رواية حبه عنيف الفصل الرابع 4 بقلم ضي القمر
رواية حبه عنيف الفصل الرابع 4 بقلم ضي القمر |
رواية حبه عنيف الفصل الرابع 4 بقلم ضي القمر
حاولت ماهيتاب إخفاء توترها و خوفها لكي لا تكشف…تطلعت إلى ياسمين بحقد دفين محدثة نفسها أنها تستحق.
– شوف شغلك يا سليم.
قال ضرغام هذه الجملة و هي يتأمل وجوه الحاضرين بدقة.
و فورًا فتح سليم جهاز الحاسوب الذي كان أمامه ليبحث في تسجيلات كاميرات المراقبة.
تطلع ضرغام إلى وجوه الحاضرين بتعمن…توقفت عيناه عند ماهيتاب بتركيز…لماذا مستحضرات تجميلها تبدو رطبة هكذا و كأنها ذابت من حرارة الجو؟…مع العلم أن الغرفة تحتوي على مكيف.
قال ضرغام مثيتًا نظراته على ماهيتاب:
– سليم..سيبك من الكاميرا إللي ورا المكتب…ركز على الكاميرا إللي في الوش إللي ركبناها جديد.
شحب وجه ماهيتاب أكثر و هي تحاول كبت توترها و لم تغفل عينا ضرغام عن ذلك بالطبع.
ابتسم بسخرية معطيًا ياسمين جميع الملفات قائلًا لها:
– ملفك واحد من دول يا دكتورة…دوري عليه و هتلاقيه.
تناولت ياسمين الملفات بتعجب و بدأت في البحث بينما قال ضرغام:
– لقيت حاجة يا سليم؟
أجابه سليم بتركيز:
– لسة.
قالت ياسمين بدهشة ما إن وجدت ملفها:
– دا هنا فعلًا!
التفت لها ضرغام قائلًا:
– عندي فضول أعرف إية إللي جوا الملف يخلي واحد من زمايلك يسرقه؟
قالت ياسمين بدهشة:
– واحد من زمايلي؟!
أومأ لها ضرغام قائلًا:
– أيوة…أنا مكانش عندي أي شك إنه يكون إتسرق من قِبل أي شركة منافسة..لإنهم ببساطة ميعرفوش إحنا هنختار أهني مشروع من دول.
أكمل و هو ينظر إلى وجوه الحاضرين:
– و طبعًا طالما السرقة مش من برا الشركة يبقى من جواها..و المتهم الأول الدكاترة المطلوبين في المشروع دا..هم الوحدين إللي ليهم مصلحة في سرقته.
احتقن وجه ياسمين و هي تنظر إلى زملائها بحيرة..ترى من السارق؟
أمسك ضرغام بواحد من الملفات قائلًا:
– بتاع مين الملف دا؟
أجابه أحد الأطباء بأن الملف له فأعطاه إليه ثم كرر الفعلة فكان الملف لسلمى.
أدركت ماهيتاب ما يحاول القيام به…هو يعطي كل ملف لصاحبه و من سيبقى دون ملف يكون هو السارق بالتأكيد.
جاء دور آخر ملف و قد ازداد توترها..نظرت إلى الملف بيد ضرغام..إن غلافه يشبه غلاف ملفها الأساسي.
سأل ضرغام عن صاحب الملف فقالت هي و موظفة أخرى في نفس الوقت:
– أنا.
نظر ضرغام إليهما بتمعن قائلًا:
– واحدة منكوا هي إللي سرقت الملف.
توترت الموظفة الأخرى أيضًا مما وقعت به قائلة بتلعثم:
– مش أنا…أنا مسرقتش حاجة.
– هيبان.
نهض سليم فجأة و قام بتشغيل فيديو ما على الشاشة الكبيرة التي تتوسط غرفة الإجتماعات.
بهت وجه ماهيتاب بالكامل و قد شحب أكثر بينما ظهرت علامات الدهشة على ياسمين و باقي الموظفين مسائلين عن ذلك الدافع الذي يجعل ماهيتاب تقوم بفعل كهذا…فقد أظهر الفيديو سرقتها للملف بوضوح تام.
قال ضرغام بملامح جامدة و همس مخيف و هو يعطي مفتاح الغرفة لسليم:
– سيبلي ماهيتاب و ياسمين و سلمى و خرج الباقي.
خرج المظفون مذهولين مما حدث بينما ظل في الغرفة ضرغام و ياسمين و سلمى و سليم و ماهيتاب بالطبع.
قال ضرغام و مازالت ملامحه على جمودها:
– مكونتيش محتاجة الملف بتاع الدكتورة ياسمين علشان تثبتي كفائتك…لو مكانش عندك كفاءة مكونتش هتبقي من الدكاترة المطلوبين للمشروع دا.
ابتسمت ماهيتاب بسخرية و حقد دفين قائلة:
– أنا معملتش كدا علشان الشغل.
كانت ياسمين من وجه السؤال هذه المرة قائلة بحيرة:
– أومال لية عملتي كدا؟
– علشان خطيبي إللي خطفتيه مني.
خرجت شهقة متفاجأة من سلمى بينما تجمدت ملامح ياسمين بصدمة.
تقلصت ملامح ضرغام بغضب بينما غرق سليم في الحيرة…هل تراهم خُدعوا في شخصية ياسمين؟
قالت ياسمين بصوت خافت مصدومة:
– أنا خطفت منك خطيبك؟
أجابت ماهيتاب بعدوانية:
– أيوة…خطفتيه و إنتي مش حاسة.
هزت ياسمين رأسها يمينًا و يسارًا رافضة حديثها فقالت ماهيتاب:
– علاقتنا كانت تكاد تكون مثالية لحد ما ظهرتي إنتي من سنة..بدأت أحواله تتغير واحدة واحدة..بدأ إهتمامه بيا يقل تدريجيًا و طبعًا كان بيتحجج بالشغل..بس أنا طبعًا لاحيظت إن عينه عليكي.
أكملت بصوت كان الحقد به جليًا:
– وقتها قررت أواجهه باللي هو فيه…عارفة قالي إية؟..قالي إنه بالفعل معجب بيكي..دا لو مكانش بيحبك..و إن الأحسن إننا ننفصل بهدوء و دا إللي حصل فعلًا.
بدأت الدموع في التجمع في عينيها بينما تجمعت في عيني ياسمين أيضًا عندما قالت بصوت متحشرج:
– بس أنا منستهوش..أنا كنت بحبه و مازلت بحبه.
أخذت نفس عميق و قد كبحت دموعها قائلة بحقد:
– و هو ولا فكر فيا…و عرفت إنه إتقدملك من إسبوعين و إنتي رفضتيه…و لما روحت عرضت عليه نرجع لبعض رفض..قالي إنه مش هيستسلم و هيحسن من نفسه علشان يكون زي ما إنتي عايزة و هيتقدملك تاني و تالت و رابع و عاشر لحد ما توافقي عليه.
بدأ صوتها يعلو و هي تصيح:
– و في المرة دي قالي إنه بيحبك..و لما سألته لية..قالي إنك محترمة..لبسك محتشم..رقيقة..مش مصطنعة..شايف فيكي البنت إللي هتصون اسمه و شرفه.
أكملت و هي تنظر إلى ياسمين و كأنها تريد إفتراسها:
– ساعتها قولتله إني مستعدة إني أكون زي ما هو عايز..هكون زيك…هلبس الحجاب و لبس محتشم..و مش هحط ميكب خالص..هكون رقيقة..خجولة..و مش هيكون ليا أي كلام مع أي راجل حتى لو كلام عادي و مفيهوش حاجة…بس عارفة قالي إية وقتها؟
قالت بسخرية و هي مازالت تنظر إلى ياسمين بتلك النظرة المتوحشة:
– قالي مش بحب جمال الروح المصطنع…جوهر الشخصية لازم يكون حقيقي مش مزور.
أكملت من بين أسنانها:
– لسة شايفة إنك مخطفتهوش مني؟
تدفقت دموع ياسمين بعنف قائلة بصوت متحشرج خافت:
– أنا مليش ذنب في دا.
صاحت ماهيتاب بأعلى صوت لديها:
– لا ليكي…إنتي….
لم تستطع إكمال حديثها عندما صاح ضرغام بغضب و هو يضرب بيده على الطاولة بعنف و غضب:
– بس..ولا كلمة كمان.
التفت إلى سليم المدهوش قائلًا:
– سليم..دخل ضيوفنا يشوفوا شغلهم.
كانت ياسمين تبكي بشدة بينما تحاول سلمى تهدئتها.
تحرك سليم تجاه الباب فاتحًا إياه ليدلف أفراد من الشرطة جائوا للقبض على ماهيتاب.
كان سليم قد أبلغ الشرطة منذ أن عثر على دليل إدانة ماهيتاب بطلب من ضرغام ليقوموا باللازم..في النهاية لن يترك ضرغام شخص حاول سرقة ملف من إحدى شركاته و تسبب في دموع محبوبته.
أعطى ضرغام الضابط كارت حافظة صغير يحتوي على دليل الجريمة.
وضع العسكري الأصفاد بيد ماهيتاب جاذبين إياها إلى الخارج تحت صراخها المتوعد لياسمين.
نهضت ياسمين بثقل و عينيها تفيض بالدموع و ما إن تحركت حتى ترنحت قليلًا و أصبحت ترى العالم تشوشه نقاط سوداء.
أمسكت بها سلمى سريعًا قائلة:
– أقعدي يا ياسمين..إنتي مش شايفة أنا عارفة.
قالت ياسمين بصوت خافت:
– عايزة أمشي.
أجلستها سلمى بحذر…تعلم ماذا يحدث لها في مثل تلك المواقف.
اقترب ضرغام منهما قائلًا:
– هي مالها؟..في إية؟
أجابته سلمى و هي تخرج دواء ضغط الدم الذي لا يفارق ياسمين:
– هي بتتعب شوية في المواقف إللي زي دي.
بدأت سلمى تعطي الدواء لياسمين بينما حاول ضرغام كبت غضبه محدثًا نفسه أنه يكفي توصية منه للشرطة لتبقى ماهيتاب أطول فترة ممكنة في السجن.
ما إن تحسنت حالة ياسمين حتى نهضت هي و سلمى ليذهبا و لكن أوقفهما ضرغام قائلًا:
– آنسة ياسمين…إنتي أجازة بقية اليوم و بكرة كمان و بالنسبة لآنسة سلمى إنتي أجازة بقية اليوم علشان توصلي آنسة ياسمين.
– تمام.
قالتها سلمى بدون جدال قبل أن يخرجا.
راقبهما ضرغام محدثًا نفسه أنه أصاب عندما أبقى على سلمى معهم و لم يخرجها مع البقية..هو بالأساس أبقى عليها لشعوره بأن ياسمين ليست بخير و لكنه لم يتخل أن تسوء حالتها لهذه الدرجة.
التفت إلى سليم قائلًا:
– مالك ساكت خالص كدا لية؟
قال سليم بشرود:
– مزبهل!
نظر إليه ضرغام شذرًا فأكمل سليم و هو مازال لم يخرج من شروده:
– إزاي واحدة تقدر تأذي واحدة تكاد تكون ملاك زي ياسمين.
و لم ينته سليم أنه يمدح بحبيبته أمامه بل و لم ينتبه أيضًا أن هذه المرة الأولى التي ينطق بها باسمها.
نظر سليم إلى ضرغام عندما لم يتلقى منه إجابة.
اتسعت عينيه بوجل عندما أدرك ما فعل للتو فوجه ضرغام المحمر و عروقه البارزة بالإضافة إلى ملامحه التي أصبحت مخيفة من شدة غضبه جعلته يدرك فداحة ما فعل دون قصد بسبب شروده.
قال سليم بجدية متمنيًا أن يُحل الأمر ببساطة:
– مش قصدي و الله..مش قصدي.
أكمل حديثه قائلًا بمزاح ليخفف من حدة الموقف:
– أكيد مش هبص للبنت إللي إنت بتحبها يعني..أولًا مش مستغني عن روحي..أنا لسة شاب و عايز أعيش..ثانيًا هي الدنيا ضيقة أوي كدا؟…ثالثًا الحب دا شئ مقزز أصلًا..أنا مش عايز أعيش إللي إنت بتعيشه دا..طب و الله صدق إللي قال السنجلة جنتلة..بص أنا عايش إزاي..برنس في نفسي مش مطمرمط زيك..بس تستاهل إنت إللي ورطت نفسك.
رفع ضرغام أحد حاجبيه و قد ضاع غضبه بين حديث سليم قائلًا:
– الحب شئ مقزز؟…و أنا إللي ورطت نفسي؟
أمومأ سليم بشدة قائلًا:
– أيوة..إنت إللي كنت بتقعد تبص عليها من مكتبك…بتبص عليها لية يا بابا؟..محدش قالك إن كدا عيب؟
قال ضرغام بسؤم:
– سليم..إطلع برا.
نهض سليم قائلًا بطاعة:
– حاضر.
كاد أن يغادر لكنه توقف قائلًا:
– بس أنا لفت نظري حاجة غريبة شوية…إللي إسمها سلمى دي إزاي شجاعة و حنينة في نفس الوقت؟
نظر إليه ضرغام بتعجب دون أن يجيب فقال سليم:
– إنت مشوفتش إزاي وقفت قدامك و قالتلك إن الملف إتسرق..مع إن صاحبة الشأن نفسها منطقتش…و في نفس الوقت شوفتها بتهدي صاحبتها إزاي بكل حنان..بجد حاجة غريبة.
– مفيش حاجة غريبة يا سليم..دا شئ طبيعي جدًا.
قال سليم بتعجب:
– إزاي يعني مفيش حاجة غريبة؟…إزاي واحدة تكون شجاعة و جريئة كدا و في نفس الوقت تكون حن…
قاطعه ضرغام بصياح:
– سليييييم..إطلع برا.
و ما كاد ينهي جملته حتى اختفى سليم من الغرفة فهو مازال لا يريد لوجهه الوسيم أن يتشوة.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في اليوم التالي صباحًا.
اقترب محمد من ابنته التي ماتزال بصدمتها بما حدث بالأمس قائلًا بابتسامة:
– ياسمين…إنهارة أجازة أوعي تفوتي اليوم.
ابتسمت برقة قائلة:
– أكيد مش هفوت اليوم يا بابا…هروح إنهاردة عند خالتو..بقالي كتير مشوفتهاش.
ابتسم لها قائلًا:
– تمام…إبقي عدي عليا في الشركة و إنتي مروحة علشان نروح مع بعض.
– حاضر.
مسح على رأسها خاجًا من المنزل و قد عزم على تنفيذ ما برأسه..لن يتراجع أبدًا…يجب أن يعلم ماذا برأس ضرغام بالضبط بشأن ابنته.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في شركة ضرغام.
السادسة مساءًا.
كان ضرغام جالسًا خلف مكتبه يتابع أعماله…ياسمين بعطلة عن العمل اليوم و لذلك لم يذهب إلى شركة الأدوية…نهض واقفًا أمام الحائط الزجاجي عندما دقت الساعة السادسة مساءًا…يعلم أنها لن تأتي و لكن أصبحت هذه عادة لا يمكنه التخلي عنها.
ضيق عينيه بتعجب عندما التقطت عيناه ياسمين التي تنتظر أباها بالأسفل…هل تراها ذهبت إلى الشركة رغم العطلة التي منحها إياها؟
لا يهم..المهم حقًا الآن أنه يجب أن يأخذ جرعته اليومية من تأملها فهو بالأساس كاد يجن لأنه لن يراها اليوم.
لو تعلم كم يحبها…لو تعلم كم يريدها إلى جواره الآن.
لو تعلم أن حياته أصبحت شديدة الصعوبة من دونها. فما يساعده على مرور أيامه هو أنه يراها يوميًا.
و في الخارج كاد محمد أن يذهب إلى ابنته و لكنه غير اتجاهه ذاهبًا إلى مكتب ضرغام و للعجب لم يجد السكرتيرة في مكانها المعتاد.
في الواقع ذلك من حسن حظه..الآن يستطيع أن يرى إن كان ضرغام يراقب ابنته عن قرب بدلًا من الأسفل كما خطط سابقًا.
طرق الباب بهدوء دالفًا إلى الداخل.
كان ضرغام يراقب ياسمين بعشق بين دوامة أفكاره..بالطبع لم يلتفت إلى الطارق فهو سليم بالتأكيد.
اقترب محمد منه بهدوء حتى أصبح ورائه مباشرة..نظر إلى ما ينظر إليه ضرغام…بالطبع لم تكن سوى ابنته الغالية التي تنتظره بالأسفل.
– سكوتك قلقني يا سليم…في مصيبة ولا إية؟
قالها ضرغام دون أن يلتفت..مازال يتأمل ابنته.
وضع محمد يده بشدة على كتف ضرغام الذي التفت بدهشة قائلًا بتساؤل:
– عم محمد؟…إنت دخلت هنا إزاي؟
ابتسم محمد بسخرية قائلًا:
– من الباب.
نظر إليه ضرغام بتمعن و قد أدرك أن محمد قد علم أنه كان ينظر إلى ابنته…هل تراه يعلم بالمرات السابقة أيضًا؟
– لية فكرتني سليم؟
قالها محمد بنظرات عدائية فأجاب ضرغام:
– علشان محدش بيدخل هنا في الوقت دا غير سليم.
– لية؟…ممنوع ولا إية؟
حاول ضرغام إنقاذ الموقف قائلًا:
– خير يا عم محمد…كنت عايز حاجة؟
ارتسمت تلك الإبتسامة الساخرة على وجه محمد مجددًا…لو أنه لم يمنع دلوف أي شخص إلى هنا في ذلك الوقت تحديدًا لأخبره بذلك بكل بساطة…لكنه قام بغير موضوع الحوار فاررًا من السؤال.
يبدو أنه يخصص ذلك الوقت لتأمل ابنته..و هو آخر من يعلم!
مد إليه يده بملف ما قائلًا:
– الملف دا..كنت مستعجل عليه.
تناول ضرغام منه الملف قائلًا:
– تمام.
استقبل هاتف محمد اتصال من ياسمين التي ملت من انتظاره بالأسفل فخرج سريعًا بينما تتابعه عينا ضرغام متمنيًا ألا يكون قد اكتشف أمره.
استدار ينظر عبر الحائط الزجاجي مجددًا فرأى محمد و هو يخرج من مبنى الشركة مصطحبًا ياسمين ليذهبا…و لكن رشق محمد ضرغام بنظرة عدائية متهِمة قبل أن يذهب بصحبة ياسمين التي لاحظت تعكر مزاج والدها.