رواية حبه عنيف الفصل الخامس 5 بقلم ضي القمر
رواية حبه عنيف الفصل الخامس 5 بقلم ضي القمر |
رواية حبه عنيف الفصل الخامس 5 بقلم ضي القمر
منذ أن عاد محمد من عمله و رأسه لا يكف عن العمل.
ضرغام معجب بابنته إذن!…يا لهذه الورطة.
هو يخشى قوة ضرغام و خبثه…لا يعلم كيف من الممكن أن يتصرف إذا استعصى عليه شئ يريده.
هل تراه ينجذب للأشياء صعبة المنال؟…هل هذا ما جذبه إلى ابنته.
تناول مسكن و هو يفرك جبهته من الألم بينما ربتت منيرة على كتفه قائلة:
– مالك يا محمد؟…من ساعة ما رجعت من الشغل و إنت باين عليك التعب كدا.
ابتسم لها ليطمئنها قائلًا:
– مفيش حاجة..مصدع بس.
خرجت من الغرفة لتتفقد ابنتيها بينما تنهد هو تنهيدة مثقلة بالهم…لا يستطيع إخبارها بما يجول في خلده.
أيخبرها أن هناك شخص جبار مخيف ماكر مثل الثعلب حاد كالصقر شجاع كالأسد يسمى ضرغام فؤاد معجب بابنتها و لا يدري ماذا من الممكن أن يفعل حيال هذا؟!
ابتسم بسخرية متخيلًا ما سيحدث لقلبها الأمومي لو علمت.
تحرك بثقل متجهًا نحو الشرفة فوجد ياسمين هناك تشرب القهوة المختلطة باللبن و تقرأ كتاب كما هي عادتها كل يوم.
اقترب منها مبتسمًا جالسًا إلى جوارها ثم ضمها إليه مقبلًا رأسها بحنان مفرط.
هناك خطب ما…هذا ما خطر ببال ياسمين بعد فعلة والدها.
ابتسمت باتساع قائلة:
– متنساش ريم في نوبات الحنان دي عشان بتغير.
ضحك ملء فمه قبل أن تتلاشى ضحكته بين كلاماته التي خرجت بألم بيِّن:
– ربنا يخليكوا ليا…إنتو الحاجة الوحيدة إللي طلعت بيها من الدنيا.
لم تكن ياسمين بغافلة عن تلك التصرفات الغريبة…هي أكثر من يعرف والدها.
هو الآن على الأغلب يشعر بالخطر.
قالت بقلق من حالته:
– مالك يا بابا؟
قرر الدخول في الموضوع مباشرة قائلًا:
– ياسمين..أنا عايزك تستقيلي.
– إية؟!
قالتها ياسمين بصدمة…فأمور عملها تسير على ما يرام بعد تخطي أمر سرقة الملف.
– لية يا بابا؟
قالتها بدهشة جلية بينما أجابها محمد قائلًا:
– ياسمين..صاحب الشركة……
توقف عن الحديث..لا يعلم كيف يخبرها بينما قالت ياسمين:
– ضرغام فؤاد…ماله؟
استجمع شتات نفسه قائلًا:
– هو نفسه صاحب الشركة إللي أنا بشتغل فيها..عرفت إنه كان بيبص عليكي من مكتبه على طول لما كنتي بتيجي تستنيني علشان نروح.
كانت ياسمين عاقدة حاجبيها بدهشة..نظرت إلى والدها قائلة بشك:
– مش شرط بيبص عليا…ممكن كان بيبص على أي حاجة تانية.
أجاب محمد بهدوء:
– أنا شوفته أكتر من مرة قبل كدا و هو بيبص عليكي بس قولت ممكن بيبص على حاجة تانية…بس إنهاردة أنا شوفته من مكتبه بيبص عليكي بنظرة أنا عارفها كويس…النظرة دي يا إما إعجاب..يا إما حب…إدعي ربنا إنها تكون إعجاب مش أكتر.
كانت ياسمين لاتزال غارقة بدهشتها عندما قالت:
– بس أنا حضرت معاه إجتماع طول بعرض محستش بأي حاجة من دي.
– طبيعي متحسيش علشان هو مش هيبين دا…دا غير إنك كنتي مشغولة بموضوع سرقة الملف و تعبانة أصلًا.
صمتت ياسمين لبرهة ثم قالت:
– طب إية إللي مخوف حضرتك أوي كدا؟
تنهد محمد قائلًا:
– بصي يا ياسمين…ضرغام شخص صعب تفهمي إية إللي في دماغه و ذكي جدًا..بس أنا بتعامل معاه من زمان..من أيام ما كان طفل علشان أنا كنت صاحب والده.
