رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الرابع والعشرون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الرابع والعشرون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الرابعة والعشرون
ابتسمت مياده بسخرية وهي تردد بجراءة:
فعلاً مبقاش عندي حيل أعافر لو لدقيقة كمان يا محمود
رسم شبة بسمة علي جانب شفتيه مغمغما بوقاحة:
وليه تعافري ما الخير كتير ومفيش اكتر من الرجاله
نظر إليه سالم شزراً وقال وردعه بحده :
احفظ كلامك يا محمود
أشار محمود علي مياده مردد بانفعال :
احفظ ايه بقا ما المدام شكلها واقع من زمان
قبل أن يشتد النقاش بينهما أردفت مياده بنبرة أسى :
مفيش حد كان سبب في إني أحس بمشاعر اتجاه اي راجل بيعامل مراته كويس غيرك، محستش بالنقص غير منك، بقيت أشوف اي واحده مبسوطه مع جوزها وارجع أعيط لاني محرومه من الاحترام حتي قدام نفسي
بدي الارتباك عليها وهي تنظر الي سالم مستكملة باضطراب :
أنا بحترمك جداً وغلاوتك من غلاوة أخويا، وكنت بقولك كدا عشان تعرف أنا وصلت لايه وتساعدني قبل ما أقع ومقدرش أقوم تاني
دخلت في نوبة بكاء حارقة وهي تخفي وجهها بين كفيها، مط محمود شفتيه مردفاً بوجوم:
صعبتي عليا
حدجه سالم بغضب جلي وهو يهدر بغيظ :
بلاش تكون بجح وعديم الدم
رفع محمود يده يشير على مياده :
أنت هيخيل عليك الشويتين دول
ردت مياده عليه بصوت مختنق :
ما أنت لازم تقول كدا لأنك مش بتحب غير نفسك
واسترسلت بكدر :
حتي مروه اللي أنت كنت بتقول عليها حب حياتك طلعت ولا تسوى بالنسبة لأنانيتك
خطى خطوتين كي يمسك بها ويخرج غضبه الذي وصل إلي ذروته، ولكن وقف سالم أمامه مزمجرًا بضيق :
قبل ما تتصرف افتكر أن عيالك وقفين يتفرجوا عليكم
لم تكتفي مياده وكأنها شعرت بالاطمئنان لوجود سالم، فمن المؤكد لن يسمح أن يصيبها مكروه :
زعلت من حقيقتك مش كدا، لازم تعرف أن مفيش قلب بيشوف غير حبيبه مش زيك ماشي مع كل واحده شويه
واسترسلت بتشفي :
ولو كنت فعلاً بتحبها فأنا فرحانه أنك هتفضل طول حياتك شايفها مبسوطه في حياتها مع غيرك
شعر سالم أن الأمور ستخرج عن سيطرته، فأسرع بدفع مياده برفق داخل شقتها واغلق الباب بعنف … حاول محمود التخلص من قبضته وهو يضرب الباب بقدمه، فدفعه سالم بقوة مردفاً بحده :
عشان الكلام وجعك عايز تطلع غلك فيها
أشار محمود إليه بيده قائلاً بضجر :
ملكش فيه يا سالم ومتدخلش بيني وبين مراتي
ضحك سالم بخفة وهتف بتبرم :
مراتك اللي شرطت تقعد في شقتها وأنت متدخلهاش عشان ترجع
احتقن وجهه محمود بغيظ دفين، فاستكمل سالم بوجوم :
راجع نفسك قبل فوات الاوان وكله يضيع من بين ايدك، ولو علي كلام مياده أنا وأنت عارفين كويس إن دا كله من حزنها علي حالها
ألقى جملته والتفت يهبط الي شقته، لحقه محمود ولكن أكمل الي بهو منزلهم، أخرج لفافة تبغ وأخذ يزفر دخانها بقسوة ….
؛*****
فتح باب صالون التجميل بعنف، مما جعل صرخات النساء تصدح بهلع … فتحت ساره عينيها علي وسعهم وهي تراه يقف في منتصف صالونها محدقاً بالنساء، أمسكت المقص وهي تقترب منه مغمغمه من بين أسنانها:
أنا هخزقلك العين التانيه وارتاح من اشكالكم
شخصت ملقتي سيف وهو يعود للخلف مع تقدم تلك الخرقاء، رفع يديه باستسلام متمتم بفزع :
عايز اتكلم معاكي
توقفت ساره وهي تصيح بالنساء :
خلصنا يا وليه منك ليها
ثم انتفضت تدفعه بحده متمته بكدر :
عايز تتكلم معايا تقوم مطفش الزبونتين اللي حيلتي
أشارت إلي الحائط المجاور لصالونها مستكملة بضيق :
تتنيل هنا لحد ما أخلص اللي في ايدي
استند علي الحائط ينظر إلي المارة بضيق، متعجباً من خروج احدي النساء من الداخل وهي تنظر إليه بريبة … وأخيراً بعد ما يقارب الساعة والنصف خرجت ساره خلف آخر زبونة، أشارت إليه بالدلوف وهي تعود إلي مكتبها ….حدجته بضيق وهي تمسك فنجانها ترتشف منه بهدوء، جلس سيف علي إحدى المقاعد مردد ساخراً:
دي أكيد مش بصت إعجاب
وضعت فنجانها ثم فتحت الدرج العلوي وأخرجت علكة، ومن ثمّ هتفت ممتعضة وهي تمضغها :
ايه حدفك عليا تاني، حكم أنا مش بطمن لخلقتكم
ضغطت سيف علي شفته مردفاً بارتباك :
معنديش مكان أبات فيه …
قاطعته بضحكتها الصاخبة وهي تهتف بتغنج :
هو كدا كلام برده وحضني موجود
تدلى فم سيف بذهول فقالت ساره بسخرية لاذعة:
حد قالك إني فاتحه دار أيتام
صدها سيف عن سخريتها وهو يهدر بحنق :
لو سكتي شويه هعرفك أنا جاي ليه بدل كل تريقتك دي
وضعت يدها علي شفتيها وهي تشير إليه بأن يستكمل حديثه، فقال الآخر باقتصار :
محتاج أبات هنا لحد بكرا
جالت ساره بنظرها في صالونها وهي تهتف بتهكم :
دا أنا لسا مفرحتش بيه بعد ما اتجدد من الحريقة عشان تطفي فرحتي
زفر سيف وصاح باستياء:
ياريت تفهمي كلامي
لوكت ساره العلكة باستفزاز وسألته بكبرياء:
أنت جاي تشحت ولا تتفلسف عليا ؟!!
