رواية فارس النار الفصل الأول 1 بقلم شيماء سعيد
رواية فارس النار الجزء الأول
رواية فارس النار البارت الأول
رواية فارس النار الحلقة الأولى
فى أحد قرى الصعيد القاحلة وتحديدا إحدى قرى قنا ، استيقظت خيرية فى منتصف الليل عندما هاجمها ألم المخاض .
لتصرخ بصوتها عالى ..ااااه ، ااااه .
لتُحرك بعدها ذلك النائم بجانبها مردفة بألم …جوم يا خليل ، ألحجنى يا خويا ، شكلى هعملها الليلة .
ليمسح خليل عينيه من أثر النعاس هامسا…لااا لااا .
خليكى الصبح الصباح رباح يا خيرية ، انا عايز أنام ورايا شغل الصبح .
فزفرت خيرية بضيق مردفة بألم ….هو بيدى يا راچل ، جوم الله يخليك مش جادرة من الألم هموت .
فقام خليل بتكاسل مردفا بحنق…يعنى حبكت دلوك ، وايه العيل اللى هيچى فى انصاص الليالى ده .
دى جلة ادب ، امال لما يكبر هيجلنا ايه الفجر !!
ضحكت خيرية رغم المها مردفة بسخرية …متجلجش يچى بس بالسلامة وانا هربيه عاد .
خليل …لما اشوف ، ما انا خابرك وليه عجلك طاير.
خيرية ..انا بردك ، طيب جوم يا راچل مش وجته خناق دلوك ، حرام عليك هفطس انا وابنك عاد .
خليل …ماشى يا ستى ، وادى جومة .
ثم تابع بسخط …
اعمل ايه دلوك بجا ؟ فى ليلتك اللى مش عايزة تعدى دى ..
خيرية ..يا مرك يا خيرية ، والله خايفة الواد يچى شبه أبوه أكده ، مش خابرة عجله فين بالظبط .
خليل بغضب …هتبرطمى تجولى ايه يا وليه؟
ايه رچعتى فى كلامك ومش هتولدى دلوك ، وارجع انام احسن .
فصرخت خيرية مولولة….انا مش هموت من الولادة ، انا هموت منيك انت يا واكل ناسك .
حرام عليك يا راچل ، فوت اچرى يلا على الست ام بهانة الداية يا راچل يا عديم المفهومية .
انفعل خليل عليها لشتمها إياه فأردف بغضب …طيب عشان لسانك الطويل ده ، انا مش رايح ،وأولدى على نفسك بجا يا بجرة أنتِ .
وانا هكمل نوم أحسن ، ثم فرد لحافه وأحكم الغطاء به ، وخلد إلى النوم وتركها تعانى الآلام المخاض الشديدة ، حتى شعرت بأنها على وشك الاختناق وان وليدها قد أوشك على النزول بعد أن شعرت برأسه تخرج منها .
فجلست على الأرض ومدت يديها لتخرجه بصعوبة وهى تعتصر ألما ، حتى خرج ، وملىء العالم صراخا فابتسمت ووضعته على صدرها وقبلته بحنو ولكن تسبب عدم اخراج باقى المخاض منها تسمما حادا فى جسدها ، فشعرت بقرب منيتها ،فرددت الشهادة ثم خرجت روحها إلى بارئها .
لتتعالى صرخات الرضيع ، فيستيقظ خليل على إثر صوته ، مردفا بنعاس …يادى الليلة الغبرة ، الواحد مش عارف ينام ولا ايه .
وايه صوت العيل الفجرى ده ، اللى أمه مش عارفه تسكته ، ناس معندهاش دم ، والله لجوم أوريهم شغلهم .
فقام من سريريه ، ليتفاجىء بخيرية على الأرض تحمل على صدرها رضيعها الذى يصرخ من شدة الچوع .
فطالعها بإندهاش مردفا بحنق…أنتِ عملتيها يا ولية وبهدلتى الأرض عاد ، طيب جومى نضفى بجا ، وسكتى المحروس ولدك اللى صوته كيف صوت الجطر ده .
ولكنه لم يجد ردا منها .
فانحنى بجسده ليلكزها بيده فى كتفها …جومى ولا عاملة والداة وتعبانة ، لا ميخلش عليا الحچات دى .
الحريم هتولد فى الغيط وهتجوم تشتغل عادى .
لكن أنتِ بنت بارم ديله هتتدلعى عاد .
ولكن عندما وجدها لا تنطق أو تتحرك دخل الشك فى قلبه فصاح …ايه مهترديش اوعى تكونى موتى يا بت ، طيب هعمل ايه فى المحروس ولدك ده ، هرضعه كيف ؟
ها عتجومى ولا اروح أچوز عليكى ، انا بجولك اهو .
ثم اقترب منها ليتفحص أنفاسها ، فلم يجدها تتنفس .
فأردف بصدمة …الولية ماتت صوح .
ثم نظر إلى وليده غاضبا ..انت وشك فقر باين من اولها أكده جيت بالموت يا طور .
هنعمل ايه دلوك بجا يا فالح ، هتعرف توكل نفسك ولا تخدم نفسك وانا فى الشغل .
ثم طالع خيرية بغضب مردفا…..يعنى حبكت تموتى دلوك ، كنتى استنيتى لما ترضعيه عشان يتخمد ينام وانا اعرف انام فى الليلة دى .
اعمل ايه دلوك ؟.
امرى لله هنادى الست ام بهانة ، تصرف وتجولى اعمل ايه فى المصيبة اللى حلت على دماغى دى .
وبالمرة تشوفلى عروسة بدل الولية اللى ماتت دى ، عشان تصحينى الصبح وتفطرنى وتاخد بلها من الواد ده. .
ثم طالعه بحيرة مردفا … ألا جولى يا ولدى ، انت اسمك ايه ؟
ايه مهتردش ليه ؟
عبيط مش خابر اسمك ،طيب تحب أناديك أجولك ايه دلوك ؟
أجولك انا هسميك فارس ، ايوه اسم جميل .
عشان تركب على الحصان وتلف فى الكفر .
وأجعد ساكت إكده وبطل صراخ عجبال ما أنادى ام بهانة .
عشان متجولش عليك جليل الرباية ، فاهم يا فارس .
ثم ذهب مسرعا إلى بيت ام بهانة .
وطرق الباب عدة مرات متتالية.
لتصيح الأخيرة …مين اللى معندهوش دم ، عيخبط السعادى .
ثم اندفعت نحو الباب لتفتحه بغضب ، هادرة فى وجهه …عايز ايه يا خليل السعادى ؟
خليل …عايز عروسة .
فصاحت ام بهانة …يا راچل يا مچنون انت ، چى فى الوجت ده عشان عايز عروسة .
الهى تنزف فى جهنم يا شيخ ، ده مراتك حبلة وعلى وش ولادة ،وعايز تچوز عليها .
تصدج انت راچل معندكش نخوة ولا إنسانية .
خليل ….بس بس ، اجفلى بوجك اللى هيطلع مدافع ده يا ام بهانة .
ومرتى مين !
جصدك خيرية ، لا خلاص تعيشى أنتِ .
بعد ما چابت ولدى فارس ، واسمعى إكده صوته هيصرخ كيف .
تعالى يا ام بهانة شوفى الواد وخليه يسكت عشان صدع دماغى .
وبالمرة شوفى چوزك عشان ندفن خيرية جبل ما ريحتها تطلع .
فصرخت ام بهانة وضربت على صدرها …موت مرتك يا خليل الزفت .
خليل …انا لا ، انا جومت لجيتها فطسانة لوحدها .
لتسرع ام بهانة للداخل وتيقظ زوجها ، ليسرعوا جميعا إلى دار خليل .
ليجدوها بالفعل قد فارقت الحياة.
ام بهانة ..لا حول ولا قوة الا بالله ، الست ماتت وهى بتولد .
ثم طالعت خليل بنظرة حارقة بقولها …وانت يا واكل ناسك ، مشيعتليش ليه أول ما تعبت ، ليه سبتها لغاية ما جابت آخرها وراحت فيها .
مش حرام عليك وحرام عليك ولدك اللى اتيتم بدرى ده !!
خليل …انا جولتها استنى للصبح وانا هشيعلك يا ام بهانة.
انا غلطان اللى مكنتش عايز اصحيكى من النوم .
فصرخت ام بهانة ..منك لله يا شيخ .
موتها بعجلك الناجص ده ، وهى ارتاحت منيك والله .
بس ذنبه ايه الواد ده ؟
لتحمله بعد ذلك بعد أن خلصته من الحبل السرى ونظفته والبسته ملابسه التى أعدتها له خيرية قبل وفاتها .
ثم أرضعته ينسون حتى يحل الصباح وتبتاع له لبنا صناعيا.
نام الصغير اخيرا بعد أن شبع ، وقامت أحد النساء بتجهيز خيرية للدفن بعد أن حصلوا على التصريح ، ليتم دفنها بعد صلاة الفجر .
عاد خليل يحمل وليده على ذراعيه ، يهمس له …وبعدين دلوك اعمل فيك ايه ؟
لو سبتك فى البيت لحالك مش هتعيط وتبجا راچل أكده عجبال ما ارچع من الشغل .
ولا عتعيط يا فارس .
وعندما عادت ام بهانة إلى بيتها ، اشفقت على الصغير.
فحدثت زوجها …بجولك ايه يا ابو بهانة .
انا جلبى وكلنى على الواد الصغير ده ، وانت خابر أبوه ، مخه ضلم وخايفه يحصله حاچة .
فانا بجول اچيبه نربيه حدانا عجبال ما يشوف بنت الحلال اللى يچوزها وتاخده تربيه ..
ابوبهانة …بس يعنى ، هو احنا ناجصين عيال يا ام بهانة ، ده مش جادرين على وكلهم ، عنربيه ازاى عاد ده ؟
ام بهانة …معلش ربنا مهيهملش حد ينام من غير عشا .
وانا بجول مش على طول ، عجبال ما يچوز اللى واكل ناسه ده عاد .
ابو بهانة….ومين دى اللى عترضى بيه بعد اللى حصل مع مرته .
ام بهانة …عشوفله واحدة مطلجة أو ارملة من غير عيال ، مهتصدج تنستر وخلاص وتاخد ثواب فى العيل ده .
ابو بهانة ….ربنا يستر عليها من دماغه الصغيرة دى .
ام بهانة …هو عايز وحده تاخده على جد عجله الضلم .
بس المهم الواد دلوك .
انا هجوم اجيبه واچبله اللبن الصناعى عاد .
ابو بهانة … ماشى ، بس حولى تاخدى منه جرشين لزوم اللبن ، انا مش ناجص مصاريف .
ام بهانة …يا راچل ، جول يارب .
ابو بهانة …يارب .
ثم ذهبت مسرعة إلى بيته ،وطرقت الباب .
ففتح لها خليل وعلى يده فارس الصغير يبكى .
خليل …رجعتى ليه يا ام بهانة، ايه عنديكى عروسة ؟
ام بهانة….يا شيخ حرام عليك ، طيب حتى استنى لما مرتك تربعن .
خليل ….وأنتِ مالك يا ولية انتِ، تربعن ولا متربعنش ؟
مليش فيه هچوز يعنى هچوز .
عشان كمان تعرف تسكت ولدى فارس ، اللى عمال يزن ده .
ام بهانة…مش عارفة مين هترضى بيك اصلا وانت كيف الطور أكده .
الجصد …هات الولد ، انا هراعيه عجبال ما تلاجى العروسة اللى أمها داعية عليها دى .
خليل ….خديه يا ام بهانة ، ووكليه عشان چعان وبالمرة اعمليلى انا كمان اى وكل عشان چعان ينوبك ثواب .
ام بهانة …لا أكده كتير ، انا هاخد الواد بس ، مليش صالح بيك ، روح اشترى وكل من اى حتة .
وكمان هات فلوس اللبن اللى عشتريه لولدك .
خليل …فلوس ايه ، انا معييش حاچة .
ام بهانة ..يعنى مخك ضلم وبخيل كمان .
امرى لله ، انا هچبله .
ثم ضمت الصغير إلى صدرها وعادت به إلى منزلها بعد أن ابتاعت له اللبن .
وظل لديها على مقربة عام ، بحث فيه خليل عن عروس كثيرا ولكنه قوبل بالرفض للخوف منه ومن جنونه .
…….
ابو بهانة بإستياء ..وبعدين هيفضل كتير الواد ده عندينا يا ام بهانة ، ده داخل على سنة .
ام بهانة ..عنعمل ايه ، مفيش واحدة راضية تچوز خليل وعنديهم حق .
ابو بهانة بنفور …بس انا خلاص چبت أخرى ، ده مهيصرفش عليه چنيه واحد من ساعة مدخل دارنا .
وكمان صراحة الواد ده وشه نحس ، من ساعة ما چه الدار وانا مش ثابت فى شغلانة ، وأنتِ فين وفين لما حد يناديكى عشان تولدى مرته .
ده غير عيالك ، كل واحد فيهم مرة يده تنكسر ومره رچله ومرة البيت كان هيولع بينا لولا ستر ربنا .
ده غير الواد عينيه مش طبيعية ، هيبصلنا كأنه راچل كبير بغيظ وكأنه عيكلنا .
ام بهانة بنفى …يا راچل متجولش إكده ،ده جدر ومكتوب ، وهو عيل مهيفهمش حاچة .
ابو بهانة…لا خلاص انا استكفيت منيه عاد ومن وشه النحس ، كلمى عاد أبوه يچى يخده .
ام بهانة..طيب نصبر هبابة ، عشان سمعت أنه رايح النهاردة يكلم على بنت مرسى الحداد .
ابو بهانة …يا ستير يارب ، دى البت دى هتغير فى الرچالة زى ما بتغير فى خلجاتها ومخها ضلم بردك .
ام بهانة …ايوه وساعتها بجا زى ما بيجولوا ، ما چمع الا لما وفج .
ثم أقبل الليل ، ووجدت ام بهانة من يطرق عليهم الباب .
ففتحت وجددت خليل مبتسما.
خليل ..فين ولدى فارس ، مرت أبوه عايزاه .
اتسعت عين ام بهانة غير مصدقة مردفة بإندهاش ….مرتك مين يا خليل ؟
انت لحجت أچوزت ميتى ؟
خليل …ايوه انا جبت المأذون وانا رايح اتجدم للبت سنية بت مرسى الحداد .
وجولتلهم مش طالع من إهنه غير لما نكتب الكتاب .
وفعلا كتبنا والدخلة بعد اسبوع ان شاء الله.
والبت چالت عايزة تشوف فارس ، عشان هى عتحب جوى العيال الصغيرة .
ام بهانة …بس خلى بالك منيها عشان عجلها ضلم يا خليل ، تعمل حاچة فى الولد .
خليل …لا ، معتخفيش ، وهاتى الولد عاد .
فقبلته ام بهانة ودمعت عينيه لفراقه مردفة …والله فراجك صعب يا فارس ، بس يلا ده أمر الله .
ليحمله خليل إلى سنية .
وما أن ولج به الى منزلهم حتى دب حريق هائل ، قضى على البيت بأكمله ، وتجمع الناس من كل صوب ليطفئوا ذلك الحريق بالماء .
ليجدوا أن كل من بالمنزل قد احترق ، ما عدا الصغير فارس .
فتعجبوا وأخذوا يتحدثون …معجول ده ، ده اكيد الولد ده الملايكه حرساه !!
ومنهم من قال ، أنه قال شؤم ، لا احد يعرفه وإلا يصيبه الموت ، فأمه ماتت وهى تلده ، وها هو أبوه وزوجته الجديدة ووالدها قد ماتوا حرقا .
وهنا أصبح فارس حديث القرية ، ولكنه بات يتيم الأب والأم ، فمن سيتولى رعايته ؟؟
وكيف سيكون حاله بعد ذلك ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فارس النار)