قالت ياسمين بدهشة:
– صاحب والده…حضرتك كنت صاحب والده؟
أجابها محمد بهدوء و هو يتفقد الشارع:
– أيوة..بس ضرغام مش زي فؤاد الله يرحمه.
كانت ياسمين صامتة منتظرة أن يكمل عندما قال:
– فؤاد كان واحد مجتهد أوي…عمل شركة صغيرة للمقاولات كان بيحاول يكبرها..بس ملحقش و توفى قبل ما شركته تكبر أكتر من كدا.
أخذ نفس عميق ناظرًا أمامه إلى نقطة ما في الفراغ و أكمل:
– ضرغام وقتها كان لسة مخلص الثانوية العامة بتاعته و كان جايب مجموع هندسة و فؤاد كان فرحان جدًا…بس لما توفى ضرغام مسك الشركة بإيد من حديد…كنت فرحان بيه الأول بس بعد كدا إتصدمت فيه.
أكمل يقص لابنته و هي معيرة إليه جل انتاهها:
– نجح فعلًا إنه يكبر الشركة الصغيرة دي لحد ما بقت مجموعة شركات الفؤاد..بس مكانش عنده أي مشكلة في إنه يرشي حد لمصلحة محتاجها بخصوص الشغل…كان بيدخل في صفقات كبيرة مع ناس كبيرة أوي في السوق و طبعًا لازم يحتفلوا بمناسبة زي دي.
أكمل و قد بدت على وجهه بوادر الإشمئزاز:
– في الحفلات دي بقى بتلاقي كل واحد جاي بمراته لابسة فستان مش مداري حاجة أصلًا و كل واحد فيهم ماسك كاس خمرة كإنهم بيشربوا مية.
– و هو معندوش مشكلة في كدا؟
أجابها والدها بسخرية:
– دا مش بس معندوش مشكلة..دا لازم يشرب معاهم كاس كمان.
– طب ليه يا بابا محاولتش تنصحه بما إنك كنت صاحب والده؟
قال بيأس:
– حاولت كذا مرة بس بطرق مبطَنة علشان أنا في الآخر مجرد محاسب في شركته…بس هو مهتمش و إعتبر إني محاولتش أعمل حاجة..لحد ما يأست و بطلت أحاول.
صمتت ثم قالت عندما تذكرت أمر شركة الأدوية:
– طب و إية موضوع شركة الأدوية دا؟
أجاب محمد بحيرة:
– مش عارف…خايف أقول إشتراها بسببك أكون بظلمه…بس لو الموضوع كدا بجد يبقى إنتي في ورطة كبيرة يا ياسمين.
اعترى وجهها الخوف و القلق بينما قال والدها:
– علشان كدا عايزك تستقيلي.
قالت بقلق بدا واضحًا في صوتها:
– بس الإستقالة مش هتوقفه…و بعدين ممكن ميوافقش عليها.
– حتى لو مش هتوقفه هتبعدك عنه شوية على الأقل…و لو موافقش عليها هنشوف حل تاني.
قال قبل أن يذهب:
– مش عايز منيرة و ريم يعرفوا حاجة عن الموضوع دا يا ياسمين…أمك لو عرفت هيبقى يوم مش هيعدي.
ذهب والدها تاركًا إياها في دوامة أفكارها التي تعصف بها بلا رحمة.
لم تتخيل أن ضرغام شخص بهذا السوء…لا يبدو عليه ذلك أبدًا…أم ذلك لربما لأنها جميلة فترى كل شئ جميل كما تخبرها سلمى دائمًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في صباح اليوم التالي.
في شركة الأدوية.
– أنا آسف يا دكتورة بس مقدرش أوافق على الإستقالة…الأفضل تروحي للباشمهندس ضرغام و هو يقرر.
قالها حسين مجيب ياسمين على طلب الإستقالة الخاص بها.
قالت بتوتر اعتراها عند سماعها لاسم ضرغام:
– بس حضرتك مدير الشركة الحالي و أنا قدمت إستقالتي لحضرتك بناءًا على دا.
ابتسم قائلًا بهدوء:
– أيوة بس باشمهندس ضرغام منبه عليا متصرفش مع كام حاجة كدا من دماغي…منهم إستقالة أو أجازة الدكاترة إللي عندهم كفاءة.
ثم أكمل بتنبيه:
– بعدين إنتي بالذات يا دكتورة وضع خاص علشان ملفك هو إللي هيتنفذ فعلًا مع تعديل بسيط فيه.
تناولت ياسمين ورقة الإستقالة التي كانت موضوعة على المكتب قائلة:
– تمام…شكرًا يا دكتور.
خرجت تنعي حظها العثر…الآن عليها أن تذهب إلى مكتب ضرغام لتقدم الإستقالة…و كم أصبح أمر الإستقالة صعبًا بعد أن علمت بأن مشروعها سيتم تنفيذه!
ذهبت بخطوات ثقيلة نحو مكتبه مستأذنة من السكيرتيرة في الدخول التي سرعان ما سمحت لها بعد أن تلقت الوافقة المتلهفة من ضرغام.
دلفت بخطوات خَجِلة قائلة بصوت خفيض:
– السلام عليكم.
حرص على أن يرد السلام كاملًا عسى يعجبها ذلك:
– و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
حاول أن يتكلم بعملية و هو يشير إلى الكرسي و لكن هيهات…فقد كُشفت أوراقه..و إن لم تكن كاملة:
– إتفضلي يا دكتورة.
جلست واضعة الورقة على المكتب دون حديث.
تناول الورقة بريبة و قد كان على حق بيربته…إنه طلب إستقالة.
رفع أحد حاجبيه ناظرًا إليها و قال:
– أقدر أعرف سبب إستقالتك؟
ارتبكت ياسمين قليلًا و لكنها استجمعت نفسها قائلة:
– أسباب شخصية.
جابت الأفكار رأس ضرغام…يبدو أن محمد يريد إبعاد ياسمين عنه و كأن الإستقالة ستجعله يتراجع.
له ما أراد…ربما موافقته السريعة على الإستقالة توهمه أنه كان مخطئًا.
وقع على الورقة معطيًا إياها لياسمين قائلًا:
– للأسف الشركة إنهاردة خسرت دكتورة متتعوضش.
تناولت منه الورقة قائلة و قد تجاهلت جملته:
– بعد إذنك.
خرجت من غرفة مكتبه بينما احتل الضيق ملامح ضرغام…لقد علم والدها..ربما سيسبب ذلك المشاكل له.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
– و ناوي تعمل إية دلوقتي؟
قالها سليم بعد أن علم بأمر استقالة ياسمين.
أجابه ضرغام و هو ينظر عبر الحائط الزجاجي إلى مكتبها الفارغ:
– لسة مش عارف.
ثم أكمل بإصرار و قد ضاقت عيناه:
– بس مش هسيبها.
ضحك سليم بسخرية:
– غرمتك الشركة على الفاضي.
ثم أكمل عندما التفت ضرغام إليه:
– إشتريت الشركة علشان تفضل تحت عنيك..و أديها إستقالت…لا و كمان هتبطل تعدي على الشركة التانية كل يوم..إنت كدا مش هتشوفها خالص.
تنهد ضرغام بحيرة بينما يتحرك ليجلس على الكرسي خلف مكتبه ثم قال:
– كل يوم الساعة تسعة بتقعد في البلكونة تشرب نسكافيه و تقرا كتاب في رواقة كدا…دا الوقت إللي هشوفها فيه.
قال سليم باستنكار:
– مفيش أي إحترام للخصوصية…إخص.
أغمض ضرغام عينيه بإرهاق قائلًا بسؤم:
– سليم…
لم يستطع إكمال جملته عندما قاطعه سليم قائلًا:
– حاضر..حاضر هطلع برا.
خرج سليم بينما نظر ضرغام إلى ساعة الحائط متمنيًا أن يمر الوقت سريعًا حتى يستطيع رؤية ياسمين.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
كانت ياسمين جالسة في الشرفة تقرأ ذلك الكتاب بيدها و تشرب مشروبها باستمتاع غافلة عن تلك السيارة التي توقفت مقابل شرفتها تمامًا على الجانب الآخر من الطريق.
فتح ضرغام زجاج السيارة الأسود فتحة صغيرة…فقط تُظهِر عينيه الحادة.
رآها تجلس و على وجهها ابتسامة عذبة فارتسمت ابتسامة محبة على شفتيه دون أن يدري.
ظل هكذا حتى أنهت ياسمين قهوتها المخلوطة باللبن ناظرة إلى الكوب بحسرة و تذمر طفولي.
ضحك بخفوت منها…يشعر و كأنه يريد أكلها كما الوجبة الشهية.
نظرت فجأة إلى الشارع و شردت بتفكير…أدار وجهه سريعًا متمنيًا ألا تلحظه.
كانت عينيها تجوب الشارع و هي غارقة بتفكيرها حتى توقفت فجأة عندما لمحت شيئًا غريبًا نوعًا ما…ماذا أتى بتلك السيارة الفاخرة إلى حيهم البسيط؟
عادت إلى قرآتها بلا مبالاة…فهي ليس لها شأن بالسيارة.
تنهد براحة بعد أن عادت إلى قرائتها دون أن تلاحظ.
عليه أن يتوخى الحذر…فهو قد أدرك أن رأس محمد لا يُستهان به أبدًا..هو يملك من الذكاء ما يكفي لأن يجعله خصمًا جيدًا له…لكم يتمى أن يصبح حماه العزيز بدلًا من أن يصبح خصمًا له!
حقًا يا لها من أمنية صعبة!
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
ظل ضرغام على هذه الحال لمدة أسبوع كامل حتى حدث ما لم يتمنى أبدًا.
كان محمد غارقًا بحيرته…لماذا لم تصدر أية ردة فعل من ضرغام حتى الآن؟…هل تراه كان مخطئًا و قد ظلمه؟…لقد وافق على الإستقالة سريعًا و لم يجادل.
نفض تلك الأفكار عن رأسه سريعًا..ما هذا الهراء؟
لقد تأكد بنفسه.
تحرك نحو الشرفة ليجلس مع ياسمين قليلًا.
امتدت يده ليزيح الستار…و أزاحته بالفعل و لكن لمساحة صغيرة لم تلحظها ياسمين حتى.
توقفت يده عن إزاحة الستار مكتفية بتلك المساحة الصغيرة بفعل الصدمة التي سببها ما رآه من تلك المساحة.
إنه يقوم بمراقبة ياسمين بينما هي جالسة غافلة عنه تمامًا…لا تظهر منه سوى عينيه و لكن هو لا يمكن أن يُخطئ تلك العينين الحادتين أبدًا.
نظر بتمعن إلى السيارة..إنها سيارته…سيارة ضرغام.
ترك الستار دالفًا إلى الداخل بصدمة و قد أدرك ردة فعله الآن.
أفاق على اقتراب ريم منه قائلة:
– هي ياسمين لسة في البلكونة؟
استغل الفرصة قائلًا:
– اه…إندهيلها تقعد معانا بدل ما هي قاعدة لوحدها.
ذهبت ريم لتحضر ياسمين التي حضرت بالفعل و ما كادت تجلس ريم إلى جوارها حتى سمعت صوت والدتها يناديها.
ذهبت ريم تلبي نداء والدتها بينما اقترب محمد من ابنته قائلًا بهمس حَذِر:
– ياسمين…إنتي مش هتطلعي البلكونة تاني.
نظرت إليه بدهشة و سؤال غير منطوق فأجاب:
– ضرغام كان واقف بعربيته تحت دلوقتي كالعادة بيتأمل فيكي…و يا عالم بيعمل كدا من إمتى.
استائت ملامح ياسمين بصمت فربت على ظهرها قائلًا بحنو:
– عارف إني بضيقها عليكي…الأول شغلك و بعدين البلكونة..بس معنديش حل غير كدا.
ابتسمت له قائلة:
– عارفة إن دا كله علشان مصلحتي يا بابا.
ابتسم لها و قد ارتعشت الابتسامة على شفتيه بقلق بالغ…ضرغام لا يكف عن مطاردة ابنته…يخشى أن يدخل بحرب يكون ضرغام الفائز بها…لن يفرط بابنته أبدًا مهما كلفه الأمر.
هذه ابنته…قطعه منه منفصلة عنه…كيف يفرط بها؟!
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
– يعني معادتش بتطلع البلكونة خالص…التفسير الوحيد لدا إن إنت حظك زي الزفت…كل ما تفتح بابا يترزع في وشك.
قالها سليم بعبث لضرغام الحانق بشدة.
قال ضرغام من بين أسنانه المطبقة بغضب:
– لا و إنت الصادق…التفسير الوحيد لدا إن أبوها أخد باله أكيد..صعب تكون هي إللي خدت بالها.
قال سليم بملل:
– السؤال المعتاد…ناوي تعمل إية؟
التمعت عيني ضرغام بإصرار و صبر قد نفذ…التفت إلى سليم قائلًا بحزم و قرار لا ينتوي الرجوع عنه أبدًا:
– هتقدملها…هتجوزها يا سليم!