روايات

رواية في هواها متيم الفصل الحادي عشر 11 بقلم سماح نجيب

رواية في هواها متيم الفصل الحادي عشر 11 بقلم سماح نجيب

رواية في هواها متيم الجزء الحادي عشر

رواية في هواها متيم البارت الحادي عشر

رواية في هواها متيم الحلقة الحادية عشر

قيل ليحيى بن معاذ رحمه الله: متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا ؟ فقال : إذ أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه ، فيقول : إن أعطيتني قبلت ، وإن منعتني رضيت ، وإن تركتني عبدت ، وإن دعوتني أجبت.
١١– ” سليطة اللسان ”
اتسعت مقلتيها من الدهشة ، وعقدت الصدمة لسانها ، وقفت كالتمثال الحجرى لا تأتى بأى حركة ، وبعد برهة استطاعت ان تهمس بإسم اخر من كانت تتوقع رؤيته فى منزلهم
فإستندت بيدها على الجدار ، ريثما ذلك الدوار الذى أصاب رأسها يرحل عنها ، فما لبثت أن نظرت إليه وهى تقول بهمس لا يخلو من الصدمة :
–:” دكتور رفيق”
عقد رفيق حاجبيه تعجباً ، من دلوف تلك الفتاة بهذه الطريقة فهى اقتحمت الغرفة بدون استئذان ، ولكن عندما وقع بصره عليها شعر أنه رأها قبل هذه المرة ، فظل يفكر أين يمكن أن يكون رأها ؟ فعادته أنه لا يدقق فى الوجوه جيداً حتى يتذكرها
لم يشأ أن يرهق عقله بذلك الأمر ، فخاطبها قائلاً بكياسة :
–:” أهلا يا آنسة هى فين الحاجة علية ”
عقدت ليان ذراعيها وهى تقول:
–:” وحضرتك عايز تقابلها ليه”
وضع رفيق كوب الشاى ، الذى أتى به باسم قائلاً:
–:” أنا جاى بخصوص الأرض المعروضة للبيع علشان ان شاء الله اشتريها”
حكت جبهتها قائلة بشئ من الضيق:
–:” اه أنت بقى اللى هتشتريها”
أماء رفيق برأسه ، ولكنه نظر إليها متسائلاً:
–:” ايوة أنا هو ليه أنا حاسس إن شوفتك قبل كده بس مش فاكر فين بالظبط”
تعجبت من عدم تذكره لها ، هل نسى سخريته منها أمام الطلاب ، ولكن بذات الوقت ، شعرت بشئ من التسلية ، بأنه لم يتذكرها فهى سترد اهانته لها ، وتجعله يتذوق مرارة الإهانة
فهمست بقرارة نفسها قائلة بدهاء :
–:” ايه ده هو مش فاكرنى إذا كان كده انا هرد اعتبارى منك يا دكتور رفيق صبرك عليا”
ابتسمت ليان بخبث لتلك الأفكار ، التى تزاحمت فى عقلها وجدت نفسها تعقد ذراعيها أمام صدرها ثانية
فنظرت اليه بتهكم وسخرية وقالت :
–:” وانت بقى معاك تمن الأرض دى ولا هتقسط سعرها يا أستاذ إحنا عايزين فلوس كاش وأنت باين عليك كده يعنى أنك يعنى …”
رد رفيق بهدوء قائلاً:
– :” إن أنا إيه كملى كلامك يا آنسة ”
جلست ليان على مقعد بجوار الباب ، ووضعت ساق على الأخرى قائلة بإستهزاء :
–:” اصل مش باين عليك أنك غنى يعنى ولا حاجة أه لابس شيك بس برضه مش زى اللى بنشوفهم فى المجلات والجرايد دا أنت حتى فى جرح فى وشك ايه مش معاك تعمل عملية تجميل وهو باين فى وشك كده وشكله يخوف ”
تنساب الكلمات من فمها ، كطلقات نارية تقذفها فى وجهه ، وجد نفسه يقبض على يده بقوة ، حتى لا يقوم من مكانه ويصفع تلك الفتاة على وجهها التى تتحدث معه هكذا بدون إحترام ، فتاة صغيرة حمقاء تحاول النيل منه ببضع كلمات
فرفع حاجبه قائلاً :
–:” هو أنتى الحاجة علية وأنا معرفش”
ردت ليان بشئ من الزهو :
–:” الحاجة علية تبقى جدتى وأنا بنت أبنها والأرض اللى ناوى تشتريها دى بتاعتى أنا وأخويا”
حرك رفيق رأسه بحركات متتابعة وهو يقول :
–:” اه ، بس الظاهر يا أنسة أن أهلك نسيوا يعلموكى تتكلمى بأدب ازاى مع الناس باباكى ومامتك مقلوش ليكى عيب تكلمى الأكبر منك بقلة ذوق”
أنتفضت ليان من مكانها وأشارت له بسبابتها وهى تقول :
–:” انا قليلة الذوق ! انا متربية أحسن منك ومن عشرة من عينتك يا أستاذ أنت ”
هب رفيق واقفاً وهو يقول:
–:” والله الظاهر أن أنتى فعلاً متعرفيش عن الأدب والذوق حاجة ومشوفتيش تربية”
قالت ودماء الغضب تسير حارقة بعروقها :
–:” انت اللى واحد قليل الأدب وقليل الذوق ومغرور ومتكبر وأنا بكرهك”
قطب رفيق حاجبيه قائلاً بغرابة:
–:” والله تكرهينى ولا تحبينى دا شئ ميخصنيش هو انا كنت قريبك علشان تحبينى ولا تكرهينى انا اول مرة اشوفك واعرفك والصراحة معرفة مش مبشرة بالخير ولا حتى تسر الخاطر”
–:” أنت عارف لولا انك فى بيتنا أنا كنت طردك برا البيت ”
قالتها ليان وهى مازالت تحدجه بنظراتها الكارهة
فرد رفيق على حديثها المهين بقوله :
–:” وتطردينى ليه انا هامشى يا قليلة الذوق والتربية ، عيلة بلسان طويل وقليلة الأدب ، تغور الأرض حتى لو كان فيها كنز قارون ، تغور من طولة لسان”
عندما كان يهم بالمغادرة ، لمح سيدة مسنة تدخل من الباب بابتسامة خفيفة
فإبتسمت له علية بترحيب:
–:” أهلا ً وسهلاً يا أبنى معلش اتأخرت عليك ”
أقترب منها رفيق مصافحها وهو يقول :
–:” حضرتك الحاجة علية”
أماءت علية برأسها ، وهى تدعوه للجلوس:
–:” ايوة أنا اتفضل يا أبنى وانتى يا ليان اعملى عصير للاستاذ وكمان حضرى الغدا علشان الاستاذ يتغدا معانا”
شكر لها رفيق لطفها ، فأبدى رفضه قائلاً :
–:” شكراً يا حاجة علية بس أنا لازم أمشى حفيدتك الظاهر انها مش مرتاحة لوجودى هنا”
حولت علية بصرها لليان قائلة بتساؤل:
–” ليه فى ايه يا ليان”
دبت ليان الأرض بخفة ، وهى تغمغم بصوت منخفض :
–:” مفيش يا تيتة عن إذنك”
خرجت من الغرفة تشعر بتزايد كرهها له أكثر فأكثر ، فظلت تدمدم بسخط :
– وكمان أحضرله الغدا يبقى يطفحه البعيد ، ولا عضمة تقف فى زوره يشرق والسر الإلهى يطلع وأرتاح من شكله
فحتى عندما حاولت رد اهانته لها ، أوصلها هو الى مزيد من الغضب والكره
ألحت علية عليه بالحلوس وهى تقول بلطف:
–:” اقعد يا ابنى اتفضل ومعلش لو كانت حفيدتى زعلتك”
أنصاع رفيق لقولها ، فعاد لمكانه ثانية وهو يقول :
–:” حصل خير ولو انا مش عارف هى ليه عملت كده”
قالت علية وهى تطلق نهدة عميقة:
–:” هى بس متعلقة بالأرض دى ومكنتش عايزة تخلينى ابيعها بس ما باليد حيلة على العموم نورتنا متشرفتش بالاسم”
رد رفيق قائلاً :
–:” اسمى رفيق رسلان”
تبسمت له علية وهى تقول :
–:” نورت البيت يا ابنى انت طبعا عارف السعر اللى عيزاه فى الأرض دى أكيد متولى السمسار قالك”
أماء رفيق قائلاً:
–:” ايوة عرفت وانا مستعد ادفعلك الفلوس كاش هى جاهزة معايا”
تغشى الحزن عينى علية فقالت:
–:” والله يا ابنى هى تساوى كتير بس علشان انا عايزة ابعها بسرعة فعرضتها بالمبلغ ده”
:” وانا على استعداد ادفعلك سعرها الحقيقى يا حاجة علية لو الأرض طلعت فعلاً تستاهل أكتر من السعر اللى عرضتيه”
قال رفيق عبارته بهدوء
فنظرت له علية بدهشة وهى تقول :
–:” غريبة تدفع فيها اكتر مع ان المفروض تحاول تخفض السعر اللى انا عرضاه كمان”
رد رفيق بهدوء كعادته :
–:” الحاجة اللى تساوى قرشين ما اخدهاش بقرش وانا عارف انها تساوى اكتر واستغل حوجة الناس مش انا يا حاجة علية”
استمعت علية لكلامه باعجاب من أمانته ، فهى كانت تظن أنه ربما سيماطل فى دفع السعر المعروض
فقالت بإعجاب ظاهر :
–:” باين عليك أمين أوى يا أبنى”
تبسم رفيق بخفة على مديحها له قائلاً :
–:” أنا تاجر والقرش اللى دفعته هعرف ارجعه تانى بس الأول أدى لكل واحد حقه علشان ربنا يباركلى فى مالى”
بعد أن إستمعت لحديثه ، ردت قائلة :
–:” ربنا يزيدك من فضله يارب أنا هنادى لباسم حفيدى تروح معاه تشوف الأرض قبل ما نتفق وبعد كده هنشوف هنعمل ايه”
نهض رفيق من مكانه قائلاً بتهذيب :
–:” تمام يا حاجة علية اتفضلى ولو أتفقنا هنخلص كل حاجة على طول ”
خرجا من الغرفة ، فرأى رفيق باسم يخرج إليهما، بعد ان نادت عليه جدته ، فابتسم له ورافقه الى الأرض التى يريد شراءها وبالرغم من بشاشة ذلك الفتى وجدته إلا إنه لم ينسى وقاحة تلك الفتاة المسماة ليان
_______________
دلف أكمل إلى الشركة ، يصطحب معه طفلته ، التى تسير بجواره تقفز فرحاً ، فهى تحب المجئ معه إلى مقر عمله ، أفضل من العزلة فى المنزل ، فرأت نسرين وابتسمت لها
فنادها أكمل قائلاً :
–:” نسرين خلى بالك من كنزى على ما أخلص الاجتماع مالك جوا مش كده”
أماءت نسرين برأسها وأبتسمت وهى تقترب من الصغيرة :
:” من عينيا يا مستر أكمل بس كده الدنيا نورت يا كنزى أيوة الباشمهندس مالك جوا فى أوضة الاجتماعات وكل شئ جاهز”
جذبت كنزى يد نسرين وهى تقول :
– :” تعالى علشان تجبيلى شيكولاتة”
أنحنى لها أكمل وهو يقول:
–:” حبيبتى بلاش تاكلى شيكولاتة كتير ماشى”
قبلت الصغيرة أبيها على وجنته وهى تقول:
–:” حاضر يا بابى هاكل حتة صغننة بس”
تبسم أكمل على قولها ، فقبلها هو الأخر قائلاً:
–:” حبيبة قلب بابى أنتى”
ولج أكمل إلى الغرفة المخصصة لعقد الاجتماعات ، لانهاء أمور خاصة بالعمل مع بعض العملاء ، وترك ابنته مع نسرين فهو يعلم أن كنزى تحبها ، لذلك يأمن مصاحبتها للصغيرة
قالت نسرين وهى تحمل الصغيرة :
–:” يلا تعالى يا كنزى نجيب شيكولاتة ”
قامت باخذ الطفلة لشراء ما تريده ، وبعد الانتهاء عادت إلى مكتبها ولكنها وجدت سارة فى انتظارها
فهتفت بها سارة متسائلة :
–:” أنتى كنتى فين يا نسرين أنا جيت علشان نشوف هنجيب غدا ايه
ولكنها لمحت الصغيرة ، فقالت معقبة بإعجاب :
– ” الله مين البنوتة الجميلة دى اسمك ايه يا قمر”
ردت كنزى بخجل:
–:” إسمى كنزى”
إبتسمت لها سارة ، ولكنها نظرت لنسرين وهى تقول:
–:” الله اسمك جميل أوى مين دى يا نسرين قريبتك”
نفت نسرين قول سارة ، بحركات رأسها النافية ، فداعبت وجنة الصغيرة قائلة :
–:” لاء دى تبقى بنت مستر أكمل”
لاتعرف سارة لماذا وقع عليها قول نسرين كأن أحد قذفها بحجر على رأسها ، فهل أكمل متزوج ؟ فهى كانت تظن أنه أعزب شأنه شأن شريكه رفيق ، حتى أنها لم ترى فى يده خاتم للزواج
فقالت سارة بغصة :
–:” بتقولى بنت مين ! أصل أفتكرت انه مش متجوز زى مستر رفيق حتى مشفتش فى ايده دبلة ولا حاجة”
أخذت نسرين ملف أوراق موضوع على سطح مكتبها وقالت :
–:” هبقى اقولك كل حاجة بعدين يلا يا كنزى خليكى مع طنط سارة على ما أرجع ماشى”
نظرت لها سارة وتساءلت :
–:” أنتى راحة فين”
تحركت نسرين بضع خطوات وهى تقول :
–:” فى ملف كان الباشمهندس مالك طالب أن أدخلهوله بعد الاجتماع ما يبدأ مش عارفة ليه ، فهروح أدهوله وأجى على طول خلى بالك منها”
ذهبت نسرين لغرفة الاجتماعات، فابتسمت سارة للصغيرة ولا تعرف لماذا قامت بسحبها واجلستها على ساقيها ،فوضعت لها شعرها خلف أذنها وهى تبتسم بوجهها قائلة :
–:” أنتى بتروحى الحضانة يا كنزى”
ردت الصغيرة وهى تقضم من الشيكولاتة التى بيدها :
–:” ايوة وساعات بابى بيودينى ”
نظرت لها سارة وتساءلت:
–:” ليه هى ماما فين يا كنزى”
مطت الصغيرة شفتيها وهى تقول:
–:” مامى مش بترضى تودينى ومش بترضى تلعب معايا بابى بس هو اللى بيلعب معايا”
شعرت سارة بالشفقة على الطفلة ، فمن المفترض أن طفلة بمثل عمرها ، لابد ان تكون مرحة وسعيدة وليست حزينة هكذا
فحاولت أن تجعلها تأمن صحبتها ، فهتفت بها قائلة :
–:” تيجى نلعب سوا يا كنزى”
نظرت لها كنزى بحماس وقالت :
–:” هنلعب ايه”
هبت سارة واقفة ، وهى تحمل الصغيرة ، فداعبت طرف أنفها وهى تقول :
–:” هنلعب أى حاجة بس تعالى معايا”
أخذت سارة الطفلة إلى مكتبها ، فظلت تلهو معها لوقت طويل ، ولا تعلم سر المحبة ، التى شعرت بها تجاه تلك الصغيرة ، فهل يرجع ذلك لكونها….إبنته
_______________
تجولت في العديد من المتاجر ، خاصة الأكثر شهرة فى إقتناء أفضل ماركات الثياب ، لإختيار ثوب يناسب جمالها الأخاذ ، ولم تنسى إصطحاب صديقتها المقربة
فأرتدت أحد الأثواب ونظرت لها قائلة :
–:” حلو الفستان دى يا شيرى”
إبتسمت لها شيرى وهى تومئ برأسها بإعجاب :
–:” اه جميل عليكى أوى يا ماهى”
نظرت ماهيتاب للمرآة لتقييم الثوب وهى تقول:
–:” يعنى تفتكرى لو لبسته رفيق هياخد باله منى”
نفخت صديقتها بضيق قائلة :
– :” هو أنتى لسه بتفكرى فى هبلك ده يا ماهى”
زفرت ماهيتاب زفرة حارة وهى تقول :
–:” أنا حاسة كأنى مريضة بحبه يا شيرى”
لوت شيرى ثغرها قائلة :
–:” لاء وأنتى الصادقة بقيتى مريضة فى عقلك لما تبصى لأخو خطيبك”
رمقتها ماهيتاب بنظرة مستاءة وقالت :
–:” بقولك إيه مش كل لما أكلمك فى الموضوع ده تسمعينى الكلمتين دول ”
أشفقت شيرى على حالها فردت قائلة :
–:” أنا بنصحك يا ماهى علشان ما ترجعيش تندمى”
لم ترد جواباً على حديث صديقتها ، اذ سمعت صوت هاتفها يصدح بحقيبتها ، فاخرجته ووجدت المتصل مالك
فتحت الهاتف وهى تقول بصوت ناعم :
–:” هاى مالك اخبارك ايه”
جاءها رد مالك قائلاً :
–:” تمام عاملة ايه وحشتينى ، إيه رأيك نخرج نتعشى برا النهاردة سوا”
مدت يدها تزيح شعرها عن جبهتها وهى تقول :
–:” هو أنت فى الشركة دلوقتى”
–:” ايوة وهخلص شغل وارجع البيت اغير هدومى ونخرج نتعشى اهو الواحد يرتاح من ضغط الشغل النهاردة أبيه رفيق مسافر وأنا الشغل كله على راسى أنا وأكمل”
زاد فضولها فسألته بإلحاح :
–:” ليه رفيق مسافر فين حصل حاجة”
أجابها مالك قائلاً :
–:” لا أبدا مفيش حاجة هو بس مسافر بلد كده هيشترى فيها أرض”
أزدردت لعابها قبل أن تقول :
–:” هيغيب كتير يا مالك علشان مش عيزاك ترهق نفسك بالشغل زيادة”
رد مالك قائلاً بحب :
–:” لاء المفروض بكرة إن شاء الله يكون هنا ، أنتى خايفة على تعبى يا ماهى”
حاولت أن يخرج صوتها طبيعياً وهى تقول :
–:” أكيد طبعاً لازم أخاف عليك يا مالك ، يلا باى بقى أشوفك بالليل ”
أجابها مالك بصوت متهدج :
:” تسلميلى يا حبيبتى باى”
أنهت المكالمة مع مالك ، فامتعضت بسبب عدم رؤيتها له اليوم ، فهتفت بغيظ :
–:” نقيتى فيها يا شيرى أهو طلع مسافر يعنى مش هيشوفى بالفستان الجديد ده”
سأمت صديقتها من قولها ، فجذبتها من مرفقها وهى تقول:
–:” يلا يا ماهى خلينا نمشى ربنا يهديكى”
حملت ماهيتاب الحقائب ،التى تحوى ما قامت بشراءه ، فهى لن ترتدى ذلك الثوب الا بحضوره ، لعل جمالها يذيب قلب ذلك الرجل البارد ، الذى كلما زاد بروده معها زادت رغبتها في التقرب منه
________________
بعد أن عاين الأرض ، واستحسن موقعها الجغرافى ، تم الاتفاق على السعر الحقيقي لها ، فقامت علية بدعوته لتناول الطعام معهم ، فجلس بهدوء عكس تلك الفتاة ، التى تجلس وهى تشعر أنها تجلس على فوهة بركان ، فهى عندما تتذكر ما فعلته بالطعام تبتسم ابتسامة ملتوية ، زينت ثغرها الفاتن بلمحة شيطانية ، فهى وضعت بطعامه العديد من التوابل الحارة وبكميات كبيرة ، ربما من سيتناول الطعام سيلقى حتفه من حرارتها
فإبتسمت له علية وهى تقول :
–:” أتفضل يا أبنى بالهنا والشفا أنت نورتنا النهاردة والله”
بادلها رفيق الابتسام قائلاً:
–:” تسلمى يا حاجة علية ، بس هو مفيش فندق هنا أبات فيه النهاردة ”
ضحك باسم قائلاً:
–:” معندناش فنادق هنا”
حك رفيق لحيته بتفكير وهو يقول :
–:” طب وبعدين دلوقتى هبات النهاردة فين”
لم تكبح جماح لسانها ، فهتفت ليان بسرعة :
–:” ممكن أوى تنام فى الترعة مع دود البلهارسيا هترتاحوا مع بعض أوى وهتحبها”
نظرت لها جدتها نظرة غاضبة من اندفاعها ورعونة حديثها ، فمنذ متى وهى تتصرف بتلك الوقاحة الزائدة ؟
فصاحت بها بتأنيب :
–:” ليان إيه اللى أنتى بتقوليه دى”
إبتسمت ليان بسخافة وقالت :
–:” سورى مكنتش أقصد يا تيتة ، معلش يا أستاذ”
نظر رفيق للطبق أمامه وهو يقول :
–:” حصل خير يا أنسة”
فكرت علية قليلاً ، ومن ثم قالت :
–:” إحنا عندنا هنا استراحة ضيوف ممكن تبات فيها النهاردة يا أبنى أنت هتنورنا”
إبتسم باسم قائلاً بترحيب :
– :” اهلا بيك يا استاذ رفيق”
خصه رفيق بإبتسامة هادئة وقال :
–:” شكرا يا باسم كلك ذوق أنت والحاجة علية ”
أردف بكلماته وهو ينظر اليها ، وكأنه يخبرها انها تفتقر الى كيفية معاملة الاخرين بلباقة ،فرأته يحمل الملعقة محمولة بالطعام يضعها بفمه ، تنتظر ثورته وصراخه ، ولكنها رأته يبتلع طعامه بهدوء مخيف
عقدت حاجبيها بدهشة ، فماذا يحدث ؟ كيف لا يشعر بشئ يحرق جوفه ؟هل وضعت له الطبق الخاطئ ؟
ولكنها رأت شقيقها وجدتها يأكلان بطريقة طبيعية ، فتناولت من طبقها لم تشعر بشئ فكيف حدث ذلك؟
تناول رفيق الطعام فشعر بجمر فى حلقه ، ولكنه علم أن ربما تلك الفتاة فعلت ذلك ، لأنها تريد إثارة غيظه ولكنه لن يجعلها تنال مرادها ويجعلها تشعر بالإنتصار
فظل يبتلع الطعام بتأنى ، حتى وصل إلى الحد الذى لن يستطيع وضع ذلك الطعام بفمه مرة أخرى ، فيكفى تلك النيران التى باتت تحرق جوفه ومعدته
فوضع الملعقة من يده وترك مقعده قائلاً:
–:” الحمد لله شكرا يا حاجة علية ممكن بس أروح الاستراحة المشوار من القاهرة لبلدكم طويل وأنا مرهق شوية بعد إذنك”
أماءت علية برأسها وهى تقول:
–:” أه طبعاً يا أبنى أتفضل ، باسم روح معاه وصله”
أمتثل باسم لقول جدته قائلاً :
–:” حاضر يا تيتة أتفضل معايا يا أستاذ رفيق”
ذهب رفيق مع باسم إلى تلك الحجرة ، التى يطلقون عليها ” الإستراحة ” فهو يريد الاختلاء بنفسه قليلاً ، ويريد بعض الماء ، فعندما وصل الى وجهته ، ولج للداخل وعاد باسم الى المنزل ، قام بخلع سترته من تلك الحرارة التى تملكته
فقال بما يشبه الإحتضار :
–:” ااااه يا ربنا نار نار اللى يخرب بيتها أكيد هى اللى عملت كده أنا هموت مش قادر”
وجد زجاجة مياه ، فظل يرتشف منها حتى أنهاها ، و لكنها لم تكفى لإطفاء ذلك الحريق بجوفه ، فذهب إلى المرحاض الملحق بالغرفة و قام بغسل وجهه ، ظل ينفخ بقوة ، كأنه تنين على وشك اخراج النيران من فمه فسمع صوت طرقات على الباب ، فتح الباب والماء يقطر من وجهه ورأسه ، رأته ليان تعجبت من هيئته ، فقميصه أيضاً مبتل وملتصق به ، فكان صدره يعلو ويهبط من الغضب ، كأنه كان بسباق للركض
فصاح بها غاضباً:
–:” أفندم عايزة إيه تانى”
ألتوى ثغرها وهى تقول بتأفف :
–:” هعوز منك ايه يعنى إن شاء الله ، دى تيتة اللى قالتلى أجبلك العصير ده علشان تبلع الأكل اللى طفحته قصدى اللى أكلته”
أنتفخت أوداجه ، وأهتاج صوته قائلاً:
–:” وده حطالى فيه ايه كمان يا أنسة يا محترمة”
فاتها ما يلمح إليه ، ليس سهوا ، ولكن أدعت هى الوداعة وهى تقول :
–:” أنت قصدك ايه هحطلك إيه يعنى فى العصير أنت عايز تتبلى عليا وخلاص ”
رفع حاجبه الأيسر قائلاً بحنق بالغ :
–:” قصدى ايه! قصدى على الشطة اللى كنتى حطهالى فى الأكل واللى كانت كفيلة تموتنى أنتى مجنونة”
قالت ليان وهى ترمقه ببرود :
–:” معلش الظاهر زودت التوابل شوية أصل إحنا بنحب الأكل حراق شوية بس باين عليك فافى اوى ومدلع ومبتحبش الحراق”
كز رفيق على أسنانه قائلاً بغيظ:
–:” وهو اللى أنتى حطاه فى الأكل ده اسمها توابل دا أنتى ممكن تموتى حد بالطريقة دى”
مطت ليان شفتيها بعدم إكتراث قائلة :
–:” بس أنت ماموتش ولا حاجة ووافق قدامى كويس أهو زى الحيطة ماشاء الله ”
شد رفيق على شعره قليلاً ، وهو يرى من فاقته برودة فقال :
–:” أنتى عارفة أنا طول عمرى أسمع عن الفلاحين أنهم ناس يعرفوا الذوق والاصول والكرم وأنتى بسم الله ماشاء الله شوهتيلى الصورة دى بقلة أدبك وتصرفاتك الطفولية دى يا آنسة”
إهتاجت ليان من نعته لها ، فصاحت بوجهه :
–:” انا قليلة الأدب! احترم نفسك يا استاذ انت وبلاش غلط انا متربية أحسن تربية ، وأحسن من تربيتك أنت كمان”
عقد ذراعيه قائلاً بإستخفاف :
–:” مش باين والله ، بس معذورة لأن أنا عرفت أن باباكى اتوفى من زمان ”
قالت ليان وهى ترفع سبابتها بوجهه ، والدموع بدأت تتجمع بعينيها :
–:” أنت ملكش دعوة متربية ولا لاء ماشى خليك فى حالك أحسن”
–:” أنتى عارفة لو أنا ليا حق أضربك مش بعيد كنت ضربتك علقة ترقدك أسبوع فى سريرك عقاباً على طولة لسانك دى ، يا إما كنت قطعتلك لسانك ده خالص ”
قال رفيق عبارته بغيظ ، ومازالت عيناها ترمقه بكره خالص
فردت قائلة :
–:” ضربة فى إيدك وفى قلبك كمان بقى أنت تضربنى دا أنا كنت كسرتلك إيدك”
فاض الغضب بعينيه ، وعندما هم بالإقتراب منها وهو يقول :
–:” اه يا …
ولكنه لم يكمل جملته ، اذ سمعا صوت باسم ينادى ليان بصوت عالى و بخوف أيضاً
فصاح باسم وهو يقف أمام باب المنزل :
–:” ليان ليان ألحقينى تيتة أغمى عليها”
ركضت ليان الى المنزل يتبعها رفيق ، فدلفا للداخل ووجدا علية مغشيا عليها على الأرض ، فأقتربت ليان منها تحاول إفاقتها بدون فائدة
فبكت ليان وهى تناديها :
–:” تيتة تيتة فوقى مالك يا تيتة ردى عليا”
جثى رفيق على ركبتيه بجانبها ، فتحسس حرارة علية ، وجد جسدها بارداً كالموتى ، فقال بخوف :
–:” إحنا لازم نوديها المستشفى بسرعة ”
______________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في هواها متيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى