روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الخامس والسبعون 75 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الخامس والسبعون 75 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الخامس والسبعون

رواية أغصان الزيتون البارت الخامس والسبعون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الخامسة والسبعون

||^أغـصان الـزيتـون^||
الفصل الخامس والسبعون :-
الجُـزء الثـاني.
“أحيانًا تختار الجريمة من يستحق أن يحمل أثمها.”
_______________________________________
خرجت “سُلاف” أثر صوت الضجيج الذي اشتعل بالخارج، كي تتفاجأ برؤية “راغب” هنا بين الحاضرين ويبدو عليهما نشوب المشاجرة بينهما، لولا أفراد الشرطة الذين شكلوا حواجز فاصلة بينهما قبل أن يتفاقم الوضع. في الأخير اصطحبت الشرطة “حمزة” من بين الجميع وذهب معهم للمخفر بعد التأكد من قرار النيابة بالقبض عليه، وسط ذهول “صلاح” الذي لم يصدق ذلك الإدعاء الواهي، والأصعب من ذلك هو تقبل ما رآه من وضع مريب وشائك بين “حمزة” و “راغب” لأول مرة منذ بداية تعارفهم، مما دفعه لأن يسأل “راغب” بحزمٍ مستهجن :
– إيه اللي حصل بينكم يا راغب ووصلكم لكده! في إيـه فهمني؟
لم يبالي “راغب” كثيرًا، فقد أحرق السفن في كل الأحوال؛ لكنه بقى على ذكرى حبيبته التي لم يرغب في فضح ما كان بينهما بنفسه وصفته، فـ تستر على الأمر قائلًا :
– أسأل ابنك.
والتفت موليه ظهره كي ينصرف، ثم توقف فجأة وحانت التفاته من رأسه ليُعلمه أمرًا غاية في الأهمية :
– على فكرة ياعم صلاح، أنا سيبت مكتب القرشي خلاص وعملت مكتبي الخاص، عن أذنك.
تعقبته نظرات “صلاح” مذهولًا من تطور الأحداث بهذه السرعة وخروجها عن سيطرته، وبالأخص عدم فهمه لما دار بين الشابين اللذان كانوا – أقرب ما يكون – لبعضهما البعض. عاد “صلاح” لسرادق العزاء مُجبرًا نفسه على الظهور بمظهر طبيعي لئلا يلفت الإنتباة أكثر بين المتواجدين، فوقف “شافعي” جواره محاولًا استغلال الموقف أفضل استغلال، حتى يكبر في عيني “صلاح” ويحتل المكان الذي يسعى إليه منذ وقت :
– لو عايز تروح وراه روح يا باشا وانا هنا.
هزّ” صلاح” رأسه بالرفض دونما يبين أي شئ للمحيطين الذين بدأو التهامس منذ وقت :
– مش هينفع نلفت النظر أكتر من كده، أنا عارف حمزة هيعرف يتصرف ويخلص نفسه، أنا عارف إن اللي حصل مجرد تشويه لمعالم القضية.
أجفل “صلاح” جفونه ورأسه تعمل گالترس، ليس ذلك فقط، بل إنه بدأ يتشكك في أمورٍ رفضت عواطفه الأبوية تصديقها، ماذا لو كان ما يعيشه حقيقة؟ ماذا لو كان ولده الوحيد هو قاتل ابنته؟.
**************************************
ظلت سيارتها تحوم حول المخفر حتى استقرت في مكان ما قريب، عيناها تتطلع للمخفر بترقبٍ مضطرب، وعقلها يتسائل ما إن كان له يدّ فعلية في هذه القضية، أم إنها مكيدة مدبرة؟، في الحالتين النتيجة سيئة. تأفف “عِبيد” منزعجًا من تواجدهم هنا الآن، ونظر نحوها مستنكرًا وهو يردف :
– اللي بنعمله ده غلط يا سُلاف، احنا جايين ورا ابن القرشي ليه دلوقتي!.
لم تحيد “سُلاف” نظراتها عن المخفر وهي تجيب :
– لازم نوصل للحقيقة يا عِبيد، لازم اعرف هو اللي عملها ولا لأ.
– وإيه الفايدة ؟
التفتت رأسها لتنظر نحوه، وانفعلت وهي ترد قائلة :
– لو كان جحوده وصل للدرجة ده وهو اللي عملها مش هخليه يخرج من هنا، مش هيشوف الشمس تاني.
كأن ضحكة “يسرا” لها أُضيئت أمام عينيها، فـ استشعرت التزامها ناحيتها، وأن مسؤوليتها تجاه استرداد حقها مسؤولية لا تقبل المناقشة :
– هردلها حقها مهما كان مين الفاعل، مش هسيب يسرا تموت مرتين، كفاية أوي اللي حصلها واللي شافته.
*************************************
شاهد “حمزة” ذلك المشهد الذي صدع تماسكه، فـ أحيا من جديد ذكرى اليوم الأخير لها، والمرة الأخيرة التي رآها فيها، حينما خذلها وتكبر عن الغفران، فـ وقعت لقمةٍ سائغة بين أنياب قاتلها.
—عودة بالوقت للسابق—
فتح الباب وجرّها للخارج جرًا، دفعها فـ سقطت على الأرض، ليصيح فيها :
– متحاوليش تيجي هنا تاني عشان خلاص مفيش حاجه تتقال، ولو حاولي مرة تانية أنا ممكن أقتلك يا يسرا، هـقـتلك عـشان أمـحـي أثر اللي عملتيـه كـله يا خـاينة.
استندت على الأرض ونهضت، فـ كان قد صفع الباب خلفها، طرقت عليه بقوةٍ خائرة ومازال صوتها ممزوجًا بنبرات البكاء :
– يا حمزة سامحني، أرجوك متعملش معايا كده؟.
تعالت شهقاتها ولم تتوقف عن التوسل إليه :
– حمزة أنا ماليش غيرك.. أفتح وخلينا نتكلم تاني.
لم تجد أي رد، أو أي صوت من الداخل، بل أن الأنوار كلها انطفأت وساد الهدوء الشديد، فـ سحبت ساقيها بصعوبة وهي تكافح ضعفها، وآخر ما قالته قبل أن تنصرف :
– بكرة تندم يا حمزة، بكرة تندم أنك رمتني كده.
— عودة للوقت الحالي —
إن كانت ميتة الآن فهو يلوم نفسه لأنه أحد الأسباب التي أوصلتها لذلك المنحدر الذي تهاوت منه فماتت مقطوعة الرأس. أصرف “حمزة” عيناه عن ذلك المشهد الذي هددها فيه صراحة بالقتل دون أن يرفّ له جفن، وشغل باله بمحاولة الخروج من هنا بأي طريقة :
– فين أذن النيابة بالكشف على كاميرات بيتي؟.
أجابه ضابط المباحث معلنًا عن طريقة وصول ذلك المقطع لأيديهم :
– إحنا لسه هنفرز الكاميرات يامتر، المشهد ده وصلنا وبناء عليه فتحنا التحقيق ضدك.
نهض “حمزة” عن جلسته، وبدا واثقًا مغترًا وهو ينفي كفاية دليل گهذا على اتهامه بإرتكاب جريمة قتل :
– ده مش كفاية عشان تفتح تحقيق ضدي يا حضرت الظابط، مشاجرة عادية بين اتنين اخوات، وبعدها زي ما سيادتك شوفت أنا رجعت دخلت بيتي لوحدي.
سحب ضابط المباحث صورة من ملف القضية، وناوله إياها وهو يقول :
– تعرف الراجل ده؟
كانت صورة مشوشة إلى حدٍ ما، لكن ملامح صاحبها واضحة للعيان، نظر فيها “حمزة” أقل من دقيقة ثم أردف :
– معرفوش.
فصرحّ له ضابط المباحث بهوية الرجل المذكور :
– اللي في الصورة ده شعبان ابو سنه، شهرته سمك، مسجل خطر وعليه أحكام هربان منها، عارف ده يبقى مين؟؟
تنهد “حمزة” بنفاذ صبر، ونفى معرفته المسبقة بذلك الرجل :
– لأ معرفوش.
– ده القاتل الحقيقي لأختك.
برقت عيناه مصدومًا، وعاد ينظر لقاتلها بغضبٍ شديد، كأنما يحفر تلك الملامح في ذهنه، ينسخ منها نسخ عديدة حتى لا ينسى أبدًا ذلك الجاحد الذي قتلها بدمٍ بارد وحرمه فرصة التسامح بينهما. تصلبت شعيرات بدنه بقشعريرةٍ مرتعدة، وقبل أن يطرح أسألته كان ضابط المباحث يوضح أكثر عن هوية الرجل :
– ده يبقى جوز أخت الراجل بتاعك.
عجز عقله عن ترجمة تلك الكلمات، وعلق ذهنه على هناك على تلك الكلمة :
– الراجل بتاعي!!.
نهض “ضابط المباحث” عن مكانه وهو يوضح أكثر :
– آه.. زيدان اللي ماشي معاك في كل حته آخر شهرين.
سحب صورة أخرى من الملف وناولها له وهو يتابع :
– شوف كده الصورة دي.
نظر “حمزة” للصورة مدققًا فرأى نفسه فيها، وهو يعطي “زيدان” مبلغًا كبيرًا من المال، فـ التقط عقله مسرعًا ذلك الشك الذي يوحي إليه ضابط المباحث، وبدا عليه الإرتباك بعدما تيقن إنه ليس مجرد اشتباه عادي، بل تهمة صريحة توجه له بالتحريض على القتل:
– سيادتك عايز تقول إيه؟
فـ أفضى ضابط المباحث بما يجول في صدرهِ صراحةً :
– ده راجلك وبينكم مواضيع خطيرة بتخلص بالفلوس لدرجة إنك تخليه يأجر واحد يخلص على المجني عليها، وهو طبعًا محبش يجيب حد من برا فـ رشحلك واحد من العيلة وأهو يبقى زيتنا في دقيقنا.
تشنجت عضلاته رافضًا تهمة شنيعة گهذه، ليست مجرد جريمة قتل فحسب، بل قتل شقيقتهِ!. جعله غليان صدره ينفجر بصراخٍ صادح :
– محــصـلـش!.. مش انـا، أنا مــقتلتهـاش.. مــقـتـلـتهـاش .
لم يكترث ضابط المباحث كثيرًا بالحال الذي رآه عليه، فهو صادف مثل ذلك وأكثر بكثير، وظل محتفظًا بفتورهِ وهو يقول :
– انت متهم بالتحريض على قتل المجني عليها والأدلة اللي بين إيدينا مع تهديدك الصريح ليها يثبتوا ده.. يعني هتفضل مشرفنا للصبح عشان تتعرض على النيابة.
وسحب من يده الصور وهو ينهي ذلك الحديث بقوله :
– وأي حاجه عايز تقولها تبقى تقولها قدام النيابة.
طرقات على الباب أعقبها دخول المجند قائلًا :
– الأستاذة المحامية عن المتهم برا وبتستأذن للدخول يا فندم.
فـ تدخل “حمزة” على الفور، وكأنه وجد القشّة التي ستنقذ الغارق :
– أنا عايز اقابل المحامية بتاعتي ضروري.
بسمة ساخرة ارتفعت على ثغر ضابط المباحث وهو يقول :
– مش عيب لما حمزة القرشي يعين عنه محامية و….
– ده حقي القانوني ياحضرت الظابط.
أشار للمجند وهو يعطيه الأمر :
– خليها تدخل.
دلفت “سُلاف” بكامل هيبتها الطاغية، وقد أضفت ثيابها السوداء على هيئتها قوةٍ ووقار، ثم أردفت برسمية جادة :
– مساء الخير يا فندم، أنا محتاجة أكون مع موكلي على انفراد.
وزع ضابط المباحث نظراته المترقبة عليهم، قبل أن ينسحب بهدوء تاركًا الغرفة لهم، فـ تبدلت تعابير “سُلاف” لأخرى حانقة شديدة الحقد، وهو ترميه بنظرات الإتهام الصريحة، ثم صرّحت بسبب وجودها هنا الآن :
– انت أحقر واحد شوفته في حياتي، ويوم ما هثبت إن انت اللي عملت فيها كده أنا مش هرحمك يا حمزة، وحق يسرا هيكون دين عليا أجيبه منك.
لم يكن في حالٍ يسمح له بالعصبية والإنفعال عليها، وقد بات كل همّه هو إيجاد القاتل والثأر منه أكثر من أي شئ :
– ده لو عرفتي تثبتي ده، أنا برئ وهثبت للكل إني برئ.. وانتي هتساعديني في ده.
رغمًا عنها انفجرت ضاحكة بتهكمٍ، ضحكت حتى اغرورقت عيناها بالدموع، وهي ترى في عيناه نظرات الغضب المكتوم والعجز الكامل عن الإفصاح عن امتعاضه، وحينما انتهت من الضحك سألته :
– أنا هساعدك انت؟؟.. بأمارة إيـه يا حـمزة؟!، أوعى تكون انخدعت عشان انا هديت عليك يومين واتأثرت بصدمتك الكذابة، أنما هفضل زي ماانا عدوتك اللدودة.
قبضت يداه على ذراعيها وهزّها هزًا عنيفًا وهو يهتف بصياحٍ هادر :
– كل ده ميهمنيش، أنا مقتلتش أختي ولا عمري فكرت أعمل ده، وانتي مدينة ليسرا بإنك السبب في النار اللي اتفتحت عليها ولازم تسددي دينك.
تخلصت منه وهي تدفعه بعيدًا عنها، وهتفت بـ :
– خلي رجالتك الكتير اللي كنت سايبهم ورايا يساعدوك.
اعترف بثقته الكبيرة في قدراتها، والتي دفعته لكي يستنجد بمساعدتها الآن :
– محدش هيعرف يوصل للي انا عايزه غيرك، انتي الوحيدة اللي هتعرفي.
اندفع فضولها يسأل عما يريد :
– انت عايز إيه؟
– زيدان، هاتيلـي زيـدان.
*************************************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى