاثة ورأى “عشق” تجلس مع “سيليا” ابنة خاله “جمال” فهتف وهو يتجه إليهم بنبرة رجل واثق:
-ماشي أنا هروح ألعب معاهم متخافيش وهخلي بالي منهم كلهم
ابتسمت إليه قائلة بحب وهي تقف على قدميها مرة أخرى:
-شاطر يا آدم
أردفت “مريم” ناظرة إلى زوجة أخيها تتسائل عنه بعدما تركهم وذهب:
-اومال جمال خرج راح فين يا حنان مش هو اللي عازمنا الله.. بقى يعزمنا ويمشي ويسبنا
هتفت الأخرى نافية حديثها قائلة بهدوء وابتسامة صغيرة على ثغرها:
-لأ ممشيش ده طلع فوق قالي هجيب حاجه وأنزل
أردفت “هدير” من الداخل بقوة وصوت عالي لتستمتع إليها زوجة أخيها في الخارج وهي تقول بجدية:
-طب إحنا خلصنا أهو اطلعي شوفيه كده علشان هكلم جاد يجي وسمير على وصول
أومأت إليها الأخرى وأردفت بتأكيد على حديثها ثم ذهبت تسير إلى باب الشقة وخرجت منه متجه إلى الأعلى:
-حاضر
خرجت “هدير” من المطبخ وأخذت هاتفها من جوار “مريم” ثم فتحته وقامت بالاتصال بزوجها لكي تستعجله بالوصول إليهم:
-ألو أيوه يا جاد.. ما تيجي يلا
أغلقت الهاتف بعد أن أكد عليها أنه قادم ثم دلفت إلى المطبخ وهي تصيح إلى والدتها بقوة:
-يلا يا ماما جاد جاي أهو

 

 

بعد أن دلفت إلى المطبخ دق باب المنزل فوقفت “مريم” على قدميها ولفت حجابها على رأسها بأحكام ثم تقدمت بهدوء لتفتح الباب، بعد أن فتحته وجدته زوجها الذي مال على وجنتها مقبلًا إياها بسرعة غامزها بعينيه وابتسم إليها بحب كبير ومرح لا يخلو من تصرفاته..
افسحت له الطريق ليدلف إلى الداخل وبعد أن دلف ورأته ابنته الكبيرة “عشق” التي تحبه كثيرّا انطلقت تركض ناحيته ففتح لها ذراعيه وأخذها بينهم يرفعها عن الأرضية وهو يقف بشموخ ومالت هي عليه تقبله من وجنته قبلة بريئة رقيقة منها..
لحظة فقط ودق الباب مرة أخرى لتفتح “مريم” ودلف شقيقها وخلفه زوجته، دلفت زوجته إلى المطبخ بعد أن رميت السلام على “سمير” مطمئنة على أحواله وتقدم هو إليه يعانقه بقوة يسلم عليه بحرارة..
أتى “جاد” هو الآخر بعد لحظات ففتح له “جمال” يسلم عليه بحرارة هو الآخر، دلف إلى داخل غرفة أخرى صغيرة للضيوف غير الصالة، ثم لحظات بينهم في الحديث ووقف على قدميه يود الذهاب إلى المرحاض لغسل يديه..
مر على المطبخ ناظرًا داخله بطرف عينيه، لم يرى إلا هي بالداخل وتقف بعباءة ضيقة للغاية قديمة لا تناسبها، وخصلات شعرها ترفعها بدبوس كبير وليس عليها حجاب..
دلف إليها المطبخ وأردف من خلف ظهرها بقوة وجدية شديدة مستغرب من مظهرها هذا:
-ايه اللي أنتِ عملاه ده
استمعت إلى صوته خلفها فاستدارت سريعًا تنظر إليه ولم تفهم ما الذي يتحدث عنه فأشار لها برأسها وعينيه على مظهرها، قالت سريعًا تنفي ما توصل إليه عقله مردفة بلهفة:
-مخرجتش بره والله وسمير جوا ولا حتى عديت من قدام المطبخ أنا زي ما أنا هنا وجايبه عباية تانية معايا
تقدم للداخل قليلًا وأردف قائلًا بنبرة خشنة وهو يقف أمامها بعينين رمادية حادة:
-ولما أنتِ معاكي غيرها لابسه دي ليه
أردفت بصدق وجدية:
-من ساعة ما جيت يا جاد وأنا بساعدهم في المطبخ فقولت ألبس دي علشان مفيش حد هنا
أومأ إليها برأسه قائلًا:

 

 

-ماشي روحي بقى غيري هدومك دي والبسي طرحة
-حاضر
ذهب إلى الخارج مرة أخرى يتوجه للمرحاض كما كان ذاهب من البداية بعد أن ألقى تعليماته على زوجته المصون..
دلفت والدتها وزوجة أخيها إلى المطبخ ليقوموا بوضع الطعام لتناوله، ولكنها أردفت قائلة وهي تتجه نحو باب المطبخ لتخرج منه وتفعل ما قاله لها زوجها:
-ماما أنا هدخل البس عبايتي وانتوا حطوا ليهم الأول وإحنا ناكل بره
-طيب ماشي
بعد أن تناولوا الطعام وجلسوا سويًا بعض الوقت في هدوء وراحة لم تكن معتادة سابقًا ولكنها قد حدثت بفضل الله بعد أن ألهم شقيقهم على طريق النور والخير الذي يأخذ منه كل ما هو حلال بقدر كافي له.. ذهب “جاد” إلى عمله مرة أخرى وكذلك “سمير” وتركوا زوجاتهم في بيت شقيقهم يجلسون سويًا بعض الوقت الأكثر من هذا يخلدون لحظات جميلة داخل ذاكرتهم غير تلك المليئة بالألم..
أردف “جمال” بصوت عالي وهو في صالة المنزل يهتف بإسم شقيقته “هدير” مناديًا إياها، خرجت إليه فأخذها ودلف إلى إحدى الغرف وأغلق الباب من خلفه..
نظرت إليه بعمق واستغراب ترى ما الذي يفعله، وجدته يخرج من جيبه قطعة قماش صغيرة وتقريبًا داخلها شيء، قدمها إليها وهو بقى أمامها قائلًا بنبرة جادة:
-خدي دول حقك وحاجتك
أبصرت قطعة القماش ثم رفعت بصرها عليه وتسائلت باستغراب:
-ايه دول
تنهد بهدوء، أخفض وجهه إلى الأرضية بخجل ثم رفعه إليها مرة أخرى قائلًا بصوت خافت خجل مما فعله:
-الغوايش اللي اخدتها منك.. عارف إني اتأخرت عليكي بس أنتِ كنتي شايفة الظروف
وضعت كف يدها على يده المقدمة إليها وعادت بها للخلف وهي تقول باستنكار ورفض تام:
-أنتَ اتجننت ولا ايه أنا مش هاخد الغوايش دي
لم يكن هو على استعداد أن تجعله يأخذهم مرة أخرى، فهذا حقها ومالها ومال زوجها وهو من اغتلسه منها بالسرقة وعليه أن يعود به إلى أصحابه:

 

 

-عليا الطلاق لازم تاخديهم
صدح صوتها بحدة بعد أن استمعت يمينه الذي انهته عنه سابقًا كثيرًا:
-قولتلك مليون مرة بلاش تحلف على حاجه بالطلاق أنتَ مش بتتعلم
أجابها بهدوء وجدية ثم أكمل بخجل وهو يمد يده إليها مرة أخرى مُردفًا:
-ياستي معلش.. خدي بقى الغوايش بتاعتك مش كفاية إني صغرت قدام جوزك
ابتسمت بسخرية جلية مستنكرة مُجيبة إياه بصدق تهتف بما حدث حقًا:
-جوزي؟. تصدق بالله جاد ما سألني عليهم ولا مرة ولا يعرف أنا معايا دهب ايه ولا معايش ايه
أومأ برأسه وقال بهدوء:
-عارف إنه كريم ومش بيدقق
نظرت إليه بدقة، ضيقت ما بين حاجبيها مثبتة عينيها عليه تتسائل:
-يعني أنتَ أمورك تمام يا جمال؟ لو محتاج فلوس خليهم والله أنا مش عيزاهم
أردف هو ضاحكًا قم أكمل بجدية ورضا تام ظاهر في كامل حديثه:
-وتوقعي طلاقي؟ وبعدين الحمدلله مستورة أوي
أمسك بكف يدها ثم وضع فيه الأسوار وأجابته هي بابتسامة راضية عنه وعن ما يفعله:
-دايمًا يا حبيبي.. دايمًا
فُتح الباب بقوة كبيرة على حين غرة وظهرت منه “مريم” ببطنها المنتفخة الممتدة أمامها قبل دخولها هي، قالت بصوت عالي يحمل داخله الحماس وملامحها تدقق عليهم:
-بتعملوا ايه قفشتكم
ابتعدت “هدير” للخلف بوجه عابس مصطنع قائلة بمرح ومزاح:
-ها قد أتت مفرقة الجماعات
أشارت إلى بطنها بيدها تهتف بسخرية على حالها قائلة بتهكم:

 

 

-أنا؟ طب بالذمة يا جمال يا خويا أنا بمنظري ده أعرف أفرق حباية رز عن التانية
ابتسم جمال بهدوء فاقتربت هي للداخل تقف جوارهم فقال بصدق:
-بصراحة لأ
هتفت بمرح مُجيبة عليهم وهي الأخرى تبتسم:
-اومال ايه بقى بتظلموني ليه وأنا إنسان غلبان
أقترب منهم جمال يقف في المنتصف بينهم وحاوط كل منهن بيده، عانقهم بيده الاثنين عناق أخوي لم يحدث من قبل ولكنه يحدث الآن ودائمًا، بعد كثير من الفراق والألم، بعد اشتياق وعذاب كثيرًا، عوض الله الجميع بما يستحق بعد معافرة كبيرة وعاقب من يستحق على عمله من تخريب في نفوس البشر..
-ربنا يخليكم ليا يارب
وضعت “مريم” يدها على صدره ومالت برأسها عليه مردفة:
-ويخليك لينا يا جمال
والأخرى كمثل قائلة بابتسامة عريضة وفرحة كبيرة تدق داخل قلبها بعد أن استقرت الحياة بهم في مطاف واحد كان الأفضل من الأفضل نفسه:
-يديمك في حياتنا نعمة يا أبو سيليا
وقفت والدتهم على أعتاب باب الغرفة ناظرة إليهم بعينين دامعة، متى كانت تتمنى أن ترى هذا!؟ منذ زمن بعيد وهي تتمنى أن ترى ابنها الأكبر بينهم يحتويهم ويكن لهم العون والسند في الحياة، والآن وبعد كثير من الأعوام الذي مضت هو هكذا يلبي طلبها ويقف جوارهم ويكن لهم خير الأخ والصديق..
رحيل “مسعد” عن حياتهم غير بها الكثير والكثير وكأنه كان الشيطان الذي يوسوس في النفوس ثم من بعد اختفائه عادت النفوس ملائكه، ليعم الخير والسعادة، الفرح والراحة وكل ما هو يطيب خاطر الإنسان ويجعله مطمئن، عاد كل ما هو جميل من عند الله الذي يعطيهم أكثر مما يستحقون، بعد ذلك الصبر، صبرًا جميلًا من بعده حياة..
❈-❈-❈

 

 

“اليوم التالي”
وقفت “هدير” في مطبخ شقتها تُنهي تحضير الطعام بعد أن استمعت إلى انتهاء الصلاة في المسجد والآن سيكون زوجها وولدها الصغير متوجهين إلى المنزل..
لحظات خلف الأخرى تعد الطعام بحب وليس بيدها، ترشه سعادة بعيده عن ملح الطعام، تدندن بفرحة الحياة وابتسامتها السعيدة المقدمة إليها بعد أن نالت ما تستحقه منها على حق..
خرجت إلى الصالة بعد أن فتح باب الشقة واستمعت إلى أصواتهم في الخارج، نظرت إليهم بحب كبير وراحة لأ نهائية شعرت بها عندما أبصرت زوجها يقف على أعتاب باب الشقة بهذه العباءة البيضاء الخاصة بصلاة يوم الجمعة، ذقنه مهذبه ووجهه بشوش، شعره مصفف بعناية وملامحه تبتسم بالكامل، كل هذا غير عينيه الساحرة التي تجعلها تموت داخلها..
أقترب الصغير منها ركضًا يبتسم بسعادة وكان هو الآخر يرتدي عباءة صغيرة بيضاء كوالده قد أتى بها جده “رشوان” إليه، كان الصغير يشبه والده بالمعنى الحرفي، عينيه رمادية مثله ولكنها حادة قليلًا تظهر بوضوح أكثر من “جاد”، أنفه مثله وشفتيه وكل ما بوجهه يشبهه ولكن طريقته وحديثه لا يشبه إلا جده “رشوان”..
أقترب منها يهتف بصوت عالي وبفرحة كبيرة:
-صليت.. صليت يا هدير
أقتربت منه جالسة على عقبيها على الأرضية وقبلته من وجنته بقوة مبتسمة بسعادة هي الأخرى قائلة بمزاح أم ودلالها الذي لا يعجبه:
-ياختي كبرت وبقت تصلي يا ولاد
عاد للخلف قليلًا ناظرًا إليها بقوة وهتف بنبرة منزعجة:
-ياختي مين وكبرت مين يا ماما أنا آدم
استدار ينظر إلى والده بقوة مُردفّا بضيق يشكي إليه من والدته الذي تزعجه دائمًا بحديثها كجدته بالضبط:
-ينفع يا بابا تقولي ياختي بيضة قدام عشق تقول عليا ايه يعني
أقترب “جاد” للداخل وهو يبتسم قائلًا بنبرة جادة لكي يشاكسها:

 

 

-لأ طبعًا غلط.. أنتَ راجل إزاي تقولك كده
صاح الآخر بطريقة طفولية جميلة للغاية وهو يظهر انزعاجه لهم:
-الله طب ما تقولها
صاح والده هو الآخر يجاريه في حديثه قائلًا:
-منا بقول أهو
وقفت هي على قدميها ثم أشارت لهم هم الاثنين وقالت بجدية شديدة لكي تقوم بوضع الطعام كي يأكلون سويًا:
-طيب يا حلو أنتَ وهو غيروا علشان ناكل
أقترب منها “آدم” مرة أخرى وهنا قال بنبرة خافتة بريئة سائلًا عن طلبه الذي قال لها أن تقوم بعمله واتضح أنه يحب أكل هذه الأصناف كعمه بالضبط:
-عملتي محشي يا ماما زي ما قولتلك
ابتسمت إليه وأومأت برأسها مُجيبة إياه بحب مكملة بجدية لكي يبدل ملابسه:
-عملت يا روح ماما يلا غير بقى.. هدومك جوه على السرير أنا مطلعاها
بعد أن دلف الصغير للداخل أقترب منها “جاد” مُبتسمًا وهو ينظر إلى قميصها ذو اللون الأسود، طويل يصل إلى قدميها ولكنه يلتصق عليها بطريقة تتلف أعصابه، به فتحه من الجانب ككل ما عندها لتغريه أكثر وأكثر وهو من الأساس لا يحتاج لكل ذلك..
عنقها بالكامل يظهر ويتنافى مع لون القميص بطريقة ترهقه فهي تتمتع بلون بشرة بيضاء بشدة، وخصلاتها التي عقصتها للأعلى وفي كل الأحوال هي ترهقه فقط من نظرة عين..
هتف بخبث ومكر وهو يقف قبالتها ناظرًا إليها بقوة:

 

 

 

-إنما ايه الحلاوة دي يا وَحش.. مكنش فيه حفلة امبارح ولا حاجه
أقتربت هي الأخرى تضع يدها على كتفه قائلة بسخرية واستنكار مُضحك:
-وهو أنا ببقى حلوة بعد الحفلة بس ولا ايه
تسائل بنبرة لينة مُريحة هادئة توضح كم السعادة التي ينعم بها معها وفي ظل وجودها جواره كل هذه السنوات:
-مين قال كده أنتَ جميل في كل وقت يا جميل
ابتسمت إليه بهدوء بعد أن ثبت حديثها بحديثه المصاحب لمعاني كثيرة داخله:
-طب يلا روح غير علشان نتغدا بقى
غمزها بعينيه الرمادية الساحرة متسائلًا بنبرة خبيثة ماكرة منتظر إجابة يود سماعها:
-طب وبعد الغدا.. ها
أردفت هي بنبرة لينة متدلله بوضوح وقوة كبيرة وهي تهبط بيدها من عليه تمر على صدره:
-ما تخلص يا جاد بقى
أشعلت النيران داخله وهي من الأساس مشتعلة دون تدخل أحد، ولكنه لا يتحمل أكثر من هذا، كل هذه الرقة والجمال الذي يواجهه يوميًا:
-يقطع جاد على سنين جاد
ضحكت بصوت عالي وقالت مُستنكرة:
-الله طب وليه كده
أقترب أكثر يقول بنبرة خافتة:
-جمالك يا وَحش محيرني
خرج “آدم” من الغرفة إلى غرفة السفرة معتقدًا أنها وضعت الطعام ولكنه لم يجد شيء استدار يصيح بقوة كبيرة وصوت صارخ:
-فين الأكل ده يا ماما

 

 

نظرت إليه على الطرف الآخر وهتفت بقوة متناسية من الأساس أن هناك طعام عليها أن تضعه:
-أيوه حاضر يا آدم أهو ياحبيبي
نظرت إليه هو الآخر مرة ثانية وقالت بصوت خافت خجل ووجهها يحمل الجمال كله والرقة التي لا يوجد مثلها:
-اخلص بقى
أبتعد ذاهبًا إلى غرفة النوم وهو يغمز إليها مُجيبًا بقوة وتوعد:
-لينا كلام تاني يا وَحش
ثم اختفى داخل الغرفة ودلفت هي الأخرى إلى المطبخ لتأتي بالطعام إلى غرفة السفرة ليتناولوه سويًا في ظل جو أسري محبب إليهم بعد حديث جاد ومشاكسة ابنه، في ظل محبتها لهم ورؤيتها للسعادة داخل بيتها..
❈-❈-❈
“في المساء”
وقف في صالة المنزل شامخًا وهتف بصوتٍ عالٍ قليلًا لكي تستمع إليه والهاتف بيده:
-أنا في بلكونة الصالة.. هاتي الشاي وتعالي
أجابته من الداخل بنبرة عالية:
-ماشي
ذهب هو إلى الشرفة، فتحها ودلف إليها بهدوء ثم أغلق الباب خلفه وجلس في الداخل على المقعد والهاتف بيده يجري اتصال بأحد ما، بينما هي كانت في الداخل تحضر كوبين من الشاي لهما سويًا في جلسة صفاء بينهم..
دقائق وانتهت من تحضيره ثم أخذت كوبين الشاي على صينية صغيرة بعد أن ارتدت عباءة بيتية وأحكمت الحجاب على رأسها وذهب إليه في الشرفة..
فتحت بابها بهدوء ودلفت إليه تجلس على المقعد المقابل له ووضعت الصينية على سور الشرفة، وجدته يتحدث في الهاتف وكان يُنهي المكالمة، وضع الهاتف على سور الشرفة جوار الصينية بعد أن أنهى المكالمة فتسائلت بجدية:
-كنت بتكلم مين؟

 

 

تحدث بنبرة عادية ينظر إليها بهدوء:
-ده عبده والجماعة بيسلموا عليكي
ابتسمت بهدوء وظهر الاشتياق على ملامحها فقد رحل “عبده” من هنا بعد أن تزوج من “رحمة” صديقتها، كانت الظروف بالنسبة إليه صعبة للغاية فقرر البحث عن محافظة أخرى يتوفر بها عمل أفضل من هذا له لأن عمله مع “جاد” في النهاية لن يجني له ما يكفي أسرة كاملة..
-عليك وعليهم السلام.. ربنا يصلح حالهم
مد يده وأخذ كوب شاي ثم قدمه إليها أولًا فأخذته منه، ثم مد يده ثانية وأتى بكوب إليه يرتشف منه بهدوء قال بجدية:
-كنتي خلي آدم ينام في اوضة الأطفال
عادت للخف بظهرها تستند إلى ظهر المقعد وعقبت على حديثه قائلة بهدوء ولين وهي تتذكر صغيرها نائم عليها بكل براءة:
-بعد ما نام جوه نقلته
ارتشف من كوب الشاي ثم أخفضه من على فمه قائلًا باقتراح يود تنفيذه اليوم قبل غد:
-المفروض يتعود ينام فيها
اعترضت مكرمشه ملامحها ناظرة إليه بقوة وصوتها هادئ كما هو تنظر إليه بجدية:
-لأ لسه شوية يا جاد مقدرش اسيبه لوحده دلوقتي
استنكر إجابتها عليه، تتركه هو وحده هذا لا يهم لكن أن تترك ابنها الصغير فلا إنه صغير وأنتَ الأكبر عليك التحمل وأن تجعل عقلك أكبر من هذا:
-بس تسيبيني أنا مش كده
سألته باستنكار مُشيره بيدها الحرة من كوب الشاي:
-وأنا سيبتك امتى؟
ضيق عينيه الرمادية ذات اللمعة الرائعة عليها وقال بسخرية ويبدو حقًا منزعج من هذا الوضع الذي لا يجعله يأخذ راحته معها:
-مش بينام في نص السرير بينا

 

 

 

صدحت ضحكتها في المكان وهي تراه منزعج هكذا وكأنه هو طفل صغير يغير من أخيه الذي تفضله عليه والدته:
-معلش يا جاد اعتبره زي ابنك
هتف بجدية ينبهها أنهم يجلسون في الشرفة أي في الشارع:
-صوتك في ايه
أومأت إليه برأسها فعاد مرة أخرى إلى موضوعه غامزًا لها بعينيه مُبتسمًا وكأنه يقدم إليها معروف وينتظر المكافأة:
-علشان خاطرك بس
أردفت قائلة بابتسامة هادئة ترتسم على ثغرها الوردي الصغير:
-طب أشرب الشاي وخلصنا عايزة أقولك أخبار حلوة
أخفض الكوب مرة أخرى بعد أن ارتشف منه وتسائل باستغراب وعينيه مثبتة عليها:
-أخبار؟.. أخبار ايه دي؟
أجابته بجدية والإبتسامة على وجهها ثم رفعت كوب الشاي ترتشف منه بهدوء مثله:
-اشرب الشاي وندخل جوه وأقولك
تسائل بنبرة جادة يستغرب حديثها:
-اشمعنى

 

 

علقت على حديثه بقوة لأنه لا يطيق الإنتظار أبدًا ويريد أن يعرف كل شيء في وقته، كما عودته في الفترة الأخيرة، أن كل شيء بينهم واضح وصريح وكأنهم كتابين مفتوحين أمام بعضهم:
-كده يا جاد كده
لوى شفتيه ببرود وأكمل ارتشاف الشاي قائلًا:
-طيب ياستي براحتك
دقائق مرت عليهم وهم في الشرفة ينتقلون من هنا إلى هنا في الحديث ثم دلفوا إلى الداخل بعد أن أغلق “جاد” الشرفة وتقدمت زوجته بالصينية إلى المطبخ لتضعها به، دلف هو إلى غرفة نومهم ينتظر قدومها وهي خرجت من المطبخ إلى غرفة الأطفال الصغيرة لتطمئن على صغيرها…
دلفت إلى غرفة نومهم وكان هو يجلس نصف جلسة يستند بظهره إلى ظهر الفراش، وقفت أمام المرآة ثم أبعدت عنها هذا الحجاب والعباءة هي الأخرى ليظهر من أسفلها ذلك القميص القصير..
ترتدي قميص قصير لونه أحمر ناري يصل إلى منتصف قدميها البيضاء الناعمة، به رسومات صغيرة للغاية تجعله يظهر بشكل مغري عليها، بحملات أكتاف رفيعة للغاية..
تركت لخصلات شعرها العنان خلف ظهرها ثم استدارت تنظر إليه بابتسامة بعد أن رأته من خلال المرآة مثبت بصره عليها منذ أن دلفت إليه..
أقتربت وجلست على حافة الفراش جواره ثم أمسكت كف يده بين يدها الاثنين وفي لحظة خاطفة كانت تضعه على بطنها قائلة بشغف وحب:
-جاد… أنا حامل
اعتدل في جلسته وأبتعد عن ظهر الفراش يجلس باستقامه أمامها وعينيه الرمادية تتحرك على عينيها بسرعة فلم يكن يتخيل ذلك الآن فهي لم تأخذ أي وسيلة فقط استمر الإنتظار ليس كما شقيقتها وتسائل بصوت خافت:
-بجد

 

 

أومأت إليه برأسها وعينيها تضحك بسعادة ثم أكملت ضاحكة كي تذكرة بما حدث سابقًا ولكن هذه المرة على طريقة المزاح:
-أيوه.. ولسه عارفه امبارح علشان متسألش السؤال ده تاني
كرمش ملامحه وأجابها بتهكم:
-قلبك أسود أوي
ضحكت بصوتٍ عالٍ وهي تنظر إليه فمال عليها يعانق إياها بشدة قائلًا بسعادة وحب ثم أكمل بمرح:
-ألف مبروك…. عقبال التالت والرابع والخامس..
أبعدته للخلف وقاطعت حديثه الذي وجدته يستمر به وكأنها ستفعل ذلك حقًا:
-ايه هما اتنين كفاية
أخذ يدها بين كفيه برقة يضغط عليها وقال بجدية وهو ينظر داخل عينيها بقوة وود لو فعل ما يهتف به معها حقًا، هنا سيكون أمتلك كل ما في الدنيا:
-كفاية أوي بس نقدر نربيهم التربية الصح
وضعت يدها الأخرى على وجنته تحرك إصبعها الإبهام عليه بحنان ودلال ظهر في كل تعابيرها التي تخرج منها دون أدنى مجهود:
-طلما أنتَ أبوهم يبقى هيتربوا أحسن تربية يا جاد
رفع يدها إلى فمه يقبلها بسعادة بالغة وفرحة كبيرة أخذها على هيئة خبر سعيد منها، لقد أمتلك كل شيء حقًا ما الذي يريده بعد:
-مبروك يا أحلى حاجه حصلت في حياتي
أقتربت منه قائلة بحب ونظرتها متعلقة به:
-يتربوا في عزك يا ابن أبو الدهب

 

 

بعد أن طال الإنتظار لينجب مرة أخرى لم يكن طامع كثيرًا في ذلك.. كان يوده ولو قال أكثر من السابق سيكون حقيقه ولكنه لم يكن يريد أن يكون من طامعي الدنيا فيأخذ كل شيء ولا يترك شيء للجنة يأخذه معها:
-الواحد يحبك أكتر من كده ايه بس
رفعت حاجبيها إلى الأعلى معقبة باستغراب:
-للدرجة دي
رفع رأسه ونظر إلى خلفها قائلًا بحماس وجدية في نفس الوقت وعينيه تقص كم يحبها مُردفًا معهم كل ذلك وأكمل ناظرًا إليها:
-ياه… وأبعد كمان وكمان وكمان.. بأمانة بحبك حب مش موجود في الدنيا دي ولا عمري اتخيل إنه يكون موجود
صاحت بقوة هذه المرة تريده أن يعرف أنها تحبه فوق حب المحبين حبًا فلا يتخيل نفسه يحبها أكثر مما تحبه:
-ليه إن شاء الله وأنا ايه منا بحبك أنا كمان وشيفاك كل حياتي
ضغط على يدها بقوة وعينيه الرمادية الرائعة مثبتة على عينيها العسلية يردف لها بكل الحب والصدق الذي داخله، يلقي عليها كل العشق والإخلاص الذي اجناه معها قائلًا بشغف غير مبالغ فيه:
-هدير أنتِ روحي وعمري كله.. أنتِ النفس اللي مخليني عايش
ابتسمت إليه وأدمعت عينيها وهي تنظر إلى داخل عينيه مباشرة وتستمع حديثه عنها، فلم تجد شيء تقوله وتعبر به عن حبها له وكم أنه الفاصل الوحيد بين السعادة والحزن:
-وأنتَ ندوب.. ندوب فضلت مكان الجروح علشان كل ما أشوفها أضحك وأحمد ربنا أنها حصلت علشان تبقى أنتَ ليا يا أحسن راجل في الكون كله
لم يكن يريد منها أكثر من هذه الكلمات لتكون إشارة له في البدء مرة أخرى للسير على طريق الحب والسعادة، أقترب منها بوجهه وجسده مشتاقًا إليها وكأنها منذ زمن بعيدة عنه، أقترب مقبلًا شفتيها برقة وحنان بالغ وكأنه يعامل قطعة حرير غالية الثمن لا تخص إلا الملكات المتوجة، ولم تكن تريد هي أكثر من أمير المملكة ليقترب منها ويسرد عليها بطريقته الخاصة كم يحبها ويجعلها تجلس داخل قلبه متربعه على العرش..
رأيت الندوب كم هي جميلة؟.. منذ البداية تطاردنا الجروح، تنزف دماء كثيرة وبغزارة تجعلنا نرى الحياة أسوأ بكثير مما هي عليه، تشوه جسدنا وتجعله بصورة بشعة للغاية، تترك ذكريات محفورة في القلب والعقل وما نبض داخلك، كلما تذكرت منها شيء صرخت، رأيت الجروح الكريهة؟. هي التي تركت لك “ندوب الهوى” لتذكرك بكل ما مضى من ألم وآنين يتحول لضحكات ساخرة وهي ترى الحب والهوى يسيطر عليها من كل جانب
تذكر!!.. أن الله هو العون في كل طيب وخير، مادمت على الطريق المستقيم، مادمت تريد الحلال في حياتك يُنيرها كضوء القمر الساطع..
❈-❈-❈
“تمت بحمد الله”

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ندوب الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى