Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والستون 62 والأخير بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والستون 62 والأخير بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والستون 62 والأخير بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والستون 62 والأخير بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

في المساء صعد جلال إلى منزله بالأعلى فوجد البيت هادئاً… فاستغرب… فتح باب غرفتها فوجدها نائمة على الفراش.
تطلع إليها بحيرة… لنومها هكذا ومازال الوقت مبكراً، اقترب منها يتأملها… فارتعب قلبها فهي بالحقيقة ليست نائمة فهي خائفة مما سيفعله بها.
عندما يقرأ الأوراق… دعت ربها بأن لا يكتشف كذبها عليه الآن ويتركها لحالها… بالفعل تركها قائلاً لنفسه: أكيد تعبت من السفر… ولا تكون لساتها مخصماني ماني خابرها زين مجنونة وتعملها.
فتنهد بغيظ من أفعالها ثم دخل إلى المرحاض ليستحم، جلس في حجرة مكتبه يتفحص الأوراق بدهشة، قرأ محتواها فاتسعت عيناه بصدمة كبيرة قائلاً بخشونة: مهججججة… 
تناهى إلى سمعها صوته الثائر كالبركان بالخارج، الذي يرن داخل أذنيها كالجرس المزعج…. فجذبت بسرعة على رأسها الغطاء وتدثرت به جيداً…. كي تختبأ برأسها تحته.
مع ازدياد علو ضربات قلبها كالطبل من شدة خوفها منه… هامسة لنفسها بقلق وخوف: جمدي قلبك كده ومتخافيش منه، يعني هيعمل إيه يعني ولا حاجه، وحتى لو عمل هوه قبل كده دربك وكده كده انتِ ادربتي كتير أوي وواخده كذا بطولة كمان…. يعني إذا حاول بس يقربلك بس هتوريله مقامه.
صمتت خشيةً من عواقب تفكيرها المتهور هذا متابعة لنفسها بلوم مضحك: بقى بالذمة الباشا الحليوة اللي بيصرخ ده هتقدري تقفي قصاده عادي كده… ده ينفخك يا مهجة ياختي بغمضة عين، ويوديكي ورا الشمس ده صعيدي وده حامي ولا إيده انا مجرباها قبل كده كذا مرة زي المرزبة…. طرشه ما يعرفش ابوه.
صمتت مرةً أخرى فلقد تناهى إلى سمعها صوت اقتراب قدميه باتجاه غرفتها… فانتفض جسدها تحت الغطاء.
انفتح باب الحجرة بغضب كالريشة في يده من شدة انفعاله، حتى شعرت أنه سينخلع من مكانه.
صائحاً بعصبيةً مفرطة: مهههجة… إنتِ يا مجنونة،  فوجي اهنه وحدتيني… ارتعبت من كيفية مواجهته ولم تقوى على التحدث.
همست لنفسها بقلق مضحك: يا مُرك يا مهجة يا مُرك ده باينه هيبجى مرار طافح…. إيه ده هوه الخوف خلاني قلبت صعيدي مرة واحده كده ليـه.
اقترب جلال بخطوتين واسعتين من فراشها وغضب هائل يملئه نحوها…. شعرت به يثني ركبته بجوارها.
تمسكت بشدة أكبر بالغطاء فوق رأسها حتى لا يجذبه من فوقها… وضع يده متمسكاً بالغطاء ليجذبه من عليها بالفعل كما ظنت فوجودها تتشبث به بقوة كي لا يرى وجهها.
ذم شفتيه بقوة وأخذ يجذبه مرةً أخرى من عليها فشدته بعنف مرةً ثانية، زاد كل أفعالها هذه من شدة انتقامه منها.
فهتف بها قائلاً بسخط: آني خابر زين انك لساتك صاحية وكل ده ما عاد ينفعك امعاي… جومي وإلا…. هتشوفي مني اللي بعمرك ما شفتيه في حياتك… جومي.
رأى ارتعاش جسدها تحت الغطاء…. فشده بعنف هذه المرة وتغلبت قسوته على قوتها التي لا تساوي شيئاً أمام حدته الآن.
ضمت مهجة ذراعيها إلى صدرها بذعر قائلة بصوتٍ مرتعش: هوه فيه إيـــه يا جلال… هيه الحرب قامت وأنا معرفش.
حدجها بنظراتٍ قاتمة لا يدري كيف سيتعامل معها في هذه اللحظة إلا بما يشعر به من غضب.
وجدها تبتعد عنه إلى الوراء بحذر…. فمد يده مسرعاً على ذراعها ليجذبها بقسوة نحوه.
محدقاً بها بنظراتٍ نارية هامساً بصوتٍ كالفحيح: لاه لساتها هتجوم…. ثم ألقى بالأوراق في وجهها بيده الأخرى مردفاً بقوله الثائر: بجى تورثيني بالحيه يا مهجة… وآني لساتني عايش.
نظرت إليه بعينين زائغتين متسعتين بهلع قائلة بقلق: لا طبعاً يا جلال…. فضغط على ذراعها أكثر هامساً بغلظة: أومال إيه الأوراج دي، تسميها إيــه عاد… انطجي ها.
ازدردت لعابها بصعوبة قائلة بخفوت متلعثم: دي تبقى … دي…. قاطعها بحدة قائلاً: دي إيه اتحدتي… وجولي بدل ما هخلي ليلتك سودة النهاردة.
أغمضت عيناها من قسوة نظراته لا تدري بأي شيء تجيب تسائلة… ولكن لا مفر من التحدث وإلا لن تسامح نفسها على ما اقترفته في حقه وهي التي كانت تعلم جيداً أنه على قيد الحياة.
فهمست بتردد بقولها المرتعش: طب…. طب… ممكن  تهدى الأول…. وأنا هفهمك على كل حاجه.
تأمل وجهها بضيق للحظات قائلاً بغيظ: عايزاني أهدى كيف ها…. وآني بكتشف طمعك وجشعك ده… جوليلي يا مصيبة انتِ.
شعرت بداخلها بأنه على حق في انفعاله عليها…. فهو لا يعلم بأنها كانت تفعل ذلك كي تنتقم منه بسبب ما فعله بها.
لكن هل سيفهم كل معاناتها التي عانتها بعيداً عنه حى وهو معها فاقد الذاكرة.
انتزعت نفسها من قبضته وابتعدت عنه بسرعة… من أعلى الفراش وقفزت إلى الأرض… كان جسدها ينتفض من قسوة نظراته لها.
قائلة بحذر: أنا عملت كده علشان انتقم منك مش أكتر وعمري ما هكون طماعة ابداً ولا ده طبعي…. وكمان أبوي الحاج اسماعيل لقيته مجهز ليه كل حاجه من غير ما أطلبها منه…. وبالذات لما عرف اني حامل بيحيى.
اتسعت عينيه بصدمةٍ قوية وهب من فوق الفراش مقترباً منها بخطواتٍ بطيئة مهددة.
جعلتها تتجمد في مكانها دون حراك قائلاً بعدم تصديق: تجومي تكذبي على ابوي وتستغلي طيبته، واللي فاتحلك داره من تاني ومنعني من مجيي اهنه من غيرك وعلشانك… وبعد اكده توريثيني بالكدب.
تطلعت إليه بجزع ثم هزت رأسها ببطء قائلة بتأثر: لأ يا جلال ما تفهمنيش غلط… أنا كل الحكاية إني جيت وبلغتهم بحملي منك بعد ما كانوا صدقوا انك مُت… قلت أفرحهم في وسط حزنهم الكبير علشانك.
ابتسم ساخراً من قولها وهو يتأملها بحنق قائلاً باستهزاء غاضب: وانتِ طبعاً عرفتي تستغلي الموجف صوح لصالحك… وأخدتي اللي انتِ عايزاه منيهم مش اكده.
هزت رأسها مرةً أخرى بلهفة نافية عنها هذه النقطة… واقتربت منه على حذر ووقفت أمامه مباشرةً تتأمله بحب.
قائلة بخفوت: جلال حبيبي… فلوس الدنيا كلها متساويش أي حاجه قدام ضفر واحد بس منك.
تأملها طويلاً بغموض ثم تنهد بضيق قائلاً بحدة: فعلاً بدليل الورج ده مش اكده… جف حلقها وإلتصقت به وأمسكت بيده بين قبضتيها.
قائلة بهدوء مفتعل:- الورق ده زي ما قلتلك، لقيت أبوي الحاج اسماعيل مجهزه ليه ومش ناقصه أي حاجه غير امضتي عليه  بس، ومن غير ما يبقى عندي خبر قبلها،  حتى إسأله لو مش مصدقني…. وخصوصاً لما عرف اني حامل بابنك…. ثم صمتت برهة تتفحصه بعينيين متوسلة ليصدقها.
مردفه بقولها بأسف: صحيح أنا غلطت إني أخدته منه من البداية بس كان غصب عني وقتها يا جلال… أنا كنت مضايقه منك وعايزه أعمل أي حاجه انتقم بيها بسبب اللي عملته فيه.
زفر بسخط قائلاً بنرفزة: تجومي تعملي عملتك السودة دي وتضحكي على راجل آمنك وجواكِ من تاني في داره… 
تنهدت بضيق هذه المرة قائلة بدفاع عن نفسها: أرجوك افهمني صح المرادي أنا مفكرتش غير في الانتقام منك وبس، أمسكها بقسوة من كتفيها.
قائلاً بعصبية: إنتِ منتجمتيش مني آني افهمي بجى… انتِ انتجمتي من ابوي اللي في حياته عمره ما حد ضحك عليه غيرك.
تأوهت مهجة بألم من امساكه بهذا الشكل…. ولمعت الدموع بعيونها هذه المرة قائلة برجاء: أنا آسفه يا جلال أسفه أنا ميهمنيش أي فلوس طالما انك معايا أنا وبس… 
تأملها بصمت والغضب ينهش قلبه ولم يجيبها لكن وجهه المتجهم أكبر دليل على أنه لم يقبل أسفها بعد وسيكون من الصعب عليه مسامحتها هذه المرة.
تابعت حديثها المملوء بالرجاء: سامحني يا جلال سامحني أرجوك… أنا كان لازم مقلهمش انك عايش وقتها.. علشان الخوف على حياتك أكبر وأهم عندي من أي حاجه تانية…. وصدقني كل اللي عملته فيك ساعتها، كان غصب عني ومن ورا قلبي اللي معرفش في يوم الحب إلا على إيدك انت وبس.
تمعن بوجهها بصمتٍ حائر ثم أزاحها بعنف من أمامه… وغادر الغرفة ثم المنزل بأكمله…. انهارت مهجة على الفراش خلفها غير مصدقة انه لم يسامحها.
انسالت عبراتها الحزينة على وجنتيها هامسة لنفسها بحزن: جلال… جلال… ارجوك سامحني أنا مش هقدر اعيش معاك من غير ما تسامحني.
في وقت متأخر من الليل وقفت مهجة بجوار النافذة بانتظار زوجها الذي لم يأتي بعد… حدقت بساعتها فوجدتها الثانية صباحاً.
شعر قلبها بالقلق هذه المرة فقد تأخر كثيراً أهذا كله من أجل ما اقترفته في حقه أم ماذا.
أتت بهاتفها وظلت ترن عليه بإلحاح… لكنه أغلق هاتفه ولم يجيبها… حارت لا تعرف ماذا عليها أن تفعل.
تنهدت بيأس من هذا الانتظار القاتل…. قائلة لنفسها بتردد: شكله كده هيسيبك بجد يا مهجة المرادي… ومش هيبقى فيها رجعة.
عند هذه النقطة شعرت بالضياع من جديد وهلع قلبها الخائف وهزت رأسها نافية بسرعة قولها الغير مصدق: استحالة جلال يتخلى عني بالسهولة دي المرادي.
شعور الوحدة من جديد راود قلبها الذي أغلقته للأبد على هذا العشق الذي لا مفر منه مهما اختبأت وقامته.
أخرجها من شرودها صوت طرقات هادئة على الباب… ففتحته وجدت نعيمة تقول لها: كويس يا ست هانم انك لساتك صاحية، توجست خيفة من قولها.
فسألتها بقلق: في إيه يا نعيمة يحيى جراله حاجه…. أسرعت تقول لها: ياستي البيه الصغير… لجيته دلوك سُخن جوي…. عقدت حاجبيها بذعر قائلة بلهفة: طب تعالي امعاي.
تفحصت مهجة ولدها الذي كان يئن من التعب والضعف قائلة لنعيمة بلهفة: بسرعة هاتي نعمله كمادات وهاتيله دوا السخونة من التلاجة دلوك.
رمقت طفلها بخوف وهي تضمه إلى صدره بحنان قائلة له بخفوت حزين: حبيبى إيه اللي حصلك فجأة كده… منا كنت مرضعاك ومكنش فيك أي حاجه.
أتت نعيمة بما أمرتها به مهجة وبعد قليل كانت قد هدأت مشاعر مهجة الخائفة على ولدها والتي انستها قليلاً خلافها مع زوجها.
وصل جلال إلى المنزل قبيل الفجر بساعة، وكان الجميع يغط بنومٍ عميق… تنهد بضيق وهو يصعد إلى بيته بالأعلى.
استغرب في نفسه من اشعال معظم مصابيح الكهرباء، دخل إلى المنزل بخطوات بطيئة يستكشف حقيقة ما يحدث.
فتح باب غرفة زوجته فلم يجدها…. فزاد غضبه عليها، فخرج من الحجرة للبحث عنها.
فوجدها ما زالت بغرفة طفله مستيقظة ودموعها تنهمر على وجنتيها وطفلها نائم ومستكين في حضنها.
اقترب منها بلهفة بعد رؤيته لدموعها، فلمحته يدخل فجأة، قائلاً بتساؤل: عم تبكي ليه، ماله يحيى… جولي ماله ولدي.
جف حلقها من نظراته لها…. متذكرة كل تأخيره إلى الآن قائلة بتردد حزين: يحيى كان سخن أوي فجأة… وكان صعبان عليه منظره وهوه تعبان بالشكل ده.
انحنى بحنان أبوي، يتأمل طفله النائم والإرهاق بادياً على ملامحه ثم وضع يده فوق رأس صغيره برفق قائلاً بتساؤل: وليه ما بلغتنيش…
تطلعت إليه بضيق مغمغمة بكلمات لم يفهمها… فقال لها بنفاذ صبر: بتجولي إيه وضحي.
فقالت له بعتاب حزين: اسأل نفسك يا جلال باشا…. ثم ابتعدت عنه  وحملت معها طفلها ثم غادرت الحجرة متأففه منه.
وقف جلال في منتصف الغرفة ووضع يده فوق شعره بضيق قائلاً بغيظ: واضح اكده إنك عمرك ما هتعجلي واصل يا مصيبة حياتي.
استبدل ثيابه ثم تمدد بجوارها على الفراش لينام فقالت له بضيق: انت هتعمل إيه… حدجها بنظرات ساخطة قائلاً بعصبية: هنام يعني هعمل إيه عاد.
أشاحت وجهها بحدة قائلة ببرود: لأ مش هتنام هنا… ويالا قوم نام في أي اوضة تانية.
اتسعت عينيه بغضب شديد قائلاً بنرفزة: إيه اللي بتجوليه ده يا مجنونة انتِ… عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بجمود: اللي سمعته يا عمدة يالا من هنا يا إما انا اللي هقوم أنا وابني… وهسيبهالك خالص…..
زفر بغيظ قاتل قائلاً بعصبية وعدم فهم: بجى اكده بتطرديني من اوضتي يا مصيبة انتِ.
رفعت حاجبها بسخرية مفتعلة قائلة بجمود: اشمعنى أنا مرة من نفسي أعملها يا سعات البية…. عندك اوضتك تلاقيها مشتقالك أوي…. وممكن كمان إذا حبيت يعني تنام فيها على الأرض، أهو يبقى تغيير بردو مش كده…. يا سعات المقدم.
هب من على الفراش بتذمر محدقاً بها بمنتهى الغضب الكامن بداخله قائلاً بانفعال وعدم استيعاب: لا ده انتِ اكده زودتيها جوي… وعايزاني أني جلال المنياوي أنام على الأرض.
حدجته بسخرية مفتعلة ولم تجيب تساؤله الغاضب، فذم شفتيه بحده متطلعاً إليها بنفاذ صبر…. ثم تركها وانصرف مغلقاً الباب خلفه بقوة.
رمقت مهجة الباب المغلق والحزن يملئ قلبها ولامت نفسها كثيراً على هذا التصرف.. الجنوني التي قامت به دون تفكير والذي بالتأكيد سيزيد غضبه عليها.
دخل جلال إلى غرفته يتأملها بضيق قائلاً لنفسه بعدم تصديق: بجى جه اليوم عليك يا جلال…اللي مرتك تشحتك  فيه من اوضتها يا عمدة…. لاه وكمان عايزاني آني أنام على الأرض… دي عمرها ما حصلت ان حد حدتني اكده.
زفر بحرارة وعينيه على باب الغرفة على أمل أن تراجع نفسها في قرارها الظالم هذا وتأتي إليه نادمة كما تأسفت على ما حدث منها بخصوص اوراق الورثة.
لكنها لم تأتي كما أراد بل تركته وحيداً هذه الليلة ولأول مرة…منذ أن اعترف لها بما في داخله من مشاعر نحوها.
تمدد على فراشه قائلاً بسخرية وغيظ: بجى آني اللي الناس كلاتها بتعملي حساب يجي عليه اليوم اللي مرته تعمل فيه اكده.
تأملت مهجة ولدها الرضيع الذي هدأت حرارته وارضعته ومازالت تحتضنه إلى صدرها.
بالرغم من شعورها بالنعاس الا أن بسبب ولدها وزوجها لم تنم طوال الليل… إلا عند السادسة صباحاً.
نامت بجوار ولدها بعد تعبها في لوم نفسها بسبب زوجها جلال، وفي التاسعة صباحاً فوجئت باستيقاظ ولدها من جديد فارضعته من ونادت على نعيمة لتأخذه إلى غرفته  لتستريح مرةً أخرى.
نفذت كل تعليماتها بطاعة وحاولت النوم مرةً أخرى قبيل استيقاظ ولدها مرةً أخرى.
استيقظ جلال بعد نوم طويل متقطع بسبب مجنونته الذي بسببها حُرم من النوم فقد اعتاد على النوم بجوارها واحتضانها بين ذراعيه بكل العشق الذي يحمله لها داخل جنبات صدره.
دخل إلى غرفة ولده للاطمئنان عليه قائلاً لنعيمة: اعمليلي فنجان جهوه بسرعة … فسألته قائلة: مش هتفطر يا بيه.
هز رأسه بالنفي صامتاً فانصرفت خادمته مسرعة ناحية المطبخ … تأمل ولده النائم بسلام وتحسس شعره الصغير برقة.
قائلاً له بحنان: كيفك يا ولدي دلوك جلجت عليك امبارح جوي وكنت هنام جنبك لولا امك المجنونة وتغيير مزاجها العفش…شايف عملت فيــه إيــه امبارح…. وعلشان خاطرك اتحملتها ومش خابر لميته هتفضل اكده ويايا.
أحضرت نعيمة له فنجان القهوة وخرجت عائدة إلى المطبخ…. ارتشفه بجوار ابنه ثم غادر الغرفة بعد اطمئنانه على ولده.
وقف أمام حجرتها يتأملها مقرراً بنفسه انه سيتركها وسيعاقبها، دون أن يسأل بها…. ليرى مدى قدر تحملها الابتعاد عنه.
دخل كل من يحيى ومريم أحد المحال التجارية لشراء ثوب الزفاف بعد أن اتفق مع شقيقها على السماح لها بالخروج معه.
وقفت تتأمل أحد الأثواب الراقية والمحتشمة في ذات الوقت… لاحظ يحيى عليها ذلك قائلاً لها: ها عجبك تجسيه…. اومأت برأسها بالموافقة.
أتت صاحبة المكان قائلة بترحاب: اتفضلي شوفيه إذا عجبك اشتريه.
انتظرها يحيى ودلفت هي معها إلى الداخل…. لترى المقاس… ارتدته وتأملتها الفتاة التي تقف لمساعدتها.
ابتسمت لنفسها وهي تشاهد نفسها بالمرآة قائلة بإعجاب: الله حلو جوي… اومأت الفتاة قائلة: وأحسن حاجه فيه كمان إنه مش هيحتاج تظبيط كتير… ها أخلي الدكتور يحيى يجولك رأيه.
هزت رأسها بسرعة باعتراض قائلة بلهفة:- لاه الله لا يسيئك… بلاش أني خابراه زين ده….بترت عبارتها مستوعبة ما كانت ستتفوه به مردفة بتردد: لاه إكده أحسن ليكون فال عفش ولا حاجه.
ابتسمت الفتاة قائلة: براحتك ماشي خلاص أنا هسيبك دلوك… وأشوفلك طرحته علشان تشوفيها وتجولي رأيك فيها.
تنهدت بارتياح لتفهمها… ووقفت تتأمل نفسها مرةً أخيرة بالمرآة وإذا بها تفاجئ بمن يحتضنها بغتةً من الخلف.
شهقت برعب مصحوب بخجل… ولم تقوى على التحدث وهي تتأمله بالمرآة الموجودة أمامها…. وقلبها يخفق بشدة.
هامساً بجوار أذنها بنعومة: بجى اكده مش عايزاني أشوف الحلاوة دي كلاتها دلوك.
كادت أن تخر ساقطة بين ذراعيه مغشياً عليها قائلة بخجل خائف: سيبني يا يحيى مينفعش اكده احنا في محل…. وده كمان فال عفش جوي.
أدارها نحوه ببطء… متأملاً لها بإعجاب شديد قائلاً بنبرة أذابتها: بصراحة اكده… مش جادر على نفسي ان ما أشوفيش كل الجمال ده وأجف ساكت.
علت ضربات قلبها بعنف واضطربت أنفاسهما معاً قائلة بتردد خجول: طب… طب.. عجبك الفستان…. قاطعها بصوته الجذاب قائلاً: آني معجب أكتر بصاحبة الفستان…. اللي مش هنام الليل بسببها النهاردة.
احمرت وجنتيها من مشاعره الجياشة تلك هامسة برجاء: طب سيبني بجى دلوك اصحاب المحل يجولوا علينا إيه عاد…. تأملها بعبث قائلاً بمكر: ما يجدروش يجولوا حاجه وخصوصاً إنهم خابريني زين جوي.
دفعته من صدره بقوة مزيفة قائلة بضيق مفتعل: كفاياك بجى عايزة أغير الفستان… جبل البنت ما تيجي.
قبل أن ينصرف باغتها بقبلة في وجنتها اليمنى بكل الشوق الكامن بداخله هامساً بعبث خبيث: إذا احتجتي أي مساعدة آني موجود بره نادميني بس وبغمضة عين هتلاجيني اهنه جدامك.
زادت دقات قلبها كالطبل داخل جنبات صدرها كأنها تستغيث من هذا العاشق الولهان الذي يطيح بكل حصونها بالهواء.
قائلة بهدوء مفتعل: لاه متشكره جوي آني هساعد نفسي كويس، هز رأسه بمكر ثم تركها وانصرف.
أغمضت عيونها بتوتر قائلة بارتياح قلق: الحمدلله سمع حديتي وخرج شكله مكنش هيجيبها لبر.
مر عليهم يومان آخران يقومان بشراء بعض الثياب لعروسته الخجول الذي يذيب عشقاً بها…. وبعض الأشياء الأخرى الخاصة بمنزلهم.
استلقت مهجة على الفراش شاعرةً بالغيظ والغضب من زوجها الذي ما زال يتجاهلها وينام بحجرة أخرى مثلما طلبت منذ المرة الأخيرة.
قائلة بحنق: ده ما صدق انه عملها بقى وكل يوم ييجي قبل الفجر… من غير ما أشوفه… بس إياك عقلك يوزك وتكون بتعرف واحدة تانية غيري… يبقى نهاركم اسود معايا انتم الاتنين.
تذكرت طردها له من الحجرة قائلة لنفسها بلوم: انتِ السبب في كل ده، عتطيله الفرصة بالبُعد عنك وهوه تقيل أوي مش هيسامحك بسهولة، ولازم انتِ اللي تصالحيه وخصوصاً انك انتِ الغلطانة مش هوه.
ضمت قبضتيها تفكر بحل هذه الورطة التي فعلتها بيدها هذه المرة، ومن تهورها والاستخفاف الذي لا حد له.
قائلة بشرود: أنا لازم أشوف طريقة حلوه، أرجعه بيها لحضني من تاني وأفكر كويس أوي بفكرة تكون محبوكة ومن غير جرح لكرامتي، وتجبره انه ينام في اوضتي تاني، خلاص مبقتش قادره انام من غيره…. خلاص أخدت على كده ومش قادرة أبعد عنه أكتر من كده.
صمتت تفكر جيداً ماذا عليها ان تفعل وهي تحدق بساعة الحائط  قبيل مجيئه وتحث نفسها على ذلك فقد اقترب وقت وصوله للبيت.
دقت عقارب الساعة  أشارت إلى الثانية والنصف صباحاً واستمعت إلى صوت باب المنزل يُفتح بهدوء… فتمددت بسرعة في فراشها.
تتألم بصوتٍ معذب… قطب جلال جبينه بدهشة مصحوبة بانزعاج ودخل إلى غرفتها على الفور بلهفة قلبه عليها، فقد كان الباب موارباً كي يسمعها جيداً عند مجيئه.
اقترب منها بحب متناسياً ما تفعله به هذه الأيام قائلاً لها باهتمام وقلق: مالك يا مهجتي… بتشتكي من إيه عاد.
تأوهت بشدة قائلة له ببكاء مزيف: تعبانة أوي يا جلال مش عارفه مالي كده.
جلس بجوارها يحتضنها برفق إلى صدره… وهو يتأمل محياها الذي اشتاق إليه كثيراً هذه الأيام قائلاً بجزع: طب حاسه بإيه جولي وأني أخدك وأوديكي المستشفى دلوك.
ابتلعت ريقها بصعوبة من وطأة نظراته إليها قائلة بوجع مفتعل: لأ لأ… مش هقدر أروح المستشفى وأنا تعبانة كده.
هز رأسه بالرفض قائلاً بلهفة واعتراض: وآني استحالة اسيبك اكده للصبح… جوليلي حاسة بإيه.
اضطربت قليلاً ثم تظاهرت بالبكاء مرةً أخرى قائلة بألم مفتعل:- قولتلك مش عارفه… زي ما يكون مغص… لا لا مش مغص…. ده صداع …. لا مش صداع…. ده القاولون العصبي من زعلي منك،  لا لا مش القاولون ده أكيد تعب مش عارفاله اسم.
تأملها للحظات بغموض صامت ثم هب واقفاً من جوارها مبتعداً عن الفراش قائلاً ببرود: طب لما تبجي خابره انتِ عنديكي إيـــه ابجي جولي.
تطلعت إليه بصدمة وقد نسيت المشهد التمثيلي التي تقوم بدوره وإخراجه في مخيلتها لكن اتى بطلها وخرج عن النص ولم تفعل حساب لذلك…. فقد باغتها ردة فعله.
وهبت واقفة أمامه قائلة بعفوية: بقى كده تقوم من جنبي وتسيب مراتك تعبانة بالشكل ده…. بقى هوه ده حبك ليه.
وضع كفيه في جيب بنطاله وهو يتأملها بنظراته الساخرة قائلاً بجمود: ومرتي التعبانة تجوم اكده وتجف على رجليها فجأة من غير ما تتألم.
زاغ بصرها هذه اللحظة فقد تصرفت هذه المرة دون أن تعي ماذا تفعل وقد أخطأت في تمثيلها لدورها جيداً.
قائلة بإسلوب مضحك: ما انت عارف اني مجنونة والمجنون ده بيعمل أي حاجه حتى واذا كان تعبان.
أومأ برأسه شارداً بمظهرها وثيابها التي ترتديها والكاشفة لزراعيها… ولشعرها الناعم الطويل الذي تتركه يتحرك بحرية ما بين ظهرها وكتفيها ويحيط بوجهها برقة.
فاقترب منها بمكر وببطء مفاجئ حتى كاد أن يلتصق بها، وهو يرفع حاجبه الأيمن بخبث شديد.
فتراجعت بتلقائية خطوتين إلى الوراء، فارتفع جانب شفتيه بتهكم ومد ذراعه وأحاطها من خصرها جاذباً إياها نحو صدره وأنفاسه الحارة على وجهها.
هامساً بعبث:- والتعبان بيبجى لابس الخلجات الزينة دي وفارد شعره الطويل على كتفه اكده…. ولا كإنها عروسة يوم فرحها.
جف حلقها بسرعة… فقد خفق قلبها لكلماته التي كشفتها بسرعة، وتوردت وجنتيها قائلة بتردد: أصل…. أصل…. ابتسم من ارتباكها قائلاً لها بمكر: أصل إيه عاد… جولي.
أشاحت بعينيها بعيداً قائلة بنبرة مرتجفة: أصل يعني…. أقصد… إني بقيت كويسة دلوقتي.
ضحك جلال بسخرية هاتفاً بها بغرور: أوام إكده بجيتي كويسه دلوك…. حاولت أن تبدو شجاعة على ردة فعله الغير متوقعه قائلة بغيظ: أيوة بقيت كويسه إيه مش مصدقني… ولا تكون عايزني أفضل تعبانه على طول علشان ما أعرفش عنك حاجه. 
ابتسم جلال محدقاً بعينيها التي تأثرانه بشقاوتهما مفكراً بكلماتها المضحكة قائلاً بعبث: هوه آني أجدر مصدجش مصيبة حياتي…
انتزعت نفسها من ذراعه بسرعة، متظاهرة بالغضب ووضعت ذراعيها على صدرها وهي تعقدهما أمامه.
قائلة بحدة مفتعلة: طب خلاص مادام بقيت كويسه… اتفضل روح على اوضتك وأسفه على ان أخدت شويه من وقتك الثمين… يا سيــا….
بترت باقي جملتها عندما فوجئت به يحملها بين ذراعيه… محدقاً إليها باشتياق ولهفه.
قائلاً بخفوت: مين العبيط ده اللي يسيب مصيبته ومرته وهيه جمر اكده… تبات وتنام لوحدها… من غير راجلها.
احمر وجهها بشدة وانتفض قلبها بقوة وأسبلت جفونها إلى الأسفل قائلة بضيق ظاهري: انت أكيد… بقالك تلات أيام سيبني لوحدي مش كده ولا إيه….ولا أكون بفتري عليك.
ضمها أكثر إلى صدره بشوق هامساً بعشق: خلاص حرمت وبصراحة اكده مجبتش جادر أبعد عنيكِ أكتر من إكده.. ومش هعملها تاني.
تطلعت إليه بغضب قائلة بعفوية: يعني كان لازم أعمل اني تعبانه علشان تحن عليه.
هنا لم يعد جلال يتمالك نفسه من الضحك فانتبهت لنفسها من اعترافها هكذا وبكل جراءة وتلقائية.
حاولت أن تبتعد عنه وتهبط من بين يديه فقال لها وهو يضحك: على فين اكده ده آني ما صدجت بجيتي في حضني تجومي تهمليني لحالي من تاني.
تجمدت بين يديه وتلاقت أبصارهم بعشق جنوني وتعلقت برقبته لا تريد تركه أبداً، مستسلمة إليه… إلى حبيبها التي ما زالت تذكر لياليهم سوياً… وبقلوب مرتجفة وانفاس لاهثة مضطربة تعبر عن ما يجيش صدرهم من آهات وعشق المحبين.
فمشي بها إلى الفراش ببطء ودون أن تفارق عيونهم هذه النظرات الوالهه قائلاً بهمس عاشق: بعشجك يا مهجتي ومش جادر أبعد عنيكِ أكتر من اكده وآني معجبتكيش لوحدك لاه آني عاجبت نفسي كمان .
ضمته إلى صدرها بحب ووضعت رأسها على صدره تستمع إلى خفقات قلبه العنيفة قائلة بحب: يعني خلاص يا جلال مسامحني.
لم يجيبها بالقول إنما وضعها على الفراش واحتضنها مرةً أخرى بقوة إلى صدره… متأملاً لعيونها التي تعشقه صامتاً لكن قلبه أجابها وهو يقبلها بعمق بشفتيها هامساً أمامهم: فهمتي اكده ولا لساتك مش خابره.
فأغمضت عيونها شاعرةً بقبلته لها مرةً ثانية ذائبةً بين ذراعيه مستسلمه لهذا العاشق المجنون مثلها.
جهزت نوال أغراضها كلها ووقفت والدة ياسين تتأملها بمزيج من الحزن والسعادة لهذا اغرورقت عينيها بالدموع قائلة لها:- على أد منا فرحانه انك هتسافري لجوزك… على أد منا زعلانه انك هتسيبينا وكمان هتولدي بعيد عنا.
ابتسمت لها بحنان قائلة بهدوء ظاهري:- معلش يا ماما أنتِ عارفه لولا اصرار ياسين على سفري مكنتش سافرت.
تنهدت قائلة بحب:- عارفه يابنتي ربنا يهديكم لبعض ونسمع عنكم كل خير.
ناداهم والده قائلاً:- يالا هنتأخر على ميعاد الطيارة… والعربية بسواقها جاهزة تحت.
ابتسمت والدته قائلة:- حاضر هيه جاهزة أهيه… أتت مها من غرفتها قائلة:- وانا كمان جهزت.
انصرف الجميع إلى السيارة وحمل والد زوجها حقيبتها عنها.
استقل الجميع العربة…. إلى المطار حدقت نوال من زجاج السيارة بحزن فهي ستغادر كل هؤلاء الناس مبتعدة عن وطنها الحبيب.
إلى زوجها الذي لم تعد قادرة على تركه ولا بُعده أكثر من ذلك بمفرده بعيداً عنها… فقد اشتاقت لرؤيته كثيراً حتى أنها تتلهف لسماع صوته كلما هاتفها.
أخرجها من شرودها صوت حماتها قائلة:- نوال خلاص وصلنا المطار… تلفتت حولها بقلق وبقلب مترقب قائلة لها:- حاضر هنزل…
وقفت تودع الجميع توديعاً حارا بالقبلات و غيرها… ثم تركتهم ودخلت إلى صالة الإنتظار…
وقبل أن تخطو بقدميها في الداخل ناداها صوتاً محبب إلى قلبها من وراءها.
فالتفتت إلى مهجة خلفها التي كانت تقف أمامها….حاملة ليحيى بين ذراعيها وعلى مقربةً منهم يقف جلال يراقبهم بصمت.
قائلة لها بحب:- معقول كده هتسافري من غير ما تودعيني أنا كمان.
هرعت نوال إليها بحب والدموع بعينيها واحتضنتها قائلة بعدم تصديق:- مهجة حبيبتي هتوحشيني أوي… أحلى مفاجأة ليه النهاردة.
فقالت لها بحنان:- مش أكتر مني يانوال… جلال حبيبي أول ما قولتله انك مسافرة جابني ليك بسرعة من البلد.
انسالت دموعها أكثر قائلة:- الحمد لله انكم رجعتوا لبعض واطمنت عليكي قبل ما أسافر.
مدت مهجة يدها ومسحت دموعها قائلة لها بهدوء مفتعل:- متعيطيش يا نوال… خلاص انسي الدموع انت مسافرة لحبيبك وجوزك ياسين… وهتعيشي حياة جديدة معاه.
فاحتضنتها نوال هذه المرة قائلة بحزن:- أنا زعلانه علشان هبعد عنك ومش هشوفك تاني وهتحرم كمان من شبشبك.
ضحكت مهجة بتأثر قائلة :- اوعي تقولي كده تاني مين قال إننا هنبعد أكيد هنتصل ببعض دنا لاذقه فيكِ مهما تمشي وتسافري… وتبعدي عني… 
فقالت لها بيأس:- بس هولد وآني بعيد عنك… ومش هتبقي معايا.
انهمرت دموعهما معا فقد ذهب ثبات مهجة مع الريح.
قائلة بعطف:- نوال اجمدي كده انت هيكون معاكي ربنا وياسين المجنون بيكِ يالا اضحكي بقى قبل ما أسيبك 
ابتسمت لها بمرارة الفراق… قائلة:- خلي بالك من جوزك جلال ومتنسنيش يا مهجة.
فضمتها مهجة إليها بحنان قائلة بحب:- هوه أنا أقدر أنسى بنتي وأختي… يالا بقى كفاية عليكِ كده زمان طيارتك ميعادها قرب.
قبلت نوال صغيرها ثم تركتها وابتعدت عنها ودموعها تسبقها.
كان زوجها يراقبهم بصمت ثم وضع يده على كتفها قائلاً بهدوء:- يالا بينا يا مهجة من اهنه كفاياكِ أكده.
ألقت بنفسها بين ذراعيه قائلة:- غصب عني يا جلال مش واخده على بُعدها عني.
ربت على ظهرها بحب قائلاً بتأثر:- ومين جال انك هتبعدي عنيها بس، ابچي اتحدتي وياها براحتك واهو النت موچود كمان.
تنهدت قائلة باستسلام:- عندك حق يالا بينا من هنا أحسن اضعف واجري وراها.
ابتسم لها قائلاً:- طب يالا بينا چبل غيرتي ما تشتغل آني كمان زي چوزها.
حدقت بها قائلة:- بس التاني مجنون لكن انت حاجه تانيه خالص… 
ضحك من كلماتها وأحاط كتفيها بذراعه واتجه بها إلى سيارته عائدين إلى بلدته مرةً أخرى. 
استقلت نوال الطائرة بقلبٍ متوتر خائف، مترقبة لما سيمر بها طوال هذه الرحلة التي تخوضها لأول مرة في حياتها.
جلس ياسين بانتظار وصول طائرتها والخوف ينهش قلبه عليها… وكلما ظهرت أمامه طيف انثى من بعيد يهب من مقعده… يظنها هي.
لكنه امتنع عن الوقوف إلى أن يخفق قلبه لوصولها وعندها سيعلم أنها أتت.
أخذ يحدق بساعة يده من حين إلى آخر… منتظراً إياها بلهفة… إلى أن خقق قلبه بعنف مفاجئ.
فالتفت سريعاً نحوها فوجدها هي حبيبته أمامه تجر عربة أمامها بها حقائبها باحثةً عنه، حولها.
لم يعي لنفسه ماذا يفعل بها أمام الناس التي تحيط بهم من كل جانب…
إذ ركض نحوها بغتةً عندما تلاقت أبصارهم سوياً وخفق قلبيهما بشدة وعنف كأنهم غير مصدقين أنهم أخيراً التقوا بعد طول غياب.
وبكل شوقه إليها حملها بين ذراعيه ودار بها حول نفسه أمام جميع المارة من مختلف الجنسيات… فصرخت به.
قائلة بلهفة:- بتعمل إيه يا مجنون انت وقدام الناس كمان.
كست وجهه السعادة قائلاً بعدم تصديق:- أنا فعلاً مجنون بحبك يانوال وخلاص مبقاش فيه عقل وهشيلك قدام أي حد.
ضمها إليه بشوق كبير وجسدها يرتجف من شوقها إليه هي الأخرى…
قائلة بنبرة مرتجفة:- طب نزلني بقى مش كفاية كده… فهمس لها قائلاً باشتياق:- لا مش كفاية على قمري اللي نور قلبي من تاني.
ابتسمت له بسعادة هي الأخرى، غير مصدقه هي الأخرى بأنها وأخيراً مع حبيبها ياسين.
وصل بها زوجها إلى منزل جديد لهما جهزه خصيصاً من أجلها.
تأملت نوال المكان حولها بإعجاب قائلة:- الشقة دي علشاني أنا.
ابتسم لها ابتسامته الجذابه قائلاً بحب:- طبعاً يا روح ياسين… ها إيه رأيك عجبتك.
اومأت برأسها قائلة بسعادة:- عجبتني جدا ومكنتش أعرف إن ذوقك حلو كده.
اخذها بين ذراعيه بحب قائلاً بولهه:- إذا مكنش ذوقي حلو كده مكنتش اتجوزت القمر بتاعي أنا وبس.
وضعت ذراعيها حول رقبته قائلة بخبث:- بس بعد كده هييجي اللي يشاركك القمر بتاعك ده.
قطب حاجبيه بضيق قائلاً بحدة واستفسار:- تقصدي إيه بكلامك ده…. ها؟
ارتبكت قليلا فهي خائفة من ردة فعله عندما يعلم بحملها.
طال صمتها فألح عليها مستكملاً بقوله الحاد:- سكتي ليه ما تنطقي يا ست هانم.
أخفضت بصره على قميصه وقررت مواجهته بالخبر منذ البداية…. قائلة بخفوت:- أنا… أنا… حامل يا ياسين في أربع شهور.
اتسعت عينيه لا يدري أيغضب أم يفرح لهذا الخبر الذي خبأته عليه حتى أهله لم يخبروه.
محدقاً ببطنها التي تغير حجمها وظهر عليها تغيير الحمل.
قائلاً بغضبٍ مكتوم:- حامل من أربع شهور ومتقوليليش يا نوال… انت واعية للي عملتيه.
جف حلقها وتوترت أعصابها أكثر لا تعرف بأي شيء تدافع عن نفسها.
فابتعدت عنه بارتباك قائلة باضطراب:- ياسين أنا… أنا… كل ما كنت آجي أبلغك…. نخانق في بعض فا كنت بسكت. 
ابتسم بسخرية لاذعة قائلاً بتهكم:- وإيه الجديد يا ست هانم… ما احنا من ساعة ما شفنا بعض أول مرة وبنتخانق سوا على طول…
تأملته برجاء قائلة بأسف:- أنا مكنتش أقصد أزعلك أنا كل الحكاية بس اني كنت عايزة أعملهالك مفاجأة.
ضم قبضتيه بشدة بجواره كي لا يتهور عليها… قائلاً بغيظ:- وطبعاً أنتِ اللي قولتي لماما و بابا ما يبلغونيش.
صمتت وهي تحدق به بخوف ففهم أن كلامه صحيح.
فجز على أسنانه بحده قائلاً:- امشي من قدامي دلوقتي… وادخلي ترتاحي.
فهمست له برجاء:- طب مش هتفرجني الأول على الشقة.
تنهد بحدة غاضبة وجذبها من يدها بنفاذ صبر وقام بالفعل منفذاً لرغبتها في مشاهدتها لمنزلها الجديد.
دخلت نوال غرفة نومها فأعجبتها كثيراً بأثاثها الأنيق والمتناسق الألوان مع الستائر والحوائط.
ابتسمت بسعادة لكن هذه الابتسامة ما لبثت أن اختفت عندما رأت تجهم ملامحه قائلة بخفوت:- جميلة أوي الأوضة شكرا يا حبيبي عليها.
كاد ياسين أن ينسى غضبه منها فقد مست جملته الأخيرة شغاف قلبه.
وقبل أن يرد عليها قال لها بضيق ظاهري:- أنا هسيبك دلوقتي تغيري لبسك وترتاحي من السفر… وأكون أنا جهزتلك أكل تلائيكي جعانة.
كانت سترد عليه أنها تحتاجه هو لكنه تركها وانصرف من الغرفة.
تنهدت نوال بأسى ثم دخلت إلى المرحاض لتأخذ حماماً دافئاً وبعدها تستريح من عناء السفر.
غلبها النعاس في فراشها بعد خروجها من المرحاض.
كان ياسين في ذلك التوقيت قد أحضر لها الطعام وعندما وجدها نائمة… أشفق عليها ولم يوقظها.
أبدل ياسين ثيابه وتمدد بجوارها لينام هو الآخر بعد أن أعاد الطعام في الثلاجة.
ونظر في ساعته فوجد الوقت مازال مبكراً على النوم.
لكنه قرر النوم هو الآخر بجانبها…. تأملها بمزيج من الشوق واللهفة… وهو يواجهها بنظراته المشتاقة لها.
مد يده يتحسس شعرها برقة بأنامله قائلاً لنفسه:- لو تعرفي انت وحشاني أوي أد إيه مكنتيش زعلتيني منك بالشكل ده.
في الصباح الباكر استيقظت نوال… فوجدت نفسها بين ذراعيه فتجمدت في مكانها.
متنهدة بحزن لنفسها قائلة بحنين:- ياسين أنا بحبك أوي وبلاش تبعد عني كده… مش قادرة اتحمل بعدك ولا زعلك مني بالشكل ده.
وضعت يدها على وجهه بنعومة وابتسمت له بشوق وهو نائم… متأمله له دون ملل.
قائلة له بخفوت:- أنا فرحانه إني بقيت معاك وجوه قلبك… بترت عبارتها عندما فتح ياسين عينيه بغتةً وقد أمسك بيدها بقبضته حتى لا تفلتها منه.
أرتجف قلبها بقوة من تلاقي أبصارهم سوياً بهذا الشكل الصامت لكن قلوبهم غير ذلك.
نسي ياسين غصبه منها فاقترب منها أكثر وضمها بقوة أكبر… بين ذراعيه.
احمر وجهها وقد أطرقت بأهدابها على صدره تشعر بأنفاسه الحارة على وجهها.
قائلاً بهمس:- نوال… متعرفيش أنا أد إيه مفتقدك كل الشهور دي.
ضغطت على شفتيها بارتباك قائلة بخجل:- وأنا كمان يا ياسين… نفس الشعور بالنسبة بالي.
ابتسم ابتسامته الساحرة وانتفض قلبه قائلاً لها بنبرة متحشرجه أمام شفتيها:- وحشتيني اوي يا نوال وكنت بعد الأيام الجاية وبحلم بوجودك في حياتي من تاني وكنت زعلان اني كل يوم يقوم من النوم وملائكيش بحضني.
أغرورقت عيونها بالعبرات الكثيرة قائلة بعدم تصديق:- أفهم من كده انك سامحتني وانت مش زعلان مني خالص.
هز رأسه بالموافقة قائلاً بلهجة أذبت قلبها:- طبعا أنا عمري ما هزعل من قمري أبداً ولا من الصغنن بتاعي أنا اللي غير حياتي كلها.
ابتسمت له برقة غير مصدقة أنه سامحها هذه المرة بسهولة.
تمعن بعينيها ثم شفتيها المرتجفة مستكملاً بهمس:- نوال… أنا من ساعة يوم خطوبتي الأولى لما هربتي منها ومشيت وراكِ علشان ألائيكي ولقيتك نايمة في الشارع… وبسرعة روحتك وبعد ما نيمتك على سريرك زي الطفلة البريئة اللي محتاجه الحنان.
ولقيتك بتقولي بصوت واطي وبدون وعي قبل ما أخرج من اوضتك وانت نايمة متسبنيش يا ياسين.
كلمتك دي أسبتتلي إنك فعلا بتحبيني زي ما حبيتك وقعدت جنبيكي شوية لغاية ما اطمن قلبي عليكي.
وبعدها سيبتك لأنه مكنش هينفع أبات معاكِ….
ومن وقتها يا قلب ياسين قررت وقلت لازم أفوز بيكِ واتجوزك أن شاء الله حتى بالعافية… يا أغلى حاجه في حياتي… حصلتلي.
تأملته للحظات غير مستوعبه ما تفوه به وكي لا تظن أنها ليست بحلم…. ألقت بنفسها بين ذراعيه أكثر وضمته إليها بقلب يقرع كالطبل.
قائلة بعشق:- بحبك يا ياسين انت أصبحت كل حاجه حلوه بحياتي وخليت دنيتي ليها طعم تاني مختلف بعد ما فقدت الأمل.
ابتلع ريقه بصعوبة بالغة أمام تدفق مشاعرها هذه المرة دون خوف أو خجل.
هامسا أمام شفتيها باشتياق كبير…. قائلاً بنبرة تكاد تُسمع:- مش بتحبيني أكتر مني يا قلب وروح ياسين من جوه…. انا بعشقك يا نوال… بعشق كل حاجه فيكِ.
ضحكتك، عينيكِ الحلوين دول، شقاوتك، عنادك معايا…. ملامحك بكل تفاصيلها… بعشق بنتي أو ابني اللي هيجيلي منك واللي لسه مجاش ولا شفته…. بعشقك ياصغنن.
ضمت شفتيها بخجل… فاقترب منها ببطء محبب ذكرها بيوم زفافها إليه.
مقبلاً إياها بشفتيها الوردتيتين التي تجذبانه دائماً ومنذ أول لقاء لهما.
وهو يضمها بكل العشق الكامن داخل قلبه… فضمته إليها بخجل… مستسلمة لقدرها الجميل معه وقد ذابت وهامت بين ذراعيه.
شاعرةً بأنهم يعيشون أجمل لحظات حياتهما معاً… والذين يسرقونها من الحياة التي طغت فيها الماديات على الحب.
فقد كانت قصة حبهم حب عنيف من نوع آخر… وصبروا كثيرا إلى أن تحققت أمانيهم معاً وتوج الحب حياتهم من جديد بعد صراع مرير ما بين الغضب والفراق والحزن الذي طال بهم.
لكنهم بالنهاية إلتقوا مع بعضهم البعض مادامت قلوبهم جمعها الحب منذ البداية.
جاء يوم الاحتفال بزواج يحيى ومريم وأيضاً عقيقة يحيى الصغير… والذي ينتظره الجميع بفارغ الصبر.
أعد الحاج اسماعيل الأحتفال جيداً فقد أتى معظم أهل البلد إلى الساحة الكبيرة للأكل في الفرح والعقيقة ووقف الطباخ وبعض الأهل يضيفون المدعوين إلى موائد الطعام من أجل المناسبتين.
وقف جلال بصحبة والده لاستقبال الضيوف والترحاب بهم والجميع فرحون ويهنئونه على سلامته وعلى عقيقة ولده الصغير.
كان جلال يشعر بالفخر والسعادة من أجل هذا الأحتفال الذي يليق به وبابنه… فقال له والده بفرحة: ألف مبروك يا ولدي والحمد لله ان عيشت وشفت حفيدي يحيى واللي ان شاء الله هيبجى زييك اكده.
ابتسم له قائلاً: الله يبارك فيك يا ابوي… تعيش له وتربيه كمان ويكون أحسن مني… ربت والده على يده قائلاً: يتربى بعزك يا ولدي…. لما أروح اشوف الضيوف اللي بدأو ياجو دلوك.
وفي المساء جلست مريم بين ضيوفهم من النساء كالقمر المنير في ليلة تمامه بانتظار حبيبها وحبيب… عمرها كله للجلوس بجوارها بعد أن أتى بها من صالون التجميل إلى القاعة الذي حجزها للزفاف من قبل.
وتجمعت الكثير من المدعوات حولها يطلقون الزغاريد للاحتفال بها في قاعة أنيقة مخصصة للنساء فقط، وقفت والدتها بجوارها تشعر بسعادة طاغية من أجل ابنتها. 
وأتت مهجة التي كانت تبدو كالعروس بثوبها الجديد وباركت لها بسعادة وهي تحتضنها.
قائلة: ألف مبروك يا مريم ربنا يسعدك انتِ والدكتور يحيى، ابتسمت لها قائلة بحياء: ويسعدك يارب انتِ والعمدة. 
وقف يحيى بحلته الأنيقة برفقة شقيقه جلال في القاعة الأخرى المخصصة للرجال.
ووالدهم يحدق بهم بحب وفخر… فها هما اجتمعا أخيراً…. بعد طول انتظار.
أقبلوا ناحيته واحتضنوه سوياً بحب واحترام.
قائلاً لهم:- ربنا يحرصكم من العين يارب.
فقال له جلال بسعادة:- ويبارك لنا في عمرك يا ابوي.
تجمع حولهم مجموعة من أهالي البلد المدعوين بحفل الزفاف.
ومنهم والد مريم وولده حسين الذين كانوا سعداء بهذا النسب، والذي لم يحلموا به في يوما من الأيام.
دخل إلى القاعة الدكتور فهمي الذي ابتسم بسعادة، عندما لمح صديقه يحيى.
اقترب منه الأخير قائلاً بعتاب محبب:- اتأخرت ليه إكده…. ضحك فهمي قائلاً: اتأخرت بسببك… مش مستلم الشغل مكانك لغاية ما ترجع المستشفى.
ابتسم له قائلاً بمزاح:- آه معلش اتحملني كمان شوي وبعد أكده هتلاجيني وياك… طوالي. 
احتضنه فهمي بسعادة ليبارك له قائلاً بفرحة:- عيب تجول أكده احنا أكتر من اخوات وألف مبروك… وأخيراً هنرتاح منيك بجى.
تأمله والسعادة تطفو على وجهه قائلاً:- عجبالك يا فهمي ونيجوا ونفرح كلاتنا….. فيك ونرتاح منيك انت كمان.
ضحك من كلماته النازحة الذي يردها إليه… ثم أومأ برأسه قائلاً:- إن شاء الله يا يحيى عن جريب أمال فين العمدة.
تلفت يحيى حوله فلم يجده قائلاً:- كان أهنه من شوي.
فقال له فهمي:- تلاجيه ملخوم مع المعازيم…. هروح أبارك للحاج اسماعيل وهرجعلك تاني.
وقفت مهجة تتلفت حولها كما أخبرها بالهاتف بانتظاره… خارج القاعة على جلال فوجدته يقترب نحوها… رمقته بهيام وإعجاب في ثيابه الأنيقة والجذابة.
قائلة بتلقائية مضحكة:- هوه في حليوه ينور في الضلمة كده… تناول يدها بين قبضتيه ويجذبها في مكان بعيد عن أي شخص يراهم.
قائلاً بمزاح خافت:- أفهم من إكده إنك بتعاكسيني ولا إيه عاد.
تأملته بحب قائلة بعفوية:- هوه أنا أقدر أشوفك كده ومتكلمش ليه هبلة أنا ولا إيه…. ولا هستنى لما واحده تانية غيري تيجي تقولك كده.
ضحك زوجها عندما استمع إلى كلماتها المجنونة التي لا تستطيع أن تتخلى عنها أبداً.
قائلاً لها بعشق ضاحك:- هيه مين دي اللي امها داعية عليها علشان تجع في طريجك.
رمقته بنظرات مضحكة قائلة بلهجة حازمة مفتعلة: أيوة كده اتعدل ولا واحدة تقدر تبصلك بس وانا كنت عملتها كفتة الحاتي وخليتها عبرة…. لأي واحدة تفكر بس تقربلك.
ضحك بصوتٍ أعلى هذه المرة وهو يجذبها من كفيها إلى صدره قائلاً بحب:- مجنونة وتعمليها خابرك عم تفكري كيف… بس جد إكده بتغيري عليه.
تمعنت في عينيه برهةً من الوقت قليلاً ثم ألقت بنفسها بين ذراعيه بجسد ينتفض ووضعت رأسها على صدره…. فضمها إليه بقوة.
قائلة بهمس:- وأكتر من كده يا حبيبي انت كل حياتي يا جلال…. 
أغمض عينيه بقوة لضبط نفسه وانفعالاته الداخلية قائلاً بخفوت:- اوعاكِ هتهمليني لحالي يا مهجة…. ولا تتخلي عني في يوم من الأيام.
فقالت له بلهفة:- مقدرش… مقدرش أبعد عنك أبداً يا جلال.. استحالة ميفرقناش إلا الموت.
هز رأسه نافياً قائلاً باعتراض: اوعاكِ تجولي أكده عاد تاني مرة…. ربنا ما يحرمني منيكِ واصل…. ولا من وجودك بحياتي.
أجابته بخفوت:- ولا منك يا حبيبي… تأملها بنظرات والهه:- هوه آني ماجولتلكيش انك عامله كيف العروسة… في ليلة فرحها.
هزت رأسها بالنفي قائلة ببراءة:- لأ مقولتش… بس عجبتك بجد.
فهمس لها مداعباً إياها في أنفها بإصبعه قائلاً بعبث:- عجباني لدرجة أنه عايزة أخدك دلوك ونسافر زي ما اتفاجنا لولا الفرح بجى.
خجلت من كلماته قائلة بحياء:- طب يالا بقى نمشي من هنا قبل ما حد ياخد باله منا.
رمقها بعبث قائلاً لها بخبث:- آني خابرك زين جوي عم تهربي مني بس مش هتجدري على طول تتهربي مني اكده.
ابتسمت له بنعومة ثم جذبها من يدها برفق وعادوا إلى القاعة.
تناول يحيى عروسته مريم بين يديه يرقصان على أنغام موسيقى هادئة.
تأملها بصمت ذا معنى كبير هامساً بصوتٍ متحشرج:- أخيراً يا عمري بجيتي امعاي.
تلعثمت بخجل وتلاقت نظراتهم معا قائلة بحب:- إيه مش مصدج إني خلاص بجيت ليك.
هز رأسه بالموافقة قائلاً بخفوت:- بصراحة إكده لغاية دلوك مش مصدج وكإني بحلم… ونفسي اخطفك ونمشي من اهنه بسرعة.
احمر محياها الرقيق قائلة بخجل:- لاه اوعاك تعملها أني خابراك كيف بتفكر.
ابتسم لها ثم همس أمام شفتيها بنعومة:- طب مش بذمتك آني عندي حج أجول أكده ولا لاه.
اضطربت أنفاسها أمام وجهه… وجف حلقها قائلة بحياء:- يحيى أرجوك الناس بيبصوا علينا… وآني… قاطعها بقبلة سريعة في وجنتها أخرستها.
قائلاً بعبث:- اوعاكِ تجولي إكده تاني انسي كل الناس وأي حاجه تاني وافتكري بس انك امعاي آني حبيبك يحيى.
ارتبكت لجرأته وتقبيلها أمام الناس هكذا…. فزاغ بصرها حولها باضطراب… وقلب مرتجف بعنف.
فأردف بعتاب:- لاه إكده أزعل… خليكي امعاي آني ومتبصيش حواليكي كتير إكده زي ما جولتلك.
ولم يمهلها الوقت للرد فضمها بين ذراعيه منتهزاً صمتها هذه المرة… مغمغماً بلهفة:- آني فرحان جوي انك في حضني بدون خوف.
ابتسمت بخجل وتناست كل من حولها كأنها في عالم آخر مع هذا العاشق الجريء التي أحبته في كل أحواله المتقلبة.
مع مرور الوقت جلس يحيى بجوار عروسته هامسا لها بنبرة جذابة:- مش كفاياك اكده ونروح بجى.
قبل أن ترد عليه اقتربت والدته وهي تحمل بين يديها حفيدها الصغير قائلة:- ألف مبروك ياولدي… ربنا يسعدك انت ومريم ويفرحك بيها.
هب من مكانه وقبل يدها قائلاً:- الله يبارك فيك ِ يا اماي عجبال ما تفرحي بأختي نور وابن اخوي.
فأتت نور في هذه اللحظة واحتضنت أخيها وعروسته مهنئة لهم من كل قلبها.
وفي حوالي منتصف الليل انتهى حفل الزفاف وقاد جلال عربته مصطحباً زوجته بجواره.
وشقيقه وعروسته بالخلف وأوصلهم بنفسه إلى الدار ووراءهم العديد من المدعوين بسياراتهم… الخاصة.
دخل يحيى إلى منزله مغلقا الباب خلفه …. ورمق عروسته الخجول بخبث… ثم حملها بين ذراعيه… فتجمد جسدها بارتباك قوي بينهما.
وأطرقت ببصرها بحياء… تفحصها يحيى بنظراته المتلهفة إليها ثم دخل بها إلى غرفتهم مغلقا الباب خلفه بقدمه.
أنزلها أمامه ببطء محيطاً خصرها بذراعيه قائلاً باشتياق:- أخيراً بجينا لوحدنا واتجفل علينا باب واحد ولا هتجولي ابوي ولا أمي.
شعرت بالخجل من كلماته الجريئة ولم تستطع النطق… فاقترب من وجهها ونظراته ما بين عينيها وشفتيها التي تنتفض.
متابعا بقوله المشتاق:- منيش عايزك تخافي مني واصل يا جلب يحيى.
تسمرت في مكانها لا تقوى على الحراك بعيداً عنه… شاعرة بحياء لا حد له.
قائلة بارتباك:- لاه منيش خايفة آني… آني… قاطعها بنبرة أذابتها:- وآني مش عايز غير إكده يا عيون يحيى.
ابتلعت ريقها بصعوبة من وطأة نظراته لها تشعر بتوتر ما داخل قلبها.
فأغمضت عيونها كي تتمالك أعصابها وانفعالاتها الداخلية… أحست بأنفاسه المضطربة و المتسارعة على شفتيها الوردتين…
مقبلاً إياها بشفتيها المرتجفة وهو يضمها بقوة بين ذراعيه… مستسلماً لعواطفه الجياشة نحوها.
وسرعان ما استسلمت هي الأخرى لقلبها المجنون بحبه… ذائبةً بين ذراعيه في هيام وتناغم رومانسي بينهما.
هامساً بعشق لا حد له:- آني بعشجك جوي يا مريم وبغير عليكِ من نسمة الهوا الطايرة…. آني خابر إني حبي ليكِ هتلاجيه معجد بس بردك عندي أمل إنك تتحملي طبعي الغريب ده على جد ما ما تجدري… لإنك مش هتلاجي حد يعشجك زيي اكده.
حدقت به كأنها بحلم جميل لا تود الاستيقاظ منه وهو يعترف لها بما يكنه قلبه من مشاعر كانت تحلم بها معه دائماً… وها قد تحققت.
قائلة بحب:- وآني كمان يا يحيى عشجتك وحبيتك من أول مرة عيني شافتك فيها… وخابره زين طبعك بس جادرة تتحمله لأن عارفه انك بتحبني ومش ههون عليك واصل.
تمعن محياها بهيام مستمتع بكلماتها واقترب من شفتيها مرة ثانية ليقبلها ويأخذها إلى عالمه الخاص بها.
فتعلقت برقبته بذراعيها تبادله مشاعره… وهي تستسلم له من جديد، تعرف جيداً بأن حبهما سيكون مختلفاً عن أي قصة حب سمعوا عنها في أي وقت… 
وستتحمل غيرته القاتلة عليها… فلقد تخطى حبهما صعاب كثيرة… وقادر على تخطى صعاب أخرى أشد يوجهونها بالمستقبل بإذن الله. 
ركض جلال وراءها على الشاطئ وهو يناديها بتوعد إذا لم تقف…. لكنها لم تستمع إلى كلماته وتحذيره لها.
وصوت ضحكاتها تعلو لتغيظه…. لحق بها جلال جاذباً إياها من معصمها بقوة.
قائلاً لها بتهديد:- بجى جه عليه الوجت اللي أجول الكلمة ومتتسمعش…. قاطعته ضاحكة بقولها:- انت السبب يا عمدة… سيبتني واتكلمت مع شريف بالتليفون تبقى تستاهل ولا لأ.
تظاهر بالضيق قائلاً بغيظ:- بس آني بجى مش هعديها إكده… ولازم آخد حجي منيكِ…. يا اما مش هجولك على باجي حكايتي…
فقالت له بلهفة:- أنا أهوه قولي أعملك إيه الأول علشان تكملي والا آني بقى اللي هزعل ولا شكلي كده بقت أهون عليك.
جذبها نحو صدره بحب قائلاً بشوق:- هوه آني أجدر على زعل حبيبتي وروحي كمان… اللي مطيره النوم من عيني بجنانها اللي مش عايزه تتخلى عنيه واصل.
فقالت له تمازحه:- وهوه معقول بردك تصدق اني أعقل في يوم من الأيام…. ولا تقدر تعيش معايا من غيره.
ضحك جلال قائلاً بشوق:- وأني بعشجك بكل جنانك ده اللي بيخليني حاسس إني مختلف وياك أنتِ وبس.
تأملته بهيام قائلة بإسلوب مضحك:- جول كمان يا جمر… وآني هسمعك للصبح.
ضحك جلال قائلاً بمزاح:- لاه طالما جلبتي صعيدي إكده وهتبتدي تعاكسيني من جديد…. يبچى ندخل للفندچ بسرعة ونكملوا حدتيتنا چوه.
ولم يمهلها الوقت الكثير وقبض على يدها بقوة وركض بها إلى الداخل.
في اليوم التالي كانت مهجة بين ذراعيه على الفراش… وضعت يدها برقة على وجنته اليسرى..
قائلة باهتمام:- قولي بقى حسيت اني تعبانه وهولد إزاي.
تأملها بشرود وهو يتذكر ذلك اليوم قائلاً بهدوء:- منيش خابر وجتها إلا كنت نايم وفچأة حسيت بإحساس چوايا غريب جوي خلاني ألحجك وآجي بسرعة لعنديكي… ووچت ما ربنا نچاكي وشيلت يحيى بيدي حسيت أنه ابني آني… بالرغم أن جولتي ليه غير أكده.
ووعدتك بإني هبعد عنيكِ علشان أنتِ طلبتي مني أكده… بس بعد ما كنت مطمن عليكِ ورغم إكده كنت شاغله بالي چوي وموعيتش لنفسي وإلا وفي عربية خبطتني وآني جدام المستشفى.
وسچطت على الأرض ونجلني السواج ودخلت المستشفى… وبعدها افتكرت كل حاچه وأول شيء افتكرته هوه انت يا مهچة وصورتك اللي مفارجتش خيالي…. وما دريتش بنفسي إلا وآني رايح لعنديكي بعد ما رچعت شغلي… وكُلي أمل إنك تسامحني وتتجبلي إن أعيش وياكِ من تاني..
تأملته بحنان وحب كبيرين هامسة بعد كلماته الهائمة تلك بقولها العاشق:- آني عيشت وياك أجمل حكاية عشق يا جلال…
احتوى وجهها بين كفيه هامساً:- وآني مكنتش هلاچي مچنونة زييكِ اكده أجع في حبها لولا مهمتي هيه اللي دلت چلبي عليكِ وكان چدرنا أننا نتچابل صدفة وبدون ميعاد.
ثم ضمها إليه بين ذراعيه بقوة رافضاً أن تبتعد عنه… فهمست على صدره قائلة بحب:- بحبك يا عمري إنت ربنا ما يحرمني منك لا أنت ولا يحيى ابننا ولا من حبك ليه يا جلال.
فهمس بجوار أذنها كالسحر:- أني ليكِ وهفضل وياكِ على طول ومع ولدنا لغاية ما تزهجوا مني…. 
ثم صمت متذكراً شيئاً ما متابعا بمكر: انتِ خابرة أن كل ما كنت بشتاجلك كنت بجطع الكهربا وأخليكٍ تخافي وترچعيلي من تاني حتى وآني فاجد الذاكرة…
وحتى ساعة ما طلجتك خليت مجدي يوديكي شقتي الأولى اللي كنت قاعد فيها قبل ما ابني الفيلا اللي عايشين فيها…. علشان حسيت وجتها اني مش هجدر أبعد عنيكِ واصل وكل الفترة اللي بعدت فيها حتى بعد ما رجعتك لعصمتي من تاني… كنت بهرب من نفسي علشان ماضعفش جدامك لكن بالنهاية قلبك هوه اللي انتصر على قلبي يا أچمل مصيبة بحياتي.
اتسعت عيونها بصدمةً كبيرة من هذه الاعترافات الأخيرة…غير مصدقة أنه أخيراً تحدث عن ما بداخله من مشاعر مدفونة بداخل قلبه… متخلياً عن غموضه الدائم له…
وابتسمت له على أعماله التي لم تكن تعلم عنها شيئاً من تعتيم وإغلاق لجميع الكهرباء…. فوكزته بصدره بمزاح قائلة بلهفة:- هوه الجمر بتاعي يجدر يبعد عني وأنا كنت…. قاطعها بمكر قائلاً بخبث:- كنت إيه عاد…… فهمست له وانفاسها على شفتيه.
قائلة: كنت حبست الحليوة جنبي وكلبشته ومكنتش خليته يروح شغله ولا أي مكان تاني…. وكنت قطعت الكهربا علشان متسبنيش خالص.
ضحك وهو ينوي تقبيلها بشفتيها قائلاً:- هتجبضي عليّ ولا إيه عاد، وتجطعي الكهربا كمان… هزت رأسها بصمت بالموافقة.
مستكملاً بعدها قائلاً بهمس عاشق:- ودي هتبجى أحسن تهمة اتكلبش بيها.
فابتسمت له برقة فقبلها بنعومة بشفتيها…. قبلة أذابتهما معاً وذهبت بهم في عالم وردي خاص بهما مستسلمين لهذا العشق الأبدي…. المحفور بداخل قلوبهم وقلوب من حولهم إلى الأبد… 
وبكده انتهت روايتي وحكايتنا على خير… واتمنى تكون عجبتكم ونالت رضاكم 
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!