رواية خطاياها بيننا الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدير نورالدين
رواية خطاياها بيننا الجزء الحادي عشر
رواية خطاياها بيننا البارت الحادي عشر
رواية خطاياها بيننا الحلقة الحادية عشر
ركض جابر بأقصى سرعة لديه ببهو المشفى و قلبه يكاد ان يخرج من صدره من شدة دقاته التى كلنت تقفز بجنون
توقف عندما رأى برجاله واقفين بنهاية البهو صاح بحدة و عينيه تدور بلهفة على ابواب الغرف العديدة المنتشرة
=هى فين…؟!!!
اقترب منه احدى الرجال مبتلعاً بصعوبة قبل ان يهمس بصوت منكوب حزين
=البقاء لله يا باشا… شد حيلك…
قبض جابر على قميصه يهزه بقوة و هو يعصف بشراسة
=انت بتقول ايه يالا انت اتجننت..
هز الرجل رأسه قائلاً بصوت متكسر حزين
=ملحقنهاش يا باشا… على ما وصلنا المستشفى كان أمر ربنا نفذ…
تراجع جابر الى الخلف مترنحاً و قد أصبح وجهه شاحب كشحوب الأموات وصدره يعلو و ينخفض بينما يكافح لألتقاط انفاسه التى انسحبت من داخل صدره كما لو المكان يطبق جدرانه من حوله…
خرج صفير حاد من حلقه كما لو كان يختنق مما جعل احد الرجال يقترب منه محاولاً الاطمئنان عليه لكن جابر رفع يده يمنعه من التقدم نحوه ثم اسرع بترنح نحو الغرفة التى اشار نحوها احدى الرجال لكن فور دخوله تجمدت الدماء بعروقه شاعراً بألم حاد بقلبه كما لو انغرز به نصل حاد فور ان وقعت عينيه على جسدها الممدد على الفراش تغطيه الشراشف .
انهار ساقطاً ارضاً منفجراً فى نحيب يمزق الانياط وضع يديه حول جسدها يسند رأسه على ساقيها صارخاً بصوت متألم منكسر يبكى بشهقات ممزقة هامساً اسمها بألم كان يعانى كما لو ينازع طلوع روحه..
امسك بيدها من اسفل الشرشف الذى يغطيها هامساً بصوت متكسر من بين انتحابه
=اصحى يا غزل… اصحى وارجعيلى و انا و الله عمرى ما هزعلك تانى…ارجعيلى و مش عايز اى حاجة من الدنيا.. مش عايز فلوس.. ولا عايز اراضى..
ليكمل بصوت مختنق و كامل جسده يهتز من شدة بكاءه الممزق
=ارجعيلى…انا هموت من غيرك… مش هعرف اعيش….
انهى جملته صارخاً بصوت ممزق منكوب وهو يدخل فى نوبة بكاء حادة عندما تردد صوت برأسه يسخر منه بأنها لن تعود ابداً فقد ماتت و فقدها للابد بدأ يضرب رأسه بحافة الفراش بقسوة مردداً وهو فى حالة شبه هستيرية
=لا مامتتش.. غزل مامتتش.. مامتتش….
اسرع نحوه العمروسى يمسك به يجذبه الى الخلف محاولاً منعه من ايذاء نفسه فقد كان يبدو فى حالة يرثى لها القلب
=استهدى بالله يا جابر بيه….
دفعه جابر بعيداً هاتفاً بصوت ممزق..و عينيه مسلطة عليها محدثاً اياها كما لو كانت امامه
=سبتينى وانتى زعلانة منى… و فاكرانى مبحبكيش و بكرهك…
وانا ماحبتش فى الدنيا دى قدك…
اقترب منها ممسكاً بيدها هامساً برجاء و ألم و دموعه تغرق وجهه
= اصحى يا حبيبتى و ارجعيلى والله ما هزعلك تانى اصحى…..
لكنه ابتلع باقى جملته عندما وقعت عينيه على يدها الشبه محترقة بالكامل فقد كانت ترتدى باصبعها خاتم زواج لكنه ليس الخاتم الذى منحه لغزل بيوم عقد قرانهم اسرع يرفع بلهفة الشرشف عن وجهها و انفاسه منحبسة و قلبه ينبض بالأمل..
فور ان وقعت عينيه على وجهها تراجع الى الخلف من هول المشهد فقد كان وجهها بالكامل محترق لكن جسدها يشبه كثيراً جسد غزل..كما كانت ترتدى عباءة شبة العباءة التى ابتاعها لها من المنصورة يوم عقد قرانهم
تراجع الى الخلف حتى اصطدم ظهره بالجدار و انهار ارضاً يدفن رأسه بين يديه وكامل جسده يرتجف بقوة و هو فى حالة من الصدمة.
اقترب منه العمروسى هامساً بقلق و هو يشاهد حالته تلك
=مالك يا باشا…انت كويس.. اطلبلك الدكتور
هز جابر رأسه قائلاً بصوت شبه غير مسموع
=مش هى..مش هى.. دى لا يمكن تكون غزل ….
اتسعت عينين العمروسى بصدمة
=متأكد يا باشا..؟! مش يمكن…
قاطعه جابر هاتفاً بقسوة و هو يقف على قدميه المرتجفة
=قولتلك مش هى.. مش هى…..
فرغم ان جسد هذة الفتاة يشبه كثيراً جسد غزل و هيئتها الا انه متأكداً انها ليست غزل فهذة ليست حبيبته فهو سيتعرف عليها فى اى مكان و زمان…
سيتعرف عليها لو من بين مليون شخص يشبهها فقلبه لن يخطئ فى التعرف عليها ابداً…
مسح وجهه من الدموع العالقة به ملتقطاً نفساً طويلاً مرتجفاً محاولاً استعادة هيئته الحادة لكن بداخله كان قلبه لا يزال ممزقاً خرج مسرعاً من الغرفة أمراً رجاله بحدة معاودة البحث عنها نظر اليه الرجال فى بادئ الأمر كما لو كان فقدعقله لكنهم اسرعوا ينفذون امره عندما صرخ بهم بان يتحركوا…
༺༺༺༻༻༻
هتفت لبيبة فى الهاتف بحدة و قسوة
=يعنى ايه هربت يا غبى يا ابن الغبى….
قاطعها الرجل بحدة
=ليه الغلط طيب يا ست لبيبة…
ليكمل سريعاً
=البت غفلت.. الراجل و هربت البت رغم ان جسها صغير بس عصب بصحيح و قادرة……
قاطعته لبيبة بشراسة وهى تكاد ان تجن
=قادرة ايه يا موكوس.. دى عيلة لبخة و عينيها مغمضة و عمرها ما خرجت من البيت انت اللى هفأ انت و رجالتك العرة….
لتكمل سريعاً بغضب وانفعال
=والجثة اللى جبتها وحرقت وشها علشان نوهم جابر ان هى عملت فيها ايه…
اجابها الرجل بتردد و تلعثم
=جابر لقاها زى ما احنا مخططين… بس… بس…….
هتفت لبيبه به بغضب
=بس ايه ما تنطق….
غمغم الرجل سريعاً مجيباً اياها
=جابر عرف على طول انها مش هى… يعنى كدة كدة خطتك كانت هتبوظ.. هتبوظ….
صرخت لبيبة بشراسة وهى تلقى الهاتف من يدها
=اقفل… اقفل يا فقر يا غبى…..
جلست ارضاً دافنة وجهها بين يديها تشعر بكامل جسدها ينتفض غضباً فقد انهار كل ما خططت له فقد اتفقت مع احدى الرجال الذين تثق بهم على بان يبتاع جثة فتاة فى نفس عمر و حجم غزل و يقوموا بحرق وجهها بالكامل حتى لا يتعرف على ملامحها و قامت بأخذ عباءة من ملابس غزل و اعطتها له حتى يضعها على جسد الفتاة حتى يتأكد جابر من انها هى…
ثم اتفقت مع ذات الرجل ان يجعل احدى رجاله يلحق بغزل و يقوم باختطافها حتى تحتفظ بها كورقة رابحة تستخدمها فى اى وقت ضد جابر لكن كل ذلك فشل فشلاً ذريعاً بسبب اعتمادها على بعض من الاغبياء فقد كانت هذة فرصتها الوحيدة لتنفيذ خطتها تلك وها هى خسرتها…
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور يومين…
كان جابر جالساً بغرفة مكتبه التى تسودها الظلام الدامس ينظر الى الفراغ بعينين ملبدة بالبؤس و الألم فلم يترك مكان الا و بحث به عنها لا يعلم ماذا يفعل بعد الأن….
كان يشعر بالاختناق يشعر بعجز لم يشعر بمثله من قبل
طرق على الباب جعله يخرج من قوقعة افكاره…
دلف العمروسى الى الغرفة التى كانت معتمة ليسرع بالضغط على زر الانارة لتعم الغرفة بالضوء مما جعل جابر يهتف بغضب و جفنيه يرتجفوا بسبب عدم اعتياده على الاضاءة
=اطفى الزفت ده…..
اسرع العمروسى نحوه قائلاً بلهفة
=فى ست برا… عاملة هيصة و دوشة علشان تقابلك…
قاطعه جابر بحدة و هو يسند رأسه الى ظهر مقعده
=مش عايز اقابل حد….
غمغم العمروسى بتردد فقد كانت المرأة تملك لسان سليط ولن ترحل حتى تقابله
=بس دى شكلها عايزاك فى موضوع مهم.. بتقول اسمها نبوية..
عقد جابر حاجبية فقد كان الاسم ليس بغريب عليه لكنه لا يتذكر اين سمعه من قبل لكنه انتفض واقفاً هاتفاً بلهفة فور تذكره حديث غزل بمخفر الشرطة عن نبوية صديقة والدتها كيف نسى امرها
=دخلها بسرعة…
وقف العمروسى يتطلع اليه بصدمة و ارتباك من تحوله المفاجئ هذا مما جعل جابر يهتف به بغضب
=واقف تعمل ايه.. دخلها اخلص…
اسرع العمروسى للخارج ينفذ امره لتدلف الى الغرفة بعده بعدة ثوان امرأة ضخمة الجثة هاتفة بحدة و هى ترمق جابر بنظرات متفحصة مشتعلة بالغضب
=انت بقى جابر العزايزى….
قاطعها جابر و هو يتقدم نحوها قائلاً بلهفة
=انتى تعرفى غزل فين …؟؟؟
زجرته نبوية بحدة قائلة بازدراء
=غزل مين…غزل اللى ضحكت عليها و خدت شرفها و استغليت انها عيلة يتيمة لوحدها فى الدنيا…
لتكمل بقسوة وهى تشير بيدها امام وجهه بتهديد
=بس لا.. انا وراها و فى ظهرها لو فاكر هتاخد شرفها و محدش هيـقدر يـ……
قاطعها جابر بحدة و هو يكاد يفقد عقلة والسيطرة على اعصابه
=خدت شرف مين يا ست انتى… دى مراتى….
هتفت نبوية بحدة وهى ترمقه بنظرات ساخرة
=مراتك… لا ونبى صدقتك انا كدة….
اخرج جابر حافظة جيبه و اخرج منها عقد زواجه من غزل و القى به نحو نبوية التى فتحتها و هى تنظر اليه بارتباك لكنها اطلقت شهقة عندما قرأت محتويات الورقة التى تثبت زواجه من غزل همهمت محدثة نفسها بصوت منخفض لم يصل الى مسمع جابر
=ايه ده.. ده طلع متجوزها فعلاً اومال بنت الهبلة دى بتقول سلمت نفسه له ايه…
قاطعها جابر بحدة و هو يتخذ خطوة نحوها بينما الأمل يعصف بقلبه
=غزل فين.. ؟!
رفعت نبوية عينيها عن الورقة التى بيدها اليه قائلة بارتباك
=هااا… وانا اعرف منين هى فين يا خويا كنت ولى امرها ولا كنت ولى امرها…
لكنها قطعت جملتها مطلقة صرخة مرتعبة عندما قبض على ذراعها مزمجراً بشراسة جعلت الدماء تجف بعروقها
=اخلصى…. هتنطقى و هتقولى هى فين ولا اخليهم يلبسوا عليكى اسود…
هتفت نبوية بحدة وهى تنفض يده بعيدة
=هقول… هقول يا خويا مالك حمقى كدة…. ده لها الحق البت تطفش من وشك يا ساتر ايه ده…
༺༺༺༺༻༻༻༻
كانت غزل جالسة بمنزل نبوية المتواضع تشاهد التلفاز باعين غائمة فقد بقت هنا لأكثر من يومين منذ هروبها من منزل العزايزى اهتز جسدها بقوة فور تذكرها ما حدث لها اثناء هروبها من المنزل فقد حاول شخص اختطافها حيث جاء من خلفها و كمم فمها محاولاً سحبها الى الارض الزراعية لكنها قاومته بضراوة لكنه لم يفلتها و عندما وصلوا لداخل الاراض الزراعية ادارها اليه لكن فور ان واجهته غزل رفعت ساقها و ضربته بين ساقيه بكامل قوتها مما جعله يفلتها مطلقاً صرخة مدوية وهو ينحنى ممسكاً بجزء جسده السفلى و قد تشنج وجهه من شدة الألم..
لم تنتظر غزل و ركضت باقصى سرعة لديها و لم تتوقف رغم انقطاع انفاسها فقد دفعها خوفها الى ان تزيد من سرعتها اكثر و اكثر و لم تتوقف الا ان اصبحت بمنطقة سكنية ينتشر بها المنازل
انهارت جالسة على بسطة خاصة باحدى المنازل تحاول التقاط انفاسها المنقطعة بينما عينيها تدور بخوف بارجاء المكان…
سمعت اذان الفجر يتعالى من المسجد القريب من المنطقة التى بها مما جعلها تطمئن قليلاً فسوف يبزغ النهار قريباً لكنها لا تعلم الى اين ستذهب دفنت وجهها بين ساقيها وهى تشعى باليأس والاحباط لكنها انتفضت جالسة بانتصاب و ابتسامة بدأت ترتسم على شفتيها فقد تذكرت نبوية صديقة والدتها فقد اخبرتها قبل ان تغادر السجن على عنوانها و أكدت عليها اذا احتاجت لشئ فيمكنها تلجئ اليها…
قررت غزل انها ستظل فى مكانها هذا حتى تشرق الشمس و تتأكد من اختفاء الخطر و بعدها ستذهب الى منزل نبوية فلم يكن يبعد عن هنا كثيراً …
وهذا ما فعلته بالضبط ذهبت الى العنوان الذى كانت قد اعطته لها لكنها لا تتذكر رقم المنزل..
لذا سألت عن منزلهاو دلتها امرأة قابلتها على المنزل..
طرقت غزل الباب و هى تشعر بالخجل والحرج لكن فور ان فتحت نبوية الباب استقبلتها بابتسامة واسعة فرحة احتضنتها بين ذراعيها مما جعل غزل تبكى اخذتها نبوية للداخل وحاولت تهدئتها اخبرتها غزل انها هربت من المنزل بعد ان قامت بعلاقة مع جابر لم تعاتبها نبوية على العكس ظلت محتضنة اياها محاولة تهدئتها ثم اخبرتها ان تبقى معها فليس لها سوى ابن وحيد وهو يعيش بالقاهرة بسبب عمله..
و بالفعل ظلت غزل معها لا تعلم ما هى خطوتها التالية…
خرجت غزل من شرودها هذا تدير رأسها نحو باب المنزل عندما فتح و رأت نبوية تدلف للداخل و على وجهها يرتسم الأرتباك
مما جعل تغمغم متسائلة بقلق فقد ذهبت منذ الصباح ولم تخبرها الى اين ستذهب
=ايه يا خالتى.. كنت فين كل ده قلقـ…..
لكنها ابتلعت باقى جملتها منتفضة واقفة و قد اختفى اللون من وجهها فور رؤيتها لجابر يظهر من خلف نبوية تراجعت الى الخلف و الخوف و الرعب يعصفان بداخلها من مظهر وجهه الذى كان لا يبشر بالخير فقد ارتسم معالم الغضب عليه بينما عينيه يسودها الظلام..
توقعت ان يهجم عليها لكنه لمفاجأتها ظل مكانه ينظر اليها بصمت مما جعلها ترتبك هامسة بتردد و صوت مرتجف
=جاى هنا ليه يا جابر..؟
لم يجيبها جابر الذى كان واقفاً متجمداً مكانه وقد اصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حمله ينظر الى غزل التى كانت تقف امامه حية و بصحة جيدة… لا يصدق انه عثر عليها اخيراً و انه لم يفقدها تقدم نحوها ببطئ مما جعلها تتراجع الى الخلف اكثر و هى تهتف بغضب
=اطلع برا يا جابر… اطلع برا بدل ما اصوت وألم عليك البلد كلها و اخلى شكلك وحش قدامهم و……
لكنها انهت جملتها صارخة عندما اصطدم ظهرها بالحائط الذى كان خلفعدها و لم تجد مكان تهرب اليها عندما امسك بها
وجذبها إليه يضمها الى صدره سحاقاً اياها فى عناق قوى جعل انفاسها تنحبس دفن وجهه بعنقها مما جعلها تضربه بيديها على كتفيه هاتفة بغضب و هى تحاول عدم التأثر به
=ابعد…ابعد عنى بقولك..
.
لكنه رفض افلاتها يعقد ذراعيه حول خصرها يضمها اليها بقوة اكبر
“غزل..” مردداً بأنين عميق اسمها كما لو كان لا يصدق انها بين ذراعيه حاولت دفعه مرة اخرى هاتفة بصوت متقطع رافض
=بلا غزل بلا زفت عايز تعمل فيا ايه تانى…ابعد بقولك…ابعد
لكنها ابتلعت باقى جملتها عندما اهتز جسده بعنف صادراً منه نحيب باكى مما جعل جسدها يتصلب بصدمة
ابتلعت بقوة الغصة التى تسد حلقها وعقلها لا يزال لا يستوعب انه يبكى حقاً فلم تراه يبكى ابداً طوال حياتها حاولت دفعه مرة اخرى لكن تجمدت يديها فوق خصره عندما بدأ جسده يهتز اكثر و تعالى نحييه بشهقات ممزقة بينما يشدد من احتضانه لها اسرعت باحاطت ظهره بذراعيها تضمه اليها هامسة بألم و ارتباك و هى لا تعلم ما به
=جابر مالك.. فى ايه…؟!
لم يجيبها جابر الذى كان لايزال لا يصدق انها بين ذراعيه حية ترزق… فقد كان من الممكن ان تكون بمكان تلك الفتاة بالمشفى…
فعندما ظن انها توفيت كان قلبه يكاد ان يتوقف من شدة حزنه و ألمه فهو لا يستطيع العيش بدونها فهى اجمل و اغلى شخص لديه بهذة الحياة و بفقدها ستكون نهاية حياته..
تشددت ذراعيه من حولها يعلم انه يكاد ان يخنقها فى عناقه هذا لكنه لا يستطيع ايقاف نفسه دفن وجهه اكثر في رقبتها يمتص أنفاس عميقة من رائحتها التى يعشقها و التى كان يعتقد انه لن يشمها مرة اخرى مما جعل دموعه تتجدد فى مقلتيه مرة اخرى…
لكنه شعر بالدفئ بداخله عندما بدأت يديها الصغيرة تربت بحنان فوق ظهره محاولة تهدئته.. بالفعل بدأ يهدئ ولم يشعر أبدًا فى حياته بأنه على قيد الحياة أكثر مما كان عليه في هذه اللحظة..
ظلوا على حالتهم تلك عدة دقائق لتسرع نبوية التى كانت واقفة تراقبهم باعين ملتمعة بالعاطفة والشفقة على حالتهم تلك غادرت المنزل تاركة لهم المجال لكى يتحدثوا و يحلوا خلافتهم فقد تأكدت من حب جابر لغزل الأن…
ابتعد جابر اخيراً عن غزل يحيط وجهها بيديه و عينيه المحتقنة بالدماء مسلطة على وجهها يتشرب ملامحها بشغف
.
شعرت غزل بالتوتر والارتباك تحت نظراته تلك و هى لا تفهم ما الذى اصابه فهذا ليس جابر الذى تعرفه ذو الشخصية السليطة الحادة..
تحدث اخيراً بصوت اجش من اثر البكاء بينما ابهامه يمر برفق فوق خدها متلمساً جلدها بحنان
=كدة يا غزل.. تقلقينى عليكى بالشكل ده..
ارجعت رأسها للخلف رافضة لمسته هاتفة بحدة
=و تقلق عليا ليه ان شاء الله… كنت مهمة عندك علشان تقلق عليا….
لمس وجهها مرة اخرى رافضاً تركها قائلاً باصرار
=طبعاً مهمة عندى…
ليكمل بعصبية عندما اطلقت غزل ضحكة ساخرة تدل على عدم تصديقها اياه
=بتضحكى على ايه…؟
احتضن وجهها برغم رفضها قائلاً
=انتى مش مهمة بس يا غزل انتى اغلى و أهم حد فى حياتى….
دفعته غزل فى صدره بقوة مما جعله يتراجع الى الخلف لتستغل الفرصة و تبتعد عنه واقفة بنهاية الغرفة هاتفة بعصبية و حدة و هى تتذكر كذبه عليها
=اهااااا و هتقولى بقى انك بتحبنى و متقدرش تعيش من غيرى..مش كدة
اومأ جابر برأسه قائلاً وهو يتقدم نحوها و عينيه تلتمع بعشقه و شغفه بها
=اها يا غزل بحبك… و مقدرش اعيش من غيرك… و بعادك عنى كنت بموت فى اللحظة الف مرة
قاطعته ضحكتها الساخرة الرنانة مسحت غزل عينيها قائلة بتهكم وهى تتذكر كذبه و خداعه لها بالماضى
=اها يانى… فقرة المسدس اللى هتطلعه و تحطه على راسك و تهدد انك هتموت نفسك هتعملها امتى يا جابر…
وقف يتطلع اليها باعين مظلمة بالغضب ضاغطاً على فكيه بقوة لكنه ظل صامتاً رغم غضبه هذا مما جعلها تكمل وهى تجلس على احدى المقاعد بهدوء
=الفيلم اللي انت عامله ده.. عامله علشان عرفت ان لقيت مكان بعيد عنك و مش هرجعلك مش كده
انفجر غضب جابر فور سماعه كلماتها تلك هدر قائلاً بصوت غليظ
=مش هترجعى لمين انتى هبلة… انتى مراتى….
انتفضت واقفة على قدميها تواجهه هاتفة بغضب
=مراتك..؟!! انت صدقت كدبتك ولا ايه…
قبض جابر على كتفيها قائلاً من خلال أسنانه المشدودة بقسوة
=كدبة…!! و لما كنت نايمة فى حضنى قبل ما تهربى كان ده كمان كدبة…
احترق وجهها بالخجل و امتلئت عينيها بالدموع فور سماعها كلماته تلك مما جعل غضبه يتبدد طبع قبلة على جبينها قائلاً بحنان
=يا حبيبتى انتى مراتى.. حلالى…
يمكن اتسرعنا قبل الفرح بس الكل كان عارف اننا بنام فى اوضة واحدة… و الكل عارف ان الفرح هيتعمل شكلياً بس
تراجعت غزل للخلف بعيداً عنه هامسة بصوت مرتجف و وجهها قد ازداد احتراقه
=انا… انا… عايزة اتطلق…..
ظل جابر واقفاً ينظر اليها بصمت يضيق عينيه بغضب محدقاً بها وقد جفلت عضلة في فكه كما لو كان يضغط على أسنانه بقسوة ظل على حالته تلك عدة لحظات قبل ان يتقدم نحو الاريكة ملتقطاً من فوقها وشاح اسود و وضعه فوق شعرها يعقده باهمال حول رأسها مما جعلها تتمتم بارتباك.
=بتعمل ايه…؟؟
لكنها اطلقت صرخة متفجأة عندما
حملها فوق كتفه حيث سقط رأسها للاسفل مما جعلها تهتف
=نزلنى….. انت اتجننت نزلنى بقولك..
تجاهل جابر صراخها هذا و اتجه بها خارج المنزل صرخت غزل تستنجد بنبوية التى كانت تجلس على البسطة المواجهة لمنزلها مع جاراتها
=الحقينى يا خالة نبوية….الحقينى
لم تنهض نبوية و ظلت مكانها قائلة بابتسامة واسعة
=روحى مع جوزك يا غزل.. الست مالهاش غير بيت جوزها
تمتم جابر قائلاً بسخرية بينما يديه تتشدد من حولها عندما اخذت تتملص محاولة النزول من فوق كتفه
=سمعتى… خالتك بتقول ايه الواحدة مالهاش غير بيت جوزها….
صرخت بهستيرية و هى تضرب بقدميها فى الهواء محاولة جعله ينزلها
=نزلنى… يا جابر.. نزلنى….
=حاضر…
غمغم جابر و هو يفتح باب السيارة ملقياً اياها بالمقعد الخلفى ثم دفعها جانباً جالساً بجانبها مصدراً امراً للسائق بالانطلاق ثم رفع الحاجز بينهم و بينه فور ان فعل ذلك قبضت غزل على شعره تجذبه بقسوة و هى تصرخ بغضب
=وقف العربية دى.. و نزلنى يا جابر مش هروح معاك البيت ده على جثتى….
امسك جابر بخصلة من شعرها من اسفل طرحتها يجذبه مما جعلها تصرخ متألمة لكنها شددت من قبضتها حول شعره اكثر
هاتفاً بها وهو يحاول تحرير شعره من قبضته
=سيبى يا غزل شعرى..الله يخربيتك ٣/٤ شعر وقع بسببك هقرع
هتفت به وهى تجذب خصلات شعره
=سيب وانا اسيب…
افلت شعرها و هى ايضاً افلتت شعره من قبضتها مما جعله يفرك فروة رأسه التى كانت تؤلمه متمتماً من بين اسنانه بغضب
=عيلة مفترية..
تجاهلته غزل هاتفة بحدة وعينيها تنطلق منها شرارت الغضب
=رجعنى بيت خالة نبوية… بدل ما ارتكب جريمة…بقولك
قاطعها جابر بحدة وهو لا يزال يفرك رأسه
=مش هرجعك فى حتة… و اهدى بقى متخلنيش اتعصب عليكى يا غزل انا ماسك نفسى بالعافية
رفعت حاجبها ساخرة من غضبه قائلة ببرود
=هتعمل ايه يعنى هتضربنى…؟
لتكمل وهى تهز كتفيها ببرود
=عادى مش اول مرة تعملها…
ضرب رأسه بمسند السيارة الذى امامه عدة ضربات وهو يتمتم بحنق
=صبرنى يارب…صبرنى يا رب
جلست غزل تطلع اليه باعين متسعة بالدهشة مما يفعله و كامل جسدها متصلب لكنها انتفضت فى مكانها بفزع عندما رفع رأسه ينظر اليه قائلاً
=اسمعى بقى من الاخر… طلاق مش هطلق… و لو فكرتى يا غزل تهربى تانى هجيبك… و لو كنت مستخبية تحت الارض هجيبك فاهمة…. و الفرح بعد ٥ ايام
زجرته غزل بحدة وغضب و هى تمثل القوة امامه بينما فى الحقيقة قلبها كان يرتجف خوفاً منه عقدت ذراعيها اسفل صدرها مديرة ظهرها اليه وهى تشتمه بصوت منخفض..
بينما ارتفعت ابتسامة فوق شفتى جابر الذى كان راقب باستمتاع حالتها تلك.. و هو يحمد الله على رجوعها اليه سالمة
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور يومين..
كانت غزل جالسة بالشرفة التابعة لغرفتها تراقب بشغف و راحة التساقط الغزير للأمطار فوق الحديقة التى يسودها الصمت و السكون.. فقد كانت تلك المنطقة من الحديقة خاصة لا يدخلها احد من العاملين لأنها تواجه غرف اهل المنزل لذا حرص عثمان العزايزى على الخصوصية…
التقطت نفساً عميقاً محملاً برائحة المطر التى جعلها من الداخل تشعر بالهدوء و السعادة فقد امضت اليومين الماضيين بغرفتها لم تخرج حتى لتناول الطعام بالأسفل رافضة التواجد معهم لكن جابر لم يتركها و شأنها كان يأتى بالطعام الى غرفتها و يتناوله معها هنا..
كان جميع تصرفاته و افعاله غريبة فقد كان لا يتركها يتحجج بأى شئ حتى يأتى الى غرفتها و يظل جالس معها حتى ان لم يجد شئ يقوله كان يجلس عينيه ثابتة عليها فقط كما لو كان قد اشتاق اليها حقاً خلال اليومين اللذان غابت بهما عنه لكنها لا تصدقه و لن تصدقه بعد ما فعله بها
فقد تكون هذة خطة جديدة للايقاع بها و الانتقام منها… تعلم ان ما فعله عندما حاولت بسمة حرقها قد يفسره البعض انه عاشق لها لكن لا هى تعلم لما فعل ذلك.. فعل ذلك حتى يجعل شقيقته تترك قداحة النار فهو يعلم مدى حبها له و انها لن تحاول ايذاءه…
تنهدت و هى تمد يدها نحو السماء تلتقط حبات المطر على يدها وابتسامة واسعة ترتسم على شفتيها فور ان زادت الامطار غزار مما جعلها تتناثر على وجهها لكنها انتفضت فى مكانها فور ان اتى صوت جابر من خلفها
=هتاخدى برد يا فراولة….
اجابته بحدة دون ان تستدير اليه
= انا عايزة اخد برد.. مالكش دعوة…
غمغم و هو يحيط خصرها بذراعيه طابعاً قبلة فوق عنقها
=لسانك الطويل ده عايز قصه…
انهى جملته جاذباً جسدها نحوه ليستند ظهرها الى صدره حاولت دفعه بعيداً لكنه شدد ذراعيه حولها رافضاً تحريرها دافناً وجهه بعنقها طابعاً قبلة بجانبه موزعاً خطاً من القبلات صعوداً الى اذنها هامساً بها
=بحبك يا فراولة…
همست غزل بصوت ضعيف مختنق تأثراً بقبلاته التى لا يزال يوزعها فوق عنقها
=كداب…. عمرك ماحبتنى……
جذبها الى جسده اكثر مزيداً من احتضانه لها مقرباً شفتيه من اذنها هامساً لها بصوت اجش
=عمرى ما حبيت قدك فى حياتى…
هزت غزل رأسها بقوة رافضة تصديقه و رجفة حادة تسري بسائر جسدها عندما شعرت بانفاسه الدافئه تمر فوق جانب عنقها بينما اخذ صدرها يعلو و ينخفض بشدة و هي تكافح لالتقاط انفاسها….
استدارت تواجهه لتصطدم بصدره حيث كان يقف خلفها مباشرة قائلة بحدة محاولة تغيير الحديث
= انا جعانة جبت الاكل..؟
مرر يده فوق وجهها مبعداً شعرها المتناثر فوق عينيها الى خلف اذنها قائلاً بهدوء
=فى ضيوف معزومين على العشا ولازم تنزلى تقابليهم
عقدت حاحبيها قائلة باستفهام
=ضيوف مين….؟؟
اجابها وهو يتلاعب بعدة خصلات من شعرها
=واحد اسمه هشام عبد الغفور… ده اللى بيبعله المحصول كل سنة جاى هو ومراته هنمضى العقد ونتعشا سوا…
هزت كتفيها قائلة ببرود
=طيب ده شغلك انا مالى… انزل ليه..؟؟
اجابها جابر بهدوء و دون عصبية رغم استفزازها له
=علشان انتى مراتى… و المفروض تقابليهم معايا و ترحبى بيهم….
ابتسمت غزل قائلة بخبث محاولة استفزازه و هى تتلاعب بازرار قميصه
=طيب مش خايف العب فى دماغ صاحبك هشام ده و اقنعه انه يساعدنى اهرب من هنا….
” غزل…” كان هناك تهديد مشؤوم في الهدير المنخفض الذى صدر منه مما جعلها تبتلع باقى جملتها فى خوف فور ان رأت عينيه التى اظلمت بغضب عاصف فقد كانت عيناه أكثر شيء مرعب رأته في حياتها همس من خلال أسنانه المشدودة
=لو فكرتى تتكلمى معاه بس… هقتلك يا غزل…
ليكمل بحدة و تملك وهو يقربها منه و قد اختفى لطفه الذى كان يعاملها به خلال الايام الماضية
=انتى ملكى…فاهمة.. و اللى يفكر بس يلمسك همحيه من على وش الدنيا…
اصابتها رجفة خوف فور سماعها كلماته تلك لكنها ابتعدت هاتفة بغضب
=مش هنزل يا جابر…انا كده كدة تعبانة و عايزة انام…
قاطعها بحدة و هو يلحق بها لداخل الغرفة
=لا هتنزلى يا غزل و هتستقبلى الناس زى اى ست بيت محترمة… الناس عرفت انى اتجوزت و مستنين يقابلوا عروستى…
ليكمل وهو يتجه نحو باب الغرفة حتى يغادر قبل ان يفعل شئ قد يندم عليه فقد كان كامل جسده ينتفض غضباً بسبب كلماتها الحمقاء
=الناس هتوصل بعد ساعة البسى و اجهزى يلا…
ثم التف مغادراً الغرفة تاركاً اياها واقفة وجهها احمر من شدة الغضب و الانفعال لكن فجأة اختفى غضبها هذا و ارتسم المكر بعينيها هامسة
=مش انت اللى طلبت ده.. اشرب بقى هخاليهم يقابلوا عروستك حاضر
ثم اتجهت نحو خزانتها و ابتسامة شيطانية على وجهها..
༺༻༺༺༻༻
كان جابر جالساً مع هشام يتحدث معه عن الاعمال عندما التفت اليه زوجته شيماء قائلة بحماس
=اومال فين المدام بتاعتك..يا جابر بيه ؟!
اجابها مبتسماً بلطف
=زمانها على وصول…معلش اصل الفترة دى هى تعبانة شوية فبتاخد وقتها فى كل حاجة
ابتسمت شيماء قائلة و هى تهز رأسها بتفهم
=بصراحة انا متحمسة اوى انى اشوفها…..هشام كان دايماً يكلمنى عنك و انك قد اى شخصية صعبة و حادة عايزة اشوف الست اللى قدرت توقع شخصية زيك اكيد مختلفة
اومأ جابر قائلاً بهدوء و عينيه تلتمع بعشقه لغزل
=فعلاً غزل مختلفة و مفيش زيها فى الدنيا بحالها….
تنهدت شيماء تنكز زوجها قائلة
=شايف… شكله بيحبها اوى…
امسك هشام بيدها يرفعها الى فمه يقبلها
=طيب ما انا كمان بحبك يا روحى…
ادارت شيماء عينيها فقد كانت تعرف زوجها و طباعه فقد كان زير نساء لكنها كانت تحاول ان تتغاضى عن خيانته لها بعد ان وعدها بانه لن يفعلها مرة اخرى عندما وصل الأمر بينهما للطلاق خرجت من افكارها تلك عندما سمعت جابر العزايزى يغمغم بهدوء
=غزل فعلاً اتأخرت هبعت حد يستعجلها..
لكنه ابتلع باقى جملته وقد اتسعت عينيه بصدمة عندما رأى غزل تدلف الى الحجرة مرتدية عباء رثة ممتلئة بالبقع تربط وشاح فوق رأسها قائلة بابتسامة واسعة
=العشا جاهز يا جابر بيه….
شاهدت غزل باستمتاع الصدمة الظاهرة على وجه جابر فقد كان يريدها ان تقابل ضيوفه فها هى قابلتهم لكن قابلتهم كخادمة.. قابلتهم بصفتها التى ظلوا يعاملون اياها بها طوال السنتين الماضيتين…
بينما تسلطت عينين هشام عليها باعجاب فرغم ملابسها الرثة الا انها لم تخفى جمالها الخلاب فكر كيف يمكن لهذا الجمال الرائع ان تكون خادمة بهذا المنزل..
اتخذت غزل خطوة للخلف عندما رأت جابر ينتفض واقفاً قائلاً بصوت مشدود بالغضب
=عن اذنكوا.. دقيقة واحدة
ثم اتجه نحوها ممسكاً بذراعها يدفعها امامه لخارج الغرفة متجهاً بها الى غرفتها التى ما ان دخلوها هتف بها بقسوة و عروق عنقه تنتفض بقوة
=ايه اللى انتى مهباباه فى نفسك ده…؟
نفضت يده الممسكة بذراعها بعيداً قائلة بهدوء يعاكس ضربات قلبها التى كانت تتقافز داخل صدرها رعباً
=مالى…فى ايه..؟ مش عجبك منظرى اوى.. ليه مش ده اللى عيشتنى فيه انت وخالتك طول السنتين اللى فاتوا.. عملتونى خدامة ليكوا تدوسوا عليها….
زمجر جابر بقسوة مقاطعاً اياها
=عارف انى غلطت.. و اعتذرت ١٠٠ مرة .. انتى بقى يا غزل اعتذرتى مرة واحدة عن اللى عملتيه فى اختى لا…. و رغم ده انا ذليل ليكى و بحاول اراضيكى و بتستغلى انى بحبك و مش عارف اخد موقف واحد منك… انتى لو انا اهمك مكنتيش نزلتى قدام ضيوفى بمنظرك ده علشان تفضحينى…
نظرت غزل داخل عينيه قائلة بقسوة ترغب بألامه كما ألمها انه لايزال يصدق انها من فعلت بشقيقته هذا
=ايوة انت فعلاً متهمنيش…ولا تفرق معايا
شحب وجه جابر فور سماعه كلماتها تلك شاعراً بنصل حاد ينغرز بقلبه اومأ برأسه قائلاً بصوت ضعيف
=عارف يا غزل انى مفرقش معاكى….
شعرت غزل بالتردد عند رؤية الألم المرتسم بوضوح بعينيه لكنها تمالكت نفسها حتى لا تضعف امامه مذكرة نفسها بكل ما فعله بها
=غيرى هدومك علشان تقابلى الناس…
هزت رأسها برفض قائلة بتصميم
=مش هغير حاجة عايزانى اقابلهم يبقى هقابلهم بلبسى ده…
وقف جابر ينظر اليها عدة لحظات قبل ان يقول باستسلام
=يبقى خاليكى هنا يا غزل… مش عايزك تقابلى حد…
ثم التف مغادراً الغرفة مغلقاً الباب خلفه بقوة اهتزت لها الارجاء..
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور ساعتين…
كانت غزل جالسة على فراشها بعد ان بدلت ملابسها الى ملابس النوم كانت تنظر امامها باعين غائمة و عقلها شارد لا تعلم هل تصرفت بشكل صحيح مع جابر ام لا…
خرجت من افكارها عندما فتح باب غرفتها و دلف جابر الى الداخل انتصبت فى جلستها قائلة بحدة عندما رأته ينزع سترة بدلته
=ايه ده بتعمل ايه هنا…؟!
اجابها بوجه مكفهر و هو يلقى بالسترة فوق المقعد
=هنام…. بعمل ايه يعنى…
انتفضت واقفة هاتفة به بحدة
=لا بقولك ايه انت تروح اوضتك تنام فيها… بعدين اشمعنا النهاردة اللى جاى تنام هنا ما انت بتنام فى اوضتك….
اجابها و هو ينظر اليها بحدة فقد كان لايزال غاضباً منها
=علشان النهاردة فى راجل غريب بايت فى البيت… المطر لسة شغال و مش هيعرفوا يرجعوا القاهرة النهاردة
رفعت حاجبها فى دهشة
=ايه ده… غريبة اول مرة تخلى راجل يبات هنا عادى… ده انت ولاد عمامك مبيخطوش هنا
زفر بحنق و هو ينزع حذاءه و يلقيه جانباً فكيف سيخبرها انه كان يمنع اى رجل من الاقتراب من المنزل لانها لم تكن متزوجة و اذا سمح لاى رجل بالدخول للمنزل كانت الغيرة ستمزق قلبه لكنها الان زوجته ملكه..
ادارت غزل وجهها وهى تشاهده ينزع ملابسه و يرتدى ملابس النوم
نهضت واقفة قائلة بحدة وهى تتجه نحو الباب
=انا نازلة اعمل حاجة اكلها….
تحدثت وهى تفتح الباب لكن اوقفها صوته العاصف وهو يتقدم نحوها
=نازلة فين انتى هبلة ولا بتستعبطى..
استدارت تنظر اليه منصدمة من ردة فعله المبالغ بها تلك
=نازلة اكل.. جعانة
دفعها بعيداً عن الباب مغلقاً اياه بقوة
=مفيش نزول تحت فى راجل غريب فى البيت و اتمسى بقى خلى ليلتك دى تعدى…
ضربت الارض بقدمها هاتفة بعصبية
=جعانة….
تركها واتجه نحو الفراش مستلقى عليه قائلاً ببرود
=الاكل كان تحت بس انتى اللى استكبرتى تنزلى… نامى بقى من غير اكل…
زجرته بغل و غضب لكنه قابل نظرتها تلك ببرود قبل ان يدير ظهره لها ويغلق عينيه مستعداً للنوم .
بوقت لاحق…
هبطت غزل الى الاسفل حتى تصنع شئ تأكله فور تأكدها من ان جابر قد غرق بالنوم صنعت لنفسها شطيرة و كوباً من العصير تناولتهم باستمتاع فقد كانت حقاً جائعة غافلة عن اعين هشام التى تراقبها فقد خرج من غرفته حتى يذهب الى الحمام عندما رأها تتسحب خارجة من الغرفة التى دخل بها جابر العزايزى اثناء صعودهم الى غرفة الضيوف المخصصة ليعلم انهم بعلاقة غير شريفة…
وقفت غزل امام نافذة المطبخ تشاهد الامطار التى بدأت بالهطول مرة اخرى بابتسامة واسعة قبل ان تأتيها فكرة مجنونة جعلتها تفتح الباب الخلفى بالمطبخ وتخرج للحديقة راكضة اسفل المطر مستمتعة برذاذ المطر الخفيف الذى يتساقط عليها و قفت ترفع وجهها للسماء مطلقة ضحكة سعيدة عندما رذاذ المطر لمس وجهها لكنها انتفضت عندما شعرت بيد تمسك بخصرها من الخلف استدارت لكنها تراجعت فى فازع فور رؤيتها لهشام صديق جابر من يمسك بها
=اوعى ايدك… انت اهبل ولا ايه…
اقترب منها ممسكاً بخصرها جاذباً اياها الى جسده قائلاً بصوت لاهث مليئ بالرغبة
=ما تهدى يا جميل مالك متعصب ليه…
ليكمل وهو يجذبها اكثر نحوه رغم مقاومتها له
=بعدين شوفى جابر بيدفعلك كام و انا هدفعلك ضعف المبلغ….
صدمت غزل فور سماعها كلماته المهينة تلك اومأت برأسها و هى تتصنع الموافقة
=اها اذا كان كدة ماشى…
ارتسمت ابتسامة واسعة على على شفتيه بينما نزعت يده من حول خصرها قبل ان تنحنى فجأة و تنزع نعالها من قدمها و تقوم بضربه به فوق رأسه هاتفة بشراسة
=تدفع لمين يا ابن الكلـ.ب يا واطى فاكرنى من اياهم يا زبا.لة..
اخذت تضربه بالنعال فوق جسده لكنه امسك بيدها يلويها خلف ظهرها مزمجراً بحدة
=ده انتى عيلة قليلة الادب وشكلك مش هاتيجى الا بالقوة
انهى جملته جاذباً جسدها اليه محاولاً تقبيلها لكنه ابتعد عنها عندما سمع صوت زوجته يأتى من خلفها
=بتعمل ايه يا هشام… هى حصلت هنا كمان و الخدامة
التف اليها قائلاً بارتباك و قد اختفى اللون من وجهه
=شيماء انتى فاهمة غلط…
صرخت به بشراسة و عينيها تنطلق منها شرارت الغضب
=فاهمة غلط ايه… ده انا شايفاك بعينى و انت بتبوسها…
لتكمل و هى تتجه نحو غزل التى كانت واقفة بجسد مهتز
=و انتى يا زبالة… مش عارفة انه متجوز
لتسرع بالامساك بها عندما حاولت غزل الركض بعيداً
=راحة فين و دينى لأفضحك انتى و هو واخلى الناس اللى مشغلينك عندهم يعرفوا حقيقتك…
انهت جملتها مطلقة صرخة مدوية و هى تهتف باعلى صوت لديهل
=الحقوووووونى يا نااااس… تعالى اتفرجوا على الراجل الناس اللى متجوزاه بيعمل ايه
حاول هشام وضع يده فوق فمها و كتم صوتها لكنها دفعته بعيداً مستمرة بالصراخ و الهتاف..
شاهدت غزل التى كانت على وشك فقد وعيها نوافذ المنزل تفتح و ظهرت لبيبة بشرفتها ثم بسمة حتى يروا ما يحدث و سبب الضجيج..
لكن اصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حملها و اصبح جسدها يهتز مرتجفاً بخوف وقد اخذت ضربات قلبها تزداد بعنف عندما رأت جابر يقف بشرفة غرفتها و عينيه مثبتة عليها محدقاً بها بغضب عاصف و على وجهه يرتسم تعبير شرس جعلها تريد ان تسقط ميتة حتى تهرب من عقابه لها.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطاياها بيننا)