روايات

رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء أحمد

رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء أحمد

رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الجزء الثاني والثلاثون

رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) البارت الثاني والثلاثون

رواية وليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2) الحلقة الثانية والثلاثون

و عَذَلْتُ أهْلَ العَشْقِ حتى ذُقْتُهُ،
فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَ عَذَرتهُمْ و عَرَفْتُ ذَنْبيِ أننيّ عَيّرْتُهم فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا..
بعد يومان بعد عودتهم الي الاسكندريه
دخل صالح شقته بعد يوم طويل من العمل يشعر بالاجهاد و التعب خاصة انه يبحث خلف “رشاد” و عن عمليات التزوير الذي يقوم بها من قبل حتى أن يتزوج من صوفيا عندم كان يعمل بمكتب المحاماه فوجد اكثر من عملية تزوير قام بها لبعض الأشخاص و وجد بعض الادله تدينه
ولا يزال يبحث خلفه حتي يتخلص منهاة نهائياً فهو لا يرغب بشئ اكثر من ذلك..
اغلق الباب خلفه بهدوء لترتسم فوق وجهه ابتسامه واسعه عندما وقعت عينيه علي تلك الجالسه فوق الفراش تعقد شعرها بكعكه مبعثره فوق رأسها بينما ترتدي بيجامة قطنيه
تظهر استدارة بطنها التي بدأت بالبروز فقد كانت في بداية شهرها الرابع من الحمل لا يعلم كيف مر عليه المدة الماضيه بعد خروجها من المشفى ،
فقد كان يشعر بالرعب و الخوف عليها بسبب توعكها المستمر فقد كانت لا تفارق الفراش الا قليلاً تتقيأ كل ما تتناوله شاعره بالغثيان و الدوران،
لكن تلك الاعراض اختفت اخيراً منذ ما يزيد من اسبوعين لكن خوفه هو لم يختفي لا يعلم كيف سيستطيع ان يتحمل تلك الشهور الباقيه…

 

 

تقدم لداخل الغرفه لكنه تنهد بحنق عندما لاحظ كم الحلويات المتناثره فوق الفراش
حيث كان هناك العديد والعديد منها بالاضافه الي انواع مختلفه من المقرمشات الغير صحيه بالمره…التي اصبحت لا تكف عن تناولها منذ ان انتهي موجات غثيانها تلك…
اقترب منها ببطئ مستغلاً انشغالها بالتلفاز الذي تشاهده بحماس و تتابع الكرتون كعادتها ، قام بنزع من يدها سريعاً لوح الشيكولاته
الذي كان بيدها الاخري تتناول منه مما جعلها تشهق بقوه فازعه لكن فور رؤيتها له هدئ فزعها هذا لكنها ادركت من التعبير المرتسم فوق وجهه بانه سيعنفها بسبب تناولها للشيكولاته والمقرمشات فقد اصبحت تأكلها يومياً بشكل غير طبيعي و كان هو يمنعها عنها لكنها فور مغادرته للعمل تجلب ما تريده قائله بان هذا وحم و يجب عليها ارضاءه
حتي لا يتأذى طفلها و قد اكدت علي ذلك وكانت «حياء» تساعدها في كثير بتهريب القليل منهم الي غرفتها دون علمه..
رسمت ابتسامه جعلتها بريئه قدر الامكان فوق وجهها بينما تمد يدها نحوه تنوي اخذ منه لوح الشيكولاته لكنه زمجر بحده بينما يبعد يده عنها
=لا….
تغضن وجهها بينما تهتف بغضب
=علشان خاطري يا صالح..طيب هاكل حته صغيره بس
اقترب منها مما جعلها تبتسم ظناً منها بانه سوف يعطيه لها لكنه فاجأها عندما اتجه نحو الفراش وقام بجمع كل تلك الحلويات المتناثره فوق قائلاً بحزم وغضب
=برضو لأ….و اخر مره يا زينب اشوفك بتاكلي القرف ده..
تراجعت فوق الفراش محاوله منعه من اخذ اخر قطعه شيكولاته غفل عنها لكنه انتبه اليها و اسرع ملتقطاً اياها مما جعلها تهتف بغضب

 

 

=علي فكره ده اسمه وحم…يعني مش بمزاجي
هز كتفيه قائلاً ببرود
=انتي بقالك اسبوع بتاكلي في شيكولاته و شيبسي و كل الحاجات دي مش صحية
القي ما بيده فوق احدي المقاعد قبل ان يتجه نحوها مره اخري و يجلس بجانبها لكن عند رؤيته للحزن الذي ارتسم فوق وجهها
احاط وجهها بحنان بيديه رافعاً رأسها اليه
=يا حبيبتي انا خايف عليكي، كل المواد الحافظة دي غلط عليكي…
ده غير انها بتسد نفسك عن الاكل…و المفروض تهتمي باكلك علشان صحتك..و انا مبقاش فيا اعصاب انك تتعبي تاني
اومأت «زينب» برأسها بصمت ولا يزال ذات التعبير الحزين مرتسم فوق وجهها مما جعله يزفر باستسلام قبل ان ينهض ويتجه نحو المقعد يلتقط احدي الاكياس من ثم عاد اليها واضعاً اياه بين يدها قائلاً
=خلاص..كلي…بس اعملي حسابك مفيش غيره ده هتاكليه
هزت رأسها رافضه اخذه بصمت و قد ترقرقت الدموع بعينيها ، غمغم بصبر و هدوء فقد كان يعلم بانها منذ حملها و ابسط الاشياء تبكيها..
=لا ليه يا زينب؟! مش انتي بتحبيها…
همست بصوت مرتجف ضعيف
=خالص ماليش نفس، متزعلش مني انا عارفه اني بضغط عليك كتير…..
رد بهدوء قائلا:
=انتي مش بتضغطي عليا و لا حاجه..و عمري ما ازعل منك، انا عارف و مقدر التعب اللي انتي فيه…
حركت راسها موافقة لتجده يتحدث بهدوء:
“طب مدام كدا بقى قومي ياله غيري وتعالي ننزل نتمشى شوية”
اعتدلت في جلستها بحماس قائلة:
“بجد بس الوقت اتأخر و الساعة دلوقتي اتنين”
مال عليها قائلا بخبث:
“طب و النبي ايه لازمته الجواز لو مش هنخرج في وقت متاخر ياله قومي الجو دلوقتي هادي جدا”
ردت عليه بنبرة هادئه:
” هو انا اصلا مش فاهمه حاجه بس ماشي هدخل اغير”
اومأ لها مواقفها متابعها انسحابها سريعا
استقامت بسرعة وهي تتوجه نحو الخزانه لتأخذ تثيابها تبدلها، حيث ارتدت هودي ابيض و جيب سوداء وضعت حجاب رمادي فوق شعرها
بعد مدة
كانا يسيران معا في الطرقات استنشقت الهواء باريحيه فكم كانت تحتاج له في ذلك الوقت
في صباح اليوم في منزله
كانت نائمة بارتياح فين حين كان يعمل على حاسوبه باحترافية يضغط على الازرار بحرفيه و مهاراة عاليه، ابتسم بعبث وهو يضغط على اخر زر بحماس، تزامنا مع رنين جرس الباب، وضع الحاسوب على الطاوله أمامه بينما اتجه ليفتح الباب ليجد «عفت» تقف أمامه قائله بهدوء و نبرة انكسار زائفة:
“أستاذ صالح، حياء هانم قالتلي اطلع اشوفكم لو محتاجين حاجه”
رد «صالح» بجديه قائلا:
” اه يا عفت تعالي جهزي الفطار”
اومأت له وهي تدلف للشقة بينما أغلق الباب و جلس مرة أخرى يعمل على حاسوبه
بعد مرور لحظات آتاه اتصال ليجيب قائلا:
“ايوه يا علي، المزاد دا لازم يبقى من نصيبنا انت عارف مهم ازاي بالنسبه ليا و مراهن على كل فلوسي قصاده لازم اخده و الا هيبقى في خساير كتير اوي و ساعتها هيبقى تعويض الخساير دي صعبه اوي، انت عارف الوكاله بتخسر ازاي في الأيام اللي فاتت لازم نعوض الخساير دي، تمام المهم انك سجلت اسمي فيه و دفعت الفلوس، تمام نتقابل في الشادر و نتكلم في التفاصيل”

 

 

أغلق الهاتف واضعا اياه جانبا ليعود الي عمله مره اخرى
بعد نصف ساعة
“هتفت «عفت» بجدية قائلة:
“الفطار جاهز يا بشمهندس تؤمرني بحاجه تانيه”
رد بينما لا يزال ينظر لحاسوبه:
“لا يا عفت انزلي انتي دلوقتي يمكن ماما تحتاجك”
ردت بجديه قائلة:
طب مش عايزني اصحى المدام ”
رفع بصره لها قائلا بحدة:
“قلتلك لا يا عفت و ياله انزلي و بطلي تحشري نفسك في اللي ميخصكيش”
حاولت التبرير لكنه قاطعها بنبره مقررة قائلا:
” مش عايز اسمع حاجه و ياله انزلي ورايا شغل مش فاضيلك”
اومأت له و هي تتجه نحو الباب مغادرة الشقة، بينما نظر لها صالح بحنق قائلا:
“اصبري عليا……. ”
_______________________
في المنصورة
استيقظت «بيلا» بكسل لتتجه نحو الحمام ببطي و نوم
خرجت بعد دقائق لتقف تصفف شعرها بالمجفف ارتدت ثيابها و غادرت الغرفه
نزلت الدرج برفق شاعرة بشي بمختلف منذ أن جاء الي المنصورة قبل يومان، فقد شعرت بأنه أعاد لحياتها رونقها رغم أنهما لا يتحدثا كثيرا و حديثهما يكون بحدود معينه لكن رغم ذلك، أعطاها مذاق مختلف
دلفت الى المطبخ، لتنصدم بوجوده يقف يقف أمام الموقد يقوم بصنع فنجان قهوة
يقف يبدو شارد الذهن يرتدي قميص ابيض يشمر كمه ، بنطال كحلي
تنحنحت بحرج قائلة:
“صباح الخير”
أبتسم بهدوء قائلا:
“صباح النور، اسف لو يقتحم البيت بس كنت محتاج فنجان قهوة”

 

 

ايماءة بسيطه قامت بها قائلة:
“البيت بيتك يا بشمهندس”
سكب القهوة بالفنجان و اخذ يرتشف منه وهو ينظر لها تقوم بسكب كأس من العصير ليسالها بهدوء:
“صحيح يا بيلا انتي اختفيت فين زمان؟ قلتي انك هتتجوزي، اتجوزتي ؟ و لا سافرتي فرنسا ”
وضعت الكوب جانبا وهي تبتسم بمرارة قائلة بكذب:
“سافرت، العريس اللي اتقدملي مكنش مناسب ليا و حسيت اني عايزه اسافر و اخد وقت مع نفسي اسافر و اغير جو”
رفع حاجبه باستنكار قائلا بحدة:
” و ياترى غيرتي جو؟ ”
في تلك اللحظه تذكرت ادواية الاكتئاب و جلسات الكهربا التي تعرضت لها في المصحه لتجيب بهدوء و لمعة دموع:
” طبعا يا عمر غيرت جو و انبسطت جدا رميت كل حاجه وراء ضهري ”
تمنى لو يمسكها بعنف يهزها بغضب متذكر كيف تحول بعد افتراقهما و ما عناه، و كيف تحولت حياته من بعدها ليجيب ببرود:
“يا بختك يا بيلا، يا بختك بس ليه مقولتش لحد انك في فرنسا على الاقل صفا”
حدثته بجدية قائلة:
” عمر انت عايز ايه؟ أجوبة الاسئلة دي هتفرق معاك… اظن ان الموضوع انتهى بعد اذنك”
غادرت المطبخ لتصعد لغرفتها مرة أخرى في نفس الوقت نزلت صفا و قد تحسنت حالتها لتجده يقف كما تركته
عمر بجدية:
” بقيتي احسن دلوقتي؟ ”
ابتسمت أخته قائلة:
“اه الحمد لله بقيت احسن اومال فين بيلا؟ ”
زفر هو بحنق قائلا؛
” طلعت اوضتها، هنرجع القاهرة النهاردة ياريت تجهزي”
صفا بحنان:
“عمر… خلينا شوية بيلا لوحدها بقالها كتير و محدش بيجي يزورها”
سالها «عمر» بجديه قائلا:
” لسه و مريم و محمود فين؟”
أبتسمت بسخرية قائلة:
” مريم و محمود!! انا هطلع اغير و اسلم على بيلا علشان نمشي ”
لم يهتم كثير او مثل ذلك بمهاراة و هو يرتشف من فنجانه قائلا:
” ياريت متتاخريش علشان نلحق نرجع عندي شغل مهم في المجموعه”
زفرت بحنق وهي تصعد الدرج لتقوم بتبديل ثيابها و توديع بيلا للمغادرة
بعد نصف ساعة من مغادرتهم

 

 

في سيارة عمر…
سالها مجددا بهدوء و لهفه قائلا:
“برضو مقولتليش ليه مريم و محمود مش بيجيوا يزوروها”
ردت «صفا» بحزن قائلة:
” كل واحد مشغول في حياته و محدش منهم بيسأل فيها الا كل فين و فين البنت اللي اسمها زينب دي هي اللي كانت معها الأسبوعين اللي فاتوا…”
همس «عمر» قائلا:
“زينب”
لتمتزج نبرته بالوحدة و الغضب قائلا:
” على العموم مش لازم يقلقوا على الهانم هي برضو ميتخافش عليها بتسافر و بتعيش حياتها ”
ضيقت صفا المسافه بين حاجبيها قائلة:
” مين دي اللي بتسافر؟! بيلا!! ”
” هو في غيرها؟ ”
ردت صفا بغضب و ضيق لتبرأ صديقتها قائلة بغضب :
“عمر لو سمحت مسمحلكش تتكلم عنها كدا، و بعيد عن أي حاجه كانت بينكم بيلا صحبتي و مش هسملك تقلل منها يا اخي حرام عليك كفايه اللي هي مرت بيه”

 

 

رد بغضب قائلا:
“مرت بيه؟ هو ايه دا ان شاء الله اللي مرت بيه؟ سافرت و بعدت و نسيت اي حاجه”
احمر وجهها قائلة:
“كدب و افتراء بلاش انت يا عمر بلاش انت كمان تيجي عليها، لو انت اتوجعت للحظه فهي عاشت في جحيم و بعدين مين اداك الحق تتكلم عنها كدا، دي واحدة خسرت كل حاجه، حياتها و شغلها و ابوها و جدتها و اخوتها و بنتها انت بجد بتفكر ازاي يا عمر”
سالها باهتمام و خوف قائلا:
” قصدك ايه يا صفا، اومال اختفت فين سبع سنين انا دورت عليها في كل حته في مصر و هي فص ملح ”
ردت ببساطه ساخرة:
” يمكن لان المكان اللي هي كانت فيه حضرتك مدورتش فيه، دورت في المصحات النفسيه، دورت في المستشفيات وقت ما كانت بتموت”
تجمعت الدموع في عينيه قائلا:
“بتموت؟! ”
ردت صفا بجدية و حزن قائله:
” هي كانت واخده مني وعد اني مقولش لحد بس خالص انا تعبت و انت لازم تعرف علشان متظلمهاش انت كمان يا عمر،
في حد وصل قسيمة الجواز لسالم باشا وكمان كان في صور لبيلا و هي حامل طبعا هو كان عارف انها مع جدتها في اسكندريه لكن انصدم من موضوع جوازكم و طبعا سافر اسكندريه فورا، و راح المستشفى اللي هي ولدت فيها و رجعها معه المنصورة،
في نفس الوقت اللي انت كنت جايب البنت و جاي المنصورة علشان تحاول ترضيه باي تمن و طبعا عملت الحادثه
لما ابوها جابها اسكندريه مكنش مصدق انها عملت كدا من وراه ضر”بها و قال كلام وحش اوي في حقها
رغم ان محمود كان شاهد على جوازكم لكن مقدرش يلحقها من ايديه و لا قدر يتكلم و يقول ان هو و جدتها نبيلة كانوا شاهدين على الجواز عند الماذون
فقدت الوعي و خصوصا انها كانت لسه خارجه من عملية الولاده و اخذوها على المستشفى و بعد حوالي تلات ايام فاقت
كانت دايما بتكرر ان انت هتيجي و هتقول لابوها انك اتجوزها علشان بتحبها فعلا،
مش علشان الخو زعبلات اللي في دماغه اللي تخص الشغل اللي بينكم و جو الانتقام و الكلام دا، فضلت مستنياك و بتقول عمر هيرجع لكن اللي حصل انك كنت عملت الحادثه و دخلت في غيبوبه و البنت لقوها ميته، مريم حاولت تبلغها الخبر لكن متقبلتوش و فضلت تقول انك هترجع و انها عايز تشوف بنتها لكن للأسف انت فضلت ست شهور في الغيبوبة
جدتها نبيلة طبعا مسكتتش لابوها على عمله فيها و ضر”به ليها و قالتله انه السبب في كل حاجه لانه رفض موضوع جوازكم بالشكل اللي حصل في حفلة الخطوبه و رفضه لموضوعكم
و انها هي اللي جابتك اسكندريه و اقنعت بيلا انكم تتجوزوا بالطريقة دي و ان اخوها و اختها كانوا عارفين
لكن نبيلة هانم الله يرحمها كانت متأكدة انه لا يمكن يوافق عليك علشان كدا اقنعت بيلا انكم تتجوزوا من وراه هو
سالم وقتها نشف دماغه و مكنش متقبل انه يسمع من اي حد
بعد شهرين من الحادثه نبيلة تعبت و للأسف ماتت… بيلا حست انه خسرت كل حاجه و بدأت تدخل في حالة اكتئاب و كانت هتموت و تخرج من القصر علشان تطمن عليك لكن ابوها كان منعها من الخروج
و للأسف وقتها كانت بتاخد أدوية اكتئاب و ادوايه مهدائه

 

 

بعد اربع شهور حالتها زادت سوء وخصوصا انها كانت دايما لوحدها و محبوسه في اوضتها.. مريم و محمود حاولوا يخرجوها من حالتها دي لكن كانت بتكرر سؤال واحد
“هو انا وحشه للدرجه دي علشان ربنا يحرمني من بنتي و مشوفهاش الا مرة واحدة”
و ساعات كانت بتصحي تصرخ و تعيط بهسترية لدرجه ان الجيران بقوا يستغربوا لان بيلا طول عمرها بنت رقيقة و هاديه مكنش حد بيسمع صوتها الا في الهزار و الضحك
انت وقتها فوقت من الغيبوبة و عرفت اللي حصل
و مريم بلغت بيلا انك فوقت كانت عايزه تخرج بأي شكل و تشوفك لكن مقدرتش
سالم وقتها كان معه الموبيل بتاعها و كان بيشوف اتصالاتك المتكررة
و لما انت روحت قصر الدمنهوري علشان تشوفها كنت لسه انت كمان في حالة الصدمة و مرضك مكنتش اتعافيت منه
وقتها صمتت انك تشوفها و لما سالم رفض بلغت البوليس و قلت انه بيمنعك من رؤيه مراتك بس وقتها دورت على القسيمة و للأسف مكنتش معاك لان زي ما قلتلك في حد وصلها لسالم
و البوليس مفدكش بحاجه و سالم انكر انكم اتجوزتوا اصلا علشان الفضايح
لكن وافق بعد اسبوعين انك تشوفها»
صمتت للحظات ليتابع عمر بدموع قائلا:
“وقتها قابلتني وقالت إنها بتكرهي و اني قت”لت بنتنا علشان اقطع اي علاقة بينا و اني كنت بعمل كل دا علشان اكسر عيلتها و لما حاولت افهمها صرخت و بقيت تقول كلام غريب و انها عايزه تطلق و انها بتكرهني
وقالت إنها هتسافر و تسيب مصر و هتتجوز تاني و تخلف و هتنساني”
بكت صفا بقهر قائلة:
“في اليوم دا سالم هو اللي قالها تعمل كدا و قالت في حقك كلام تاني كتير بشع علشان تخليك تطلقها و انت فعلا طلقتها و سافر لندن سنه و نص ”
سالها عمر برعب و دموع قائلا:
” وهي كانت فين؟ و ايه اللي حصل”
” في مصحة “….” بعد ما انت طلقتها تعبت اكتر و بقيت لوحدها و دايما بتقول كلام مش منطقي و مبقتش تقدر تجمع الكلام ودايما تصرخ و تعيط

 

 

سالم سافر القاهرة و اخدها معه وقتها الدكتور قاله ان للأسف حالتها اتاخرت اوي و وصلت لمرحلة انها كانت بتتعالج بجلسات كهربا و ادوايه كتير جدا و دايما تكرر نفس السؤال عن بنتها و انها نفسها تشوفها، و تحضنها ولو لمرة واحدة بس و بعدها مش عايزه حاجه تانيه
في مرة سرقت شريط كامل من ادويه الاكتئاب من الممرض و بعد ما خرجوا اخدتها كلها لكن لحقوا على اخر لحظه و اخوها المستشفى و بعدها لما رجعت المصحه تاني فضلت ساكته و من بعدها مبقتش تتكلم خالص
لدرجة ان سالم نفسه تعب وهو شايف أجمل واحده في اولاده و انقهم بتتعرض لكل دا
وقتها حس انه السبب لما بعدكم اول مره يوم الخطوبة و تاني مرة لما اجبرها تطلب الطلاق منك
مات و وصي أخواتها عليها
عرفت من مريم ان قبل ما يموت بكم يوم راحلها المستشفى وفضل يتكلم معها و هي ساكته و بتعيط لحد ما حضنها
وقتها بقيت منهارة وهي بتحضنه بقوة و بتكرر جمله واحدة
“انا تعبت يا بابا خليك حضني والنبي…”
مريم قالتلي انهم في اليوم دا معرفش يبعد عنها لحد ما نامت فضل بايت معها في المستشفى
و بعدها بكم يوم توفي
بعد سبع سنين في المصحه خرجت من المستشفى بعد ما بانت انها كويسه كان عندها تلاتين سنه.. انا كنت بدور عليها و محدش راضي يقول اي معلومه عن اختفائها الا لما خرجت….
وقتها مريم كلمتني وقالتلي بيلا رجعت و محتاجه تتكلم معاكي طبعا سبت كل حاجه و مهتمش اقولك الا لما اقابلها و اعقلها على اختفائها دا
لكن لما رحت القصر شفت بنت تانيه هاديه و مستسلمة اه بتبتسم و هادية جدا لكن مش بيلا اللي بتضحك دايما لدرجة ان كل اللي قالوها كانوا بيقعوا في عشق ضحكتها
قعدت معها و بدأت اتكلم معها و طلبت منها تحكيلي اللي حصل معها لكنها كانت بتعيط و يبان عليها التشنج
وقتها مريم اخدتني و حكيتلي كل اللي حصل بالتفصيل و ازاي اتحولت بالشكل دا
وبعد كم مقابلة بدأت تتكلم معايا و تقولي أن المكان وحشها و بدأت تتكلم بهدوء جدا
وقتها قولتلها انك متجوزتش و انك في القاهرة و نقلت كل حاجه تبع شغلك للقاهرة و من وقت اللي حصل مجتش المنصورة ولا مره قالتلي انها مبسوطه بيك و فرحانه لنجاحك وواضح انها كانت بتابع اخبارك من مريم و الجرايد
لكن طلبت مني اني مقولش اي حاجه عنها خالص و وعدتها اني مش هحكيلك
وفضلت اقابلها كل مده لكن هي للأسف مكنتش اتعافت ولا لحد دلوقتي اتعافت
نعمه الخدامة و فردوس الممرضه بيقولوا انها لسه بتصحي بكوابيس و فزع و خصوصا انها كانت عايشه لوحدها
لكن الكوابيس دي كانت بتقل لما بتقابل ناس زي زينب دي لما كانت بتبات معها كانت بتفضل نايمه وقت طويل براحة
مريم اتجوزت و محمود اتجوز و سافروا القاهرة بقى هو اللي يدير الشغل هو و جوز مريم

 

 

وانت سافرت و بدأت تشتغل و تجاهلت كل اللي حصل و قدرت تبني نفسك و تكبر المجموعه
و بيلا خسرت كل حاجه حتى حلمها انها تكون من مصممين اعمال الخزف خسرته كل دا بسبب الحب…..
تعرف بيلا كانت دايما تقول انها هتبقى افضل مصممة خزف في الشرق الأوسط و هيبقى عندها معارض كتير جدا و تعرض شغلها في كل مكان في العالم
وقتها لما قالت كدا كل الدفعه كانوا واثقين انها هتحقق حلمها لأنها كانت اشطر واحدة في الدفعه و حماسها كان غريب و مميز
لكن اي اللي حصل
خسرت كل حاجه….. وانت دلوقتي تقولي بتسافر و تغير جو، والله يبقى حرام عليك يا عمر ”
كان يستمع لها بقلب منفطر و عيون باكيه يحاول استيعاب كل هذا فكيف هي من تعرضت له
عمر بغضب :
” غبية غبيه ”
ترجل من السيارة و هو يصفق الباب خلفه بغضب
لتنزل صفا بسرعة قائلة:
” رايح فين يا عمر مش هنسافر”
هتف بحدة للسائق قائلا:
” توصلها للبيت ارجعي معه”
” وانت رايح فين؟”
نظر للطريق الطويل أمامه قائلا بدموع:
“هلحق اللي ضاع من عمرنا”
أوقف عربة نقل كبيرة كانت على الطريق ليصعد بها في طريقه لها و آه من لوعة العشق
_____________________
كانت تجلس في جنينه القصر بعدما اجرت اتصال بزينب لتطمئن عليها كعادته منذ أن غادرت
اغمضت عينيها وهي تبتسم بمرارة و تتذكر أجمل لحظه بعمرها
****************عوده لإحدى ذكريات للماضي
خرجت بيلا من القصر بعد حفلة الخطبه المشئومة تلك مع جدتها و هي تنوي ترك المنصورة و السفر للاسكندريه
ابتسمت نبيلة قائلة:
“ممكن تفكي التكشيرة دي”
اومأت لها بابتسامه قائلة بطيبة:

 

 

“هدخل اسلم على بابا”
أبتسمت نبيلة قائلة:
طول عمرك قلبك ابيض يا بيلا ياله سلمي عليه ”
تركت جدتها لتتجه نحو مكتب والدها اطرقت على الباب بخفه ليسمح لها بالدخول
تنحنحت بهدوء قائلة:
” انا خالص هسافر مع تيته”
اومأ لها بجديه ولم ينظر لها حتى شاعر بالضيق من نفسه و من رفضه لعمر بتلك الطريقه المهينه و كسر فرحتها
ابتسمت وهي تقترب منه و تجلس أرضا قائلة بلهفه:
“بابا انا همشي خالص… معقول مش هتبصلي حتى”
نظر لها و لعيونها الحمراء أثر البكاء بالمدة السابقة و حزنها بعد ما حدث لكن رغم ذلك كانت تبتسم
احتضنها سالم قائلا:
“ما بلاش تسافري يا بيلا بلاش علشان خاطري”
انسابت دموعها لتقول :
“مش هقدر افضل هنا معليش يا بابا مش هقدر، هروح مع تيته نبيلة ”
اومأ لها بالموافقة لتغادر القصر بعدها تاركه المنصورة
بعد يومان في الاسكندريه
فغرت بيلا شفتيها بصدمة وهي تستمع لجدتها
بيلا :
انتي بتقولي ايه يا تيته؟ انا و عمر نتجوز ازاي يعني و بابا مش موافق وبعدين هو بعد اللي حصل دا عمر هيطيق يبص في وشي بابا اهانه اوي وسط الضيوف
ابتسمت نبيلة بحماس و حب قائلة:
“بس عمر فعلا بيحبك و بعد ما انتي كلمتيه وقولتيله انك هتسيبي المنصورة انا قابلته و فهمته انك مكنتش تعرفي حاجه عن اللي ابوكي عملها
و هو صدقني بسرعة لان انتي كنتي كلمتيه اصلا و هو تقريبا كدا فهم من نبرة صوتك
و دلوقتي هو فعلا عايز يتجوزك و مفيش غير الحل دا”
ارتفع حاجب بيلا بحنق و ضيق قائلة:
” انتي عايزانى اتجوزه عرفي يا تيته لا طبعا لا يمكن اعمل كدا”
ضربتها على كتفها بخفه:
” عرفي ايه يا هبلة دا جواز على سنة الله و رسوله و بعدين انا واخوي و اختك هنكون شاهدين عليه و فترة و نقول لابوكي هو طبعا هيتعصب و يرفض لكن هيبقى أدام امر واقع… فاهمه؟”
هزت بيلا راسها بالرفض قائله بتوتر:
” يا تيته بابا هي عل لو عرف، انا الصراحه خايفه”

 

 

أبتسمت نبيلة قائلة:
” احنا معاكي يا بيلا خايفه من اي يا حبيبتي، انتي بتحبيه صح”
أخفضت رأسها بخجل و ارتباك قائلة:
” اصل.. يعني.. هو انا ”
أبتسمت وهي تحتضنها قائلة:
” بلاش الخوف دا انا الصراحه واثقه في عمر وانه راجل بجد و هي حافظ عليك ”
أبتسمت بسعادة قائلة :
“ربنا يستر يا تيتة”
بعد مرور وقت
وضع عمر يديه بيدي محمود و بجوارها الماذون ليتم كتب الكتاب
كانت تجلس بجوار مريم بسعادة رغم أنها سعادة ناقصه بعدم وجود والدها
انهي الماذون كتب الكتاب لتطلق مريم زغاريد بسعادة
بينما ابتسم عمر وهو ينظر لها
احتضنها قائلا بهمس:
” بحبك اوي يا بيلا ربنا يقدرني و اسعدك”
____________عوده للوقت الحالي
افاقت من شرودها وهي تبتسم برقة لكن ما ان رأته يأتي من الخارج يدلف لداخل القصر
استقامت عاقده ما بين حاجبيها قائلة:
“بشمهندس عمر نسيت حا….”
قبل أن تكمل جملتها جذبها بالقوة لداخل احضانه قائلا بصوت متحشرج:
” غبية غبيه غبية يا بيلا وحشتني اوي ليه عملتي كدا ليه حرام عليك”
حاولت دفعه بارتباك و الإبتعاد عنه قائلة:
“عمر ابعد مينفعش كدا”
لكنه لم يبتعد انش واحد بل شدد على احتضانها قائلا:
“لو عشت عمري كله اعتذرلك على اللي حصل مش هيوفيك حقك، ياريتك كلمتيني ليه عملتي كدا ”
هدات بداخل احضانه قائلة بخوف:
” قصدك ايه يا عمر ”
ابتعد وهو يحاوط وجهها بيديه قائلا:
“اتعرضتي لكل دا لوحدك وانا السبب و طول السنين دي كنت فاكر انك بتكرهيني لكن حقيقي اثبتيلي اني اغبي مخلوق على وش الأرض…. بس خالص مش هسيبك تاني انتي فاهمه معدش ينفع تبعدي تاني عني يا بيلا”
ذرفت دموعها بتاثر قائلة:
” انت تقصد ايه؟ مش هتمشي صح مش هتسبني تاني يا عمر”

 

 

جذبها بقوة لداخل احضانه قائلا:
” كفايه بُعد و فراق يا بيلا كفاية مش هعرف ابعد تاني انا عشت عشرين سنه في دوامة حيرة وخوف كنت لوحدي… انا هكلم الماذون دلوقتي حالا مش هسيبك تاني خالص”
كاد ان يبتعد لكنها تمسكت به تبكي بهستريه و كم تفتقد الأمان، حاول تهدئتها لكنها كانت تبكي بعنف شهقات عاليه
” ياه يا بيلا ازاي سكتي و شتلي كل دا لوحدك ازاي قدرتي تتحملي ازاي يا بيلا ”
لم تستطيع التحدث ليربت على ظهرها بحمايه و حنان :
” عارفه هنعمل المرة دي هعملك فرح انتي كنتي نفسك في فرح و فستان ابيض هعملك كل اللي اتمنتيه يا بيلا حقك عليا، حقك عليا”
تزامنا مع دخول صفا بسعادة:
” ياااه اخيرا والله لو الواحد يعرف كان تعب لكم مخصوص ”
لم تبتعد عنه و مازالت تبكي لم تتوقع أن يحدث ذلك وتخش ان يكون أحد أحلامها و التي ستيسيقظ منه بعد قليلا لتجده يهمس قائلا:
” مش حلم يا بيلا صدقيني مش حلم ”
رفعت راسها تنظر له بينما تنساب دموعها تنهد بارتياح وهو يخرج هاتفه يجري اتصال بشخص ما ليجلب الماذون
_____________________
في القاهرة
هبت عصمت بصدمة و هي تبتلع ما بحلقها بصدمه قائلة:
“يعني ايه بيكتبوا الكتاب دلوقتي انت بتهزر”
اتاها الرد من شخص ما يراقب عمر ليقول:
“دا اللي حصل انا شايف الماذون خارج و لما سألته قال انه كتب كتاب عمر الرشيد و بيلا الدمنهوري”
و كان الصدمه لجمت لسانها حتى انها لم تستطيع التحدث
“عمر اكيد عرف الحقيقة لو عرف ان انا اللي سرقت قسيمة الجواز منه زمان و ان بابا هو اللي دبرله الحادثه و البنت اللي ماتت يلهوي دا ممكن يمحيني”
اتاها رد والدتها بحزم قائلة:
” البت بنته لازم تعرفي مكانها لو حصل اي حاجه هتكون هي الكارت اللي لازم نستخدمه”
ردت عصمت بخوف قائلة:
” ملك في واحد زمان هو اللي اخدها بعد ما رميتها جانب سلة الزبالة ياريتني كنت قتلتها لو كنت اعرف ان بابا مخطط انه يفك فرامل عربيته عمري ما كنت هبدل ملك و كنت هسيبها تموت معه ”
ردت تفيدة بشر قائلة:
” ابوكي زمان كان عايز يخلص من عمر ابن اخوه كان عايز ياخد كل حاجه و لما فشل انك تتجوزيه راح عمل اللي عمله ، بس دلوقتي نحمد ربنا ان البنت لسه عايشه لانها هتكون الكارت الوحيد اللي في ايدينا المهم لازم تعرفي كل المعلومات عنها فاهمه ”
اومات لها بالايجاب قبل أن تخرج من غرفتها
______________________

 

 

على متن الطائرة العائدة من روسيا لمطار القاهرة الدولي
كانت نور تجلس بجوار باسل وهي تتحدث عن حياتها باريحيه فقد أصبح الاثنان أصدقاء جدا في الفترة الأخيرة
ابتسم باسل وهو يستمع لها بشغف ليقول بجدية :
” بس كدا و بعدها بقى اتصاحبت انا وزينب و تقريبا مكنش عندي صحاب غيرها
لأنها طيبة اوي بس للاسف الناس مكنتش بترحمها بس دلوقتي اتجوزت و بتحب جوزها اوي و حامل في الشهر الرابع بس هي أجمل مني بكتير و هاديه إنما أنا بتاع مشاكل”
أبتسم ليقول بتسلية:
“من ناحية المشاكل فأنتي أستاذة مشاكل الصراحه ”
” يا واد يا برئ” هتفت بتلك الكلمة بمرح لتكمل” وانت ملاك مبتعملش مشاكل ”
همس برفق قائلا
” الطيور على أشكالها تقع ”
_______________________
ضلعي الثاني انت يا صديق عمري، لم تكن رفيق دربي فقط، لكنك كنت الأخ و السند، فسلام الي روحكَ الجميلة التي شاركتني ما مر بي في حياتي، و سلام على صداقتنا….
في وقت متأخر من الليل
في منزل آل «الشهاوي» صدح رنين الهاتف معلناً عن اتصال هام جدا، عدة مرأت لم يتوقف الهاتف و كأن المتصل لن يبارح مكانه حتى يُبلغ رسالته
استيقظت «حياء» بفزع لتنظر للجانب الاخر من الفراش لكن وجدته فارغ بينما باب الغرفة مفتوح، ينبعث اليها أضاة من الصالة، نهضت من فوق الفراش بكسل وهي تراه يقف في الصالة
نظرت له بينما يتحدث في الهاتف لتساله «حياء» بتوتر قائلة:
“في ايه يا جلال؟ مين بيتكلم في الوقت دا”
لم تتلقى منه إجابة في حين تصاعد الخوف لقلبها، و هي تنظر لعينيه المتلالاه بالدموع لتُعيد سؤالها عليه مرة أخرى بتوجس:
“في اي يا جلال؟”
حاول جاهداً التحدث قائلا بنبرة يتخللها بعض الثبات:
“جمال نقلوه المستشفى و بيقولوا حالته صعبه، انا لازم اروحله استر يارب”

 

 

تركها تقف مكانها دون أن ترمش و عينيها مثبته عليه، تدرك كم ان الامر صعب عليه “جمال” هو صديقة المخلص و هي الشاهدة على ذلك منذ زمان طويل،
منذ بضعة أشهر توفت “فاطمة” زوجة “جمال” لابد أن الأمر لم يكن هيناً عليه
خرج بعد دقائق و قد بدل ثيابه و علامات الخوف و الارتباك جاليه على وجهه
هتف بنبرة مهزوزة قائلا بتوتر:
“لو حصل اي حاجه ابقى كلميني،لا الاحسن تطلعي تباتي مع زينب لان انا هبات معه في المستشفى، متستنينش”
لم ترد عليه وهي تقترب منه تحتضنه وهي تربت على ظهره بخوف بنبرة باكية:
“هون عليك يا جلال، ان شاء الله مفيش حاجة بس ارجوك متعملش في نفسك كدا”
اغمض عينيه وهو يُلقي بمخاوفه خلفه اخذ نفس عميق ابتعد قائلا:
” متخافيش يا حياء ان شاء الله خير… ياله تعالي اطلعي لزينب، ياله الله يرضا عليك”
اومات له بجدية لتراه يخرج من الشقة بسرعة، جلست على الاريكة وهي تردد آيات من الذكر الحكيم.
__________________
وصل «جلال» بسيارته الي المشتشفي المتواجد بها صديقه، صف سيارته ثم ترجل منها بهدوء عكس ما بداخله.
وصل إلى الغرفة في حين وجد «غرام» و «عائشة» ابنتا «جمال» يقفن أمامها بينما تحتضن “غرام” «عائشه»، و هي تبكي بضعف
ما ان رأت «غرام» جلال يدلف للمشفى حتى ركضت نحوه بسرعة قائلة:
“بابا تعبان اوي يا عمي واحنا مش عارفين نعمل ايه”
ابتلع «جلال»الغصه التي تشكلت في حلقه وهو يربت على كتفها باهتمام قائلا:
“متخافيش يا غرام خدي اختك و اقعدوا بلاش تقفوا كدا ياله و انا هفضل موجود”
تراكمت الدموع بمقلتيها و هي تنظر له، في حين اوما له برأسه لتغادر
تركته أمسكت بيد اختها و تغادر ذلك المكان
في حين نظر هو باتجه الباب الذي يرقد صديقه خلفه، خرجت الطبيبه ليسالها بسرعه و لهفه:
” جمال حالته ايه يا دكتورة؟ ”
هزت الطبيبة راسها بانكسار و صعف:
” أستاذ جمال عايز يشوفك يا جلال بيه”
تلك النبرة المنكسرة لم تكن الا إنذار، دلف الي الغرفة بخطوات ثقال، وهو ينظر لجمال النائم على فراشه و موصل بجسده عدة أجهزه و جسده في حال من الضعف، و وجهه شاحب، بينما يفتح عينيه بضعف.
لم يستطيع «جلال» التحمل، في حين انسابت دموعه بقوة و ضعف
جلس بحواره على الكرسي الموضوع بجانب الفراش، ليهتف بضعف و بكاء:
“جمال في اي يا جدع، بقى شوية تعب يعملوا فيك كدا، قوم يا جمال الله يرضا عليك”
أبتسم الاخر بمرارة و هزلان قائلا:
“خالص يا جلال، جلال بناتي أمانة في رقبتك هما غلابة و مالهمش حد غيري انا وانت بعد ربنا……”
زادت ضربات قلبه بعنف، دموعه تنهمر وهو يهز راسه برفض قائلا:
” لا مش هيحصل، انت وعدتني هنفضل مع بعض ضهر في ضهر… مش هتخون وعدك ليا يا جمال”
حاول ابتلاع ما بعنقه قائلا باشتياق:
” امر… الله… يا جلال امر الله، انا مش عارف اعيش من غير فاطمه، هي اكيد مستنياني….وصيتي بناتي يا جلال بناتي أمانة في رقبتك”

 

 

أوما لها جلال بضعف ليضيف بتاكيد:
” بناتك في الحفظ و الصون، سلملنا على الحبايب قول لايوب و امي و ابويا ان هنتقابل عن قريب ان شاء الله ”
وضع يديه موضع قلبه وهو يبكي و كأنه طفل فقد أمه ليهتف بصوت اجش:
” سلام يا اخويا سلام، متغلش روحنا على اللي خلقنا ارتاح يا جمال ”
غادر الغرفة بقلب منفطر و عيون حمراء، و هو يحاول تجميع شتات نفسه لاجل الفتاتان
ما ان خرج حتى وجد «صالح» يقابله وهو يركض نحوه قائلا:
“في اي يا بابا؟ عمي جمال ماله”
ربت جلال على كتف ابنه قائلا:
” أمانة و بترجع لصاحبها…. ”
جلس على احد المقاعد وهو يشعر بأن قدمه لم تعد تسعفه على الوقوف اكثر من ذلك تنهار حصونه مع كل لحظه تمر…
بعد عدة ساعات
“البقاء لله استاذ جلال، الحج جمال تعيش انت”
تفوهت الممرضه بتلك الكلمات بانكسار و نبرة مهتزه وهي تنظر لابنتيه مما جعل «عائشه» تذرف دموعها عند صراخ «غرام» تقول بصوت عالِ:
“لا لا انتي كدابه، بابا مش هيسبني لا انت كدابه متصدقيهاش يا غرام و الله بتكدب بابا ب … ”
عند تلك الكلمات التي خرجت منها بصوت متهدج سقطت مغشيا عليها، و كأنها ترفض تصديق ذلك الواقع الأليم الذي صدمها بموت اعز الناس على قلوبهم،
أم «غرام» فبعد ما صرخت باسمها مراراً ببكاء حملتها على الاريكة بمساعدة الممرضه،
في حين جلس جلال يشعر و كأن شُل من الصدمة و الألم لتسقط دموعه بمرارة قاتلة
لكن دون جدوى لم ينتبه لايا مما يصير حوله حتى وجد عائلة جمال باجمعها مجتمعه حوله و صرخات النساء تعلو تزامنا مع بكائهم، فكان المشهد يتقطع له نياط القلوب
ويالها من لحظه تقشعر لها الأبدان
ركضت «غرام» الي غرفة حيث يوجد جثمان والدها تزيل الغطاء عن وجهه وهي تقول بصراخ و انهيار؛
“لا يا بابا بلاش تسيبنا و الله ما هعرف اعيش من غيرك، ما هو حرام انت و ماما تموتوا و تسبونا بجد حرام.. متمشيش و تسيبني.. والله مش هزعلك تاني والله… متسبنيش لوحدي… بلاش تكسرنا ببُعدك يا بابا..”
صرخت بجملتها الاخيره فوجدت جلال يحتضنها وهو يبكي أيضا، فوجدها تتشبث به بقوة و هي تقول ببكاء:
” سابنا يا عمي… سابونا بابا و ماما… طب كان يستنى معانا شويه لحد ما نفوق من وجعنا على ماما…. هو كان نفسه يشوف عائشة مهندسه و الله قربت يا عمي كان يستنى بس نقوله اننا بنحبه اوي.. يا بابا والنبي… تقوم ابوس ايدك ”
دلف الي الغرفة زوجها«نبيل» ليحملها برفق وهو يخرج من الغرفه بينما انهارت كل حصون «جلال» وهو يضع الغطا على وجه صديقه قائلا بابتسامة انكسار:
” مع السلامة يا اغلى الناس ”
«في الاستعلامات»
وقف «على» بجوار «صالح» يتحدثان مع احد المواظفين
صالح بجديه و لا تخلو نبرته من الحزن:
“لو سمحت عايزين نبدأ في الإجراءات و عايزين نطلع تصريح بالدفن”
رد الطبيب بجديه:
“تمام يا بشمهندس، البقاء لله”
تنهد صالح بارهاق قائلا بهدوء:
” و نعم بالله”
______________________

 

 

بعد مرور وقت
في منزل «جمال» كان الوضع صعب للغايه
النساء في العائله يقمن بتجهيز مراسم الدفن، و الرجال كلا منهم يحاولون ملاجقه الوقت حتى يتم تشييع جثمان الفقيد في الصباح الباكر،
ابنته «عائشه» فقدت الوعي في المستشفى فقامت اختها و زوجها بجلبها للمنزل و هي على نفس الحاله
الكل يبكي لم يكن مجرد صديق، و لا مجرد اب لابنتان، و لا مجرد رجل،
كان كل هذا.. اب و صديق و رجل
حقا يأتي الموت ويأخذ اعز الاشخاص على قلوبنا
اما «جلال» فكان مع الرجال يقوم بالترتيبات اللازمه
صعدت «حياء» الي النساء بعيون حمراء باكية فوجدتهن في حاله صعبة، حيث كانت اعينهن منتفخه أثر البكاء
وجدت غرام تخرج من غرفه ابيها و كانت تودعه للمرة الأخيرة، ارتمت بين ذراعي حياء قائلة بصوت متقطع مهزوز :
“ليه يارب ليه الاتنين يروحوا مننا”
بكت برهبه من الموقف حولها لتقول بعقلانية :
“استغفري يا غرام و ادعيله، الله يرحمك يا جمال كنت و نعم الأخ”
ترحل و تغادر المكان لكن يبقى الأثر
اما خير و سيرة طيبه تأتي عند ذكر اسمك او شر و نفور فلعلنا نزرع الخير الان ليكن لنا الشفيع في الاخره
بعد فترة
تجهزوا جميعا حتى يتم تشييع الجثمان،دلف جلال الي المنزل لياخذوه حتى يتم وضعه في الصندوق الخشبي الذي تنتهي به الحياه، لكن ما ان دخلوا للغرفة الموجود بها
حتى خرجت «عائشه» من غرفة بصراخ و فزع تمسكت بجلال قائله برعب:
“لا يا عمي و النبي بلاش تاخدوه، والله ما هعرف اعيش من غيره، طب غرام و عندها بيتها و ولادها هتلقي الونس، لكن هو كان ونسي… يا بابا ليه سبتني”
رد جلال بتعب و جدية قائلا:
“اهدي يا بنتي، خديها يا شهد خديها”
اومأت له وهي تحاول سحبها من الغرفه، فوجدها تصرخ به بهياج وهي تقول له:
” انا هروح معاكم، مش هسيبها، فاهم هاجي معاكم ”
تنهد بتعب قائلا:
” ماشي يا عائشه ياله يا جماعة”
بعد مدة خرجت من المنزل تلحق بالجميع بعدما خرجوا من الشقه
اما جلال فركب بسيارة” الجثمان” و أثر التعب جاليه على وجهه متوجهين الي المدافن حيث اخر مكان تسكن به الجثمان…..
بعد وقت طويل في منزل ” الشهاوي”
جلس «جلال» على كرسيه، وهو يغطي وجهه بيديه

 

 

جلست حياء أرضا لتمسك بيديه قائلة بحزن:
“هون عليك يا جلال، دا ارتاح والله العظيم، راح للحبايب انت عارف انه كان بيحب فاطمه اد ايه راحلها….”
رد بعد صمت طويل قائلا:
“سند العمر يا حياء كان اوفي من أيوب جدع و راجل بجد، ان لله وان اليه راجعون ….”
حياء بابتسامه حزينه:
“الموت لما بيختار بياخد أجمل الناس و اعزهم علينا و ربك اخد أمانته قوم ارتاح يا جلال لسه العزا بليل و صالح و على تحت بيوضبوا كل حاجه ياله”
ساعدته حتى ينهض لتجده يقول:
” عائشه نامت؟ ”
ردت« حياء» بهدوء ؛
” مع زينب فوق ربنا يكون في عونها كانت قريبه منه”
هز رأسه قائلا:
” هتفضل معانا البنت مش هتستحمل ترجع البيت دلوقتي ”
«حياء» بجدية:
” متقلقش انا اصلا مش هسيبها تمشي ياله ادخل ارتاح شوية انت من بليل و انت واقف ياله”
دلف الي الغرفة بهدوء متجها للحمام توضأ و خرج يصلي ركعتين لله و هنا كان الانهيار لكل الحصون فوالله كان اخاً و صديقا
و سلام على كل روح طيبه……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (روايةوليدة قلبي (اطفت شعلة تمردها 2)

‫8 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى