روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الجزء السابع والعشرون

رواية عازف بنيران قلبي البارت السابع والعشرون

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة السابعة والعشرون

ماتت حروف الحب من دفتر الكلمات فقد ظُلمت مثلما ظلمتُ، مثلما حكم الجميع على قلبي وحالي من بعيد، دون أن يسمع احد او يرى في عيني انكسارات قلبي السابقة ، حكموا على مشاعري دون أن يلمسوها في العلن، حكموا على إحساسي دون أن تدخل قلوبهم لقلبي، ، أصبحت قلوب الجميع قاسية لا تعرف عن الحب شئ، إلا استغلال الفرص ان كانت لصالحة أو لاء، ، مات الحب مثلما قتلوا قلبي أمام عيني، ثم تركوني أبكى وحدي في جنازتي…!
❈-❈-❈
اتجه توفيق إلى درج مكتبه وفتحه، ثم ألقى إليه بعض الصور قائلا بصوت مرتفع
-عشان أحافظ على شرفك ياحضرة المستشار، عشان شرف البنداري يفضل مرفوع متجيش بنت تمرمطه في الأرض
دنى ينظر إلى راكان الذي فتح الصور ينظر إليها ورفع نظره إلى جده كالذي فارقت روحه جسده عندما تحدث توفيق
-عشان لو اتأخرت يوم واحد كان الصور دي في كل وسائل الأعلام، ومفيش غير الست اللي خانت جوزها
هنا هوى على مقعده وكأن أنفاسه سلبت منه عندما شعر بإنسحاب الأكسجين من رئتيه، وهو يراها باوضاع مخلة
أطبق على جفنيه حتى تساقطت عبراته رغما عنه وهو يهمس بإسمها “ليلى”
دلفت الشرطة بعد قليل ينتظرون أوامر راكان، الذي جلس وكأنه فاقد للوعي ولم يفعل شيئا سوى همسه بإسمها
صراع عنيف اندلع بداخله وخز قلبه بأشواك الحسرة مما فعله جده بزوجته..رفع نظره وانتابه شعور كره وحقد مما جعله ينهض متجها إليه وفجأة قبض على عنقه حتى تحول لون وجهه إلى شحوب مثل الموتى، متحدثًا من بين أسنانه
-قولي اعمل فيك ايه، يعني أموتك واريح الناس منك انت ايه شيطان!!
صرخ بها راكان عندما فقد سيطرته بالكامل، حتى أسرع الضابط المسؤل على القبض عليه
يجذب راكان من ذراعيه، في حين وصل خالد عمه وزوجته التي صرخت بعدما وجدته بتلك الهيئة
تحرر توفيق من يد راكان وهو يسعل بقوة، حتى يلتقط أنفاسه بصعوبة
اقترب خالد يصيح بغضب على راكان قائلا:
-اتجننت ياراكان!! عايز تقتل جدك يابني
ظل راكان يرمق توفيق بنظرات نارية كادت أن تحرقه، وهو يقاوم نفسه حتى لا يخرج سلاحه ويطلق عليه طلقة نارية ويتخلص منه، ولكنه اقترب منه بخطى سلحفيه بثت الرعب لقلبه
-تعرف انا ممكن أموتك وارتاح منك، بس لو موتك هيبقى برحمك، سمعت عن رصاصة الرحمة، دي مش في قاموسي
أشار للضابط
-خدوهوا وممنوع حد يشوفه ولا حتى محامي صرخ بها حتى اقترب من الضابط لسحبه
حدق به توفيق بعينين متسعتين وكأنه صفعه بقوة فتحدث غاضبًا
-عايز تسجن جدك ياراكان..مسح راكان على وجهه بغضب حتى يسيطر على نفسه
-انا قولت خدوه..صرخ بها بصوتًا مرتفع
صاح توفيق غاضبًا
-انا هروح يابن ابني، بس خليك فاكر انت عملت ايه في جدك
استنى ياحضرة الظابط..قالها خالد متجهًا إلى راكان قائلا بهدوء:
-إيه اللي بتعمله دا يابني، انت عارف نتيجة اللي بتعمله دا
قاطعه توفيق مزمجرًا
– خالد سيبه خليه يغلط كويس، بكرة يعرف الحقيقة، ويعرف أنا عملت ايه عشانه
طالعه بنظرات مشمئزة قائلا بصوت كاد أن يخرج من بين شفتيه عندما فقد شعور بأن هذا الرجل لا ينتسب إليه
-خده يابني بلاش توصلني لمرحلة تخليني أفقد عقلي..اقترب خالد يترجاه
-راكان فهمنا بس إيه اللي حصل
قبضة قوية اعتصرت قلبه عندما تذكر مافعله بزوجته، رفع نظره لعمه قائلا:
-قصدك تقولي ايه اللي معملوش، دا مستحيل يكون بني آدم
تحرك مغادرًا بعد خروج توفيق مع الضابط متجها إلى زوجته
❈-❈-❈
عند ليلى
جلست على فراشها ونبضاتها الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعها وكأنها فقدته للأبد
ضمت ركبتيها واضعة رأسها عليها، وعبراتها تنذرف على خديها بصمت، تتذكر حديثها له الذي شوه قلبها قبله همست من بين بكائها
-ليه ياليلى قولتي كدا وانت هتموتي لو بعد عنك، من إمتى وانت قاسية كدا
دفع باب غرفتها ودلف آلمه قلبه عندما وجدها بتلك الحالة، ورغم ذلك جلس بمقابلتها
-توفيق خطف والدك وهددك بيه مش كدا؟!
ظلت كما هي كأنها لم تستمع إلى شيئا، تنهد بألمًا ثم أكمل حديثه متسائلا:
-هددك بإيه تاني، ماهو مش غبي عارف ومتأكد موضوع الخطف دا مش كافي عشان يضغط عليكي بيه
اخذ يملي رئتيه بالأكسجين الذي يحتاجه حتى يهدئ من حرقة صدره، نهض متجها يجلس بجوارها على الفراش ثم أخرج الصور وألقاها أمامها
-أو ممكن عشان يضغط عليكي عشان الصور دي..رفعت نظرها إلى الصور التي ألقاها أمامها وأطبقت على جفنيها تهز رأسها وارتفعت شهقاتها قائلة:
-مش انا وحياة ربنا الصور دي مش بتاعتي معرفش هو عملها ازاي، اه الهدوم بتاعتي والأوضة كمان بس وحياة ربنا ماانا، أنا عارفة إنك ممكن متصدقنيش
جذبها بعنف يضغط على ذراعها
-اخرسي ياليلى!! اخرسي مش عايز أسمع صوتك خالص
عانقته بقوة وهي تبكي بشهقات حتى مزقت نياط قلبه؛ مما جعله يضغط عليها بقوة داخل أحضانه حتى شعرت بسحق عظامها
تركت نفسها له يفعل بها مايشاء..دام صمت بينهما لدقائق مرت عليهما كلا منهما يشعر باحتياجه للأخر حتى قاطعه راكان حينما أردف
-إزاي قدرتي تتحملي دا كله لوحدك، إزاي قدرتي تخبي عليا دا كله مع إني سألتك مليون مرة
-مقدرتش اتكلم، مقدرتش والله ياراكان حاولت أقولك..بكت بصوت مرتفع
ربت على ظهرها فالقلوب الآن تحترق بهدوء قاتل والألسنة عاجزة عما يحدث لهما..أطبقت على جفنيها تعتصره ثم همست هي وبين أحضانه :
-قالي لازم تطلبي الطلاق من راكان، وإلا هخرجك من البيت دا بفضيحة، أنا كابرت ودافعت عن جوازنا، حتى قالي انك مش جوزي دا مجرد عقد عشان أمير، بس مصدقتوش عشان عارفة ليلى بالنسبة لراكان إيه
شهقة خرجت من فمها، وهو تقص له، مسد على خصلاتها الناعمة
-أشش اهدي..خرجت من أحضانه ونظرت لعيناه وأكملت من بين بكائها
-جالي بعد فترة هنا وجابلي ورق الطلاق وقالي لو ممضتيش هاخد منك أمير واعملك قضية شرف، وفعلا خد أمير مني ورمى الصور دي قدامي، وقفل الباب عليا وهو بيقولي
-لو ممضتيش قبل راكان مايرجع صورك هتغرق السوشيال، وابوكي هيموت واختك وحمزة
شهقة مرتفعة خرجت منها مما جعلها تضع كفيها على فمها لتمنعها وهزت رأسها وهي تطالعه
-مكنتش عارفة أعمل إيه إنت مش موجود، غير الفيديو اللي وصلني وانت ونورسين، وكلام عايدة انكوا بتقضو يومين حلوين
وقعت ياراكان ومعرفتش الصح فين والغلط فين، ابويا اللي بيموت من الألم، ولا اختي اللي لسة بتفتح عيونها لحياة جديدة، أنا مهمنيش نفسي كل اللي همني ابويا وبس، عشان عارفة حتى لو انت مش هتصدقني كنت هعرف ابرئ نفسي
تجمد جسده من حديثها، ابتعد بعدما فاق من مشاعره المتضاربة من قربها فتحدث وهو يطالعها
-ليه شايفاني ضعيف ومقدرش أخد حقك..رفعت نظرها وتحدثت وعيناها متعلقة بعينيه قائلة
-الموضوع مش موضوع إنك ضعيف ولا قوي..نهض متحاملا على نفسه وكأنها تصفعه في كل مرة فأردف
-الموضوع مفيش فيه ثقة بينا للأسف، عمرك ماوثقتي فيا
نهضت تقف بمقابلته
-ولما أشوفك في حضن واحدة، واكذب عيوني واستناك لما ترجع وتفهمني دا يبقى ماوثقتش فيك
وضع يديه بجيب بنطاله ثم ابتسم متهكما
-أيوة استنتيني فعلا، دا من وقت مارجعت وأنا في نظرك الراجل الخاين اللي مقضيها
اقتربت منه وصاحت بغضب
-ودي مش الحقيقة..أشارت بيديها بغضب
عملت إيه غير انك جريت على واحدة مفيش بينك وبينها اي ارتباط وحضن وبوس عشان بس تنزل بكرامتي الأرض وتعرفني إنك متجبر وتقدر تعمل كل حاجة قدامي، وكأن الست اللي قدامك دي معندهاش قلب، أهم حاجة اكسر ليلى اللي دايما توقف قدامي وتقول لا
تجمد بمكانه لايعي ماذا يفعل لها حتى تتأكد انه بيعاقب نفسه قبلها، نظر إليها وألم هائل اجتاح كيانه من اتهامتها الشنيعة دائما، قاطعه رنين هاتفه استدار وخرج بجسد بلا روح وهو يجيب صديقه
-راكان أسما مش موجودة، ومش عارف اوصلها
توقف راكان عن الحركة متسائلا:
-مش فاهم يعني إيه مش موجودة، اتصل بيها شوفها فين، قاطعه نوح صارخًا
بقولك من الصبح وهي مختفية، والعربية لقيتها على أول الطريق، ومش موجودة فيها
-تمام يانوح أنا جايلك عشر دقايق واكون عندك..استدار ودلف إلى غرفته، دلف مرحاضه وخرج بعد قليل، وجدها تدلف الغرفة تفرك كفيها، توقف ينظر إليها متسائلا
-عايزة ايه؟! وبعدين مش قولت متدخليش الأوضة دي تاني
اشتعلت نيران الغيرة بقلبها واقتربت منه كقطة شرسة
-اوعى تفكر جايلك عشان اتحايل عليك، توقفت عن الحديث تلتقط أنفاسها بصعوبة بعدما وجدته يخرج ثيابه ويقوم بخلع البورنس
صرخت به:
-انت بتعمل إيه، أنا بكلمك مش صابر لما أخرج
فوجئت به يطوق خصرها يجذبها بعنف وهو يرمقها بتسلية
-جاية ليه اوضة واحد بتكرهيه ووقفة قدامه وبتبص عليه وهو بيلبس هدومه
لكمته بصدره حينما فقدت قدرتها على الوقوف وأصبحت ساقيها كالهلام عندما استنشقت رائحته وشعور يتسرب بداخلها الأقتراب اكثر وأكثر حتى تشبع روحها المفقودة من قربه
ترقرق الدمع بعيناها وارتجف جسدها بين ذراعيه حينما فقدت قدرتها ، انزلقت عبراتها رغم عنها:
-مش قصدي ازعلك بكلامي والله، أنا لما بكون متعصبة بقول أي كلام وخلاص، عمري ماتمنيت أطفال من غيرك ولا عمري فكرت أبعد عن أمير حتى لو كلفني أن أعيش في نار حبك عايزة أكدلك، دا كلام أهبل قولته من غيرتي ونار قلبي
بكت من حالتها الغريبة التي تعيشها في خضم أحاسيس أرهقتها واثقلت تجاهلها بعشقه الندي لقلبها لا تعلم ماذا عليها أن تفعل
مسح على شعرها بكفه ثم ضم رأسها إلى صدره وأطلق نبرة جياشة قوية:
-تعباني معاكي ياليلى، معنتش عارف أخد قرار، ليه دايما مصرة توجعينا كدا، من اول مرة شوفتك لحد دلوقتي وانت في حضني وبرضو بتوجعيني
يود لو يصرخ من أعماقه بكل مااوتي من قوة حتى تشعر بعذابه، هي لا تعلم بأنه يبذل كميات مضاعفة من الصبر عليها حتى لا يخسرها للأبد
ظلا الأثنين في خضم احاسيسهم هي تنعم بقربه ورائحته ودقات نبضه، وهو يريد ألا يخرجها من أحضانه حتى لا يفقدها، لديه شعور يملأ كيانه إنه سيخسرها بعد فعلتها الأخيرة
رفعها من خصرها متجهًا لأريكته جلس وأجلسها بأحضانه بعدما وجدها فقدت قدرتها على الحركة، رفع خصلاتها التي غطت وجهها وتعلقت شمسه بليلها الدامس
-وبعدين هنفضل نعذب في بعض كدا، هتفضلي تدوسي عليا لحد إمتى
رفعت نظرها إليه:
-مش عارفة صدقني مش عارفة، عايزة أفضل في حضنك طول الوقت، وفي نفس الوقت عايزة ابعد عنك واضربك واموتك وكل كل حاجة
احتضن وجهها بين راحتيه
-لو دا هيريحك أعمليه، بس ضعفك دا مش عايزه، قلبي بيوجعني لما بشوفك كدا
دنى يهمس لها أمام شفتيها
-عاقبيني ماهو أنا هعاقبك برضو، تفتكري هسيب حقي وكسرتك ليا..دنى حتى كاد أن يلمس شفتيها وأكمل
-مش بالسهولة دي يالولة قلبي، لازم ادوقك حرقة قلبي واشوف عذابك لما تلاقي حبيبك في حضن واحدة تانية عشان قبل ماتعملي حاجة تفكري مليون مرة ان الراجل دا اللي دوستي عليه، على قد حبه على قد وجعه
هبت فزعة من أحضانه تهز رأسها بعنف رافضة حديثه
-بعد اللي عرفته، بعد خيانتك ليا، هو فيه وجع أكتر من كدا..نصب عوده واقترب منها
-اه فيه، فيه اللي يوجع أكتر يامدام، لما تكوني ورايا هنا ..أشار إلى غرفتها وأكمل بقلب يأن
-تكوني هنا لوحدك تعاني من فقدان حبيبك اللي بينك وبينه جدار واحد، وانتِ عارفة هو بيعمل ايه مع مراته
اخرررررس، صرخت بها بقهر ودموعها تنزلق كالشلال على وجنتيها تحرقها، ورغم ماقاله الا ان دموعها نزلت فوق صدره تشحذ طبقات جلده طبقة طبقة
دنت بخطوات سلحفية وهي تحرقه بنظراتها
-أنا اللي استاهل حبيت واحد زيك، واحد ميعرفش قيمة القلب اللي يحب ويعشق، ميعرفش وجع القلب من الحبيب بيكون إزاي، رغم عمايلك السودة جتلك واتكلمت معاك قولت نفتح صفحة جديدة، بس كالعادة
اتجه لغرفة ملابسه:
-اطلعي برة عايز اغير هدومي، أما لو عايزة نقضي وقت لذيذ في أوضة ضرتك معنديش مانع
اقتربت منه بهدوء ماقبل العاصفة
-طلقني ياراكان..زم شفتيه وابتسم بسخرية وتحدث متهكما
-متخافيش هطلقك بس لما نتعذب شوية مع بعض
وقفت تكاد تخرج مقلتيها من محجريها وقلبها يأن وينزف من كلماته…أشار على باب الغرفة
-إيه اخلع معنديش مانع لو ..قاطعته عندما استدارت متحركة وهي تصفع الباب خلفها بقوة حتى كادت أن تخلعه
وصلت غرفتها ويكاد قلبها يتوقف من الوجع، وضعت يديها على صدرها، لعل ذاك الألم يتوقف، ثم وضعت يدها على أحشائها
-طيب ياراكان، لو معلمتكش الأدب مكنش ليلى
قامت بخلع ردائها وألقته بغضب على الفراش، ثم اتجهت لتنعش نفسها بحماما دافئ بعدما حرق أعصابها ذاك المتجبر كما أطلقت عليه
ولكنها توقفت عن السير بعدما استمعت لصرخات
..اتجهت سريعا للاسفل متناسية ثيابها التي كانت ترتديها عبارة (عن برمودة باللون الأبيض وكنزة بحملات باللون الأحمر..)
وصلت إلى زينب التي تجلس تضم أسعد على ركبتيها، فصاحت لليلى
-اتصلي بالدكتور بسرعة يابنتي..اتجهت ليلى لمحاكاة الطبيب في تلك الأثناء وصل راكان
-ماله بابا ياماما، اغمى عليه ليه؟!
قالها راكان الذي حاول حمله متجها به لغرفته، محاولا إفاقته، وصل الطبيب بعد قليل
كانت ليلى تقف بجوار زينب، لم ينتبه راكان الذي يعتني بوالده لأفاقته، استمع لصوت العاملة
-الدكتور وصل ياباشا ادخله..التفت للعاملة
-أيوة دخليه ولكنه توقف وهو يراها تجلس تنزل برأسها للأسفل وخصلاتها تغطي وجهها ، فصاح بغضب للعاملة
-استني يانعيمة لما مدام ليلى تطلع أوضتها
رفعت نظرها تحدجه بنظرات نارية متناسية ماترتديه فأجابته
-ليه ان شاء الله هو حرام استنى اشوف الدكتور وهو بيكشف على عمو
هب من مكانه يجذبها بعنف ويجرها خلفه، قائلا :
-لا يامدام يابتاعة الحجاب، حرام يشوفك بلبسك دا اللي المفروض يكون فوق مش تحت للكل، اقول ايه بس يمكن عايزة تغريني، عبيطة متعرفيش الحاجات دي متأثرش فيا
❈-❈-❈
دفعته بغضب بعيدًا عنها، بعدما باتت كلماته تعصب جروح قلبها، فغاصت في عتمة عناده وحيله، فاستدارت له تحدجه بشموخ وكبرياء ولم تمنحه إلا نظرة تمرد فقالت:
-مش مستنية ألبس حاجة عشان اغريك، دنت مقتربة منه ورفعت كفيها على صدره موضع نبضه قائلة وعيناها متعلقة بعيناه
-مجرد لما تشوفني من بعيد دا كافي إنك تتحول ياحبيبي وتتمنى القرب
جذبته بعنف من قميصه حتى خلعت زر قميصه بيديها وتحدثت:
-متعلبش معايا ياحضرة المستشار عشان محرقكش بنار لعبك ..قالتها واستدارت بخطوات ثابتة تتحرك أمامه بخيلاء كأنها لم تكن التي تبكي بأحضانه منذ قليل
تجمد بوقفته وهو يفترسها بملامحه الحادة، يود لو أغلق عليها الغرفة لكي يخرس تلك الشفاة التي ارهقته
فاق من شروده على رنين هاتفه، نظر إليه متذكرًا نوح
تأفف بضيق وهو يمسح على وجهه:
-ياربي دا كفاية عليا عروسة المولد بتاعتي هي ناقصة نوح واسما
ارجع خصلاته للخلف كاد أن يقتلعها
-بابا تعب يانوح، الدكتور يطمني وهجيلك..قالها ثم أغلق هاتفه ..متجهًا لوالده
ارتدت ليلى إسدالها وهبطت للأسفل حتى تكون بجوار زينب ..بينما بالأسفل كانت زينب تجلس بجواره على تخته وراكان يقف بجوارها أثناء كشف الطبيب عليه
تحدث الطبيب متذمرًا
-مش قولنا بلاش نتعصب يااسعد باشا، ضغطك مرتفع للاسف، متنساش أن القلب تعبان
تحدث أسعد بصوت مجهد
-هو فيه حد يتمنى التعب لنفسه يادكتور..نظر الطبيب إلى راكان وتحرك للخارج
-لازم يتحول عناية، ويعمل فحوصات كاملة للقلب..قاطعته زينب
-هو مكنش خف يادكتور ليه رجع يتعب تاني
اجابها الطبيب
-للأسف شكله أتعرض لصدمة وغير ازمته القلبيه، شاكك يكون فيه حاجة في الشريان التاجي، عشان كدا لازم نعمل فحص كامل، ونبعده عن التوتر
اتجهت بنظرها لأبنها
-ينفع كدا، قولتلك بلاش..ودع راكان الطبيب وهو ينظر لوالدته بغضب
-ابنك اتقتل !! مستنية إيه تاني، نسيتي عمو وخالتو، اينعم هو مقتلهمش بس كان عارف انهم هيموتوا، بلاش تضغطي عليا ياماما لو سمحتِ، الراجل دا وجوده أذية للي حواليها
أشار بسبباته
-بلاش توصيليني اني اقتله بأيدي، دا خطف ابو ليلى عشان يضغط عليها والأستاذة رفعت قضية طلاق على ابنك
شهقت زينب وهي تضع كفيها على فمها وتحدثت مذهولة
-بتقول ايه ليلى رفعت قضية طلاق…أومأ برأسه متنهدا بألمًا وأردف بصوت مختنق
-ياريت كدا بس، دا مركب صور ليها ولأبن عمها
حد يديني عقل بعد كدا اصبر على الراجل دا..توقفت زينب قائلة :
-عشان كدا أخد منها أمير اليوم اللي قفل عليها الباب
مسح راكان على وجهه بغضب
-انتِ قولتي أهو ياماما قفل عليها واخد ابنها، وضربها دا كله ليه عشان الفلوس، ملعون ابو الفلوس اللي تعمل فينا كدا..
تحرك خطوتين وأشار بسبباته
-تعرفي لو جه قالي، كنت مستعد اتنازله عن كل حاحة، بس نعيش مرتاحين؛ لكن كالعادة بيخنق فيا مش عايزني أعيش
ربتت زينب على كتفه:
-معلش ياحبيبي استحمله، ماهو مهما كان جدك، أنا استحملت السنين دي كلها عشان باباك ميجيش يقولي موتي ابويا، وشوف أهو ماستحملش لما خالد اتصل بيه ووقع من طوله ومفيش على لسانه غير
“راكان هيقتل جده” تحرك راكان للداخل حتى يطمأن عليه، وجد ليلى بجواره تقوم بمساعدته لأعتدال نومه
رفع نظره لأبنه قائلا:
-ينفع اللي عملته دا يابن اسعد، وصل بيك الحال تسجن جدك..اغروقت عيناه بالدموع وقال بصوت يملؤه الألم
-عايزهم يقولوا ابنه سجن ابوه ومات في السجن، هتفضل متعلقة في رقبتي لحد مااموت يابني..كانت تقف بجواره ولا تعلم عن أي شيئا يتحدث حتى تحدث راكان
-جدي يستاهل يابابا، للأسف الراجل دا بيفكرني بالديب اللي في الكتب بيقولوا بيدعي الديك عشان يصلي الفجر وهو بيخطط لأكله
اقترب من والده ونظر إليه بوجع
-قولي حاجة واحدة عاملها معايا من يوم فهمت الدنيا، كل مااخرج من مصيبة يدخلني مصيبة تانية
أطبق على جفنيه حتى كاد أن يمزق عيناه من الألم وحياته أمامه كشريط سينمائي قائلا بصوت يملؤه الألم
-ضغط على أول بنت حبتها وبعدها عني في اجمل يوم بيستناه اي شاب، موت مراتي وهي في حضني وكأنها فرخة ولا همه حتى إزاي هتكون حالتي
نسيت عمل ايه في تولين لما قررت اتجوزها، ياريت يتهد بعد دا كله، دخل يأذيني في شغلي وشغل حمزة مجرد إنه صديقي وبس
حاول يضغط على سلمى عشان تبعد عنه، وراح عايز يجوز يونس لسارة مع إنه عارف ومتأكد بحب يونس لسيلين، وصل عدي لشخص مالوش غير في السهر والبنات، عمل من سارة بنت مهماش غير نفسها وبس
ياريت يسكت على كدا، لا عمال يضغط ورجع يدبح فيا ورجع عايزني أطلق مراتي مجرد إنها بقى ليها في ورث سليم
– آسف يابابا، الراجل دا جاب آخره معايا، ولازم يتعاقب، أنا صبرت عليه لحد مافاض بيا، واوعى تفكر سكوتي عليه السنين دي ضعف، لا عشان خاطرك، بس لعند مراتي ولازم يتعلم لكل فعل رد فعل ..ومش هضحك عليك واقولك قضيته سهلة، بالعكس اقل حاجة عشر سنين…قاطعهم دلوف العاملة
-فيه اتنين ظباط برة ياباشا طالبين مدام ليلى، بيقول عايزين اقوالها
اعتدل راكان متجها للخارج وهو ينظر لليلى
-الحقيني على برة وتقولي كل اللي قولتيه فوق
ترجاها أسعد بعيناه بعدما فقد محاولته مع ابنه
تحركت خطوتين، ولكن توقفت بعدما استمعت لحديثه
-أنا عارف اكيد بابا آذاكِ بدل وصل راكان للجنون دا، بس أنا أب يابنتي وبترجاكِ متخليش جوزك يدمر جده، وقبل جده هيدمر العيلة
سعل أسعد بشدة حتى فقد تنفسه، أسرعت زينب تضع جهاز التنفس على وجهه وانسدلت عبرة من عينيها لما يحدث، وقفت عاجزة لا تعلم ماذا تفعل زوجها المريض، أم ابنها
مسدت على رأسه وتحدثت وهي تنظر إلى ليلى بمغذى
-ليلى عاقلة ياأسعد ومستحيل تعمل حاجة تاذيك بيها، هو راكان زعلان عشانها، بس لما يروق هيندم ماهو مهما كان جده، والضافر عمره مايخرج من اللحم مش كدا ياحبيبتي
أومأت برأسها وتحركت للخارج، وجدته يجلس بهيبته بجوار الضابط وشخص آخر نفس مظهره كأنه يعمل وكيل نيابة، ألقت السلام
نهض راكان يبسط يديه إليها
-تعالي ياليلى، ثم اتجه لصديقه
-حسن مشكور مرضاش تروحي النيابة وجه لحد هنا ياخد اقوالك…اجلسها بجواره وضم كفيها ينظر إليها
-عايزك تحكي لحسن كل حاجة، كأنك بتحكيلي انا..قاطعهما رنين هاتفه، فنهض من مكانه
-هعمل تليفون ياحسن، ومدام ليلى هتقولك اللي حصل
جلست خائرة القوى وكأن روحها تزهق من جسدها، وكأنها داخل متاهة لا تعلم ماذا عليها فعله..قطع شرودها حسن عندما اردف لمساعده
-افتح واكتب اللي مدام ليلى هتقوله، اكتب اسمها، وكل مايتعلق بها
-سامعك مدام ليلى، حضرتك قدمتي بلاغ في توفيق حسين البنداري على انه خطف والدك وابتزك بصور مركبة للضغط عليكِ وتهديدك بالانفصال عن زوجك
هنا تذكرت نظرات أسعد الراجية، وكلمات زينب لها، فهبت واقفة وتحدثت بأسفًا
-محصلش انا مقدمتش بلاغ في حد، معرفش مين اللي قال لحضرتك كدا
-انا..صاح بها راكان بغضب وهو يقترب منها وعيناه تحرقها بنظرات نارية وتحدث وهو يجز على أسنانه
-انا اللي عملت البلاغ، ودلوقتي جدي موقوف في السجن، وافادتك لوكيل النيابة هتاكد التهمة عليه، احكي اللي قولتيهولي ياليلى
تراجعت للخلف وهي تهز رأسها رافضة حديثه
-محصلش، معرفش انت بتقول كدا ليه، دا عشان رفعت قضية طلاق وعايزة امشي من هنا
صدمة شُلت جسده حتى شعر بفقدان اتزانه في حين تسارعت نبضاته من كلماتها المفاجأة التي جعلت قدمه تتجمد بمكانها، ابتلع جمراته الغاضبة وقال بصوت كاد أن يخرج
-يعني أنا كذاب..قالها بصوت متألم ولسان ثقيل
هزت رأسها وارتجفت شفتيها وهي تناظره بأعين مشوشة فتحدثت بقهر
-مقولتش كدا
وضع كفه أمامها وتحدث بصوت كالجليد
-اطلعي فوق..ثم اتجه إلى صديقه، ورسم إبتسامة إمتنان على ملامحه التي أهلكتها تلك الغبية من الحسرة والألم فاردف بهدوء
-خلاص ياحسن، شوف شغلك بدل المدام أنكرت يبقى اللي بتعمله مالوش لازمة
نهض حسن متحركا للخارج دون حديث بعدما استشف الألم الظاهر على وجهه
ظل واقفا بجسد متيبس فاقد قدرته على الحركة او الكلام..وصلت والدته إليه تنظر إليه بحزن بعدما احست بما حدث، اقتربت تربت على ظهره
-متزعلش منها ياحبيبي باباك اللي طلب منها كدا، مش معقول بعد السنين دي كلها نقهره على والده، مهما يعمل هيفضل ابوه
تحرك للخارج بجسد واهن وكأنه يتحرك على جمرات من النيران، وصل بعد قليل إلى نوح الذي ينتظره مع الضابط الذي أرسله راكان إليه

ترجل من سيارته وتحول كليا عن ماكان عليه، اتجه للضابط متسائلا
-فيه جديد حصل..مسح نوح على وجهه بغضب وكأنه فقد عقله
-هتجنن، معرفش راحت فين، ولا حد خطفها
اتجه راكان للضابط
-شوفت الكاميرات اللي في الشارع عند العربية
هز الضابط رأسه بالرفض..أشار بيديه
-شوف شغلك ياحضرة الضابط وشوف كانت بتكلم مين قبل ماتنزل، ثم اتجه إلى نوح متسائلا
-تليفونها معاها
جلس نوح بكتفين متهدلين، وجسدًا يأن وجعًا قائلا
-لقيته في العربية،رفع نظره إلى راكان يترجاه بعيناه
-راكان لو سمحت انا هتجنن وانا معرفش عنها حاجة …أشعل راكان تبغه وسحب نفسا طويلا حتى يسيطر على حالته من الغضب متسائلا
-سألت والدك، مايمكن بيعمل حركات استعباط عشان يضغط عليك
سألته وقالي روح دور عليها شوفها باعتك لمين
قوس راكان فمه وتحدث بسخرية
-كنت هتتوقع منه إيه غير كدا..توقف نوح وامسك هاتفه
-ليلى، إزاي مجاش في بالي إنها ممكن تعرف مكانها ..وكأن حديث نوح ضغط على جرحه المتقيح فصاح بغضب
-متعرفش حاجة وماتتصلش بيها دي مبدفتش حد، انفلتت ضحكة موجعة وأكمل
-دي توجع بس، تهدم بس تفيد لأ
طالعه نوح وتسائل بشكًا
-انتوا متخانقين تاني..
اطلق زفرة حارة من أعماق قلبه عله يخفف من أوجاعه التي لا تنتهي ثم أجابه
-لا هنتخانق ليه..نصب عوده ووقف متجهًا للضابط المسؤل حتى يعلم أي شيئا عن أسما
-الكاميرا لقطت مسلحين هجموا على العربية
-طيب خد رقم العربية وتجبها من تحت الأرض
بعد عدة ساعات توصل الضابط المسؤل عن مكان السيارة
-العربية في مزرعة على الصحراوي، تبع رجل أعمال يدعى عزت السمري
وصلت سيارات الشرطة بعد قليل لتلك المزرعة وحرب بين رجال الشرطة، والخارجين عن القانون، انتهت بالغلبة لرجال الشرطة البواسل
دلف نوح سريعا يبحث بقلب متلهف وهو يصيح بصوته عليها
-أسماا…حتى وصل لغرفة تغلق بالخارج ..وقف أمامها ينظر بقلبًا منتفض إلى راكان
-خايف ادخل..فتح راكان الباب بهدوء و بجواره احد العساكر، فاقتحموا الغرفة
تسمر نوح بوقفته، بينما خرج راكان هو العسكري سريعًا للخارج مغلقًا للباب
استغرق نوح لحظات وهو متيبس بمكانه ينظر لتلك التي تجلس تحاوط نفسها بشرشف وهي تجلس كافقد الحياة وعيناها تزرف دموعها بصمت..اتجه إليها بساقين مرتعشتين حتى وصل إليها..رفع كفيه المرتعش يحاوط وجهها
وتحدث بصوتًا متقطع متألم
-أسما..أطبقت على جفنيها ولا تفعل شيئا سوى سقوط دموعها،
ابتلع غصة منعت تنفسه، حتى تغير لون وجهه من الألم وقام بجذب ثيابها وقام بإرتداها إياها وجسدها يرتعش بين يديها
ظل يحاوطها بأنظاره الحزينة، حتى انتهى وقام بحملها للخارج وهو يكاد أن يتحرك حتى وصل للخارج، تلقفها منه راكان بعدما وجد حالته المزدرية
-نوح مش وقت صدمة، لازم تاخد مراتك للدكتور قبل أي حاجة، مع إني عارف ومتأكد محدش عمل فيها حاجة دي مجرد قرصة ودن
اتجه بها راكان لسيارته منتظر وصول نوح الذي يتحرك وكأنه يسير على بلور يخدش قدمه حتى وصل إلى سيارة صديقه وجلس بالخلف يضمها لأحضانه وهنا انسالت دموعه على خديه وهو يراها تنظر للخارج دون ردة فعل كأنها جسدا بلا روح..ضمها بقوة واضعًا رأسه بعنقها متحدثًا
-عملوا فيكِ إيه ياقلبي
بمشفى يونس جلست سيلين بجواره متشبسة بكفيه، تمسد على خصلاته وترسم ملامحه المحببة لقلبها تتذكر أفعاله منذ طفولتها حتى آلان، وضعت رأسها بجوار رأسه إلى أن غفت بجواره، فاق يونس بعد قليل، وجد كفيه معلق به المحاليل، اتجه بنظره لتلك التي تجلس بالقرب منه ورأسها بجواره..رفع كفيها المتحرر يمسد على وجهها
-سيلي حبيبتي قومي ضهرك هيوجعك..فتحت عيناها التي تشبه موج البحر فابتسمت كأنها تحلم به قائلة
-حبيبي أنت صحيت..ابتلع ريقه بصعوبه من هيئتها حيث كانت كالحورية أمامه..دنى مقتربًا وكأنه يتعافى بالقرب منها..نظر إليها بأعين تفيض ولهًا فهمس وهو يلمس وجنتيها
-تعرفي من وقت ماحبيتك وتمنيت أصحى من النوم والاقي الجمال دا في حضني
احست بالحرارة تزحف لوجنتيها تشعر بالخجل من كلماته، حاولت الاعتدال بعدما أفاقت، ولكنه رفع كفيه الآخر يضم وجهها
-لسة بتحبيني ياسيلين، قلبي وجعني قوي من كلامك ليا، سيلين ثقي مفيش حد اقتحم أسوار قلبي غيرك، وسواء رضيتي ولا لا، هتجوزك ياإما تموتيني زي ماقولتلك
-أكيد بحبك يايونس، مش معقول حب السنين دي كلها هيتنسي بسهولة، كان لازم اوجع قلبك زي ماوجعتني
أطلق ضحكات صاخبة وبلحظة جذبها حتى أصبحت بأحضانه يداعب وجهها بأنفه
-طيب ماأنا عارف، هو لو مكنش كدا كنتِ زمانك عايشة لحد دلوقتي ياحبيبة يونس
لكمته بكفيها الصغير بصدره
-لا والله، مغرور ..جذب رأسها لتعانق شفتيه ثغرها، ثم غمز بعينيه
-دا مش غرور أد ماهو ثقة في الحب ياحبيبي
وضعت رأسها على صدره وهي تتنهد براحة فكأن عشقهما مثل الورد الجوري وتتطاير حوله الفراشات لتزهو بألوانها الجميلة، وطائر البلبل الذي يتحرك بين الأزهار يتغنى ويعزف أجمل الألحان
❈-❈-❈
مساء اليوم ظلت تجلس بشرفتها تنتظره ولكنه لم يعود، نظرت بساعة يديها وجدتها الثانية صباحًا، زفرت بغضب والغيرة تتآكل بأحشائها، ضمت إبنها الذي ارتفعت حرارته
حملته تضع له بعض الكمادات لخفض حرارته، ظلت بعض الوقت على ذاك المنوال، وهي تحاول الأتصال به ولكنه لم يجيب على اتصالاتها، نهضت متجهة للخارج حتى تأخذه للطبيب، بعدما فشلت في الوصول إليه، وكذلك سيلين التي لم تعود إلى آلان، قابلها عدي دالفا بسيارته..ترجل من السيارة سريعا
-مدام ليلى رايحة فين دلوقتي لوحدك؟!
سحبت نفسا محاولة السيطرة على دموعها حتى لا تسقط فتحدثت بصوت مرتجف
-عدي ممكن توصلني أقرب مستشفى، أمير سخن من المغرب، وحرارته مبتنزلش وراكان تليفونه مقفول
أومأ متفهما، استقلت السيارة بجواره متجهة للطبيب
بعد عدة ساعات مع إشراقة الصباح عادت مع عدي، دلفت السيارة لحديقة القصر، في تلك الأثناء ترجل راكان من سيارته التي دلفت للتو
وزع نظراته بينهما وبفظاظة تسائل
-كنتوا فين، راجعين منين
حدجته بنظرة حزينة واجابته بهدوء
-كنت بكشف على أمير، استدارت تبتسم لعدي
-شكرا ياعدي تعبتك معايا ..قالتها وتحركت للداخل دون حديث آخر
تحرك خلفها للداخل وقبل صعودها الدرج صاح غاضبا
-استني عندك، صرخة مدوية خرجت من فمه وهو يقترب منها
-إزاي تخرجي مع عدي من غير اذني، متنسيش إنك لسة مراتي
بنظرات تحمل بين طياتها الكثير من العتاب اقتربت منه وهي تربت على ظهر طفلها الذي استيقظ يبكي وقفت أمامه بعيونها المشتعلة واجابته
-آسفة ياحضرة المستشار، مكنش ينفع اسيب ابني يموت لحد ماحضرتك ترجع من نزواتك، لو كنت اتكرمت ورديت على اتصالتي كنت عرفت بتصل ليه
توهجت عيناه واقترب يضغط على ساعديها بقوة غير مكترث لبكاء الطفل وتحدث من بين أسنانه
-برضو مكنتيش تخرجي إلا لما ارجع، مش تجري في نص الليل مع ولد صايع سكير
دفعته بعنف وهي تقاتل بضرواة ألم قلبها القاتل الذي يضرب أنحاء جسدها ناهيك عن عبراتها التي تلألأت قائلة
-المرة الجاية، يبقى استنى معاليك..قالتها ثم تحركت لأعلى..وهذا جعله غاضبًا حد الألم الذي يشعر به في حضرتها
صباحا باليوم التالي، وصل توفيق بجواره فريال وخالد، ملقيا تحية الصباح وهو يتحاشى بنظره بعيدا عن راكان
-سمعت ان أسعد تعبان ماله، وهو فين
نهضت زينب تشير على غرفته قائلة:
-هو نايم ياعمي، لسة واخد علاجه ونايم وشوية كدا راكان هياخده عشان يعمله فحص وايكو
اومأ برأسه متفهما، استدار ليغادر، ولكن اوقفه راكان..نهض راكان متجهًا له ووقف أمامه
-آسف لحضرتك، انت كنت صح وأنا غلط، وبعتذر منك قدام الكل، ماهو حضرتك جدو برضو وزي ماما قالت، الضفر عمره مايطلع من اللحم
صاعقة نزلت على توفيق من حديث راكان ونظراته الحزينة، فاقترب توفيق يضمه لأحضانه
-ربنا يبارك فيك ياحبيبي، أنا مسامحك ياراكان
تجمدت زينب بمكانها محاولة استيعاب مافعله ابنها هي تعلم إنه لن يرضخ لجده، رمقت ليلى الصامتة التي تجلس تطعم ابنها..تنهدت بحزن بعدما علمت ردة فعل راكان على تنازل ليلى على القضية
بعد قليل دلفت غرفة مكتبه
-ممكن نتكلم شوية، كان ينظر بجهازه، فتحدث ومازالت عيناه على الجهاز
-قولي سامعك..سحبت نفسا وطردته ثم تحدثت
-هنفضل لحد إمتى كدا..جاوبها ومازال على وضعه
-كدا إزاي مش فاهم؟!
راكان لو سمحت مينفعش الحياة بينا كدا، ياإما نطلق ياإما نصحح من حياتنا، فيه حاجة مهمة لازم تعرفها
استدار بنظره إليها ثم أردف
-إحنا يعتبر اطلقنا، من وقت مارفعتي القضية وانتِ في حكم طلقتي، يعني انت هنا ام لأمير وبس،
❈-❈-❈
هبت فزعت وتحدثت بغضب
-يعني ايه كلامك دا، أنا مستحيل أقبل بكدا، خلاص سبني أمشي..أعاد لجهازه وأجابها
-مش دلوقتي بعد مااتجوز، وهتسألي ليه هقولك مزاج، عجبك مش عجبك اشربي من البحر.. ولو خلصتي كلامك سبيني أكمل شغلي
-اكيد انت مجنون ..قالتها بقهر
نهض وجذب ذراعها بغضب وصاح مزمجرا
-غلط كمان هنسى إنك ست، بعد كدا كلامك معايا بإحترام وأدب، انت هنا ام امير بس..
-غلطان ياحضرة المستشار فيه الأقوى من امير
دنى ينظر إليها مشمئزا
-لو قصدك عن الحب تبقي عبيطة، أنا رميتك من وقت ماطلبتي الطلاق، أشار بسبابته وأكمل
لو عايزة تطلقي اعملي تنازل عن الولد زي ماقولتي، غير كدا مااسمعش صوتك ..قاطعهم دلوف نورسين
-إيه ياراكي جاهز، هنتأخر !!
استدار إليها وتحدث غاضبًا
-مش تخبطي قبل ماتدخلي، اطلعي استنيني برة..استدار إلى ليلى وتحدث
-مش شايفة بتكلم مع مراتي..غادرت نورسين الغرفة دون حديث، ولكن داخلها يكتوي بنيران الغيرة من ليلى
نزعت يديها بعنف وأشارت بسبابتها:
-انا مش مراتك، ودا بناء على كلام حضرتك، ماشي ياحضرة المستشار، هستنى لما تتجوز، ودا عشان اثبت لنفسي قبلك، إنك اكبر غلطة في حياتي، فليذهب حبك للجحيم ياراكان يابنداري
جلس وهو ينظر إليها متهكمًا
-انتِ دلوقتي ولا حاجة في حياتي سامعة، ولا حاااجة، وياله عطلتيني بدل مفيش حاجة تخص أمير ماتدخليش عندي، اياكِ تقربي من حاجة تخصني، برررة عند أسما
-تجلس بشرفتها صامتة تنظر بالخارج وكأنها لم تشعر بما يدور حولها، خرج الطبيب النفسي وتوقف متحدثًا
-النهاردة أحسن شوية، خرجت من اوضتها، وسمعتني وانا بتكلم دا كويس
أومأ نوح وهو يطالعها بنظراته الحزينة، ثم شكر الطبيب وهو يتحرك معه للخارج
-شكرًا لحضرتك
بفيلا الكومي
دلفت راندا تفرك كفيها بعدما طلبها يحيى، حمحمت بصوتها حتى ينتبه لها، أشار بيديه
-تعالي ياراند..جلست أمامه دون حديث، طالعها وهو ينقر بقلمه على سطح مكتبه ثم نصب عوده ونهض متجها يجلس بمقابلتها
-سؤال هسأله بس ياريت تكوني صريحة معايا
-مين خطف أسما؟! انتِ قولتي في التحقيقات إنك متعرفيش الولاد دي، وكمان المزرعة لحد من أصدقائك، إزاي طيب عزت يخطف أسما ومفيش بينهم معرفة
ارتبكت اولا في حديثها، ثم طالعته مجيبة:
– أيوة أنا اللي خطفتها وأنا اللي عملت كدا، ماهو مش هسبها تخطف جوزي واتفرج عليها
بلع ريقه بصعوبة متسائلا. فيه حد قرب منها ..توسعت عيناها بذهول، وهي تهز رأسها رافضة سؤاله
-ومال حضرتك خايف أوي كدا
بقصر البنداري
بعد مرور عدة أيام ومازال الوضع بين راكان وليلى كما هو
ذهبت ليلى إلى زيارة والدها بعدما رجع من السفر، جلست بجوار والدتها حزينة
-مالك ياليلى ..تسائلت بها والدتها
رجعت بجسدها للخلف تتكأ بظهرها على المقعد قائلة
-انا وراكان مش متفقين خالص ياماما، واحتمال كبير نطلق
شهقت والدتها قائلة”
-يالهوي إيه اللي بتقوليه دا، هو ميعرفش إنك حامل لسة
انسدلت عبراتها وهي تهز رأسها
-لا ياماما معرفش ومش هقوله دلوقتي، عشان ميجبرنيش اقعد معاه
جذبتها والدتها بعنف
-اتجننتي ياليلى، انتِ واعية بتقولي ايه، دي عيلة البنداري تفتكري هيسيبوا احفادهم تتربى برة
مسدت على ظهرها وتحدثت بحنان اموي
-إيه اللي راكان بيعمله مزعلك حبيبتي، أنا شايفة الراجل كويس وبيحبك انا شوفت دا في عينه يابنتي، بلاش تخربي على نفسك
هزت رأسها رافضة حديث والدتها
-ماما لو سمحتِ، خليني اقرر حياتي زي ماأنا عايزة، نهضت سمية غاضبة وهتفت بصياح
-ليلى ولادك هيعيشوا في حضن ابوهم ودا آخر كلام عندي، ياإما لا إنتِ بنتي ولا أعرفك
اطبقت على جفنيها فنهضت متأهبة للخروج
-خلي معاكي أمير لحد ماأروح مشوار وأرجع، وبعدين نتكلم
خرجت متجهة للطبيبة النسائية، ترجلت من السيارة، وجدت أسر أمامها
-ليلى!! بتعملي أيه هنا، تحركت من أمامه سريعا
أنا في مشوار انت الي بتعمل ايه هنا
-كنت عند واحد صاحبي، دلفت إلى المبنى ثم توقفت
طيب أنا طالعة للدكتورة فوق، ممكن تمشي إنت..استدارت للمصعد ولكنها تفاجأت به يدخل معها قائلا:
-لا هروح معاكي، مالك تعبانة ولا إيه
زفرت غاضبة:
-آسر أنا رايحة لدكتورة النسا، هتيجي معايا بصفتك إيه.. ضغط على زر المصعد قائلا :
-حتى ولو لازم اطمن عليكِ مش ينفع اسيك لوحدك ودا آخر كلام
توقفت أمام الممرضة تسأل عن الطبيب، جلست للحظات ثم نهضت، توقف حتى يدلف إلى الطبيب، نظرت إليه بغضب:
-اكيد مش هتدخل معايا، خليك هنا وأنا شوية وهخرج
تدارك توترها فأوما برأسه
-تمام ادخلي وهستناكِ..دلفت إلى الطبيبة التي ابتسمت ونهضت تحيها
-عاملة ايه ياليلى..هزت ليلى رأسها مبتسمة
-دي انتِ اللي هتقوليها يانورة، عايزة اطمن على الجنين، معرفش المرادي غير المرة اللي فاتت يعني مفيش ترجيع ودايما عايزة أكل هو دا طبيعي
اتجهت الطبيبة للكشف وهي تبتسم قائلة:
-كل حمل وله اختلاف، بما أن المرادي مختلفة، يمكن المزاج عالي، او نوع الجنين مختلف
ابتسمت ليلى ساخرة:
-أيوة فعلا المزاج عالي على الآخر..بعد قليل اعتدلت والطبيبة تتحدث إليها
-كل حاجة تمام..اهتمي بأكلك الصحي عشان خلاص داخلين على الشهر الرابع، وبقولك احتمال مش اكيد، المرة الجاية هيبان أكتر النونو تكون بنوتة قمر شبه مامتها
لمعت عيناها بالسعادة وهي تضع يديها على أحشائها
-وانا نفسي في بنوتة أوي يانورة، مش مصدقة تيجي..أخذت تعليمات الطبيبة وتحركت للخارج
وجدت آسر ينتظرها وهو يتفحص هاتفه، تحرك بجوارها بصمت للأسفل ثم قطع صمتهم
-مش غريب راكان يسيبك تيجي للدكتورة لوحدك
رمشت بأهدابها قائلة:
-آسر راكان ميعرفش بحملي، وأنا هو هنطلق، بس بما فيه حمل مينفعش نطلق حاليا، فلو سمحت متدخلش
تسمر بوقفته وهو يطالعها بغموض، ثم تحدث:
-راكان ميعرفش إنك حامل، وكمان هتطلقوا، بجد ياليلى، يعني هو هيطلقك
أمسك كفيها وابتسم
-انا موافق أتجوزك بالولاد ياليلى، بس اطلقي انتِ
نزعت كفيها منه بعنف:
-انت اتجننت مش معنى اني بقولك يبقى ناوية اتجوز تاني، وبعدين الحمل مش هيتخبى كتير، هقوله اكيد بس بعد مانتفق على كل حاجة عشان ميرجعش في كلامه تاني،
أشارت بسبابتها
-إياك تقوله من غير مااعرفه، أنا قولتلك عشان عارفة إنك هترجع لنورة وتسألها..قالتها وتحركت متجهة لسيارتها سريعا
❈-❈-❈
مرت عدة أيام أخرى استيقظت تشعر بألمًا أسفل بطنها، حاولت النهوض متجهة لعلاجها وأخذت مثبت حملها بعدما شعرت بألمًا شديد
تذكرت حديث الطبيبة
-داومي على مثبت حملك ياليلى، عشان التقلصات اللي بتشكي منها، بما إنك بتقولي مفيش علاقة زوجية يبقى الحمل ممكن نفقده، عشان كدا لحد ماندخل الشهر الرابع هتاخدي المثبت
اطبقت على جفنيها وهي تتمنى قربه آلان لقد اشتاقت له حد الجحيم، مر أكثر من أسبوعين لم تراه، حتى شعرت بفقدانه لسنوات متتالية،رغم مافعله معها إلا أنها مازال قلبها ينبض له
نهضت متجهة إلى غرفته بعدما فقدت سيطرة إشتياقها له ، ولكنها عادت ولم تستطع الدخول بسبب مافعله معها
انسدلت دمعة غادرة بعدما خانها قلبها مشتاقًا إليه بهذا الحد ..وضعت يدها على أحشائها
-شوفتي بابي بيعمل في مامي ايه، مش مصدقة تيجي عشان نربيه ابوكِ بتاع الستات، ابتسمت حينما تذكرت حديثه على هاتفه قبل مقابلتها الأخيرة له
-انت اتجننت ياحمزة، بتقول إيه، لا طبعا ليلى مهما تعمل هتفضل ليلى اللي حبها مالي قلبي وحياتي ومستحيل اخونها، أنا بس بحرق دمها، اطلق ضحكة صاخبة وأكمل حديثه لصديقه
-أيوة كدا بالضبظ زي مابتقول بعشقها وهي عاملة تنينة ومتعفرتة عليا
خرجت من شرودها تنظر للغرفة بحزن، ثم تنهدت بوجع متذكر آخر حديثه وهو يتحرك للسفر
-هسافر كام يوم خروج برة لا، تفضلي هنا لحد ماارجع، وآه كمان عشان مترجعيش تصوتي في وشي وقت ماأرجع هتجوز نورسين، وحياة ربنا لأتجوزها ياليلى، ودا مش تهديد اد ماهو وجع منك.. قالها ثم تحرك من أمامها دون شيئا آخر
خرجت من شرودها مع إنسدال عبرة غادرة على وجنتيها، ظلت لبعض الدقائق ثم اتجهت لغرفتها بعدما استمعت لقرآن الفجر، دلفت إلى مرحاضها، وقامت بالوضوء متجهة لركنها الأساسي إلى الصلاة، سجدت إلى ربها تبث شكواه للحي القيوم الذي لا يغفل ولا ينام
ظلت لفترة بالسجود وهي تدعوه ببكاء قلبها قبل عيونها
انتهت ليلى من صلاة الفجر وجلست كعادتها تتلو وردها اليومي بعد قرائتها للأذكار الصباحية ثم نهضت تتنفس بهدوء جمال الطبيعة حولها
كان المنظر الرباني حقا رائعاً للقلب قبل العين.. قطرات الندى التي تغطو أوراق الشجر وتبدأ التلاشي بشعاع الشمس.. وقفت بعد الأنتهاء تنظر للزروع التي تحاوط القصر من كل مكان.. تتنفس نسيم الصباح بنداها الطيب…. لم تحب في هذا القصر سوى المساحات الخضراء الكثيرة التي تحاوطه..
أمسكت دفترها وبدأت تدون به بعض الجمل التي تشعر بها
-“لا بأس أيها العاصي .. مرحبا بحياة .. نلتقي فيها …كل يوم ألف مرة .. دون لقاء ..!! ”
-“حقا ‏لا شَـيء أسهَل من الكراهـيّة …
‏أما الحبّ فهو يحتَـاج نفوساً عظِيمة ..”
قطع إندماجها بالكتابة
إشعار رسالة وصلت لهاتفها.. أمسكت الهاتف تنظر من الذي راسلها بهذا الوقت المبكر.. نهضت كالملدوغة وأحست بغصة بحلقها تمنع تنفسها عندما وجدت بها:
“ليلى لو مش عايزة راكان يعرف إنك حامل وممكن يقتلك لازم نقعد مع بعض و نتكلم وعلى مااعتقد إنك مؤمنة وعمرك ماتفكري تنزلي البيبي…”
لونت الصدمة وجهها ونظرت حولها كالذي يُسحب على المشنقة
جلست وعيناها تحجرت بالدموع عند ذكراها لآسر عندما وصلت إلى سيارتها جذبها بعنف ونظر إليها
-لازم تطلقي من راكان، أنا مكنتش أعرف جوازكم حقيقي صدمتيني كنت مفكر انه متجوزك عشان ابن اخوه، بس دا راكان البنداري برضو، عمره مايسيبك، واللي فهمته من حالتك دي يبقى الحمل دا جه في وقت غصب عنك، وإنك مش عايزة تعرفيه
دنى يحدجها بمغذى قائلا:
-لو مطلقتيش منه ممكن ألعب عليه ياليلى واشككه فيكي، وقبل ماتتكلمي دا من حبي فيكي انا اولى واحد بيكِ
صفعته بقوة على وجهه وأشارت بسبباتها
-انت حيوان ياآسر، قالتها واستقلت سيارتها تتحرك بها ودموعها تنسدل بقوة على وجهها وهي تقرر اول شيئا ستفعله إنها تخبره بحملها
أزالت عبراتها وتهكمت فالشخص
الذي اعتقدت إنها تستمد قوتها وحمايتها منه… واعتقدت إنه ملاذها الأول.. ولكنه صفعها بشدة كما صفعها القدر سواء من زوجها الراحل أو من زوجها الحالي… ليظهر وجهه كذئب بشري أودى بها لغيبات الجب
مسحت عبراتها التي انسدلت على وجنتيها تحرقها كما تحرق النار سنابل القمح.. أمسكت هاتفها وجسدها يترنح تلعن اليوم الذي فعل بها ذلك ثم هاتفته صارخة به:
– إنت عايز مني أي مش كفاية اللي حصلي بسبك.. بتهددني براكان الله ياخدك إنت وهو في لحظة واحدة.. ربنا ينتقم منكم..وهنزل الولد..يارب تكون مرتاح قالتها بقهر وعجز في آن واحد.. لم تعطيه فرصة للرد وأغلقت الهاتف ثم وضعت يدها على أحشائها وهي تبكي بنشيح:
❈-❈-❈
– أعمل إيه يا ربي في المصيبة دي..اكيد مش هيوافق يطلقني بعد مايعرف، ولا ممكن ياخد مني ولادي، آه قالتها عندما شعرت بعجزها.. فلقد فعل بها القدر واسقطها في بئر مظلم لا نجاة منه وهي مكبلة الأيدي
ظلت على حالتها لبعض الوقت إلى أن استمعت لطرقات خفيفة على باب غرفتها..وإن دلت خفتها فتدل على صاحبتها بحيوتها وجمال روحها وابتسامتها الخلابة سمحت بالدخول بعدما ازالت عبراتها
دلفت سيلين بمرحها كالفراشة وابتسامتها العذبة تُزين ثغرها:
– صباح الخير يالولة.. أنا قولت أكيد صاحية.. رسمت ابتسامة على وجهها لم تصل لعيونها بعدما شعرت بإنهيار قواها الداخلية فأجابتها. بتقيم فتسائلت:
– انتِ كنتِ بتعيطي ياليلى.. هزت رأسها بالنفي وهي تتجه لأبنها بعدما استيقظ وأجابتها:
– مش العياط اللي في دماغك.. أنا بس بابا وماما وحشوني أوي وطبعا اخوكي اللي معرفش مستحملينه إزاي.. محاوطني بسجن من حديد… كانت أجابة واهية كاذبة علها تهرب من تساؤلات سيلين
ربتت سيلين على ظهرها فهي تشاطرها أحزانها فتعثرت الكلمات عند شفتيها ولا تعلم كيف تخفف عنها..فتنهدت وهي تنظر لذاك الطفل
ظلتا الأثنتين صامتتين لبعض اللحظات.. اخرجهما من صمتهما” أمير “الطفل الذي يبلغ من العمر سنة ونصف شهور وهو يتحدث بكلمات طفولية
– ماما.. ماما.. سين.. سين.. اتجهت سيلين إليه تحملة وتقبله من وجنتيه:
– قولي أعمل فيك إيه عايزة أكلك ياولا ياأمير.. اتجهت بنظرها تطالع ليلى فتحدثت علها تخرجها من حالتها الحزينة فناغشتها:
– معرفش ليه حاسة أمير قلب لعمه راكان.. حتى شوفي عيونه بقت تهبل وتجذب زي عمه
برقت ليلى عيناها وهو توزع نظراتها بين سيلين وأمير وشعرت وكأنها اسقطت دلوا من الماء المثلج فوق رأسها ب ليلا شديد البرودة
جذبت أمير تحدق نظراتها به وداخلها رجفة تسري بجسدها من اشتياقها الكامن له، ثم دفعت سيلين بيدها بوهن وهي تتمتم بلسان ثقيلا كأنها تتعلم الحديث:
– إنتِ بتفرسيني ياسيلين.. وعايزاني أكره الولد… بتشبهي ابني بالتتنين المجنح دا
قهقهت سيلين عليها وأمالت بجسدها تحدقها بغموض:
– بقى راكان اللي سيدات مصر كلها يتمنوا منه نظرة واحدة تشبيه بالتنين يالولة.. والله قلبك قاسي أوي أوي
اشتعل غضبها من حديث سيلين فرمقتها بنظرة تحذيرية
– بالله عليكِ مش عايزة صباحي ينتزع على الصبح..في سيرة اسم الله عليه أخوكي دا..وبلاش تجيبي سيرته مع إنه مسافر ومرتاحة منه..بس ممكن تلاقيه ناططلي هنا بيجي على السيرة زي الشيطان لما بيجي على المزمار كدا
ضحكة صاخبة أفلتتها سيلين من فمها حين استمعت لحديث ليلى..فجلست تمسك بطنها من كثرة ضحكاتها
أخرجت ليلى زفرة حادة وهي ترمق سيلين..بطلي ضحك يابنتي..وأحمدي ربنا إنه مش موجود..مش بقولك ياجمال الحياة وهدوئها..طيب تصدقي بالله أنا بشعر بالراحة زي صفاء المية في البحر الأحمر كدا… وانت بتشوفي فيه جميع الشعاب المرجانية.. واخوكي مش هنا.. يالهوي دا عليه تناكة إلهي يعدمها ياشيخة،وكل شوية ستات مصر بتجري عليه
وضعت سيلين يديها على فمها حينما شعرت بتوقف قلبها من كثرة ضحكاتها
نهضت سيلين وهي تراقص حاجبيها مردفة مماجعلها كالكتكوت المبلول
– لولة.. راكان تحت وعايز يشوف أمير… ثم تلقفت الوطفل من يديها وهي تطالعها بشقاوتها:
– هاخد أمير لراكان صحي من النوم وبيسأل عليه وإنتِ اجهزي وانزلي يازوجة راكان البنداري اللي هتجنن بسببكوا إن شاء الله
صاعقة قوية ضربت قلبها فبعثرته لأشلاء..
وبعينين زائغتين وقلب فتته الوجع من شدة قساوة قلبه الذي بدأ يتعامل معها به طالعتهاو همست بتقطع:
– هو جه.. أشفقت سيلين على حالتها كثيرا فهزت سيلين رأسها ترأف بها فتحدثت سريعا:
– ليلى أنا معرفش ايه اللي حصل بينكم بس حاولي تقربي من جوزك، هو مبقاش بيقعد في البيت خالص، شوفي إيه الغلط وصححيه
رغم كلمات سيلين البسيطة التي قالتها إلا أنها نجحت بإخراج نيرانها فأردفت:
– اخوكي عايز يدفني بالحياة وبس ياسيلين.. تصدقي بقيت اكره، ولو اتجوز زي مابيقول صدقيني هاخد ابني واهرب، ربتت على كتف سيلين وأردفت :
– سيلين متزعليش مني بس أنا بجد بموت من عمايل راكان ، بيحاول يدوس عليا بكل قوته..
نظرت بعيونها وأكملت
-ياريتني كنت زيك وبعدت عنه، يابختك قدرتي تبعدي عن يونس
أشفقت عليها حينما وجدت عبرات متكورة بعيناها..
-بتحبيه ياسيلين، يعني بتحبي يونس، وواثقة إنه هيتخلى عن حياته عشانك، لو مش واثقة ابعدي،عشان هتتعذبي زي بالظبط، مش هتقدري تتخيلي يكون قريب من واحدة غيرك
تراجعت سيلين خطوة للخلف وهي تهز رأسها
– عندك حق ياليلى.. علشان كدا أنا بعدت عنه فترة، بس بجد مقدرش أعيش من غيره
سيبك من يونس وحاولي تصلحي حياتك مع راكان
-ان شاء الله، ربنا يسهل ..قالتها ليلى
دفع الباب بقوة فدخل بهيبته وهيئته الجذابة وعطره الذي تسلل لرئتيها
ثارت زعابيب غضبها فأردفت تطالعه بعينان تطلق شرزا
– هتفضل لحد إمتى تدخل بالطريقة الهمجية دي.. رمقها بنظرات نارية لو تحرق لأحرقتها بالكامل.. دارت عينه لأخته وتحدث بهدوء مميت:
– ساعتين عشان تجيبي الولد ياسيلين ولا المدام رفضت..
هزت سيلين رأسها وهي تطالع ثوران ليلى وغضبها فتحدثت:
– لا ياآبيه دا كان نايم وبنصحيه.. أشار بيديه وتحدث:
– سيلين انزلي بأمير.. قالها من بين أسنانه خطت سيلن وهي تحمل الطفل بين يديها ولكنه أوقفها وتلقفه بين يديه يقبله:
– حبيب عمه عامل إيه… وحشتني يااميري.. أمسك أمير لحيته الكثيفة وهو يتمتم:
– بابا.. بابا.. طبع قُبّلة مطولة وعيناه على التي تطلق شرزا والغضب يتملكها.. ناوله لأخته وأشار بعينيه للخروج
غادرت سيلين الغرفة بينما تسّمرت ليلى بمكانها تستجدي طريقة تحاول التملص من قبضته ورائحته
أوشكت على الألتفات فوجدت قبضته القوية التي أوقفتها بمكانها وعيناه تبحر فوق ملامحها وهو يزمجر:
– أنا مش مليون مرة أقولك ماتتكلميش معايا بالطريقة دي ..نسيتي إنك لسة مراتي وأدخل في أي وقت..إيه عايزاني أستأذن قبل ماأدخل أوضتي.. ليه دايما بتخليني أتعصب
تصاعد غضبها للحد الذي جعلها تنفض يديه بعيدا عنها وتقول:
– أنا مش مرات حد..متنساش إننا هنطلق، ودي أوضتي أنا..خليك في نذواتك وأبعد عني..
برقت عيناه لقد تجرأت على كبريائه للمرة التي لم يعد على إحصاها..فاشعلت كلماتها جحيم غضبه والذي تجلى بعينيه ف خطى إلى أن توقف أمامها ودنى منها حتى اختلطت أنفاسهما
– لا مراتي ياهانم.. لحد دلوقتي انتِ في حكم مراتي، قدام الكل، بدل ورقة طلاقك مش في ايدك، بس طبعا بينا ولا تهميني ودا غصب عنك مش براضكي..ولو كنتِ نسيتي أفكرك.. ودلوقتي لازم تجوبيني
– خرجتي من يومين وكسرتي كلمتي ليه؟
قالها عندما جلس على الاريكة يضع ساقا فوق الأخرى وقام بإشعال تبغه الغالي ونفثه وهو يقيّم حالتها
بللت حلقها تحاول أن تجيبه برد مقنع حتى لا يشك بها.. فهي تعلم إنه سيعلم
– كنت تعبانة ولازم أشوف دكتور.. قالتها وهي تفرك يديها وتهرب من نظراته
توقف يدور حولها ونظراته مثبتة يحدقها بتمعن… لهجتها المتقطعة وعيناها الزائغة.. جعل الشك يتسرب لقلبه فتحدث:
– ودكتور النسا دا معرفة آسر برضو
افلتت شهقة من جوفها فلقد بلغ الغضب ذروته فلم تعد تستطع حديثه المسموم الذي أصاب إحترامها لذا أشتد صوتها وذادت حدتها فصرخت:
– احترم نفسك إحنا اتقابلنا صدفة وعلى ماأعتقد اللي سايبه يراقبني قالك.. ألقت كلاماتها بملامح مرتجفة وعينين تهتز من ثقل العبرات المحجرة بها
– والله والمفروض أنا الأهبل أصدق صح…بداخله نيران تغلى وتحرق أوردته حينما علم بمقابلتها بذاك الآسر الذي يود لو يخنقه ويلقيه صريعا…
– ماهو مش معقول تقابلي الأستاذ صدفة وكمان يطلع معاكِ لدكتورة نسا.. دكتورة نسا مع راجل غريب يامدام.. وكمان قريبتكم.. قالها عندما تحولت عيناه لجحيم من النيران وبدأ يركل كل مايقابله…
رمقها بنظرة حارقة وأردف مسترسلا
– أنا مراتي تروح مع راجل غريب لدكتورة نسا.. ليه مش متجوزة راجل، وكمان راجل بيحبها وعايز يتجوزها..جذبها من رسغها
-انت بتضحكي على مين بالضبط، اوعي تفكري اني ممكن اطلقك عشان ، الحقير دا،طيب مفيش طلاق وخليكي كدا في البيت هنا ولا متجوزة ولا مطلقة
❈-❈-❈
راكان لو سمحت بلاش تكرهيني فيك
أطلق ضحكة صاخبة وأشار على نفسه
-تكرهيني، ليه حد قالك انا طالب حبك، فوقي من الوهم دا، انتِ زيك زي اي واحدة عجبتني وقعدت معاها شوية وانتهينا، بس الفرق بينكوا إنك ام لابن اخويا
اقتربت منه تلكمه بصدره وتحدثت بنيران قلبها
-اخرص، أنا مش زي حد، سمعت
سحب نفسًا من تبغه ونفثه بوجهها وهو يتلذذ بغضبها قائلا
طيب جاوبي يامحترمة ابن عمك كان بيراقبك من وقت ماخرجتي من بيت ابوكي، ياترى بعلمك ولا لا
اتجهت إليه وطالعته بغضب انثى داس بكل جبروت على شرفها
– “أخرص” مفكرني واحدة زي نزواتك قالتها وهي تدفعه بكل قوة وتنظر إليه بإشمئزاز فقد كانت كلماته كنصل سكين بارد تبتر عنقها ليجعلها تموت بالبطئ
أمسك ذراعيها يعقدها خلف ظهرها ودنى يهمس بجوار اذنها فتقابلت عيناه التي بلون شعاع الشمس وهي تطلق كرات ملتهبة لسواد ليلها الذي القته كتعويذة على قلبه.. خرج من سواد عيناها وناظرها بجمود
-نزواتي…على الأقل دول ستات معرفين بيعملوا ايه إنما المدام اللي تروح مع راجل غريب عند دكتورة نسا نقول عليها إيه
صفعة قوية هوت على خديه وصرخت
-اطلع بررررة مش عايزة اشوف وشك
اقترب يجذبها من رسغها
– من الأخر كدا مفيش طلاق، إلا لما يكون عندي مزاج، دا لو هطلقك ، أما عن القلم اللي ايدك الحلوة دي علمته على وشي مش هنساه ، احمدي ربنا إنك مراتي.. وإنك ست.. دا اللي شفعلك عندي.. لأن من قوانيني ممدش ايدي على واحدة ست، فتخيلي بقى مش أي ست لا دا مراتي،.. وحطي تحت مراتي دي مليون خط، بس مش معنى كدا مش هعرف أخد حقي
دنى حتى لامس شفتيها وأكمل
– إنتِ مغلطيش بس يالولا… لا دا إنتِ اتجاوزتي حدودك… جبتي أخرك معايا يا ليلى راكان البنداري.. افتكري اللقب دا كويس لانه هو اللي بيشفعلك في كل مرة.. بس احترسي رصيدك خلص بالكامل
طالعته بأعين مرتجفة وجسد هاوي محاولة استيعاب مدى قسوته واهانته لها
ورغم أنها في موقف الضعف إلا أنها تحدثت كقطة شرسة:
– متخفش اسمك محفوظ بعيد مش حبا فيك ياديستينجويشنج .. لا بس علشان مش عايزة افتكر اسمي مرتبط بشخص ذيك عايزة أفقد الذاكرة ياسوبر مان
❈-❈-❈
صمت يطالعها بنظرات كالذئب وكأنه لم يستمع لماقالته او كأنه ادعى ذاك كانت عيناه على شفتيها التي تشبه حبة الكريز وهي تحركهم بحديثها ودّ لو تذوقهم بتلك الأثناء حتى لو بها سما.. فالسم لديها كترياق له
دنى مرة أخرى إلى أن اقترب من شفتيها يهمس
– متخلنيش اوريكِ المميز والسوبر مان يعمل فيكِ إيه.. هنفذ كلامي اللي قولته قبل كدا وخصوصا بحالتك دي..
شعور مقيت يجعل دقاتها تتقاذف بين ضلوعها من قرب أنفاسه التي تحرق رئتيه دون رحمة.. تقابلت نظراتهما هو بتمنيه قربها وهي بنفورها من نفسها بسبب سيطرته الطاغية لروحها
لحظات فقط كفيلة لتغرق كل واحدا بجبروت عناده.. أكمل وعيناه مثبتة بعينيها
ثم سحب نفسا وطرده حتى لافحت انفاسه وجهها وأستطرد
– خليني بعيد عنك ياليلى لو سمحتِ مش عايز أذيكي وترجعي تكرهيني تاني.. لو سمحتِ متخرجيش الوحش اللي جوايا ناحيتك..
اللعنة على صوته الذي ذبذب جسدها بالكامل..وهمسه الهادئ بأسمها ارتجفت شفتيها تحاول الحديث.. ولكن حروفها قد هربت بالكامل.. انتشلها من سيطرته الطاغية وأنفاسه القريبة ونظراته التي خدرتها بالكامل طرقات الباب
اعتدل تاركا إياها.. محاولا السيطرة على نفسه فخرج صوته متزنا بعض الشئ: ادخل… دلفت العاملة وهي تتحدث بوقار لشخصه
– توفيق باشا والعيلة كلها وصلت يافندم.. والست زينب بعتتني عشان الست ليلى تنزل… أشار بكفيه بإنصرافها.. فتحركت العاملة سريعا وعيناها تلازم الأرض ثم استدار للتي جلست على الفراش تهرب بنظراتها في كافة الإتجاهات
مسمعتيش قومي اجهزي… عشر دقايق والأقيكي تحت وإياكي تتأخري.. وقتها هطلعلك وبلاش اكملك…
تحرك خطوتين فتوقف عندما تذكر شيئا
– آه بلاش تحتكي بسارة وسلمى نهائيا. قالها وهو يغادر بخطواته المهرولة كأنه ينئ بالهروب بعيدا عن عيناها
أخيرا استطاعت التنفس الذي سحبه بالكامل من حولها.. وقفت تضع يدها على صدرها وهي تحادث نفسها
-” وبعدهالك ياليلى هتفضلي لحد إمتى كدا.. لازم تخلصي منه ومن كل اللي يربطك بيه.. وضعت يديها على أحشائها
– وإنت كمان هخلص منك إزاي.. يارب ساعدني.. قالتها بقلبا يأن وجعا
بعد قليل هبطت إلى غرفة الطعام التي تضم العائلة بأكملها…بهيئتها الخاطفة للقلوب بفستانها الأبيض الذي يصل لكاحلها بنقوشه الزرقاء التي بلون السماء…رمقها الجميع بنظرات منها الحنينة ومنها نظرات كره وغيرة… كان الجد توفيق يترأس الطاولة وبالمقابل أسعد وبجواره اخواته وزوجاتهم وأولادهم
– صباح الخير… قالتها ليلى بهدوء..
– صباح النور ياحبيبتي تعالي اقعدي جنب جوزك.. هزة عنيفة أصابت جسدها عندما خصتها زينب بزوجته بعدما صار بينهما.. رمقها الجد بسخرية وأردف:
– تعالي اقعدي شوية قبل مامراته الجديدة تستحوز على المكان.. مع أنه مش ملكك من الأول.. أخذت جرعة كبيرة من الهواء تحبسه بداخلها علها تهدئ من نيران الغضب الممزوج بالحزن الذي ظهر على ملامح وجهها وعيناها التي رمقته وهو يتناول طعامه بهدوء وكأنه لم يستمع لحديث جده
ابتسمت سلمى بحبور وهي تطالع ليلى التي مازالت واقفة وأجابت جدها
– قولها ياجدو.. وعرفها إن نورسين مبتحبش اللي يقرب من ممتلكتها.. جذبت ليلى المقعد بعنف عندما شعرت بإنهيارها وجلست بجوار سيلين وتحدثت:
– لا نورسين ولا غيرها، خليها تيجي وتاخد القصر باكمله… أنا هنا عشان ابني وبس.. أومأ الجد برأسه وطالعها بغموض
– برافو عليكِ خليكي دايما متذكرة كدا.. إنت هنا عشان أمير ولا إيه ياراكان
استدار راكان لجده:
– عارفين الموضوع دا وحفظينه ليه دايما بتحسسنا إننا في حصة وبتسمعلنا الدرس..
غيره ياتوفيق بيه.. قولي إيه سبب الجمعة الحلوة دي هو مكنش يوم الجمعة ولا أنا غايب بقالي سنين وغيرت النظام
إذداد غضب توفيق واستشاط داخله فرمقه قائلا:
– هشام النمساوي اتصل وقال نحدد فرحكم قبل إجتماع مجلس الأدارة.. وطبعا أنت عارف يقصد أيه.. إحنا عايزينه شريك للمشروع الكبير
أنهى طعامه واتجه إلى يونس وتسائل:
– هو نوح مش بيحضر الإجتماعات ولا إيه.. مال النمساوي بإجتماعات الشركات وبعدين حضرتك دخلت يحيى الكومي قبل كدا ودلوقتي النمساوي.. ايه ياباشا عايز تاخد اقتصاد البلد كلها..
قوس فمه وأكمل:
على فكرة تفكير غبي.. لأنك كل مالحاجة تبقى بتعتك لوحدك أحسن من الشركاء، وبعدين نسيت انك مريض
اظلمت أعين توفيق وارتسمت عيناه بنظرة قاسية:
– أنا اللي هوطدت العلاقات بينا.. وكدا كدا إنت هتتجوز بنته فعادي أنه يحضر.. غبي ولا غيره.. انت مش عندك شركاتك مالك ومال شغل العيلة ولا عشان نصيبك الأكبر هتتفرعن على جدك ياحضرة النايب زي كل مرة، وبعدين انا متابع مع الدكتور مالكش دعوة بمرضي
زفر بهدوء محاولا السيطرة على غضبه عندما حثته والدته بعينيها بعدم الغضب..
– تمام ياتوفيق باشا اعمل اللي حضرتك عايزه شغلكم ماليش دعوة بيه.. والفرح حدد عليه معنديش مانع.. قالها وهو يرمق تلك التي جلست تتلاعب بطعامها بعينين تقطران الماً وملامح يكسوها الحزن الذي تغلغل لروحها..
❈-❈-❈
قاطعهم دلوف نورسين
– جود مورننج جدو.. جد مورننج للجميع
اتجهت لراكان
– حبيبي حمدالله على سلامتك وحشتني أوي.. قالتها عندما قبلته على وجنتيه
أشار توفيق على المقعد الذي يجاور راكان:
– صباح الخير ياحبيبتي.. اقعدي بنت حلال كنا لسة بنجيب في سيرتك
طالعت راكان وأردفت:
– إيه ياراكي.. أوعى تكون كنت بتقول لجدو إني وحشتك
ابتسم بجانب فمه بسخرية.. فأجابها دون النظر إليها وتحدث:
– ايوة طبعا ياحبيبي كنت بقوله نورسين دي مفيش زيها وحشتني لدرجة هنعمل الفرح بعد اسبوع
هنا رفعت ليلى عيناها سريعا إليه فتلاقت بعيناه.. شيعها بنظرة خبيثة واكمل:
– كفاية تأجيل..إحنا كنا هنتجوز من فترة لولا موت سليم الله يرحمه
رمقت نورسين ليلى فاستطردت قائلة:
– وياترى ليلى هتفضل معانا فوق..سوري لكن من حقي ياجدو..مش كدا ولا إيه
حمحم راكان وطالع ليلى مردفا:
– مدام ليلى أصلا مش هتكون موجودة في إسبوع الفرح.. معنديش مانع لو عايزة تقضي أسبوع الفرح في بيت المزرعة واكيد مش هعرفها الجو هناك بيكون عامل إزاي الأيام دي
كان واقع كلماته على مسامعها كصدى صوت رعد بليالي الشتاء القاسية ب عواصفها… لم يرحم قلبها فأكمل:
– مش عايز الناس يفهموا علاقتنا غلط.. وجودك هيصير الشك.. ودا عكس شخصيتي أبين حاجة وأعمل حاجة تانية
أستقرت كلاماته القاسية وسط قلبها فمزقته لأشلاء حتى شعرت بآلالاما شديدة بأنحاء جسدها مما جعلها تتشبث بيد سيلين بجوارها
طالعتها سيلين وهمست إليها
– إنتِ كويسة… هزت رأسها وغشاوة من دموعها احتجزت بعينيها منعتها من التحرر ولكن اكمل ماهشم الباقي من كرامتها حينما أردف:
– ماما ممكن تنقلي ليلى وأمير للجناح التاني عشان حضرتك عارفة نورسين وغيرتها وأنا مش عايز دوشة حريم
قبلته نورسين مرة أخرى على وجنتيه أمام الجميع.. وهمست له:
– راكي خلص فطارك بسرعة عندنا فسحة هتغير مود الشغل اللي خطفك مني بقاله اسبوعين
❈-❈-❈
رفعت نظرها وعبرة غائرة انسدلت عبر وجنتيها مسحتها سريعا حتى لا يرى ضعفها فأجابته وهي توزع نظراته عليه وعلى نورسين:
– أنا اتكلمت مع طنط زينب من فترة كبيرة من بعد موت سليم وحضرتك رفضت.. يعني أنا اللي طلبت من الأول.. ودلوقتي مستحيل اخرج من جناحي دا بتاع جوزي واللي مش عاجبه ممكن ينقل في مكان تاني.. ووقت مايجيلي مزاج ياحضرة النايب أنقل هنقل مش هستنى حد يتآمر عليا
ذُهل الجميع من شراسة حديثها بل شعر بصفعة مدوية فاتجه بنظره لوالدته
– كلامي يُنفذ ياماما.. سليم مات ومش موجود بينا ودلوقتي مينفعش.. قاطعته عندما هبت كالملسوعة توزع نظراتها بين الجميع
– سليم مات عندكم بس.. لكنه لسة عايش جوايا.. عايش في ابنه دا.. مش من حق حد فيكم يجبرني على حاجة مش عايزاها… أنا اتجبرت مرتين ياحضرة المستشار.. المرادي لا.. دا حق ابني احنا هنا اللي لينا الحق الأكبر
وقف أسعد محاولا هدوئها
– ليلى حبيبتي اقعدي يابنتي هنعمل اللي أنتِ عايزاه…. ازاي ياأسعد!!
أردف بها توفيق بقوة.. هتسمع كلام أرملة أبنك.. رمقها الجد واردف:
– إنتِ بأي حق تتكلمي كدا.. نسيتي نفسك
عايزة تحطي نفسك بنورسين
إلى هنا وقد طفح الكيل وصرخت كالذي مسها مس جنيا وضربت على طاولة الطعام
– أنا فعلا مش زي حد.. وعشان كدا خلي حفيدك المغرور دا يطلقني ويتجوز سليلة الشرف والنسب…. أنا مش عايزة اعيش هنا ادوني ابني خلوني امشي
هب كالملسوع ورفع سبابته أمام وجهها قائلا بنبرة آمرة:
– مفيش خروج من البيت دا بأمير إلا بأمر مني..ومتنسيش حضانة الولد معايا… عايزة تمشي اتفضلي الباب مفتوح، غير كدا مسمعش صوتك
تساقطت دموعها بقوة عبر وجنتيها وهي ترمقه بنظرات إحتقارية ثم تحدتث بصوتا مرتجف
– أن شاء الله تتعذب في حياتك ياراكان وتتوجع زي ماوجعتني كدا.. ضرب الجد بعصاه الأبنوسية على الأرضية:
– احترمي نفسك يابنت المحجوب متنسيش نفسك واعرفي إن اللي بتغلطي فيهم دول يبقوا إيه
ظلت مسلطة بصرها تنظر إليه ببغض شديد.. استدار لجده والغضب استحوذ عليه كليا وصاح
– متنساش أن دي مراتي ياتوفيق باشا..ومش معنى اني ساكت يبقى تهنها اللي يغلط فيها كانه بيغلط فيا
صفقت ليلى بيديها فلقد فقدت السيطرة بالكامل حينما دعسوا على كبريائها
– لا برافو.. زادني شرف والله ياحضرة النايب.. اتجهت إليه تدفعه بيديها
– أنا مش مرات حد.. واعرف اخد حقي كويس.. اتجهت بنظراتها لنورسين
– هو على بعضه مايلزمنيش ياحبيبتي.. ولو فعلا شايفاه راجل ويستحقك خليه يطلقني
توقف مجرى الدم بعروقه وتثلجت أوصاله حينما ألقت سهامها وداست على رجولته بكل جبروتها.. أستدار إليها وجذبها من رسغها
– اقعدي واسمعي آخر الكلام يابنت الناس… انا بحاول اتغاضى عن كلامك مش عشان انا مش راجل.. ابدا..
تنهد واخذ نفسا فأكمل
– علشان اخويا المرحوم اولا..وعشان إنتِ مراتي…. فبحاول مغضبش عليكي ياليلى مطلعيش الغضب ال جوايا.. صدقيني هكرهك في نفسك
– إيه ياراكان مش أنت من شوية كنت بتقولها هعمل واسوي ماترسى على حل يابني.. قالتها فريال وهي تنظر اليه بسخرية
نهضت ليلى من مقعدها سريعا.. تحتضن ابنها الذي بكى من أصواتهم المرتفعة..
صاح راكان بغضب على مربيته:
– خدي أمير.. ضمته ليلى لأحضانها
– لا محدش هياخده مني.. سحب الطفل منها بقوة وصرخ:
– خدي الولد اوضته وبعد كدا ممنوع يبات مع والدته.. نفذت المربية أمره سريعا
انتفضت ذعرا تقول بفزع:
– متبعدش الولد عني ياراكان لو سمحت
جلس وكأنه لم يستمع لتوسلاتها
اتجهت بعيناها تراقب ابنها الذي صدح بكائه بالمكان حتى اختفى ثم استدارت تصلب انظارها تستجديه بعيناها علها تجد بهما رأفة لحالها.. ولكن كيف وهو الذي أوجع وأبكى قلبها وأدماه منذ لقائهما الأول
سحب كف نورسين التي جلست تطالع الجميع بصمتا مريب وتحرك بعض الخطوات
شعرت بآلالاما تنخر بجسدها وشيئا ما يسقط من بين ساقيها.. ضغطت بقوة على يد سيلين التي تسائلت:
– ليلى مالك.. انتبه الجميع لحديث سيلين
اتجهت لتحركه تطالعه بنظرات متألمة … رمقها سريعا وتحرك خطوة وهو يردف
– ماما متعملوش حسابي النهاردة مش هرجع
هنا شعرت بآلالاما أشد قوة فخار جسدها وضعُف حتى هوت جالسة تأن وجعا وتصرخ
دنى يونس إليها عندما وجد تعرقها وأنينها.. جلس بمقابلتها وأردف متسائلا:
مالك يامدام ليلى.. قالها عندما تغير ملامح وجهها وتحوله لشحوب كشحوب الموتى… أمسك كفيها ليرى نبضها.. ولكن جحظت عيناه واستدار يطالع راكان الذي وقف
متصنما بمكانه من صرخاتها فسألها:
مدام ليلى إنتِ حامل… تساقطت دموعها بغزارة تحرق وجنتيها كلهيبًا يقضى عليها
فهمست عندما فاق الألم تحملها:
– الحقني يايونس أنا بنزف… رجفة قوية أصابت جسده فعقد حاجبه يفهم سؤال يونس ومعنى حديثها:
– همست ليلى أنا حامل.. قالتها ودموعها أغرقت وجنتيها بالكامل
صدمات وشهقات وهمهمات من الجميع عندما استمعوا لحديثها.. بينما ذاك الذي تصنم جسده وكأن أحدهما سكب عليه دلوا من المياة التي وصلت لدرجة غليانها حولت جسده كحمم بركانيه..
اتجه ليونس كالضائع بغيبات الجب واستمع لسؤاله عندما ازدادت سوء حالتها وبدأت قواها تتهاوى بفقدانها للوعي
– ليلى انتِ حامل في الشهر الكام.. تسائل بها يونس الذي بدأ يقيس ضغطها ونبضها
اطبقت على جفنيه متألمة وكأن روحها تنسحب منها وغمامه سوداء تطاردها فهمست:
– التالت.. لم تكمل كلمتها فسقطت بين ذراعي يونس فاقدة للوعي.. نظر يونس تحتها وجحظت عيناه من آثار الدماء التي لطخت فستانها الأبيض فصاح بأخته وهو يحملها متجها لغرفتها
– سلمى هاتي لي شنطتي بسرعة.. بينما سيلين التي وقفت كالمتصنمة تبكي على وضعها.. الكل بدأ ينظر إلى راكان.. هناك نظرات شفقة وهناك نظرات شماته..ولكن عنده لقد هوى قلبه وزهقت روحه تمنى لو صرخ من أعماق قلبه حتى ينقطع نفسه..أومأ رأسه رافضا حديثها بقوة، وشعور بفقدان وعيه… نظر بضياع حينما أردفت فريال: ايه ياراكان أرملة اخوك اللي ميت بقاله أكتر من سنة ونص حامل إزاي.. وأحنا كلنا عارفين طبيعة جوازكم… هنا لم يجد كلمات تعبر عما يجيش في صدره من آهات صارخة
تحرك يونس خطوتين وهو يحملها بين ذراعيه متجها لغرفتها..
هب فزعا وكأن صراخ سيلين بأسمها ايقظه من صدمته فهرول يلتقطها من بين ذراعه وصاح بغضب:
– رايح فين.. أنا هوديها المستشفى.. قالها وشعور الأختناق يعيق خروج تنفسه كيف يتنفس وصفعات القدر المتوالية لم ترحمه
خطى يونس بها للخلف وهو يضمها حينما وجد الغضب ونيران عينيه ووجعه بآن واحد.. فتحدث بهدوء:
– راكان ليلى ممكن تموت، ننقذها الأول.. ممكن يكون الطفل مات… وممكن يكون عايش.. ارجوك أبعد غضبك دلوقتي وخليني انقذها.. وبعد كدا حاسبها زي ماأنت عايز
تلقفها منه بقوة وغضب.. وهو يدفعه بجسده:
– ابعد عني عشان غضبي مايولعش فيك يايونس.. إياك تقرب مني
توقفت والدته وعمته سميحة حينما وجدا حالته فاتجهت زينب لأسعد ووالده
– هتسبوه ياخدها..
تحدثت سميحة: – بابا… رمقها الجد بنظرة غاضبة واشار بسبابته:
– مش عايز أسمع صوت حد فيكم… اتجه بنظره لاسعد:
– شوفت مجايب ولادك.. أهو شرفهم بقى في الطين
هبت زينب وصاحت بغضب:
– إيه مالكم خلاص حكمتوا إن البنت خطيت.. إيه انتوا ناسين انها متجوزة
طالعتها فريال بسخرية:
– أه وعارفين كمان إن ابنك مش طايقها ومفيش حاجة حصلت بينهم واللي يثبت كلامي حالته المجنونة دي… بينما جلست نورسين وهي تضع ساقا فوق الأخرى:
– لا دي مش أشكال راكان، دا مبيكهرش في حياته أدها.. وبعدين ياانطي متنسيش إنها السبب في موت سليم
بالخارج عند السيارة
تحرك بها يحاول أخفاء مزيج المشاعر التي اجتاحت كيانه مما استمع إليه..يحاول ان يحرق الأخضر واليابس وكل مايقابله خرج سريعا وهو ينادي على سيلين
– إلحقيني بسرعة للعربية…بينما بالداخل هناك حرب شعواء بين الجميع
تحدثت يارا أبنة عمته:
– معقول ليلى تكون غلطت مع حد..لا أنا مش مصدقة…بينما هز الجد رأسه وهو يردف:
– وادي الأشكال اللي ضحكو على أولادك يازينب قبل كدا بنت صياد والتاني جايبلي بنت محاسب..لا وواقفة تجادلي وتقولي إنها متجوزة..
طالع زينب بسخرية:
-هو تربيتك هتجيب إيه غير كدا..قالها ساخرا ثم أكمل:
– ادعي ربنا إن ابنك مايموتهاش ويدخل السجن في حاجة ماتستهلش… تحرك يونس سريعا يستقل سيارته عله يحاول السيطرة على راكان
أما بالسيارة..جلست سيلين بالخلف..تبكي وجسدها يرتعش عندما وجدت تغير ملامح ليلى ليصبح شاحبا كالأموات فهتزت شفتيها وحدثت أخاها
– راكان بسرعة.. ليلى هتموت
انهت كلماتها المتألمة وأنفاسها المتقطعة بالبكاء
هل شعر احدكم كيف يكون حال العاشق حينما يرى موت معشوقه أمامه وهو عاجزا.. هذا ما شعر به راكان عندما شق طريقه بسرعة جنونية ودّ لو يحرقها ويحرق نفسه معا… كور قبضته يضرب على قيادة السيارة ونيران صدره تشتعل بداخله تحرقه بالكامل وهو يصيح بغضب:
– ليه… ليه ياليلى ليه.. صرخ بها بغضب.. نظرت سيلين إليه بالمرآة فلا تعلم كيف تهدأ من روعه وهو محقا في غضبه ولكن الى أي حد سيؤدي به غضبه جراء نيران قلبه النازفة… هل حقا تكون ليلى دعست على رجولته وخانته بهذه الطريقة الشنعاء
مسحت عيناها وهي تهز رأسها رافضة حديثها مع نفسها
❈-❈-❈
وصل بها إلى المشفى وحملها بين يديه وصاح بالممرضة
-شوفيلي دكتورة بسرعة، مراتي بتنزف..وصلت الطبيبة وقامت بفحصها وامرت الممرضة
-جهزي العمليات بسرعة..تحركت سريعا، ودلفت ليلى إلى غرفة العمليات
وصل يونس إليه يوزع نظراته بينه وبين سيلين
-إيه اللي حصل..هب واقفا
-ادخل طمني، عرفني اتأخرت ليه، دي قالت هتكشف
أشار بيديه ليهدئه قائلا:
-اهدى هدخل اشوف وراجعلك.. مرت نصف ساعة آخرى والحال كما هو وقف متحركا وهو ياكل الردهة ذهابا وإيابا، حتى خرج يونس إليه..سحب نفسًا طويلا وتحدث:
-ليلى فقدت الجنين..هزة عنيفة أصابت جسده حتى هوى على المقعد عندما فقد القدرة على الحركة، أنزلقت عبرة غادرة وهو يهمس لنفسه
-الولد نزل..طالع يونس بنظرات حزينة وهمس بلسان ثقيل وصوت متقطع
-فقدته، يعني نزل خلاص..تقدم يونس منه عندما تأكد أن الولد ابنه، ربت على ظهره
– مالكش نصيب فيه ياراكان، والحمد لله على كدا..قاطعهم وصول الطبيبة وقفت تنظر إلى يونس بأسف
-فيه مشكلة عند المدام، النزيف شغال، ولو فضل الوضع على مضطرين نعمل إستئصال للرحم
صاعقة نزلت على رأسه حتى شعر بإنشطار جسده فاغمض جفونه، عندما شعر ببرودة تجتاح جسده بالكامل
فرفع نظره إلى يونس ليفهم ماتقوله الطبيبة
تحركت الطبيبة بعدما أشار يونس لها
-راكان لو فضل الوضع كدا، لازم العملية ياإما هنفقد ليلى.
هز رأسه رافضا
-لا يايونس اتولى انت حالتها، أنا عندي ثقة كاملة فيك، أهم حاجة عندي تكون بخير، هو عقاب ربنا ولازم اتعاقب
جلس بجسد محني وكتفين متهدلين، وهو يشعر ببرودة في أطرافه كأنه ينتظر خروج روحه..وضع رأسه بين كفيه
-بس العقاب صعب أوي، أوي يايونس مش قادر اتحمله، انقذلي ليلى يايونس عشان خاطري، أتأكد لو حصلها حاجة هموت بعدها
مرت عدة ساعات جلست سيلين تضم أخيها الذي لم يتحدث ولا يتحرك من مكانه ينظر فقط لتلك التي تغفو كالذي يغفو على فراش الموت
مسح على وجهه، ولكنه هب من مكانه عندما استمع إلى صوتها بهمس بإسمه
-راكان..كررتها عدة مرات..جثى على ركبتيه أمامها يمسد على خصلاتها
-أنا هنا ياليلى افتحي عيونك..همست بإسمه مرة أخرى وهي تغلق عينيها
تحركت سيلين تربت على كتف أخيها
-لسة تحت المخدر ياحبيبي، سبها ترتاح..هز رأسه رافضًا
-لا هي فاقت بس مش عايزة تكلمني، هي زعلانة مني
دلفت الطبيبة وتحدثت
-ممكن اكشف عليها لو سمحت
أومأ برأسه وتحرك للخارج ينظر إلى سيلين
-مش تسبيها لوحدها، هشوف يونس
خرج بساقين يجرهما للخارج بصعوبة وعيناه متعلقة بها..باليوم جلس أمام يونس متسائلا
-يعني إيه مفيش حل تاني، دلفت الطبيبة إليهما
-لازم عملية يادكتور يونس، المدام من إمبارح والنزيف مبيوقفش، ودا خطر على حياتها، لازم إستئصال للرحم
كلمة بسيطة نزلت على قلبه كالبلور المكسور لتشحذ قلبه بل جسده كاملا، حاول تنظيم أنفاسه وكأن الهواء سحب من الغرفة، فتوقف بجسدًا مترنح
-اعملوا اللازم يايونس، المهم تكون كويسة
أجابته الطبيبة
-المدام رافضة تماما بتقولي سبيني أموت..تحرك وهو يخطو بخطواته الواهنة، وكأنه يخطو على جمرات من النيران قائلا
-مش بكيفها، حضروا نفسكم، استدار بجسده ليونس
-مراتي عندك وصية يادكتور

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى