رواية غفران البارت السابع 7 بقلم الكاتبة نسمة مالك
رواية غفران البارت السابع 7 بقلم الكاتبة نسمة مالك |
رواية غفران البارت السابع 7 بقلم الكاتبة نسمة مالك
“انهارده عيد ميلادي اتجنن علي اي حد براحتي، مش كفايه هقضيه لوحدي زي كل سنه وافضل اعيط لحد ما يغمي عليا زي امبارح ولا حد سأل عني ودخل يطمن عليا غيرك انت يا ظبوطه يا همجي”..
تعاد جملتها مراراً وتكراراً ليس بإذن “غفران” فقط بل اقتحمت قلبه، ابتعد عنها
ببطء وهب واقفاً أمامها يرمقها بجمود يخفي خلفه لهفته عليها التي لا يعلم لها سبب،او انه علي علم ولكنه ينهر نفسه ومشاعره التي تزداد كل لحظه وتنجرف نحوها بغزاره..
اعتدلت”عهد” جالسه ببعض الغضب ونظرت له بعبوس طفولي وبأمر قالت..
” اطلع بره يا ظبوطه وسبني لوحدي علشان عايزه اعيط”..
ظهرت الدهشه علي ملامحه وشبه ابتسامه علي عفويتها وبرائتها التي تأثره، واخذ نفس عميق وتحدث بلامبالاه مصطنعه..
“اممم تعيطي ويغمي عليكي تاني؟”..
تنهدت “عهد” بحزن وترقرقت العبرات بعينيها وبغصه مريره قالت..
“انا واخده علي كده، علشان مش باكل كويس وكمان قلبي مش مبسوط”..
صكت علي أسنانها بغيظ ورمقته بنظره ناريه مكمله..
“خصوصاً انك مخلتنيش ادخل عند هاله صحبتي ولا اكل الكشري المشطشط اللي كانت عملهولي”..
أنهت جملتها وهبت واقفه تدفعه بكلتا يدها بصدره لخارج الغرفه، وبصوت مختنق بالبكاء تابعت..
“أخرج بقي وسبني في حالي علشان دا يوم العياط العالمي بتاعي”..
تلكمه علي صدره، وتجاهد لإخفاء عبراتها التي خانتها وهبطت علي وجنتيها جعلت شفتيها ترتجف بوضوح، وجسدها ينتفض بشده، وتعالت شهقاتها وبوهن بدأت تهمس..
“اخرج سبني لوحدي مش عايزه اشوف مخلوق انهارده، ولو حد سأل عني”..
ازدادت حدة بكائها وبتأوه قالت..
” قولهم عهد ماتت”..
لم يتحرك “غفران” انش واحد من مكانه رغم انها تدفعه بقوه ممزوج بعنف، عينيه مثبته عليها يستشف مدي تألمها ووحدتها القاتله التي تشعر بها، ليشعر بنغزه قويه اعتصرت قلبه لهيئتها التي تشق القلوب..
بدأت”عهد” تفقد السيطره علي اعصابها أكثر، وببوادر انهيار صرخت..
“أطلع بره يا غفراااااان؟ “..
رسم “غفران” الغضب علي ملامحه جعل وتيرة غضبها تهدأ قليلاً بخوف من ملامحه الصارمه، ورفع كف يده مسح علي خصلات شعره الحريري ولحيته بعنف، ودار بعينيه بأنحاء الغرفه متعمد الأبتعاد بنظره عن عيونها الباكيه التي تشعل داخله رغبه قويه بضمها داخل صدره..
همت “عهد” بلكمه مره أخرى، ولكنه مال علي أذنها وتحدث بصوته الصارم قائلاً بتسائل..
“سيادتك عايزه تروحي لصحبتك؟”..
ضحكت “عهد” ضحكه مزيفه، ودموعها تهبط علي وجنتيها بغزاره، وبسخريه قالت..
“ايه هتسبني أروح لوحدي، وأقعد معاها براحتي يا حضرة الظبوطه؟!”..
استدار “غفران” موليها ظهره، وسار عدة خطوات نحو الخارج حتي وصل عند باب الغرفه وتحدث من فوق كتفه دون النظر لها..
“هوديكي ليها وهسيبك تقعدي معاها براحتك وأنا هبقي معاكي سيادتك”..
ضربت “عهد” الارض بقدمها بغيظ، وبغضب قالت..
” اقعد براحتي معاها ازاي وانت معايا يا ظبوطه يا حشري وأنت عارف انها مش هتسمحلك تدخل علشان جوزها مريض”..
ليفقدها غضبها وغيظها منه سيطرتها علي ما تتفوه به، وبتلقائيه تابعت..
“وبعدين لو قعدت معايا هاله مش هتعرف تحكيلي عرفت ان مراتك اسمها شهد بنت سعديه منين ؟”..
انتبهت علي ما تفوهت به، فقطعت حديثها وعضت علي شفتيها متمتمه لنفسها..
“اه يا عهوده يا نوتي”..
ابتسم” غفران”علي فضولها الطفولي ولكنه أخفي ابتسامته سريعاً، وبأمر قال.. “هطلعلك حد بالأكل حالاً ياريت تاكلي كويس لو عايزه لما نروح لصحبتك تقعدي معاها لوحدكم سيادتك”..
قفزت “عهد” فجأه وصفقت بكلتا يدها وهي تردد بفرحة غامرة رغم عبراتها التي تغرق وجهها الطفولي..
“هاكل كل أكلي يا ظبوطه بس تخليني اقعد مع صحبتي اطول وقت ممكن بليييييز”..
بملامح جامدة يخفي خلفها فرحته لفرحتها حرك “غفران” رأسه بالإيجاب، وأغلق باب غرفتها خلفه، وسار نحو غرفة والدها وهو يمتم بأسف..
“أكيد سيادة الوزير ناسي عيد ميلاد بنته الوحيدة، والبنت ليها حق تزعل وتنقهر بالشكل دا طبعاً”..
ابتسم بحماس بعدما خطر علي ذهنه فكرة يثق تماماً انها ستروقها كثيراً..
طرق علي باب الغرفه وقد حسم أمره بعرض فكرته علي والدها وهو علي يقين انه لن يمانع خصتاً أن ابنته ستغمرها السعادة بما سيفعله معها” غفران”..
……………………………………………………..
..”هادي”..
شعر ببروده تلفح جسده ففتح عيناه يبحث عن زوجته بلهفه، بعدما تحسس الفراش بيده فلم يجد سوا الفراغ حليفه، ليجدها تقف بإحدى أركان الغرفه تصلي بخشوع..
فنهض بجزعه معتدلًا بالفراش يتأملها بابتسامة هائمه، وعيون تحمل لها الكثير من العشق،فقد أحسن هو الإختيار حين أصر عليها تكون هي زوجته، وشريكة حياته..
لتبهره هي بأخلاقها وقلبها النقي، واخلاصها، وحبها الشديد له، ولكن تلاشت ابتسامته حين تذكر شقيقتها “شهد” زوجة شقيقة التي تختلف عنها كلياً بأخلاقها وحتي قلبها..
عادت الابتسامة تزين محياه حين أخترق سمعه دعاء زوجته له من صميم قلبها مردده “رغد” بتوسل وبكاء..
“يارب احفظلي هادي جوزي، يارب انت عالم انا بحبه اد ايه، يارب متحرمنيش منه ابداً ولا توريني فيه مكروه”..
اغلق عينيه مستمتعاً بصوتها، ويأمن علي دعائها بسره، لتداهمه إحدى اجمل ذكرايته معها حين رآها اول مره..
“فلاش بااااااك..
بعدما قضي الليل بأكمله برفقة أصدقائه كعادته كل سنه بوقفة العيد، يقود سيارته بسرعه عاليه، يود أن يذهب لمنزله ليتوضأ ويبدل ثيابه ويذهب الي المسجد ليلحق بصلاة العيد في جماعة..
ولكن الطريق مزدحم بحشد هائل من المصلين يملؤن الطرقات أجبره علي صف سيارته بعيدا عن منزله وبدأ يغلق زجاجها وهو يتمتم..
“هاخد الباقي مشي بقي ولا حتي جري بس علي الله الحق الصلاة؟!”..
قطع حديثه وانتفض بفزع حين انفجرت إحدي الألعاب الناريه داخل السياره بجواره، صرخ هادي ببكاء مصطنع وتفحص المقعد بلهفه وهو يقول بغيظ شديد..
“عربيتااااااااي ولاد ال***”..
التفت حوله يبحث عن من يلقي تلك الألعاب، فلمح فتاه ترتدي فستان رقيق باللون الأسود به خطوط باللون الأبيض وحجاب نبيتي، تقف ظهرها له ممسكه بإحدى الألعاب وتقوم صديقتها بأشعالها لها لتلقيها هي من يدها سريعا وتغلق عينيها، وتضع أصابعها بأذنها بخوف ورعب بادي علي وجهها، ولكنها تضحك بفرحة غامرة، وبصوت عالِ للغايه تتحدث..
“فرقع ولا لسه يابت يا هاله افتح و اشيل ايدي من ودني ولا لسه؟”..
أجابتها هاله بصعوبه من بين ضحكاتها..
“اه يا رغد يا خوافه يا جبانه فرقع فتحي يا أختي”..
فتحت رغد عينيها بلهفه، وبرجاء قالت..
“وحياة أمك هاتي صاروخين من بتوعك افرقعهم علشان بتوعي خلصو يا لولو”..
قالت هاله ببشاشه..
” عيوني يا رغدتي”.. أعطتها الكثير من الألعاب وبابتسامة تابعت.. “خدي يابت فرقعي دول مش خساره فيكي”..
ابتسمت “رغد” لها بحب وقفزت فجأه اكثر من مره امام اعين هادي التي تتابعها بدهشه والكثير من الغيظ،لتذهله رغد اكثر حين قالت بألحاح طفله..
“ولعهوملي ونبي يا لولو”..
اشعلتهم هاله لها، لتسرع رغد بقذفهم بعيداً عنهم غافله انها تقذفهم داخل سيارة هادي الذي يقفز بمقعده ليتفادي الاصابه من تلك الألعاب المؤذيه وبغضب عارم قال بصوت أشبه بالصراخ..
“انتي يا انسسسسه انتي وهي يلي بتفرقعو صواريخ”..
التفت رغد تجاه الصوت ووقعت عينيها عليه لمرتها الأولي،شاب يمتلك من الوسامة قدر كبير، فتح باب سيارته وهبط منها ليظهر طوله الفارهه، وجسده الرياضي الذي تظهره ثيابه المنمقه بعنايه..
سار نحوهم بخطوات شبه راكضه ووقف أمامهم وبغيظ قال..
” مش عيب تبقو انسات كبار كده وواقفين ترمو صواريخ علي خلق الله وتبوظولي كرسيي العربيه بالشكل دا؟”..
نظرا لبعضهما برتباك وباحترام قالت هاله..
“احنا اسفين يا كابتن مكنش قصدنا نرميها جوه عربيتك”..
عينيه ثابته علي رغد التي شحب وجهها للغايه من شدة خوفها، تحرك رأسها بالإيجاب تأيداً لحديث هاله دون النظر له، لتنتفض بفزع حين قال هادي بغضب..
“انتي يا انسه ابقي فتحي عنيكي وشوفي بتحدفي الصاروخ دا فين ولا علي مين بدل ما تعوري حد وتجيبي لنفسك نصيبه وتعيدي في السجن”..
تجمعت العبرات باعين رغد ونظرت لعينيه نظرتهم الاولي، ليزول غضب هادي حين وقعت عيناه علي وجهها البرئ وعيونها السوداء الكاحله، تطلعت رغد به بستحياء وبصوت متحشرج بالبكاء همست..
” انا متأسفه مكنش قصدي والله تيجي في حضرتك”..
رعبها الزائد جعل الاستغراب يعتلي وجه هادي، فبتسم بتسليه وبجديه مصطنعه قال..
“واسفك دا هيصلحلي الكرسيي اللي باظ؟”..
نظرت رغد لهاله تستجديها لتنقذها، فقالت هاله ببعض الخوف..
“يا كابتن احنا في عيد وكل سنه وحضرتك طيب”..
رسم” هادي” الجمود علي ملامحه وضيق عينيه وتأمل هيئتهم بتفحص وبفضول قال..
“انتو منين؟؟ وايه اللي مواقفكم في الشارع بدري كده؟! “..
اجابته”رغد” بتلقائيه..
“احنا رايحين نصلي العيد و”..
كادت ان تجيبه علي سؤاله الاخر، ولكن يد هاله التي جذبتها وسارت بها مبتعده عن هادي وهي تقول ببعض الحده..
“ما قولنا أسفين يا كابتن وخلصنا”..
أسرع “هادي”خلفهم وبجرائه أمسك يد رغد وسار بها نحو سيارته وهو يقول بغضب مصطنع..
“هستفاد انا أيه من أسفين دي يا انسه بعد اللي عملتيه في عربيتي”..
طريقته سيره بها نحو سيارته جعلت رغد تيقن أنه سيخطفها لا محاله،تملك من قلبها وانسحبت الدماء من عروقها تاركه اطرافها تغلفها البروده، شعر هادي بأنامله البارده بين قبضة يده فستدار ينظر لها بقلق..
ليتفاجئ بزدياد شحوب وجهها وتعرق جبهتها وبلحظه تهاوي جسدها واوشكت ان تسقط ارضاً لولا يد هادي التي تلقطها سريعاً قبل ان ترتطم بالأرض، وبصراخ قالت هاله أسمها الذي حفر بقلب هادي..
“رااااغد”..
.. نهايه الفلاش باااك..
انتبه من شروده حين انهت “رغد” فرضها ونظرت تجاهه وبابتسامة مشرقه قالت..
“صباح الخير يا حبيبي”..
رفع كلتا يده وأشار لها أن تأتيه إليه، فأسرعت بخلع أسدال صلاتها لتبقي بمنامة حريريه زهرية اللون ذات حماله واحدة وشورت قصير تظهر بطنها المنتفخه قليلاً اثر حملها..
منامتها الرقيقه جعلت بشرتها القمحيه تظهر برونق خاص يروق زوجها كثيراً..
اقتربت منه وطبعت قبله حانيه علي وجنته بعمق مردده..
“حبيبي يا هادي بحبك وانت صاحي”..
دثت نفسها داخل صدره ملتفه بكلتا يدها حول خصره..
“وبحبك وانت نايم”.. رفعت رأسها ونظرت له بعشق وبهيام تابعت..
“بحبك اوووي”..
ترقرقت عينيها بالدموع وابتلعت غصه مريره وبستغراب مصطنع اكملت..
“ومش لقيه سبب يخليك تسيب كل البنات الحلوين اللي كانو هيموتو عليك وتتجوزني انا يا هادي؟”..
عدل هادي وضعها داخل حضنه ومال علي شفتيها وهمس قائلاً..
“علشان مافيش فيهم واحده عرفت تخطف قلبي وانفاسي غيرك انتي يا رغدتي”..
أنهي جملته ملتهم خاصيتها غارقاً معها بقاع بحور عشقهم..
………………………………………………..
” عهد”..
تجلس أمام “هاله” ممسكة بيدها طبق كبير مملوء بحبات الفشار تأكل منه بشراهه، وتستمع لها بأهتمام شديد،وبرجاء قالت..
كاحكيلي حكاية شهد بنت سعدية من البدايه يا لولو بلييييز”..
ابتسمت” هاله”علي فضول صديقتها وبتنهيده تحدثت..
” اسمعي يا ست عهوده، البدايه ان خاله سعديه دي امي كانت بتقولي انها من اجمل بنات المنطقه عندنا، وياما عرسان اشكال والوان وكلهم مراكز عاليه اتقدمولها من كتر جمالها، بس هي رفضتهم كلهم بعد ما حبت عم محمد بياع البطاطا ووافقت عليه لما اتقدملها واتجوزته في اوضه تحت بير السلم”..
ظهرت الدهشه علي وجه “عهد” وبعدم فهم قالت..
“يعني ايه بير السلم يا لولو؟”..
اجابتها هاله..
” أوضه صغيره اوي يا عهوده في دور أرضي، المهم خلفت منه بنتين وولد،الولد والبنت الصغيره خدو شكل أبوهم وأخلاق أمهم والبنت الكبيرة طلعت واخده جمال امها ويمكن احلي واجمل كمان بس للأسف الشديد مخدتش أخلاقها خالص وطلعت بنت جاحدة وبلوة اتبلت بيها خالتي سعديه ودي تبقي؟ “..
قطعتها”عهد” بذهول..
” تبقي شهد مرات ظبوطة غفران؟ !! “..
حركت هالة رأسها بالايجاب وبأسف قالت..
” ايوه يا اختي هي زفته مرات ظبوطة غفران اللي حكاية جوازه منها تفاصلها كلها”..
أشارت علي نفسها بغرور..” عند العبده لله”..
غافله عن غفران الواقف أمام المنزل يستمع لكافة شيء عن طريق المايك الذي دثه بملابس عهد دون أن تشعر..