روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الرابع والستون 64 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الرابع والستون 64 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الرابع والستون

رواية أغصان الزيتون البارت الرابع والستون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الرابعة والستون

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الرابع والستون :-
الجُـزء الثـاني.
“والحقيقة ما هي إلا صورة، صورة تراها، وصورة تسمعها، وصورة تعيشها.”
____________________________________
استتبت الأمور بالنسبة إليه، وبات كل شئ جاهزًا من أجل تحاليل إثبات نسب الطفل له، لم يبقى سوى العينة التي ستؤخذ من الصغير وبعدها كل شئ مُعد له. دخل “حمزة” لقسم الطوارئ حيث تركهم، فكان “زين” قد تلقى علاج مكثف للسيطرة على حرارة جسده المرتفعة، حتى بدأ المصل يأتي بنتيجة إيجابية ملحوظة خلال النصف ساعة. تابع “حمزة” بعيون مراقبة كيف كانت لهفتها عليه، كأن عمرًا من عمرها يذهب أمام عينيها، والآن كل وجدانها وشعورها مرتكزًا معه هو، منتسية أي شئ آخر قد يمنعها الإهتمام به. دنى من الفراش ونظر نحو الطبيب ليسأل في هدوء :
– هو اللي حصله إيه بالظبط؟.
– أكيد أتعرض لتغيير في المناخ والجو مش مستقر اليومين دول.. أهم حاجه يتدفى كويس وياخد رضعاته مظبوطة كل ساعتين مع مواعيد العلاج اللي كتبته للمدام.
بسط “حمزة” يده نحوها و :
– فين الروشتة يا سُلاف؟.
لم ترغب أبدًا في إبداء حالة العداء الواضح بينهما أمام الطبيب، فـ كتمت امتعاضها وهي تناوله الوصفة العلاجية، فـ قام بتصوير نسخة منها على هاتفه وطواها لتجد مكانها في جيبه، ثم نظر لطفله وهو يسأل :
– يعني يفضل هنا شويه ولا ناخده دلوقتي؟.
– لأ مفيش لزوم إحنا خلاص نزلنا الحرارة وهو بقى أحسن.. المهم نهتم بإنه ميتعرضش للهوا كتير.
– مفهوم طبعًا.
قذف “حمزة” بمفاتيح سيارته إليها، فـ تلقفتها بآخر لحظة وعيناها المذهولة تزجره بحنقٍ بلغ حلقومها، بينما انحنى هو نحو الصغير وبدأ يُدثره بالغطاء قبل أن يحمله، فـ اتسعت عيناها وتأهبت حواسها لاختطاف “زين” منه :
– انت بتعمل ايه انا هشيله انت مش هتعرف!.
رمقها بنظرةٍ حادة دون أن يتراجع عن نيته في حمله بين أحضانه، وسحبه بحزمٍ دفعها للتراجع، فقط لكي لا تؤذي “زين” أو تصيبه بوجع :
– أنا خدته خلاص، يلا عشان انتي اللي هتسوقي.
ارتفع حاجبيها مذهولة من تماديه معها، وقبل أن تردف كلمة واحدة كان يقطع طريقها قائلًا :
– مالك بلمتي ليه!.. اتضربتي على دماغك ولا نسيتي السواقة؟.
ضمهُ “حمزة” لصدرهِ بعدما غلفه بالغطاء الناعم، واستبقها للخارج وهو يردف بـ :
– يلا يا مدام.
تعقبت خطواته للخارج حتى تهيأت الفرصة للإنفراد به، فقطعت طريقه وتشبثت بذراعه كي يتوقف بمكانه، وحررت عصبيتها المندفعة لتهتف بغضبٍ شديد :
– انت اتجننت ولا ايــه!؟.. إيه اللي بتعمله ده؟.. سيبلي الولد.
تشددت قبضتيه على الصغير حتى انفجر “زين” باكيًا، مستشعرًا التوتر الحاصل من حوله والذي أبكاه :
– مش هسيبه، انتي السبب في اللي حصل.. سحباه معاكي يمين وشمال في كل حته، يوم معاكي ويوم مع حد تاني!.. انتي متعرفيش أي حاجه عن الأمـومة.
فـ سخرت منه ونظراتها الحامية تمزق فيه :
– وانت بقى بتفهم في الأبوة؟؟.
لم يتركها تقتص منه، وتنازل ليعاملها ينفس فتورها المثير للأعصاب :
– بفهم أحسن منك على الأقل.
اجتذب ذراعه منها، ومشى بطول الرواق وهو يهتف بـ :
– ولو عايزة الليلة دي تعدي امشي معايا احسن، عشان أسلوبك مش هيجيب نتيجة النهاردة بالذات.
وقف عن السير حتى تلحق به، ونظر إليها من طرفه دون أن ينطق كلمة، فـ استنكرت نظرته التي فهمت أن من خلفها مطلب :
– ما تكلم وتقول عايز إيه؟.
أشار إليها برأسه كي تسبقه بخطوة و :
– اسبقيني عشان تشغلي العربية وابعدي الكلب بتاعك عن وشي.
تماكست لأقصى درجة، حتى تستعيد طفلها وتمرر تلك الليلة الكحلاء بسلام وتجد سبيلًا للنجاة، تتبعت تعليماته كما أملاها حرفيًا، واقتادت بنفسها سيارته بعدما أرجأت تفسير الأمر لـ “عِبيد” لوقت آخر، كي تفوز بالوقت عوضًا تضيعهِ في مناقشات غير مجدية. طوال طريقها وعيناها مصاحبة لـ “زين” وهو غافيًا بين ذراعي “حمزة”، عينًا عليه وعينًا على الطريق، وبين ضلوعها قلبٍ ينبض بتخوفٍ وحيرة، وهي ترى ذلك التقدم المعنوي بينهما، كارثة واقعية تتحقق أمام عينيها، إن وجدت نفسها مضطرة للتخلي عن الجزء الأكبر من انتقامها في سبيل الإحتفاظ بـ “زين” والابتعاد به من هنا قد تفعلها، وهذا الإضطراب الذي تعيشه ما هو إلا مفاضلة بين أمرين غاية في الأهمية والخطورة، وكلاهما لا تستطيع الخيار من بينهما.
*************************************
أغلق “مصطفى” الظرف قبل أن يبسط يده به لـ “نضال”، فـ تأنى الأخير قليلًا قبل أن يتناوله، ونظراتهِ المترددة ما بين تنفيذ الأمر من عدمه، حتى وجد نفسه يمسك به على مضض، ويعترض على تلك الخطة التي ستكلفهم الكثير :
– بلاش يا عمي، خلينا ندور على حل تاني بدل ما نكشف نفسنا بنفسنا.
كان “مصطفى” قد انتوى بالفعل تنفيذ ما فكر فيه، لإيقاف أي تخطيط من وسعهِ الربط الوثيق بتلك العائلة اللعينة التي أقسم على ابادتها يومًا :
– نفذ اللي قولتلك عليه يا نضال، إحنا خلاص بنقرب من الهدف اللي سعينا سنين عشان نحققه، ومش هسمح إن حد منكم تتلاعب بيه عواطفه ويوقفني.
بين لحظةٍ وأخرى كانت الإبتسامة تصعد على ثغره، ثم سأل بصوتٍ غمره الإنتشاء والشماتة :
– طمني، الفلوس خلاص اتحولت على حسابنا برا مصر؟.
أعطاه “نضال” البشرى الأكيدة :
– آه، الخطة مشيت زي ما رسمناها بالظبط، بس احنا لازم نسحب سُلاف من البيت ده في أقرب وقت، الوضع اللي شرحولي عِبيد مش مطمني بالمرة.
دفع “مصطفى” مقعده نحو الجدار الذي يحمل صورة شقيقهِ “إسماعيل”، ووقف أمامها ينظر بتمعنٍ إليه وهو يقول :
– خلاص يا نضال، هانت، كل حاجه هتخلص زي ماانا عايز، ونرجع نتلم من تاني بعد ما الحق يرجع لأصحابه ونرتاح كلنا بقى.
لم يكن “نضال” متفائلًا بقدره، أحس وأن هناك ثمنًا باهظًا سيتم تقديمه في سبيل الوصول لمبتغاهم، وأن التضحية ستكون حتمية عليهم، فلا يوجد إنسان حصل على كل شئ في هذه الدنيا، وقد يكون هذا من نصيبهم أيضًا، دفع المقابل للوصول، المخيف في الأمر هو ما الشئ الذي سيتم دفعهِ مقابل الوصول لنقطة النهاية، التي انتظرها جميعهم لأكثر من عشرون عامًا ويزيد؟.
**************************************
تركه بلطف على الفراش ولم يرفع غطاءه، ثم ترك الدواء خاصته على الكومود قبل أن ينتصب واقفًا لينظر نحوها قائلًا :
– دلوقتي نعرف نتكلم براحتنا.
تجاهلت رغبته في تحدث إليها محاولة الإعتناء بصغيرها المريض :
– مش وقته، أجل أي كلام……
قاطعها بضحكة مستهزئة :
– تأجيل إيه، ده انا مبلحقش أسهى عنك وبالاقيكي عاملة مصيبة أنيل من اللي قبلها.
دنى منها ببطءٍ وهو يسأل :
– إزاي عملتيها!.. ١٠٠ مليون جنيه في لمح البصر ازاي!.
لم تكن في لحظات زهو الإنتصار، رغم استمتاعها بالهدف الثقيل الذي أحرزته؛ لكن أمر “زين” استحوذ على الجزء الأكبر من اهتمامها حاليًا، فلم تجد مزاجًا للرد عليه :
– ده حق وبيرجع لأصحابه، لو عليا كنت عايزة آخدهم بالفوايد.. بس معلش، تتعوض.
– مين الخاين اللي بينا وبيسندك؟
لم يكن سؤالًا صادمًا بالنسبة لها، بل إنه تأخر كل هذا الوقت في استنباط شئ گهذا، وبناء عليه لم تفقد “سُلاف” اتزانها وهدوءها وهي تجيبه :
– معرفش، لما تعرف انت الإجابة أبقى قولي.
نزعت عنها كنزتها الصوفية، وحررت شعرها المعقود بدبوس الشعر، ثم نفضت رأسها كي يتبعثر شعرها وهي تقول :
– لو هتبات معايا النهاردة أقفل الباب ده عشان جايب هوا.
سحبت منشفتها العريضة وتحركت بإتجاه دورة المياة وهي تستطرد :
– ولو هتخرج أقفل الباب وراك.
لم تلبث أن تدخل حتى رأته يغادر دون أن يمس الباب، برح مكانه بعقلٍ كاد يفقده، وقد تكالب عليه كل شئ بآنٍ واحد، تلك الجسورة المنتقمة، وأمر ولده الذي استشعر وجوب التأكد من صحة انتسابه إليه، وشقيقته المشكوك في أمرها، ورفيق عمره الذي قد يظهر خائنًا لصاحبه، والــكـثيـر من الأشياء التي لم يحسب لها بالًا. دائرة المتاهة تتسع، وقلة الحيلة – ولأول مرة- تُخيم عليه، محتارًا في تقسيم الأولوية، عاجزًا عن صدّ آذاها، بينما هي گالجيش، كلما حارب جبهة وجد ظهرهِ عاريًا لجبهة أخرى أعتى من سابقتها.
خرج فـ تنفست، وركضت نحو الباب في خفةٍ لتوصده عليها جيدًا، تراخى ساقيها حتى أحست بثقل أطرافها، فـ سرت نحو الفراش واستندت عليه حتى جلست، ثم مددت بدنها جوار “زين”، وبكفها كانت تمسح على بشرتهِ الناعمة وهي تهمس :
– محدش هياخدك مني أبدًا، حتى لو فيها…. موتي.
*************************************
بلى، كانت نظرات قاتلة، استشعرها “راغب” من طرف بصره، من عيني “حمزة” المتعلقة به أثناء تواجدهم أمام المحكمة هذا الصباح الغائم. تصنّع “راغب” عدم انتباهه، رغم أن حواسه كلها تنتفض من شدة الشعور الذي يحسه. أحنى “حمزة” عيناه عن “راغب”، بعدما نظر نحوه مطولًا وهو يتسائل بينه وبين نفسه، ما هي حقيقة علاقته بشقيقتهِ الوحيدة؟.
لم يصحو “حمزة” من غفوته المضطربة سوى على صوت “راغب” وهو يلفت انتباهه :
– البومة بتاعتك جت.
التفت “حمزة” ينظر ليسارهِ فـ رأى “سُلاف” تتأهب بخطواتها الخيلاء الواثقة لدخول المحكمة، تأفف منزعجًا وأشاح بوجهه عنها وهو يردف بـ :
– دلوقتي هنقف قصاد بعض في المحكمة تاني عشان قضية منير، أنا عايز اغمض عيني وافتحها الاقي الـ ×××× دي اختفت من حياتي.
نظر في ساعة يده قبل أن يردف :
– أنا هروح أجيب شنطتي من العربية.
– ماشي.
تعقبه “راغب” ونظرات القلق منسكبة في عينيه، ثم غمغم :
– ياترى عرفت إيه ومخبي يا حمزة!؟
************************************
صفّ “صلاح” سيارته أمام البنك، وترجل عنها لكي يلحق بالداخل من أجل تفعيل وضع الشوشرة واختلاف مشكلة عظمى، بعد سرقة حسابه وتحويل مبلغ مالي ضخم منه لحسابات أخرى. كاد يعبر البوابة الإلكترونية، لولا رنين هاتفه الذي أعاقه وانتظر ليجيب على تلك المكالمة الهامة :
– صباح الخير يا حاتم، أزيك يا بني.
فـ صدمهُ “حاتم” بتلك النبرة المريبة قائلًا :
– خلي بنتك تتنازل عن القضية لو عايزاني أطلقها، ولو وافقت أنا جاهز للطلاق.
اتسعت حدقتي “صلاح” غير مصدقًا ما قيل له توًا، وكأن همّ عظيم بدأ يتزحزج عن صدرهِ :
– ده عين العقل يا حاتم.
– سلام.
بالفعل أغلق “حاتم” المكالمة دون إضافة المزيد، فـ سبّه “صلاح” سبابًا نابيًا، قبل أن يخطو نحو البوابة مرة أخرى :
– كده فاضلي الهم الكبير ده، وقريب همسحه كله من حياتي.
**************************************
أغلق “حمزة” باب السيارة عليه وهو يتحدث في هاتفه، وأثناء ذلك كان يفتش في حقيبته بين الأوراق والملفات :
– يعني إيه يا ابو زيد؟؟ معقولة الكلام ده.
ترك “حمزة” الحقيبة ونظر للخلف عساه يجد ذلك الملف يمينًا أو يسارًا، مندمجًا في التحدث إليه :
– يعني من الآخر راغب فهم وغير كوالين الشقة!.. ده كده بيأكد شكوكي فيه.
وجد “حمزة” ذلك الظرف الملقى بأرضية السيارة، فـ قطب جبينه بإستغراب وتناوله، تطلع إليه متعجبًا من تواجده في سيارته، وبدأ يمزق طرفهِ ليكشف عن محتواه و……………..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى