رواية شبكة العنكبوت الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم آيات الصبان
رواية شبكة العنكبوت الجزء الثامن والعشرون
رواية شبكة العنكبوت البارت الثامن والعشرون
رواية شبكة العنكبوت الحلقة الثامنة والعشرون
– أنا قررت خلاص ، هأخد حقي ، مش منه لوحده ، منها هي كمان.
– طيب نتكلم بكرة برضه ، اللي انتي عايزاه هيكون بس إهدي.
– مش هأهدا ، عايزة كل اللي ورثه.
– يــا بنتي كل اللي ورثه إيه بس ، ده لو قلنا له كدة هيقولك خلاص انشروه على السي ان ان في المورنينج نيوز.
– أومال كام يعني؟
– المعقول واللي يقدر يجيبه بسرعة.
– عنده وديعة بتلاتة مليون يفكها.
– تمام يبقي 2 مليون زي »على « وخلاص.
– وهي؟
– هي وهو يتصرفوا مع بعض.
– لا هي قبله، عايزة منها مليون.
– ما تبالغيش.
– ده شرطي علشان أكمل.
– من غير شروط ، لازم ندرس الموضوع .
– تمام.
– خشي خدي دش ونامي ، واستني يوم الجمعة ، بلاش تسمعي أي حاجة تانية.
– هأحاول، سلام.
صباح الخميس، بينما »نورا« في منزلها تستمع إلى غراميات زوجها، فوجئت باتفاقه مع إحدى عشــيقاته على الســفر لقضاء ليلة بشقته بالاســكندرية ، و لمعت في ذهنها فكرة اســتغلال هذه الفرصة الذهبية لوضع الكاميرات ، كانت الكراهية تجاهه قد عششــت في قلبها منذ هذا اليوم الذي اعتدى عليها بالضرب المبرح فيه لمجرد أنها ذكرته بوضعها كزوجة لها حقوق وطالبته بإحترام مشاعره ا، كان هذا الجرح الغائر كفيلا بأن تعتزم الانتقام ، يجب أن يدفع الظالمون الثمن وإن كانت تلك
هي الطريقة المتاحة فليكن ، لم يدر بخلدها الابتزاز المادي ، كانت مهتمة أكثر بفضحه أمام أبنائه فقط ، أن تسقيه المر والهوان الذي جرعها إياه ، ولهذا ما إن واتتها الفكرة حتى قامت من فورها واتصلت ب«نادية«.
– صباح الخير »نادية« ، عاملة إيه؟
– أنا زي الفل حبيبتي وانتي؟
– محتاجاكي النهاردة ضروري.
– خير ، تحت أمرك.
– البيه طالع إسكندرية والفرصة هتبقى مهيأة للي انتي فاهماه.
– متأكدة من المعلومة دي؟
– لسة سامعاها حالا.
– خلاص تمام، أنا جاهزة، هأشــوف »ريم« ولا »أسماء« مين فيهم فاضية تيجي معايا، انتي أكيد وشــك معروف في المنطقة ومش أمان ليكي.
– أكيد طبعا، ممكن أجي معاكي وأستناكي في العربية بعيد.
– لا أنا محتاجة حد يساعدني جوة.
– »ريــم« النهاردة مش هتقدر ، قالت لي امبارح عندها عيد ميلاد في النادي وجوزها هيبقي معاها.
– هأكلم »أسماء« وأتفق معاها، ما تقلقيش.
– تعاليلي على الساعة عشرة بالليل ، وننزل مع بعض ، هأستناكم في العربية.
– تمام..اتفقنا.
في الساعة الثانية عشرة مســاء الخميس كانت »أسماء« و«نادية« قد انتهيتا من وضع الكاميرات في مكتب »ســلامة« وعادتا إلى »نورا« المنتظرة بالســيارة لمراقبة الوضع وتأمينهمــا ، وهكذا أصبح الحاج »ســلامة« هو الآخر تحت المراقبة مثله مثــل »خالد« و«طارق«، ثلاثة رجال على شفا حفرة من النار وفضيحة مدوية تهز عروشهم وتريهم الوجه الآخر للحياة ، الوجه الذي لم يختبروه من قبل ، ولم يتصوروا أنهم سيرونه يومًا .
( كلاكيت تاني مرة )
الجمعة الســاعة الحادية عشرة صباحا ، منزل »مايســة« ، تناول
»خالد« طعام الإفطار على عجالة ، لفت انتباهه مظهر »مايسة« المرزي ، لم يكن لديها أى رغبــة في تناول الطعام كما كان يظهر عليها مظاهر الإعياء الشديد فبادرها »خالد« بالحديث :
– مالك فيكى ايه شكلك عامل كده ليه ؟
– مفيش يا »خالد« حاسة إنى مرهقة شوية.
– امم انتى بتاخدى الدوا؟
– أيوه باخد الدوا أنا كويسة متقلقش .
– طيب ماشى أناهأقوم ألبس بأة عشان ألحق ، انتى عارفة طالع البلد النهارده، وعايز أصلي الجمعة هناك ، وهأعدي أشــوف قرايبى واتغدى معاهم وأرجع بالليل ، انتي عارفة الشبكة هناك زفت علشان لو لقيتي التليفون غير متاح متستغربيش ، أنا هأكلمك وأنا راجع.
– آه طبعا عارفة مفيش شبكة هناك .
– طيب تمام ، لو كانت حالتك كويسة وكده كنت قولتلك تعالى معايا ، أهو تشــوفي الناس اللى فى البلد ، مع انك متعرفيش حد منهم أوي بس كنتي هتغيري جو.
– معلش مش هينفــع ، أكيد مش هاروح أغير جو في القرافة وكده وأنا فعلا تعبانة وعايزة أرتاح في سريري
– معلش لما نبقى نحجز بــأة في الغردقة ولا الجونة تبقى تروحى تغيري جو .
– ليه هما اللي بيروحوا الغردقة ولا الجونة أحسن منى في حاجة ؟
– أنا مقولتش كدة ، كام مرة أقولك تعالى نســافر ونحجز ليلتين تلاتة وانتى تقولي لاء.
– ما انت عايزني أدفع معاك وأنا مش معايا ، أعمل إيه؟
– أنا معرفش بتودي مرتبك فين ، يالا هنبقى نظبطها مرة.
هتفت »مايسة بغضب:
– وهو مينفعش انت تســفرنا لوحدك يعنى لازم انت تخلينى أحط بصمتى معاك وأكون دافعة؟
– يا حبيبتى الحياة مشاركة مينفعش واحد بس اللي يشيل الليلة.
– اه طبعا مشاركة ، عموما روح انت شوف اللي وراك أنا مش عايزة أسافر ولا أروح ولا آجى .
– لا ما دام جرعة النكد ابتدت أنا كدة هأسافر وأنا مطمئن انك بخير ، هأروح أجهز نفسي عشان متأخرش.
– اه روح عشان تلحق الجمعة هناك .
– اه والله الطريق طويل ومرهق .
– الله يكون في العون .
دخل »خالد« إلى غرفة النوم ليستعد للخروج بينما ظلت »مايسة« في مكانها تأكلها الغيرة ، فكرت مرارا في ان تواجهه ، ان تصرخ في وجهه ، ان تخبره بما تعلمه ، لكن أخرســها الخوف من ردة فعله ، قد يضربها ويطردها من المنزل ، قد يلقي عليها بيمين الطلاق ، قد يلقيها بالخارج ويحرمهــا ابنتها ، بل ربما يأخذها لعشــيقته لتربيها بدلا منها ، كانت طيور الشر كلها تحوم حول رأســها ، مما عــزز رأيها أكثر في الانتقام بطريقة »ريم« ، في هذه اللحظــة كان ابتزازهم وسرقة أموالهم أرحم وسائل الانتقام التي قد تقدم عليها وأكثرها إيلامًا لزوجها وصديقته ،
شــعرت لحظتها بعبقرية »ريم« حينما اهتــدت إلى هذه الفكرة ، كان شيطان الانتقام يجلس فوق صدرها ويضغط بقوة على ضلوعها حتى كادت تشعر أن قلبها على وشك الانفجار كلغم في صحراء مهجورة.
ارتدى »خالد« ملابسه وبدا في أناقة لا تتناسب مع زيارة محافظة ريفية وقبور موتى ، كان يبدو وسيما مهندما كعريس في ليلة زفافه.
وبينما هو يهم بفتح باب الخروج حدثها قائلا :
– انتى لسه قاعدة في مكانك ده أنا بقالي نص ساعة جوة ؟!
– هأقوم دلوقت أشيل الأطباق وأخش أريح شوية.
– أحسن برضه ريحى شكلك تعبان ، انتى هتروحي في حتة النهارده ؟
– لا معتقدش ، هأروح فين وأنا شكلي عامل كدة.
– اه مانا كنت عايز اقولك متروحيش في حتة شــكلك داخل عليكى دور برد ولا إيه مش عارف ، شــكلك غريب فأحســن اقعدى في البيت وريحى .
– هارتاح فعلا ، مش قادره أعمل أى مجهود تاني .
– طيب ماشي ، سلام.
بمجرد خروج »خالد« من المنزل ذهبت »مايسة« إلى النافذة وألقت نظرة عليه أثناء سيره إلى السيارة ، كانت تدعو ربها أن يستفيق ضميره ويراجع ذاته ويعود إليها نادمًــا ، لكن مضيه بهدوء الواثق من خطاه إلى حيث نوى بـلا أي تردد يؤكد أنه لن يعود ولن يندم ، وبحسرة قلب مكســور انتظرت حتى اختفى عن أنظارها ، وأسرعت إلى الهاتف وطلبت »ريم« :
– انتوا فين ؟
– طب قولي صباح الخير ! احنا خلاص وصلنا عند »نورا« .
– طب تمام هو كمان نزل دلوقتى وأنا ربع ساعة أكون عندكم .
– طب سمعتى حاجة في العربية؟
– لا مسمعتش قولت أكلمكم انتوا الأول أعرف انتوا فين.
– طب أقفلي يا ذكية وروحي اسمعي لأحسن يحصل أى تغيير في أى حاجة ، تلاقيه بيكلمها دلوقتي ، يلا باى .
أسرعت »مايســة« للاستماع إلى ما يقال داخل سيارة »خالد« ، كان ذلك الأمر قد بات مرهقًا ومدمرًا لنفسيتها ولكن ما باليد حيلة ، وبالفعل كما توقعت »ريم« اتصل »خالد« بصديقته بمجرد أن ركب السيارة :
– أعدى عليكى تحت البيت ولا أقابلك في حتة ؟
– اللي انت عايزه .
– بصي أنا مش عايز بصراحة نبقى بعربية واحدة ، فالأحســن انك تمشى ورايا بعربيتــك واقولك تركنى فين وأنا ادخل وافتح البيت الأول و اقولك تدخلى ورايا على طول.
– ليه؟ هو في قلق في الموضوع ؟
– يا ســتى افهمى ده مهما كان بيت أبويــا ، مش عايز حد يكون باصــص من هنا والا من هنا ، اه صحيــح البيت ليه مدخل على جنب ومتداري والشارع هادى بس الاحتياط واجب .
– خلاص ماشى انت عايز تعدى تحت البيت يعنى ولا نتقابل في حتة ونمشي ورا بعض ؟
– أنا قدامى خمس دقائق وأبقى عند بيتك ، انتى جاهزه صح ؟
– أنا جاهزة مستنياك .
– خالص انزلي واركبى عربيتك وهأســتناكي على ناصية الشارع
ونمشي ورا بعض.
– طيب تمام دقيقة وأنزل .
– مستنيكى يا قمر .
تضحك »نهــى« ضحكة تمتلئ بالأنوثة والدلال والكثير من الوعود قبل أن تغلق الهاتف.
وصل »خالد« إلى منزل عشــيقته وانتظرها في سيارته إلى أن مرت بجواره ثم ســمعته »مايسة« يعاود الاتصال بها ، كانت تحترق وتبكي وتصرخ في صمت ولكن ما باليد حيلة لابد لها ان تســتمع إلى ما يحدث حتى النهاية.
– امشي ورايا بقا ومتبعديش عشان منتوهش من بعض.
– ماشي خلاص فهمت.
– طب جبتى قميص النوم الأسود اللي قلت لك عليه ؟
نهى ضاحكة في دلال :
– و دي حاجه تتنسي.
– أموت أنا وأعيد السنة .
– بطل شقاوة .
– وأنا لو مش هأتشاقى على القمر ده اتشاقى على مين ؟
– بس متحرجنيش بأة .
– لا وش كسوف يختى .
– وبعدين بأة بطل ، بص في الطريق قدامك بدل ما نلبس في حادثه وبدل بيت أبوك نطلع عالقسم .
– ههههههه اه والله عندك حق ، بصي االشارة اللي جاية دي هناخدها شمال في أول يمين ، وتركني في أي حتة وأنا هأركن قدام شوية .
– والله أنا مش عارفة ايه ترتيبــات روميل اللي انت قاعد بتعملها دي لو كانت الحرب العالمية التالتة كنا خططنالها أســهل من كده، كنا روحنا أجرنا شاليه في حتة .
– معلش ، أناعايزك تيجي هنا قاصد ، لما نتجوز ممكن نقعد هنا مع بعض لو عجبك البيت.
– مش عارفة، ساعتها نفكر ، المهم جبت الخاتم؟
– أيوة طبعا يا حياتى أهو عندى فى تابلوه العربية.
– برافو عليك، جبته امتى ؟
– جبته امبارح بالليل بس مرضتش أقولك ، بحبك أوي.
بملامح باهتة ووجه ممتقع كجثة هامدة استمعت »مايسة« إلى هذا الحــوار حتى النهاية ، قامت بعدها إلى غرفتهــا لتضع عليها اية ثياب بدون تمييز أو اختيار ، اخذت ابنتها إلى جارتها وتركتها فور أن فتحت الجارة الباب بعد تبادل كلمات مقتضبة ثم أسرعت بالذهاب إلى منزل »نورا« .
في الطريق كانت لا ترى، لا تسمع ولا تشعر بأي شيء ، مغيبة تماما ، تقود سيارتها بسرعة جنونية ، تشعر بأن عمرها كله قد توقف هنا ، وأن هذا الألم المبرح قد يتســبب في نهاية حياتها، لا تعرف كيف وصلت إلى منزل »نورا« ، ما هي الطرق التي ســلكتها ، أو الإشارات المرورية التي استوقفتها ، كل تلك الأمور لم ينتبه لها عقلها تماما ، ثقب أسود مرت به في المسافة بين منزلها ومنزل »نورا« ، وبمجرد أن خطت بقدمها داخل
المنزل ألقت إليهن بهاتف المراقبة ، ثم ارتمت على الأريكة بدون أن تنبس بحرف ، كانت شــاحبة اللون خالية من الروح كإنسان آلي ، تحت تأثير صدمة تزداد وطأتها لحظة بعد لحظة ، نظرن إليها في شــفقة مشوبة بالتعاطف بينما أسرعت »أسماء« اليها بكوب من الماء وأسندت رأسها برفق على كتفها ، انهارت »مايسة« ودخلت في نوبة بكاء يعتصر القلوب ، كان أنينها وضعفها يمزق مشاعرهن ويمألهن بالكراهية تجاه »خالد«
و«نهى« ، وساد الوجوم على وجوه الجميع وكان الحزن سيد الموقف .
قالت »نورا« في اهتمام بالغ :
– هتموتي نفســك ارحمي حالك ، محدش يستاهل تعملي في نفسك كدة.
انتابت »مايسة رعشة مفاجئة فقالت :
– أنا بردانة ، عايزة غطا ، بردانة أوي.
نورا: يا دي المصيبة ، انتى شكلك تعبان جدا ، أوديكي المستشفى ؟
– لا هابقي كويسة ، غطيني بس يا »نورا«.
صاحت »نورا« :
– »أسماء« هاتي لها غطا من أوضتي جوة الله يخليكي.
سألتها نادية : انتى كلتــى حاجة النهاردة؟ والله تلاقيكي ولا دقتي حاجة من ساعة ما عرفتي ، يا بنتى هتموتى ، شكلك صعب جدا .
» علقت ريم« : ما هو كده مش هاينفع احنا لــو فتحنا دلوقت ولقينا أي حاجة هيجرالك ايه ؟ خلاص بلاش ، انسي الموضوع ده خالص.
هتفت مايسة : لا مش هانسى الموضوع ، أنا معملتش كل ده علشان أنسى الموضوع .
نادية : بقولك إيه يا »ريم« أنا هاخد »مايسة« ونقعد جوة ، تهدا شوية.
»مايسة« : لااا لااا أنا مش هادخل في حتة ، أنا قاعدة.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)
تسلم ايديكى ياأستاذة .. بجد قصة روعة ومشوقة .. ربنا يوفقك ودائماً من نجاح لنجاح وتفوق دايم