Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

اتسعت عينيّ مصطفى ورضوان وشركاؤه بصدمةٍ كبيرة عندما فوجئوا بوجود… هذا العدد الهائل من رجال الأمن… يحاوطون الجميع من كل مكان حولهم.
واتعست عيونهم أكثر عندما فوجئوا بجلال يُشهر سلاحه نحوهم قائلاً بسخرية: والله ووجعت في يدي يا مصطفى بيه….!!!!
تجمد مصطفى في مكانه غير قادر لا على الحراك أو الكلام… اقترب منه جلال بخطواته الثابتة مردفاً بقوله التهكمي: مفاجأة مش إكده….!!!
شحب وجه مصطفى من كثرة صدمته قائلاً له بنبرة متحشرجة: انت بتعمل إيه… إنت مش سيبت شغلك…!!!
هنا ابتسم جلال ساخراً من تساؤله العفوي قائلاً له باستهزاء: بعمل اللي كان لازم يتعمل من زمان جوي، بس مكنش في دليل بيدي… إني اقبض عليك وعلى الشلة بتاعتك….وانتم بتدمروا البلد ببضاعة سلاح مرة وبضاعة اكل فاسد مرة، ومستلزمات طبية فاسدة كمان من غير ضمير انكم تفكروا ولو للحظة واحدة في عدد الناس اللي اتأذت بسببكم واللي لسه هتتأذي…. أما شغلي فعمري ما هسيبه واصل، ودي كانت لعبة عليكم من البداية ودخلت وحججت اللي احنا عايزينه.
بُهت وجهه بشدة من كمية المعلومات الذي قالها له العمدة، عائداً هو ورضوان إلى الوراء يفكرون في الفرار المحتم عليهم الآن، وهم يتلفتون حولهم، فاقترب منهم جلال مهدداً لهم بسلاحه… في وجوههم.
قائلاً لهم بغضب: إوعاكم تتحركوا خطوة واحدة وانت تلاجي العيار في نافوخك إنت وهوه.
تجهم وجه مصطفى وشركاؤه الذين لا يعرفون ماذا يفعلون في هذا الموقف العصيب والصادم لهم، وهم يقفون محاوطين ببعض الضباط ومنهم شريف صديق وزميل جلال، ونظرات اللوم منهم تزداد نحو مصطفى ورضوان.
فكر مصطفى بقوله الذاهل: ازاي عايز تقبض عليه وأنا يعتبر حماك،  ضحك بتهكم من حديثه قائلاً له باستخفاف: الجانون بيطبج على الكل ومفيهوش وسايط…. وانت تلاجيك ساعة ما عرفت ان ياسمين بتك فاكرني مش هطبج الجانون عليك وتستغل الفرصة مش إكده.
زاغ بصر مصطفى ورضوان فيما حوله ولم يجد طريقة للفرار واقترب شريف من وراءهم شاهراً سلاحه قائلاً له بصرامة: يالا قدامي يا اخويا منك له…. انتوا مفكرينها سايبة.
ابتسم له جلال راكضاً، خلف شركاؤه قبل أن يتصرفون تصرفات أخرى….. وحاوط المكان كله على اتساعه مجموعة من رجال الأمن المركزي للاستعداد لأي شيء ما يحدث.
حاول رضوان الفرار بنفسه لكنه وجد شريف خلفه قائلاً بتهديد غاضب: اوعى تفكر تعملها تاني والا هتلاقي دمك سايح على الأرض دلوقتي.
ركب الجميع في عربات الحكومة الموجودة بعد أن تم القبض على الجميع، حتى جلال استقل سيارة الشرطة بجانب سائقه الخاص به مجدي والذي يعمل معه.
وتم القبض أيضاً على سائقي السيارات التي بها شحنة السلاح، وتم ترحيل الجميع إلى القاهرة.
كانت مريم تشعر بأنها تجلس مبتعدة عن الجميع بالرغم من إنها في وسط الضيوف المدعوين.
كان عقلها شارداً…. حينما دخل عليهم آخر شخص كانت لا تتوقع رؤيته الآن…عندما دخل وعينيه تتفحصانها كأنه يراها لأول مرة… انتبهت إليه عندما انطلقت الزغاريد من بعض النسوة ووالدتها التي تفاجأت بكونه عريس ابنتها.
رفعت مريم بصرها إليه ببطء متساءل…. فاتسعت عينيها بصدمة قوية غير مصدقه أنه واقفاً أمامها متساءله في نفسها أم إنها تحلم من كثرة تفكيرها به … قائلة بذهول: يحيى….!!!
ابتسم يحيى بسخرية قائلاً بتهكم: إيــــه مش عجبك العريس إياك، ابتلعت ريقها بصعوبة وزاغ بصرها حولها غير مستوعبة ما تعيشه الآن وبادرتها والدته التي كانت تجلس بالقرب منها قائلة لها بسعادة: ألف مبروك يا بتي … بجى عندي إكده تلات بنات.