: ساره أنا مش طالب غير اني أبات هنا لحد الصبح وبعدها هشوف طريقة ارجع بيها الغردقة
ضيقت عينيها وهي ترمقه بشك، ثم قالت متأففة :
ما تروح من دلوقتي الغردقة وتريح دماغك ودماغي
لم تجد منه رد فحاولت فهم الإجابة من نفسها، وبعد عدة ثواني صاحت بضيق :
آه دا أنت جاي تقلبني وتطلع بأي مصلحة
لم يُعقب سيف علي حديثها وظل يرمقها بريبة، وبعد صمته تحدث بتوجس:
لو معرفتش أطلع من هنا بأسرع وقت ممكن اتمسك
تسمرت ساره محلها غير مستوعبة مقصده :
وأنت هتتمسك ليه ؟ أبوك معترف علي نفسه واخوك وقع نفسه، أنت خايف ليه ؟!!
فرك وجهه متنهد بصوت مسموع، ثم هتف بخفوت :
ممكن عز يسلمني لحبل المشنقة
قطبت جبينها بتعجب متسائلة بعدم فهم:
لا بقا طالما عايزني أساعدك يبقا تفهمني ايه قصدك ؟!!!
بلع لعابه بتوتر وأردف بتلجلج :
أنا اللي قتلت توفيق وممكن عز يكون محتفظ بالرسالة اللي كان بعتهالي عشان أخلص عليه من غير ما حد يشك في موته
توقفت ببطيء وهي تحدجه بصدمة طاغية علي ملامحها، بصقت العلكة بقوة واتجهت إليه تدفعه للخارج دون أن تفتح فمها… حاول سيف التحدث فأسرعت ساره الي خزانتها الصغيرة، أخرجت حقيبة جلدية متوسطة وبدأت تعبث بداخلها، وما هي إلا ثوان ورفعت يدها ممسكة بأوراق نقود ليست قليلة:
أمسك دول واطلع بره مطرح ما تروح ومترجعش هنا
انكمشت قسمات وجهها مسترسلة بامتعاض :
ربنا نجدني قبل ما انخدغ فيك وافكر انك ممكن تتغير، لكن يا خساره معرفش أن اللي قدامي قتال قتله
أغلقت الباب في وجهه بعنف، دار سيف يلتفت حوله بضياع وهو يقبض على النقود بقوة … ارتدى نظاراته الشمسية وتحرك مغادر المنطقة، كانت كلمات ساره أشبه بدوامات ثائرة ضربت مشاعره المضطربة، حاول استجماع تركيزه ليعرف إلى أين واجهته التالية …
علي الجهة الأخرى بدأت ساره في تنظيف الصالون بضيق، كانت تود أن تساعده علي الخروج من الدائرة المحاط بها منذ نشأته تحت يد منصور وآل عزب بشكل عام، ولكن خاب أملها عندما استمعت الي اعترافه بقتل عمه بناءً علي أمر عز … عند إذًا علمت أن أمره أكبر منها، وعليها فقط الحفاظ علي علاقتها مع المعلم سالم الذي تكفل بتجديد صالونها علي أكمل وجه….
؛*******
بعد صلاة المغرب
قبل أن يدلف مرتضى الي منزله ليأخذ مها وأولاده إلى منزل المعلم سالم، وجد خليل يهبط من سيارته بوجه عابس … ابتسم مرتضى بهدوء مردد بترحاب:
البلد نورت
بداله خليل العناق بفتور متمتم بلامبالاة:
دا على أساس إن وجودي فارق
ابتعد مرتضى عنه مردفاً بلا اكتراث :
فارق مع أمي أكيد
لوي خليل جانب شفتيه مغمغما بدهاء :
أكيد فارق معها بالتحديد الإجازة دي
لم يهتم مرتضى الي حديثه فاستكمل خليل بخبث كي يثير فضوله:
أنت متعرفش إن ماما اختارت عروسة ليا ولا ايه !!!
رتب مرتضى علي كتفه برفق وهو يقول بحفاوة :
مبروك مقدماً يا عريس
ضحك خليل بخفة ثم سأله باستغراب :
مش تعرف مين العروسة ؟! ولا أنت عارف !!
حرك مرتضى رأسه بالنفي، فهتف خليل مبتسماً بسماجة :
نسرين
اختفت ابتسامة مرتضى تدريجياً متسائلاً باستنكار :
نسرين مين ؟؟!!
في نفس الوقت خرجت مها واتبعها الأولاد … اقترب مرتضى من خليل هامسًا بشراسة:
إياك تجيب سيره قدامها
نظر إليه بقتامة وردد باقتضاب:
متخفش مش أنا اللي أقبل بواحده كانت بتجري ورا راجل غيري
تنهد مرتضى بثقل مستقبلاً مها، التي تفاجأت بوجود خليل … بعد مصافحة خليل لأولاد أخيه، ومقابلة مها بوجه ودود، صعد إلي سيارته متجه إلي منزلهم، وأخذ مرتضى يد زوجته مصطحبها الي منزل والدها …
: يعني خليل نزل البلد اهو وبابا مطلعش مهدده ولا حاجه
رد عليها مرتضى بجمود:
قولتلك أمي فهمت غلط من كلام خليل
حركت مها رأسها بهدوء متمتمه بلا اكتراث:
أنا قولت كدا برده
واسترسلت متسائلة عندما مروا من أمام منزل نسرين :
أنت مش ملاحظ أن نسرين بتختفي وتظهر فجأة اليومين دول ؟!!
ضغط علي كفها بين راحته وهو يهتف باقتضاب:
ملناش فيه طول ما هي بعيده عننا
ومن ثمّ نظر إلي سالم وسامر يتأكد من سيرهم خلفهما، وعلي وجه معالم الضيق، مما جعل مها تحتفظ بباقي حديثها لوقت لاحق حتي لا ينشأ بينهما خلاف …
؛******
وضعت الهدايا في حقائب فخمة وراقية تليق بدلوفهم علي ال سويلم، وبدأت في فحصهم مجدداً لتتأكد من ظهورهم بشكل مناسب، فتلك عادة حسنيه مع كل عائلة تُبنى علاقة نسب معهم ….. بينما اختارت مايسه عباءة باهظة اقتنتها مؤخراً، لتكون طلتها قريبه من بنات المعلم سالم، خاصة بأن العباءة نفس التصميم الخليجي التي تظهر به حسناء دائماً…
ما لم يكن في الحسبان أن تجد يعقوب يقف بجانب والدتهم يهندم جلبابه ذا اللون البني الداكن، فسألته ببرود :
أنت خارج يا يعقوب ؟!
اجابتها حسنيه وهي تشير علي الحقائب:
هيجي معانا يوصلنا ويسلم علي خطيبته بالمره
واسترسلت تسأل يعقوب :
مش أنت بلغتها بمجيتنا ؟؟
أومأ إليها وهو يميل ملتقط الحقائب بخفة، وعندما اقتربت مايسه منه همس متهكما :
يعني يوم ما تشتري عباية أخت اللي عندها تروحي بيها عندهم
توقفت مايسه وهي تردد بغيظ :
ليه إن شاء الله هي العباية كانت مكتوبه باسمها
واسترسلت بسخرية:
وأنت وخد بالك أوي كدا من عبايتها
سار بجانبها دون أن يرد، كان عليه أن يجد إجابة السؤال داخل عقله أولاً… هل حقاً دقق في تفاصيلها الي تلك الدرجة!! منذ متي وهو يفهم في ثياب النساء ليجد التشابه بين عباءتها وعباءة أخته ؟!! ابتسم بهدوء علي ما حل عليه منذ أن دلفت إلى حياته، تغيير كلي أصاب حائط عازل إلى قلبه، وعقله الرزين ….
توقف أمام المنزل وهو يضع الحقائب، والتفت يغادر قبل أن يخرج أحد، عقدت حسينه جبينها باستغراب متسائلة:
مش هتستنى تدخل معانا ؟!!
أجابها بدون اهتمام :
عندي مشوار مهم وهرجع اخدكم
خرجت ناديه تستقبلهم بحفاوة، ومن ثمّ هبطت نجاة بعد أن تأكدت من اختيار حسناء لثياب الاستقبال … أما صباح فقد كلفها المعلم سالم بمهمة أخرى وذهبت لإتمامها، في تلك الأثناء جاء منير ببعض الطلبات المنزلية التي كتابتها صباح قبل أن تغادر … خرجت خيرية تأخذ منه الحقائب فهتف منير بتلجلج بعد أن أتيحت فرصة لن تتكرر :
ممكن تعرفي آنسه رحمه اني عايزها ؟!
انكمش بين حاجبيي خيريه بتعجب مردده :
رحمه ؟؟!!
: كانت طالبه مني حاجه معينه وملقتش غير البديل
أومأت خيريه بتفهم والتفت تعود تاركه الباب الخلفي مفتوح … رفع يده يهندم خصلاته، ثم مسح علي قميصه بعشوائية ونظره معلق علي الباب بشغف، دقيقتين وخرجت رحمه فانشقت بسمة واسعة علي شفتيه مغمغما بسعادة:
أخيراً عرفت أشوفك
رمقته رحمه بعدم فهم متسائلة باقتصار:
عايز تشوفني ليه ؟! وخيريه بتقول ..
قاطعها بصوت هامس والارتباك واضح علي نبرته :
أنا قولت كدا عشان أعرف أشوفك
واسترسل بتعلثم :
أنا بدأت في الكورس اللي رشحتيه ليا
ابتسمت مغمغمه بلامبالاة:
هينفعك كتير في مجالك لو لقيت شغل بإذن الله
بلع لعابه بتوتر ملحوظ وتمتم بتلجلج :
أنا اتقبلت في بنك بس محتاج رشوة عشان يدخل اسمي وسط الناجحين في الاختبار مع اني ناجح أصلا
: طيب كويس ما تتصرف في فلوس ومتخليش فرصة زي دي تضيع منك
حرك منير رأسه بيأس وهتف باستياء:
هجيب 60 ألف منين وأنا مش معايا غير فلوس تجديد البيت
نظرت إليه بجدية وقالت بتفكير :
ما أنت معاك الحل اهو
استطردت رحمه أفكارها الجديرة :
لما يبقا معاك وظيفة هتقدر تجدد بيتكم وتعيشوا في مستوى تاني، أحسن ما تجدد البيت وتفضل شغال كدا
شعر منير بالاضطراب وهو يسألها بحيره :
بس البيت ممكن يقع في أي لحظة واحنا لسا في أول الشتا
دارت تعود للداخل وهي تهتف باقتضاب:
برحتك أنا قولتلك رأيَّ وأنت حُر
زفر بضيق وهو يلتفت يعود حيث آتى بخيبة أمل، ود أن يخبرها بإنجازاته الجديدة، لكنها وضعت أمام طريق المجهول … توقف مقابل منزل المعلم سالم محدقاً بثبات، ود أن يعيش مع والدته داخل منزل يليق بهما، يحميهم من برد الشتاء القارس، ويغطي أشعة الشمس الحارقة في الصيف، قام بتصميم منزلهم الجديد بحماس وهو منتظر أن يأخذ النقود … لكن الآن عليه الاختيار بين منزل أحلامه، ووظيفة مرموقة تجعل منه شخص آخر، شرد في حديث رحمه وأن فكرتها ربما تشير بأن تلك الوظيفة ستسمح إليه بأن يتقدم خطوة ويصبح مؤهلاً لخطبتها !!
؛*******
بعد غياب أكثر من ثلاث أسابيع عاد إلي القرية بعد أن جاء من السعودية منذ أربع أيام، ولكن كان عليه الاطمئنان علي والدته وأخته أولاً، ومن ثمّ يأتي الي هنا ليشكر كل من قام بمتابعة مشروعه بتلك الطريقة المبهرة للنتائج… لم يتوقع عامر أن يتقدم إنتاجه بهذه السرعة في جميع فروعه، بل صرح أحد المسؤولين لنقل الخضروات والفواكه بواسطة ثلاجات الحفظ، أن محاصيل الفلاحين لم تكفي طلبات الفروع وأحضر المعلم سالم بعض الفلاحين للقرى المجاورة للاتفاق معهم على زيادة المحاصيل المختلفة ….
وضع مرتضى صينية الشاي أمام عامر ويعقوب الذي انضم إليهما للتو :
شوية شاي ميتشربوش لحد الجماعة ما يرجعوا من بيتهم
ضحك عامر وهو يلتقط الكوب :
دا أنت تحتاس لو الجماعة مش هنا علي كدا
قدم مرتضى كوب الشاي الي يعقوب متمتم بهيام :
مقدرش أعيش من غيرهم
همهم يعقوب بسخرية وهو يرمقه بحنق، ضحك عامر ثم هتف بجدية:
أنا فعلاً مش عارف أشكرك ازاي علي كل الانت عملته في غيابي
ابتسم مرتضى مغمغم بهدوء :
لكن أنا معملتش حاجه غير اني كنت بسلم التقرير وبشرف علي العمال كل فترة
قطب عامر جبينه باستفهام وسأله بتعجب :
ازاي بقا !! كل الأنا شوفته بيدل علي إن اللي كان مكاني تعب جامد عشان يوصل للإنتاج دا ؟!!
: خيريه بنت المعلم سالم
واسترسل مرتضى بعد أن ارتشف من الكوب المعلق بين يده :
بعد أنت ما وفقت علي فكرة مشروع خيريه، المعلم سالم شاف أنها فرصة كويسه أنها تدير مكانك بحيث أن كل الأمور تكون واضحة قدامها وهي بتدرس ميزانية الآلات الجديدة ودا هيساعد في تجنب أي مخاطرة متكونش محسوبة نتائجها
تحدث يعقوب هو الآخر مضيف بزهو :
أنا شوفت الملف وبصراحة عجبني جدا فكرته، وخاصه أنها مش هتكلفك كتير لانك طبيعي متاح عندك الخضار يعني آلات التجميد مش هتكون صعبه انها تيجي
نظر عامر إليهما وقال بضيق بادي :
هو أنا كل ما أبعد عنها تطلعلي زي عفريت العلبه
تطلعا إليه بدهشة وسأله مرتضى بعدم فهم:
هي مين ؟! ويعني ايه بتبعد عنها ؟!!
جال عامر بنظره بينهما وهتف بفتور :
أنا كنت متقدم لي خيريه والمعلم سالم رفض
ضحك يعقوب وهو يضرب علي كتفه :
يعني واقع ومحدش يعرف
رد عليه باقتضاب :
أنا ذات نفسي مش عارف وقعت أمته، وليه هي معلقه معايا كدا زي ما يكون كل ما أبعد أتشد ليها اكتر
هتف مرتضى مبتسماً:
طالما أنت عايزها ما تتقدم تاني
تنهد مردد بيأس:
سبب رفض المعلم سالم مش هيتغير
تحدث يعقوب بعدم فهم لذلك السبب المجهول :
علي حد علمي أن المعلم سالم بيعزك وكمان كان ليه صله قريبه من والدك
أومأ عامر ثم هتف بقلة حيلة:
مش عايز بنته تبعد عنه وأنا مش ممكن هسيب أمي واختي واعيش هنا
: كنت متأكد أن سبب الرفض دا لأن البنات متعلقين ببعض وسالم متعلق ببناته فوق ما تتخيل
أيد يعقوب حديث مرتضى مردفاً بتهكم :
تحسهم غاويين وقع قلب
لاعب مرتضى حاجبيه مردفاً بتباهٍ :
مش كلهم
صدح رنين هاتف يعقوب فنهض يخرج من الغرفة، وخطي الي الطرقة المؤدية للخارج… أجابها بجمود والقلق يتلاعب علي أوتار أعصابه خوفاً من تصرفات مايسه،
: أنت مدخلتش ليه مع ماماتك واخوتك ؟!!
زفر براحة وقال باقتصار:
عندي مشوار مهم
جاء صوتها الغاضب وهو تردف بصرامة:
والمشوار دا ميتأجلش انهارده
واستطردت بانزعاج:
أنا أهم من مشاويرك عشان يكون في علمك
: أن شاء الله
ضغطت على شفتيها متمتمه بغيظ :
بلاش استفزاز
لم يرد عليها فقالت بجمود :
أنا مش ممكن أكمل معاك بالطريقة دي أبدًا
استمعت الي انذار إنهاء المكالمة، نظرت إلي الهاتف بعدم استيعاب، ثم وضعت الهاتف علي أذنها تتأكد من إغلاقه المكالمة حقا … دفعت الهاتف علي الفراش، ثم اتجهت للمرآه تمشط خصلاتها عندما ظهر صوت والدتها تناديها كي تقدم الضيافة، أخذت نفس عميق وهي تتأمل طلتها البسيطة، خطت للخارج لتجد مروه أمامها تقول بهمس :
بتقولك ماما البسي لان يعقوب بره
ودت تندفع وتفرغ غليلها في وجهه، عادت إلي غرفتها تبدل ثيابها الي شيء مناسب لوجوده…
؛******
في المجلس الرجالي
رد عبده علي حديث جابر الذي سرد إليهم طلب دولت :
وهي بالمزاج ولا قاعدين علي بنك وقت ما يهف عليها تنطلع فلوس
نظر سالم إليه مغمغما بسلاسة:
حقها ووقت ما تطلبه نحضره
تطلع جابر إليه مردفاً بحيره :
لو أنت اتكلمت معها هتسيبه
عقد جبينه باستفهام متسائلاً بتعجب:
انتو مش عايزينها تاخد ورثها ؟!!
حرك جابر رأسه بالنفي وقال بشك :
مش مرتاح لي صبري وايه اللي ممكن يعمله لما أحمد يتحكم عليه
: جلسة الحكم بكرا
فرك عبده ذقنه متمتما باستهجان :
علي الله يتعلم بعد كل دا
واستطرد بجمود:
أخر مره كنت قاعد مع دولت كانت بترمي انها عايزه حد من عيالنا ياخد ريهام
قطب جابر جبينه باستنكار وسأله بدهشة :
ياخد ريهام !!! يتجوزها ؟؟؟
أومأ عبده إليه فقال سالم بحزم لإنهاء ما تنوي عليه دولت :
طالما مطلبتهاش صريحة بلاش نظن
رد عليه جابر بعدم تصديق الي تفكير أخته :
هي حتي لو طلبتها ما العيال كلهم متجوزين وبنصلب فيهم بالعافية
دلفت أمل تخبره سالم بوجود يعقوب، فنهض جابر ولحقه عبده الذي قال بهمس قاصد أمل:
كلمي سمر وخاليها تيجي تقعد معاكم بدل ما هي قاعده لوحدها
حركت أمل رأسها بهدوء فرتب علي كتفها وخرج من المجلس متسائلاً بتعجب :
هي هانم مطوله في زيارتها المرة دي ؟!!!
بالكاد أنهى جملته ووجدها تخرج وهي تهتف بسعادة :
عاش من شافك يا عبودي
” عبودي !!! ” رددها عبده بذهول، فصاح سالم من خلفه بسخرية:
مش عارف ليه بنت عمتك مصممه تقف عند رابعة ابتدائي
تقدمت هانم منهم ثم عانقت جابر الذي سقطت مسبحته من هول الصدمة، بينما فتح عبده عينيه علي وسعهم من تصرفها الجريء… انتقلت من جابر المتسمر محله الي عبده الذي رفع يده يصافحها عنوه قبل أن تعانقه هو الآخر…
التفت عبده خلفه ظناً منه أن سالم مازال يقف، ولكن وجده دلف الي منزله لاستقبال يعقوب :
سالم لو كان شاف الحضن دا كان بلعك لسانك اللي أنتِ فرحانه بيه ده
ضحكت هانم بصخب مردده بمزاح :
ما عشان كدا اتأكدت أنه دخل
واستطردت بضيق طفيف:
سالم بقا صارم أوي دا حتي سمعني كلمتين عشان بقوله سلومي
” سلومي!! ” نطقها جابر بذهول فقالت هانم بسلاسة:
وحشتوني والله وأيام زمان وحشتني
رد عليها جابر باقتضاب:
اديكي قولتي أيام زمان، يبقا نلزم الكلفة يا ام ضياء
قال جملته بضيق وتحرك مغادر وصوت استغفاره يصدح في المكان، نظرت هانم الي عبده متسائلة بعدم فهم:
هو اتعصب ليه ؟!
: متخديش في بالك، المهم أنتِ مطوله عندنا !!
اجابته بضيق طفيف :
سالم حكم عليا اروح عند عبدالخالق
رفع عبده حاجبيه مردفاً بزهو مصطنع :
دا عبدالخالق كان هيفرح فرحه لو شاف الحضن دا
ثم تحرك معها يسألها عن أحوالها في الخارج، قصت هانم إليه سبب عودتها وأن تلك المرة لن تكون زيارة وستبحث عن منزل تقيم فيه مع أولادها…
؛***
في الداخل طلب يعقوب أن يجلس مع حسناء في وجود المعلم سالم، الذي طلب من نجاة تخبر ابنته أن تلحقهم الي غرفة المكتب ..
ولجت باستيحاء ملقية التحية بصوت منخفض، رد سالم التحية وهتف بهدوء :
يعقوب طلب يعقد معاكي في وجودي
ثم أشار إلي يعقوب أن يبدأ حديثه، نظر يعقوب الي حسناء وسألها بجمود:
أنا عايز أعرف إيه نهاية لعب العيال الأنا فيه ؟!!
واسترسل حديثه عندما رفعت نظرها تحدجه بحده :
يوم هنكمل ويوم مش هنكمل وكل ساعة بقرار شكل
تطلعت حسناء إلى والدها بتوجس، ثم هتف باضطراب :
لأنك كل ساعة بحال شكل
أشار يعقوب علي نفسه متمتما بهدوء :
وحالي دا مش بيتغير من تصرفاتك
رفعت حاجبيها باستنكار وسألته بتهكم :
ودا يسمحلك تقفل وأنا بكلمك ؟!
رد عليها بسلاسة وهو متحكم في أعصابه الي أبعد الحدود، فقد حسم أمره وآتى ليجد أجوبة الأسئلة التي ستحدد استمرار تلك العلاقة :
مكنش ينفع ارد عليكي غير لما تكوني قدامي
وضع المعلم سالم مرفقه علي حافة المكتب وهو يجول بنظره بينهما، أخفضت رأسها متمتمه بحنق :
قصدك عشان تطلعني غلطانه
ابتسم بخفة مغمغما برزانة :
لو أنتِ مش غلطانه مش هتقولي كدا
حدجته بحده وهدرت ممتعضة:
أنا مش غلطانه عشان أفضل أبرر لسيادتك
تعجب من عنادها ورد عليها بتبرم :
وحضرتك تحبي اعمل ايه لما اسمعك مفضلة خليل عني حتي في حلمك
غفل الاثنين عن وجوده وبدى الانفعال على ملامحهم، قالت حسناء باندفاع :
مفيش اي حاجه غصباك تكمل طالما في شك
حرك رأسه مردفاً برجاحه :
لو كان في شك مكنتش طلبت أقعد معاكي واسمع قرارك بنفسي
ظهرت نبرتها المختنقة وهي تهتف بعدم استيعاب :
تقدر تقولي فين تمسكك بيا ولا كل ما أقولك منكملش الاقيك مرحب جداً وكأنك ما صدقت
رد عليها بحكمة وهو مبتسم بهدوء:
لأن دا قرارك ومينفعش أبدًا كلامي يأثر عليه، دا جواز ولازم تكوني مقتنعة بالخطوة ومدركه فعلاً مشاعرك اتجاهي لاني مش هقدر اضغط عليكي ولا اسمح بأنك تكملي لو عندك شك ١٪ أنك مش هتكوني سعيده معايا، ولازم تكوني فهمه اني مش هقف قصاد قرارك مهما كان لان دي حياة ولا أنتِ نسيتي كلامك عن الجواز !!
تطلعت إليه مردفه بتعلثم :
منستش كلامي لكن لازم ألاقي تقدير لوجودي
نظر يعقوب الي المعلم سالم الجالس بهدوء يستمع إلي حديثهما وهتف بجديه:
وأنا قدام والدك بقولك إن وجودك فارق معايا وعايز اسمع قرارك لو موفقه تكملي معايا
واستطرد بجمود:
لكن إذا وفقتي مش عايز اسمع كلمة أننا مش هينفع نكمل دي نهائي، والاسمه خليل لو حاول يتواصل معاكي بأي شكل تبلغيني ويكون أحسن لو مذكرتيش اسمه قدامي، وأخيراً تقلباتك المزاجية تراعي ظروف شغلي واني دايما مش فاضي ارد علي مكالماتك
ضحك المعلم سالم ورد عليه بتهكم :
طيب أنت قولت شروطك ومش عايز تسمع شروط أبو العروسة
واسترسل وهو ينظر إلي حسناء بحده :
أولاً حكاية خليل والحلم دا بعدين هعرفه لأن شكلي لسا في حاجات كتير معرفهاش
عاد ينظر إلي يعقوب مستكملا بهدوء:
ثانياً أنا قولتلك قبل كدا أن خطوبتكم مكنتش طبيعية لكن طالما في تفاهم بينكم معنديش اعتراض علي يعقوب بن عزيز، لكن لو حصل في يوم وعرفت أنك بتحاول تجرحها بخصوص سبب خروجها بليل هتزعل مني لان مش مجبر أعرفك وأنا عارف بنتي كانت فين
أومأ يعقوب بهدوء، فاسترسل سالم :
ثالثا بقا الخطوبة هتكون أربع سنين وكتب الكتاب هيكون قبل الفرح بأسبوع، والدهب وباقي الاتفاقات مش هحدد حاجه لأنها هدايا منك
: أربع سنين ؟!!!
هتف بها يعقوب بدهشة ومن ثمّ قال بحيره :
ليه أربع سنين !! خطوبة بالمدة دي كتير
رفع المعلم سالم يده متمتم بحزم :
دا شرطي
ثم تطلع إلي حسناء يسألها بحنو :
وكل دا بعد كلمتها طبعاً ؟؟
كست حمرة الخجل وجنتي حسناء وهي تحرك رأسها بالموافقة، فنظر سالم الي يعقوب وغمغم بشك :
من رأيَّ تبلغ أبوك لأنه مش هيوافق علي مدة الخطوبة وأنا معنديش حيل للمناهدة
: دي حياتي وأنا أقدر أقرر اللي أنا شايفه مناسب ويريحني
لطالما كان المعلم سالم يجد الاختلاف في شخصية يعقوب، تروق إليه ردوده الحكيمة، وأسلوبه الرزين، تلك الهيبة في شاب مثله، والوقار وكأنه رجل أشيب جليل، يعرف متي يتحدث، وأين يضع كلماته الفطنة …. قبل أن يخرج يعقوب ردعه باقتضاب:
وجودها فارق معاك هعديها المره دي يابن عزيز
أخفى يعقوب بسمته وطلب من حسناء أن تذهب لتخبر حسينه ومايسه بأنه ينتظرهما بالخارج، أشار سالم إليها بأن تعود إليه مجدداً… علمت حسناء أنه لن يغفل عن أمر خليل الذي ذكر في حديثهم، وعليها بانتظار بطشه بصدر رحب فهي من أخطأت عندما أخفت عليه ذلك الكابوس عندما قصت إليه محاولات خليل في الحديث معها،
؛******
في منزل آخر في نفس القرية يعود لأحد أفراد ال سويلم
: لا بس أنا زعلان منك يا هانم، بقا تيجي علي سالم ومتجيش علي اخوكي
ابتسمت هانم وهي تهتف ببرود :
ما أنا قولت اسلم واجي اقضي معاكم يومين
نطقت زوجته وهي تعبث في الهدايا التي جاءت بها هانم :
تنوري وتأنسي يا أم ضياء
رسمت شبه بسمة وقالت بكبرياء:
المهم عايزاك تكلم سالم يشوفلي افخم بيت عشان اشتريه
صاح عبدالخالق بحزن :
تشتري بيت وانا بيتي موجود
ردت عليه وهي تنظر بطرف عينيها الي زوجة أخيها :
تعيش يا خويا، بس أنا قررت استقر هنا واجوز الولاد من هنا
رحب عبدالخالق مردد بحفاوة:
من بكرا هبعت واشوفلك بيت مناسب
حركت هانم رأسها بالنفي متمتمه بإصرار:
لا أنا عايزه سالم لأني ناويه اخطب بناته لولادي
ظهر الجمود علي ملامح عبد الخالق مردفاً باستفسار :
وهتخطبي لمين من عيالك
: رفعت يدها تشير بزهو :
الأربعة، واول ما فادي يشد حيله هجوزه علي طول
سألتها زوجة عبدالخالق باستغراب:
بس بنات سالم مخطوبين ومفضلش غير اتنين والكبيرة مطلقة
ابتسمت هانم وهي تقول باشمئزاز:
لو كانت المطلقة سليمة كنت خطبتها إنما منظر دراعها شوفته بالصدفة خلاني قرفت جدا جدا
واسترسلت بحماس :
هو انهارده فسخ خطوبه ام لسان طويل وممكن يفسخ خطوبة التانيه وكمان أنا ناويه اخد بنتكم
تهللت أسرار عبدالخالق مردد بسعادة :
دا يوم الهنا لما تكون بنتي مرات ابنك
ابتسمت بسماجة وهي تنظر إليهم بغرور، فهي علي يقين أن عبدالخالق لن يرفض زواج ابنته من ابنها …
؛******** بقلم حسناء محمد سويلم
انسدل ستائر الظلام عليه وهو يقف بجانب المصنع، بالرغم أن المعلم سالم أمن إليه مسكن، وأصبح يعمل في المصنع لجهة تغليف شكائر العلف، إلا أن الضيق يحتل صدره طوال الوقت…. وكيف يهدأ وهو لا يعلم أين والدته ؟!! أين يجد الراحة وتفكيره مشغول دائماً في تخمين مكانها ؟!
: عامل ايه
التفت بفزع من الصوت الأنثوي الآتي من خلفه :
خديجة بتعملي إيه هنا ؟؟
اقتربت منه وهي تردف مبتسمة:
أنا شغالة مع الريس مرتضى وكنت بسلم الفواتير
تنهدت بسعادة مستكملة :
مبسوطة اني شوفتك
بادلها البسمة قائلاً بفتور :
وأنا كمان مبسوط أنك بدأتي حياتك من تاني
: هو أنت لسا مش عارف الست هاديه فين ؟!
حرك رأسه بالنفي وهمس بجمود مصطنع:
خلاص مبقاش يهمني اي حد من العيله دي حتي الست هاديه
أخفضت رأسها وهي تقول بخجل :
أنت تستاهل كل خير بجد يا عمر
نظر إليها مردفاً بامتنان :
شكراً يا خديجة علي كل اللي أنتِ عملتيه معايا
ظهرت بسمة بلهاء علي شفتيها حتي بعد أن استأذن منها وتحرك اتجاه منزله الصغير، فتحركت الأخرى وهي تختلس النظرات عليه بهيام …
؛*****
عانقته بقوة وهي تتمتم من بين دموعها :
مش مصدقة أنك رجعت يا طلال
رد عليها باقتضاب:
ليه مش مصدقة
مسحت وجهها وهي تهتف بسعادة غامرة:
خوفت لتكرهني ومترجعش تاني
جلس علي المعقد ووضع قدمه علي الطاولة مردد بشراسة :
أنتِ تعرفي أن أهل مروه بعتو انهارده أنها مش مرتاحه معايا وقرروا يفسخوا الخطوبة
فركت سوزي يدها بتوتر وهي ترمقه بتوجس، علق طلال نظره عليها مستكملا بسخط :
وعارفه كمان أن أمي حلفت لو متجوزتيكش رسمي هتغضب عليا
أسرعت تركع بجانبه وهي تردف بعاطفة:
والله أنا بحبك وقابله بأي حاجة منك
شعرت برعشة سرت في أوصلها وهي تري ملقتيه القاتمة تحدجها بتفحص :
عارفه يا سوزي اني شايف ابويا وهو بيموت دلوقتي
دار بوجهه للجهة الأخرى مغمغما بحده :
قومي من قدامي دلوقتي
نفذت أمره ونهضت تدلف الي غرفتها وهي تبكي بصوت منخفض كي لا يغضب من نحيبها …
؛******
في مكان بعيد عن القرية بالتحديد أمام مكتب رحلات يحمل اسم مالكه ( موسى الأحمدي ) ولجت فتاة جميلة ترتدي فستان مثير، وعلي أكتافها تتطاير خصلاتها السوداء الناعمة، ويضرب صوت كعب حذائها اللامع مع خطواتها لتعطي رنة متوازنة وهي تمشي برشاقة….
: أول ما وصلني خبر رجوعك جيت أشوفك
دار بمقعده الجلدي ليكون مقابل لها وهو يقول بسخرية:
ياريته ما وصلك
تجاهلت سخريته ونظرت إلي بعض الخدوش في يده، والعصا الطبية الموجودة بجانبه وسألته قلق:
دا الكلام بجد !! ايه اللي حصلك ؟!
لم يرد عليها ونهض مستند علي العصا التي تساعده علي التنقل لحين تحسن ساقه، فصاحت بنفاذ صبر:
في ايه يا موسى ؟!
توقف أمام النافذة مردد بشرود :
بصراحة مش قادر ارد عليكي
: ليه ؟؟
أجابها مبتسماً ونظره معلق علي الماره :
حاسس اني بخونها لو اتكلمت مع غيرها
انتفضت الأخرى من مقعدها وهي تهتف بدهشة:
هي مين دي ؟؟ أنت روحت البلد دي تعمل ايه بالظبط ؟!
تذكر أول مره رآها عندما كانت بين يديه، حينها كانت فاقده للوعي ولكنها سلبت عقله منذ للوهلة الأولى …
: روحت عشان أشوف نصيبي الحلو
عقدت ذراعيها متسائلة بحنق :
ودا اسمه ايه بقا ؟!
تقدمت منه مستكملة بوجوم:
بلاش تحاول تستفزني لأني مش من النوع دا
نظر إليها بطرف عينه بعد أن شتت شروده الجميل، وهتف بجديه ممزوجة بتهكم:
وأنتِ مين عشان استفزك يا ريم
رمشت بأهدابها بتوتر وأردفت بتعلثم:
هو أنت بتتكلم جد ولا بتهرج
ابتعد عن الشرفة مغمغما بشغف :
ادعيلي بس توافق وكله هيكون جد
: هي مين ؟!
رد عليها بهيام انبعث من نبرته الرنانة:
حبيبتي
”أيا حُلوَة الوجهِ أنتِ الهدىٰ
ومن مقلتيكِ فؤادي اهتدىٰ
وماذا سَيفعل قلبٌ جريحٌ
رمتهُ عيناكِ فَاستشهدا ”
؛******
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)