رواية شبكة العنكبوت الفصل الخامس عشر 15 بقلم آيات الصبان
رواية شبكة العنكبوت الجزء الخامس عشر
رواية شبكة العنكبوت البارت الخامس عشر
رواية شبكة العنكبوت الحلقة الخامسة عشر
( البداية )
خمس نفوس محطمة على وشــك الانهيار ، يقفن فوق حافة بركان لطالما كان خاملًا هادئا على الســطح ، بينما تستعر نيرانه في الأسفل ، الضعيفات ، المقهــورات كاظمات الغيظ والألم حـين يقررن الانتقام تضيع منهن البوصلة ، فحين يثور البركان فوق جبل من اليأس تستعر الحمــم لتأكل الأخضر واليابس ، حين يرتــوي الضعف بنيران الحقد تحترق بوابات العقل ، فيمرض القلب وتعمى البصيرة.
مع تطور وتنامي العلاقة فيما بينهن وزيادة الحميمية ، قررت »ريم« أن تدعوهن لقضاء يوم فى منزلها بالسخنة ، كان من الواضح احتياجهن جميعا إلى بعض الهدوء والاستـرخاء ، أحببن مداعبة أقدامهن لحبات الرمال المتلألأة على الشاطئ كحبات الماس ، ملمس أمواج البحر الدافئة وهى تهدهدهن كما تهدهد الأم مخدع طفلها الرضيع ، وشمس بدايات الشــتاء الجميلة التى تحتضن أجســادهن فى لطف وحنان وتمنحهن سمرة محببه بلون الغروب.
مضى اليوم بهن حاملًا الكثير من اللحظات الجميلة ، حاولن جاهدات أن يرتكن الألم خلفهن لبضع ساعات ، أن ينسين أو يتناسين أوجاعهن و لو للحظات ليعشــن أحرارًا من الخوف والألم ، انطلقت ارواحهن فى ســعادة كما الأطفال فى رحلة مدرســية ، كانت »ريم« أقلهن حظًّا من السعادة في ذلك اليوم ؛ فقد كان التوتر والوجوم يسيطران عليها ، وجهها الجميل مالت ملامحه إلى القسوة ونظرات عينيها الزائغة توحي بأن أمرًا جللً قد
اســتولى تماما على تفكيرها وأطفأ رغبتها في الفرح ومشاركة المرح ، استرعت حالة »ريم« البائسة انتباه الأخريات فظنن أن الأمر ربما مرتبط بمنزل السخنة وتمثيله لأكبر خيباتها فى الحياة ، فهنا قتل حبها وهنا انتهت سعادتها إلى الأبد ، ربما تتخيل ما حدث مرارًا وتكرارًا ، ربما كانت تقتل زوجها وعشيقته ألف مرة في خيالها في هذه اللحظة ، حاولن أن يعطينها مساحة من الخصوصية ، لكن لم تحتمل «نادية« أن ترى في عيونها كل هذا الحزن العميق الذى تحاول أن تخفيه بضحكات مفتعلة وبتدخين السيجارة تلو الأخرى بنهم شديد ، فبادرتها قائلة:
– مالك يا »ريم« وإيه كل الســجاير دي؟ إرحمي نفســك حبيبتي مفيش حاجة مستاهلة.
– مفيش حاجة يا »نادية« ، أنا كويسة وتمام.
– لا مش كويسة، باين عليكى إنك متضايقة وعمالة تولعي سيجارة من سيجارة.
– بفكر هو إحنا إيه إللي ذلنا لولاد الكلب دول ؟
– أكيد مش الحب يعنى، أنا شخصيًّا عمري ما حبيت طارق، فمش هكدب وأقول إنى عايشة معاه علشان الحب.
– لا حب إيه بس هو ينفع حد يحب حد عمل فيه ده كله ؟
– آه أصل إنتي هبلة بزيادة وإديتى كتير بشــكل خزعبلي فممكن تقولي الحب هو اللى ذلنا ليهم ، أنا شــخصيا عارفه أنا عايشة معاه ليه ، وصريحة مع نفسي ، علشــان الفلوس لا أكتر ولا أقل، هو مش مخلي أي حاجة باسمي غير حساب الشغل برة، علشان أشتري البضاعة ، لكن لا بيت ولا عربية ولا أي حاجة باسمي ، يجيب لي هدوم ، شنط ، جزم ، إنما كل حاجة ملكه هي ملكه لوحده .
أسماء:
– أما أنا بأة فأكيد لا بحبه ولا بطيقه ، أصلا هو اللي عايش على قفايا.
نورا هاتفة:
– ههههه يخــرب عقولكم يا بنات ده أنتوا مصايب ، أكيد أنا شرحُه برضه ، للألمانــة هو أصلًا مفيش فيه حاجه تتحب ده ابن ســتين فيسبعين .
أسماء مازحة:
– لا متقوليش ، كفاية كرشه اللي فرحان بيه.
ريم :
– أنا بقالي فترة مســيطر عليا فكرة بس مــش عارفة الفكرة دي هأنفذها إزاي.
نادية بقلق :
– فكرة إيه؟ وشك ميطمنش وباين إنها فكرة مهببة .
– هي فعلًا فكــرة متطمنش ، بس متقوليش مهببة ، لأن الفكرة دي ممكن تحل لنا كل مشــاكلنا وتخلينا نقدر نســيبهم واحنا مرتاحينونردلهم القلم قلمين وتلاتة وأربعة .
– فكرة إيه دي؟ معقولة فيه فكرة هاتحققلنا ده كله ؟ إوعى تكونى ناوية نقتلهم ونورثهم؟
نورا ضاحكة:
-أي فكرة هاتجيبلي شقة أنا موافقة عليها .
نادية هاتفة:
– يا نهار إسود، يعنى إنتي موافقة إنك تقتلي الراجل عشان تاخدي الشقة
صاحت »ريم«:
– مين قال قتل بس يا متخلفة إنتي وهي؟! .
هتفت »أسماء« بارتياح:
– مدام مفيهاش قتل يبقــى أي فكرة تجيب لي محامي يعملي قضية خلع وتجيب لي شقة أنا موافقة عليها.
استطردت ريم :
( الفكرة )
– والله هي الفكرة مش إن احنا نقتلهم و يرتاحوا ، لأ الفكرة الصايعة بجد إن إحنا نقتلهم على وش الدنيا ونشــوفهم كل يوم بيموتوا قدامنا من الخوف والرعب ويدوقوا اللي دوقناه ويحسوا القهر اللي حسينا بيه ، وكمان ممكن نستفيد ماديًّا.
نادية صائحة:
– نستفيد ماديًّا ؟ إنتي بتقولي إيه؟ تفتكري ممكن نسرقهم يعني؟
أجابتها »ريم«:
– مش سرقة بالظبط ، اسمعونى كويس ، وركزوا في اللي هاقوله ، إحنا ممكن نخليهم يقضوا أيام أسود من الزفت ونخليهم يعيشوا المر في كل لحظة وندفعهم تمن اللي عملوه معانا.
بادرتها »نادية« في تعجب :
– إزاي ؟
نظر الجميع ناحية »ريم« بلهفة وشــغف ، كلهن يحملن داخلهن نيرانًا مشتعلة ، ربما لم يدر بخلدهن فكرة الانتقام من قبل، لكن هناك إحساسًـا مثريًا يغمرهن وهن يطرقن الســمع لكلمات »ريم«، وخلال دقائق تحولت »ريم« إلى شخصية أخرى ، تبدلت نظراتها لتصبح أكثر حدة وغطت ملامحها قسوة تبدو في نطقها للكلمات وتعبيراتها القاسية ، وارتدت ثوب أميرة الانتقام والمســئولة الوحيدة عــن إعادة حقوقهن المســلوبة.
بدأت »ريم« بالفعل فى تقمص دور زعيمة المجموعة دون
وعي منها ، كانت مشــاعر الكراهية والحقد التي تملؤها كافية لجعلها الراعي الرســمي والمخطط الأساسي لخطة الأخذ بالثأر ، وبدأت من هنا محاولاتها لإقناع الجميع بفكرتها المجنونة ؛ فقالت:
– إحنا اتسرقنا، إتاخد مننا عمرنا ، شبابنا ، صحتنا وإتذلينا ودوقنا المر ، وحاولنا نصلح الأوضاع ونستحمل ، وحاولنا أكتر نرضيهم علشان يحبونا، كان كل أملنا نشوفهم بيخافوا علينا زي ما كنا بنخاف عليهم، لكن هما استكبروا وكل واحد فيهم بطريقة أو بأخرى اتفنن في تعذيبنا ، وبالتالي إحنا لينا حق مشروع عندهم ولازم نســرد حقوقنا ، نتعوض عن شــقانا وناخد حقنا في نجاحهم وفلوســهم ، نسترد منهم كل اللي يخصنا ، لحد إمتى هنقبل نعيش درجــة تانية ، لحد إمتى هناخد على قفانا ونســكت ، إذا كان القانون عاجز والمجتمع متواطيء يبقى لازم ناخد حقنا بيدينا ، محدش هيحس بينا غيرنا ، ومحدش يعرف يوجعهم غيرنا برضه، أنــا عارفة إن مش كلنا حبينــا أزواجنا بنفس الدرجة، والتضحيات اللي اتقدمت على درجات مختلفة ، يمكن أنا ومايسة إدينا كل حاجة وخسرنا كل حاجة وقصتنــا مختلفة عنكم ، لكن كل واحدة فيكم خسرت سنين عمرها وتم استغلالها ومرمطتها ، كل واحدة فيكم كانت عايزة تعيش حياة طبيعية وانتهت أحلامها وفاقت على إنها مجرد حاجة في حياة الراجل ده.
عمومًا متستغربوش كلامي ، ولا تفتكروا إني بأهذي ، أنا بقالي كتير بأفكر وبأعيد التفكير كل يوم من ســاعة ما الفكرة دي جت في دماغي ، ولعلمكم أنا كمان نويت أكون أول واحــدة تنفذها بس أكيد محتاجة مساعدتكم، من غيركم مش هأعرف أنفذ لوحدي.
هتفت »نورا« بشغف:
– فكرة إيه ؟ الموضوع شكله كبير ، عايزين نسمع.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)