رواية غرام المغرور الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نسمة مالك
رواية غرام المغرور الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نسمة مالك |
رواية غرام المغرور الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نسمة مالك
صفعة الخذلان!!..
كلاً منا بحياته شخص يمثل له الحياة.. شخص نثق به ثقة عمياء.. ثقة تتخطي الحدود.. أكبر حتي من ثقتنا بأنفسنا !!..
الأمان بالنسبه لنا يتمثل في وجود هذا الشخص..لم يخطر على بالنا أن تأتي الصفعة الدامية منه هو..
الضربة القاضية تكون على يده هو..
ليوقعه القدر بشر أعماله، ويكشف عنه غطاء الستر ليظهر وجهه الحقيقي الذي يصفعنا به على قلوبنا بكل قوته صفعة قاتلة تسمي صفعة الخذلان.. حينها لم يخسر ثقتنا فيه فقط.. بل يخسرنا للأبد..
لدواعي أمنية اختفي “فارس” و زوجته فجأة أثناء الأحتفال بمساعدة صديقه “غفران” الذي قام بتوفير الحماية اللازمة له..
بينما قام “هاشم” بتأمين “خديجة” التي عادت برفقته إلى الفندق هي و “إلهام، وإيمان، والصغيران إسراء، ومحمود”..
صدع صوت المصعد مشيراً لوصوله الطابق المقصود.. خرجت” إلهام” بكرسيها المتحرك حامله حفيدتها النائمة على قدمها..
خلفها “إيمان” التي تحمل رضيعها النائم أيضاً.. ظلت “خديجة” تقف مكانها بشرود بجوار “هاشم” الذي يحمل حفيدته النائمة..
” وصلنا يا ديجا”.. غمغم بها” هاشم” بخفوت، وهو يتأمل هيئتها الرقيقة بابتسامة إعجاب واضحة..
لم تنتبه له “خديجة” ، وظلت على شرودها..
عقد حاجبيه بدهشة حين لمح نظرة حزينة أطفئت لمعة عينيها فجأة.. كانت منذ قليل تنظر له بأعين متوهجة.. زحف القلق لقلبه دون معرفة السبب..فحمل الصغيرة بيد، ومد يده الأخرى نحوها و ربت على كتفها ببعض العنف، وتحدث بلهفة قائلاً..
“خديجة أنتي كويسة؟!..”..
كتمت صرخة كادت أن تطلقها من قوة يده التي يراها هو تافه بجانب لكماته وضرباته الشديدة.. استدارت ببطء،ونظرت له بأعين جاحظة مردفة بدهشة..
“هاشم أيدك تقيلة أوي.. وجعتني!!”..
انبلجت ابتسامة متراقصة على ملامحه الصارمة جعلت دهشتها تضاعف ، ورمقها بنظرة ماكرة وهم بالرد عليها إلا أنه تراجع سريعاً، والتزم الصمت حين استمع لضحكات “إلهام” الخافتة التي تجاهد للسيطرة عليها..
رسمت الجدية على ملامحها مرددة ..
” بقي كده توجعها يا سي هاشم أفندي.. أنت مش عارف أن خديجة البسكوتة بتاعتنا؟! “..
صمتت لوهله، وتابعت حديثها بجملة جعلت وجنتي “خديجة” تشتعل بحمرة الخجل حين قالت بابتسامة عريضة..
“اللي انت هتتجوزها بأمرالله علشان تحب فيها براحتك”..
شهقت “خديجة” و هرولت لخارج المصعد خلفها “هاشم” يسير بخطوات حذرة.. هادئة، وتحدث بنبرة متمنية..
” بس هي توافق بيا يا ست أم إسراء” ..
توقفت “خديجة” عن السير، ونظرت له نظرة طويلة بأعين تصرخ باستغاثة من نفسها التي أجبرتها على إتخاذ قرار حاسم لا رجعه فيه…
“وانا مستحيل أوافق أني اسيب ابني فارس، واتجوز بعد العمر دا كله!!”..
ابتعدت بعينيها عن عينيه التي تنظر لها بصدمة، و رمقت “إلهام ” نظرة عاتبة، و وجهت نظرتها ل
“هاشم” وتحدثت بأسف و أعين تترقرق فيها العبرات..
” طلبك مرفوض يا أستاذ هاشم.. شوفلك عروسة غيري”..
صمتت لبرهه، وهمست بجملة من بين شهقاتها التي فقدت السيطرة عليها أعتصرت بها قلب”هاشم”، و”الهام”، وحتي “إيمان” التي بكت لبكائها..
“تكون مش عانس زيي”.. تمتمت بها، وركضت مسرعة نحو جناحها حتي وصلت إليه.. فتحت الباب ودلفت للداخل وأغلقته خلفها بعنف، ووقفت مستندة عليه بظهرها تبكي بنحيب دون إصدار صوت..
…………………………………
” إسراء”..
كانت تسير بجوار زوجها الذي يمسك كف يدها بين قبضة يده.. أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة..
تسمرت مكانها فجأة، واعتلت ملامحها البريئة الذهول حين وجدته يسحبها نحو مبني عملاق شديد الفخامة عائم على سطح المياه.. مدون عليه أسمها الذي ينعتها به زوجها دوماً “ساحرة الفارس”..
تنقلت بنظرها بينه وبين “فارس” الذي ينظر لها بابتسامة دافئة تزين ملامحه الوسيمة..
“ساحرة الفارس دي أنا؟!!”.. همست بها “إسراء” بصوت تحشرج بالبكاء من فرط سعادتها،وبدأت عبراتها تتساقط، وتضحك بأن واحد..
“أيوه انتي لوحدك يا إسراء اللي سحرتيني و ملكتي قلبي، وقدرتي تقتحمي حصون غروري لحد ما بقيتي غرام المغرور”..
قالها “فارس” هامسًا بحميمية وهو يضغط على كفها بخفه كانت بمثابة ضغطه على قلبها الذي تسارعت نبضاته..
اقترب منها حتي أصبحت المسافة بينهما لا تذكر، لكنهما لا يتلامسان..
رفع يده الأخرى ومسح عبراتها، وداعب وجنتيها بأنامله بتمهل أذاب عظامها جعلت أنفاسها علقت بصدرها فأطبقت جفونها فورًا، وأخذت نفس عميق تملئ رئتيها بعبق رائحته التي اشتاقتها حد الجنون..
إزدردت لعابها بتوتر حين مال عليها بوجهه ببطء حتي شعرت بأنفاسه المهتاجة الملتهبه تلفح بشرتها الناعمة.. ليفاجئها بقبلة رقيقة مطولة بجانب شفتيها..
شهقت بفزع، وفتحت عيناها على وسعهما في هذه اللحظة تنظر حولها بأحراج وخجل شديد متمتمه..
“فارس أحنا نعتبر في الشارع”..
التوى فمه ببسمة جانبيه عابثه، ورسم الجديه على محياه، محرك كتفيه ببراءة مزيفة..
“دي Small kiss على خدك يا بيبي، و اطمني
المكان دا كله ملكنا يا روحي.. خاص بينا محدش يقدر يدخل هنا غيرنا”..
هبط بعينيه وتوقف على شفتيها بنظره، وغمز لها بشقاوة مكملاً .. “وبعدين دي بمهد بيها للي جاي”..
عضت على شفتيها بحركة تلقائية تفعلها أثناء خجلها تفقده بها صوابه.. حاوط كتفيها بذراعه لصقها به.. وعاد بنظره لليخت وتحدث بتساؤل قائلاً..
“قوليلي عجبك اليخت؟”..
“جميل أوي ماشاءالله يا فارس”.. غمغمت بها “إسراء” بصوت مبحوح أثر مشاعرها المبعثرة من همساته، ولمساته لها..
نظر لها بابتسامة تظهر مدي فرحته مغمغماً..
“تخيلي دا هدية أبو فارس لينا بمناسبة جوازنا !!، ورغم انه كاتبلي كل أملاكه بأسمي إلا أن الهدية دي تقدري تقولي إني فرحان بيها جداً، وتعتبر أجمل رابع هدية تجيلي في حياتي كلها”..
تنظر له بابتسامة حانيه..تتأمل فرحته بقلب يتراقص من السعادة لأجله .. رباه فرحته التي تراها بعينيه الآن تشبه فرحة طفل صغير أحضر له والده لعبته المفضلة..أو ربما هو كذلك بالفعل فلم ينعم يوماً بوجود والده أثناء طفولته..
تلاشت أبتسامتها،وحل مكانها التعجب، ورمقته بنظرة نارية مردفة من بين أسنانها..
“أجمل رابع هدية جاتلك؟!”..
عقدت ذراعيها أمام صدرها، وتابعت بابتسامة مصطنعه.. “ويا تري أيه هما التلاته التانين يا فارس باشا؟!”..
ضيق عينيه وهو يرمقها بنظرة متفحصة، وقد احتقن وجهها بحمرة قاتمة تدل على شدة غضبها.. بل عفواً شدة غيرتها التي تجعل قلبه يغادر صدره ويحلق عالياً بسعادة بالغة، و تحدث دون أن يقاوم ابتسامة انبلجت على محياه..
“غيرة دي يا بيبي؟! “..
كشرت “إسراء ” في وجهه و ظلت صامته، جاءت لتشيح عنه للجهة الأخرى، فلحق بها قبل أن تفعل، و أمسك ذقنها الصغيرة بين سبابته و إبهامه أجبرها على النظر إليه..
“اممم دي غيرة شديدة كمان”..
قالها بضحكة خافتة، و أكمل بشيء من الجدية..
“يا إسراء هديتي الأولى كانت خديجة، وهديتي التانيه أنتي و إسراء بنتي الصغيره، والتالته لما اتجمعت أنا و والدي و والدتي لأول مرة بعد كل سنين الفراق والغربة واليتم اللي عشتها في وجودهم، والرابعه اليخت اللي اتكتب عليه اسمينا سوا”..
احتضنت كف يده بين يديها.. تتمني لو تضمها لقلبها ولكنها لجمت نفسها بأعجوبة، ونظرت له بانبهار مردفة..” يعني لما غبت عني التمن أيام دول مكنتش هاجرني و كنت قاعد مع مامتك وباباك يا فارس؟ “..
“أنتي الوحيده في الكون اللي مقدرش أهجرها يا عيون فارس”.. قالها بلفهه، وهو يرفع يدها على شفتيه ولثم باطنها بعشق مكملاً..
“على اد ما كنت هتجنن من عمايلك، وعايز أكسر عضمك ودماغك اللي بتخليكي تعملي تصرفات متهورة مش متوقعة ولا محسوبة “..
صمت لبرهه، وأطال النظر لعينيها نظرة جعلت انتفاضة قلبها تزيد وتتدافع،وتابع بهمس بصوته الذي يدغدغها..
“بس كنت هتجنن في كل لحظة فاتت عليا وأنتي بعيد عن حضني.. هتجنن عليكي يا إسراء”..
أنهى حديثه وبدأ يقترب منها كالمغيب قاصداً شفتيها.. لتسرع هي،و رفعت يدها وضعتها على صدره تدفعه عنها بضعف مردده..
“فارس أعقل قولتلك احنا مش في البيت”..
صك على أسنانه بغيظ، و جذبها فجأه من خصرها، وسار بها بخطي مسرعة و هو يقول بخبث..
“طيب تعالي افرجك على اليخت من جوه، و عايزك تعتبري أننا في البيت بالظبط”..
تلاحقت أنفاسها ،و شحبت ملامحها، و بدأ جسدها يرتجف،وقبضت على قميصه بكلتا يديها المرتعشه مدمدمه بتقطع..
“فارس أنا شوفته من بره وعجبني والله، و أكيد من جوه هيبقي أجمل اللهم بارك .. بس كفايه كده، و بلاش ندخل خلينا نرجع الأوضة في الفندق.. أنا بدوخ و معدتي بتقلب، ومش عايزه يحصل زي اللي حصلي لما ركبت معاك الطيارة”..
“أنا هضيعلك الدوخة دي خالص”.. أردف بها “فارس” وهو يحملها بيد واحده بمنتهي الخفه من خصرها ويصعد على الدرج المؤدي لداخل ” ساحرة الفارس”..
تعلقت” إسراء ” برقبته بكلتا يدها دافنه وجهها داخل تجويف عنقه، وتتحدث بصوت مكتوم قائله..
” فارس علشان خاطري نزلني”..
ظل يسير بها حتي وصل للطابق المزين بأروع وأجمل الورورد والبلونات الطائرة، و هم بأنزالها.. لكنها تمسكت به بخوف..
“لا نزلني بس متسبنيش.. هقع لو سبتني”..
ربت على ظهرها بكف يده وزاد من ضمها له مردفاً..
“مستحيل أسيبك.. بس ارفعي رأسك كده وبصي حواليكي..
رفعت رأسها ،وفتحت عينيها ببطء، وفجأة أطلقت شهقه قوية حين رأت المكان من حولها..
” أيه رأيك؟ “..
قالها وهو يلفها بين يديه حتي أصبح ظهرها مقابل صدره..
طوق خصرها بذراعه، ويده الأخرى تتخلص من حجابها حتي خلعه عنها، ومال بوجهه على عنقها يستنشق عبقها، و يلثمه بتمهل..
“واحشتيني يا ساحرة”..
تراخت عضلات جسدها المتشنجة أثر لمساته، وقبلاته التي يغمرها بها..
أطلقت آهه خافتة حين تحركت يده على خصرها صعوداً إلى موضع قلبها يستشعر عنف دقاته بتلذذ لعلمه انه هو السبب وراء تسارع نبضاته حتي وصل لعنقها، ومن ثم وضع أصابعه أسفل ذقنها أدار رأسها إليه يحثها على النظر له..
علت وتيرة أنفاسها وأصبح صدرها يعلو ويهبط بقوة حين التقطت عينيها بعينيه التي ترمقها بنظرة تملؤها العشق، والرغبة الجامحة،وانبعث صوته الخافت المزلزل لكيانها..
“دايخة؟!”..
حركت رأسها بالنفي، ورفعت يديها لفتها حول عنقه تجذبه عليها أكثر متمتمه كالمغيبه وهس تتأمل ملامحه التي اشتاقتها كثيراً ..
“واحشتيني يا فارس.. هتجنن عليك”..
ابتعد بعينيه عنها، ودار بالمكان من حوله مغمغماً..
“هو أنا كنت ناوي أوريكي المكان الأول “..
التف حولها بتراوي مريب، ووقف أمامها ونظر لها قليلاً، وبلحظة كان سحبها من خصرها لترتطم بصدره، حملها لداخل حضنه حتي أصبحت قدميها لا تلمس الأرض، وهرول بها نحو الغرفة الخاصة المجهزة لهما..
“بس أنا هتجنن عليكي أكتر يا روح فارس”..
قالها وهو يميل بوجهه على وجهها وأنتزع شفتيها نزعاً بقبلة عاشقة يبدأ بها ليلته الملحمية معها..
………………………………..
“داخل غرفة هاشم “..
بعدما قام بوضع حفيدته بفراشها..خرج بهرولة نحو جناح”خديجة” ظل يطرق عليها، ويتحدث بنبرة متوسلة..
“خديجة من فضلك ممكن نتكلم؟!”..
“مافيش بنا كلام يا أستاذ هاشم، و لو سمحت اتفضل شوف شغلك وبس”..قالتها “خديجة” بصوتها الرقيق الباكي دون أن تفتح الباب حتي..
هم “هاشم” بتحطيم الباب الحاجز عنه رؤيتها، و لكنه توقف بأخر لحظة، و قام بلكم الحائط بقوة عدة مرات ينفس فيه عن غضبه، و أقسم لو كانت أمامه الآن لخطفها داخل حضنه بعناق محموم لن يتركها حينها مهما فعلت..
بدأ يسير ذهاباً وإياباً أمام غرفتها.. اعتلت ملامحه الصدمة من حديثها، و تغيرها المفاجئ تجاهه.. كان يشعر بانجذابها، وإعجابها به الظاهر بعينيها، و فرحتها عندما عرض عليها الزواج رأها بوضوح على ملامحها الطفولية البريئة..
إذا ماذا حدث حتي تحزن، و تبكي بقهر هكذا؟! .. بدأ يدور حول نفسه، ويمسح على شعره كاد أن يقتلعه من جذوره.. سيفقد عقله لا محاله… ماذا حدث لتلقي تلك الجملة المؤلمه التي أدمت قلبه بها لأجلها هي؟!..
……………………………….
.. داخل جناح إلهام..
بصدر رحب قامت “إيمان” بمساعدة “إلهام” على تبديل ثيابها، وأستلقت على الفراش بجوار حفيدتها..
“يا تري أيه اللي حصل و زعل ديجا أوي كده يا خالتي؟!، و الله انا قلبي اتقطع عليها”..
أردف بها “إيمان” الباكية بطيبة شديدة..
وضعت “إلهام” أصابعها أسفل ذقنها، وأخذت تفكر، وتستعيد أحداث اليوم مردده..
” بعد ما إسراء بنتي ربنا يهدي سرها جوزها خدها و فلسعو من الحلفة وسبونا أحنا، شوفت اسم الله حارسه هاشم واقف لوحده بيتكلم في التليفون، وخديجة شافته راحت واقفه زي القرد اللي بيطلع من العلبه مرة واحدة من غير أحم ولا دستور، وقالتلي هروح اسأل هاشم فارس و إسراء راحوا فين”..
رفعت يدها وأشارت بأحدي أصابعها على عقلها، وتابعت..”بس أنا فهماها وعارفة أنها رايحة تشوفه واقف في الركن البعيد الهادي بيتودود في التليفون مع مين”..
صفقت بكلتا يدها بحذر حتي لا توقظ الصغار، ولوة فمها أكثر من مرة مكمله..
“كانت رايحة ضحكتها من الون للودن، ومنشكحه على الاخر كأنها بتعمل أعلان لمعجون سنان.. رجعت يا حبة عيني مبوزة ولا اللي واخده بونيتين وشلوط في وشها.. تقريباً كده هاشموله كان بيحب في بني آدمية، وهي اتصدمت يا قلب أمها.. كبدي عليها”..
“ولما هو بيكلم غيرها كان بيطلبها للجواز ليه بس؟!”..
قالتها” إيمان ” وهي تستعد لحمل صغيرها النائم بجوار “إسراء” الصغيرة..
بعدت “إلهام” يدها عن الصغير برفق، و بدأت تربت عليه بحنو وهي تقول بلهجة حادة..
“سيبي الواد نايم جنبنا على ما تغيري هدومك وابقي تعالي علشان نروح نطمن على خديجة.. زمنها هديت وهتفتح لنا الباب، وأنا مش هسبها إلا لما أعرف أيه اللي حصل وزعلها كدهون”..
نظرت لها “إيمان ” بخجل، وفركت أصابعها ببعضهما.. جعلت “إلهام” تنظر لها بحاجب مرفوع، وابتسامة عابثه مدمدمة..
” امممم أسطوانة كل يوم جوزي واحشني أوى وعايزه ارجعلو يا خالتي مش كده؟! “..
حركت” إيمان ” رأسها بالايجاب سريعاً، و تحدثت بلهفة قائله..”أيوه كده يا خالتي.. واحشني أوي أوي كمان الصراحة.. مش واخدة أبعد عنه كل دا، وأنا داخلة على العشر أيام هنا.. كفاية كده وهرجع أصبح بأمرالله”..
أردفت” إلهام ” بتعقل قائله.. “الصباح رباح.. يله روحي اوضتك غيري قبل ما الواد يصحي يا عين خالتك وتعالي”..
مالت “إيمان” على الصغار قبلتهما بحب، وسارت نحو الخارج وهي تقول..” مش هتأخر عليكي يا حبيبتي.. علشان نطمن على ديجا الغلبانه دي”..
أنهت جملتها، وأغلقت الباب خلفها..
“ربنا يهدي سرك يا إيمان يا بنتي أنتي كمان”..
قالتها” إلهام ” وهي تمسك الهاتف الموضوع بجوار سريرها، و قامت بطلب إحدي الأرقام ، ووضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد وهي تحدث نفسها بفخر..
“الحمد لله أنك ختي الإبتدائية يابت يا لوما.. التعليم حلو برضوا وبينور العقل”..
بينما” إيمان ” دلفت لداخل جناحها غالقة الباب خلفها.. رفعت يدها تبحث عن مفتاح الإضاءة حتي عثرت عليه، وقامت بأشعاله..
لتصعق حين وجدت زوجها “تامر” يقف بجوارها مستند بظهره على الحائط واضعاً يديه بجيب سرواله، وينظر لها بابتسامة هادئه..
لم يستوعب عقلها بعد وجوده، وأنه هو زوجها ليس رجل غريب، وبالفطرة فتحت فمها، وهمت بالصراخ بكل قوتها،ولكن شفتيه التي أطبقت على شفتيها بلمح البصر مبتلع صرخاتها بجوفه، ويردد من بين قبلاته دون أن يبتعد عنها..
“هششششش.. أهدي متخفيش.. أنا تامر جوزك يا إيمان”..
التقطت أنفاسها بصعوبه ، واستكانت بين يديه، تنظر له بأعين جاحظه، وبهمس يكاد يسمع قالت بعدم تصديق..
“انت هنا بجد؟! “..
ضمها “تامر” لصدره بقوه مغمغماً.. “اممم.. أنا هنا..واحشتيني يا أم محمود.. مقدرتش أبعد عنك أنتي وابننا أكتر من كده”..
بدلته” إيمان” عناقه، وهمست بعشق قائله..
“أنت اللي واحشتني أكتر يا تامر..واحشتيني أوي يا حبيبي، وكنت ناويه اجيلك بكرة والله “..
” واديني أنا اللي جيتلك”.. أردف بها وهو يبتعد عنها قليلاً، ووضع جبهته على جبهتها، وتابع باشتياق وهو يسير بها نحو الفراش..
” تعالي أشبع منك شوية قبل ما ابنك يصحي”..
…………………………………
.. بجناح مارفيل..
لأكثر من ثمانية ساعات يجلس” محمد” على الفراش بجوار” مارفيل” التي تغص بنوم عميق.. يغمرها بسيل قبلاته المتفرقة على كافة وجهها دون كلل أو ملل..
“أشتقت إليكِ مارفيل.. أشتقت إليكِ كثيراً حبيبتي”..
هبطت دمعه حارقه من عينيه ببطء حتي أستقرت فوق جبهتها، وتابع بندم..
” أخطأت بحقك أعترف،ولكن دعينا ننسي ما حدث، ونبدأ من جديد”..
“لن يحدث محمد”.. همست بها “مارفيل” بضعف شديد، وهي مازالت غالقه عينيها..
“أرحل من هنا.. فأنا أصبحت بحماية ابني، ولن تستطيع إجباري على العودة إليك مهما فعلت”..
“مارفيل لأجل ابننا اعطيني فرصة واحده فقط”..
أردف بها” محمد ” بتوسل، و بصوت متحشرج بالبكاء..
فتحت” مارفيل “عينيها بوهن، ورمقته بنظره محتقرة، وتحدثت بسخرية..
“ابننا!!.. الآن تعترف بأبوته محمد بعدما ظليت طيلة تلك السنوات تشكك بنسبه لك؟! “..
أطبق جفنيه بعنف لعدم مقدرته على تحمل نظرتها له، وتحدث بندم قائلاً..
” التمسي لي العذر مارفيل.. أنا عشقتك من صميم قلبي، و تزوجتك سبعة أشهر فقط، وأنتي وضعتي قبل أن تتمي شهرك السابع وهذا أفقدني صوابي”..
دفعته بعيداً عنها بضعف بعدما شعرت بالاشمئزاز من قربه، ورائحته، وتابعت بغضب..
“أيها الحقير أخبرك للمرة المليار أنني تزوجتك وأنا طفلة عذراء لم تتم عامها الخامسة عشر بعد.. لم يمسني اي رجل غيرك في حياتي بأكلمها”..
ابتلعت مرارة بحلقها كادت أن تزهق روحها، وتابعت بغصة يملؤها الآسي..
“يشاء إلهي أن أحمل جنينك في أحشائي ، و لصغر سني تمت الولادة مبكراً عن المعاد المحدد لها ،وكدت أن أفقد حياتي، وحياة صغيري الذي ظل تحت الرعاية أسبوع كامل.. لم تتركني اضمه لحضني مرة واحدة خلالهم رغم توسلي الشديد إليك ، وأرسلته لشقيقتك فور خروجة من المشفى أيها النذل، ولم تكتفي بفعل هذا.. بل أصبحت تفكر حتي تصل لخطة حمقاء تستطيع التخلص منه فيها دون فضائح تأثر على أعمالك.. كتبت له أموالك حتي لا يشك في أمرك أحد ، واستخدمتني أنا ضد ابني جعلته يظن أنني من تريد محاولة قتله.. جعلتني ستار لافعالك المشينة”..
صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت بأسف..
“والحقيقة أنك أنت الذي كان يجاهد ويسعى لتزهق روحه دون التأكد حتي إذا كان حقاً ابنك ام لا”..
خفض رأسه بخزي من نفسه، وتحدث بندم شديد..
“تأكدت انه ابني انا مارفيل”..
رفع رأسه ونظر لها بأعين تفيض بالعبرات مكملاً..
” بعد 33 عام تأكدت أنني ظلمتك و أنني أخطأت بحقك وحق ابني الوحيد، وأطلب السماح منك واتوسل إليكِ لا تخبري فارس الحقيقه”..
” لأجله هو.. لأجل ابني فقط محمد.. أنا صامته،والآن غادر فورًا دون عودة”..
همست بها “مارفيل” بملامح جامدة لا تبكي بينما قلبها ينزف من شدة ألمها..
ساد الصمت قليلاً يقطعه نظرتهما لبعض غافلين عن تلك التي تقف مختبئه وقامت بتصوير كل ما حدث وأرسلته لابنهما “فارس ” الذي سيصدمه القدر بصفعة خذلان موجعه في أقرب الأشخاص له..
روعه كملي