رواية ورد الفصل الحادي عشر 11 بقلم ندا سليمان
رواية ورد الجزء الحادي عشر
رواية ورد البارت الحادي عشر
رواية ورد الحلقة الحادية عشر
وصلنا المطار، الرحلة بالنسبة ليا كانت ممتعة جداً على عكس علي، بابا لمّا عرف إن علي جاي معايا، انتظرنا في المستشفى، أول ما وصلنا وشفت ماما بكيت في حضنها، كنت هتجنن عليها هي وبابا، الحزن كان آسر ملامحهم، علي سأل عن حالة عمه عشان يتطمن، بس للأسف كلامهم مايطمنش، الدكتور قال إن حالته خطر وأمل نجاته ضعيف، بابا كان متماسك جداً كعادته، ماما هي إللي كانت منهارة، قعدت جنبها وحاولت أذكّرها بكل كلمات الصبر إللي حفظاها، وبالليل بابا قالي أروح معاه البيت عشان المربية خلاص هتمشي وهو مش هيعرف يتصرف مع البنت لوحده ولا هينفع يجيبها المستشفى، روحت معاه، البنت كانت بتصرخ؛ عاوزة مامتها والمربية مش عارفة تتصرف ولا تسكتها، المربية أو ما شافتنا طلبت الحساب وبلغتنا إنها مش جاية تاني، البنت كانت بتصرخ وتكسر في أي حاجة في البيت، طلعِت الدور إللي فوق وهي بتنده على مامتها وبابا بيبصلها بعجز وقلة حيلة، ابتسمتله وقولتله ” ماتحملش هم أنا هتصرف”، طلعت وراها وأنا مش عارفة هتصرف ازاي! أنا ما اتعاملتش مع أطفال قبل كده ولا بحبهم، بس البنت حقيقي صعبانة عليا وبكاها واجعلي قلبي، دخلت الأوضة ولقتها لسه على حالها، قربت منها بهدوء وقلت بالإنجليزي “مارية حبيبتي، توقفي عن البكاء ودعينا نتحدث” فحدفتني بلعبة من لعبها، كنت واثقة إنها محتاجة حضن، محتاجة تحس بالأمان، حاسه بيها عشان فقدت أمي وأنا صغيرة زيّها، يومها غاب الأمان وكنت بدوّر على حضنها.
قرّبت أكتر وحضنتها غصب عنها، في الأول فضلت تضربني وتحاول تهرب منّي بس استحملت وخبيتها جوه حضني فاستكانت وبدأت تهدا، فضلت أمسح على شعرها بحنان، حسيت في اللحظة دي إن حبّها اتزرع في قلبي، سألتني بالانجليزي عن أمها، ماكنتش عارفة أقولها إيه، افتكرت يوم ما ماتت أمي وماكنتش فاهمة يعني إيه موت، وسألت ازهار نفس السؤال، ابتسمت وأنا شايفه طيف أزهار وهي وخداني في حضنها وقاعدة بيا فوق السطح وبتقولي “بصّي للسما كده، ماما هناك اهه” سألت بلهفة “فين؟”، قالتلي “النجمة إللي هناك دي، إللي بيموت بيروح عند ربنا وبيتحول لنجمة في السما، عشان يقولنا إنه دايماً معانا، وماما بقت نجمة، شيفانا طول الوقت وسمعانا، كل ما توحشك بصي للسما واتكلمي معاها وادعيلها”، سالت دموعي ولقيتني بقولها كلام أزهار بالحرف، وهي عملت نفس رد الفعل إللي عملته يومها، فضلت تتكلم مع النجمة إللي شاورتلها عليها، والغريب إنها طلبت مني نفس الطلب إللي طلبته من أزهار، قولتلها وأنا صغيرة إني عاوزة أنام وانا شايفه السما، فأخدت بطانية ومخدات ونيمتني في حضنها فوق السطح، مارية فضلت باصة للسما وبتكلم مامتها بعدين طلبت مني تنام وهي شايفة السما، أخدت بطانية ونيمتها في حضني في البلكونة، حسيت دلوقتي بإحساس أزهار ناحيتي لمّا أمي ماتت، لقتني بشد ضمّتي عليها وأوعدها نفس الوعد “أعدكِ أنني سأظل جانبك، ويدي لن تفلت يدكِ أبداً”، راحت في النوم أخيراً، حسيت بحركة ورايا لقيت بابا واقف مبتسم فسألت “حضرتك هنا من امته يا حبيبي؟”، رد “من ساعة الوعد”، قولتله “ثواني هنيمها وأحضرلك العشا”، قالي مالهوش نفس وطلب مني أفضل جنب مارية وآخد بالي منها.
قررت إني أعمل المستحيل عشان أوفي بوعدي لمارية وأتحمل مسئوليتها، بقى تركيزي ويومي كله بقضيه معاها، عملت جدول أنشطة مليت يومها بيه عشان ما أديلهاش فرصة تفكر لحظة، وكل ما تسأل عن باباها أتحجج بأي حجة وأشغلها عن السؤال ده بمليون حاجة.
علي سافر وبقى بيجيلنا زيارات كل فترة، فضلنا ع الحال ده شهر، مارية اتعلقت بيا جداً ومابقتش بتعرف تنام غير في حضني، وماما كل يوم بتدبل وأنا وبابا بنحاول نخرّجها من حالتها، لحد ما برحمة ربنا ولطفه رجعلها ضناها من الموت بعد ما كنّا فقدنا الأمل، ماما حكتلي إنه أول ما فاق سأل عن مراته وماقدروش يقولوله الحقيقة، قالوا إنها في غيبوبة، كان مصمم يروحلها بس الدكتور رفض ومنعه من الحركة لحد ما يجيبوا دكتور نفسي يوصلّه الخبر بالطريقة المناسبة، أول ما عرفت إنّه فاق وحالته بتتحسن، فرّحت مارية، حكتلها عن الحادثة إللي حصلت بشكل مبسط وفهمتها كل حاجة، وكانت مُصرّة تشوف باباها، عشان كده أخدتها بالليل وروحنا المستشفى، دي كانت تاني مرة أروح المستشفى من يوم ما جيت، دخلنا الأوضة، لأول مرة بشوفه، كان قاعد على السرير وماما ماسكة إيديه وبابا قاعد جنبها هو وعلي، كنت اسمع إن كل واحد فينا له نصيب من اسمه، أعتقد هو أكتر واحد تنطبق عليه المقولة دي، اسمه “وسيم” وهو أكتر راجل وسيم قابلته في حياتي، ملامحه على الطبيعة غير الصور، يمكن لإني ماكنتش بركز في الصور زي ما أنا دلوقتي مركزة معاه بشكل لا إرادي، في حاجة في ملامحه شدّاني ومخلّياني مش قادرة أبعد عيوني عنه، كنت مستغربة نفسي أوي!
أول ما شاف مارية ابتسم، بابتسامته زادت وسامته، جريت عليه، حضنها فعبرتله عن اشتياقها لي بعدين قالت “خشيتُ أن تذهب إلى الله وتصبح نجمة مثل أمي، لكن ورد أخبرتني أنك ستعود وستكون بخير وكان معها حق، سعيدة برؤيتكِ بخيرٍ يا أبي”، ماركزش في ولا كلمة قالتها بعد “تذهب إلى الله وتصبح نجمة مثل أمي”، الصدمة أسرت ملامحه وسأل بتردد إللي اتأكد من الإجابة وخايف يسمع الرد! “ف فين ساندرا؟؟”، بصيت لبابا وهمست” هو لسه ماعرفش! “، همس ب” لا”، كنت خايفة من رد فعله على البنت، عشان كده قربت منه عشان آخدها برّه، اتفاجئت بيه بيبعد إيدي عنها بعصبية ويبصلي بنظرات غضب، خفت من نظراته وبعدت، قال بهدوء غريب “لو سمحتم، اتفضلوا كلكم ارجعوا البيت، محتاج أكون لوحدي وسيبوا مارية معايا، ولو سمحتم مش عاوز أي جدال ولا أي كلمة مواساة من حد، أنا كويس وهبقى كويس أكتر لو سيبتوني لوحدي”، ولإنهم عارفينه عنيد لما بيصمم على حاجة نفِّذوا طلبه، خرجوا كلهم وأنا آخرهم وقبل ما أخرج اتفاجئت بمارية
بتندهلي” ورد لا تتركيني “، حاولت ابتسم وقولتلها” سآتي إلى هنا في الصباح”، نزلت من حضن باباها وجريت عليا مسكت إيديا وسحبتني للأوضة، فبابا قال” خلّيكِ معاها يا ورد مش هيعرف يتحمل مسئوليتها لوحده وهو تعبان”.
وسيم كان بيبصلي وهو مستغرب تعلُّق بنته بيّا! وأنا كنت مستغربة الهدوء إللي بيتعامل بيه، كنت حسّاه بيحاول يتماسك عشان بنته، طلبِت مني أقعد على الكرسي إللي جنب السرير، نامت في حضن باباها وهي ماسكه إيديا كإنها خايفة إني أهرب، فضل يمسح على شعرها لحد ما نامت، كنت قاعدة ساكتة ومتوترة، لمّا اتأكد إنها نامت قالي :
_ ماما لمّا حكتلي عن إهتمامك بمارية وتعلقها بيكِ ماكنتش مصدق لإن بنتي من الصعب تاخد على حد، حقيقي متشكر جداً إنك قدرتِ تخليها تثق فيكِ وساعدتيها تعدّي من الموقف ده، وآسف عشان انفعلت عليكِ من شوية حقيقي ماكنتش أقصد.
ابتسمت وهمست بصوت طلع بالعافية:
_ لا شكر على واحب، ربنا يرحم مراتك ويصبّر قلبك
ماردّش عليّا بس ملامحه بان الوجع فيها، حاولت آخد مارية تنام في حضني عشان ماتتعبهوش بس قال “لا من فضلك سيبيها، حقيقي محتاج لحضنها أوي الليلة بالذات”، سبتها ورجعت مكاني، كان نفسي يبكي، عشان الدموع فضفضة، والكتمان مرض هيتعبه ويزيد حزنه، فضل باصص للسقف وهو حاضن بنته، بعدين غمّض عينيه، كإنه بيمنع دموعه من النزول!
كنت بختلس النظرات لحد ما غمّض عيونه ولقتني بتأمله وحاسّة إنه صعبان عليا أوي، نفسي أقوله ابكي وهترتاح أو أعمل أي حاجة تخرّجه من إللي هو فيه.
فضل في المستشفى أسبوعين، ماما وبابا وعلي بيقعدوا معاه بالنهار وبالليل بناءاً على طلبه بتبات في حضنه مارية، وطبعاً أنا معاها، كانت أجمل فقرة في يومي كله إني أفضل بصّاله وهو نايم، فيه وشوش لمّا نبصلها بنحس براحة وهدوء وسكينة، أهه ده إللي كنت بحسه لمّا أبصله، ماكنش فيه أي حوار بيدور بينّا، كنت بفرح لما يطلب مني أي طلب بسيط ولا يسألني عن حاجة، بفرح لمّا يوجّهلي الكلام.
ماكنتش فاهمة ليه بحس بكده؟ ليه بفرح لمّا أشوفه وأحس بالأنس؟ وليه بفرح لمّا أسمع اسمي منه؟ ولا ليه كل ما أشوفه قلبي يدق بسرعة وأحس برجفة في جسمي! اتصدمت لمّا سألت نفسي كل الأسئلة دي وما لقتش جوايا غير إجابة واحدة خوّفتني ” يبدو إن دي أعراض الحب!!!”
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ورد)