رواية القاتل الراقي الفصل العشرون 20 بقلم سارة بركات
رواية القاتل الراقي الجزء العشرون
رواية القاتل الراقي البارت العشرون
رواية القاتل الراقي الحلقة العشرون
“من براء؟”
يغلق أزرار سُترة حُلته السوداء الراقية وهو يقف أمام المرآة وبعد أن إنتهى أمسك بالورقة المطوية الموجودة أمامه وذهب بإتجاه الفراش، يراها نائمة ترتسم على وجهها إبتسامة لطيفة وهادئة إقترب منها بهدوء وقبَّل مقدمة رأسها ثم نظر لها يتأملها لعدة ثوانٍ، يعلم أن تلك السعادة مؤقتة، لقد أخبرها قبلًا أنها لن تكون سعيدة معه أبدًا؛ فالحب لا يكفي للسعادة، يجب أن يكون للعقل دور في ذلك .. نظر قليلًا للورقة التي بيده وتركها بجانب الفراش ووضع معها وردة حمراء .. نظر لها مرة أخيرة ثم غادر الغرفة بعد ذلك … خرج ياسين من القصر وركب سيارته وبعدها تحرك سائقه وتبعه نصف رجاله أما النصف الآخر بقي ليقوم بحراسة القصر … يتذكر ليلة أمس، كيف كانت كالطفلة بين يديه لا تعلم أي شئ .. لقد كانت مختلفة .. ولكنها تُذكره بها .. أول فتاة أحبَّها، لقد سرقت قلبه ثم بعدها قامت بكسره … قامت بخيانته وبيعه لأعداءه .. إنتبه على أصوات الأمطار الشديدة بالخارج ويصاحبها الرعد، لقد كانت الأمطار تهطل بغزارة .. ذلك الصوت .. يُذكره جيدًا بما حدث في ذلك اليوم .. نظر ليديه الإثنتين قليلًا ثم تنهد وعاد ينظر أمامه بهدوء .. كانت نائمة ومازالت تلك الإبتسامة مرسومة على شفتيها … تململت في الفراش ولكنها شعرت بالفراغ بجانبها .. قامت بفتح عينيها بنعاس وتفاجئت به غير موجود بجانبها .. إعتدلت بالفراش ونظرت حولها بنعاس وجدت ورقة مطوية بجانب الفراش .. إلتقطتها وقامت بقرائتها ووضعت الوردة جانبًا …
“زوجتي العزيزة .. أعتذر لأنكِ إستيقظتِ ولم تجدينني بجانبكِ .. لقد طرأ لي أمرٌ عاجل؛ فاضطررتُ إلى الرحيل في الصباح الباكر .. أوتعلمين شيئًا؟ أنتِ جميلة جدًا؛ فقد ظللت مستيقظًا بجانبك أتأملك طيلة الليل، وعند رحيلي لم أشأ أن أوقظكِ لأني لا أريد إزعاجكِ .. أعدُكِ أنني سأقوم بتعويضكِ عن ذلك قريبًا .. أرجو منكِ أن تقبلي تلك الوردة كإعتذارٍ مني .. زوجكِ العزيز.”
أمسكت الوردة الحمراء الموضوعة بجانبها ونظرت لها ثم عادت بنظرها نحو الرسالة .. كان يجب أن تكون سعيدة .. لماذا شعرت بالحزن عندما لم تجده بجانبها .. تتمنى بداخلها ألا تندم على إستسلامها له .. إنها تحبه وتستطيع تحدي نفسها بتغييره وأول طريقة لذلك هو التعامل بشكل طبيعي معه وألا يشعر أنها تحاول تغييره .. تعترف أن ماحدث بالأمس ليس له علاقة بذلك فقد إستسلمت له لأنها تحبه وهو يحبها ويتضح ذلك عليه حتى وإن لم يُخبرها بذلك .. ولكن تتمنى أن يكون إستسلامها له هو خطوة كبيرة في تغييره .. نظرت للوردة مرة أخرى ثم تنهدت، حسنًا هو قال أنه سيقوم بتعويضها ستنتظر ذلك التعويض .. نظرت للفراش وإحمرت وجنتاها عندما تذكرت ماحدث ليلة أمس … إستقامت من الفراش وهي تسير بهدوء وإتجهت نحو الحمام ولكنها توقفت عندما رأت زجاجة عطر موضوعة بجانب المرآة في الغرفة إقتربت نحوها وحملتها بين يديها وقامت بشم رائحتها .. إنها رائحته هو … أغمضت عينيها تتأمل ذلك العطر الرائع لعدة ثوانٍ ولكنها إستفاقت بعد ذلك وتوجهت نحو الحمام .. بعد مرور عدة دقائق .. خرجت من الغرفة بعدما قامت بتبديل ثيابها ودلفت لغرفة عماد كان يجلس على كرسيه المتحرك أمام نافذ الغرفة الزجاجية يتأمل الأجواء بالخارج …
مريم بإبتسامة:”صباح الخير.”
إنتبه عماد وإبتسم وهو يلتفت إليها ..
عماد:”صباح النور.”
مريم بإستفسار وهي تقترب منه:”سرحان في إيه؟”
عماد:”الجو جميل أوي النهاردة.”
مريم بإبتسامة وهي تنظر للخارج:”فعلا حلو، أنا صحيت من النوم حاسة إني نشيطة جدا ومبسوطة.”
عماد بإبتسامة:”واضح.”
مريم بإستفسار:”مش فاهمة؟”
عماد بتوضيح:”قصدي وشك منور.”
مريم مغيرة مجرى الحديث:”فطرت؟”
عماد:”اه من بدري .. إنتي نمتي كتير أوي.”
إقتربت منه وأمسكت بمقبض كرسيه ..
مريم:”عادي .. تحس إني مانمتش بقالي كتير .. أنا ماصدقت إرتحت .. تحب نتمشى شويه في الجو الجميل ده؟”
عماد بإبتسامة:”ياريت.”
أثناء تمشيتهما كانت مريم تتحدث عن ياسين …
مريم:”إنت ماشوفتش ياسين الصبح وهو خارج؟”
عماد:”لا.”
شردت قليلًا ولكنها إستفاقت على صوته ..
عماد:”في حاجة ولا إيه؟”
مريم:”لا مافيش.”
عماد:”قلقك المستمر عليه ده فاضحك.”
مريم بإبتسامة:”إنت عارف إن أنا بحبه، وعلى الرغم من إللي أنا عرفته عنه؛ فأنا هتغاضي عن كل ده في سبيل إن في أمل إنه يتصلح .. وياسين بيحبني وأنا واثقة في ده كويس، حتى لو هو مقالش حاجة، فكفاية إنه بيحميني من كل حاجة ممكن تأذيني أحيانا ممكن تكون طريقته مختلفة شوية .. بس أنا متقبله ده حاليًا وهغيره.”
هز عماد رأسه بيأس …
عماد:”إبقي قابليني.”
مريم:”أنا واخداها تحدي يا عماد، وهو هيتغير.”
أكملا سيرهما يتناقشان سويًا عن محاولتها في تغيير ياسين والتي هي مستحيلة تمامًا بالنسبة إلى عماد …
……………………………
كان ياسين يقف بمكتبه ينظر لبعض الملفات التي بيده ولكنه إنتبه لرسالة من أحدى رجاله وصلت لهاتفه … وهذه الرسالة تفيد بأن هناك أخبارًا يتم تداولها على التلفاز .. قام بتشغيل التلفاز ووجد ذلك الخبر …
؟؟:”جريمة قتل لفتاة في السادسة عشر من عمرها تم ذبحها وإلقاء جثتها العارية في القمامة وذلك بعد إغتصابها بوحشيه…..”
لم يُكمل ياسين الإستماع إلى ذلك الخبر وقام بإغلاق التلفاز وإلتقط هاتفه وإتصل بإحدى رجاله ..
