رواية منك وإليك اهتديت الفصل السابع والعشرون 27 بقلم زيزي محمد

رواية منك وإليك اهتديت الفصل السابع والعشرون 27 بقلم زيزي محمد

رواية منك وإليك اهتديت الجزء السابع والعشرون

رواية منك وإليك اهتديت البارت السابع والعشرون

رواية منك وإليك اهتديت الحلقة السابعة والعشرون

في المساء…
دخل سليم لشقته بعد يوم طويل قضاه في عمله، فلم يعد للمنزل مرة أخرى بعد مواجهته ليزن في المعرض، واكتفى باللجوء لعمله كمحاولة للهروب من صدمة زلزلت كيانه، لم يكترث لمقابلة لمليكة..لم يكترث لأي شيء سوى التركيز على عدم التقدير الموجه له من قبل اخواته وخاصةً زيدان لولا إصراره ما كان يزن فكر لوضع هذه الخطة، حتى أنه لاحظ عدم رضا والدته لأول مرة وهذا ما هدأ نيران قلبه قليلاً من ناحيتها، ولكن لا زالت تلك الحواجز المنيعة بينهما تحول لمسامحتها أو التعامل معها بشكل مُرضي، مجددًا عادت مشاعره تستهلك من قبلهم بطريقة فجة، فأصابت ندبات فؤاده بجروحٍ اعمق رغم محاولاته الكثيرة في معالجتها..حتى تلك المدة التي قضاها في الغربة بعيدًا عنهم لم تفييده بشيء كما توقع بل عاد على تصرف أحمق وكالعادة من قبل زيدان وكأنه يصر على هدم علاقاتهما بأفعاله المتهورة وعناده المتأصل بروحه.
انتبه على لمسة حنونه من يد شمس التي يبدو لاحظت جلوسه بالأريكية في الصالة مستغلاً الاوضاع الهادئة والاضاءة الخافتة، رفع عينيه لها ينظر لهيئتها الحزينة وهي تراقب بهوت ملامحه وكأن السعادة الممزوجة بالحماس التي ارتسمت فوق ملامحه فور نزوله من الطائرة وأثناء الطريق استعدادًا لمقابلة عائلته اضمحلت فجأة وعادت ملامحه الصارمة القاسية تكتسح وجهه من جديد وكأنهما عادا لنقطة الصفر.
مد يده يجذبها لتجلس بجانبه مررًا اصابعه فوق وجهها يسألها بنبرة حاول أن يجعلها حانية ورغم عنه خرجت خشنة قوية:
-مالك؟
بالمقابل رفعت عينيها تطالع خاصته التي لاحظت بهما شراسة وقسوة ارتجف قلبها بسببهما، فقالت بحزن به لمحة من الحنو:
-زعلانة عشان أنت زعلان.
ابتسم بتهكم لصفاء مشاعرها ولكنه قال بجمود:
-أنا تمام زي الفل، متشغليش بالك.
اعتدلت بجلستها أكثر وأمسكت وجهه بين كفيها تقول بنبرة لطيفة هادئة:
-ازاي بس مشغلش بالي بيك، أنا طول اليوم قضيته في خوف عليك وماما كانت تعبانة ومرات زيدان مشيت ويزن…
قاطعها بنبرة حادة:
-مش عايز اسمع عنهم أي حاجة.
هبطت يدها لمستوى كفيه وبدأت في احتضانهما برقة وهي تقول بنبرة معاتبة:
-ازاي بس يا حبيبي، دول في النهاية أهلك.
لقد اكتفى…حقًا اكتفى بالاكتواء بنيران الخذلان فقال بصوت بدأت قواه في الاستنزاف:
-شمس متفتحيش في أي حاجة تخصهم، أنا راجع بيتي عشان اهرب ومافكرش في اللي عملوه، لو عايزة تتكلمي أنا ممكن اسبلك البيت كله وامشي.
هزت رأسها بنفي قائلة باختناق:
-لا خالص، قوم يلا عشان تتعشى قبل ما تنام.
وقبل أن يتحدث استمعا لرنين جرس الباب، فنهضت تتجه لغرفتهما تجذب حجابها بينما هو فتح الباب فوجد يزن يقف بمقابله وعلى وجهه علامات التحفز الممزوج بالقلق، وبصوت مهذب قال:
-خد التليفون..رد.
واعطاه هاتفه فنظر سليم بتعجب للهاتف ثم رفعه لاذنه يجيب بصوت قوي حاد حينما لمح اسم زيدان:
-الو.
جاءه صوت زيدان الاجش:
-اللي بيني وبينك على جنب ومالكش دعوة بمليكة يا سليم.
رد بنبرة هجومية متسلطة:
-احترم نفسك واعرف انت بتكلم مين، ولا جبروتك ناسك ان انا اخوك الكبير.
هتف زيدان بنفس القسوة والتهور:
-اخويا الكبير على عيني وعلى راسي، بس ميرضيش ربنا انها تمشي وتسيب البيت وأنا معرفش عنها حاجة بسببك.
كانت نظرات عيناه اللامعتين لا تنبئآن بخير أبدًا وهو يجيب بنبرة معنفة غليظة:
-بسببي، أنت واعي اللي أنت بتقوله.
جاء سؤال زيدان المحمل بالاتهام الصريح:
-امال هي مشيت؟!
هتف بهدير جنوني:
-بسبب افعالك…انا مشوفتش في بجاحتك.
وبحركة عنيفة القى هاتف يزن في الارض بقوة، فوقع قلب يزن معه وتوسعت عيناه بخوف وهو يهمس برعب:
-تليفوني…لااااا
وكانت الحركة الثانية أن الباب قد أغلق في وجهه بقوة، فهمس يزن بغيظ:
-وأنا مالي، مش كفاية تليفوني.
اخذ هاتفه ونزل للأسف بندم على دخوله منذ البداية، يبدو أن الأمر لن يمر مرور الكرام، سليم ليس بشخص هادئ يتقبل للرأي الأخر..وزيدان متهور وأحمق لا يجيد لغة الحوار وخاصةً ان كان مع سليم، فمن طباع زيدان الحمقاء أن داخله يحوي شيء وهو بكل غباء يظهر شيء أخر.
أما بسليم فقد توجه للمرحاض بجسد متشنج وانفاس ملتهبة قادرة على التهام من يقف أمامه، لذا اكتفت شمس بالانزواء في زاوية ما، وترك الغرفة كاملة له…بالتأكيد لن تصبح خرقاء وتقترب منه وهو بهذا الشكل المخيف.
***
تركت نهى النافذة للمرة التي لا تعلم عددها، فقد سئمت من مراقبة الطريق وانتظار عودة خالد من قسم الشرطة، لقد لعب الخوف فوق أوتار قلبها بجنون واشتكت عيناها من البكاء منذ ذهابه مع الضابط، حتى أن مجدي لم يريح قلبها وكان يجيب على اتصالاتها بإجابات محددة غامضة وبالنهاية ينهى معها الحديث ويتركها تتلوى بنار القلق.
اخيرًا استمعت لمفتاح الشقة بالطابق السفلي يوضع فوق الطاولة الزجاجية الملتصقة بالباب، ففرت للأسفل بسرعة تقابل خالد الذي قابل نظراتها القلقة بهدوء جعلها تنطلق بأسهم الاستفهام:
-في ايه يا خالد، هما اخدوك ليه؟
هز كتفيه بلامبالاة وهو يجيب:
-عادي مشكلة بسيطة!
اقتربت منه وامارات القلق لا زالت تسيطر على ملامحها وارتجاف اصابعها:
-ازاي انت قعدت كتير جدًا، كنت هموت من الخوف عليك.
صرحت بمشاعرها الخائفة علنًا وعينيها رافقتها بمراقبة أفعاله، فقابلت نظراته الغامضة وهو يقترب منها سائلاً اياها:
-وخايفة عليا ليه؟
للحظة لم تفهم مغزى سؤاله، فعادت تكرر خلفه بتعجب طال نبرتها:
-ازاي يعني مخفش عليك؟!
-ايوا أنا بسألك خايفة ليه؟
سألها بنبرة قوية يحاصرها بذكاء، فهتفت ببلاهة وكأن نبرتها اختلط فيها العتاب الطفيف:
-وانا مستغربة من سؤالك، أنت مش عارف أنت بالنسبالي ايه؟
اقترب خطوة أخرى يوجه سؤال أخر بنبرة صريحة قوية:
-تمام انا معرفش بالنسبالك ايه؟ قوليلي انتي.
-انت بالنسبالي كل حاجة.
أجابت بلهفة صادقة، فاستمر بالضغط عليها مردفًا:
-اجابة عامة مفهمتهاش، فسريها.
شعرت بالتعرق يصيب جبينها، والخجل يغزو ملامحها وهو يختصر المسافة بينهما ويحاصرها بأسئلته التي لم تفهم سببها أو ربما تفهمها ولكنها تخشى الاعتراف بها..فهتفت بتوتر:
-خالد أن..أنت بتسأل وأنا….
لم تستطع تجميع جملة واحدة للتفوه بها أمام نظراته المصوبة نحوها مباشرةً وكأنها تخترق عمق عيناها، فقالت بتلعثم ونبرة مبحوحة:
-هطلع أنام، تصبح على خير.
استدارت بالفعل بكامل جسدها للصعود للأعلى بعدما شعرت بإنهاك مشاعرها، ولكنها توقفت بسبب سؤاله الهجومي الحاد:
-لما أنا بالنسبالك كل حاجة، ليه مقولتيش ان معز طالب يتجوزك؟
التفتت بنصف جسدها تجيب بصدق أصابه التلعثم رغم عنها:
-محبتش اشغلك، وأنا رفضته قبل كدا.
-بس المفروض كنتي قولتيلي وأنا اتصرف!
انفجرت ببكاء بعدما استمر بالضغط عليها فهي لم يعد لديها القدرة على التحكم بمشاعرها ورغم أنها افتقدت للبكاء لمدة كبيرة منذ اقامتها بمطروح وعملها بالمطعم حتى انها اتخذت قرار بمعاملة مشاعرها معاملة رقيقة وكأنها بلورة تخشى كسرها، تجاهد الحفاظ عليها للاستمرار بذات سوية، فلم تعد تتقبل كلمة الضعف بل مزقت اوراقها من قاموسها، ولكن هو وحده من يستطيع كسر قناع الهدوء المتخفية خلفه، ويلامس مشاعرها التي مهما حاولت اخفائها تظهر له بوضوح.
-هتفضل لغاية امتى تحل مشاكلي، مسيرك في يوم تزهق مني، لازم اتعود اواجه مشاكلي لوحدي.
كانت كلماتها تحمل جرح عميق ظهر فيه خوفها من تركه لها فقال بعنف مكبوت:
-وانتي مبتفهميش يا نهى، قولتلك أنا مش هسيبك، وطلبت منك انك تكوني واضحة معايا ومتخبيش حاجة عني.
رمقته باستفهام وهي تقول:
-وانا فعلاً بعمل كدا وصارحتك بكل حاجة، بس مظنش ان في واحد عايز يتجوزني ان دي حاجة مهمة اقولك عليها.
هتف بسخرية كعادته:
-لا استنى لما يطلقك وبعدها تعالي قوليلي.
زمت شفتيها بضيق وحاولت تهدئة نفسها امام غضبه المستتر فقالت برفق وهي تقترب منه:
-خالد أنا اكيد لو في واحد عايز يتجوزني وانا فكرت فيه، هقولك على طول، انت عيلتي كلها.
كانت عيناه منبع للقسوة وهو يقول بنبرة حادة شرسة:
-مش عارف اقتلك على كلامك ولا اشكرك ان طلعت كل عيلتك.
ارتعدت اوصالها لصوته الهجومي وعادت للخلف تراقب وتيرة انفاسه المتسارعة حيث يبدو انه يجاهد امر ما بداخله، وقبل أن تتحدث وجدته يهدأ وكأن شيء لم يكن ففجر علامات الاندهاش فوق ملامحها، وخاصةً حينما قال بسخريته المعهودة:
-الا قوليلي يا نهى..هو كل عيلتك دي يعني ايه، فسريها كدا.
ابتلعت لعابها وهي تجيبه وقد اصابها القلق من تحول انفعالاته بين الثانية والاخرى:
-يعني كل عيلتي..ابويا…
قاطعها وهو يؤمئ برأسه برضا:
-وماله.
تابعت بقولها بحذر:
-أأمي
قاطعها مردفًا بتساؤل امتزج فيه الصدمة:
-امك؟
سارعت بتصحيح قولها:
-انا اقصد… ان انت بتعوضني عن حنان ماما بس.
حرك رأسه بالموافقة والامتعاض يرتسم على ملامحه من كونه في مكانة والدتها الحرباء:
-رغم ان انا مش بطيق امك…
صمت للحظة ثم تابع بابتسامة واسعة وغمزة من طرف عينيه:
-وماله! ها…وايه تاني؟
استعادت جزء من انفاسها المسجونة بين قبضان القلق بعدما اظهر تفهمه لها وأجابت بحماس:
-وأخو…
أشار إليها بالصمت ثم هتف بتحذير لاذع:
-يمين الله لو قولتي اخوكي دي هغرقك في البحر، أنا مش اخوكي..
هزت رأسها بإيجاب دلالة على موافقتها ثم تابع مصححًا:
-أنا خالد ابن عمتك ممكن العب دور ابوكي يسلام من عنيا..اديكي من حنيتي ودا يعوضك عن امك وماله صدقة..لكن اخوكي دي امحيها من قاموسك، فاهمة.
حركت رأسها بإيجاب ثم هتفت بارتباك وابتسامة مهزوزة تحلق فوق شفتيها:
-انت اصلا احسن من سمير مليون مرة.
-شاطرة، أنا مين بقى؟!
-خالد ابن عمتي وبس.
صفق بيده والرضا اكتسح وجهه:
-عسل يا ناس، طب ما انتي بتفهمي اهو، امال عايشلي في دور الغبية ليه؟
تجهم وجهها وهي تقول:
-خالد انت بتشتمني!
-لا أنا بعبر عن اعجابي بيكي!
رد ببراءة وهو يسبل اهدابه، ثم تظاهر بحاجته للنوم قائلاً:
-يلا اطلعي، اخدتي من وقتي كتير.
تنهدت بقوة بعدما اطمأنت عليه فقد عاد سالمًا غانمًا لحالته الأصلية، سخريته المعهودة..غموض كلماته..حنو نظراته، ابتسامته الجذابة، مزيج مختلف يسلب عقلها ويرجف قلبها لحضوره الطاغي عليها.
بينما خالد اتجه صوب غرفته وتحديدًا فراشه وارتمى بكامل جسده فوق، محاولاً اللجوء للنوم كمحاولة للهرب من التفكير، لقد فقد قدرته على مواصلة حيرة مشاعره، وجموح افكاره، رافضًا اتخاذ خطوة ايجابية بعلاقتهما الشبة غامضة حين التأكد من سلامة مشاعرها نحوه، متجاهلاً تحذيرات مجدي له وضغطه المستمر عليه بضرورة انهاء ذلك الغموض بخطوة صريحة يريح بها قلبه، مستغلاً أن شخصيته قد تغيرت للأسوأ وأصبح شرس عدواني لا يجيد التصرف الا بيده وقد اوضح له أن مشاعره قد دخلت في كنف الغيرة ولن يخرج منها سوى بتصريح قوي ومعلن بحبه لتلك المعتوهة ابنة خاله الهائمة في عالم أخر ولا تعلم مقدار ما يعانيه هو لأجلها.
***
في اليوم التالي..
انتهت مليكة من أداء فريضتها ومن بعدها ظلت فوق سجادة الصلاة تخفض بصرها ارضًا بصمت تام..كانت تناجي ربها بما يؤلم قلبها، فقد تبدلت حياتها كليًا بعدما ظنت أن الاستقرار يطرق ابوابها وستعيش في حياة هادئة يملأها الحب والاحتواء..ولكن..هي لا تعرف سوى أنها اختنقت وسمحت لعينيها بالبكاء، فقد أوجعها زيدان بما فعله وأصابها في كبريائها معاملة سليم لها واهانة منال لشخصها رغم انها كانت لا تعِ بمعظم حديثها إلا أن حقيقة مشاعرها نحوها ظهرت..وفي ليلة وضحاها لعبت دور غير المرغوبة.
انتبهت على رنين هاتفها، فنهضت بتعب طال جسدها وتوجهت نحو الفراش بروح انهكت بسبب صدمات الحياة الموجعة، قرأت أسم زيدان بصمت وبأصابع مترددة ضغطت على زر الايجاب حتى أتاها صوته القلق بنبرته المعهودة التي لمست قلبها رغم حزنها منه:
-مليكة أنتي كويسة؟!
وقبل أن تجيب أتاها سؤاله التالي:
-انتي فين؟!
صمت طويل كانت تجاهد فيه مشاعر المنكسرة مما اثار قلقه عليها فهتف بنفاذ صبر:
-انتي فين؟!
همست بوجع ونبرة شبة باكية:
-عند شهيرة؟!
دفن تعجبه وقال بنبرة متلهفة حانية:
-طيب يا حبيبتي أنا هبعتلك يزن حالاً يروحك.
اخترق رفضها قلبه قبل عقله وقالت بإصرار رغم ضعفها:
-لا…لا مش هرجع.
اتاها سؤاله المستنكر:
-يعني ايه مش هترجعي؟!
لم يعطيها فرصة للرد وواصل حديثه بنبرة خالطها الأسف:
-تمام حقك عليا ان انا خبيت عليكي حاجة زي دي، بس دي كانت ظروف عائلية ومكنش في وقت احكيلك، ممكن نأجل كلامنا لغاية ما ارجع ونتكلم في كل حاجة.
مجددًا همسها المختنق يصيب قلبه:
-مش هقدر، أنت خدعتني.
كرر خلفها باستهجان:
-خدعتك! لا أنا محبتش اقولك وازعلك مني، دي امور تخصني انا واخويا.
-اخوك مش حابب وجودي في البيت.
قالتها وهي تحاول التحكم في صوتها الباكي، فقال بثقة نابعة في اخيه:
-لا سليم عمره ما هيحسسك بحاجة زي دي، معلش لو صدر منه اي رد فعل بس اعذريه.
عاتبته من جديد:
-وليه تحطني في موقف زي دا.
-مليكة أنا بين الثانية والتانية والاتصال ممكن يتقطع، عشان خاطري نأجل أي كلام، المهم انك ترجعي بيتك، ومتخافيش سليم عمره ما يحسسك بحاجة ابدًا هو اللي هيكون مكاني لو في حاجة حصلتلك، هو مضايق مني أنا..اما انتي فـ هيشيلك جوا عينه.
هتفت بتهكم وهي تتذكر معاملة اخيه لها:
-مشوفتش كدا!
-عشان اتفاجئ بس، اخويا وانا عارفه دا اللي مكاني ولو في أي حاجة متتردديش تطلبيها منه لحظة.
بدت متخبطة من ثقته الكبيرة بأخيه، في حين انه اخفى عليه زواجه، علاقة اخوية يحيطها الاستفهام من جميع الجهات..فعاد صوت زيدان يقول بتؤثر:
-مليكة، انا عارف ومقدر مشاعرك بس كمان انتوا لازم تقدروا ظروفي..أنا ربنا يعلم بيا ولا عارف اجي اتكلم مع اخويا وهو دلوقتي فاهم ان انا بتجاهله وكمان مش قادر اخدك من ايدك وارجعك بيتنا…
صمت مطبق بعدها فأبعدت الهاتف تتأكد من جودة الاتصال، حتى وجدته قد اغلق بالفعل..زفرت بقوة وهي تضع رأسها بين يديها بحيرة مزقت عقلها، لم تستمر لوقت طويل حتى دخلت شهيرة تطمئن عليها فقصت مليكة لها ما حدث..
-والله مش عارفة اقولك ايه يا مليكة؟
هتفت مليكة ببكاء ورجاء:
-قولي أي حاجة تريحني.
ربتت شهيرة فوق كتفيها بحنو وهي تقول برزانة:
-يا حبيبتي ما هو اللي هيريحك هو وجوده قدامك ويتكلم معاكي ويصارحك وانتي بتقولي ان الدنيا هناك متلخبطة واحنا كلنا عارفين الوضع هناك عامل ازاي.
مسحت مليكة عبراتها وهي تقول برفض:
-ومين يقدر مشاعري وأنا المفروض ارجع اقابل اخوه وهو مش متقبلني.
-ما هو قالك انه واثق ان اخوه عمره ما يعاملك وحش.
كررت شهيرة عليها حديث زيدان، فحركت مليكة رأسها برفض امتزج فيه الخوف:
-لا اخوه دا صعب، نبرة صوته ونظراته ليا كأن كلها اتهام وكأنه بيقولي انا مش طايقك، كلهم بيخافوا منه، تتصوري امه انهارت قدامه وهو متحركش ويزن هرب كمان عشان ميقابلوش..ومراته مكنتش بتنطق…كلهم خافوا من وجوده وتقوليلي عمره ما يعاملني وحش…امال هيعاملني ازاي؟
ضربت شهيرة كفيها بحيرة وهي تقول:
-حاجة تحير فعلاً منين زيدان بيقولك كدا وهما اتصرفوا بالطريقة دي.
زفرت مليكة بصمت بينما تابعت الأخرى حديثها بحب:
-سيبك يا ستي من كل دا، واستني عندي هنا لغاية ما زيدان يرجع وتتكلمي معاه وتفهمي كل حاجة.
همست مليكة بامتنان:
-كتر خيرك يا شهيرة، أنا هتصل ببابا مصطفى..
قاطعتها شهيرة برفض قاطع:
-والله ابدًا ما تمشي من عندي الا وزيدان جايلك، وبعدين…
بترت حديثها حينما دخلت فتاة الغرفة، متوسطة القامة ذات شعر أسود قصير تمتلك عينان بنيتان واسعتان بهما لمحة من البراءة الممزوجة بالشراسة تلاءمت مع بشرتها القمحية الصافية اما عن جسدها فكان متناسق مع صغر حجمها، وبصوتها الذي يملك بحة مميزة قالت وهي تشير بالصحن:
-عملت رز باللبن خطير.
ضحكت شهيرة وهي تشير بفخر نحو حورية اختها الصغرى والتي تقيم معها احياناً كنوع من انواع الترفيه:
-ينفع تمشي وتسيبي اكل حورية اختي لمين؟
ابتسمت مليكة لهما ورمقتهما بنظرة كان باطنها يحمل أمنية واحدة، كم كانت تتمنى امتلاك أخت أو عائلة صغيرة تلجيء اليها، انضمت اليهما حورية وغاصوا في احاديث مختلفة كانت أغلبها مليكة تشرد بذهنها لكلمات زيدان.
***
توقف سيارة يزن أمام محل سليم..وبابتسامة واسعة وجه حديثه لشمس:
-يلا يا شمس انزلي.
رمقته بغل وهي تقول بعناد:
-ومتنزلش انت ليه؟
هتف أنس من الخلف قائلاً بحماس:
-انزل انا يا عمو يزن؟
تجاهلت شمس حديث الصغير ووجهت قولها ليزن برجاء:
-انزل قوله انت، أنا لو شافني اصلاً نزلت من غير اذنه هيمسك في خناقي.
تشبث يزن بالمقود فبدا كالأطفال وهو يقول:
-لا وانا مالي وبعدين اكلمه في ايه، دا أنا الصبح بقوله صباح الخير..قالي صبح الزفت على دماغك.
تنهدت باستسلام وتحركت بالفعل خارج السيارة ولكنه قال:
-سيبي قمر معايا.
تشبثت بالصغيرة قائلة بذكاء:
-لا دي اللي هتخليه ميتعصبش معايا.
اطلق صفيرًا عاليًا وهو يقول:
-كارت ار*هاب يعني.
أومأت بشقاوة ثم اتجهت بصغارها لداخل المحل، تلقي التحية على جميع العاملين بعد غياب طويل، وبخفة توجهت صوب سليم الجالس فوق مكتبه يتابع الملفات باهتمام كبير، فقالت بصوت رقيق:
-ازيك يا حبيبي؟
رفع عينيه يطالع صغيره الممسك بثياب والدته وصغيرته النائمة بين يديها بينما هي ابتسامتها تحلق في الأفق مما أثار استفزازه فقال بلهجة حادة:
-في ايه يا شمس؟
هزت كتفيها بدلال وهي تقول بصوت ناعم لعبت فيه فوق اوتار ثباته:
-وحشتني قولت اجيلك انا والولاد نشوفك.
ضغط فوق أسنانه فخرجت حروف اسمها ثقيلة تحميل تهديد قوي:
-شمس.
زفرت بقوة وهي تتجه نحوه تجذب احد المقاعد تضعه بجانبه ثم جلست عليه وهي تقول لصغيرها:
-روح العب يا أنس لغاية ما اكلم بابا في حاجة.
أومأ أنس مردفًا بشقاوة:
-السر اللي قالك عليه عمو يزن.
همس سليم بشر وغل:
-يزن.
أشارت له شمس بالابتعاد ثم التفتت لسليم تضع الصغيرة النائمة بملامحها المسترخية بين يديه وهي تقول:
-بصراحة كدا هما عايزني اروح مع يزن نجيب مليكة نرجعها للبيت.
هتف بهدوء أثار حفيظتها وقد رجحت ذلك حمله للصغيرة:
-هما مين؟
بللت طرف شفتيها وهي تنظر له برجاء مبطن وهمس ناعم:
-يزن وزيدان؟!
-وانتي مالك بالحوار دا؟
احتدت نبرته قليلاً، وكان ذلك متوقع فقفزت للخطوة التالية وهي تلمس كفه الموضوع فوق ركبته بينما يده الأخرى يحمل بها صغيرته لأحضانه:
-ازاي هو أنا مش اختهم؟
هتف باستنكار:
-لا انتي مراتي، مرات اخوهم الكبير اللي رفضوا يعرفوه من الاول.
زمت شفتيها باعتراض وهي تقول بلوم طفيف:
-وزي اختهم بردو يا حبيبي، ومينفعش مرات اخوك تسيب البيت في غيابه وخصوصا ان ملهاش أهل ولا انت مش عايزها ترجع البيت اصلا؟!
رد بهدوء ظاهري:
-لو بتسأليني عشان تعاتبيني فـ هقولك ترجع دا بيتها زي ما هو بيته وأنا اساسًا مقولتش تمشي هي اللي مشيت من دماغها فـ متحاوليش تجيبي اللوم عليا.
شهقت بنعومة وهي تشير نحو نفسها وبذكاء أردفت:
-أنا اقدر بردو اجيب اللوم عليك! أنا بس مستغربة رفضك ان اروح معاهم…مينفعش يزن يدخل لوحده عند صاحبتها لازم يكون في حد معاه وانت عارف ماما تعبانة!
ابتسم ابتسامة جانبية وهو يرد بصلف:
-ايوا مستنيه قراري يعني!، ما انتي لابسة ومجهزة نفسك انتي وعيالك وجايلي يعني رأي مالوش لزمة.
عضت فوق شفتيها والملامة تغزو حروفها:
-لا طبعا ازاي رأيك مهم، لو مش عايزني اروح خلاص.
جاءها رده السريع وهو يقبل صغيرته بحب:
-لا روحي معاه.
توسعت ابتسامتها بسعادة وتابعت قولها باندفاع:
-ربنا يخليك يارب..والله أنا عارفة لو قولتلك تيجي معانا..
بتر حديثها بعبوس غاضب:
-عارفة ردي هيكون ايه، متحاوليش بقى تقوليها عشان متزعليش مني.
تجاهلت عبوسه وهي تنهض تمد يدها لأخذ صغيرتها من بين قبضته الحانية عليها:
-طيب خلي معاك أنس، وانا هخد قمر معايا.
نظر لصغيرته بحب وقلق حقيقي لحجم جسدها الصغير فقال بتحذير:
-خلي بالك منها، ولو مش هتاخدي بالك سيبها معايا.
كتمت ضحكتها الرنانة وهي تتخيل ما يتفوه به فقالت بسخرية:
-وينفع الرجالة هنا يشوفوا سليم الشعراوي بيدي بنته الببرونة.
هتف بلامبالاة حقيقة:
-يتفلقوا المهم بنتي متكنش جعانة.
تنهدت بقوة وهي تربت فوق صغيرتها بحنو وعينيها لا تفارقه:
-متخافش يزن معايا وهناخد بالنا منها، وخلي بالك أنا بغير.
تجاهل نبرتها المحذرة عن قصد وهو يقول:
-شمس خلي بالك من يزن نفسه.
رفعت حاجبيها بتحدٍ سافر وهي تقول:
-طب وغيرتي؟!
رمقها بتعالي وهو يضع ساق فوق الأخرى بابتسامته الجذابة الساخرة:
-لا دي متخلهاش، خليها تولع.
رمقته بتحد أنثوي وابتسامة رقيقة ماكرة حملت بين طياتها الكثير من التوعد له، ثم توجهت للخارج تستعد للقاء أخر لا تعلم مجرى الحديث به ولكن كل ما تعلمه هو طلب زيدان الخاص منها:
-اوعي تمشي من غير ما تاخديها وترجعيها معاكي البيت.
***
بعد مرور بعض من الوقت وصلا شمس ويزن أمام شقة شهيرة في احدى الابراج السكانية…فتحت شهيرة لهما وقد ظهر الاستغراب على وجهها حتى قام يزن بتعريف نفسه بابتسامة هادئة:
-مساء الخير أنا يزن اخو زيدان الشعراوي.
رمشت بأهدابها عدة مرات حتى صاحت مرحبة بهما:
-اه اتفضل..اتفضلوا.
دخلت شمس اولاً ثم تابعها يزن، فقام يزن بتعريفها وقد بان في نبرته اعتزاز:
-ودي شمس مرات سليم اخويا الكبير.
رحبت بها شهيرة بابتسامة مهتزة وقامت بتوجيههما نحو غرفة استقبال الضيوف وهي تقول:
-ثواني هنادي مليكة.
تحدث يزن بلباقة:
-خدي وقتك يا مدام.
وفور مغادرتها قالت شمس بحنق طفيف:
-سيبلي كلمة اقولها، صوتي مطلعش من وقت ما جيينا.
مال عليها هامسًا بمكر:
-الطلعة الجاية دي سايبها ليكي كلها.
رمقته بكبرياء لم يدم طويلاً وذلك لدخول مليكة للغرفة وبرفقتها شهيرة، دخول صامت وتبعه جلوس رافقه الصمت أيضًا، لم تجد فرصة لإيجاد الكلمات المناسبة ولم تستطع التعبير عن أي شيء، سوى أن ملامحها افتقدت للتعبير كليًا، وهذا ما أربك شمس قليلاً ونظرت ليزن تستنجد به..فرمقها بضيق ثم حمحم بحرج مبتدئًا بالحديث:
-ايه مليكة ينفع تدوخيني وراكي كدا.
ظهر الامتعاض فوق وجه شمس التي سارعت بالتوضيح:
-كلنا كنا قلقانين عليكي لما سيبتي البيت.
نظرت شهيرة لمليكة التي حاولت التحدث ولكنها فشلت فبقيت صامتة أمامهم وكأنها فقدت للنطق، فقط عيناها تستطيع من خلالها التعبير عن كل شيء يلج بداخلها..استأذنت شهيرة لثوان وغادرت الغرفة..فاستغلت شمس الوضع وأعطت الصغيرة ليزن الذي تفاجأ بها بين يديه ثم انتقلت شمس بجانب مليكة تفرض سحرها الخاص والمميز في الاقناع عليها، بينما كان يدقق يزن في ملامح الصغيرة ففتحت عينيها الصغيرة تطالعه، مما جعله يلقي قبلة صغيرة في الهواء وبدأ ملاعبتها متناسيًا أمر مليكة بالمرة، حتى انتبه لقول شمس المعاتب:
-ليه بس يا حبيبتي مش عايزة ترجعي؟!
شعرت مليكة بالحرج وهي تقول:
-مفيش…هستنى زيدان لما يرجع ان شاء الله.
تابع يزن بسؤاله:
-تستنيه فين؟!
أجابت بهدوء:
-هنا أو عند بابا مصطفى..
رفض يزن ما تقوله وقال بجدية مفرطة:
-مينفعش تقعدي ولا هنا ولا عندك بابكي، وزيدان بنفسه منبه علينا ترجعي معانا.
فتابعت شمس خلفه برقة:
-يا حبيبتي دا سوء تفاهم وهينتهي، انتي مالكيش دعوة بيه.
حاولت مليكة توضيح وجهة نظرها بحرج:
-ازاي أنا محرجة اقعد في البيت وفي حد مش طايقني.
شهقت شمس وهي تقول بمكر:
-قصدك على سليم، بالعكس هو كل شوية يسألنا مليكة فين! ومهتم جدًا!
نظرت ليزن فوجدته مندهشًا منها وعلى قدرتها في التمثيل فتجاهلته واكملت:
-مقولكيش اتعصب ازاي لما مشيتي، أصل سليم جوزي طيب جدًا.
-ربنا يخليهولك.
ضحك يزن يؤكد على حديث شمس موضحًا شخصية اخيه غير المفهومة:
-بصي هو يبان شرير بس هو قلبه قلب خساية.
نهرته شمس بجدة:
-بس يا يزن.
لم يعير لها أي اهتمام بل استمر في قوله موضحًا حقيقة ما تخشاه مليكة:
-لو جيتي معانا متتوقعيش معاملة احسن من اللي قابلك بيها، بس هو قلبه قلب خساية.
هدرت شمس بعنف:
-بس يا يزن انت.
رفع يزن كتفيه ببراءة وهو يقول:
-هو انا بقول ايه غلط، أنا بعرفها شخصيته عشان تعرف تتعامل معاه ومتزعلش.
ضغط فوق شفتيها السفلية ترسل له العديد من التحذيرات وهي تقول:
-وهو هيزعلها في ايه بس، وبعدين سليم هيحطها في عينه.
دخلت شهيرة في ذات الوقت تحمل صينية بها اطباق صغيرة بأكلة شهيرة” رز باللبن” ثم وضعتها امامهم وهي تقول:
-اتفضلوا.
صاح يزن بسعادة ادهشت شمس ومليكة في آن واحد من تحول اهتمامه للطعام فجأة:
-الله رز باللبن، والله جه في وقته، حاجو تطري على قلبي بدل الهم اللي الواحد فيه.
تابعت شهيرة الحديث معه وهي تقول:
-دا معمول كمان بالقشطة البلدي، هتحبه اوي.
استغلت شمس انخراطه في الحديث مع شهيرة التي انجذبت له بسهولة وأصبحت الغرفة منقسمة لنصفين، نصف غلبت معظم احاديثه عن الطعام والنصف الأخر كانت شمس تحاول مع مليكة بلطف وبداخلها مشفقة عليها بعدما استمعت لقصتها كاملة من يزن:
-بصي يا حبيبتي أنا عارفة ومقدرة مشاعرك، بس مش كل واحدة حصلها مشكلة صغيرة في جوازها هتسيب بيتها.
فركت مليكة أصابعها بتوتر وهي تقول:
-هو مش بيتي؟
-لا بيتك..البيت دا بيتنا كلنا، وانا بعتذرلك عن معاملة سليم ليكي بس اعذريه هو مكنش عارف اصلا بجوازكم.
-طيب هو كان رافض ليه؟!
اخرجت تنهيدة مثقلة وهي تجيب:
-عشان كان حابب هو اللي يجوز زيدان ويحضر المناسبة دي بنفسه، سليم اخوهم الكبير شقى واتمرمط عشانهم، وبقى شايف نفسه في مقام ابوهم ودا زاد اكتر بعد ما عمو محمد مات الله يرحمه.
زفرت بقوة وهي تستكمل حديثها:
-انا كنت في امريكا لظروف صحية عندي وكنت بستعد لولادة قمر، هو مرفضش خالص بس قال تتأجل لغاية ما نرجع ويحضر بنفسه مع اخوه الصغير وميفوتش لحظة زي دي.
هنا بدأت مليكة تلملم شتات نفسها وتدرك أسباب زيدان في اخفاء الزواج فقالت بهمس:
-وأنا استعجلت…
بترت حديثها وكادت أن تنهار في البكاء لولا صوت يزن المنتفض من مكانه وهو يعطي شمس صغيرتها:
-خدي بنتك قشطت على القميص الجديد.
ظهر الامتعاض على صفحات وجهه، وهو يزيل بقايا الحليب من على قميصه..حتى قالت شهيرة:
-تعال اغسلوا بشوية مياه في الحمام.
ضحكت شمس بتشفي:
-احسن..قوم ادخل اغسله.
غادرت شهيرة مع يزن، بينما بقيت شمس مع مليكة ورغم محاولاتها في بدأ الحديث من جديد إلا أنها لحظات تخبط مليكة بل وشرودها الكامل في عالم أخر..لقد كانت تواجه صراع من نوع أخر..اوضح به حقيقة ما فعله زيدان لأجلها ومدى حبه لها، لقد عارض تعليمات اخيه لأجلها، وأصر على الزواج من أجل انقذها من وضع كانت تسعى للخلاص منه، ولولا أنها صارحته بما كان يسبب لها الأرق ومحاولاتها في الابتعاد عن زوج والدتها لإعطائه فرصة حياة مناسبة أكثر بعيدًا عنها، ما كان زيدان سيتسرع بخطوة الزواج أبدًا، لقد غزا روحها الامتنان والتقدير لزيدان وبدأت في استيعاب حجم قلقه عليها في الاتصال.
اجفلت على بكاء الصغيرة بين يدي شمس والتي حاولت اسكاتها لتواصل الحديث مع مليكة، فمدت أناملها الصغيرة ومسدت فوق رأسها الصغير وهي تهمس بصوت حزين اختلط فيه الألم:
-رضعيها الأول..شكلها جعانة.
**
دخلت شهيرة باندفاع للمطبخ حيث كانت تقف حورية به تنظف باقي الصحون وتباشر الطعام بنفسها، وبسرعة أردفت:
-حطي بامية وقطع لحمة كبيرة في طبق صينيي الفرنساوي.
تعجبت حورية مردفة:
-الفرنساوي! دا مين الضيف المهم اللي هياكل فيه؟
هتف يزن من خلف شهيرة وهو يقف على باب المطبخ:
-أنا…يزن الشعراوي.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية منك وإليك اهتديت)