احمر وجه مريم بمزيج من الخجل والسخط بداخلها وكادت ترفضه لولا وجود هذا الكم من هؤلاء النسوة.
ونظراته التحذيرية لها أيضاً، كأنه يبلغها رسالة تهديد بعينيه، بأنه اذا تفوهت بحرف واحد لا يعجبه، سيتصرف هو معها وأمام من حولها.
لهذا فضلت الصمت شاعرةً بالغيظ منه وهو يجلس بجوارها… منحنياً نحو أذنها قائلاً بسخرية: إيه رأيك في المفاجأة دي… حلوة مش إكده….!!
أغمضت عينيها حتى تكتم حنقها منه قائلة بخفوت: مالك إكده بتعاملني كيف البهيمة هوه آني مش من حجي أختار زوجي.
ضحك يحيى ساخراً منها قائلاً لها بخفوت: مفرجتش كتير جوي يعني… عن عريس الغفلة اللي كنتي هتتجوزيه وانتي مش موافجة.
حدقت به بغيظ، وودت لو صفعته هذه المرة على وجنته انتقام منه لمَ يتفوه به قائلة بخفوت غاضب: آني لولا الناس اللي حوالينا، كنت جولت حديت تاني خالص.
تأملها بعينين باردتين قائلاً بحزم: طب ما تجربي تتحدتي إكده ، وانتي هتشوفي هيحصلك إيـــه معاي.
ضمت مريم شفتيها بضيق… غير قادرة على التحدث من نظرات من حولهم لها… مفضلة الصمت بداخلها إلى أن تمر خطوبتها له بسلام.
كانت مهجة في هذه اللحظات، تراقبهم بنظرات صامتة، متسائلة عن ملامح وجهيهما التي تدعو لذلك التساؤل الذي يزداد بداخلها، أخرجها من شرودها هذا… صوت اطلاق الزغاريد من والدتها والأخريات وهم يروا الشبكة الذي قدمها يحيى لخطيبته.
في الحال تذكرت مهجة بأن زوجها الرائد… لم يقدم لها سوى خاتم زواج غالي الثمن والذي ترتديه دائماً، لكن اليوم فقط أتى لها بمجوهرات ثمينة أخبرها بأنها سوف تظل ملكاً لها.
ألبسها يحيي الشبكة الذي قدمها لها وهي تحاول أن تبدو هادئة، ثابتة للنهاية، حتى وهو يرمقها بنظراته الغامضة.
قائلاً لها بخفوت متهكم: ألف مبروك يا عروسة…. رمقته بغيظ ولم تجيبه بأي شئ، فمال ناحيتها قليلاً قائلاً بتهديد واضح: إفرجي وشك جدام الناس… بدل ما أنتي خابرة كيف ممكن أتصرف وياكي وجدامهم دلوك.
أشاحت ببصرها بعيداً عنه… عند كلماته المهددة لها، فأردف هو يقول لها بخبث: مش ده إللي كنتي عايزاه من البداية.
قطبت حاجبيها بسخط، وكادت أن تنفجر في وجهه غاضبة قائلة بحدة: لاه معايزاش… إنت كيف تجول إكده،…. ابتلعت باقي عباراتها من قسوة نظرته لها.
قائلاً بغضب خافت: كلمة تانية وهتلاجي نفسيكي ملجحة وسط وسط الناس…. كيف البهيمة زي ما جلتي.
خافت مريم من كلماته ونظراته المملؤة بالقسوة، ورغماً عنها ابتلعت إهانته لها بهذا الأسلوب الحقير، داخل قلبها الجريح… ولم تستطع أن تتحداه مرةً أخرى.
كانت مريم تجلس في فراشها… تتذكر كل هذا، فها هي حبيسةٍ لغرفتها منذ خطوبتها له منذ يومين، ولم ترد على مكالماته الهاتفية الكثيرة لها، كأنها تريد الأنتقام لنفسها ولكرامتها الذي أهدرها لها أمام نفسها وأمام النساء التي كانت حولهم يشعرون بأن هناك أمر ما يحدث.
فتحت مهجة بابيّ خزانتها الممتلئة بالثياب الكثيرة، باهظة الثمن وبعض الأغراض الأخرى…. بغضب، وعصبية عارمين، شاعرةً بنار تستعر داخل قلبها وتزداد خلال هذين اليومين الماضيين، فها هي تشعر بأن زوجها جلال العمدة والرائد كبير البلد… قد اشتراها بهذه الثياب من أجل مهمته التي تشعر بأنها قاربت على الانتهاء.
فهي تشعر الآن بأنها تريد الصراخ وتخرج ما في قلبها من آهات عذاب ومرارة، بعد أن وجدت نفسها سلعة رخيصة للبيع وليست مهمته فقط.
كادت أعصابها تنهار وتنفجر، من تذكرها لِما حدث معها خلال هذان اليومان الفائتين، وبالتحديد منذ خطوبة شقيقه يحيى.
والتي كانت بالنسبة لها لعنة وأحلت عليها وعلى قلبها المعذب والموجوع بعد أن ظنت بأنها ستكون أحسن أيامها معه.
مدت مهجة يديها بنرفزة وأخرجت بانفعال كل الأغراض الخاصة بها والثياب، التي بداخل الخزانة وبعثرتها كلها بوسط الغرفة على الأرض وهي تذرف دموع القهر والمرارة.
قائلة لنفسها بصوتٍ مخنوق: هيه دي النهاية يا مهجة…. هيه دي النهاية…. العمدة ضحك عليكي بنظراته وكلامه، وانتي زي العبيطة صدقتيه، لغاية ما سلمتيله قلبك ونفسك على ورق من فضة…. وبعد كده، أهوه هيرميكي رمية الكلاب…بدون رحمة ولا شفقة…. ما هوه طبعاً لازم يعمل فيكي كده وأكتر من بعد اللي حصل…. بس العيب مش العيب عليه أنا إن صدقته.
تهاوت مهجة بأعصاب منهارة أمام الخزانة على الأرض باحثةً بجنون عن ثوبها الذي كانت ترتديه… لأول مرة شاهدها به ومنعها من ارتداؤها إياه مرةً أخرى.
أمسكته واحتضنته بوجع بين ذراعيها ودموعها تتكاثر داخل مقلتيها…. قائلة بصوت معذب: أنا مملكش غيرك دلوقتي…. حتى قلبي خلاص مبقتش بملكه.
مسحت دموعها بظهر يدها قائلة لنفسها بعناد ساخط: لا يا مهجة إوعي تضعفي…. تاني…. مش علشان اللي مريتي بيه بسببه يخليكي كده…. لأ هو لسه ميعرفكيش على حقيقتك… ولا يعرف أنا هعمل إيه فيه.
وبسرعة وقفت على قدميها بتحديّ وارتدت الثوب كأنها تنتقم لنفسها ولكرامتها الجريحة التي تبعثرت على يد أقرب الناس إليها وهو زوجها.
وقفت أمام المرآة… تتأمل نفسها و بعثرت شعرها مثلما كانت تفعله في الماضي، وبالأخص في يوم وجدها واختطفها من الشارع التي كانت تقطن به.
رمقت نفسها وجسدها باشمئزاز قائلة بصراخ هيستيري: مش انتي مهجة اللي كنت أعرفها من زمان… مهما تلبسي وتعملي مش هتعاودي تاني ولا ترجعي زي ما كنتي أبداً… أبداً، خلاص مبقتيش مهجة القديمة… انتي بقيتي شخصية تانية هشة، مسلوبة الإرادة عايشه لحبه وبس…. حبه اللي دمرك ومر قلبك دون أدنى رحمة، وبقى السبب في اللي انتي فيه دلوقتي والعذاب اللي عيشتيه واللي لسه هتعيشيه الفترة الجاية من حياتك كلها.
تأملت نفسها باحتقار أشد وصرخت من منظرها بعصبية شديدة، وبحثت ببصرها بجانب المرآه على أي شيء تريد به هدم صورتها وشخصيتها الحالية.
فوجدت زجاجة من العطر الخاصة بجلال زوجها فتناولتها بغضب…. وألقتها نحو المرآة بكل سخطها وغضبها….فتهشم زجاجها وتبعثر إلى شظايا صغيرة، متناثرة بعشوائية داخل الحجرة.
ضحكت بصوتٍ جنوني كأنها غائبة عن الوعي وما تفعله بنفسها قائلة لنفسها بجنون غاضب: خلاص موتك يا مهجة…. خلاص خنقتك بأيدي… مبقتش عايزاكي…. ما عدتيش تلزميني في أي حاجه، ولاعاد قلبك الغبي ده يلزمني.
لم تكن منتبهه لمن دخل غرفتها بخطوات بطيئة غاضبة، دون أن يلفت نظرها له، وعينيه الحمراء، والمشتعلة كالجمر على وجهها.
حانت التفاته منها إليه فضحكت بسخرية حاده وأخذت تصفق له بقبضتيها بعبث تام، وتطلق صفير من وسط شفتيها التي تسخر منه قائلة بتهكم: أهلاً بعودة الرجل الهُمام…. وزين الرجال… رجل المهام الصعبة وكبير البلد كلاتها… 
زادت نظراته اشتعالاً من كلماتها الساخرة منه فلم يسبق أحداً ولا يتجرأ من الأساس أن يفعلها ولا يقولها له أحد مهما كان قدره.
اقترب منها متجاهلاً ما فعلته بالحجرة وعينيه مازالت مسلطة على وجهها تملك وثيابها التي ترتديها الآن، وفكرته بذلك اليوم الذي قابلها فيه للمرة الأولى.
لم تبتعد بخطواتها للوراء كعادتها معه من شدة خوفها منه بل على العكس وقفت ثابتة في مكانها لم تتزحزح من مكانها قدر أنملة قائلة له باستهزاء: خلاص مبجتش أخاف منيك… يا عمدة.. ولا تحب أجولك يا حضرت الرائد أحسن…
وحتى تُثبت له ذلك قطعت المسافة التي تفصله عنها، واقتربت منه أكثر وعيناها تتوغل داخل عينيه بتحدٍ واضح مردفه بابتسامة استخفاف: خلاص يا سعات البيه مبجتش أملك غير خلجاتي اللي شوفتني بيها أول مرة …. خلاص يا جناب العمدة مرتك مبجتش تملك أي حاجه واصل…. حتى جلبها مبجتش تملكه….يا سعات الباشا الكبير.
تأملها بجمود ودون أن يصدر منه أي حركة أو تصرف منفعل كما توقعت أن يصدر منه، فشعرت بنار غضبها تطفو على السطح من جديد أمام هذا الوجه الثابت والمُبهم.
فأسرعت نحوه تدفعه للوراء، وتضربه بقبضتيها في صدره القوي…. قائلة بعذاب: رجعلي جلبي يا بيه…. رجعلي جلبي اللي أخدته وسرجته مني…على غفلة ومن غير ما تستأذن الأول…. رجعلي ضحكتي بتاعت زمان اللي نسيتها من ساعة ما شفتك… رجعلي مهجة…. مهجة اللي طول عمرها في حالها، وعايشة طول الوجت الدنيا تلطش فيها زي ما هيه عايزة…. وجيت انت يا باشا يا كبير وكملت عليها تلطيش.
ثم صمتت برهةً لتبتلع ريقها الذي جف من اثر انفعالها، وأردفت بصوت عالي جنوني: إنت خابر آني خلاص بجيت أكره نفسي وأكره جلبي وجسمي اللي ضحكت عليهم وسرجتهم مني في غمضة عين…. لدرجة بجيت بحس منهم بالجرف طول الوجت.
توقفت باقي كلماتها المخنوقة بداخل صدرها بغتةً، لتلتقط أنفاسها المعذبة والمنفعلة بسببه… ولما لم تجد منه أي رد فعل سوى جموده وصمته الغامض هذا.
ضربته بيديها في صدره مرة أخرى ودموعها تنهمر بغزارة من مقلتيها… فارتد جسده قليلاً إلى الوراء قائلة له بعذاب وقهر: ما ترد وتجولي يا سعات البيه مش السرجة حرام بردك والجانون بيعاجب عليها… ما ترد وتجول إنك خلاص عملت اللي يريحك وخلاك تنجح في مهمتك بامتياز…. وسرجتك لجلوب بنات الناس اللي لعبة في يدك…. خلاص أكيد بجيت مبسوط دلوك وخصوصاً بعد ما أخدت مني كل اللي انت عايزه، وبجيت أحسن حرامي مش إكده.
تهاوت على وجهها صفعةً قوية أودتها أرضاً بمنتهى القوة والقسوة معاً قائلاً لها بانفعال عارم: انتي مش عايزة ردي هوه ده ردي على حديتك الماسخ كلاته… يا مجنونة انتي.
تأملته بصدمة قوية وبأعينٌ دامعة غير قادرة على النطق في البداية…. وبعد برهة من الوقت أجبرت نفسها على التحدث وهي تهب من مكانها لكي تواجهه مرةً أخرى قائلة له بنبرة مرتجفة: خلاص يا سعات البيه مبجتش أخاف منيك…. اضرب كمان وكمان يمكن ترتاح ما أنا مليش غير راحتك يا بيه إنت وبس يا جناب العمدة من ساعة ما عرفتك.
انطلقت من عينيه نظراتٍ نارية وهو يحدق بها، ثم جذبها من شعرها بعنف ناحيته حتى إلتصقت بصدره بقوة قائلاً لها بتهديد: واضح إكده إنك اتجنيتي في عجلك، وفعلاً إنتي زي ما آني مسميكي مجنونة، وآني بس إللي هخليكي تعجلي.
تأوهت بألم من إمساكه إياها بهذا الشكل قائلة له بعذاب: جناني ده إنت السبب فيه يا…. بترت باقي عبارتها من تشدده على شعرها بقسوة أكبر حت شعرت أنه سيقتلعه من جذوره…. فهتفت به بغضب مؤلم: بَعد يدك عني متلمسنيش تاني، آني بجيت بكره لمسة يد عليه وبكرهك…. طلجني…. طلجني… خليني ارتاح منيك…. وهملني لحالي بجى.
تجهم وجه جلال أكثر وضم شفتيه بمنتهى الغضب وأسقطها وراءها على الفراش قائلاً لها بصرامة غاضبة: لولا ان لساتني فيه ذرة عجل، لكنت رميتك دلوك لكلاب السكك.
نظرت إليه باحتقار على الرغم من ألمها التي تعيشه بسببه قائلة له باستهزاء: ودي أخلاج راجل صعيدي بردك يا جناب العمدة….. اللي من ساعة ما جيت اهنه واهل البلد كلاتهم مفيش اللي سيرة كبيرهم والباشا الكبير جلال بيه واللي الكل بيعمله ألف حساب جبل ما يتحدد وياه حرف واحد.
جلست نوال في حجرتها شاردة الذهن تشعر بالحيرة من أمرها، فها هو ياسين يقوم بتهديدها من جديد ويضعها أمام خيارين لا ثالث لهما، يا تقوم له بالاعتذار يا إما سيتصرف معها بطريقة أخرى.
مر عليها اليومين الماضيين ولم تراه كي يهددها أكثر…. تنهدت بحرارة مغادرة الغرفة، فرأت والدته تضع طعام العشاء على المائدة… دون أن يجلس أي شخص منهم بعد.
فقالت لها والدته: يالا حبيبتي اقعدي علشان تتعشي معانا…. ارتبكت نوال قائلة لها: مش قادرة آكل.
استغربت والدة ياسين قائلة بدهشة: ليه يا حبيبتي بتقولي كده انتي ما أكلتيش من الصبح.
هزت رأسها بهدوء قائلة بصوتٍ خفيض: بجد مش جعانه… لما أحس بالجوع هبقى آكل، اقتربت منها تتفحص وجهها قائلة لها: نوال حبيبتي أنا عارفه ان من ساعة ما ياسين جابك تاني وانتي مرتبكة وحزينة وده مش عجبني ولا مريحني.
تنهدت نوال باضطراب قائلة لها: أنا كويسة يا ماما أهوه قدامك…. قاطعتها قائلة لها بحنان: لا يا نوال اوعي تكدبي انا فاهماكي كويس أوي، والموضوع له علاقة بياسين اللي سايبك من يومين من غير ما يسأل عنك.
احمر وجهها من الخجل وترترت أعصابها فهي بالفعل رغم كل ما يفعله بها إلا أنها تشعر بالشوق إليه….كلما غاب عنها قائلة بارتباك: لا يا ماما يسأل أو ما يسألش خلاص مش فارقه معايا.
أمسكتها من كتفها تتمعن في وجهها قائلة لها بهدوء: نوال… ياسين مسافر بعد بكرة.
كاد قلبها يختنق عندما استمعت إلى قولها…. وشحب وجهها بشدة فها هو سيسافر من غير أن يتحدث إليها… فهي على عِلم بالخبر لكن المعياد بالتحديد لم تكن تعلمه لهذا صُدمت من الخبر.
تركتها والدته بعد أن قالت ذلك ودخلت إلى المطبخ تستكمل إعداد الطعام لوضعه على المائدة.
شعرت نوال بأن والدته الآن تضع الكرة في ملعبها بطريقه غير مباشرة، بلعت ريقها بصعوبة واتجهت إلى غرفتها مرةً أخرى.
أغلقت خلفها الباب مستندة إليه بظهرها غير راغبة في التحدث مع أي شخص…. لمعت عيناها بالدموع فها هو سيتركها وحيدة ويرحل مبتعداً عنها ألهذا الحد يكرهها.
دون أي ذنب تقترفه بل على العكس هو من لابد أن يعتذر لها وليست هي فهو المخطئ في حقها.
تنهدت ودموع القهر تنهمر من عينيها، استمعت إلى صوت طرقات على الباب، ارتجف قلبها وظنت أنه هو…. لكنها كانت شقيقته مها.
قائلة لها: تعالي اطلعي من اوضتك مش هتعشى من غيرك، فتحت لها الباب قائلة: أنا آسفه يا مها منيش قادرة بجد.
ضحكت مها قائلة: شكلك اتعودتي على جيبان الأكل من أبيه ياسين، أطرقت ببصرها إلى الأرض قائلة بتهرب: بجد منيش هقدر آكل اعذريني.
وقبل أن تجيبها مها نادتها والدتها قائلة: تعالي يا مها يالا طلعي لاخوكي الأكل علشان بقاله يومين ما جاش ياكل وشكله كده بياكل برة.
نظرت مها بخبث إلى نوال التي تتهرب منهم مشيحةً ببصرها بعيداً وكأن ياسين لم يهما في شيء.
قائلة لها : طب جهزيه دلوقتي وأنا هوديله الأكل…. اسرعت الأم تحضره ثم قالت مها بمكر: نوال ممكن تغيري البيجامة دي.
حدقت بها باستغراب قائلة لها: ليه وحشه اقلعها…. قاطعتها قائلة بسرعة: لا بالعكس جميلة جداً بس عايزاكي تغيري لبسك علشان هطلب منك طلب.
قطبت حاجبيها بتعجب قائلة: طلب إيه ده قولي… اقتربت منها قائلة بهدوء ظاهري: ممكن تطلعي إنت الأكل لأبيه ياسين علشان بس عندي مذاكرة.
ابتلعت نوال ريقها بصعوبة قائلة بدهشة: انتي مش كنتي هتوديه دلوقتي… اسرعت مها تقول بسرعة: لا اصل افتكرت ان عندي امتحان بكرن ان شاء الله ومحتاجه اذاكر، وانتي يعني مش هتعوقي أكيد.
حارت بأي شىء تجيبها فألحت عليها مها مرةً أخرى وتركتها وانسحبت من أمامها حتى تضعها أمام الأمر الواقع.
وقفت نوال مترددة بقلب مرتعش، تحمل صينية الطعام أمام منزل ياسين والتي من المفروض أنه سيكون منزلها هي الآخرى بعد زواجهم.
مدت يدها بتردد على الباب لتطرق عليه بهدوء غير قادرة على مواجهته الآن… خائفة من مشاعرها التي تشتاق إليه كثيراً.
لم يفتح ياسين الباب بسرعة كما توقعت فقالت لنفسها بلهفة: لا أكيد كده افضل أنا لازم امشي بسرعة.
وعادت أدراجها بسرعة نحو الدرج وكادت أن تهبط أول درجه منه عندما استمعت إلى صوته الخبيث يقول لها: معقوله كده يهون عليكي جوزك ينام جعان.
ارتجف قلبها بقوة… حتى ظنت أنه سيختنق من صدمتها وهي تستمع إليه، وقفت مكانها دون حراك أو حتى تلتفت إليه.
اقترب منها ياسين أكثر وجذبها من ذراعها وأدارها نحوه قائلاً لها بعبث: إيه مالك موحشتكيش اليومين اللي فاتوا دول ولا إيه؟.
من شدة صدمتها من كلماته لها كادت أن تسقط الصينية من بين يديها فأسندها ياسين معها قائلا لها بنفس العبث: إيه مالك خايفة كده ليه… خايفة لأكلك بدل الأكل.
احمر وجهها من الخجل من كلماته لها…. وابتلعت ريقها بصعوبة واجبرت نفسها على التحدث سريعاً لكي تتخلص من هذا الموقف الثقيل.
قائلة بتردد: اتفضل الصينية أهيه خليني أنزل….. ماما مستنياني تحت.
اقترب منها أكثر بمكر ليخيفها ويتلاعب بمشاعرها قائلاً لها بخفوت أخافها: طب مش هتأكليني بإيدك الأول، قبل ما تنزلي معقول أهون عليكي.
أغمضت عينيها بقوة لكي تتمالك أعصابها من كلماته الجريئة لها الآن قائلة له بنبرة متحشرجة: أتفضل الصينية أهيه وأنا هنزل.
تناول منها ياسين الصينية بالفعل وقبل أن تخطو خطوة واحدة نحو الدرج… أسرع ياسين وجذبها سريعاً من ذراعها وأدخلها البيت مغلقاً الباب خلفه بالمفتاح كي لا تهرب منه كما تريد الآن.
ارتعد جسدها وهي تراه يفعل بها ذلك قائلة بذعر: انا عايزة أنزل تحت ماما هتقلق عليه.
وضع الصينية على منضدة صغيرة والتفت إليها بمنتهى العبث واقترب منها سريعاً بخطواته الثابتة قائلاً لها بخبث: مش معقول هتسيبي جوزك ياكل لوحده… مش كده عيب بردو ولا إيه.
تعالت صوت أنفاسها المتقطع من الأضطراب وشحب وجهها بخوف شديد من تأمله لها بهذه الطريقة الغريبة.
عادت بخطواتها إلى الوراء بهلع حتى ألصقت ظهرها بباب المنزل… لكن ياسين اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الحارة على وجهها، وفوجئت به ينزع عن شعرها حجابها قائلاً بعبث: أنا مش قلتلك شعرك ده يظهر ليه أنا وبس.
شعرت بأنها سيغشى عليها في الحال غير قادرة على التصرف معه…. ووضع يده في شعرها يتخلله بأنامله بنعومة ليجعله منساباً على كتفيها قائلاً بهمس: كده أحلى بكتير… أنا بحبه كده.
توردت وجنتيها وهي تشعر بالخجل منه وتتساءل عن السر وراء ما يفعله بها فأسرعت تقول له بلهفة مترددة: ياسين أرجوك أنا لازم أنزل.
هز رأسه معترضاً ببطء قائلاً بغموض: مش قبل ما تعتذري الأول…. ابتعلت ريقها بصعوبة قائلة بتردد: بس أنا مغلطتش فيك.
أحاط خصرها بذراعه الأيسر مستنداً بجبهته إلى جبهتها قائلاً لها بغموض هامس: يعني انتي مش جايه علشان كده.
هزت رأسه سريعاً بالرفض وقلبها يرتعد بشدة قائلة له: أنا جايه اجبلك الأكل ونازله على طول، ابتسم بسخرية بجانب شفتيه قائلاً بعبث: بس انا مش عبيط علشان اسيبك تنزلي، قبل ما تعتذريلي ومش أي اعتذار كمان.
أرادت أن تقاومه وتبتعد عنه لكنه لم يتركها وأحاط خصرها بذراعه الآخر حتى يقيد حركتها قائلاً لها بتهديد: اوعي تفكري تهربي مني.
حاولت أن تتماسك امامه قائلة له بضيق: شكلك كده بتستغل الموقف لصالحك.
انحنى ناحية وجهها متفحصاً لشفتيها قائلاً لها بهمس: بصراحه أيوه بستغله ولسه هستغله أوي كمان.
اضطربت أنفاسها قائلة بنبرة مرتعشة: ارجوك سيبني انزل…. صرخ بها فجأة قائلاً بتملك: نوال كفاية خوفك ده مني، إنتي مراتي فاهمة يعني مراتي وأعمل كل اللي انا عايزه معاكي فاهمة.
خافت نوال من ملامح وجهه الشرسة في هذه اللحظة وحاولت كبح دموعها ومحاولتها اليائسة في الهرب منه قائلة له بصوت منتحب: اوعى سيبني…. ابعد عني… قاطعها قائلاً بصوت هادر وغيظ: لأ منيش سايبك…. ومش هسيبك إلا بمزاجي.
كانت مريم تجلس في غرفتها ترفض الخروج منها فدخلت والدتها مبتسمة قائلة بحنان: البسي خلجات حلوة بسرعة عريسك الدكتور يحيى مستنيكي برة.
هرب الدم من وجنتيها قائلة لها بضيق: لاه منيش هجابل حد استغربت والدتها قائلة لها: يابتي الله يهديكي متعصبيش حسين عليكي انتي خابراه زين وانتي بردك رايداه مش اكده.
صمتت بيأس قائلة لها : حاضر يا اماي اخرجي واني هجهز وآجي.
دخلت مريم عليه إلى الغرفة وجدته يتجاذب أطراف الحديث مع شقيقها فجلست بالقرب من شقيقها.
متجاهلة التحدث إليه فقال لها يحيى : ازيك يامريم كيف حالك النهاردة.
فقالت له بضيق واضح: الحمد لله بخير، فقال له حسين: هسيبكم مع بعض شوية تتحدوا.
انتظر يحيى مغادرة حسين الحجرة قائلاً لها بغضب: ممكن أعرف مش بتردي على التليفون ليه…. فقالت له بحدة: مليش مزاح اتحدت وياك.
اقترب منها يحيى فقلقت قائلة له: عيب اكده يا دكتور يحيى فقال لها بحده: وآني عملت حاجه لسه.
ارتعش قلبها من جلوسه بجوارها على الأريكة فقالت له : يعني إيه حديتك دلوك… ابتسم ساخراً بقوله: خليها مفاجأة أحسن.
حاول أن يمسك كفها ليغيظها فابتعدت عنه بخوف قائلة له برجاء: دكتور يحيى أرجوك حسين يدخل عفلة علينا.
رفع حاجبه قائلاً لها بتهكم: متخافيش جوي اكده … حسين خابر كل حاجه ومش هيدخل جبل ما يخبط على الباب بالرغم من انه مفتوح.
احمر وجهها قائلة له بضعف: طب ابعد شوية وسيب يدي هز رأسه بالرفض قائلاً لها بخبث: لاه منيش هسيبها دا آني ما صدجت.
ابتلعت ريقها بصعوبة متلفتة حولها خشيةً من دخول أخيها قائلاً لها بتهكم: شكلي اكده هحدد مع حسين ميعاد فرحنا.
امتقع وجهها قائلة لها بسرعة: لاه إياك تحدد وياه حاجه وآني أصلاً ما عايزاش أتجوزك.
اقترب من وجهها متمعناً محياها قائلاً لها بمكر: بجد حديتك ده من جلبك بتجوليه، لم تستطع النطق من شدة هذا القرب وتفحصه لها بهذا الشكل الذي خشي قلبها منه.
فأمسك بيدها الثانية بين يديه قائلاً لها بخفوت: مش بتردي ليه يا لمضه، شعرت بغصةً في حلقها قائلة بصوت مرتجف: ارجوك بَعد عني، فهمس لها أمام شفتيها:- مش هبَعد غير لما تجاوبيني على سؤالي.
امتقع وجهها هامسه باسمه: يحيى أرجوك مبجتش ناجصه فضايح… قاطعها يحيى بوضع اصبعه بقوة على شفتيها قائلاً لها: اوعي تجولي اكده تاني، آني هبجى جوزك فاهمة.
ابتلعت ريقها وهي تتخيل نفسها زوجته فلمعت عيناها بالدموع فشعر يحيى بالغضب قائلاً لها : واياك أشوف دموعك دي تاني واصل، جاءت لتمسحها بقلق منه مسحها له هو.
فتجمد محياها من لمسات يده على وجهها قائلة له برجاء: يحيى آني تعبانة جوي… ومنيش خابره آني مالي اكده.
كاد أن يجذبها بين ذراعيه ولكنه تذكرانه في منزلهم فقال لها بجمود: آني لازم أحدد ميعاد لكتب الكتاب بسرعة ومنيش عايز معارضه واصل.
جذب ياسين يد نوال نحو الطاولة قائلاً لها بحدة: اقعدي هنا بسرعة رفضت الجلوس قائلة: مش هقعد ولا واكله.
فحملها بسرعة بين ذراعيه فتجمد جسدها من المفاجأة وتلاقت ابصارهم قائلاً بخبث مفاجئ: مش كده أحسن بذمتك، فتخضب وجهها بحياء قائلة بتوتر: نزلني منيش واكلة معاك.
حدق بها بعبث قائلاً لها بمكر: خلاص متاكليش وكليني بإيدك انتي، قطبت حاجبيها بضيق قائلة بفزع: استحاله… لا هاكل ولا هوكلك بإيدي.
صمت برهة مفكراً واقترب بوجهه منها كثيراً قائلاً لها بسخرية ماكرة: يبقى انتي اللي جبتيه لنفسك.
تجمدت ملامح جلال قائلاً لها باختصار صارم:آني فعلاً إكده وغصبٍ عنيكي كمان…
تركها بعد اجابته لها بهذا الأسلوب…. أغاظها أنه انصرف دون تستكمل حديثها معه.
وقبل تتفوه بحرف واحد زائد…. وقف عند حافة الباب قائلاً بلهجه آمره: نعيمة… نعيمة…. تعالي نضفي الأوضة للست هانم علشان شكل اكده أعصابها تعبانة جوي.
أتت نعيمة مسرعة تهرول لتنفذ أوامره، ومهجة تتابعه بغيظ وهو يغادرها بكل هذا البرود والتجاهل من جانبه دون أن يعير غضبها أدنى اهتمام.
نظفت نعيمة المكان كما أمرها جلال، بعد ذلك طلبت منها مهجة بعد أن هدأت أعصابها قليلاً قائلة بهدوء: اعمليلي كوباية عصير برتقال يا نعيمة.
أومأت برأسها قائلة: حاضر يا ستي.
كان جلال في ذلك التوقيت يجلس في غرفة مكتبه شارد الذهن فيما حدث منذ قليل، فها هو ينجح في مهمته وينتهي منها لكن مهجة، تفسد عليه كل هذا النجاح… مما جعلها تغضب وتعارضه بهذا الشكل الغريب.
أخذ جلال نفساً عميقا متذكراً اليومين الذي أمضاهم سوياً وكيف كانت معاملتها له، كأنها ليست مهجة زوجته التي ثارت منذ قليل في وجهه بإسلوب استفذه كثيراً لتجعله يضربها بهذا الشكل.
قائلاً لنفسه بضيق: آه منك يا مهجة آآآه فعلاً مجنونة زي ما سميتك جبل إكده…. بيتجلب مزاجك في وجت جصير ومن غير سبب.
تنهد جلال ووقف ينظر من نافذة حجرته إلى الخارج… المطل على الشارع الرئيسي.
زفر بعمق وهو يتذكر كيف كانت بين ذراعيه، تتدفق مشاعرها نحوه وتبادله كل شيء باستسلام تام، دون أدنى مقاومة من جانبها، يشعر بدقات قلبها المتسارعة وهي تهمس باسمه بنعومة لم يعتادها منها مطلقاً قبل ذلك.
أغمض عينيه يحاول كبح هذه الذكريات التي مازالت تخترق جوارحه كلها… وتتخلله على الرغم منها وهو من المفترض ألا يفعل ذلك مطلقاً وينسى كل ما مضى من ذكريات معها.
لكن أفكاره دائماً تداهمه على الرغم منه وتعود به إلى الوراء وخصوصاً هذين اليومين الذي كانت بالنسبة له لم يتكرروا أبداً مرةً أخرى.
أخرجه من شروده هذا… طيف فتاةٍ ما تركض سريعاً وهي تلتفت يميناً ويساراً بقلق وخوف كأنها هاربةً من شخص ما يهرول خلفها.
دقق النظر جيداً ليتأكد من تكون فعرفها على الفور من ظهرها وشعرها الطويل الذي لم ينساه أبداً وهو يتخلله بين انامله.
كاد وجهه ينفجر من الغضب الذي شعر به وضم قبضته بعنف قائلاً بانفعال حاد: مهههههجججة.
هرع جلال إلى خارج المنزل يركض خلفها بكل قوته ليلحق بها… لكن فجأة توقفت سيارة ما غريبة بجوارها كأنها انشقت وظهرت من بين طيات الأرض وهبط منها أحدهم كان ملثماً…. فُزعت مهجة من منظره المخيف المقلق.
وحاولت الهرب منه بسرعة بقلب مرتعب، لكن الرجل المُلثم لم يعطيها فرصة لذلك بل على العكس حملها بقوة وعنف إلى داخل السيارة قائلاً لها بغلظة ساخرة: معجولة تمشي إكده لوحدك عاد، ياجميل لازم نوصلك بردك.
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!