رواية مالك المصري الفصل العاشر 10 بقلم نسمة مالك
رواية مالك المصري الجزء العاشر
رواية مالك المصري البارت العاشر
رواية مالك المصري الحلقة العاشرة
الفصل العاشر..
مالك المصري..
✍️نسمة مالك✍️..
..بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
“مالك”..
لأخر لحظة كان يأمل بأنها ستتراجع و تختار بقائها معه لكن “إسراء” جميلته العنيدة تركته و سافرت بالفعل، خاب أمله بها حين حملت حقائبها و قلبه معاها و غادرت لدولة أخرى بطائرتها أمام عينيه التي كانت ترمقها بنظرات مستجدية حتى لا ترحل و تتركه يتقلب على جمر نيران فراقها ..
بغيابها تمر الأيام بثقل شديد، يشوبه دائمًا شعور بالإختناق تصل أحيانًا إلى عدم قدرته على التنفس كأنها سلبت منه الهواء بأكمله معاها و هي ذاهبه،فهو كان و مازال إلى الآن يتنفسها، يحيا الحياة بقربها، تشرق شمسه بابتسامتها..
يجاهد للتحلي بالصبر على بعدها، رسم الاعتياد مؤقتًا على عدم وجودها معه بينما بداخله تدور حروبًا حتى إنهارت مدن بأكملها بصدره..
لن يستطيع التخلص من عادة انتظارها، كيف يقنع قلبه بأنها فضلت سفرها و تعليمها عليه هو؟! “
عقله لا يكف عن تساؤلات ما بعد الفراق التي لم يجد لها جواب أو يعلم إجابتها و لكنه يرفض تصديقها !
يثق أنها لن تصل إلى الطمأنينة إلى بوجوده معاها و من المؤكد أنها ستعود راكضة لأحضانه ، لا شيء مهم لا شخص يهم إلا هي بالنسبة له،
يتمنى بأعماقه لو تفتح له ممر صغير فقط حتى يصل لعقلها حينها سيمتلكه للأبد مثلما يظن أنه يمتلك قلبها ، كأن في استطاعته يجبرها على البقاء لكنه أراد أن يصل لحبها بإحسان و ينهي كل الأمور التي تبدو مهمة لها بخير أثر …
و بالنهاية سيظل في انتظارها حتى و إن طال الإنتظار عسى الله يرأف بحال قلبه و يرسل له نور يزمزم صبره ..
دقت الساعة بعد منتصف الليل بموعد ذهابه إلى قصر “فارس” خاصةً غرفة معذبته كحال كل ليلة، غرفتها الخالية من وجودها يذهب و يظل جالس بها لساعات بين أغراضها التي تحتوي على عبق رائحتها كمحاولة منه لإخماد إشتياقه لكل ذرة بها الذي فاق قدرته على التحمل..
فتح باب غرفته و أغلقه خلفه بحذر و سار بالممر الطويل نحو الدرج ليلمح إضاءة غرفة شقيقته “مكة” فهرول بالذهاب إليها مسرعًا..
“مكة.. حبيبتي أنتي صاحية؟”.. قالها بصوتٍ خافض أثناء طرقه على الباب..
أطبق عينيه بقوة حين أتاه صوتها الباكي تقول بصعوبة.. “مالك.. تعالي أنا صاحية”..
رسم إبتسامة دافئة على محياة قبل أن يفتح الباب و يدلف للداخ يخفي بها مدى تألمه، فما أصعب الإبتلاء حين يُصيب القلوب..
” أيه اللي مزعلك أوي كده و مصحيكي لحد دلوقتي يا حبيبتي؟!”.. غمغم بها بكل ما يملك من لطفٍ و هو يجلس بجوارها على الفراش و يضمها لصدره بحنان بالغ..
اراحت رأسها على كتفه تتنهد بحزن و هي تقول بصوتٍ مختنق بالبكاء..
“مش عارفه و لا قادرة أنام يا مالك.. عقلي هينفجر من كتر التفكير.. و حاسة قلبي.. “.. صمتت لبرهة و من ثم رفعت رأسها و نظرت له بأعين امتلئت بالدموع، و قامت بضرب موضع قلبها بقبضة يدها بكل ما تملك من قوة، ليوقفها هو بلهفة في الحال، فكتمت آهة صارخة مكملة بقلبٍ ملتاع..
” قلبي بيتقطع.. روحي مسحوبة مني و مش قادرة أتخيل إن بابي رفض جوازي من حسن و هسيب الإنسان اللي حبيته يتجوز واحدة غيري”..
ارتمت على صدره و أنفجرت في نوبة بكاء حادة، تبكي بحرقة مرددة بأنفاس متقطعة..
“أنا آسفة إني بقول الكلام ده قدامك.. آسفة إني بعترف لك إني بحب حسن.. و عارفة إن عيب و ميصحش أقول لأخويا الكبير كده بس أنا مش هقدر أقول الكلام ده لحد غيرك و لو فضلت ساكتة و كتمت في قلبي هموت بحسرتي يا مالك”..
كان يستمع لحديثها بصمت و رحابة صدر جعلته يربت على شعرها بكف يده تارة و على ظهرها تارة أخرى يهدأ من حدة بكائها و فزعها مقبلًا جبهتها بحب هامسًا بحنو..
” بعد الشر عنك يا حبيبتي.. اتكلمي يا مكة..قولي لي كل اللي وجعك.. فضفضي و طلعي اللي قلبك و أنا سامعك يا حبيبة أخوكي”..
كانت نظرتها له نظرة مستجدية، تتوسل له بعينيها أن يساعدها و يقف معاها حتى يتم زوجها من صديقه “حسن” ، تفهم هو نظرتها جيدًا و ما لا تقوي على التفوه به، أبتسم لها إبتسامة مطمئنة، مد يده احتضن وجهها بين كفيه مغمغمًا..
” شوفي يا مكة..هل لو أنا روحت أطلب ايد إسراء من فارس لوحدي من غيركم هيوافق؟”..
حركت رأسها بالنفي ليُتابع هو..
“لأن يا حبيبتي الجواز ده مش مجرد واحد و واحدة بيتجوزا بعض.. لا ده نسب و عيلة بتناسب عيلة و مينفعش يكون في حد من الطرفين مش قابل التاني و إلا هيحصل مشاكل لا حصر لها.. و مع ذلك أنا لو عليا مستعد أجوزك حسن دلوقتي حالاً لو ده هيرضيكي بس لازم تبقي عارفة إن ده هيخلي سيادة الوزير مش بس هيزعل مننا ده مش بعيد يروح فيها لقدر الله.. لأنك يا حبيبتي غالية عنده و عندنا كلنا أوي.. أنتي جوهرة البيت ده و عمرنا ما هنرفض لك طلب إلا لو شايفين أنه هيضرك.. و بابا لما رفض جوازك من حسن رفضه لأنه جاي بطوله يطلب إيدك منه من غير ما يجيب حد من أهله معاه رغم أنه من عيلة كبيرة و ليها إسمها، و كونه أنه يجي لوحده و أكتر من مرة كمان ده دليل إن أهله رافضين جوازه منك و مُصرين على جوازه من بنت خاله و خصوصاً والده اللي هيغضب عليه و هيقاطعه لو خرج عن طوعه للأسف ! “..
كل ما قاله هي على درايه به و تعلم جيدًا أنه على حق بكل كلمة تفوه بها، عادت تختبئ داخل حضنه ثانيةً ليضمها هو بذراعيه كما لو كانت طفلته الصغيرة، يشعر بما تحمله داخلها من نيران تتآجج بصدرها لا و لن يخمد توهجها بسهولة، هيئتها المُتعبة و نظرتها الحزينة تدمي قلبه، بقت ساكنة داخل حضنه و قد توقفت عينيها عن البكاء بينما قلبها لا و لن يتوقف نزيفه مطلقًا ..
كل ما دار بينهم الآن استمعت له “عهد” التي كانت على وشك الدخول لتطمئن عليها لكنها تراجعت حين استمعت لصوت “مالك” فظلت واقفه تبكي بصمت على الباب من شدة تأثرها بما تعيشه “مكة” التي تعتبرها بمثابة ابنتها..
حزينة لحزنها و لم تتوقف عن البكاء لأجلها، تفعل كل ما في استطاعتها لتمحي عنها حزنها رغم تغير “مكة” الملحوظ معاها مؤخراً، إلا أنها تغاضت عنه و التمست لها ألف عذر، مسحت دموعها و رسمت على وجهها إبتسامتها الحنونة و رفعت يدها همت بالطرق على باب الغرفة إلا أن يدها تعلقت في الهواء قبل أن تمس الباب، تسمرت محلها بصدمة حين استمعت لصوت “مكة” الذي بدي عليه الغضب الشديد تقول بتسأل ..
” تفتكر ماما شهد الله يرحمها اتعذبت زيي كده لما بابي اتجوز عليها عهد؟.. حست بالنار اللي أنا حاسة بيها دلوقتي؟ تفتكر حظي هيبقي زي حظها و أموت بوجع قلبي زيها؟ “..
بكت بكاء يشق القلوب مكملة بتقطع من بين شهقاتها..
“تعرف أنا أكتشفت إني بكرهه عهد و عمري ما هسامحها على اللي عملته في ماما.. هي أكيد السبب الأساسي ان بابي يطلق مامي..عهد دي هي السبب في موتها.. أنا عايزة أروح ازورها يا مالك.. خدني عندها خليني اسألها يمكن تيجي لي في الحلم و تقولي الحقيقة اللي الكل مخبيها علينا “..
” هششش.. بس يا مكة.. كفاية عياط يا حبيبتي.. و أنا أصبح هاخدك و نروح نزور ماما الله يرحمها”..
كانت “عهد” تنتظر دفاع “مالك” عنها في هذه اللحظة، لكن هو كان كل ما يشغله أن يخفف من حزن شقيقته التي على حافة الإصابة بانهيار عصبي..
شعرت” عهد” بألم حاد يفتك بها جعل توازنها يختل قليلاً، تحملت على نفسها و عادت لغرفتها مجدداً مستندة على الحائط حولها بخطوات واهنة، دلفت بهدوء غالقة الباب خلفها و ارتمت عليه بظهرها تحاول إلتقاط أنفاسها التى بدأت تنسحب منها، حاولت السير تجاه الفراش الذي يبعد عنها بضعة خطوات إلا أن قدميها لم تسعفها، جف حلقها و شحبت ملامحها، أجتاحتها برودة قارصة رغم أن جسدها بدأ يتصبب عرق، لتزداد حالتها سوء حين شعرت بسائل دافيء ينهمر بغزارة على طول ساقيها..
شهقت بخفوت حين رأت الدماء تلطخ ثيابها،و لسوء حظها زوجها لم يعد إلى الآن من عمله، حمدت الله بسرها حين تحسست جيب منامتها وعثرت على هاتفها بداخله، امسكته بيد مرتجفة و طلبت رقم زوجها ليأتيه صوته المتلهف يقول بقلق جمٍ..
“عهد.. صباح الخير يا روحي.. أنتي كويسة ؟!”..
“غفران هترجع أمتي؟ “.. همست بها بضعف جعلت “غفران” ينتفض من مقعده بعدما أيقن أنها ليست بخير، جمع أغراضه و خطف معطفه و غادر مكتبه على الفور و هو يقول..
“حالاً.. جاي لك حالاً يا عهد.. عايزه حاجة اجبهالك معايا؟ “..
خرج صوتها متماسك رغم ذعرها الواضح على ملامحها، تقول بنبرة يظهر بها مدى وجعها..
“هات معاك دكتور”.. صمتت لوهلة و تابعت بأنفاس ملاحقة..
“أنا بنزف يا غفران”..
………………………….. صلِ على محمد……
” فارس “..
يُتابع” إسراء ” زوجته التي تدور حول نفسها ذهابًا و إيابًا و تحدث نفسها بغيظ قائلة..
“أنا عقلي كان فين بس ياربي لما وافقت على سفرك يا بنت فارس!!.. إزاي طوعت أبوكي و سبتك تسافري لآخر الدنيا و يبقي بينا و بينك بلاد و بلاد و كمان مش عارفين نكلمك بسبب فرق الساعات الطويلة اللي بنا.. ليلك نهارنا و نهارك ليلنا يا بنتي!!”..
انتصب “فارس” واقفًا و سار نحوها حتى توقف أمامها مباشرةً، و قام بإعتقال خصرها بين ذراعيه، لتبعده هي عنها بغضب مرددة..
” أوعى يا فارس.. أنا مش طايقة نفسي و لا طايقة بناتك كلهم اللي مطلعين عيني بسبب دلعك فيهم و لا طيقاك أنت كمان “..
سيطر على حركاتها محتويها بجسده ظهرها مقابل صدره، و مال برأسه على كتفها العاري لثمة بعمق مستنشقًا رائحتها باستمتاع مدمدمًا..
“اممم.. بقي أنتي مش طيقاني! “..
تبخر غضبها كله دفعة واحدة بقربه منها، ألتفت تنظر له بملامح عابسة بشدة رغم أن عينيها تضوي ببريق عشقها له،رفعت يدها حاوطت عنقه جذبته عليها و قامت بطبع قبلة رطبة على لحيته و هي تقول بغنج..