ياسين:”عايز أخبار عن المعارف بتوع البنت دي .. عايز كل حاجة توصلي بكل تحركاتها قبل ما تتقتل.”
أغلق المكالمة الهاتفية ثم عاد لإستئناف عمله مجددًا ..
……………………………
عادت مريم لغرفتها وهي تشعر بالسعادة قليلًا لأنها سارت قليلًا في ذلك الجو الممطر .. نظرت لساعة هاتفها تعجبت من عدم مجئ ياسين .. لقد قرُب اليوم أن ينتهي وهو لم يأتي حتى الآن .. دونت رقم هاتفه وبدأت بالإتصال به وبعد عدة ثوانٍ آتاها رده ..
ياسين:”ألو.”
مريم:”إنت فين؟ كل ده بره؟”
ياسين بهدوء:”أيوه.”
مريم بإبتسامة:”طب هترجع إمتى؟ وحشتني بصراحة.”
إبتسم ياسين بهدوء:”ساعة وهكون عندك.”
مريم:”ماشي، يلا باي.”
أغلقت المكالمة الهاتفية أما هو نظر للهاتف بتعجب ولكنه وضعه بجيبه ودلف للمكان المُظلم الذي كان يقف أمامه ويتبعه رجاله .. تحرك في ذلك المكان بترقب وهدوء حتى سمع صوت شابين يتسايران ويضحكان بصوتٍ عالٍ …ومن الواضح من نبرتهم أنهما منتشين بالممنوعات…
؟؟:”كانت بتجري وأنا أجري وراها لحد ما إتكعبلت وإنتهزت الفرصة … بس بنت الإيه كانت عسل.”
##:”بس برافو ياض قدرت عليها، إللي زي دول آخرهم الدبح.”
؟؟:”أيوه طبعا إزاي ترفضني؟؟”
كاد أن يتحدث الفتى الآخر ولكن قاطعه صوته ..
ياسين برُقيّ:”مساء الخير.”
نظر الإثنان له بإستفسار ..
ياسين:”مش عايز حد فيكم يستغرب أنا هنا ليه؟، أو مين أنا؟ بس مطلوب منكم حاجة واحدة بس … * نظر إليهما بنظرة خالية من الحياة* إنكم تعترفوا بإللي حصل.”
نظر الإثنان إليه بعدم إستيعاب وكادا أن يهربا ولكن قبض عليهما رجاله …
ياسين بهدوء وهو ينظر لكليهما:”كنت بتمنى إن ده يتم بالتراضي .. بس أنا غيرت رأيي *وجه بصره نحو القاتل* وعندي الدليل إللي يثبت إنك قلتلها.”
كاد أن يتحدث الجاني ولكنه تفاجأ بأحد الرجال يعطيه سكين … حمل ياسين السكين وكاد أن يتحدث الفتى ولكن لم يستطع لأن ياسين قام بذبحه أمام صديقه .. أما بالنسبة للآخر نظر إليه ياسين وحرك رأسه يمينًا ويسارًا ولكنه إبتعد وتركه وأشار لرجاله بإكمال المهمة عنه وقاموا بقتل الفتى الآخر ..
……………………………
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم سارة بركات”
كانت تجوب المطبخ ذهابًا وإيابًا تقوم بتجهيز أكلة رائعة قد جائت بها من إحدى القنوات الموجودة بالإنترنت .. تقف أمام هاتفها وتستمر بالتقليب المستمر للطعام وتتمنى بداخلها أن تنال إعجابه في إعداد الطعام .. نظرت نحو الخادمات اللواتي ينظرن إليها ومن الواضح أنها إقتحمت المطبخ وأصرت على إعداد الطعام ..
مريم بإستفسار وتعجب:”واقفين ليه؟”
أجابتها إحدى الخادمات..
؟؟:”حضرتك مش محتاجة مساعدة؟”
مريم بإبتسامة:”لا شكرا، تقدروا تتفضلوا .. أنا إللي هعمل كل حاجة، جهزولي إنتوا بس أوضة الأكل.”
هزت الخادمات رؤوسهن .. أما هي إستمرت في محاولاتها في إعداد أفضل طعام له .. بعد مرور عدة دقائق .. دلف ياسين للقصر وكاد أن يصعد لغرفته ولكنه توقف عندما قامت بمناداته ..
مريم:”ياسين.”
إلتفت لها ووجدها ترتدي مريول يخص إعداد الطعام ووجهها ملطخ ببعض الطحين …
مريم بإبتسامة:”نورت القصر.”
إقترب منها وقام بتقبيل رأسها ..
ياسين بإستفسار:”بتعملي إيه؟”
مريم بإبتسامة:”محضرالك عشاء إنما إيه، ماقولكش .. بس أتمنى إنه يعجبك، الأكل جاهز .. شكلك جعان صح؟”
إبتسم بهدوء لها ثم هز رأسه ..
مريم وهي تشير إلى غرفة الطعام:”طب يلا، أنا خليتهم يحطوا الأكل.”
جعلته يتقدم نحو الغرفة .. دلف للغرفة ونظر للطعام الشهي الذي أعدته … نظر لها وأمسك بيدها وقبلها ..
ياسين:”تسلم إيديكي.”
مريم وهي بتنظر بعمق عينيه:”الله يسلمك، يلا كُل.”
ياسين:”هاكل معاكي.”
هزت رأسها بإبتسامة وجلس وهي جلست بجانبه .. بدأ بتناول الطعام وهي تراقبه … شعر ياسين بملوحة شديدة في الطعام ..
مريم بإستفسار:”إيه رأيك؟”
ياسين بإبتسامة:”جميل.”
مريم بإستفسار:”بس كده؟”
ياسين:”كفاية إنك إنتي إللي عملتيه.”
مريم بإستفسار:”هو أنا ليه حاسه إنه مش عاجبك؟؟”
عقدت حاجبيها ونظرت لصحنها .. أمسك ياسين بيدها وضغط عليها برفق ..
ياسين وهو ينظر بعمق عينيها:”لا الأكل حلو .. وعاجبني، ممكن تاكلي؟”
هزت رأسها بإبتسامة وبدتأ بتناول الطعام .. وعندما تذوقت ملوحة الطعام شعرت بالإحراج ونظرت إليه ولكن ما جعلها تطمئن أنه لم يشعر بلموحته هو أنه أكمل تناوله للطعام بهدوء كأن ليس هناك شئ … يبدو كأنه يأكل طعامًا لذيذًا .. وبعد أن إنتهيا من تناولهم للطعام .. إستقام ياسين من مقعده وهي تبعته وصعدا لغرفتهما … نظر ياسين لوجهها المُلطخ بالطحين … إقترب منها وقام بإزالته ..
مريم بإستفسار:”عملت إيه في يومك من غيري؟”
ياسين بإنشغال:”اليوم كله كان شغل.”
مريم:”أنا بقا يومي كان ممل .. كل ده عشان إنت مشيت وسبتني.”
نظر ياسين في عُمق عينيها ..
مريم برجاء وهي تنظر إليه في المقابل:”ممكن ماتعملش كده تاني؟؟ .. أنا زعلت لما لاقيتك سايبني لوحدي.”
ياسين بإبتسامة هادئة:”حاضر.”
ظلا ينظران لبعضهما قليلًا وإقترب منها خطوة وإلتقط شفتيها في قبلة لطيفة والتي تحولت بعد ثوان إلى قبلة مليئة بالشغف وإستسلم الإثنان لحبهما وأُسدِلَ الستار عن تلك الليلة الجميلة وأشرقت شمس يومٍ جديدٍ .. وتلك المرة إستيقظت مريم أولًا حيثُ وجدت ياسين نائمًا في الفراش .. ملامحه هادئة كثيرًا .. كيف لشخص يحمل تلك الملامح الجميلة يكون قاتل؟؟ كيف؟؟ ظلت تتأمله لعدة دقائق .. حتى قررت أن تخرج من الفراش وتقوم بالإستحمام .. بعد أن أنهت إستحمامها خرجت من الحمام مرتدية المنشفة التي تضعها حول جسدها وعندما نظرت نحو الفراش وجدت فارغ .. إنتبهت لخيال في غرفة المكتب إبتسمت لأنها علمت أنه بالداخل … إتجهت نحو التلفاز لكي تقوم بتشغيله لعلها تتسلى قليلًا .. قامت بفتح التلفاز ثم بدأت في إرتداء ملابسها … وأثناء إرتدائها للملابس تخشبت بمكانها عندما سمعت ذلك الخبر ..
“مصرع شابين أحدهما تم ذبحه والآخر تم ضربه حتى الموت ويوجد بعض الأدلة معهما بأن الشاب المذبوح هو من قام بإغتصاب الفتاة ذات الستة عشرة عامًا أمس ……….”
خرجت مريم من الغرفة ونظرت نحو المكتب والذي لم يخرج منه إلى الآن .. إقتحمت الغرفة ونظرت إليه يجلس بكرسي مكتبه يكتب شيئًا في دفترٍ أسود .. قررت أن تتحدث معه .. فهي تعلم جيدًا أنه وصله صوت التلفاز بالمكتب ..
مريم بعدم إستيعاب:”إنت إللي عملتها؟”
رفع ياسين رأسه ونظر لها بهدوء ..
مريم بإستفسار وحزن:”إنت إللي قتلتهم؟”
ياسين بهدوء:”أيوه.”
مريم:”ليه؟”
ياسين:”عشان يستحقوا.”
مريم ببكاء:”لا .. مافيش حد يستحق القتل.”
ياسين:”طب البنت إللي إتقتلت تستحق؟”
مريم:”ماتستحقش .. بس البلد فيها قانون كنت على الأقل إبعت الأدلة دي للبوليس وهما يتصرفوا.”
ياسين:” لازم تفوقي يا زوجتي العزيزة .. طالما القاتل لسه عايش يبقى القتل هيفضل مستمر.”
مريم:”ياسين، أنا مقدرة إللي حصلك و…….”
قاطع حديثها بنظرة جليدية منه …
مريم بتوضيح:”أنا ماقصدش حاجة هو بس عماد وضحلي شوية حاجات .. أنا فاهمة إن ماحدش قبض على جمال ده … بس ممكن مكنش في دليل وقتها إنه هو القاتل عشان كده هما ماقبضوش عليه.”
ياسين:”كلامك مش مُقنع .. إللي بيسعى للعدالة هيحققها، هيدور وهيكمل .. مش هيستسلم إلا لما يحققها.”
مريم:”ماشي يحققها بس مش لدرجة إنه يقتل، ليه تعمل كده؟؟ مافيش حد يستحق القتل، كل واحد بياخد جزاؤه وربنا إللي بيحاسب في النهاية .. ليه إحنا نتدخل ونحاسب الناس؟؟؟ ليه؟”
ياسين برُقيّ:” لو فاكرة إنك هتحاولي تغيريني بمحاولة إقناعك ليا بالأمر ده؛ فلأ مش هتعرفي.”
إستقام من مقعده وكان أن يخرج من مكتبه توقفت أمامه ..
مريم:”أنا قولتلك إني في ظهرك وهفضل دايمًا معاك .. وأنا متقبلاك زي مانت .. بس إنت قاتل يا ياسين .. وإللي بتعمله ده بيأذيني أنا، وأكيد إنت مش حابب تأذيني صح؟؟”
نظر لها قليلًا ولكنه لم يُجِبها …
مريم:”حاول ما تأذينيش يا ياسين وأنا واثقة فيك وعارفة إنك مش هتعمل كده تاني.”
إبتعدت عنه وخرجت من الغرفة تاركة إياه في حيرة من أمره … مرت الأيام وتعاملت مريم معه كأن شيئًا لم يَكُن يوجد إصرار وتأكيد كبير بداخلها أنه سيتغير .. لأنها تعلم جيدًا أنه لن يؤذيها … كانت سعيدة معه في حياتها الزوجية ولكنه مازال باردًا معها … لا يتحدث كثيرًا .. ليس شيئًا جديدًا عليها .. فهو ياسين المغربي … ولكنها تشعر أن هناك تحسن؛ فعلى الأقل لم تسمع بحالات قتلٍ بعدها … وفي يومٍ ما … كانت أشرقت تجلس بمكتبها بالمشفى تنظر لصورها هي ومريم على الهاتف .. إبتسمت بإشتياق لصديقتها التي إعتادت رؤيتها دائمًا لكن في الآونة الأخيرة لم تستطيعا أن تتقابلا .. لأنها كانت ملازمة لياسين بعد أن تم إغتياله حتى بعد أن صار بصحة جيدة .. إن صديقتها زوجة وفية؛ فبرغم الخلافات بينها وبين زوجها التي تسبق زواجهما إلا أنها ظلت بجانبه .. كأنها نسيت مافعله بها حينما أصابه سوء ..
أشرقت بإبتسامة محدثة نفسها:”إحنا بنتنا زوجة صالحة.”
قهقهت قليلًا على تعليقها ذلك وإنتبهت عندما طرق باب غرفتها .. إعتدلت في جلستها ..
أشرقت:”إتفضل.”
تضايقت ملامحها عندما رأته أمامها ..
أشرقت:”إنت بتعمل إيه هنا؟”
طارق:”أنا جيت عشان أشوفك.”
أشرقت بغضب:”وأنا مش عايزة أشوفك.”
طارق:”أشرقت، ممكن تسمعيني؟ أنا خلاص هسافر ومش هتشوفيني تاني؛ فأرجوكي على الأقل إسمعيني.”
أشرقت بضيق:”إتفضل قول إللي عندك وإمشي.”
إقترب منها قليلًا وتحدث وهو ينظر في عمق عينيها ..
طارق:”أنا كنت صادق في كل كلمة قولتهالك .. مشاعري من ناحيتك كانت صادقة .. أنا ماصدقت لاقيتك بعد السنين دي كلها … بس للأسف الحلو مابيكملش معايا أنا بالذات .. فاشل في الحب .. فاشل في إني أحافظ على الإنسانة إللي معايا .. فاشل في حاجات كتير.”
لم تفهم أشرقت عن ماذا يتحدث …
طارق بإستئناف لحديثه مع توضيح:”أنا حبيت قبل كده .. حبيت إنسانة جميلة وقلبها طيب .. فضلت سنين جنبها .. فضلت معاها على الرغم إني عارف إنها بتحب واحد تاني .. بس قولت أفضل معاها للآخر وده إثبات لحبي ليها .. كنت مستعد أضحي عشانها .. كنت مستعد أبيع الدنيا كلها عشانها .. بس هي مشافتنيش .. أنا طول السنين دي كنت بحاول أثبتلها حبي بأي شكل وكنت معاها بدون أي مقابل ومع الأسف كسرت قلبي .. بإنها إختارته هو .. وعلى الرغم من كده فضلت جنبها ماسبتهاش .. قولتلها أنا أهلك .. أنا ظهرك .. أنا معاكي ومش هسيبك وهي كانت بتعتبرني كده عشان مكنش ليها حد .. كانت المشاعر بينا متبادلة بس بشكل مختلف .. أنا كنت بحبها بس هي كانت بعتبرني أخ ليها، لحد ما في يوم من الأيام *نظر طارق ليديه بحزن* … كانت في حضني وهي ميته.”
هبطت الدموع من مقلتيها وهو يقوم بسرد قصة حياته تلك … ولكن ماذا سيتغير؟؟ .. إستطرد طارق كأنه قرأ ما بداخلها ..
طارق:”أنا عارف إن اللي بقوله ده مش هيغير موقفك من ناحيتي .. إنتي عندك حق فعلا .. أنا مريض نفسي .. أنا جبان .. أنا ينطبق عليها كل الكلام إللي إنتي عايزة تقوليه … أنا بس بحكيلك عن صدمة هي السبب في إني أبقى كده.”
تنهد ثم إبتسم بصعوبة …
طارق:”أنا قولت إللي عندي .. وضحت سبب إني غريب كده مش أكتر .. هي صدمة نفسية فعلا مخلياني شخص حاد الطباع شويه .. مش بقرب من حد ومش عايز حد يكرر غلطتي عشان مش يعيش ولا يشوف إللي أنا شوفته، حتى أنا ممكن أكون كنت قاسي على إبن أختي الله يرحمه شويه .. بس أنا كنت بحبه من كل قلبي .. أنا عارف إنه غلطان .. عارف إنه مكنش ينفع يعمل كده .. بس هو مكنش يستحق إللي جراله، هشام كان يستحق إنه يعيش حياته .. أنا السبب في إنه مات … بتمنى إني ماكنتش عملت كده فيه هو ومريم .. أنا السبب في كل إللي حصل .. أنا إللي خليته يبعد عنها وهددته بيها .. عشان مش يعيش نفس إللي أنا عشته لإن مريم من البداية كان لازم تكون موجودة مع ياسين المغربي.”
لم تفهم ما يقول …
أشرقت بإستفسار وعدم فهم:”مش فاهمة؟؟ إزاي كان لازم تكون موجودة مع ياسين المغربي من البداية؟؟”
تنهد طارق بصعوبة وهو ينظر إليها ..
أشرقت:”رد عليا .. إزاي لازم تكون موجودة معاه من البداية؟”
طارق بغضب وقهر:”عشان أنا إللي جبتها المستشفى دي، أنا إللي وافقت عليها وضميتها لفريقي، أنا إللي خليتها تظهر قدام ياسين المغربي، مريم كانت طُعم بالنسبالي في إني أنتقم منه من البداية على إللي عمله فيا.”
هزت أشرقت رأسها بعدم إستيعاب وهي تنظر إليه ..
أشرقت:”إنت كذاب.”
هز رأسه لها ب “لا” ..
طارق:”أنا المرة دي بقول الحقيقة .. وأنا خلاص خسرت .. أنا إتنازلت عن إنتقامي لما لاقيتها سعيدة معاه.”
أشرقت بإستفسار وعدم إستيعاب:”هي تهمك في إيه؟؟ إنت تعرف مريم منين؟”
طارق بتجاهل لسؤالها:”أنا قولت إللي عندي قبل ما أسافر بكرة، ولو مريم إحتاجت تقابلني هي عارفة هي هتلاقيني فين.”
خرج من مكتبها أما هي ظلت بمكانها لا تفهم شئ .. ماذا كان يقول؟؟ هل هو يكذب؟؟ .. ولكن مريم أخبرتها سابقًا أنها تفاجئت عندما كانت هي الوحيدة التي تم قُبولها في مستشفى ضخمة مثل تلك .. لا … هناك شئ غير واضح .. إلتقطت هاتفها وبدأت بالإتصال بها..
………………………….
كانت تجلس بجانب عماد في الحديقة المجاورة للقصر ويدردشان سويًا …
عماد:”إنتي ماجوعتيش؟”
مريم بتنهيدة:”لا .. مش جعانة بصراحة .. وبعدين أنا مستنية ياسين يرجع عشان ناوية أعمله أكلة حلوة.”
عماد بقهقهة:”تاني يا مريوم؟؟”
مريم:”ماتتريقش عليا يا عماد، أنا خلاص إتعلمت من غلطتي ومش هكررها.”
عماد:”وإنتي فاكرة إن الخدم هيسيبوكي تطبخي تاني كده عادي؟ دول هيمنعوكي من دخول المطبخ بعد مابهدلتي كل حاجة المرة إللي فاتت.”
مريم بعِند:”مش هيقدروا، هناديلهم ياسين.”
قهقه عندما سمع جملتها تلك … أما هي إبتسمت لضحكاته السعيدة تلك .. وشردت في ياسين الذي إشتاقت إليه كثيرًا وتريد أن تراه الآن وتختبئ بأحضانه لا تصدق ان الأمور بينهما مستقرة حتى الآن .. وذلك يُعد تقدمًا بالنسبة إليها …
عماد بتلقائية وضحك:”بس براء ميخوفش للدرجادي.”
تخشبت عندما ذلك الإسم ونظرت لعماد بإستفهام …
مريم:”مين براء؟”
كاد أن يتحدث ولكنها أعادت إستفسارها بنبرة غريبة بالنسبة إليه ..
مريم بإصرار:”براء مين؟”
عماد بتوتر:”أنا إتلغبطت يا مريم، أنا أقصد ياسين.”
مريم بهيستيرها وغضب وهي تمسك كلتا ذراعيه:”مين براء؟”
عماد:”مريم إنتي بتوجعيني.”
إنتبهت لما تفعل وأبعدت يديها عنه وشعرت أنها تريد البكاء فقد أيقظ ذلك الإسم جرحًا كبيرًا وأليمًا بداخلها .. كما أنه أيقظ نار الإنتقام بداخلها وهي ليست كذلك … هبطت الدموع من مقلتيها وهي تتذكر كل ماحدث لها … لقد كان صاحب ذلك الإسم السبب في إنهيار حياتها وإنقلابها رأسًا على عقب … إستفاقت عندما سمعت رنين هاتفها .. وجدت أشرقت تهاتفها .. ولكنها ليست في مزاج جيد يسمح لها بالإجابه .. أغلقت هاتفها وإستقامت من مقعدها ..
عماد:”مريم، إنتي رايحة فين؟”
مريم ببكاء:”أنا محتاجة أخرج من هنا شويه، محتاجة أفضل لوحدي.”
تركته وإتجهت نحو أحد السائقين ..
مريم:”أنا محتاجة أروح المقابر.”
؟؟:”أمرك يا هانم.”
ركبت إحدى السيارات وتبعها بعض رجال ياسين وهم يخبرونه بتحركها من القصر وأن حالتها كانت سيئة … أغلق ياسين الهاتف مع أحد رجاله وإستقام من مقعده في نية منه للخروج من شركته .. بعد مرور عدة دقائق … سارت بإتجاه مقابر عائلتها وهي حزينة تنظر أرضًا … وعندما رفعت رأسها ..
مريم بتعجب:”إنت إيه إللي جابك هنا؟”
كان يقف معطيًا إياها ظهره ينظر لقبرها بشرود وحزن .. إقتربت منه ووقفت أمامه ..
مريم:”إنت بتعمل إيه هنا يا دكتور طارق؟”
طارق:”أنا في مكاني إللي ببقى فيه علطول، بس إنتي جيتي بدري عن الوقت إللي أنا متوقع إنك تيجي فيه.”
نظرت له بعدم فهم ثم نظرت للقبر الذي يقف أمامه ..
مريم:”إنت تعرفها منين؟”
لم يُجبها ولكنه ظل صامتًا …
مريم بصراخ وبكاء:”إنت تعرف أختي منين؟؟”
طارق بإستفسار:”هي محكتلكيش عني؟ إللي أعرفه إنكم كنتم بتتقابلوا كتير من سنين.”
نظرت مريم له بإستفسار ولكن بعدها تحولت ملامحها للإستيعاب..
مريم بإستيعاب:”طارق؟!!”
بمرور الوقت وصل ياسين للمقابر ووجدها تجلس وحدها تبكي بقلب مكسور عند ذلك القبر … القبر الفارغ … إقترب منها بهدوء وتوقف خلفها …
ياسين:”مريم.”
إلتفتت إليه وهي محمرة العينين تبكي بقهر … جلس أمامها وهي إنهارت أكثر وإحتضنته وإزداد بكاؤها ونحيبها … ربت على ظهرها لعلها تهدأ قليلًا وفي ذات الوقت ينظر للقبر الذي أمامه بهدوء … القبر الذي يحمل إسم ” سارة أحمد سعيد هنداوي” ….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية القاتل الراقي)