روايات

 رواية وهبني القدر بدراً الفصل الثامن 8 بقلم نسمة مالك

 رواية وهبني القدر بدراً الفصل الثامن 8 بقلم نسمة مالك

رواية وهبني القدر بدراً الجزء الثامن

رواية وهبني القدر بدراً البارت الثامن

رواية وهبني القدر بدراً الحلقة الثامنة

الفصل الثامن..
وهبني القدر بدرًا..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الزواج لابد أن يكون عن تراضٍ، معاملة حسنة، مشاركة طواعية، عذوبة بعد كبد النهار، وأمان على وسادة الثقة، وسلام بأطباق الرضا حتى نكون معًا بوجه الحياة ..
كان “بدر” جالسًا مع “أيوب” بغرفة الضيوف حين أستمع بقلبه قبل أذنه صوت بكاء زوجته، فنتفض من مقعده و هرول مسرعًا نحوها، بينما بقي “أيوب” بمكانه احتراماً لحرمة المنزل و اكتفي بطلب رقم زوجته التي مازالت مع شقيقتها بالداخل..
“في أيه يا هبة.. أيه اللي حصل يا حبيبة”..
قالها “بدر” و هو يقطع المسافة بينه و بين زوجته في خطوتين و جذبها بلهفة من حضن شقيقتها لداخل حضنه هو..
لم تنطق أي منهما على سؤاله، يبكيان بحرقة بكاء يقطع نياط القلوب، لتقع عينيه على الصندوق المفتوح المملوء بثياب و ألعاب أطفال ، هنا تأكد من شكوكه حول هذا الصندوق..
” دي هدوم سفيان.. ابني.. حبيبي اللي ملحقتش أشبع منه”..
همست بها “هبة” بصعوبة من بين شهقاتها الحادة، و هي تكافح بضراوة حتى تبتعد عن حضن زوجها، و بدأت تأخذ أغراض صغيرها و تستنشق رائحته فيهم، و تضمهم لصدرها بلهفة شديدة، و قد تبخرت كل قوتها الزائفة التي كانت تتحلى بها كل هذه السنوات..
كانت متماسكة فوق استطاعتها، لم تظهر حزنها لأحد، و ظلت تواسي والديها و شقيقتها على موت فلذة كبدها و هي في أشد الحاجة للمواساة، نجحت في الصمود كل تلك الفترة حتى جاء هذا الصندوق الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، جددت حزنها و حرقة قلبها على وحيدها فصرخت بانهيار مخيف مرددة..
“إبني مات يا حبيبة.. سفيان راح مني.. ااااه يا ابنى.. يا حرقة قلبي عليك يا ضنايا”..
حاول “بدر” السيطرة على حركاتها الهستيرية، ضم جسدها المتشنج بين ذراعيه ظهرها مقابل ظهره هامسًا بأذنها بنبرة متوسلة..
“هششش.. أهدي حبيبتي”..
كانت “هبة” في حالة هياج مرعب كمن فقدت عقلها حرفيًا مما دفع” حبيبة” بالركض لخارج الغرفة و هي تصرخ بأسم زوجها..” أيوب ألحق هبة.. ألحق أختي أبوس أيدك”..
“أية اللي حصلها يا حبيبة!!”.. غمغم بها “أيوب” الذي احتوي زوجته محاوطًا خصرها بذراعه، يربت بكف يده على ظهرها كمحاولة منه لتهدئها..
“سيف اللي ربنا ينتقم منه بعتلها هدوم و لعب ابنها و حتي صوره و صورها و هي حامل فيه”..
قالتها و هي تسحبه معاها تجاه غرفة شقيقتها، ليوقفها” أيوب” و يتحدث بتعقل قائلاً..
” مينفعش أدخل عندها من غير ما جوزها يإذن يا حبيبة”..
صرخت “حبيبة” بوجهه قائلة بغضب ..
“أنت مش سامع صريخها.. أدخل أكشف عليها.. أديها أي حاجة تهديها يا أيوب بالله عليك “..
قال “أيوب” بهدوء و هو يجذبها برفق و عاد بها لغرفة الضيوف مرة أخرى ..
“سبيها تصرخ و تطلع كل اللي في قلبها و جوزها معاها لو احتاج لحد فينا هينادي علينا”..
كانت “هبة” تجلس أرضًا تضم ثياب صغيرها و صورته و تردد بهذيان..
” سفياان.. يا قلب أمك واحشتني يا ابني”..
بينما “سيف” جالسًا خلفها يضمها بذراعيه و حتي قدميه فأصبحت داخل جسده كلها، يقبل كتفها مرات و مرات بلا توقف، و يمسد بكف يده على موضع قلبها بحنان بالغ،ارتمت بثقل جسدها على صدره، و مالت برأسها على كتفه،
رفعت رأسها ومن ثم عينيها التي تنهمر منها العبرات، و نظرت له نظرة يملؤها الآلم و الحزن و الندم، و همست بتقطع بصوتٍ مبحوح قائلة..
” اآآأنا آسفة يا بدر كدبت عليك”..
رفع أنامله و زال دموعها بمنتهي الرقة، غمر وجنتيها المتوهجة بقبلاته الرطبة العميقة مغمغمًا..
“متتأسفيش .. عايزك تعيطي..تصرخي.. تطلعي كل اللي في قلبك بس و أنتي جوه حضني كده”..
ختم حديثه بضمها لصدره بقوة، اعتدلت هي و حاوطت خصره بكلتا يديها، دافنه وجهها بين حنايا صدره و أطلقت العنان لحزنها الذي جعلها تردد بصراخ مقهور..
“آآآآآآه يا ابني”..
……………………. صلِ على الحبيب……..
” جبل “..
أصبح بحاله يرثي لها بفضل دلال زوجته عليه الذي أيقظ شوقه لها، و للشوق سوءات، ارتجاف النبض، وتعثر الكلمات، ضياع الزفير بصدر يختنق، لنخفي عار الشوق، و نخصف عليه بخطوات الهرب ..
كان يستند بجبهته على جبهتها، و قد تعالت وتيرة أنفاسه و أوشك على ألتهام شفتيها اللتان يدعونه بألحاح ليقترب، لكنه سيطر على مشاعره ببراعة، و رسم الجمود على ملامحه و هو يقول ..
” أنا خت قرار و مش هينفع أرجع فيه يا ورد”..
شهقت “ورد” بخفوت حين حملها بخفه من خصرها فجأة بعدها عنه، و انتصب واقفًا يهندم قميصه و هو يقول بنبرة جادة لا تحمل الجدال..
“ألبسي و حصليني على تحت خلينا ننهي الحوار ده عشان أرجع لشغلي”..
نهضت “ورد” و اقتربت منه بخطوات غاضبة حتى توقفت أمامه مباشرة و تحدثت بهدوء مريب، هدوء ما قبل العاصفة..
“يعني ده أخر كلام عندك يا جبل؟!”..
لم ينظر لها “جبل” و مثل أنشغاله بأرتداء حزامه الجلدي حول خصره..
” أيوه أخر كلام عند!! “..
قطع حديثه و رفع رأسه نظر ل “ورد” بصدمة حين قبضت على ياقة قميصه فجأة و جذبته عليها حتى تلامست أنفهما و تحدثت بأنفاس متهدجة تلفح بشرته تُطيح بعقله قائلة..
“أنا مبعرفش أرتب و أذوق الكلام زي ما أنت بتعمل بس عايزاك تبقي عارف إنك حقي في الدنيا “..
نظرت لعينيه بتحدي و إصرار شديد مكملة..
“و أنا مبسبش حقي”..
أنهت جملتها واختفت من أمامه، ليلتقط هو أنفاسه التي سلبتها هي، يحاول يقنع نفسه أنه لا يحمل بقلبه لها أي مشاعره ، و أن قراره هو القرار الصحيح،
غادر الشقة على الفور حتى لا يُطيع قلبه و يدلف عنها و يخطفها بعناق محموم يحطم به عظامها، هبط لأسفل ليجد الجميع يجلسون بإنتظاره، يسيطر على الأجواء الحزن و الغضب و بكاء “صباح” والدة “ورد” تبكي بنجيب..
“يا جبل راجع نفسك يا ابني و متستعجلش ؟!”..قالها “رضوان” بنبرة راجية..
نظر له “جبل” وتحدث بأسف لحظة دخول “ورد” قائلاً..
“بالعكس أنا اتأخرت أوي أوي على القرار ده يا جدي و دلوقتي جه وقته عشان محدش يتظلم أكتر من كده لا ورد و لا البنت اللي بحبها و متفق معاها على الجواز و لا أظلم نفسي”..
لم ينتظر رد من أحد، و تابع حديثه قائلاً ..
” شوف شغلك يا مولانا”..
لتتعالي أصوات الهمسات، و البكاء لكن غطي على الجميع صوت” ورد” وهي تقول ..
“أنا مش عايزة أطلق من جوزي يا عم الشيخ.. بس هو اللي مصمم يطلقني”..
أردفت بها “ورد” بصعوبة من بين شهقاتها الحادة، قطعت قلوب جميع الحاضرين بنبرتها الحزينة، المنكسرة، حتى أن “جبل” كاد أن يصدق بكائها الزائف هذا،
لتتابع حديثها الذي كان كالصاعقة سقطت على رأس جميع الحضور، و خاصةً زوجها الذي تلفظ بأفظع الشتائم بسره حين قالت ببراءة مصطنعة…
” مع أني قولتله أني ستر وغطا عليه و راضية أعيش و أكمل معاه و أفضل على ذمته حتى لو فضلنا زي الأخوات العمر كله”..
هنا تحدث المأذون بعملية قائلاً..
“لو كلامك صحيح يا بنتي.. كده يعتبر مكتوب كتابك بس لأنك لسه بكر، و لو أنت طلقتها يا ابني مش هيبقي ليها عدة لأن المطلقة بعد العقد وقبل الدخول بائنة بينونة صغرى لا تعود لك إلا بعقد ومهر جديد وإذنها ورضاها
وليس لها عدة ولو عادت لك من غير عقد فهذ زواج باطل
ولو عادت لك بعقد جديد تحسب هذه الطلقة عليكما” ..
ضربت “ورد” بكف يدها على صدرها متمتمة..
“أوعى تطلقني يا جبل هتتحسب علينا طلقة”..
نهض المأذون و جمع أغراضه مردفًا بتعقل قبل أن يغادر ..” مراتك باقية عليك يا ابنى.. أخذي الشيطان و شيل فكرة الطلاق من دماغك”..
أبتسم لها “جبل” إبتسامة أثارت الذعر بداخلها دفعتها للركض فجأة وسط دهشة الجميع، ركضت بأقصى ما لديها من سرعة و هي تردد..
“يااا لهووي هيتحول لتنين مجنح و هيبخ نار فينا كلنا و هتموتي يا ورد”..
تعالت الشهقات حين تفاجئوا ب” جبل”الذي نهض من مكانه و بدأ يفك حزامه الجلدي من حول خصره حتى خلعه و لفه على قبضة يده و ركض بخطوات واسعة خلف تلك ال “ورد” و هو يصيح بغضب عارم قائلاً..
“هتجري تروحي مني فيييين.. ده أنتي يوم أهلك أسود انهارده “..
دارت” ورد” حول نفسها ذهابًا وإيابًا تبحث عن مكان تختبئ منه فيه و هي تلطم خديها..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وهبني القدر بدرا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى