Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

تهلل وجه مريم من السعادة، عندما أبلغها يحيى بما أخبره به والده من عدم زواجه من مهجة واقتراب موعد زفافها إليه، حدثته قائلة ببهجة: أني منيش مصدجه إن ده يحصل من ابوي الحاج اسماعيل، أمسك بيدها قائلاً بهدوء: ليه بتجولي إكده.
تنهدت قائلة بشرود: يمكن علشان تجاليدنا وعوايدنا يا يحيى هيه دي اللي مخلياني منيش مصدجه.
اومئ برأسه بتفهم قائلاً بهدوء: يبجى لساتك مخبراش ابوي وكِيف بيفكر يا مريم… تأملته بروية قائلة بتردد: آني بصراحة بخاف منيه جوي… بحس إنه زي العمدة تمام.
ضَحك ساخراً… عائداً في مقعده للوراء قائلاً بجدية: بالعكس أبوي شيء وأخوي الله يرحمه كان شي تاني خالص….
حدقت به بعدم استيعاب قائلة بارتباك: يبجى إنت اللي بجيت زي العمدة مش اكده،
زفر بحرارة متذكراً لطبعه في الآونة الأخيرة وأنه قد أصبح يشبه شقيقه بالفعل في كل تصرفاته.
قائلاً بضيق: آني بصراحة بجيت اكده في الفترة الأخيرة غصب عني، اخوي الأول كان موجود لكن دلوك بجت عليه مسئوليات أكبر من عُمري يا مريم.
ضمت شفتيها بندم على جملتها فقد أثارت حزنه من جديد على شقيقه والتمع الحزن في داخل عينيه للحظات لكنه أخفاها بعيداً عنها بسرعة بعد ذلك.
فقالت له بأسف: مجصديش إكده يا يحيى لكن آني لاجياك متغير بس … تنهد بتفهم ثم عاد وأمسك بكفيها من جديد.
قائلاً لها بجدية: آني خابر زين إني كنت جاسي وياكِ لكن كان غصب عني بردك، وأديني أهوه بحاول أبجى أحسن من الأول.
عَلّت الابتسامة وجهها قائلة بأمل: ياريت يا يحيى ياريت، وتنسى جساوة جلبك دي عليه.
قبّل يدها قائلاً بخفوت خبيث: وإكده جلبي جاسي عليكِ بردك، توردت وجنتيها قائلة بخجل: لاه… بس كفاياك إكده عاد… علشان الناس اللي حوالينا.
ابتسم بعبث قائلاً لها بهمس: مين اكده اللي جلبه جاسي دلوك، أطرقت برأسها قائلاً بحياء: آني مجدرش يبجى جلبي جاسي عليك واصل.
تأمل محياها بحب شديد قائلاً بخفوت: علشان إكده آني بحاول مزعلكيش مني تاني.
سَقَطَ قلب مهجة بين قدميها عند سماعها لصوت شريف الذي أتى كما قال لها في لقائها الأخير معه.
شحب وجهها وهي تواجه نظرات جلال المستفسرة التي بها لمحه من الغضب…. أشاحت ببصرها بعيداً ثم اتجهت صوب الباب بأطراف ترتعش.
فتحت الباب ببطء ووراءها جلال الذي يقف متربصاً بها وبشريف الذي يطالعه بحنين إلى أيامه معه.
قائلاً بهدوء ظاهري: إذيك يا مهجة…. إذيك يا جلال، أزاح جلال مهجة من أمامه وجعلها وراءه بالقوة الجبرية قائلاً لها بضيق: تعالي إهنه ورايا لما اشوف ده مين اللي جاي يسلم إكده وكإنه خابرك وخابرني من زمان.
بُهت وجهها وأخذت تتنقل ببصرها بينهما حائرة…. ماذا عليها أن تفعل أو تقول، قاطع جلال حيرتها هذه.
قائلاً بصرامة: إنتَ مين وإيه اللي جايبك إهنه.
ابتسم شريف قائلاً له: أنا شريف عثمان صاحبك، تأمله باستغراب قائلاً باستنكار: صاحبي… مين وأني أول مرة أشوفك اهنه…
قبل أن يجيبه شريف إلتفت إلى وجه مهجة الشاحب قائلاً لها باستفهام: خابراه ده جبل إكده… لم ترد عليه إنما تهربت من نظراته القاتلة لها… فأمسكها من معصمها بقوة.
قائلاً: ما تنطجي مش بتردي ليــه عاد … ولا يكنش ده عريس الغفلة اللي متجدملك.
تَسمرت نظراتها الذاهلة على وجهه القاتم… وبقلب يختلج أجابته قائلة بنبرة مرتعشة: إنت بتقول إيه، إيه كلامك المستفذ ده…. فصرخ في وجهها.
قائلاً بانفعال: حديتي آني اللي مستفذ ولا انتِ اللي كنتِ بتجولي دلوك ان متجدملك عريس لجطه.
ابتلعت ريقها بصعوبة وبصرها الزائغ على شريف الذي تدخل بهدوء حذر: دخلني بس يا جلال الأول وأنا هشرحلك كل حاجه دلوقتي.
إلتفت إليه بغيظ قائلاً له بعصبية: إنت لساتك هتجول… ما هي الحكاية واضحة زي الشمس أهيــه، تنهد شريف ثم أمسكه من ذراعه قائلاً له بجدية: ندخل بس الأول وأنا هفهمك.
تنح جلال عن طريقه مرغماً … متشبثاً بيدها بقسوة حتى لا تتركه، جلس شريف على المقعد الذي بجواره قائلاً له: اقعد قصادي خليني اشرحلك كل حاجه.
حدق به بازدراء قائلاً بامتعاض: منيش جاعد واتفضل جول اللي انت عايزة جبل ما أفجد أعصابي وارميك من اهنه…. ثم اشار بيده ناحية النافذة الوحيدة الموجودة بالقرب منهم.
ابتسم شريف متفهماً حالته الصحية التي تجعله يتحدث إليه بهذا الشكل لأول مرة قائلاً بمزاح: مش معقول يعني هترمي زميلك في الشغل من الشباك…. فسأله باهتمام مفاجئ: شغل… شغل إيــه ده، انطج…. تنهد قائلاً بتروي: شغلنا… يا جلال مش فاكره.
حاول جلال الضغط على أعصابه ليتذكر أي شيء، لكن هذا الضغط لم يزيده إلا عصبية، فأفكاره كلها أمامه كالضباب في رأسه يَلُفها التشويش المتداخل قائلاً له بحدة: شغل إيه جول بسرعة.
وقف أمامه ليواجهه قائلاً ببطء: شغلنا في الداخلية يا سيادة المقدم، اتسعت حدقتيه بصدمة قوية، متنقلاً ببصره الحاد بينهما، فوجدها باهتة الوجه متعرقة الجبين من كثرة ذهولها.
قائلاً لها بتساؤل غاضب: إنتِ كنتِ خابرة اكده صوح ولا جولتليش..؟
لم تتفوه مهجة ببنت شفه، إنما أجابه شريف قائلاً له: مهجة متعرفش عنك حاجه أكتر من إنها أنقذتك من ناس كانوا عايزين يصفوك وبس.
تهاوى جلال خلفه على الأريكة قائلاً بعدم فهم: يعني آني بشتغل مع الشرطة… اقترب منه شريف قائلاً بجدية: أيوة يا سيادة المقدم، وأنا جاي النهاردة بصفة رسمية إني أرجعك معايا تتعالج في المستشفى، علشان مع الوقت تخف وترجع شغلك اللي كلنا مفتقدينك فيه وأولهم أنا.
تهاوى قلب مهجة بين قدميها عندما تحدث فهي لن تستطيع أن تتخيل حياتها بدونه، وأن تبتعد عنه مرةً أخرى قائلة باضطراب: يعني خلاص…. هتاخده… هتاخده معاك على المستشفى العسكري النهاردة.
اومئ برأسه بهدوء قائلاً لها برزانة: أيوه ولازم يرجع معايا النهاردة ودلوقتي… يالا روحي جهزيله لبسه علشان هيمشي معايا حالاً.
تلاقى بصرها مع نظرات جلال الجامدة على وجهها الشاحب… وتساؤلات عدة في عقله… هل ستستطيع العيش بدونه، هل ستبتعد عنه بهذه السهولة…. هل ستتركه يرحل دون أن تتحدث إلى شريف ليتركه لها.
انسحبت مهجة من أمامه مرغمة ناحية الغرفة… أغلقت خلفها الباب منهارة فقد تركت لعبراتها العنان، مستندة إلى الباب بظهرها بألم ووجع في قلبها الملتاع.
قائلة لنفسها بحزن: خلاص يا جلال هتسيبني تاني لوحدي…. خلاص دلوقتي مبقتش أهمك، هتتعالج وهتخف بإذن الله وانا فين من حياتك بردو مش موجودة….
صمتت قليلاً متذكرة إهانته وعذابها على يديه مردفة بضيق: بس أنا خلاص مبقتش محتاجاه في حياتي خليه يبعد براحته أنا هعيش لابني وبس مش له وهكمل انتقامي منه بردو…. مهما بلغ مقدار حبي له.
اتجهت ناحية الخزانة وأخرجت جميع ثيابه ووضعتها في حقيبته وأحكمت إغلاقها جيداً وقبل أن تغادر الغرفة… بوغتت بفتح باب الحجرة.
فالتفتت بارتباك فكان جلال الذي يتطلع إليها بغموض قائلاً بجمود: خلاص جهزتي كل حاجه… هزت رأسها بتوتر قائلة: أيوة كل حاجتك جاهزة.
تركها ودخل إلى المرحاض ليتجهز قبل إنصرافه مع شريف، أما هي فأخرجت له ثياب أخرى ليرتديها من حقيبته ووضعتها على الفراش… ثم تركت له الغرفة بسرعة قبل خروجه خائفة من الضعف أمامه.
وجدت شريف مازال بانتظاره…. فاقتربت منه بخطوات بطيئة قائلة له باهتمام متردد: هوه…. هوه… هيكون بخير مش كده.
ابتسم لها قائلاً بهدوء: متخافيش هوه هيكون بخير… وهيعاود لشغله تاني إن شاء الله وهيكون أفضل من الأول كمان.
اومأت برأسها بصمت حزين فأردف قائلاً: مهجة أنا عايزك تطمني عليه… أنا عارف ان أمره يهمك جداً، وعلشان كده نفذت اللي قولتليلي عليه.
حدقت به قائلة بشرود: وده جميل مش هقدر أردهولك في يوم من الأيام وبشكرك عليه إنك مقلتلوش أنا كنت مين، وحافظ على الوعد ده لغاية ما يفتكر كل حاجه بالعلاج ومن نفسه.
تنهد قائلاً باستسلام: حاضر مش هقوله أي حاجه… بتر عبارته عندما لمح جلال خارجاً من غرفته يحمل حقيبة ثيابه….
شعرت بذلك مهجة فرمقت الأثنين بنظراتٍ مودعة وأجبرت نفسها على الدخول إلى غرفتها بسرعة، وتركتهم ينصرفون ولم تتفوه بكلمة واحدة.
وقفت مهجة في وسط الغرفة كأنها تتحامى بها وبجدرانها من قلبها الذي يهفو إليه قبل أن ينصرف ويتركها للأبد.
ومن وسط شرودها هذا فوجئت بمن يفتح عليها باب غرفتها بهدوء… يقترب منها ببطء، ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تطالعه بكثيراً من علامات الاستفهام.
قائلاً بهدوء ظاهري: آني آسف إني دخلت إكده بدون استأذان كنت خايف لمتفتحيش الباب.
تأملته بقلق قائلة بارتباك بارد: فيه حاجه عايزها قبل ما تمشي، تنهد بضيق من برودها هذا
قائلاً بحدة: أبداً كنت بس عايز اشكرك على الفترة اللي قضيتها وياكِ اهنه، ودفعاك عن واحد مخبراش عنيه حاجه.
ازدردت لعابها بنفس الضيق قائلة بجمود: ولا يهمك مهمتي ان أساعد أي حد محتاج ولو كان بمكانك بردو.
أحس بالغضب من جملتها قائلاً لها بحنق: افهم من اكده يعني لو مكنتش آني اللي اتصبت وكان حد تاني كنت بردو هتنجذيه.
ابتسمت ساخرة قائلة بتهكم: أكيد طبعاً… قاطعها بنظرات غاضبه واتجه نحو الباب لينصرف فنادته قائلة ببرود ظاهري: خلي بالك من نفسك كويس أوي.
إلتفت إليها محدقاً بها بسخرية قائلاً: حاضر في تعليمات تاني ولا أمشي، هزت رأسها بالنفي فأكمل سيره نحو الباب.
نادته بتردد مرة ثانية قائلة بلهفة: جلال… توقف دون أن يحدق بها، فاقتربت منه تحدق به بشوق…ثم رفعت نفسها إليه قليلاً… قبلته بنعومة وبطء فى وجنته أذابت قلبيهما.
أغمض جلال عينيه شاعراً بأنفاسها المتسارعة بجانب أذنه وهي تقبله… واجهها بنظراته المتسائلة قائلاً بخفوت: ليه عملتي اكده… يا مهجة.
لم تجيبه إنما أشاحت ببصرها بعيداً عنه باضطراب…. تفحصها جلال بصمت هو الآخر شاعراً بأن ما فعلته للتو ليس بالمرة الأولى، إنما فعلته من قبل لكن أين أو متى هو لا يتذكر ذلك.
حدق ببطنها للحظات التي تغير حجمها وكبرت في الآونة الأخيرة ثم مد يده يتحسسها بتردد.
توترت أعصابها وهو يضع أنامله برقة على بطنها… فأغمضت عينيها بارتباك لتشعر بلمساته الحانية عليها.
هامساً بحنان:- خلي بالك منيه كويس جوي ده هيبجى راجلك.
تأملته بوجه شاحب شاعرة بأنفاسه الغير منتظمة على وجهها ولم تجيبه بحرف واحد…. غير منتظرة ما يتفوه به الآن ومن كثرة اهتمامه بولدها.
فاشجع هذا الصمت جلال على الاقتراب من وجهها أكثر… مقبلاً جبينها برقة متناهية.
قائلاً لها بهمس: أشوفك على خير يا مهجة….!!!
تطلعت إليه شاعرة بيد قوية تعصر قلبها وهو يغادر من أمامها.
تمسكت بحافة الباب حتى لا تهرع خلفه، صارخة بإسمه من جديد، وضمت قبضتها الأخرى بقوة مانعةً نفسها من كل ذلك.
انهمرت دموعها بعد مغادرته للمنزل بصحبة شريف، فأسرعت راكضة نحو الشرفة…. فرأته يستقل سيارة شريف كأن قلبها هو الذي يغادرها تاركاً لها فراغ كبير من جديد.
انهارت قواها فسقطت أرضاً… باكية حبها المرضي له، فكيف نسيت انتقامها منه وأفعاله المهينة بها.
قائلة لنفسها بلوم: كفاية يا مهجة هوه خلاص صفحة واتقفلت من حياتك إنتِ أقوى من كده كفاية….. والانتقام هوه ده اللي تفكري فيه وبس…. خلاص مبقاش له مكان جواكِ بعد كل اللي عمله فيكِ.
تحسست بطنها بلوعة قائلة: هجبلك حقك يا عمري من القلب القاسي اللي عمره ما فكر لا بيك ولا بيه وسابنا نعاني من غيره كتير… كتير أوي.
شعر ياسين بأنه سينفجر في وجهها فأمسكها من كتفيها بقسوة، وهزها بعنف قائلاً بتلقائية غاضبة: علشان بعشقك بجنون يا نوال… عشقك اللي خلاص بقى مسيطر على قلبي، اللي عمره ما ارتاح ولا هدي من ساعة ما أقابلك أول مرة…
تحجرت عيني نوال على وجه زوجها الذي يعترف بهذا العشق الجنوني لأول مرة….. كأنها في حلم لم يلبث إلا أن يتلاشى ويتناثر في الهواء مثل الدخان…
مما جعلها تظن أن دقات قلبها توقفت عن النبض ولم يعد فمها يقوى على النطق… ابتلعت ريقها بصعوبة وهو يرمقها بيأس.
مردفاً بقوله الغاضب: أنا معرفش إزاي عشقتك بالسرعة دي من ساعة ما اتقابلنا… بس كل اللي أعرفه إنك لخبطي كل حاجه جوايا، حتى الإنسانة الوحيدة اللي كنت مفكر نفسي اني بحبها طلع كله ده كان وهم كبير عشت فيه معاها…
وحبك بس هوه الحقيقة اللي جوايا…. واللي كنت على طول بتهرب منه طول الوقت… ثم صمت ليلتقط انفاسه الغاضبة.
مقرباً إياها منه بلهفة ثم انحنى نحو وجهها أكثر…متأملاً لعينيها الواسعتان بحب.
قائلاً بنبرة متهدجة: نوال أنا… أنا…. بغيرعليكِ من نفسي، وقلبي مش بيتحمل أي حد يبصلك…. مش بتحمل اهتمامك بغيري حتى مهجة بتاخدك مني… وبحس إنك بتفضليها عليه…. وده شعور لوحده عذاب تاني ليه.
انهمرت دموعها دون أن تشعر بها، لا تصدق هذا الكم الهائل من العشق الذي اعترف به أخيراً اليوم.
ارتجفت شفتيها من كل هذه المشاعر الفياضة نحوها والتي لم تستطع مجارتها… وإلتجم لسانها غير قادرة على النطق.
ابتلع ياسين ريقه ببطء وهو يتفحصها بقلق قائلاً لها بتوتر: إيه مالك… مش بتنطقي ليه… معقول …. معقول يا نوال تكوني مش حاسة بكل المشاعر دي من زمان في تصرفاتي معاكِ الفترة الأخيرة…. ولا تكوني….. مش مصدقاني بعد كل ده.
ازداد انهمار دموعها كأنه جواب سؤاله…. فمد يده نحوها ومسحها بنعومة مستكملاً بخفوت: ليه كل الدموع دي…. معقول أنا أستاهل كده…. استاهل إن عينيكِ تتعب بسببي أنا.
أغمضت عينيها مانعة نفسها من الانصياع وراء مشاعره قائلة بصوتٍ هامس: ابعد عني يا ياسين أرجوك.
تأمل وجهها غير مستوعب ما تقوله قائلاً بعدم فهم: إنتِ بتقولي إيه….!!!
انتزعت نفسها من بين ذراعيه بقوة قائلة بغضب: بقولك ابعد عني… عايزة أفضل لوحدي.
قطب ياسين حاجبيه بحدة هاتفاً بها: نوال… إنتِ مش في وعيك صح.
زفرت بحرارة قائلة بعصبية: أيوة ابعد عني… وان ما بعدتش هسيبلك البيت وهمشي.
قطب جبينه متفحصاً لها بحنق…. وجاء ليتحدث أصمتته نظراتها المهددة.
ضم قبضتيه بجواره حتى لا يتهور ويصفعها كي تستفيق… مما تقوله.
غادر الحجرة وتركها غاضباً…. مغلقاً الباب خلفه بعنف…. مما جعلها تتهاوى على الفراش منهارة بالبكاء المتزايد.
شاعرة بعذاب شديد… فهي حتى الآن لم تعد تفهمه كما تخيلت… فهذا العشق الجنوني لم تستطيع مجارته انه عشق وحب تملك ومتسلط.
لا يريد منها سوى أن تبادله عشقه دون التفكير بأي شخص سواه وهذا سيتعبها كثيراً… فها هو يحرمها من أبسط حقوقها.
في زيارتها لصديقتها الوحيدة مهجة… انه يريدها حبيسة عشقه دائماً…. وهذا لن تستطيع تحمله… مهما بلغ مقدار حبها له.
فتح ياسين باب منزلهم في الطابق الثاني… كان والده هو أول من لمحه فقال له باستغراب:- ياسين… انت مش كنت هنا من شوية.
تنهد مبتسماً بيأس…. قائلاً بسخرية: نوال طردتني… تطلع إليه بصدمة قائلاً بعدم فهم:- ايه الكلام ده… يعني إيه طردتك.
صمت ياسين برهةً محدقاً في الفراغ أمامه بشرود قائلاً بتهكم:- يعني هبات هنا النهاردة…!!!
ضم والده شفتيه باستسلام قائلاً بضيق: شكلك كده ضايقتها من جديد وحنيت لقسوتك عليها من تاني…
عقد حاجبيه بغيظ قائلاً بنرفزة:- الست هانم مش طايقه غيرتي عليها… ومصممة تعند معايا من غير تفكير، وعايزة تمشي اللي في دماغها وبس وأنا فين من تفكيرها مش عارف.
اتسعت عيني والده بتساؤلات عديدة قائلاً له بحدة:- عملت إيه يعني لكل ده…. انت مش عارف تعاملها صح أبداً.
تنهد بضيق قائلاً بغضب: يا بابا مفيش في دماغها غير مهجة… والست هانم عايزة تروحلها وتسيبني.
حاول والده ضبط أعصابه من الغضب الذي احتل أعماقه قائلاً:- يا بني اللي انت فيه ده مش حب أبداً…. دي غيرة زايدة…. قاطعه بغضب هاتفاً:- بابا بعد كل ده… مشاعري مش حب.
زفر والده بقوة قائلاً له بضيق: يا بني افهم اللي انتَ فيه ده اسمه جنان مش حب أبداً…. عُمرك سمعت عن حد بيحب حد يعذبه بالشكل ده.
عقد حاجبيه بحدة قائلاً له بحنق: بابا ايه اللي انتَ بتقوله ده…. قاطعه بغضب هذه المرة قائلاً: اسمعني كويس والا أنا اللي هقفلك… نوال مش خدامة عندك تعاملها حلو وقت ما تبقى عايز… وتعاود لطبعك الزفت معاها وقت بردو ما تبقى عايز…. مية مرة قلتلك راعي فرق السن اللي بينكم وطبيعي أوي تبقى متعلقة بصاحبتها الوحيدة… إنت إيه عايزها ليك وبس… وتحبسها في قمقم بعيد عن الناس كمان.
هب ياسين من مكانه معترضاً على حديث والده قائلاً له بجمود: أنا هسافر خليكم ترتاحوا مني كلكم.
تطلع إليه والده قائلاً بعصبية: يعني هروبك ده هوه الحل الوحيد اللي انت شايفه.
جاءت والدته على الصوت قائلة بفزع: في إيه يا أبو ياسين بتزعق ليه….
ضَيق عينيه بسخرية قائلاً بتهكم شامت: ابنك الحيلة عروسته طردته….!!!
عادت مهجة إلى حياتها العادية من قبل ملاقاة زوجها…. هاربة من كثرة الانشغال به إلى حياتها السابقة…. مستكملة لدراستها وتدريباتها من جديد.
أجبرت نفسها على عدم السؤال عنه في المشفى أو الأتصال بشريف… لتطمئن عليه مما جعلها تزيد من هروبها إلى حياتها العادية من قبل.
وخلال فترة وجيزة أيضاً علمت بما تعيشه نوال بسببها مع زوجها فشعرت بالغضب أكثر بداخلها…. وعقدت العزم على التحدث مع ياسين بشأن هذا الوضع الذي لا يعجبها.
مر شهران ونصف على مهجة دون أن تعرف أي شيء عن جلال، ودون أن تستطلع أحواله من شريف زميله…. مضطرة لذلك بسبب ما تقرره من انتقام منه، ورغم عنها تقسى على قلبها حتى لا تحن إليه.
ذهبت إلى الصعيد مرة أخرى خلال هذه الأيام ومكثت برفقتهم لمدة أسبوعين هذه المرة وعادت إلى القاهرة مرةً أخرى، لقدوم امتحانات منتصف العام.
اجتازت فترة الأمتحانات بحلوها ومُرها كما اعتادت في السنين الماضية… وفي خلال هذه الفترة كانت تراعيها نوال معظم الوقت وتعتني بها من أجل حملها وامتحاناتها أيضاً.
ومن ناحية أخرى بدأ حملها يثقل عليها وبكثرة فها هي في منتصف شهرها التاسع، والتعب يزداد عليها وبشدة يوماً بعد يوم.
وفي أحد الليالي كانت نائمة شعرت بآلام صعبة في أسفل بطنها وظهرها فصرخت متألمة.
أتت تهرول على صوتها المتعب من الغرفة الأخرى صديقتها نوال التي اقتربت منها بجزع قائلة لها بلهفة: مالك يا مهجة…. تصبب جبين مهجة بالعرق، ووجهها التي امتلأت ملامحه بالإعياء الشديد.
قائلة بألم قوي: شكلي …. شكلي كده هولد يا نوال….
وفي داخل المستشفى العكسري، في إحدى الغرف المخصصة له كان جلال نائماً على فراشه بعمق… إذ هب من نومه فزعاً بغتةً قائلاً بصوتٍ عالي مفزوع: مههههجة….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل السادس والخمسون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى