رواية القاتل الراقي الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة بركات
رواية القاتل الراقي الجزء الثالث عشر
رواية القاتل الراقي البارت الثالث عشر
رواية القاتل الراقي الحلقة الثالثة عشر
“النسيان ليس بتلك السهولة”
في صباح اليوم التالي:
كانت نائمة تحلم بذلك اليوم كالعادة .. تحلم به وهو يحملها بين يديه ورائحة الدماء نفاذة بسبب أن ملابسه ملطخة بها … وفجأة وجدت نفسها بأسفل حمام السباحة تفقد أنفاسها ثم يأتي هو وينقذها .. وبعدها يختفي ذلك المشهد من أمامها، ثم تراه يقف أمامها بملامحه الباردة ..
مريم:”أنا بحبك أوي.”
ياسين بنظرة خالية من الحياة:”وأنا كمان يا دكتورة.”
قامت بفتح عينيها تُعلن عن إستيقاظها وتحاول إلتقاط أنفاسها بإنتظام، تشعر كأنها كانت تجري في طريق لا نهاية له .. إعتدلت بفراشها ونظرت حولها .. تحسست ملابسها ووجدت أنها مازالت ترتدي الثوب الذي كانت ترتديه أمس .. حاولت تذكر ماحدث ليلة أمس .. وقد تذكرت .. تذكرت كيف أهانها وجرح مشاعرها عندما أعلن أن له عشيقة أخرى، تتذكر كم كانت غاضبة كثيرًا وذهبت لإحدى غرف المطابخ وبعدها لا تتذكر شيئًا .. ولكن هناك شئ، يتردد في مسمعها جملتين .. “أنا بحبك أوي .. وأنا كمان يا دكتورة” … أغمضت عينيها بإرهاق فقد نسج عقلها الباطن حديثًا بينها وبين ياسين المغربي وماتتذكره فقط هما تلك الجملتين .. هزت رأسها بيأس .. لماذا تأتي له بمبررات كثيرة؟؟ .. لقد أرهقها حزنًا؛ فهي لم تسمح لأحد أن يقوم بالتأثير عليها هكذا من قبل .. إذا ما الفائدة؟؟ .. لا يجب أن تكون معه بعد اليوم .. فقد قام بإهانتها وجرح مشاعرها ولا تستطيع أن تبقى هكذا .. نظرت للثوب الذي ترتديه مرة أخرى، وضحكت بإستهزاء على حالها؛ فقد كانت تعتقد أنه سيحدث أي شئ سوى أن يجعلها تقوم بمقابلة عشيقته .. “الحقير” .. تحولت ملامحها للإشمئزاز ولا تستطيع أن تطيق الثوب الذي ترتديه .. إستقامت من فراشها وتوجهت نحو خزانة ملابسها لتقوم بتغيير ملابسها؛فهي لا تريد شيئًا منه ولا تريد أن تراه بعد اليوم .. بعد مرور وقت قصير .. كان عماد يجلس بغرفته يشعر بالضيق وهو يشاهد التلفاز؛ فقد كانت حفلة أمس تتصدر الأخبار والصحف، يعلم جيدًا أن مريم تعشق ياسين كثيرًا ولكنه قام بإهانتها أمام الجميع بطريقة غير مباشرة .. أغلق عماد التلفاز وخرج من غرفته وتوقف أمام غرفة مريم وقام بطرق بابها وبعد عدة ثوانٍ فتحت مريم الباب بأعين حادة، ولكن سرعان ما إبتسمت إبتسامة هادئة عندما وجدته عماد ..
عماد:”ممكن نتكلم شويه؟”
مريم بإبتسامة:”أكيد، إتفضل.”
تحرك عماد بكرسيه المتحرك وهي أغلقت باب الغرفة عقب دخوله توقف عماد بكرسيه أمام فراشها وأشار لها بالجلوس أمامه .. جلست أمامه ونظرت إليه بإستفسار .. أمسك عماد بيدها ونظر بعمق عينيها ..
عماد:”أنا آسف على إللي هو عمله فيكي، مكنش ينفع يعمل كده.”
مريم بلامبالاة مصطنعة:”وهو عمل إيه أصلا؟؟ مايفرقش معايا أي حاجة هو عملها.”
عماد بتنهيدة بسيطة وهو ينظر بعمق عينيها:”عينك بتقول العكس يا مريم، إنتي لسه من كام يوم قايلالي إنك بتحبيه، دلوقتي خلاص مبقاش يهمك؟”
مريم بقوة:”إللي يقلل مني بالشكل ده، يبقى مايفرقش معايا.”
عماد بإبتسامة:”حلو، ده إللي عايزك تكوني عليه دايمًا .. كنت خايف تكوني متأثرة.”
عقصت مريم حاجبيها بغضب وأردفت:”لا مش أنا إللي أتأثر بسبب حاجة زي دي، حقي هاخده منه، سواء دلوقتي أو بعدين.”
عماد بإستفسار:”طب إنتي ناوية على إيه؟”
مريم:”هسيبله كل حاجة وأمشي، أهم حاجة إني مش عايزة أشوفه.”
