رواية غمرة عشقك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم دهب عطية
رواية غمرة عشقك الجزء الحادي والثلاثون
رواية غمرة عشقك البارت الحادي والثلاثون
رواية غمرة عشقك الحلقة الحادية والثلاثون
فتحت عينيها سريعاً بفزع حينما سمعت صوت
محرك سيارته…….
نهضت من مكانها بتعب وهي تدلك راسها وشعرها
كان مشعث بجنون حولها هيئتها غير مرتبه…جفونها
منتفخة وعيونها حمراء كالدماء من كثرة البكاء
حتى وجهها شاحب شحوب الاموت وكانه امتص
منه الدماء……..
ليلة عصيبة قضتها بين حوائط البيت تتنقل من
غرفة لاخرى وهي تتلوى بوجع ودموع لا تنضب
من مقلتيها
نيران تحرق صدرها كلما رسم خيالها صور وهو مع
زوجته الجديدة…. ميرال….. هل تركها ليلة أمس
ليقضي ليلته معها…….
حكت في راسها بعصبية الصداع يتفاقم من كثرة التفكير في حديثه ليلة أمس……
قد ادخلها في دوامه هي بالكاد بغنى عنها……. اعجز
تفكيرها في دقيقتين…… فباتت في المنتصف جالسه
هل تزوج عليها ام لا…. وصورة حفل الزفاف….
كيف تتخطى الأمر وتخضع لسطوة الخولي مرة أخرى…… في سابق خضعت لأجل المال وباعت
ماتمتلك بثمن مهين لكرامتها…… واليوم تخضع
لأجل قلب مزال يبرر خيانته ويلتمس له العذر
كيف تصدق انه لم يخونها…. وكيف تتغاضى عن الأمر
بعد اعترافه……. ان لم تأخد موقف الآن فماذا ستفعل في الأيام المقبله سترضخ لتكن زوجة في حياته
برقم !!……..
لوت شفتيها ساخره وهي تنظر لنفسها في المرآة
ببغض……محدثه حالها بشتات…
“انتي من الاول وانتي رقم ياحنين مصيره هيجي
غيره……زيك زي اللي قبلك… هتفرقي اي عنهم
يعني عند عز باشا…… ”
اتجهت الى الدولاب وظلت تبحث عن شيءٍ كي ترتديه ولكنها لم تجد غير ملابس السباحة….
عضت على شفتيها بغيظ وهي تاخذ قطعه السفلية منهم ثم قميص من عنده…..فقد كان يحتفظ بكمية
اكبر من الملابس بدولابه……عكسها تماماً حينما رحلت بعد قضاء شهر العسل جمعت ملابسها كلها
بحقيبتها ولم تترك شيءٍ فان كانت تركت لكان نفعها الآن؟!…….
وكيف لها ان تعرف انها ستاتي لهنا المرة الثانيه رغماً
عنها محملة كشوال البطاطس الى سيارته !…..
دلفت للحمام وأخذت شاور بارد يزيل انهاك الليله الماضية بكل اعباءها الغير محتملة…….
بعد مدة خرجت من الحمام مرتديه قميصة الأسود
الذي وصل طوله لمنتصف فخذيها……
اغلقت ازرار القميص حتى تركت اول ثلاثة منه….
ثم بدات بتجفيف شعرها امام المراة ثم تمشيطه
بقوة وغيظ وهي تتمتم بحرقة والافكار تضرب
رأسها بقوة……
“آآه زمانه نام في حضنها امبارح وسبني انا محروق دمي…….. ومالوا ياعز……. ومالوا…….” صفعت وركها
بقوة وهي تهدر غيظاً…..
“وبعد دا كله انتي الاولى ياعيوني…… جتك القرف في كدبك……..منه لله اللي وقعني فيك…..كنت عايشه وراضيه بغلبي…. يجي غلب فوق غلبي….. آآه.. ” عضت على شفتها بجنون…. تشعر انها ستموت
من القهر……….
اتجهت الى الشرفة بخطوات هائجة حتى تعرف لماذا
لم يصعد حتى الان….. وجدته واقف على الشاطئ يتحدث في الهاتف مولي ظهره لها…….
قبضة على سور الشرفة بيداها بقوة وهي تبرم شفتيها بقرف…
“لحقت توحشها…. وبتحب فيها كمان…. جتك القرف…….. ليقين على بعض…….”
عند تلك النقطة التفت لها عز الدين وتعلقت عيناه بشرفه تلقائيّاً وكانه احس بوجودها…….همست
داخلها بكره وهي تشيع نظرات البغض نحوه…..
“بص قدامك ياخويا وكمل عك معاها……..
يا رمرام……ياجوز الاربعه ياللي ما بيملاش
عينك غير التراب…….. ”
عقد عز الدين حاجبيه وهو يغلق الهاتف ويتجه للداخل بسرعة…….
وقع قلب حنين بقدميها وهي تقول بتوجس
“هو سمعني إزاي…..معقول…….” ضربت خديها
بخفة…. وخفق قلبها بهلع…. لكن سرعان ما
ذكرت نفسها بزواجه عليها ومبيته عند
الجديدة…..
“يسمعني…. اي يعني….. دا انا اقولهاله في
وشه….. هخاف يعني……”
صرخ عز الدين بقوة….
“حنين…….”
بلعت ريقها وهي تجده يدخل الغرفة ويمسك ذراعها
بين يداه بشدة……صرخت حنين تلقائياً….
“سيب ايدي………تستحق اكتر من كده….. انا جوايا
كلام لو طلع هتكره نفسك…….”
هزها بقوة وهو يتكأ على ذراعها…..
“كلام اي وكره إيه……. انطقي…..”
حاولت جذب ذراعها وهي تقول بغضب…..
“انطق إيه………. انت مسكني كدا ليه سبني…..”
ترك ذراعها وهو يهدر بعنف في وجهها….
“اسيبك……. انتي قايله لصاحبتك اي ياحنين… حكي لصاحبتك على اللي حصل بينا….. انتي اتهبلتي…..”
نظرت له بتعجب…وتساءلت تلقائياً…
“سمر ؟!…………….. قالتلك إيه……”
نظر عز الدين للاعلى بغيظ وهو يضيف بعدم
تصديق…….
“تهددني انا.. تقولي انت فاكر بعد عملتك السودة
دي حنين هترجعلك….. بتهددني انها هتبلغ عني عشان خطفتك…….. انا خطفك…….”
اومات حنين مؤكدة الأمر دون التفوه بحرفٍ واحد ….. هدر عز الدين بعنف….
“جتك اوه منك ليها…. صاحبتك دي تقطعي
علاقتك بيها……”
رفعت سبابتها بقوة في عينه…..
“على جثتي إلا سمر… سامع ياعز إلا سمر….”عندما نظر لها بقوة انزلت اصبعها بخوف وهي تخفف من هجومها قليلاً………..قائلة….
” وبعدين هي مغلطتش…… صاحبتي وبدافع عني……”
رد بنبرة حانقة……
“وتحكي ليه لصحبتك أصلا حاجة تخصنا…..”
قالت بتلقائيه مُبسطه لدى الأصدقاء……
“احنا مبنخبيش حاجة عن بعض خصوصاً لو حاجة وجعانا……”
اتكا على اسنانه وهو يقول من بينهما بنفاذ صبر…..
“حياتنا متطلعش برا ياحنين ولو بينا اي بالذي مفيش حاجة تطلع برا…..”
رفعت راسها وهي تقول بكبرياء هش !…..
“وفر كلامك ده….. أصلا معدش في بينا حاجة
عشان تطلع برا……..”
لوى شفتيه قائلاً بملل…..
“الكلام معاكي خسارة…. اسمعي صاحبتك المؤدبة زيك عزماكي على فرحها تقريباً اخر الأسبوع….”
رفعت حنين حاجبيها لاقصى حد معقبه…..
“فرحها !!….. سمر هتجوز….. هتجوز مين…….”
“معرفش…..” اولاها ظهره ببرود……
بينما هي وقفت امامه مجدداً…..وقالت بلهفة…..
“طب هات اكلمها……تلفوني مش معايا…. ”
رد عز الدين بغلاظة…..
“لا….. انا مش ناقص نشفيت دماغ اكتر
انتي متنيله خلقه…….”
مطت شفتيها بحنق…..
“اي متنيله دي….. مالي انا يعني…….”
رد عز الدين بنزق……
“عايزة تترمي في أقرب مرستان انتي وصاحبتك البلطجيه دي ……”
صاحت بغيظ…..
“متقولش كده على سمر ……”
“ياشيخه بلا قرف…….”لوح بيده بحنق وهو
يخرج من الغرفة………
اتجهت خلفه فوجدته يدخل المطبخ ويعد فنجان قهوة عند المكينة الكهربائية…..
وقفت امامه متخصرة وهي تقول بغضب مكبوت..
” كنت فين طول اليل……. ”
رد بكلمات متقطعه باردة……
“عندها……. نايم في حضنها…… اي اساله تانيه…..”
مزالت متخصرة امامه بتشنج وعيناها تتوهج
بالغيرة وهي تسأله…..
“والله ومبسوط على كده……”
اجابها باستمتاع وانسجام خلق في نبرة واحده…..
“جداً……. لذيذة ميرال…… بتعرف تخرجني من المود
الكئيب………بعيد عن النكد وشكوك…..”القى عليها
نظرة جافة بطرف عيناه….
ضربت وركيها بقوة وهي تصيح بعنف……
“طب بما ان الحياة زبادي في الخلاط اوي كده…
ما طلقني…….”
رد بملل منها وهو ينظر لها بحنق….
“مفيش طلاق….اطلعي من دماغي…… عشان انا مصدع ومنمتش كويس……”
رفعت حنين حاجباً شرير وهي تحترق
بداخل……
“وآلله مانمتش…. كويس كمان؟!……”
رد عز الدين بفتور…..زاد من اشتعال صدرها
كأتون متوهج………
“آآه كنت سهران طول اليل……نمت ربع ساعة بس……..”
قالت بنزق وهي ترمقه ببغض…..
“ياحبيبى….دا انت بتشقى اوي معانا…..وفر صحتك
واستكفى بيها وطلعني من جدول الحاج متولي ده…..”
ضحك بقوة وهو يخرج من المطبخ وبين يده الفنجان……ثم عقب بسخط….
“والله العظيم انا متجوز واحده هبلة…..”
اتجهت حنين خلفه وهي تصرخ بجنون….
“عز طلقني…. انا مش هستحمل الكلام ده….”
رد ببساطة وهو يجلس باريحية على اريكة الصالون…..
“انتي اللي عايزة تسمعي كده… وانا بريحك عشان منلفش وندور على بعض…….”
عضت على باطن شفتيها بعنف هادرة….
“انت اكتر انسان مستفز وبجح قبلته…..”
أومأ بتاكيد وهو يطبطب جواره على الاريكة قائلاً
بصوتٍ لين……..
“فعلاً…… وانتي حنيني…. عيوني من جوا… تعالي تعالي…… فرجيني على القميص بتاعي عليكي…
احساس حلو اني ادخل الاقي مراتي لبسه
هدومي…….وحشتك صح……”
صاحت ثائرة بجنون في وقفتها البعيدة عنه…..
“لا موحشتنيش ولا عمرك هتوحشني…….طلقني
بقا عشان انا خلاص قربت اولع في نفسي…..”
رد باستهانه…..
“معايا ولاعه تاخدي……”
نزلت دموعها تلقائياً وهي تركض من امامه لغرفتها
تغلق بابها عليها كي تكمل نوبة بكاءها التي لم
تنتهي أمس…….
قد انفجرت المشاعر الكامنة على وجهه الحجري فجأة ليظهر مدى غضبه…. ورغبته…. وحبه لها…..
ظهر شعوره واحتياجه لها حينما وجدها ترتدي قميصه….استشعر انه يريد معانقتها حينما سالته
بغيرة عن مبيته ليلة أمس….كان يود ان يضمها
الى صدره ويخبرها انه لم يخونها يوماً لكنه
ترك غضبه يتحكم به فأصر على وجعها اكثر
من الازم بمنتهى الساديـة….
لو تعلمي ان لليلة امس ترقرقت الدموع في عيناي
حزناً منكِ والاول مرة اتأثر لأجل امراه تحاول
نزعي من حياتها.. لو تعلمي ان لليلة أمس لم
أقضي إياها إلا على الشاطئ بين الامواج الثائرة ووحشة الليل القاتلة…….والافكار تعصف براسي
تكاد تهشم عقلي تفكيراً بكِ…..انتِ ياحنين حينما يتعلق الأمر بكِ يحن القلب ويبحث عن الف عذراً
لكِ ويأبى البعد راضخ لامر الهوى في لُقاكِ……..
بلع ريقه بعذاب وهو ينظر امامه بتعب……وقد
اغلق عيناه بأرق متناسي فنجان القهوة الذي اعده خصيصاً كي يخفف من وجع راسه قليلاً……. ربما الوجع ليس إلا انهاك جسدي ونفسي……..ولا يحتاج
إلا القليل من الراحة والسكون……..
ظلت تدور حول نفسها بالغرفة بجنون…. ماذا تفعل
هل حديثه ليس إلا سخافات كي يستفزها فقط..
ام ان صراحته اللعينة وصلت لحد الوقاحة وعدم الشعور بالغير……..
اغمضت عينيها وتشنجة ملامحها بغيظ….. وهي تصيح بغيظ…..
“هيطلقني يعني هيطلقني ورجله فوق رقبته… انا مش هستحمل العيشه دي…….” وضعت يدها
سريعاً على معدتها وهي تشعر بامعائها تتلوى
داخلها…….عضت على شفتها بتعب وغيظ وهي
تفتح باب الغرفة وتخرج منه حيثُ المطبخ كي تعد لها شيءٍ دافئ….لعله تسكن الالم قليلاً….
غمغمت بتالم مكبوت وهي تدلف للمطبخ….
“قهرني….. مصيره ميته مقهورة بسببه….”
رفعت عينيها حيثُ الصالون فوجدته ممد على الاريكة وذاهب في سباتٍ عميق…….
رق قلبها بغباء وهي تعود للغرفة لتحضر له غطاء
اقتربت منه وبين يداها الشرشاف….. وضعته عليه ودثرت اياه برفق….. وعيناها تبحر على ملامحه المسترخيه….. تنهدت بشتات مابين شيطان يقود
غضبها ، وقلب يقود مشاعرها نحوه….
اغمضت عينيها باسى وهي ناويه الابتعاد الى المطبخ مجدداً لكن حينما ادارت وجهها وجدت يده القوية
تقبض على رسغها جاذبها نحوه برفق…..
مسحت وجنتها في الخفاء وهي تقول….
“سبني ياعز لو سمحت……..”
همس عز الدين بصوتٍ هامس…..
“تعالي نامي في حضني ياحنين…….”
قالت بغيظ وهي تسحب ذراعها بتصميم….
“مش عايزة شكراً…….”
عند هذا الرفض اشتدت قبضته وسحبها بقوة لتقع جواره على الاريكة……. ادراها بحزم ليكن وجهها المحمر مقابل له بعد ان تمدد جسدها جواره…….
مرر اصابعه على وجنتها المبلله وهو يسالها بهدوء…….
“لسه بتعيطي……”
دفعت يده هاكمة……
“ملكش دعوة…. وابعد عني…. سبني اقوم…..”
عقد حاجبيه وهو يعقب بضيق…..
“كفاية نكد وعياط بقا اي مبتزهقيش…..”
زفرت بقرف وهي تقول بحماقة….
“لا ما بزهقش… و مش هبطل عياط غير لم تطلقني…”
رد عز الدين وهو يتعمق بعينيها الواسعة…..
كحبتين لوز شهيتين…….
“على كده هتخسري عيونك الحلوين دول بدري…. بدري……….عشان انا مش هطلقك……”
صاحت بعنف جنوني بات ينتابها كلما رد ببرود مستهان بطلبها مستهان بافعاله وكلامه معها…….
“هطلقني………. هطلقني ياعز……”
اخبرها باللهجة صارمة……
“مفيش طلاق….. غمضي عينك ياحنين ونامي… ها نامي……”
قالت بغيظ وهي تحرك شفتيها بشراسة….
“مش عايزة اتخمد…… ولو كنت عايزة اتخمد كنت نمت……. مش هسيب الاوض كلها واجي انام في حضنك على الكنبه……” انهت الحديث بنظرة
كره باتت تغيم على قلبه حزناً… وتزيد غضبه نحوها…..فيزيد العناد معها اكثر…….
من بين مشاعره تلك….. قال لها ببحة خاصه
اربكتها للحظة……
“احلى نومه…… النوم في حضني…..تعالي ياعيوني…. تعالي ربنا يهديكي….. ” دفن وجهه في جيدها من الاسفل…. وسحبها اكثر لاحضانه وساقيه القوية تحيط جزءها السفلي كي يشل حركاتها ولا تفكر في الفرار……..
صاحت حنين بحنق وهي تحاول التملص منه…
“خنقتني ياعز……..”
لامس عنقها بشفتيه دون ان يقبلها ثم حرك شفتيه
ملامس بشرتها وهو يقول بتحذير وقح…..
“هشش نامي لحسان الفرك ده نهايته معايا مش
هتعجبك……”
لم تستمع له بل ظلت تتلوى في احضانه لكن بدون جدوى فكان يفوقها قوة وقد كان يقيدها بساقيه
وذراعيه انها حتى تشعر ان جسدها يكاد لا يلامس الاريكة من قوة تكبيله لها……..
خارت قوتها بتعب بعد دقائق من المعافرة الفاشلة اغمضت عينيها وهي تريح صدغها الناعم على ذراعه القوي ثم تتثاءب بنعاس ذاهبه بعدها في سبات…..
حينما انتظمت انفاسها رفع راسه عن جيدها وظل يتاملها للحظات ثم بدأ يداعب شعرها البني الداكن باصابعه….. وهو يتطلع عن قرب لتلك الملامح
الانثوية المعبرة الشفافة والتي وقع في غرامها
من اول لقاء بينهما….وفيما بعد وقع في غرامها
مغرم بها وبكل ما بها………وقع أسير حب أضعف فؤاده فصنع منه متملك لعين……….لا يرى غيرها
ولا يريد سواها……ولا يقبل الهجر تحت اي
ظرف ؟!!……
……………………………………………………………
استيقظت بعد عدت ساعات فوجدت نفسها نائمة
على الاريكة بمفردها….فركت بعينيها وهي تستعيد
ما حدث منذ ساعات فقط………
زفرة بغيظ من نفسها وهي تنهض…..
“نمت في حضنه؟!… متجوز عليا.. وكان بايت في حضنها بليل وانا انام في حضنه الصبح… اي ده…
اي ده…..”
صرخت بغيظ كالمجانين وهي تبحث عنه في الغرف بتوجس… وحينما لم تجده خرجت من الفيلا باكملها
حيثُ الشاطئ مباشرةً…….. والبحر العاصف في جو
مشمس مفعم بهواء منعش يحمل رائحة المياة المالحة………..
رفرف الهواء شعرها فجعله يتارجح خلفها بجمالاً وهي تسير حافية القدمين مرتديه قميصه الأسود
الذي بالكاد يغطي جزء بسيط من وركيها ويكشف ساقاها البيضاء الرشيقة…وتلك الازرار الثلاثة المفتوحه عند الصدر……لو تعلم انه عبث بشكلا
غير متوقع منه وهي نائمة بين احضانه كالاموات…..مستغل سكونها والمسالمة تلك بافراغ اشواقه في احضانها…….ما كانت خرجت الان
امامه كوجبة شهية دسمة وضعت امام جائع لم
يأكل إلا الفتات ؟!! …..
كان يتفقدها في جلسته على رمال الشاطئ….
وهي تتقدم منه بوجهاً حجري…… كحجر الرخام…….وحينما التقت عينيه بعينيها أشاح وجهه مدعي اللا مبالاة وهو يناظر الامواج المتقاذفة
على الرمال امامه…..ورذاذها المنعش يضرب
وجهه بقوة ……
جلست حنين جواره بصمت تاركه بينهما مسافة…..
جلست ممدت الساقين… تعقد ذراعيها امام صدرها وهي تنظر للبحر بانفعال مكبوت……
دقائق طويلة من الصمت مفعمة بمشاعر كثيرة من بينها الحب…. الشوق…. الغضب… الخذلان…. الغيرة…..
الغدر…… مرت الدقائق حانقه والامواج تتلاطم هنا وهناك بقوة وانسياب………
أخيراً تفوه عز الدين في تلك الجلسة الصامتة بـدون مقدمات كثيرة وكانه كان يفكر في الامر وهي جواره……..
“انتي فعلاً عايزة تطلقي ياحنين…..”
بلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر لعيناه الضارية كنمر يحترق……..اومات بخفوت…
“ايوا ياعز….عايزة أطلق……..ياريت تخلصني…كده كفايه أوي……”
هتف فجأه بتشنج…..
“هو انتي ليه معندكيش ثقه فيا……”
صاحت مع اصوات الامواج الهادرة بعنف….
“بعد اللي قولته اجبها منين الثقه……”
قال عز الدين باستهجان….
“انا قولت اللي انتي عايزة تسمعي…..”
رفعت حاجبيها بتحدي قائلة…..
“لا انا عايزة اعرف الحقيقي…….”
قال بخشونة……
“الحقيقي هتعرفيها بس مش مني……عشان انا مهم
قولت شهادتي مجروحه قدامك…..مانتي هتثقي في الغريب عني…….معروفة……”لوى شفتيه من احد الزواية بعدم رضا……….
سألته حنين بعينيها
الحائرتين…….
“انا مش فاهمه حاجة……”
قال بغلظة وهو ينظر للامواج بكبت…..
“فرح اية وخالد كمان تلات ايام……بعد الفرح هطلقك
ياحنين زي مانتي عايزه…….”
خفق قلبها خفقة موجعه وسالته بصعوبة
محاولة الثبات امام قرارها التي كانت تسعى للحصول عليه في الايام الاخيره…….
“بعد الفرح ؟!…..وليه مش دلوقتي……”
اغتاظ من تعجلها…. غرز يده في الارض ومسك
حفنة من الرمال وتكأ عليها بقوة وهو يقول…….
“لم يخلص الفرح ياحنين مجتش من تلات ايام….اصبري شويه…معلشي اتكي على نفسك الشوية دول……..”
قالت بصعوبة كي تدعي الثبات امامه….
“انا هصبر بس عشان خاطر مكسرش فرحة اية…هي
تستحق تفرح هي وابنها بعد السنين دي كله…..انا
هصبر ياعز الكام يوم دول…… بس ورقة طلاقي توصلني بعد الفرح….ومبروك عليك ميرال وغيرها…..ياعز بيه……..”نهضت من جلستها
سريعاً وسارت نحو الفيلا وهي تبكي ولكنها
توقفت فجأه وقلبها خفق بوجع اكبر…..
فقد سمعت صوت رنين هاتفه و رده الذي
اتى سريعاً…….
“ايوا ياميرال………..لا انا كويس…….”
مسحت دموعها بقوة واحتدت نظراتها بالغيرة
والكره وهي تتجه للفيلا ركضاً….
استقام عز الدين واقفاً واستدار وهو يتابع ركضها
بعيداً عنه…..اغمض عينيه بتعب وهو ينتبه اكثر
للمتصلة……
“اكيد هستناكي…. الفرح مش هينفع من غيرك…….
انا كمان محضرلك مفاجأه هتعجبك أوي…….”
اتى صوت ميرال مغناج ناعماً……
(بجد يابيبي…….مفاجاة إيه…….)
اجابها عز الدين بنبرة مبهمة…….
“كده هحرقه ليكي اصبري……..يوم الفرح
هتعرفي…..”
………………………………………………………………
في اليوم الثاني……
صدح هاتفها بقوة مُصر المتصل على ايقاظها من النوم تمايلت وهي مغمضت العين….ثم التقطت الهاتف بين يدها وبعد ان فتحت الخط وضعته على اذنها قائلة ببحة دافئة ناعسه…..
“الو……”
تنهد المتصل من الناحية الأخرى بخشونة…..
“كل ده نوم ياعروسة…….”
ابتسمت سمر بنعومة وهي تقول
بخفوت……
“ابراهيم…………..صباح الخير……”
“صباح النور ياشبح…..انت منمتش كويس امبارح
ولا إيه…..”اتى صوته خبيثٍ…..بينما ابتسمت
هي بحلاوة تقطر عسلاً……
“يسلام عليك…. وبتسأل كمان مين اللي كان
مسهرني معاه طول الليل على التلفون…….”
سمعت تنهيدة حارة تصدر منه وعقب
ببحة خاصة…..
“آآه كانت ليلة……….احلى ليلة……”
سالته سمر بدلال…
“يسلام…..كان وحشك الراغي معايا اوي كده….”
رد عليها ببساطه…..
“انا أصلا معرفش الرغي غير معاكي…..”
هتفت بنعومة….
“بحبك……”
همس ابراهيم بحرارة…..
“وانا بعشقك ياسمر……..”ثم تنحنح وهو
يقول بصوتٍ خشن قليلاً….
“المهم انا عايزك تحضري نفسك بعد بكرة هجيب الماذون واكتب الكتاب عليكي…. في بيتكم……”
نهضت من نومها بصدمة معقبة…..
“إزاي يعني تكتب عليا بعد بكرة؟!…..”
اتى صوته حانقاً قليلاً….
“زي الناس ياسمر……اي غيرتي رأيك…..”
اسرعت بنفي وهي توضح…..
“مش مسألت غيرت رايي….بس انا مقولتش لاهلي
لحد دلوقتي……”
اجابها ابراهيم بفتور…..
“انا لسه قفل مع امك وكلمتها وفهمتها كل حاجة وهي الحمدلله موافقه…..”
ارجعت شعرها للخلف وهي تساله بتعجب……
“امي موافقه…………..إزاي…..”
اتى صوته الرجولي مداعباً….
“زي الناس…….هي شايفه ان انا الوحيد اللي
هعرف المك……”
مطت شفتيها باستنكار…..
“يسلام….متبحترا انا ولا إيه……طب قولي اهلك
قالوا إيه………واللي اسمها هبة دي……”
شعر ابراهيم ببعضٍ من الحرج والذنب فأمر فسخ الخطبة الحديثة التي لم يمر عليها إلا ليلة واحده وفي الليلة الثانية قرر ابلاغ هبة عن طريق اخته (رحمة) ان كل شيءٍ قسمه ونصيب وانها تستحق شخصاً افضل منه يحبها ويسعى لاسعادها
فهو ان تزوجها سيظلمها معه ولن يمنحها ما تستحق….
يعلم انه في تلك القصة نذل وجرح مشاعر الفتاة
حتى ان لم تكن تحبه…..فرفض شيءٍ مهين للمرء
خصوصاً ان كانت أمرأه اتيت لعندها وطرقت على بابها وطلبت يدها بكامل قواك العقلية…….ولم
يجبرك أحد على ذلك…….ولا حتى هي؟!….
حسناً هو فشل في الارتباط باخرى حتى بدون ان يحاول بجد….لكن الأمر خارج عن ارادته….فإن كان
ظل مع هبة سيظلمها اكثر وسيكون معها ابشع
من ماهي تراه الان عليه ؟!……
فهو رغم شعوره بذنب لكنه مقتنع بان فسخ الخطبه الان افضل على اية حال…..حتى ان كان امام الجميع أمر مريب………وغاية في تهور من اخراج تلك الأفعال
من رجل عاقل في مثل سنه تخطى منتصف الثلاثون………
لكن ماذا يفعل عشقها بشكلاً جعله يجن وهو
يتخطى المسافات بينهما محارب شيطانه….
وحزنه….. وغيرته حتى يقترب منها تحت اي ظرف
كان….
فالبعد لم يكن إلا جحيم لكلاهما !………
رد عليها ابراهيم بهدوء……
“كله تمام ياسمر متشغليش بالك…..انا خليت رحمة تكلم هبة براحة وتفمهما الوضع وتعتذرلها بنيابة عني….. يعني خلصت الموضوع من بعيد…واتقفل على كده……..واهلي ان شاء الله يوفقه…. ”
سالته سمر بتردد….
“ولو محدش منهم وافق يابراهيم……”
اخرج زفرة ثقيلة ومعها قال…..
“جرالك اي ياسمر انتي بتقفليها في وشي ليه…”
عاد السؤال يلوح بينهما بقلق……وسالته
مجدداً……
“وافرض محدش وافق عليا….هتعمل إيه…..”
اخبرها ابراهيم بصوتٍ رخيم….
“هتجوزك برضو……..هتوفقي عليا لو كتبت عليكي من غير ما يكون معايا حد من اهلي……”
قالت سمر بصوتٍ حزين حاني…..
“انا مش عايزاك تخسر اهلك بسببي يابراهيم….”
اخبرها بصوتٍ حانق قليلاً…..
“احنا اللي هنخسر بعض بسبب الناس ياسمر….انا
تعبت من اللف والدوران……ريحي قلبي يابنت
الناس……..وسبيها……. زي ما تيجي بقا……”
تنهدت بسأم وهي تقول بتحذير……
“ماشي….بس مترجعش تقولي في يوم من الأيام انتي اللي خلتيني اقاطع اهلي…….مش هستحمل الكلام ده……..”
مط شفتيه وهو يطمئن قلبها قدر
المستطاع….
“وانا من النوعيه دي ياسمر….عمتاً انا عارف اهلي اخر زعلهم اي… وعارف ان مهم قسو هيصفوا من تاني……..”
برمت سمر شفتيها بتشأم….معقبه…..
“ايوا هيصفوا من ناحيتك عشان انت ابنهم…بس
انا…….”
اكمل برفق وهو يقول بصوته الحاني المتفهم لخوفها……..
“مرات ابنهم……..بصي ياسمر في مثل بيقولك تبات نار تصبح رماد…….مهما شالوا منك هيجي يوم وهينسوا ويصفوا من ناحيتك……ومتخفيش
من حاجة انا معاكي هفضل جمبك مش
هسيبك……”
قالت سمر بشجن…..
“مكنش نفسي تكون علاقتي بيهم متكهربه اوي كده..”
ابتسم وهو يقول بحنو……
“مصير كل حاجة تصلح ياسمر…..وانا اوعدك اني مش هرتاح غير لما النفوس تصفى من ناحيتك خالص……….اتفقنا…….”
“اتفقنا ياحبيبي…….”
اتى صوته اللين قائلاً…..
” يلا بقا قومي اغسلي وشك وفطري……وانا هقفل معاكي عشان شويه ورايح المصنع……..”
“رايح المصنع !!….” اشتدت نبرتها سريعاً
بغيرة وهي تلقي عليه الأوامر……
“طب ممكن لما تروح المصنع تفضل في مكتبك…….وتبطل تلف على المكن سيب شريكك
اللي اسمه عمار مسواك ده يلف بدالك……”
“عمار مسواك !!…….”انفجر ابراهيم ضاحكاً…….
فابتسمت رغم شعور الغيرة الطابع على قلبها…….
ثم اضاف ابراهيم…..
“تشبيهك فظيع…..بس الشيخ عمار مينفعش يلف على العمال……”
تساءلت بضجر……
“اشمعنا بقا…..”
اجاب ابراهيم بفتور…..
“مبيحبش يحتك مع الجنس الاخر لا من بعيد ولا
من قريب…..”
قالت بغيرة…
“واشمعنا انت بقا……”
رد بزهو مستفز…..
“عشان انا ابراهيم…….. معروفه……”
قالت بحزم انثوي جميل…….
“طب ياستاذ ابراهيم….عينك في الارض بعد كده ماشي…….”
وكانه لم يعجبه كلامها فانهى الحوار سريعاً….
“ممم…..على الله ياشبح …اطمن…. انت اللي في القلب…….. يلا خدي بالك من نفسك شويه
وهبقا اكلمك……..”
اغلقت الخط وهي تتنهد هائمة ثم وضعت بعدها
الهاتف على صدرها وعينيها معلقه بسقف ترسم
حياتها الزوجيه معه……..
فتحت امها الباب في تلك اللحظة وهي تقول بابتسامة حنونة مشاكسة…..
“أخيراً العروسه بتاعتنا قامت من النوم…..”
ابتسمت سمر بسعادة وخجل وهي تزيح الغطاء
عنها وتتقدم منها امها سائلة…..
“هو ابراهيم كلمك…….”
ضيقت زينب عينيها وقالت باستنكار….
“شوف البت……هتتلئمي على امك……دا انتي
لسه قفله معاه……”
ابتسمت سمر حتى برزت اسنانها وهي تقول سريعاً…..
“مش القصد يازوزو….انا بس عايزة اعرف…هو
كلمك قالك إيه…..”
ابتسمت امها بخبث……قائلة
“قالي إيه…….قالي بحب بنتك وعايز اتجوزها…..”
خفق قلبها فرحاً وهي تقول بلهفة…..
“بجد قالك كده……”
“وانا هكدب يعني يابت……”ضربتها امها على
راسها برفق…..
حكت سمر مكان الضربة وهي تسالها بعيون
لامعه…..
“طب وانتي رايك إيه…….”
تنهدت زينب بقلق وهي تمرر يدها على شعر ابنتها بحنو….
“تفتكري يعني انا اقدر اقوله لا واكسر فرحتكم…انا
بس قلقانه شوية من أهله……..خايفه عليكي منهم….. هتعملي إي معاهم بعد ما تتجوزيه وتعيشوا معاهم في بيت واحد……..”
قالت سمر بتردد وهي تنظر لامها…..
“دي اكتر حاجة مقلقاني…..بس انا مش عايزة اخسر ابراهيم تاني……..تفتكري امه ممكن تعمل معايا حاجة زي ما بنسمع من حموات اليومين دول……”
تاتأت زينب بشفتيها سريعاً بنفي…..
“نوال !….تفتكري خوفي دا كله من نوال….نوال مفيش في طيبة قلبها دي تكسبيها بكلمتين حلوين……وانا عارفه انك هتعرفي تسلكي مع حماتك…..عشان هي طيبة وبتخاف ربنا….ومفيش جواها السواد اللي في سلفتها اللي ما تتسمى هي والعقارب اخواته التانين……”
اخبرت سمر امها بفتور……
“رحمة كويسه…لكن رباب هي اللي طالعه لمرات عمها…..مع انها كانت الاول كويسه اوي معايا…بس
انا مليش دعوة بيها انا في شقتي مع جوزي….منين
ماتيجي تشوف امها هنزل اسلم عليها بالادب وبالاحترام وخلاص…….وهحاول اصلح اموري مع
أمه عشان خاطر ابراهيم……”
سالتها امها بارتياب…..
“طب واللي اسمها صفاء دي هتعملي معاها إيه….”
حركت سمر شفتيها بامتعاض قائلة….
“هعمل معاها اي……ولا حاجة….انا في حالي وهي في حالها ولو فكرت تضايقني…..هي حُره بقا في اللي هيحصلها مني……انا مش هسكتلها تاني… كفايه
اللي عملته اخر مرة…… “صمتت قليلاً ثم تابعت
بحيرة….
“انا مش عارفه بصراحة ازاي دي تبقا ام حبيبة…”
اومات زينب بتاكيد…….
“صحيح بنتها حتة سكره……يلا ربنا يسهل لها بعيد عننا….” ثم استردت في الأهم…. “المهم انتي عرفتي ان حدد كتب الكتاب كمان يومين وناوي يخلي الفرح آخر الأسبوع الجاي ده………دا مستعجل اوي… ”
ابتسمت سمر بحلاوة وهي تقول بدلال…..
“ونأجل لي يازوزو ما كل حاجة جاهزه…..”
هزت زينب راسها بحنق معقبة….
“آآه طبخنها سوا……… وطفحي يازينب……”
ضحكت سمر وهي تتجه نحو المرآة وتنظر
لجسدها الممشوق يميناً ويساراً وهي تقول…….
“تفتكري فستان الفرح هيبقا حلو عليا……”
قالت امها بمدح……
“لو مطلعش حلو عليكي انتي هيطلع حلو على مين……..” ثم تنهدت باشتياق واضافت…
“ياما كان نفسي ابوكي يكون عايش ويحضر
فرحك…….. ويفرح بيكي وانتي جمب عريسك……..”
قالت سمر وهي تنظر لنفسها في المرآة….
“تفتكري لو بابا كان عايش كان هيوافق على
إبراهيم……”
قالت زينب بحنان……
“وميوفقش ليه…ماله ابراهيم بسم الله ماشاءالله راجل مالو هدومه جدع وطيب وكفايه انه بيحبك………وشريكي لحد دلوقتي…. ”
اتجهت اليها سمر وقالت بمزاح….
“الله عليكي يازوزو…..بتقولي شعر في جوز
بنتك………”
ضحكت امها وهي تقول بلؤم….
“جوز بنتي !!……..خلاص بقا جوزك……”
احمرت وجنتي سمر وهي تضحك بحرج……
“متحرجنيش بقا يازوزو……..”
“وش كسوف ياختي……”سحبتها والدتها
لاحضانها وهي تقول بحنان…..
“ربنا يسعدك ياسمر ويعوضك خير………”ثم
ابعدتها عن احضانها برفق قائلة بنصح لين…..
“اسمعي ياسمر……انا عيزاك تعقلي كده وتبطلي النمردة اللي فيكي دي…….الراجل راجل وست
ست……واحنا ربنا خلقنا عشان نكون الصدر الحنين
ليهم وهما ربنا خلقهم عشان يكونه السند والضهر
لينا……..فغيري شويه من نفسك وخفي عصبيه
وعناد قصاده…..عشان تبعده عن المشاكل…..”
اومات سمر قائلة….
“متخفيش يازوزو…..انا وابراهيم فاهمين بعض
اكتر من اي حد………وبعدين انا مش نمروده….انا
بس خلقي ضيق……”
قالت والدتها بحزم ووعي……
“وهو خلقه اضيق منك…..اسمعي كلام أمك
وخفي عصبيه شوية…….عشان تعرفه تتفهمه سوا…. الجواز حاجة…… ولعب العيال اللي كنتوا بتعملوا في الخطوبة ده حاجة تانية….. ”
اخبرتها سمر بفتور…..
“ان شاءلله خير…… المهم انا كلمت جوز حنين
امبارح وحاولت اكلم حنين اتحجج باي حجه
عشان مكلمهاش…… ”
نظرت امها اليها بصلابة قائلة…..
“اوعي تكوني قليتي ادبك على الراجل….بعد حوار الخطف اللي امها حكتلنا عليه….”
هدرت سمر فجأه من تحت اسنانها بغيظ….
“بصراحة مقدرتش امسك نفسي….شخصية مستفزة ورده بجح……بيتنفس بجاحه وقلة ذوق……عصبني
انفجرت في وشه وياريته قدر…. دا قفل السكه في وشي….. ”
رفعت امها حاجبيها بتوجس…..
“اوعي تكوني شتمتيه ياسمر….”
زمت سمر شفتيها وهي تدعي البراءة…..
“من امتى يعني وانا بشتم حد في وشه…..هزقته
في سري طبعاً…….”
ضربت امها على كفيها وهي تنظر للسماء
بحسرة….
“عوض عليا عوض الصابرين يارب…. يافرحتي بيكي وبالادب اللي بينقط منك…….امال قولتيلوا اي في التلفون….”
لوت شفتيها وهي تقول بتزمر…..
“هددته بقا ولساني فالت….بمشكلة كانت بينهم وحنين حكيالي عنها……ربنا يستر وميكنش اتعارك معاها بسببي…….”
رفعت امها سبابتها وهي تحذرها بحزم…..
“اول واخر مرة تحشري نفسك بين راجل ومراته…
هو حُر معاها ملناش دعوة……..”
هتفت سمر بتمرد…..
“ازاي يعني ياما……. دي صاحبتي…..”
قالت امها بلهجة صارمة……
“صحاب في اللي يخصكوا……..متتعديش حدودك وتحشري نفسك في حياتها…ولا هي كمان…عشان متخربوش على بعض….الله اعلم بعد مكالمتك
حصل بينهم إيه…….”
عضت سمر على شفتيها وهي تقترح بدافع
القلق على صديقتها…..
“اكلمه تاني اساله عنها……”
“لا……..”قالتها امها وهي تنظر لها بقوة…..
قالت سمر بتصميم…..
“لا ليه…….مالازم اعزمها على الفرح……”
“قولي لامها وامها هتوصلها….ويلا تعالي افطري الاكل اتحط……..”خرجت امها من الغرفة بعد تلك الجملة…….
…………………………………………………………..
صرخت نوال بقوة امامهم…..وهي تهتف بحرقة
“تجوزها…..على جثتي………انا مش موافقه….عايز
تخسر امك روح اتجوزها يابراهيم……”
ربتت رباب على كتف امها بقلق وهي تنظر لاخوها بحنق…….ثم قالت بحنق
“امك هتموت بسببك……كل دا عشان ترضي الهانم بتاعتك…….”
حدثها ابراهيم بغلاظة…..
“ملكيش دعوه بالموضوع دا يارباب انا حُر….واتجوز
اللي اشاور عليها مش هتجوزوني على مزاجكم…”
صاحت امه وهي تنظر اليه بعتاب….
“اتجوزها…….اتجوزها بس لا انت ابني ولا اعـ……”
“اياكي تكملي يانوال……”
اخرسها راضي الذي كان جالس على الاريكة بوقار وهدوء ولم يظهر عليه علامات الصدمة او الغضب من قرار ابنه….. فقد اخبره ابراهيم فاليوم الذي خرج
به من بناية سمر عن قراره في العودة اليها…..
اقنع والده كثيراً بالقول والرجاء…حتى اقتنع….او
ترك له التصرف بحياته كما يريد….فابنه البكري
قد تخطى منتصف الثلاثين ولم يعد صغير
للتوجيه…….وان رفض او تقبل النتيجة واحده
ابنه سيفعل مايريد !!….
ورغم احترامه وبره بوالديه إلا انه حينما
يريد شيءٍ لا يقدر احد على تغيير رأيه او
اعجازه عن نيل ما يريد……
وراضي يعلم ان ابنه لن يستقر ويرتاح الا مع من
يتمناها قلبه…….وليس على العشق سلطان…وابنه
عاشق لابعد حدود….وما يثبت صحة كلامه
رغبة ابنه القوية بها رغم زواجها السابق من
غيره….
اتجهت اليه نوال وهي تضرب على وركيها
بحسرة…
“حتى انت ياراضي….موافق على جوازه منها…..
انتوا اي اللي جرالكوا نسيتوا اللي عملته…جوازها
من راجل قد أبوها……وابنك مرمي في سجن….”
حدثها راضي بجدية…
“متنكريش يانوال ان لولا سمر…ابنك مكنش
هيشوف رصيف الشارع من تاني…..”
صاحت نوال ببغض…
“كل بسببها…..وبسبب اللي ربنا يقحمه مطرح ما
راح……..”
هتف ابراهيم بقوة خلف ظهرها….
“سمر ملهاش دعوة بسجني….والزفت ده محدش يجيب سيرته قدامي……”
مطت رباب شفتيها وهي تقول بسخط…..
“وطالما دمك حامي اوي كده…..هتجوز واحده كانت
متجوزه قبلك ليه……”
صاح ابراهيم بعصبية فرباب تستفزة بكل الطرق الممكنه…..
“ملكيش دعوة يارباب….خليكي في حالك…انا عايزها
عايزها وهتجوزها…….ومحدش لي دعوة باللي حصل قبل كده…….كل اللي حصل يخصني انا وهي بس…”
مسح ابراهيم وجهه بكف يده بنفاذ صبر وهو
يحاول تهدأت انفاسه الهادرة ثم نظر لامه قائلاً بقوة……
“انا كنت ناوي اتجوز وعيش في شقه اللي فوق…
زي ماكنتي عايزة…..بس طالما انتي رفضاها اوي كده…….انا هاخدلها شقه برا…….منعاً للوش والمشاكل…….”
نظرت نوال لزوجها الجالس على الاريكة
بصمت……
“سامع ابنك ياراضي…..عايز يقطع بينا….عايز يتجوز من غير اهله…….”شاركت زوجها الجالسه بمشاعر ثائرة غضباً…..
اقترب ابراهيم منها وجثى على ركبته امامها
قائلاً بنبرة لينه قليلاً……وهو يمسك يدها…
“مين قال كده…..ياما انا بقنع فيكي بقالي اكتر من تلات ساعات وانتي برضو اللي طالع عليكي زعيق
ودعى على نفسك……”
رق قلبها نحوه وتضح ذلك في عينيها الحانيه لكنها
سحبت يدها مدعيه الغضب والغيظ منه…..
“سيب ايدي متمسكهاش…. مش كله مرة تمشي اللي في دماغك…… واحنا كلنا نتفلق ….” نظرت لعيناه
وهي تقول بحسرة…..
“نفسي افهم عملالك اي بنت زينب… مخلياك مش شايف واحده غيرها……. سحرالك إزاي…..”
نظر ابراهيم للسقف بتعب……معقباً بجزع…..
“يااااا الـلـه…… رجعنا تاني لحوار السحر والعمل… ارحميني ياحاجه…… وريحي قلبي……”ترجاها بعيناه
القاتمه….بينما هي عقبت بضجر….
“وانت بقا ريحت قلب امك…. تفسخ الخطوبة تاني يوم…… وتسيب لحسان ومراته الدهب اللي جايبه لبنتهم بشيء الفلاني……”
اخبرها ابراهيم للمرة المائة بنفاذ صبر….
“الاصول بتقول اني طالما انا اللي سبت مليش اطلب حاجة….. رجعوا هما الحاجة تمام مرجعوهاش خلاص…….مينفعش انا اطلبها……”
توسعت عينا امه وهي تقول بغضب….
“امها طمعت في الدهب….قالتلي دا حق بنتي…بعد الفصل البايخ اللي ابنك عمله فيها…يفسخ الخطوبة تاني يوم…….ليه هي بنتي بايره….. ”
مط شفتيه قائلاً ببساطة…..
“واضح ان امها كانت دخله على طمع…يلا في
داهيه فدى سمر……”
ضربت امه وركيها بقوة هادرة بذهول….
“فدى سمر !!…..انت عايز تقهرني…سامع ابنك ياراضي……..ابنك اتجنن… بقا بيرمي الفلوس في الأرض…. ”
دافع عنه والده كالعادة ودعم رأيه….
“عايزاه يعمل اي يعني يانوال…… اذا كان هما قبله الدهب تعويض عن اللي حصل…. عايزاه هو بقا
يعمل ايه….”
نظرت له نوال بضيق…..
“ولا حاجة…يقهرني بس…..اسمع انا مش حضره افراح عايز تجوزها…روح مع ابوك وعمك لكن انا لا….”
“ازاي يعني……يتجوزها…..”تلك المرة هتفت رباب باعتراض لكن نظرة قوية من والدها اخرستها……
تنهد ابراهيم وهو يدعي الأسى…امام امه…..
وابتزها عاطفياً……
“على كده لازم ادور على شقة ايجار برا…..”
نهضت نوال وابتعدت عنه وهي تبكي بقلة حيلة قائلة……
“وتشوف شقة برا ليه….وتشحطت نفسك انت وهي في الاجار ليه…..شقتك فوق اتجوز فيها….”لوحت بيداها بعصبية وعيونها تشع طيبة الام…..
“بس ملكش دعوة بيا لا انت ولا هي….قعدوا في حالكم وسبوني في حالي……”
مطت شفتيها بضجر واضافت وهي تدخل
الغرفة…..
“من امتى يعني….وانا كملتي بتتسمع في البيت
ده…..كل اللي عايز حاجة بيعملها…ونوال ملهاش تعترض نوال تقول حاضر ونعم وبس…..ولا كاني تعبت وشقيت وربيت……….ربنا يعوض عليا في
سنين الغلب اللي عشتها معاكم…….”
اغلقت الباب عليها بقوة……نهض ابراهيم متجه نحو الباب بقلب طفلاً يخشى على امه من الهم والحزن…….
اوقفه والده قبل ان يتقدم من الغرفة قائلاً بخشونة….
“سبها دلوقتي يابراهيم….امك بتطلع تطلع وتنزل على مفيش……..”
عقدت رباب ذراعيها وهي توزع نظراتها عليهم
بعدائيه….نظر لها والدها وطلب برفق…
“اعمليلي كوباية شاي يارباب…..”
ابتعدت رباب عنهم بغيظ بعد ان القت نظرة جافة على اخيها………
ساله راضي بهدوء…..
“هتكتب الكتاب امته……”
اجاب والده بفتور….
“بعد بكرة ان شاء الله…….كلم انت الماذون وتفق معاه……”
اوما راضي براسه وهو يساله…..
“هتعمل الفرح هنا ولا في قاعه…….”
اجاب والده وعيناه بها بريق الفرح…..
“لا ياحاج الحنه هنعملها هنا في الشارع…عشان
كلنا نفرح…….. والفرح في القاعه….”
اخرج راضي زفرة ثقيلة على قلبه قائلاً…..
“ربنا يسعدك يابني….ويخيب ظني وظن امك فيها……..”
اطرق ابراهيم براسه بتعب….فقد كانت اثقل جولة يخوضها في اقنعهم…..ويعلم جيداً انهم غير مقتنعين
بها ولا بالزيجة باكملها…. لكن ربما مع الوقت يقتنع الجميع بها…. وبحبه لها ؟!….
………………………………………………………………
اليوم كان غير كل ايام عمرها…. اليوم سيتم
عقد قرانها عليه….. على من امتلك قلبها..وارهقه
حباً وعذاباً…….
إبتسمت سمر امام المرآة وهي تنظر لنفسها برضا…
كانت جالسه بغرفتها امام طاولة الزينة…..مرتديه فستان ابيض مطرز بخطوط ذهبي……بأكمام واسعة قصيرة….يتميز بقصة حوريات البحر…..فكان ممشوق على قدها الفاتن حتى قبل ركبتها بقليل ثم يتسع بكومة صغيرة انيقه…….
قد انهت لها عفاف تسريحة شعرها الذي كان يتدلى خلف ظهرها بجمالاً…. وقد زينته عفاف بدبابيس شعر على شكل لآلِىء صغيرة بيضاء تلمع في شعرها ببريق جذاب……
مررت عفاف الفرشاة على وجه سمر وهي تنهي آخر لمسة في تلك التحضيرات التي استمرت لساعات….
لتطلق امها زغردة عالية وهي تدلف للغرفة قائلة بسعادة…….
“يلا ياسمر…. عريسك وصل ومعاه الماذون…..”
وقع قلبها بقدميها وهي تنهد عن مقعدها سائلة…
“هو جاي لوحده ياما…..”
قالت امها بهدوء…..
“لا… لا…. دا جاي معاه ابوه وعمه….. وحبيبة ورحمة……. امه مجتش…. قالوا تعبانه واخته
الكبيرة قعده معاها…..”
اخرجت سمر زفرة قلق وهي تقول بشجن…..
“اكيد مش موافقة عليا عشان كده مجتش…..”
ضربتها عفاف على ذراعها بتوبيخ…..
“يابنتي انتي بتتنفسي نكد… كبري دماغك.. مطرح ما تحط راسها تحط رجليها…. المهم ان ابنها شاريكي وعايزاك خلاص……”
قالت سمر بعدم اقتناع…..
“انتي بتقولي اي ياعفاف…. انا هعيش معاها في
بيت واحد……”
هزت عفاف راسها وهي تهندم لسمر اكمام
الفستان……..
“ممكن تهدي شويه… انسي وكبري… وفرحي مرة
من نفسك ياسمر…. دا اليوم اللي كنتي بتستنيه انتي وابراهيم ماتكسريش فرحته وفرحتك عشان حاجة
تافهة زي دي…..”
برمت زينب شفتيها معقبة بجزع…
“قوللها ونبي ياعفاف عقليها……. ”
قالت عفاف بمناغشة…..
“اعقل مين انتي عيزاني اترفض من الشغل…..”
زمت سمر شفتيها….ناظره لها بعتاب…
“بطلي كلامك ده… السنتر بتاعك زي ماهو بتاعي……”
ترقرقت الدموع بعينا عفاف وهي تقول
بمودة…..
“حبيبتي ياسمورة…. انتي اجدع واحده قبلتها… وبدعيلك من كل قلبي ربنا يسعدك مع اللي قلبك اختاره…….”
دمعت عينا زينب وهي تاكد على دعاها
بمحبة….
“يارب ياعفاف……… يسمع من بؤك ربنا…..”
………………………………………………………..
بالخارج دخل ابراهيم الشقة بصحبة المأذون
و ابيه وعمه وابنة عمه( حبيبة) وشقيقته( رحمة)……
جلس الجميع بصالون وقد احضرت زينب لهم قبل ان تدلف لابنتها اكواب من الشربات…..
كان يشارك في تلك الجلسة احمد وعارف خاله وصديق احمد (كرم)….
لكز كرم أحمد في كتفه وهو يشير بعيناه على
حبيبة بخبث….
“عقبالك يانمس…..”
رد احمد وهو يرمق حبيبة سريعاً ثم ابعد انظاره عنها……
“آآه ان شاءالله كمان اربع خمس سنين كده…..”
همس كرم بدهشة قائلاً بمزاح…..
“يااه…… ومالك بتقولهم وكانهم خمسة ايام كده…”
اخبره أحمد بخفوت….. وهو يتجاهل النظر الى
حبيبة التي تنظر اليه بين الحين والاخر باشتياق…..
“مش مستعجل يابو المكارم…على هادي يازبادي….”
اشار كرم بعيناه عليها في الخفاء وهو
يقول……
“انت زعلان انت وهي ولا إيه…..”
ساله بهدوء…
“ليه بتقول كده…..”
اجاب كرم بلؤم….
“اصلي لا شايف غمزة ولا همسه…..”
خبطه احمد في قدمه قائلاً بحزم….
“ابوها قعد… هتودينا في داهيه احترم نفسك
وبص قدامك……”
ادعى كرم البراءة قائلاً……
“ياعم باصص…مين موجود يعني غير حبيبة وقربتها دي…. بقولك هما معندهمش بنات في العيلة ولا إيه
القعده ناشفه اوي…..”
نظر له احمد بتحذير….
“ما تلم نفسك يالا هو انا مقعدك في غرزة….”
رد كرم بمهس متنهد بحرارة وتمني……
“ياعم مش القصد….. بس القعده الطريه بدنيا
والله…. ”
اخبره احمد هامساً بوقاحة…..
“اتقل القعده الطريه دي بقا ساعة الحنه… هتلاقي بنات الشارع كلها فوق السطح عندنا……”
قال كرم بمكر…..
“آآه شوقتني… فاكر اخر حنه حضرناها….. فاكر البت اللي كان وسطها متكهرب والبنطلون كان….”
اسكتها احمد سريعاً بهمس….
“هشش يافضيحة…… بس حد يسمعك….”
برم كرم شفتيه قائلاً بقرف….
“فضيحة اي ياعم دا انت قولت عليها كلام في
اليوم ده……..انا اتكسف اقوله… ”
رفع أحمد حاجباً ساخراً وهو يقول…..
“ابو المكارم والاخلاق العالية…..امال انا مصاحبك
لي ياصاحبي……ما عشان انت مؤدب…..”
مط كرم شفتيه بحسرة……
“الله يرحم المؤدب وحشني اوي….”
ناكفه احمد بشقاوة…..
“لو وحشك سافرله اعاره…….”
غمغم كرم بغيظ…
“يخربيت تقل دم امـ……..”
قاطعه احمد بجدية وتحذير
“ولا هاتتهزق…….”
ضربه كرم على كتف وهو يقول بتملق….
“ياعم امك هي امي ياعم….بقولك هي امك طبخه إيه……”
مط احمد شفتيه قائلاً بغلاظة….
“مش هتاكل ياكرم الاكل ده للعريس واهله….. ”
اغتاظ كرم قائلاً….
“ياجدع خلي عندك دم.. دا انا ضيف عندكم حتى…..”
قال احمد باستفزاز…..
“انت صاحب بيت ياجدع متقولش على نفسك كده………”
هتف كرم بجزع…..
“سبني اقول على نفسي كده….. يمكن اطفح…..”
تحدث الماذون في تلك الاوقات قائلاً….
“اين العروس كي نبدأ اجرات كتب الكتاب….”
رد عارف الجالس جواره بهدوء…..
“هي شويه وجايه ياعم الشيخ……قولي صحيح
هو انت ممشيها جواز بس ولا جواز وطلاق…..”
رد الاخر بفتور
“الاتنين………”
نظر عارف للمأذون ذو الجسد الممتلئه و الحية الكثيفه……..ثم عقب……
“عشان كده وكلها ولعه……المهم انا اصلي كان عندي واحد صاحبي في مشاكل بينه وبين مراته…..”
اوقفه احمد قبل المتابعه بحذر…..
“خالي………مش وقته…..”
“ااه صحيح النهاردة الفرح……”ربت عارف على
ركبة المأذون واضاف…..
“هبقا احكيلك بعد ما تكتب عليهم…..اصل الموضوع معسلج اوي…..اهو تسترزق….. وتاكل لقمه حلوة من المشوار ده…… ”
عاد احمد يوقفه مجدداً……
“بعدين ياخالي مش وقته……”
همس كرم لاحمد باستفهام…..
“هو خالك عايز يبوظ الجوازه ولا إيه…..”
رد احمد ممتعضاً…..
“لا هو في المناسبات بذات بيفتكر صاحبه المتوفين….”
رفع كرم حاجبين فوق عينيه المندهشة……
قائلاً…
“اعوذ بالله متجبهوش في فرحك……”
اوما أحمد وهو يقول بمزاح……
“لا ما دا شرط اساسي ان خالي يحضر الفرح بعد ما يخلص……..”بعد تلك الجملة عادت عيناه العابثة بدفء تتطوف على الجميلة المجحبة والتي
كانت ترتدي فستان طويل محتشم بحجاب
يلائمها……..عينيها الزيتونية مكحله بجمال
وتضع القليل من الحمرة على وجنتيها البيضاء
كي تتورد اكثر من توردها بعد نظراته المشعه
نحوها عتابٍ وغيظٍ…
وهي أيضاً بادلته النظرة لكن باعتذار واشتياق له….نظرة طويلة لم تكمل الثواني واشاح عيناه
المخاصمة بعيداً عنها……
على الناحية الاخرى كان يجلس ابراهيم مرتدي حلة انيقة جذابة…..مصفف شعره الاسود الغزير للخلف
كان شديد الوسامة اليوم…..وحضوره الرجوله
يطغى على كل شيءٍ حوله…….
غز انفه عطرها الممزوج بالمسك والعنبر…..رفع عيناه
عليها….. فوجدها باطلاله تفتن العين لدرجة جعلته
متعلق بها للحظات طويله… متأمل كل انشاء بها…
من اول فستان الحوريات التي ترتديه حتى لفة شعرها المتدليه للخلف وتلك الخصلتين المنسدلتين
عند الغرة حتى اخر وجنتيها من الجهتين…..يزيدون
جمالها ودلالها مع عينيها السوداوين المكحلتين الواسعتين بجمالاً زاد من بريق سحرهم على قلب المحب……….هبطت عيناه على شفتيها المطليه بالقرمزي الفاتن……المغوية بامتلاء خلق للتقبيل…..
ظلمت عيناه شوقاً وهو يعود لعيناها ليجدها تتقدم منهم وهي تنظر اليه بحب وعيناها تنطق بالفرح…..
اهداها ابتسامة رجوليه عميقة مطمئنة قلبها تبعث طيف الدفئ لجسدها……
تقدمت سمر وسلمت على الجميع بهدوء وحرج….
سلمت على عمه ووالده…. وحبيبة اخذتها بالاحضان
وباركت لها بمحبة ونقاء تتميز به تلك المراهقة……
حينما اتى دور سمر في السلام على رحمة…. ترددت قليلاً لكنها شجعت نفسها وهي ترفع يدها… وقد تفاجئت برد فعل رحمة التي سحبتها لاحضانها
وباركت لها بنقاء ومحبة…..
“الف مبروك ياسمر…. ربنا يتمملكم على خير ونفرح بيكم بقا…….”
فصلت سمر العناق وهي تهديها ابتسامة عميقة
ممتنه لتلك المباركة ولوجودها معها……
اتى دور السلام على من سرق القلب والعقل بهيئته الخاطفة لانفاسها….. كم مرة عليها ان تقول انها… تحب وسامته الحادة… وحضوره الطاغي…. تحب
كل شيءٍ به… هو وسيم بطريقه تاثر عليها وتجعل
حضورة مربك الى قلبها المسكين الذي يخفق الان بقربه بحنون وهي ترفع يدها إليه……
وضع ابراهيم يده بيدها واتكأ عليها بوقاحة وقد سارت قشعريره من الحرمان في اجسادهما… وهو يتأمل البهية المغرية وجمالها البراق……
فاتنة لدرجة تسيل العاب……
في عيناه هي كوردة متفتحة حمراء ازدهرت في
ارض جافه صحراوية….. وتلك الصحراء هي قلبه
الذي لم يعرف الحب الا حينما التقى بها…..
اطرقت براسها وهي تسحب يدها عنه بصعوبة… ثم ابتسمت بحرج وهي تبعتد قليلاً….. فقال إبراهيم بهدوء….
“تعالي قعدي جمبي الماذون هيكتب الكتاب دلوقتي……”
توردت وجنتيها وهي تجلس قرب الاريكة على احد المقاعد…. وقد بدات اجراءات عقد القرآن….. وقد
كان إبراهيم وكيل نفسه بامر من والده….
وضع ابراهيم يده بيد عارف وكيل العروس….
و وضع الماذون على ايديهم المحرام…وردد بعد الايات القرانيه والاحديث.. ومقدمة لا بأس بها عن الزواج ثم بدأ بالاجراءات في حضرة الجميع…….
قال الماذون بعملية….لي ولي العروس….
“إني استخرت الله العظيم وزوجتك موكلتي وابنتي سمر جمال…..”تابع الماذون الجمل متقاطعة وبدأ
عارف يردد خلفه بهدوء وتاني…..
حين اتى دور إبراهيم تلقائيا عانق يد سمر الجالسة جواره بيده المتحرره وردد ما قاله الماذون
بتاني وسعادة وهو يتحسس يدها بابهامه……
” إني استخرت الله العظيم وقبلت زواج موكلتك
سمر جمال على كتاب الله وسنة رسول الله وعلى الصداق المسمى بيننا عاجله وآجله والحضور شهود على ذلك والله خير الشاهدين….
اعطى الماذون القلم لسمر لتوقع على العقد….
ابتسمت سمر بخجل وهي توقع بيد ترتجف
وقلب يرقص بصخب داخلها…..
وفي الاخير وقع إبراهيم على العقد والشهود
كذلك……وقد اعلن الماذون بعدها انهما زوجين
على كتاب الله وسنة رسوله……..
انطلقت بعدها زغاريد الفرح من زينب وبعض الجيران الذين دخلوا حينما بدأ الماذون باجراءت العقد…..
مسك إبراهيم يدها كي تنهض وبالفعل نهضت سمر
بوجهاً احمر من شدة التوتر والسعادة وضربات قلبها العالية يكاد يسمعها الجميع……
نظرت سمر له بتردد….فوجدته يميل عليها ويطبع قبلة طويلة على جبهتها اغمضت عينيها بضعف وهي تشعر انها ستموت من شدة الفرح وعدم الاستيعاب بانها زوجته الان امام الجميع……
بعد ان ابعد شفتيه الساخنة عن بشرتها الشاحبة الباردة……نظر لعينيها وهي كذلك ثم قال ببحة عميقة حاملة مشاعر غاية في دفئ والحنان….
“مبروك ياسمر……..مبروك ياحبيبتي….”
توردت وجنتيها وهي تقول بهمس….
“الله يبارك فيك يابراهيم…..”
لم تتصور انه سيعانقها امام الجميع بدون ان
يخجل…..ضمها الى صدره ودفن وجهه بجيدها…
ترقرقت دموع الفرح في عينيها وهي تمرر يداها
على ظهره بحنان مربته عليه.. وبادلته العناق باشتياق فكانت رحلة طويلة شاقه اخذت من كلاهما كثيراً واعطت اكثر….. وقوة رٱبط الحب بينهما
عن السابق بكثير…..
همس إبراهيم بالقرب من اذنها بخفوت ملتهب بالمشاعر……
“بحبك…..بحبك اوي ياسمر….”طبع قبلها على جيدها في الخفاء……..اغمضت عينيها هائمة بضياع….
“وانا بموت فيك ياحبيبي…….”
بعد لحظات فصلا العناق لأجل مباركة الجميع لهم…
وبعد هطول المباركات الحارة عليهما من الجميع
قالت زينب برفق…..
“محدش يمشي ياجماعه.. قبل ما يتغدى….” ثم نظرت لابنتها قائلة بحنان…..
“خدي جوزك وادخلوا قعده جوا ياسمر… هحضرلكم
صنية الغدا……”
قالت رحمة وهي تسحب حبيبة من يدها كذلك…
“انا وحبيبه هنساعدك ياخالتو ام أحمد…..”
نظرت لهم زينب بتردد وحرج…… قالت رحمة بتودد
“او تقعدي انتي واحنا هنعمل اللي انتي عيزاه….”
قالت زينب بدهشة…..
“يادي العيبه… دا انتوا ضيوفنا… قعده وكل حاجة هتجلكم لحد عندكم…….”
قالت حبيبة تلك المرة بمحبة….
“لا هنساعدك ياطنط…….مفيهاش حاجة يعني ماحنا قعدين اهوه…. ”
اضافت رحمة بابتسامة حانيه….
“وبعدين احنا مش ضيوف….احنا خلاص بقينا أهل……”ذهب الفتيات خلفها للمطبخ كي يعدوا الطعام للرجال وبعض الجيران الذين حضروا عقد القرآن……
دلفت سمر لغرفة الصالون وابراهيم خلفها
سحبها إبراهيم سريعاً من يدها فوقعت على
صدره وهي تشهق بدلال….
“إبراهيم……”
لفح وجهها بانفاسه الساخنة هامساً بحرارة بالقرب من شفتيها المطليه بالحمرة الشهية…..
“إبراهيم استوى ياسمر……حني عليه….”مالى عليها
وقبلها بحرارة وترك ليداه العابثة حرية السير على مفاتنها البارزة من خلال هذا الثوب……
ابعدت سمر يده وهي تفصل القبلة بصعوبة قائلة بانفاس متهدجه…..
“لم ايدك……….. وبطل قلة آدب…..”
“انتي عبيطة…. انا كتبت الكتاب خلاص….”قالها
وهو يخبط جبهته بخاصتها برفق ثم مالى على
عنقها ووزع القبلات عليها بتمهل حارق…ويداه
تسبح على جسدها بجراءة…..
اغمضت عينيها بضعف شاعره بجسدها كله يحترق تحت لمساته وقبلاته القوية المتطلبة لاكثر من ما يناله منها……ولم تكن تتصور انه وقح لتلك الدرجة
وكانه كان يراوض جموحه ورغباته خلال تلك السنوات حتى تنفجر امامها هي الان..
“هو الفستان دا ملوش منفس…….”قالها إبراهيم بحنق وهو يلتهم شفتيها الطريه باسنانه مجدداً لكن بقوة جعلتها تتأوه بجنون واستمتاع……….
لا تعرف ان هذا زاد جموحه عليها فتعمق اكثر في تلك القبلة حتى تحركت اقدامهم عند حافة الاريكه فوقعت سمر جالسه عليها وهو ينحني عليها
بجموح ساند ركبته على الحافة جوار وركيها…
رافع راسها بيده حتى تتمكن شفتيه من النيل منها
أكثر………ترك شفتيها كي تاخذ انفاسها المسلوبه بينما هو يمرر شفتيه على وجنتيها بحب….. ملامست شفتيه على بشرتها الساخنة كلمسات اوراق آلورد……ناعمة لينة منعشة للروح……..
ابتسمت بخجل وهي تحاول ابعاده عنها….
” كفاية يابراهيم لو حد شافنا… هيبقى شكلنا
وحش اوي…….. ”
ابعد شفتيه عن وجهها وهو ينظر لعينيها بشوق و وحوش الرغبة استيقظت بداخله… وكل تلك
اللمسات والقبلات بينهما احدثت فوضى بداخل
جسده الجائع وقد فجرت الدماء في راسه فقال
بنبرة ساخنة…….. وهو يرمق شفتيها المتورمة
اثار هجومه عليها……
“انتي حلوة كده ازاي….. عايزة تتاكلي…..”
نهضت سمر سريعاً قبل ان يقبلها مجدداً….
“وبعدين معاك يابراهيم…….هتخوفني منك كده…”
اقترب منها إبراهيم مدعي البراءة بمزاح…..
“هخوفك….. دا منظر حد بس تخافي منه… تعالي اقولك حاجة في بؤك…. ”
ابتعدت عنه مجدداً بدلال….
“إبراهيم بس بقا…..”
“بس انتي تعالي…….” مسكها تلك المرة من
خصرها فضحكت وهي تهدده بميوعه….
“هصوت وهلم عليك الناس…..”
“بوسه واحده ياشبح….. خليك جدع…..دا انا جوزك برضو……. ” مالى عليها وقطف شفتيها باسنانه
لكنها سحبت راسها للخلف قائلاً بشقاوة….
“يسلام وجوزي دا ما شبعش….”
مالى عليها مجدداً…..
“هو انا عملت لسه حاجة……”
قالت سمر بجدية ليس أوانها….
“إبراهيم بجد لازم اكلمك في حاجة مهمه…. تخص جوازتي الاولى……”
ترك خصرها سريعاً وهو يرفع راسه عنها وقد جز
على اسنانه بغضب وغيرة…….
“اي لازمة السيرة دي ياسمر…….دا انا بحاول انسى……. ”
ابتعد عنها خطوتين مرجع شعره للخلف بغيرة فكانها القت عليه دلوٍ من الماء البارد لم يكن جاهز اليه أبداً
لحقت هي به سريعاً ووقفت امامه وهي تساله بجدية……
“بتحاول تنسى إيه بظبط…..”
نظر لها إبراهيم بقوة قائلا بتحذير فهو على حافة الغضب…….
“ممكن تسكتي…….. انتي عايزه تقلبيها نكد….”
قالت سمر بسرعة……
“مش نكد يابراهيم… والله ما نكد….. انا عايزه
اريحك وقولك على الحقيقه…..”
سالها باستنكار…..
“حقيقة !!….. حقيقة اي بظبط……”
اخذت سمر نفساً طويلاً ثم قالت مرة
واحده…..
“حقيقية اني انا لسه زي مانا يابراهيم…..ماهر ملمسنيش……”
عند باب الصالون وقبل ان تدخل رحمة سمعت تلك الجملة تخرج من سمر…… فوقفت مكانها متسمرة
متسعة العينين……
مسكها ابراهيم من يدها وهو يسالها بخشونة وغير استيعاب…..
“انتي بتقولي إيه….والشهر اللي قعدتوا مع بعض
ده كان إيه….”
تنهدت سمر ونزلت دموعها تلقائياً عند تذكر تلك الأيام العصيبة السوداء…….مزالت تشعر بها كمرارة
العلقم بفمها كلما تذكرتها………
حينما راى دموعها عانق وجهها بيداه بحنان وهو ينظر لعينيها بعمق وقلق …..
“انتي مخبيه عني اي ياسمر…..اي اللي حصل
معاكي رد عليا…….”
سردت سمر امام لهفة عيناه وقلقه عليها…
“بعد ما ماهر اتهمك في قضية المخدرات……حاول يضغط عليا بجواز عشان يخرجك….وانا رفضت وقولتله اني معنديش مشكلة استناك العمر كله….بعدها علطول احمد عمل حادثه بسيطة….
عربية خطبته وهو بيعدي الشارع….وبعدها
ماهر بعتلي رسالة بيهددني ان دي مجرد قرصة
ودن والجاي الله اعلم كان هيبقا عامل إزاي…..
ترك ابراهيم وجهها وهو ينظر لها بصدمة ممزوج بالغضب من شخصا أصبح من الأموات ودين
دفن معه ولن يسترده مدى الحيآة……تابعت سمر
وهي تبعد عينيها عن تعابير وجهه المشدودة
بحدة مخيفة……..
“يومها خرجت من المستشفى على مكتبه….ووفقت اني اتجوزه بشرط يخرجك من القضية…وهو وافق ووكل المحامي اللي خرجك منها…….
“وساعتها اتفقت معاه ان اول ما تخرج هنجوز… وفعلاً دا اللي حصل… ساعة خروجك كانت نفس
الساعة اللي كنت بمضي فيها على قسيمة
جوازي منه……..
” بعدها اتفقت معاه….. اني محتاجه اخد وقت على
ماتعود عليه واحبه و….. وديله اللي هو عايزة برضايه…….. ”
اظلمت عينا ابراهيم و ازدادت قتامة وجهه
ولتوى فكه بتشنج……. وهو يتابع حديثها
بصدر منقبض……..وقلب موجوع…..
بللت سمر شفتيها وتابعت…
“ساعتها قالي انه هيسبني شهر…شهر بس…وقتها
صدقته لحد معدى أسبوع واحد…وفي اليوم اللي قبلتك فيه وانا رجعه……اتهجم عليا وضربني وحاول….”بلعت الكلمة وهي تتغاضى عنها متابعه…
“بس ربنا نجاني وقتها…. وقدرت ابعده عني في
اخر لحظة…..وطلبت الطلاق ساعتها…. وتخنقنا….
وهو طبعا رفض يطلقني…..صدقني انا لحد دلوقت
مش عارفه ولا مستوعبه الايام ازاي عدت عليا بعدها……
تنهدت بحزن وهي تتابع باسى…
“المهم انه جه يوم الحدثه….وقالي انه مستعد يطلقني وان هياخدني دلوقتي يروحني…..ساعتها فرحت وصدقته زي الهبله….كُنت زي الغريق اللي بيتشعلق بقشايه……..كنت عايزة اخرج من السجن ده باي طريقة………فروحت لبست وخرجت معاه…..”
برمت شفتيها ساخرة بحزن….وعينيها تذرف
العبارات الساخنة بوجع……
“اتضح بعد كده وانا معاه في العربية….اننا
مسفرين……كان عايز يرميني في اي بلد بعيد عنك…..كان مجنون مكنش طبيعي….بذات لما اكتشف ان العربية مفهاش فرامل….عمري ما هنسى اللحظة دي مش هقدر انساها ابدا……لما قفل عليا باب
العربية ورفض يخرجني منها…..عشان اموت
معاه…. “انفجرت في البكاء فجأه بصوتٍ عالي…..
سحبها ابراهيم لاحضانه وقد نزلت دمعتين من عينيه حينما ضمها لصدره فكان جسدها باكمله يرتجف
بين يداه……..دموعها الملوثه بالكحل تطبع على قميصه الأبيض……همس إبراهيم برفق لها…
“هشش اهدي………….. متكمليش كفايه كده……”
مسحت دموعها وهي تبتعد عنه…قائلة بشجن….
“دي أسود ايام مرت في حياتي…… يارتني انساها……يارتني انساها……”
حدثها ابراهيم معاتباً بحزن…..
“ليه مقولتليش…..لما كنا مع بعض وقتها لي مقولتليش…….”
زمت شفتيها الحمراء….
“كنت هتعمل اي يعني…..”
قال بقوة وعيناه الحادة تشتعل غيرة
وغضب من هذا الحقير……..
“كنت هخطفك…..هخطفك وروح بيكي اخر الدنيا……”
هتفت بلوعة امام عيناه…..
“يسلام ماهر مكنش هيسيبك…….”
هتف بملامح مشتدة…..
“كنت هقتله…….هقتله وخلصك منه…”
توسعت عينيها بصدمة…. وعقبت ذاهلة….
“يسلام……….وتضيع نفسك……”
صاح بغيظ….
“مش احسن ما تضيعي انتي…..”
“انا فداك……”قالتها تلقائياً……بينما نظر هو
لها طويلاً بصمت ثم عقب بتعجب…….
“فدايا !!…….انتي مفكره الدنيا دي تسوى في عيني حاجة وانتي مش معايا فيها……”
تلك المرة هي من القت نفسها باحضانه ودفنت
وجهه في عنقه باكيه……
“ولا تسوى في عيني ياحبيبي…..ولا حاجة في دنيا قدرت تعوضني عنك…..ولا اي حاجة…..”
ضمها اليه اكثر وترقرت الدموع بعينيه قائلاً بلوعة
محب……
“انا بحبك ياسمر…..وقلبي وعيني مش شايفين غيرك……….انتي نصي الحلو يابت…….”
ابتسمت سمر وهي تتنهد براحة……أخيراً تشعر
الآن انها تحيا كالبشر……..وينبض قلبها كالاحياء…
وطيف الدفء والحب يلامس مشاعرها المهشمة
برفق…….
منذ متى وهي فاقدة تلك المشاعر؟…منذ ان ابتعد
وحرمها منه ومن كل شيءٍ تستشعره بوجوده !….
كان الدواء لداء الحياة…..كان الدفء من قرصة
الشتاء……. كان الحب في لحظات الجفاء……
كان الحنان من بين قساوة البشر….فكيف
لا تحبه وتغرم به…….وكيف لا تتأثر حينما
يهجر قلبها المتعلق به……كالحياة هو لها…
وهي عادت أخيراً للحياة !…….
مسحت رحمة دموعها وهي تبتعد عن الباب وصنية الطعام بين يداها……..
………………………………………………………….
بعد عدت ايام…..
سحبت سمر يدها بامتناع…..
“لا لا…….. انا مبحبش الحنه……..”
توسعت عينا عفاف وهي تضحك ذاهلة….
“في عروسة يوم حنتها متحطش حنة…..”
قالت سمر بنفي….
“انا مبحبش المهرجه دي ياعفاف مانتي عارفة….”
قالت عفاف بلطف…..
“متخفيش… هرسملك رسمه رقيقه على ضهر
ايدك…..اتفقنا…….”ثم رمقتها بزي الهندي
وقالت بمدح…..
“الساري حلو اوي عليكي ياسمر….وكانه اتعمل عشانك…….”
ابتسمت سمر برقة…وهي تتأمل الزي الهندي
ذو اللون الفضي المطرز….كان عبارة عن ثلاث قطع…..القطعة العلوية تصل لنصف خصرها…
كاشفة عن النصف الاخر وبطنها المسطحه كذلك…….اما النصف السفلي عبارة عن
تنورة طولية متسعه قليلاً كفساتين الاميرات…
ام الشال فكان شفاف من نفس للون الزي
وكانت تعلقه على كتف واحد ليتدلى من جانب
واحد باناقه……
تركت شعرها تلك المرة طليق بنعومة بموجاته الصاخبة…. وقد وضعت بعضاً من الزينة وحمرة
شفاة وردية تلمع لمعة ملفته…..
دخلت امها في تلك الاوقات فوجدت سمر تجلس على حافة الفراش وعفاف امامها ترسم لها
الحنة……
“لسه مخلصتيش ياسمر….دا الناس بدات تهل….”
قالت سمر بهدوء….
“ساعة كده وطلعين…….”
قالت عفاف بفرح وهي ترسم الحنة…..
“ابراهيم عامل شادر تحت انما إيه……حاجة كده
اخر جمال…….”
قالت زينب بسعادة….
“امال ياعفاف…هو هيعمل كل شوية…دي ليلة العمر……”
قالت عفاف بخبث…..
“مالعروسه مش اي حد برضو ياخالتي….دي حبيبة القلب……”
ابتسمت سمر بخجل وهي تعض على شفتيها
مطرقة براسها….
خرجت زينب وهي تضحك بسعادة واطلقت الزغاريد العالية وهي تغلق الباب خلفها…….
صدح هاتف سمر بعد لحظات…..
فاخرجت عفاف همهمات خبيثة وهي تقول….
“كل ربع ساعة يرن…….ماتقوليله انك مش فاضيه…اي مش قادر يصبر….كلها سواد الليل وتبقي في حضنة…..”
توردت وجنتي سمر وهي تنظر ليداها الإثنين التي رسمت عفاف عليهم الحنة برسمة رقيقة ولكن ممتدة
على ذراعها قليلاً بافرع من الورود الصغيرة….
قالت عفاف ورنين الهاتف مزال مستمر…..
“اي رأيك كده……”
تطلعت سمر لرسمة الحنة مجدداً ثم قالت….
“حلو اوي ياعفاف تسلم إيدك…..”
نظرت عفاف للهاتف ثم ضيقت عينيها بسأم…
“مش هيبطل رن…..السماعة جمبك حطيها وكلميه
خدي بالك لحسان الرسمة تبوظ……”
نهضت بعدها عن المقعد وقرصة وجنة سمر بحنان وهي تقول بمحبة…..
“الف مبروك ياسمارة….ربنا يتمملك على خير يابعد
جلبي………”
القت سمر اليها قبلة في الهواء وهي تراها تغلق
الباب خلفها……..
تنهدت هائمة وهي تضع سماعة البلوتوث…تاركه الهاتف على الفراش وهي تسير بالغرفة بتغنج…
اتى صوته سريعاً قائلاً بصوتٍ رأق لابعد حد…
“بيعمل اي الشبح من غيري…..”
ردت سمر بابتسامة ساطعه……
“برسم حنة وانت…..”
مط ابراهيم شفتيه قائلاً وهو مزال يبحث في
خزانة الملابس……
“لسه بدور على القميص……تيجي تدوري معايا… ”
ضحكت وهي تساله بدهشة….
“لا شكراً…… بس كل ده ملقتهوش……”
قال بسأم وهو يبتسم…..
“البيت كله بيدور عليه……..”
“شكلك زعقت وهللت…….”قالتها وهي تسير في الغرفة ذهاباً واياباً وعيناها على رسمة الحنة….
اوما وهو يبحث بجزع….
“طبعا…..شوفي اكتر حاجة بتقفلني اني احط الحاجة ورجع ملقهاش………دي بتجنني…….”
تساءلت بتهيدة ناعمة
“واي تاني بيجننك…….”
اتى صوته العابث……
“اني لسه هستنا بكرة بفارغ الصبر…….قوليلي
فاضل كام ساعة…….”
اطلقت سمر ضحكة مفعمة بالانوثة وهي
تسأله….
“انت مستعجل اوي كدا ليه……”
اخبرها ابراهيم بحب….
“طبيعي استعجل…….أخيراً هيتقفل علينا باب واحد……..”
سالته سمر بدلال…..
“بتحبني ياهيما…….”
اتى صوته المراوغ رومانسياً لابعد حد….
“بحبك……دا انت العشق……..العشق ياشبح….”
ابتسمت وهي تقول بارتياب…..
“الرومانسيه الزايدة دي مقلقاني…..انت كويس.. ”
مط شفتيه بحنق حقيقي وهو مزال يبحث عن القميص……..
“لو عليا انا مش طايق نفسي بعد ضياع القميص….”
اقترحت بهدوء…
“البس اي واحد تاني……”
اوما واجماً وهو ينتبه لحديثها اكثر…..
“شكلها هترسا على كده……انتي لبستي إيه….”
اجابته بايجاز….
“ساري هندي……”
سألها…..
“عريان…..”
“لا يـعني مـ……”
اتى صوته الجاد….
“متكدبيش………..عريان صح……”
ردت سريعاً بدفاع….
“مش بظبط…..وبعدين محدش هيشوفني غير الستات اي فيها….”
ذكرها بحزم….
“واخوكي وخالك……”
ردت سريعاً بهدوء….
“متخفش امي مش هطلع احمد عشان البنات وكده…… وخالي هيطلع يعمل اي أصلا…هيقعد تحت مع الرجالة… ”
ثم اضافت بترجي مبررة…..
“ابراهيم…….بالله عليكي عديها المرادي انا هقعد
فوق السطح وانت عارف السور أصلا عالي ومفيش حد شايف حد…..وكلها ستات في بعض…..”
اوما وهو يقول بخشونة….
“ماشي….انا كده كده جاي أصلا ابص عليكي وقعد معاكي شويه……واشوف بقا عريان ولا ….”
قالت بتلعثم وخجل….
“هتيجي……..تيجي وتشوفني كده…….مينفعش.. ”
زم شفتيه قائلاً باستهجان…..
“معلش مشيها ينفع…… واعتبريني جوزك…….”
رفعت حاجبها بغباء…..
“طب مانت جوزي فعلاً يابني……”
عقد حاجبيه بتعجب…ثم عقب بسخرية…..
“يابني !…..بسم الله ماشاءالله……دا الدلع بتاع
بعد الجواز……..”
اومات بدلال…
“تقريباً……….آآه……..”
“تقريباً انا لقيت القميص……..”قالها وهو يرفع القميص بين يده بعد ان وجده……
سالته باستغراب وهي تبتسم….
“لقيته فين……”
حك في شعره قائلاً….
“كنت حطه في حته تانيه وكنت ناسي……”
ضحكت وهي تقول بذهول…..
“يالهوي…..وزعقت للبيت كله !!…”
اضاف ابراهيم بمزاح….
“دا انا مسبتش حد غير لما اتعصبت عليه…….”
قهقة سمر عالياً……..وجدته يخبرها بنبرة حانية…
“هنزل قعد شويه تحت وبعدين اطلعلك….عشان اشوف الساري….”
قالت بسرعة…..
“لا……… مش لازم تشوفه…….”
عض على شفتيه بتوعد لها……
“مش عايزني اشوفه عشان انت كداب ياشبح……..
وهتزعل على الكدب ده……..”
اغلقت معاه بعد مدة من الاحاديث المتبادلة التي
لا تخلو من مزاحه وكلمات الحب على طريقة
ابراهيم راضي ؟!….
بعد ان غسلت يداها من الحنة وظهرت الرسمة الرقيقة على يداها فزادة حلاوة مع الساري
الهندي الفضي……
صعدت للاعلى فوق السطح واستمرت
الزغاريد والطبل والزمر ورقص ساعات
طويلة والاغاني الشعبية تدوي بصخب
حولهم…….
وايضا بالاسفل عند ابراهيم استمرت هذه الأجواء المفعمة بالفرح والسعادة….. وقلوب متوهجة باسم الحب………..
…………………………………………………………..
خرج من الخيمة الكبيرة التي يجلس بها رجال في الشارع……..
رفع عيناه للاعلى عند سطح بيتها فمزال الضجيج
مستمر واختلاط اصوات الاغاني وزغاريد يدوى
من عندهم…..
بمنتهى التسلط الذكوري صعد للاعلى كي يراها…
ويشاكسها قليلاً…وكي يروي فضولة برؤيتها
بساري………..
عندما وصل لسطح المنزل وجد المباركة تهطل عليه من سيدات الحي وبعض الفتيات المراهقات….وهناك
من لا يتوقف عن الغمز ولمز الحاقد عليه…فهو اتى الى هنا خصيصا كي يرا العروس…..وترك الرجال
بالاسفل لياتي الى هنا إليها…….
همست احدهم لصديقتها….
“اوعدنا براجل مسحور بالحب………”
قالت الأخرى هائمة بتعجب…..
“مسحور……دا عاشق…..اموت ولاقي حد زيه…او ربعه انا معنديش مشكلة……يابختك ياسمر… بعد كل اللي حصل اتجوزها…. ”
ضحكت الاخرى بخبث….
“مش بقولك مسحور بالحب……”
رفع عيناه عليها فوجدها بكامل اناقتها كما هي دوماً
شهية كحلوى الأطفال….. تسيل العاب وتتلهف لتذوقها واحده تلو الاخرى بشهية مفتوحة دوماً باستقبال حلواها…….
وقف مكانه يتاملها وهي تتمايل بخفة ورشاقة على اوتار الموسيقى الشعبية وامامها بعض فتيات الحي وايضا زملاء العمل اللواتي يعملن لديها….
كانت ترتدي زي غاية في الجمال عليها فضي براق
يكشف ذراعها باكملة…… ونصف خصرها المسطح
وتنورة طويلة وانيقة… وشاله يتدلى بجمال مغري
على كتف واحد…..
شعرها يتراقص حولها بجمالا ، وترى واجهة
الفتون من خلالها فيقف القلب مسحوراً بالبهية
وعندها تنتهي قصائد الغزل وتبقى قصيدة
واحدة على اللسان……
يامن عبثتِ بقلبي بعيونك السوداء…
يامن فتنتِ عيني بشعرك الغجري…..
يا من سلبتِ عقلي بضحكة واحدة……
يامن اهتز وجداني امام جسارة قوتك……
يا من حرقتِ الصبر في بعدك….
يامن عبثتِ بقلبي بعيونك السوداء
ارحمي قلب عاشق ذاب فؤاده
في غمرة عشقك……
تاملها طويلاً……لحظات وهو يقف يراقب ضحكتها
وقلبه يخفق خلف صدى الضحكه بلهفة…..يراقب
تمايلها وفتون جمالها…..
يراقب زوجته……………سمر…….
مذاق الكلمة حلو شيءٍ اتى بعد عذاب وهجر شيءٍ
اتى بعد نزعات….شيءٍ اتى بعد ان قوى الحب و زاد
التعلق بها…واصبحت مشاعره الان اقوى وامتن من
السابق………واصبحت تلك المرأه الماثله امامه
تشكل له حياة بمعنى الكلمة….وهو الاحمق
الذي كان يحاول بشدة انتزاع حياته بيده ؟!……..
كانت محقه هي تجري بعروقه…..هي تشكل له اكثر مما كان يظن….واكثر مما تبرهن هي به……سمر نصفه الاخر…. تؤام روحه………..لم يستشعر الحب إلا لاجلها…..ايقظت قلب ظن انه خالي من
المشاعر….
أخيراً اقترب اقترب بعد لحظات طويلة من التأمل
والقاء الغزل قصائد خفيه لأجلها…….
انتبهت سمر لوجوده فوقفت بحرج وهي تبتسم
بوجنتي زحفت الحمرة الشهية لهم عند رؤيته…
“ابراهيم…….. جيت برضو……”قالتها وهي تقترب
منه وتعدل الشال الشفاف عليها حتى تخفي
خصرها العاري بحرج…..حرج شهي لعيناه…
ولقلبه المسلوب امام حضرة جمالها….
رفع ابراهيم حاجبيه وهمس بعدم رضا….
“طلع عريان……”
ابتسمت وهي تقول بدلال…..
“عديها بقا ياهيما……مفيش حد غريب كلها ستات……..قولي انت سبت الشادر وطلعت…”
رد وعيناه تطوف عليها بوقاحة خفيه….
“شويه ونازل قولت ابص عليكي…….وشوفك….”
ابتسمت وهي تقول بهمس….
“بس اي رأيك….. حلو……”
رد ابراهيم بمدحٍ منفرد…..
“مفيش حاجة بتبقى وحشة عليكي… لو لبستي خيش هتبقي حلوة برضو……”
هزت سمر راسها باستياء…. فهو غزله منفرد.. حبه منفرد… مدحه منفرد….كل ما به منفرد…..وربما
هذا مايظمأ قلبها ويرتوى في ان واحد ؟!…..
لعقت شفتيها امام عيناه المظلمة…ثم قالت…
“كده فهمت انه حلو عليا…..انت كمان طالع
حلو اوي بطقم ده……..”
اقتربت منه امام الاعين المتربصة لحركاتهما رغم انهم لا يسمعون همساتهم بسبب صخب الموسيقى
العالي……..
كانت بالقرب منه امامه مباشرةً… ثم مدت يدها واصابعها الطويلة تمشط خصلاته السوداء
مرجعه اياها للخلف قائلة باهتمام…وهي تنظر لشعره……..
“شعرك عايز يتسرح…… باظ……”
اقترب منها اكثر وشذا عطرها يداعب انفه….
“بجد…. طب اعدليه……بدل ما نزل….”
ابتسمت بنعومة وهي تتخلل باصابعها خصلاته للخلف وهي تقول بنعومة…
“كده تمام…..”
قرب وجهه منها بخبث…..
“متاكده……..انا حاسس ان لسه……”
لمعة عينيها بالحب ورغم ذلك قالت
بخجل….
“ابراهيم…………….الكل بيبص علينا….”
وضع يده على خصرها العاري ليلامس لاول مرة
بشرتها اللينة الناعمة….قال هامساً بحب…..
“سيبك منهم…………وركزي معايا……”
بلعت ريقها بضعف وتساءلت
“عايز إيه… ”
مالى عليها وبعثر انفاسه الساخنة على عنقها
وقال ببحة عميقة…..
“عايزك في حضني شوية…….”
اطاحت بالحرج ونظرات الحساد في عرض الحائط
اقتربت منه اكثر واحاطت عنقه بيداها وهو قربها اكثر منه ويداه تحيط خصرها الغض…..
مالت سمر براسها وسندت جبهتها على خاصته بنعومة….اغمض ابراهيم عيناه بضعف شاعري
وقلبه يعصف بصدره بقوة…والاشتياق لها يمزق
احشائه وما عليه الا التريث وترويض جموحه
حتى طلوع الشمس……
اغمضت سمر عيناها هي ايضا وهي تشتم انفاسه الساخنة الممزوجة برائحته الرجولية وعطرة بنهم
لا تصدق انها في احضانه وامام الجميع…..يخفق
قلبها بلوعة ومشاعرها تزداد صخب وجنون
بعد لمسته على خصرها…..
ظلا الجميع يراقب تمايلهم البسيط وعناقهما الحميمي الشاعري……هناك من يتابع بنفس
راضية واخرى حانقة حاسدة………
ساعدت عفاف في تلك الرقصة باطفاء الأغاني الصاخبة وتشغيل أغنية هادئة مفعمة بالإحساس…
همست سمر وهي مزالت تلصق جبهتها بخاصته…
“بحبك ياهيما……..”
اخبرها هامساً وشفتيه لامست شفتيها في
الخفاء…..
“وانا بموت فيكي ياست البنات……”
بعد تلك الجملة…… وضعت راسها على كتفه وهو ضمها اليه اكثر…. وزاد صياح الجميع بفرح وصفق
البعض لهم بحماس…….وقد انتهت الامسية والجميع لا يحكي إلا عن رقصة العاشقين…..
………………………………………………………………
جالسة بسكون جواره تنظر للطريق الراكض امامها
بعينين ذابلتين…… ساكنتين…….. صمت باهت
كنظرتها للحياة…. قد مر عدت ايام قصيرة على
حديثهما……..قرار الانفصال……..
يالله كم تشعر بصدأ الكلمة في حلقها…الم يكن هذا
ما تسعى اليه حينما اكتشفت انها نقطة في بحر
نسائه…..رقم سياتي بعده !……..
لماذا ينحر الالم قلبها…لم تكن الحقيقة مخفية عنها
فهي قبل حتى الوقوع بحبه كانت تعرف انها
رقم……زيجة رقمية محددة المدة كغيرها…حتى
يمل سيدها ويطالب بجارية غيرها……
وقد طالب وهي على ذمته…وحين طلبت الطلاق لبى
السيد بعنجهية وجفاء ولفظها من حياته…او بعد زفاف اخته كما اوضح لها…..
تلك الايام التي قضتها معه كانوا ثقال على قلبها بشكلا غريب…تعبت نفسياً وزادت ضغطٍ على كونها
لا تقهر من الفراق……لكن على من اتقنت الدور !…
والله حتى هي لم تقتنع بصورة المراة الصامدة
امام شق غائر كهذا بحياتها……
على من تمثل…بكت وتعذبت ليالي وهو لا يفصله عنها إلا حائط…. وقد امتنع الى الدخول اليها
امتنع عن رحمها من العذاب……
بينها وبين نفسها كانت تتمنى ان يطلق ميرال ويعود لها……. كانت ستعود ضاربة بكل شيء عرض الحائط
وتعود إليه…..
هي تجد به اماناً ، تجد بها بيتها…. تجد به النصف الحلو في دنيا والعوض من شقاء الحياة….. تبرر له رغم احساسها بالغدر رغم غضبها كانت سترضى ان اعترف لها ان الأمر نزوة ومرت !…… او كان مجبر للزواج من أخرى لاجل المناقصة………
داخلها شيءٍ هش يريد السماح إليه… الغفران للغدر والخيانة… بداخلها امرأة تحتاج لرجلها بقوة….تنتمي
اليه اينما كان ومهم فعل…..
وامرأه اخرى موجوعه مذبوحه بسكينٍ بارد….تريد
الخلاص من الوجع النجاة….وما النجاة إلا بالبعد
عنه……… عن معذبها ؟!……
من طرف عيناه ومن اسفل نظارته السوداء القى نظرة عابرة عليها محملة بالوجع والحزن منها
وعليها……
حرك يداه على عجلة القيادة وهو شارد بشيءٍ اناني جداً ولكن يحق له التفكير به هو
كيف ستكون حياته دون حنين؟؟
تساءل كثيراً بينه وبين حالة…هل سيتابع حياته بعدها……هل عليه ان يجبرها على العيش معه
وهل عليه بعد ان يكشف لها الحقيقة كاملة ان يتابع هو معها……
لمن يعطي الامان ويبني الوعود وهي بهذا الشكل لا تثق به ولا تملك المواجهة للمتابعة…..
ليس الحب كافياً…هو يعلم ان بينهما شيء حلو شيءٍ
دافئ مزيج ما بين الراحة والتكامل……يعلم انه وجد
نفسه معها حركت مشاعره واصبح عاشق على
يداها !….
اصبح يكتفي بها…… ولا يكتفي منها…… فكيف لا تثق
به وان فقدت الثقة في سهوة الموقف كان عليها ان تواجهة لا لتهرب منه…. وتقصه من حياتها بهذا الشكل المخزي…..وكانه لم يكن يعني لها
شيءٍ أبداً !..
وكان الزواج بنسبة لها حياة وردية خالية من المشاكل والتعقيد…..وحتى المشاكل تريدها
مبسطه لأجل ان تواجهة !!….كيف…وكيف هو يتهاون في تلك النقطة….تلك النقطة ستكون
الدمار لم بينهما……من يخدع هي بالفعل دمرت مابينهما !….وتسببت بالوجع له وهو
زاد اوجاعها……
ربما السبب الذي يجعل منه سادي معذب لها بكلمات هو عقاب عن هروبها منه وطلبها للطلاق دون مبررات مسبقة…
لكنه تلك الايام يشعر ان لا أمل من هذا العقاب
لن يتحمل اكثر عذابها….سيكشف براءته فهذا
من حقه…… وبعدها تفعل ما تشاء فهو لن
يمانع…….
هو أيضاً تعب ويريد ان يبتعد ويرتاح….ربما نساها كغيرها….
لوى شفتيه عند تلك النقطة بتجهم….فحقاً ياليتها كانت مثلهن ماكان سعى كي يبراء نفسه امامها….ما كان سعى لاي شيءٍ معها !…..كان تركها كغيرها
دون لحظة تردد واحدة……..
وصلا للفيلا وكان الصمت الكئيب يخنق كلاهما والافكار تنهش في العقول بضراوة كقلوبهم
التي تخفق شوقاً ووجعاً من لوعة الحب…..
كان ينظر امامه حين قال بهدوء لا ينهم عن صراعه
الداخلي منذ دقائق…….
“وصلنا ياحنين…..زي ما تقفنا هنقضي اليومين دول هنا…..بكرة فرح آية….بعد الفرح هنفذ اللي انتي عيزاه………”صمت لبرهة حينما وجدها لم ترد
وتهرب من نظراته في التطلع في الحديقة
الداخلية باهتمام مصطنع… حتى لا تبكي….
يعلم انها ستبكي فبدات ترمش بعينيها عدت مرات محاولة السيطرة على تلك الدموع التي تود التجمع بمقلتيها……..
اخذ عز الدين نفساً عميقا وتابع وهو ينظر اليها بطرف عيناه اسفل النظارة…….
” مش عايز آية تعرف حاجة……… مش عايز اي حد يعرف حاجة ياحنين… خلينا ننفصل بهدوء…. اتفقنا……. ”
نزلت دموعها فمسحتها سريعاً وهي تشعر بالخزي من تلك المشاعر…. الضعف… تكره ضعفها… تكره ترددها
تكره حبها الذي يجعلها بلهاء امام جمودة……
كارهة الدموع…. لماذا تبكي…. لماذا لا تصرخ بوجهه..
لماذا جالسة حتى الآن… الن تخرج من تلك السيارة
انها تختنق تشعر ان جوانب السيارة تطبق على انفاسها وكانها محتجزة في تابوت……..
فتحت الباب وخرجت من السيارة سريعاً وعند اقرب جدار تقيأت بقوة…… شاعره بروحها تنسحب
منها…
وقع قلبه وهو يلحق بها مخرجاً منديل من جيبه وقنينة ماء من السيارة……..
افرغت ما بمعدتها بقوة ووجع….الطعام لا يظل بمعدتها….منذ فترة وهي تعاني من الم المعدة التقيأ
الارق والنوم الكثير والاجهاد الدائم………
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)