رواية لن أبقى على الهامش الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم نداء علي
رواية لن أبقى على الهامش الجزء التاسع والعشرون
رواية لن أبقى على الهامش البارت التاسع والعشرون
رواية لن أبقى على الهامش الحلقة التاسعة والعشرون
ليتنا خطونا نحوك على مهل، ليتنا ما هرولنا إليك نسابق الريح بكامل طاقتنا، ربما كان التمهل مجدياً، لربما كانت سقطتنا أقل خطورة وقسوة لكننا حمقى كنا غافلين عن الأذى الذي ينتظرنا.
انتاب همس هاجس لا تعلم مصدره لكنه ظل يتردد صداه بداخلها، لقد اختفى فيصل منذ تلك الليلة التي أبى فيها كلاهما أن يستسلم للواقع، هو يخشي الإعتراف ان رجوعهما بات محالاً وهي تخشى الإبتعاد رغم توقها إليه
تنهدت بضيق فغيابه يصيبها بالخوف، حاولت مراراً مهاتفته لكن هاتفه مغلق منذ يومين، لم يتوجه إلى المشفى، مصطفى هو الآخر لم يره ولم يلتق به، ترى أين هو؟
تطلعت إلى الساعة المعلقة أمامها بتذكر قائلة
يدوب الحق اجيب الولاد من المدرسة واروح عالمكتب، ياترى انت فين يافيصل وناوي على ايه تاني!
تحركت بخفة ناحية الباب ولكنها تراجعت قليلاً بعدما اختطف أنفاسها انقباضاً بصدرها وشعوراً بالألم جعلها تترنح في وقفتها قليلاً
استغفرت مرات عدة ودعت ربها قائلة:
خير يارب، استغفر الله العظيم ايه اللي حصل قلبي مقبوض أوي
اسرعت تبحث عن هاتفها ربما يمنحها فيصل اجابة يبرر بها غيابه طيلة الفترة السابقة لكنها اصيبت باحباط جديد بعدما استمعت إلى رسالة مسجلة اغلقت بوجهها أمل الوصول إليه
زفرت بغيظ وقليل من الحدة قائلة
موبايلك مقفول، يعني بتعاقبني ولا ايه يا فيصل، حيرتني معاك حرام عليك والله، هروح اجيب ولادك وبعدها اشوف حل في غيابك ده.
لم تكد تصل إلى سيارتها عندما اقترب منها بخطوات متلهفة رجل على ما يبدو انها قد رأته من قبل
ابتسم إليها محمود بتردد فدققت النظر إلى وجهه قليلاً ليتحدث هو قائلاً
انا محمود أخو فيصل يا مدام همس، فكراني
ابتسمت إليه بسعادة قائلة بتذكر
أهلا يا دكتور محمود، اسفة انا ذاكرتي ضعيفة شوية
محمود : ولا يهمك، أنا اسف إني جيت بدري كده بس فيصل بقاله يومين مبيردش عليا وأنا محتاج اتكلم معاه ضروري واطمن عليه
همس بترقب : تطمن عليه ليه؟
نكس محمود رأسه بأسف قائلاً
هو مقلكيش اللي حصل؟
همس بقلق : لأ، انا بقالي يومين معرفش عنه حاجة وموبايله مقفول
تبدلت ملامح وجهه وغشى كيانه الخوف والتوتر وتساءل في جدية
هيكون راح فين؟
همس بجدية وإصرار : لو سمحت فهمني ايه اللي حصل بينك وبينه أنا كده قلقت اكتر
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
وكم تمنيت أننا لم نلتق لكن قلبي يصرخ قائلاً
بل ليتنا لم نفترق……
انتهى عملها اليومي بالمشفى الجديد الذي انتقلت إليه بعد تركها لعملها السابق، استوقفتها إحدى الزميلات قائلة
انتي مروحة يا كاميليا؟
كاميليا : ايوة، في حاجة!
ابتسمت إليها بمكر قائلة : شفتي دكتور ياسر كان بيبصلك النهاردة ازاي؟
رفعت كاميليا يدها اليسري واشارت إلى بنصرها المزين بخاتم الزواج قائلة
ايه مش شايفة ده؟
تحدثت بجدية قائلة : انتِ متجوزة!
كاميليا : اه، مستغربة ليه؟
ابتلعت ريقها بدهشة قائلة
اصل احنا يعني سمعنا انك كنتي مخطوبة لدكتور فيصل العوضي ومحصلش نصيب.
تبدلت ملامح كاميليا وهتفت بشراسة قائلة
حصل، وانتهى الموضوع وارتبطت بابن عمتي واتجوزنا ايه ممنوع ولا حرام!
نظرت الفتاة من حولها بتوتر بعدما علا صوت كاميليا وهتفت بهدوء
لأ طبعا ألف مبروك، انتِ زعلتي ليه بس.
كاميليا بغرور : متشكرة حبيبتي، ياريت بس كل واحد يركز في شغله، مش عارفه دكاتره ازاي وقعدين تتكلموا عن بعض وعن الناس
لم تنتظر رداً من زميلتها، اندفعت إلى خارج المشفى لكنها تسمرت محلها بصدمة عندما وجدت فارس يتطلع إليها بخيبة أمل ويبدو ان حديثها مع تلك الطبيبة قد وصل إلى مسامعه كاملاً.
تحركا سوياً في صمت إلى أن وصلا إلى سيارته، صعدت كاميليا وجلس إلى جوارها فارس ووجهه لا يوحي بشيء سوى الغضب، حاولت كاميليا استمالته فتحدثت بمشاكسة قائلة
الورد اللي معاك ده لمين، أوعى تكون جايبة لواحدة غيري
امسك فارس باقة الورد والقى بها خارج السيارة، انكمشت كاميليا في مقعدها وتطلعت إلى فارس برهبة وتحدث هو من بين أسنانه قائلاً بتحذير
مسمعش صوتك لحد ما نوصل البيت، مفهوم!
اومأت إليه دون صوت واكتفت بالصمت الذي كان قاسياً إلى حد بعيد.
أطاح فارس بكل ما يراه، كان يتلفظ بكلمات قاسية جعلت كاميليا تتحدث إليه بغضب وحدة قائلة
في ايه، ايه اللي حصل للجنان بتاعك ده؟
لحظات كانت كفيلة بزيادة جنونه، اقترب منها إلى حد مهلك وتحدث بشراسة وتحذير قائلاً
مين الراجل اللي كانت زميلتك بتتكلم عنه وايه علاقتك بيه؟
كاميليا بكبرياء :
أنا مسمحلكش تتكلم معايا بالأسلوب ده، تلميحك ده أنا مقبلوش، هيكون ايه علاقتي بيه، دكتور ورئيس قسم عندنا في المستشفى.
فارس دون تردد :
زي فيصل يعني.
نهرته قائلة بضعف : فارس! انت بتقول ايه؟
فارس وقد اطاحت بعقله غيرته وزادت من ظنونه تصرفات كاميليا طيلة الأيام الماضية، تجاهلها له وابتعاده عنه جعله بلا تعقل.
صرخ بوجهها بصوت جهوري قائلاً
مالك مستغربة ليه كده
كاميليا : انت اعصابك تعبانه، ياريت تسيبني في حالي وتروح تراجع نفسك وتشوف انت بتقول ايه الأول.
جذبها إليه يحركها بغيظ بينما جاهدت هي لتتملص من قبضته دون فائدة، تردد بذهنه كلمات تلك الفتاه وتلميحها الفظ حول اعجاب ذاك الطبيب بها.
انتابته حالة من الجنون فأخذ في سؤالها بسخرية لاذعة قائلاً
أنا مبقتش قادر افهمك، معقول بنت خالي اللي كنت هموت عليها طول عمري، ولا أنا كنت مخدوع فيكي، معقول انتِ زي ما الناس بتقول يا كاميليا، هوائية وطايشة معندكيش مشاعر، معقول خالي فشل في تربيتك؟!
كاميليا بحدة
احترم نفسك يا فارس، انت مش من حقك تقولي الكلام ده.
فارس : أنا جوزك
كاميليا : حتى لو جوزي مسمحلكش تهيني ولا تتهمني بالشكل ده فاااهم؟!
فارس بجدية : مش فاهم يا دكتورة، انتِ لازم تفهمي وتسمعي كويس، أنا مبقتش قادر اتحمل اكتر من كده، مش هقدر اتحمل مغامراتك كل يوم والتاني، مش هقبل على كرامتي ان كل خطوة اخطيها تبقى متعلقه بالماضي وتصرفاتك الطايشة، النهاردة زميلتك وبكرة جيرانا وبعده وبعده.
كاميليا بتوتر : تقصد ايه؟
فارس بلهجة حادة غير قابلة للنقاش
هنسافر، هنسافر أنا وانتِ وماما معانا. ونعيش برة.
نظرت إليه بضعف ربما لو كان في وعيه لأدركه وتحدثت بهدوء متعب قائلة
ولو رفضت، هتعمل ايه؟
ابتلع ريقه بثبات زائف واستدار كي لا يواجهها قائلاً
تبقي طالق.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
احاطته بيديها تشتم رائحته بسعادة وكأنها من الأبد لم يتسرب إلى رئتيها هواء نقي
أدمعت عيناها واخذت تبتسم بزهو وسرور تهمس بخفوت قائلة بكلمة تكررها
ماشاء الله، ولد، الله اكبر عليك، مصطفى بقى عنده سند يشيله ومبقاش وحيد.
كادت رضوى أن تنهرها لكن سعادتها الكاسحة جعلتها تؤثر الصمت.
التفت سوسن إليها قائلة بعتاب
وياتري بقى كنتوا مخبيين عليا ليه، هحسد ابني مثلاً؟
اجابتها رضوى بتفهم قائلة
لأ يا حماتي، بس خفت اعشمكم عالفاضي، مش يمكن اقول ولد وتطلع بنت
سوسن : لأ لا الحمد لله، ربنا كرمنا وطلع ولد زي القمر أهو، حته منك يا مصطفى، شايف جميل ازاي، كفاية الموكوسة سوزي عشمتني تسع شهور، حامل في ولدين حامل في ولدين وفي الاخر جابت بنتين مش بنت واحدة، تلاقيها كانت بتضحك عليا لحد ما تولد.
رضوى بغيظ : أنا هقوم اعملك حاجة تشربيها يا حماتي
سوسن بسعادة
لا، متعمليش أي حاجة اهتمي بابنك، انتوا هتسموه ايه يابني
مصطفى : مصعب، البنات اختروا الاسم
سوسن : حلو أوي، مصعب مصطفى عبدالرحمن، الله اسم يشرح القلب.
مصطفى : الحمد لله، ربنا يبارك فيه وفي اخواته
سوسن : ان شالله، بص بقى أنا خلاص هأجل العمرة للسنة الجاية، مش مسافرة وهقعد علشان خاطره، رضوى مش هتقدر تاخد بالها منه ومن اخواته وانت مفروض تساعدها برده.
لم تفلح رضوى في كبح ضحكاتها التي انفلتت رغماً عنها فأسرع مصطفى إليها قائلاً
بتضحكي على ايه، هتودينا في داهية
قهقة رضوى بشدة وشاركها مصطفى ضحكاتها فهو الآخر لا يصدق ما يراه وما تفعله والدته
نظرت اليهما سوسن بغيظ وهتفت
ايه اللي بيضحك دلوقتي، مش عجبكم كلامي؟
رضوى : لأ ياحماتي ده انا افتكرت موقف حصل يوم ولادتي
سوسن : طيب، المهم دلوقتي تاخدي بالك من نفسك ومن ابنك واوعي ترضعيه لبن صناعي بينفخ العيل انتي تاكلي حلو َرزقه هينزله ان شاء الله
مصطفى : عادي يا ماما، اللبن الصناعي بيساعد لأن رضوى لبنها ضعيف
نهرته سوسن قائلة
اسكت انت، سيبك منه يا رضوى واسمعي كلامي
رضوى : حاضر يا حماتي، اطمني
سوسن : ربنا يطمن قلبك يابنتي، يا سلام يا ولاد أنا مبسوطة اوي.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
قالها فارس كسلاح للتهديد علها تتراجع وتسافر معه فيتمكنا من خلق حياة جديدة وطعنتها تلك الكلمة فأدركت أن حياتها معه محال أن تستقيم وقد بات الشك ضلعاً في بنيان علاقتهما، انتابها ضعف نفضته عنها بصياحها ورفضها التام قائلة
تمام، انت عندك حق، طلقني وروح لحالك، أنا وانت مش هينفع نكمل
فارس بذهول : بسهولة كده، نتطلق وكأن مفيش حاجة
كاميليا : احنا مكتوب كتابنا، زينا زي أي اتنين مخطوبين ومقدروش يكملوا، ما أنا انفصلت قبل كده عن فيصل وقدرت اتخطاه وارتبط بيك، عادي.
احتقن وجهه إلى حد مخيف لكنها باتت في أقصى مراحل والضعف والتخبط فأخذت في التلفظ بالكثير من الأمور الماضية والتي سلبته ما تبقي من عقل،
كانت تجابهه وتناطحه بالكلمات الغاضبة غافلة عن نظراته الشرسة التي تحذرها من التمادي فيما تفعل لكنها لم تدرك جنون حاله إلا بعدما استمعت إلى صوته المتعب يقول
عندك حق، أنا وانتِ مينفعش نفضل كده
كاميليا بترقب حذر : تقصد ايه
فارس : اقصد اني صبرت كتير، من حقي اتمم جوازي منك مش هنقضيها اخوات عايشين تحت سقف واحد، وعلى رأيك ايه الفرق بينا وبين المخطوبين، أنا عرضت عليكي نعمل فرح رفضتي علشان وفاة خالي الله يرحمه وأنا أيدت رأيك، لكن خلاص مفيش داعي نوقف حياتنا على مافيش.
نظراتها الفزعة زادت من اصراره وكأنه يسعى لقتل ما تبقى بينهما من مشاعر، عليه طمس تلك الملامح الباهته بينهما، ربما ان تملكها انتهى بداخله ذاك الصراع، ربما عليه أن يثبت لها ولنفسه أنه الرجل الأول بحياتها وان أبت الاعتراف، عليه يخمد نيران اشتياقه إليها ورغبته بها
همت هي بالخروج قبل أن يجذبها إليه قائلاً
صدقيني ده الحل الوحيد ليا وليكي
دفعته برفض قائلة : افضل ليك انت، بس أنا مش موافقة مش هسمحلك تقرب مني فاهم.
نظر إليها مشدوهاً وتحدث بغلظة قائلاً
ليه، خايفة من ايه يابنت خالي؟!
عقدت ما بين حاجبيها لعجزها عن إدراك مقصده باديء الأمر لكنها تحولت إلى طير جارح مخالبه حادة في لحظات بعدما وصل إلى ذهنها ما يشير اليها فصاحت بهياج
يا حيوان، انت بتقول ايه، أنا غلطانه اني وافقت اتجوز واحد زيك ، بتتهمني في شرفي، هخاف من ايه! يمكن خايفة منك مثلاً، مش طايقه قربك مني.
دفعها بعنف لتقع فوق الفراش من خلفها ولم يعقب سوى بكلمات قليلة كان آخرها
عندك حق، أنا فعلاً حيوان لأني لسه بحبك بس صدقيني بعد ما اخد منك حقي هتخرجي من حياتي للأبد.
وربما كان ما يلزمنا لنتعقل هو أن نتمسك ببعض الجنون، جنون لا يؤذ بل هو حق مكتسب لمن يستحق أن يبقى معنا إلى الأبد.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
التم الجميع وتساءلت الأعين في فضول صامت حول ما يحدث، ما الذي دفع سوزي إلى الشجار مع هاله، وكيف انتهى الحال بهما هكذا
هالة فاقده للوعي وسوزي ترتعد خوفاً، ازداد الحضور فضولاً وترقباً بعدما جثى تامر بهلع إلى جوار هاله يضمها إليه بخوف وحذر، يتحدث إليها برجاء وضعف
قومي يا هاله،حبيبتي ردي أمامه
بدأت العقول في نسج حكايا وكل يتمادى في تخيل للعلاقة بين الثلاثي أمامهم.
صاح تامر بجنون وحدة بعدما قرأ بأعينهم تلك النظرات المتطلفة قائلاً
بتتفرجوا على ايه، مراتي، هاله مراااتي ، يلا كل واحد يروح على شغله.
التفت إلى سوزي بأعين مخيفة من فرط غضبه قائلاً بوعيد
لو مراتي وابني حصلهم حاجة وربي ما هرحمك
سوزي باكية : هي اللي مدت ايدها عليا، هي اللي بدأت أنا معملتش حاجة.
تامر بشراسة : اطمن عليها الأول وبعدين نشوف
حملها بين يديه بقلب يرتجف بداخله وتنحت سوزي بعيداً عن دربه……
داخل المشفي وبعدما أعلن الطبيب عن خسارة هالة لجنينها، نظرت إليه بأعين دامعة ولوم وعتاب شق عليه تحملهما
اقترب منها قائلاً باعتذار
ولا يهمك، ربنا هيعوضنا غيره ان شاء الله، المهم سلامتك
هالة بهدوء
يمكن ده أفضل ليا وليك، تقدر دلوقتي تطلقني وكل واحد يروح لحاله مبقاش في بينا حاجة تربطنا
تامر بصدق
أنا عاوزك انتِ يا هاله، محتاجلك ومش فارق معايا عيال دلوقتي، وبأمر الله هنخلف غيره
هاله بحزن : خلف من حبيبتك، متربطش نفسك بيا، انتحبت هاله بوجع حقيقي قائلة
أنا السبب، رخصت نفسي وحطيت اسمي وسمعتي على كل لسان لأني جبانه، خفت نتجوز واتطلق من تاني وابقى مطلقة مرتين، أهو دلوقتي بقيت قدام الناس ست مش محترمه ماشيه مع صاحب الشغل وحامل منه وياريت حتى ابني فضل، أهو راح مني هو كمان، طلقني وابعد عني.
ضمها تامر بقوة وحسم أمره دون تردد قائلاً
انا وانتِ غلطنا، مكنش ينفع نتجوز في السر، مقامك أعلى من كده، أنا عمري ما هنسى وقفتك جنبي وصبرك عليا، اتجوزتيني وأنا لسه ببدأ، عمرك ما طلبتي مني حاجة فوق طاقتي صدقيني يا هاله اللي بيني وبينك أهم من الحب.
الحب بيضيع لو محفظناش عليه لكن الاهتمام بيخلق حب صعب يتنسي.
أنا مقدرش اطلقك ومش عاوز اسمع منك الكلمة دي تاني وحق ابني مش هسيبه
هاله بترقب : تقصد ايه!
تامر : انا طلقت سوزي ولولا القرابة اللي بينا كنت سجنتها.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
أباتت أمي وهنة إلى ذاك الحد أم أن روحي هي التي وهنت واستحلها الضعف
ترى قلبي يتمزق كلما اشتد الألم بجسدها ولكن مكبل بقيود العجز فلا امتلك حق الزود عنها.
وضع ياسين رأسه بين كفيه ودعاءه الصامت لا يسمعه إلا الله، دعاء نردده جميعنا فنغدو أطفالاً ولو بلغنا من العمر آخره، رجاء أن تبقى امهاتنا معنا إلى الأبد
جلس أحمد إلى جوارها قائلاً
هون على نفسك يا عم ياسين، ان شاء الله ربنا يشفيها وتقوم بالسلامة
ياسين بحزن : أمي تعبانه أوي يا أحمد، أنا مش قادر اعملها حاجة
احمد : ادعيلها بس انت وسيبها على الله
ياسين : ربنا كريم، المشكلة اني أجلت السفر مرتين والتأشيرة خلاص طلعت لازم أسافر ومش هقدر اسيبها وهي تعبانه بالشكل ده
أحمد : يابني سيبك بقى من السفر والبهدلة، اقعد وربنا هيحلها
ياسين : ما انت عارف الظروف يا أحمد، الولاد كبروا واحتياجتهم بتزيد، مش حكاية أكل وشرب الحمد لله خير ربنا كتير بس كل يوم طلباتهم بتكبر معاهم، مدارس ودروس ولبس وأنا مقدرش احرمهم من حاجة
أحمد : يابني خد الفلوس اللي انت محتاجها ومتشغلش بالك
ياسين بجدية : معايا الحمد لله يا أبو حميد
أحمد : انت دماغك ناشفه، ياعم خدهم سلف أنا عارف انك مبتاخدش حاجة من حد
ياسين بصدق : وانت عارف اني لو محتاجة حاجة مش هطلب غير منك انت، تنهد بحزن يخيم على فكره وقال بتمني
أهم حاجة أمي تقوم بالسلامة مش مهم أي شيء في الدنيا
أحمد : اطمن وبعدين حتى لو سافرت مراتك واخواتك موجودين وماشاء الله مراتك مش هتقصر معاها
ياسين : الحمد لله يمكن ده اللي مهون عليا
أحمد : ربنا يهديكم لبعض انت تستاهل كل خير يا ياسين
وحاول تلم ايدك شوية وتعملك قرش وتنزل تقعد في وسط ولادك، أنا مقدر حيرتك وحاسس بيك، الراجل مننا لو يطول يقدم روحه لولاده مش هيتأخر وانا عارف ان ولادك هما اخواتك واعمامك وعزوتك بس صدقني العيال كبروا وبيكبروا والمسؤولية هتزيد ومراتك هتوصل لوقت ومش هتقدر لوحدها، كل واحد فيهم محتاج رعاية ومتابعة لأن الدنيا بقت وحشه أوي، اعملك قرش يسندك وانزل ان شاءالله
ياسين : ناوي والله، لو مش علشانهم هنزل لأني تعبت من الغربة هنزل علشان أمي ومراتي قبل ولادي.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
البعض منا يبقى سجيناً لطفولته، يكبر جسده وتزداد همومه وتبقى روحه أسيرة لما مضى، نبلغ من الكبر عتياً ولا ننسى ما جعلنا عاجزين عن المضي قدماً فتشيخ أرواحنا ولا تقو على الخروج من مهدها.
احتضن بقلبه قبل جسده تلك الملابس التي تفوح منها رائحة والدته، واااااه قالها واهتزت لها اركان البيت اه نابعة من تيه وضياع واحتياج
كم من يوم قضاه معاتباً لائماً لوالدته، كانت نظراته وحدها كفيلة بقتلها.
بكى فيصل بما تبقى لديه من قوة إلى أن كادت أنفاسه على الانقطاع، تحدث بصوت متحشرج قائلاً بعدما التقط بكفه المهتز إحدى الصور التي احتفظت بها والدته بين طيات ملابسها
صورة لها يوم زفافها على والده، صورة تشع بالسعادة والعشق.
تلمس بأصابعه ملامح والده التي لم يمنحه القدر فرصة لمصاحبتها وانسابت أدمعه في ضعف.
ليه، ليه مقولتليش الحقيقة، ليه استحملتي لوحدك وجع الحقيقة دي كل السنين اللي فاتت ليه مسبتنيش اشيل معاكي يا أمي؟
وازاي قدرتي تتحملي الظلم ده لوحدك، ازاي صبرتي طول عمرك وأنا من وقت ما عرفت وروحي بتتحرق جوة جسمي، ازاي استحملتي اتهامي ليكي بالضعف وانت قوة مخلوقة تحميني؟
ليه يا أمي مشيتي وأنا محتاج لوجودك اكتر من احتياجي لنفسي!
أنا خايف، طول عمري خايف اطلع زي أبويا حاولت اسقي ولادي الحب والحنان اللي اتحرمت منهم واثبت لنفسي إني احسن منه، بس صدقيني طلعت اسوأ منه بمراحل عالأقل هو كان مريض.
نفسي أشوفه واقوله الحقيقة، كان لازم يعرف الحقيقة وحقك يرجعلك يا أمي، كان لازم يفهم ان عشقك ليه ميقبلش الخيانة ولا يعرفها، كان لازم أواجهه ولو مرة واحدة ووقتها كان هيتأكد من نفسه اني ابنه ومن صلبه كان هيشوف ملامحه محفورة في ملامحي، اكيد قلبه كان هيحن ويعرف اني ابنه، تخدرت حواسه من فرط احساسه بالقهر وباتت الكلمات عالقة بجوفه وعبراته خانقة له، بكى بحرقة عندما لاح بمخيلته ما مرَّ به والديه وذاك الشك اللعين الذي أودي بحياتهم إلى قاع البين والفراق، وفقد تعقله عندما ترددَّ بذهنه كلمات شقيقه الأخيرة
” لقد لفظه والده خارج حياته ظناً منه أنه ليس ولده، كان يعتقد أن فيصل نتاج لخطيئة والدته “
مدد قدميه واتكأ بظهره إلى الحائط واغمض عيناه يتنفس بعمق وارهاق ليكمل حديثه
أنا بقالي سنين بدعي عليه، عمري ما دعيتله، أنا عمري كله ضاع بسبب غلط ناس معرفهمش، ضيعوكي وضيعوا أبويا وكرهوني فيه وفي نفسي وفي ضعفك وفي النهاية طلعت أنا ظالم مش مظلوم.
تفتكري ربنا هيسامحني لو ندمت ولا ندمي ميشفعليش!
انتِ سبتيني ليه يا أمي؟!
أصاب فيصل حالة من الهذيان ناتجة عن ألم حاد أصاب رأسه باديء الأمر، تسابقت نبضاته واستشعر دنو أجله وكأنه على اعتاب الخروج من الحياة وانتهى به الحال فاقداً للوعي رغم احساسه بما يدور من حوله لكنه لم يعد قادراً علي البقاء.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
لم يكن له أن يترك ثأره هكذا، لقد وقع في هواها وانتابه عشق لا شفاء منه لكنها انتزعت بيديها فؤاده ودهسته لذا عليه الا يرأف بها، بحث عن الفيديو الذي احتفظ به سابقاً، ضغط زر الإرسال بعدما تأكد من الرقم المراد وابتسم بألم قائلاً
عارف إنك هتحاولي ترجعيله من تاني بس صدقيني يا سوزي على أد حبي وعشقي ليكِ هيكون انتقامي منك.
بعث برسالة مختصرة إلى مصطفى محتواها كالتالي
سوزي وأمها كانوا السبب في الحادثة بتاعتك والفيديو ده بيأكد كلامي، متحاولش توصلي أنا فاعل خير مش أكتر.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لن أبقى على الهامش)