عماد:”ولو موافقش؟”
مريم بضيق:”هيوافق غصب عنه، وبعدين مش من حقه يمنعني أصلا.”
صمت عماد قليلًا ولكنه أردف بعد ثوانٍ ..
عماد بإستفسار:”محتاجة فلوس طيب؟”
إبتسمت مريم بحنو وربتت على يده ..
مريم وهي تنظر بعمق عينيه:”مش محتاجة ماتقلقش، وحتى لو إحتجت أنا هعرف أدبر نفسي، يعني مرتبي على معاش بابا الله يرحمه هتتدبر، وبعدين مش مريم إللي تبين للناس إنها محتاجة فلوس.”
عماد بتوضيح:”أنا بس قصدي عشان بعد كده، عشان تبدأي حياتك، إيجار ومصاريف، أنا قلقان عليكي، مهما يكن إنتي في حكم حفيدتي، وليكي حق عليا، لو عايزة أنا ممكن أعملك توكيل بحق التصرف في ممتلكاتي و……”
مريم بحب مقاطعة له:”عماد، شكرا .. بس أنا مش محتاجة حاجة، أنا أقدر أعتمد على نفسي، أنا بنت بمائة راجل.”
عماد بتفهم:”ماشي، بس إنتي معاكي رقم البيت هاه؟ إبقي إسألي عليا، ماتنسينيش.”
مريم بتفهم:”حاضر، وإنتي كمان معاك رقمي لو إحتجت حاجة كلمني.”
عماد:”تمام، هتمشي إمتى؟”
مريم بتفكير وإستفسار:”هو هنا؟”
عماد:”على ما أعتقد أيوه.”
مريم بقوة:”همشي من دلوقتي، هروح أتكلم معاه بخصوص إستقالتي.”
لمعت عينا عماد بالدموع؛ ولاحظت مريم ذلك ..
عماد بإبتسامة حزينة:”خدي بالك من نفسك.”
إحتضنته مريم وهو بادلها بقوة .. يحاول كتم شهقاته بسبب عبراته التي بدأت في الهطول من عينيه؛ فقد تعلق بها كتعلق الإبن بوالدته .. إبتعدت مريم عنه وهو حاول أن يقوم بمسح عبراته ولكنها قامت بمسحهم نيابة عنه ..
مريم:”عايزاك تبقى أقوى، أنا مش قادرة أسيبك بس ماينفعش أفضل هنا بعد إللي حصلي.”
عماد برفض وبصوت متحشرج:”وإنتي من مصلحتك إنك تبعدي عن هنا، وهفضل أقولهالك، ياسين المغربي مايستاهلش أي حاجة حلوة، حتى إنتي مايستاهلكيش، إنتي ملاك لكن هو شيطان، هو مابيرحمش، وطالما إنتي بعيدة عنه فإنتي هتكوني في أمان.”
هزت مريم رأسها وقامت بتقبيل مقدمة رأسه ..
مريم:”أنا هخرج طيب أشوفه فين عشان أتكلم معاه.”
هز عماد رأسه بهدوء؛ أما بالنسبة لمريم فقد خرجت من الغرفة وبدأت بالبحث عن ياسين، تاركة عماد يبكي بشهقات قوية دون أن تدري على فراقها إياه .. يجلس ياسين بمكتبه يدون بعض الأشياء في دفتر كبير أسود اللون .. إنتبه ياسين على صوت الطرقات العنيقة على باب غرفته ولكن سرعان ما تم فتح الباب .. أغلق ياسين الدفتر ووضعه بخزينة موجودة بمكتبه ومن الواضح أن تلك الخزينة ممتلئة فقط بالدفاتر السوداء وأغلقها بالمفتاح .. إقتحمت مريم غرفة المكتب ووجدت ياسين يقف أمامها بنظرات هادئة .. كانت غاضبة ولكنها كانت تخفي ذلك بقوة لم تعهدها قبلًا … لا تستهينوا بجرح إمرأة عاشقة أبدًا ..
ياسين بإبتسامة هادئة:”صباح الخير يادكتورة، بقيتي كويسه؟”
تستفزها إبتسامته تلك كأن شيئًا لم يكن .. لكن لا، ستُريه من تكون مريم ..
مريم بإبتسامة:”صباح النور، أه أنا كويسه.”
ياسين بإبتسامة:”تمام، أنا بعتذرلك على إللي حصل إمبارح، الحالة إللي كنتي فيها إمبارح كانت بسبب إنك شربتي دواء واحدة من المساعدين هنا، بعتذرلك مرة تانية.”
نظرت له بإستفسار بسبب مايتفوه به .. ولكن كل ما تراه أمامها هو إمساكه بيد عشيقته وإبتسامته الصفراء تلك ..
مريم بلامبالاة:”مش مهم، أنا جايه أتكلم معاك في حاجة مهمة.”
ياسين:”إتفضلي.”
مريم بتنهيدة:”أنا جايه أقدم إستقالتي، مباقتش حابه أكمل شغل هنا.”
صمت ياسين قليلًا لعدة ثوانٍ ولكنه تحدث بإبتسامة هادئة إستفزتها أكثر ..
ياسين:”تمام يا دكتورة، إللي تحبيه.”
توجه نحو مكتبه تاركًا إياها تحملق بصدمة من رده ذاك؛ فقد توقعت كل شئ يتعاركان أو يفتعلا شجارًا إلا أنه سيوافق على إستقالتها؟! مستحيل .. إستفاقت على صوته ..
ياسين:”دكتورة مريم.”
نظرت نحوه بتيه ووجدته ممسكًا بورقة يقدمها نحوها .. أخذت الورقة من يده وبدأت بقرائتها .. ولكن يا للعجب! .. تلك إستقالتها من المشفى، ماذا تفعل هنا؟؟ ….
ياسين بإبتسامة هادئة:”أنا ماحبتش أمضي على إستقالتك لإني إعتبرتك في أجازة مفتوحه من المستشفى، عشان لو حبيتي ترجعي بعد مانفسيتك تتحسن تلاقي مكانك، وبمناسبة كده.”
تابعته وهو يخرج ورقة من أحد أدراج مكاتبه ويقدمها لها ..
ياسين:”دي أوراق تعيينك كمديرة إدارية للمستشفى.”
صمت قليلًا ثم تحدث بإبتسامة غريبة ..
ياسين:”إعتبريها مكافئة نهاية الخدمة هنا في القصر.”
هل يستهزئُ بها؟؟؟ .. هل يراها مغفلة؟؟ .. نظرت للورقة التي يحملها، ووضعت إستقالة المشفى جانبًا وأخذت ورقة التعيين من يده ثم نظرت في عمق عينينه وقامت بشق الورقة أمامه ببرود …
مريم بقوة:”بلها وإشرب مايتها، مش عايزة منك حاجة.”
قامت برمي القطع الممزقة من يدها على مكتبه الذي كان فاصلًا بينهما وهي تنظر له بقوة، لمحت الغضب بعينينه للحظة ولكن ذلك الغضب حل محله الهدوء والبرود …
ياسين بإبتسامة هادئة:”بالتوفيق ليكي يادكتورة.”
لم تُجِبه ولكنها خرجت من مكتبه وذهبت لغرفتها والتي كان قد خرج منها عماد منذ دقائق .. كانت حقيبتها كما هي مُجهزة منذ آخر محاولة لها بالذهاب … حملتها وأخذت كل مايخصها وتركت الثوبين اللذان قام ياسين بشرائهما لها سابقًا، ورمتهما بإهمال على فراشها .. خرجت من غرفتها وهبطت لأسفل الدرج وفتحت باب القصر .. لم تجد أحد يمنعها بل ترك لها رجال ياسين الطريق مفتوحًا .. وحاول أحدهم مساعدتها لحمل حقيبتها ولكنها رفضت .. عرض السائقين إيصالها ولكنها رفضت أيضًا … سارت الطريق بين القصر والبوابة الرئيسية على قدميها وعندما وصلت .. فُتحت البوابة الرئيسية لها .. وقفت قليلًا ثم وجدت سيارة أجرة لتُقلها …
؟؟:”على فين يا آنسة؟”
مريم بتنهيدة:”على أقرب مكتب سمسار لو سمحت.”
هز السائق رأسه وقام بإيصالها؛ أما مريم لم تفهم .. لماذا قلبها يؤلمها؟؟ .. كان من المفترض أن تشعر بالسعادة لخروجها من ذاك القصر ولكن لا .. تشعر الآن أنها فقدت شيئًا غاليًا على قلبها … “أم أنكِ أحببت أسرِهِ لك مريم؟؟” … إستفاقت على عبراتها التي بدأت بالهطول .. قامت بمسحهم سريعًا وهزت رأسها بنفيٍّ تشجع نفسها على الثبات والقوة .. ستقاوم وتنساه … دلف ياسين غرفتها بعد رحيلها ونظر لبرود الغرفة الذي يماثل برود قلبه، إنتبه للثوبان الملقان على فراشها بإهمال .. جلس بفراشها وأمسك الثوب التي كانت ترتديه أمس .. يتأمله بهدوء حتى قربه من أنفه ليقوم بشم العطر الذي دائما ما تتعطر به، تلك الرائحة التي لا تفارق مخيلته أبدًا … رائحة مميزة لها فقط، لأن العطر مختلطًا برائحة جسدها الطبيعية أيضًا مما جعل هنا خليطًا جميلًا من العطور .. فُتِحً باب غرفتها ودلف عماد للغرفة بكرسيه المتحرك .. ونظر لياسين المُمسك بثوبها ويبعده عن أنفه بهدوء ناظرًا لعماد بنظرات خالية من الحياة ولكنه عاد لينظر للثوب مرة أخرى … أغلق عماد باب الغرفة خلفه وإقترب منه بحذر حتى ترك بينهما مسافات قليلة …
عماد:”براء.”
رفع ياسين رأسه ينظر له بهدوء …
عماد:”أنا مباقتش فاهمك، إنت إيه؟؟ مرة تبقى قاتل ومرة تبقى عاشق؟ بس من الواضح للأسف إن مهما حصل إنت ماتستاهلش الحُب.”
إبتسم ياسين بسخرية ولم يُجبه ..
عماد بإشفاق على حاله:”طب طالما بتحبها سيبتها تمشي ليه؟”
ياسين وهو ينظر أمامه بشرود:”عشان لازم يحصل كده.”
عماد بإستفسار:”مش فاهم؟”
تجاهله ياسين وإستقام من فراشها ولكنه ظل ممسكًا بثوبها وتحرك للباب ..
تضايق من أسلوبه ذاك وتحدث بغضب ..
عماد بغضب:” هو مش أنا بتكلم؟؟؟ يبقى لازم ترد عليا.”
تجاهله ياسين أيضًا وكاد أن يقوم بفتح الباب …
عماد بغضب:”رد عليا، ولا إنت خايف تعترف إنها كسرت قلبك؟ أوعى تمثل دور الراجل عليا، إنت لسه عيل صغير خايف بالنسبالي، رد عليا.”
إنتشر الغضب بأعين ياسين وإلتفت له ..
ياسين بغضب:”عشان أنا قاتل .. هي ماتنفعنيش بشئ .. هي تستاهل تعيش حياتها وتتجوز وتخلف وتبني عيلة .. لكن معايا أنا لا، معايا أنا هتشوف إللي عمرها ماشافته، هتشوف جرايم بشعة، هتشوف حاجات كتير ماينفعش تشوفها، مش هتعيش مرتاحة، هتفضل خايفة؛ فده الأفضل ليها هي.”
إلتفت مرة أخرى للباب وقام بفتحه ولكن قبل أن يخرج ..
عماد بإستفسار:”طب إيه الأفضل ليك إنت؟”
ياسين بنظرة خاليه من الحياة دون الإلتفات إليه:”إنها تكون بعيدة عني.”
خرج من الغرفة وعاد لغرفته؛ أما عماد لا يعلم بماذا يحكُم عليه؟؟ ولكن ياسين لا يستحق الحب، فهو يُبعِد كل من يحبه عنه، حتى هو.. أبيه.
……………………………………..
(رواية/ القاتل الراقي .. بقلم سارة بركات)
في فيلا هشام:
يجلس بغرفة إبن أخته يفكر كثيرًا .. يبحث في أوراقه الموجودة بغرفته لا يوجد دليل على معرفته بأحد الأشخاص السيئين، يبحث عن أي شئ يتعلق به، ولكن لا يوجد دليل على أي شئ غريب في الآونة الأخيرة … إستلقى قليلًا على فراش هشام يفكر بعلاقاته بأصدقائة وبمعارفه ولكنهم جميعهم يحبونه ولا يكنون له الضغينة أبدًا .. إذا من قتله؟؟ .. أغمض عينيه بإرهاق وقام بتشغيل التلفاز لعله يشاهد أي شئ يشغله عن التفكير . يبحث في القنوات بملل ولكنه عاد لإحدى القنوات الإخبارية مرة أخرى وقام بزيادة مستوى الصوت أكثر ..
؟؟:”مع الأسف كما أخبرناكم سابقًا .. لقد إنتشرت حالات القتل في الآونة الأخيرة، لقد تم إكتشاف العديد من الجثث بأحد المصانع المهجورة .. من الواضح أن تلك الجريمة حدثت منذ فترة وليست في تلك الأيام ……”
إنتبه طارق لهاتفه الذي يصدر رنينًا .. وجده أحد الضُباط المسئولين عن قضية هشام ..
طارق بلهفة:”وصلتوا لإيه؟”
؟؟:”نوع الرصاصة إللي خرجت من المسدس إللي إتقتل بيه قريب حضرتك، هو نفس نوع الرصاص إللي موجود في مسدس مترخص لشخص إسمه عادل.”
طارق بإستفسار:”قبضتوا عليه صح؟؟ أنا جاي حالا أ…….”
تحدث الضابط مقاطعًا له:”مع الأسف الشخص ده متوفي، لقوا جثته مع مجموعة من جثث تانية إمبارح، ده يبقى واحد من حرس رجل أعمال إسمه وائل سعيد إللي مع الأسف برده لاقيناه مقتول هو كمان ومن الواضح إن الجريمة إتنفذت بعد مقتل الدكتور هشام بساعات؛ فكنت حابب أستفسر .. هل قريب حضرتك كان ليه تواصل مع الراجل ده قبل كده؟؟؟ هل كان في معرفة سابقة بينهم؟؟ هل فيه عداوة أو حتى صداقة بينهم؟”
كل تلك الأسئلة تنهال عليه وهو صامت يشعر بالصدمة مما سمعه للتو .. قاتل إبن أخته مقتول! .. تحدث بتيه ..
طارق:”لا هشام مالهوش علاقة بالناس دي خالص، هشام كان في حاله ومكنش ليه دعوة بحد.”
تنهد الضابط ثم أردف..
؟؟:”تمام يا دكتور طارق، إحنا مستمرين في التحقيقات بخصوص القضية التانية دي برده ولو وصلت لحاجة تخص مقتل الدكتور هشام هبلغ حضرتك.”
أغلق طارق المكالمة الهاتفية مع الضابط وتدور الكثير من الأسئلة في مخيلته حول ما سمعه .. قام أحد رجال رجل أعمال يُدعى وائل بقتل هشام .. إذًا كيف قام هشام بخطف مريم وفي ذات الوقت تم قتله من قِبَلِ ذاك الرجل؟؟ .. وكيف نجت الطبيبة من كل ذلك أذا كانت مع هشام في ذاك الوقت؟؟ .. إلا إذا قام هؤلاء الرجال بخطفها ومن قتلهم أنقذها، إذا من القاتل الحقيقي هنا؟؟ .. كانت جميع تلك الأسئلة تشير إلى إجابة واحدة فقط بالنسبة إليه ألا وهي .. “ياسين المغربي” ..
………………………………….
مرت ثمانية أشهر وإنقطعت أخبار ياسين عن مريم، لأنها أرادت ذلك .. قاطعت جميع وسائل التواصل الإجتماعي لكي لا ترى أي خبر أو سبق صحفي عن من قام بجرح قلبها وقامت بالإبتعاد عن مشاهدة التلفاز أيضًأ لأنه مصدر من تلك المصادر أيضًا .. كان يرهقها ذلك ولكنها أصرّت على فعله، حتى وإن غلبها الشوق؛ فلم تسمح لنفسها بالضعف أبدًا .. ولكنها تشتاق إليه، تشتاق إلى منقذها وحب حياتها .. تشتاق إلى ذلك البارد، لماذا تشعر بأنه دائما يراقبها؟؟ .. لماذا تشعر بأنه دائمًا حولها؟؟ … تشعر أنها يومًا ستلتفت للوراء وتجده وراها يبتسم ببرود .. بروده المستفز الذي إشتاقت له … دلفت للمشفى الخاص الذي تعمل به مهرولة لأنها متأخرة كالعادة، تبتسم للجميع بعملية وتحييهم والآخرون يبادلونها التحية بإحترام، هناك فارقٌ كبير بين تلك المشفى والمشفى الذي كانت تعمل به وهو مشفى ياسين المغربي … هنا يبادلها الجميع الإحترام أما هناك لم تجد سوى الإهانة من طارق ومن طاقم المشفى بأكمله .. قامت بتبديل ملابسها ثم إتجهت لغرفة مكتبها، دلفت للغرفة اللطيفة المريحة لها؛ فعلى الرغم من صغرها إلا أنها كانت دافئة كثيرًا مقارنة بالطقس بالخارج، وتلك الغرفة كان يوجد بها سرير صغير في ركن جانبي من أركان الغرفة .. جلست على كرسي مكتبها بإرتياح وقامت بالتجهيز لعملها، وبعد دقائق إنتبهت لهاتفها الذي يضئ بإسم عماد … إبتسمت مريم بحب ثم أجابت ..
مريم:”وحشتني أوي يا عماد.”
عماد:”وإنتي كمان يا مريومة، عاملة إيه في البرد ده؟”
مريم بتنهيدة وإنشغال:”تمام، ماتقلقش عليا، المهم إنت كويس؟”
عماد:”أيوه الحمدلله، أنا قولت أطمن عليكي قبل ما تبدأي شغلك، هبقى أكلمك بعدين، مش هتعوزي حاجة يا حبيبتي.”
مريم بإبتسامة:”سلامتك يا عماد.”
أغلقت المكالمة الهاتفية بينها وبين عماد وعادت بالتذكر، فقد كانت على تواصل بشكل مستمر مع عماد منذ رحيلها وماتعجبته أنه أخبرها أن ياسين أتى له بهاتف نقال ومنذ ذلك الوقت وعماد يقوم باللإتصال بها يوميًا ليتحدث إليها ويطمئن عليها، ويخبرها أنه يشتاق إليها، ثم يغلق المكالمة الهاتفية بينهما .. أغلقت عينيها بإرهاق وإستندت بمقدمة رأسها على سطح مكتبها … لقد أرهقها عشقه .. تألمت لفراقه .. النسيان لم يكن بتلك السهولة كما ظنت؛ فهو يحتاج إلى قوة وصبر على أحزانها .. “أنتي كاذبة مريم، لم تستطيعي نسيانه أبدًا .. لقد أحببته طيلة حياتك، هل تظنين أنكِ ستنسينه في ثمانية أشهر؟؟؟”، لم تنتبه لباب مكتبها الذي فُتِح بهدوء ولكنها فزعت عندما طرق أحدهم على رأسها … إعتدلت مريم في كرسيها بفزع ولكن ملامحها تحولت للغضب الشديد عندما رأت زميلتها بالعمل تضحك على ملامحها الفزعة …
مريم بضيق:”في إيه يا أشرقت؟؟ خضتيني.”
ضحكت أشرقت وأردفت بمرح ..
أشرقت:”في إيه يا ست الدكتورة؟، إنتي هتعملي فيها حد مهم؟؟ فكي التكشيرة دي.”
تنهدت مريم وهدأت ملامحها ..
مريم بإستفسار:”في إيه؟؟ جايه ليه؟”
أشرقت وهي تجلس بفراش مريم:”قالولي في الإستقبال إنك جيتي، بس إستغربت إنك ماطلعتيش من المكتب تلفي على المرضى كالعادة، قولت أجي أرخم عليكي شويه وأشوفك مالك.. ها مالك يا ست فتكات؟”
نظرت مريم لها قليلًا ثم ضحكت من أسلوب زميلتها أو صديقتها فهي منذ أن بدأت العمل هنا وأشرقت تقوم بإضحاكها و مساعدتها في العمل أيضًا فقد تعلمت منها الكثير .. كم تمنت أن يكون لها صديقة فعلا، ولكن للأسف الألم الذي بداخل مريم لا تستطيع مشاركة أي أحد به حتى صديقتها ..
أشرقت:”إنتي يا ولية، أنا بتكلم.”
مريم بإنتباه:”نعم؟”
أشرقت:”إيه يا حاجة؟ روحتي فين؟ مش يلا بينا نقوم نشوف شغلنا.”
مريم بتأكيد:”يلا.”
إستقامت مريم من كرسيها وخرجت من الغرفة وتبعتها صديقتها المتعجبة لحالها كالعادة فهي تشعر دائمًا أن مريم تُخفي ألمًا عميقًا بقلبها … تسير الإثنتان بجوار بعضهما بممر المشفى … مريم شاردة لا تنصت لما تقوله أشرقت التي تتحدث كثيرًا عن يوم أمس بعدما وصلت لمنزلها .. إستفاقت مريم من شرودها عندما وكزتها أشرقت ..
أشرقت بهمس:”بصي بيبصلك إزاي؟؟ هيموت عليكي.”
نظرت مريم بإستفسار لذات الإتجاه التي تنظر به صديقتها … وجدت زميلًا لهما بالمشفى ينظر إليها وعندما تقابلت نظراتها معه إبتسم لها بإحراج وكاد أن يقترب منهما، أسرعت مريم في خطواتها وتركت أشرقت خلفها … توقف زميلهما أمام أشرقت التي إبتسمت له بإحراج مما حدث …
أشرقت بإحراج:”صباح الخير يا دكتور آسر.”
آسر بإبتسامة:”صباح النور يا دكتورة، هي الدكتورة مريم راحت فين؟”
أشرقت بتردد:”تلاقيها رايحه تمر على المرضى، إنت عارف بقا مريم بتبقى مرتاحة لما تبدأ يومها بالجولة دي.”
همهم آسر متفهمًا ثم تنهد …
آسر:”طب أستأذن أنا.”
أشرقت:”إذنك معاك يا دكتور.”
رحل من أمامها وبدأت أشرقت بشتم مريم بسرها وبدأت بالبحث عنها .. كانت تقف بغرفة مريض عجوز تبتسم له بهدوء وتسأله عن حالته وصحته ..
أشرقت بضيق وهي تقتحم الغرفة:”خليتي منظري زفت.”
تعجب المريض من تلك الطبيبة التي إقتحمت الغرفة ..
مريم بإبتسامة للمريض:”ماتتخضش، دي أشرقت صاحبتي، هي بس مجنونة شويتين، عايشه في فيلم أجنبي.”
أشرقت بضيق:”نعم؟؟ إنتي بتهزري صح؟؟”
مريم بإبتسامة:”أشرقت، المريض إتخض، تعالي نتكلم بره.”
أمسكت مريم بذراعها وخرجتا من الغرفة ..
مريم بتنهيدة:”نعم؟”
أشرقت بضيق:”إيه إللي عملتيه ده؟”
مريم بهدوء:”عملت إيه؟؟ مشيت عشان أشوف شغلي.”
اشرقت بجدال:”لا يا مريم، إنتي مشيتي لما لاقيتي دكتور آسر بيقرب ناحيتك، وإنتي عارفة كويس إنه معجب بيكي، ده المستشفى كلها واخده بالها من نظراته ليكي يا بنتي.”
مريم:”بلاش تعيشي في جو الأفلام ده بجد، إحنا المفروض كبرنا على الكلام ده.”
أشرقت:”لا مش جو أفلام يا مريم، نفسي أعرف إنتي بتهربي منه ليه؟؟ دكتور محترم سمعته كويسه، ناجح في حياته، ده حلم أي بنت غيرك.”
مريم:” زي ماقولتي أهوه، غيري .. يعني مش أنا.”
صمتت مريم قليلًا ثم أردفت …
مريم:”وبعدين لو شايفاه حلو ومناسب، إتكلي على الله وأهو نقول مبروك يلا.”
أشرقت بضيق منها:”إنتي باردة يابت إنتي.”
ضحكت مريم ضحكات خفيفة وإبتسمت أشرقت هي الأخرى، وصمتت تفكر في حال صديقتها .. وما بها؟؟ ..
مريم:”أظن يلا نبتدي شغلنا، ولا إيه؟”
أشرقت بتنهيدة:”يلا.”
أكملت الإثنتان سيرهما ونظرت أشرقت نحو إحدى الملصقات الملصقة بأحد جدران المشفى وعادت بنظرها نحو مريم …
أشرقت:”مريوم.”
همهمت مريم لها …
أشرقت:”ماتنسيش حفلة المساهمين بكرة.”
مريم بإنشغال:”مش ناسية.”
أشرقت:”ماشي، هبقى أعدي عليكي بكرة.”
همهمت مريم لها مرة أخرى .. مر يوم الإثنتان بروتينهما المعتاد لم يكن هناك أي عمليات جراحية خلال اليوم مما جعلهما يتابعان حالات المرضى وتغذيتهم ..
في المساء:
وقفت مريم أمام المبنى السكني الذي تسكن نظرت له بهدوء فقد كان رائعًا؛ فلقد حالفها الحفظ وسكنت به .. ولدهشتها فقد كان إيجار الشقة التي تبقى بها خفيفًا عليها، صعدت لشقتها بالطابق الثاني .. وقامت بفتح باب الشقة، إبتسمت لمن كانت تنتظرها عند الباب ..
مريم:”مساء الخير يا لولي.”
حملت مريم قطتها الصغيرة بين يديها وقامت بإحتضانها بقوة معبرة عن إشتياقها لها .. أغلقت الباب بقدمها، وتوجهت نحو غرفتها ..وجدت أن قطتها أكلت الطعام كله ..
مريم بإبتسامة وهي تربت عليها:”برافو عليكي يا روحي، إستني أحطلك أكل وبعدها هغير.”
وضعت قطتها أرضًا وتوجهت نحو طعامها المجفف وقامت بوضع البعض منه في صحن قطتها … وبدأت قطتها بالأكل .. قامت مريم بالإستحمام بالمياة الدافئة وإرتدت ثيابها الثقيلة وخرجت لغرفتها .. جلست بفراشها وقامت بتغطية نفسها وصعدت قطتها الصغيرة على الفراش وجلت على ركبتيّ مريم … تنظر لها بعينيها البريئة الواسعة، إبتسمت مريم لها وهي تربت على جسدها بهدوء .. تعود بذكرياتها لذاك الوقت الذي تقابلت به مع تلك القطة الشيرازي النوع، فقد كانت تائهة بالشوارع، طفلة صغيرة لا يوجد لها أحد .. ذكرتها بنفسها كثيرًا وقررت أن تهتم بها .. ومنذ ذاك الوقت وهي أنيستها، لا تشعر بالملل أبدًا بوجودها .. بدأت قطتها باللعب بيديها تحاول الإمساك بيد مريم التي تبتعد عنها ثم تقترب منها مرة أخرى … تضحك مريم بإستمتاع من قطتها البريئة التي تلاحق يدها .. ولكن سرعان ما تحولت تلك الضحكات لدموع وبكاء .. إنتبهت القطة لصوت بكاء مريم التي كفكفت وجها بيديها الإثنتين … إقتربت منها القطة بهدوء تنظر لها … بكت بكاءًا مريرًا على فراقهما .. فقد كانت هكذا طيلة الأشهر السابقة .. تُمثل القوة طيلة اليوم لكن عندما تكون في غرفتها تبكي .. المكان الوحيد الذي تكون به على سجيتها …
………………………………….
في مساء اليوم التالي:
تقف أمام مرآتها تقوم بتنسيق ثوبها الأسود الطويل وإرجاع شعرها الأسود المموج للخلف، قامت بوضع آخر اللمسات على وجهها وهو أحمر الشفاه .. إنتبهت لصوت مواء قطتها ..
مريم بإبتسامة وهي تحملها:”مش هتأخر عليكي، ماشي؟”
قبلتها ثم وضعتها أرضًا ..
مريم بإبتسامة لها:”يلا باي.”
خرجت من شقتها وهبطت أسفل الدرج حتى خرجت من المبنى السكني .. كانت أشرقت تجلس بسيارتها تنتظر مريم، وذُهلت عندما رأتها .. أصدرت أشرقت صفيرًا ينم عن إعجابها بمظهرها .. ضحكت مريم من رد فعلها وصعدت بجانبها ..
أشرقت:”إيه يابت الحلاوة دي؟ وجبتي الفستان القطيفة ده إمتى؟”
مريم:”يابنتي إحنا فايقين للأسئلة دي؟؟، يلا إتحركي عشان شكلنا إتأخرنا.”
أشرقت بإصرار:”لا قولي جبتيه إمتى؟”
مريم بتأفف:”ياستي كنت بتمشى بعد المستشفى شدني الفستان ده، إرتحتي خلاص؟؟”
همهمت أشرقت وبدأت بالتحرك بسيارتها …
مريم:”على فكرة حلو الفستان إللي إنتي لابساه ده، شيك برده.”
أشرقت بغرور مصطنع:”من يومي يابنتي عيب عليكي.”
ضحكت مريم بخفة على إجابتها تلك وظلا يتسايران طوال الطريق .. بعد مرور وقت قصير .. دخلت الإثنتان قاعة كبيرة كل المسموع بها هو صوت النغمات الموسيقية الرائعة .. كانت تلك القاعة ممتلئة بالكثير من الأشخاص لدرجة أن مريم شعرت أنها ستضل الطريق بين الضيوف … تسير بجانب أشرقت والتي تقوم بوكز ذراعها لتقوم بالنم معها على بعض الأطباء الموجودين بالحفل … وكان رد فعل مريم الطبيعي هو الضحك على تصرفات صديقتها … إنتبهت الإثنتان لبداية الحفل عندما بدأ التصفيق الحار … نظرت الإثنتان بإتجاه منصة القاعة وبدأ أحد مقدمي الحفل بالتحدث في مكبر الصوت …
؟؟:”أهلا بيكم كلكم، نورتوا الحفلة .. طبعًا إنتوا كلكم عارفين الحفل ده بمناسبة إن……………..”
كان الحديث بالنسبة لمريم شئ طبيعي فلم تهتم بباقي الحديث وإنتبهت عندما وكزها أحدهم على كتفها .. إلتفتت للخلف ووجدت زميلتها بالعمل الطبيب آسر ..
آسر بإبتسامة:”إزيك يا دكتورة؟ أخبارك إيه؟”
كادت أن تتحدث مريم ولكن قلبها دق بعنف عندما سمعت إسمه يُنادَى في مكبر الصوت …
؟؟:”وطبعا المساهم الأساسي هو ياسين المغربي.”
إلتفتت سريعًا تبحث عنه بعينيها .. لا تصدق .. إنه هنا … صعد ياسين على منصة القاعة بهيبته المعتادة، وهنا تقابلت نظراتهما لثانية واحدة فقط، ولكن ياسين إبتعد بعينيه عنها .. وبدأ بالتحدث ..
ياسين بإبتسامة هادئة:”مساء الخير، أهلا بيكم …”
أكمل ياسين ترحيبه بالضيوف ولكن من بعدها تجنب النظر نحو مريم التي تنظر له مدهوشة من وجوده بالحفل والذي يدهشها أكثر أنه المساهم الأساسي للمشفى الذي تعمل به .. إنتبهت لأشرقت التي وضعت يدها على كتفها ..
أشرقت:”مريم.”
نظرت مريم لها بتيه ..
أشرقت بإستفسار:”إنتي كويسه؟”
هزت مريم رأسها سريعًا بالموافقة .. ولكنها تشعر أنها ستفقد أنفاسها ..
مريم:”هروح الحمام.”
هزت رأسها لها .. ذهبت مريم للحمام وحاولت أن تهدأ .. لا تصدق عينيها إنه هنا، الذي أرهقها عشقًا يوجد هنا بنفس المكان ولا تستطيع حتى التحدث إليه .. لا تصدق أن تلك أصبحت النهاية بينهما … من إتجاهها هي … فقد كانت تحبه من طرف واحدٍ فقط … لا تصدق أنها مجبرة على إكمال الحفل دون المبالاة لوجوده معها … كم تتمنى أن يقوم بضمها بقوة حتى يقوم بتكسير عظامها تعبيرًا عن إشتياقه لها إذا كان يشتاق لها من الأساس! .. تنهدت بعمق تحاول تشجيع نفسها على التعامل ببرود أمامه وأمام الجميع؛ فلقد كان صفحة قديمة بحياتها وقامت بتمزيقها .. خرجت من الحمام وبدأت تبحث عن أشرقت ووجدتها تقف مع آسر .. إقتربت منهما ووقفت بجانب أشرقت ..
آسر بإبتسامة:”ماقولتيش رأيك يا دكتورة؟”
نظرت مريم له بإستفسار ..
آسر بإبتسامة:”كنت بقترح لدكتورة أشرقت إننا نخلي المستشقى تطلع رحلة، إيه رأيك في الساحل أو مرسى علم؟”
لم تستطع مريم أن تجيبه في شئ ووقعت عينيها على ياسين الذي يقف مع بعض من رجال الأعمال في الحفل ومن الواضح أنهم باقي المساهمين للمشفى … يرتشف العصير من الكأس الذي بيده بهدوء ويتحدث مع أحدهم … إنه يتعامل كأنها غير موجودة من الأساس .. لم يُلقَ عليها التحية كما كان يفعل دائما، حتى وإن كان سيخبرها “طاب مساؤك” … لكن لا .. تجاهلها كأنها غير موجودة .. إنتبهت لأشرقت التي تعطيها كوبًا من الماء ..
أشرقت:محتاجة تشربي؟”
هزت مريم رأسها بهدوء وقامت برشف بعضًا من قطرات المياة .. ولكن الغضب يزداد بداخلها … كيف يفعل بها ذلك؟؟؟ .. لقد آلمها كثيرًا وها هو الآن يؤلمها أكثر بتجاهله إياها .. تمسكت بالكوب الذي بيدها أكثر .. فهو بارد .. وبروده يستفزها أكثر .. الحقير الذي لا يهمه وجودها معه بنفس المكان .. لم تشعر بنفسها سوى وهي تقترب نحوه بإصرار، حتى توقفت أمامه وبخطوة سريعة منها ألقت المياة التي بالكوب بوجهه ….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية القاتل الراقي)