رواية بنت المعلم الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء السابع والثلاثون
رواية بنت المعلم البارت السابع والثلاثون
رواية بنت المعلم الحلقة السابعة والثلاثون
أغمض عينيه بقوة لا يصدق ما سقط علي سمعه …. “ماتت” خرجت أنفاسه بصعوبة وضميره يجلده بسوط من النار، لو مانعها من الخروج وقتها أو اللحاق بـ هاديه لكانت علي قيد الحياة….. ضغط المعلم سالم علي فكيه وشعوره بالذنب يزلزل كيانه، ترقرقت العبرات في ملقيته مع بكاء عمرو منذ نصف ساعة….
نهض من مقعده يقترب منه، ثم رتب علي كتفه مردد بحزن بالغ :
لازم تكون هناك دلوقتي
رفع عمرو عينيه المكسوة بالحمرة وقال بصوت محشرج :
اروح ليه بعد ما الـ كانت ليا هناك ماتت
وعلي حين غرة اندفع يحتضن سالم وهو يصرخ كطفل صغير…. تفاجأ سالم من حركته ولكن سرعان ما بدله العناق وهو يرتب علي ظهره، فقد اختفت كلماته الرزينة في مثلما تلك المواقف…. ظل عمرو يبكي وهو يصرخ باسم أماني غير مستوعب أنها بل فعل رحلت، من كانت أمه وأخته وصديقته، من فعل كل هذا لأجلها فقط كي ينقذها من بطش زوجها…. كان كل همه أن يشعرها بالأمان لو لمرة واحدة في حياتهم،
أبعده عنه وهو يهتف بحزم كي يحاول أفاقته :
دا مش وقته لازم تكون هناك جمبها ومع عيالها
همس عمرو بخفوت والعبرات تتسابق علي وجنتيه :
كان نفسي أبعدها عن الضرب والإهانة مكنتش اعرف أنها هتبعد خالص
أنهي حديثه بشهيق مرير هبط علي أثره نساء المنزل متعجبين من صوت البكاء الآتي من المجلس، لم تستطع نجاة الوقوف خارجاً قلق علي سالم … اندفعت الي المجلس والفزع يسيطر علي ملامحها، قابلها المعلم سالم بنظرة سريعة أرسل أنه علي ما يرام، تمعنت نجاة في عمرو المجهول الهوية بالنسبة إليها وهي تحاول معرفة ما أمره ….. وحفظا علي خصوصيته خرجت عينيها لمعت بالدموع من حالته، وكيف تتجاهل ذلك المسكين الذي اختفت نبرته من صياحه الشديد…
؛***********
تنهد براحة وهو يري والده لم يصل بعد إلي منزل المعلم سالم …. أوقف السيارة أمامهم وارتجل قاصد والده،
اقتضبت ملامحه وهو يرمق نسرين بضيق، سأل والده مصطنع اللامبالاة :
خير يابا رايح فين ؟!
أجابه والده وهو يشير علي نسرين :
رايحين لابو مراتك يشوف بنته عملت ايه
رفع مرتضي حاجبيه ونجح في رسم التعجب من حديثه، وهتف باستغراب :
مها !! عملت ايه ؟؟
قبل أن يتحدث والده ويقص إليه، أكمل وهو يتطلع إلي نسرينا بمكر :
وبعدين هو أنا مت ولا ايه عشان تروح لابو مراتي
ردت عليه تلك المرة نسرين بتمسكنا :
بعد الشر عليك يا سي مرتضي بس يرضيك حالتي دي والحصل فيا لما عرفت انك مش موجود روحت للحاج يمكن يجبلي حقي
نظر مرتضي الي والده مردد باحترام :
متتعبش نفسك يا حاج وأنا هشوف الموضوع
احتدت ملامح والده وهو يهتف بحنق :
شوف الموضوع وعرف مراتك أن المره دي عدت لكن المره الجايه ابوها لازم يعرف، احنا ملناش في حورات الشوارع دي
ابتسمت نسرين بتشفي فقد نجحت في مبتغاها، الأساس أرادت تشويه صورة مها أمامهم، لمح مرتضي بسمتها التي أخفتاها سريعاً عندما رأته ينظر إليها….. فغمغم مرتضي باقتضاب :
تؤمر يا حاج
واستطرد وهو ينظر إلي نسرين :
تعالي يا نسرين اركبي معايا وحقك عليا دا أنتِ في مقام أختي برده
ضغطت علي شفتيها غيظا من وصفه ثم انصاعت إليه حتي لا تثير شك والده…. استأذن مرتضي من والده ثم صعد هو الآخر الي السيارة،
: مش المفروض لما تركبي مع حد عربيته تحافظي علي المسافة بينكم
وأكمل وهو يحدق بها :
ولا أنتِ فكراني من بقيت أهلك
شعرت نسرين بالحرج الشديد فأرادت أن لا تضيع الفرصة وصعدت بالمقعد المجاور له، حمحمت وهتفت بدلال :
مش برده أنت لسا قايل أنِ أختك
ابتسم مرتضي بسخرية وقال وهو يتطلع إلي الطريق :
لا دا عشان اظبط تمثليتك قدام ابويا
شهقت نسرين بصدمه وأردفت بحزن :
أنا بمثل يا سي مرتضي
ثم شلحت حجابها وفكت ازاز عباءتها، ثم همست وهي تشير علي عنقها :
طيب شوف بنفسك مراتك عملت فيا ايه
أوقف مرتضي السيارة فجأة حتي أنها كادت أن تصدم في النافذة، رمقها باشمئزاز وهو يزمجر بحده من مقصدها الدنيء :
بقولك ايه أنتِ لو وقفتي قدامي كما والدتك الست الوالدة ولا تفرقي معايا من الأساس، ولو علي الـ عملته مها فـ اكيد مش من الباب للطق
صاحت نسرين بنفاذ صبر :
هي عملالك عمل ولا ماسكه عليك ذله عشان تعمل معاها دا كله
ابتسم مرتضي مردد بعشق فاض من عينيه :
بحبها
واستطرد بصرامة:
لو عرفت أنك عتبتي بيتنا أو كلمتي مها هتزعلي مني
ثم أشار إليها بالنزول …. لم تنتظر نسرين كثيراً وارتجلت وهي تكاد أن تنفجر غيظاً، بكل سلاسة أعترف بحبها وقبل لسانه أخبرتها لمعت عينيه أثناء حديثه عنها، زفرت بقوة ثم اتجهت إلي منزلها متوعدة بأن تنتقم من مرتضي أشد انتقام لإهانته لها، وكيف جرح أنوثتها بطريقة مهنية بالنسبة إلي شخصها….. فقد علمت نقطة ضعفه التي ستصبح كل همها الأيام القادمة، بقلم حسناء محمد سويلم
؛****************
: ما أنت طول عمرك بتضربها تموت في ايدك المره دي ليه ؟؟!!
وضع عز رأسه بين كفيه غير مستوعب أنها فارقت الحياة صدقاً….. رفع نظره يتطلع إلى سيف ومنصور بعدم تصديق وهو يردف :
أنا كنت بعمل فيها أسود من كدا مية مره وكانت بتقوم زي العفريت
رد عليه سيف بسخرية :
تلاقيها المرة دي قالت تخدها من قصرها
اقتضب بين حاجبي عز وهو يهدر بضيق :
بقولك ايه مش ناقصك أنت كمان
واستطرد بجمود :
عايزاني اعمل ايه لما تهرب مني وتروح تتحمي في راجل تاني
هتف سيف متهكما :
وقبل كدا كانت بتهرب برده
انقض عز يمسكه من تلابيب قميصه وهو يقول بخفوت شرس :
عايزاني اقف اسقفلها وهي بتقل مني اقولها شاطره كمان
رمقه سيف لثوان وتمتم باقتضاب :
المشكلة بيني وبينك أن انا بعترف بتصرفاتي، إنما أنت مصمم تثبت أنك أمام جامع يا عز
وقف منصور يصيح بهم والضيق يعتلي قسمات وجهه :
خلاص يا فالح منك ليه نسيب الـ ورانا ونقعد نشوف مين فيكم الصح
واستكمل وهو ينظر إلى سيف بعد أن تركه عز :
وبعدين ما كلنا بنأدب حريمنا لا هو أول واحد ولا آخر واحد يضرب مراته
رفع سيف كتفيه بـلامبالاة وقال وهو يخرج :
مع نفسكم أنا مسافر بكرا
حرك منصور رأسه ييأس من ذلك المنفلت وسأله بضجر :
المفروض نستلم منك كلمة أمته؟!
دار سيف وابتسامة الثقة ترسم على ثغره وهتف :
يومين وهتقع بعون الله
وتركهم خارجاً غير مبالي سوى بإنجاز المهمة المكلفة إليه من قبل منصور….. لم يهتز إليه جفن بموت تلك المسكينة التي لم يري منها سوى الخير رغم بطش أخوه، وحصارها في لجام من نار يلتف حول رقبتها….. لتستسلم وترفرف روحها، ويعلن قلبها عدم تحمله للخوف المحاصر إليه،
نقل منصور نظره إلى عز وأردف بملل :
قوم خلينا نشوف عمتك فين داهيه هي كمان
؛ *****
في الأعلى جلست بجانب فراشها وهي تلمس على خصلاتها بهدوء….. جمود ملامحها كعادتها وصمتها المريب،
: ارتحتي دلوقتي
سؤال صارم خرج من شفتيها وكأن تلك الجثة الهامدة ستجيبها، تطلعت هاديه في قسمات وجه أماني منتظرة أن تفتح عينيها وتجيبها…… لم تستوعب أن ربما فات الأوان بأن تستمع مرة إلى ابنتها، التي لطالما كانت تتوسل إليها كي تساعدها في إيقاف عز عن أفعاله…. لم تستمع إلى ترجيها المستمر إلا الآن عندما اختفت من أمامها للأبد، الحنونة صاحبة الوجه البشوش رغماً ألمها،
وأخيراً فرت دمعة هاربة من ظلمات ملقتيها وهو تردد بهمس :
موتى ليه يا اماني، موتى ليه يا بنتي
رفعت الغطاء من على جسدها لترى الكدمات المتفرقة ومنها بعض جروح عميقة دليل على آثار تحملها لتلك آلام منذ فترة طويلة….. أسرعت في إرجاع الغطاء مره ثانية مع صوت دلوف منصور وعز للغرفة
: شدي حيلك يا هاديه، نصيبها تموت دلوقتي
ارتعشت شفتيها وهو تحاول السيطرة على الانفجار في البكاء، فلن تسمح بظهور ضعفها أمام أحد حتى لو كانت ابنتها الثمن…. رفعت أعينها تحدق في عز وهمست بفتور :
شد حيلك يا عز
أمأ عز إليها بهدوء وهو يشعر بشيء غريب داخل صدره منذ دلوفه للغرفة، ألقى نظرة خاطفة على أماني ثم خرج وهو يقنع نفسه أنه لم يكون السبب في موتها….. هي من فعلت به هكذا؟!
؛ *************** بقلم حسناء محمد سويلم
عودة إلى منزل عبده
عم السكون المجلس بعد أن غط سعد في نوم عميق بسبب الأدوية……. قطع الهدوء عبده وهو يقول بحزن يحاول اخفائه :
أنا هكلم عزيز بما ان كدا كدا بنته لابننا يبقا نكتب الكتاب وتيجي تكون جمب سعد يمكن ينسي الـ هو فيه
صاحت رحاب بحده :
عايز تدخل السبب في عجز ابني بيتي
تحدث سالم بهدوء حتى لا تبدأ المشاحنة باكرا :
كلام ابويا صح دا ممكن يحسن نفسية سعد
كادت رحاب بالاعتراض ليقاطعها عبده بحزم :
انتهينا ومش عايز اسمع كلمة المهم دلوقتي ابني
حل الصمت لدقيقة مرة أخرى ليقطعه محمود وهو يهتف :
أنا هودي العيال بكرا لامهم
ردت عليه ندى بحكم مكوث أطفاله معها منذ طلاقه من مياده :
أول ما يصحوا هجزهم على طول
نظر محمود إلى والده وهو يوضح مقصده :
لا هما مش هيرحوا زياره
عقدت ندى حاجبيها بعدم فهم وكذلك عبده الذي انتبه إليه وهو يكمل :
أنا هوديهم على طول
صاح عبده بنفاذ صبر فقد طفح كيله من تصرفات أولاده :
هي مش قالت مش عايزاهم هتوديهم ليه
اردف محمود ببرود :
هو مش بمزاجها دول عيالها مش من الشارع، وانا مش فاضي لوجع الدماغ دا
نظرت ندى إلى زوجها تطلب منه التحدث حتى لا تدخل في حديث خاص، ورغم اعتراض سالم علي تصرفات أخوه وسهولة ترك أولاده بكل بساطة قال بحنق :
أنت تعرف ايه عن عيالك من يوم ما قعدوا عندي أصلا
اجابه محمود بضيق :
ما عشان كدا انا بتكلم، ندى تعبانه من الاساس وغير عيالها اجي أنا وازود البله طين
أشار عبده ينهي ذلك الحديث قائلا :
خلاص ينزلوا يقعدوا مع أمك بس مش هنرمي عيالنا طالما امهم مش عايزاهم
تخصرت رحاب مردده بسخرية :
لا يا خويا أنا مشلش عيال حد
فتحت سمر أعينها على وسعهم من تصريح والدتها وما ذاد صدمتها عندما هتفت سحر بحنو :
ما تخليهم معايا يا حج
ثم نظرت إلى محمود واستكملت بحرج :
خاليهم معايا هيكونوا معاك في نفس البيت وأنا ناخد بالي منهم
ابتسمت ندي برضا لتلك الفكرة التي اقترحتها منذ ليلتين على سالم الذي رحب بها أيضاً خاصة أن طبع سحر الهادئ والحنون جعل أطفال المنزل يحبونها في مدة قصيرة، ولكن لأن الأمر حساس بعض الشيء لم يستطع فتحه مع محمود…. والآن جاء الاقتراح منها بعد رفض جدتهم،
: ماشي
كان هذا رد محمود الذي جعل رحاب تثور بغضب مغمغمه :
نعم عايز احفادي يقعدوا مع دي
لم يجيبها محمود واستأذن خارجاً، ولحقه سالم وندي صاعدين إلى شقتهم……. بينما دلفت رحاب إلى غرفتها بامتضاض من تلك العقربة كما وصفتها، على الجهة الأخرى نهضت سحر مع سمر لتحضير وجبة العشاء والسعادة تغمر قلبها فهذه فرصة كي تتمتع بشعور للأمومة،
؛ ****************
ليلة مريرة مرت بحزنها على البعض… وبالحيرة على الآخر، ومنهم من شغلت قلوبهم بترياق يشفي روحهم يمسي الحب، والآخر لم يذق طعم الراحة كباقي الليالي،
ألقى نظره سريعة على هيئته في المرآه ثم أخذ مفاتيح سيارته وتحرك للخارج……. ضغطت مها على شفتيها غيظا ثم لحقته خارج الغرفة وهي تقول بضيق :
ممكن أعرف رايح على الصبح كدا من غير ما تفطر
رد عليها وهو يرتدي حذائه :
يعني هو أنا كنت صحيت لقيت فطار وقولت لا
تنهدة بخفوت ثم سألته :
ممكن أعرف أنت ليه نمت امبارح من غير ما نكلم كلامنا
نثر عطره وهو يغمغم مقتصر :
عشان صدعت من الكلام الملوش لازمه يا مها
: أنت المفروض تسمعي مني زي ما هي حكاتلك
نظرة إليها بتحذير من علو نبرتها وهتف :
مهما هي عملت ومهما حاولت تجر شكلك أنتِ المفروض تتحكمي في نفسك أكتر من كدا
واستطرد بعد تصديق :
إنما تقفي قصدها في الشارع وتجيبها من شعرها والله ما مصدق أنك عملتي كدا
تخصرت مها مردده بتهكم:
ها وقالتلك ايه كمان
رد عليها ببرود :
أبدا قلعت وورتني عورتيها ازاي في رقبتها
” قلعت” جحظت أعين مها وهي تردد كلمته……. صاحت بغضب وهي تود أن تخرج كي تخلع رأس تلك الحرباء :
عليا النعمه لأخلع رقبتها
لم يستطع كبح قهقهته من انفعالها فأمسكها وهو يردف بمراوغة :
وهتشربي من دمها بالشاليمو صح
نفضت يده وهي تشير إليه بشراسة :
ومن دمك أنت كمان عشان وقفت معاها
ابتسم وهو يمسك وجهها بين راحته متمتم :
لو مفيش غيرها في الدنيا مش هعرف اشوفها لأنك ماليا عنيا يا مها
واستطرد بحده طفيفة :
بس دا ميمنعش أنك غلطانه
اخفضت نظرها وهو تقول بتعلثم :
الغلط لما اسكت ليها وتسوق فيها يا مرتضى
: احنا كده بنعرفها نقطة ضعفنا
ترقرقت ملتقى مها وهي تتمتم بقلة حيلة :
وأنا مش هفضل طول عمري عايشه في قلق بسببها
تفاجأ مرتضى من دموعها فسألها بشك :
مها أنا في حاجه معرفهاش
نظرت إليه لبرهه فأكمل بصرامه :
أنا همشي دلوقتي عشان المعلم مستنيني، ولما اجي لينا كلام تاني في الحاجات الـ بقتي بتخبيها عني
زفرت وهي تتأمل خطاها حتى خرج من المنزل، جلست على أقرب مقعد والحيرة تملكت من تفكيرها…….. حتى حسمت أمرها ومهما كانت النتيجة عليها ألا تخسر مرتضى أبدا،
؛ ***************
وقفة سيارة الحرس أمام المنزل منتظرين خروجها، بعد أن حملوا أغراضها في السيارة الأخرى…….. خرجت عليا وهي ترتدي نظارتها الشمسية بكبرياء، سار بجانبها جابر وهو يقول بحنو :
يا بنتي ما كنتي استنيتي يومين كمان
ردت عليه برسمية :
مفيش داعي لوجودي هنا غير لما اخد الأنا كنت جايله من الاساس يا عمو
حرك جابر رأسه بقلة حيلة مردد :
زي ما تحبي بس عايزك تشيلي حكاية البيت دا من دماغك
أمأت إليه بهدوء وعناقته بحرارة……. خطت بحذائها اللامع داخل السيارة وهي تسأل الحارس بجمود :
عرفت اسمه؟؟
أجابها الآخر بآليه :
اسمع منصور عزب في البلد الـ بعد دي
أمرته بجمود :
اطلع على هناك
: لكن بنت أخته ماتت انهارده
زفرت عليا بملل وهي تقول بقرف :
شوفلنا اي مكان اعرف اقعد فيه يومين بعيد عن القرف دا وبعدين نشوف منصور دا كمان
تحركت السيارة بناءً على اؤمرها فقد عزمت أنها لن تترك وصية والدها مهما بلغها الثمن،
؛ **********
في الداخل تعجب جابر من خلود التي تقدمت منه وهي ترتدي عباءتها، سألها بفضول :
رايحه فين يا خلود
إجابته بصوتها الهادئ:
بعد اذنك يا بابا هاروح ازور مي وأشوف لو محتاجه حاجه اساعدها هي قالتلي امبارح أن جوزها مسافر
تنهد جابر بوهن ثم وضع يده في جيب جلبابه وأخرج محفظته…. قدم إليها حزمة من النقود مردد بحنو :
خودي شوفي هي بتحب ايه وهاتيه، وهي بتحب البتاع دا الـ بتشربوه عشان يسهركم
ضحكة خلود قائلة :
النسكافيه يا بابا
أشار إليها بتأكيد مستكملا :
ايوا هو البتاع دا هاتي منه علب وخاليها تشيله احسن ربيع يكون مش بيجبه، وهاتي فاكهه وحلويات للعيال برده، وشوفي لو عايزه بنت تساعديها ومالو
ثم أشار علي النقود يسألها بحيرة :
بس الفلوس دي هتكفي
ابتسمت خلود مردده بتعجب :
دا كله ومش هيكفي دول كتير اوي علي كل دا
أمأ إليه وقد تمكن منه الخزن ثم هتف بصوت مختنق :
اديها الباقي ومتعرفهاش أنه مني قوليلها من أمك
تقدمت خلود منه وارتمت في أحضانه وهو تتمتم بصوت محشرج :
متزعلش يابابا أنت عمرك ما قصرت معانا ولا معها
ضغطت خلود علي حرجه الذي أصبح يزاوله ليل نهار، وتأنيب ضميره في ظلم مي من تلك الزيجة عكر صفوه في كل الأوقات،
: استني متروحيش لوحدك شوفي اخوكي فين
رفعت يدها تعدل من وضع حجابها وهو تغمغم :
أنا هاروح الأول لـ هند عشان كانت عايز تروحلها معايا
أشار إليها ثم خرج معها الي الباب الحديدي وانتظر حتي دلفت الي منزل أخيه، وتحرك باتجاه منزل عبده كي يحزموا أمرهم في الأيام القادمة…… هدوء عباس وعدم رده علي مقتل ابنه وخاصه بعد اختفاء رجب، حتي أنه لم يظهر أبدا واكتفي بدفن حاتم في مراسم عزاء طبيعية جدا …… فاقترح علي عبده ايقاف العمل في محلاتهم وإغلاق المخازن متأهبين لأي ردة فعل، بقلم حسناء محمد سويلم
؛*******************
: صباح الخير يا عمي
نظر المعلم سالم الي خلود ورد عليها بحنو :
صباح النور يا خلود
ابتسمت إليه وهي تسأله بقلق من شحوب وجهه :
خير يا عمي شكلك تعبان أنت كويس ؟!!
خلود هي الفتاة الوحيدة التي لا تخف أو تهاب من شخصية المعلم سالم، ولطالما اعتادت علي مسايرته وسؤاله عن أحواله عكس الباقية،
تنهد برفق واجابها بهدوء :
الحمدلله دائماً وابدا
اجفل علي صوت هند الآتي من خلفه وعي تقول بـ لطف :
صباح حامل في طلته الهنا والسرور علي قلبك يا بابا
ابتسم دون إرادة منه، أي شخص يحزن ومعه من يسررن علي قلبه بهجة الصباح كل يوم ….. قبلت هند يده ثم قالت بأستاذنا :
ممكن اروح مع خلود عند مي
ود الرفض قلقاً عليهن من الخروج في مثلك تلك الأوضاع، ولكن أشفق عليها فمنذ مدة لم تخرج أو تري نور السماء …
: ماشي بس شوفوا سالم ولا محمود يوصلكم
ردت عليه خلود قائلة :
ابو حسن رايح يوصل ندي للدكتور وهيخدنا معاه وهنستني وهو راجع نرجع معاه برده
حرك رأسه بهدوء ثم خطي في اتجاهه الي قرية آل عزب، لقد وعد عمرو بأنه لن يتركه في مراسم الدفن …. ولن يخلف وعده أبداً، تجمع حشد السيارات أمام مصنعه كما أمرهم، ثم صعد مع ابن أخوه جابر ومرتضي، وخلفه رجاله وبعض كبراء القرية الذين علموا بأنه ذاهب الي وكر الذئاب فرفضوا تركه وحده ….. خاصة بعدما علموا بأن المتوفاة فتاة في زهور عمرها قتلت علي يد اوغاد
؛******************
داخل المنزل
سكبت صباح أكواب الشاي وهو تغمغم باقتضاب :
ونبي أنا مش عارفه بنات ايه دول الـ نايمين لحد دلوقتي
قطمت خيريه من الشطيرة وهو تقول بحنق :
تقوليش الساعة 1 الضهر واحنا لسا الساعة 10 أساساً
جلست رحمه بجانب مروة ولحقتهم حسناء وأمل….. نظرت خيريه الي أمل وهي تهتف بعبث :
في ناس هنا بتفضل سهرانه طول الليل لوكلوك لحد الفجر فـ تلاقيهم مش عارفين يصحوا
رفعت صباح يدها وهي تصيح بضجر :
ياختي إلهي اشوفك وأنتِ بتلوكلوكي أنتِ كمان قادر يا كريم
ضحكت أمل وهي تغمز الي خيريه فقد انصفتها تلك المرة صباح …… أما عن رحمه التي حدقت بوالدتها ثم همست بخفوت فمازالت العلاقة بينهما متدهورة :
ماما ممكن تكلمي بابا وتعرفي هرجع الترم الفاضلي أمته ؟!
رفعت ناديه حاجبيها باستنكار مردده :
وأنا مالي، يحرم عليا ادخل ليكي في موضوع ولا عايزه يطلقني
مطت رحمه شفتيها بضيق فقالت نجاة بحنو :
وليه يا حبيبتي أنتِ متسألهوش ؟!
توترت رحمه فأكملت نجاة بحنكة :
دا ابوكي ومحدش في الدنيا هيخاف علي مصلحتك قده يبقا تقعدي معاه وتسأليه براحه ممكن ترجعي أمته، ولو رفض حقه بس دا مش معناه أننا نيأس ونحاول معاه مره واتنين وتلاته لحد ما يعرف أننا اتعلمنا من غلطنا
نهضت حسناء بعنف وهي تهدر بحده :
ولما كل دا ممكن للأستاذة رحمه اشمعنا أنا لحد دلوقتي ولا راضيه تكلمني ولا حتي بتنصحيني زيها مع انها السبب في الأنا فيه
وتركت المائدة وخرجت تحت صدمتهم، كادت نجاة بأن تنهض خلفها لولا أن صباح اجلستها مرة أخري، وهي تهدئها حتي لا يسوء الحديث بينهما….. نظرت ناديه الي رحمه بضيق ثم نهضت هي الأخرى،
: هو حرام نقعد زي الناس أبدا
أيدت مروه حديث خيريه وهي تردف بامتضاض :
دا الراحة اختفت من البيت دا
اقتربت أمل من مروه وهي تهمس بتذكر :
صحيح محمود كلمني امبارح وبيقولك رودي عليه عايز يقولك حاجه ضرورية
قطبت مروه جبينها باستغراب وتسألت مستفسرة :
حاجة ايه ؟!
رفعت امل كتفيها مردده :
مش عارفه شوفيه عايز ايه وبلاش وجع دماغ
شردت مروه سريعاً في سبب إلحاح محمود ومهاتفته إليها منذ يومين….. ولما استعان بأمل كي يصل إليها ؟!
؛*****************
في شوارع القرية وبالقرب من منزل ربيع، وقف سالم بسيارته في منتصف الطريق لوقوف سيارة أجرة حاملة ببضائع لاحدي المحلات،
: خلاص يا سالم خاليك هناك واحنا نكمل
رفض سالم مردد بضجر :
لا استنوا هو خلاص قرب يخلص
نظرت هند الي ندي وهي تقول بإشفاق :
يا بني البيت مش بعيد، وبعدين ندي شكلها تعبت وانتم لسا مروحتوش
نظر سالم الي ندي التي شحب وجهها فمنذ حملها وهي ترهق من ركوب المواصلات …. رأت هند الحيرة في عينيه فقالت بحزم :
يالا احنا هنروح من الشارع التاني وانتو كملوا
ثم ارتجلت ولحقتها خلود، فقال سالم بعدم ارتياح :
كلموني اول ما تدخلوا البيت
أمات إليه وتحركت مع خلود باتجاه أحدي المحلات ….. تمعنت خلود في المحل وهتفت :
تعالي ندخل السوبر ماركت نجيب شوية حاجات
ردت هند وهي تنظر إلي هاتفها :
روحي وأنا هكلم مها اطمن عليها لحد ما تخلصي
انشغلت في الهاتف وخطت بعيداً عن الاصوات المرتفعة بجانبها حتي دخلت في شارع ضيق متفرع يؤدي نهايته الي الطريق الزراعي
: وحشتيني يا هند
انتفضت وهي تعود للخلف بفزع ….. دارت ترمق أحمد بحده وقالت :
في حد يعمل كدا خضتني
اقترب احمد منها وهو يهتف بهيام :
وحشتيني
اعتدلت هند في وقفتها وغمغمت باقتضاب:
اه شكلك شارب حاجه وجاي تفوق عليا
حاولت تخطيه ليكون هو الأسرع ويقطع طريقها مردد بلطف :
ممكن تسمعيني انا مصدقت أنك خرجتي عشان اعرف اكملك
نظرة اليه بشك وسألته بجمود :
وأنت عرفت منين أن خرجت ؟!
أجابها بحب :
بقالي 4 ايام براقب بيتكم مستنيكي تظهري
وأكمل وهو يشير علي اخر الطريق :
ممكن تيجي معايا بعيد عن الناس وتمسعني لاخر مره
لمعت عينيه وهو يتوسل مكملا :
عشان خاطري لو لسا باقي خاطر ليا عندك
ظلت لبرهه تفكر ثم أردفت :
ملكش حاجه عندي غير انك ابن عمتي
وتحركت معه الي اخر الطريق حتي أصبحوا في أول الطريق الزراعي ….
: أهون عليكي تسبيني يا هند
رفعت حاجبيها بعدم تصديق لسؤاله وقالت باستغراب :
وتفتكر دا سؤال المفروض اجاوب عليه !!
احتدت ملامح أحمد وهو يهدر بغضب:
وأنتِ ليه بتحسبيني علي إرادة ربنا
شعرت هند بالقلق من تغيره المفاجئ فدارت سريعاً كي تعود إلي طريقها الرئيسي……. امسكها أحمد من مرفقها وهو يهمس من بين أسنانه :
أنتِ لا يمكن تسبيني أنا خبيت عنك من الأول عشان متسبنيش ومش هتيجي دلوقتي وكله يروح
تأوهت هند من قبضته وقالت دون وعي :
أنت واحد مريض
لوهلة وقف العالم من حوله ” مريض ” بسبب نقصان عقله، أخذها علي محمل أنها تعايره بعدم قدرته علي الانجاب…… ضغط علي أسنانه وهو يحدق بها بجمود والغضب يتراقص علي ملامح وجهه
: سبني يا أحمد امشي
اسودت حدقته وهو يهمس بفحيح :
هسيبك يا هند
وعلي حين غرة أخرج زجاجة وسكب محتواها عليها وهو يصيح بغضب جلي :
محدش يقولي اعمل ايه .. أنا مش مريض أنتِ فاهمه أنا مش مريض
لحسن حظها استطاعت تفادي محتوي الزجاجة بعيداً عن وجهها وسقطت علي ذراعها بالكامل، سقطت علي ركبتها وهي تصرخ بأعلى صوتها من شدة الألم…. شعرت بنيران تأكل في لحم ذراعها ولهيب ساخن يندثر منه،
ألقي أحمد الزجاجة أرضا وتركها تصرخ متألمة ورحل بعيداً بعد رأيته لبعض الأهالي يقتربوا منهم راكضا من صوت تلك المستغيثة …… بالقرب منهم كان في طريقه الى تلك القرية حتي يتم عمله ، لفت انتباه صوت صراخ قوي اتي من الجهة الأخرى من طريقة ….. ارتجل وهو يسرع باتجاه تلك الأنثى الراكعة أرضا وتصرخ بهستيريا وبعض من الأهالي يجتمعن حولها … اجفل علي ظل رجل يمشي بعيداً عنها بتمخطر … فهبط سريعاً ومال يتفحصها، شعر بالغثيان وهو يتأمل ذراعها الذي اختفت ملامحه ربما
” ماية نار !!! ”
علم ما أصابها باحترافيه فمال إليها يسألها بحيرة :
مين عمل فيكي كدا ؟!!
رد واحد من الأهالي بخوف :
يلا بينا علي المستشفى احسن ابوها هيولع في البلد والـ فيها
ثم أشار إلي ذلك الغريب وأكمل :
وصلنا يا بني وأبوها هيديك الأنت عايزه
ظلت هند تصرخ حتي اختفي صوتها ولم تعد تتحمل الألم فأغمضت جفينها بعد أن خارت قواها …
زفر بخفوت ثم أشار إليهم بالموافقة …. كان قوي البنية بالنسبة إليهم فمال بجزعه يحملها متجه إلي سيارته :
هي سافريه باينه من أولها
واستطرد وهو يتأمل هند بين ذراعيه :
بس في حد يعمل في المهلبية كدا
وفي ثوان قد تحرك بسيارته وهو يسأل الرجل عن طريق المشفى
؛**************
في نفس الوقت وقف عامر مع يعقوب أمام الغرفة المغلقة داخل منزله بناءً علي أمر المعلم سالم
: أنا بقول الطيب أحسن وبلاش نفتحها
نظر يعقوب إلي الباب وهو يهتف بحماس :
مش لما نعرف الأول ايه موجود ورا الباب دا
غمغم عامر بقلق :
يا عم بقولك رجالته بقالهم يومين خبط ورزع جوه وقالي بالحرف ممنوع حد يدخل غير رجالته
أمسك يعقوب المفتاح واردف بفضول :
ومالو ما احنا من رجالته برده
برفق شديد فتح الباب وجال بنظره داخل محتوي الغرفة…. تدلي فم عامر بصدمة وهو يردد بذهول :
يا خرب بيتك يا عامر يا خولي
جحظت أعين يعقوب وهي يمسك بالقطعة الذهبية هامسا بصدمه :
دي طلعت آثار بجد
آفاق عامر من صدمته ثم أمسك يعقوب وسحبه للخارج وهو يهتف بهلع:
اقفل الباب دا بسرعة
إنصاع إليه يعقوب ونظر إليها بعد استعاب لكم القطع الأثرية الموجودة بالداخل…. المعلم سالم يتاجر في الآثار حقا ؟!!!
؛************* بقلم حسناء محمد سويلم
: اسم حضرتك ايه ؟!!
رفع حاجبيه باستنكار وقال :
يعني هو حضرتي هيهرب ما تشوفوا الاول الـ في دنيا تانيه دي
أنهي حديثه وهو يشير علي هند المفترشة السرير لا حول لها ولا قوة
سألته الممرضة برسميه :
الدكتور جاي حالا يا فندم، ممكن اسمك ؟!
أجابها بجمود:
موسي الأحمدي
؛*****************
كان مقيد بأغلال من نار وهو يمشي خلف المعلم سالم ورجاله ….. لم يتخيل يوم أن يأتي وسالم يمشي علي أرضه، كل هذا بسبب هاديه واولادها،
انتظر منصور انتهاء مراسم الدفن علي احر من الجمر، وأختفي من الجمع لحين مغادرة سالم ….. تمني لو يستطيع دفنه مع اماني في قبر واحد وتنتهي كل كوابيسه
بحزن شديد وقف المعلم سالم يواسي عمرو، وأخبره ما أن ينتهي يعود إلي قريته مره أخرى … فـ الآن يجب أن يرحل من أرضهم حتي بعد أن انتهي من مراسم الدفن حتي لا يخلف الاتفاقية،
: سبحان الله يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته
قال عزيز حديثه بسخط من أفعال تلك العائلة، فرد عليه سالم بحزن بالغ :
مش صعبان عليا غير أنها استنجدت بيا
نظر عزيز إليه مردد :
مكتوب أنها تمشي من عندك يا سالم، الله يرحمها ويغفر لها
شرد سالم لثوان ثم أخرج هاتفه وهو يصعد إلى السيارة، لم يجد الرد اول مرة فحاول مرة ثانيه بامتضاض :
أنت فين ؟!
سأله بحده طفيفة ليأتي رد الآخر قائلاً :
أنا وصلت البلد
أعاد سالم سؤاله مقتصراً :
فين بالظبط ؟!!
أجابه بمراوغة :
كنت ماشي في طريقي لقيت مهلبيه قاعدة عماله تصرخ
واحد، سب بلفظ بذئ وأكمل : رمها بماية نار، والأهالي استنجدوا بيا عشان انقلها المستشفى
شعر المعلم سالم بقلق نشب في صدره ثم سأله بخفوت :
اسمها ايه ؟؟
تحرك موسي الي واحد من الأهالي الذ جاء معه ثم سأله عن اسم ” المهلبية ” كما وصفها، عاد هاتفه بعد أن علم هويتها وقال :
اسمها هند سالم س….
وعي للاسم الذي كاد أن يكمله وهمس بخفوت :
هو نهار باين من أوله
بينما شعر المعلم سالم بوخزة ملئت قلبه وهو يهمس بوهن :
بنتي
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)
