رواية عشقت قاسيا الفصل الرابع 4 بقلم سارة رجب حلمي
رواية عشقت قاسيا الفصل الرابع 4 بقلم سارة رجب حلمي |
رواية عشقت قاسيا الفصل الرابع 4 بقلم سارة رجب حلمي
أمعنت زينب النظر لإيمان: مبروك يا بنتى، يعلم ربنا إنى كنت بتمنى الجوازة دى، بس عمرى ماكنت أتمناها بالوضع ده.
نظرت لها إيمان والدموع فى عينيها، تشعر بالندم على مافعلته، وتنتظر نتيجة فعلتها، تعلم أنها فتحت أمام نفسها باب من الجحيم.
*******
عمرو: أقعد بقى وفهمنى، عشان مش فاهم أى حاجة خالص، ومن الواضح جدآ إن الموضوع فيه حاجة مش كويسة.
تنهد حسام بتعب: اللي حصل مايتحكيش، مش عارف أقولك
إيه، مش عارف أقول أصلآ ولا لأ.
عمرو: أنا قلقان لوحدى يا حسام، مش ناقص تقلقنى زيادة، إتكلم وقول إزاى حصل كده؟
حسام: الأستاذة اللي كنت مجنونة بيها، إدعت عليا إنى إغتصبتها.
عمرو بإنفعال: إييييه!!!
حسام: وطى صوتك، الناس بتبص علينا.
عمرو: هو اللي إنت قولته ده قليل!!
حسام: هو ده اللي قالته.
عمرو: واتجوزتها ليه؟، مش تعرف الأول ليه عملت التمثلية دى، وتخليهم يكشفوا عليها ويعرفوا إنها بنت وإنك مجيتش جنبها!!
حسام: هى ماخترعتش الموضوع نفسه، هى فعلآ مابقيتش بنت، ورجعت البيت إمبارح متبهدلة وهدومها متقطعة ومناخيرها بتنزف،
بس مش أنا اللي عملت كده.
عمرو بغيظ: وإنت إيه اللي خلاك تجرى تجيب المأذون وتتجوزها، ليه مصبرتش وخليتهم يدوروا على اللي عمل كده، بدل ماتشيل ليلة مش بتاعتك؟
حسام: الطريق الوحيد اللي نعرف منه، هى، وهى مصممة إنه أنا، ومفيش غيرى اللي عمل كده.
عمرو بتعجب: وإشمعنا إنت !!
حسام: مش عارف، ده اللي هتجنن وأعرفه.
عمرو: إستغلت حبك ليها، قالت ده هيفرح إن الكدبة دى هتخليه يتجوزنى ويمكن ماهيصدق ويعترف على نفسه.
رمقه حسام بضيق: مش كده وبس، أنا كمان شاكك إن اللي حصل ماكانش إغتصاب.
فهم عمرو مايرمى إليه حسام، ولكنه تصنع عدم الفهم: تقصد إيه؟
حسام: أقصد اللي إنت فهمته.
عمرو: بس إنت قولت إنها رجعت البيت متبهدلة ومناخيرها بتنزف، يبقى إزاى كان بمزاجها؟
حسام: شاكك إن بعد اللي حصل جابتله سيرة جواز، فبان على حقيقته، وقالها إنه مستحيل يتجوزها ولما حست بالضياع، لقت إن ماقدمهاش غيرى عايز يتجوزها وبينلها مدى عشقه ليها، فبهدلت نفسها وخبطت وشها بحاجة عشان تسبك الحوار أكتر، ودخلت قالت إنها إتعرضت للإغتصاب ولما سألوها مين قالت حسام.
عمرو: طب ماهى ممكن كانت تقولك إنها موافقة تتجوزك ومن غير كل الفضايح دى وتتهمك بالكدب كده.
حسام: الفضايح كانت هتبقى منى أنا لما أعرف إنها غلطت مع حد، هى أكيد فكرت فى كده، وقالت أتجوزه وأكون أنا اللي فضحاه أحسن ماتجوزه ويفضحنى هو.
عمرو: إنت بتغيظنى!!، ولما إنت عارف كده ليه حققتلها اللي خططتله؟!
حسام: عشان مضطر، أنا مضطر أتصرف كده، إتحطيت فى مسئولية، شايل فيها سمعة عيلة، حتى لو بنتهم تستاهل الموت، هما برضو مالهمش ذنب، وبقوا مستنيين كلمة من حسام، وكلمتى إما تحكم عليهم بالعار إما تحييهم وترفع راسهم، هى مفيش أمل تعترف بحاجة، وأخوها وثااير وعلى أخره وكان هيفضح نفسه بنفسه لو كنت ماخدتش القرار ده، اللي حصل كان صعب فوق ماتتخيل، بس كان لازم حد عاقل ياخد قرار.
عمرو بتهكم: وإنت بقى العاقل ده مش كده!!، إدفع تمن عقلك ده بقى عذاب بعد كده ووجع قلب.
حسام: ولا عذاب ولا وجع قلب، فترة وبعدها هطلقها.
عمرو: أنا حاسس إنى بحلم، لا ده كابوس وهلوسه حصلتلى بسبب إنى لسه كنت بتكلم معاك بالليل فالموضوع ده، ماهو أنا لما بتكلم فى موضوع كتير، بنام أحلم بيه وبتبقى أحلام غريبة أوى.
حسام بأسى: ياريته كان حلم، ياريت.
******
كان مروان يجلس فى غرفته شاردآ عندما سمع طرقات باب المنزل، فنهض وتوجه إلى الباب.
عندما فتح الباب تفاجئ بعمته وفاء وإبنتها هاجر، فى بادئ الأمر كان يعتقد أن حضورهم بسبب علمهم بما حدث لإيمان، ولكنه لمح من خلفهم حقائب كبيرة تدل على إحتوائها لملابس!
مروان بقلق: خير ياعمتو فى إيه؟
وفاء: طب خلينا ندخل ناخد نفسنا الأول يابنى.
رمق مروان هاجر بنظرة شوق: أنا آسف مخدتش بالي، إتفضلوا.
دلفت كل من وفاء وهاجر إلى الداخل، وجلسوا،ثم حمل مروان الحقائب ووضعهم داخل المنزل، وذهب ليجلس معهم، ويتفقد حالهم الذي أدى بهم لحمل هذه الحقائب والمجئ إليهم، وقد كانت نظراتهم شاردة لا تنم عن خير أبدآ.
وفجأة وقبل أن يتحدث مروان، غاصت وفاء فى بكاء مرير.
جلست إلى جانبها إبنتها هاجر واحتضنتها وظلت تربت على كتفها.
مروان: فى إيه ياعمتو، ماحد يحكي حصل إيه؟
وفاء من بين نحيبها: هو أبوك فين يا مروان؟
مروان وقد بدا حزينآ عندما تذكر ما يلم بوالده الآن جراء مايحدث معهم منذ الأمس: بابا فى أوضته، ثوانى هديله خبر إنكم هنا.
غادر مروان المجلس، فتتبعته هاجر بعينيها وعندما إختفى عن الرؤية، نظرت لوالدتها وأردفت:
يا ماما إحنا لازم نتصرف فى مكان نعيش فيه لحد مانشوف الحال هيرسى على إيه، مينفعش نقعد هنا، أنا حاسة بتغيير مروان لما شاف معانا شنط.
وفاء: يابنتى متتعبنيش بكلامك أكتر مانا تعبانة، وبطلي سوء ظن، يمكن فى حاجة تانية مزعلاه، أو يمكن إتخض لما شاف الشنط وعرف إننا فى مشكلة، أنا لو حسيت إنهم مش هيرتاحوا لوجودنا هاخدك ونمشي.
خرج مروان ومعه والده ماهر، الذى أبدى ترحيبآ جليآ بهم، من يراه لا يصدق أن هذا الرجل قلبه يعذب فى داخل صدره بلا هوادة.
ماهر: إحكيلى بقى مالك، وبتعيطى ليه؟
وفاء: إحكيلهم يابنتى أنا مش قادرة أتكلم.
هاجر بحزن: بابا طلق ماما.
ماهر بصدمة وإنفعال شديد: إنتى بتقولى إيه؟، ألطف يارب من المصايب اللي نازلة على دماغى من كل حتة.
أوقفت وفاء دموعها وتحدثت بخوف: مصايب إيه تانى، حصل إيه؟
تطلع ماهر لمروان بصمت، لا يعرفون كيف سيستطيعوا أن يخبروهم بما حدث.
أراد ماهر أن يغير مجرى الحديث: إحكيلى إنتى الأول، طلقك ليه؟
أخذت وفاء تشهق بين كل دمعة والأخرى: بعد العمر ده كله بيننا لسه بيضربنى ويشتمنى.
ماهر: وإنتى مقولتليش قبل كده ليه؟
وفاء: عشان كان بيسافر أكتر مايقعد معانا، بيجيلنا شهر كل سنة، كنت ببقى عارفة إنه هيبقى شهر سواد، وكنت بستحمل وأقول أهو 30 يوم هيعدوا بالطول ولا بالعرض، المهم هيعدوا.
ماهر بإنفعال: برضو ده مش مبرر يخليكى تخبى عليا، وياترى بقى إيه سبب الطلاق؟
وفاء بحزن يطل من عينيها، ويظهر جليآ على قسمات وجهها التعيس:
قرر يتجوز.
ماهر: هو إتجنن ولا إيه!!، هو مش شايف إن الأولى يفكر فى جواز بنته!!
وفاء: بدل مايصلح علاقته بيا ويبطل يعذبنى بجفاؤه، جاى يقولى هتجوز وهاخدها معايا وانا مسافر، ولما قولتله طب مانا وهاجر أولى إنك تاخدنا معاك بدل مابتسيبنا 11 شهر وساعات بيزيدوا لا نعرف عنك حاجة ولا تعرف عننا حاجة، رد وقالى لا ماتلقيش بيا أقول إنك مراتي.
ماهر: ليه مالك عشان ماتلقيش بيه؟، وبعد العمر ده كله بينكم جاى يكتشف كده!
هاجر: بابا بقت تصرفاته غريبة أوى من فترة كبيرة، بقيت بحس إنه عايز يعيش حياته من غير بقى قيود إنه متجوز وسنه كبير وعنده بنت كبيرة.
مروان: مراهقة متأخرة يعنى.
هاجر بتأكيد: أيوا بالظبط كده.
ماهر: طب وإيه الحل مع الراجل ده بقى.
وفاء: أنا مش عايزة حلول، أى كلام معاه هيجيب نتيجة عكسية، وهنلاقيه فاكر إنى هموت وأرجعله وانا مش مستنية منه تفكير زى ده كمان، سيبوه براحته، أنا مش البت الصغيرة اللي خايفة على العيال ومن كلام الناس، انا واحد كبرت فى السن وتعبت وبنتى كبرت، ومحدش هيحس بالطلاق، هيبقوا فاكرين إنه كالعادة مسافر، محدش يقلق عليا من حاجة بقى وسيبوه ينام على الجنب اللي يريحه.
ماهر: حاجة غريبة والله، المفروض لما يكبر يقربلك أكتر ويحبك أضعاف الأول ويعتبؤك سنده فالحياة، اللي إستحملتى معاه الحلوة والمرة، ده كفاية إنك مستحملة إنه لسه مش شبعان غربة وبعد وهو مابقاش محتاج لكده، وعمرك ماطالبتيه يعمل حاجة مش على مزاجه.
وفاء تتصنع الإبتسامة: الكلام ده يقوله واحد مخلص زيك، عارف قيمة الست اللي معاه، مراتك توفت ولسه بتجيب سيرتها بكل خير، لو هو اللي مكانك كان قال…..
قاطعتها هاجر بحدة: خلااااص يا ماما، مالوش داعى الكلام ده، بابا مش فى حالته الطبيعية، بكرة يحس بقيمتك.
وفاء: عمره ماهيحس بحاجة، أنا تعبت معاه، طول عمرى وانا بتعذب، مش هستنى منه دلوقتي الحلو، خلاص فات آوانه.
وأثناء كلماتها ألقت نظرة متفحصة على وجه مروان وماهر، فوجدتهم شاردين ينظرون لأسفل قدميهم بحزن مطبق.
وفاء وقد غيرت دفة الحوار: مالكم في إيه؟، من وقت ما دخلت وإنتو فيكم حاجة متغيرة.
ماهر: والله مانا عارف أقولك إيه، إحنا فى مصيبة كبيرة أوى، بس ربنا حلها بأسرع مما نتخيل، لكن قلبنا لسه مكسور.
وفاء بفزع: يا ساتر يارب، فى إيه، حصلكم إيه؟
مروان: بعد إذنكم.
قالها مروان وهو ينهض واقفآ، فرفعت هاجر بصرها بما يتناسب مع النظر فى عينيه وتمعنت فيهما بشك، ثم أردفت:
حاجة تخصك يا مروان؟
مروان بضيق: لأ، والكلام اللي بابا هيقوله مش هقدر أسمعه وأفتكر من جديد، بعد إذنكم.
تركهم مروان وغادر المنزل بأكمله، بوجه يخرج منه الغضب على هيئة إحمرار خفيف يزين وجنتيه، فلطالما كانت والدتهم جميلة ووالدهم رجل وسيم، فورث منهم مروان وأخوته الجمال الهادئ، فبدت كل من ندى وإيمان فاتنات، وبدا مروان رجل حسن الخلقة، ملامحه مرسومة بين الوسامة والحالمية، فالنظر فى عينيه بمثابة الغرق فى بحر من الحب والرومانسية.
وعلى الجانب الآخر كان يقف حسام أمام مرآته، يتأمل ملامح وجهه وجسده، فكانت وسامته ساحرة، تطغى على وسامة غيره من رجال آدم، عيناه تحمل قوة ونظرة كنظرة الصقور، من يراه لا يتوقع أن يتزوج إيمان بكل هذه البساطة، حتى جسده ينم عن رجل ليس بالسهل أن تتلاعب عليه إمرأة وتحيك شباكها عليه فتوقعه فى خطيئة لم يرتكبها.
يبدو قويآ، معتزآ بنفسه، يعرف قيمة نفسه جيدآ، ولكنه كان أمامها لا يتذكر سوى قلبه النابض بإسمها، ولكن كما يقول (كااان كذلك)، فمن اليوم لن يعود لذلك العهد مرة أخرى، فنظر لوجهه عبر المرآة مجددآ، وهو ينوى على أن يسحق قلبه بحذائه غير عابئآ لأى شئ سوى الإنتقام..
******
دلفت هاجر إلى غرفة إيمان التي إنتفضت بمجرد أن فتح الباب.
إيمان وقد نظرت لهاجر بفزع:
إنتى مش هتبطلى تفتحى الباب على غفلة كده من غير إستئذان!
رمقتها هاجر بنظرة متعجبة ومطت شفتيها: إنتى متأكدة إن اللي سمعته برا من باباكى ده حصل؟!.
عادت إيمان لأحزانها، ثم أراحت ظهرها على وسادة أسندتها على فراشها، وتأملت سقف الغرفة كى تهرب من نظرات هاجر التى تحمل مئات التساؤلات: أه حصل.
هاجر: يعنى المفروض دلوقتى إن واحد إغتصبك!!، إنتى حصل فيكي كده!، أنا مصدومة ومش قادرة أستوعب بجد، ولحد دلوقتى عندى أمل يكون هزار.
إيمان: مفيش هزار فى كده، ياريته هزار.
هاجر: والحيوان كتب كتابه عليكى الصبح وهو عامل فيها البطل؟
إيمان: متشتميهوش يا هاجر، حسام مايستاهلش كده.
هاجر بغضب: نعم ياختى!!، مين ده اللي مايستاهلش؟!، اللي إغتصبك ودمرك وكسر راس خالو ماهر!!!
نظرت لها إيمان بتردد، تفكر فيما تود أن تقول، حائرة فيما ستخبر به هاجر، مترددة بين أن تدارى عنها حقيقة الأمر أم تفصح عما حدث بصراحة، فهى تعرف أن هاجر شخصية شكاكة بطبعها، وإن خبئت عنها هذا الأمر، فلابد أنها ستفتضح أمرها يومآ ما، وغير ذلك أنهم أصدقاء منذ نعومة أظافرهم، تعودوا على الصراحة فى شتى أسرارهم.
*******
جلست زينب على أحد مقاعد طاولتها الخشبية التى وضعتها فى منتصف مطبخها، تحضر لما ستصنعه اليوم لوجبة الغذاء، فى المعتاد لا يأخذ منها هذا التحضير سوى بضع دقائق فقط، ولكن اليوم وبفعل شرودها، ظلت أكثر من ساعتين تقطع الطماطم، ثم بدأت فى تقشير البصل الذي جعلته سببآ لدموعها الغزيرة ولكنه سببآ واهيآ!!
مر حسام من أمام المطبخ فلمح والدته بطرف عينه، فدلف إلى المطبخ مطأطأ الرأس وأردف قائلآ:
طب ليه دموعك دى بس يا ماما ؟
حاولت زينب أن تدارى عنه حتى لا تزيد عليه أوجاعه: لا يا حبيبي ده أنا بقشر بصل.
حسام: ماتحاوليش تخبى عليا، أنا عارف إنك موجوعة من اللي حصل، بس متضايقيش نفسك يا أمى، أنا راجل مش طفل صغير، وأقدر أتعامل مع موقف زى ده كويس، أنا أهم حاجة عندى إنى فى نظرك بريئ، أكتر حاجة وجعتنى لما لاقيتك بتضربينى وفى عينيكى نظرة شك.
زينب: ماشكتش فى تربيتي ليك ولا لحظة يابني، بس الموقف كان صعب أوى، ووقفتنا كانت أصعب واحنا قدام ناس عاشرناهم سنين.
حسام بنظرات حادة: ماتقلقيش يا ماما، والله لاخد حق وقفتنا دى، وحق ظلمى بالزور، وهعرف ليه إتهمتنى أنا، ومين اللى عمل كده…