“اممم.. مش طيقاك و لا طايقة قربك مني حتي”..
أنهت جملتها و نثرت وابل من القبلات الحارة على كل أنش بوجهه..
“واحشتني و أنت معايا.. و أنا جوه حضنك”.. همست بها أرغمته على أخذها في عناق محموم..
“هتفضل لحد أمتي مانع نفسك عني كده يا فارس؟!”..
“مقدرش أمنع نفسي عنك ده أنا هتجنن عليكي أصلاً.. أنتي اللي حرماني منك بعنادك يا إسراء”..
ترقرقت عينيها بالدموع ونظرت له بذعر و هي تقول..
” نفسي أخلف ولد منك.. أجبلك الولد اللي يشيل أسمك و اللي أنا عارفة و متأكدة إنك بتتمناه من ربنا عشان يبقى ضهر و سند ليك و لاخواته البنات.. مش هخبي عليك أنا خايفة.. لا أنا مرعوبة على بناتي و بالذات إسراء يا فارس”..
عقد حاجبيه و رمقها بنظرة عاتبة مغمغمًا..
“ليه كل الخوف ده بس! و إزاي تخافي و أنتي جوه حضني! “..
دفنت نفسها داخل صدره و تحدثت بلهفة قائلة..
” أنا مبطمنش غير و أنا في حضنك يا فارس “..
تنهدت و هي تكمل بأسف..
“الخوف ده مش هيفارقني طول ما إسراء بعيدة عن حضننا.. كنت فاكرة أن مالك هيقدر يقنعها تفضل معانا هنا و متسافرش حتى لو بالغصب لأن قلبي مقبوض و مش مطمنة لسافرها ده خالص “..
وضع أنامله أسفل ذقنها يحثها على النظر له..
“مش هكدب عليكي أنا كمان كان نفسي ينجح في منعها من السفر و يتجوزها و تفضل هنا معانا.. لكن تفتكري مالك مكنش يقدر يعمل كده فعلاً؟! .. هو عارف إنه لو منعاها من تحقيق حلمها مش بعيد كان خسرها و للأبد.. أداها حريتها كاملة عشان لما تقرر ترجع له و تكمل معاه يبقي بكامل إرادتها.. اللي عمله ده عين العقل بدل ما كان أجبرها على حاجة هي مش عايزاها وقتها هتكرهه و تندم على اليوم اللي شافته فيه”..
ابتعدت عنه بضعة أنشات و قامت بفك عقدة شعرها لينساب على ظهرها بهيئة خطفت أنفاسه و أشعلت لهيب شوقه إليها أضعاف مضاعفة، لتفقده صوابه أكثر حين زمت شفتيها المكتنزة و هي تقول..
” كلامك صح بس أنا مش قادرة اقتنع بيه.. و هفضل عند رأيي الواحدة مهما اتعلمت و خدت شهادات في الأخر ملهاش إلا بيتها و جوزها و ولادها و بنتك عندية و ملهاش إلا السك على دماغها.. لو كان الواد مالك جمد قلبه و قرص عليها شوية كان زمانها متستتة في بيتها بدل الشحططة اللي عملتها فينا كلنا “..
غامت أعين” فارس ” بنظرة يملؤها الرغبة، رغبته بها وحدها دون عن نساء العالم، ألتصق بها و سار بكف يده على طول ذراعها المرمري يتحسس نعومة بشرتها باهيام مدمدمًا..
” اممم.. قولتيلي إني وحشتك؟ “..
تهللت أسريرها بفرحة غامرة جعلت وجنتيها تتورد بحمرة قانية، و حركت رأسها بالايجاب، ليميل هو بوجهه عليها قاصدًا شفتيها لكن صوت رنين هاتفه الذي صدع معلنًا عن وصول رسالة اوقفه عن ما كان ينوي على فعله..
اتقبض قلب “إسراء” و تحدثت بقلق قائلة..
“خير يارب.. مين بعتلك رسالة في الوقت ده؟! “..
“متخفيش يا حبيبتي.. ده أكيد مالك أنتي عارفة هو حافظ المعاد اللي بنكلم فيه إسراء و كلها نص ساعة وهتصحى و نكلمها “..
قالها “فارس” و هو يلتقط هاتفه و يتفحصه أمام عينيها..
“مش قولتلك.. مالك بيعرفني أنه جاي على هنا و هيقعد زي عادته في أوضة إسراء “..
تنهدت “إسراء “بارتياح و تحدثت بتعجب قائلة..
” نفسي أعرف هو بيجي كل يوم و يقعد جنبك و أنت بتكلمها و مبيرضاش يكلمها هو ليه؟!”..
اتجه” فارس” نحو غرفة ثيابه و قام بأرتداء كنزة سوداء و سروال بيتي من اللون الرمادي مرددًا..
“مين قالك أنه مبيكلمهاش.. بس بنتك مش بترد عليه لحد ما عقله هيطير منه فبيجي يقعد جنبي مخصوص عشان بس يسمع صوتها “..
” بيحبها و بيموت فيها و هي مش مقدرة حبه ده و قلبي بيقولي أنها هضيعه من ايديها بسبب عمايلها دي.. و هتندم عليه ندم عمرها.. و بعد كل اللي بيحصل ده و مش عايزني أخاف يا فارس! “..
……………… لا إله إلا الله وحده لا شريك له…..
” إيمان “..
كانت تتابع ابنتها التي تقوم بتجهيز شنطة سفرها، بملامح بدت جامدة عكس صخب قلبها الذي يبكي دمًا بعدما خرجت ابنتها الوحيدة عن طوعها و نفذت ما تريد غير عابئة لرفض والدتها و غضبها عليها!
كانت “فاطمة” تسترق النظر تجاهها من حين لأخر، غير قادرة على النظر في عينيها، تنحنحت بإحراج و تحدثت دون النظر لها تتصنع انشغالها بجمع أغراضها داخل حقيبتها..
“هتفضلي مخصماني لحد أمتي يا ماما.. أنا لازم أمشي دلوقتي عشان أكون في المطار لأن طيارتي كمان ساعتين!”..
نظرت لها و أبتسمت إبتسامة تخفي بها دموعها التي تجمعت بعينيها مكملة..
“مش هتسلمي عليا حتى؟.. ههون عليكي أسافر و أنتي مش راضية عني؟”..
تطلعت لها “إيمان” بنظرة مطوّلة قبل أن تقول بحدة..
“اه هتهوني عليا يا بنت بطني.. زي ما أنا هونت عليكي و هتسبيني لوحدي هنا و هتسافري من غير رضايا رغم إني قولتلك مستعدة أجي معاكي عشان متبقيش لوحدك في الغربة و الناس اللي هتشتغلي معاهم وافقوا و قالوا ينفع أروح معاكي لكن أنتي قلبك حجر و قولتيهم لا مش هاخدها معايا عشان تبقى براحتك هناك من غير رابط و لا كاسر”..
أشارت باصابعها على ذقنها و تابعت بثقة..
” اربي دقني دي يا فاطمة لو السفرية دي نفعت”..
صاحت” فاطمة” بغضب قائلة..
“يا ماما كفاية كلامك ده بقي..يا ساتر منك و من فالك يا شيخة بتصعبيها عليا ليه بس.. أنتي لو جيتي معايا مش هتعرفي تتعاملي مع أي حد هناك لأن كلهم أجانب و أنا هبقي في شغلي طول الوقت و هتبقي لوحدك برضه لكن هنا هبقي مطمنة عليكي مع خالتو إسراء و طنط عهد”..
صمتت لبرهةً و تابعت بعتاب قائلة..
” هنفضل في خناق كده أنا و أنتي لحد أمتي بس”..
أردف” إيمان” بصوتٍ اختنق بالبكاء قائلة..
“لحد ما تسمعي كلامي و متسافريش يا فاطمة.. إحنا غلابة يا بنتي مش وش بهدلة “..
نفخت” فاطمة ” بضيق و صرخت بنفاذ صبر قائلة..
” ما أنا هسافر عشان منبقاش غلابة يا ماما.. هسافر عشان تبطلي تمدي إيدك و تاخدي من اللي بيعطف علينا و بيدينا صدقة عشان بنتك اليتيمة .. فوفري كل كلامك اللي بتقوله ده لأنه مش هيمنعني عن اللي في دماغي و أدعيلي دعوة حلوة “..
ضحكت “إيمان ” ضحكة يملؤها الوجع و هي تقول..
“أنا بمد أيدي و باخد صدقة يا فاطمة!! و كمان بتصرخي في وشي و عايزاني ادعيلك!.. ياخسارة تربيتي فيكي “..
ابعدت الحجاب عن شعرها و رفعت يدها للسماء و انفجرت بالبكاء مرددة..
“روحي يا فاطمة يا بنت إيمان و قلبي غضبان عليكي.. ربنا يرزقك بلي أقوى منك يا بنتي عشان تعرفي قيمة أمك اللي أنتي مبهدلها معاكي”..
جحظت أعين” فاطمة ” على أخرها و أردفت بصدمة قائلة..
” بتدعي عليا و أنا على سكة سفر يا ولية يلي أسمك إيمان!!!”..
“ولية يلي أسمك إيمان!! “.. قالتها” إيمان “بذهول و هي تبحث عن شيئًا ما حتي وقعت عينيها على خفها، فألتقطه و قامت بقذفها به، أصابة جبهتها جعلتها تصرخ بألم حاد..
“آآآآآه.. بتضربيني كمان” ..
“و لو مغورتيش من وشي هقوم اقطم رقبتك و أخلص عليكي خالص”..
صكت على أسنانها و قامت بحمل حقائبها و سارت نحو باب الشقة و هي تقول.. “هغور من وشك يا ماما بس متبقيش تتصلي بيا و تعيطي و تقوليلي وحشتيني”..
“على الله متتصليش أنتي بيا و تعيطي و تقوليلي سامحيني يا فاطمة”..
قالتها” إيمان ” ببكاء مقهور، جملتها هذه وصلت لسمع” فاطمة” قبل أن تغادر المنزل..
كانت هناك سيارة فارهه بسائق خاص في انتظارها،انبلجت إبتسامة خبيثة على محياة فور رؤيتها تخرج من باب المنزل، و أسرع بإرسال رسالة صوتية قائلاً..
” طُعم الأخطبوط في الطريق إليكم”..
………………………. سبحان الله وبحمده………
ترك “مالك” شقيقته بعدما تأكد أنها أستلمت للنوم، و غادر المنزل قبل وصول والده، لتغرق “مكة” في نومًا مجهد بعدما أخذت أكثر من قرص منوم لتهرب به من الواقع المرير الذي يمزق قلبها لأشلاء، الألم المبرح الذي يفتك بروحها يجعل دموعها تسيل على وجنتيها حتى أثناء نومها..
لم تشغل بالها بصوت كسر زجاج النافذة رغم أنه وصل لسمعها، و ظلت غالقة عينيها لم تقوي حتى على فتحهما، تشعر بتخدير تام في كامل جسدها رغم أن ذهنها حاضر و عقلها لم يكف عن التفكير..
أستغل “حسن” انشغال الجميع بتعب “عهد” و قفز عبر زجاج النافذة بخفة الفهد لداخل الغرفة الغارقة في الظلام إلا من إضاءة خافتة بجوار فراش حبيبته “مكة” اتاحت له رؤيتها قليلاً، وقف محله يلتقط أنفاسه اللاهثة و من ثم سار نحوها بخطي متلهفة جلس بجوارها على الفراش..
رائحته الرجولية المميزة التي تحفظها عن ظهر قلب كانت كافية لأشعال كل حواسها، انهمرت دموعها على وجنتيها بغزارة أكثر، و بدأت تجهش بالبكاء بشهقات خافتة مرددة إسمه بلوعة نابعة من قلبًا تتأجج به نيران حارقة..
“حسن..”..
“هششش..أنا هنا يا مكة.. متبكيش يا حبيبتي”.. قالها و هو يميل على جبهتها بجبهته لتمتزج دموعهما معًا بينما هو يلتقط عبراتها بشفتيه مكملاً بهمس حار..
“أنا جيت لك ..مش هقدر أكون لوحدة غيرك أنتي و لا أنتي هتكوني لراجل غيري”..
لثم شفتيها بمنتهي الرقة قبل أن يدثرها جيدًا بالغطاء و من ثم وضع ذراعه حول خصرها و ذراعه الأخر أسفل ركبتيها و حملها بين يديه و نهض بها واقفًا و سار بها نحو النافذة المفتوحة هامسًا في اذنها..
” مافيش حل غير اللي هعمله ده عشان أبوكي و أبويا يوافقوا على جوازنا”..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مالك المصري)
،،😍🥰😘🤩😍😍😍🥰😘😘😘😘🥰😍
Ok,,,😍😍🥰🤩🤩😘🤩😍🥰🤩🤩😘🥰🥰
🤩🤩😘🥰😍😍😍🥰😘😘😘🤩🤩🤩🤩😘😘😍🥰😍😍😍
,,🤩😘🥰😍😍🥰😘😘🤩🤩🤩😘😘😘😘
جميلة اوووي
الرواية ممتعة جدا
هل الرواية اكتملت؟؟؟